نعم احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الاول عن امير المؤمنين ابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان من الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنياه يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه رواه الامام المحدثين ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة ابن بردزبة البخاري وابو الحسين مسلم ابن الحجاج ابن مسلم القشيري النيسابوري في صحيح ايهما اللذين هما اصح الكتب المصنفة قال ابن العطار رحمه الله بدأ الشيخ رضي الله تعالى عنهم بهذا الحديث في اول الاحاديث اقتداء بالبخاري وارشاد للمتعلم بان يحضر النية بالعبادة في تعلمه فقد يصح عن عبدالرحمن بن مهدي شيخ المحدثين وغيره انه قال ينبغي لمن صنف كتابا ان يبدأ بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح نيته. ونقل الخطابي هذا عنا عن الائمة مطلقا. وذكر البخاري رحمه الله تعالى هذا الحديث في سبع مواطن من كتابه. قال الشيخ الامام العالم محيي الدين رحمة الله عليه ورضي الله عنه في شرح هذا الحديث في كتابه شرح صحيح مسلم اجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وصحته. قال رحمه الله تعالى واخرون هو ثلث الاسلام. قال الشافعي ويدخل في سبعين بابا من ابواب الفقه. وقال اخرون هو ربع الاسلام. قال الحفاظ قوله رحمه الله قال الشيخ يعني المصنف النووي هو ثلث الاسلام. ووجه التثريث به هو ان عمل العبد مقسوم بين قلبه ولسانه وجوارحه. وهذا الحديث متعلق بالقلب فيكون دالا على ثلث احكام الاسلام. وقول الشافعي رحمه الله تعالى يدخل في سبعين بابا من ابواب الفقه اراد بذلك التكثير. لان العرب اذا ذكرت السبعة وما منها كالسبعين والسبعمائة فانها تريد بذلك التكثير. فهو مراد الشافعي رحمه الله تعالى نعم احسن الله اليكم قال الحفاظ لم يصح هذا الحديث الا من رواية عمر بن الخطاب ولا عن عمر الا من رواية علقمة ابن الوقاص ولا عن علقمة الا من رواية محمد ابن ابراهيم التيمي ولا عن محمد الا من رواية يحيى ابن سعيد الانصاري وعن يحيى انتشر. فرواه اكثر من مائتي انسان اكثرهم ائمة. ولهذا قال الائمة ليس هو متواترا وان انما وان كان مشهورا عند الخاصة والعامة لانه فقد شرط التواتر في اوله وفيه طرفة من طرف الاسناد فانه رواه ثلاثة تابعي ثلاثة تابعيون بعضهم عن بعض يحيى ومحمد وعلقمة. قال جماهير العلماء من اوله رحمه الله فانه رواه ثلاثة تابعين بعضهم عن بعض يحيى ومحمد وعلقمة. والفرق بينهم ان علقمة من كبار التابعين ومحمدا من اوساطهم ويحيى من صغارهم نعم احسن الله اليكم قال جماهير العلماء من اهل العربية والاصول وغيرهم لفظة انما موضوعة للحصر تثبت المذكورة وتنفي ما سواه. فتقدير هذا الحديث انما الاعمال تحسب بنية ولا تحسب اذا كانت بلا نية قوله انما الاعمال تحسب بنية اي تحسب شرعا بنية فهو حكم على حكمها الشرعي. نعم. احسن الله اليكم. وفي دليل على ان الطهارة وهي الوضوء والغزو والتيمم لا تصح الا وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات. واما ازالة النجاسة فالمشهور عندنا انه لا يفتقر الى نية لانها من باب التروك والترك لا يحتاج الى نية وقد نقلوا الاجماع فيها وشد بعض اصحابنا فاوجبها وهو باطل. قوله رحمه الله واما ازالة النجاسة الى اخره اراد بذلك ما يسمى بالتروك والتبرئة كازالة النجاسة او سداد الدين ونحوها. فان القول الصحيح عدم اشتراط النية في تصحيح العمل فيها مع الاحتياج الى النية في تحصيل الثواب عليها فلو ان النجاسة زالت من ثوبه شمس وريح ونحوهما طهر ذلك الثوب لكن ترتب الثواب لا يكون الا مع النية. فلو ان انسانا ادم عليه من الدين كان اداءه صحيحا ولو لم ينوي. لكن الثواب على تبرئة ذمته والوفاء بحق غيره لا يكون الا اذا نوى ذلك وهذا معنى قول الفقهاء لا ثواب الا بنية. اي لا يوجر العبد على عمله الا بوجود نية طلب القربى بذلك العمل. نعم. احسن الله اليكم. وتدخل النية في الطلاق والعتاق والقذف ومعنى دخول لان اذا قارنت كناية صارت كالصريح وان اتى بصريح طلاق ونوى طلقتين او ثلاثا وقع ما نوى وان نوى بصريح غير مقتضاه فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقبل منه في الظاهر. قوله صلى الله عليه وسلم وان ما لك لامرئ ما نوى. قالوا فائدة ذكره بعد انما الاعمال بالنية ببيان ان تعيين المنوي شرط فلو كان على انسان صلاة مقضية لا يكفيه ان ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط ان ينوي كونها ظهرا او عصرا او ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الاول لاقتضى الاول صحة النية بلا تعيين او اوهم ذلك. قوله رحمه الله قالوا فائدة بعد انما الاعمال بالنيات بيان ان تعيين المنوي شرط. والاظهر ان وجه ذلك هو بيان حظ العامل من نيته. فان الجملة الاولى تتعلق باثر النية في العمل. والثاني تتعلق ببيان اثر النية في العامل. وما ذكره رحمه الله تعالى في تعيين في طلب النية في تعيين العمل بما مثل به بقوله بل يشترط ان ينوي كونها ظهرا او عصرا او غيرها ومذهب الشافعية والحنابلة والاظهر انه اذا نوى فرض وقته سقط عنه ذلك وبرئت ذمته فعلى هذا القول الاول لو انه دخل الى المسجد فصلى فرض الوقت ولم يعينه ظهرا او عصرا لم تصح منه ووجبت عليه الاعادة. وعلى القول التالي فانه لو نوى المسجد مريدا فرض وقته صح ذلك وجه تصحيحه وطلب المسامحة في النيات. لنفي الوسوسة فيها لان التشديد في النيات يفضي الى وقوع الوسوسة في الاعمال. فحجبا لورود الوسوسة على القلوب. سمح في الاكتفاء بان المطلوب شرعا هو فرض الوقت. نعم احسن الله اليكم قوله صلى الله عليه وسلم فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع اجره على الله. ومن قصد بها او امرأة فهي حظه ولا نصيب له في الاخرة بسبب هذه الهجرة. واصل الهجرة الترك والمراد هنا هنا ترك الوطن. قوله رحمه الله واصله من هجرة الترك يعني في اللسان العربي. واما بالوضع الشرعي فان الهجرة هي تركوا ما يكرهه الله ويأباه الى ما يحبه ويرضاه. ترك ما يكرهه الله ويأباه الى ما يحبه ويرضاه. نعم ما شاء الله عليكم وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين احدهما انه جاء ان سبب هذا الحديث ان رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها ام قيس قيل له مهاجر ام قيس والثاني انه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك وهو من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيها على مزيته والله اعلم والمعتمد من هذين الوجهين ثانيهما. لان الاول لم يثبت فيه شيء. نعم صح ان رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها ام قيس. روى هذا سعيد بن منصور في المعجم الكبير بسند صحيح. فكان يقال له مهاجر ام قيس. ولكن لم يثبت ورود الحديث على ذلك وقد ذكر الحافظ رحمه الله تعالى انه لم يرى في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك ذكره في فتح الباري وقد وقع في فضائل المدينة للزبير بن بكار التصريح بذلك في هذا الحديث لكن اسناده ضعيف جدا نعم احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه ايضا قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بيض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذه وقال يا محمد واخبرني عن الاسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا. قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال فاخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله ملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت قال فاخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال فاخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها؟ باعلم من السائل؟ قال فاخبرني عن اماراتها. قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة اخبرني عن امارتها اخبرني عن امارتها. السلام عليكم. سيأتي حتى في الشرح انه ذكره بالافراد. والمعروف في نسخ الاربعين العتيقة انه بالافراد وليس بالجمع نعم السلام عليكم قال فاخبرني عن النووية ذكر ابن العطار انه قرأها على مصنفها وقابل نسخته بنسخته مجلس واحد وهذه النسخة وهي نسخة ابن العطار وجدت بحمد الله التي قرأها على النووي وهي اصح النسخ التي صارت في ايدي وستنشر قريبا كما هي وفي احدى خزائن المكتبات الخاصة في دمشق نسخة اخرى من الاربعين النووية عليها خط النووي نفسه الا ان المكنة من الاطلاع عليها والاستفادة منها ممتنعة الان حجب ورثة تلك المكتبة المكتبة عن المنتفعين بها. نعم احسن الله اليكم قال فاخبرني عن امارتها. قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة دعاء الشاء يتطاولون في البنيان. ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال يا عمر اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. دينكم رواه مسلم. قال ابن العطار رحمه الله اما ما يتعلق بمتن الحديث ولغاته فقوله بينما نحن لفظة بينما تستعمل في الزمن يعني طلع رجل متصف بهذه الصفة في زمن من زمن جلوسنا عنده. وقوله لا يرى عليه اثر السفر ضبطنا بالياء المثناة من تحت المضمومة لما لم يسمى فاعله. وضبطه الحافظ ابو حازم العدوي هنا. نرى بالنون المفتوح وهما بمعنى قوله ووضع كفيه قوله رحمه الله وضبطه الحافظ ابو حازم العدوي هنا نارا بالنون المفتوحة وهكذا وقع في مسند ابي يعلى الموصل بالنون. نعم احسن الله اليكم قوله ووضع كفيه على فخذيه معناه ان الرجل وضع كفيه على فخذي نفسه وجلس على هيئة المتعلم هذا الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى في صفة ذلك اخذه مما يتبادر من اللفظ لكن وقع التصريح بتلك الكيفية في حديث ابي هريرة وابي ذر معا عند النسائي بسند صحيح وفيه ان الرجل وضع كفيه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم. وموجبه هو اظهار شدة الحاجة والالحاح على النبي صلى الله عليه وسلم في افادته عما يسأله. هذا مما يعرف من احواله العرب فان الانسان اذا رغب في تحصيل شيء ما عند احد القى بنفسه عليه بان يضع يديه على فخذيه او ان يلقي عليه شيئا من لباسه كعمامته وغيرها وهذا لا يزال معروفا في احوال العرب الى اليوم. نعم احسن الله اليكم وسبب تعجبهم من سؤاله ان هذا خلاف عادة السائل الجاهل انما هذا كلام خبير بالسؤال عنه ولم يكن في ذلك الوقت من يعلم ذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ ابو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث قوله اخبرني عن الاسلام قال الاسلام الى اخره هذا بيان اصل الايمان وهو الاستسلام الظاهر وحكم الاسلام في الظاهر ثبت بشهادتين. وانما اضاف اليهما الصلاة والزكاة والصوم والحج لكونهما شعائر الاسلام وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلاله. ثم اسم الايمان في حديث وفد عبدالقيس بالشهادتين الصلاة والزكاة وصوم رمضان واعطاء الخمس. ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على ما يرتكب كبيرة او ترك فريضة لقوله صلى الله عليه لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يزني حين يزني وهو مؤمن. واسم الاسلام يتناول ما هو اصل الايمان وهو التصديق الباطن ويتناول الطاعات قال الشيخ ابو عمرو رضي الله عنه فخرج بما ذكرنا وحققنا قوله رحمه الله نقلا عن ابن الصلاح ولهذا لا يقع اسم اسم المؤمن المطلق يعني الكامل فالمؤمن المطلق لا يجامع ارتكاب الكبائر وانما له حظ من مطلق الايمان. فاصل الايمان ثابت له. نعم احسن الله اليكم قال الشيخ ابو عمر رضي الله عنه فخرج بما ذكرنا وحققنا ان الايمان والاسلام يجتمعان ويفترقان وان كل مؤمن مسلم وليس كل مؤمن مسلم بمؤمن وعلى مذهب الجمهور من السلف زيادة الايمان ونقصانه. قال المحققون من اصحابنا المتكلمون نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص والايمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الاعمال قال الشيخ تقي الدين ابو عمرو بن الصلاح رضي الله عنه الاظهر والله اعلم ان ان نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الادلة. ولهذا يكون الصديقين اقوى من ايمان غيرهم بحيث لا يعتريهم شبه ولا يتزلزل ايمانهم بعارض بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة ان اختلفت عليهم الاحوال واما غيرهم من المؤلفة ومن ومن قاربهم فليسوا كذلك. فهذا مما لا يمكن انكاره ولا يشك عاقل في ان ان نفس تصديق ابي بكر الصديق رضي الله عنه لا يساويه تصديق احاد الناس. هذا الذي نقله المصنف باخرة عن ابي عمر الصلاح ان نفس التصديق القلبي يزيد بكثرة النظر وتظاهر الادلة كما انه ينقص بفقدها وضعفها هو الصحيح واليه ذهب النووي رحمه الله تعالى خلافا لمن قال من الاشاعرة وغيرهم ان التصديق القلبي لا يزيد ولا ينقص. وانما تكون الزيادة والنقصان بزيادة ثمراته من مال وظاهر الادلة الشرعية ان الزيادة والنقصان الثابتين شرعا يعمان اصل التصديق وما تعلق به من الاعمال. نعم. احسن الله اليكم ولهذا قال البخاري في صحيحه قال ابو مليكة قال ابن ابي اليك احسن الله اليكم قال ابن ابي مليكة ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم احد يقول انه على ايمان جبريل وميكائيل والله اعلم قوله رحمه الله كلهم يخاف النفاق على نفسه يعني نفاق العمل لا نفاق الاعتقاد فان نفاق الاعتقاد لا يجامع الايمان. وانما كانوا يتخوفون ان يوافقوا في شيء من خصال العمل بل خصلة من خصال النفاق كالكذب في الحديث او الاخلاف في الوعد. نعم احسن الله اليكم واما اطلاق اسم الايمان على الاعمال فمتفق عليه عند اهل الحق ودلائله كثيرة. منها قوله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم. اجمعوا ان اراد صلاتكم قولوا وتؤمن بالقدر خيري وشره. معناه يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق. وان جميع الكائنات بقضاء لله وقدره وهو مدبر لها وانكرت القدر الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى في معنى الايمان بالقدر هو بعضه وانما المستوفي له هو حقيقة الايمان شرعا. هو حقيقة القدر شرعا. فالقدر شرعا علم الله بالوقائع وكتابته لها. علم الله بالوقائع وكتابته لها ومشيئته وخلقه اياها ومشيئته وخلقه اياها. فيكون الايمان بالقدر ما استوفى هذه المطالب في حقيقته الشرعية. نعم احسن الله اليكم وانكرت القدرية هذا وزعمت انه سبحانه وتعالى لم يقدرها ولم يتقدم علمه. وانها مستأنفة للعلم. اي انما يعلمها سبحانه وتعالى بعد وقوع وكذبوا على الله تعالى وجل عن اقوالهم الباطلة علوا كبيرا. وسميت هذه الفرقة قدرية لانكارهم القدر. قال اصحاب المقالات من متكلمين وقد انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع الباطل لم يبقى احد منهم من اهل القبلة عليه. وصارت القدرية في الازمان المتأخرة لتعتقدوا اثبات القدر ولكن يقولون الخير من الله والشر من غيره. تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وقوله رحمه الله وقد انقرضت هذه الفرقة اراد بذلك من ينكر علم الله عز وجل من القدرية. فان هذا كان مما اولا وهو كفر صراح. ثم ترك هذا المذهب كما ذكره المصنف وغيره. نعم وقد حكى ابو محمد ابن قتيبة في كتابه غريب الحديث وامام الحرمين في الارشاد ان بعض القدرية قال لسنا بقدرية بل انتم القدرية اجل اعتقادكم اثبات القدر. وقال ابن قتيبة والامام وهذا تمويه من هؤلاء الجهلة ومباهته. فان اهل الحق يفوضون امورهم الى الله تعالى يضيفون اليه القدر والافعال وهؤلاء الجهلة يضيفون ذلك الى انفسهم ومدعي الشيء لنفسه ومضيفه اليها اولى بان اولى بان اليه ممن يعتقده لغيره وينفيه عن نفسه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القدرية مجوس هذه الامة. اخرجه ابو داوود في والحاكم ابو عبد الله في المستدرك على الصحيحين وقال صحيح على شرط الشيخين ان صح سماع ابي حازم من ابن عمر ولم يصح سماع عضو والاحاديث المروية في هذا المعنى ضعيفة لا يثبت منها شيء وقد ادخل هذا الباب في الابواب التي لم يثبت فيها شيء ابو حفص الموصل في كتاب المغني عن الحفظ والكتاب فذكر ان هذا الباب من الابواب التي رويت فيها احاديث لم يثبت فيها شيء. نعم قال الخطابي انما جعلهم صلى الله عليه وسلم مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالاصلين النور والظلمة. يزعمون ان الخير من فعل النور والشر ومن فعل الظلمة فصاروا ثانوية. وكذلك القدرية يضيفون الخير الى الله تعالى والشر الى غيره. والله سبحانه وتعالى خالق الخير والشر جميعا لا شيء منهما الا بمشيئته فهما مضافان اليه سبحانه وتعالى خلقا وايجادا والى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا والله اعلم قوله صلى الله عليه وسلم الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه هذا من جوامع الكلمة التي اوتيها صلى الله عليه وسلم لانا لو قدرنا ان احدا قام في عبادة وهو يعاين ربه لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واصلاح ظاهره وباطنه في جميع وظائف العبادات من عقود الايمان والاعمال والجوارح واصلاح السرائر والتحفظ من افات الاعمال. حتى ان علوم الشريعة كلها راجعة اليه ومتشعبة منه قوله صلى الله عليه وسلم فان لم تكن تراه فانه يراك. معناه ان كانت رؤيتك له متعذرة فهو سبحانه وتعالى مطلع عليك وعلى عملك الصالح وغير الخالص عالم بظاهر عبادتك وباطنها. فمقصود الكلام الحث على الاخلاص في العبادة ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في اتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك وقد ندب اهل الحقائق الى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم كيف بمن لا يزال الله سبحانه وتعالى مطلعا عليه في سره وعلانيته قوله صلى الله عليه وسلم ما المسئول عنها باعلم من السائل فيه انه ينبغي للعالم قوله رحمه الله وقد ندب اهله الحقائق يعني اولي العناية بالمعارف الربانية المتعلقة باصلاح القلوب والنفوس نعم قوله صلى الله عليه وسلم ما المسئول عنها باعلم من السائل؟ فيه انه ينبغي للعالم المفتي وغيرهما اذا سئل عما لا يعلم وان يقول لا اعلم وان لا ينقصه بل يستدل به على ورعه وتقواه. قوله صلى الله عليه وسلم فاخبرني عن اماراتها بفتح الهمزة. امارتها احسن الله اليكم اخبرني عن امارتها بفتح الهمزة اي علامتها التي تتقدمها قوله صلى الله عليه وسلم ان تلد الامة ربتها وفي رواية اخرى رب وفي رواية صحيح مسلم بعلها ومعنى ربطها وربها سيدها ومالكها وسيدتها ومالكتها ومعنى بعلها قال الاكثرون من العلماء هو اخبار عن كثرة السرار في اخر الزمان. ولان ولدها من سيدها بمنزلة سيدها. لان مال صائر الى ولده بالاذن او بقرينة الحال قوله هو اخبار عن كثرة السراري يعني الجواري التي بهن الرجل بملك اليمين فيتسرى بهن. نعم احسن الله اليكم وقيل معناه تفسد اموال الناس فيكثر بيع امهات الاولاد في اخر الزمان فيكثر تردادها في ايدي الناس المشترين حتى يشتريها ابنها ولا قوله ان ترى الحفاة العراة العالة دعاء الشاة يتطاولون في البنيان. اما العالة فهم الفقراء والعائل الفقير والرعاء بكسر الراء وبالمد. ويقال فيهم رعاة بضم الراء وزيادة الهاء بلا مد ومعناه ان اهل البادية والحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان. قوله فلبث مليا بالثاء المثلثة ولبثت المثناة اخره روايتان وكلاهما صحيح. واما مليا بتشديد الياء فمعناه وقتا طويلا. وفي رواية ابي داوود والترمذي انه قال ذلك بعد ثلاث وفي شرح السنة للبغوي بعد ثالثة وظاهر هذا انه بعد ثلاث ليال قوله جبريل قوله رحمه الله وهو ظاهر هذا انه بعد ثلاث ليال لان الرواية التي عند اصحاب السنن حذف فيها المقدر فيحتمل ان يكون بعد ثلاث ليال او بعد ثلاثة ايام. والمعدود اذا حدث جاز التذكير والتأنيث فهو يحتمل ان يكون بليال ويحتمل ان يكون متعلقا بايام لكن رواية البغوي بعد ثالثة مصرحة بتعلقه بالليالي لا يكون التقدير بعد ثلاث ليال. نعم احسن الله اليكم قوله جبريل اتاكم يعلمكم دينكم فيه ان الايمان والاسلام والاحسان تسمى كلها دينا. وهذا الحديث يجمع انواع من المعارف والعلوم والاداب بل هو بيان اصل الاسلام كما حكي عن القاضي عياض. منها انه يستحب لمن حضر مجلس العالم وعلم ان اهل المجلس لهم الى مسألة ان يسأل عنها ليعرفوا حكم الله تعالى اذا لم يسألوه. وفي ربق العالم بالسائل وان يدنيه منه ليتمكن من سؤاله وان السائل ينبغي ان يرفق في سؤاله قدر الحاجة