السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا حقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله مبلغا صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فهذا المجلس الثاني في شرح كتاب الداعي الى خير المساعي لمصنفه الصالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. وقد انتهى بنا البيان الى قوله فصل واعلم ان الله امر بلزوم الجماعة. نعم فصل واعلم ان الله سم. بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه اجمعين. فصل واعلم ان الله امر بلزوم الجماعة. ونهى عن التفرق. فقال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. لان التفرق من دين المشركين والاجتماع من دين المسلمين كما قال منيبين اليه واتقوه واقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينه وكانوا شيعا. كل حزب بما لديهم فرحون. وقد توعد الله من اتبع غير سبيل المؤمنين في قوله ومن يشاطط الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما نتولى ونصلي جهنم وساءت مصيرا وخير الدنيا والاخرة في لزوم الجماعة. فعن عمر رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالجماعة واياكم والفرقة فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد من اراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب. وصححه ابن حبان والحاكم. بحبوحة وفتح الباب. الباء عندكم فتح الباء بحبوحة ولا بحبوحة لا مكسورة يقولون اخواننا ما في بالضم ولا لا؟ بحبوحة بحبوح عالتلجام وعن زيد ابن ثابت وعن زيد ابن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث خصال لا يقل عليهن قلب مسلم ابدا. اخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الامر الجماعة فان دعوتهم فان دعوتهم تحيط من ورائهم. رواه ابن ماجة. واحمد واللفظ وصححه ابن كيبان قال الترمذي تفسير الجماعة عند اهل العلم هم اهل الفقه والعلم والحديث ومن فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية. فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه انه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة الجاهلية ومن قاتل ومن قاتل تحت راية ومن قاتل فهي لعصبة او يدعو الى عصبة او ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على ركبته اعد فقتل فقتلته عندكم كتلة ولا فقتلة الجاهلية؟ فقتلة نعم جاهلية ومن خرج على امتي يضرب ظهرها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي في عهد عهده فليس مني ولست منه. رواه مسلم. وامرنا بلزوم الجماعة لحمد عاقبة منها مع فضل العبد محبوبه فيها. وسوء عاقبة الفرقة مع حصولها قال ابن مسعود رضي الله عنه الزموا هذه الطاعة والجماعة فانه حبل الله الذي امر به وانما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. رواه ابن شيبة وصححه الحاكم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما فضل الملح في الجماعة احب الي من اكل الفالوذج. في الفرقة رواه ابو الاصبهاني في حلية الاولياء ذكر المصنف وفقه الله فصلا اخر. من فصول كتابه يدعو فيه الى مسعى اخر من المساعي وهو ان الله امرنا بلزوم الجماعة ونهانا عن التفرق فقال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وعلله بقوله لان التفرق من دين المشركين والاجتماع من دين المسلمين فان الله قال في وصف المشركين ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون. فمن صفات اهل الجاهلية الفرقة. ومن صفات اهل الاسلام الجماعة ثم قال وقد توعد الله من اتبع غير سبيل المؤمنين في قوله ومن يشاقك الرسول من بعد ما تبين هدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. فمن عاد عن سبيل المؤمنين بترك جماعتهم والخروج عنها فقد توعد بهذا الوعيد الشديد للمذكور في الاية من سوء مصيره وان الله يوليه ما تولى ويحمله ما تحمل ثم اذا صار اليه في الاخرة كانت النار جزاء له. ثم قال وخير الدنيا والاخرة في لزوم الجماعة اي ما يناله الخلق من الخير في الدنيا والاخرة مرهون بلزوم الجماعة فمن وسائل استمداد الخير في العاجل والاجل لزوم جماعة المسلمين. فاما ما يحصل للعبد من من الخير في الدنيا بلزوم الجماعة فهو المذكور في حديث ابن عمر بعده انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالجماعة. واياكم والفرقة. فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد اي ان مما يحصله الانسان بلزوم الجماعة في الدنيا قربه من الخير واهله فانه اذا بعد عن الشيطان ضعفت دعوة الشيطان له. واذا قرب من الشيطان بمفارقة الجماعة تسلط الشيطان عليه. ومن تسلط عليه الشيطان اورده موارد العطب في الدنيا والاخرة كما ان من ضعف تسلط الشيطان عليه قرب من الخير فزاد حظه منه في الدنيا والاخرة ويكون في الاخرة الى ما ذكره في تمام الحديث من بحبوحة الجنة. اي من سعتها وخيار مواضيع واكرمها وان العبد يرزق خير الجنة واوسطها بلزومه الجماعة. ثم ذكر حديثا اخر يشتمل على خير من الخير الذي يحصل للعبد في الدنيا اذا لزم الجماعة. وهو المذكور في حديث زيد ابن تاب رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم ابدا ومعنى قوله ومعنى قوله لا يغل اي لا يبقى في قلبه غل. اي لا يبقى في قلبه غل فان العبد اذا خلا قلبه من الغل وهو الضغينة التي يجدها في نفسه سكن قلبه واطمأنت نفسه ورجع عليه ذلك بطيب الحياة الدنيا. فان مبتدأ طيب الحياة الدنيا هو طمأنينة القلب. فاذا اطمئن قلب العبد استقامت حاله وطاب عيشه. ومن جملة ما تحصل به طمأنينة القلب بنفي الغل عنه. وتطهيره من الذخائر والامراض المفسدة ان يلزم العبد جماعة المسلمين فهي من الخصال المذكورة في حديث زيد ابن ثابت هذا. ثم ذكر تفسير الترمذي رحمه الله للجماعة نقلا عن اهل العلم في جامعه. فقال قال الترمذي اي تفسير الجماعة عند اهل العلم هم اهل الفقه والعلم والحديث. اي المقتدى بهم في الدين اي المقتدى بهم في الدين. واصل الجماعة رؤوس الناس. الذين يرجعون اليهم. واصل الجماعة رؤوس الناس الذين يرجعون اليهم. ومقدم هؤلاء هم اهل العلم. فان رؤوس الناس تارة يكونون من اهل العلم وتارة يكونون من اهل الرئاسة فيهم وتارة يكونون من اهل الحلم والعقل فهؤلاء هم الذين يتعلق بهم اسم الجماعة التي يلزمها العبد. وهذه الجماعة تارة تقارنها الامامة لا تقارنها الامامة. فالجماعة شيء والامامة شيء اخر. فان الجماعة هم رؤوس الناس من اهل الحل والعقد ومقدمهم كما تقدم هم اهل العلم. واما الامامة فهي وجود ولاية ولي امر منصور عليهم وقد تفارق الجماعة وقد لا تفارقها. فتارة توجد جماعة تامة. وهي الجماعة التي يتولاها ولي امر فهي جماعة ذات امامة. ويحصل احيانا في اوقات الفتن ان توجد جماعة ولا يوجد امامة بان يختل فيهم نظام من يتولى عليهم الحكم وتبقى الجماعة. فالجماعة التي امرنا بلزومها هم رؤوس الناس الذين يقتدون بهم ورأس الاقتداء في جماعة المسلمين منوط بالعلم لان العلم يدل على الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وغيره تابع له. فالاصل ان اهل الرئاسة والحلم والعقل والحكمة والتدبير والتجارة في الناس يكونون تبعا لما عليه علماؤهم. ثم قال ومن فارق جماعة فمات فميتته جاهلية. اي توافق ميتته حال ميتة اهل الجاهلية ان اهل الجاهلية كانوا يأنفون من الاجتماع. ويرونه خورا وضعفا. ويكون من صفاتهم الشائعة بينهم دوام التنازع والافتراق وعدم الاجتماع. فمن خرج عن الجماعة فانه يموت كحال الجاهل الذي يموت من غير لزوم جماعة في الحديث من خرج عن الطاعة اي عن الامامة اي عن الامامة بالسمع والطاعة فيكون تاركا ولي الامر قال ففارق الجماعة اي ترك جماعة المسلمين ولم يلزمهم فانه اذا مات حينئذ مات جاهلية ونسبة هذه الميتة الى الجاهلية يراد به تقبيحها. فهي ميتة قبيحة وما اضيف الجاهلية من اقوال او افعال او اعتقادات فانه محرم. ثم قال وامرنا بلزوم الجماعة عاقبة لزومها مع فقد العبد محبوبه فيها وسوء عاقبة الفرقة مع حصوله. فالعبد امر بلزوم الجماعة وان فقد شيئا من محبوباته. فان فقد هذا المحبوب يهون اذا فقدت الجماعة ولو حصل ذلك المحبوب. فلو ان فلو انه قدر ان احدا يروم حصول شيء حقا له. لا ينتظم له مع لزوم الجماعة. ثم يتحقق له مع اختلالها فان حرمانه من ذلك مع بقاء انتظام جماعة المسلمين وحفظ بيضتهم وتماسكهم خير له هو وللناس عامة من ان يحصل محبوبه حال الفرقة. فان العبد اذا حصل محبوبه حال الفرقة لم يفرح به. فهو كانسان يطلب شيئا ثم اذا اصابه مرض او ضعف او افتقر او عجز عن الانتفاع بمطلوبه الذي يطلبه فحين لم يلتذ بهذا المطلوب الذي كان يريده. ثم ذكر قول ابن مسعود رضي الله عنه الزموا هذه الطاعة الجماعة فانه حبل الله الذي امر به وانما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. اي لحسن لزوم الجماعة مع فقد المحبوب لحسن حال لزوم الجماعة مع فقد المحبوب. فهي حال اتم من الحال التي ان يحصل فيها الانسان محبوبه ويفقد فيها الجماعة. ثم ذكر قول ابن عباس رضي الله عنهما قضم الملح اي الذي يجد قاضمه عند اكله طعما يتقزز منه هو في الجماعة اي في حال لزوم الجماعة خير واحب اليه من اكل كنوذج وهو نوع من الحلوى يصنع من الدقيق والسمن والعسل. فالمرء اذا ادرك ما يحلو له في زمن الفرقة فيجد حلاوته في قلبه كوجود حلاوة فالوذج اذا اكله في لسان ووجد حلاوته في فمه فان الحالة التي تقابلها مما يكره كحال اكل الملح مع الجماعة تكون خيرا من هذه الحال التي يجد فيها الانسان ما يلتذ له لكنه يفقد جماعة نعم