الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثامن والعشرون من دروس برنامج الدرس الواحد الثاني والكتاب المقروء فيه هو صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة. وقبل الشروع في اقراره لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد بن صالح بن محمد التميمي يكنى بابي عبد الله ويعرف بابن عثيمين نسبة الى احد اجداده وتقدم ان سواء الطريق في النسبة ان يقال عند ارادة الاظافة الى ياء النسب ان يقال العثيميني او لا تذكر وياء النسب وتسبق كلمة عثيمين بكلمة ابن فيقال ابن عثيمين. اما الجاري على لسان الناس في بلاد النجدية من قولهم العثيمين والفوزان واشباهها فهذه خلاف سنني عربية فاما ان تظاف ياء النسبة اليه عملا بقاعدة العرب في النسبة المذكورة في قول ابن مالك في الالفية يا انكر الكرسي زاد للنسب وكل ما يليه كسره وجب او يقتصر على النسبة الى الجد فيقال ابن عثيمين المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في السابع والعشرين من رمضان سنة سبع واربعين بعد الثلاث مئة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في العاشر من شهر شوال سنة احدى وعشرين بعد الاربع مئة والالف وله من العمر اربع وسبعون سنة. ورحمه الله رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه ضبع هذا الكتاب باسم صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم ما يدفع صحة هذه التسمية المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب هو صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. وهو باب من الدين عظيم كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما اخرجه البخاري من حديث ما لك بن الحويرث رضي الله عنه صلوا كما رأيتموني اصلي ولا يتمكن العبد من اداء الصلاة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها الا ان يتعلم الهيئات الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وما يعتريها من اقوال المقصد الثالث توضيح منهجه سرد المصنف رحمه الله تعالى هيئة الصلاة كترتيبها مبتدأ باولها ومنتهيا الى اخرها ذاكرا ادلة المسائل عند ايرادها ومنبها على ما يقع من مخالفة السنة من افعال بعض العوام والدهماء نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم تقديم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا شرح صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم اولا اعتقد انك اذا قمت الى الصلاة فانما تقوم بين يدي الله عز وجل عز وجل الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. ثم يعلم ما توسوس به نفسه وحينئذ حافظ على ان يكون قلبك مشغولا بصلاتك. كما ان جسمك مشغول بصلاتك جسمك متجه الى القبلة الى الجهة التي امرك الله عز وجل. فليكن قلبك ايضا متجها الى الله عز وجل اما ان يتجه الجسم الى ما امر الله بالتوجه اليه ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير. حتى ان بعض العلماء يقول اذا غلب الوسواس هواجس على اكثر الصلاة فانها تبطل والامر شديد. فاذا اقبلت الى الصلاة فاعتقد انك مقبل الى الله عز وجل. واذا وقفت تصلي فاعتقد انك تنادي تنادي الله عز وجل كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم يصلي فانه يناجي ربه رواه البخاري للعبد في صلاته قبلتان الاولى قبلة بدنه الى الجهة التي امر الله عز وجل وهي القبلة والقبلة الثانية قبلة قلبه وهو الرب سبحانه وتعالى فينبغي ان يقبل العبد على هاتين القبلتين جميعا وقبلة القلب اعظم من قبلة البدن لان المسلمين جميعا يتساوون في قبلة البدن لكنهم يتفاوتون في قبلة القلب فمستقل ومستكثر كما جاء عند ابي داوود بسند لا بأس به من حديث عمار ابن ياسر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الرجل سينصرف وما كتب من صلاته الا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها وفي هذا الحديث الاشارة الى تفاوت حظوظ الناس من الصلاة فمنهم من ينقلب وقد اصاب عسرا ومنهم من ينقلب وقد اصاب وما هو فوق ذلك؟ ومن الناس من يكون محروما فينقلب ولم تقبل له صلاة. كما جاء في حديث بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة اربعين ليلة ففيه ان هذا يصلي ومع ذلك لا يقبل الله عز وجل منه صلاته. وهذا قد يقع هذا الذنب العظيم وهو الاتيان الى العرافين والكهنة والمنجمين والسحرة ومن في حكمهم. فينبغي للعبد اذا اقبل على ان يقبل عليها بالكلية متجها بقلبه الى الله سبحانه وتعالى وببدنه الى القبلة واذا وقف فيها فليعتقد انه يناجي الله سبحانه وتعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم يصلي فانه يناجي ربه وفي قوله صلى الله عليه وسلم يناجي ربه سران عظيمان الاول ان الصلاة هي للعبد مع ربه بمنزلة المساررة وانما تكون المساومة في الامر العظيم واي شيء اعظم في العمليات من الصلاة والثاني ان فيها محبة العبد لربه لان المرء لا يناجي في اموره العظيمة الا خواصه ومن يحبهم نعم واذا وقفت في الصلاة فاعتقد ان الله عز وجل قبل وجهك ليس في الارض التي انت فيها ولكنه قبال وجهك وهو على عرشه عز وجل ومع ذلك على الله بعسير فان الله ليس بمثله شيء في جميع صفاته فهو فوق عرشه وهو قبل وجه المصلي اذا صلى. وحينئذ تدخله وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل ومحبته والتقرب اليه. مراد المصنف في هذه الجملة الاشارة الى ان اعتقاد العبد انه اذا قام يناجي ربه ان الرب سبحانه وتعالى يكون قبل وجهه ليس المراد منها ان الله عز وجل يكون حينئذ في الارض بل الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه بائن من خلقه فان الله عز وجل ليس كمثله شيء في جميع صفاته ومثل هذا المشهد يوجب في قلب العبد ان يدخل الى الصلاة معظما للرب سبحانه وتعالى متقربا اليه. كما ان اذا دخل الى دور المعظمين من اهل الدنيا كالملوك والامراء والاغنياء اعتراه جلال وهيبة لهم ان تعتريك الهيبة والجلال اذا دخلت في الصلاة الى ربك سبحانه وتعالى فتكبر وتقول الله اكبر ومع هذا التكبير ترفع يديك الى حذو منكبيك او الى فروع اذنيك. افتتاح الصلاة يكون بشيئين اثنين احدهما ركن لابد منه وهو قول الله اكبر والثاني سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي رفع اليدين وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين صفتين اثنتين الصفة الاولى انه كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه الى حذو منكبيه والصفة الثانية انه يرفع يديه الى فروع اذنيه ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يمس شحمة الاذن فلا يشرع للعبد اذا رفع يديه الى فروع اذنيه ان يلامس شحمة اذنه ومجموع المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في التلفظ بالتكبير والاشارة بالرفع ثلاثة احوال الحال الاولى ان يكبر مع رفع يديه فيقول الله اكبر جامعا بين القول والفعل والثاني ان يرفع يديه ثم يكبر فيفعل هكذا مبتدأ برفع يديه ثم يقول الله اكبر والثالث عكس هذا بان يقول الله اكبر ثم يرفع يديه فهذه ثلاثة احوال ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية البدء بالقول والفعل معا في افتتاح الصلاة ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى على الذراع كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال كان الناس يأمرون ان يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. رواه البخاري. اذا كبر العبد تكبيرة الاحرام شرع له حينئذ ان يضع يده اليمنى على اليسرى والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصفة ثلاث هيئات الهيئة الاولى ان يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى. فتكون على هذه الصفة والهيئة الثانية ان يضع يده اليمنى على يده اليسرى قابضا عليها فتكون على هذه الصفة والهيئة الثالثة ان يضع كفه اليمنى على ظاهر كفه اليسرى والرسغ والساعد جامعا بينها على هذه الصفة قابضا للرسغ بالخنصر والبنصر وواضعا الاصابع ثلاثة على الذراع فهذه ثلاث هيئات ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى. واما محل الوضع فهو على الصدر ام فوق السرة امس تحتها فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في محل الوضع فالعبد مخير في ذلك كيفما شاء فان شاء وضعها على صدره وان شاء وضعها على ملتقى عوامه فوق السرة وان شاء وظعها على السرة حسب الاليق به واحسن الاحاديث المروية هي احاديث الصدر الا ان اهل المعرفة بالحديث من النقاد المطلعين على العلل لا يصححون حديث الصدر وقد نقل هذا ابو بكر ابن المنذر في كتابه الاوسط عن بعض اهل العلم وهو الذي يدل عليه سبر طرق الاحاديث ايه والله اعلم الا اني لا اعلم شيئا من الاحاديث او قولا معتدا به ان العبد يضع يديه تحت ذقنه في اعلى صدره فان هذه الصفة غير مشروعة بالكلية ولم يذكرها احد من الفقهاء. وانما تكون في اعلى الصدر مما هو اسفل من الذقن بشيء قليل الى اخر ما انتهى اليه اهل العلم وهو تحت السرة نعم. ثم تخفض رأسك اذا لا ترفعه الى السماء لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع البصر الى السماء في الصلاة. رواه البخاري البخاري واشتد واشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهين اقوام يرفعون ابصارهم الى السماء في الصلاة او لا ترجع اليهم رواه البخاري ومسلم ولهذا ذهب من ذهب من اهل العلم الى تحريم رفع المصلي بصره الى السماء وهو قول وجيه جدا. لانه لا وعيد على شيء الا وهو محرم. ذكر اهل العلم رحمهم الله تعالى بمجموع الاخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان البصر يكون له في الصلاة ثلاثة احكام الحكم الاول النظر المستحب وهذا له محلان اثنان اولهما النظر الى السبابة في التشهد فقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم يرمي ببصره اليها. والثاني النظر الى موضع السجود في بقية افعال الصلاة فاذا كنت قائما فالمشروع لك ان تنظر في محل سجودك. واذا كنت راكعا فالمشروع لك ان تنظر في محل سجودك واذا كنت بين السجدتين فالمشروع لك ان تنظر في محل سجودك وما يذكره بعض الفقهاء من ان المشروع بين السجدتين ان ينظر المصلي الى حجره فهذا ليس عليه خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فالاصل ان النظر المسنون كله يكون في الصلاة الى موضع السجود الا في التشهد فان النظر الى السبابة النوع الثاني النظر المحرم وهو النظر الى السماء بان يرفع المصلي بصره الى السماء فهذا النظر على الصحيح من الاقوال نظر محرم لشدة الوعيد الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال في لفظ او لا ترجع اليهم وبلفظ اخر او لتخطفن ابصارهم. يعني يعاقبون باستلاب الله عز وجل لقوة ابصارهم منها فيرجعون عميا. ومثل هذا الوعيد لا يكون الا في محرم الحكم الثالث النظر المباح وهو نظر المصلي الى غير العلو وغير السفلي في موضع السجود فاذا نظر المصلي امامه فان نظره يكون مباحا. ولا سيما اذا وجدت حاجة الى ذلك لكن الذي يؤمر به العبد ان يكون نظره الى محل سجوده لان اقامتك البصر في واحد بمثابة وتد يعين على خشوع القلب لان النظر اذا كان مبددا مفرقا كالخيمة التي لا تشدها اوتادها. اما اذا كان نظر المصلي الى محل واحد هو محل السجود كان نظره هذا بمثابة الوتد الذي يحفظ على قلبه اقباله على الصلاة فتقبض بصرك وتطأطئ رأسك لكن كما قال العلماء لا يضع ذقنه على صدره اي لا يخفضه كثيرا حتى يقع الثقل وهو مجمع اللحيين على الصدر بل يخفضه مع باطل يسير عن صدره. بين المصنف رحمه الله تعالى ها هنا شرطا في خظ البصر الذي تقدم ذكره وهو انه ليس معنى خظ البصر ان تطأطأ برأسك حتى تلصق الذقن بالصدر. بل المشروع هو ان تكون المطاطئة معتدلة بقدر ما يصل البصر الى محل السجود فاذا نزل الرأس عن هذا القدر كانت المطأطئة بالرأس غير مشروعة