احسن الله اليكم معاني سورة الفاتحة. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين اهدنا اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قوله تعالى الله علم على ربنا عز وجل ومعنى المألوه المستحق لافراده بالعبادة. قوله علم على ربنا عز وجل اي اسم دال عليه وهذا الاسم مشتمل على صفة الالوهية لربنا سبحانه وتعالى وهي جامعة لجميع معاني الصفات ومن ثم ذهب كثير من المتقدمين والمتأخرين اقدمهم ابو حنيفة النعمان رحمه الله ان الاسم الاعظم لربنا سبحانه وتعالى هو اسمه الله. وان كان المحقق خلافه. فان الاسم الاعظم لله عز عز وجل لا يختص باسم من اسمائه بل هو وصف لجميع اسمائه سبحانه وتعالى فان اسماء الله عز وجل كلها بانها عظمى كما توصف كلها بانها حسنى. وقد اختار هذا من المتقدمين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى والله عز وجل قد جعل لنفسه اسماء كما قال عز وجل ولله الاسماء الحسنى واكثرها دوران وذكرا في الكتاب والسنة هو الاسم الاحسن الله. ومعنى قوله ومعناه المألوه يعني الذي يجمع في قلب العبد عليه الحب والخضوع فانه اذا اجتمع الحب والخضوع في توجه القلب سمي ذلك تألها وبه تقع العبادة والى ذلك اشرت بقولي وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قضباني اذا وجد في امر قلبي ما حب وخضوع فان ذلك الامر القلبي يكون عبادة. ويكون يكون عبادة ولذلك تكون العبادات ممزوجة بالحب لله عز وجل والخضوع له. وهو سبحانه وتعالى المستحق لافراده بالعبادة. فكل حب وخضوع على قصد ارادة التوجه والتقرب انما ما يكون لله سبحانه وتعالى. نعم. وقوله تعالى الرحمن الرحيم. اسمان من اسمائه قال دالان على رحمته ذكر المصنف ان الرحمن والرحيم اسمان من اسماء الله تعالى. وهما دالان على رحمته واذا كان الرحمن والرحيم اسمين الله عز وجل وهما يدلان على صفة واحدة فلماذا قرن؟ ما الجواب؟ هما اسمان لله ويدلان على صفة واحدة فلماذا قرن كيف وتعالى. يقال في جواب ذلك ان الله سبحانه وتعالى اخبر عن نفسه باسمين باسمين يدلان على صفة واحدة وهي صفة وهي صفة الرحمة لاختلاف متعلق دلالتهما على الصفة تقوية في بيان حقيقة اتصاف ربنا بالرحمة جيء بهذين الاسمين مقرونين. وقلنا في الفرق بينهما وهو لهذا المعنى ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت. او علقت لخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم. فالرحمن اسم لله دال على صفة الرحمة حال تعلقها به عز وجل. والرحيم اسم لله عز وجل دال على صفة الرحمة حال لقيها بالمرحومين. ولذلك اذا ذكر اسم الرحيم ذكر متعلقه ممن تقع عليه الرحمة كقوله تعالى ان الله بالناس لرؤوف رحيم اي ان رحمته تقع على الناس فجمع بين الاسمين للدلالة على كمال اتصاف عز وجل بصفة الرحمة ببيان اختلاف المتعلق. فالرحمن دال على صفة الرحمة باعتبار تعلقها ذات ربنا عز وجل والرحيم دال على صفة الرحمة باعتبار تعلقها بالمرحومين اي بفعل الرحمة الذي وقع من الله سبحانه وتعالى ولذلك يأتي اسم الرحيم وعند ذكر المرحومين ولا يأتي اسم الرحمن. وقيل في الفرق بينهما اقوال اخرى الا انها اقوال ضعيفة والقول الذي ذكرته لكم هو الذي دل عليه استقراء القرآن الكريم ونصره العلامة ابو عبد الله ابن القيم في الفوائد نعم. وقوله تعالى الحمد هو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه قوله في بيان حقيقة الحمد مع حبه وتعظيمه قيد مخرج للمدح. لان المدح يخبر فيه عما محاسن محمود وقد لا يكون