نعم احسن الله اليكم وقال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون. وقل لمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ظهر منا وليضربن بخمرهن على جيوبهن وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لمورك ان ابائي النوبات وبنائمون او اخوانهن او اخوانهن او اخوانهن او بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الاربة من الرجال او الطفل الذين لم على عورة النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون. امر الله سبحانه في هاتين الايتين الكريمتين المؤمنين والمؤمنات برب الابصار وحفظ الفروج. وما الا لعظم فاحشة الزنا وما يترتب عليها من فساد كبير بين المسلمين. ولان اطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع ورب البصر من اسباب السلامة من ذلك. ولهذا قال سبحانه قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون. فغض البصر وحفظ الفرج اذكار المؤمن في الدنيا والاخرة. واطلاق البصر والفرج من اعظم اسباب بالعضب والعذاب في الدنيا والاخرة. نسأل الله العافية من ذلك. واخبر عز وجل انه خبير بما يصنعه الناس وانه لا عليه خافية وفي ذلك تحذير لمبين وركوب ما حرم الله عليه الاعراض وعما شرع الله له وتذكير لهم لان الله سبحانه يراه ويعلم افعاله الطيبة وغيرها. كما قال تعالى يعلم خائنة الاعين وما تخفي من الصدور. وقال تعالى وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا فيه. فالواجب على العبد ان يحذر ربه ويستحي منه ان يراه على معصيته او يفقده من طاعته التي اوجب عليه. ثم وقال سبحانه وتعالى وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن فامر المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج كما المؤمنين بذلك صيانة لهن من اسباب الفتنة وتحريضا لهن على اسباب العفة والسلامة. ثم قال سبحانه ولا يبادر زينتهن ان الى ما ظهر منها. قال ابن مسعود رضي الله عنه ما ظهر منها يعني بذلك ما ظهر من اللباس فان ذلك معفو عنه بذلك رضي الله عنه الملابس التي ليس فيها تبرج فتنة. واما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما انه فسر ما ظهر منها بالوجه فهو محمول على حالة النساء قبل نزول اية الحجاب. واما بعد ذلك فقد اوجب الله عليهن ستر الجميع كما سبق بآياتك كلمات من سورة الاحزاب وغيرها ويدل على ان ابن عباس اراد ذلك ما رواه علي ابن ابي طلحة عنه انه قال الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب. ويبدين عينا واحدة وقد ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره من اهل العلم والتحقيق وهو الحق الذي لا ريب فيه. ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه الكفين من الفساد والفتنة وقد تقدم قوله تعالى واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ولم يستثني شيئا وهي اية محكمة ووجب الاخذ بها والتعمير عليها وحمل ما سواها عليها والحكم فيها عام في نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين. وتقدم من سورة النور ما يرشد الى ذلك وما ذكره الله سبحانه في حق القواعد تحريم وضعهن الثيابي الا بشرطين. احدهما كونهن لا يرجون النكاح. والثاني عدم التبرج بالزينة. وسبق الكلام لا ذلك وان الاية المذكورة حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم سهول النساء وتبرجهن بالزينة ويدل على ذلك ايضا ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها في قصة الافك انها خمرت وجهها لما سمعت صوت صفوان ابن المعطر السلمي قالت انه كان يعرفها قبل الحجاب. فدل ذلك على ان النساء بعد نزول اية الحجاب لا يعرفن بسبب تخميرهن وجوههن ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج وابداء المحاسن فوجب سد الذرائع وحسم وسائل الفساد وظهور الفواحش ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا دليلا اخر في بيان هذه المسألة وهو قول الله تعالى قل قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم. الاية والتي بعده. فان الله عز وجل ها هنا امر المؤمنين والمؤمنات بغض الابصار وحفظ الفروج. والمراد بغض البصر قصر ونقصه فان الغض اصل عند العرب دال على القصر والانقاص الامر لهم ولهن بغض الابصار وحفظ الفروج لما في ذلك من صيانتهم جميعا من الوقوع في فساد الكبير وقبول دواعي افتتان بعضهم ببعض. وقد الله سبحانه وتعالى علة في حق الرجال فقال ذلكم ازكى ايش؟ ايش لكم طيب والنساء ليش ما ذكرت العلة لماذا قال في النساء ذلك ازكى؟ لهم ولم يذكر ذلك في النساء. احسن الله اليكم لان افتتان الرجال بالنساء اشد واعظم احسنت لان داعي الفطرة في النفوس ميل الرجال الى النساء لا ميل النساء الى الرجال. فان الفطرة المرتكزة في النفس البشرية فيها وجود ميل الرجل الى المرأة اكثر من ميل المرأة الى الرجل ولهذا فان العرف دارج بين المسلمين ان الرجل يطلب اعفاف نفسه بالنكاح وقل ان تسأله امرأة لان الاصل هو غرس الميل والشهوة في الرجل اكثر منه في المرأة. وهذه الاية كما سلف دليل على وجوب غض البصر وحفظ الفرج. وفيها قول الله عز وجل ولا يبدين زينة تهن الا ما ظهر منها. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى اختلاف رضوان الله عنهم في تفسير قوله تعالى ما ظهر منها. على مذهبين اثنين احدهم ان ما ظهر منها اللباس وهو قول ابن مسعود والثاني ان ما ظهر منها الوجه والكفين وهو قول ابن عباس وعلى قول ابن عباس هذا يكون ابداء الوجه والكفين مأدونا به والحاكم بين القولين هو رعاية عرف القرآنية في الخطاب وهذه قاعدة جليلة فان مشكلات مسائل التفسير تندفع كثيرا بملاحظة معهود الخطاب في القرآن الكريم عند اطلاق لفظ ما من الالفاظ فاذا وجد هذا اللفظ مرادا به معنى متتابعا في القرآن كان حمل ذلك الموضع على خطاب القرآن اولى من حمله على غيره. بيان ذلك كما بينه العلامة محمد الامين الشنقيطي الله تعالى هو ان الزينة انما تطلق في القرآن على المنفصل عن الذات خارج عنها البائن منها. كما قال الله سبحانه وتعالى انا جعلنا ما على الارض زينة لها. وقال تعالى ولقد زينا السماء بزينة كواكب. وقال تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده. فالزينة كيفما في القرآن انما تدل على شيء خارج عن الذات بائن عنها فزينة الارض ليست من الارض وزينة السماء ليست من السماء وزينة العباد الممتن بها ها هنا مما انعم الله عز وجل به عليهم هو مما خرج عن ذواتهم. وحينئذ فالقول بان الزينة في هذه الاية ولا يبدين زينتهن يراد بها من فصل عن ذواتهن. وهو اللباس فان اللباس هو المنفصل واما الوجه واليدان فهما من جملة الذات. فاذا علم هذا فهم ان الراجح من التفسيرين هو قول ابن مسعود رضي الله عنه وهو الاوفق لنسق الخطاب القرآن وهو ايضا الموافق لقول ابن عباس الثاني الذي تقدم كما انه يمكن حمل قول ابن عباس هذا على ما كان قبل الامر بالحجاب ووقوع النسخ كما سلف ونبه المصنف رحمه الله تعالى الى ان ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة عظيم وقد تقدم قول الله عز وجل واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ولم يستثني شيئا فهذه الاية دالة على تعين الحجاب كما سلف في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين ويدل على ذلك كما سبق ما ذكره الله عز وجل في حق القواعد وايد المصنف رحمه الله تعالى ذلك بالحديث المروي في الصحيح في قصة الافك لما خمرت عائشة وجهها حين سمعت صوت صفوان بن المعطل رضي الله عنه وقالت انه كان يعرفها قبل الحجاب. لان النساء لم يكن يسترن وجوههن فلما نزلت اية الحجاب صارت النساء لا يعرفن لتخميلهن وجوههن وهذه المعاني التي ذكرناها فيما سلف هي الظواهر الراجحة من دلائل القرآن والسنة ولا يأتي احد بخلاف ذلك من الادلة الا كان صحيحا غير دال على المقصود او صريحا بالدلالة على المقصود لكنه غير صحيح ومن احسن من ابان عن دلائل القرآن في امر الحجاب العلامة محمد الامين الشنقيطي في تفسير سورة الاحزاب خاصة. فينبغي ان يعتني طالب العلم بقراءة ذلك الموضع لما فيه من ابداء دلائل القرآن القطعية على وجوب الحجاب السفور والتبرج. وان ما يعرض من الادلة بعد ذلك فهو اما صحيح غير صريح واما صريح هن غير صحيح. فهذه مسألة دينية شرعية. وليست مسألة اجتماعية عرفية بحيث يكون المرد فيها الى عادات النساء والناس في الازمنة والامكنة بل هي امر شرعي الهي ولو اجتمعت نساء الدنيا على سفور وجوههن لم يكن ذلك دالا على ابطال هذا الحكم الشرعي. ومن يتعلل بجعل هذه عادة اجتماعية انما يريد بذلك ان يهون على الناس خلعها ويحملهم على التهاون فيها حتى انتقل هذا الامر الى المتشرعة فصاروا يسهلون فيها. مع ان الفقهاء رحمهم الله تعالى الذين وسعوا باختيارهم في مسائل ستر الوجه ذكروا ما ينبغي ان يكون عليه النساء في زمان الفتنة. هذا في زمانهم تقدم الذي كان الناس على حال وافرة فيه من الطهارة والعفاف والتصوم. فكيف الحال بهذه الازمنة ثمان الفقهاء رحمهم الله تعالى ممن ابدى قولا واختيارا في كشف الوجه لم يزد عليه ما ال اليه امر النساء في كثير من البلدان من ابداء النحور والصدور فان هذا ما قال به احد من فقهاء الاسلام. والعجيب امر من يسأل عن مسألة يذكر فيها المستفتية ان هناك من النساء من يضع شيئا على رأسه ويظفر شيء من شعرها وربما لا تظرب خمارها على صدرها فيتبدى شيء من عنقها فيجيب بان مسألة الحجاب فيها خلاف بين الفقهاء وانه ينبغي ان يسع المسلمين في هذا العصر خلاف فقهائهم المتقدمين. وهذا من التلبيس في الدين والخيانة في التوقيع عن رب العالمين. لان هذه الدعوة انما يصح اجراؤها في كشف الوجه اما الصدور والنحور والشعور فهذا ما قال به احد من فقهاء المسلمين رحمهم الله تعالى. كما انه ينبغي ان يرعى المتكلم في هذه المسائل التفريق بين امرئ يحمله على هذا الاختيار الدليل والبرهان الذي يظهر له من دلائل القرآن والسنة وبين من يتشدق بهذه المسائل وهو لا يرقب في الايمان واهله الا الولاء ذمة بل هو ممن اجتر الى نفسه مقالات اهل الكفر فحاله اشبه شيء بالمنافقين. فالمتكلم في في هذه المسألة ليس على حد سواء بل منهم من يريد ان يصل الى ما يتبدى له من اجتهاد فيها ومنهم من يجعلها قنطرة الى سريان الفجور والفساد بين نساء المؤمنين واكثر ما يؤتى الناس من مثل هذه الجهالات في الافتاء. وكما قال ابن رحمه الله تعالى وهل افسد الدين الا الملوك؟ واحبار سوء ورهبانه. فان الدين اما ان يفسد بمن بيده ولاية السلطان والحكم واما ان يفسد بمن في يده ولاية الفتيا والعلم ممن يتخذ الناس رأسا فينبغي ان يميز طالب العلم حال الناس في هذه المسألة وان يعرف ما يقول وما يذر فيها وان مناط المتكلمين فيها مختلف والباعث لهم على بث مثل هذه المسائل متفاوت حتى لا يؤكل كما اكل الثور الابيض كما يقال في نعم. احسن الله اليكم. ومن اعظم اسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء. وسفرهم بهن من دون محرم وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تسافر امرأة الا مع ذي محرم ولا يخلون رجل بامرأة الا ومعاذ محرم وقال صلى الله عليه وسلم لا يخلون رجل من امرأة الا كان الشيطان ثالثهما. وقال صلى الله عليه وسلم ليبيتن رجل عند امرأة الا يكون زوجا او ذا محرم رواه مسلم في صحيحه اتقوا الله ايها المسلمون وخذوا على ايدي نسائكم وامنعوهن ما حرم الله عليهن من الشهور والتبرج واظهار المحاسن والتشبه باعداء الله من النصارى. ومن تشبه بهم واعلموا ان عنهن مشاركة لهن في الاثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه عافانا الله واياكم من شر ذلك ومن اعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لان ذلك من وسائل الفتنة والفساد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما تركت بعدي فتنة اضر على الرجال من النساء وقال صلى الله عليه وسلم ان الدنيا خضرة وان الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فان اول فتنة بني اسرائيل كانت نساء وقال عليه الصلاة والسلام رب كاسية في الدنيا عارية في الاخرة. وقال صلى الله عليه وسلم صفان من اهل النار لم ارهما ما بعدك نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كاسنمة البخت المائلة بضم الباء نوع من لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ورجال بايديهم سياط كاذناب البقر يضربون بها الناس. وهذا تحذير من التبرج والسهول ولبس الرقيب والقصير من الثياب والميل عن الحق والعفة وامالة الناس من الباطل وتحذير شديد من ظلم الناس تعدي عليهم ووعيد لمن فعل ذلك بحرمان دخول الجنة نسأل الله العافية من ذلك. ومن اعظم الفساد والكثير من النساء بنساء الكفار من النصارى واشباههم في لبس القصير من الثياب وابداء الشعور والمحاسن ومشي الشعور على طريقة اهل الكفر والفسق واصل الشعر ولبس الرؤوس الصناعية المسماة الباروكة. وقال صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو من يوم معلوم مما يترتب على هذا التشبه وهذه الملابس القصيرة التي تجعل المرأة شبه عارية من الفساد والفتنة ورقة الدين وقلة الحياء فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر. ومنع النساء منه والشدة في ذلك. لان عاقبته وخيمة وفساده عظيم لا يجوز التسام في ذلك مع البنات الصغار لان تربيتهن عليه يفضي الى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه اذا كبر فيقع بذلك الفساد والمحظور الفتنة المأخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من من ذكر من دلائل حرمة التبرج والتحذير منه اتبع ذلك بذكر جمل من مظاهر الفساد بين النساء ومن جملتها خلوة الرجال بهن. وسفر بهن من دون محرم. فان خلوة الرجل بامرأة اجنبية عنه. او سفره بها مما حرمه الله عز وجل. وجاءت في ذلك احاديث عديدة اورد المصنف رحمه الله تعالى طرفا منها فلا يجوز للمرأة ان تمكن رجلا اجنبيا من الخلوة بها. ولا ان تسافر معه وهذه احكام ثابتة في كل زمان ومكان. والسفر اقل ما يقال فيه الرجوع الى العرف. فكل ما سماه العرف سفرا اندرج في حكم هذه الاحاديث ثم ذكر مظهرا اخر من مظاهر ذلك وهو ما ال اليه حال جماعة من النساء من تعظيم رؤوسهن اما بجمع الشعر بعضه فوق بعض او بزيادة صوف او نحوه فيه او غير ذلك فكل ما كان فيه تعظيم للشعر وجمع له فوق قمته فهو داخل في هذا النعت المذكور في الحديث رؤوسهن كاسنمة البخت المائلة. وقد فهذا في النساء كثيرا بطرائق عدة اذا افاظ المفتي في تتبعها اتعب نفسه تجددها لكن يجعل الجامع له العلم بان تعظيم الرأس وتكبيره باي امر انه من جملة ما يدخل في هذا الوصف الدال على التحريم. فكل ما كان فيه تعظيم للرأس اما بجمع او رد للظفائر او ادخال صوف او نحو ذلك كله من جملة ما يندرج في هذا. ثم ذكر مظهر ثالثا من هذه المظاهر وهو تشبه كثير من نساء المسلمين بنساء الكفار من النصارى واشباههم في لبس قصير وابداء الشعور والمحاسن ومسط شعورهن على طريقة اهل الكفر والفسق ووصل الشعر ولبس الرؤوس الصناعية اي الشعر الصناعي المسماة بالباروكة فكل هذا مما فيه نساء كثير من المؤمنين نساء اهل الكفر. وقد روى ابو داوود واحمد بسند جيد من حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تشبه بقوم فهو منهم. وهذا يقتضي التنفير من موافقتهم والحرص على مباعدتهم في كل امر من الامور من الديانات والعادات وغيرها. لما يترتب على ذلك من ميل النفوس اليهم ومحبة طريقتهم عند الاستكثار منها. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما ينبغي ان يحذر منه التساهل في ذلك في حق الصغيرات لان هذا يفضي الى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه فيستطبن اذا كبرنا هذا اللباس ولا يرضين ان يتحولن عنه. وكما قال الشاعر وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده ابوه. واليوم ليس ينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده ابوه. بل ينشأ ناشئ الفتيان والفتيات فينا على ما عودته امه لان اكثر الناس شغلوا عن تهذيب ابنائهم وملاحظة احوالهم بما ال اليه حال الناس في طلب المعاش مما يوجب على طالب النجاة ان يتحرى هذا الامر كثيرا ابتداء في طلب زوج صالحة ثم في دوام الملاحظة لزوجه ولابنائه فان المرء اذا اهمل هذا ربما جر ويلات على اهل بيته. وقد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة. قال علي ابن ابي طالب علموهم وادبوهم. واحكام البيت ومعاشرة الاهل مما يغفل طائفة من طلبة العلم على رعايتها تعلما ومتابعتها آآ تعليما لما طبع عليه الناس من اهمال بيوتهم لانشغالهم بامر انفسهم وهذا في طلبة العلم اكثر. كما ذكر ذلك العلامة زكريا الانصاري. لما سئل عن وجود الفساد في ابناء العلماء فذكر كلاما له معناه ان اما ان يشتغلون بتكميل انفسهم ونفع الناس فيغفلون لكمال ما شغلوا به عن ملاحظة ابنائهم ولا شك ان هذا نقصا ينبغي ان يحذر منه المشتغل بالشريعة فان الله عز وجل مسترعيه في هذه الرعية فسأله عما استرعاه. نعم. فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم تعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر عليه. واعلموا ان الله سبحانه سائلكم عن ذلك ومجازيكم عن اعمالكم وهو سبحانه مع ومع المتقين والمحسنين واصبروا وصابروا واتقوا الله واحسنوا ان الله يحب المحسنين. ولا ريب ان الواجب على الامور من الامراء والقضاة والعلماء ورؤساء واعضاء الهيئات اكبر من الواجب على غيرهم. والخطر عليهم اشد والفتنة في سكوت من سكت منهم عظيما. ليس انكار المنكر خاصا بهم بل الواجب على جميع المسلمين. ولا سيما اعيان وكبارهم اولياء النساء وازواجهن انكار هذا المنكر والغلظة فيه والشدة على من تسائل في ذلك لعل الله سبحانه يرفع عنا ما نزل من البلاء ويهدينا الانسان الى سواء السبيل. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما بعث الله من نبي الا كان من امتي حواريين اصحاب يأخذون سنته ويهتدون بامره. ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك فمن الايمان حبة خردل. واسأل الله ان ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح ولاة امرنا. ويقمع بهم الفساد وينصر بهم الحق ويصلح لهم البطانة وان يوفقنا واياكم واياهم وسائر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد في المعاش والمعايد انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد واله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة للحظ على التقوى والتحذير مما حرم الله امري بالتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر. فان العبد يفتقر الى الصبر احتقارا شديدا في مثل هذه المنازل. فان دواعي الشهوة والشبهة تروج على الخلق. وتجتر اقرب الناس اليه وهذا شاهده في القرآن ما سلف في قول الله تعالى قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة. فان الازواج والاولاد ربما جروا ولي امرهم الى ما حرم الله سبحانه وتعالى مجاراة لغيرهم. كما يقولون بلسان الخلق اليوم كل على هذا وهذا من الشبهات الشيطانية. فان الله عز وجل لم يتعبدنا بما عليه الناس. وانما تعبدنا بالامر والنهي الوارد في الشريعة. فهذه الشبهة الشيطانية التي سوغت بكثير من اولياءه الازواج والنساء في التساهل امور الشريعة تحت طائلة كل الناس يفعلون ذلك فليوطن المرء نفسه واهله على ان الله يأمرنا بشيء وينهانا عن شيء وانه هو الذي الذي يقع عليه الثواب والعقاب والمدح والذم والسعادة والشقاء. واما ما عليه الناس فان كان من جملة المأذون فيه فلا بأس به واما ان كان من جملة منهية عنه فلا خير فيه. ثم ختم المصنف بعدما سلف من الامر ختم ببيان الواجب على ولاة الامر من الامراء والقضاة والعلماء ورؤساء واعضاء هيئات وانه يجب عليهم من مباشرة هذا الامر والسعي في انكاره والتحذير منه اعظم مما يجب وعلى غيرهم لان الولاية متعلقة بهم وفروض الكفاية قد يعرض لها من الاسباب ما يجعلها فرض عين في حق احد من الخلق. كمن ولي ولاية دينية في امر او نهي او تعليم. فان بما التزمه في هذه الولاية من امر او نهي او تعليم او ارشاد او دعوة يجعلها في حقه واجبا عينيا مثاله اذا قيل ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية علم انه لا يكون فرض كفاية في حق العاملين في دائرة الحسبة المسماة بالهيئة بل يكون فرض عين عليهم. ومثله الدعوة والارشاد في حق العاملين في سلك الدعوة من موظفي الجهة المخولة من ولي الامر بذلك المعروفة بوزارة الشؤون الاسلامية في بلادنا مثلا فان الواجب عليهم فوق الواجب على غيرهم. موقل مثل هذا في نظائر هذه المسائل ثم جعل المصنف رحمه الله تعالى اخر كتابه ما كان من ديدانه من دعاء الله سبحانه وتعالى للمسلمين خاصتهم وعامتهم بالصلاح والاصلاح والفوز والفلاح في الدنيا الاخرى وهذا اخر رسالة التبرج. وبعدها في هذه النشرة رسالة اخرى لها ديباجة لكن اسقطها الناس الابتغاء الجمع بين الكتابين. وهذا كتاب اخر ادرج في التصوير لتستفيدوا منه في هذه المسألة الجليلة وعسى ان يمن الله سبحانه وتعالى باقرائه في مقام اخر باذنه عز وجل فرسالة التبرج رسالة مفردة خطا لمشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله رسالة مفردة وهما موجودان في مجموع مصنفات الشيخ على الافراد وطبع قديما هكذا في حياته رحمه الله تعالى. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب و انبه الى ان درسي العصر غدا وبعد غد سيحولان الى الفجر. لان وقت العصر يضيق عنهما ولما اعد الجدول كان في الذهن الوقت الذي كنا عليه في اول الصيف فقد كان العصر يمتد الى ثلاث ساعات اول درس العصر غدا وبعد غد الى درس الفجر. ودرس الفجر غدا وبعد غد الى درس العصر. فعوض ان يكون درس الفجر غدا كتاب الغرباء يكون كتاب الكوكب الحديث هو درس الفجر وكتاب الغرباء هو درس العصر ليكون في ذلك من الوقت والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين