السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الحج من فرائض الاسلام وكرره على عباده عاما بعد عام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين وسلم عليه وعليهم الى يوم الدين. اما بعد فهذا المجلس الاول من برنامج المناسك التاسع والكتاب المقروء فيه هو بغية الناسك في احكام مناسك للعلامة محمد بن احمد رحمه الله تعالى وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمات ثلاث. المقدمة الاولى التعريف المصنف وتنتظم في ستة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد ابن احمد ابن علي البهوتي. المعروف الخلوة وله حاشية مشهورة على المنتهى تعرف بحاشية الخلوة وهذه النسبة هي نسبة الى احدى الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في وهو ابن اخت العلامة منصور ابن يونس البهوتي المعروف بالشارح المقصد الثاني تاريخ مولده لم يذكر مترجموه تعيين تاريخ سنة ولادته. المقصد الثالث جمهرة شيوخه تلمذ رحمه الله تعالى لجماعة من علماء مذهبه الحنابلة وغيرهم من اهل مصر من هم خاله منصور ابن يونس والبهوتي وعبدالرحمن ابن يوسف البهوتي. واحمد بن محمد الغنيمي وعلي بن علي الشبر ملسي. المقصد الرابع جمهرة انتفع به رحمه الله تعالى جماعة من اهل مصر والشام من من الحنابلة منهم محمد بن عبدالباقي الحنبلي المعروف بولد ابن فقيه وهم من نسل ال دامت الحنابلة وعيسى ابن محمد والصالح. ومحمد جنيني الفلسطيني. المقصد الخامس ثبت مصنفاته. له رحمه الله تآليف عدة في مذهب الحنابلة وغيره. منها حاشيته على المنتهى وهي اشهر كتبه. وحاشيته على الاقناع والتحفة الظريفة في السيرة الشريفة. ولذة في علم الوضع وهي منظومة فيه. المقصد السادس تاريخ وفاته توفي رحمه الله ليلة الجمعة. التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين بعد الالف ولم يذكر مترجموه مدة حياته. ولا امكن العلم بها لعدم الاطلاع على تاريخ ولادته المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ستة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب بغية الناسك في احكام فهو الاسم المثبت في ديباجة المصنف اذ قال وسميته بغية الناسك في احكام المناسك. كما انه الاسم المثبت على النسختين الخطيتين للكتاب المقصد الثاني اثبات نسبته اليه هذا الكتاب صحيح النسبة الى مصنفه محمد بن احمد البهوتي رحمه الله وقد دل على ذلك ثلاثة امور اولها وقوع نسبته اليه في النسختين الخطيتين وثانيها تصريحه باسمه في ديباجة كتابه اذ قال فيقول افقر الورى الى عفو ربه العلي محمد بن احمد الحنبلي وثالثها ان ابن منقور النجدي اورد هذا المنسك منسوبا اليه في كتابه النافع جامع المناسك الحنبلية الذي جمع فيه ثلاثة مناسك من تأليف الحنابلة احدها منسك الخلوة ولم يسم كتابه الا ان المنقول منه عنده هو موجود بلفظه وحرفه في هذا الكتاب المقصد الثالث بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب هو بيان احكام الحج. وقد اشار رحمه الله تعالى الى ذلك في ديباجة كتابه اذ قال من بيان فضل السفر وادابه كيفية الترخص واستحبابه وشرف النسك وطلابه وذم الراغبين عن قصده به وبيان كيفية النسك واماكنه واوقاته وشروطه واركانه وواجباته ومستلزماته وهذه الجملة من قوله مفصلة لما تقدم ذكره من ان الكتاب في مناسك الحج المقصد الرابع ذكر رتبته ان هذا الكتاب احد ثلاثة كتب هي غرر المناسك الحنبلية المفردة فان الحنابلة من لدن عبدالله بن الامام احمد صنف مناسك مفردة للحج. واحسنها بحسب اقر عليه المذهب ثلاثة كتب احدها مختصر وهو كتابنا هذا المسمى بغية الناسك. وثانيها متوسط وهو مصباح السالك الى احكام المناسك. للعلامة سليمان ابن علي ابن مشرف النجدي جدي الشيخ ابن عبدالوهاب وثالثها مطول وهو كتاب افادة الانام ونور الظلام. للعلامة ابن اسر الحنبلي النجدي ثم المكي. فهذه الكتب الثلاث اتى بالمحل الاعلى في جمع المسائل المنقولة عن الحنابلة باعتبار ما استقر عليه المذهب وهي مرتبة وفق الترتيب الذي ذكرت لك من جهة ترقيها اختصارا وتوسطا وانتهاء. فمن استوعب المسائل المذكورة في بغيت الناسك حسن به ان يطالع كتاب مصباح السالك مستشرحا له بقرائته على احد اشياخه. فاذا هوى علمه ارتفع الى قراءة الكتاب التالت وهو منسك ابن جاسر وجعله قرينا له فان الانسان يحسن به ان يلازم في الاحكام المتكررة كتابا ينظر اليه وكتاب نجاسر من احسن الكتب التي صنفها المتأخرون ان لم يكن احسنها على الاطلاق فانه حقق فيه مذهب الحنابلة كما اعتنى بالخلاف العالي ذاكرا الاختلاف بين ائمة المذاهب الاربعة مع توشيحها بالادلة. واقوال المحققين من الحنابلة وغيرهم وهذا الكتاب مع حسن وصفه وجميل وصفه بما ذكرت لك انفا الا انه غض منه شيئان اثنان احدهما ما ذكره فيه من امور احدثها هل متأخرون؟ كالادعية المشجعة. المتضمنة غلوا والاخر ان المصنف آآ لم يحرر كتابه اذ وهل في مواضع منه عما وعد به فانه ذكر في الباب الثالث والرابع ان كل واحد منهما على خمسة فصول ثم لم يذكر في كل الا اربعة. فكأنه توده ثم لم يرجع اليه بالتحرير مع انه بقي بعد كتابته نحوا من ثلاثين سنة المقصد الخامس توضيح منهجه الف المصنف رحمه الله تعالى كتابه مريدا سبيل الاختصار. فانه صرح بذلك قائلا سالكا فيه سبيل الاختصار. ورتبه في مقدمة وخمسة ابواب وخاتمة. مصنفا له وفق مذهب الحنابلة مشيرا في مواضع يسيرة الى رواية اخرى عن امام المذهب ورب وما ذكر احيانا الخلاف العالي. ببيان مذهب احد الائمة من الاربعة سوى الامام احمد ولم تكن له عناية ظاهرة بايراد الادلة. لان كتابه موضوع للمسائل لا الدلائل فان كتب الفقهاء منها ما يكون موضوعا للمسائل دون الدلائل. ومن ما يكون موضوعا للدلائل دون المسائل ومنها ما يكون مشتملا على المسائل والدلائل. فهذه مسالك ثلاثة في بيان الاحكام الشرعية المتعلقة باحكام الشرع في ابواب الاحكام الطلبية وكل مسلك من هذه المسالك محمود الا ان الاكمل قرن مسائلي بادلتها لان العلم ما كان عن دليل. المقصد السادس العناية به اقتصرت العناية بهذا الكتاب على ضربين احدهما اختصاره وتهذيبه كما صنعه ابن منقور النجدي في كتابه جامع المسائل جامع المناسك الحنبلية والثاني طباعته قد طبع هذا الكتاب ضبعتين. احداهما الطبعة التي اعتنى بها الشيخ عبدالله الطريقي والاخرى الطبعة التي اعتنى بها الشيخ احمد ابن فائز حابس والطبعة الثانية اتقن من الاولى الا انها قليلة الوجود فقد نشرت في ضمن مطبوعات جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. فهي قليلة الانتشار وجاء حسنها من كونه اعتمد على نسختين خطيتين للكتاب بخلاف الاول فانه اقتصر على نسخة واحدة وقع فيها نقص في مواضع كما سيظهر ذلك ولكون الاولى هي المنتشرة كان اعتمادها مع العناية باصلاح ما وهي فيها في مواضعه باذن المقدمة الثانية ذكر السبب الموجب لاقرائه وهو رعاية فقه المناسبات فان الداعي لاقراء هذا الكتاب هو ملاحظة هذا الاصل وحقيقة فقه المناسبات بيان الاحكام الشرعية المتعلقة بزمان او مكان او حال كاحكام الصيام او الحج او الكسوف او الاستسقاء ومن مسالك بث العلم اعتماد هذا الاصل فان اشاعته ينتفع بها طائفة كان الطائفة الاولى طائفة خلية من العلم بالاحكام الشرعية المتعلقة مناسبة ما فيكون بيان تلك الاحكام عند ورود تلك المناسبة تعليما لها ومن قواعد الشرع المقررة ان ما وجب العمل به وجب تقدم العلم عليه كما ذكر هذا ابو بكر الاجري في كتاب فرض طلب العلم والقرافي في كتاب الفروق وابن القيم في اعلام الموقعين ومحمد علي بن حسين المالكي في في كتاب تهذيب الفروق. فالعمل الذي يريد العبد ان يدخل فيه يجب عليه ان يتعلم احكامه قبل ذلك والا كان اثما بتفريطه في تعلمه فيجب تعلم الاحكام قبل الاقدام والطائفة الثانية طائفة عندها علم بتلك الاحكام فيكون اعادة تذكيرها بتلك الاحكام في اوقاتها احياء لما في قلوبها من العلم. وقد ذكر ابو العباس ابن تيمية الحفيد في منهاج السنة النبوية ان مناسك الحج من اغمض العلم وادقه. وما كان موصوفا بهذا الوصف فيحتاجه ملتمس العلم الى تكريره مرة بعد مرة وانفع تكريره ما كان مقترنا بزمنه قريبا منه. ومن مآخذ اهل العلم عنايتهم بتكرار به فان المعظمات تكرر واعتبر هذا في امرنا قراءة الفاتحة في صلواتنا في اليوم والليلة. فلا ينبغي ان يزهد الانسان في شيء لتكريره. لانه لا يكرر الا معظم وعلى هذا درج اهل العلم رحمهم الله تعالى كما قلت في ابيات لي لا تضجروا من كرة الاعادة. وشمروا ذا منهج الافادة. والحق بالمعروف والحق في المعروف بالنفاعة تكريره حتى تجيء الساعة. واجدر العلوم ان تعاد اصولها وما هدى العباد؟ كم كرر الاشياخ للاصول وما بلوا بمنهج الفضول فينبغي ان يجعل طالب العلم نياط قلبه ان تكرير العلم بتصانيفه الدارجة عند اهله او في مسائله التي ترد مرة بعد مرة ان هذا من انفع ما اخذ العلم لك فان العلم هو الظاهر الذي يحتاجه الناس كما قال الامام ما لك وشر العلم الغريب فمن ولع بالغريب افسد قوته ولم ينتفع بذلك فمن يكون دأبه التنقل بين الكتب والملل من اعادتها مرة بعد مرة فانه يفوته خير كثير بفعله. نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقال الشيخ محمد بن احمد البهوتي الحنبلي رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لمن نطق اللسان بذكره تسبيحا وتهليلا وصلاة وسلاما على سيدنا محمد المنزل عليه. ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا وعلى اله الذين مهدوا قواعد الشرع وبينوه تعريفا وتأصيلا. صلاة وسلاما دائمين بكرة واصيلا. وبعد فيقول افقر والورى الى عفو ربه العلي محمد ابن احمد ابن علي الحنبلي هذا ما اشتدت اليه رجال السالكين وافتدت اليه اعناق الناسكين من بيان فضله بالسفر وادابه وكيفية الترخص واستحبابه وشرف النسك وطلابه ودمر الراغبين عن قصده وطلابه وبيان كيفية النسك واماكنه واوقاته وشروطه واركانه وواجباته ومستلزماته. قصدت جمع ذلك حين يسر الله المسير الى حج بيته الحرام. وزيارة قبر نبيه المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وذلك في عام اربع وخمسين والف من الهجرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة وازكى التحية سالكا فيه سبيل الاختصار راغبا في ثواب الملك الغفار. ورتبت ما قصدت جمعه على مقدمة وخمسة ابواب وخاتمة بهاية يتم الكتاب وسميته بغيت الناسك في احكام المناسك. وعلى الله قصد السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل. اشتملت هذه الجملة من كلام المصنف على تصدير كتابه بديباجة تضمنت ثمانية اصول احدها حمد الله سبحانه وتعالى والثاني الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وهدان ادبان مستحسنان في استفتاح المصنفات والتالت بيان اسم المؤلف الجامع لهذا الكتاب فانه اشهر اسمه بقوله فيقول افقر الورى الى عفو ربه العلي. محمد ابن احمد ابن علي بريء وهذا الادب من اكد اداب التصنيف اما باثباته في دباجة الكتاب او على ضرته وغلافه. لان العلم لا يؤخذ عن مجهول كما ذكره ميارة المالكي في قواعده ونقله عنه محمد حبيب الله الشنقيطي في في شرح اضاءة الحالك وعدم معرفة اسم مصنف كتاب ما يجعله مجهولا ومن لا يعرف فان كتبه لا يعول عليها كما ذكر اهل العلم رحمه الله الله تعالى وهو عندهم مبني على الاصل المذكور في علوم الحديث في رواية المجهول والرابع بيان موضوعه اذ ذكر موضوع هذا الكتاب في قوله من بيان فضل السفر وكيفية الترخص واستحبابه الى اخره. والسمت الجامع لموضوعه انه متضمن لبيان احكام الحج. والخامس ذكر تاريخ تصنيفه فانه ذكر انه صنفه لما اراد الخروج للحج وذلك في عام اربع وخمسين والف من الهجرة. وعاش المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك اربعا وثلاثين سنة وقوله رحمه الله تعالى في ذكر تاريخ تصنيفه قصدت جمع ذلك حين يسر الله المسير الى حج بيته الحرام وزيارة قبر نبيه المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ذاكرا قصد زيارة القبر النبوي عوضا زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم هو خلاف ما دلت عليه الادلة كما سيأتي ذكره في محله من الكتاب والسادس بيان منهجه في كتابه قد ذكره بقوله كان فيه سبيل الاختصار. والسابع ايضاح كيفية ترتيبه الذي ذكره في قوله ورتبت ما قصدت جمعه على مقدمة وخمسة ابواب وخاتمة. والثامن من تسمية كتابه فقد صرح باسمه قائلا وسميته بغيت الناسك في احكام المناسك وليس هذا الادب بلازم كلزوم الادب المتقدم. من بيان اسم المصنف فان بيان اسم المصنف اكد ليعرف فيؤخذ العلم عنه. اما بيان اسم الكتاب فينتفع به في معرفة الاسم الذي اختاره المصنف لكتابه فان من المصنفين من يهمل وضع اسم لكتابه فيشتهر بعدة اسماء. فربما وقع الغلط عليه في بعض فالانفع له ان يسميه باسم يدل على مقصوده دون تكلف فيه. نعم حصلنا عليكم. المقدمة في بيان فضل السفر وادابه وكيفية الترخص واستحبابه وشرف وشرف النسك وطلابه وذم الراغبين عن قصده وطلابه. فاقول وبالله التوفيق اعلم ان السفر انما سمي بذلك لكونه يسفر عن اخلاق الرجال ويترتب عليه فوائد منها اختيار الرفقة ومنها اختبار الرفقة. احسن الله اليكم منها اختبار الرفقة ومنها رؤية البلاد النائية ومنها اكتساب الفضائل الى غير ذلك من الفوائد المذكورة في محالها واما ادابه فينبغي لمن اراد السفر ان يبدأ بالتوبة من المعاصي واخلاص النية لله تعالى في الطاعات وان يجتهد في ذلك. وفي قضاء ما عليه من الديون للودائع والاستحلال ممن بينه وبينه معاملة ومشاحة او مشاحة. احسن الله اليكم والاستحلال ممن بينه وبينه معاملة او مشاحة وان يكتب وصيته ويشهد عليها يشفي. احسن الله اليكم ويشهد عليها وان يترك لاهله مؤنتهم مدة ذهابه وايابه ان كان له اهل وان يحرص ان تكون نفقته سالمة كم من الشبهة وان يكثر من الزاد والنفقة ان كان قادرا ليواسي بها المحتاجين والا يشارك في الزاد والراحلة لان لا يمتنع من المواساة فيه ويتحرى الحل ما امكنه فان الله طيب لا يقبل الا طيبا. والى ذلك يشير قول بعضهم اذا حججت بمال اصله سحته فما ولكن حجت العيرة وان يصحب عارفا بالمناسك وغيرها ليرشده الى بياض طرق طرق العبادة. هذا من النسخة الثانية ليرشده الى طرق العبادة او كتابا فيه ذلك ويديم مطالعته ان كان اهلا وان يكون سفره يوم اثنين او خميس لكن الاول اولاه لانه يوم تنقلاته صلى الله عليه وسلم وان يصلي في بيته ركعتين عند خروجه ثم يدعو بما احب ومنه استودع الله نفسي ومالي واهلي وامانته وخواتيم عملي. اللهم انك تعلم اني لم اخرج اشيرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة ولكن خرجت ابتغاء مرضاتك. اللهم اني اعوذ بك ان اضل او اضل او اذل او اذل او اجهل او يجهل علي. اللهم اجعل هل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا وامامي نورا وخلفي نورا واجعلني نورا. ربي اغفر وارحم واهدني السبيل الاقوم وتجاوز عن اتعلم برحمتك يا ارحم الراحمين. بسم الله وبالله امنت بالله واعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة الا بالله. اللهم اني نسألك خير هذا المخرج وخير ما فيه واعوذ بك من شره وشر ما فيه. خرجت بحول الله وقوته وبرئت اليه من حولي وقوتي. اللهم اكفني ما همني وما انت اعلم به مني اللهم زوجني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير حيثما توجهت اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنطلق وسوء المنظر في في الاهل والمال والولد. اللهم اطوي لنا البعيد وهون علينا العسير ويودع اهله واصحابه ويتزود دعاءهم للحديث المرفوع. فيقولون له نستودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك. ويقول هو ولهم ذلك ايضا ويزيدون عليه. زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت. ووجهك له وكفاك الهم. وجعلك في حفظه وكنفه واذا قدم رجله للركوب قال بسم الله واذا استوى راكبا قال الحمدلله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون الحمد لله والله اكبر سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب الا انت. واذا اشرف على منزل قال اللهم رب السماوات السبع وما ما اظلم ورب الاراضين السبع وما اقللن ورب الشياطين وما اضللن ورب الرياح وما ذرين. ورب البحار وما جرين اسألك خير هذا المنزل وخير اهله وخير ما فيه. واعوذ بك من وشره وشر اهله وشر ما فيه. فاذا نزل اشتغل بالتسبيح والذكر حال حط الرحال لاستقل على الارض قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فانه لا يضره شيء حتى يرتحل وينبغي ان يختار عدم النزول في الطرق وبطنه الوادي ثم ان كان نزوله نهارا فلا بأس له ان ينام نومة معينة له على دفع الوسن وعلى السير وعلى سير الليل خصوصا نومه النهار فانه سنة مطلقة. واذا نزل ليلا قال يا ارض ربي ورب يا ارض ربي يا ارض ربي وربك الله. اعوذ اعوذ بالله من شر من شر اعوذ بالله من شر شرك وشر ما خلق فيك وشر ما دب عليك اعوذ بالله من كل ما اسد من كل اسد واسود ومن الحية والعقرب. اسد واسود. احسن الله اليكم. من كل اسد واسود من والعقرب وساكن البلد ووالد وما ولد. فاذا اصبح قال اصبحنا واصبح الملك لله الذي لا اله الا هو لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ربي اسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه وخير ما بعده. واعوذ بك من شره وشر ما فيه وشر ما بعده. واذا قال واذا امسى قال امسينا وامسى الملك لله الى اخره. اعوذ بك من شر هذا الليل الى اخره. وكلما خاف وحشة قال سبحانك سبحانك الملك القدوس رب الملائكة والروح وكلما وجد كربا قال لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلي العظيم لا اله الا الله ورب العرش العظيم وكلما علا نشزا من جبل او رابية كبر وكلما هبط واديا سبح واذا استصعب الدابة قرأ في اذنها فغير دين الله يبغون الاية والاية التي بعدها وان ندت منه الاية بعدها. والاية بعد وان ندت منه قال يا عباد لله احبسوا. واذا نام تحصن بما ورد ومنه قراءة اية الكرسي واخر البقرة شهد الله ان يا عباد الله هذا غلط الالف الف الاسم الاحسن يا عباد الله يحبسون. احسن الله اليكم قال يا عباد الله احبسوا واذا نام تحصن بما ورد ومنه قراءة اية الكرسي واخر البقرة وشهد الله انه لا اله الا هو واخر الكهف واخر الحشر والاخلاص والمعوذتين. ويقول عند وضع جنبه باسم ربي وضعت جنبي وبه ارفعه. اللهم ان بيدك ان شئت امسكتها وان شئت ارسلتها فان امسكتها فاقبضها اليك غير مفتونة واغفر لها وارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به ارواح عبادك الصالحين. واذا ارتحل قال الحمد لله الذي عافانا في منقلبنا ومثوانا. اللهم كما حملتنا من منزلنا غيره في عافية لا اله الا الله العلي العظيم الحليم. لا اله الا الله رب العرش العظيم. وسبحان وحسبنا ونعم الوكيل ويكره ان يصحب كلبا او جرسا او ينفرد ويكره ان يصحب يصحب يصحب نفسه ويكره ان يصحب كلبا او جرسا او ينفرد على العاقلة لغير قافلة. عن القافلة احسن الله اليكم. لا. او ينفرد على القافلة العين عن القافلة. عن نعم او منفردة عن القافلة لغير عذر ولنهيه صلى الله عليه وسلم لنهيه بدون الواو. نعم احسن الله اليكم. لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك واستحب اكثار السير في الليل لقوله صلى الله عليه وسلم عليكم بالدلجة فانها تطوي الارض طيا وان يريح دابته بالنزول عنها غدوة وعشية. وعند كل عقبة. ويتجنب النوم على ظهرها لما فيه من زيادة المشقة عليها بثقل جسمه حينئذ ويحرم ان يحملها فوق طاقتها وان يحملها من غير ضرورة. وان وان يجيعها من غير ضرورة احسن الله اليكم. وان يديعها من غير ضرورة. وينبغي ان يتجنب الشبع المفرط والترفه والتبسط في والملبس فان الحاج اشعث اغبر ويستعمل الرفق وحسن الخلق مع الغلام والرخي والرفيق والسائل. ويصون لسانه عن الشتم والغيبة ولعن الدواب وجميع الالفاظ القبيحة والمخاصمة ومزاحمة الناس في الطرقات وموارد الماء ما امكنه. واذا نزل منزلا قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. واذا خاف قوما قال اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. تنبيه على الامام او من يستنيبه في المسير بالقوم تعهد الرجال والخير والدواب ومعونتهم بدابته وماله ونواله. وان يكون ذا رأي وشجاعة وهداية وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم وقت النزول وغيره. والرفق بهم في الاحوال كلها. ويلزمهم طاعته في ذلك يصلح بين الخصمين ولا يحكم الا ان يفوض الا ان يفوض اليه فيعتبر فيعتبر كونه من اهله وما يفعل عند جبل وما يفعل عند جبل الزينة ببدر بدعة وكذا اشهار السلاح عند قدوم تبوك. واما فضل النسك فقد قال تعالى واذن في الناس الحج يأتوك رجاله وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم. قالوا في تفسيرها غفر له ورب الكعبة ورب العصمة. غفر لهم ورب الكعبة. وقال صلى الله عليه وسلم من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه الرفث اللغو والفسوق المعصية. وقال صلى الله عليه وسلم الحجاج والعمار وفد الله ان دعوه جابهم وان استغفروه غفر لهم. وقال صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة والمبرور قيل هو الذي لا يخالطه اثم وقيل هو المقبول وعلامة المقبول ان يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي. واما ذم تاركه فقد قال تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر اي ترك الحج فان الله غني عن العالمين وقال صلى الله عليه وسلم من ملك زاد وراحلة تبلغه الى بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا. والادلة في لذلك كثيرة شهيرة ذكر ذلك الشمس الرملي الشافعي وابن مناس. شمس الرمل احسن الله اليكم. ذكر ذلك الشمس الرملي الشافعي فيما يأتي مناسكه الكبرى تقدم ان المصنف رحمه الله تعالى رتب وضع كتابه على مقدمة وخمسة ابواب وخاتمة. وقد شرع رحمه الله تعالى في بيان اول كتاب وهي المقدمة المذكورة فيه. وذكر ان هذه المقدمة تتضمن بيان فضل سفر وادابه وكيفية الترخص واستحبابه وشرف النسك وطلابه. اي الحاج تمر فانهما الطالبان للنسك وذم الراغبين عن قصده وطلابه ووفى رحمه الله تعالى بذكر خمسة من هذه المطالب او اربعة من هذه المطالب الستة فانه اهمل في المقدمة ما به من ذكر كيفية الترخص واستحبابه. فان الكلام الذي قرأ عليكم ليس فيه ذكر شيء من ذلك وكأن المصنف عن له ان يذكر هذا في المقدمة ثم حول وجهته فجعله الباب الاول فان الباب الاول التالي للمقدمة موضوع لبيان كيفية الترخص واستحبابه فتكون المقدمة مشتملة على بيان فضل السفر وادابه وشرف النسك وطلابه وذم الراغبين قصده وطلابه فهي مشتملة على اربعة مطالب. فاما المطلب الاول وهو السفر فابتدأه المصنف رحمه الله تعالى بذكر بيان علة تسمية السفر سفرا اعلم ان السفر انما سمي بذلك لكونه يسفر عن اخلاق الرجال. وهذا التفسير هو بيان حقيقة السفر باعتبار ما يلزم منها لا باعتبار ما وضع لها من معنى في لسان العرب فان السفر لم يوضع لاجل هذا المعنى وان كان موجودا فيه وانما سمي السفر سفرا لان ينكشفون عن اماكن اقامتهم فان اصل السفر الانكشاف والانجلاء كما ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة فاذا انكشف المرء عن دار اقامته وانجلى عنها مفارقا لها كان مسافرا ويلزم من ذلك ان يسفر حال السفر عن اخلاق المسافر اما بالنظر الى نفسه اذا كان وحده او بالنظر الى من يصاحبه اذا كانوا جماعة فان الانسان يعرف في السفر من الاخلاق اخلاق نفسه واخلاق صحبته فان للنفس خبيئة لا تظهر ولا يطلع على غورها الا في مقامات منها مقام السفر فان الانسان اذا سافر عرف نفسه واطلع على جده وقوته ومبلغ صبره وتعرف اخلاق نفسه. كما ان ذلك يكون واقعا في حق صحبته فان الناس اذا سافروا اطلع بعضهم على بعض في حقائق اخلاقهم. ولذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى فوائد السفر فجعل اولها اختبار الرفقة اي امتحانهم في معرفة احوالهم وقد روى ابن ابي الدنيا بسند فيه ضعف عن عمر رضي الله عنه انه سمع رجلا يثني على رجل فقال اسافرت معه؟ فقال لا فقال اخلقته؟ قال لا. فقال عمر فوالله الذي لا اله الا هو ما تعرفه لان معرفة الناس تحتاج الى ملازمة لهم في سفر او مخالطة في دار اقامة ومن فوائد السفر ايضا كما ذكر المصنف رؤية البلاد النائية اي البعيدة التي قد لا تنشط النفس لرؤيتها فاذا خرجت ابتغاء امر ما من دين او دنيا نشطت لذلك فرأتها. وتلك الرؤية المراد منها الاتعاظ والاعتبار كما قال تعالى قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق اية وقال تعالى قل سيروا في الارض ثم انظروا كيف كان عاقبة المجرمين. في ايات اخر والمؤمن حكيم يقتنص الحكمة فلا ينتهي نظره في ارض الله عز وجل الى الاطلاع على الصور الظاهرة بل يطلب العظة والاعتبار بما يراه من الاحوال والوقائع فينتفع في امر دينه ودنياه. ومن فوائد في السفر ايضا اكتساب الفضائل. فان الانسان يزود نفسه في ترحاله ولقاء الناس بما جمل وحسن من احوالهم. فالمرء مأسور بلده واقف على حدود ما انتهى اليه علمه من تصرفاتهم. فاذا خالط الناس في البلاد الاخرى اطلع على احوال وعادات منها ما ويحسن فاكتسب فضائل زاد بها فضائله التي لازمها باعتبار العادة والعرف الجاري في بلاده. الى غير ذلك من الفوائد المذكورة في محلها عند اهل العلم والفقهاء رحمهم الله تعالى جمهورهم يذكر احوال السفر في كتاب الحج ومنهم من يذكرها في كتاب الجهاد. بالاضافة الى المواضع المتفرقة عندهم لكنهم يبسطون القول في الاشارة الى جمل من فوائده ومسائله في هذين المحلين. ثم ذكر المطلب الثاني وهو بيان اداب السفر. والاداب جمع ادب وهو اسم لما يحمد شرعا او عرفا كما ذكره ابو الفضل ابن حجر في كتاب فتح فما حمد شرعا او عرفا من احوال الخلائق سمي ادبا ومتى كانت تلك المحامد وصفا للعبد سمي متأدبا الى الادب ولاجل هذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان الادب في كتاب مدارج في منزلة الادب منه قال هو اجتماع خصال الخير في العبد. اي باعتبار كونه وصفا له فالادب معرف بتعريفين احدهما بالنظر الى افراده وهو ما ذكره ابو الفضل ابن حجر انه اسم لما حمد شرعا او عرفا والاخر بالنظر الى المتصف به. وهو ما ذكره ابو عبد الله ابن القيم في كتاب مدارج السالكين انه اجتماع خصال الخير في العبد. وذكر المصنف رحمه الله تعالى اداب السفر للحاجة اليها فان جمهور الحجاج يخرجون من بلدان مسافرين للحج فذكر من ذلك انه ينبغي لمن اراد السفر ان يبدأ بالتوبة من اوصي اي بالرجوع الى الله عز وجل. فان التوبة هي الرجوع الى الله كما يدل عليه الوضع اللغوي. والتصرف الشرعي. ومن يعرفها بقوله هي الاقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة اليه فهذا تعريف بذكر شروطها يعرف ببيان حقيقته لا بعد شروطه. وحقيقة التوبة كما سلف هي الرجوع الى الله تعالى وهذا الرجوع لا يقتصر على الرجوع اليه من فعل المعاصي كما ذكره اكثر المتكلمين في هذا الباب. بل من التوبة الرجوع الى الله سبحانه وتعالى من ترك النافلة فان ترك النافلة ترك للكمال ومن توبة العبد رجوعه الى الله من تركه النوافل باستدراكها والعمل بها. فليس اسم التوبة قاصرا على النزع عن المعاصي بل يندرج فيه النزع عن ترك المأمور به شرعا مما يدخل في باب النوافل كما ذكر هذا ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب رحمهم الله. ومن اداب السفر اخلاص النية لله في الطاعات وان يجتهد في ذلك فيتحرى اخلاصه في عمله لان الاخلاص مركب الخلاص ومن اخلص لله عز وجل اعين على قضاء مطلوبه ومن ادابه قضاء ما عليه من الديون ورد الودائع اي الامانات التي اودعها عنده من اودعها من الخلائق ومن ادابه الاستحلال ممن بينه وبينه معاملة او مشاحة. والاستحلال هو وطلبوا الحل اي ان يجعله في حل وعفو مما بينهما ويتأكد وهذا في حق من كان بينه وبين غيره معاملة من بيع او شراء او كان بينه وبينه مشاحة ومزاحمة في طلب امر ما. ومن ادابه ان يكتب وصيته قبل خروجه. ويشهد عليها وان يترك لاهله مؤنتهم مدة ذهابه وايابه ان كان له اهل. اي ما يتمونون به وينالون به قضاء حاجتهم من مطعم ومشرب ونحو ولذلك ومن ادابه ان يحرص على ان تكون نفقته سالمة من الشبهة فيتحرى الحلال ليسلم من تبعة الحرام. فان المشتبه موقوف بين الحرام والحلال. ولهذا لا يجوز تناوله الا لمن علم حقيقته فان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المشتبهات في حديث النعماني ابن بشير رضي الله عنهما في الصحيحين قال وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن لم اعلم حقيقة المشتبه فانه يجب عليه الا يتناوله ليتحرز بذلك من الوقوع في الحرام فان الشبهة سياج دون الحرام واذا هتك العبد هذا الحجاب اوصله ذلك الى المغامرة في الوقوع في الحرام. ومن ادبه ان يكثر من الزاد والنفقة ان كان قادرا ليواسي بها المحتاجين اي ليعطي المحتاجين وينيلهم. فان المواساة هي المشاركة ساهم في المعاش والرزق فاذا قدر على تكثير زاده ونفقته كان هذا اولى مع قدرته لينيل غيره ممن يحتاج مواساة ومن ادابه الا يشارك في الزاد والراحلة لئلا يمتنع من المواساة فيهما فينفرد بزاده وراحلته. لانه اذا شارك غيره قويت النفوس على المشحة بذلك بخلاف اذا انفرد بذلك فانه يكون قادرا على مواساة غيره به. ومن ادابه ان يتحرى الحل ما امكنه فان الله طيب لا يقبل الا طيبا كما في حديث ابي هريرة في صحيح مسلم واذا حج الانسان بمال حرام فان حجه صحيح وعليه الاثم كما هو مذهب جمهور علماء خلافا لمذهب الامام احمد فان مذهب الامام احمد فيمن حج بمال حرام انه لا يصح منه ولا يجزئه ويجب عليه ان يحج عوضه اذا كان حجه حج الفريضة. واورد احد البيتين المشهورين اذا حججت بمال اصله سحت فما حججت ولكن حججت العير يعني الدواب التي تنقلك لا يقبل الله الاكل طيبة ما كل من حج بيت الله مبرور. ثم ذكر من ادابه ايضا ان يصحب عارفا بالمناسك اي عالما بها. وغيرها اي غير المناسك لانه ربما احتاج الى جملة من الاحكام الاخرى التي يفتقر اليها الناس في سفرهم. ومنفعة صحبة العارف بالمناسك انه يرشده الى طرق العبادة اي كيفياتها واحكامها وما احسن ما ذكره الشيخ سليمان ابن مشرف في منسكه عند هذا لما ذكر الصحبة قال فان كان عالما فليلزم غرزه اي ان كان من يصحبه في السفر لمن فليكن ملازما لمركبه قريبا منه لتحصل له المنفعة التامة به. فان لم يصحب عارفا في المناسك فانه يصحب معه كتابا فيه ذلك. اي يصحب كتابا يشتمل على بيان احكام المناسك ليرجع اليه عند الحاجة اليه. ويديم مطالعته ليقف على الاحكام تمام الاطلاع عليها. الا ان ذلك مشروط بشرط وهو وكونه صالحا لذلك كما قال المصنف ان كان اهلا اي اهلا لاستمداد الاحكام من الكتب فليست الكتب مرتعا خصبا لكل من اراد ان يتعرف احكام الاسلام بل انما تصلح لمتأهل وذلك المتأهل وصفه ان يكون قد اخذ علمه عن الاشياخ مشيدا اصول العلوم في في نفسه فان الاهلية في العلم موكولة الى هذا المعنى. فمن لم يأخذ علمه عن الاشياخ او اخذ عنهم لكن لم يستكمل بناء اصول العلم في نفسه فانه لا يكون اهلا لاخذ العلم من الكتب وقد زاد الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات شرطا اخر في اخذ العلم عن كتب وهو ان تكون تلك الكتب من كتب المتقدمين. بخلاف كتب المتأخرين. لان المنفعة بها والبركة فيها احرى واولى. ثم ذكر من اداب السفر ان يكون سفره يوم الاثنين يوم اثنين او خميس. يوم اثنين او خميس لان ذلك كان من احواله صلى الله عليه وسلم فان خروجه صلى الله عليه وسلم يوم الخميس كان اكثر اسفاره وهو في السنة النبوية ووقع في بعضها خروجه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين. فانه خرج مهاجرا يوم الاثنين وخرج الى بعض غزواته كالمريسيع والخندق والحديبية يوم الاثنين فهديه صلى الله عليه وسلم في الخروج الى اسفاره هو في هذين اليومين ولاجل هذا المعنى جرى عمل ائمة الدعوة رحمهم الله تعالى على حث الناس امر ولي الامر على حثهم بذلك في الخروج للاستسقاء يوم الاثنين والخميس. لاجل ان هذين اليومين مخصوصان بالتجلي والانكشاف من البلد في اسفاره صلى الله عليه وسلم والاستسقاء محله في ظاهر البلد في المصليات ثم صار في الازمنة الاخيرة في المساجد او في المواضع التي تسمى بالمصليات الموجودة بين اظهر الناس. وقد روي حديث عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا سافر سافر يوم اثنين او خميس. الا ان هذا الحديث لا يصح ولا يثبت في الباب شيء من المرفوع القولي وانما فيه المرفوع من فعله الله عليه وسلم الذي تقدم ذكره ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الاول اولى اي الخروج يوم الاثنين. وهذا الذي ذكره الخلوة في هذا الموضع ليس هو مذهب الحنابلة. بل مذهب الحنابلة الخروج يوم قميص كما قال في الاقناع وغيره ويخرج يوم الخميس وقال ابن الزاغوني وغيره او الاثنين انتهى كلامه. بل هذا مذهب الائمة الاربعة فان المنصوص في كتب المذاهب المتبوعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ان افضله والخروج يوم الخميس. ولو حكي اجماعا لم يكن ذلك ببعيد. وهو اكثر تنقلاته صلى الله عليه وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب ان يخرج يوم الخميس كما في حديث ابن مالك عند البخاري ولعل في العبارة قلبا وان المصنف فاراد ان ان الثاني اولى وهو يوم الخميس فسبق القلم وصار منصرفا الى يوم الاثنين ثم ذكر من اداب السفر ان يصلي في بيته ركعتين عند خروجه وهاتان الركعتان رويت فيهما احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصح كحديث انس عند ابن خزيمة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا كان لا ينزل منزلا الا ودعه بركعتين. وروي ايضا عنه صلى الله عليه وسلم عند البزاري وغيره انه قال واذا خرجت من منزلك فصلي ركعتين نعاني كمخرج السوء وهذه الاحاديث احاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة الركعتين ذكرها جماعة من الفقهاء من الحنابلة في باب صلاة التطوع والمأثور فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت منه شيء ثم ذكر من اداب سفر ان يدعو بما احب وباب الدعاء لا يوقت بوقت فما ذكره المصنف جار على هذا القانون غير مخالف له. فله ان يدعو بما شاء متى ومن جملة ذلك اذا دعا عند خروجه بما يحب من الدعاء ومنه الادعية التي المصنف بقوله ومنه استودع الله نفسي ومالي واهلي وامانته وخواتيم عملي وسيأتي ان هذا مما يودع به المسافر ومنها ما قاله في تمام كلامه اللهم انك تعلم اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ويروى ايضا لم لم اخرج عشرا ولا بطرا. كما جاء في حديث المروي عند ابن ماجة واسناده ضعيف. ومنها ما ذكره في تمامه اللهم فاني اعوذ بك ان اضل او اضل وهذا مروي في حديث ام سلمة عند ابي داود واسناده ضعيف ايضا لكن باب الدعاء باب واسع فيجوز للانسان ان يدعو بهذه الادعية. وانما نبه على اصلها ليعلم انها عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ما ذكره في قوله اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا. الى اخر هذا الحديث وهذا الحديث معروف في الصحيحين لكن رواية قوله عند الخروج التي انفرد بها مسلم لا تصح. والصحيح ان هذا الدعاء اللهم اجعل في قلبي ترى في سمعي نورا ليس من ادعية الخروج من المنزل وانما هو من الادعية التي تكون في الصلاة. واختلف اهل العلم في محله منها والاشبه انه في السجود. فيسن ان يدعو الانسان في سجوده قوله اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا الى تمام الدعاء المروي في الصحيحين من حديث ابن عباس وقوله في هذا اللفظ واجعلني نورا فيه نظر من وجهين ما هما ها يا سيد عطنا واحد لا توجد ذات سواه تكون نورا ايها اللفظة الشاذة ايه والصحيح لفظة ايش ايه. احسنت. من وجهين احدهما من جهة الرواية ان هذه اللفظة التي انفرد بها خطأ والصواب الرواية المحفوظة في الصحيحين واجعل لي نورا دون الرواية المنفرد بها عند مسلم وهي واجعلني نورا. والجهة من جهة الدراية وهي انه لا توجد ذات توصف بالنورانية الا ذات الرب سبحانه وتعالى كما في حديث ابي ذر في الصحيح هل رأيت ربك؟ فقال نور ان اراه وقال تعالى الله نور السماوات والارض فان قيل كيف لا تكون ثم ذوات نورانية والملائكة كذلك. فانهم يوصفون بانهم اجسام ايش نورانية فما الجواب عنه؟ احسنت ان وصف الملائكة بانهم اجسام نورانية غلط باعتبار كونه وصفا لذواتهم. وانما يصح ذلك باعتبار كوني اصل خلقتهم من النور كما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وخلقت ملائكة من نور فكما لا يوصف بنو ادم بانهم اجسام طينية باعتبار مبدأ الخلق وكذلك لا يوصف لا توصف الملائكة بانهم لا يوصف الملائكة بانهم اجسام نورانية بهذا اعتبار فلا ينبغي قول الملائكة اجسام نورانية بل الملائكة خلق من خلق الله سبحانه وتعالى وما جاء الصحيحين في حديث ابن مسعود من صفة جبريل وان النبي صلى الله عليه وسلم رآه على خلقته التي خلقه الله عليها مرتين وان له ست مئة جناح دال على ابطال هذه الدعوة من ان اجسام الملائكة ثم ذكر منه قول رب اغفر وارحم واهدني السبيل الاقوم وهذا روي في حديث عند احمد وغيره وفيه ضعف وذكر ايضا قول بسم الله وبالله امنت بالله واعتصمت بالله وهذا روي في حديث عند الترمذي واسناده ضعيف ثم ذكر فيه اللهم اني اسألك خير هذا المخرج وخير ما فيه وهذا روي بعضه في حديث ابي مالك الاشعري عند الدخول والخروج عند ابي داود وغيره واسناده ضعيف ايضا ثم ذكر تمام الدعاء مما جاءت بعض جمله في دعاء السفر كما سيأتي وكيفما كان فان هذا الدعاء المذكور من جملة ما يجوز الدعاء به. لان الدعاء المطلق ليس مبنيا على بخلاف الدعاء المقيد الموقوف على محل فالدعاء الموقوف على محل ينبغي ان يلتزم الانسان فيه بالوارد واما ما كان مطلقا من المحال التي تصلح للدعاء كالدعاء عند خروج الانسان في سفر ابتغاء بركة دعائه الذي يدعو به فلانسان ان يدعو بما شاء. ما ذكر من اداب السفر ان يودع اهله واصحابه ويتزود دعائهم للحديث المرفوع اي الاحاديث الواردة في ذلك التي سيذكرها المصنف فقال فيقولون له نستودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك وقد جاء هذا في حديث ابن عمر عند الاربعة الا النسائي وهو حديث صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا ودع احدا قال ادع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك ويقول المسافر لمن يخلفه وراءه استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه كما ثبت ذلك من حديث ابي هريرة عند النسائي في السنن الكبرى باسناد حسن فالمودع وهو المقيم الباقي من الاهل والولد يقول في توديع المودع استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك. واما المودع وهو المسافر فانه يقول لمن خلفه وراءه من اهل وذرية او استودعكم الله الذي لا ودائعه وانما امر بهذا الدعاء في حق المودع والمودع لان استيداع الله سبحانه وتعالى شيئا كفيل بحفظه. كما روى الامام احمد بسند حسن من حديث ابن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان لقمان الحكيم قال ان الله اذا استودع شيئا حفظه ان الله اذا استودع شيئا حفظه. فاذا اراد الانسان ان اهله وذريته فليقل لهم هذا الدعاء وليقولوا له هذا الدعاء ليكونوا جميعا محفوظين بحفظ الله سبحانه وتعالى. ثم قال ويقول هو لهم ذلك ويزيدون عليه زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت وهذه الجمل الثلاث رويت في حديث انس عند الترمذي والدارمي باسنادين يقوي احدهم هما الاخر واما تمامه وهو ووجهك له وكفاك الهم فهذه رويت عند الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عمر باسناد لا يصح. واما الجملة الخامسة وهي وجعلك في حفظ وكنفه فرويت عند الدارم في حديث انس المتقدم ذكره ولا لها فانها لم تأتي في اللفظ الاخر عند الترمذي. فالمحفوظ من هذه الجمل الخمس هي الجمل الثلاث الاولى. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من اداب السفر ان يقدم رجله للركوب. يضعها في محلها من مركبه دابة او سيارة او طائرة ثم يأتي بالذكر الوارد و المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الخروج الى السفر حديثان كلاهما صفة من الصفات الواردة عنه صلى الله عليه وسلم فيما يقال احدهما حديث علي رضي الله عنه عند الاربعة سوى ابن ماجة واسناده صحيح وهو الذي ذكره المصنف. والثاني حديث ابن عمر عند مسلمه الذي ذكره المعتني بالكتاب في حاشيته. فاما حديث علي ففيه ان المسافر اذا وضع رجله في غرزه راكبا قال بسم الله ثلاثا مرة بعد مرة. واذا استوى راكبا اي استقر على مركبه قال الحمد لله سم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون. ثم قال الحمد لله ثلاثا. والله اكبر ثلاثا سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي. انه لا يغفر الذنوب الا آآ انت واقتصر المصنف على بعض الفاظه جريا على عادة الفقهاء من اختصار الاذكار لانهم يلاحظون المجزئ فيها فيريدون ما اجزأ دون ما كمل ومن اراد ان يحقق عبادته على الوجه الاتم فانه يذكر الوارد وفق ما اسنده ائمة النقل من اهل الحديث وهو الذي نبه عليه عند ذكر الفاظه واما حديث ابن عمر وهو الصفة الثانية ففيه انه يكبر ثلاثا في اوله ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الى تمام الحديث الوارد في السفر وما صفته من المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في موضع واحد مما لا يقبل المحل معه فان المشروع للانسان ان ينوع بين صوره فيأتي بصفة منه تارة وهو يأتي بصفة منه تارة اخرى كانواع الاستفتاحات والتشهدات واشباهها. ولا يجوز له ان اجمع بينها بل يقتصر على واحد منها. كما بسط ذلك ابو العباس ابن تيمية الحفيد في رسالة مفردة له طبعت قديما باعتناء الشيخ عبد الصمد شرف الدين قطبي رحمه الله تعالى وهي قاعدة حسنة حقق فيها القول في هذه المسألة. واشار الى ما سبق من خلاصة القول فيها حفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى في كتاب القواعد ومحل هذه القاعدة من التنويع بين الوالد في المحل الواحد اذا لم يكن المحل قابلا للجمع اما اذا كان محل قابل للجمع فان المشروع للانسان ان يجمع الوالد كله كاذكار الصباح والمساء فان المشروع للانسان ان يذكر في كل صباح ومساء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مما انتهى علمه اليه. ثم من ادب السفر انه اذا اشرف على منزل اي اقبل عليه والمراد بالمنزل محل الاقامة الغالبة كونه قرية. فاذا اشرف على منزل اما منفرد ان كدار سكنى لاحد من الخلق انفرد بها عن سواه منهم او قرية او بلد اكبر من القرية فانه يقول هذا الذكر اللهم رب السماوات السبع وما اظللنا الى اخره. وهذا الديك الرؤيا في سنن النسائي الكبرى وصححه ابن خزيمة من حديث صهيب الرومي وفي طرقه اختلاف كثير كما ذكره العلاء في تحفة التحصيل وابن حجر والاشبه والله واعلم ان هذا الحديث لا يصح كما اشار الى ذلك البخاري في التاريخ الكبير. ثم قال فاذا نزل اشتغل بالتسبيح والذكر حال حط الرحال اي اذا نزل في من الارظ حال سفره فانه يشتغل بالتسبيح والذكر حال حط الرحال اي انزال ما يحتاجه اليه ومن ذلك حل ركاب الابل وغيرها. وهذا الادب اصله ما رواه عبدالرزاق عن انس رضي الله عنه انه قال كنا اذا نزلنا منزلا لم نزل نسبح حتى تحل الرحال. كنا اذا نزلنا منزلا لم نزل نسبح حتى تحل الرحال. وهو بهذا اللفظ غلط والمحفوظ ما رواه عنه ابو داوود في سننه انه قال كنا اذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحط الرحال واسناده حسن. والمعنى ان كانوا اذا نزلوا منزلا لم يبادروا الى سبحة الظحى مع مزيد اهتمامهم بالصلاة بل قدموا حذر واحلهم من حل ركابها لتنتفع مدة بقائهم المصلين راحة ابدانها والاكل من الارض. وهذا هو اللفظ المحفوظ وهذا هو اللفظ المحفوظ. فلا يكون حينئذ صالحا للدلالة على هذه المسألة التي ذكرها الفقهاء وانما يصلح لها اللفظ المروي عند عبد الرزاق في المصنف ولا يثبت اسناده ومن ادابه انه اذا استقل على الارض اي استقر عليها قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فانه لا يضره شيء حتى يرتحل كما جاء ذلك في حديث خولة بنت حكيم رضي الله في صحيح مسلم والمحفوظ قوله مرة واحدة. واما رواية الثلاث لا تثبت فاذا نزل الانسان منزلا قال هذا الذكر مرة واحدة ولا يكرره بل يكفيه ذلك حتى يرتحل من محله. ثم ذكر من ادابه انه ينبغي ان يختار عدم النزول في الطرق وبطن فلا ينزلها ولا يتخيرها محلا لاقامته حال سفره. فاما عدم اغتيال النزول في الطرق فلنهي عن ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث ابي هريرة عند مسلم اذا عرستم بالليل اي اقمتم بالليل فاجتنبوا الطريق فانها مأوى الهوام بالليل. وهذا دال على عدم تخير طريق محلا للاقامة لان هوام الارض وصغار دوابها من الحيات والعقارب واشباهها تركنوا الى الطريق في الليل. واما النهي عن تخير النزول في بطن الوادي فلانه محل المطر. وفي الصحيحين في حديث انس لما كثر المطر على المدينة كان بدعاء كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله اللهم على الاكام والظراب وبطون الاودية. فهي محل اي المطر وربما جاءه الماء من بعيد فلا يشعر به حتى يغمره ولم يذكر رحمه الله تعالى بقية نواحي الوادي لان العلة لا تتحقق فيها فان اطراف الوادي المرتفعة لا يباشر الانسان فيها لا يباشر الانسان فيها الماء الذي يصل من الوادي فان اول واصلة من الوادي ما كان في بطنه. فاذا امتلأ بطنه ارتفع الى اطرافه. وفي ذلك مهلة تمكن الانسان من الارتفاع عن الاطراف خشية ان يصل الماء اليه. فقصر النهي عن الوادي في محل واحد وهو بطنه للعلة المذكورة. ثم ذكر من ادابه انه ان كان نزوله نهارا فلا بأس ان ينام نومة معينة له على دفع الوسن اي النعاس. وعلى سير الليل فينتفع بها في نفع النعاس عنه لان النعاس يلحق الانسان من رهق السفر. وتعينه تلك النومة على سير الليل خصوصا نومه وسط النهار. وهي النومة المسماة بالقيلولة فانه سنة مطلقة. ونوم القيلولة رويت فيه احاديث ثابتة من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل اصحابه من بعده. واما الاحاديث القولية المروية في ذلك كحديث قيلوا فان الشيطان لا يقيل فانها احاديث ضعيفة لا تثبت فالثابت فيه السنة الفعلية. وقوله رحمه الله تعالى فانه سنة مطلقة اي في الصيف والشتاء. وكان الامام احمد يأمر ابنه بها في صيف وشتاء. ومن اهل للعلم من جعلها متأكدة في الصيف دون الشتاء. لان نهار الشتاء قصير فلا تحتاج البدن الى اراحتها بنوم فانها تأخذ حظها من نوم الليل. وفي هذا قوة من جهة المعنى فان نوم الصيف فان نهار الصيف طويل فيحتاج البدن فيه الى اراحة في اثنائه بنومة بخلاف الشتاء فان تحقق ان هذا هو عادة العرب ودأبوهم حملت السنة عليه. وهو الذي يظهر. وهذا من الاحكام التي تعين معرفة احوال العرب عليها. اذ ليس في ليس في الاحاديث القولية ما يبينها. والمعول الاحاديث الفعلية والاحاديث الفعلية مردها الى عادة العرب. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان موافقا في احواله ما كانت عليه العرب في احوالها. ومن جملة ذلك ما ذكره بعض اهل العلم من ان نوم القيلولة لا يكون عند العرب الا في الصيف دون الشتاء ثم ذكر من اداب السفر انه اذا نزل ليلا قال يا ربي وربك الله اعوذ بالله من شرك الى اخر ما ذكر وهذا روي في حديث عند ابي داوود وغيره واسناده ضعيف. وقوله فيه اعوذ بالله من كل اسد واسود المراد بالاسود الثعبان العظيم. وهو المسمى بالصل. فانه كثير في احراشي العرب وجبالها ثم ذكر من ادابه انه اذا اصبح قال اصبحنا واصبح الملك لله الى اخره واذا امسى قال امسينا وامسى الملك لله يريد بذلك الحديث الوارد في اذكار الصباح والمساء وما كان من جنسه ان الانسان يقوله ولا يختص هذا بالسفر لكن الحاجة اليه فيه اكد فان في هذا الذكر طلبا واستعاذة ففيه طلب الخير والاستعاذة من الشر. ثم ذكر من ادابه انه كل خاف وحشة قال سبحانك الملك القدوس الى اخر ما ذكر وهذا روي عند ابن السني في عمل اليوم والليلة والطبراني في المعجم الكبير بلفظ سبحان الملك القدوس الى اخره ولا يصح ثم ذكر من ادابه انه كلما وجد كربا قال لا اله الا الله الحليم الكريم الى اخره. وهذا حديث الكرب المروي في الصحيحين عن ابن عباس ثم ذكر من ادابه انه كلما علا نشزا من جبل اي مرتفعا من جبل او رابية وهي كما ارتفع من الارض دون الجبل كبر وكلما هبط واديا سبح كما في حديث جابر عند البخاري كنا اذا صعدنا كبرنا واذا نزلنا سبحنا وانما اختص الصعود بالتكبير لانه حال ارتفاع فاذا ارتفع الانسان ناسب ان يعظم الله عز وجل وان يعلن ان الله اكبر من كل كبير واعلى من كل عار واذا آآ نزل الانسان سبح لان النزول سفل والسفل يناسبه التنزيه فهو ينزه الله عز وجل عن النقائص والعيوب التي لا تليق به. ثم ذكر من ادابه انه اذا استصعب الدابة اي صعبت عليه وابت ولم تتحرك قرأ في اذنها افغير دين الله يبغون الاية والاية بعدها من سورة ال عمران وهذا روي في حديث مرفوع عند الطبراني في الاوسط وفي حديث موقوف عن ابن عباس عند الثعلب في تفسيره ولا يصح شيء من ذلك مرفوعا ولا موقوفا وروي عن بعض التابعين ولا يثبت ايضا ثم ذكر من اداب السفر انه اذا ندت منه اي الدابة ومعنى ندت اي هربت منه الدابة وفر فانه يقول يا عباد الله احبسوا وهذا الذكر روي في احاديث ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود عند ابي يعلى وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا انفلتت دابة احدكم في فلاة من الارظ فلينادي يا عباد الله احبسوا فان لله حاضرا من خلقه. وهذه الاحاديث ضعاف كما سبق معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عنه فان لله حاضرا يحبسه اي في الارض ملائكة من ملائكة الله سبحانه وتعالى مأمورين بحفظ من امر الله بحفظه من الخلق وهذا الحديث استدل به بعض من سوغ نداء الغائبين من الموتى المعظمين توسلا او دعاء له. واستدلاله بهذا الدليل مردود عليه من جهتين احداهما جهة الدراية جهة الرواية وهو ان هذه الاحاديث لا تصح والثانية من جهة الدراية وهي ان هذه الاحاديث ليست حجة في نداء الغائب لان النبي صلى الله عليه وسلم قال في تمامها فان لله حاضرا. سيحبسه. وهذا دعوة جواز نداء الغائب استدلالا بهذا الدليل بعدم موافقته لموضع الدلالة فانه يستدل به على نداء وهذا الحديث ليس فيه نداء غائب بل فيه بيان ان لله حاضرا يحبس ما ندا ثم ذكر من ادابه انه اذا نام تحصن بما ورد سمي الذكر حصنا لان الانسان يتحفظ به من تسلط الشياطين عليه. وروي في ذلك احاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فالدعاء حصن المسلم. والوارد من ذلك هو قراءة اية الكرسي كما في حديث ابي هريرة عند البخاري وغيره فان من قرأ اية اية الكرسي لم يزل عليه من الله حافظ ولم يقربه شيطان حتى يصبح ومن ذلك اية ومن ذلك الايتان اخر سورة البقرة قراءتهما غير مختصة بالنوم. بل تستحب قراءتهما عند دخول الليلة بغروب الشمس فان النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابي مسعود البدري رضي الله عنه في الصحيحين من قرأ اخر ايتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه. وقوله صلى الله عليه وسلم في ليلة مشعر بان هذا الذكر مشروع عند ابتدائها والليلة تبتدأ بغروب الشمس فاذا غربت الشمس استحب للانسان ان يقرأ هاتين الايتين واما ما بعد ذلك من قوله تعالى شهد الله او قراءة اخر الكهف او قراءة الحشر او قراءة سوى هذه المذكورات فلم يثبت فيها شيء الا قراءة الاخلاص والمعوذتين عند النوم. كما في الصحيح انه يجمع يديه ثم يقرأ هؤلاء السورة الثلاث ثلاث مرات وينفث في يديه على الصفة المعروفة ويمرها على بدنه فالمشروع انسان قراءته عند ارادة النوم من سور القرآن واياته انما اية الكرسي وسورة الاخلاص والمعوذتين. فقط. واذا لم يقرأ اخر البقرة او اول الليل فليأتي بها في هذا المحل. ثم ذكر من اداب السفر هي لا تختص به كنظائرها السابقة لكن يحتاج للتذكير بها عنده ان يقول عند وضع جنبه باسم ربي وضعت جنبي وبه ارفعه الى اخر ما ذكر و اللفظ الذي ذكره ليس محفوظا في المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وانما الذي في الصحيحين من حديث ابي هريرة باسمك ربي وضعت جنبي وبك ارفعه اللهم ان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ثم ذكر من ادابه انه اذا ارتحل قال الحمد لله الذي عافانا في منقلبنا ومثوانا اللهم كما حملتنا من منزلنا فبلغنا غيره في عافية الى اخره. وهذا ليس فيه شيء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو منى الدعاء المطلق الذي لا يتقيد استحبابه بهذه الصفة في هذا المحل. فان شاء الانسان دعا احيانا وان شاء تركه وهو الاكمل لعدم وروده في السنة والاقتصار على الوارد اكمل وافضل ثم ذكر من الاحكام المحتاج اليها في اداب السفر انه يكره ان يصحب كلبا او جرسا فيكره ان يكون في صحبته كلب او جرس. فاما كراهية صحبة الكلب فالاحاديث الواردة في ذم اقتناء الكلاب. ولا يغتفر من ذلك الا كلب الصيد والماشية والزرع. كما ثبت في ابي هريرة في الصحيح ويكره له ايضا ان يصحب معه جرسا والنهي عن ذلك معلل بما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم انه مزمار من مزامير الشيطان. واذا كان كذلك فهو الى التحريم اقرب. لان ما اضيف الى الشيطان من اخلاقه واحواله يحمل على الحرمة في اصح القولين خلافا للجمهور. فان قاعدة الجمهور في المنسوب الى كالاكل بالشمال والمشي في نعل واحدة واشباه ذلك انه للكراهة والاظهر ان الافعال والاحوال الشيطانية تكون محرمة. فيحرم ذلك والجرس لما صدر منه صوت ينشأ منه الطرب. والدال على ذلك ان صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه نسبه الى الطرب فجعله مزمارا من مزامير الشيطان فاذا كان الجرس مشتملا على الطرب فهو المنهي عنه. وان كان عند الناس شيء يسمى جرسا والاولى الا يكون كذلك وهو مشتمل على التنبيه فان هذا لا يدخل في حكمه ومن ذلك ما يوضع من الاجهزة المنبهة على البيوت او في الهواتف فان هذه تنبيهات وليست اجراسا فان جعل صوت المنبه فيها صوت جرس فما زاد عن ذلك من طرب وغناء فانه يحرم لوجود هذا المعنى. فينبغي التفريق بين صوتين مشتركين احدهما صوت الجرس والمراد به ما كان متظمنا للطرب. والاخر صوت التنبيه وهو ما كان مثمرا والانباه. فلا يكون جرسا وان سماه الناس جرسا فان هذه تسمية عرفية امرها واسع لكن لا يترتب عليها الحكم. فمن ينزع الجرس من بيته او يمنع الهاتف تعللا بانه جرس لا يصح الا اذا كان الصوت الصادر منه موافقا للعلة التي اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم من كونه نارا من مزامير الشيطان اي مثمرا منشئا للطرب فان خلا من ذلك لم يكن ملحقا به. ثم ذكر من اداب السفر انه يكره ان ينفرد عن القافلة لغير عذر لنهي صلى الله عليه وسلم عن فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التفرق كما جاء في حديث ابي ثعلبة الخشن عند ابي داوود ان الناس كانوا اذا نزلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الشعاب وبطون الاودية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان في هذه الشعاب والاودية انما ذلكم من الشيطان. رواه ابو داوود كما سلف وحسنه النووي وهو كذلك. فهو حديث حسن متظمن للنهي عن التفرق. ولهذا فان مما ينبغي ملاحظته في مجالس العلم عدم تفرق الجالسين فيها ميمنة ميسرة واماما وخلفا فان هذا موافق للحال التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم فان الناس كما السلف كانوا اذا نزلوا منزلا معه تفرقوا في الشعاب والاودية فنهاهم عن ذلك وقال انما ذلكم من الشيطان. قال ابو ثعلبة فكانوا بعد ذلك اذا نزلوا منزلا لم يتفرقوا ولو بسطت عليهم غطاء لعمهم اي لشملهم وغطاهم فينبغي ان يتحرى طالب العلم هذه السنة وان يتجنب نهي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثم ذكر من الاداب استحباب اكثار السير في الليل لقوله صلى الله عليه سلم عليكم بالدلجة اي السير في الليل ومن اهل العلم من خص الدلجة باخر الليل وعلل ذلك بقوله في تمام الحديث فان فانها تطوي الارظ طيا وهذا الحديث روي بتمامه من وجوه ضعيفة. واللفظ المذكور فيها فانها تطوى فان الارض تطوى بالليل وبمجموعها يحسن الحديث لكن صدره وهو قوله عليكم بالدلجة في الصحيح. وانما الكلام على تمام الحديث من العلة المخبرة عن ذلك. وليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم فان الارض تطوى بالليل انها تنكمش فتقصر فيها المسافة وانما المراد ان الليل يسبل ستره فيخفى على السائل موضع سيره. فيقطع من الارض موضعا لم يظن انه يقطعه بخلاف النهار فان النهار ينفسح فيه النور الانسان منتهى بصره فيستطيل الطريق ويضعف سيره في النهار اما الليل فان الليل قد ارسل ستره وخفي على السائل معالم سيره فيستحثه ذلك على قطع الطريق ظنا ان الوقت يذهب عليه وهو لم يقطع شيئا فيحمله ذلك على ان يقطع في المدة من الليل اكثر مما يقطعه في المدة نفسها من النهار فهذا معنى الحديث وعلته وليس معناه كما يظن ان معنى ذلك ان الارض تقرب في الليل تقصفها وتقصيرها وكمش اطرافها وجمعها فان هذا ليس معنى للحديث ثم ذكر من ادابه ان يريح دابته بالنزول عنها غدوة وعشية يعني طرفي النهار وعند كل عقبة يعني عند المكان المرتفع من الارض كرابية وطرف جبل ونحو ذلك يتجنب النوم على ظهرها لما فيه من زيادة المشقة عليها بثقل جسمه حينئذ متى عرف انها لا تقدر على ذلك؟ فان عرف انها تقدر على ذلك لم يكن ذلك مأمورا بتجنبه وكان الناس ينامون على رواحلهم في اسفارهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينههم صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فاذا كانت الرواحل قوية قادرة على حمل ثقل الانسان فلا لا بأس به. اما ان عجزت عن عن ذلك فانه ينبغي للانسان ان يتجنبها. وان لا يحملها ما لا تطيق انه يحرم عليه ان يحملها فوق طاقتها. ويحرم عليه ان يجيعها من غير ضرورة. فاذا وجدت الضرورة وهي تقويتها في السير ونحو ذلك جازت جاز تجويعها لاجل هذه المصلحة المغتفرة في جنابها تلك المفسدة. ثم ذكر من اداب السفر انه ينبغي ان يتجنب الشبع افرط اي الزائدة عن الحد فان الشبع لا ينهى عنه في اصح قولي اهلي العلم وانما المنهي عنه ما كان مفرطا. وفي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ابي هريرة سقاه حتى شبع ابو هريرة وقال يا رسول الله لا اجد له مسلكا او قال مساغا انما ينهى عن المفرط لان ذلك من جملة فضول المباح وفضول المباح منهي عنها في اصح قولي اهل العلم كما اختاره ابو عباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. ثم ذكر مما ينبغي ان يتجنبه الترفه والتبسط في المطعم والملبس فان الحاج افجعه اغبر. اي من وصف الحاج انه اشعث في رأسه اغبر في ثيابه وبدنه فيلحقه شعث وغبر وهذا الوصف صحفي احاديث واثار عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة. فالمناسب للحال التي يكون عليها الحاج وهي الشيعة والاغبرار ان يترك الترفه والتبسط في مطعمه وملبسه. ثم ذكر من اداب السفر ان يستعمل رفقا وحسن الخلق مع الغلام اي المملوك الذي يخدمه. والرفيق اي المصاحب له. والسائل الذي يسأله وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من احب بان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه. فينبغي ان يعامل الانسان اساء بالمعاملة الحسنة التي يحب ان يعامل بها. ومن جملة الادب ان يصون لسانه عن الشتم والغيبة ولعن الدواب وجميع الالفاظ قبيحة والمخاصمة ومزاحمة الناس في الطرقات وموارد الماء ما امكنه. ثم ذكر من اداب السفر انه اذا نزل منزلا قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق كما في حديث خولة في صحيح مسلم وتقدم هذا واذا خاف قوما قال اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. وروي هذا في حديث ابي موسى الاشعري ابي داود وغيره وهو حديث صحيح. وهذا الذكر انما يشرع قوله اذا خاف قوما وانما يخافهم اذا كان تعديهم عليه بغير حق. اما فان كان تعديهم عليه بحق فلا يكون ذلك موجبا للخوف