السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى على ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فان الله سبحانه وتعالى امتن علينا ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم. فبعثه الينا بشيرا ونذيرا. وداعيا الى الله باذنه فهدى الله به القلوب والف بينها وارشدها الى مصالحها الجامعة في الدنيا والاخرة اخيرة من العاجل والاجل. وان الله سبحانه وتعالى ادخر لهذه الامة ما لم يكن لغيرها من نور الوحي وهدايته. فانه انزل على محمد صلى الله عليه وسلم افضل كتبه وهو قرآن وجعل له صلى الله عليه وسلم اكمل دينه وهو الاسلام. فاجتمع فيما انزل من كلام الله وفيما اوتي النبي صلى الله عليه وسلم من كمال الدين نور الوحيد كان الذي يهدى به الناس. وهذه النورانية الموجودة في الوحي هي التي يشار اليها بالعلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم جاء الينا باعظم العلم من كلام الله وكلامه صلى الله عليه وسلم وارشد الى ان من علامات ارادة الله بعبده الخير ان يوفقه الى هذا. ففي الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. اي فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. والدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مرده الى القرآن سنته صلى الله عليه وسلم. فجاء الينا بهذا الدين. فمن اخذه وعمل به صار له اسم الفقه في الدين وصار ممن يريد الله به الخير. فان اسم الفقه لا يختص بمجرد العلم بل لا بد من اقترانه بالعمل وقد نقل ابن القيم في مفتاح دار السعادة اجماع السلف على ان اسم الفقه لا يكون الا مع العلم عمل فاذا هدي العبد الى العلم بالدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة ثم عمل به صار فقيها في الدين. فان مراتب ادراك خطاب الشرع ثلاث اولها العلم وهو ادراك خطاب الشرع وتانيها الفقه وهو ادراك خطاب الشرع والعمل به. وثالثها التأويل وهو ادراك خطاب الشرع والعمل به مع معرفة مآلات الامور. ذكر هذا ابن القيم في مفتاح دار السعادة وابن سعدي في مجموع الفوائد. وامرنا بان نلتمس العلم. فالايات والاحاديث في فضل العلم والحث عليه والامن به كثيرة حتى صار الامر بطلب العلم من قطعيات الشريعة واذا تصفحت ما ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة من الادلة الذاكرة فضل العلم والحث على طلبه الفيته ذكر مئينا من الادلة. ترشد الى هذا وتأمر به. فصار من مطالب النفوس الزكية كاملة التماس العلم لان العلم يوصلك الى معرفة الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فنحن اليوم الذين نوجد بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم باكثر من الف واربعمائة السنة اذا اردنا ان نعرف ما جاء به كان سبيل ذلك هو العلم. والوصول الى العلم يقع بعملية تسمى التعلم. وهذه العملية مشتركة بين الامم قاطبة. مؤمنيها وكافريها وبريها فانه لا يمكن ادراك ما يراد من الخطاب الا بالتعلم. وهذا البناء في كلام العرب موضوع لما فيه كلفة ومشقة وبذل جهد. قال شيخ شيوخنا الكوهي في نظم البناء ورابع الابواب تكلف نحو تعلمت وجئت مقتفي. اي ان قولنا تعلمت وهو التعلم. او تكلمت وهو او تحلمت وهو التحلم يكون مقرونا ببذل العبد جهدا يصل به الى مطلوبه. فلا علم الا لا بالتعلم وقد روي مرفوعا انما العلم بالتعلم واسانيده ضعيفة من حديث جماعة من صحابته عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي موقوفا من كلام عبد الله ابن مسعود وابي الدرداء عند احمد في الزهد ووكع ابن الجراح في الزهد وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله. وهو اصل قطعي لا يحتاج فيه الى نص قاص ومن هنا قال السابق للبربري قد قيل قبلي في الكلام الاقدم. اني وجدت العلم بالتعلم. اي صار من التي يتفق عليها اولو العقول ان العلم يدرك بالتعلم. فاذا اردت ان تصل الى مطلوبك في معرفة شيء ما فلابد من حصول التعلم منك بان تلتمس اولى اليه. ولما كان الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مرده الى الكتاب والسنة صار التعلم المطلوب منا لتحصيل تلك الكمالات هو تعلم الكتاب والسنة. وكان ابتداء تعلم الكتاب والسنة بالتلقين والنقل بالمشابهة. فان النبي صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن كذلك. فقيل له فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانا. فكان جبريل يقرأ ثم يقرأ وعليه النبي صلى الله عليه وسلم فنقل الينا كلام الله بسماع جبريل من ربه عز وجل وتبليغه محمدا صلى الله عليه سلم وسمعه محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل مشافهة ثم نقله الينا. وكذلك وقع في السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بها قولا او يفعلها فعلا ثم ينقلها اصحابه رضي الله عنهم عنه على تلك الحال وهو صلى الله عليه وسلم ارشدهم الى ملاحظة هذا بان يتلقوا عنه الدين على هذه الصفة وفي الصحيحين واللفظ للبخاري واصله عند مسلم وحده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا كما رأيتموني اصلي من حديث ما لك ابن الحويف وفي صحيح مسلم من حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لتأخذوا اني مناسككم فكان حصول التعلم في نقل العلم في ابتدائه في هذه الامة كان بالمشافهة والسماع وصارت هذه سمة لنقل العلم في طبقات الامة. ثم حدث من اوعية العلم كالكتاب ما صار الناس ينقلون به العلم بينهم. فمن اراد ان يتعلم الدين النبي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد من بذل جهد في طلب معرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما الى الكتاب والسنة. ثم لما قيدت الكتب وصارت من اوعية نقل العلم شهر ما يسمى بالمتون وهذه المتون سواء كانت مختصرة او متوسطة او مطولة هي جامعة لعيون ما ينبغي واصوله في علم من العلوم. فصار الناس يقبلون عليه لاخذ هذا العلم منها ويتلقونه عن الاشياخ. وحقيقة هذه المتون هي نظير ما يسمى اليوم في العرف العلمي بالمقررات فهي اشبه ما تكون بمقررات في الاعتقاد او في التفسير او في الحديث او في الفقه. وهذه مقررات صار يشار الى مضمونها بقولهم مفردات المكرر. فمثلا قد تجد مقررا في علم الاعتقاد كالعقيدة الواسطية يمكنك ان تشير الى مفرداته بان مصنفه رحمه الله جعله ثلاث وحدات تعليمية فالقسم الاول في اركان الايمان. والقسم الثاني في اصول السنة. والقسم الثالث في طريق تلقي وهذه الوحدات الثلاث هي التي يشار اليها بقولهم مفردات المقرر وهذا العرف السائد واصوله قديمة مما يوجد في مضامين الكتب التي يسمونها المقررات وينشرون هنا اليها بمفردات التعلم اعلى منه النظر في مضامين الخطاب الشرعي من القرآن والسنة ثم ما جاء عن سلف الامة مما دعوا فيه الى التعلم. فانت مثلا في مرحلة ما من دراسات تتضمن المقررات التي تتضمن المقررات التي تدرسها مفردات من التعلم هي كيت وكيت لن تستكمل هذا المقرر حتى تأتي عليها. وكذلك يوجد في الخطاب الشرعي وفي كلام السلف مضامين مما يشار اليه بالتعلم. هو اعلى ما يطلب من مفردات التعلم. وان لم يكن منصوصا عليه في مغرر ما لكنه خلاصة مجموع من الادلة الشرعية والنظر الفاحص فيما ينبغي ان يتعلم. وهذا يشيرون اليه غالبا بقولهم تعلموا كذا وكذا. او تعلم كذا وكذا. او تعلم كذا وكذا فهذه المفردات من التعلم هي اعلى ما ينبغي الاعتناء به. وهذه المفردات لها موارد مختلفة فيمكن ان تستنبط من هذه المفردات ما يتعلق بالة الفهم ويمكن ان منها ما يتعلق باصلاح الحياة الاجتماعية. ويمكن ان تستخرج منها ما يتعلق بتزكية النفس. ويمكن ايضا وهو محل العناية اليوم ان تستنبط منها ما يتعلق بحفظ الامن الفكري. والمراد بالامن الفكري هو طمأنينة حركة العقل. فان العقل له حركة يشار اليها باسم الفكر. وان اختلفت عبارات المتكلمين في العلوم العقلية في الاشارة الى حقيقة الفكر الا ان مجموع ما ذكروه من الكلام يدور حول حركة العقل حركة العقل تسمى فكرا. وهذه الحركة تفتقر الى اصلين. احدهما ما يرعاها ويقويها وينميها والاخر ما يحفظها مما يفسدها. والشريعة جاءت بهذا وهذا. فمثلا قول الله سبحانه وتعالى قل سيروا في الارض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين. ففي هذه الاية الامر بالنظر لما يثمره من ضبط حركة العقل فيما يقويه وينميه. ويقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام من عمل الشيطان فاجتنبوه. فهذه الاية فيها النهي عن الخمر لما يثمره من فساد العقل واختلال واضطرابه فانت مأمور في صيانة عقلك بامداده بما يقويه وحفظه مما يفسده ويغويه فان حركة العقل اذا كانت ضعيفة اضرت وكذلك اذا كانت مختلة مضطربة اضرت فلا بد ان تراعي حفظ عقلك. ومن هنا جعل علماء الشريعة من مقاصد الشرع الضرورية حفظ العقد ومن مفردات حفظ العقل حفظ امنه الفكري على الوجه الذي ذكرناه موجزا بما يناسب المقام. ومن المعارج الموصلة الى حفظ العقل تلمس مفردات التعلم الموجودة في الخطاب الشرعي السلف فانها توسع مدارك العقل وتقويه وتحفظه من غوائل مفسدة اخترت ان يكون حديثنا اليوم هو حديث عن حفظ الامن الفكري عبر مفردات التعلم التي ارشد اليها من سبق. سواء ممن انتظم في السنة النبوية او في كلام السلف رحمهم الله. وتلك مفردات طويلة الذيل والمقام لا يتسع لاستيعابها. لكن فيما اذكره مد الابصار الى طلب ما بقي النظر فيه والتماس ما فيه من انواع العلوم والمدارك التي لا تختص كما سبق ذكره بباب حفظ الامن الفكري لكننا اجتذبنا منه هذه القبسة بما يناسب المقام فالمفردة الاولى العلم فالمفردة الاولى العلم. وهو ادراك خطاب الشرع. وهو ادراك خطاب الشرع. وقد جاء عن جماعة من الصحابة الامر بهذا. فقال عمر بن الخطاب تعلموا العلم. رواه الاجر في اخلاق حملة القرآن. وجاء هذا ايضا عن عبد الله ابن مسعود وابي الدرداء الانصاري ومعاذ ابن جبل رضي الله عنهم وهذا الامر بتعلم العلم هو امر كما تقدم بادراك خطاب الشرع. فمن مفردات التعلم التي بها تعلم العلم. لان الجهل كما يقال ظلام. واذا القي هذا الظلام على العقل اضعفه وربما افسده فلا يخرج من هذه الظلمة الا بتعلم العلم. فاذا صار المرء مكتسبا للعلم فان عقل حينئذ يأبى ظلمة الجهل التي تؤدي الى اختلال امن فكره. وكثير من مظاهر الاختلال الامني الفكري ناشئة من الجهل. فلا رفع لها الا بالعلم. فالمرء اذا تعلم امكنه ان يدفع كل شيء يفسد دينه وعقله. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة حال العالم مع الشبه وان جيش الشبهات اذا ورد على قلبه ردها خائبة واحدة واحدة. وهذا الشبهات لم يمكنه الا بالعلم. فلما كان عنده علم امكنه ان يدفع هذه الشبهات. فاذا خلا القلب من العلم توسطته هذه الشبهات وربما اهلكته. فامرهم رضي الله عنهم بقولهم تعلموا العلم ارشاد الى طلبه لما يتمره من منافع كثيرة من جملتها تحصيل حفظ الامن الفكري على الوجه الذي ذكرنا والمفردة الثانية الاسلام. قال ابو العارية الرياحي رحمه الله وهو احد متابعين تعلموا الاسلام. قال تعلموا الاسلام. رواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة. وهذا الامر بتعلم الاسلام امر الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من حقيقة الاستسلام لله بالتوحيد واذا استسلم العبد لله بالتوحيد اعانه ذلك على حفظ امن فكره. لان المستسلم لله لا يرى لاحد من الخلق عبودية عليه. فعبوديته الكاملة هي لله عز وجل وهو يعلم انه اذا اراد ان يتصرف في الملك فالملك ملك الله والحكم حكم الله فينبغي ان يكون تصرفه موافقا لحقيقة عبوديته لله التي هي الاستسلام له وهذا محض الاسلام. فيمنعه الاستسلام لله من ان يكون عقله رقا لاحد من الخلق يلقي اليه شيئا من الافكار او يوهن قواه فهو يستمد من عبوديته لله قوته التي تدله على الخير وتمنعه عن الشر وصار لاجل هذا ان اعظم المقامات التي يدرك بها العبد خير الدنيا والاخرة هي عبوديته لله واستقامته على دينه وبها يحصل الكرامة الكبرى. قال ابن تيمية الحفيد اعظم الكرامة لزوم الاستقامة. فلا يكرم العبد بشيء اعظما من ان يستقيم لله على الدين الذي الله سبحانه وتعالى والمفردة الثالثة الايمان قال جند ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة اي يافعين يقاربون الحلم. فتعلمنا الايمان قبل ان نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا ايمانا. رواه ابن ماجة والبيهقي في شعب الايمان وزاد انكم اليوم تتعلمون القرآن قبل الايمان. وهذا اثر عظيم اوسع من تعلقه حفظ الامن الفكري فانه يبين ان حقيقة الانتفاع بمعارف الدين مبدأها في كمال الاقبال على الله سبحانه وتعالى والتصديق بامره والاستسلام بحكمه والرغبة فيما عنده والرهبة من عقوبته ونقمته فاذا وجد هذا المعنى في القول في القلب قوي القلب على تلقي ما يلقى اليه من الحقائق الدينية هو اعظمها القرآن الكريم. فذاك الذي يقرأ القرآن من غير وجود معنى الايمان بتعظيم هذا القرآن والرغبة فيه والفرح بانه كلام الله عز وجل وانه بقي معنا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤنس من لذة القرآن ما ينسها ذاك الذي يستحضر هذا المعنى. وكذلك في حفظ الامن الفكري عندما يعلم العبد انه في هذه الدنيا ينبغي ان يكون مؤمنا بالله ويجعل جميع حركاته الباطنة والظاهرة هي لله سبحانه وتعالى وانه يرجو رحمته ويخاف عذابه ولا يزال يحوط قلبه ويحرصه مما يفسده ويغويه او يخشى ان يترك شيئا مما ينتفع به قلبه ويقوى عليه اذا وجد هذا المعنى استقام فكر الانسان وحفظ ولم يمكن لاحد ان يلقي اليه من غوائل العقل ما يفسده لانه يعلم ان حقيقة الحال التي ينبغي ان يكون عليها تصديقه بالله فورانه مع احكامه باطنا وظاهرا. فيورثها هذا الايمان فيورثه هذا الايمان كمال الحال. ومن اعظمه كمال العقل ولذلك يوجد كمال العقل مع كمال الايمان. فاذا وجد كمال الايمان فصاحبه احرى الناس بان يكون كامل العقل واذا نقص ايمان العبد نقص عقل العبد فتتسلل اليه المفسدات او يضيع شيئا من مقويات عقله فيرجع عليه لذلك بالنقص في العاجل او في الاجل والمفردة الثالثة القرآن. والمفردة الرابعة القرآن. وقد جاء في مسند احمد باسناد حسن من حديث عبدالرحمن ابن شبل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا القرآن وجاهد من جماعة من الصحابة مع اختلاف سياق المتون لكن اصلها ومقدمها الامر بتعلم القرآن وهو كتاب الله الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم. وتعلم القرآن يثمر حفظ الامن الفكري. لان القرآن كتاب هداية فانت تقرأ في اول المصحف بعد الفاتحة الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين فالقرآن كتاب هداية وهذه الهداية لا تنحصر في باب من الابواب او نوع من الانواع العلمية او العملية بل هي هداية عامة تستوعب جميع ما يحتاجه الناس وهذا انشأ عند المدركين لحقيقة القرآن الاستغناء به. فصنفوا فيه الاستغناء بالقرآن او بوبوا على ذلك ومن من بوب على ذلك امام الدعوة في كتابه فضل الاسلام. وممن صنف فيه ابو الفرج ابن رجب فله كتاب نافع في الاستغناء بالقرآن لكنه لا يوجد اليوم وانما يوجد له مختصرات حقق احدها في الجامعة الاسلامية وهو مختصر لابن عبدالهادي صغير المعروف بابن المبرد فانه صنف كتابا في اختصار كتاب ابي الفرج ابن رجب. يوقف المرء على حقيقة الاستغناء بالقرآن ومن جملة ذلك حصول الاستغناء به بحفظ الامن الفكري. فالعبد اذا اقبل على القرآن وتعلم القرآن جعل القرآن كتاب هداية الله لم يمكن لمفسدات العقل ان تعرض له لان الهداية التي يستمدها من القرآن تدفع تلك الغوائل. فالقرآن بمنزلة الشمس. وتلك الغوائل بمنزلة ما يضر من الحشرات واذا طلعت عليها الشمس قتلتها. فكذلك اذا طلعت شمس الهداية القرآنية على القلب اخذته من كل ما تفسده وامدته بكل ما يقويه ومن هنا علم ان القرآن هو اصل العلم والخير. وقد اشهد ابن عباس جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجالي فالذي يقرأ القرآن ويتعلم ويتعلمه ناظرا اليه كونه كتاب هداية ينتفع به في ابواب كثيرة ومن جملتها ما يسمى بالامن الفكري يتمر القرآن فيه حفظ عقله من الاختلال. واذا ادمن القرآن ولزمه صار عقله مستقيما لاستيلاء اية الربانية على قلبه مما جاء في القرآن الكريم المفردة الخامسة السنة قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا السنة. رواه سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في شعب الايمان وكذلك جاء هذا عن مورق العجل احد التابعين والسنة في عرفهم هي اسم للدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم جاءنا بدين الاسلام لكنه اخبر بان هذا الدين الذي جاء به سوف يتفرق عنه الناس. فقال صلى الله عليه وسلم في ابي هريرة ومعاوية عند ابي داود وغيرهما. وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة. كلها في النار الا واحدة وهذه الفرق هي في دائرة الاسلام فهي كما يقال فرق اسلامية اي لم تخرج من الاسلام. فان الفرقة اسم لمن كان في دائرة الاسلام والملة اسم لمن خرج عن دائرة الاسلام. وهذه الفرق التي فرقت عن الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم متوعدة تهديدا بالنار. لانه يحكم على كل واحد منها بانه يكون في في النار لكنه من جنس الوعيد. ويسلم من هذا الباقون على الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الدين يسمى في عرف الشريعة بالسنة. ومنه ما جاء في حديث العرباض ابن سارية عند اصحاب السنن الا اي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم بسنتي وفي حديث انس في الصحيحين من رغب عن سنتي فليس مني اي عما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين. فالعبد مأمور بان يلزم السنة التي هي اسم الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واشار الى هذا المعنى السفاريني في درته لما قال اعلم هديت انه جاء الخبر عن النبي المصطفى خير البشر بان ذي الامة سوف تفترق بضعا وسبعين اعتقادا والمحق ما كان في نهج النبي المصطفى وصحبه من غير زيغ او جفى وليس هذا الوصف جزما يعتبر في فرقة الا على اهل الاثر. يعني الا على المتبعين اثره صلى الله عليه وسلم المقتدين بسنته. ففي الامر تعلم السنة امر بلزوم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين. وهذا امنة من فساد الامن الفكري لان الفرق التي فارقت ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة حالها وجود اختلال في العقل الى الاقوال التي قالوا بها فاضطراب عقولهم وافهامهم في مدارك الاحكام والادلة انتج هذه الاقوال الفاسدة اذا ارشد العبد الى لزوم السنة حفظ عقله ونفسه ودينه من الوقوع في هذه الاقوال. وما يروج بين الناس في ازمنة او امكنة مختلفة من افكار او اراء مما يحرزك منها ويجعلك في حصن كونك حريصا على اتباع الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما يسمى السنة. والمفردة الفرائض وقد روي هذا في حديث مرفوع تعلموا الفرائض. وجاء في اثر عمر المتقدم عند سعيد ابن منصور انه قال تعلموا السنة والفرائض. وروي هذا ايضا موقوفا عن ابي عن ابن مسعود عند البيهقي في السنن الكبرى تعلموا واسم الفرائض يقع على معنيين احدهما عام وهو ما وجب على العباد فانه يسمى فريضة ومنه ما جاء في الحديث الالهي عند البخاري من حديث ابي هريرة وفيه قوله تعالى وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما ايش؟ افترضته علي والاخر خاص وهو علم المواريث. وما جاء عن السلف ومن جملته المنقول هنا يحتمل هذا المعنى انا وهذا المعنى فهو صالح لكليهما وهما معا مما يعين على حفظ الامن الفكري لكن المقصود منهما هنا في كلامه بما يناسب المقام لاني تركت مفردات كثيرة ملاحظة للزمان. فمقصودي بالاشارة اليه هنا هو اول وهو الاسم العام الذي ينتظم فيه ما وجب علينا. فالعبد اذا تعلم الفرائض كان في ذلك حصول امن فكري له من جهتين احداهما في شغل وقته بما شغلت به ذمته. في شغل وقته وعمارته بما شغلت به ذمته فذمته مشغولة بفرائض وحمل النفس على القيام بهذه الفرائض يمنعها من البطالة والفراغ التي تقود الى اختلال الفكر والاخر ان من اقبل على الله بالفرائض حافظا امره حفظه الله عز وجل. ففي حديث ابن عباس عند الترمذي في وصية النبي صلى الله عليه وسلم له ابتداؤه اياه بقوله يا غلام احفظ الله ايش؟ يحفظك فمن حفظ فرائض الله بامتثالها والقيام بها فان الله سبحانه وتعالى يحفظه. ومن جملة حفظ الله له ما يؤمن به فكره. فيكون فكره قويا مشرقا محفوظا من الوقوع فيما يفسده وفيما يخله. وينتج من ذلك انه لله سبحانه وتعالى. ومن عظم الله فقد دخل في كنف رعايته. قال تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان. فاذا ادخل في حصن الحفظ من الله سبحانه وتعالى كان في امنة من شرور كثيرة من جملتها ما يعرض له من غوائل تفسد عقله وفكره وتذهب بطمأنينته واستقراره المفردة السابعة العمل بالعلم العمل بالعلم قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما تعلموا العمل بالعلم. تعلموا العمل بالعلم رواه البيهقي في شعب الايمان. وقال يوسف بن اسباط تعلموا صحة العمل من سقمه تعلموا صحة العمل من سقمه. رواه ابو نعيم الاصماني في كتاب حلية الاولياء. فمما يدرك حفظ الامن الفكري للعقل وحركته كون الانسان حريصا على تعلم العمل بالعلم لان طلب هذا يشغل الانسان في طلب ما ينفعه ويلزمه. فينفق قوته وطاقته في تعلم العمل الذي يرجع عليه بالخير من الاعمال الصالحة التي امرنا بها وهي اعمال كثيرة وقد بوب النووي في رياض الصالحين وهي من محاسن تراجمه باب كثرة ابواب الخير. باب كثرة ابواب الخير. فابواب الخير كثيرة واذا طلب العبد تعلم العمل بها صرف قوته الى ما ينفع فكان في هذا شغل للعقل عما يفسده وامداد له بما يقويه كما ان الله سبحانه وتعالى من اسمائه الشكور ومن صفته الشكر ومن شكره سبحانه تعالى لعباده ان من انفق وقته في تعلم العمل بالعلم فان الله سبحانه وتعالى يرزقه لذة تلك الطاعات التي تقربه من الله سبحانه وتعالى. قال ابن تيمية الحبيب اذا عملت فلله طاعة فلم تجد لها لذة فاتهم نفسك فان الرب شكور. انتهى كلامه. اي ان الله عز عز وجل يبادر بشكر عباده على اعمالهم بما يجده العبد من لذة ثم ما يكسو حاله من كمال فالله سبحانه وتعالى اكرم الاكرمين. واعظم المحسنين الى الخلق. فاذا احسن العبد معاملة الله سبحانه وتعالى فان الله يحسن معاملته فيكون فيما يجده العبد من لذة الطاعة سلامة فكره وان من رزق الاقبال على الله والانثى به والشوق اليه ومحبة مناجاته لا يمكن ان تجد الافكار الفاسدة التي تخل بحركة العقل سبيلا اليه البتة. بخلاف من كان عاطلا عن ذلك. متخليا منه. فان الانسان اذا جلس بالغا استولى عليه الشيطان. قال عمر بن الخطاب اني لاكره ان ارى الرجل فارغا. ليس في شيء من شغل الدنيا ولا شغل الاخرة انتهى كلامه لما ينتج عن ذلك من عواقب وخيمة من جملتها ما ذكرناه انفا. وفي قول يوسف ابن رحمه الله تعلموا صحة العمل من سقمه اعلام بان المقصود بما امرنا به من تعلم العمل بالعلم طلب ما يوافق خطاب الشريعة فان الانسان قد يعمل بعمل لكنه لا يوافق خطاب الشرع. فنحن نرى من يصلي لله صلاة لكنها ليست وفق النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وقد رأى حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه رجلا يصلي فناداه لا يقيم ركوعه ولا سجوده فناداه فقال مثبتة وانت تصلي هذه الصلاة. فقال الرجل منذ اربعين سنة فقال اما انك لو مت لمت على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم فيكون عمله حينئذ سقيما لمخالفته هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. فالعبد مطلوب منه ان يتعلم العمل بالعلم وان يكون هذا العمل وفق خطاب الشرع لان لا يقع في سقيم العمل الذي لا يثمر له خيرا بل ربما اثمر له الشر والمفردة الثامنة الصمت قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما تعلموا الصمت. تعلموا الصمت. رواه البيهقي في شعب الايمان وقال ابو الدرداء رضي الله عنه تعلموا الصمت كما تتعلمون الكلام تعلموا الصمت كما تتعلمون الكلام. رواه الخرائط في مكارم الاخلاق والصمت هو الامساك عن الكلام مع القدرة عليه وهو قدر زائد عن مجرد السكوت. فان الساكت قد يكون قادرا على ابداء شيء بكلام وقد لا يكون قادرا. واما الصامت فعنده قدرة على الكلام لكنه يلجم لسانه عن جريانه بشيء. فاذا اعتاد المرء الصمت صارت هذه ملكة قوية تدل على تمام قدرته النفسانية. وكان السلف يتعلمون هذا ويحرصون عليه ويجاهدون انفسهم عليه. وقد قال اياس العجري جاهدت نفسي في تعلم الصمت عشر سنين جاهدت نفسي في تعلم الصمت عشر سنين. فهو لم يزل يعتاد نفسه بتذكيرها بالصمت حتى استقامت نفسه صار قادرا على امساك لسانه وهذا الانسان فيما يتعلق بالامن الفكري امساك له عما يكون فتنة له او لغيره. فالمرء اذا امسك لسانه لم يجري على لسانه كلام تكون به فتنة له ولا لغيره. ولم يكن محبا لاستنشاء الاخبار وجمعها ونقلها فيما يضر بعقله ومن خزن لسانه قوي قلبه ومن قوي قلبه تم عقله. فخزن اللسان وقلة الكلام يثمر في العبد قوة عقل وكان السلف رحمهم الله يتعاهدون هذا ويعرفون ان من عقدة عقل الرجل قلة كلامه. وكانوا وكانوا يعدون كلام احدهم من الجمعة الى الجمعة. اعلاما بان قلة الكلام تورث العبد قوة عقله فاذا قوي العقل لم يمكن ان يقع فيه شيء مما يفسد امنه بل كان امساكه سببا لان يقوى عقله. فالصامتون المتكلمون بما يحتاج اليه هم اكمل الناس في عقلا وكمال عقولهم يرشدهم الى كمال دينهم. فلا تكاد تجد انسانا كثير الصمت اختل نظام عقله سواء في امنه او في غيره بسبب شيء من الاشياء وغالب من يقع له الاختلال والاضطراب في عقله سواء فيما يتعلق بامن او اقتصاد او حياة زوجية او غيرها يكون مهذارا ثرثارا كثير الكلام. فمن كثر هذره تفرق عقله. ومن تفرق عقله ساءت حاله ومن جملة ذلك ما يحصل من فساد عقله باختلاله واضطرابه. فينبغي ان يتعلم المرء الصمت وان يحرص عليه حفظا بعقله من غوائل من غوائل من جملتها ما يضره ويفسد امنه واستقراره والمفردة التاسعة الحلم قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه وعن ابيه تعلموا الحلم. تعلموا الحلم. وكان الليث ابن سعد كثيرا ما يقول لاصحاب حديث يعني طلاب العلم تعلموا الحلم قبل العلم. تعلموا الحلم قبل العلم. رواه ابن عبد البر في جامع عن العلم وفضله. وحقيقة الحلم سكون النفس وحقيقة الحلم سكون الناس. وهذا السكون يصونها من الاستعجال فاذا صان العبد نفسه عن الاستعجال لم يتسلل الى فكرهما يفسد امنه وصار قادرا على تمييز ما يقع امامه من قول او فعل او اعتقاد فلا تجده متعجلا كي يلبس ثوب ذلك القول او الفعل او اعتقاد فهو ساكن النفس يتطلب تمييز الاشياء التي تدور حوله. فاذا حصل له هذا السكون امكنه ان يميز بينما يضره وما ينفعه. فحفظ له بذلك امنه الفكري والمفردة العاشرة حسن العبادة. قال الحسن البصري لابي رجاء العطاردي رحمهما الله وكلاهما من التابعين اما بلغك ما كان عمر رضي الله عنه يقول ان تعلم العربية وحسن العبادة ان تعلموا العربية وحسن العبادة والمراد بحسن العبادة اتقانها. ذكره ابن رجب. فالمحسن عبادته هو الذي يتقنها بان يأتي بها على الوجه الاتم. وهذا الوجه الاتم يتعلق بالباطن تارة بما في بما فيه من خشوع واقبال على الله يتعلق بالظاهر تارة اخرى بما فيه من سكون الاعضاء والجوارح في طاعة الله سبحانه وتعالى. فالعبد اذا حسنت عبادته انتفع بها. واذا ساءت عبادته قل انتفاعه بها. وفي حديث عمار ابن ياسر عند ابي داوود واسناده حسن. ان الرجل لينصرف من صلاته لم يكتب له الا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها فالناس متفاوتون في اجر الصلاة باعتبار حسن صلاة احدهم وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة في الصيام انه قال من لم يدع الجهل وقول الزور فليس لله حاجة بان يدع طعامه وشرابه. اذا لم يطلب ما يتحقق به حسن العبادة في الصيام اليس مطلوب الصيام في الشريعة ان تترك الطعام والشراب؟ وانما المطلوب به صلاح الحال. وهذا الصلاح يقع مع حسن العبادة. فالعبد اذا حسن عبادته حسنت حاله. ومن جملة حسن ذلك ان من اقبل على الله باتقان العبادة اقبل الله بتكميل حاله بتمام عقله قال الله سبحانه وتعالى وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون وليس المراد بالعلم مجرد الادراك بل هنا علم مشتمل على الادراك مع الانقياد. فالعلم المجرد من الانقياد لا ينفع. قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد لو نفع علم بلا عمل لما ذم الله احبار اهل كتاب. فالعبد اذا احسن عبادته قوي عقله واستقام. فكان في قوته واستقامته ما يؤمنه من من غوائل فساده. فصاحب العبادة الحسنة يكون على اتم الاحوال في استقامة عقله بانه لا يطرأ عليه ما يفسده واضح؟ فان قال قائل فهؤلاء الخوارج ذكر في الاحاديث النبوية ما كانوا عليه من شدة العبادة. وكثرتها حتى ان الصحابة ليحقرون عبادتهم الى عبادتهم. فكيف وقع لهم؟ فساد عقولهم باختلالها واضطرابهم والخروج على امة الاسلام في الصدر الاول من الصحابة الى يومنا هذا بالسيف ما الجواب احسنت ان الواقع منهم هو كثرة العبادة دون احسانها والواقع منهم هو كثرة العبادة دون احسانها واهل المعرفة بالله سبحانه وتعالى مشغولون بتحسين العبادة قبل تكفيرها. بان يوقعها العبد على الصفة الكملى التي يتحقق بها مقصود الشريعة. فاذا كسي الانسان بحسن العبادة اثمر ذلك قوة عقله فكان فيه حفظ له من الغوائل التي تفسد عقله تزيل عنه امنه. ومن جملة تلك المفردات وهي المفردة الحادية عشرة اليقين قال خالد بن معدان رحمه الله وهو احد التابعين تعلموا اليقين كما تعلمون القرآن. تعلموا اليقين كما تعلمون القرآن رواه ابن ابي الدنيا في كتاب اليقين وابو نعيم الاصبهاني في كتاب حلية الاولياء. وحقيقة اليقين هو قرار الحق في القلب استقرار الحق في القلب فان العبد اذا استقر الحق في قلبه لم يجد الباطل اليه طريقا. وهو مأمور اذا تعلم الحق ان يتعلمه وجه اليقين بان هذا الذي علمته من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هو الحق الصراح وغيره ومما يعرض لي لا ارفع اليه رأسا ومن هنا ما ذكره امام الدعوة رحمه الله في كشف الشبهات عند المناظرة مع المبطلين ان العبد اذا لم يعرف في وجه الشبه التي يذكروها له المبطل اخبره بانه يعرف ما ذكره الله وذكره رسوله صلى الله عليه وسلم. واما ما تذكره ايها المبطل فلا اعلم حقيقته. فهو تمسك باليقين وترك ما يعرض. وهذا اصل في حفظ وثيقة ان العبد اذا استقر في قلبه حق ويقين فانه لا ينقله الى غيره. وعادة الناس خلاف هذا ان الناس مولعون بالمبادرة الى غرائب ما يسمعون. فتجد احدهم ولو قدر له ان يسمع مع مرارا تقريرا في اصل شرعي فما ان يلوح له احد بشبهة حتى يعظمها ويترك اليقين الذي جاء في نفسه من قبل مما تلقاه بشيوع الدين وظهوره وكثرة ما يسمع من كلام العلماء وتقريره بالكتاب والسنة وهذا من ضعف اليقين بالحق الذي لم يلاحظه في نفسه بان يعلمها اليقين وان المرء اذا تلقى حقا عمن يوثق بدينه بدلائل القرآن والسنة فانه اذا لاح له لائح لم اعجل بالمبادرة اليه واخذه توهما ان هذا شيء من الحق لم يعرفه. وانت تسمع بين الفينة والفينة من الناس من يقول قد تعلمنا ووقفنا على اقوال لم يكن يذكرها لنا المشايخ وهذا من الجهل لان المشايخ عندما كانوا لا يذكرون لك هذه الاقوال ليس منشأه من جهلهم بها بل هم مطلعون عليها غالبا فهذا هو الاصل في العالم من سعة معارفه وكثرتها. لكنه خاطبك بما يحفظ لك دينك فانت لو استقر في قلبك هذا ثم وقف ثم وقفت على شيء يخالف اليقين الذي استقر في قلبك لم تجب داعيه ورجعت هذا المشكل الى احد يكشف لك اشكاله. وانا اضرب لك مثالا في كلام لبعضهم رأيته يحتفي برسالة في احدى المسائل وفيها تقرير ان الله سبحانه وتعالى لما امرنا بطاعة اولي الامر في قوله يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم قرر فيها مصنفوها ان الجمع في اولي الامر يبين ان ادارة الامة لا تكون الى واحد وان انما تكون الى جماعة لان كلمة قولي للمفردة من الجمع للجامع هي للجمع اصلها اولوا فالذي لم يستقر في قلبه اليقين يبادر الى الاعجاب بهذا القول واما الذي لم يزل يتلقى العلم واليقين عن المشايخ ويرسخ في قلبه. اذا عرظ له مثل هذا رجع الى العلماء الراسخين فسألهم عن هذا والعالم الراسخ ما ان يقف على كلام هذا حتى يزيفه بجملة واحدة وهو ما رواه البخاري عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال نزل قوله تعالى واولي الامر منكم في عبد الله بن حذافة السامي يعني كم واحد واحد في قصة سرية التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم وجعل عليها عبد الله بن حذافة فلما غضب على اصحابه اوقد نارا وامرهم ان يلقوا فيها الى اخر الحديث فهي نزلت في واحد فيكون المراد الواحد لكن الجمع للتعظيم. تعريفا بمقام الولاية في حقه هو بان يعلم ان الامر عظيم وان السؤال عند الله شديد. وفي حق الناس بان يعرفوا بان هذا المقام في صلاح الدين والدنيا عظيم. فمن تقر في قلبه اليقين لم يجد هذا القول الى نفسه سبيلا. حتى ولم يكن قادرا على كشف هذه الشبهة. لكنه يتوقف عن قبولها ثم ربما رجع الى احد من الراسخين ليكشفها عنه فلا بد من تعلم اليقين بان تتعلم ان الحق اذا صح ينبغي ان يقر في قلبك والا يخرج منه وان اليقين اذا استقر في النفس كان من اعظم ما يحفظ حركة العقل ويمنعه من الوقوع فيما يفسده ويخله والمفردة الثانية عشرة الاثار والمراد بها ما جاء عن الصحابة والتابعين واتباع التابعين. فان اسم الاثر يطلق تارة على ما يعم المنقول كله فيندرج فيه الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويراد به تارة هذا المعنى الخاص. قال سفيان الثوري رحمه الله الله تعلموا هذه الاثار تعلموا هذه الاثار. فمن قال برأيه فقل رأيي مثل رأيك. فمن قال برأيه فقل رأيي مثل رأيك رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه ومعنى هذا الاثر الامر بتعلم الاثار المنقولة عن السلف من الصحابة والتابعين واتباع التابعين لانها طريق فهم الدين مما ورد في الكتاب والسنة وان الذي يبدي رايا فذلك الرأي سيقابله رأي اخر فقل رأيي مثل رأيك. يعني انت لك رأي واناني رأي. وهذا هو الذي شاع باخرة. عندما عظم الناس الرأي وكان اسم الرأي فيما سبق يتعلق بالاحكام الدينية المتصلة بباب الحلال والحرام. اما اليوم فصار الرأي حتى واقعا في باب الخبر فتجده يتكلم في ابواب من ابواب المعتقد ثم يقول لك هذا رأيك انا لي رأيي وهذا غلط في المقامين. فان الرأي فان الدين ليس بالرأي تعلمون جميعا قول علي ابن ابي طالب في المسح على الخفين قال لو كان الدين بالرأي لكان مسح اسفل الخف او لا؟ من اعلاه. رواه ابو داوود. وهذا في بلوغ البرام في باب المسح على الخفين. يعني لو كان الدين بالرأي لكان هذا هو الذي ينبغي ان يصاب اليه لكن الدين ليس بالرأي وانما يؤخذ الدين بالتلقي. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند ابي داود واسناده صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم اي ان الدين يؤخذ بالتلقي والناقل بالسماع والمشابهة ومن جملة ذلك الاثار فوجوه السنن التي تأتي فيها او معاني القرآن التي تلوح لنا ينبغي ان ينظر المرء في انتظام هذا النظر في كلام الصحابة والتابعين واتباع التابعين. فانه يقف حينئذ بواسطة هذه الاثار على الفهم الصحيح الذي ينبغي ان يصار اليه. فمدارك الناس متباينة مختلفة ولا امنة لهم من شيء يفسد عقولهم الا بفهم خطابي الشرعي الوارد الينا من القرآن والسنة عبر من نقله الينا وهم الصحابة والتابعون واتباع التابعين رضي الله عنهم رحمهم. فاذا صار العبد حريصا على تفهم دينه بالاثار كان في ذلك حفظا. لامن فكره وعلماء المنطق يقولون ان المنطق الة تعصم الدين من الغلط. اي باعتبار كونها قوانين عقلية. تتابع عليها الناس في الامم فاصلها في المنطقة اليوناني ثم فشت في الامم وتطورت الى ان وصلت الى المنطق الاوروبي وغيره من انواع المنطق. لكن هي هي في الحقيقة قوانين عقلية ومنها ما يجاذب فيه النظر ادلة شرعية لكن المقصود انهم زعموا هذا باعتبار انها امر مشترك يصون العقل كذلك هذه الاثار التي تتابع عليها السلف رحمهم الله تعالى ورضي عنهم في فهم الشريعة هي سنن مطردة متتابعة بمنزلة العقد والنظام الذي يفهم به الانسان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين فحين ذلك يكون فكره في امنة من الاختلال والاضطراب لانه يرده الى حصن مكين. والمفردة الثالثة عشرة النية قال يحيى ابن ابي كثير رحمه الله تعلموا النية. تعلموا النية وهذا الامر بتعلم النية الذي ذكره يحيى ابن ابي كثير امر بملاحظة الباطن لان النية محلها ايش محلها القلب والعبد اذا لاحظ باطنه بتطهيره صار الباطن زكيا طاهرا. واذا طهر الباطن صلح الظاهر ومن جملة صلاحه ان يحفظ العقل بما يفسده ويمد بما يقويه فلا يمكن لشيء ان يؤدي الى اختلال العقل ان يسري اليه متى تم صلاح باطنه. فالعبد اذا تجرد من القصود الفاسدة من قصد محبة الظهور في الارظ والعلو فيها او الذكر بين الناس او الثناء عليه فانه حين اذ يجعل قبلة قلبه الى الله سبحانه وتعالى. فتصير حاله فلواحد كن واحدا في واحد اعني طريق الحق و والايمان فهو لا قبلة لقلبه الا الى الله سبحانه وتعالى. فاذا جعل قبلة قلبه الاخلاص لله سبحانه وتعالى في دينه صلح باطنه فصار هذا الباطن الصالح مثمرا صلاح الظاهر ومن لاحظ ظاهر ان يكون العقل مستقيما محفوظا مما يفسده ويخل حركته ويؤدي الى اضطرابها فلم تجد الامور التي تفسد امن الفكر الى ذلك العقل سبيلا. واذا ساءت النيات انتج ذلك السادة باطن الانسان ثم فساد ظاهره. فمن الناس من يحمله على فساد فكره. النية التي وقعت في قلبه من طلب العلو في الارض او ان يكون له اتباع او ان يكون قوله مسموعا او غير ذلك من المطالب النفسية النفسانية التي تؤول حقيقتها الى فساد العقل. ولو كمل عقل الانسان لطلب صلاح نيته. لان العقل يهدي الى الحق بنور الشريعة. فاذا تقرر عند الانسان ان هذه الشريعة جاءت لتجعل العبادة لله متبعين رسوله صلى الله عليه وسلم لم يطلب العقل غير ما جاءه من هداية الشريعة فيحصل له الاستغناء بالشريعة عن غيرها. فلا يكون في قلبه التفات الى غير الشريعة. قال الثوري رحمه الله العالم مستغن عن الناس والناس محتاجون اليه. لان العالم على الحقيقة لا ينظر الى الناس ابدا وانما ينظر الى الله سبحانه وتعالى فهو لو لم يصب الا سلامة دينه وطمأنينة قلبه وسكون وانشراح صدره كان ذلك له مغنيا عن الناس. واما الناس فهم محتاجون اليه بما يطلبونه من الهداية والدلالة ارشاد والمفردة الرابعة عشرة فقه الحديث. قال ابن عيينة وهو سفيان ابن عيينة الهلال يا اصحاب الحديث تعلموا فقه الحديث. يا اصحاب الحديث تعلموا فقه الحديث. رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والمراد بفقه الحديث اي فهمه على الوجه الصحيح وهو نوع من انواع علوم الحديث التي ذكرها المتقدمون واهملها المتأخرون فالعادون علوم الحديث من المتأخرين الصلاح ثم العراقي وانتهاء الى السيوطي وبلغوها بضعا وتسعين نوعا تركوا هذا النوع مع ان ابا عبد الله الحاكم صاحب معرفة علوم الحديث ذكر من انواع علوم الحديث فقه الحديث بمعرفته ودرايته والاطلاع على احكامه والارشاد الى هذا هو ارشاد الى طلب فهم ما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم. لان فهم ذلك يظهر التطبيق للهدي النبوي فالاحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا او فعلا او تقريرا او صفة يستكن فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وسبيل فهمها لتطبيق هذا الهدي معرفة فقهها. بان تفقه هذا الحديث ان تعرف معانيه حتى اذا ثبتت فيه هذه المعاني بادرت الى تطبيقها فمثلا انت تسمع الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم من حديث تميم الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأمة المسلمين وعامتهم. واذا اردت ان تطبق هذا الحديث افتقرت الى معرفة الهدي النبوي في صفة القيام بهذه النصيحة فتحتاج الى معرفة ما يندرج في معا معاني النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللائمة المسلمين متين فاذا لم تتطلب فقه الحديث نشأ ولو بمجرد الاقتصار على اللسان العربي نشأ من ذلك كالغلط في فهم معانيه. مما يوقع في فساد العقل واختلاله واضطراب. لان المرء يصير ينسب المعاني التي يدعيها الى احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وهي ليست منها فلا بد ان يعتني المرء بفقه ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة انه اذا فقيه او على الوجه الاتم حفظ امن فكره لان الفهم لهذا الحديث لا يتوجه الى معنى فاسد لم يرد بهذا الحديث وهذا شاع بالناس باخرة لاقتصارهم على مجرد النظر العقلي حتى ممن ينتسب الى الاثر فتجده يقول طاهر هذا الحديث كذا وكذا. ويريد بالظاهر ما وقع في نفسه. واذا رأيت هذا الظاهر لم تجد احدا قد قال به من الاسلام حتى انك تتصفح طبقات الامة قرنا بعد بعد قرن فلا تجد احدا قال ان من معاني الشريعة ما من الاستحباب او الايجاب من معاني هذا الحديث مما يدل على الغلط في فقه الحديث لما اقتطع عن سياقه الذي جاء فيه من كونه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وانه نقل الينا عن الصحابة وان الصحابة نقلوه الى التابعين وان التابعين نقلوه الى اتباع التابعين في طبقات الامة فاذا اردت ان تعرف فقه الحديث ينبغي ان تبتدأ من الطبقات التي نقلت اليك هذا الحديث وهذا يرجع اثارة الى ما تقدم من العناية بمعرفة الاثار وترجع تارة اخرى الى صحة اللسان العربي فان مما يفسد العقل فساد اللسان العربي قد ذكر الحسن البصري وابو عمرو بن العلاء ان اهل البدع اتوا من العجمة اي ان عدم معرفتهم باللسان العربي انتجت في نفوسهم معان فاسدة للخطاب الشرعي حملوها عليها وهذا يوجد اليوم في متعلقات الامن الفكري ان الناس وان كانوا فيما يزعمون عربا لكن ليست السنتهم عربية فهم عرب باعتبار سلالات ان لكن اذا جئت الى اللسان العربي لا تجد عندهم قوة اللسان التي يفهم بها خطاب الشرع. واذا كان المرء لا يؤمن على فكيف يؤمن على فهم الشريعة به؟ وقد ذكر هذا ابو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى. والمفردة الخامسة عشرة المهنة قال عمر بن الخطاب تعلموا المهنة. رواه ابن ابي الدنيا في اصلاح المال. والمقصود بالمهنة على اي وجه كان اي شغل اليد بشيء تتقنه. فمن ذلك مثلا الخط ومن ذلك الرسم ومن الحياكة الى غير ذلك من انواع الحرفة. لان اشغال اليد بالمهنة يجعل القوى الباطنة تتفرغ فيها فتنصرف عما يفسدها. فالمرء اذا لم يكن له شيء يبذل فيه قوة جسده. ومن جملة ذلك او غيرها فان هذه القوى الباطنة تتحول الى قوى فاسدة تظهر على جوارحه. وهذا يؤدي الى استيلاء تلك القوى فاسدة على العقل فيختل ويضطرب. وينتج من ذلك ان هذا المرء يقع في امور تخل بفكره. ومبتدأ او خللها بفكره فقدانه الحرفة في يده فلا مهنة له. فلا تجد له معرفة بشيء يصنعه في يده فهو اخرق لا لا يعلم شيئا يجعل فيه صنعة يده. وكان العلماء يعتنون بهذا واعظم ما كانوا يعتنون به هو الرسم الذي يسمى اليوم علم الخط. وقد ترك باخراه وتركه غلط في العملية التربوية الاصلاحية. والحاجة ماسة اليه في العلم اصلا وكذلك في حمل النفس على ما ينفعها. وتفريغ القوى الباطنة في الظاهر اشياء تنفع فالمرء اذا احترف شيئا وكانت له مينة حمله ذلك على ان يجعل فراغه فيها وشغله ذلك عن امور تخل بامن عقله وتفسده. والمفردة السادسة عشرة وبها نختم الادب قال هشام ابن عبد الملك الخليفة الاموي المعروف تعلموا الادب تعلموا الادب. رواه الهروي في ذم الكلام. لان الادب كما قال ابن القيم عنوان صلاح العبد دي وسعادته وسوء الادب هو عنوان شقاوته وفساده وبواره. فاذا تأدب الانسان وحسن ادبه كان سعيدا في الدنيا والاخرة. واذا لم تأدب فكان ادبه سيئا صار شقيا في الدنيا والاخرة اعاذنا الله واياكم من حال الشقاء. فينبغي ان يتعلم الانسان الادب اي طلب معرفة ما يحمد شرعا او عرفا. لان الانسان اذا لازم طلب الادب عمله ذلك على ملاحظة الناس فيما يعاملوهم به. او حمله ذلك على ما هو اعلى منه من الادب مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم فصاحبوا الادب يحمله ادبه على ان يكون فكره محفوظا لانه يرعى طلب ما يحبد ويخشى من غائلة ما يذم. فاذا وجد فيه ذلك الادب منعه من ان يقع في شيء يخل بامن فكره وامد فكره بما يقويه وينميه فكان في ذلك حفظا له من الغوائل المفسدة لعقله. هذه جملة من المدارك التي ارتأيت تسميتها بمفردات ايش ايش هذي؟ مفردات التعلم مفردات التعلم هذه مفردات التعلم العليا. فمفردات المقررات انا اراها بمنزلة اقل من هذه العليا وهذه المفردات التي ذكرنا شيئا منها. هناك مفردات في كلام السلف تعجبون منها لو نذكرها. مثل قول بعضهم تعلموا المشي لكن اذا قرأت عن فلسفة المشي قديما وحديثا فانك تدرك ان المشي من اسباب انشراح الصدر وذهاب الاكدار والهموم وما يثمره ذلك من منافع كثيرة لكن الوقت لا يسع لكن المقصود ان اية هذا المقام بتعلم هذه المفردات العليا ينفع العبد منفعة عظيمة. وانا ادعوكم من بعد هذه المحاضرة ان النظر في هذا الاصل وان يحرص العبد على ان يقتبس من كلام الاوائل ومن تأخر المدارك التي اشادوا بتعلمها ثم يطلب دفاع بها في ابواب حياته كلها ومن جملتها المدرك الذي اختصرنا اختصرنا عليه وهو مدرك حفظ الامن الفكري فانت رأيته فيما قدم ذكره من الامور التي ذكرناها ما يثمره ذلك من حفظ الامن الفكري. وهذا اخر البيان بما المقام مما يتعلق دور مفردات التعلم في حفظ الامن الفكري. ونجيب على ما تيسر من الاسئلة ونقتصر على الاسئلة التي تتعلق بموضوع الدرس. لماذا ليش حتى تعم وين اللي يجيب هدد عم الفائدة لانها الاهم توضيح ماسك لامرين احدهما ما ذكرته من ان الاهم يقدم ويعتنى به والثاني لان النظام في هذه البلاد وهو صادر بامر ملكي ان الاسئلة التي يجاب عليها هي اسئلة الدرس في الحرمين ويستثنى من ذلك هيئة كبار العلماء ان لهم ان يتكلموا في المسائل العامة ويفتوا الناس واما غيرهم يجب عليهم شرعا طاعة لولي الامر ان يقتصروا على ذلك وانا وان كان النظام يستثنيني لكن لا ارى الحاجة الى ذلك ما دام كبار العلماء موجودين ففيهم غنية فنقتصر على ما يناسب المقام مما يتعلق بالدرس يقول هذا الاخ ما احسن ما صنف في العقل وكيف يتعلم الطالب من هذه الكتب صنف في كتابه العقل كتب قديمة منها مما بقي بايدي الناس كتاب العقل وفضله لابن ابي الدنيا وهو كتاب اثري مسند ففيه جملة من الاثار التي تبين مدارك العقل لكنه لا يفي بجميع متطلباته. كما ان فيما هو اعلى من ذلك وهو القرآن الكريم او احاديث النبي صلى الله عليه وسلم المروية في مدارك تنتفع بها العقول لكن لا يوجد كتاب يمكن ان تقول ان هذا الكتاب ينفع في صناعة العقل. لان صناعة العقل امر عظيم لا يمكن ان تأتي من كتاب واحد وفي مفردات كلام اهل العلم ولا سيما ابن القيم رحمه الله وخاصة في مفتاح دار السعادة اشياء تفيد في بناء العقل وحفظه وتنميته يقول هذا السائل اليست المصطلحات مثل الامن الفكري من المصطلحات المستحدثة وقد يقول البعض انها مصطلحات اهل الكلام والفلسفة الجواب ان المصطلح لا مشكلة معه وانما المشكلة اذا كان المصطلح يخالف شريعة وهذا معنى قولهم لا مشاحة في الاصطلاح فان ابن القيم ذكر ان هذه القاعدة المشهورة عند اهل العلم محوطة كن بامرين احدهما عدم مخالفة ذلك الاصطلاح للشرع والثاني عدم وقوعه خطأ على لغة العرب فاذا فقد مخالفته للشرع وللغة العرب فلا مشاحة في الاصطلاح حين اذ وقد صار الناس يحتاجون الى استعمالها هذه المصطلحات لانها اقرب الى مداركهم فرواجها وانتشارها وتتابع الناس عليها لان المصطلح يكون مصطلحا بالانتشار. فالكلام وعبرها ادعى الى منفعة الناس يقول هذا السائل ما هي اهمية الامن الفكري في حياة المسلم اهميته من جهة كونه مفردا من مفردات حفظ العقل الذي جاءت به الشريعة فمن مقاصد الشريعة وهي من الضروريات الخمس حفظ العقل فالمسلم مفتقر الى حفظ عقله. ومن مفردات هذا الحفظ العناية بحفظ امنه الفكري يقول هذا يا اخ ذكرتم الاثر عن عمر بن الخطاب تعلموا العربية وحسن العبادة. الا ترون ان من المناسب جدا افراد العربية بمفردة خاصة نعم لكن انا هنا قلت ماذا لا اقتصر انا جمعت اكثر من ثلاثين مفردة من هذه المفردة. لكن الوقت لا يصح ان نأتي عليها جميعا وصاحب العلم يكفيك منه ان يفتح لك النافذة لتدخل مع الباب لان يقول لك ادخل يفتح لك النافذة البيوت القديمة كان يفتح النافذة يقول ادخل. فيكفيك يكفيه ان يفتح لك النافذة لتدخل الباب. فانت تواصل وتبني من هذا المدرك والفهم ما يكون اصلا عظيما. وقد تفوقه مع صحة النية وسعة الاطلاع يقول من اين احصل على هذه المفردات ما هي المضان التي اولها محاضرة مفردات الدور مفردات التعلم في حفظ الامن الفكري هذي اول مصدر لك بعد ذلك تتبع الكتب وخاصة الكتب المسند القديمة ستجد فيها شيء لكنه يحتاج الى تعب والعلم يطرب المرء ان يجعل تعبه فيه يقول ما المقصود بعلم الخط هذا لا يكون راح بعيد يحسب علم الخط هذا اللي يسمونه علم الحرف. اللي يذكرونه في كتابه الاعتقاد. علم الخط هو علم الكتابة. علم الكتابة اول قديما فيه مقررات تجد كراسة للخط. مكتوب مثلا بخط النسخ بسم الله الرحمن الرحيم. ثم مكتوب تحتها بنقط هذا هذه هذه الجملة بخط النسخ عدة مرات ثم بخط الرقعة ثم بخط الثلث وهكذا فتستفيد انت في هذا معرفة الخطوط هذا الذي نريده ولا نريد علمه الحرف الذي هو من انواع السحر يقول ما احسن كتاب في الاداب ولا سيما طالب العلم. اطلاق الاحسنية نسبية فكتاب ما يكون احسن بالنسبة لمبتدئ وكتاب اخر يكون احسن بالنسبة للمتوسط. وكتاب ثالث احسن بالنسبة لمنتهن فهي متباينة في كون الناس يجعلون هذا الاحسن او هذا الاحسن. فالجواب المطلق لا يمكن. فان تقول له هذا احسن كتاب. انت لا تجيب على شيء غفل لا تدري بلي السائل هو مبتدئ او متوسط او منتهي. لكن اطلب الكتب التي صنفها الناس في ادب طلب العلم مثلا واستفد منها وكذلك اطلب الكتب التي صنفوها في الاداب العامة واستفد منها يقول هذا السائل ما هي صفة تربية العالم لطلابه؟ وهذا امر يتعلق بالامن الفكري. لان اصل تلقي الدين عن من عن شيخ شيخ معلم فكيف يمكن ذلك؟ يمكن ذلك بامرين احدهما ملاحظة الاقوال والاخر ملاحظة الافعال يعني الاحوال ملاحظة الاحوال ملاحظة الاحوال والاحوال قدر زائد تكون فيها افعال وغيرها فهو نفسه ينبغي ان يلاحظ اقواله واحواله بين المتعلمين. وهذا معنى ما جاء عن بعض السلف كان يسعنا هذا حتى اقتدى بنا الناس يعني كان يسعه شيء من التوسع وكثرة الضحك او المزح او غير ذلك ثم صار لما صار محل القدوة لم يعد ذلك لم يعد ذلك يسعه وكذلك الم تعلم ينبغي له ان يلاحظ هذا من شيخه فيلاحظ اقواله ويلاحظ احواله يستمد من الاقوال وتارة وهو اكثر يستمد من الاحوال وقد ذكر المروذي انه كان يحضر مجلس الامام احمد خمسة الاف لا يكتبون الحديث ينظرون الى هديه وادبه يتعلمون منه الهدي والادب. مثلا في اخبار ابي عبد الله ان رجلا دخل عليه ومعه كتاب. فرمى الكتاب على الارض فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار هذا تتعلم منه الحالة التي وقعت له من الغلط تتعلم منها تعظيم الكتاب. ان هذا الكتاب يعظم. وتارة تجده ربما سئل فسكت وهذا اصله في السنة والسكوت جواب كما قال الاعمش. فتستفيد من هذا انه ليس كل سؤال يجاب عنه. وقد قال ابن مسعود فيما رواه الدارمي من افتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون مجنون الذي يفتي الناس يقول ما يسألونه فهو مجنون. يعني تجد الشعبي رحمه الله سأل سأله رجل ما اسم زوج ابليس فقال ذاك عرس ما شهدناه اجابه على قدر عقله قال له يعني هذا عرس ما شهدناه. فتجد ان الانسان يسأل اسئلة كثيرة وقد لا تكون نافعة البتة وقد لا تكون السائل فالمعلم يلاحظ ان هذا السائل يسأل هذا السؤال وهو لا ينتفع به فيتركه ولا يجيبه عنه يقول هذا السائل نريد نصيحة لطلاب العلم في كلية الحرم. وهل كنتم منذ اليوم الا اتكلم ناصحا هذا كله نصح هذا كله نصح فيرجعون لهذا الكلام ويفهمونه جيدا ولو فهموه ان شاء الله يجدون فيه خيرا كثيرا يقول هل قراءة الكتب والاطلاع بدون متابعة داخل يطلع منه على الطالب بعض الافكار بشبهة ونحوها. نعم يكون ذلك في الكتب التي لم يترشح لقراءتها وليجي هذا نهوا المهتدين عن مطالعة المطولات لانه قد يقع كلام لا يعقله فيجعله على معنى لم يرد فيكون شبهة له فالمرء يبتدي في طلب العلم بالعناية بالحفظ والفهم فيما يؤسس بناءه فيما يؤسس بناءه العلمي. مما يسمونه اصول العلوم او هنا العلوم. ثم اذا ارتفع عن ذلك فانه بعد ذلك يطلب من الكتب ما يناسب حاله في الارتفاع. ويسترشد بشيخ فان الطريق الى الله بالعلم لا يقطع الا بهاد يهديك فيه. وهو الشيخ المعلم. فلابد ان تسترشد به حتى يقوى عودك. فاذا او يعودك وامكنك التمييز بين الخير والشر والحق والباطل فعند ذلك يمكنك ان تفعل ما تشاء وهذا اخر هذا المجلس نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا واياكم لما يحبه ويرضاه. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد. واله وصحبه اجمعين حياك الله