المخبر محبا ولا معظما لممدوحه. بخلاف الحمد فان المخبر عن حمد الاحاديث من خالق او مخلوق فان ما اخبر عنه من المحاسن يقترن بحمد ذلك المحمود وتعظيمه ومحاسن المحمود نوعان. احدهما محاسن لازمة وهي التي يسمى بالفضائل والاخر محاسن متعدية وهي التي تسمى بالفواضل ربنا سبحانه وتعالى واقع بذلك وذاك. ولاجل هذا يقال ان الله سبحانه وتعالى يحمد لامرين اولهما كماله الحاصل وثانيهما احسانه الواصل اولهما كماله الحاصل. وتانيهما احسانه الواصل. فاما الاول وهو كماله يعني ما اتصف الله عز وجل به من اسماء حسنى وصفات علا كما قال الله عز وجل ولله الاسماء الحسنى وقال لله المثل الاعلى اي الوصف الاعلى. واما الثاني وهو احسانه الواصل فما تفضل به سبحانه وتعالى على الخلق من انواع النعماء الحسية والمعنوية كما قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله وقال وان نعمة الله لا تحصوها. فالله عز وجل محمود على فضائله وفواضله. وهي المذكورة في القسمين السابق كماله الحاصل واحسانه الواصل. نعم. وقال تعالى رب الرب في كلام العرب المالك والسيد والمصلح للشيء. ذكر المصنف وفقه الله ان الرب في كلام العرب يرجع الى ثلاثة معان احدها المالك وثانيها السيد وثالثها المصلح للشيء اي القائم عليه واشار الى هذا جماعة من قدماء اهل العربية كبل الانبار رحمه الله تعالى. وهذه المعاني التلاتة هي اصول غيرها. فما شققه المتأخرون؟ كاحمد الشجاعي في نظمه من معان للرب بلغوه ثلاثين معنى كلها تعود الى هذه المعاني الثلاثة. والمتأخرون من اهل اللغة ولعوا بتشقيق فوعروا فهما عربيا واما القدماء فاعتنوا بردها الى اصولها لفظا ومعنى فجلت كتبه ومن اراد ان يفهم كلام العرب فهما صحيحا فينبغي ان تكون مراجعته فيما اراد فهمه من كلام العرب الى كتب الاوائل ككتب الخليل ابن احمد والازهري وابن فارس واضراب هؤلاء. وقد جر المتأخرين معاني اللفظ الى ايراد لازمه وجعله معنى له. وفرقا وفرقا بين كون اللفظ موضوعا لمعنى وبين كون ذلك المعنى لازم له. وتفسير هذه الجملة ما ذكره المتأخرون من ان من معاني الرب المعبود وليس كذلك وانما هو لازم معناه فان من وجب ان يكون ان من جعل ربا وجب ان يكون معبودا. فمن اتخذ له ربا من الارباب لزمه ان يتخذه مألوها معبودا يجعل له عبادته. ففسروا لفظ الرب بالمعبود وهو تفسير باللازم وليس تفسيرا لللفظ بوضعه اللغوي الذي جعل له في لسان العرب. وهذا كثير في كلام المتأخرين. يفسرون اللفظ بلازمه لا بما وضع له في لسان العرب وبيانه في هذه الجملة ما ذكرت لكم من نظم احمد الشجاع رحمه الله احد علماء الازهر معاني الرب فبلغها ثلاثين معنى وهي كلها ترجع الى هذه المعاني الثلاثة. والعرب اوتوا بيانا يجمع والمعاني وهو الذي اختص به القرآن الكريم. فلا يكون الكلام عندهم منوعا على هذه الانواع التي يعسر فهمها ويشق ضبطها وانما يرجع الى اصول موزونة مضبوطة ثم يخرجون عليها ما جاء من الكلام ويردونه الى هذا الاصل نعم. وقال تعالى العالمين جمع عالم وهو اسم للافراد المتجانسة من مخلوقات فكل جنس منها يطلق عليه عالم. فيقال عالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة ذكر المصنف وفقه الله ان العالمين جمع عالم. قال وهو اسم للافراد المتجانسة من مخلوقات والمراد بالمجانسة وقوع المشابهة والاشتراك بينها. فالمخلوقات المسماة وقع بينها اشتراك وتجانس اوجب ان تجمع فيقال لها عالم الملائكة. وكذلك القول في عالم انسي وعالم الجن. فاسم العالمين مختص بالافراد المتجانسة. وقد يقول قائل وهل في مخلوقات افراد ليست متجانسة ما الجواب؟ نعم مثل احسنت. نقول نعم في المخلوقات ما ليس من الافراد المتجانسة. كعرش ربنا سبحانه وتعالى. وكرسي عز وجل والجنة والنار المجعولتين في الاخرة. فان هذه المخلوقات لا جنس لها. فلا يجمعها مع غيرها جنس واحد. فالعرش ليس له نظير والكرسي ليس له نظير. والجنة ليس لها نظير والنار ليس لها نظير. يعني باعتبار ما خلقها الله سبحانه وتعالى عليه. واما المخلوقات المتجانسة فتسمى عوالم فيقال عالم الجن وعالم الحيوان وعالم الانس وعالم الملائكة وعالم الحشرات وهلم جرا. وحينئذ هل يصح ان يقال ان العالمين اسم لما سوى الله ام لا يصح ما الجواب؟ هل يصح ان نقول ان العالمين اسم لما سوى الله؟ ام لا يصح؟ ها لا يصح لماذا لاختصاصه بالافراد المتجانسة ويبقى ورائها اشياء. لان العالمين يختص بالافراد المتجانسة. فاذا قلت ان العالمين اسم لما سوى الله بقيت اشياء ليست من العالمين كالكرسي والعفش والجنة والنار. ولذلك فان العرب في لسان لا تعرف هذا المعنى ولا يوجد في كلام العرب ان العالمين اسم لما سوى الله. وانما درج هذا الى من صنف في العربي من كلام قدماء الفلاسفة اليونان فانهم رتبوا مقدمات عندهم مشهورة الله قديم عالم حادث فما سوى الله عالم. ثم درجت هذه الكلية النتيجة المنطقية الى كلام المتكلمين نوها وظنوها من اللسان العربي وليست كذلك افاد هذا العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره وكلام قدماء اهل العربية يدل عليه. فالعالمون اسم لما ايش؟ لا للافراد المتجانسة اسم للافراد المتجانسة كالملائكة والجن والانس. فلو قال قائل فعلى هذا ما هي الاية التي تدل على ربوبية الله لكل شيء اذا كانت اية الفاتحة لا تدل الا على ربوبيته للافراد المتجانسة؟ فالجواب احسنت. قوله تعالى وهو رب كل شيء. فان قال قائل فلماذا حمد الله سبحانه وتعالى نفسه في الفاتحة على ربوبية العالمين لماذا؟ الان العالمين بعض المخلوقات وليست كل ليست كل المخلوقات. فلماذا حمد الله عز وجل نفسه على ذلك؟ ما الجواب نعم هو كذلك ان ذلك من افضاله التي يحمد عليها ولكن لان القرآن الكريم منزل على اشرف العالمين. القرآن الكريم منزل على اشرف العالمين. من اشرف العوالم الملائكة ام الانس ام الجن ام الحيوانات من اشرفهم؟ الانس والجن الذين بالقرآن الكريم فهم اشرف العوالم. فلذلك ذكر حمد ربنا سبحانه وتعالى عليه فهذا مما يقال فيه انه ذكر بعض خاص لاجل جلالته. فالله عز وجل رب كل شيء لكن خص هنا بالذكر تنبيها الى فضله ولذلك لما قال فرعون وما رب العالمين؟ كان الجواب رب السماوات والارض. لم يذكر كل المخلوقات وهو سبحانه وتعالى قال رب كل شيء ولم يذكر كل العوالم ولكن ذكر السماوات والارض لبدوها وظهورها بحيث يدركها كل احد فان السماء في مطلع عليه مشاهد وكذلك الارض في السبل يوطأ عليها وينشى. نعم. وقال تعالى يوم الدين يوم بالحساب والجزاء عن الاعمال. ذكر المصنف ان يوم الدين مفسرة بيوم الحساب والجزاء على اعمال فالدين مركب من شيئين احدهما الحساب وهو مقدمته. والاخر جاؤوا وهو خاتمته. فان الخلق يحاسبون ثم يجازون بعد ذلك الحساب على اعمالهم. فالجمع بينهما يسمى دينا. وهو واقع في يوم الدين وهو يوم القيامة الذي ذكره الله عز وجل في سورة الانفطار فقال وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله نعم. وقال تعالى اياك نعبد. نخصك وحدك بالعبادة. قال المصنف في بيان معنى اياك نخصك وحدك بالعبادة. من اين اخذ قوله نخصك وحدك بالعبادة؟ الاية تفهم نعبد من اين نخصك وحدك؟ ما الجواب؟ نعم. من تقديم ما حقه في التأخير من تقديم ما حقه التأخير. فاصل الكلام نعبد اياك فلما قدم حقه التأخير دل ذلك على ارادة معنى. والمعنى المراد هو تخصيص الله عز وجل وحده بالعبادة دون غيره وهذا من طرائق ما يسميه علماء البلاغة القصر ويسميه علماء الاصول الحصر. كما قال الجوهر المكنون تخصيص امر مطلق بامر هو الذي يدعونه في القصر. ومن وجوه القصر تقديم ما حقه التأخير او تأخير ما حقه التقديم. ومن عجائب التصرف القرآني ان هذا الضمير المنفصل اياك لم يقع في القرآن الا في هذا الموضع اعلاما بعلو مقام العبادة وافراد الله عز وجل بها لا تجد في القرآن موضعا اخر فيه اياك. على وجه الافراد الا هذا الموضع ووقع كذلك القرآن تنبيها الى اختصاص الله عز وجل بالعبادة وانها لا تجعل لاحد سواه ابدا. نعم قال تعالى واياك نستعين نستعين بك وحدك في جميع امورنا. وقال الا اهدنا دلنا وارشدنا وقال قال المصنف في معنى قوله تعالى اهدنا دلنا وارشدنا ان يا ربنا وهذه الهداية المسؤولة التي يسأل العبد ربه سبحانه وتعالى اياها هي جامعة بين سؤاله سبحانه وتعالى ان يوفقه الى ما فيه مصالحه في الدنيا والاخرى وان يبين له ذلك ويوضحه ويوضحه ولاجل هذا قال العلماء ان الهداية نوعان احدهما هداية التوفيق والالهام هو الاخر هداية البيان والافهام الاول هداية التوفيق والالهام والثاني هداية البيان والافهام. فالعبد محتاج الى هذا وذاك. وكونهما جميعا بيد ربنا سبحانه وتعالى كمالا دال على الهداية الربانية فان الهداية التوفيقية او التفهيمية على وجه الكمال لا تكون الا لله سبحانه وتعالى فمن هداه الله فهو المهتدي. ومن لم يهده الله فلن تجد له وليا مرشدا. ولم الله عز وجل للخلق الا المشاركة في هداية البيان والافهام. لكن ليس ما يكون من من البيان والافهام كما يكون من الرحمن سبحانه وتعالى. وكونهما جميعا بيده على وجه الكمال على كمال الهداية الربانية. ونظير هذا سؤال الله سبحانه وتعالى التوبة. فان العبد اذا قال اللهم تب علينا فانه يريد بذلك ايش؟ يريد بذلك امرين احدهم هما تيسير سبيل التوبة. والاخر قبولها من العبد اذا وقعت منه. ولاجل لذلك سمي توابا لانه يهدي العبد الى طريق التوبة ثم يقبلها منه اشار الى هذا ابو العباس ابن تيمية الحفيد في قاعدة التوبة وتلميذه ابن القيم في منزلة التوبة من مدارج السالكين. نعم. وقال تعالى الصراط المستقيم الاسلام. ذكر المصنف ان الصراط المستقيم الذي يسأل العبد ربه ان يهديه اليه هو وثبت تفسير الصراط بذلك في حديث ثوبان عند احمد بسند حسن واصله عند الترمذي وابن ماجه الا ان اسنادهما ضعيف واسناد احمد حسن فقدم بالذكر فالصراط المستقيم هو الاسلام عبد يسأل ربه سبحانه وتعالى ان يهديه الصراط المستقيم في كل صلاة. فيقول اهدنا الصراط المستقيم يريد بذلك انه يسأل الله عز وجل ان يهديه الى ايش؟ الاسلام. فان قال قائل فان المصلي فكيف يكرر دعاء الله عز وجل في كل صلاة؟ اهدنا الصراط المستقيم يريد الاسلام. ما الجواب نعم يسأل الله الثبات على الاسلام. جواب اخر يعني الثبات نفس الاخ لزومه كالثبات. يقال ان دعاء العبد ربه سبحانه وتعالى الهداية الى الصراط المستقيم تشمل امرين. احدهما الهداية الاجمالية اليه بالدخول فيه. والكينونة من اهله. والاخر الهداية التفصيلية لكل مقام من مقامات الاسلام ومنزلة من منازله. وهذه الهداية التفصيلية يحتاجها العبد في كل حال حتى يتوفاه الله سبحانه وتعالى. فانت عندما تقول اهدنا الصراط المستقيم في صلاتك تسأل الله سبحانه وتعالى ان يهديك في كل امر على وجه التفصيل. فانت محتاج الى الهداية في اذكارك التي تكون فيها بعد الصلاة. ومحتاج بعدها الى الهداية فيما تنقلب اليه بعد الصلاة. واذا شهدت درسا فانك محتاج الى هداية الله عز وجل لك في هذا الدرس. فالعبد مفتقر الى الهداية التفصيلية التي يسألها في كل صلاة ذكر هذا المعنى ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى نعم. وقال تعالى صراط الذين انعمت عليهم المتبعين للاسلام الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المصنف ان الصراط المذكور في قوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم انه صراط المتبعين للاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر الله سبحانه وتعالى حال هؤلاء بانهم منعم عليهم. تنبيها الى ان غيرهم ليس كذلك. وفسر الله عز وجل لا اجمال سوى الانعام في من ذكر بعدهما فقال غير فيمن ذكر بعدهم فقال غير المغضوب عليهم ولا الضالين ضالين فالمنعم عليهم هم هؤلاء وغير المنعم عليهم هم هؤلاء وها هنا سؤال يقال ان الله سبحانه وتعالى قال في هذه الاية صراط الذين انعمت عليهم فاضاف الصراط الى المنعم عليهم قالت سبحانه وتعالى في مقام اخر وان هذا صراطي مستقيما فاضاف الصراط اليه فهل الصراط لله ام الصراط للمنعم عليهم ما الجواب واضحة الاشكال ام غير واضح؟ قل الاشكال قال صراط الذين انعمت عليهم فاضاف الصراط الى المنعم عليهم وقال في اية اخرى وان هذا صراطي مستقيما فاضافه الى نفسه. وفرق بين الاظافتين. فالاولى اظافة الى الخلق. والثاني هي اضافة الى الخالق والجواب نعم. اي نعم. والى المنعم عليهم. احسنت يقال ان الصراط اضيف الى الله عز وجل باعتبار بالنظر الى انه سبحانه وتعالى هو شارعه وواضعه. واضيف الى المنعم عليهم باعتبار انهم هم سالكوا الاخذون فيه فكلا الاظافتين صحيح وكل واحدة من الاضافتين معناها على ما ذكرنا. والصراط يضاف الى الله لكونه هو الذي وضعه وشرعه للخلق وبينه. ويضاف للخلق بالنظر الى ان المنعم عليهم هم الذين سلكوه ذكر هذا ابو عبد الله ابن القيم في اوائل مدارج السالكين. نعم. وقال تعالى المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق و ولم يعملوا به وهم اليهود الضالين الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتدوا تظل الطريق وهم النصارى. بين المصنف في هاتين الجملتين ان الانعام الذي هؤلاء واولئك فجعل الاولون مغضوبا عليهم وجعل الاخرون ضلالا ائتلاف متعلق ما وقع منه. فاما الاولون فانهم عرفوا الحق ولم يعملوا به وهم اليهود. فان اليهود كان عندهم علم الا انهم تركوا العلم الذي ورثوه عن انبيائهم. فصاروا قوما مغضوبا عليهم. واما الطائفة الاخرى وهم الضلال فهم الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتدوا اليه وضلوا الطريق. وابتدعوا رهبانيا وطقوصا وانواعا من العبادة لم يأذن الله سبحانه وتعالى بها. فصار الاولون مغضوبا عليهم وصار اخرون ضلالا واولئك هم اليهود والاخرون هم النصارى. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير هذه الاية بذلك فعند الترمذي وغيره من حديث عدي ابن حاتم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اليهود طوب عليهم والنصارى ضلال. ونقل ابن ابي حاتم في تفسيره اجماع المفسرين على ان المغضوب عليهم هم اليهود وان الضالين هم النصارى فذلك ثابت بالنص والاجماع. نعم