ولا محلا لقول ولهذا الدعاء فمن يقول هذا الذكر مطلقا عند اي محل يلقى فيه ما يكره فليس كذلك كمن يقوله عند نقاط التفتيش التي للشرط او المرور فان هذا لا يشرع اذا كان الانسان قد اخطأ فيلزمه حق في خطأه كمن جاوز السرعة. اما ان لم يكن مخطئا وخافهم فانه يجوز له ان يقول ذلك. فان الانسان اذا لم يعلم من نفسه خطأ وخشي من امثال هذه الشرط الظلم والتعدي كما هو محل كثير منهم في كثير من بلاد المسلمين فانه يقول هذا الذكر. فان لم يكونوا محلا لذلك فانه لا ينبغي للانسان ان يقوله ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى تنبيها لاحقا لهذه الاداب وهو انه على الامام وهو ولي امره ام للمسلمين او من يستنيبه في اقامة الحج وامارته في المسير بالقوم ان يتعهد الرجال والخيل والدواب وان يتعاهد معونتهم بدابته وماله ونواله. وان يكون ذا رأي وشجاعة ورفقا بهم لان هذا من كمال حفظ الرعية التي وكلت اليه وفي الصحيحين من حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. ثم قال ويلزمهم طاعته في ذلك لانه اميرهم في سفرهم ويصلح بين الخصمين ولا يحكم اي لا يحكم بين الخصمين الا ان يفوض اليه. فيعتبر كونه من اهله اي كونه من اهل القضاء. مستجمعا لشروطه. وليس كل امير يصلح للقضاء وانما يصلح للقضاء من كان عارفا باحكامه. ولهذا كان من عادة فيما سلف في البعوث في الثغور والجهاد والخروج للحج ان يكون لهم امير وقاض ومفت وامام ومؤذن. فان هؤلاء مما يحتاج اليهم في السفر فالامير يدبر امورهم. والقاضي يفصل بين خصوماتهم والمفتي يبين لهم ما يحتاجون اليه من الاحكام. والامام يصلي بهم والمؤذن يؤذن لهم في صلاتهم ويقيمها لهم. ثم قال وما يفعل عند جبل الزينة ببدر بدعة والذي يفعل عند جبل الزينة فيما سلف كما في كشاف القناع وفي شرح المنتهى ما هو ايقاد الشموع؟ فكان الحجاج اذا وفدوا على جبل في تلك المحلة مسمى بجبل الزينة اوقدوا تلك الشموع وهذه الاسماء المتأخرة للمواضع جمهورها مما نشأ من البدع والاحوال والاقوال التي عند المتأخرين كتسميتهم هذا الجبل معروف في بدر بجبل الزينة لانهم كانوا يزينونه بايقاد الشموع او تسميتهم للجبل الذي فيه محل الغار الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم بجبل النور. فان هذا الاسم لا تعرفه العرب. وانما هذا الاسم وانما الاسم الذي تعرفه العرب جبل حراء فان حراء اسم للجبل وليس اسما للغار وما جاء في بعض من ذكر غار حراء يعني غار جبل حراء. واما تسميته بالنور فانها متأخرة. ومثله تسمية جبل عرفة بجبل الرحمة وانما يعرف عند العرب جبل ايلال ومعرفة المواضع باسماء التي عند العرب هي التي ينبغي ان يتحقق بها طالب العلم وان لا تروج عليه الاسماء التي جعلها المتأخرون فان المتأخرين ربما اشتملت على معان باطلة كتسمية الجبل المعروف ببدر باسم جبل الزينة لانهم كانوا يوقدون عنده الشموع اذا مر الحاج المصري به الى ذلك فانه كان من جهتهم. وكذا ما يفعله الحاج الشامي عند ورودهم من جهة تبوك من اشهار السلاح عند قدوم تبوك. فانهم كانوا يخرجون سيوفهم ويرفعون رماحهم. لان النبي صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون حاصر تبوك وضرب حصارا وهذا باطل فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يحاصرها. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المقصد الثالث من مقاصد المقدمة وهو بيان فضل النسك وشرفه وشرف طلابه اي الناسك وهو الحاج والمعتمر واورد فيه قول الله تعالى واذن في الناس الى تمام الاية وفيها قوله تعالى في الاية بعدها ليشهدوا منافع لهم. وذكر المصنف ما جاء في تفسيرها عن سعيد بن المسيب او سعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين بن علي المعروف بالباقر انهم فسر هذه الاية بقوله غفر لهم ومنافع الحج لا تنحصر في المغفرة بل هي اكثر من ذلك وهي اسم شامل لجميع ينشأ من الخير عن الحج والاتيان بالنكرة في قوله تعالى منافع للدلالة على التكثير فان من مقاصد النكرة في كلام العرب ارادة التكفير بها ولذلك لم يقل الله ليشهدوا المنافع التي لهم قال ليشهدوا منافع لهم للاعلام بكثرتها. ثم اورد في ذلك حديث ابي هريرة في الصحيحين من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيومه كيوم ولدته امه. اي غفر له ما كان من ذنوب التي عمل الذنوب المكفرة بالحج في اصح قولي اهل العلم هي صغائر اما الكبائر فانها مفتقرة الى توبة خاصة منها. وعلى هذا جمهور اهل العلم بل حكي اجماعا وعد ابو عمر ابن عبد البر وابو الفرج ابن رجب خلاف ذلك من شاذ العلم. ثم ذكر المصنف تفسير الرفث لغو الفسوق بالمعصية وهذا احد الاقوال المذكورة في تفسيرهما والصحيح ان الرفث اسم للجماع ومقدماته وان الفسوق اسم لكبائر الذنوب. فان الله عز وجل ذكر الذنوب في قوله تعالى وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. فالكفر اسم للذنوب المكفرة والفسوق اسم للذنوب التي هي الكبائر والعصيان اسم للذنوب التي هي صغائر. وانما شرط ترك الكبائر دون الصغائر لان الانسان لا ينفك عن المعصية فهي ملازمة للطبيعة الادمية والجبلة الانسانية. ثم ذكر المصنف حديثا اخر وهو حديث الحجاج والعمار وفد الله الى اخره وهو حديث ضعيف رواه ابن ماجه وغيره. ثم ذكر بعدهما حديثا ثالثا وهو حديث ابي هريرة في الصحيحين العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم كفارة لما بينهما اي من الصغائر. وفي الحديث بيان ان الحج المبرور يجزى عليه العبد بالجنة. واختلف اهل العلم في حقيقة الحج المبرور على اقوال منها ما ذكره المصنف من انه قيل هو الذي لا يخالطه اثم وقيل هو المقبول. والصحيح ان حج المبرور هو المنسوب الى البر. ان الحج المبرور هو المنسوب الى البذء وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم البذر في حديث النواس ابن سمعان في صحيح مسلم فقال ايش بر حسن الخلق. فالحج المبرور هو الحج القائم على حسن الخلق. وحسن الخلق له معنيان. احدهما حسن الدين. لان الدين اما خلقا كما قال تعالى وانك لعلى خلق عظيم اي على دين عظيم كما فسره مجاهد بن جبر وغيره والثاني ان حسن الخلق هو حسن ما يكون بين العبد وبين غيره من المعاملة والمعاشرة. فان خلق يشتمل على هذا وهذا. وهذا التفسير للحج المبرور مبني عن المأثور على المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لما ذكر المصنف ان من تفسير المبرور والمقبول قال وعلامة المقبول ان يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي. وهذا ذكره النووي في شرح مسلم وتبعه جماعة وفي جعل ذلك علامة مستقلة نظر فان الانسان قد يقبل منه عمله ثم تقع منه المعصية. فذلك هو الموافق الجبلة الادمية وانما علامة المقبول ان يزداد به الانسان خيرا. والتعبير وبهذه العبارة اولى لقول الله تعالى ويزيد الله الذين اهتدوا هدى فالذين اهتدوا بعمل الصالحات يزيدهم الله هدى وطاعة. واما القول بانه لا يعاود المعاصي فهذا يخالف ما جبل عليه الانسان من مواقعتها ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المقصد الرابع من مقاصد المقدمة وهو ذم تارك النسك وورد فيه قول الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين وذكر ان معنى من كفر اي ترك الحج وهذه الاية فيها ذم من ترك الحج الى الكفر وهذا الكفر الذي نسب اليه تارك الحج احد نوعين الاول ان يكون كفرا اكبر وذلك اذا ترك الحج جحدا له وانكارا والثاني ان يكون كفرا اصغر. وذلك اذا ترك الحج مع القدرة عليه والتمكن منه فمن ترك الحج كذلك فكفره كفر اصغر ويكون مذموما على ذلك ثم اورد في ذم تارك الحج قوله صلى الله عليه وسلم من ملك زادا وراحلة تبلغه الى بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا. رواه الترمذي وغيره ولا يصح ورويت في ذلك اثار احسنها ما رواه الاسماعيلي والبيهقي في السنن كبرى عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قال من اطاق الحج فلم يحج فسواء عليه يهوديا مات او نصرانيا وانما نسبه الى اهل هاتين الملتين لان ترك الحج مع القدرة عليه والتمكن منه من افعال الكافرين كفرا اصغر كما سبق والادلة في ذلك كما ذكر المصنف كثيرة شهيرة ذكر ذلك الرمل احد فقهاء الشافعية المشهورين من المتأخرين في مناسكه الكبرى والشمس الرملي اذا اطلق فالمراد به محمد بن احمد الرملي ولا يقال في لمثله لعل المقصود به فلان ابن فلان فان هذا من القطعيات المتيقنة. فكما يراد عند الحنابلة بالقاضي انه ابو يعلى الفراء كذلك الرملي الشمس اذا اطلق فالمراد به محمد ابن احمد واذا قيل عندهم وهو قول الشهاب الرملي فالمراد به ابوه وهذان الرجلان من فقهاء الشافعية المتأخرين والابن اشهر من ابيه في ذلك حتى كان يسمى بالشافعي الصغير. نعم السلام عليكم قال رحمه الله تعالى الباب الاول في كيفية الترخص في السفر واستحبابه من نوى سفرا مباحا ولو نزهة يبلغ ستة عشر فرسخة تقريبا برا او بحرا. وهي يومان قاصدان اربعة برد او اربعة برد او اربعة برد والبرد اربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة اميال هاشمية وباميال بني امية امية ميلان ونصف والميل الهاشمي اثنى عشر الف قدم ستة الاف ذراع والذراع اربعة اصبعا معترضة معتدلة. كل اصبع ست حبات شعير بطون بعضها الى بعض. عرض كل شعيرة ست شعرة شعرات بردون جاز له اذا فارق بيوت قريته العامرة او خيام قومه او تنسب اليه عرفا سكان او قوم ونسبت اليه رفضا. او ما نسبت او ما نسبت اليه عرفا سكان وبساتين ونحوهم سكان قصور وبساتين. سكان سكان سكان قصور وبساتن ونحوهم ان يقصر الرباعية وان يفطر وهما افضل من الاتمام والصوم. ثم ان رفض نية السفر او نوى اقامة مطلقة او اكثر من عشرين صلاة او لحاجة وظن انها لا تنقضي قبلها او عزم في صلاته على قطع الطريق ونحوه او اخرها بلا عذر حتى ضاق وقتها لزمه ان يتم. لا ان سلك ابعد طريقين او ذكر صلاة سفر في اخر او اقام لحاجة على نية اقامة ونحو ذلك. واذا تعذر عليه الماء حسا او شرعا بان احتاج الى شربه او علم او ظن احتياجه او احتياج رفيقه الى ذلك جاز له التيمم وينوي به الاستباحة بانه لا يرفع الحدث. واذا نوى استباحة شيء جاز له فعله وفعل مثله فعل ما هو دونه في الرتبة بذلك التيمم. فاذا نوى السباحة فرض العين كالصلاة المفروضة بتيمم جاز له فعلها وفعل مثلها وفعل مثلها من فرض العين وفعل ما دونها من فرض كفاية وسنة. ولا يجوز له فعل شيء بنية السباحة ما هو دونه فاعلى فاعلاه فرض عين فنذر وكفاية فنافلة فطواف فرض فطواف نفل استباحة ما هو دونه فاصلة فاعلاه فرض عيني. احسن الله اليكم. نعم. فاعلاه فرض عين فندر وكفاية فنافلة وطواف فرض فطواف نفل فمس مصحف فقراءة قرآن فلبث بمسجد. وان نوى الحدثين حصلا. وان نوى احد اسباب احدهم ما اجزأ عن الجميع تلك الاسباب عن جميع تلك الاسباب. احسن الله اليكم. اجزأ عن جميع تلك الاسباب وان واستباحة فرض بتيمم جاز له ان يجمع بين فروض ونوافل ولا يجب ان يتيمم لكل فرض خلافا للامام الشافعي ويبطل ويبطل التيمم بدخول الوقت وبخروجهما لم يكن في صلاة جمعة او ينوي الجمع في وقت ثانية فلا يبطل بخروج وقت الاولى ويبطل ايضا بوجود ما لم يتعدى الماء ان لم يتعذر ما ما ان لم يتعذرنا. ويبطل ايضا بوجود ماء لم يتعذر عليه استعماله حسا لا في السن ولا شوق. احسن الله اليكم. ما ما ان لم يتعذر عليه استعماله وحسا ولا شرعا وبزوال مبيح ومبطل ما يتيمم له وخلع ما يمسح ان ان تيمم وهو عليه لا عن حيض ونفاس بحدث غيرهما. وان وجد الماء في صلاة او طواف بطلا. وان انقضيا لم يجد اعادتهما. وصفة ان ينوي ثم يسمي ويضرب التراب بيديه مفرجتي الاصابع ضربة يمسح وجهه بباطن اصابعه وكفيه براحته ومن الرخص المشتركة بين المقيم والمسافر المسح على الخف بشرط ان يكون طاهرا صفيقا ساترا لمحل الفرض يثبت بنفسه ويمكن ويمكن تتابع المشي عليه تقدم لبسه طهار تقدم لبسه طهارة كاملة بماء وان اختلفا في قدر المدة فهي للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة ايام بلياليهن ان كان سفر قصر والعاصي بسفره بخلاف