السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الحج من شرائع الاسلام. وكرره على عباده مرة في كل عام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. وسلم عليه وعليهم تسليما مزيدا الى يوم الدين ما بعد هذا المجلس الاول من برنامج مناسك الحج الحادي عشر والكتاب المقروء فيه هو جامع المسالك في احكام مناسك العلامة عبدالله ابن بليهد رحمه الله. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمات ثلاث. فالمقدمة الاولى في ذكر ترجمة مصنفه وتنتظم في ستة مقاصد. المقصد الاول جر هو الشيخ العلامة عبدالله ابن سليمان ابن سعود الخالدي يعرف بابن بنيهد نسبة الى احد اجداده ويكنى ابا محمد المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اربع وثمانين بعد المائتين والالف وقيل بل قبل ذلك سنة ثمان وسبعين بعد المئتين والالف والاول اشهر المقصد الثالث جمهرة مشايخه تلقى رحمه الله تعالى علومه عن جماعة من علماء القصيم منهم محمد بن عبدالله بن دخيل عالم المذنب في زمانه. ومحمد بن عبدالله بن سليم عالم بريدة في زمانه وصالح ابن قرناس عالم الرس في زمانه المقصد الرابع جمهرة تلاميذه انتفع به جم غفير من الاخرين عنه. واكثرهم به انتفاعا هم الاخذون عنه في مدينة حائل ومنهم حمود الشغدلي وعلي الهندي وصالح السالم واحمد للمرشد المقصد الخامس ثبتوا مصنفاته له رحمه الله تأليف قليلة منها منسكه وهو اشهرها ومنها رسالة في الخلافة والاحق بها وله اشياء لم تطبع سوى هذين الكتابين. المقصد السادس تاريخ وفاته توفي رحمه الله ليلة الاثنين. العاشر من جمادى الاولى سنة تسع وخمسين بعد الثلاثمائة والالف. وله من عمر خمس وسبعون سنة وقيل بل اكبر من ذلك والمذكور هو الارجح. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف في ستة مقاصد ايضا. المقصد الاول اشهار عنوانه اسم هذا الكتاب جامع المسالك في احكام المناسك فهو المصرح به في ذي باجته. اذ قال جامعه وسميته جامع المسالك الى احكام في احكام المناسك. جامع المسالك في احكام المناسك المقصد الثاني اثبات نسبته اليه طبع الكتاب المذكور في حياة مصنفه اكثر من مرة معزوا اليه من غير نكير منه. ولا ادعاء له فعلم انه قطعا من وضعه رحمه الله. المقصد الثالث بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب بيان مناسك الحج المقصد الخامس المقصد الرابع ذكر رتبته من الجادة المطروقة في التأليف المتعلقة بالمناسك. وضعها على المذاهب. افرادا او جمعا والفتاب الذي بايديكم موضوع في المناسك في وفق المذاهب الاربعة على وجه الاختصار. وهو احسن ما صنفه علماء الدعوة الاصلاحية مختصرا في فقه المناسك على المذاهب الاربعة. كما ان كتابة مفيد الانام ونور الظلام للعلامة ابن جاسر هو احسن ما وضعوه في المقصد المذكور مطولا المقصد الرابع توضيح منهجه اشار رحمه الله تعالى في ديباجة كتابه الى ان كتابه موضوع في فقه المناسك على المذاهب الاربعة على الاختصار بالاقتصار على بيان الحكم من غير ذكر الادلة على ذكر الحكم من غير الادلة ودون تعرض للترجيح. ودون دون تعرض للترجيح مرتبا على ابواب وفصول. مرتبا على ابواب وفصول يترجم لها تارة بما يدل عليها يترجم لها تارة بما يدل عليها كقوله باب الاحرام ويكتفي تارة بقول فصل ويكتفي تارة بقوله فصل منبها الى انفراد الجملة التي بعده بمعنى ما منبها الى انفراد الجملة التي بعده بمعنى ما. دون لترجمة تفصح عنها. المقصد السادس العناية به اقتصرت العناية بهذا الكتاب على طبعه مرة بعد مرة. وطبع في حياة المصنف رحمه الله اكثر من مرة ثم طبع بعد موته ولم يلق عناية تليق به في نشره ولا اقبالا على درسه سوى امال طه شيخنا عبد الله ابن جبريل رحمه الله على هذا الكتاب لا تزال محفوظة صوته لم تنشر بعد في كتاب. المقدمة الثالثة ذكر السبب الموجب لاقرائه وهو ما تقدم ذكره مرة بعد مرة من ان اقراء كتب المناسك يراد بها رعاية الحال. في اقامة فقه المناسبات. رعاية في اقامة فقه المناسبات فيما يتعلق بالحج وفقه المناسبات هو فقه المتعلق بالاحكام الشرعية هو الفقه المتعلق بالاحكام الشرعية في امر ما قبل حلوله زمانا او مكان كاحكام رمضان والحج والاستسقاء والحرم. والتفقه في هذه الاحكام عند ورود مناسبتها تنتفع به طائفتان. الطائفة الاولى من كانت خالية من العلم بتلك الاحكام من كانت خالية من العلم بتلك الاحكام. فتستفيد معرفتها قبل الدخول فيها فتستفيد معرفتها قبل الدخول فيها. لما تقرر من ان الواجب من العلم هو متعلق بالواجب من العمل بما تقرر ان الواجب من العلم هو المتعلق بالواجب من العمل فمن اراد ان يعمل عملا وجب عليه ان يتعلم احكامه. ذكره الاجري في طلب العلم وابن قيم في اعلام الموقعين والقرافي في الفروق ومحمد علي بن حسين في تهذيبها والطائفة الثانية من كان له علم بتلك الاحكام. من كان له علم بتلك الاحكام فيستفيد بتجدد تعلمها احاطة بها. فيستفيد بتجدد تعلمها احاطة بها واتقانا لدقائقها واحرازا. لمقاصدها واحتراسا من الخلط في صورها. واذا اخل المرء بفقه المناسبات وقع في مخالفة الشريعة اما بمواقعة ما لم يحيط به علما او بعدم التمييز بين صور واحكامها ولم تزل عادة اهل العلم العناية بمذاكرة فقه المناسبات تعلما وتعليما ويتأكد ذلك في علم المناسك. فانه من ادق العلوم ذكره ابو العباس ابن تيمية في منهاج السنة النبوية. وروى مطرف عن مالك عن ابن مسعود انه قال من لم يتعلم الحج والفرائض والطلاق فبما يفضل اهل البادية؟ فمن العلوم من التي يتميز بها العبد علما لمزيد الحاجة اليها وتعلقها بركن من الاسلام يخفى على هو علم المناسك. نعم. السلام عليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين ولجميع مسلمين قال العلامة عبدالله بن سليمان بن سعود بن مليهد رحمه الله في جامع المناسك في في جامع المسالك في احكام المناسك بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي شرع الشرائع وبين الاحكام وفرض على القادرين حج بيته الحرام واشهد لا اله الا الله وحده لا شريك له الذي خصص الحج بوقت واطلق وقت العمرة في كل في جميع العام. واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل من احرم من الميقات ووقف بعرفة وبات بمنى ورمى وحلق وطاف بالبيت الحرام. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه الكرام وبعد فهذا مختصر في احكام المناسك على المذاهب الاربعة اقتصرت فيه على بيان الحكم من غير ذكر الادلة ولم اتعرض فيه ترجيح ولا تزييف لان الغرض بيان ما هو المعتمد في غالب المسائل في كل مذهب. تقريبا العامة المتقيدين بما عليه الفتوى في المذاهب ورتبته على ابواب وفصول وسميته جامع المسالك في احكام المناسك. والله المسؤول ان يجعله خالصا لوجه الكريم وان يعصمنا من الخطأ الزلل انه جواد كريم استفتح المصنف رحمه الله تعالى كتابه بحمد الله والشهادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم للاول بالتوحيد وللثاني بالرسالة. وكان مما ذكره في وتشهده قوله رحمه الله وفرض على القادرين حج بيته الحرام. والقادر جعل له في الشرع اسم مستطيع. لان متعلقه الاستطاعة فهو المقدم في الخبر عنه كقول الله سبحانه وتعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. وقوله فاتقوا الله ما استطعتم. فالمقدم في الخبر عن وجود القدرة عند العبد هو التعبير بالاستطاعة بان يقال في هذا الموضع مثلا وفرض على المستطيعين حج بيته الحرام وهو اشمل في الدلالة على المقصود شرعا من لفظ القدرة لتنوع افرادها عدم انضباطها ومن ذلك قوله رحمه الله فيها الذي خصص الحج بوقت وقت العمرة فجعل التخصيص مقابلا الاطلاق. مع ان المتقرر في عرف الاصوليين ان التخصيص يقابله العموم كما ان الاطلاق يقابله التقييد. وانما دوغ المقابلة بينهما اشتراك كل من العموم والاطلاق في اغراق الافراد فالعام والمطلق يشتركان في استغراق الافراد الا ان عموم اغراق الافراد في العموم واستغراق شامل. واما في الاطلاق فهو استغراق على وجه البدل فمتعلق الحكم في الاطلاق واحد فان تعذر فبدله من غيره فالمطلق يدل للافراد جميعا لكن على وجه البدل. واما العام فيدل عليها دفعة واحدة اجل وقوع هذا المعنى المشترك بينهما صاغ للمصنف ان يقابل بين التخصيص والاطلاق. ثم ذكر رحمه الله تعالى بعد فراغه من الحمد والشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ان هذا الكتاب مختصر في احكام المناسك. والمختصر هو ما قل لفظ وجل معنى هو ما قل لفظا وجل معنى والاختصار من مقاصد وضع الشريعة فان الشريعة وضعت اختصارا. لكونها مبنية على جوامع الكلم. وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اوتيت جوامع الكلم. اخرجه من حديث عن يزيد عن يزيد الفقير عن جابر ابن عبد الله. فمما يحمد في العلم والدين الاعتناء بجمع الكلام تقليلا له واثراء لمعناه. ليكون ذلك اسرع الى القلوب وانفع فيها. وتشقيق لام وتطويله لا يحمد. واذا كان مقترنا بالانشاء في البيان دون اصابة معان ينتفع بها كان اكد في ذمه واضطراحه. ثم ذكر ان هذا المختصر موضوع في احكام المناسك والمناسك اسم خص في عرف المصنفين باحكام الحج. والا فهو في اصل وضع العام شرعا يتعلق باعمال العبادة. فالعبادات كلها مناسك تنسك لله يتقرب الى الله سبحانه وتعالى بفعلها. ثم خص الحج باسم المناسك وادرج فيه الفقهاء لواحقها. ولواحق المناسك هي الاضاحي و العقيقة لاقترانها بما يختم به الفقهاء عادة كتاب الحج وهو الهدي فيلحقون به ما شاركه في ذلك كالاضحية والعقيقة. ثم ذكر رحمه الله تعالى وضع كتابه وانها ترجع الى ثلاثة امور. احدها ان له كتاب في المناسك موضوع على المذاهب الاربعة. اي المتبوعة وهي الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية. فهذه المذاهب هي المذاهب استقر العمل بها عند اهل السنة والجماعة وهجر غيرها مما تقدمها او جاء بعد بعضها كالاوزاعية او الجليلية او السفيانية او غيرها وتانيها ان المصنف اقتصر فيه على بيان الحكم من غير ذكر الادلة فهو كتاب مجرد من ذكر الادلة. وهذا الوصف اغلبي. لانه ذكر ادلة في بعض المسائل في موضعين او ثلاثة. والنادر لا يقدح في الكلي الاغلب فتكون الكلية المذكورة ها هنا اصلا طرده المصنف في كتابه ذكر الادلة في التأليف لا يراد منه تجريد الكتاب بالوضع بالفاظ البشر وانما المراد به جمع الفكر على المقصود من الاحكام الشرعية. وليس احد من فقهاء الاسلام يضع كتابا في باب من ابوابه الا وهو يتحرى بناءه على الدليل. لكنه ربما اضطر الى ترك ذكره قريبا للافهام وتسهيلا للخاص والعام. فما يجري على السنة الناس من عدم المبالاة بهذه الصنيعة جهل منهم. فان من لا يذكر الدليل لا يريد بذلك ان الخلق متعبدون هنا باتباع مذهب ابي حنيفة او مالك او الشافعي او احمد دون سواه. فالعلماء منزهون عن هذا القصد وانما غاية امرهم هو التقريب للافهام بجمع القلوب على مسائل الاحكام وارجاء التفقه في الادلة بعد ذلك. وثالثها اهمال الترجيح للاقوال والتزييف للاقوال المرجوحة العاطلة. فانه ذكر انه لا يتعرض لذلك واعتذر بغرضه اذ قال لان الغرض بيان ما هو المعتمد في غالب المسائل في كل ذهب تقريبا للعامة المتقيدين بما عليه الفتوى في المذاهب. فترك رحمه الله تعالى الترجيح غالبا فلم يجري على لسانه في هذا الكتاب ترجيع الا في موضع واحد وربما كان له اخ والمقطوع به علما انه رجح في موضع من هذا الكتاب فقط غايته ترك الترجيح للتقريب على العوام المتقيدين بما عليه الفتوى في المذاهب فان العامي له مذهبان احدهما مذهب بلده ان امكنته امكنه مع مذهب بلده ان امكنته معرفته والاخر مذهب مفتيه. مذهب مفتيه ان تعذر علمه بمذهب بلد ان تعذر علمه بمذهب بلده. فمن كان عاميا خرج مما الجاهل بان يتقيد بالمذهب المعروف في البلد فيعمل به وان لم يكن له علم به فزع الى مفتي البلد فكان مذهبه هو قول مفتيه. فان اقوال مفتين كالادلة بالنسبة للمجتهدين فيما يتعلق بالعوام ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات ومن الخلل الظاهر باخرة اهمال العناية بفقه المذاهب الاربعة والازراع على التمذهب بها وهذا جهل مباين لعمل الامة طبقة بعد طبقة وانما كان عمل الناس منظبطا باتباع المذاهب الاربعة. فلما خرج الناس عن ذلك وقعوا في شواذ المسائل والتلفيق بين المذاهب مع العري من الاجتهاد. فان حقيقة الاجتهاد لا يصل اليها الا الاحاد من الخلق. واما ما يدعيه كثير من الناس من نسبة الراجح الى انفسهم في قولهم والراجح او كذا وكذا فانها دعوة بلا دليل فان المجتهد الكامل له الته وشروطه والمخرج من ذلك هو الالتزام بالمذاهب الاربعة. فمن بان له مخالفة قول منها لما ظهر من الادلة قال صاغ له ان يتبع ما ظهر له. وان عزب علمه عنه فانه يتقيد بالمذهب المنضبط. واكثر ان الناس تعزب علومهم عن الاقوال الراجحة الادلة. فيتأكد ولا سيما في حق العامة التقيد بالمذهب لما فيه من انضباط اعمالهم. وامكان ردها الى اصول معروفة واخراج من الغلط في الشريعة بالوقوع في شواد المسائل والرخص الساقطة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعد ان كتابه مرتب على ابواب وفصول تارة يترجم لها بما يدل عليها وتارة يبقيها غفلا من الترجمة كما سبق ذكره. وبين ان كتابه اسمه جامع المسالك في احكام المناسك. ومن الاداب المستحسنة في التصنيف. الاعراب عن اسم المصنف لما فيه من الدلالة عليه وتمييزه عن غيره. ويتأكد الاعراب عن اسم المصنف لان العلم لا يؤخذ عن مجهول. ذكره ميارة المالكي في قواعده ومحمد حبيب ومحمد حبيب الله الشنقيطي في اضاءة الحالك. فالمصنف الغفل من معرفة من معرفة النفي مصنفه لا يقبل عليه. لان العلم لا يؤخذ عن مجهول. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه بدعاء الله عز وجل ان يجعله خالصا لوجهه الكريم. والخالص من العمل هو ما صاحبه الاخلاص. والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله والى ذلك اشرت بقولي اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. ثم دعا رحمه الله تعالى ربه ان يرزقه العصمة من الخطأ والزلل بقوله وان يعصمنا من الخطأ والزلل المراد بالعصمة الحفظ فتقدير الكلام اللهم احفظنا من الخطأ والزلل والدعاء حفظ جائز شرعا ووقع الدعاء بالعصمة في اثر عن عمر رواه ابو نعيم في كتاب الحلية انه قال اللهم اعصمنا بحبلك واسناده ضعيف. وجاء عن ابنه عبد الله انه كان يدعو فيقول اللهم اعصمنا بدينك. رواه البيهقي في السنن الكبرى والصغرى واسناده حسن. ثم ختم دعاءه بقوله في الخبر عن ربه انه جواد كريم. والجواد روي في احاديث ضعيفة انه اسم من اسماء الله عز وجل. والمشهور فيه التخفيف. وذكر فيه التشديد على المبالغة جواد وفي عجائب الاثار ان جبرتي عن بعض من عرف وبهذا الاسم انه كان يرى الصواب فيه عبد الجواد. لا عبد الجواد واما اسم الكريم فهو ثابت لله سبحانه وتعالى. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى فصل يستحب لمن اراد امرا من سفر او غيره ان يستخير الله تعالى فيصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يقول اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم. فانك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علام الغيوب اللهم ان كنت تعلم اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر ويسميه بعينه خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري وعاجله واجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وان كنت تعلم ان هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري واجده واجده فاصرفه عني واصرفني واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. وهذه الاستخارة في الحج وغيره من العبادات لا تعود لنفس الفعل. لانه خير لا شك فيه وانما تعود الى زمنه ان لم يكن متعينا. فان كان متعينا فلا محل للاستخارة وكذلك اذا كان عازما على الفعل او الترك فلا وانما محلها اذا كان مترددا. ثم بعد الاستخارة يستشير من يثق بدينه وعلمه وخبرته ثم يمضي بعدها لما ينشرح له وصدرك عقد المصنف رحمه الله تعالى فصلا في صدر كتابه يذكر فيه ما فينبغي للحاج عند سفره الى حجه. يذكر فيه ما ينبغي للحاج عند سفره الى حجه واستفتح القول في ذلك بالارشاد الى ان انه يستحب لمن اراد امرا من سفر او غيره ان يستخير الله تعالى اي يطلب الخيرة منه. وطلب الخيرة من الله سبحانه وتعالى. لها نوعان احدهما دعاء الله عز وجل كقوله اللهم اني الخيرة في كذا وكذا. ونحوه. والاخر صلاة ركعتين مع الدعاء الوارد وهي المسماة صلاة صلاة الاستخارة. فالاول مشروع من ضاق وقته عن الصلاة. والثاني مشروع لمن اتسع وقته لها وهو اكمل من الاول. واليه اشار المصنف بقوله فيصلي ركعتين من غير ثم يقول اللهم اني استخيرك بعلمك الى تمامه. فصلاة الاستخارة مركبة من امرين احدهما صلاة ركعتين من غير الفريضة. والاخر دعاء الله عز وجل بقول العبد اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك الى تمام الدعاء المذكور. اخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن ابي الموالي عن محمد ابن المنكدر عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما. واختلف اهل العلم في موضع الدعاء من الاستخارة على قولين انه قبل السلام او بعده اصحهما انه يكون بعد السلام. لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر اذا هم احدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة. ثم ليقل. وذكر الدعاء وثم موضوعة في لسان العرب للتراخي. فالدعاء المأمور به متراخ عن صلاة ركعتين. ولا تتم صلاة ركعتين الا بالفراغ منها بالتسليم. فان المصلي لا يسمى مصلي ركعتين فما زاد الا بمفارقة صلاته بالانفكاك عنها بالتسليم اذا ركع ركعتين ثم سلم قيل انه مصل ركعتين. اما قبل السلام فانه لا قالوا انه مصل ركعتين. لتوقف الانفكاك من الصلاة بالتسليم. وفي حديث علي وغيره عند اصحاب السنن وهو حديث حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وتحليل ايها التسليم اي المحل لما بعدها المؤذن بالخروج منها هو التسليم. فالاستخارة متوقفة على صلاة ركعتين تامتين ثم يقول بعد الركعتين هذا الدعاء فمن اراد الاستخارة صلى ركعتين ثم سلم ثم قال هذا الذكر. وهذا الدعاء دعاء المذكور هو من جملة الاستخارة. فلا يكون المصلي مستخيرا الا بامرين ان تكون صلاته ركعتين من غير الفريضة. فلو صلى الفجر ثم دعا لم تقع استخارة والاخر ان يأتي بالدعاء المذكور بعد صلاة الركعتين نفلا يصليها مرة واحدة. ويدعو مرة واحدة. في اصح اقواله لاهل العلم فان لم يتبين له شيء فالمذهب عند الحنابلة انه يكررها ابعن فان لم يتبين له شيء انقطع عن الاستخارة والاظهر والله اعلم الاكتفاء صلاتها مرة. والدعاء المذكور في الاستخارة من جوامع الادعية النبوية. وفي قوله صلى الله عليه وسلم فصرفوا عني واصرفني عنه. اي اذا كان شرا ارشاد الى الدعاء المشهور على السنة الناس من قولهم اللهم اني لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف في فان قوله صلى الله عليه وسلم فاصرفه عني واصرفني عنه دعاء بصرفه بالكلية المتظمن رد القضاء. ثم ذكر المصنف رحمه الله ان هذه الاستخارة بالحج وغيره من العبادات المأمور بها لا تعود لنفس الفعل لانه خير لا شك فيه وانما تعود الى زمنه ان لم يكن متعينا اي على العبد. فان كان متعينا فلا محل للاستخارة فمدرك الاستخارة فيما امر الله سبحانه وتعالى به هو صلاحية وحال العبد له هو صلاحية حال العبد له في قوته وزمنه ومكانه فهو لا يستخير الله فيما امره به. لكونه خيرا قطعا وانما يستخير في صلاحية فعله له حينئذ في زمان او مكان او استطاعة وغيرها ثم قال واذا كان وكذلك اذا كان عازما على الفعل او الترك فلا يستخير وانما محلها اذا كان مترددا اي اي بين الفعل والترك. فاذا كان العبد مترددا يفعل ام لا يفعل فانه يستخير. والصحيح ان الاستخارة مشروعة مطلقة. لقوله صلى الله عليه وسلم اذا هم احدكم بالامر فاذا وجد العزم على الشيء استحب عبدي ان يستخير الله ولو كان عازما عليه لانه باستخارته يطلب الله عز وجل في امره ثم ذكر المصنف انه بعد الاستخارة يستشير من يثق دينه وعلمه وخبرته. لان العبد يفتقر في مصالحه الى استخارة الخالق واستشارة المخلوق. وفي المأثور من القول ما ندم من استخار ولا خاب من استشار وروي مرفوعا من حديث ابي بكر الصديق ولا يصح اسناده. ثم قال المصنف ثم يمضي بعدها لما ينشرح له صدره. فاذا صلى صلاة الاستخارة ثم ثم استشار مضى لما وقع في قلبه العزم عليه