احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تفسير سورة البينة بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيم ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية. ان الذي نوع من الصالحات اولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. رضي الله عنهم ورضوا عنه. ذلك لمن خشي ربه. كان كفار اهل الكتاب يقولون سيبعث فينا رسول وكان المشركون يقولون لهم اذا دعوهم الى اتباع اليهودية والنصرانية لم يأتنا رسول كما اتاكم فاخبر الله في هذه السورة عن قولهم موبقا فقال لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب وهم اليهود والنصارى والمشركين منفكين عن كفرهم اي زائلين عليه تاركين له حتى تأتيهم البينة وهي الحجة الواضحة التي وعد بها اليهود والنصارى في كتبهم وتلقفها عنهم المشركون ثم فسر تلك البينة فقال رسول من الله يتلو صحفا مطهرة وهو محمد صلى الله عليه وسلم وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي يتلو ما هو مكتوب ما هو مكتوب في صحف مطهرة منزهة عن كل ما لا يليق ويصح بالكتاب المكنون في اللوح المحفوظ ومتنه النبي صلى الله عليه وسلم منها هو القرآن الكريم. ذكر المصنف وفقه الله في صدر هذه سورة ان ابتدائها في قوله لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب الى تمام الاية وقع توبيخا كما قال اخبر الله في هذه السورة عن قولهم موبخا. لان فاتحة سورة البينة مما اشكل على من المفسرين حتى قيل انها اغمض اية في القرآن. ووجه غموضها ان الله ذكر ان هؤلاء الكفار من المشركين واهل الكتاب سيبقون على شركهم حتى تأتيهم هي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنتهى تعليق الغاية انه اذا جاءتهم تلك البينة فان ينفكون عن شركهم ولم يقع الامر كذلك فامن منهم خلق وبقي خلق على كفرهم فلاجل هذا صرح جماعة بالاشكال بما اعترى الاية من الغموض وحل هذا الاشكال ودفعه ان يقال ان سياق الاية يراد به التوبيخ والتقريع. بانكم لن تنفكوا عن هذا الشرك حتى يأتي هذا النبي. وسيكون منكم من يبقى على شركه فلا ينفك عنه. ثم ذكر بعد تفسير هذه البينة فقال رسول من الله يتلو مطهرة وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي يتلو ما هو مكتوب في صحف مطهرة منزهة عن كل ما لا يليق وهي صحف الكتاب المكنون في اللوح المحفوظ. فالصحف التي علقت بها تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لا بها صحف القرآن الكريم التي كانت تتناول بالايدي من الرقاق او الخاف او العظام او باقي التي كانت في عهده صلى الله عليه وسلم بل المراد انه يتلو صحفا مطهرة اي منزهة عن كل كل ما يليق وهذا الوصف هو وصف صحف الكتاب المكنون في اللوح المحفوظ. فهي مطهرة اي لا نقص ولا عيب فهي في نفسها كاملة. وهذه الصحف التي في اللوح المحفوظ متعددة ومتلو النبي صلى الله عليه وسلم منها هو القرآن الكريم. فاللوح المحفوظ فيه كتب الانبياء كالقرآن والتوراة والانجيل والزبور وغيرها ومتلو النبي صلى الله عليه وسلم منها هو القرآن الكريم وفصل عن تلك بانزاله جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا. توطئة لنزوله بعد ذلك تتكلما من الله سبحانه وتعالى. نعم. قلتم وفقكم الله وتلك الصحف فيها كتب قيمة اي مستقيمة. وهي الكتب التي انزلها الله مع النبيين. قال الله عز وجل كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا ثم اخبر عن سبب كفر اهل الكتاب فقال وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة وهذه البينة وهذه البينة هي بينة اخرى غير الاولى فالبينة هنا الحجج والايات التي جاءتهم من قبل فاختلفوا فيها وتفرقوا عنها فهي كقوله تعالى ولا تكونوا كالذي نتفرق واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم. ولم يأمرهم هذا الرسول الا بما امروا به من قبل في كتبهم وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين اي قاصدين بعبادتهم وجهه. فالاخلاص هو تصفية القلب من ارادة غير الله. حنفاء مقبلين على الله مائلين عما سواه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وخصهما بالذكر لفضلهما وشرفهما. وذلك المأمور به وخصه بالذكر لفضلهما وشرفهما من عجيب ما وقع في سياق الخطاب الشرعي في القرآن والسنة كثرة افراد الصلاة والزكاة بالذكر دون غيرهما. وقع هذا في مواطن كثيرة من القرآن الكريم وفي احاديث وفي احاديث شريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي حقيقة بالافراد بالنظر في مواقع ذلك من المعاني بافراغ الفكر في سر افراد الصلاة والزكاة بالذكر في الخطاب الشرعي اما في القرآن والسنة معا او في القرآن وحده. نعم احسن الله اليك. قلتم وفقكم الله وذلك وهذا له اسرار لذلك من اهم علوم القرآن علم وهو علم تصنيف القرآن ذكره الله في اربعة مواضع منه ولا اعلم احدا افرده بالدراسة. وليس المقصود منه بالتصريف الذي هو وسيم النحو او تابع له مما يتعلق ببناء الكلمة. بل المقصود فيه وجوه نظم الكلام في القرآن الكريم. فمثلا طول القرن بين الصلاة والزكاة والإفراد بالذكر في ايات كثيرة لابد ان لهذا معنى. مثال اخر ان الحمد اذا ذكر في القرآن فان الاسم الالهي الذي يذكر معه هو ايش؟ الله. لا تجد الحمد للرحمن الحمد للرحيم. الحمد للكريم. ولهذا ما من المعنى. نعم. احسن الله اليكم. قلتم وفقكم الله وذلك المأمور به من اخلاص الدين واقامة الصلاة واداء الزكاة ودين القيمة اي دين الكتب المستقيمة وهو الاسلام فلا عذر لهم في الاعراض عنه. ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة فقال ان الذين كفروا من اهل والمشركين في نار جهنم خالدين فيها. اولئك هم شر البرية والبرية الخليقة. واتبعه بذكر جزاء مقابليهم فقال ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن. اي جنات اقامة لا يتحولون عنها تجري من تحتها الانهار اي من تحت اشجارها وغرفها على وجه ارضها في غير شرط. قوله على وجه ارضها في غير شر اي في غير حفر ولا افضال. اي في غير حفر ولا اخدود فليست انهار الجنة كانهار الدنيا. فانهار الدنيا تجري في شقوق وحفر منخفضة من الارض. واما انهار الجنة فانها تجري على وجه الارض من غير شق. نعم. احسن الله قلتم وفقكم الله خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه. فرضي عنهم بما عملوا من طاعته ورضوا عنه بما اتابهم به من النعيم المقيم وان ذلك الجزاء الحسن حق لمن خشي ربه فلا يناله الا من كانت هذه صفته والخشية خوف مقرون بعلم