السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا الدرس السادس من برنامج الدرس الواحد العاشر والكتاب المقروء فيه هو الحث على طلب العلم للعلامة ابي هلال العسكري رحمه الله. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين مقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو العلامة اللغوي الحسن بن عبدالله ابن سهل العسكري يكنى بابي هلال. المقصد الثاني تاريخ مولده لم يذكر احد ممن ترجم له تاريخ ولادته. فبقي مجهولا. المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله بعد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. عند جمهور المترجمين له. اذ اخر ما وجد له بذلك التاريخ وذكر القفطي والسيوطي انه طال عمره حتى توفي بعد سنة اربعمائة والاول اشهر ولم يذكر احد ممن ترجم له تقدير عمره. فبقي مجهولا للجهل ميلاده المقصد الثاني التعريف بالمصنف وينتظم في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه تواطأ نسخ الكتاب الخطية على اثبات اسمه الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه. المقصد الثاني بيان موضوعه وضع المصنف رحمه الله كتابه هذا طالبا بعث العزائم وتحريك النفوس الى طلب العلم والحرص عليه. وانفاق الزمن في تحصيله وجمعه المقصد الثالث توضيح منهجه وقع هذا الكتاب منتظما في سياق واحد غير مفصل بتراجم ولا ابواب وانما يميز جمله المعاني التي يريدها في ثناياه. وما فيه من التراجم ثنائية هي من وضع ناشره. واما اصل الكتاب فهو خلو منها وقد نوع المصنف رحمه الله تعالى في موارد الحث والاجتهاد. ذاكرا مأثورا من والموقوف والحكايات والاشعار. وربما رواها مسندة تارة او ذكرها دون اسناد تارة اخرى. وهذا الباب مما يكون الاسناد فيه زينة لا اصلا مطلبا. كما ذكر الخطيب البغدادي في الجامع في اداب الراوي واخلاق السامع. فيتسمح في المذكور فيه من والحكايات والاشعار ما لم تشتمل على منكر يخالف الشرع فتدفع بتلك النكرة ومما حمل المصنف على كل ذلك ان اصل كتابه رسالة بعث بها الى بعض اصحابه. نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد. فقال العلامة ابو هلال العسكري رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ايدك الله وايد اهل الفضل بك ووقاك المكروه ووقاهم اياه فيك واصلح بك ولك وخولك وخول منك والهمك الاجتهاد في فيما يزيدك عند العقلاء قيمة ويمنحك مزية يقصر عنها من يساميك ويقع دونها من ينافسك ويناويك قوله رحمه الله وخولك وخول منك اي اعطاك واعطى منك. فالتخويض هو اعطاء نعم احسن الله اليكم والاجتهاد فيما يكسب والاجتهاد فيما يكسب العز ويزيد في النباهة والقدر راحة العاقل والتواني عنه عادة الجاهل. وقلت في ولذلك وساهر الليل في الحاجات نائمه وواهب المال عند المحل كاسبه. وقلت في نحو ذلك واليغد في تعب في راحة ان الامور مريحها كالمتعب وقلت الا لا الا لا يذم الدهر من كان عاجزا ولا يعدل الاقدار من كان وانياه فمن لم تبلغه المعالي نفسه فغير جدير ان ينال المعالي ومثل العلو في المكارم ومثل العلو في المكارم مثل الصعود في الثنايا والقلل. ولا يكون الا بشق النفس. ومن ظن انه ينعم في قصد الذرة والتوكل القذفات العلى القذفات العلا. احسن الله اليكم والتوكل في القذفات العلى فقد ظن باطلا وتوهم محالا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الاجتهاد فيما يكسب العز ويزيد في النباهة والقدر راحة العاقل. فان العاقل لا يرضى وبالدون فالمقامات الرفيعة مناسبة للعقول الكاملة فلا تزال تنفق قوتها ووقتها في تحصيل ما يورثها العزة. ويزيد في قدرها. والقعود عن ذلك والتواني كسلا عنه وضعفا عن دركه وطلبه عادة الجاهل. لان لا يحيط علما بما يرفع قدره ويعظم جاهه. فيرضى بالحال التي هو فيها وذكر المصنف من شعره في هذا المعنى ما يدل عليه. ثم ذكر معنى اخر ضرب فيه مثلا فمثل العلو في المكارم والارتفاع فيها بالصعود في ثنايا الجبال وقممها وانه لا يكون الا بشق النفس اي بتعبها ظن انه ينعم في قصد الذرى وهي رؤوس الجبال والتوغل اي الارتفاع في القذوفات هي اعاليها فقد ظن باطلا وتوهم محالا فالمطلوب الكريم يحاط بالمشقة وفي الصحيح حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات. وفي لفظ حجبت وهو وفي الصحيح ايضا فلا سبيل الى تحصيل اعظم المعالي وهي جنة الخلد الا بمشقة عظيمة يراغب فيها الانسان نفسه على المكاره التي تنفر عنها وتفر منها وهذا معنى قول الشاعر لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفطر والاقدام قتال فطلب الامور العظيمة مقترن بالمشقة ولا يبلغ العبد مقصوده مما يعظم ويشرف الا بمشقة تعتريه يبذل فيها من قوته في نفسه وماله وجاهه ما يبذله حتى يحصلها ومن ظن انه ينال تلك المكارم الرفيعة والمنازل العالية في امر دين او بلا مشقة فهو كما قال المصنف فقد ظن باطلا وتوهم محالا نعم احسن الله اليكم ورتبة الاديب من اعلى الرتب ودرجة العلم اشرف الدرج. فمن اراد مداولتها بالدعة وطلب البلوغ اليها بالراحة كان مخدوعا وقال الجاحظ العلم عزيز الجانب لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك. وانت اذا اعطيته كلك كنت من اعطائه اياك البعض على خطر وقد صدقت فكم من راغب مجتهد في طلبه لا يحظى منه بطائل على طول تعب تعب تعبه ومواصلة دأبه ونصبه. وذلك اذا نقص وكل ذهنه ونبت قريحته. والفهم انما يكون مع اعتدال آلته. فاذا عدم الاعتدال لم يكن قبول. كالطينة اذا كانت يابسة او منحلة لم تقبل الختم وانما تقبله في حال اعتدالها. واذا اكد الطالب مع الاجتهاد فكيف يكون مع الهوين والفتور ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان رتبة الاديب من اعلى الرتب ودرجة العلم اشرف الدرج ودلائل ذلك متوافرة في الكتاب والسنة. وهذا امر اجمع عليه الخلق كافة كما اثر عن علي رضي الله عنه انه قال كفى بالجهل ذما ان ينفر منه كل احد. وكفى بالعلم شرفا يدعيه كل احد. فما من احد الا وهو يحب ان ينسب الى العلم. وينفر ان ينسب الى الجهل وذلك المطلب العظيم لا يكون مع مداولة الدعة اي باستيلاء الدعة والكسل على العبد. فمن ارادها بذلك كان مخدوعا. ونقل المصنف قول الجاحظ العلم عزيز الجانب. اي عزيز المقام. لا يعطيك بعضه. فلا تنسب واليه حتى تعطيه كن لك. اي تقبل عليه بالكلية. وانت اذا اعطيته كلك كنت من اياك البعض على خطر اي مع اعطائك العلم نفسك كلها فانه ربما حزت شيئا من العلم ونلت قدرا منه وربما لم تصل الى ذلك. والمراد من علم النفس كمال الاقبال عليه. فان العلم من اعمال القلب ولا يقبل الشركة فيه فاذا كان قلب العبد مبلبلا مشوشا بكثرة الواردات وتنوع الارادات دخول العلم فيه فاذا خلص القلب بكمال الاقبال على الاشتغال بالعلم دخل العلم في ثم صدق المصنف رحمه الله تعالى كلام الجاحظ فقال وقد صدق فكم من راغب مجتهد في طلبه لا منه بطائل على طول تعبه ومواصلة دأبه ونصبه. وذلك اذا نقص ذكاؤه وكل ذهنه ونبت اي بعدت قريحته عن الصلاحية للعلم. فربما اشتغل فيه مدة ثم لم يدرك منه شيئا اي فيما يجمع من العلم اما باعتبار الاجر والثواب من الله عز وجل فانه اذا صدقت نيته وحسنت ارادته اثابه الله عز وجل على طلبه العلم وان لم لم يحصل منه شيئا ثم ذكر ان الفهم انما يكون مع اعتدال الته اي ملاءمة الة تحصيل العلم لطلبه. فاذا عدم الاعتدال لم يكن قبول وضرب له مثلا بالطينة اذا كانت يابسة اي قاسية او منحلة يعني غير متماسكة لم تقبل الختم اي لم تقبل ان يختم عليها بختم فيه صورة من كتابة او غيرها. وانما تقبله في حال اعتدالها اين اي توسطها بين اللبس والانحلال؟ فاذا كانت متماسكة تماسكا لا يبلغ اللبس ولا منحلة انحلالا يجعل اوصالها متقطعة فانها تقبل الختم عليها واذا اكد الطالب مع الاجتهاد اي اتعب نفسه مع الاجتهاد فكيف يكون مع الهوين والفتور فاذا كانت هذه حاله وانه على خطر من حصول مطلوبه له او صرفه عنه اذا كان مع الاجتهاد فكيف اذا كان مع التراجع والانقطاع عن طلبه. نعم. احسن الله اليكم وان كنت ايها الاخ ترغب في سمو القدر ونباهة الذكر وارتفاع المنزلة بين الخلق. وتلتمس عزا لا تثلمه الليالي والايام ولا تحيفه الدور والاعوام وهيبة بغير سلطان وغنى بلا مال ومنفعة بغير سلاح وعلاء من غير عشيرة. واعوانا من غير اجر وجند بلا ديوان وفرض فعليك بالعلم فاطلبه في مظانه تأتيك المنافع عفوا وتلقى ما تعتمد منها صفوا واجتهد في تحصيل الهلال قلائل ثم تذوق حلاوة الكرامة مدة عمرك. وتمتع بلذة الشرف فيه بقية ايامك. واستبقي لنفسك الذكر به بعد وفاتك ولامر ما يجتهد اجتهد فيه طائفة العقلاء وتنافس عليه الحكماء وتحاسد فيه الفضلاء ولا يصلح الحسد والملك في شيء غيره في شيء غيره كما اخبرنا الشيخ ابو احمد بياض الحسن بن عبدالله بن سعيد عن عبد الله ابن عبد الملك ابن هارون عن ابن عبيد عن وهب ابن وهب عن عبد الواحد ابن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يصلح الحسد والملك الا في طلب العلم. ثم قال ابو تمام فاعذر حسودك فيما قد خصصت به. ان فحسن في مثلها الحسد وقال ايضا وما انا بالغيران من دون جارتي اذا انا لم اصبح غيورا على العلم يضيق فؤادي منذ ثلاثة فؤادي لصيق فؤادي موت ثلاثون حجة سلام عليكم لصيق فؤادي مذ ثلاثون حجة وصيقل ذهني والمروح عن فهمي. مروح احسن الله اليكم. والمروح عن فهم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ناصحا اخاه جملة من منافع العلم. فبه يسهو القدر وينبه الذكر وترتفع المنزلة بين الخلق ويحصل الانسان عزا لا الليالي والايام اي لا تكسره ولا تفصمه الليالي والايام ولا تتحيفه اي لا تمل عليه الدهور والاعوام. وبه يكون المرء في هيبة بغير سلطان وغنى بلا مال ومنفعة بغير سلاح الى اخر ما ذكر من المنافع التي تدرك العلم وهذه المنافع انما هي من جملة ما يحصل العبد منه في الدنيا وليس ليست مرادة عند ملتمس العلم لله. وانما تقع تبعا لان حقيقة طلب العلم ان يتقرب والمرء الى الله سبحانه وتعالى فاعظم منفعته للعبد ان يزيده عبودية لربه وما سواه وذلك من المنافع الدنيوية فهي غير مرادة اصلا. ومن جعل حظه من طلب العلم هو تحصيل تلك المنافع الدنيوية رجع بالخسر فان العلم المقرب الى الله عز وجل لا ينبغي ان يكون مجهولا في طلب غيره من حظوظ الدنيا. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه ان اجتهد في تحصيله ليالي قلائل ذاق حلاوة الكرامة مدة عمره. واراد بالليالي القلائل من مجموع عمره لا انه اذا انفق فيه وقتا يسيرا حصله. وانما وقعت القلة بالنسبة الى بقية العمر فان الانسان يحتاج الى انفاق وقت كثير في طلب العلم. الا ان هذا الوقت الكثير هو بالنسبة الى مجموع عمره قليل او يقال ان مراد المصنف في قوله واجتهد في تحصيله ليالي قلائل اي حتى تخالط محبته قلبك. فاذا خالطت محبته قلبك وجدت حلاوة لا القلب معها مفارقة العلم وتركه. فلا تزال تلك الحلاوة موجودة في قلبك مستولية عليه حاملة لك على التمادي في طلب العلم وتحصيله. فهذا وجه قوله اذ في تحصيله ليالي غلائل. لا على ارادة ظاهر هذا اللفظ ان من طلبه ليالي فاذا حصله فان ذلك محال. ثم ذكر انه لا يصلح الحسد والملأ في شيء غيره اي غير العلم والملق هو التودد واللطف المفضي الى تكلف ذلك فكان انه يتكلف في تودده ولطفه فلا يصلح مثله الا في العلم. وروي في ذلك خبر لا يصح وهو حديث لا يصلح الحسد والملق الا في طلب العلم وروي هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة باسانيد متعددة لا يثبت شيء منها وقد ادرجه ابن الجوزي في الموضوعات والاشبه انه شديد الضعف ولا يبلغ قدر الوضع. واما الحسد ففي الاحاديث الصحيحة ما يدل على جريان الحسد في العلم وان مما يحسد المرء عليه ما يفتح الله به عليه من الفهم في القرآن والمعرفة في العلم. وهذا الحسد عندهم هو الذي يسمونه حسد الغبطة. ويجعلون الفارق بينه وبين الحسد الممنوع ان حسد الغبطة لا يجامع تمني زوال النعمة عن المحسود. بخلاف الحسد نفسه فان حسد نفسه يكون متضمنا لذلك وهونوا في ذلك لاجل عدم وجدان معنى تمني زوال النعمة لكن ذلك لا يدل على استحسانه فانه يجامع معنى اخر وهو كراهية وصول النعمة الى العبد. فالحسد اصله كراهية اصول النعمة سواء تمنى زوالها او لم يتمنى زوالها فكلاهما فيه مس من البغض الشرعي. وانما جاء ذكره في الاحاديث من جهة كون صدوره من اهل الخير واقعا فان اهل الخير لا يكاد يوجد فيهم من يتمنى زوال النعمة عن غيره ممن افاء الله عليه بنعمة علم او مال. ولكن يوجد في نفوسهم كراهية وصول تلك النعمة الى فلان دون فلان ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ابياتا في هذا المعنى عن ابي تمام