وهذا هو المراد بانشراح الصدر وليس المقصود انتظار وجدان معنى ما في القلب بل اذا فرغ العبد من الاستخارة والاستشارة اقبل على العمل الذي اراده. واما التلكؤ عنه لاستجلاب رؤيا منامية اوحال مرشدة في الظاهر فلا اصل له. بل المأمور به ان يستخير ويستشير ثم يقبل على العمل نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى واذا استقر عزمه يبدأ بالتوبة من جميع المعاصي. ويخرج من ظالم خلقي ويقضي ما امكنه من ديونه ويجتهد في رضاء والديه ومن يتوجه عليه بره وطاعته. وليحرص ان تكون نفقته حلالا ويستحب ان يستكثر من الزاد والنفقة ليواسي المحتاجين. ويستحب الا يشارك غيره في الزاد والراحلة والنفقة. ويستحب ان يحصن ركوبا قويا لان الركوب في الحج افضل. ويجب اذا اراد ان يحج ان يتعلم احكام الحج وهذا فرض عين لانه بدونه قد يفسد الحج وهو لا يشعر ويستحب ان يطلب له رفيقا موافقا راغبا في الخير. ويستحب الا يتاجر. ويستحب ان يكون ما سفره يوم السبت ان كان للحج او يوم الخميس او الاثنين. ويستحب اذا اراد الخروج من منزله ان يصلي ركعتين. ويستحب ان يودع اهله ويقول كل واحد منهم استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك زودك الله التقوى وغفر ذنبك احسن الله اليكم. وخواتم عملك زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث كنت. واذا اراد الخروج من بيته من السنة ان يقول ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بسم الله امنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة الا بالله اللهم اني اعوذ بك ان اضل او اضل وازل او ازل واظلم او اظلم او اجهل او يجهل علي. ويستحب ان يتصدق فاذا ركب دابته قال الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون. ثم يقول ثم يقول الله اكبر ثلاثا ثم يقول سبحانك اللهم اني ظلمت نفسي فاغفر لي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب الا انت اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما تحب وترضى. اللهم هون علينا سفرنا هذا سفرنا واطوي عنا بعده. اللهم اللهم هون علينا سفرنا واطوي عنا بعدا. اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل والمال والولد. اللهم انا نعوذ بك من عفاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الاهل والمال والولد. ويستحب اكثار السير في الليل ولا بأس من الارتداء على الدابة ان ويستحب ان يتجنب الشبع المفرط والزينة والترفه في الاطعمة. وليصمت لسانه عن الرفث والفسوق كالغيبة وان يكون له رفقة فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم سفر الواحد والاثنين. ويكرم اصطحاب جرس او كلب. ويستحب اذا اشرف على قرية او منزل ان يقول اللهم اني اسألك خيرها وخير اهلها وخير ما فيها واعوذ بك من شرها وشر ما فيها. ويستحب لمن نزل منزلا ان يقول اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. فانه لا يضره شيء وان يكثر من التسبيح. والسنة اذا جن الليل ان يقول يا ربي وربك الله اعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك. واعوذ بالله من اسد واسود والعقرب ومن ساكني البلد ومن والد وما ولد. واذا خاف قوما او شخصا قال اللهم انا نجعلك في نحرهم ونعوذ بك من شرورهم ويستحب ان يكثر من دعاء الكرب وهو لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله ان الله رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم. واذا استصعب دابة يقرأ في اذنها افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون. واذا ركب سفينة قال بسم الله مجراها ومرساها ان ربي لغفور وقال وما قدروا الله حق قدره؟ الاية. ويستحب الاكثار من الدعاء في جميع سفره لوالديه ولسائر المؤمنين والمؤمنات ويستحب الة للطهارة والمداومة عليها والنوم عليها. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة زمرة من الاحكام المتعلقة بما ينبغي للحاج عند سفره الى الحج فمن جملتها انه اذا استقر عزمه بدأ بالتوبة من جميع المعاصي وحقيقة التوبة هي الرجوع الى الله. ولا تختص بالمعاصي. بل توبة واجبة على العبد في كل ما يعتريه من نقص فكما تجب في نقص معصية بمواقعتها فانها تجب بنقص الطاعة في تركها. فمن كان تاركا للنوافل امر بالتوبة الى الله سبحانه وتعالى من تركها. فمعنى التوبة يستوعب هذا وذاك. ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد في رسالة التوبة وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم في مدارج السالكين وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب رحمه الله وهي واجبة في كل حين وان. وتتأكد عند سفر ولا سيما اذا كان سفرا لعبادة كحج لان مما يعين على العمل تقديم التوبة بين يديه لما فيه من صدق التجرد لله في الاقبال عليه. ثم ذكر ان الحاج ينبغي له ان يخرج من مظالم الخلق بردها طلب التحلل منهم فيها. وعند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده مظلمة لاخيه من مال او عرض فليتحلل اليوم قبل لان لا يكون دينهم دينار ولا درهم. والمراد بالتحلل المسامحة فيها فالتحلل هو طلب الجعل في حل بالعفو والصفح عنه برد المال او غيره ومحله اذا لم تتولد منه مفسدة اعظم من قصد التحلل فان كان يترتب على التحلل مفسدة اعظم لم يطلب من العبد ان التحلل بنفسه كسارق سرق مالا فاراد التحلل منه وخشي المفسدة في مباشرة رده. فانه يجعل واسطة بينه وبين صاحب المال في رده ومثله طلب المسامحة فيما وقع من القول في عرظه. فانه اذا خشي مفسدة تنتج من طلب التحلل كفاه ان يدعو له وهو مذهب ابو الشافعي واختاره ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى في الوابل الصيب ثم ذكر من جملة تلك الاحكام انه يقضي ما امكنه من ديونه فاذا كان عليه دين تقلل منه ما استطاع. ولا يمنعه من من الحج الا ان يكون الدين الذي عليه مستغرقا لنفقة الحج فيقدم قضاء الدين لتعلقه بحق ادمي وتوقف الحج على الاستطاعة. فان كان مدينا لغيره بقدر من المال يكفي في نفقة الحج فان دفع الدين مقدم على الحج فيدفع اليه دينه طلبا لبراءة الذمة. واما ان كان الدين كثيرا لا يأتي على نفقة الحج فانه لا يمنعه. وكذا اذا كان منجما في اوقات مضروبة وهو المسمى بالتقسيط فانه لا يحول بين العبد وبين الحج. ثم ذكر انه يجتهد وفي رضاء والديه ومن يتوجه عليه بره وطاعته اي من يطلب منه وطاعته فهو متجه عليه. وذكر ذلك عند هذا المحل. لان من تعز عليه من والد ونحوه يشق عليه مفارقتك اياه بسفر فرب وما تكره خروجك الى سفرك ولو كان واجبا لما تقتضيه الجبلة الادمية من نفقة الوالد على الولد فيستحب للولد ان يجتهد في رضاء يديه في هذا المحل لتطييب نفوسهما وكذا من يتوجه عليه بره وطاعته من قرابته ثم ذكر من الاحكام ايضا انه يحرص ان تكون نفقته حلالا ليستطيب حجه. فان من طيب الحج كونه بنفقة حلال وعند مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله طيب لا يقبل الا طيبا ومن اجتهد في تطييب نفقة حجه زكت اعماله فيه. فمن اسباب تأتي الحج وصلاحه اصلاح مقدماته ومن اكدها طيب النفقة بان والحلة فيها. فان حج بمال حرام صح حجه عند اهل العلم خلافا لمذهب احمد. فمذهب الحنابلة ان من حج بمال حرام لم يصح حجه ولا اجزأه عن حجة الاسلام. والصحيح ان حجه صحيح مجزئ عنه. الا انه اثم بفعله المال بامر خارج عن حقيقة الحج. فيقع الحج صحيحا بشروطه واما الاثم فيبقى متعلقا بالعبد لكونه واقعا بنفقة محرمة وروي في تقبيح ذلك حديث لا يصح ان من حج بمال حرام فقال لبيك اللهم لبيك قال الله لا لبيك ولا سعديك الحديث ولا يصح ومن الابيات السيارة قول بعضهم اذا حججت بمال اصله سحت فما حججت ولكن حجت لا يقبل الله الا كل طيبة ما كل من حج البيت مبرور ثم ذكر رحمه الله تعالى مما ينبغي للحاج عند خروجه انه يستحب ان يستكثر من الزاد والنفع ان يطلبوا الكثرة منها. ليواسي المحتاجين. اي ليشركهم في زادهم ونفقته فانه اذا كان كثيرا قدر على دعوتهم اليه. واشراكهم فيه ثم ذكر منها ايضا انه يستحب الا يشارك غيره اي لا يجعله شريكا في الزاد والراحلة والنفقة. بل يكون منفردا اذا بزاده وراحلته ونفقته. وموجب ذلك امران احدهما ما تنتجه المشاركة من المزاحمة والمشاحة. ما المشاركة من المزاحمة والمشاحة. وربما اورثت الخصومة والنزاع وربما اورثت الخصومة والنزاع. والاخر عدم امكان مواساة المحتاجين عدم امكان مواساة محتاجين دون اذن شريكه. دون اذن شريكه فيضيق عليه الامر ثم ذكر منها ايضا انه يستحب ان يحصل مركوبا قويا اي دابة يتخذها للركوب تكون قوية. ومثلها المراكب حديثة من السيارات فيتحرى جيدها وعلله المصنف بقوله لان الركوع للحج افضل يعني من المشي فجمهور ادائه صلى الله عليه وسلم مناسك حجه الا ركوبه. فطاف صلى الله عليه وسلم راكبا. وكان في عرفة راكبا انه ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يجب اذا اراد ان يحج ان يتعلم احكام الحج وهذا فرض عيد اي واجب على كل عبد بعينه لانه بدونه اي بدون تعلم احكام الحج قد يفسد الحج وهو لا يشعر فيكون اثما بذلك وتقدم ان القاعدة الجامعة لما يجب من العلم ان ما وجب العمل به وجب تقدم العلم عليه فمن اراد ان يحج وجب عليه ان يقدم علمه باحكام الحج واشار الى تلك القاعدة الاجر في طلب العلم وابن القيم في اعلام الموقعين وابن القيم في مفتاح السعادة وابن القيم في مفتاح دار السعادة والقرافي في الفروق ومحمد علي ابن حسين المالكي في تهذيب الفروق. ومما يتوهمه العلماء العوام غلطا ان الجهل بذلك لا يضر. وان من وقع في خطأ من احكام الحج فانه يجبره بما يذكره الفقهاء من دم او نحوه. وهذا لا يدفع عنهم الاثم. فمن حج دون تعلم احكام الحج فهو اثم ولو كان حجه صحيحا. لانه دخل في حكم شرعي دون علم به ويلزمه تقدم العلم عليه حتى يقع حجه وفق الاحكام الشرعية. فمن يحج وهو لا يعلم احكام اما الحج كيف يقع حجه وفق الاحكام الشرعية. ويتأكد على ولي الامر ان ينصب للناس في الانصار وفي منازل الحج من يعلمهم احكامه. واما قصر وذلك على الافتاء فهو اقتصار على بعض المأمور به. وتقدم العلم هو في الوجوب وفوق نصب المفتين الذين يفتون الناس. فيجب على من انيط به تعليم الناس وهدايتهم وارشادهم في احكام الدين نيابة عن ولي الامر ان ينتصب لذلك او ان ان ينصب غيره ممن يعلم الناس احكام الحج سواء في منازل الحج او في امصال الناس البعيدة عنه ليستفيد معرفته من يريد الخروج الى الحج. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب ان يطلب له رفيقا اي صاحبا موافقا غير مخالف لان من المروءة في السفر وقوع الموافقة بين المسافرين فانها لقلوبهم واصلحوا لامرهم. وان يكون راغبا في الخير. لانه يعينه عليه فان الراغب في الخير يذكرك اذا نسيت وينبهك اذا اخطأت ويذكر الفقهاء عند هذا المحل استحباب صحبة عالم او طالب علم. لان هو الاعلى في الترغيب في الخير. فمن وجد عالما فليلزم غرزه ذكره الشيخ سليمان ابن علي التميمي في منسكه ثم ذكر من جملة الاحكام ايضا انه يستحب له الا يتاجر تجد للقصد بان تكون عبادته في خروجه خالصة في الحج دون مشاركة ذلك بقصد دنيوي من تجارة ونحوها. فان تاجر في حجه جاز ذلك لقول لله عز وجل في ايات المناسك ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم. فان موسم الحج مما يلتمس فيه الربح في التجارة لاجتماع الناس فيه. وكانت العرب اذا كثر الناس في الحج تقول استوى في الموسم الحاج والداج. اي من خرج لاجل الحج ومن خرج لاجل التجارة. فالداج عندهم اسم التاجر. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب ان يكون سفره يوم السبت ان كان للحج لان خروجه صلى الله عليه وسلم الى حجه وقع يوم السبت في اصح الاقوال وبسط ابن القيم البيان في ردا على ابن حزم في كتابه زاد المعاد فان له كلاما حسنا ماتعا في كون خروجه صلى الله عليه وسلم للحج وقع يوم السبت. فيستحب ان يخرج فيه كما خرج النبي صلى الله عليه وسلم او يوم الخميس او الاثنين فاما يوم الخميس فلتقصده صلى الله عليه وسلم الخروج فيه ومحبته له. ففي صحيحين من حديث كعب بن مالك انه قال كان يحب يعني النبي صلى الله عليه وسلم ان يخرج يوم الخميس وعند البخاري قل ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج في سفر الا يوم الخميس. فالاغلب من سفره صلى الله عليه وسلم كونه يوم الخميس. وقال الفقهاء فان لم يكن يوم فيوم الاثنين لان هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة كانت يوم الاثنين فيوافق النبي صلى الله عليه وسلم في خروجه للهجرة ذكر رحمه الله تعالى من تلك الاحكام ايضا انه يستحب اذا اراد الخروج من منزله ان يصلي ركعتين اي نفلا وروي في ذلك احاديث لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها ما رواه ابن خزيمة انه صلى الله عليه وسلم كان لا ينزل منزلا الا ودعه بركعتين وهذا يعم منزله حال الاقامة في الحضر ومنازله حال خروجه في السفر وروي عند الطبراني ما خلف احد عند اهله افضل من ركعتين يركعهما حين السفر واسناده ضعيف ايضا فلا يثبت شيء من المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة ركعتين عند الخروج للسفر وهي المذكورة عند الفقهاء باسم صلاة السفر في التطوع وانما تثبت الركعتين لمن رجع من سفره كما في الصحيح ثم ذكر من الاحكام ايضا انه يستحب ان يودع اهله وجيرانه اي ان يجتمع بهم عند حال الخروج الى السفر مودعا لهم. ويقول كل واحد منهم استودع الله دينك وامانتك وخواتم وخواتم عملك ثبت هذا في حديث ابن عمر عند الاربعة الا النسائي ثم يقول زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث كنت. وهذه الجملة رويت من حديث انس عند الترمذي والدارمي باسناد باسنادين ضعيفين. يقوي احدهما الاخر فيكون الحديث حسنا. فالمشروع لمن ودع مسافرا ان يأتي بهذين الذكرين فالاول منهما استودع الله دينك وامانتك او خواتيم عملك. والثاني زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير خير حيث كنت. واما المسافر فانه يستحب له ان يقول استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه كما جاء في حديث ابي هريرة عند النسائي باسناد حسن فيكون قول المصنف ويقول كل واحد منهم راجع الى المودعين من الاهل والجيران لا ان ذلك من قول المودع والمودع. فهذا المذكور هو قول المودع. واما المودع فهو يقول استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. وانما ذكر هذا في حق المودع والمودع لان الله اذا استودع شيئا حفظه فروى الامام احمد باسناد قوي عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال لقمان ان الله اذا استودع شيئا حفظه. فيرد المودع والمودع جميعا امرهما الى الله بالحفظ فيقع ذلك لتكفل الله سبحانه وتعالى به ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه اذا اراد الخروج من بيته مفارقته ان يقول ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بسم الله امنت بالله الى تمام ما ذكره. والقطعة المذكورة من الدعاء مؤلفة من حديثين اولهما حديث انس عند الترمذي وغيره والاخر حديث ام سلمة عند ابي داود وغيره. وكلاهما حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فحديث انس اعله البخاري بانه لا يعرف لابن جريج راويه عن اسحاق ابن عبد الله عن انس السماع من اسحاق والثاني هو من رواية عامر الشعبي عن ام سلمة ولم يسمع منها قاله علي ابن المدين وغيره فلا يثبت ذكر خاص عند الخروج من البيت. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب ان يتصدق لما في الصدقة من الاعانة على الطاعة فان المتصدق يحسن الى غيره. وهو باحسانه يستدعي احسان الله اليه. فهو يلتمس من ربه بفعله ان يحسن اليه كما احسن الى خلقه. قال الله تعالى وهل جزاء الاحسان الا احسان ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه اذا ركب دابته فانه يقول الحمد لله سبحان الله سبحان الذي سخر لنا هذا الى تمام ما ذكره وهو مؤلف من دعائين. فالاول منهما قول بسم الله. الحمدلله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا منقلبون الى قوله انه لا يغفر الذنوب الا انت روي هذا في حديث علي عند الاربعة واسناده صحيح والاخر قول الله اكبر ثلاثا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وانا الى ربنا منقلبون. اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى الى قوله وسوء المنظر في الاهل والمال والولد ثبت هذا في حديث ابن عمر عند مسلم والسنة الاتيان بهم على الصفة المذكورة وقاعدة الفقهاء غالبا ادراج الاذكار بعضها في بعض. فما اشتركت فيه من اعنى ذكر بعضه لما تقرر عندهم من قاعدة التداخل بين عبادات فالذكران الوالدان يشتركان في جمل من القول فلا يعادان ويقتصر على بعض تلك الجمل. والاظهر ان السنة هي الاتيان بكل وفقا صيغته الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالاول يكون دعاء للركوب والثاني يكون دعاء للسفر. واختلف في دعاء الركوب. هل يعم كل ركوب او يختص بالركوب في الخروج الى السفر على قولين اظهرهما انه يختص بالخروج في السفر عملا بالوارد فمن اراد ان يسافر قاله عند ركوبه. وان جاء به دعاء عند ركوبه ولو في غير سفر جاز ذلك لك كنا الاشبه ان السنة كونه عند الخروج الى السفر ويكون دعاء السفر مندوبا قوله عند ارادة الخروج اول سفره فلا يشرع له في مراحل سفره. فلو دخل بلدا ثم خرج منها الى بلد في طريق سفره فانه لا يكرر دعاء السفر مكتفيا بقوله في اول سفره ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب اكثار السير في الليل اي اجتهاد في قطع الطريق سيرا بالليل. لما روى ابو داوود وغيره عن انس مرفوع عليكم بالدلجة فان الارض تطوى بالليل واسناده ضعيف ويروى في هذا الباب عدة احاديث لا يخلو شيء منها من وهن. وتعددها باختلاف طرقها يوجب قوة لها تدخلها في رتبة الحسان فيستحب الاجتهاد في السير ليلا. لما فيه من الاعانة على قطع السفر وليس معنى ذلك الطي المذكور في الاحاديث ان الارض تجمع اطرافها وتقصف مسافتها قصرا في الليل. فان المسافة هي هي ليلا ونهارا. لكن النهار يكون فيه من انفساح النور وامتداد البصر ما يكل ما يكل معه المسافر ويضعف عن النشاط في سفره. فاذا اظلم عليه الليل ضعف ابصاره فلا يرى الا شيئا قريبا فيجتهد في قطع الطريق قصر بصره لقصر بصره عن الامتداد فيكون ذلك اجمع لقلبه واقوى لنفسه. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه لا بأس من الارتداف على الدابة اي حمل اخر معه. فيركبها اثنان او اكثر وشرطه هو المذكور في قوله ان اطاقته اي ان استطاعت ذلك دون ضرر بها وعليه ترجم البخاري في صحيحه. فشرط الالتداف اطاقة الدابة حمل المترادفين عليها. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح في حديث معاذ وغيره انه اردف صلى الله عليه وسلم واحدا واكثر. ثم ذكر المصنف من تلك الاحكام انه يستحب ان يتجنب ان يتباعد والسبع المفرط اي الزائدة عن الحد المبالغة فيه. والعبد لا يذم على الشبع في اصح قولي اهل العلم. وانما المذموم هو الافراط فيه. لان الافراط في الشبع انهماك في المباح وانهماك في المباح المؤدي الى الزيادة فيه منهي عنه اما نهي كراهة عند الجمهور او نهي تحريم عند جماعة من المحققين كابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابي عبدالله ابن القيم. ويستحب له ايضا ان يتجنب الزينة والترفه في الاطعمة اي الرفاهية الاتساع فيها والتلذذ بانواعها لمفارقة الاتساع الحالة التي تحمد المقبل على العبادة ولا سيما الحج انه ويكون اشعث اغبر متقللا متقلل انه يكون اشعث اغبر متقللا من اسباب التوسعة في المباحات. والافراط في المباح يضعف القلب عن العبادة ومن تقلل من مأكله ومطعمه ومشربه ومنامه اعانه ذلك على مقصوده في الدين والدنيا مع فان الترف ينتج فهو يضعف القلوب ويشغلها عن المطلوب المراد. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه ينبغي له ان يصمت لسانه ان يقطعه صامتا عن رفث والفسوق كالغيبة والنميمة اي ما يستقبح من القول كالغيبة والنميمة. والاظهر والله اعلم ان الرفث للجماع والمقدمات ومقدماته وان الفسوق اسم للكبائر فالدليل الاول قوله تعالى ايش؟ احل لكم ليلة الصيام الى نسائكم والدليل الثاني قوله وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان فان اية الحجرات رتبت المنهيات ثلاثا احدها الذنوب الموقعة في الكفر واليها اشير بالكفر. وثانيها الذنوب الموقعة في الفسوق وهي الكبائر واليها اشير بالفسوق. وثالثها الذنوب التي لا تكون كفرا ولا كبائر وهي الصغائر المشار اليها في الاية بالعصيان. ثم ذكر من تلك احكامه انه ينبغي ان يكون له رفقة اي صحبة في سفره فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا الواحد والاثنين فعند البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في الوحدة ما اعلم ما سافر ما سار راكب بليل وحده وعند ابي داود وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب واسناده حسن ومعناه ان الراكب والراكبين يوافقان حال الشياطين التفرد فان من نعت الشيطان محبة الانعزال والتفرد. فمن كان كذلك وقع في شابه لا انه بعينه شيطان وانما جعل ذلك خبرا عنه لموافقته صفة في التفرد في السفر ومحل ذلك ان لم يكن في طريق مسلوك عادة فان كان في في طريق مسلوك عادة فانه لا يسمى مسافرا وحده. فمن ركب سيارته فاخذ في السير في طريق من الطرق الرئيسة المعتاد المعتاد السفر فيها في بلادنا او غيرها فانه لا يكون مسافرا وحده اذ يشهد سفره قبله وبعده ومن يتقدمه ويتأخره ويتقدمه هو تارة او وتأخروا عنه كثير من الخلق. فان لم يكن الطريق مسلوكا عادة ولو معبدا وجد فيه هذا المعنى ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يكره اصطحاب جرس او كلب اي ان تكون في جملة رفقته في السفر لما رواه مسلم من حديث سهيل ابن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصحبوا الملائكة رفقة فيها لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس. لان الملائكة تتأذى بالكلب لنجاسته وقذارته وبالجرس لانه من مزامير الشيطان ثبت ذلك في الصحيح ثم ذكر المصنف من تلك الاحكام ايضا انه يستحب اذا اشرف على قرية او منزل ان يقول اللهم اني اسألك خيرها الحديث وهو قطعة من حديث صهيب الرومي عند النسائي واوله اللهم رب السبع وما اظللن ورب الاراضين السبع وما اقللن. وربى الشياطين وما اضلل وربى الرياح وما درين. اللهم انا نسألك خيرها وخير الى تمام ما ذكره المصنف. وظاهر اسناده الصحة الا انه يمنع من تصحيحه اختلاف رواته فيه اختلافا كثيرا اشار اليه العلائي وابن حجر فهو معل بالاضطراب. واشار والى ذلك البخاري في تاريخه الكبير اشارة لطيفة فدعاء دخول القرية لا يثبت فيه شيء. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب لمن نزل منزلا ان اعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق. ثبت هذا في حديث خولة كبنت حكيم عند مسلم في الصحيح ومن قال ذلك لم يضره شيء ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه يستحب له ان يكثر من التسبيح لما روى عبد الرزاق عن انس قال كنا اذا نزلنا منزلا لم نزل نسبح حتى نحل الرحال اذا نزلنا لم نزل نسبح حتى نحل الرحال. وهو بهذا اللفظ غلط والمحفوظ ما رواه ابو داوود عنه انه قال كنا اذا انزلنا منزلا لا نسبح حتى نحط الرحال. كنا اذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحط الرحال. ما الفرق بين اللفظين؟ نعم ايش ايش اه في الرواية الثانية انهم كانوا لا يصلون سبحة الضحى حتى يحلون الرحال يقدمون حل الرحال اي الابل بحط ما عليها وارسالها في المرعى لتنتفع الارض في حين صلاتهم. واما في الاول فهو بخلاف ذلك انهم يسبحون وتنتهي سبحتهم عند حل الرحال. والمحفوظ هو الثاني وهو الموافق الشرع في اعطاء البهائم حقها واكرامها عند النزول في ارض بارسالها لترعى ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا ان السنة اذا جن الليل ان يقول يا ارض ربي وربك الله. الى اخره وهو مروي عند ابي داوود من حديث ابن عمر باسناد ضعيف. فقوله فيه واعوذ بالله من اسد واسود الاسد الحيوان المفترس المعروف. والاسود الثعبان العظيم. المعروف بالاصلة فانه كان كثيرا في ارض العرب. وقوله ومن ساكن البلد اراد بالبلد الارض كما في قوله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه يعني والارض طيبة يخرج نباتها باذن الله. وساكن البلد اسم للنازل فيه من الانس والجن فلا يختص باحدهما وقيل يختص بالجن. وفيه نظر نعم لو قال عامر البلد امكن على الجن باختصاص الجن باسم العوامر كما في الصحيح في عدة احاديث. ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه اذا خاف قوما او شخصا قال اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. ثبت هذا عند ابي داوود من حديث ابي موسى الاشعري باسناد صحيح من حديث ابي بردة بن عبدالله عن ابيه عبدالله بن قيس ابي موسى الاشعري ثم ذكر من تلك الاحكام انه يستحب ان ان يكثر من دعاء الكرب المروي في الصحيحين عن ابن عباس لان الخوف من احد يوقع الخائف في كرب ومشقة مما تدفع به الكربة ذكر دعاء الكرب المذكور هنا وهو قول العبد لا اله الا الله العظيم الحليم الى اخره ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه اذا استصعب دابته اي صعبت عليه وشق عليه تدبيرها يقرأ في اذنها افغير دين الله يبغون الاية وروي في ذلك احاديث عن انس عند الطبراني في الاوسط وعن ابن عباس عند البيهقي في دعوات الكبير ولا يثبتان ولا يروى في هذا شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر من تلك الاحكام دعاء يختص بركوب السفينة. وقال واذا ركب السفينة قال بسم الله مجريها ان ربي لغفور رحيم وقالوا ما قدروا الله حقا قدره. وروي هذا في حديثين عند الطبراني في الكبير عن ابن عباس وعنده عنه في كتاب الدعاء وعن الحسين ابن ايظا فيه باسانيد واهية لا يصح منها شيء ولا تختص السفينة بدعاء لا يكون الا فيها وعلى قواعد الفقهاء فان هذا الذكر يكون مستحبا عند ركوب الطيارة. لما افيهم مشاركتها السفينة من الخطر فيكون مستحبا على قاعدتهم في ركوب الطائرة لو ثبت الحديث. ثم ذكر من تلك الاحكام انه يستحب الاكثار من الدعاء في جميع سفره لوالديه ولسائر المؤمنين والمؤمنات لان من مستجلبات اجابة الدعاء واسبابه كونه في سفر فان المسافر على رجاء اجابة وروي في ذلك احاديث منها حديث ابي هريرة عند ابن ماجه ثلاثة لا ترد دعوته وذكر منهم المسافر واسناده حسن. وفي حديث ابي هريرة عند مسلم ثم ذكر الرجل اشعث اغبر يطيل السفر الحديث. وذكره فيه اعلام بان السفر من اسباب اجابة الدعاء ووصف دعائي ووصف سفره بالطول لما يقتضيه من الاغبرار والشعث الموجب للافتقار والاضطراب المؤذن المقاربة اجابة دعائه ثم ختم تلك الاحكام بقوله ويستحب الة للطهارة اي انية بها فيصحبها في سفره والمداومة عليها بان يكون متطهرا حال سفره والنوم على عليها بان ينام على طهارة كما كانت تلك سنته صلى الله عليه وسلم نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى فصل يجب على المسافر وغيره كمال الطهارة للصلاة من الاحداث والنجاسات بالماء. ان وجده وقت الصلاة ويحمله ان امكنه حمله بلا مشقة عليه ويشتريه ان وجده بثمن مثل في محله فان عدمه او تضرر باستعماله او بحمله تيمم بالتراب فضرب ضربة واحدة للوجه والكفين والضربة الثانية للمرفقين سنة عند مالك والى الكوعين عند احمد وعند ابي حنيفة والشافعي ضربتان. واحدة للوجه والثانية لليدين الى المرفقين واذا شرع المصنف رحمه الله تعالى يذكر احكاما يحتاج اليها في مما يتعلق بالطهارة والصلاة. لجلالتهما فان الصلاة هي الركن اعظم بعد الشهادتين. والطهارة مقدمة لها. فمما ذكره انه يجب على مسافر وغيره كمال الطهارة للصلاة من الاحداث والنجاسات بالماء. لما الله ان طهارة العبد من الحدث برفعه وازالته النجاسة من شروط صلاته. فيستعمل في ذلك الماء لانه هو اعلى ما يرفع به الحدث النجس ان وجده وقت الصلاة. ويحمله ان امكن حمله استحبابا بلا مشقة عليه. فيستحب للعبد ان يحمل معه الماء تحصيلا كمال الطهارة ان لم تكن مشقة. فان وجدت مشقة فان المشقة مرفوعة والحرج مدفوع للادلة في ذلك. ويشتريه ان وجده بثمن المثل فيه محله فاذا وجد ماء بثمن هو الثمن المعتاد له فانه يستحب له شراؤه. وان زاد عن المثل فان كانت الزيادة لا تضر استحب له ايضا. اما ان كانت ضارة به مجحفة بماله لم يستحب له ذلك فيشتريه ان وجده بثمن المثل او زيادة لا ثم قال فان عدمه او تضرر باستعماله او بحمله تيمم بالتراب فضرب ضربة واحدة للوجه والكفين. والضربة الثانية للمرفقين عند مالك اي بان يبلغ مسحها الى المرفقين كوضوء والى الكوعين عند احمد. والكوع اسم للعظم الذي يلي الابهام الاسم الذي يلي الابهام بطرف الساعد يسمى كوعا وكل يد لها كوع وعند ابي حنيفة والشام ضربتان واحدة للوجه والثانية لليدين الى المرفقين وارجح الاقوال والله اعلم انه يضرب ضربتين احداهما للوجه والاخرى كفين الى الكوعين. بصحة الاحاديث الواردة في ذلك. وما روي فوق ذلك من الاحاديث الى المرفقين لا يثبت منه شيء. نعم ثبت هذا عن بعض الصحابة الا ان ان المقدمة هو المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنتهى مسح الكفين في التيمم هو الكوعان نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى واذا كان سفره يبلغ مسافة القصر وهي يومان قاصدان بسير الاثقال ودبيب الاقدام وذلك ستة عشر فرسخا جاز له القصر عند الحنفية لا يقصر في اقل من ثلاثة ايام. ويبتدأ اذا فارق بيوت قريته العابرة واذا قدم بلدا او عزم على اقامة اربعة ايام غير يومي الدخول والخروج. صار ملقيما عند مالك والشافعي وعند احمد نوى اقامة اكثر اقامة مدة اكثر من عشرين. اكثر من عشرين صلاة صار مقيما عند ابي حنيفة اذا نوى اقامة خمسة عشر يوما صار مقيما ولا تباح له رخص السفر من قصر او غيره. وان اقتضى من يقصر الصلاة بمقيم لزمه الاتمام على المشهور. وان قضى صلاة وان قضى صلاة سفر في حذر في حضر اتم عند الاحمد والشافعي في احد القولين وعند مالك وابي حنيفة يقصرها وان قضى صلاة حضر في سفر اتم عند الاربعة يجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت احدهما تقديما او تأخيرا. ويفعل الارفق به منهما عند الائمة الثلاثة. وعند ابي حنيفة لا يجوز له الجمع بحال الا في عرفة ومزدلفة لما فرغ لما فرغ المصنف من ذكر ما يحتاج اليه من احكام الطهارة اتبعه بذكر طرف مما يحتاج اليه في صلاة المسافر. فذكر انه اذا كان سفره يبلغ مسافة القصر. وهي يوم ماني قاصدان اي معتدلان بسيل الاثقال على الجمال. ودبيب الاقدام على وذلك ستة عشر فرسخا تقريبا لا تحديدا والفرق بين المقرب والمحدد عند الفقهاء ان ما كان تقريبا لم يضر فيه يسير وما كان تحديدا ضر فيه النقص ولو كان يسيرا. فاذا سفره كذلك جاز له القصر. وعند الحنفية لا يقصر في اقل من ثلاثة ايام. فمذهب الجمهور انه يقصر في المدة المذكورة. وهي بتقديرهم اربعة برد. وكل بريد اربعة اميال اربعة فراسخ. فتكون ستة عشرة فرساخا وثبت ذلك عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما وتقديره بالاميال ثمانية ميلا وتقديره بالاكيال ستة وسبعون كيلا وثمانون من مئة متر وهذا القول هو ارجح الاقوال والله اعلم لثبوته عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ورد ذلك الى ما يمكن ضبطه او لا من رده الى ما لا يمكن ضبطه. لان الاحكام مبنية في الشرع على البيان فهي جلية واضحة يمكن ضبطها ورده الى العرف يعسر ضبطه. فان اعراف الناس تختلف اين احادهم؟ وربما اقترنت بالهوى فصعبت رد ذلك الى شيء يمكن الاستماع عليه. واما التقدير بالمسافة فانه يشبه ان يكون منضبطا وهو المشهور عن السلف مع اختلاف اقوالهم في المسافة فان المعروف عن السلف تقديره بالمسافة دون رده الى العرف. والمقدرات في الاحكام الفقهية جرت عادة السلف في ردها الى ما يمكن ضبطه. لان ارسالها دون امكان ضبط يوعر العمل بها. كالحائض مثلا فان رد قليله الى مدة يمكن المرأة من ضبط احكامه. اما اطلاق القول فيه فانه على المرأة ضبط احكام الحيض. والمناسب للخلق في وضع الشريعة هو ردهم الى احكام المستبينة وفي حملهم على ذلك اخراج لهم من معرة الاختلاف والتردد في عباداتهم. فاذا ردوا الى شيء بين جلي اجروه على انفسهم سهل عليهم الامتثال. واما الاطلاق دون رد الى ما يمكن ضبطه. فانه يشق معه الامتثال وربما تردد احدهم في عبادته. فتجد احدهم يسافر سفرا ان يقصر فيه طورا ويتم طورا اخر. معتقدا مرة انه سفر ومعتقدا مرة اخرى انه ليس بسفر لتردده في شموله حقيقة السفر في ردها الى العرف فالمخرج من ذلك رده الى ما ينضبط وهو ما عليه الجمهور. ويتأكد هذا في التي تفسد فيها احوال الافتاء كزماننا هذا فمما يعين الخلق على احكام دينهم الزامهم بشيء بين في ذلك بما يمكن تقديره مضبوطا مما ذكرناه انفا. ثم ذكر من تلك الاحكام انه يبتدأ اذا فارق بيوت قرية العامرة اي الاهلة بالسكان. فالمعتد به في استباحة قصر الصلاة خروجه من بلده مفارقا البيوت المسكونة دون ما اتصل بالبلد من مزارع ونحوها المحطات البترولية في زماننا هذا التي تكون في اطراف البلد فانها ليست من جملته. ولو كان فيها العمال فانهم لو اتخذوا سكنها سكنهم فيها لم يخرجها عن كونها خارج البلد لان سكنهم عارظ لاجل مصلحتها. فلا تتخذ عادة محلا للسكن ثم ذكر من تلك الاحكام ايضا انه اذا قدم بلدا او عزم على اقامة اربعة ايام غير يومي الدخول والخروج صار مقيما عند مالك والشافعي. وعند احمد ان واقامة مدة اقامة مدة اكثر من عشرين صلاة. صار مقيما وهي فوق الاربعة ايام وعند ابي حنيفة اذا نوى اقامة خمسة عشر يوما صار مقيما ولا تباح له اي عند اقامته رخص السفر من قصر او غيره. واصح هذه الاقوال والله اعلم انه اذا عزم على اقامة اربعة ايام ناويا ذلك قصر فان نوى الزيادة عليها فانه لا يقصر بعدها فمنتهى ذلك هو اربعة ايام للقطع بما ثبت في الصحيح من ان النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في حجه يوم الاحد فصلى بها فجر الاحد وبقي فيها الاثنين والثلاثاء والاربعاء ثم خرج يوم الخميس. فالايام الاربعة بقيها النبي صلى الله عليه وسلم عازما على الاقامة وكان يقصر الصلاة فيها. فاذا كان مزمعا الاقامة فوق تلك المدة فانه لا يقصر بعدها. اما ان كان لا يعلم متى يخرج وتنقضي حاجته فانه لا يزال يقصر حتى يقضي حاجته ولو زاد على اربعة ايام هذا اظهر الاقوال والله اعلم والقول فيه من جنس القول فيما تقدم من انه هو الذي تنضبط به احكام الفتيا للناس وتصلح به ديانتهم وتستقيم. ثم ذكر ان من اقتدى من المسافرين بمقيم لزمه الاتمام على المشهور عند اهل اهل العلم فيصلي بصلاة امامه لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس انها السنة فمن صلى من المسافرين وراء مقيم صلى بصلاته متما. ثم ذكر انه اذا قضى صلاة سفر في حضر بان تكون باقية في ذمته قضاء اتم عند احمد والشافعي في احد القولين لانه يصليها في دار حضر والصلاة في دار الحضر لا تكون مقصورة وعند مالك وابي حنيفة يقصرها لانها قضاء والقضاء يحكي الاداء فالثابت في في ذمته ركعتان فيصليها في حضره كما لزمته في سفره والقول الثاني اقوى من الاول ان من قضى صلاة سفر في حضر فانه يقضيها على الصفة التي لزمته حال سفره وهي القصر. ثم ذكر انه انقضى صلاة حضر في سفر اتم عند الاربعة فمن لزمته صلاته في حضر ثم قضاها في السفر فانه يصليها تامة عند الاربعة بل حكي اجماعا فيجب عليه ان يتمها ثم ختم بانه يجوز للمسافر الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت احدهما تقديما او تأخيرا. ويفعل ارفق به اي المناسب للرفق به منهما تقديما او تأخيرا عند الائمة الثلاثة سوى ابي فان ابا حنيفة لا يجوز الجمع بحال الا في عرفة ومزدلفة. فالمسافر عنده لا يقصر الا فيهما. والراجح مذهب الجمهور من جواز الجمع للمسافر للمسافر وغيره ولو في غير عرفة ومزدلفة. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى باب صفة الحج يجب الحج على الفور اذا توفرت شروطه عند الائمة الثلاثة لحديث. من اراد الحج فليستعجل فانه قد يمرض المريض وتضل وتضل الضالة وتعرض الحاجة وعند الشافعية على التراخي وهو قول قول في مذهب مالك وابي حنيفة لعدم حجه عليه السلام الا في العام العاشر من هجرته واتفقوا على انه احد اركان الاسلام وانه فرض واجب على كل حر مسلم بالغ عاقل مستطيع في العمق في العمر مرة والاستطاعة لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من المقدمات الانفة الذكر شرع مقصوده في كتابه من الاسفار عن احكام الحج مبتدأ بباب ترجمه بقوله باب صفة الحج. ذكر في طليعته انه يجب الحج على الفور اذا توفرت شروطه عند الائمة الثلاثة اي ابي حنيفة ومالك واحمد خلافا للشافعي. فان الحج عنده على التراخي كما ذكره والمراد بالفور المبادرة الى الفعل في اول اوقات امكانه المبادرة الى الفعل في اول اوقات امكانه. واورد في ذلك حديثا ضعيفا وهو حديث من اراد الحج فليستعجل ثم علله بقوله فانه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة والمناسب الاستدلال ما تقرر من الراجح عند الاصوليين ان الامر يوجب فورية فاذا امر العبد بامر شرعي فان امتثاله يكون بالمبادرة اليه في اول اوقات امكانه ويندرج في جملة ذلك اداء الحج. ثم ذكر انه عند الشافعي على التراخي لا على وهو قول في مذهب مالك وابي حنيفة لعدم حجه عليه السلام الا في العام العاشر من هجرته. مع تقدم نزول الامر بالحج عليه في السنة السادسة. وما ذهب الشافعي من تقدم الامر بالحج في السنة السادسة فيه نظر فان الاية النازلة حينئذ هي قول الله تعالى واتموا الحج والعمرة لله وليس فيها الا ايجاب الاتمام دون ايجاب المبادرة بالفعل. واما قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا فانها نزلت في السنة التاسعة. واخر النبي صلى الله عليه وسلم حجه رغبة في تجريد البيت الحرام من حج المشركين ومن تظهر منه مخالفة الشريعة فارسل مع ابي بكر لما حج بالناس ان لا يحج بعد البيت مشرك ولا عريان ثبت ذلك في فلما جرد الحج من الكفر وما يخالف الشرع حج النبي صلى الله عليه وسلم بالناس فلم يكن حجه مفاده ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم ومحمد الامين الشنقيطي في اضواء البيان ثم ذكر ان العلماء من الاربعة وغيرهم متفقون ان الحج ركن من اركان الاسلام ومبانيه العظام الواردة في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين بني الاسلام على خمس وذكر منها الحج ثم ذكر انه فرض واجب على كل حر كامل الحرية لا مبعظا فلو عتق من العبد بعضه لم يجب عليه الحج مسلم بالغ عاقل مستطيع في العمر مرة واحدة فالواجب على العبد ان يأتي الحج مرة واحدة. وهذه الجملة جامعة لشروط الحج وهي ثلاثة اقسام فالقسم الاول شروط وجوب وصحة شروط وجوب وصحة وهما الاسلام والعقل والقسم الثاني شروط وجوب واجزاء شروط وجوب واجزاء البلوغ وكمال الحرية والقسم الثالث شروط وجوب وهي شرط واحد هو الاستطاعة وتزيد المرأة شرطا سادسا وهو المحرم عند الحنابلة خلافا لغيرهم كما سيأتي في محله. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى والاستطاعة هي ملك زاد يحتاجه راحلة مع التهم الصالحة لمثله او ملك ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلا عما يحتاجه لنفسه. ولمن تلزمه نفقته من كتب ومسكن وخادم ان كان ممن يخدم مثله. وما لابد منه من نحو لباس وغطاء وعن قضاء دين لله او لادمي ومؤنته ومؤنة عياله على الدوام من او بضاعة ونحوها ولا يلزمه بيع هذه المذكورات ليحج منها. وللشافعية في هذه المسألة تفصيل يطلب من المطولات. ولا يصير مستطيعا ببذل الغير له وعند مالك الصنعة التي لا تزري تقوم وقام الزاد وقوة البدن مقام الراحلة فان تكلف الحج من لم من لم يلزمه حج اجزاء لان ناسا من الصحابة حجوا ولم ينقل عن احد منهم انه اعاد بدعوى ان الاولى لم تسقط فريضة الحج. ومن لم يستطع ولا ضرر يلحقه بغيره ولا صنعة تقوم به سن له الحج عند احمد ووجب عند مالك وكره لمن حرفته المسألة خلافا لمالك. فان ترك واجبا فيه الحج حرم عليه فان مات من وجب عليه الحج وكان يمكنه فعله لسعة الوقت وامن الطريق اخرج عنه من ما له ما يحج به عنه. من حيث وجب عليهم اطلاقا المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ما يبين الاستطاعة الملتمسة في الحج فان الله قال ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيل فبين ان الاستطاعة ترجع الى ملك زاد يحتاجه وراحلة مع التي هما الصالحة لمثله. وروي في ذلك حديث مرفوع ان السبيل هو الزاد والراحلة. واسناده ضعيف. وروي عن غير واحد من الصحابة لا يثبت منها شيء الا ان الترمذي رحمه الله ذكر في جامعه ان عمل عليه عند اهل العلم انهم يرون ان السبيل وهي الاستطاعة ترجع الى يا ملك زاد وراحلة. ومما اختص به جامع الترمذي عنايته بذكر ما عليه العمل وله في كتابه نفائس من الاحكام الشرعية المحتاج اليها في الفقه المنقول عن الصحابة والتابعين بما لا يستغني عنه فقيه. فلا تكمل الة الفقه الا بجامع الترمذي ولهذا كان جماعة يقدمون اخذه وتفهمه قبل غيره من كتب الحديث كابي اسماعيل الهروي صاحب منازل السائلين فانه كان يقدمه على غيره وكان جماعة ممن يقرؤ الاحاديث درسا من علماء الهند يقدمون اقراء الترمذي ويمعنون في بيان احكامه ويجعلونه اصلا لعنايته ببيان ما يحتاج اليه من الرواية والدراية وهو شديد النفع لطالب العلم. رواية ودراية ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما يقوم مقام ملك الزاد والراحلة ملك ما يقدر به على تحصيل ذلك من نقد او غيره فيكون متملكا نقدا يستطيع ان يحصل به زادا وراحلة فاضلا اي زائدا ما يحتاجه لنفسه ولمن تلزمه نفقته. لما تقرر من وجوب انفاقه على وعلى غيره وقيامه بما يسد حاجته وحاجة من يعوله منفقا عليه. مما يرجع ذلك الى الافراد المذكورة في قوله من كتب ومسكن وخادم ان كان ممن يخدم مثله. وما لا بد من من نحو لباس وغطاء في نوم وغيره وعن قضاء دين لله ككفارة او نذر او لادمي ومؤنته ومؤونة عياله اي ما يمول به نفسه ويسد حاجته في مطعمه ومشربه وملبسه على الدوام اي على الحال الدائمة في ذلك الوقت من عقار او بضاعة ونحوها اي مما يحصل من من استغلال عقار بكسر العين او بضاعة ونحوها ولا يلزمه بيع هذه المذكورات اي مما يملكه من العقارات او البضائع ليحج منها ثم قال وللشافعية في هذه المسألة تفصيل يطلب من المطولات. لماذا ارجعه الى تنين ايش اختصروا ايضا وضعه لمن؟ للعوام ووضعه للعوام الذين يقرب اليهم الاحكام من الملتزمين بمذهب من المذاهب فلما كان مقصود المصنف جعل هذا الكتاب لما يناسب عموم المسلمين من العوام احال في استظهار الخلاف الواقع عند الشافعية الى المطولات لان التطويل على العامي بذكر الخلاف مما يضره ولا ينفعه ومن المسالك المستحسنة للعلماء في بلدنا طبقة بعد طبقة انهم لا الخلاف للعامي لان ذلك يفرق شمله ويشتت همته في العمل المستفتى عن فاذا سأل عامي عن حكم بين له الحكم واذا قرن بدليله فحسن ذلك واما مخاطبته بالخلاف فذلك مما يضيق عنه و يلحقه عنة في استظهار ما ينبغي ان يعمله. وما صار عليه بعظ الناس باخرة من التسويف بين مقام التعليم ومقام الافتاء سببه انهم اخذوا العلم من الكتب لا من العلماء. فهم درسوا سنة او سنتين عند اهل العلم ثم اقبلوا على الكتب يقرأون ويستظهرون ما يستظهرون منها حتى حصلوا قدرا من العلم في المسائل. لكن العلم الكامل لا يحصل الا بدوام الصحبة للعلماء. ومن ذلك مدارك في الافتاء بالا يبسط المتكلم للعامي الخلافة لان لا يشوش عليه بل يجيبه بما ينفعه ثم ذكر رحمه الله تعالى ان العبد لا يصير مستطيعا ببذل غير لهو وهو مذهب ابي حنيفة ومالك واحمد فلو بدل له احد مالا ليحج لم يلزمه قبوله. فان قبله صارت له استطاعة ولزمه حج واستثنى الشافعي وذهب الشافعي الى انه لا يلزمه بالبذل الا ان كان بذل ولد لوالده فاذا بذل الولد لوالده لزمه الحج عند ان كان الولد قضى حجه. ثم ذكر ان مذهب مالك ان الصنعة التي لا تزري اي لا تعيب صاحبها تقوم مقام الزاد. وقوة البدن مقام الراحلة. والاظهر ما تقدم مذهب الجمهور فان تكلف الحج من لا يلزمه من لم يلزمه وحج اجزأه اي صح عنه ذلك واسقط عنه الطلب لان ناسا من الصحابة حجوا مع القطع بضيق حالهم وغلبة الفقر عليهم رضي الله عنهم ولم ينقل عن احد منهم انه اعاد بدعوى ان الاولى لم تسقط فريضة الحج فوقعت مع اقترانها بالتكلف في الخروج الى الحج. ثم ذكر ان من لم يستطع ولا ضرر يلحقه بغيره كعيال يمونهم وله صنعة قوموا به ان يقدروا على الاكتساب بها في حال سفره سن له الحج عند احمد. ووجب عند ما لك كن لما تقدم عند مالك انه يرى ان الصنعة التي لا تزري تقوم مقام الزاد. فيكون محصلا له ومذهب احمد اقوى من انه يسن له ولا يجب لاحتمال لتلك الصنعة بمرض او فقدان المحتاج اليها في ارض. فربما لم يحتاج الى صنعته احد ممن ينزل به في بلد من البلدان. وكره عند الجمهور لمن حرفته المسألة خلافا لمالك فيكره له ان يحج محولا استطاعته على ما اعتاده من سؤال الناس. ثم قال فان ترك واجبا بتكلفه الحج حرم عليه لانه يحرم على العبد ان يضيع ما يلزمه من واجب ثابت في ذمته. يتعلق او بمن ينفق عليه نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى فان مات من وجب عليه الحج وكان لا يمكنه فعله لسعة الوقت وامن الطريق اخرج عنه من ماله ما يحج به عنه. من حيث وجب عليه مطلقا فالواجب عليه عند الحنابلة من دويرة اهله وعند والشافعية من الميقات وفاقا للشافعي كالدين. وقال مالك وابو حنيفة يسقط عنه الحج بالموت الا ان يوصي به فيخرج من ثلثه. ومن عجز عن المسيرة لكبر او مرض لا يرجى برؤه او كان ثقيل لا يقدر على الركوب الا بمشقة شديدة او نضوى الخنقة الذي لا يقدر ان يثبت على الراحلة او ندوى الخلقة الذي لا يقدر ان يثبت على الراحلة الا بمشقة غير محتملة لا زمامه ان يقيم نائبا يحج ويعتمر فورا من بلدي من بلده عند القائمين بوجوب العمرة. وعلى القول الثاني الواجب الحج فقط. اما لزوم اقامة نائب يحج عنه فهو في اقل الشافعي ابي حنيفة وكذا العمرة وفاقا للشافعي على احد قوليهما بموجوبها وقال مالك يسقط عنه الحج لانه غير مستطيع. ولا تصح عنه في حج الفرض مطلقا على المعتمد ما لم يوصي به وتسن العمرة عند مالك وابي حنيفة وعند احمد والشافعي في قولهما الثاني فان مات او نائبه في الطريق حج حج عنه من حيث مات فيما بقي من المسافة وقال مالك وابو حنيفة. ان حج بنفسه ومات في في اثناء الطريق يسقط عنه ما لم يوصي به وان مات النائب في اثناء الطريق رجع الى المحاسبة ان ابا الوارث الاتمام في اجر الضمان وللشافعي قولان فيهما ومن ضمن الحج باجرته او جعل ولم يتمهما ضمن ما لم ما تلف ولا شيء له وعند مالك في الجعالة فقط ولا يصح لمن لم يحج عن نفسه ويعتمر حج ولا عمرة عن غيره. فان احرم بهما عن غيره انصرف لنفسه في اشهر روايتي احمد وفاقا الشافعي وفي رواية وفي روايته الاخرى لا ينعقد احرامه عن نفسه ولا عن غيره. وقال مالك يجوز مع القراءة ويقع الحج للمأمور وعند ابي حنيفة يقع الامر على المذهب مع الكراهة ايضا. ويصح ان يستنيب القادر والعاجز في نفل الحج والنائب امين فيما اعطيه ليحج منه فيضمن الفاضل عن نفقته وقيل لا يرد الفاضل ان كان بجعل معلوم والا رده. ولو جهل النائب المنوب عنه لبى عن صاحب المال الذي اخذه ليحج به عنه ومن عجز عن بعض افعال الحج جاز له ان يستنيب. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة من احكام الحج ان من مات ممن يجب عليه الحج وكان يمكنه فعله لسعة وقتي وامن الطريق اخرج عنه من ماله ما يحج ما يحج به عنه. فيكون ثابتا في ذمته وفاقا للشافعي كالدين فمذهب احمد والشافعي ان من مات ممن وجب عليه الحج وكان يمكنه فعله فانه يحج عنه كالدين الذي يلزمه ثابتا في ذمته فانه يقضى عنه بعد موته. وقال مالك وابو حنيفة يسقط عنه الحج بالموت الا ان يوصي به فيخرج من ثلثه. والراجح هو الله اعلم هو مذهب احمد والشافعي انه يحج عنه لثبوت ذلك دينا في في الذمة وفي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم فالله احق بالقضاء ثبت في ذمته حق لله عز وجل ادي عنه. ومنه ما في الصحيح من مات وعليه صوم صام عنه وليه وهو في النذر اتفاقا واختلف في الثابت بغير بندر كمن يبقى عليه شيء من رمضان. ثم ذكر في اثناء ذلك الاختلاف من موضع الواجب فقال فالواجب عليه عند الحنابلة من دويرة اهله اي محل وعند الشافعية من الميقات هو مذهب الشافعية اقوى. لتعلق احكام الحج بالمواقيت المكانية كما سيأتي في بابه فلو احرم عن ميت من واعتداء من بلده صح ذلك واجزأه. ثم ذكر ان من عجز عن المسير لكبر او مرض لا يرجى برؤه كان ثقيلا لا يقدر على الركوب الا بمشقة شديدة اي لا تحتمل ويلحقه ضرر بها او نضو الخلقة اي ضعيفها الذي لا يقدر ان يثبت على الراحلة الا بمشقة غير معتمدة لزمه ان يقيم نائبا يحج ويعتمر عنه فورا من بلده عند القائلين بوجوب العمرة. وهم احمد والشافعي وعلى القول الثاني الواجب الحج فقط كما هو مذهب مالك وابي حنيفة واشار الى ذلك المصنف بقوله بعد وتسن العمرة عند مالك وابي حنيفة وعند احمد والشافعي في قولهما الثاني والمشهور في مذهب احمد والشافعي ان العمرة واجبة. وهو الصحيح لثبوت الاثار بذلك عن الصحابة. اما الاحاديث التروية في ذلك فلا يثبت منها شيء فمن مات اقام نائبا يحج عنه او ويعتمر ولزوم اقامة النائب هو وفاق للشافعي وابي حنيفة مع الحنابلة فمن كان عاجزا غير مستطيع لزمه ان يقيم نائبا عند الثلاثة خلافا لمالك الذي يسقط الحج عنه لانه غير مستطيع كما يسخطه عن الميت ما لم يوصي والله اعلم هو مذهب الجمهور لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس ان امرأة من ختعم قالت لرسول الله صلى الله عليه ان ابي ادركته فريضة الحج كبيرا لا يثبت على الراحلة فقال صلى الله عليه وسلم حجي عنه واوجب عليها اقامة نفسها نائبة عنه في الحج. ثم قال المصنف ولا تصح النيابة عنه في الفرض مطلقا على المعتمد ما لم يوصي به. فلا يصح ان يقام نائب عنه في حج الفرض ما لم يعينه فيعين فلانا بان حج عنه لانه حق متعلق بذمته فلا يؤدى الا باذنه. فيؤديه النصاب صاحب الحق في الاشهر والله اعلم. ثم ذكر بعد ذلك انه ان مات الحاج او نائبه في الطريق عنه من حيث مات فيما بقي من المسافة. فاذا قطع نصف المسافة فمات. اقيم عنه من يحج في باقي المسافة وقال مالك وابو حنيفة ان حج بنفسه ومات في اثناء الطريق يسقط عنه ما لم يوصي به على ما تقدم من مذهبهما في ذلك. وان مات النائب في اثناء الطريق رجع اي صاحب الحج وذرية من انابه الى المحاسبة في الاجرة فيما قطعه وما بقي عليه. ان ابى الوارث الاتمام. فان ابى ورثة النائب اتمام ما التزمه مورثهم فانهم يرجعون الى المحاسبة في اجر الضمان وللشافعي قولان فيهما ويستحقون ما فرغ منه النائب وليس لهم اجر ما بقي من حجه ثم قال ومن ضمن الحج باجرته اي التزم اقامة نفسه نائبا عن غيره باجرته او جعل اي عطية تجعل على الحج ولم يتمهما. ضمن ما تلف. ولا شيء له. فيضمن وتلف مما انفق ولا شيء له فيما بقي. وعند ما لك في الجعالة فقط اي لا شيء له في الجعالة اما في الاجرة فيأخذ منها قدر ما مضى واما في الجعلة فلا يأخذ شيئا لان الانسان في الجعالة ينفق من نفسه حتى يفرغ مما جعل له من عمل فيأخذ الجعالة بعد ذلك فتقتصر عند مالك في الجعالة. واما عند الحنابلة فانها تدخل في الاجرة والجعالة معا. ثم ذكر انه لا يصح لمن لم يحج عن نفسه ويعتمر حج ولا عمرة عن غيره فمن لم يقض فرض نفسه من نسكه في عمرة او حج ان احرم بهما عن غيره انصرفا لنفسه في اشهر روايتي احمد وهي المذهب وفاقا للشافعي. وقيل لا ينعقد احرامه لا نفسه ولا عن غيره وهي الرواية الاخرى عن احمد وقال مالك يجوز مع الكراهة ويقع الحج للمأمور وعند ابي حنيفة يقع للامر على المذهب مع الكراهة ايضا. وروي في ذلك حديث عن ابن عباس انه ان رسول الله صلى الله عليه سلم سمع رجلا يلبي فيقول لبيك عن شبرمة فقال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ولا يثبت هذا الحديث مرفوعا وانما يثبت موقوفا وبه الحجة. فالمعروف عن الصحابة ان من حج جاء عن غيره قبل ان يحج عن نفسه فانه يرجع الى كونه حجا عن نفسه لانه وصل المشاعر يعني حدود الميقات وقد ثبت في ذمته نسك من حج او عمرة فيلزمه اداؤه نفسه وهذا ارجح الاقوال والله اعلم. ثم ذكر انه يصح ان يستنيب القادر والعاجز في نفل الحد اتساع الامر في النفل بخلاف الفرض فانه يضيق فتختص الاستنابة فيه بالعاجز دون القادر. ثم ان النائب امين فيما اعطيه ليحج منه. فيضمن الفاضل عن نفقته. فما زاد عن نفقته فانه يرده الى من دفعه اليه. وقيل لا يرد الفاضل ان كان بجعل معلوم وان والا رده هذا اظهر فاذا اتفقا على جعل معلوم معين فانه يأخذ ما زاد لوقوع الاتفاق عليه فلو اتفق مع احد ان يدفع اليه جعلا في حجه قيمته ستة والاف ثم حج بثلاثة الاف فانه لا يرجع بالباقي عليه انه جعل جعل له على حجه ولم يقدر بقيمته فليس من جنس الثمن في البيع ثم قال ولو جهل النائب المنوب عنه لبى عن صاحب المال الذي اخذه ليحج به عنه. فاذا جهل اسمه او نسيه لبى عن صاحب المال الذي اخذه ثم قال ومن عجز عن بعض افعال الحج جاز له ان لانه كما جازت الاستنابة في اصل الحج كله جازت الاستنابة فيما عجز عنه من افعاله فلو قدر ان احدا عجز عن رمي الجمار لصغره او لفرط كبره فانه ينيب عنه من يرمي الجمار. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى وان اشتراط لوجوه السعي الى النسك عن المرأة مع شروط المتقدمة ان تجد زوجا او محرما. وهو من تحرم عليه على التأبيد او جمع نسوة ثقات عند الشافعية. وقال مالك ان وجدت رفقة مأمونة لزمها ان تؤدي الفرض بلا زوج ولا محرم. ومن حجت بدون زوج او محرم حرم واجزاءها كمن حج وقد ترك حقا يلزمه من دين او وغيره فانه يحرم عليه ذلك ويجزيء الحج لكن لا يترخص في سفره على القول الراجح ذكر المصنف رحمه الله تعالى شرطا زائدا للمرأة من شروط الحج فقال ويشترط لوجوب السعي الى النسك عن المرأة مع المتقدمة ان تجد زوجا او محرما وهو من تحرم عليه على التأبيد فلا تحجوا الا بمحرم لما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان ان تسافر مسيرة يوم الا مع ذي محرم. فقال رجل اني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وان امرأتي خرجت حاجة فقال حجة مع امرأتك وذهب الشافعية ان النسوة الثقات اذا كن جمعا فانهن يكفين عن المحرم وذهب ما لك الى انها ان رفقة مأمونة ولو رجالا لزمها ان تؤدي الفرض بلا زوج ولا محرم واصح الاقوال والله اعلم هو مذهب الحنابلة. لصراحة الحديث في ذلك فالرجل الذي خرجت امرأته امرأته كان مكتبا في الخروج للجهاد. وكانت امرأته خرجت حاجة فامره النبي صلى الله عليه وسلم بلحاقها. ولم تذكر هذه الاوصاف من النسوة الثقات او كون الرفقة مأمونة في الخطاب الشرعي مع حينئذ فدل تركها على الغائها. وما جاء من الاثار مما يباين ذلك فانه مما تمكن الاجابة عنه. فحج ازواج النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر مما يحتمل وجود محرم لبعضهن يمتلئن معه حينئذ منعهن من السفر وهذا هو الظن الحسن بعمر رضي الله عنه وبازواج النبي صلى الله عليه وسلم كما ان لهن من الحرمة ما ليس لغيرهن فانهن امهات المؤمنين فالحاق غيرهن بهن فيه نظر لاجماع الخلق قاطبة على توقيرهن وتعظيم حرمتهن بخلاف غيرهن من النساء وكذلك ما صح عن ابن عمر من خروجه جملة من مواليه من الى الحج لانه كان اذا خلفهن خلفهن في المدينة. وكان زمن ابن عمر زمن فتن وقلاقل في النزاع الذي وقع بين ابناء الزبير وبين بني امية ففي تخليفهم وراءه مفاسد كثيرة من التعرض لهن وعدم وجود من يحميهن ويقوم عليهن. فما من شيء من الاثان الا يمكن الجواب عنه. واما الحديث فانه لا يمكن الجواب عنه صراحته. فالاظهر والله اعلم المحرم ويتأكد هذا عند غلبة الفساد على الخلق كالازمنة المتأخرة بما لا يقع في بال احد فان انواع الشرور المتعلقة بالنساء في ايام الحج ظهر شدتها في هذه الازمنة فينبغي التشديد في ذلك حرصا على حفظ حرمات الخلق والمفتي لا يلاحظ المدارك الشرعية من الادلة فقط بل يلاحظ المدارك الشرعية المتعلقة بحال المستفتين ولما ضعف هذا الاصل في نفوس الناس توسعوا في انواع من الامور المشتبهة في والاعراض حتى جرت الناس الى الحرام. افتاء المشهور بانواع من الانكحة مما يسمى المسيار والمصياف ونحوها من انها مما جمعت شروط النكاح فتكون نكاحا صحيحا هذا افتاء بحسب الظاهر من المسألة الذي لوحظ فيه الحكم الشرعي دون ملاحظة حال ناس مع مقاصد الشرع في الانكحة فان مقاصد الشرع في الانكحة تباين هذه الانواع وتخالفها فكيف اذا انضم الى ذلك فساد الناس ودخولهم في انواع من الشرور افضت بهم الى الفجور. فيتأكد في حق المفتي ان يتوقى ارسال القول في التيسير والتسهيل على الناس في مثل هذه المسائل في الاعراض او الاموال حماية لهم وحفظا لهم من الوقوع في الحرام البين. الذي ظهرت شواهده في كثير من الوقائع المرفوعة في القضاء مما يتعلق بالاموال او الانكحة واذا كان كثير من المنتصبين الافتاء اليوم يزعمون انه هم يتبعون الدليل وانهم ليس على ليسوا على طريقة اهل الظاهر من الجمود على النص فمن المقطوع عند اللبيب انهم من اهل للجمود على النص في الافتاء فهم يفتون بحسب الدليل الذي يتوهمونه بقطعه عن مدارك ما يتعلق باحكام الناس وموارد اصلاحهم وليست هذه هي حال الفقيه الكامل بل الفقيه الكامل ينظر الى الادلة الشرعية والموارد الحكمية واحوال الخلق فيفتي بها. وربما سكت عن الافتاء بها لما في بذلك من مصلحة الخلق ومن تتبع احوال المفتين من العلماء الراسخين في طبقات الامة مثل هذه المشاهد وصارت بينة له. اما من يأخذ العلم صرفا من المعلومات التي تكون في كتب او يلقى عليه في الدروس دون ان يصحب اهل الافتاء ولا يتخرج بهم فانه لا تكمل عدته والتخريب في الافتاء مطلب كالتخريج في العلم والقضاء. وهو مطلب صار ضعيفا في الناس. فصار منتهى المفتي ان العلم عن شيخ ثم يقرأ في الكتب ثم يفتي الناس. لا ان يربيه شيخه على الافتاء مرة بعد مرة ويرد اليه المسائل او يأمره بملاحظة كيفية مسألته وما يجيب به الناس. وان هذه المسألة يجاب فيها بمثل هذا لانه يصلح للناس كالمسألة التي ذكرت قريبا في درس فائت عن الكنيسة التي تهدمت او هدمت هل يلزم الدولة ان يعيد بناءها؟ فكان الجواب ان تلك الدولة اذا سألت عن هذه المسألة اجيبت فان هذا من مسالك الافتاء التي ينبغي ان يعيها سامعوا الفتوى. وان الفتوى مما يحفظ مقامها لا يهدر القول فيها بالكلام في كل ساقطة ولاقطة. وصح عن ابن مسعود عند الدارمي انه قال من افتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون. واذا اردت ان ترى انواعا من هذا الجنون والجنون ذو فنون فما عليك الا ان تطالع بعض مجالس الافتاء في القنوات الفضائية حتى ترى دروبا من الافتاء. يسأل فيها المستفتي عن وقائع لا اتكونوا ولم تكون؟ وانما يخرجها من يسأل عنها اما استهزاء بالمفتين او رغبة في الطعن في الدين او غير ذلك من المقاصد الخبيثة ثم تجد هذا المفتي الذي لم يتخرج بالمفتين الكمل يبادر الى الجواب عنها اما الالباء الاذكياء ممن وعى صناعة الافتاء فانه يلتمس سؤالا اخر ويصرف القول عن هذه المسألة وبهذا يكون تأديب الناس وتعريفهم بالشريعة وتقويتها في نفوسهم. اما الاجابة في كل ساقطة ولاقطة مما لم يقع ولا يقع ففي ذلك اضعاف للشرع وتوهين له وتجزئة لاهل الفسق والمجون والفساد عليه مما صار اولئك المفتون شركاء لهم فيه. واذا لاحظت ما كان عليه السلف من العزوف عن الافتاء وتوقيه عرفت شدته اذا رأيت حال الناس اليوم وزاد بعض المفتين في الطنبور نغمة اذ صاروا يزرون على حال الكمل من المفتين. فصار احدهم تباعدوا عن قول لا ادري وصارت بعض تلك القنوات لا ترحب بمفت يتكرر فيه في اجوبته لا ادري فان احدى اعتذرت الى احد المفتين من اعادة اظهاره لانه سئل غير مرة فكان جوابه لا ادري. ومثل هؤلاء حقيقون اصلا بان لا يذهب اليهم ومن مسالك حفظ الدين والعلم ان لا يرسل الانسان نفسه في كل مهيأ فليس كل تدعى اليه تذهب وانما المقام الذي جعلك الله عز وجل له من الامامة او التعليم في المسجد او الخطابة او الافتاء لمن صدق هذا هو الذي تطلبه واما الذهاب الى هنا او هناك فاياك واياه فانه مذلة قدم ومسبة انسان يستشرفها لنفسه ومن رأى احوال الناس عرف القول وانما ارسل البيان في هذا لشدة اليه فيما ذكرنا ثم ختم المصنف بقوله ومن حجت اي من النساء بدون زوج او محرم حرم واجزأها عن الحج فصح ذلك حجا عنها مع الاثم كمن حج وقد ترك حقا يلزمه من دين يمكن الوفاء به او غيره فانه يحرم عليه ذلك ويجزيه الحج لكن لا يترخص في سفره على القول ايش عندكم؟ الراجح وهذا موظع من المواظع التي رجح فيها المصنف وان كان في صدر كتابه ذكر انه لا يتعرض لترجيح او تزييف. لان المشهور عند الاربعة ان الرخص لا تستباح المعاصي فمن سافر سفر معصية فانه لا يستبيح رخص المسافر لان القصد من الرخص التوسعة والعاصي لا يناسب وضعه شرعا ان يوسع عليه. بل يضيق عليه لينكف عن معصيته. ومن عليه منعه من رخص السفر. هذا مذهب الائمة الاربعة وهو قول الجمهور وفيه قوة ويشبه ان يكون راجحا كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته وباذن الله تعالى بعد صلاة العصر والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين