السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا حقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله مبلغا صدقا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فهذا المجلس الاول في شرح كتاب الداعي الى خير المساعي لمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم اما بعد فاعلم ان اعظم ما امر الله به التوحيد. واعظم ما نهى عنه الشرك. قال الله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وقد امرنا بتعلم التوحيد. فقال تعالى فاعلم ان انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. وهو اول واجب على العبد تبدأ به قبل غيره من المأمورات حتى الصلاة. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه الى نحو اهل اليمن قال له انك تغدو على قوم من اهل الكتاب. فليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان يوحدوا الله تعالى فاذا عرفوا ذلك فاخبرهم. فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم في يومهم وليلتهم متفق عليه من حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما ويجب على العبد الخوف من الخوف من الشرك. فانه اخوف ما يخاف منه عند من عرفه. عند من عرفه وسوء عاطفته وعد واعتبر واعتبر بدعاء الخليل. وهو من هو الله وبنيه عبادة الاصنام. فكيف بغيره؟ قال ابراهيم الترمي رحمه الله من يأمن فلا بعد خليل الله ابراهيم حين يقول الاصنام. رواه ابن ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم ثنى بالحندلة ثم وكلتا بالصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وهؤلاء الثلاث من اداب التصنيف اتفاقا. فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه ثم شرع يدعو الى مسعد من خير المساعي. فقال فاعلم ان اعظم ما امر الله به التوحيد واعظم ما نهى عنه الشرك. فان المأمورات الشرعية في مراتب مختلفة. فالحسنات ذات درجات متفاوتة منها ما هو فرض ومنها ما هو نفي. والفرض نفسه درجات متفاوتة وكذلك النفي. وكما يقال في المأمورات يقال في المنهيات. فان المنهيات درجات متفاوتة ايضا. فدرجات السيئات مختلفة. فمنها الكبيرة ومنها الصغيرة وكل واحدة من النوعين ذات رتب متفاوتة وتلك المأمورات والمنهيات. وان اجتمعت في اصل واحد من الامر والنهي فانها يقدم منها واحدة تكون هي الاعظم. فاعظم المأمورات توحيد الله عز وجل واعظم المنهيات الشرك به. وقد ذكر المصنف الدليل فقال قال الله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. فالاية المذكورة تدل على ان ان اعظم المأمورات التوحيد واعظم المنهيات الشرك. ودلالتها على ذلك من وجهين احدهما في تقديم الامر بالتوحيد والنهي عن الشرك على ما بعدهما من المأمورات والمنهيات في الاية. تقديم الامر بالتوحيد والنهي عن الشرك على ما بعدهما من المأمورات والمنهيات في الاية. وانما يقدم المقدم. فتصدير الاية بالامر بالتوحيد يدل انه اعظم المأمورات. وتصدير النهي فيها بالنهي عن الشرك يدل على انه اعظم المنهيات. والاخر في عطف ما بعدهما. من المأمورات عليهما في عطف ما بعدهما من المأمورات والمنهيات عليهما. فان المأمورات في الاية معطوفة على الامر بالتوحيد والمنهيات المذكورة في الاية معطوفة على النهي عن الشرك. والعطف من باب التوابع. في كلام فالنوحات يذكرون التوابع الاربعة النعت والتوكيد والبدل والعطف. وكما يكون هذا باللسان فانه يكون في المعاني. فما جعل تابعا في الامر والنهي في الاية يكون بمنزلة المؤخر رتبة عما قدم. فالمقدم من الامر هو الامر بالتوحيد. وما بعده من المأمورات تابع له وكذلك المقدم من النهي هو النهي عن الشرك وما بعده من المنهيات تابع له ثم قال وقد امرنا بتعلم التوحيد. فقال تعالى فاعلم انه لا اله الا الله. الاية ودلالة الاية على الامر بتعلم التوحيد في قوله فاعلم انه لا اله الا الله فانه امر للنبي صلى الله عليه وسلم بتعلم التوحيد المذكور بكلمته الدالة عليه ان لا اله الا الله هي كلمة التوحيد. فجعلت كلمة التوحيد دالة على المدلول وهو معناها فتقدير الكلام فاعلم التوحيد. فتقدير الكلام فاعلم التوحيد. فاقيمت مقام المدلول. فاقيم الدال مقام المدلول والاية المذكورة هي من سورة مدنية. هي سورة محمد. وقد انزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قيامه الذي قام به من دعوة الى التوحيد في مكة فانه قام وقعد وابدى واعان ادى في دعوة الناس الى التوحيد في مكة واقام بين اظهر قريش ثلاثة عشر عاما يدعوهم الى توحيد الله ثم لما هاجر الى المدينة كان مما انزل عليه صلى الله عليه وسلم امره بالعلم بالتوحيد في قوله فاعلم انه لا اله الا الله. فاذا كان القائم بالتوحيد خير مقام بالدعوة اليه يؤمر بتعلم التوحيد فان غيره من الخلق اولى بالحرص على هذا بامرهم به. ومن قواعد خطاب الشرع ان الامر والنهي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن اعظم من غيره. فقول الله تعالى يا ايها النبي اتق الله او قوله تعالى فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. او قوله تعالى فاقم الصلاة. يدل مبادرته صلى الله عليه وسلم بالخطاب بتوجيهه له ان ما ذكر من اعظم المأمورات يكون الواقع في هذه الاية من سورة محمد صلى الله عليه وسلم بامره بتعلم التوحيد هو اعظم المأمورات ثم قال وهو اي التوحيد اول واجب على العبد اي اول شيء يتعلق بذمة العبد تعلقا واجبا. وكون التوحيد اول واجب على العبد له موردان وكون التوحيد اول واجب على العبد له مولدان. احدهما كون الاولية حقيقية كون الاولية حقيقية. وهذا في حق الكافر اذا دخل الاسلام. وهذا في حق الكافر اذا دخل الاسلام. فانه يؤمر بكلمة التوحيد لا اله الا الله. فانه يؤمر بكلمة التوحيد لا اله الا الله. والاخر كون الاولية حكمية. في حق من نشأ وهو يدين بدين الاسلام في كون الاولية حكمية وهذا في حق من نشأ وهو يدين بدين الاسلام. فمن ولد من ابوين مسلمين يلزمه ابتداء التوحيد. فانه لا يصح منه شيء من العبادات التي يؤمر بها واولها الصلاة ومقدمها الوضوء حتى يكون موحدا ومن ادرك هذين الموردين عرف الفرق بينهما. وان الاولية التي يذكر اهل العلم في التوحيد تختلف بين عبد كان كافرا فاسلم. وعبد يدين اصلا بدين الاسلام باعتباره مولودا من ابوين مسلمين. فالاول تكون فيه الاولية حقيقية ظاهرة بينة حيث انه لا حيث انه لا يدخل دين الاسلام حتى يأتي بكلمة التوحيد. واما الثاني فتكون فيه الاولية حكم باعتبار ان اول ما تعلق بذمته اصلا من امر الشرع هو توحيد الله. فان الصلاة التي يؤمر بها وهو ابن سبع لا تصح منه مع مقدمتها وهي الوضوء حتى يكون اذا لله سبحانه وتعالى. واذا عقل هذان الموردان ارتفع الاشكال. من كون اهل العلم يطلقون اول واجب حتى في حق من يدين بدين الاسلام فان اطلاقهم له في حق من يدين دين الاسلام هو باعتبار معنى الذي ذكرناه من كون الاولية حينئذ تكون اولية حكمية. ومن مآخذ السلف في اصلاح الناشئة انهم كانوا يستحبون اذا فتق لسان الغلام او الجارية ان يلقن لا اله الا الله. اذا فتق لسان الغلام او الجارية ان يلقن لا اله الا الله كي يشرب قلبه حقيقة التوحيد بكلمته. فيكون ممن دان لله بدين الاسلام من ابوين مسلمين معتقدا انه لا اله الا الله. ثم قال ويبدأ به قبل غيره من المأمورات حتى الصلاة ان يقدم الامر بالتوحيد على الامر باي مأمور مهما بلغ قدره ولو كان المأمور به هو الصلاة التي هي اعظم الاركان العملية. فالتوحيد اعظم منها. وشاهد في قوله فان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه الى نحو اهل اليمن قال له انك تقدم على انك تقدم على قوم من اهل الكتاب. فليكن اول ما تدعوهم الى ان يوحدوا الله تعالى. الحديث متفق عليه من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما واللفظ للبخاري. فالحديث المذكور يدل على البداءة بالدعوة الى التوحيد والامر به قبل غيره من وجهين احدهما في قوله فليكن اول ما تدعوهم الى ان يوحدوا الله تعالى. فجعل او ولية الدعوة مختصة بدعوتهم الى توحيد الله عز وجل. والاخر في تأخير امرهم في تأخير امرهم بالصلاة بعد دعوتهم الى التوحيد. في قوله فاذا عرفوا ذلك فاخبرهم ان الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم. ثم قال ويجب على عبدي الخوف من الشرك فانه اخوف ما يخاف منه عند من عرف قبحه وسوء عاقبته فسلامة دين العبد في دوام خوفه من الشرك. وانه ينبغي ان منه العبد فمن عرف قبح الشرك وانه مشتمل على مسبة الله وانتقاصه وهظم حقه وجعل ما له لغيره عرف بشاعة الشرك وشناعته. فان المرء يستبشع ان جعل احد حقا لاحد من الخلق مصروفا الى غيره. فلو قدر ان احدا وضع يده على شيء مملوء لاحد من الخلق غصبا وقهرا ثم جعله لغيره من الخلق كان فعله موصوفا بالظلم. فكيف اذا كان هذا العبد المملوك لله سبحانه وتعالى من كونه يجعل حق الله سبحانه وتعالى من العبادة لغيره ولبشاعته وشناعته فان الله سبحانه وتعالى لا يغفره. قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. الاية. فمنشأ شدة الخوف من الشرك امران. فمنشأ شدة الخوف من الشرك امران. احدهما قبحه في نفسه. قبحه في نفسه. وان مشتمل على جعل حق الله لغيره. وانه مشتمل على جعل حق الله لغيره. والاخر سوء عاقبتي من كون العبد لا يغفر له. سوء عاقبته من كون العبد لا يغفر له ما وقع فيه من الشرك فكل ذنب على رجاء مغفرة الا الشرك. فكل ذنب على رجاء مغفرة الا الشرك ثم قال مشفقا واعتبر بدعاء الخليل. يعني ابراهيم عليه الصلاة والسلام. وهو من هو اي في مبلغه من تحقيق التوحيد. كما قال الله تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين. فمع بلوغ ابراهيم الخليل. عليه الصلاة والسلام. هذه المرتبة العالية من تحقيق التوحيد فانه دعا ربه سبحانه ان يجنبه وبنيه عبادة الاصنام فالحال التي عرضت لابراهيم الخليل في شدة خوفه من الشرك مع كونه محققا التوحيد بالغا فيه مرتبة الخلة تحمل غيره على شدة الخوف منه وهذا الخوف ظاهر في حال ابراهيم من جهتين. وهذا الخوف ظاهر في حال ابراهيم من جهتين. احداهما في دعائه الله عز عز وجل ان يجنبه وبنيه الشرك في دعائه الله عز وجل ان يجنبه وبنيه الشرك والدعاء بالتجنيب يكون فيما يخاف ويهدى. والدعاء بالتجنيب يكون فيما يخاف فان المرء اذا خاف شيئا دعا الله ان يجنبه اياه. فان المرء اذا خاف شيئا دعا الله ان يجنبه اياه فالدعاء بتجنيب عبادة الاصنام يدل على كون تلك العبادة وهي شرك مما ينبغي ان يخافه العبد والاخر في كون الداعي بهذا هو ابراهيم عليه الصلاة والسلام. في كون الداعي بهذا هو عليه الصلاة والسلام الذي حقق التوحيد تحقيقا تاما حتى صار خليلا لله رب العالمين. فاذا كان ابراهيم وهو بهذه المرتبة يخاف على نفسه وبنيه الشرك فان غيره اولى بالخوف لاجل هذا قال ابراهيم التيمي وهو احد التابعين من يأمن من البلاء بعد خليل الله ابراهيم حين يقول وجنبني وبني ان نعبد الاصنام. رواه ابن جرير في تفسيره. اي لا احد يأمن الوقوف في الابتلاء بالشرك بعد ابراهيم عليه الصلاة والسلام الذي كان محققا له فان الخوف على غيره اعظم. فينبغي ان يعظم خوف العبد من الشرك اذا اعتبر الحال التي كان عليها ابراهيم عليه الصلاة والسلام. ويدعو العبد الى شدة الخوف من الشرك كثرة ابوابه. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الشرك بضع وسبعون بابا. الشرك بضع وسبعون بابا. رواه البزار وغيره باسناد صحيح. وذكر عدد السبعين يراد به في كلام العرب التكفير والمراد بالابواب الانواع. فانواع الشرك كثيرة. واذا كانت انواعه فان العبد لا يأمن على نفسه ان يقع في شيء منها. وانظر هذا في الرياء الذي هو باب من تلك الابواب. وهو يطرق قلب العبد كل يوم. فان العامل لله بالصالحات يشتد خوفه ان يكون شيء من اعماله واقعا على وجه الرياء. قال سهل ابن عبد الله ومحمد بن ادريس الشافعي رحمهما الله لا يخاف الرياء الا المخلصون. اي لا يتوجس الخوف من الرياء ويتفطن الى دقائقه سوى الساعين الى تحقيق مرتبة الاخلاص. جعلنا الله واياكم منهم. نعم