العاصي فيه. ومن الرخص المشتركة بينهما ايضا الجمع بين الظهرين وبين العشائين بوقت احدهما. وتركه وافضل غير جمع عرفة ومزدلفة. لكن بشرط ان يكون سفر قصر وان يكون المقيم معذورا. والمريض يلحقه بتركه ومرضع لمشقة كثرة نجاسة ومستحاضة ونحوها. وعاجز عن طهارة او تيمم لكل صلاة. او معرفة وقت كاعما ونحوه او بما يبيح ترك جمعة او جماعة. ومن الاعذار المختصة بالعشائين ثلج وبرد واياك وان يكون المقيم معذورا كمريض يلحقه. احسن الله اليكم. وان يكون المقيم معذورا كمريض يلحقه بتركه مشقة ومرضع لمشقة كثرة نجاسة ومستحاضة ونحوها. وعاجز عن طهارة او تيمم لكل صلاة او معرفة وقت كاعمى ونحوه. او بما يبيح ترك جمعة او جماعة. ومن الاعذار المختصة ثلج وبرد وجليد ومطر يبل الثياب. وتوجد معه مشقة. ولو صلى ببيته او بمسجد طريقه تحت باطنه ونحوه وريح باردة شديدة وظاهر كلام باردة شديدة. وريح وريح باردة شديدة وريح باردة شديدة وظاهر كلامهم هنا ولو لم يكن بليلة مظلمة والافضل فعل من تأخير او تقديم سواك جمع سوى جمع عرفة ومزدلفة ان ان عدم. فان استويا فتأخير افضل سوى جمع عرفة فتأخير افضل سوى جمع عرفة ويشترط مطلقا ترتيب ولجمع بوقت اولى بجمع ولجمع بوقت اولى بنية عند احرامهما. والا يفرق بينهما الا بقدر اقامة ووضوء خفيف براتبة بينهما ووجود العذر عند افتتاحها. وسلام الاولى واستمراره في غير جمع مطر ونحوه الى فراغ الثاني ولجمع بوقت ثانية نيته بوقت اولى ما لم يضق عن فعلها. وبقاء عذر الى دخول وقت ثانية لا غير وتصح منه الصلاة على الراحلة لجهة سيره ويلزمه افتتاحها الى القبلة ان امكنه بلا مشقة. وكذا ركوع وسجود واستقبال لمن في لمن في محفة او على راحلة احسن الله اليكم لمن في محفة او على راحلة واقفة والا فالى جهة سيده ويومئ ويجعل الايماء بسجود وخر وخفض ان قدر ويعتبر طهارة ويجعل الايماء بسجود اخفض ان قدر احسن الله اليكم ويجعل الايماء بسجود واخفض ان قد اخفض اخفض يعني اخفض من الركوع احسن الله اليك اجعلوا الايماء بسجود اخفض ان قدر. ويعتبر طهارة محلة من نحو برو. طهارة محله ويعتبر طهارة محله من نحو بردعة وان وطئت دابته نجاسة فلا بأس والوتر وغيره سواء. وان نذر الصلاة على الراحلة جاز. ويدور في السفينة والمحفة في الفرض دون النفل والمراد غير غير الملاح لحاجته. وتصح الفريضة على الراحلة واقفة كانت او سائرة خشية اذن بمطر او وحل او نحوهما. وكذا لو خاف بنزولهم قطاعا عن رفقة او عجز عن الركوب. لا لمرض مع قدرته على النزول والركوب بلا ضرر والله الموفق للصواب. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من مقدمة كتابه شرع في ابوابه وابتدأ ابوابه الخمسة بالباب الاول وهو في كيفية الترخص في السفر واستحبابه. وهذان المطلبان كان المصنف نوه بهما في المقدمة انهما من مطالبها. ثم اعرض عن ذلك وعدل عنه فافرد لهما بابا وانما ذكرهما المصنف في باب مفرد للحاجة اليهما في السفر وتأكد استحباب اتيان الرخص فيه وهذا اصل مقرر في الشريعة بادلته واورد المصنف تعالى رحمه الله تعالى جملا منه فقال مبينا طرفا من السفر احكامها من نوى سفرا مباحا ولو نزهة وفرجة سفر المباح هو الذي يخلو من كون الحامل عليه المعصية فليس المحرك له هو المعصية. فاذا لم يكن المحرك للسفر معصية سمي سفرا مباحا وان كان الباعث له المعصية سمي سفر معصية والرخص عند جمهور اهل العلم ومنهم الائمة الاربعة لا تناط بالمعاصي. العاصي لا يرخص له. تضييقا ومعاملة له بضد قصده. فانه خرج لاجل محرم. والشريعة انما رخصت توزيع توسعة على العبد اذا كان في سفر مباح فما فوقه كسفر الطاعة. وهذا هو المناسب الادلة فمن نوى سفرا مباحا ولو نزهة وفرجة والمراد بالفرجة الخروج اذهاب غم النفس وليس المراد بالفرجة كما يفهمه بعض الناس من انه النظر الى الجبال والاشجار فان ذلك يسمى نزهة. فالنزهة هي التي فيها طلب التلذذ بما يكون في البرية ونحوها. واما الفرجة فهي الخروج لاجل طلب ازاحة غم عن النفس فان من المسالك القدرية المعروفة في دفع الهموم والغموم عن النفس السير والمشي ولا سيما على القدمين. واذا كان في ظاهر البلد بعيدا عن الناس فان ذلك انفع للمرء. فاذا خرج الانسان بهذا القصد في سفر مباح يبلغ ستة عشر فرسخا تقريبا اي لا تحديدا والفرق بين التقريب والتحديد عند الفقهاء ان التحديد يتعين فيه المذكور. واما التقرير فانه لا يضر فيه نقص يسير مغتفر. ولهذا يشيرون الى ما كان تقريبا بقولهم تقريبا اي لا تحديدا منتهيا الى المذكور. وهذه المسافة المكانية تقدر بمدة وهي يومان قاصدان اي يومان معتدلان بسير الجمال المحملة بالاثقال وتقديرها باربعة برد. وقدر المصنف رحمه الله تعالى هذه المسافة بالبريد ثم قدر البريد بالفراسخ ثم قدر الفلسفة قال ثم قدر الاميال بالاقدام والادرعة ثم قدرها بما دون ذلك. وهذه التقديرات الموجودة في كلام الفقهاء دالة على شهوف نظرهم وكمال دينهم ودقة علمهم فان تحرزهم وحرصهم على اصابة حكم الشريعة حملهم على ملاحظة ما دق كعض الشعيرة الذي يكون ست شعرات بردون بردون وهو اسم لما كان غير عربي من الخيل والبغال فانها تسمى براذين. وليس هذا ايغالا في التفريع وطلبا لما لا حاجة اليه وانما هذا طلب لما يحصل به اليقين وهذه المسافة باعتبار المتعارف عليه في تقدير الخلق اليوم من الاكيال التي تسمى غلطا بالكيلو مترات هو ستة وسبعون كيلا وثمانمائة متر. ومن اهل العلم من يذكر كونها ثمانين رفعا للعدد وجبرا للكسر. ومنهم من يزيد على ذلك ومنتهى ما بلغه المتكلمون في ذلك تسعة وثمانون كيلا والاشبه والله اعلم اعلم انها ستة وسبعون كيلا وثمانمائة متر. وتحتسب هذه المسافة من المفارقة بيوت قريته العامرة. ولذلك قال المصنف جاز له اذا فارق بيوت قريته العامرة. اي دون الخرب فاذا كان في اطراف البلد بيوت خربة لم تحسب او فارق خيام قومه اذا كانوا ضعنين في بادية او وفارق ما نسبت اليه عرفا سكان قصور وبساتين. فاذا كانت المحل مركبة من قصور بساتين سمي تجاوزها سفرا فلا بد من شرط مجاوزة محل السكنة ودار الاقامة من قرية او خيام او بساتين معروفة بالسكنى وما سوى ذلك فلا يكون من جملة العمران. وان دخل في اسم البلد. فالاستراحات التي تكون في اطراف في البلد ليست مندرجة في هذا لانها ليست محلا للسكنة وان كان فيها حارس فان الحارس لم يتخذها دار سكن وانما قام فيها لاجل مصلحة حفظها. فاذا جاوزها فله ان يقصر الرباعية. وهذا شروع في بيان رخص السفر الصلاة الرباعية الى ركعتين وهي الظهر والعصر والعشاء وجاز له ان يفطر اذا كان صائما في نهار رمضان وهما افضل من الاتمام والصوم. وجمهور اهل العلم على ان قصر في السفر افضل من اتمامها. واما الفطر في السفر للصائم فاهل العلم مختلفون فيه اختلافا كثيرا والاظهر ملاحظة القدرة فيه فاذا كان الانسان قادرا على الصيام لا يلحقه لذلك مشقة خارجة عن المشقة المعتادة فالافضل له موافقة صيام الناس. فان كان يشق ذلك عليه فالافضل له ان يفطر ثم قال المصنف ثم ان رفض نية السفر اي ابطلها وقطعها. او سوى اقامة مطلقة اي غير مقيدة بزمن. او اكثر من عشرين صلاة اي اربعة ايام او لحاجة وظن انها لا تنقظي قبلها اي لا تنقضي قبل هذه الايام اربعة او عزم في صلاته على قطع الطريق. ونحوه او اخرها بلا عذر ضاق وقتها لزمه ان ان يتم اي في هذه الصور ومعنى قول الفقهاء اخرها بلا عذر حتى ضاق وقتها لزمه ان يتم اي اذا خرج عن وقتها المختار الى وقت الضرورة. لان الشريعة رخصت له في توسعة له في اصابة الوقت المختار. فاذا عدل عن توسعة الشريعة ناسبه ضيق بان يؤمر بالاتمام كما هو قول جماعة من الفقهاء والصحيح انه يجوز له القصر في هذه الحال ثم قال لا ان سلك ابعد طريقين او ذكر صلاة سفر في اخر او اقام لحاجة بلا نية ونحو ذلك فانه يقصر فيها جميعا. فاذا كان للبلد المراد الطريقان فسلك الابعد جاز له ان يترخص بالقصر وان كان الاقرب ليست فيه مسافة القصر او ذكر صلاة سفر في اخر فانه يصليها قضاء مقصورة او اقام لحاجة بلا نية اقامة اي اقام في طلب شيء وهو لا يريد الاقامة ثم زاد في مدة اقامته عن الايام الاربعة وهو لا يعلم متى تنقضي حاجته فانه يقصر صلاته. ثم ذكر ما يحتاج اليه من الترخص التيمم لان الغالب ان الماء تقل على الناس في طرقهم فقال واذا تعذر عليه ما حسا او شرعا والمراد بالحس ان يكون معذورا من جهة بدنه وصحته او شرعا هو المراد بالحس ان يكون فاقدا الماء والمراد بقوله او شرعا ان يكون معذورا من جهة الشرع لعلة في بدنه ونحو ذلك فيكون محتاجا لشربه او علم او ظن احتياجه او احتياج رفيقه الى ذلك جاز له التيمم. ثم قال وينوي به الاستباحة والمراد بقول الفقهاء ينوي به الاستباحة اي طلب اباحة ما يحرم عليه بدون الوضوء كالصلاة فان الصلاة تحرم عليه بدون وضوء وهو اذا تيمم انما يطلب اباحتها لان التيمم عند جماعة من فقهاء كما هو مذهب الحنابلة لا يرفع الحدث. لان الحدث باق لم يرتفع. والقول الثاني ان التيمم رافع للحدث وهو الصحيح الذي دل عليه القرآن والسنة واختاره جماعة من المحققين كابي العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى ثم قال واذا نوى استباحة شيء جاز له فعله وفعل مثله وفعل ما هو دونه في الرتبة. فاذا تيمم لاجل صلاة الظهر جاز له ان يفعل صلاة الفرض واذا تيمم لاجل صلاة الظهر ثم اراد ان يصلي بدلا منها صلاة قد نذرها فجزى له فعل ذلك لانها مثل صلاة الفرض لان كلاهما لان كليهما واجب وفعل ما هو دونه كالنافلة مع الفريضة ومتى رحمه الله تعالى ذلك بقوله فاذا نوى استباحة فض العين كالصلاة المفروضة بتيمم جاز لها فعلها وفعل مثلها من فرض العين الى اخر ما قال ثم قال ولا يجوز له فعل شيء بنية استباحة ما هو دونه فاذا نوى الانسان شيئا دون الاعلى فليس له ان يجعله للاعلى. ثم ذكر المرتبات في العلو انها فرض عين فنذر الى اخره وهذا التقرير مبني على مذهب الحنابلة من ان التيمم مبيح لا رافع والصحيح انه رافع حينئذ فله ان يفعل ما شاء بتيممه. ثم ذكر انه ان نوى بتيممه الحدثين حصل اي الحدث الاكبر والاصغر فانه قد حصل له استباحة ما يريد استباحته بتيممه عن هذا وذاك وعلى الصحيح فقد حصل له ارتفاعهما وان نوى احد اسباب احدهما بان يكون قد نوى واحد اسباب الحدث الاكبر كنزول المني اجزأ عن جميع تلك الاسباب. وان استباحة فرض بتيمم جاز له ان يجمع بين فروض ونوافل. ولا يجب ان يتمم لكل فرض خلافا للامام الشافعي اي اذا جمع مع بينهما فاذا جمع بين صلاتين كفاه تيمم لواحدة منهما. ثم ذكر ما يبطل به التيمم فقالوا ويبطل التي ينب بدخول الوقت اي بدخول وقت الصلاة الاخرى التي تليها. لانه مبيح فيحتاج الى ان يتيمم للظهر في وقتها والعصر في وقتها. وبخروجه ما لم يكن في صلاة جمعة اي خروج الوقت بدخول الوقت الاخر وبخروج الوقت الذي هو فيه. ما لم يكن صلاة جمعة. فان صلاة لا يبطل التيمم بدخول الوقت لانها تصح عند الحنابلة قبل وقتها. فان وقت صلاة الجمعة عند الحنابلة كوقت عيد من ارتفاع الشمس قيد رمح فيكون وقتها مبتدأ قبل الزوال بخلاف الظهر التي تكون بعده فتكون صلاة الجمعة مختصة بهذا الحكم. وكذلك اذا نوى الجمع في وقت التالية فلا يبطل خروج الاولى فاذا تيمم في وقت الصلاة الاولى مريدا الجمع بين الصلاتين في وقت التالية فان التيمم لا يبطل بخروج في وقت الصلاة الاولى ثم ذكر وهذا مبني على كون التيمم مبيحا والصحيح انه رافع ففي الابطال بما ذكر نظر ثم ذكر انه يبطل بوجود ماء لم يتعذر عليه ما له حسا ولا شرعا. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في السنن فاذا وجد الماء فليمسه بشرته وليتق الله ربه وكذلك يبطل بزوال المبيح له. ويبطل كذلك بمبطل ما يتيمم له كنواقض الوضوء وموجبات ويبطل كذلك بخلع ما يمسح ان تيمم وهو عليه. فاذا كان عليه شيء يمسحه ذلك كالخفين فانه اذا خلعه بطل تيممه وهذا على المذهب في ان خلع الجورب يبطل الوضوء. والصحيح خلافه وان الوضوء لا يبطل بذلك ثم قال لا عن حيض ونفاس بحدث غيرهما اي اذا تيممت المرأة عن حيض ونفاس ثم اتاها زوجها فان تيممها عن الحيض والنفاس لا يبطل بالحدث الاخر الذي هو اتيان الزوج لها بعد ذلك بل تكون قد طهرت من ونفاسها وانما فيتيمم اذا ارادت شيئا بعد اتيان زوجها لها ثم قال وان وجد الماء في صلاة او طواف بطلا وان انقظيا لم يجب اعادتهما اذا وجد الماء وهو في اثناء الصلاة او الطواف بطل لا وان انقضيا لم يجب اعادتهما. فمتى ظهر له الماء وعرفه وعلم به وهو في صلاته او طواف وجب عليه ان يقطعها ثم يتوضأ او يغتسل ان كان محتاجا للغسل وهذا مذهب الجمهور وهو الاظهر وان انقظيا لم يجب اعادتهما اي اذا فرغا منهما عن تيمم ثم وجد الماء فانه لا يجب ان يعيدهما ثم ذكر صفة التيمم فقال ان ينوي ثم يسمي ويضرب التراب بيديه و التسمية هي واجب التيمم كالوضوء والغسل لانها بدل لانه بدل عنهما. والصحيح ان تسميته في الوضوء جائزة ليست مستحبة ولا منهيا عنها كما سبق بيانه في محله يكون في هذا الموضع جائزة ايضا. ويضرب التراب بيديه مفرجتي الاصابع. وتفريج الاصابع ليس في الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه الاكمل في سورة التيممم فان تيمم دون تفريج اصابعه صح ذلك ويضرب ضربة واحدة يمسح وجهه بباطن اصابعه وكفيه براحتيه اي يمسح ظاهر كفيه بباطنهما فان الراحة اسم لباطن الكف. ثم ذكر من الرخص المشتركة بين المقيم مسافر المسح على الخف بشرط ان يكون طاهرا اي غير نجس صفيقا اي متينا ساترا لمحل الفرض يثبت بنفسه لا بغيره كشده ويمكن تتابع المشي عليه تقدم لبسه طهارة كاملة بماء وهذه هي شروط المسح على الخف والصحيح انه لا يشترط ان يكون صفيقا متينا بل اذا كان صافيا يرى الجلد من ورائه صح المسح عليه وكذلك لا يشترط ثبوته بنفسه بل لو ثبت بغيره كشده بحبل ونحوه جاز ذلك وكذلك لا يشترط امكان تتابع المشي عليه بل اذا كان مخرقا جاز المسح عليه في اصح قول اهل العلم. ما لم يكن غير ساتر هل الفرض ساقطا عنه فعند ذلك يمنع منه لاجل عدم ستره لمحل الفرض حل الفرض هو ما يوصل من القدم. ثم ذكر ان هذه الرخصة مشتركة بين المقيم والمسافر وان اختلفا في قدر المدة فهي للمقيم يوم وليلة وللمساء في ثلاثة ايام بلياليهن ان كان سفرا قصر فان كان دون سفر القصر وما سبق ذكره فانه لا يزيد عن اليوم والليلة ثم قال والعاصي بسفره كالمقيم. اي يمسح يوما بخلاف العاصي فيه اي المواقع للمعصية في سفره. والفرق بين العاصي بسفره والعاصي في سفره ان العاصي بسفره هو الذي خرج ومحركه في خروجه طلب المعصية. فالباء للتعليل والسببية فهو عاص بسبب سفره. واما العاصي في سفره فهو الذي خرج سفرا مباحا او فوقه كسفر طاعة ثم وقعت منه معصية فيه. فانه يترخص ثلاثة ايام بلياليهم بخلاف الاول. ثم ذكر من الرخص المشتركة بينهما اي بين المسافر والمقيم الجمع بين الظهرين وبين العشائين بوقت احدهما اجمعوا بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوقت احدهما. وتركه افضل اي ترك الجمع افضل غير جمع عرفة و مزدلفة لكن بشرط ان يكون سفر قصر والاظهر ان الجمع او افظل اذا كان في حال اشتداد السفر بالنسبة للمسافر فاذا كان المسافر اشتداد طريقه فالسنة ان يجمع بين الصلاتين واما اذا كان مقيما في حال سفره فانه يصلي كل صلاة في وقت وقتها مع قصرها ثم قال في بيان شرط ترخص المسافر قال بشرط ان يكون سفر قصر اي مع مسافته المتقدمة فان سافر دون مسافة قصر لم يكن ذلك من رخصه. ثم قال وان يكون المقيم معذورا وهذا شرطه للمقيم. ثم بين انواعا من العذر للمقيم. قال كمريض يلحقه بتركه مشقة. ويلحقه بترك الجمع مشقة ومرضع لمشقة كثرة نجاسة اي الولد الذي ترضعه من ذكر وانثى فاذا كان يتكرر منه البول ونحوه وتتضرر بذلك ويشق عليها فانها تجمع ومثلها مستحاضة وكذلك عاجز عن او تيمم لكل صلاة فيكون ذلك مما يثقل عنه ويعجز عن الاتيان به او عاجزوا عن معرفة وقت كاعمى ونحوه. او بما يبيح ترك جمعة او جماعة فاذا كان له عذر يبيح ترك جمعة او جماعة فان له ان يجمع ومن الاعدال المختصة العشائين ثلج وبرد وجليد ومطر يبل الثياب وتوجد معه المشقة. فاذا وجد هذا في كائن ترخص برخصة الجمع بخلاف الظهرين فان كثيرا من اهل العلم منعوا الجمع بين الظهرين عند وجود المطر. لان المطر انما تتحقق مضرته عند الجهل بمسلكه في الارض وهذا يكون مع الظلمة. وفي النهار ما يكون هذا انا موجودا والاظهر ان هذه رخصة في الظهرين كما انها رخصة في العشائين انها في الظهرين اقل تحققا ثم ذكر ان هذه الرخصة جائزة له ولو صلى في بيته اي لو صلى حال المطر ببيته فله ان يجمع او بمسجد طريقه تحت سباط الجسر الرابط بين جهتين مبنيتين كالخشب الموضوع في بعض الطرق فلو كان طريقه الى المسجد تحت هذا السبات فله ان يترخص بهذه الرخصة. ومن الاعداد المختصة بالعشائين ايضا ريح باردة شديدة. وهذه الجملة موضعها هو هذا المحل. بخلاف ما ذكره المعتني بالكتاب لكن ترتيب النص عنده هو الذي جعله يقولها هذا والا فجملة ولو صلى ببيته لاحقة بالجملة السابقة فلا ينبغي فصلها بسطر فتقدير الكلام ومن الاعداء المختصة عشاءين تلج وبرد وجليد وريح باردة شديدة. ثم قال وظاهر كلامهم هنا ولو لم يكن بليلة مظلمة اي مطلقا فاذا وجدت الريح الشديدة ولو في غير ليلة مظلمة جاز الترخص برخصة الجمع ثم قال والافضل فعل الارفق من او تقديم اي الافظل للانسان في التقديم والتأخير فعل ارفقهما به سوى جمعي عرفة ومزدلفة ان عدم اي ان عدم ماء الارفق فان استويا فتأخير افضل. سوى جمع عرفة اي ان استوي في الرفق ان التأخير للانسان افضل من التقديم سوى جمع عرفة فان جمع عرفة التقديم فيها اولى ليفرغ الانسان في اخر يومه لدعاء الله عز وجل. ثم ذكر في شروط الجمع قال ويشترط مطلقا ترتيب اي بين الصلاتين فيقدم الاولى ثم الثانية. ثم قال ولجمع بوقت اولى بنية احرامهما اي ينوي عند الجمع في وقت الاولى ان يصلي الصلاتين مجموعتين كما هو مذهب الحنابلة وجمهور اهل العلم انه لا يشترط تلك النية وهو الصحيح فلو صلى الصلاة الاولى دون نية جمع التانية اليها ثم صلى الثانية بعدها صح ذلك منه. ثم قال والا يفرق بينهما الا بقدر اقامة وضوء خفيف يبطل براتبة بينهما. والصحيح ان التفريق بينهما بيسير لا يضر ولو بصلاة راتبة بينهما. فلو انسان صلى الظهر ثم تنفل لها ثم جمع معها العصر جاز ذلك لكن ان طال الفصل فقد ذهب معنى الجمع ومن اهل العلم من اجاز الجمع كذلك وفيه قوة لكن الاولى التمسك بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المتابعة بين الصلاتين واليسير لا يقدح في الموالاة والمتابعة ثم ذكر من شرط الجمع وجود العذر عند افتتاحها عند افتتاح الصلاة الاولى فيوجد عندها عذر الجمع. فلو لم يوجد عذر الجمع الا بعد الفراغ من الاولى لم يجز ان يجمع بينهما فلو ان انسانا سافر من الرياض بعد صلاة الظهر باي يكون قد صلى الظهر في الرياض. ثم لما برز من البلد وجاءت الساعة الثانية اراد ان يصلي العصر انه لا يجوز له ذلك لان العذر انما وجد بعد الاولى فيصلي العصر في وقتها. ثم قال وسلام الاولى واستمراره في غير جمع مطر ونحوه الى فراغ الثاني ان يشترط سلام الاولى اي فراغه منها واستمراره في غير جمع مطر ونحوه الى فراغ الثانية. فاذا وجد العذر عند افتتاح الصلاة وسلامه من الاولى قبل تمامه وافراغه منها. واستمر العذر في غير جمع مطر ونحوه الى فراغ الثانية جاز له ان يترخص برخصة الجمع فيبقى العذر المبيح للجمع مستمرا معه الى فراغ الا في المطر فلو نزل في الاولى ثم انقطع فله ان يأتي بالتانية معها. ثم قال ولجمع ان يشترط لجمع بوقت ثانية نيته بوقت اولى. فينوي الجمع في وقت الصلاة الاولى ما لم يضق عن فعلها اي ما لم يضق عن فعل الثانية مع الاولى فلا يكون واسعا الا للاولى لان الجمع حينئذ يكون صوريا لا حقيقيا قال وبقاء عذر الى دخول وقت الثانية لا غير اي استمرار العذر معه. ثم قال في رخص السفر وتصح منه الصلاة على الراحلة لجهة سيره. اي الى اي جهة سار فيها وهذا من الرخص المختصة ويلزمه افتتاحها الى القبلة ان امكنه بلا مشقة كما هو مذهب الحنابلة فان مذهب الحنابلة ان صلي على الراحلة يلزمه ان يستفتح صلاته وهو الى القبلة. ثم بعد ذلك يصح ان يتجه الى اي جهة ان والاظهر والله اعلم ان ذلك ليس واجبا وانما هو اكمل فاذا امكنه ذلك فليأتي به بان تقبل القبلة ثم يتوجه به راحلته الى اي جهة شاء. ثم قال وكذا ركوع وسجود واستقبال لمن في محفة والمحفة هودج لا قبة له تركبه النساء او على راحلة واقفة. اي من كان كذلك في او على راحلة واقفة فانه يجب عليه ان يأتي بالركوع والسجود والاستقبال لان ذلك ممكن له فان لم يمكن فالى جهة سيره ويومئ اي في صلاته فيشير بدنه الى ركوعه وسجوده تحني بدنه مؤمنا به ويجعل الايماء بسجود اخفض ان قدر على ذلك. لان الركوع في الصورة الظاهرة ارفع. فيكون السجود اخفض وان قدر عليه في امائه ثم قال ويعتبر طهارة محله اي محل صلاته من نحو برضعة والبرد على هو ما يطرح على الدابة من ستر من ثوب كالمخدة وان وطئت دابته نجاسة فلا بأس اي لا تضره. فلو وطأت الدابة في طريقها نجاسة فانها لا تضره لانها غير عالقة به. بخلاف ما لو تنفل ماشيا ثم وطئ هو نجاسة فانها تكون متصلة به فيجب عليه ان يزيلها عنه حالا والا بطلت صلاته وهذا فرق دقيق بين ملامسة المصلي نفلا حال مشيه للنجاسة وبين دابته لها فالدابة لا يضره ذلك واما هو فانه يجب عليه ان يجتنبها ثم قال والوتر غيره سواء اي ان صلاة نافلة من الوتر وغيرها على الدابة سواء والمصلى على الدابة هو النفل دون الفرظ. ثم قال وان نذر الصلاة على الظاحي جاز اي النذر ان يصلي على الراحلة جاز لان نذر المستحب او المباح جائز عند اهل العلم ثم قال ويدور في السفينة والمحفة في الفرظ دون النفل. اي ان الانسان القادر على التوجه الى القبلة في سفينة او في محفة وهي الهودج الذي لا قبة له فانه يدور ملاحظا جهة القبلة دون النفل فانه لا يجب عليه الدوران. وذلك ما لم يكن عليه مشقة فان كان في دورانه مشقة لم يكن ذلك واجبا عليه على الصحيح. ثم نبه المصنف ان المأمور بالدوران في السفينة غير لحاجته والملاح هو الذي يكون مشتغلا بتحريك السفينة فمثله يشق عليه الدوران لاشتغاله بشغله ثم قال وتصح الفريضة على الراحلة واقفة كانت او سائرة خشية تأد بمطر او وحل او نحوهما فاذا كانت الارض موحلة او على الناس مطر فللانسان ان صلي الفريضة وهو على الراحلة. وكذا لو خاف بنزوله انقطاعا عن رفقة فاذا خشي انه اذا نزل انقطاع انقطع عن رفقته في سفره او عجز عن الركوب لا لمرض مع قدرته على النزول الركوب بلا ضرر. فهو يعجز ان ينزل ثم يركب فهذا ممن تصح له الصلاة على في الفريضة توسعة له. لان السفر مناسب للتوسعة والرخص. ولهذا جاءت الشريعة بالرخصة فيه ومناسبة مدرك الشريعة في الاحكام لازم للفقيه. فان مأخذ السفر التوسعة فاذا كان كذلك فان الاحكام المناسبة له ينبغي ان تكون على وفقه. فهذه الصور لم يأتي فيها دليل ظاهر وهي الانقطاع عن الرفقة او العجز عن الركوب لا لمرض مع قدرته على النزول والركوب فان هذه ليس فيها دليل مأثوم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن اصحابه لكن المناسب لرخصة الشريعة في السفر هو ملاحظة ذلك فاذا خشي الانسان ان ينقطع عن رفقته ويتضرر بذلك جاز له ان يصلي الفريضة على الراحلة توسعة له او عجز عن الركوب لا لمرض مع قدرته على النزول والركوب بلا ضرر جاز له ان يصلي الفريضة على الراحلة توسعة له وبهذا انتهى هذا الباب الذي ذكر فيه المصنف رحمه الله تعالى الرخص التي تعلق بالمسافر وانما ذكرها في هذا المنسك لان اكثر الناس وهم غير اهل مكة يخرجون مسافرين الى بلد الله الحرام فيحتاجون الى بيان احكام الرخص وكثير من المناسك ذكرت هذه المسائل وذكرها على نحو اتم صاحب المنسك المتوسط عند الحنابلة وهو مصباح السالك للعلامة المشرفة رحمه الله تعالى فان كلامه في الرخص اوفق واتم من كلام المصنف فان المصنف اختصر القول فيها اختصارا شديدا بحسب ما يناسب بقية الكتاب فانه ذكر ان كتابه هذا منسوج على الاختصار. وهذا اخر التقرير على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله تعالى بعد صلاة العصر والعشاء وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين