الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد عليه وعلى اله وصحبه افضل الصلاة واتم التسليم اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين. قلتم نفعنا الله تعالى بعلمكم في مصنفكم تفسير الفاتحة وقصار المفصل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله خلق كل شيء فقدره تقديرا وانزل الكتاب ليكون للعالمين نذيرا وصلى الله على عبده ورسوله محمد المبعوث داعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا وعلى اله واصحابه وسلم تسليما اما بعد فان معرفة معاني كلام الله والاشراف على مكنون هداه هي اولى ما ادمن فيه النظر وحركت نحوه الفكر فبه تحصن النفوس راحتها وتحوس القلوب طمأنينتها. الاوان قصار مفصله اللطيف من الضحى الى اخر المصحف الشريف حل عناية جمهور المسلمين حفظا لقصر اياتها وعذوبة سياقها. ولكل الفضائل مخصوصة ومقاصد منصوصة فهي هي حقيقة بالتفهم وجديرة بالتعلم. وهذا تفسير مختصر للسور المذكورة يقرب تناوله ويسهل تأمله قيدته راجيا منفعته تامة قيدته راجيا منفعته التامة وملتمسا بركته العامة مستفتحا بتفسير الفاتحة لما لها من مقام عظيم ومنزل كريم. والله اسأل والله اسأل والله والله اسأل السلامة من الزلل واتقاء قصد القول والعمل. ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم ثنى بالحمدلة ثم المثلث بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه. وهؤلاء ثلاث من اداب التصنيف اتفاقا. ثم ذكر ان من اولى ما ادمن فيه النظر اي اطيل فيه النظر وحركت نحوه الفكر هو معرفة معاني كلام الله والاشراف على يا مكنون هداه وعلنا ذلك بقوله فبه تحصل النفوس راحتها وتحوز القلوب طمأنينتها. فالمنفعة الواصلة للعبد من معرفته معاني كلام الله. واشرافه على مكنونه هداه ان تحصل نفسه راحتها. ويحوز قلبه طمأنينته. فاكملوا الراحات هي الراحة بكلام الله واعظم الطمأنينة هي طمأنينة القلب بذكر الله. وقوله رافع على مكنون هداه اي الاطلاع على ما تضمنه من الهدى. اي الاطلاع على ما تضمنه من الهدى المحفوظ فيه. فاصل الكن الحفظ والاخفاء فاصل الكن الحفظ والاخفاء. فقولهم لؤلؤ مكنون يعني لؤلؤ محفوظ مخفى. عن الايدي ان تصل اليه. وهداية القرآن نوعان احدهما هداية عامة للخلق اجمعين. هداية عامة للخلق اجمعين والاخر هداية خاصة للمؤمنين. هداية خاصة مؤمنين والفرق بينهما ان هداية القرآن للخلق اجمعين في اقامة الحجة. ان هداية القرآن للخلق اجمعين في اقامة الحجة وهدايته للمؤمنين في ايضاح المحجة. وهدايته للمؤمنين في ايضاح حجة اي الطريق فالناس اجمعون ينتفعون بالقرآن في اقامة الحجة الرسالية عليهم ببيان مراد الله عز وجل منه في الخبر والطلب. ويفوق المؤمنون غيرهم بما يصل اليهم من منفعة عظيمة في معرفة الطريق الموصل الى الله سبحانه انه وتعالى. فتكون هدايته للمؤمنين هداية انتفاع. فتكون ايته للمؤمنين فتكون هدايته للمؤمنين هداية انتفاع. وهدايته للخلق اجمعين في قطع حججهم وهدايته للخلق اجمعين في قطع حججهم. فلا حجة لاحد على الله بعد ما انزل من الهدى في القرآن. فينتفع الخلق اجمعون من قيام الحجة في معرفة مراد الله منا في عبادته. ويختص المؤمنون بما يحوزونه من الانتفاع بهذا القرآن في موارد شتى من ابواب الانتفاع تتصل بالعلم والايمان والهداية والارشاد والاصلاح. والمؤمنون متفاوتون في حظوظهم من الانتفاع بالقرآن فما يصل الى واحد منهم هو غير ما يصل الى اخر من المؤمنين. بل عبد الواحد يكون له من الانتفاع بالقرآن طور ويكون له في مقام اخر طور اي حال ورتبة اعظم من الحال التي كان فيها. فبقدر ما يحصل من الاقبال على القرآن والفرح به ومعرفة تفسيره يحصل الاهتداء به. والمؤدي الى الانتفاع بالقرآن هو سلوك الطريقة الشرعية في اخذه. والمؤدي الى الانتفاع بالقرآن هو سلوك الطريق الشرعية في اخذه. قال الله تعالى فاذا قرأناه فاتبع فالعبد مأمور بان يتبع في قراءته قراءة الوحي المنزل الذي تكلم به الله سبحانه وتعالى فقال ورتلناه ترتيلا. فسمعه منه جبريل ثم نزل به على النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه جبريل وسمعه منه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه كما قرأه سمعه الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يزال نقله فينا على هذا النحو والاخذ بقراءته على النعت المذكور هو الذي يؤدي الى الانتفاع بما بقي في قوله تعالى ثمان علينا بيانا فالعبد مأمور بان يسلك في معرفة معاني القرآن ما بينه الشرع الحكيم سواء كان بيانا تفصيليا او بيانا كليا اجماليا. ولا سبيل حين اذ الى القرآن بالظنون والتخرصات والخيالات والخواطر والاوهام التي تجري في نفوس كما فشى باثرة. فصار الناس يظنون انهم ينتفعون بالقرآن بمجرد ما يجري في خواطرهم دون نظر الى معرفة معانيه الخاصة في تلك الايات ولا نظر الى المعاني العامة التي قررتها الشريعة في تلك الاحكام. فتجد اليوم من الناس من يصول بمجرد خاطره على ايات القرآن فيشيد معاني لا اساس لها سوى جريان الخاطر. فالاية بنفسه لا تدل عليه. ولو قدر ان الاية تدل على هذا المعنى فبقي وراء ذلك نظر اخر. وهو دلالة الشرع على تلك المعاني المدعاة. فيما قرر فيه من التشريعات والاحكام ودون هذا حصن مشين. ذكره ابن تيمية الحفيد بعبارة وراءها فصول طويلة من البيان لا يناسبها المقام اذ قال ولا يمكن تدبر القرآن الا بمعرفة تفسيره ولا يمكن تدبر القرآن الا بمعرفة تفسيره. فبوابة التدبر معرفة التفسير لا جريان الخواطر والتخرصات في القرآن لاستخراج هداه فان هذا جسر يفضي الى كثير من الضلال كما في كلام جماعة من المتكلمين في هذا الباب. ثم ذكر المصنف وفقه الله ان محل عناية جمهور المسلمين هو قصار مفصل من الضحى الى اخر المصحف الشريف اي الى سورة الناس. وعلله بقوله لقصر اياتها وعذوبة سياقها ولكل فضائل مخصوصة ومقاصد منصوصة. فلما كانت بالمحل الاعلى عند المسلمين لما ذكر فهي محل لقوله فهي حقيقة بالتفهم وجديرة بالتعلم. فمن اولى ما يعتنى به في معرفة معاني القرآن هي قصار مفصل. ويضم اليها تفسير الفاتحة لما لها من مقام ومنزل كريم فاقل ما ينبغي ان يأخذ به المبتدأ في تعلم التفسير العناية بهذين المولدين تفسير سورة الفاتحة وتفسير قصار المفصل من الضحى الى الناس. وما معرفة تفسير القرآن الكريم على وجه مجمل تدور رحاها على قسمين منه. احدهما تفسير سورة البقرة والاخر تفسير مفصل من سورة قاف الى اخر القرآن. فهذان القسمان منه ينتظم فيهما خطاب الشرع في اكثره. فان خطاب الشرع كما تقدم غير مرة نوعان احدهما الخطاب الشرعي الطلبي. المتضمن فعل الامر ترك النهي واعتقاد حل الحلال. والاخر الخطاب الشرعي الطلبي. المقتضي للتصديق اثباتا ونفيا فعظم الاول في سورة البقرة وعظم الثاني في المفصل من سورة قاف الى الى اخر القرآن. فمن احاط بتفسير البقرة احاط بجل ما ذكر في القرآن مما يتعلق الخطاب الطلبي ومن عرف تفسير خصال مفصل احاط بجل ما في القرآن مما يتعلق بالخطاب الخبر. فلا يبقى وراء هذا في متفرقات الصور الا اشياء يسيرة تزيد على المذكور في هذين المولدين. فاول ما ينبغي ان تبتدأ به في اخذ التفسير ان تتلقى الفاتحة وقصار المفصل ثم ترتفع درجة فتتلقى تفسير سورة البقرة وتفسير المفصل ثم بعد ذلك ترتفع الى ما وراءهما