بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اللهم انفعنا بعلوم شيخنا واغفر اللهم لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين حفظكم الله تعالى في كتاب معاني الفاتحة وقصار المفصل. معاني سورة البينة بسم الله الرحمن الرحيم. لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. رسول من الله يتلو صحفا مطهرة اكتب قيمة وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاء جاءتهم البينة وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها هم شر البرية. ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك اولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن من تحتها الانهار تجري من تحتها الانهار خالدين فيها بدأ رضي الله عنهم ورضوا عنه. ذلك لمن خشي ربه. قال الله تعالى منفكين زائرين عما هم عليه تاركين له. بين المصنف وفقه الله ان معنى قوله سبحانه وتعالى منفكين زائلين عما هم عليه تاركين له. ففسر الانفكاك بزوالهم عما كانوا وعليه ومقتضى الاية ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين سيبقون على ما هم عليه غير منفكين ولا زائلين عن دينهم حتى تأتيهم البينة. ثم فسر البينة بانها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال رسول من الله يتلو صحفا مطهرة. وهذه الاية في صدر سورة البينة هي كما قال جماعة من المفسرين منهم الرازي في تفسيره اغمض اية في كتاب الله ووجه غموضها ووقوع الاشكال فيها ان الله سبحانه وتعالى اخبر ان الكافرين من اهل الكتاب والمشركين سيبقون على كفرهم حتى تأتيهم البينة وهي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم واقتضاء اتيانه سبحانه وتعالى بقوله حتى بقول حتى الدلالة على انتهاء الغاية بانه اذا بعث فيهم هذا الرسول فانهم سيؤمنون وسيتركون ما هم عليه من الشرك وهل وقع هذا ام لم يقع؟ ما الجواب؟ وقع من بعضهم ولم يقع من بعضهم. فحين كيف يخبر الله عز وجل بان الكافرين من اهل الكتاب والمشركين سيبقون على كفرهم حتى تأتيهم البينة فاذا اتت البينة فسيتركون كفرهم ولم يقع الامر كذلك. ومن هنا نشأ الاشكال والغموض. فما الجواب واضح الاشكال؟ الاشكال ان الله اخبر ان ان الكافرين من اهل الكتاب والمشركين لن يزالوا على تلك الحال من الكفر والشرك حتى تأتيهم البينة وهي الرسول صلى الله عليه وسلم. ولما جاءتهم منهم من امن ومنهم من كفر فما جواب الاشكال؟ غيره الجواب عن هذا الاشكال ان يقال ان الخبر الذي اخبر به الله سبحانه وتعالى لا يراد منه ما ستؤول اليه الحقيقة. وانما المراد منه تقريعهم وتبكيرهم وتوبيخهم على الحال التي هم عليها. لا انهم سيؤمنون جميعا بهذا النبي. بل منهم من سيؤمن ومنهم من سيكفر فجيء بهذه الاية على وجه التقليع والتبكيت لهم بان الله سبحانه وتعالى سيظهر لهم اية وهي رسول يتلو صحفا مطهرة ومع ذلك سيكون فيهم من يؤمن ومنهم من يكفر. نعم. وقال تعالى منزهة عن كل ما لا يليق. بين المصنف وفقه الله ان معنى قوله تعالى مطهرة. في قوله سبحانه وتعالى يتلو صحفا مطهرة انها منزهة عن كل ما لا يليق. فالتطهير التنزيه وما الفرق بين كونها طاهرة او مطهرة. ما الجواب؟ ما الجواب؟ او اعكس؟ المصحف الذي بايدينا ورقه طاهر ام ورقه مطهر؟ ورقه طاهر ولكن المطهر هو الذي لا يقبل النجاة بحال ولذلك هذه الاية وهي قوله تعالى يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة لا يراد بها المصحف الشريف وانما يراد بها ما كتب فيه القرآن في اللوح المحفوظ. ويفسر ذلك قول الله سبحانه وتعالى في سورة عبس كلا انها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة كرام بررة. فمعنى هذه الاية يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة يعني يتلو ما كتب في الصحف المطهرة في اللوح المحفوظ. وهذا هو معنى قوله سبحانه وتعالى في اخر سورة البروج بل هو قرآن مجيد اين؟ في لوح محفوظ. فهو سبحانه وتعالى يشير الى الصحف المطهرة التي كتب فيها القرآن في اللوح المحفوظ ولا يراد بذلك اوراق المصحف. ولذلك فان الامام ما لك رحمه الله تعالى لما ذكر له قول الله تعالى لا يمسه الا المطهرون قالوا قال اشبه شيء هذه الاية بقوله سبحانه وتعالى في سورة عبس كلا انها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة فاخبر ان الصحف المطهرة هي التي كتب فيها القرآن في اللوح المحفوظ. وان المطهرون الذين يمسونه هم فالمطهر ما ذكره الله عز وجل وصفا لملائكته او كتابه يراد به ما لا يقبل النجاسة في حال. واما الطاهر فهو الذي يقبل النجاسة. فقد يكون طاهرا وقد يكون نجسا. نعم. وقال وتعالى طيبة مستقيمة. وقال تعالى على هذا الذي ذكره المصنف يكون قوله تعالى فيها كتب قيمة يعني فيها كتب مستقيمة على الحق. والناس يقولون اليوم هذا الكتاب كتاب طيب ولفلان كتب قيمة يريدون بها انها مفيدة ذات نفاسة وهذا المعنى لا تعرفه العرب في لسانها وانما القيم المستقيم كما قال تعالى ذلك الدين القيم يعني الدين المستقيم فقوله تعالى هنا فيها كتب قيمة يعني فيها كتب مستقيمة على الحق. نعم. وقال تعالى مخلصين له الدين قاصدين بعبادتهم وجهه. فالاخلاص هو تصفية القلب من ارادة غير الله. وقال تعالى حنفاء مقبلين عليه مائلين عما سواه. بين المصنف وفقه الله ان معنى قوله تعالى حنفاء مقبلين عليه. فالحنيف جمعه حنفاء. واذا كان الحنفاء هم المقبلون على الله المائلون عما سواه فان الحنيف حينئذ هو المقبل على الله المائل عما سواه وايهما وضع له اسم الحنف في اللسان؟ هل هو الاقبال ام الميل؟ الميل. ما الجواب الاقبال فالحنيف في لسان العرب هو المقبل ومنه يسمى الرجل احنفا اذا كانت احدى قدميه مقبلة على الاخرى وليس الحنف في اصل الوضع العربي الميل وانما هو لازمه. ولذلك قال المصنف مقبل عليه اي ان الحنف هو الاقبال حقيقة. فالحنيف هو المقبل على الله عز وجل. ولازموا ذلك الاقبال ان يكون مائلا عما سواه. واذا كان العبد مقبلا على الله بالتوحيد فانه يكون مائلا عن الشرك. واذا كان العبد مقبلا على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم فانه يكون مائلا عن البدعة. والعرب تفسر الالفاظ بما وضعت له وقد تذكر لوازمها. اما عكس ذلك فليس من سنن العرب. فالذي يفسر الحنيف فيقول الحنيف هو المائل عما سوى الله المقبل على الله يكون قد فسر اللفظ اولا بلازمه ثم فسره بعد بما وضع له. وهذا عكس الحقيقة الوضعية اللغوية والكلمة تفسر بما وضعت له لا بلازمها. والقول في هذا المحل نظير القول الذي تقدم في تفسير الرب بانه المعبود. فالذين ذكروا ذلك من اهل اللغة فسروه بلازمه لا بما وضع له في لسان العرب. فان العرب فلا تعرف الرب بمعنى المعبود وانما هو دائر عندهم على ثلاثة معان. السيد والمالك والمصلح للشيء القائم عليه نعم. وقال تعالى فائدة هذه من باب التصريف القرآني. كلمة في القرآن هل جاءت مرفوعة حنيف؟ ام جاءت منصوبة حنيفا؟ ام جاءت مجرورة ما الجواب؟ لم تأتي في القرآن الا منصوبة. مثل هذا هو الذي ينبغي ان يرعاه انسان كيف تكرر هذه الكلمة في مواضع متعددة وكلها على النصب ولم تأتي مرفوعة ولا مجرورة اليس هذا محلا للسؤال؟ محل ام ليس بمحل؟ محل الانسان لا يقرأ القرآن الكريم كانه كلام البشر هو كلام رب البشر سبحانه وتعالى. فلا يكون الاتيان به على وجه المطرد الا لامر معتد به. فمثلا اول الفاتحة الحمد لله رب العالمين. تكرر حمد الله عز وجل في القرآن. لكن هل في القرآن الحمد للرحمن ان او فيه الحمد للرحيم او فيه الحمد للعزيز ام كله حيث ذكر كان الحمد لله ما الجواب الحمد لله فلابد ان هذا لامر لابد ان وروده على هذه الصفة لامر نرجع اليها لكن لماذا وقع حنيفا في القرآن منصوبا؟ والجواب طيب ممنوع من الصرف يأتي مجرور ويكون بالفتحة. يأتي مضموم ويكون غير منون. ما الجواب؟ لا احيانا ما يكون. يكون حال. الجواب لان باب النصب عظمه المفعولية والحالية اكثر ما تأتي المنصوبات في باب المفعولية بانواعها الخمسة او تأتي حالا والمنصوب اذا ذكر فيه اغراء به. فجيء بكلمة حنيفا منصوبة للاغراء بان يكون العبد على حال الحنيفية فاضطرد نصبها اغراء بان يمتثل العبد هذه الحال لان باب النصب عظمه المفعولية عليه بانواعها المختلفة والحالية فجيء بها على هذه الصورة للاغراء بان يتلبس العبد بهذه الحال وهي حال الحنيفية واما مجيء الحمد لربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بذكر اسمه سبحانه وتعالى الله فالمراد به بيان موجب الحمد فان حمد الله واقع لانه الله. فهو محمود لانه المستحق الافراد بالوحدانية والعبادة. واذا كان مستحقا للافراد بالوحدانية والعبادة فهو المحمود على الوجه الاكمل فاضطرد في القرآن قوله سبحانه وتعالى الحمد لله ولم يأتي فيه الحمد مضافا لغير هذا الاسم من اسماء ربنا سبحانه وتعالى. نعم. وقال تعالى دين القيمة. دين الكتب القيمة وهو الاسلام وقال تعالى البرية الخليقة. وقال تعالى جنات عدن جنات اقامة لا يتحولون عنها ذكر المصنف وفقه الله في معنى قوله تعالى جنات عدن انها جنات اقامة لا تحولون عنها اي اهلها. ولماذا لا يتحول اهلها عنها؟ ما الجواب خالدين فيها طيب هل يريدون غيرها؟ الذي يتحول من موضع الى موضع انما حمله على التحول ارادة ذلك الموضع فالانسان قد يتحول من القرية الى المدينة لانها انفع له وقد يتحول من السكنى في حي في المدينة الى حي اخر لانه انفع له. لكن اهل الجنة لا يرون ان موضعا خيرا لهم من هذا الموضع ولذلك قال تعالى خالدين فيها لا يبغون عنها حولا فهم لا يريدون ان يتغيروا منها ولذلك كما اخبر المصنف لا يتحولون عنها لان نفوسهم لا تتشوف ولا تتطلع لغيرها. نعم