السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثامن من برنامج الدرس الواحد الثامن. والكتاب المقروء وفيه هو كتاب التبرج للعلامة ابن باز رحمه الله. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسب هو الشيخ العلامة القدوة عبدالعزيز بن عبدالله بن عبد الرحمن بن نيباز يكنى بابي عبد الله. ويعرف بابن باز نسبة الى احد اجداده لقب بمفتي البلاد وبشيخ الاسلام. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في الثاني عشر من شهر ذي الحجة سنة ثلاثين بعد بمئة والالف. المقصد الثالث تاريخ وفاته. توفي رحمه الله في السابع والعشرين من من حرام سنة عشرين بعد الاربعمائة والالف. وله من العمر تسعون سنة فرحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في اتت مقاصد المقصد الاول تحقيق عنوانه طبع هذا الكتاب في حياة مرارا تحت نظره. باسم التبرج. مما يدل على ثبوت هذا الاسم له المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب ايضاح حكم التبرج. والتحذير منه. والتنبيه الى وخيم عاقبته. المقصد الثالث توضيح منهجه جاء الكتاب قطعة واحدة في نسق متتابع مشرب بجم غفير من الادلة. مع العناية بتفسير الايات والاشارة في مواضع كثيرة الى درجات المرويات. احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللمؤمنين. قال العلامة بن رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى اله وصحبه اما بعد فلا يخفى على كل من له معرفة ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج كثير من النساء وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال وابداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن ابداؤها. ولا شك ان ذلك من المنكرات والمعاصي الظاهرة ومن اعظم اسباب حلول العقوبات ونزول النقمات لما يترتب على التبرج والسهور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد. فاتقوا الله ايها المسلمون وفجوا والسفور لفظان يندرج احدهما في الاخر. فان التبرج هو ابداء المرأة الزينة التي امر باخفائها مما تتطلع اليه النفوس. واما السفور فيختص بابداء الوجه كشفه ولا ريب ان السفور فرد من افراد التبرج. فمن اسفرت عن وجهها فقد ابدت شيئا من زينتها فهي متبرجة الا ان التبرج اشد قبحا اذا هتكت فيه المرأة فان فيه ابداء لكثير من المحاسن فوق ابداء الوجه كابدائها عنقها او صدرها او ذراعيها او غير ذلك. وهذه البلية مما رزقت به الامة في القرن الرابع عشر. ان لم تكن نساء المسلمين في الارض جميعا مبتليات بشيء من هذا حتى تسلط عليهم اعدائهم ودب هذا البلاء شيئا فشيئا حتى شاع وعمت به البلوى كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ومر نظيرها وهذه الشكوى في كلام العلامة محمد اخيت المطيعي رحمه الله تعالى في كتابه بغية اهل الدراية نعم احسن الله اليكم فاتقوا الله ايها المسلمون وخذوا على ايدي سفهائكم امنعوا نسائكم مما حرم الله عليهن والزموهن التحجب والتستر واحذروا غضب الله سبحانه وعظيم عقوبته. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه او شك ان يعمهم الله بعقابه. وقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبس ما كانوا يفعلون. وفي المسند وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية ثم قال والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر تأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق عطرا. او ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من رأى منكم منكرا فليؤيه بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطيع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. لما بين المصنف رحمه الله تعالى ان التبرج السفور من المنكرات العظيمة كما سيأتي بيان حرمتها اعلم عن قاعدة شرعية وجادة سوية اذا فشت المنكرات امر بها الشارع الحكيم وهي المبادرة الى تغييرها. وشعيرة الامن بالمعروف والنهي عن المنكر من الشعائر الظاهرة التي اجتمعت عليها دلائل الكتاب والسنة وانعقد الاجماع على وجوبها ولاجل هذا اورد المصنف رحمه الله تعالى بعدما ابداه من عموم البلوى بهذه المنكرين ابدى طرفا من الادلة التي فيها النهي عن المنكرات ومن جملتها ما صح عنه صلى الله عليه وسلم عند ابي داود واحمد من حديث ابي بكر الصديق رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الناس فاذا رأوا المنكر فلم يغيروه او شك ان يعمهم الله بعقابه. فترك انكار المنكرات تغييرها جولة تعميم العقوبات على الخلق. وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فلم يغيروه مجمل فسره حديث ابي سعيد الخدري في صحيح مسلم الاتي من رأى منكم منكرا فليغيره طيره بيده فان لم يستطع فليغيره بلسانه فان لم يستطع فليغيره بقلبه وذلك اضعف الايمان غير المنكرات مرتب على هذه المراتب الثلاث باعتبار القدرة عليها واولها انكار اليد وتانيها انكار وثالثها انكار القلب. والمراد بامكان القلب كراهته. للمنكر ونفور منه فهو وجدان قلبي يجده المرء اذا رأى شيئا من المنكرات ولا يلزم منه تمعر وجه او تقضيب جبين او تأفف لسان. لان هذا اليس من جملة التغيير القلبي وانما اثار زائدة على ذلك. فاذا وقع في القلب كراهة المنكر والنفور منه وبغضه وعدم استحسانه كان ذلك هو التغيير القلبي كما حكاه ابن رجب في جامع العلوم والحكم وغيره ثم اورد رحمه الله تعالى قول الله عز وجل لعن الذين كفروا من بني اسرائيل الاية واورد في تفسيرها الحديث رواه احمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية ثم قال والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر الحديث وفي ذلك بيان وخيم عاقبة ترك انكار المنكر والامر بالمعروف وانه يجر الخلق الى تنافر قلوبهم وتسلط لعنة الله سبحانه وتعالى عليهم. وهذا الحديث مما اختلف الرواة فيه على وجوه امثلها رواية ابي عبيدة ابن عبد عبدالله ابن مسعود عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وابو عبيدة لم يسمع كبير شيء من ابيه على الصحيح لكن حديثه عند الحفاظ من جملة المسند كما نص على ذلك علي بن المديني ويعقوب بن شيبة والنسائي رحمهم الله. فلا يقال ان هذا الاسناد منقطع بل هو صورته صورة المنقطع وله حكم الاتصال. وهذا كثير في الاسانيد. فليس كل انقطاع يوجب ضعفا بل من انقطاع ما تكون صورته صورة الانقطاع وحقيقته الاتصال لان ابا عبيدة اخذ علم ابيه وحديثه عن كبار اصحابه كعلقمة ومسروق وغيرهما. ثم اورد حديث ابي عند مسلم وفيه من رأى منكم منكرا فليغيره بيده الى اخره وهو مفسر لمجمل المتقدم فلم يغيروه. نعم. وقد امر الله سبحانه في كتابه الكريم بتحجب النساء ولزومهن البيوت وحذر من التبرج والخضوع بالقول للرجال صيانة لهن عن الفساد وتحذيرا لهن من اسباب الفتنة قال تعالى يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبي وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى واقمن الصلاة واتين الزكاة لا تواطعن الله ورسوله. الاية نهى سبحانه في هذه الاية نساء النبي الكريم امهات المؤمنين وهن من خير النساء واطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وهو تليين القول وترقيقه. بان لا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة ويظن انهن يوافقنه على ذلك. وامر بلزومهن البيوت ونهوهن عن تبرج الجاهلية. وهو اظهار الزينة والمحارم الرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزنة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة. وتحريك قلوب الى تعاطي اسباب الزنا. واذا كان الله سبحانه يحذر امهات المؤمنين من هذه الاشياء المنكرة مع صلاحهن وايمانهن وضارتهن فغيرهن هؤلاء. واولى بالتحذير والانكار والخوف عليهن من اسباب الفتنة. عصمنا الله واياكم من تأتي الفتن ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه وتعالى في هذه الاية. واقمنا الصلاة واتين الزكاة سمعنا الله ورسوله فان هذه الاوامر احكام عامة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم المصنف رحمه الله تعالى في ذكر الادلة الدالة على حرمة التبرج. وعظيم خطره ورد قول الله عز وجل يا نساء النبي لستن كاحد من النساء. الاية من سورة الاحزاب. وبين وجه دلالتها بانها تضمنت نهي نساء النبي صلى الله عليه وسلم. وهن خير نساء عن الخضوع بالقول اي امالته وتليينه وترقيقه. خشية ان يطمع من في قلبه مرض شهوة فيظن انهن مائلات اليه. وامر الله عز وجل اياهن بلزوم البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية تبرج الجاهلية هو كما سلف ابداء المحاسن المأمور بسترها وانما اتفقت هذه الاوامر متتابعة لما في مخالفة ذلك من الفساد العظيم في تحريك قلوب الرجال واطماعهم في حظهم الذي يطلبونه ومن النساء وهذه الاية توهم متوهمون انها مختصة بازواج النبي صلى الله عليه وسلم فلا تصلحوا ان تكون حكما عاما لنساء المؤمنين. وهذا الذي توهموه مردود من اربعة وجوه. فالوجه الاول تمام الاية اذ فيه قوله تعالى واقمن الصلاة واتينا الزكاة واطعنا الله ورسوله. فان هذه الاوامر احكام عامة لا تختص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم. فدل هذا على ان المأمور به في هذه الاية والمنهية عنه شامل لجميع النساء وانما خص نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب تعظيما لهن اذ هن اولى النساء باحراز هؤلاء الكمالات. كامره عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بقوله يا ايها النبي اتق الله او قوله فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل في اية اخر فان مباشرته صلى الله عليه وسلم بالامر لارادة تعظيمه صلوات الله عليه وسلامه ثانيها ان الله عز وجل ذكر ذلك بقوله فيطمع الذي في قلبه مرض وهذه العلة لا يقتصر وجودها على جناب حرم النبي صلى الله عليه وسلم بل هي علة موجودة في سائر ما يجري من الخطاب بين الرجال والنساء ومن قواعد الاصول ان عموم العلة يوجب تعميمها في الافراد فكما يخشى من طمع من في قلبه مرض في حرم النبي صلى الله عليه وسلم انه يخشى منه في الطمع بحرم غيره صلى الله عليه وسلم. وثالثها ان توجيه الخطاب بما ذكر الى ازواج النبي صلى الله عليه وسلم مع وطهارتهن دال على ان غيرهن من النساء ملحق بهن فان النساء لا يبلغن مبلغ ازواج النبي صلى الله عليه وسلم مما راتب الطهارة والعفاف والبعد عن اسباب الغواية والردى. ورابعها ان هذا الامر والنهي اذا كان واقعا في زمن القرن الاول من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع ما هم عليه من تمام التقوى وكمال الاحوال فجريانه في قرون الامة الاخرى احرى واولى. نعم. احسن الله اليكم. وقال عز وجل واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب. ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهم. فهذه الاية كلمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم. وقد اوضح الله سبحانه في هذه الاية ان التحجب اطهر قلوب الرجال والنساء وابعدوا عن الفاحشة واسبابها. واشار سبحانه الى ان الشهور وعدم التحجب خبث ونجاسة وان حجم طهارة وسلامة. فيا معشر المسلمين تأدبوا بتأديب الله وامتثلوا امر الله والزموا نساءكم بالتحجب الذي وسبب الطهارة ووسيلة النجاة ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا دليلا ثانيا في من التبرج وبيان علة ذلك وهو قول الله عز وجل واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن ان من وراء حجاب الاية فان هذه الاية نص في وجوب احتجاب النساء عن الرجال وتسترهن منهم لقوله تعالى فاسألوهن من وراء حجاب فهذا امر يثمر وجوب وقوع السؤال من وراء حجاب. وعلة هذا ما ذكره الله عز وجل بقوله ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن. فالعلة الحاملة على الاحتجاب تحصيل طهارة القلب للرجال والنساء معا. والبعد عن الفاحشة ودواعيها واسبابها. والامر بذلك في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته يراد به المبالغة في تطهير فان قلوبهم طاهرة لما كانوا عليه من الايمان والتقوى. فلاجل الافظاء بهم الى مزيد طهارة ونقاء امروا بهذا. ويعلم به كما المصنف رحمه الله تعالى يعلم ان التبرج سبب لنجاسة القلب وخبثه. كما ان الحجاب سبب لطهارة القلب سلامته وصلاحه. وهذا هو المشهود به في البلاد التي شاع فيها التبرج فقد تسلط الشيطان على كثير من اهلها من الرجال والنساء ووقعوا في المحرمات على خلاف انواعها مما يكون بين الرجال والنساء. وهذه الاية ابلغ دليل على ابطال ظنون من يظن ان الحجاب مبني على اساءة الظن. فاين هذا الذي فهمه من قول الله عز وجل ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن. فليس الامر لهم ولا لهن مبنيا على اساءة الظن وتحدث الشر في الرجال او النساء بل هو مبني على تحصيل كمال اعظم وهو طهارة القلب. وهذه الاية مما ادعى مدعون خصوصها بنساء النبي صلى الله عليه وسلم. والرد عليها طاهر من القاعدة الاصولية المتقدمة ان العلة اذا عمت اورثت التعميم في جميع الافراد وتحصيل طهارة قلوب الرجال والنساء علة تلفى وتطلب في كل كل قلب من قلوبهم فلاجل عموم العلة اعم الخطاب جميع الرجال والنساء في الزمن النبوي فما بعده. نعم. احسن الله اليكم. بعدها في سقط عندكم اية جديدة قال وقال عز وجل اكتبوا وقال عز وجل يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين. نعم. احسن الله اليكم وقال عز وجل يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما. والجلابيب جمع جلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها التحجب والتستر به امر الله سبحانه جميع نساء المؤمنين باذناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن. قال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس امر الله او نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يوطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب. ويبدين عينا واحدة وقال محمد ابن سيرين سألت عقيدة السلماني عن قول الله عز وجل يدنين عليهن من جلابيبهن فغطى وجهه وابرز عينه اليسرى. ثم اخبر سبحانه انه غفور رحيم عما سلف من التقصير في ذلك قبل النهي والتحذير منه ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا اية ثالثة وهي قول الله تعالى يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين الاية فان هذه الاية مشتملة على امر النبي صلى الله عليه وسلم ام بان يباشر امر ازواجه وبناته ونساء المؤمنين بان يدنين عليهن من جلابيبهن والمراد بالادناء الالباس. فمعنى الاية يدنين عليهن من جلابيبهن اي بلباسهن هؤلاء الجلابيب. واصل الجلباب هو ما رأس المرأة وعنقها وينزل من وراء ذلك على جنبيها وظهرها وقد يكون قصيرا وقد يكون طويلا. فالعباءة المعروفة اليوم هي من في مسمى الجلباب وما كانت عليه النساء قبل عقود مما يسمى في البلاد النجدية بالملف هو من جملة ايضا ما يدخل في مسمى الجلباب. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى في تفسير هذه الاية ما رواه ابن جرير وغيره عن علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس قال امر الله نساء المؤمنين اذا خرج من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة وهذا الاثر من نسخة مشهورة في التفسير هي نسخة علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس وعلي بن ابي طلحة لم يسمع من ابن عباس لكنه روى التفسير عن مجاهد وغيره عن ابن عباس فهو من قبيل ما حكم باتصاله للعلم بالساقط بينهما وقد شحن البخاري رحمه الله تعالى كتاب التفسير من صحيحه بالاثار المعلقة من هذه النسخة اشعارا بثبوتها وكان الامام احمد يثني عليها ويقول نسخة معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس بمصر تصلح للرحلة اليها او كلاما هذا معناه فهذا الاثر ثابت عن ابن عباس رضي الله عنه لما ذكر ومن اهل علم من ابدى وجوها من الاعتراض على هذه النسخة كالمعلم والظاهر ان الاصل في هذه النسخة ثبوت ما فيها الا ان يقوم دليل على توهينه من وجه اخر. وهذا التفسير عن ابن عباس رضي الله وعنه ثبت عنه في تفسير اية اخرى ما يخالفه في المعنى. والجمع بينهما اولى. فان ابن عباس كما سيأتي فسر الزينة الظاهرة لقوله تعالى الا ما ظهر منها بالوجه والكفين وهذا يخالف هذه الرواية. والجمع بينهما بان يقال ان تفسير للزينة الظاهرة بالوجه واليدين بناء على ما كان قبل النسخ بالحجاب وهذه الرواية الثانية كائنة بعد الامر بالحجاب نعم. احسن الله اليكم. وقال تعالى والقوائم من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهم لهن غير متبرجات بزينة. وان يستعففن خير لهن والله سميع عليم. يخبر سبحانه ان القواعد من النساء العجائز اللاتي لا يرجون نكاحا لا جناح عليهن ان يضعن ثيابهن عن وجوههن وايديهن اذا كن غير متبرجات بزينة فعلم بذلك ان المتبرجة بالزينة ليس لها ان تضع ثوبها عن وجهها ويديها وغير ذلك من زينتها. وان جناحا في ذلك ولو كانت عجوزا. لان كل ساقطة لها لاقطة. ولان التبرج يفضي الى الفتنة تبرجة ولو كانت عجوزا فكيف يكون الحال بالشابة والجميلة اذا تبرجت لا شك ان اثمها اعظم والجناح عليها اشد والفتنة بها اكبر. وشرط سبحانه في حق العجوز الا تكون ممن يرجو النكاح وما ذلك والله اعلم. الا ان رجاء النكاح يدعوها الى التجمل والتبرج بالزينة طمعا في الازواج. فنويت عن وضع ثيابها عن محاسنها وصيانة لها ولغيرها الفتنة ثم ختم الاية سبحانه بتحريظ القواعد على الاستعفاف. واوضح انه خير له انه وان لم وتبرجن فظهر بذلك فضل التحجب والتستر بالثياب ولو من العجائز. وانه خير لهن من وظع الثياب فوجب ان يكون التحجب والاستعفاف عن اظهار الزينة خيرا للشابات من باب اولى. وابعد لهن عن اسباب الفتنة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا دليلا رابعا في الامر بالتستر والحجاب والنهي عن التبرج. وذكر رحمه الله تعالى وجه الدلالة الظاهرة في هذه الاية. فان هذه الاية مصرحة بجواز وضع القواعد من النساء ثيابهن عن وجوههن وايديهن شريطة ان يكن غير متبرجات بزينة فعلم بذلك ان من تبرجت بزينة فانها اثمة بذلك وان عليها جناحا واثما ولو كانت عجوزا. واذا كان هذا النهي موجه الى النساء اللواتي لا يغزون نكاحا من القواعد وهن العجائز. فتوجيهه الى الشابات القويات الجامعات لمضان الحسن والجمال اولى. ثم ان الله سبحانه وتعالى مع صدور هذا الاذن بين ان الابلغ تحري العفاف قال وان يستعففن خير لهن اي خير لهن من وضع ثيابهن عن وجوههن وايديهن واذا كان هذا خيرا لاولئك النسوة فخيريته اعظم لمن كان ممن يرجو النكاح من النساء الشواب. نعم