السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الحج من فرائض الاسلام. وكرره على عباده عاما بعد عام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين. وسلم عليه وعليهم تسليما مزيدا الى يوم الدين. اما بعد فهذا المجلس الثاني من برنامج المناسك التاسع والكتاب المقروء فيه هو بغية الناس في احكام المناسك العلامة محمد ابن احمد البهوتي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان الى قوله الباب الثاني في الحج والعمرة وبيان شروطهما واحكامهما. نعم. احسن الله اليكم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد فقال المصنف رحمه الله تعالى الباب الثاني في الحج والعمرة وبيان شروطهما واحكامهما. الحج قصد مكة لعمل مخصوص عمرة زيارة البيت على وجه مخصوص ويجب ان في العمر مرة واحدة بشروط وهي الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة. فالاسلام العقل شرطان للوجوب والصحة فلا يجب ان على كافر ولا مجنون ولا يصحان منهما. والبلوغ والحرية شطان للوجوب والاجزاء لا للصحة فلا يجبان على صغير ولا رقيق ولو مكاتبا او ام ولد او مدبرا او معلقا عتقه بصفة او مبعضة. ويصح ان منهم لا يجزئانهم عن حجة الاسلام وعمرته. ويحرم المميز عن نفسه باذن وليه وغير المميز يحرم عنه وليه. ولا يحرم عن مجنون اقتصارا على مورد النصر والاستطاعة شرط للوجوب فقط. فان فعلهما غير المستطيع اجزاءه. وهي ملك زاد يحتاجه مطلقا وراحلا ان بعد مسافة قصر صالحين لمثله بالتهما او ما يقدر او ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلا عن حاجته من وخادم ونحوهما وعن نفقته ونفقة عياله على الدوام وقضاء ديونه. ومن وجد ذلك ولم يستطع ركوبا استناب من يحج ويعتمر عنه من بلده وكذا من مات بعد وجوبه عليه. ومن الاستطاعة في حق المرأة ان يصحبها محرم وهو زوجها او من يحرم عليها ابدا بنسب او سبب مباح لرضاع او مصاهرة لرضاع كرضاع. احسن الله اليكم. كرضاع او ويشترط فيه ان يكون مسلما مطلقا ذكرا ونفقته عليها ان كان غير ان كان غير زوجها فان كان هو عليها ما زاد على نفقة الحضر. فان حجت بغير محرم حرم واجزأ. فان ايست من المحرم استنابت من يحج عنها ولا يملك زوجها منعها من حجة الاسلام حيث وجد المحرم ويستحب لها ان تستأذنه. والله اعلم. عقد المصنف رحمه الله على الباب الثاني من ابواب كتابه مشتملا على بيان حقيقة الحج والعمرة وشروطهم احكامهما وابتدأ ذلك بذكر حقيقتهما فذكر ان الحج شرعا هو قصد مكة لعمل مخصوص وما درج عليه كثير من المتأخرين من استعمال هذه اللفظة للدلالة على كونه معينا من قبل الشرع اولى منه الاخذ باللفظة المختارة في القرآن للدلالة على ذلك وهي معلوم كما قال الله عز وجل الحج اشهر معلومات وقال في ايام معلومات فان المقصود مبينات واضحات وهو موجود في كلام جماعة من القدامى للدلالة على هذا المعنى منهم الامام مالك وابو عيسى الترمذي الحافظ رحمهما الله تعالى فينبغي ان تعمل في محل مخصوص معلوم فيقال قصد مكة لعمل معلوم. والحج لا يقتصر على قصر مكة وحدها بل يكون فيه ايضا قصد مكة والمشاعر لاداء اقوال وافعال معلومة مفتتحة بالاحرام ومختتمة وفي الوداع في وقت معلوم. واما العمرة شرعا فذكر انها زيارة البيت على وجه مخصوص ويعدوا عن لفظ الخصوص الى قولنا معلوم فتكون العمرة زيارة البيت على وجه معلوم. ثم ذكر بعد ذلك حكمهما. فبين ان الحج والعمرة يجب في العمر مرة واحدة. فاما الحج فلم تختلف فيه كلمة اهل العلم لتظاهر دلالات القرآن والسنة والاجماع على ايجابه على كل احد من المسلمين مرة واحدة في العمر واما العمرة فاختلف اهل العلم في وجوبها والصحيح انها واجبة بصحة الاثار بذلك عن جماعة من الصحابة كابن عباس رضي الله عنهما احاديث المروية في ايجابها منها ما هو صحيح غير صريح ومنها ما هو صريح غير صحيح في الحكم بوجوب العمرة انما هي على الاثار ومن طريقة اهل السنة والحديث اقتفاء اثار الصحابة رحمهم الله الا ورضي عنهم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان وجوبهما مقيد بشروط والشرط عند الفقهاء وصف خارج عن ماهية العبادة او العقد تترتب عليه الاثار المقصودة من الفعل وانما اختير منزع الفقهاء في بيان حقيقة الشرط عوض ما يذكره الاصوليون لان المبحوث هنا من علم الفقه فالاولى ملاحظة واصطلاحات الفقهاء دون غيرهم. وحينئذ تكون شروط الحج هي الاوصاف الخارجة عن ماهية الحج تترتب عليها الاثار المقصودة من فعله. وهذه الشروط هي خمسة الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة. وتنقسم شروط الحج الى ثلاثة اقسام احدها شروط صحة وهما الاسلام والعقل فلا يصح الحج والعمرة الا من مسلم عاقل. وثانيها شروط وهما البلوغ والحرية فلا يجزئ عن حجة الاسلام الا مع وجودهما. واذا حج الانسان وقبل بلوغه او المملوك قبل عتقه صح الحج منهما ووجب عليهما حج للاسلام بعد حصول البلوغ في حق الاول والحرية في حق الثاني. وثالثها شروط الوجوب وهي شرط واحد هو الاستطاعة وقال المصنف في بيان اتار تلك الشروط قال فالاسلام والعقل شرطان للوجوب والصحة فلا يجبان على كافر ولا مجنون ولا يصحان منهما. والبلوغ والحرية شرطان للوجوب والاجزاء لا للصحة. فلا يجبان على صغير ولا رقيق اي مملوك ولو مكاتبا. اي كتب على قيمة عتقه فهو ينجمها في اوقاتها او ام ولد اي ولدت من مالكها ولدا هو ابنه او مدبر اي معلق عتقه بموت معتقه او معلقا عتقه بصفة او مبعظا ثم قال ويصحان منهم ولا يجزئانهم عن حجة الاسلام وعمرته. ثم قال في تمام ويحرم المميز عن نفسه باذن وليه. فيحرم الصبي المميز. عن نفسه وليه ولا يصح منه دون اذنه في اصح قولي اهل العلم. لان الحج عبادة يتضمن تصرفا ماليا والتصرف المالي لا يقع من الصغير الا باذن وليه. واما غير المميز فيحرم عنه وليه اي ينوي عنه الاحرام. ولا يحرم عن مجنون اقتصارا على مورد النص فان النص انما جاء في الصغير كما في صحيح مسلم ان امرأة رفعت النبي صلى الله عليه وسلم صبيا قالت الهذا حج؟ فقال نعم. ولم يأتي في المجنون ما يدل على جواز الاحرام عنه ثم قال والاستطاعة شرط للوجوب فقط فان فعلهما غير المستطيع اجزأه. ثم بين حقيقة الاستطاعة بقوله وهي ملك زاد يحتاجه مطلقا وراحلة الى اخر ما ذكر. وهذا مذهب جمهور اهل العلم ان هي الزاد والراحلة. بل ذكر ابو عيسى الترمذي في كتاب الجامع ان العمل عليه فعمل اهل العلم على ان الاستطاعة مرهونة بزاد يتقوت به في حجه وراحلة توصله اليه وتنقله بين مشاعره. لكن لابد من زيادة قيد وهو مع التمكن من الفعل فان الانسان قد يملك زادا وراحلة لكن لا يكون له تمكن من الفعل كأن يكون الوقت ظيقا عليه بعد ملكه للزاد والراحلة بحيث اذا خرج الى الحج فاته او كان الطريق غير امن. فان الاستطاعة هنا غير موجودة لعدم التمكن من بعلم وهذا الملك للزاد والراحلة محله ان بعد مسافة قصر. اما من كان دون القصر فانه لا يحتاج الى ذلك لان العادة جارية انه يسهل عليه ذلك ولا سيما في مثل هذه الازمان التي يسهل الوصول فيها الى مكة والمشاعر سريعا لا يحتاج الانسان الى كبير قدر من زاد ثم بين حقيقة وصف الزاد والراحلة بقوله صالحين لمثله بالتهما اي يصلحان لمثله ويناسبان مقامه. بالتهما او ما يقدر به على تحصيل ذلك اي الة الزاد والراحلة فاضلا اي زائدا عن حاجته من مسكن وخادم ونحوهما وعن نفقته ونفقة عياله على الدوام وقضاء ديونه. فما زاد عن ذلك كان داخلا في اسم طاعة اما ان كان تحصيله للزاد والراحلة يحيف به على نفقته او نفقة عياله فانه لا يكون مستطيعا ثم قال ومن وجد ذلك ولم يستطع ركوبا استناب من يحج ويعتمر عنه من بلده كأن يكون كبيرا او عليلا لا يستطيع الركوب فانه يستنيب من يحج ويعتمر عنه من بلده في اكمل احواله وان استناب من غيره جاز في اصح قولي اهل العلم لان محل النسك هو من الحدود التي حددتها الشريعة في المواقيت المكانية ثم قال وكذا من مات بعد وجوبه عليه اي ان من مات بعد وجوبه عليه يناب من يحج عنه من بلده وهذا في اكمل الاحوال واتمها ولو حج من غير بلد من انابه من حي عاجز او ميت صح ذلك ثم بين ان للمرأة شرطا يتعلق بالاستطاعة وهو صحبة محرم لها. ومن اهل العلم من اخرجه من مسمى الاستطاعة وجعله شرطا سادسا خاصة بالمرأة والاشبه والله اعلم انه يرجع الى معنى الاستطاعة وهذا معنى قولنا ملك زاد وراحلة مع تمكن من الفعل فان مما يمكن المرأة من الفعل وجود محرم معها كما ذهب الى ذلك جمهور اهل العلم علم بصحة الاثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وما روي على خلاف ذلك فهو اما صحيح لكن الاستدلال فيه ضعيف لانه استدلال بدليل في غير مولده فاما غير صحيح ولم يثبت عن احد من الصحابة رضي الله عنهم الاذن بحج المرأة في في حج وعمرة بغير محرم وما ثبت في الصحيح من حج امهات المؤمنين في عهد عمر رضي الله عنه فليس في الاثار ما يدل على انهن كن بغير محرم وهن اتقى لله عز وجل من ان يخالفنا امره وعمر رضي الله عنه اتقى لله من ان يخرجهن دون محرم. على ان امهات المؤمنين هن من العفاف والعناية بحفظهن ما ليس لغيرهن من النساء الاستدلال بذلك ضعيف من جهة المعنى. واما ما روي عن عائشة انها اذنت بذلك وقالت ليس كل النساء يجدن محرما فهذا رواه ابن ابي شيبة باسناد منقطع فلا يثبت عن الصحابة ابدا حرف واحد انهم اباحوا ذلك او اجازوه. فالصحيح ان المرأة لا يجوز سفرها الى الحج مع غير محرم ولو مع نساء مأمونات خلافا مذهب واختيار جماعة من اهل العلم كابي العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى. ثم ذكر ان المحرم هو من يحرم على هو زوج المرأة او من يحرم عليها ابدا بنسب او سبب مباح كرضاع او طاهرة ويشترط فيه ان يكون مسلما مطلقا اي سواء كان عدلا او غير عدل لكن لابد من شرط كونه مأمونا على المرأة لئلا يتعدى عليها بفجور ونحوه. ولابد ان يكون ذكرا. والمتحصل من الادلة ان المحرم لابد ان يكون جامعا لاربعة شروط. هي كونه ذكرا بالغا عاقلا مسلما مأمونا والجملة الاخيرة فيها شرط واحد فذكر المأمون قيد المسلم الذي يكون معه ثم قال ونفقته عليها ان كان غير زوجها. فان كان هو اي المحرم زوجها فعليها ما زاد على نفقة الحضر لان نفقة الحضر واجبة عليه في نفسه فما زاد عن ذلك وجب على المرأة فان حجت المرأة بغير محرم حرم حجها واجزأ عنها وهي اثمة بفعلها ان ايست من المحرم استنابت من يحج عنها لكونها عاجزة حين ذلك. ويكفي في اليأس غلبة الظن فاذا انتهى الى علم المرأة انه لا يكون لها محرم مع كبر سنها انها عند ذلك لها ان تنيب احدا يحج عنها ولا يملك زوجها منعها. خلافا من حجة الاسلام حيث وجد المحرم ويستحب لها ان تستأذنه لان الحج فرض عليه من الله سبحانه وتعالى فاذا اجتمعت لها شروطه وجب عليها ان تحج وليس له ان يمنعها من فرض من اعظم الفرائض هو من اركان الاسلام. ومأخذ ايجاب المحرم هو ملاحظة السفر واما في غير السفر فلا يلزم ان يكون المحرم معها. فلو قدر ان المحرم سافر بها من بلده حتى اوصلها الى البلد الحرام ثم كان هو في عمله وهي في حج في مع حجها كان ذلك صحيحا. لكنه ليس الاكمل. فان الرجل ينبغي ان يكون قائما على المرأة معتنيا بحفظها في حال سفرها. ومن جملة ذلك كونه معها في اداء مناسكها واذا وجدت ريبة او كانت محل فتنة تأكد كونه معها نعم احسن الله اليكم. الباب الثالث في الاحرام ومحظوراته والفدية والهدي والاضاحي وفيه خمسة فصول الفصل الاول في المواقيت اعلم ان ميقات اهل المدينة ذو الحليفة عن المدينة بنحو ستة اميال وهو المكان المعروف الان بابار علي عن مكة بعشر مراحل فصارت ميقاتا لاهل الشام في مرورهم بها وميقات اهل مصر والمغرب الجحفة ويحرمون الان من وهي قبيل الميقات بيسير وبينها وبين مكة ثلاث مراحل وميقات اهل اليمن يلملم واهل نجد قرن المنازل واهل المشرق ذات عرق وهذه الثلاثة على مرحلتين من مكة فمن مر بميقات من هذه ولو من غير اهلها مريدا نسكا او مكة والحرم لم يجز ان يتجاوزه بغير احرام اذا كان مسلما مكلفا حرا الا لقتال مباح او حاجة تتكرر كاحتطاب ونحوه ومكي ومكيا يتردد لقريته بالحلم. ومن منزله دون الميقات يحرم من منزله ومن بمكة يحرم لحج منها وهو افضل ويجوز من اي موضع شاء ولو من عرفة واذا اراد العمرة احرم من اقرب موضع من الحل الى الحرم. ويحرم على من كان من اهل وجوب مجاوزة الميقات بلا احرام. ويجب عليه الرجوع ان لم يخف ضرراه فان لم يعد. واحرم من موضعه ولو لعذر فعليه فدية ويكره الاحرام قبل الميقات وبالحج في غير اشهره وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. ذكر المصنف رحمه الله على بابا اخر من ابواب كتابه الخمسة وهو الباب الثالث وجعله في الاحرام والمحظورات والفدية والهدي والاضاحي كما نوه به وجعله خمسة فصول وتصرفه فيه خلاف ذلك. فانه جعله اربعة فصول واهمل الفصل الخامس المتعلق بالاضاحي. وابتدأ رحمه الله تعالى فصول هذا الباب بفصل في المواقيت. ومواقيت الحج شرعا هي مواضع ازمنة معلومة تتعلق بالحج هي مواضع وازمنة معلومة تتعلق بالحج ويعلم منه ان مواقيت الحج نوعان احدهما مواقيت مكانية والاخر مواقيت زمانية وابتدأ المصنف رحمه الله تعالى ببيان احكام المواقيت المكانية. فذكر ان ميقات اهل المدينة هو ذو الحليفة وانه يبعد عن يبعد عن المدينة هو ستة اميال وهو المكان المعروف الان بابار علي او ابيار علي وبينه وبين مكة مسافة طويلة. قدروها بعشر مراحل. والمرحلة هي المسافة بين محطتين يستريح المسافر في الثانية منهما. وهي تقدر بين من الاربعين والخمسين كيلا وهي المعروفة عند اهل الابل في زماننا باسم الشدة فان الشدة عند ارتحالهم هي المرحلة التي كانت معروفة عند الاوائل. وذو الحليفة صار ميقاتا لاهل الشام لمرورهم بها فهو ميقات للمدنيين ولمن يمر عليها من اهل الشام ثم ذكر ميقات اهل مصر والمغرب وهو الجحفة وهي قرية معروفة في غرب البلاد وذكر ان الحاج يحرمون الان من رابط لخراب الجحفة فصاروا قبيل الميقات بيسير في رابغ وكان هذا قبل اما اليوم فقد جددت الدولة وفقها الله ميقات الجحة وصار فيه مسجد يحرم الناس منه وبين وبين مكة ثلاث مراحل فهو اقرب من الميقات السابق. ثم ذكر ان ميقات اهل اليمن يلملم وميقات اهل نجد قرن المنازل وميقات اهل المشرق ذات عرق. ويلملم تعرف بالسعدية نسبة الى بئر امرأة كانت فيها تسمى فاطمة السعدية وقرن المنازل يسمى الكبير وهو واد عريظ طرفه الادنى فيه الميقات الموجود يوم وطرفه الاعلى فيه الموجود في جهة الطايف في وادي محرم فانه امتداد قرن المنازل. واما ذات عذر فانها تسمى اليوم الضريبة. وقد كانت هجرت و ضعف حالها حتى تركها الناس ثم اعيد تجديدها قبل سنين قريبة ووضع فيها مسجد ليكون ميقاتا للناس من هذه الجهة وهذه المواقيت الثلاثة على مرحلتين من مكة بقيت المكانية تنقسم الى قسمين احدهما ما وقته النبي صلى الله عليه وسلم وهي الاربعة الاولى والثاني ما وقته عمر رضي الله عنه وانعقد عليه الاجماع وهو ميقات ذات عرق المسمى بالضريبة. فان الاحاديث التي روي فيها ان النبي صلى الله عليه وسلم وقته ضعيفة ثم ذكر من الاحكام المتعلقة بالميقات انه من مر بميقات من هذه المواقيت ولو من اهلها مريدا نسكا او مكة والحرم لم يجز له ان يتجاوزه بغير احرام اذا كان مسلما مكلفا حرا الا ما استثني. وذلك عندهم في ثلاثة احوال احدها ان يكون لقتال مباح وثانيها ان يكون لحاجة تتكرر كاحتطاب ونحوه وثالثها ان يكون الداخل والخارج في الحرم مكي يتردد لقريته بالحل. فمن كان كذلك جاز له ان الميقات بغير احرام. والصحيح كما هو مذهب الشافعي ورواية عن الامام احمد ان مجاوزة الاحرام مجاوزة الميقات باحرام لا تجب الا في حق مريد النسك من حج وعمرة لان النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي في الصحيح لما وقتهن قال هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج او العمرة. فاذا كان المار بهن مريدا للحج او العمرة وجب عليه ان ليحرم منها واما ان كان غير مريد للنسك كمريد تجارة او زيارة صديق او نحوه ذلك فله ان يتجاوز الميقات بغير احرام. ثم قال ومن منزله دون الميقات؟ يحرم من منزله الذي هو فيه ومن بمكة يحرم لحج منها وهو وافضل اي من نفس مكة. ويجوز من اي موضع شاء ولو من عرفة. اي ولو كان من واذا اراد العمرة احرم من اقرب موضع من الحل الى الحرم. فالمكي يحرم حج من مكة واكمل ذلك ان يكون من بيته. واما العمرة فيحرم لها من من اي جهة شاء من التنعيم او من عرفة. فالاجماع منعقد على ذلك ما جاء عن بعض الفقهاء من خلافه فهو من شاذ العلم كما ذكر ذلك الطبري في كتاب القراء لقاصد ام القرى وبه يعلم ان الناس منازلهم من المواقيت ينقسمون الى ثلاثة اقسام. القسم الاول من كان وراء المواقيت فهذا يحرم منها والثاني من كان دون المواقيت خارج الحرم فهذا يحرم لحجه وعمرته من بيته والثالث من كان في الحرم فهذا يحرم للحج من بيته وللعمرة من الحل. ثم قال ويحرم على من كان من اهل الوجوب مجاوزة الميقات لا احرام عند ارادته النسك. ويجب عليه الرجوع ان لم يخف ضررا في رجوعه فان لم يعد واحرم من موضعه ولو لعذر فعليه فدية كما روى مالك في الموطأ بسند صحيح ان ابن عباس قال من ترك شيئا من نسكه او نسيه او نسيه فليرق دما. وهذا قد ترك الاحرام من الميقات جاوزه واحرم من دونه. فيجب عليه الرجوع اليه ليحرم منه فان لم يرجع فانه يلزمه دم وان احرم دونه ثم رجع اليه لم ينفعه ذلك ويجب عليه الدم. لان متعلق الرجوع هو ان يكون الاحرام منه والناس باعتبار محل احرامهم على ثلاثة اقسام القسم الاول من يحرم من الميقات وهذا اكمله الاحوال والثاني من يحرم دون الميقات قبله. فهذا جائز فقد روى عبد الرزاق في الاماني وغير بسند صحيح ان ابن عمر اهل بعمرة من بيت المقدس. فيجوز للانسان ان يحرم دون الميراث ونقل ابن المنذر الاجماع على جواز ذلك والمذهب انه يكره الاحرام قبل الميقات كما ذكر المصنف والصحيح انه لا يكره والثالث ان يحرم دون ان ممن ليس محلا له. كالافاق المتجاوز للميقات فهذا يجب وعليه ان يرجع فان لم يرجع وجب عليه الدم. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المواقيت الزمنية بعد المواقيت المكانية. فقال وبالحج في غير اشهره وهي شوال ذو القعدة وعشر من ذي الحجة. فذكر ان من احرم بالحج في اشهره كره له ذلك. والصحيح انه يجب عليه ان يحل منه بعمرة. كما ثبت ذلك عن الصحابة وهو مذهب الشافعي. فلو قدر ان انسانا احرم لحجه في فلبس احرامه من الميقات ثم دخل الى الحرم مريدا نسك الحج فالصحيح انه يؤمر بان يحل من احرامه بعمرة ثم اذا دخلت اشهر حجي احرم بالحج فبذلك قضى الصحابة رضي الله عنهم والاثار في الحج اليها في بيان احكامه واشهر الحج التي هي المواقيت الزمانية هي عند جمهور اهل العلم شوال وذو القعدة وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وذهب الامام مالك الى ان اشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملا. والصحابة مختلفون في هذا. فمذهب ابن عمر هو الذي عليه الجمهور. وذهب ابن عباس الى تمام الاشهر الثلاثة كما هو مذهب مالك واصح القولين قول ابن عباس الذي اختاره مالك لان الله عز وجل قال الحج اشهر معلومة ولا يكون هذا الوصف متحققا في الاشهر حتى تتم ثلاثة فاذا تمت ثلاثة صح وقوع الاية وصفا لها في قوله الحج اشهر معلومات. ولم يأتي في طريقة القرآن اطلاق اسم الشهر على ارادة بعضه بل اذا اريد بعضه ميز بالايام كما قال تعالى يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا. فميز الزيادة فلو كانت الزيادة دون الشهر لميزها بايام ولم يقل الحج اشهر معلومات. نعم حصلنا عليكم الفصل الثاني في الاحرام وهو نية الدخول في النسك والتلبس به فمن نوى ذلك صار محرما وان لم يجتنب محظورا ولو اراد بعد ذلك رفضه ولم يكن له ذلك. لكن انشرط في ابتدائه بان قال وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فان انه يحل اذا حبس عن البيت بمرض او عدو او ضياع نفقة او غير ذلك للشرط المذكور ولا دم عليه ويسن لمن اراد الاحرام ان ولو حائضا او نفساء او دائم الحدث او يتيمم لعذر وينظف بازالة شعر نحو ابط وعانة ويتطيب في بدنه ويكره في ثيابه ويتجرد الرجل عن المخيط في ازار ورداء ابيضين جديدين او غسلهن او غسلهن او غسلين غسلين يعني مغسولين. نعم. احسن الله اليكم. او غسلين ويحرم عقب صلاة فرض او ركعتين نفلا ان لم يكن وقت نهي ويخير بين التمتع فالافراد فالقران والتمتع ان يحرم بالعمر بالعمرة في اشهر الحج ثم للحج في عام مطلقا بعد فراغه منها وهو افضل عندنا. والافراد ان يحرم بحد ثم بعمرة بعد فراغه منه وهو افضل عند مالك والشافعي. والقران ان يحرم بهما معا او بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل شروعه في طوافها. ويصح بعده ممن معه هدي فقط. وهو افضل عند ابي حنيفة رحمه الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قارنا قال الامام احمد لا اشك فيه. ومن احرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة لم تصح عمرة وتدخل افعال عمرة القارن في افعال حجه. فمن اراد نسكا من هذه نواه بقلبه قائلا بلسانه. اللهم اني اريد النسك الفلانية فيسره لي وتقبله مني وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فان اطلق نية الاحرام ولم يعين نسكا انعقد احرامه ولا صرفه الى ايها شاء بالنية ويستحب ان يلبي عقب احرامه فيقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما احد ويسأل الله رضاه والجنة ويستعيذ به من غضبه والنار ويكثر من التلبية في كل حال ويتأكد اذا لا نشزا او هبط واديا او التقت الرفاق او اقبل ليل او نهار او ركب او نزل او صلى مكتوبة او رأى البيت او اتى محظورا ناسيا او سمعه ملبياه ويلبي عن اخرس. احسن الله اليكم. ويلبي عن اخرس ومريض ويرفع صوته بالتلبية وتسر بها امرأة بقدر ما بقدر ما يسمع رفيقها ولا يلبى في الطواف ولا في السعي ان لا بأس بها في طواف القدوم سرا. واذا رأى ما يعجبه قال لبيك ان العيش عيش الاخرة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى الحصن الثاني من الباب الثالث وهو فصل في الاحرام والمراد بالاحرام نية الدخول في النسك فليس المراد به لبس الرداء والازار وانما المقصود به النية القلبية التي يتوجه بها الناسك عند الدخول في نسكه. وهذه هي نية النسك الخاصة فان نية الناسك نوعان. احدهما النية العامة وهي الموجودة في قلبه عند خروجه من بلده وقصده مكة. والثاني النية الخاصة وهي التي يجمع فيها قلبه على دخول النسك والتي تكون عند الميقات فاذا نوى بقلبه الدخول في النسك فقد احرم ولو كان غير لابس للازار رداء وقد يلبس الازار والرداء ثم يؤخر نية دخوله في النسك حتى يطيب بدنه ثم يدخل في نسك ويتلبس به فمن نوى ذلك صار محرما. وان لم يجتنب مفضوراته. ولو اراد بعد ذلك رفضه اي قطعه لم يكن له ذلك فانه لا يجوز له رفض الاحرام بعد الدخول فيه. كما قال تعالى واتموا الحج العمرة لله وهذا يقع كثيرا من بعض الناس. الذين يذهبون الى مكة بعمرة او نسك ثم يدخلون في لعمرة او حج ثم يدخلون في النسك بنية الاحرام فاذا وصلوا وجدوا زحاما او غير ذلك فقطعوا نسكهم وعادوا الى بلدانهم. وهؤلاء باقون على احرامهم ولا يكون رفظهم النسك كافيا في خروجهم منهم بل لا بد ان يستكملوه ويجب عليهم الامتناع عن محظوراته والمبادرة الى الرجوع لاداء النسك الذي دخلوا فيه ثم استثنى من رفض الاحرام وجود شرط في ابتدائه. فقال لكن انشرط في ابتدائه بان قال وان حبسني حابس فمحلي حيدو حبستني فانه يحل اذا حبس عن البيت بمرض او عدو اوضاع نفقة او غير ذلك لشرط وندم عليه يحل احرامه يحل احرامه ويخرج منه ولا شيء عليه اذا وجد منه اشتراط وهذا الاشتراط في اصح اقوال اهل العلم سنة في حق من احتاج اليه. فان النبي صلى الله عليه وسلم انما امر به كما في الصحيح ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها لانها كانت عديلة مريضة وخافت ان يحبسها المرض فامرها بالاشتراط. واما من لم يكن محتاجا اليه فانه لا يستحب له ان يشترط في احرامه ثم ذكر انه يسن لمن اراد الاحرام ان يغتسل. ولو كان حائضا او نفساء او دائم الحدث ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء مخصوص في اغتساله عند الاحرام والمروي في ذلك لا يصح. وامثله ما رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر انه قال من السنة ان اغتسل المحرم لاحرامه. وهذه الرواية غلط على ابن عمر اخطأ فيها البصريون. فان هذا الحديث يروى من قبلهم واصحاب ابن عمر الذين صحبوه في مناسكه كابنه سالم ومولاه نافع لم يذكروا هذا الا من فعله فاخطأ بعض الرواة وجعلوه مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم بقول من السنة ان يغتسل المحرم لاحرامه لان قول الراوي من السنة هو مرفوع حكما على الصحيح عند اهل للعلم كما قال العراقي قول الصحابي من السنة او نحن امرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله او باعصر على الصحيح وهو قول الاكثر. لكن ان كان محتاجا اليه اغتسل وهذا هو الذي كان يفعله ابن عمر كما روى ابن ابي شيبة في المصنف عنه كما روى ابن ابي شيبة في المصنف عن نافع ان ابن عمر كان ربما وربما اغتسل فاذا وجد معنى داع للاغتسال من تغير رائحة او وسخ بدن فان آآ الغسل في حقه مستحب لاجل هذا العارظ لا لاجل النسك وان لم يوجد ذلك فله ان يتوضأ اذا وجد هذا الداعي تأكد الاستحباب كما في حق الحائض والنفساء ودائمي الحدث فان النبي صلى الله عليه وسلم امر اسماء بنت عميس رضي الله عنها لما ولدت عند الميقات ان تغتسل لوجود المعنى الداعي الى ذلك. فان لم يكن الاغتسال يتيمم لعذر لانه بدل عنه وينظف بدنه بازالة الشعر نحو ابط وعانة. ولم اثبت في هذا شيء مخصوص وانما يعلق بالحاجة الداعية اليه. فاذا كان له شعر كثيف او تأتي عليه مدة في اثناء نسكه لا يتمكن معها من اخذ هذا الشعر فانه يستحق في حق استحب في حقه ذلك لاجل هذا المعنى ويتطيب في بدنه كما ثبت في حديث عائشة في الصحيح انها كانت تطيب النبي صلى الله عليه وسلم اذا احرم فاذا اراد الاحرام فانه يتطيب في بدنه ويكره في ثيابه عند الجمهور لان حال الحاج الشعث والاغبرار. ويتجرد الرجل عن المخيط اي عن الملابس المفصلة على هيئة اعضاء بدنه فان المخيط اسم لهذا. ولم يكن هذا اللفظ موجودا في الخطاب النبوي ولا كلام الصحابة ولكن ذكره ابراهيم النخاعي ثم تتابع الفقهاء على استعماله في المناسك ويكون احرامه في ازار ورداء كما ثبت في الصحيحين في هديه صلى الله عليه وسلم ابيضين للاحاديث الواردة في فضل البياض من الثياب وغيرها. وان يكون جديدين اي نظيفين اما لم يسبق استعمالهما او غسلين اي قد سبق استعماله لكنه اجتهد في غسلهما منظفا لهما. ثم يحرم عقب صلاة فرض كما وقع منه صلى الله عليه وسلم فانه صلى الله عليه وسلم احرم بعد الظهر وهذا اكمل الاحوال فان لم يوافق فرضا فانه يحرم بعد ركعتين نفلا ان لم يكن وقت نهي عند جمهور اهل العلم وهو مذهب الائمة الاربعة وليس في المنقول عنه صلى الله عليه وسلم ولا شيء من اثار الصحابة تخصيص صلاة نافلة يحرم الانسان بعدها. فالاولى ان يتحرى الانسان كون احرامه بعد فرض ليخرج من الخلاف الواقع في هذه المسألة. ويكون احرامه بنسكه اذا دواء على مركوبه من سيارة او دابة او غيرهما فان هذا هو الذي وقع منه صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابن عمر واما الاحاديث المروية خلاف ذلك هي اما احاديث كما وقع في بعض الاحاديث انه احرم صلى الله عليه وسلم على الارض قبل ان يركب راحلته واما احاديث صحيحة لكن المخبر بها فاته المحل الاول كما وقع في حديث انس في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم اهل بالحج لما ركب راحلته واستوى على البيداء والبيداء مكان مرتفع من الميقات في معاخره فيكون انس قد اخبر بما سمع وفاته ما اخبر عنه ابن عمر من ان النبي صلى الله عليه وسلم احرم لما استوى على راحلته ثم ذكر ان الحاج يخير بين انساك ثلاثة للحج. فانساك الحج ثلاثة انواع هي التمتع والافراد والقران. والتخيير بينها عند اهل العلم فيه توسعة على الناسك. فيفعل ما يكون افضل في حقه والتمتع ان يحرم بالعمرة في اشهر الحج. ثم بالحج في عامه مطلقا. بعد فراغه منها فاذا فرغ من العمرة تحلل منها فانه يحرم بالحج ولا يشترط في تحلله ان ينزع ثيابه بل تكفيه نية التحلل. ثم اذا فرغ من ذلك احرم بنسك الحج وهو افضل عند الحنابلة كما قال المصنف وهو افضل عندنا. واما النسك الثاني فهو الافراد وهو ان يحرم بحج ثم بعمرة بعد فراغه منه وهو افضل عند مالك والشافعي وليست العمرة اللاحقة للحج بعده من جملة النسك لكنها اكمل في حق فاعله. فمن افرد حجه بان يكون احرم بالحج وحده فانه يأتي النسك كله ثم يتحلل منه. فاذا تحلل منه فانه قد جاء بالنسك تاما ولا تلزمه العمرة. لكن الاكمل عند القائلين بالافراد هو ان يعتمر بعد حجه فيخرج من الحرم الى الحل ويحرم منه وهذه العمرة مما تنازع فيه الناس. عظم ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم القول فيها حتى نسبها الى البدعة. والاشبه ان اعدل الاقوال فيها انها جائزة ليست سنة مستحبة ولا بدعة محرمة. والبرهان على ذلك اثار الصحابة. فقد روى ابن ابي شيبة بسند صحيح ان ابن عمر سئل عن العمرة في ذي الحجة فقال ان اناسا يفعلون ذلك ولئن اعتمر في غير ذي الحجة احب الي من ان اعتمر في ذي الحجة. فجوابه دال التوسعة فيها وصح عن عائشة رضي الله عنها عند مالك في الموطأ انها كانت تفعل ذلك ثم تركته فتكرر فعلها له مرارا بعد النبي صلى الله عليه وسلم في غير حال الحيضة التي عرضت لها عندما كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم. فالاثار دالة على ان ذلك جائز. وليس بدعة محرمة ولا سنة مستحبة ثم ذكر النسك الثالث وهو القران وصورته ان يحرم بالحج والعمرة معا او بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل شروعه في طوافها. ويصح بعده اي بعد الطواف ممن معه هدي فقط اي ممن سقى الهدي وهو افضل عند ابي حنيفة رحمه الله فالائمة الاربعة منقسمون في افضل الانساك على انواعها الثلاثة. والصحيح كما اليه جماعة من المحققين منه ابو العباس ابن تيمية الحفيد ان اطلاق القول بتفضيل شيء منها ينظر فيه الى الحال الداعية الحال الداعية هي التي يتحقق بها تفضيل نسك على اخر. فمن ساق الهدي مثلا كان الافضل في بحقه ان يكون قارنا. ومن افرد العمرة في سفرة فالافضل له ان الحج في سفرة فيكون مفردا وهلم جراء وسبق بسط هذه المسألة في محلها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قارنا لما ثبت في الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال لبيك عمرة وحجا وفي لفظ لبيك بعمرة وحج وهو قول ابي حنيفة واحمد بن حنبل واختاره جماعة من المحققين منهم ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم ومحمد الامين الشنقيطي فحجه صلى الله عليه وسلم وقع قارنا ثم ذكر ان من احرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة لم تصح عمرته عند الجمهور وذهب ابو حنيفة الى جوازه بناء على ان القارن عنده يطوف ويسعى مرتين. والصحيح انه لا يفعل ذلك الا مرة واحدة في سعيه ثم قال وتدخل افعال عمرة القارن في علي حجه فمن اراد نسكا من هذه الانساك الثلاثة نواه بقلبه قائلا بلسانه اللهم اني اريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني والصحيح ان النية محلها القلب. التلفظ بها لا يشرع واما قول المحرم لبيك عمرة اذا كان متمتعا وقوله لبيك حجا اذا كان مفردا وقوله لبيك عمرة محجا اذا كان قارنا فهذا ليس تلفظا بالنسك. فليس تلفظا بنية النسك وانما خبر عن نسكه فهو النسك بمنزلة التكبير للصلاة. فان الانسان اذا اراد ان يصلي فرضه نوى بقلبه ثم ابتدأ ذلك بتكبيرة الاحرام وكذلك مريد النسك اذا اراده نواه بقلبه ثم اخبر عنه بلسانه فهو يخبر عن نسكه ولا يخبر عن نيته. والدعاء بابه واسع فاذا دعا بقوله يسره لي وتقبله مني كان ذلك جائزا. والاشتراط المذكور في قوله وان حبسني حابس الى اخره تقدم انه وسنة في حق من كان محتاجا اليه ثم قال فان اطلق نية الاحرام ولم يعين نسكا. وهذه المسألة تسمى ما بنية الاحرام المطلق فيدخل في النسك ولا يعين نسكه اهو تمتع ام افراد ام قران فان احرامه ينعقد باتفاق اهل العلم وله صرفه الى ايها شاء بالنية. فان شاء جعله تمتعا او قرانا او افرادا ثم ذكر انه يستحب له ان يلبي عقب احرامه فيقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. فان هذه هي تلبية النبي صلى الله عليه وسلم. وهي اكمل انواع التلبية والتلبية تنقسم الى اربعة اقسام القسم الاول ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو المتقدم. وهذا اكمل الصيغ والثاني ما لبى به الصحابة رضي الله عنهم في حضرته ولم ينكره وعليهم وهو قول لبيك ذا المعارج والثالث ما زاده الصحابة رضي الله عنهم في غير حضرته. كما جاء عن عمر انه قال لبيك مرغوبا او مرهوبا لبيك ذا النعماء والثناء الحسن وجاء عن ابنه انه كان يقول لبيك وسعديك والخير بيديك والعمل والرغباء اليك وجاء عن انس انه قال لبيك حقا حقا لبيك تعبدا ورقا. فهذه الالفاظ الثلاثة صحت عن هؤلاء الصحابة في غير حضرة النبي صلى الله عليه وسلم. والقسم الرابع ما زاد عن هذه الصيغ من غير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن اصحابه. وحكمه الجواز هل للانسان ان يلبي بما شاء مما لا يشتمل على محرم في نفسه؟ فلو قال لبيك ربنا لبيك الهنا كان ذلك جائزا والاكمل ان يرد الانسان تلبيته صلى الله عليه وسلم ثم اذا لبى صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بما احب وسأل الله رضاه والجنة واستعاذ من غضبه و ان ولم يثبت في ذلك شيء منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم. لكن التلبية تخلق وبدعاء فله ان يدعو بما شاء ومن ذلك المذكورات. ثم ذكر انه يشرع له ان يكثر من التربية في كل حال ويتأكد اذا علا نشزا او هبط واديا او التقت الرفاق او اقبل ليل او نهار او ركب او نزل او صلى مكتوبة او رأى البيت او اتى محظورا ناسيا او سمع ملبيا. ولم يثبت في ذلك شيء معين الا في كثير منها عن جماعة من التابعين من اصحاب ابن مسعود فصح عنهم التلبية عند علو والنشز وهبوط الوادي وانتقاء الرفاق واقبال الليل والنهار واشباه ذلك. فاذا فعله الانسان مع تغير الاحوال كانت محلا لذلك. ويلبي عن اخرس ومريض. فيجوز ان ينوب عنهم قادر على التلبية فيلبي ويرفع صوته بالتلبية. بصحة ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم واما حديث افضل الحج العج والثج والعج هو رفع الصوت بالتلبية والتج هو اراقة الدماء فيه وحديث ضعيف لا يصح والعمدة فيه على الاثار وتسر بها امرأة بقدر ما يسمع رفيقها اي ممن يكون في قافلتها من الرجال المحارم والموجود في اكثر كتب بالمذهب بقدر ما تسمع رفيقتها لان النساء غالبا يكنا مع بعضهن فيكون جهرها بتلبيتها بقدر ما يسمعها القريب منها من امرأة رفيقة او رجل محرم رفيق لها. ولا يلبي لا في الطواف ولا في السعي لان الانسان يشرع له ان يقطع تلبيته اذا اراد ان يشرع في الطواف كما صح ذلك عن ابن عباس وهو مذهب الجمهور وهو الصحيح. لان شعار الحج وصح عن عبد الله ابن الزبير انه قال التلبية زينة الحج وروي عن هذا عن ابن عمر باسناد ضعيف فلا يزال الانسان في هذا الشعار حتى يشرع في غيره والذي يكون غيره هو دخوله في الطواف لمن قصد البيت الحرام. واما من لم يقصده من مفرد وقارن فانه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة. وما في صحيح البخاري عن نافع عن ابن عمر ان ابن عمر كان يبيت بذي طوى واذا ضحى صلى الصبح ثم اغتسل. ويذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان كان يفعل ذلك فان متعلق فعل النبي صلى الله عليه وسلم منه هو اغتساله صلى الله عليه وسلم لم وليس المراد ان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في اول الاثر قال كان اذا جاء اذا دخل ادنى الحرم امسك عن التلبية وبات بدء طوى حتى يصبح ثم يصلي الصبح ثم يغتسل ويخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك فان الفعل المخبر عنه في النبي صلى الله عليه وسلم هو الاغتسال وليس الامساك عن التلبية ولهذا لما سئل عطاء رضي الله رحمه الله تعالى ورضي عنه وهو احد التابعين الكبار فيما رواه عنه البيهقي في سننه بسند صحيح متى يمسك؟ الحاج عن التلبية فقال قال ابن عمر من ادنى الحرم وقال ابن عباس عند الطواف فقيل لهما ايهما احب اليك فقال قول ابن عباس فهذا يدل ان المتقرر عند التابعين من اصحاب هذين الرجلين ان ذلك من فعل ابن عمر وليس شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويدل على ذلك ويحدث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله وهذه الرواية عند البخاري والضمير فيها راجع الى اقرب مذكور وهو الاغتسال فقط. ثم قال لكن لا بأس بها في طواف القدوم سرا. والصحيح انها تنقطع دونه. واذا رأى ما يعجبه قال لبيك فان العيش عيش الاخرة وهذا روي فيه حديثان مرسلان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لما رأى انصراف الناس عنه فكأنه اعجبه ذلك. اي ان الناس كانوا يقبلون عليه يسألونه ثم ينصرفون عنه وهم كثر. فاعجبه ذلك فقال لبيك ان العيش عيش الاخرة. وفي موصل عبد الله ابن الحارث عند ابن ابي شيبة ان النبي صلى الله عليه وسلم اهتز به رحله في حجه فاعجبه ذلك فقال ان العيش عيش الاخرة. وهذان المرسلان ضعيفان بهما نعم. احسن الله اليكم. الفصل الثالث في محظورات الاحرام وهي تسع ازالة الشعر من الرأس او غيره بحلق او الثاني تقديم ظفره عليها بيد او رجل. فان خرج بعينه شعر او او كسر ظفره فازى او كسر ظفره فازاله او قطع جلدة عليها شعر فلا شيء عليه. وان حلق رأسه باذنه او وهو ساكت فداه. وان مشط شعره او خلله وانفصل بذلك شيء وجب فدائه وان شك هل انفصل بذلك او كان ميتا قيل سنة الفدية قبل او كان ميتا قبل سنة الفدية سنة فعل ماضي. نعم. احسن الله اليكم. او كان ميتا قبل سنة الفدية سنة الفتيل. سنة فعل يعني. بالتاء مفتوحة. نعم. وليست المربوطة بالتاء المفتوحة نعم سنة الفدية الثالث تغطية رأس ذكر او بعضه ومنه الاذنان ولو بيسير او قرطاس عليه. داود او تضليل دواء سقطت الهمزة. احسن الله اليكم. او قرطاس عليه دواء او تضليل بمحمل راكبا او ماشيا لا بنحو خيمة فان تأذى بكشفه فله تغطيته ويفديه. ويحرم على المرأة تغطية وجهها تسدل لحاجة وعند ابي حنيفة لا يفدي الا اذا فعل ذلك يوما كاملا او ليلة كاملة او غطى رأسه كذلك فان كان لغير عذر وكان على الوجه المعتاد وجب عليه والا فان كان لعذر مرض او شبه فهو مخير بين احد ثلاثة امور صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من بر او دقيقه او سويقه او صاع تمر او قيمة ذلك او دم والصدقة او دم والصدقة والصدقة لا يختصان بمكان ولا زمان والدم يختص بالحرم انتهى. الرابع لا فيه سقط في هذه النسخة وعند ابي حنيفة لا يفتي الا اذا فعل ذلك يوما كاملا. في السطر الثاني او ليلة كاملة او غطى رأسه كذلك بعدها عندكم ساقط. وعبارة البدر الشهاوي في مناسكه اكتبوا وعبارة البدر الشهاوي في مناسكه فاذا لبس المخيط يوما كاملا او ليلة كاملة ثم يرجع الى تمام الكلام فان كان لغير عذر وكان على الوجه المعتاد الى اخره. نعم اعد قراءة هذه. احسن الله عند ابي حنيفة. وعند ابي حنيفة لا يفدي الا اذا فعل ذلك يوما كاملا او ليلة كاملة. او غطى رأسه كذلك وعبارة البدر الشهاوي. فاذا لبس في مناسكه. وعبارة البدر الشهاوي في مناسكه فاذا لبس المخيط يوما كاملا او ليلة كاملة فان كان لغير عذر وكان على الوجه المعتاد وجب عليه والا فان كان لعذر مرض او شبهه فهو مخير بين احد ثلاثة امور. صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين. لكل مسكين صاع من بر او دقيقه او سويقه او صاع تمر او قيمة ذلك. او دم والصدقة لا يختصان بمكان ولا زمان والدم يختص بالحرم انتهى. الرابع لبس المخيط في جميع بدنه او بعضه حتى في يديه القفازين او غيرهما ورجليه بخفين او غيرهما الا النعلين ونحوهما فان عدم الازار والنعلين فله لبس السراويل والخفين بحالهما ولا شيء عليه الى ان يجدهما بجسده شيء لا يحب ان يطلع عليه احد او خاف من برد لبسه وفداه. وله ان يلتحف بالقميص ويرتدي به. وان يحمل جرابه وقربة الماء في عنقه ولا يدخل ذلك في صدره. ويتقلد بسيف لحاجة فقط ولا يعقد عليه شيئا من منطقة من منطقة او رداء او لداء او غيرهما ولا يخله بشوكة ونحوهما ولا يخله بشوكة ونحوها ولا يغرز اطرافه في فان فعل فدى لانه كمخيط وله شد وسطه بمنديل ونحوه بلا عقد. قال الامام في في محرم وحزم محرم الحصان. قال الامام في محرم حزم عمامته على وسطه لا يعقدها ولا يدخل بعضها في بعض وله عقد ازاره وهميانه ومنطقة يعني. وهم يعني ايه؟ هميانه. الهميان كيس النقود وله عقد ازاره وهميانه ومنطقته لنفقة فيهما فقط. الخامس ابتداء الطيب وتعمد شمه اي كالمسك والعنبر والكافر والزعفران والورس وشم الدهن المطيب واستعماله وكل ما فيه طيب تظهر رائحته او طعمه وله شم الشيح والاذخار ونحوهما والادهان بزيته ونحوه غير مطيب. السادس قتل صيد البرد الوحشي المأكول وما تولد منه واصطياده وتملكه والاعانة على صيده بدلالة او صياح او اشارة او اعانة ولو بمناولة الته وحرم اكل لحمه من ذلك ككله الا ان يصيده حلال بغير قصد ذلك المحرم. فان ذبح محرم صيدا بريا لغير حاجة اكله كان ميت غير حاجة اكله لغير حاجة اكله كان ميتا وان حبسه حتى تحلل ثم ذبحه ضمنه ولم يحل وان ومعه صيد لزمه ارساله ويجبر عليه ان امتنع ويباح له قتل ما صال عليه بلا ضمان وقتل نحو ذئب وثأرة وبراغيث ويسن مطلقا قتل كل مؤذ غير ادمي لا قمل وصبيان ولا قمد. الله المستعان يستر على الصبيان صيبان صيبان لا مثل الذي ارسل للمولدين قال احصهم ووضع النقطة اخصهم فخصاهم فهذا الذي يقرأه على هذه السورة يحسبها الصبيان هو الصيبان التي هي صغار القمل. نعم. احسن الله اليكم. لا قمل وصيبان فتحرم على المحرم ولا فدية فيه ولا لا يحرم عليه قتل صيد البحر ان لم يكن بالحرم ولا اكل الانس ولا اكل انسي. انسي نعم حصلنا عليكم ولا اكل انسي نحو غنم ودجاج. السابع عقد النكاح له او لغيره ولو وكيلا امن الوقف الفرج التاسع المباشرة فيما دونه ودواعي الوطأ من نحو قبلة ولمس واستدامة نظر لشهوة واستمناء فان وطأ في الفرض قبل التحلل الاول فسد نسكه. فيمضي فيه مطلقا وعليه بدنه. وان كان بعد التحلل الاول لم يفسد نسكه لكن فسد ففي احرام احرامه فيلزمه ان يحرم من الحل ليطوف للحج باحرام صحيح وعليه شاة وعمرة كحج يفسد بها الوضع قبل ان يفسدها يفسدها الوطؤ. احسن الله اليكم. وعمرة كحج هل الوطء قبل اتمام سعي لا بعده؟ وقبل حلق وعليه شاة وللمحرم ان يحتدم ويفتصد ويربط الجرح ويربط الجرح فان لم يقوى يبط يبط الجرح يبط يعني يشق البط هو الشق. الفقهاء ما ذكروا ربط الجرح ذكروا جرح يعني شقه واي كتاب تراجعه في المذهب او غيره يذكرون بط الجرح نعم احسن الله اليكم وللمحرم ان يحتدم ويقتصد ويبط الجرح فان لم يقدر على ذلك الا بقطع بعض الشعر فعل وفداه. ويحرم على كل من الرجل والمرأة لبس القفاز وهما شيء يعمل لليدين كما يفعل البزاء البزاء اسمعني البزاء الذين يقنصون بالصقور نعم احسن الله اليكم. كما يفعل البزاه ويفديان بلبسهما ويجتنبان وجوبا الرفث والفسوق والجدال ويسن لهما قلة الكلام فيما لا ينفع. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اخر من الباب الثالث وهو الفصل الثالث في محظورات الاحرام. والمراد بالمحظورات الممنوعات فيه مما حرم على المحرم. وانما عدل الفقهاء رحمهم الله تعالى عن قولهم محرمات الاحرام الى قولهم محظورات الاحرام لان اكثر هذه المحظورات ثبت النهي عنها بصيغة اللغوية وهي لا مع الفعل المضارع كما في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا صيد وانتم حرم وفي حديث عثمان في الصحيحين لا ينكح المحرم ولا ينكح. فلما كان اكثر المذكورات فيه على هذه الصيغة سمي بالمحظورات فان التحريم يثبت بالفاظ اخرى تدل عليه كما سبق وذكر ذلك واما الحظر الذي هو منزع لغوي للمنع فانه يثبت بهذه الصيغة فقدم التسمية بهذا عن على قول محرمات الاحرام ومحظورات الاحرام تسع عند قنابلة وقوله تسع في وصف العدد مع كون معدود مذكرا جار على ما تقرر في العربية ان المعدود اذا حذف جاز التذكير والتأنيث ومنه حديث ابي ايوب الانصاري في صحيح مسلم من صام رمضان واتبعه ست من شوال فان الاصل ان يكون ستة ايام لكن لما حذف المعدود جاز التذكير والتأنيت وهذا وجه قوله وهي تسع اولها ازالة الشعر من الرأس او غيره بحلق او غيره. لقول الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم ولو ان المصنف قال حلق الرأس لكان اتبع الدليل والحقت بقية الشعر بشعر الرأس لانها داخلة من جملة ايفاء من جملة قضاء التفث كما قال تعالى ثم ليقضوا تفثهم فان التفت فيه معنى القاء الشعر بقص الشارب ونتف الابط وحلق العانة كما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم من عقد على هذا الاجماع والثاني تقليم ظفره بيد او رجل فان خرج بعينه شعر او كسر ظفره فازاله او قطع عليها او قطع جلدة عليها شعر فلا شيء عليه لما صح عن ابن عباس عند ابن ابي شيبة انه كان يقول لا بأس المحرم اذا انكسر ظفره ان يقطعه اي يقصه. وهذا الاثر اصل في كون تقليم ظافر ممنوعا على المحرم محظورا منه. وجرى العمل عليه. فالعمدة على الاثر لانه جعله سائغا اذا انكسر فقط فاذا لم ينكسر فانه ممنوع منه. وان حلق وان حلق رأسه باذنه او هو ساكت فدى لانه رضي بذلك وامر به. وان مشط شعره او خلله وانفصل بذلك شيء وجب فداؤه صحيح انه لا يجب عليه ذلك لانه لم يرد الحلق وانما اراد ان يمتشط والنبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما حاضت ان تغتسل وان تمتشط. وان شك هل انفصل بذلك او كان الممشوط ميتا قبل اي قبل انفصال الشعر عنه فانه تسن الفدية والصحيح انها لا تسن في هذه الصورة كما لا تجب في سابقتها. ثم ذكر المحظور والثالث وهو تغطية رأس ذكر دون انثى او بعض رأسه ومنه الاذنان. كما صح الاثر بذلك عن ابي امامة وغيره واما الحديث المرفوع فلا يثبت. فاذا غطى رأسه ومنه الاذنان ولو بسيف او قرطاس عليه دواء او تضليل بمحمل راتبا او واجيا فان ذلك من محظورات الاحرام والصحيح ان تغطية الرأس تنقسم الى وعين احدهما تغطيته بملاصق له بملاصق له وهذا محظور ومنه الطاقية والشماغ ونحو ذلك. والاخر تغطيته بغير ملاصق له وهذا قسمان الاول ان يكون غير تابع له ونحوها فهذا جائز باتفاق اهل العلم والثاني ان يكون تابعا له كمحمل او مظلة او محفة وهذا جائز على الصحيح من قولي اهل العلم. ثم قال فان تأذى لكشفه فله تغطيته ويفدي. فمتى وجد الاذى في حق المحرم في تعاطي المحظور جاز له ان يفعله ولكن عليه فديته. والفرق بينه وبين من يفعله دون حاجة ان فاعله بلا حاجة اثم. اما المحتاج الى فعل المحظور من محظورات الاحرام فانه يرتفع عنه الاثم ويلزمه الفدية يحرم على المرأة تغطية وجهها. بنقاب او برقع او نحوها فلا يجوز للمرأة ان تغطي وجهها عند جمهور اهل العلم. بل يكون احرامه في وجهها كما صح ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ومحله اذا لم تكن المرأة بحضرة رجال اجانب فاذا لم تكن المرأة بحضرة رجال اجانب فانها تكشف وجهها. وذهب ابو العباس ابن تيمية الحفيد والتلميذ ابن القيم ان ذلك ليس لازما للمرأة وانما نهيت عن النقاب والحق به ما كان من جنسه كاللثام والبرقع كما صح عن عائشة البيهقي في السنن الكبرى والاظهر والله اعلم ان الاول اصح وان المرأة تؤمر بكشف وجهها كما صح ذلك عن ابن عمر وتسدل حاجة كما ثبت ذلك عن عائشة عند البيهقي في السنن الكبرى ثم ذكر بعد ذلك خلافا لابي حنيفة في تعليق الاقتداء به اذا كان يوما كاملا او ليلة كاملة والصحيح ان فديته متحققة اذا وقع ذلك الفعل منه ولو كان دون يوم وسيأتي بيان تقدير الاذى هنا وفي نظائرها. والرابع لبس المخيط في جميع بدنه او بعضه حتى في يديه القفازين او غيرهما ورجليه بخفين او غيرهما الا النعلين ونحوهما. فان النبي صلى الله عليه وسلم اذن بذلك فان عدم والنعلين فله لبس السراويل والخفين بحالهما ولا يلزمه ان يفتق السراويل ولا ان يقطع خفين دون الكعبين للاذن بذلك منه صلى الله عليه وسلم ولا شيء عليه الى ان يجد الازار والنعلين ثم قال ومن بجسده شيء لا يحب ان يطلع عليه ان يطلع عليه احد او خاف من برد لبسه وفدى اي للحاجة ولا اثم عليه وله ان يلتحف بالقميص ويرتدي به دون لبسه بل يضعه عليه وضعا وله ان يحمل ترابه وهو الخرج الذي تكون فيه حوائجه. وهو شبه الحقيبة والكيس. وقربة الماء في عنقه ولا يدخل ذلك في صدره لئلا يكون مفصلا على هيئة العضو والصحيح انه لا يكون من جملة ذلك لانه ليس لباسا في الاصل ويتقلد بسيف لحاجة فقط ولا يعقد عليها شيئا من منطقة او رداء او غيرهما ولا يخله بشوكة ونحوها ولا يغرز اطرافه في ازاره فان فعل فدى لانه مخيط والقول ان ذلك ليس من جملة المخيط وهو الصحيح. وقد ثبت عن ابن عمر انه كان يشد طرف طرفي ردائه في ازاره فيعلق طرفه من هذه الجهة في ازاله من هذه الجهة وطرفه الاخر من تلك الجهة في هذه الجهة من الازار وثبت عنه ايضا انه كان يعقد احرامه فله ان يعقده وذكر عن الامام احمد انه قال لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض وله عقد ازاره وهميانه لنفقة فيهما فقط والصحيح انه له ان يعقده كما مضى. والخامس ابتداء الطيب. بان يتطيب وتعمد شمه اي طيب كان من الانواع التي ذكرها المصنف وكل ما فيه طيب تظهر رائحته او طعمه. والصحيح ان شم الطيب لا يحرم على مريد النسك الا اذا كان بقصد التلذذ. فاذا قصد التلذذ بشم الطيب فانه يحرم عليه ذلك فان لم يقصد ذلك فلا يحرم وله شم الشيح والادخر ونحوهما مما هو نبت له رائحة طيبة بطبعه وله الادهان بزيته ونحوه غير مطيب. والسادس قتل صيد البر دون البحر الوحشي لا الانسي المأكول وما تولد منه واصطياده وتملكه والاعانة على صيده بدلالة او صياح او اشارة او اعانة ولو بمناولته الته اي الة صيده فكل ذلك محرم على الناسك. وحرم اكله وحرم اكل لحمه من ذلك كله الا ان يصيده حلال بغير قصد ذلك المحرم. فاذا صاد المحل صيدا لم يقصد به حظ المحرم جاز للمحرم ان يأكل منه فاكل المحرم من صيد البر الوحشي جائز بشرطين احدهما ان يكون صائده حلالا غير محرم والثاني ان يكون صاده لا لاجل للمحرم فان ذبح محرم صيدا بريا لغير حاجة اكله كان ميتة. فان كان محتاجا لاكله في السفر بان لا ان يكون معه طعام ثم افتقر اليه فله ان يأكله بصيده ثم اكله وعليه فدية ويرتفع عنه الاثم لاجل الحاجة. وان حبسه اي حبس الصيد وامسكه حتى تحلل اي فرغ من نسكه ثم ذبحه ضمن اي وجبت عليه الفدية فيه كما سيأتي ولم يحل له تناوله بل يكون ميتة محرمة. وان احرم ومعه صيد صاده قبل احرامه خارج الحرم لزمه ارساله ويجبر عليه ان امتنع عنه ان ذلك لا يجب وهو الصحيح فلا يلزمه ارساله ولا يجبر على ذلك ان امتنع لانه اصابه حين اصابه من وجه مباح ويباح له له قتل ما صال عليه بلا ضمان اي ما هجم عليه من دابة وغيرها ولا يضمن ذلك ويباح له قتل نحو ذئب غفارة وبراغيث لانها ليست صيدا. ويسن مطلقا قتل كل مؤذ غير ادمي. فللانسان ان يقتل كل لمود يدفع عنه اداه غير ادمي فانه يدفعه بما دون القتل. لا قبل وصيبان فتحرم على المحرم ولا فدية فيه اي يحرم على المحرم قتلها وانما يلقيها عنه القاء. والصحيح انه لا يحرم عليه قتلها لانها ليست في معنى الصيد. ولا يحرم عليه قتل صيد البحر. ان لم يكن بالحرم. فصيد البحر حل بنص الكتاب المحرم الا ان يكون بالحرم. فاذا وجد في الحرم صيد بحر كان يأتي ماء كثير من مطر ونحوه ثم يخرج فيه اسماك ونحوها فان ذلك يكون محرما انه في داخل الحرم في اصح قولي اهل العلم وهو مذهب الحنابلة واختاره ابو العباس ابن تيمية الحفيد ولا يحرم اكل الانس نحو الغنم والدجاج من الحيوانات فله ان يأكلها. والسابع عقد النكاح له او لغيره ولو وكيلا. وفيما معناه ايضا الخطبة لانها مقدمة عقد النكاح. والثامن الوطئ في الفرج بالجماع. والتاسع المباشرة اتهم دونه. والمباشرة هي الافضاء الى البدن بالبشرة اي بجلدته. ويحرم عليه ايضا دواعي الوطأ اي مقدماته من نحو قبلة ولمس واستدامة نظر لشهوة واستمناء. فان وطئ في الفرج قبل التحلل الاول فسد نسكه. فاذا اتى اهله قبل ان يفرغ من التحلل الاول الذي يكون باحد اثنين من ثلاثة هي الطواف والحلق والرمي فانه يفسد نسكه ويمضي فيه مطلقا ان يتمه. وعليه بدنه كما قضت به الصحابة رضي الله عنهم. وان كان بعد التحلل للاول لم يفسد نسكه لكن فسد باقي احرامه. فيلزمه ان يحرم من الحل اي يخرج الى الحل فيحرم منه ليطوف وللحج باحرام صحيح وعليه شاة في قول بعض اهل العلم. والصحيح ان عليه بدنة ايضا كما ثبت ذلك عن ابن عباس عند مالك في موطئه والبيهقي في سننه الكبرى. فالبدنة تلزم المجامع سواء كان قبل التحلل الاول او بعده. وعمرة كحج يفسدها الوطء قبل اتمام سعي. لا بعده وقبل حلق فلو انه وطأ بعد تمام السعي قبل ان يحلق فانه لا يفسد. وعليه شاة والصحيح كما ثبت عن ابن عباس عند مالك في الموطأ ان عليه دم فان امرأة عن ذلك امرها ان تذبح شاة او بقرة او بدنة فقالت اي ذلك افضل؟ فقال البدنة. فهو مخير في ما يفتدي به في عمرته اذا وطئ قبل تمام سعيه وافضله البدن كما افتى بذلك ابن عباس وللمحرم ان يحتجم ويفتصد ويبط الجرح ان يشقه فان لم يقدر على ذلك الا بقطع بعض الشعر فعلى وفدى. والصحيح انه يفعله ولا يفدي لان المحرم من حلق الشعر هو القدر الذي يكون فيه ازالة اذى به. واما قليله فلا يكون ذلك مانعا موجبا للفدية كما هو مذهب مالك ويحرم على كل من الرجل والمرأة لبس القفازين وهما شيء يعمل اليدين كما يفعل البزاه اي الذين يصطادون بطيور كالصقور ونحوها ويفديان بلبسهما ثم قال ويجتنبان وجوبا الرفث والفسوق وتقدم بيان معناهما والجدال والصحيح ان الجدال المنهي عنه هو الجدال في بما لا ينفع ومن جملة ذلك الجدال في احكام الحج لانها متقررة مبينة في احكام الشريعة. فلا ينهى عن جنس الجدال وانما ينهى عما لا نفع فيه. ويدل على ذلك قراءة يعقوب ولا جدال بالرفع فانها تحمل على ارادة جنس خاص من الجدال وهو ما لا نفع فيه. ويسن لهما قلة الكلام فيما لا ينفع لان ذلك فيه تحقيق الاشتغال بالنسك. وقد كان شريح القاضي اذا حج كان كالحية اي لا يشتغل بغيره ولا يكثر من حديث بل يقبل على العبادة ليكمل انتفاعه بها وهذا اخر التقرير على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله بعد صلاة العشاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين