السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الانبياء واقامهم مقامهم في البشارة والنذارة والدعوة والافتاء واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله مبلغا صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فان حفظ العقل من ضرورات الشرع بامداده بما يقويه وينميه واحرازه وصيانته مما يفسده ويضعفه وان من واجبات ولي الامر في الدولة الاسلامية توفير الامر بانواعه. ومن جملتها الامن الفكري المحقق لحفظ العقل. فانه اذا وجد الامن الفكري امكن حفظ العقل بصيانته مما وامداده بما يقويه وينميه. ويطلع بهذه المهمة في الدولة الاسلامية ولي الامر اصالة ثم يتقلد هذا نواب له يعينونه على توفير الامن بانواعه ومن جملته الامن الفكري وان من النواب الذين يطلعون باعانة ولي الامر في توفير الامن الفكري جماعة العلماء ومنهم العلماء الذين يحظون باسم هيئة كبار العلماء في هذه البلاد فان لهم مشاركة ملموسة في حفظ الامن الفكري. تأتي الحاجة داعية للحديث عنها في بهذه المحاضرة وذلك لامور ثلاثة. اولها ابراز جهدهم وانهم قائمون مقام النبي صلى الله عليه وسلم في وظيفة البلاغ. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث الينا كان الواجب المعلق بذمته تبليغنا حكم الله سبحانه وتعالى. ولاجل هذا قرر في مواضع من القرآن قوله تعالى وما على الرسول الا البلاغ المبين. ثم ان ممن يحمل امانة البلاغ بعد النبي صلى الله عليه وسلم العلماء ومن امانة البلاغ ما يعنون به في حفظ الامن الفكري. وتانيها الاقتداء بهم فان الله تعالى قال اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدر. فاذا وقف طالب علمي خاصة والمسلمون عامة على مال كبار العلماء من جهد مشكور في توفير الامن الفكري دعاهم ذلك الى الاقتداء بهم في السعي الى تحصين الناس من غوائل الفكر التي تظعف حقائق الايمانية وتفسدها. وثالثها امتثال ما دعوا اليه من اصول ينتظم فيها حفظ الامن الفكري. فان الانتفاع الاكبر من علماء هو في امتثال ما يدعون اليه. قال الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة. فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين. ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون. ومعنى ان النفير الى الجهاد ليس مكتوبا على جميع المؤمنين. بل تنفر من كل ثقة منهم طائفة طائفة اخرى يقعدون ليتفقهوا في الدين. فاذا رجع اليهم النافرون في الجهاد فقهوهم بتحذيرهم من تضييع ما يؤمرون به او ما ينهون عنه. فمن وظيفة العلماء التي ينتفع بها فيهم الاستفادة من ارشادهم وبيانهم وامتثال ما يدعون اليه وان من المصطلحات الرائجة على لسان اهل العلم قديما وحديثا مصطلح كبار العلماء. وهذا المصطلح مركب اضافي له موردان. احدهما وظيفة سلطانية والاخر رتبة علمية. فاما الاول وهو الوظيفة السلطانية فانها مرتبة حكمية يجعلها ولي الامر في الدولة الاسلامية لمن يريبه في هذه الولاية. وهذا الاصل في بيان وظائف الدولة الاسلامية تعلق شيء منها بالعلماء اشار اليه جماعة من الحذاء منهم ابن خلدون في كتاب المقدمة والماوردي في الاحكام السلطانية وابن طولون في نقد الطالب في نقد اطالب بزغل المناصب ومن جملة ذلك من ينوب عن ولي الامر في وظيفة العلم كما انه يوجد من ينوب عنه في وظيفة القضاء او وظيفة الحسبة فكذلك يوجد من ينوب عنه في وظيفة العلم والافتاء. وسيأتي مزيد بيان له. واما المورد الثاني وهو الرتبة العلمية فانها تتحقق بوصفين. احدهما العلم والاخر كبر الاتباع. فاما كبر العلم فهو سعة المعرفة بعلوم الشريعة. فتجد موصوفة بهذا طلعة واقفا على عيون العلم في الحديث والتفسير والفقه وما يتعلق هذه العلوم من علوم الية تخدمها. كما انه يضم الى كبر العلم كبر الاتباع بامتثال مقتضى العلم وليس مقتضى العلم هو العمل فقط. بل الشريعة جاءت للخبر عنه في غير موضع من القرآن كقوله تعالى وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه وكقوله تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا فلا يكون المرء باعتبار الرتبة العلمية معدودا من كبار العلماء حتى يجمع بين العلم وكبر الاتباع. فاذا نقص حظه من احدهما لم يكن له نصيب على التحقيق من هذه المرتبة العلمية وهي مرتبة كبار العلماء. والفرق بين الموردين المذكورين سابقا وهما الوظيفة السلطانية والرتبة علمية من وجوه اربعة اولها ان الوظيفة السلطانية مقيدة بزمان او مكان. واما المرتبة العلمية فليست مقيدة لشيء من ذلك فانه يصح باعتبار الوظيفة السلطانية ان تقول ان فلانا من هيئة كبار العلماء سابقا لكن لا ينكر باعتبار المرتبة العلمية ان يقال في احد هو من كبار العلماء انه يكون كذلك سابقا بل تحقق بوصف كبار العلماء بكبر العلم وكبر الاتباع فانه لا يرتفع عنه هذا اللقب. وثانيها ان الاول يعرف بطريق الحكم السلطاني ويعزل به فانه يكون معدودا كذلك او غير معدود باعتبار الحكم السلطاني. واما الثاني فانه لا يؤخذ بالطريق السلطاني. وانما يؤخذ بالحقيقة العلمية التي ذكرناها من كبر العلم وقبل الاتباع. وكذلك لا يعزل عنه هذا اللقب ما دام متصلا اذا بكبر العلم وكبر الاتباع. وثالثها ان الاول يختص بالسلطان فقط فهو الذي يعين في الوظيفة السلطانية احدا يوصف بانه من كبار العلماء واما المرتبة العلمية فالحكم بها ليست الى السلطان وانما الحكم بها الطرق التي يعرف فيها ان فلانا من كبار العلماء ام لا وسيأتي هذا في موضع مستقبل من الكلام. ورابعها ان الاول وهو الوظيفة السلطانية قد يوجد معها كبر العلم وكبر الاتباع وقد لا يوجد واما الثاني فلا بد من تحقق هذين الوصفين فيه. ولاجل هذا قد يعد احد بانه من كبار العلماء باعتبار المرتبة العلمية والوظيفة السلطانية وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء. وقد يعد احد ان انه من كبار العلماء باعتبار المرتبة السلطانية فقط. وقد يعد احد من كبار بانه من كبار العلماء باعتبار المرتبة العلمية فقط اذا تبين هذا فانه اذا اطلق في لسان اهل العلم الحث على اتباع كبار العلماء فالمراد به الموصوفون بكبر العلم والاتباع. ولو لم يكونوا منتظمين في ضمن تشكيل يسمى بهيئة بهيئة كبار العلماء فان هذا الاصل هو من اصول التلقي والدين عند اهل السنة والجماعة. وان المكتفي للشريعة يتبع الاكابر من العلماء. وهذا الكبر يرجع الى وصف كبر العلم وكبر الاتباع كما ذكرنا فحين اذ اذا وجد هذا الوصف مع الوظيفة السلطانية فهذا اكمل الاحوال لانه يقترن بكبر العلم وكبر الاتباع اختصاصه بالصلة بولي الامر وهذه الخصيصة لا توجد لاخرين من العلماء اي قد يشاركونه في كبر العلم وكبر الاتباع. وهذان الموردان للقب المذكور وهو كبار العلماء من كونه وظيفة سلطانية او مرتبة علمية قديمان جدا. والثاني اقدم من الاول فانه موجود في كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم ويشيرون اليه بقولهم كبراؤنا او قولهم اكابر بل يوجد ايضا الاشارة اليه باسم كبار العلماء. فهذا موجود في كلام المزن صاحب الشافعي وموجود في كلام ابي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك. واما اطلاق هذا اللقب باعتبار الوظيفة فكان موجودا بعد المئة السابعة. باسم شيخ الاسلام. ثم اشير اليه بعد ذلك باسم المشيخة الاسلامية ثم اشير اليه قبل نحو مئة سنة باسم كبار العلماء. فتشكلت اول هيئة تسمى بهيئة كبار العلماء في العالم الاسلامي في البلاد المصرية في سنة احدى عشرة وتسعمائة والف توافق تقريبا سنة ثلاثين وثلاثمائة والف. ثم بعد ذلك وجد هذا اللقب في تشكيلات الدولة في هذه البلاد فصار من ضمن تشكيلات الدولة ما يسمى بهيئة كبار العلماء ومما يحتاجه الناس كافة وطلاب العلم خاصة معرفة طرق الدلالة على كبار العلماء ويرجع ذلك الى ثلاث طرق جامعة. اولها الاستفاضة فيستفيض بين الناس عد فلان بانه من كبار العلماء. فتصير حاله كما يقال. لا تنتطح فيها عزان بان فلانا معدود من كبار العلماء فتجد الكبير والصغير والمتعلم والجاهل يتقاطرون على نسبته الى كبر العلم وانه معدود من كبار العلماء. والاستدلال بالاستفاضة من طرق الدلالة في احكام شرعية كثيرة منها هذا الموضع والطريق الثاني انه يوصف بذلك باعتبار اثاره الشاهدة بعالميته. فيكون له من الاثار في تعليما وافتاء واقتداء واتباعا وغير ذلك من الاحوال الدائرة في نفسه ما يدل على انه من كبار العلماء قطعا فمن وقف على تلك الاثار كالتعليم او التأليف او الافتاء او غير ذلك بان فلانا من كبار العلماء. وثالثها النص من معتد به بان ينص عالم معدود في كبار العلماء معتد بقوله بان فلانا من كبار العلماء فهذا مقيد بشرطين. احدهما ان يكون الواهب له هذا اللقب متحققا به. فانه لا يعرف مراتب فاهل العلم الا من كان معدودا فيها. والثاني ان يكون من معتد به لان من الناس من تكون له مسامحة في الالقاب فيطلقها في حق كل احد. ومن البلاد الاسلامية من يجري فيها اطلاق اسم العلامة على المبتدئين في طلب العلم اذا نجب احدهم وهم يقولون انهم يصفونه بذلك تفاؤلا بان يكون ممن يصل الى مبلغ العلامة فحين اذ لا يعتد بصدور هذا الا من عالم معتد به. وهذه الطرق الثلاث التي ذكرناها هي باعتبار المرتبة العلمية وهي المطلوبة شرعا فانه يعرف بان فلانا في كبار العلماء باعتبار الرتبة العلمية بهذه الطرق. واما معرفة كونه معدودا كذلك باعتبار الوظيفة فهذا سهل جدا. فانه يمكن للمرء النظر في مصادر حكم ولي الامر حتى يعرف بان فلانا هو ومن هيئة كبار العلماء ام ليس من هيئة كبار العلماء والشأن الاعظم هو في معرفة السبيل الاوفى في عد احد من كبار العلماء باعتبار الرتبة العلمية لانه امر دخله فساد باخرة. فصار من الناس من يدخل ما شاء في كبار العلماء. ويخرج من شاء من كبار العلماء وهذا الفساد الواقع في الناس منشأه من ثلاثة امور اولها نقص حال الحاكم بذلك. فانك تجد شابا لا تمييز له في معرفة مراتب اهل العلم يغلب على قلبه محبة احد من اهل العلم. فيصفه بانه من كبار العلماء. وربما انقضى عنه فلم يصفه بانه من كبار العلماء وان كان كذلك. فحال الناقص لا يمكن ان يعرف منها حال كامل فمن نقصت حاله لم يتمكن من الحكم على الكاملين فانه ربما عد الكامل ناقصا او عد الناقص كاملا. وثانيها اتباع الاهواء. فيقع في نفس احد موافقة لاحد لاجل او ان يجري بينهما فهو يعده من كبار العلماء باعتبار الموافقة في الهوى اما في بلده او طائفته او به وتجد ايضا اخر يحنك عليه في مقابلة هوى له فلا يعده من كبار العلماء وان كان كذلك. وثالث ملاحظة المصالح اي المنافع التي تصل الى احد يحكم بهذا. فمن الناس من اذا وصلته مصلحة تنفعه من احد اهل العلم قال انه من كبار العلماء. واذا اراد ان يصل الى منفعة عنده ولم يوفق الى الفوز بها سلبه اسم كبار العلماء وان كان حينئذ من اهله. وان مما تطمئن به القلوب العلم بان الالقاب الدينية توهب ولا تكسب. فهي مواهب الله لمن شاء من عباده. ولو اجتمع الناس على ان يعطوا احدا لقبا من الالقاب وهو لا يستحقه فان الله يسلبه ذلك اللقب. ولو اجتمع الناس على ان يمنعوا احدا لقبا يستحقه فانه لا يمكنهم ان ان يفعلوا ذلك. فان اصل العلم وهو هو اصطفاء واختيار من الله سبحانه وتعالى. والعلماء ورثة الانبياء. وان الله لا يجعل حكم ورثته عند وانما الحكم منه سبحانه وتعالى فله الحكم وهو العلي العظيم. اذا تبين لك ما تقدم مما ذكرناه مما يتعلق بلقب كبار العلماء كوظيفة سلطانية او مرتبة علمية فان المخصوصين ببيان مشاركتهم في حفظ الامن الفكري هم جماعة من اهل العلم جعل لهم ولي الامر هذا اللقب فسموا هيئة كبار العلماء. وقد وجدت هذه الهيئة كاحدى مؤسسات الدولة فان الدولة الاسلامية تفتقر الى من يشير على ولي الامر. وان من اكمل الناس اشارة على ورأيا هم العلماء. فلهم من المعرفة بالشريعة مع سلامة القصد وحسن النية ما ليس لغيرهم فبناء هذه الدولة لما كان على الشريعة الاسلامية نشأت منه الحاجة الى اقامة مؤسسة تسمى هيئة كبار العلماء فصدر الامر الملكي في الثامن من شهر رجب سنة احدى وتسعين وثلاث مئة والف تشكيل هيئة علمية تسمى هيئة كبار العلماء. تتكون من عدد من كبار المختصين في الشريعة الاسلامية يجري اختيارهم بالامر الملكي. وتتولى امرين احدهما ابداء الرأي في ما يحال من ولي الامر والاخر التوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير احكام عامة ليسترشد بها ولي الامر وهذا التكييف الصادر في الامر الملكي يحدد ملامح تتعلق ببيان حقيقة هيئة كبار العلماء والدوري المناضل بها. ويتضح ذلك في سبعة امور اولها انها هيئة علمية. فهي شكلت لتكون هيئة تتعلق ببيان العلم من اهل العلم الذين هم محله. ومن الخطأ الشائع اليوم تسميتها بالمؤسسة الدينية او باعلى المؤسسات الدينية في الدولة. فان مصطلح المؤسسة الدينية هو ومصطلح مقبول في الدولة العلمانية التي تقسم مؤسسات الدولة الى مؤسسات دينية وغير دينية واما في الدولة التي قامت على الشريعة فلا يوجد مصطلح مؤسسة مؤسسة دينية على واحدة من مؤسساتها الكل مؤسسات الدولة باعتبار الاصل الذي تقوم عليه هي مؤسسات دينية. ويسوغ ان يقال انها مؤسسة شرعية باعتبار تعلقها ببيان الاحكام الشرعية. لكن لا يصح ابدا ان يطلق عليها بان انها مؤسسة دينية. وثانيها انها مرتبطة بولي الامر. مما يعكس علو مرتبتها مقامها في مؤسسات الدولة. وثالثها انها تقوم بتقديم الرأي فيما يحال اليها من ولي الامر او تبادروا بالتوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير احكام عامة ورابعها انها لا تباشر الفتوى العامة للشؤون الخاصة بالجهات الحكومية او الشؤون الشخصية افراد فهذا مناط باللجنة الدائمة المتفرعة عن هذه الهيئة. وخامسها انها هيئة مستقلة اي تصدر قراراتها بالمشورة بين افرادها. ولا يملى عليها شيء من خارجها. ومعنى الاستقلال في الشرع هو عبودية العبد لله سبحانه وتعالى لا يكون في قلبه عبودية لاحد. فلا عبودية لحاكم ولا عبودية لمحكوم. ومن يتصور ان معنى الاستقلال ان يكون العالم بمنأى عن الصلة بولي الامر فهذا معنى حادث للاستقلال. لا يكاد يوجد اليوم فان ذلك العالم الذي يقبع بعيدا عن الصلة بولي الامر لا يخرج عن كونه معدودا فردا من افراد المواطنين الواقعين تحت حكمه السلطاني. ولذلك فان ما يسمى اليوم بهيئات افتاء او علماء لا تتبع لدولة لا صحة له. فانه لا يمكنها ان تمارس نشاطها في اي دولة من دول العالم الا ان من تلك الدولة ووفق انظمتها. وان خير الهيئات الهيئة التي تحظى باذنها من دولة مسلمة كهذه البلاد. ويمارس افرادها عملهم وفق الشريعة الاسلامية. وسادسها انها ليست جهة تنفيذية فهي جهة استشارية لولي الامر. وسابعها ان التوصيات والقرارات التي تنسب اليها هي التي تعرض على مجلسها ويتم اصدار القرار او البيان من اعضائها فلا يلحق به فلا يلحق بهم غير ذلك. فمثلا ما يصدر عن اللجنة الدائمة او عن الامانة العامة لهيئة كبار العلماء او عن واحد من اعضاء هيئة كبار العلماء لا يصح ان يقال ان هيئة كبار العلماء تقرر كذا وكذا فمثلا ما كان صادرا عن اللجنة الدائمة يعزى الى اللجنة الدائمة ولا يجعل لهيئة كبار العلماء. وكذلك ما يصدر عن العامة لهيئة كبار العلماء يعزى الى الامانة ولا يعزى الى هيئة كبار العلماء. وكذلك الصادر عن واحد من اعضاء هيئة جبال العلماء يعزى اليه وحده. فاذا عرفت هذا عرفت الخطأ العلمي والاعلامي المنتشرة اليوم عندما ينسب شيء مما يصدر مما ذكرنا الى هيئة العلماء وان الناظر في هذه الهيئة لابد له ان يلاحظ معرفة حق هذه الهيئة على الناس وحق الناس على هذه الهيئة. فاما هيئة كبار العلماء على الناس فينشأ من معرفة ان هؤلاء جماعة من العلماء الذين يجتهدون ولو كان اجتهادا جزئيا في مسألة للوقوف على حكم الله سبحانه وتعالى. وهذا يستدعي اقامة اصلين عظيمين. احدهما توقيرهم واعظام جنابهم. والاخر ترك منازعتهم والتشنيع عليهم. وهذان الاصلان من امرين احدهما وجود وصف العلم فيهم وان كان متفاوتا او قليلا في واحد منهم فوجود هذا وصف يستدعي توقيره ومعرفة قدره. والاخر انهم ممن فوض اليهم ولي الامر فهم مختارون بامر ملكي. فالتعرظ لهم هو من جملة منازعة ولي الامر وهو مندرج في حديث عوف بن مالك في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هل انتم تاركون لي امرائي وامراء صلى الله عليه وسلم هم الذين كان يجعل لهم امرا مباشرا في قيادة جيش او سرية او غير ذلك ومصطلح الامير على المعنى المتأخر هو مصطلح حادث لا تتعلق به الحقيقة الشرعية للامير. فالحقيقة الشرعية للامير هو من يجعل له ولي الامر امرا ينيبه فيه عن نفسه. ومن جملة هؤلاء اعضاء هيئة كبار العلماء فانهم منابون من ولي الامر فيما يتعلق ببيان ما يحال منه اليهم مع ما يرفعونه اليهم من المتعلقة بالاحكام الدينية في القضايا العامة. واذا واذا صبرت حال الناس اليوم وجدت كثيرا يفشوا بينهم يخل بهذين الاصلين المذكورين. فمن المظاهر التي توجد في الناس الاملاء على هيئة كبار العلماء فانت تجد فلانا وفلانا يتحدثان عن املاءات ينبغي ان تسلكها هيئة كبار العلماء. وانه يجب عليها ان تفعل كذا وكذا او ان تقول كذا وكذا. وهذا مما بتوقيرهم وترك منازعتهم وكذلك تجد من المظاهر الدعوة الى اسقاط مكانتهم مما سماه بعضهم بسلب القداسة. فمن الناس من يسعى لاسقاط مكانة هذه الهيئة. لان اسقاط العلماء اسقاط لما بعدهم فانه اذا سقطت القيمة المعنوية للعلماء في الامة سهل بعد ذلك اسقاط كثير من الحقائق الدينية. فهم جدار منيع وحصن محكم امام اشياء كثيرة. ومن تلك المظاهر ايضا التهم الجزافية التي يوزعها بعض الناس وهي على خلاف الواقع فتجد من الناس من يتهم الهيئة بانها احادية. مع ان قراراتها تصدر بالاغلبية فباعتبار غلبة الاصوات يصدر قرارها. كما ان لائحة سير العمل فيها تلتمس من المخالفين ان يكتبوا ويدونوا اقوالهم ووجهات نظرهم والادلة التي دعتهم الى المخالفة. فهي حينئذ ليس احادية الرأي باعتبار ما تتخذه من قراراتك. وكذلك اذا وقفت على ابحاث هيئة كبار العلماء رأيت ما فيها من النظر في المذاهب المتبوعة وسبل الادلة ووجوه الاستدلال بها على مسألة مما يرفع عنهم هذه التهمة بانهم احاديون في رأيهم. كذلك من التهم التي يذكرها بعض الناس انها هيئة مناطقية اي تختص بمنطقة واحدة وهذا ان كانوا يظنونه باعتبار محل مركزها ودار اقامتها فنعم. واما باعتبار اعضائها فانه خلال مدة هذه الهيئة وجد فيها اعضاء من كثير من مناطق المملكة فيها اعضاء من منطقة مكة المكرمة واعضاء من المدينة النبوية واعضاء من الرياض واعضاء من القصيم واعضاء من جازان واعضاء من ابهى مما يرفع وعنها تهمة المناطقية. ومن التهم التي يذكروها بعض الناس رميها بانها محدودة الاطلاع شحيحة المعاني وهذا من قصور معرفتهم بافرادها فان في افراد هذه الهيئة من يختص بمكتبات لا يشاركوه في اولئك المثقفون والمفكرون الذين يرمونهم بشحة المعارف. وكذلك لهم من كثرة رأى ما ليس لغيرهم. واحد اعضاء هذه الهيئة وهو الشيخ صالح بن محمد الحيدان حفظه الله. قرأ كتابا من الادب وهو بعيد التخصص عن عمل هذه الهيئة وهو كتاب الاغاني سبع مرات. فاذا كان واحد من اعضائها وقع هذا في كتاب ادب اكثر المتكلمين اليوم في الثقافة والفكر لم يقرؤه مرة واحدة عرفت ان من يلقي هذه التهمة لا يعرف حقائق اصحابها وان لهم من المعرفة بالثقافات المعاصرة من علم الاجتماع او علم النفس او غيرها ما ليس لكثير ممن يرمونهم بهذه التهمة. زد على بهذه التهمة زد على هذا ان لائحة عمل الهيئة استدعي وجود مختصين في القضايا الاقتصادية او القضايا الاجتماعية للاستناس برأيهم ربما كان واحدا او اكثر وبحسب ما تستدعيه الحال. فلا يمكن ان يبادروا بالحكم في شيء يتعلق بهذه القضايا دون الرجوع الى اولئك المختصين ومن التهم التي يروجها بعض الناس رمي هيئة كبار العلماء بانها مسيسة. وان كانوا يعنون بانها تتبع سياسة ولي الامر فهذا مما يندرج في جملة طاعة ولي الامر. فاذا كان لولي الامر سياسة في الداخل او في الخارج بالمعروف فان من تحيطهم هذه الولاية مأمورون بطاعة ولي الامر. وان كانوا يقصدون ان هؤلاء العلماء يقبلون ما يسمونه فرض السياسة. يعني الحاكم وانه يملي عليهم فهذا لا وجود له البتة. وهذا احد اقدم اعضاء هيئة كبار العلماء وهو الشيخ صالح بن محمد الحيدان وقد قاربت مدة وجوده الان في الهيئة ثمان واربعين سنة ذكر وهو صدوق اللسان بانه لا يذكر مرة واحدة انه قيل لهم في هيئة كبار العلماء ولا غيرها قولوا هكذا او اكتبوا هكذا. فمن يذكر بان الهيئة يقال لها قولي هكذا فتقول او اكتبي هكذا. فتقول عبر مجلس فهذا شيء كذب لا صحة له ابدا. ومن جملة التهم التي يروجها بعض الناس الزعم بانها مخترقة من احزاب محظورة وهذه الدعوة ان كان صاحبها صادقا فانه يجب عليه نصحا لولي الامر ان يرفع هذه البينات الى ولي الامر واذا رفعها الى ولي الامر فقد برئت ذمته. فلو استبان لولي الامر شيء ثم ترك الامر على ما هو وعليه فان ولي الامر يطاع. فان ولي الامر له من النظر في المصالح العامة للمسلمين ما ليس لاحد من الناس يجب على غيره طاعته وانما يؤول مثل هذا القول الى دعوتين مافرتين. احداهما الترويج للاحزاب المحظورة بان منهم فلانا وفلانا وفلانا وفلانا وفلانا وفلانا من هيئة اكبار العلماء. وحينئذ يقول العامي اذا كان هم من تلك الاحزاب فتلك الاحزاب على الحق. وتقابلها دعوة ماكرة اخرى تريد توهين مقام هيئة من كبار العلماء لاسقاطها في نفوس الناس. وعند ذلك تمرر الافكار السيئة والاعتقادات الباطلة بين الناس بدعوى ان هذه الهيئة ليست محلا لقبول ما يصدر منها من الكلام. ولاجل هذا عمد ولي الامر الى اصدار امر ملكي في الثالث عشر من ربيع الاخر سنة اثنتين وثلاثين واربعمئة واربعمائة واربعمائة والف بالتحذير من المساس بالنقد او الاساءة للمفتي العام او اعضاء هيئة كبار العلماء. واما حق على هيئة كبار العلماء فان لكبار العلماء من الصلة بولي الامر ما يجعلهم اجدر الناس بنصحه وانهم يجب عليهم ان يمتثلوا قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله رسوله ولائمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم. وهم يبذلون النصيحة لولي الامر وفق الطريقة الشرعية المرضية فهم لا يروجون امام الناس نصحهم لولي الامر ولا يتكلمون عنه. لان الطريقة النافعة في النصيحة هي التي ساروا عليها تباعا للسلف من مخاطبة ولي الامر بينه وبينهم وعدم اطلاع الناس على ذلك. وهم كذلك يحرصون على تقريب الناس الى ولي الامر وتذكيره برحمته برحمتهم والعطف عليهم وملاحظتهم بالرعاية اذا تقرر هذا فان هذه الهيئة وهي هيئة كبار العلماء كانت لها مشاركة بارزة في حفظ الامن الفكري عبر الدعوة الى اصول كثيرة. نشرت في بيانات خلال عشرين سنة من سنة اثنتي عشرة واربعمئة الى يومنا هذا. وشارك في صياغتها كثير من العلماء منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا فمنهم شيخنا عبد العزيز ابن عبد الله ابن باز والشيخ محمد ابن صالح ابن عثيمين والشيخ صالح بن عبدالرحمن الاطرم والشيخ صالح بن فوزان الفوزان والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان والشيخ صالح بن غصون والشيخ صالح بن محمد بن حيدان رحمه الله الميت وحفظ الحي واخرون غيرهم. شاركوا في صياغة جملة من الاصول التي تعين على حفظ الامن الفكري فالاصل الاول الدعوة الى التمسك بالدين القويم والسير فيه على الصراط المستقيم المبني على الكتاب والسنة وفق فهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم باحسان. وهذه الاصول التي اذكرها يكاد بنص الالفاظ الواردة في بياناتهم. وهذا الاصل الذي دعوا اليه هو تصديق قوله تعالى وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله والاصل الثاني التأكيد على وجوب الالتفاف حول قيادة هذه البلاد وعلمائها. ويزداد الامر تأكدا في اوقات الفتن ويصدق هذا قوله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا سبحانه وتعالى امر المؤمنين اذا وقع شيء يتعلق بالامن او الخوف ان يردوه الى الرسول صلى الله عليه وسلم اليه حيا والى سنته صلى الله عليه وسلم ميتا. ويردونه ايضا الى اولي الامر اي اصحاب الشأن. والشأن في هذه الامة يدور على الحكم والفتيا. فالحكم للامراء والفتيا للعلماء. والاصل الثالث تقرير ان دين الاسلام جاء بالامر بالاجتماع. واوجب الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه. وحرم التفرق. وقد علم من الدين بالضرورة وجوب لزوم الجماعة. ويصدق هذا قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا في تفسير في جماعة من السلف ذكروا ان حبل الله هنا هو الجماعة. والايات والاحاديث في هذا المعنى كثيرة. والاصل الثالث الحث على طاعة من تولى امامة المسلمين في المعروف. فان الله عز وجل قال يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فيجب على العبد ان يطيع ولي ولي الامر الذي ولاه الله سبحانه وتعالى علينا في المعروف والاصل الثالث والاصل الخامس بيان حرمة الاعتداء على الانفس المعصومة من المسلمين معاهدين من الكفار واموالهم ايضا فان الله سبحانه وتعالى قال ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما. وفي صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة. وهذا يبين بشاعة الاعتداء على ما عصم من نفس او ما له والاصل السادس التغليظ في تحريم هتك حرمات الدين في الانفس والاموال والامن لان الله سبحانه وتعالى حرم المؤمنين بعضهم على بعض. وفي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. والاصل السابع ان هذه الاعمال الاجرامية التي يفعلها بعض الناس من التفجير والقتل وغير ذلك تتضمن انواع ان من المحرمات في الاسلام بالضرورة من غدر وخيانة وبغي واجرام وترويع للمسلمين وغيرهم وكل هذه منكرات يأباها الله ويبغضها ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون فان الله سبحانه وتعالى قال ان الله لا يحب الخائنين. وقال تعالى ان الله لا يحب المعتدين. وقال تعالى ان الله لا يحب من كان خوانا اثيما. والاصل الثامن رد زعم من زعم ان تلك التخريبات وما يراد بها من تفجير وتقتيل من الجهاد فليست من الجهاد في سبيل الله في شيء وانما هي من الافساد والتخريب والضلال المبين. وعلى الناس تقوى الله سبحانه وتعالى. ومن وقع فيها يجب عليه الرجوع عنها وعدم الانسياق وراء عبارات وشعارات فاسدة ترفع لتفريق الامة وحملها على الفساد وهي ليست من الدين حقيقة. فلهؤلاء حظ من قوله تعالى وغرهم في دينهم ما كانوا يفتروا وقوله تعالى افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا والاصل التاسع التعريف بان من ثبت شرعا انه قام بعمل من اعمال التخريب والافساد في التي تزعزع الامن بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة والعامة كنسف المساكن او المساجد او المدارس او المستشفيات او المصانع او الجسور او مخازن الاسلحة او المياه او الموارد العامة كنابيب البترول والطائرات مسفها وخطفها ونحو ذلك فان عقوبته القتل فان الله سبحانه وتعالى حرم الافساد في الارض اشد وتلك المظاهر المذكورة المعدودة في كلامهم هي من جملة الافساد في الارض. والامر كما قالوا لان خطر هؤلاء الذين يقومون بالاعمال التخريبية وضررهم اشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله او يأخذ ماله وقد حكم الله عليه بما ذكر في اية الحرابة والاصل العاشر الاعلان بان الاسلام بريء من هذه الاعمال. وان كل مسلم يؤمن بالله واليوم الاخر بريء منه وانما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل اثمه وجرمه فلا يحسب عمله على الاسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الاسلام المعتصمين بالكتاب والسنة والمتمسكين بحبل الله متين وانما هو محض افساد واجرام تأباه الشريعة والفطرة. ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة تحريمه محذرة من مصاحبة اهله. فاولئك الذين ينسبون هذه الاعمال الى الاسلام هم كالذين ذكرهم الله عز وجل في قوله ويقولون هو من عند الله وليس هو من عند الله. ويقولون هو من عند الله ها وما هو وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. وقال تعالى ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون والاصل الحادي عشر التحذير من مكائد الشيطان فانه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك اما بالغلو في الدين واما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله. والشيطان لا يبالي بايهما من العبد لان كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن. وقد قال الله عز وجل ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين. والاصل الثالث عشر تأييد ما تقوم به الدولة من تتبع تلك الفئة الضالة والكشف عنهم للوقاية البلاد والعباد شرهم ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين وحماية بيضتهم ويصدقوا هذا ان ارحم الخلق بالخلق وهو محمد صلى الله عليه وسلم لما ذكر الخوارج في حديث في الصحيح قال لئن لقيته لئن لقيتهم لاقتلنهم قتل عاد. وذلك لعظم شرهم وان شرهم لا يدفع عن المسلمين الا بمثل هذا. والاصل الثالث عشر وصية جميع المسلمين ان يتعاونوا في القضاء على هذه المظاهر المظاهر الخطيرة لان ذلك من التعاون على البر والتقوى. وقد قال الله عز وجل وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله من اوى محدثا. وممن في اسم المحدث من يسعى في الفساد في الارض. والاصل الثالثة عشر او الرابع عشر الرابعة عشر التحذير من تسلط الاعداء على الامة الاسلامية. وان الاعداء يفرحون بالذرائع التي تسوغ لهم اذلال المسلمين واستغلال خيراتهم. فمن اعانهم على مقصدهم فقد اعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم. وقد قال الله عز وجل ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا والاصل الخامس عشر بيان خطورة التكفير والتحذير من التساهل في اطلاقه كما ان التحليل والتحريم والاجابة حكم الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فكذلك التكفير ليس كل من وصف بالكفر من قول وعمل يكون مخرجا لصاحبه من الملة الاسلامية فمن تجرأ على هذا يردعه قوله تعالى ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام فينهى العبد عن قول حلال او حرام في شيء من من الاشياء فكيف اذا كان الامر اعظم من ذلك وهو الحكم على احد من الخلق بانه قد خرج من ملة الاسلام وصار كافرا مرتدا. والاصل السادس عشر التأكيد ان التكفير في ولاة الامر اشد لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح واشاعة الفضل والفوضى وسفك الدماء وافساد البلاد والعباد. ولهذا شدد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الامر وقال الا ان تروا كفرا بواحا في عندكم عندكم فيه من الله برهان وكل هذه قيود تبين ثقل الامر. قالوا فقوله صلى الله عليه وسلم الا ان تروا اي انه لا يكفي مجرد الظن والاشاعة وافاد قوله كفر انه لا يكفي الفسوق ولو كان كبيرا كالظلم وشرب الخمر ولعب ولعب القمار وافاد قوله بواحا انه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح اي صريح ظاهر. وافاد قوله عندكم فيه من الله برهان انه لابد من دليل صريح بحيث يكون صحيح الثبوت صريح الدلالة فلا يكفي ضعيف السند ولا غامض الدلالة. وافاد قوله من الله انه لا عبرة بقول احد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والامانة اذا لم يكن لقوله دليل صريح من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لما انتهى كلامهم وهو بيان مفيد في معنى هذا الحديث. والاصل السابع عشر احسان الظن بالعلماء تلقي عنهم والحيلولة دون مكائد الاعداء في الفصل بين شباب الامة وعلمائها وحكامها. فانه لا سبيل الى معرفة الدين الا بالتلقي عن اهله. ولو اراد احد ان يقصد الى الكتب ليستخرج منها دينه لم يكن صراطا سويا فان هذه كتب اهل الكتاب كانت بين ايديهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا ولم تكن هدية لهم فالناس مفتقرون الى العلماء الذين يدلونهم ويرشدونهم الى حكم الله. فصار اصل تلقي الدين بالاخذ عن علماء وهو الوارد في الحديث الذي رواه ابو داوود عن عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم ولا يمكن ان يكون هذا التلقي صحيحا ذا بركة ما لم يقرن باحسان الظن بالعلماء. بل احسان الظن بالله سبحانه وتعالى فان من سوء الظن بالله ما يقع في قلوب بعظ الناس ان الله يحفظ بمن ليس امينا على حفظه. فان هذا من جملة سوء الظن بالله سبحانه وتعالى. والاصل الثامن عشر استنكار ما يصدر من فتاوى واراء تسوغ هذا الاجرام او تشجع عليه. لكونه من اخطر الامور واشنعها. وقد عظم الله شأن الفتوى بغير علم وحذر عباده منها. وبين ان هذا من امر الشيطان والاصل التاسع عشر ان من صدر منه مثل هذه الفتاوى او الاراء التي تسوغ هذا الاجرام فان على ولي الامر امري احالته الى القضاء ليجري فيه ونحوه ما يقتضيه حكم القضاء نصحا للامة وابراء للذمة وحماية للدين والاصل التاسع عشر او الاصل العشرون ان من اهم الواجبات على من اتاه الله العلم التحذير من الاقاويل الباطلة وبيان فسادها وكشف زورها فهو من تمام النصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولائمة المسلمين وعامتهم. وهذا التحذير مناط بالعلماء الراسخين الذين يلاحظون احكام الشريعة وانظمة ولي الامر. فان باب التحذير في بيان اهل الضلالة فرقوا فيه بين دولة البدعة ودولة السنة. فلا تجري الاحكام التي جرت في دولة البدعة كدولة العباسية في عهد الامام احمد على الاحكام التي تجري في دولة السنة في المملكة العربية السعودية. وكان هذا الاصل قائما وفق السنة في دولة بني امية لما وقع ما وقع من عمر ابن عبد العزيز مع غيلان مع خالد القصري في في في مع الجهم في عهد خالد القصري وهو في عهد الامويين. فمن الخطأ الواقع اليوم عدم التفريق بين هذا الاصل في امتثال في دولة السنة ودولة البدعة وعدم ملاحظة انظمة ولي الامر التي تحدد هذا. وقد يقبل ولي الامر امري شيئا يتعلق بهذه الانظمة من احد من العلماء الذين يثق بعلمهم وامانتهم لكنه لا يقبله من غيرهم فان كان يقبل ان يقول مثلا الشيخ ابن باز رحمه الله شيئا من هذا في فلان بعينيه. لانه اذا رفع التظلم الى ولي الامر ثم بين لولي الامر ان القائل هو الشيخ ابن باز كان الجواب ان هذا الرجل نعرف دينه وامانته ونثق بقوله فليس محلا للتهم وانما محل التهمة هو الذي قيل فيه هذا الكلام. ثم فسد هذا الاصل باخر فصار الناس يتكلمون باهوائهم وارائهم ورغباتهم وعلى قدر ما يقدرونه من قبض صدورهم او انفساحها وهذا امر خطير وقد ذكر ابن دقيق العيد ان اعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف عليها الامراء والعلماء فيجب على الانسان ان يترسم الطريقة الشرعية والمسالك المرعية شرعا ونظاما كي ينتفع المسلمون بما يصدر منه في ذلك. لا ان يسمى ناصر السنة. فناصر السنة هو الذي ينصر السنة وفق السنة. وقد يقوم انسان بنص السنة على غير السنة. وما دامت هذه البلاد محفوظة بحمد الله بعلماء يثق فيهم الناس. يوجد فيهم وصف العلم وكبر الاتباع فان من براءة الذمة وكل ذلك اليهم. وان ذمة الانسان تسلم وكل هذا الامر اليهم ورفعه طالبا منهم النصيحة للمسلمين. والاصل الحادي والعشرون ان على ولي الامر منع الذين يتجرأون على الدين والعلماء ويزينون للناس التساهل في امور الدين والجراءة عليه وعلى اهله ويربطون يربطون بينما وقع وبين التدين. وان من وان ما تصدر من بعض الكتاب من ربط هذه الاعمال التخريبية بالمناهج التعليمية او استغلال هذه الاحداث للنيل من اصول هذه الدولة المباركة القائمة على عقيدة السلف الصالح والنيل من الدعوة الاصلاحية التي اقامها شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب كل ذلك من مسالك الضلال والافساد التي ينبغي منعها. والاصل الثاني والعشرون التحذير من نزغ السوء ومسالك الجنوح الفكري والفساد العقدي والتوجه المردي. فان النفس امارة بالسوء اذا ارخي لها العناء ذهبت كل مذهب في الردى والسوء. والاصل الثالث والعشرون العناية بالعلم الشرعي. المؤصل من الكتاب والسنة وفق نهج سلف الامة نشرا له في المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الاعلام لانه حصن عظيم من الوقوع في الفتن. والاصل الرابع والعشرون وجوب تربية النشء والشباب على هذا المنهج القويم والصراط المستقيم. حتى ايسلم بتوفيق من الله من التيارات الفاسدة ومن تأثير دعاة الضلالة والفتنة والفرقة وحتى ينفع الله بهم امة الاسلام ويكون من حملة العلم ووسط الانبياء واهل خير وبر وصلاح وهدى. والاصل الخامس والعشرون العناية بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق فان الحاجة بل الضرورة داعية الى الان داعية اليه الان اكثر من اي وقت مضى قد قال الله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتناصح بينهم والتعاون على البر والتقوى والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والاصل السادس والعشرون تذكير الجميع من الحكام والمحكومين. بسوء عاقبة المعاصي التساهل في امر الله عز وجل فان شأن المعاصي خطير. وان الله سبحانه وتعالى يؤاخذ الناس بذنوبهم. قال تعالى مع خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارا. وقال تعالى او لما صابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها؟ قلتم انى هذا قل هو من عند انفسكم وليستقيموا على امر الله ويقيموا شعائر دينهم ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وعلى المسلمين تقوى الله في والاعلان والتوبة الصادقة الناصحة من جميع الذنوب فانه ما نزل بلاء الا بذنب ولا رفع الا بتوبة. فهذه جملة من الاصول المتعلقة بحفظ الامن الفكري بلغت بضعا وعشرين بضعة وعشرين اصلا كلها مما يبين ان اشاعة هذه الاصول والعمل بها واقامتها والدعوة اليها مما يحفظ به الامن الفكري وان العلماء كانت لهم مشاركة في التعريف بهذه الاصول والارشاد اليها. اللهم احفظنا بالاسلام قائمين واحفظنا بالاسلام قاعدين واحفظنا بالاسلام نائمين. اللهم احفظ على هذه البلاد دينها ودنياها وايمانها وامنها اللهم وفق ولاتها للعمل بشريعتك ولاقتداء بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم العبد ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين. واذكر بانه غدا بعد الفجر وبعد العصر سيكون في هذا المكان شرح كتاب الداعي الى خير وسيتم توزيع هذا الكتاب في حلقة في حلقة الدرس والله الموفق الخيرات والحمد لله اولا واخرا