نعم فصل واعلم ان العبد مأمور بالاستمساك بالوحي لقول الله تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط لان القرآن تبيان لكل شيء وهو هدى ورحمة وبشرى للمسلمين. كما قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد تركنا على على مثل البيضاء ليلها ليلها ونهارها سواء ودل امته على خير ما علمه لهم. وانذرهم شر ما لهم فعن ابي الدرداء فمن عن ابي الدرداء الانصاري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وايد الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء. رواه ابن ماجته واسناده حسن رواه ابن ماجة. رواه ابن ماجة. واسناده حسن. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص. رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انه لم يكن نبي قبلي الا كان حقا عليه ان يزل امته على خير ما يعلمه لهم. وينذرهم شر ما يعلمه لهم. رواه مسلم وبين ما يحتاج اليه الناس في دينهم بيانا تاما ليستغنوا ببيانه عن ما عداها فعن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه انه قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه الا عندنا منه علم. رواه ابن حبان. واسناده صحيح فلا نتكلف بعده ما لا يعنينا فانما اهلك الذين من قبلنا كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهينا عن التكلف رواه البخاري وعن ابي هريرة رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فانما الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم. متفق عليه. ولا نعلم ولا نعمل ولا نعمل في امر الدين بالرأي. الذي لا يستند الى اصل من الشرع. متبعين وصية سهل ابن حنيف رضي الله عنه انه قال يا ايها الناس اتهموا رأيكم على دين على دينكم لقد رأيتني يوم ابي جندل لو استطيع ان ارى ان ارد ارد امر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليه لرددته متفق عليه ذكر المصنف وفقه الله فصلا اخر يدعو فيه الى مسعى اخر من خير المساعي. فقال واعلم ان العبد مأمور بالاستمساك بالوحي. وهو شدة التعلق به ولزومه هو شدة التعلق به ولزومه. قال لقول الله تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم فالاية نص في الامر بالاستمساك بالوحي اي شدة التعلق به ولزومه. ثم علل وذلك بقوله لان القرآن تبيان لكل شيء وهو هدى ورحمة وبشرى للمسلمين كما قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. الاية والتبيان هو الايضاح. والتبيان هو الايضاح القرآن مبين اتم البيان والايضاح ما يحتاج اليه الناس في امر دينهم من نافع العاجلة والآجلة. ثم قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ودل امته على خير ما علمه لهم وانذرهم شر ما علمه لهم فما جاء من الوحي في القرآن والسنة مشتمل على بيان الخير للناس ترغيبا فيه وعلى بيان الشر تحذيرا منه ثم ذكر ما يصدق هذا مما قرره من ان النبي صلى الله عليه كلما تركنا على مثل البيضاء ودلنا على خير ما علمه لنا. وحذرنا من شر ما علمه لنا فذكر حديث ابي الدرداء الانصاري رضي الله عنه وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء. الحديث رواه رواه ابن ماجة واسناده حسن والبيضاء وصف لموصوف محذوف يقدر بما يناسبه والبيضاء وصف بموصوف يقدر بما يناسبه. كالمحجة كالمحجة وشهر هذا في كلام اهل العلم انه يذكرون المحجة البيضاء خبرا عن السنة والدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من ربه ولم يثبت ذكر هذا اللفظ في شيء من حديثه صلى الله عليه وسلم. لكن الصفة المذكورة في قول بيضاء مناسبة لهذا الموصوف وهو المحجة. ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عند مسلم وفيه انه لم يكن نبي قبلي الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم. وينذرهم شراء ما يعلمه لهم ثم قال وبين ما يحتاج اليه الناس بيانا تاما ليستغنوا ببيانه عما فعن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه انه قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه عندنا منه علم. رواه ابن حبان واسناده صحيح. فليس شيء يحتاج الخلق الى بيانه من امر الديني او امر الدنيا الا وبينه النبي صلى الله عليه وسلم لنا بيانا شافيا. قال فلا نتكلف وبعده ما لا يعنينا فانما اهلك الذين من قبلنا كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم فالتقعر في بحث ما لا يحتاجه العبد والتشدد فيه هو من التكلف المنهي عنه. وعند البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال نهينا عن التكلف. ومثل هذا يعد من المرفوع في اصح قولي اهل العلم فتقدير الكلام نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التكلف فمن المناهي التي نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها التكلف وهو التقعر والتشدد وطلب الا يحتاجه العبد ولا تقم مصالحه به. ثم قال صلى الله عليه وسلم فانما في الحديث الذي ذكره فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم متفق عليه ثم قال المصنف ولا نعمل في امر الدين بالرأي الذي لا يستند الى اصل من الشرع اي لا يرجع الى قواعد الشرع ومقاصده. وهو الذي يسمى الرأي المذموم. فاصل رأيي هو الاستنباط. فاصل الرأي هو الاستنباط بنظر العقل والاستنباط العقل وهو نوعان احدهما رأي محمود رأي محمود وهو ما احتمل اللفظ وقام عليه الدليل. ما احتمله اللفظ وقام عليه الدليل والاخر رأي مذموم وهو ما لم يحتمله اللفظ ولا قام عليه الدليل. وهو ما لم يحتمله اللفظ الوضوء ولا قام عليه الدليل. فما كان من الرأي المذموم فلا يعمل به في الدين. فما كان من الرأي المذموم فلا يعمل به في الدين. قال متبعين وصية سهل بن حنيف رضي الله عنه انه قال يا ايها الناس اتهموا رأيكم على دينكم. اي اتهموا الرأي المذموم وهو المخالف لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فما يقع في اذهان الخلق مخالفا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين فانه ينبغي ان يكون محل التهم بان يتركه العبد ولا يلتفت اليه قال لقد رأيتني يوم ابي جندل ولو استطيع ان ارد امر رسول الله صلى الله عليه وسلم رددت اي لو قويت على رد امر النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ لفعلت. ويوم ابي جندل هو يوم جاء ابو جندل ابن سهيل ابن عمر رضي الله عنه الى النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عند مكاتبته مع ابيه سهيل ابن عمرو. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما شرع يكتب ما وقع بينه وبين المشركين من المصالحة وكان مقدم المشركين في ذلك سهيل بن عمرو جاء ابنه ابو جندل ابن سهيل ابن عمر فارا من المشركين وهو يرفث في سلاسله وكان النبي صلى الله عليه وسلم اتفق مع سهيل ومن معه على امور منها ان من جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين مسلما فان النبي صلى الله عليه وسلم يرده الى قومه. فلما وقع اتفاق على هذا وشرع الكاتب يكتب الصلح بينهما جاء ابو جندل حينئذ فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم من سهيل وهو والد ابي جندل ان يتركه له. فقال سهيل هذا اول من اكاتبك عليه. يعني هذا اول من يندرج في الشرط الذي اتفقنا عليه. من انك اذا جاءك احد من المشركين مسلما فانه ينبغي ان ترده الينا. فلما وقعت هذه الحال النبي صلى الله عليه وسلم اليهم. فعظم هذا على المسلمين ان يأتي احد يفر بدينه من المشركين وهو في سلاسله ثم يرده النبي صلى الله عليه وسلم اليه. فحينئذ يقع في نفوس الناس ان هذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسن وان الحسن حينئذ الا يرده اليهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم قدر من المصالح في ذلك ما لم يحط به اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ علما فانتفع سهيل رضي الله سهل رضي الله عنه بهذه الواقعة من ان العبد ينبغي له ان تهم رأيه اذا وقع مخالفا الدين. فلا يترك شيئا من الدين وان قدر من جهة الرأي ان الرأي الحسن هو كذا وكذا. فكل رأي يخالف الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فانه لا خير فيه. ولا تقدر النفوس على نزع الهوى منها الا بتجريد للمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم. فمن جرد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لم تقم هذه الاهواء في نفسه قائمة. واما من ضعف اتباعه النبي صلى الله عليه وسلم فان نفسه تزين له حينئذ ان المصير الى اتباع هذا الرأي هو احسن مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. ويلتمس العبد حينئذ المعاذير التي يرد بها ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ويحمل ذلك على وجوه ولا يسلم من غائلة مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم. فعاقبة الرأي المذموم. الى وبال وان العبد انه يأتي بخير. ولذلك ذكر ابن تيمية الحفيد وصاحبه ابن القيم انه لم يخرج احد من الناس على اميره الذي يجب طاعته الا وقع في شر اعظم مما كان يفر منه. وهذا شاهد صدق من ان من عول على الرأي المذموم متوهما انه يكون خير انه يكون خيرا له مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فلا خير فيه حينئذ. والذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا هو الصبر على ائمة الجور. يعني الظلم من الامراء والسلاطين الذين يظلمون. فلو قدر ان احدا جرى في خاطره ان الخروج عليهم ومنازعتهم ودفع ما هم عليه من الشر من الظلم والوقوع في الحرام انه خير له. فحينئذ لا يلتفت الى هذا الوارد. ويؤخذ الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فانه اسلم عاقبة في الدنيا والاخرة. نعم