السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد وان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الحادي والعشرون من برنامج الدرس الواحد والمقروء فيه رسالة في مواقيت الصلاة. للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد صالح ابن محمد التميمي. يكنى بابي محمد ويعرف بابن عثيمين نسبة الى احد اجداده المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في السابع والعشرين من رمضان سنة سبع واربعين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث الحمد لله الحمد لله تاريخ وفاته توفي في الخامس عشر من شهر شوال سنة احدى وعشرين بعد الاربعمائة والالف وله من العمر اربع وسبعون سنة. ورحمه الله واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول تحقيق عنوانه وضع هذا الكتاب في حياة مصنفه باسم رسالة في مواقيت الصلاة فهو الاسم المرتضى المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب بيان اوقات الصلوات الخمس المكتوبات وما يتعلق بها من الاحكام الشرعيات توضيح المقصد الثالث توضيح منهجه رتب المصنف رحمه الله تعالى كتابه في فصول اربعة. نشر فيها آآ الاحكام الفقهية المتعلقة بمواقيت الصلوات المكتوبات جاريا في ذكرها وفق ما تقتضيه ادلة الكتاب والسنة. دون ملاحظة حكاية المذاهب واختلافات الفقهاء فلم يذكر فيها شيئا من اقوال المذاهب المتبوعة ولا غيرها. فيما يورده من مسائلها. اذ ابتغاء تفصيلها مناسبة لعموم الناس نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين جميع المسلمين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا يا ارحم الراحمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان وسلم تسليما ابد فان الله تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة باوقات اقتضتها حكمة الله تعالى ليكون العبد على صلة بربه تعالى في هذه الصلوات مدة هذه الاوقات كلها فهي للقلب منزلة الماء للشجرة تسقى به وقتا فوقته لا دفعة واحدة ثم يقطع عنها ومن الحكمة في تفريق هذه الصلوات في تلك الاوقات الا يحصل الملل والثقل على العبد اذا اداها كلها في وقت واحد. فتبارك الله تعالى احكم الحال ميم وهذه رسالة موجزة نتكلم فيها على اوقات الصلوات ذي الفصول التالية الفصل الاول في بيان المواقيت الفصل الثاني ببيان وجوب فعل الصلاة في وقتها وحكم تقديمها في اوله او تأخيرها عنه. الفصل فيما يدرك به الوقت وما يترتب على ذلك. الفصل الرابع في حكم الجمع بين الصلاتين في وقت احداهما. وقد مشينا فيها على ما تقتضيه بآيات الكتاب والسنة واسندنا المسائل الى هذا الى ادلتها ليكون المؤمن شاعرا على بصيرة يزداد ثقة وطمأنينة. والله المسؤول المرجو الاجابة ان يثيبنا على ذلك وان يجعل فيها الخير والبركة. لنا وللمسلمين انه جواد كريم. قول المصنف رحمه الله تعالى فان الله تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة باوقات اقتضتها حكمة الله تعالى. اي معينة باوقات بينة دعت اليها حكمة الله عز وجل في تقرير هذه الاوقات فان اختيار اوقات العبادات راجع الى حكمة الهية. تبعا لاصل كلي وهو ان افعال الله سبحانه وتعالى لا تصدر الا عن حكمة لكمال علمه وحكمته سبحانه وتعالى. وقوله رحمه الله تعالى ومن الحكمة في تفريق هذه الصلوات في تلك الاوقات الا يحصل المال والثقل على العبد اذا ادى كلها في وقت واحد. اي ان من مقاصد تفريق اوقات الصلوات في اليوم والليلة دفع الملل عن العبد لو جمعت مرة واحدة كما ان في تفريقها ادامة اقتصاد العبد بربه سبحانه وتعالى. لان الصلاة باعتبار اصل وضعها هي صلة بين العبد وربه. فالعبد مفتقر الى صلته بالله عز وجل. وان مما يحقق هذه الصلة اداؤه ولهذا جعلت الصلاة في اوقات متفرقة لتدوم صلته بالله عز وجل. فلو جعلت الصلوات كلها في وقت واحد لقويت صلة العبد بربه في ذلك الوقت وضعفت في غيره. فجعلت الصلوات في اوقات متفرقة من اليوم والليلة ليبقى العبد متصلا بالله سبحانه وتعالى ولا ينقطع من صلته بالله عز وجل فان انقطاع العبد عن ربه انقطاع عن سبب غناه فان النفس البشرية منطوية على فقر كامل فيها ملازم لها. لا يخرج عنها الا بالاستغناء بالله سبحانه وتعالى وان من استغنائها بالله عز وجل اداءها للصلوات المكتوبات نعم ما شاء الله عليك. الفصل الاول في بيان المواقيت قال الله تعالى وانزلنا اليك ذكرى لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتذكرون. وقال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبي كل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. فما من شيء يحتاج العباد في دينهم او دنياهم الى معرفة حكمه الا فبينه الله تعالى في كتابه او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان السنة تبين القرآن وتفسره وتخصصه همومه وتقيد مطلقه كما ان القرآن يبين بعضه بعضا ويفسره ويخصص عمومه ويقيد مطلقه. والكل من عند الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الا اني اوتيت الكتاب ومثلهما. رواه احمد وابو داوود وسنده صحيح افراد هذه القاعدة الكلية العامة بيان اوقات الصلوات الخمس اوكل الاعمال البدنية فرظية. واحبها الى الله عز وجل فقد بين الله تعالى هذه الاوقات في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بيانا كافيا شافيا ولله الحمد اما في كتاب الله فقال الله تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر فامر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والامر له امر لامته معه ان يقيم الصلاة للشمس اي من زوالها عند منتصف النهار الى غسق الليل وهو اشتداد غلبته وذلك عند منتصره ثم فصلها قال الفجر اي صلاة الفجر وعبر عنها بالقرآن لانه يطول فيها. فاشتمل قول يطول فيها احسن الله اليكم انه يطول فيها فاشتمل قوله تعالى لدلوك الشمس الى غسق الليل اوقات صلوات اربع هي الظهر والعصر هي الظهر والعصر صلاتي نهاريتان في النصف الاخير من النهار. المغرب والعشاء هما صلاة ليليتان في النصف الاول من الليل. اما وقت الفجر اذا فصله بقوله وقرآن الفجر وعلم به تعيين الوقت من اضافته الى الفجر وهو تبين ضوء الشمس في الافق. وانما جمع الله جاء الاوقات للصلوات الاربع دون فصل. لان اوقاتها متصل بعضها فلا يخرج وقت صلاة منها الا بدخول وقت التالية وفصل وقت الفجر انه لا يتصل بوقت قبله ولا بعده فان بينه وبين وقت صلاة العشاء نصف الليل الاخير وبينه وبين وقت صلاة الظهر نصف النهار الاول كما سيتبين ذلك من السنة ان شاء الله تعالى. واما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت الظهر اذا زالت الشمس وكان للرجل كطوله ما لم يحضر للعصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. ووقت صلاة المغرب ما لم يعد الشفقة. ووقت صلاة العشاء الى نصف الليل او صبر ووقت صلاة الصبح من طول الفجر من طلوع الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس وفي رواية ووقت العشاء الى نصف الليل ولم يقيده الاوسط. وله من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا فقال فلم يرد عليه شيئا يقال الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا. ثم امره يعني امر بلاله. كما في رواية النسائي قام بالظهر حين زالت الشمس والقائل يقول قد انتصف النهار. وهو كان اعلم منهم ثم امره فاقام بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره فاقام بالمغرب حين وقعت. وفي رواية النسائي غربت الشمس. ثم امره فاقام العشاء حين غاب الشفقة. ثم البدو من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول قد طلعت الشمس او كادت ثم اخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالامس ثم حتى انصرف منها والقائل يقول قد احمرت الشمس ثم اخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفقة ثم اخر العشاء حتى كان ثلث الليل الاول ثم اصبح بدأ السائل فقال الوقت بين هذين اتضح بهذه الاية الكريمة والسنة النبوية القولية بيان اوقات الصلوات الخمس بيانا كافيا شافيا على النحو التالي اولا وقت صلاة الظهر من زوال الشمس وهو تجاوزها الى ان يصير مل كل شيء مثله. يا ان يصير ظل شيء مثله. ابتداء من الظل الذي زالت عليه الشمس وجرح ذلك ان الشمس اذا طلعت ارتفع لكل شاخص ظل طويل فلا يزال يقصر شيئا فشيئا حتى تزول الشمس. فاذا زالت عاد الطول عاد الى الطول ودخل وقت صلاة الظهر فقسم الفداء العودة طول الظل فاذا كان الظل طول الشاخص فقد خرج وقت صلاة الظهر ثاني وقت صلاة العصر من كون ظل الشيء مثله الى ان تصفر الشمس او تحمر. ويمتد وقت الضرورة الى الغروب لحديث ابي هريرة رضي الله عنه وان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس فقد ادرك الصبح ومن ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك الناصر. متفق عليه. ثالثا وقت صلاة المغرب من غروب الشمس الى مغرب الشفق الاحمر. الى مغيب الشفق وهو الحمرة رابعا وقت صلاة العشاء الاخرة من مغرب الشرق الى نصف الليل. ولا يمتد وقتها الى طلوع الفجر لانه وكلاه ظاهر للقرآن وصريح السنة حيث قال الله تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس اذا غسق الليل فلم يقل الى طلوع الفجر وصرحت السنة بان وقت العشاء ينتهي بنصف الليل كما رأيت في حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما خامسا وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الافق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة الى طلوع الشمس المصنف رحمه الله تعالى فاتحة الفصول الاربعة بترجمة تتعلق بالفصل الاول فقال الفصل الاول في بيان المواقيت. والمواقيت المتعلقة بالصلاة هي مواقيت زمانية وجميع العبادات التي وقتت بشيء فان التوقيت المذكور فيها زماني الا الحج فان الحج انفرد بجمعه بين المواقيت الزمانية والمكانية. والصلاة لا توقتوا بمكان بل كما صح عنه صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض مسجدا وطهورا. فجميع ان اعطي محل للصلاة الا ما استثني. فالامواقيت المذكورة في احكام الصلاة المراد بها الى المواقيت الزمنية. اما المثانية فلا محل لها هنا. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذه المواقيت تكفل الله سبحانه وتعالى ببيانها فكل ما يحتاج اليه الناس من الاحكام قد وفت الكتاب قد وفى الكتاب والسنة ببيانه. واورد رحمه الله تعالى ما يدل على ذلك من الاية والحديث وهذه قاعدة كلية عظيمة في بيان الاستغناء بالكتاب والسنة عما سواهم وفي معرفة الاحكام الشرعية. ثم ذكر ان من افراد هذه القاعدة بيان اوقات الصلوات الخمس وان الله عز وجل قد بينها بيانا شافيا وان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بينها ايضا والفرق بين البيان الوارد في القرآن والسنة بمواقيت الصلاة ان بيان في القرآن وقع مجملا. وبيانها في السنة وقع مفصلا. ومن قواعد الشريعة ان احكام العبادات قل ان تأتي مستوفاة في احد الوحيين يقول بعضها ات في القرآن وبعضها ات في السنة. وعلة ذلك تأكيد بين الكتاب والسنة. وان الامتثال لا يتأتى الا بالاخذ بما فيهما جميعا فلو ان انسانا قدر ان يقف اداءه للصلاة على ما ورد في الكتاب فانه لا يوقعها وفق ما وجاء في الشرع او قدر ان اخر اوقف استعمال الاحكام فيها على ما جاء في السنة فانه لا يفي بما جاء في القرآن الكريم. فلا بد من اعتبار هذين الاصلين معا فان ما يصدق الاخر لكونهما وحيا اوحاه الله سبحانه وتعالى. فالقرآن الكريم وحي والسنة وحي كما قال حافظ الحكم فسنة النبي وحي ثاني عليهما قل اطلق الوحيان ولتحقيق وجود بمعنى الوحي فيهما وجدت هذه المعاصرة والمعانقة بين الاحكام فيهما. وقد اورد المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على ان بيان الاوقات المتعلقة بالصلوات المكتوبات وقع فيهما. فاما كتاب الله عز وجل ففيه قول الله تعالى اقم الصلاة لدلوف الشمس الى غسق الليل. وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا فهذه الاية وافية في بيان اوقات الصلاة المكتوبة على وجه الاجمال وقد استفتحها الله عز وجل بالامر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له اقم الصلاة والامر له امر لامته معه. ما لم يأت دليل على اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالامر قاعدة اصولية كلية. كما قال صاحب المراقي لنا ما امر الرسول سوى ما خصه الدليل فكل امر به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو امر لنا. والاحكام الشرعية التي جاءت على وجه الامر في القرآن وقعت على ثلاثة انحاء. اولها ما جاء الامر بها في الخطاب. مسوقا للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين والثاني ما جاء الخطاب فيها مسوقا للنبي صلى الله عليه وسلم والثالث ما جاء الخطاب فيها مساقا مسوقا المؤمنين فما كان من الخطاب مشتملا على الامر له ولنا هذا من افد المأمورات كقوله تعالى اقم الصلاة وقوله تعالى اقيموا الصلاة فوقع الامر باقامة الصلاة على الوجهين معا. وهذا دال على تعظيم مأموري به والصلاة من اعظم المأمورات وهي الركن الثاني من اركان الاسلام. وقد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الاية والامر له امر لنا بان يقيم الصلاة في اوقات معينة فقيل اقموا لدلوك الشمس والمراد بدلوك الشمس زوالها عند منتصف النهار وزوال الشمس يراد به حركتها بعد الظل الذي تستقر عليه فان الشمس اذا اشرقت من المشرق ثم ارتفعت كان كل شيء ظل من جهة المغرب. حتى تستمر الشمس صعودا والظل ينقص. حتى ينتهي نقصان الظل للشواخص لقدر معين محدد فاذا انتهى الى ذلك القدر ثم شرع يزداد بعده فان منذ شروعه بالزيادة يكون قد وقع الزوال. فالزوال ميل الشمس من منتصف السماء الى جهة الغرب ببدء الزيادة في الفي وما قبل الزوال يسمى ظلا وما بعده يسمى ان ثم ذكر المصنف بان النبي صلى الله عليه وسلم امر بان يقيم الصلاة لدلوك الشمس اي من زوالها عند منتصف النهار الى غسق الليل وهو اشتداد ظلمته واشتداد الظلمة يبتدأ من غروب الشمس. لانه اذا سقطت الشمس فقد بدأ الليل. ثم فصل فقال وقرآن الفجر اي صلاة الفجر. وعبر عنها بالقرآن لانه يطول فيها اي المصلي او لانه يطول فيها اي القراءة. فاشتمل قوله تعالى لدلوق الشمس اذا الليل على اوقات الصلوات الاربع وهي الظهر والعصر وهما صلاتان نهاريتان في النصف من النهار والمغرب والعشاء وهما صلاتان ليليتان في النصف الاول من الليل. فيكون قد جمع بين وقت الظهر والعصر بعلامة دلوك الشمس وجمع بين المغرب والعشاء بعلامة اشتداد الظلمة والجمع بينهما في الوقت دال على اتصالهما. ولذلك وقع الاذن بينهما في الاحوال المقدرة شرعا كالسفر وغيره كما سيأتي. اما وقت الفجر ففصل عما قبل له بقوله تعالى وقرآن الفجر وعلم به تعيين الوقت من اضافته الى الفجر وهو تبين ضوء الشمس في الافق قبل طلوعها. وافراد الفز عنهما دليل ان وقته غير متصل بهما فيكون وقت الفجر واحدا غير متصل الطرفين فليس ما قبله وقت لصلاة ولا ما بعده وقت لصلاة على الصحيح. فالانفصاله جعل وقتا واحدا وهذه الاية كما سلف يستفاد منها ان الاستعاذة في الصلاة تكون مرة واحدة لان النبي لان الله عز وجل سمى الصلاة كلها قرآنا فقال وقرآن الفجر وقال امين بالاستعاذة فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. فيستعيذ الانسان عند قراءة القرآن ومنه بدء صلاته ثم ذكر رحمه الله تعالى الادلة من السنة النبوية ابتدأها بحديث عبد الله ابن عمر في صحيح مسلم وهو من اصح الاحاديث المروية في مواقيت الصلاة ووقع ناشر الكتاب في خطأ قبيح وهو ما وقع من جعل الاسم الاحسن الله في اول السطر ثم لحوق كلمة ابن به وهذا مستقبح نبه عليه عندهم في باداب كتابة الحديث. ومثل هذا ينبغي ان يضرب عليه الانسان وان يرفع الاسم الاحسن الى الاعلى فيكون مقارنا بما اضيف اليه وهو كلمة عبد. ووقع في حديث ابن عمر رضي الله عنه توقيت اوقات الصلوات جميعا. ووقعت فيه لفظة كده وهي قوله في وقت صلاة العشاء الى نصف الليل الاوسط. فان الجملة تفيد ان الليل منقسم الى ثلاثة اقسام وان صلاة العشاء تنتهي الى القسم الاوسط من تلك الاقسام الثلاثة لان الوسط هو ما كان بين شيئين متوسطا بينهما والليل ليس له الا قسمان باعتبار النصف لان نصف الشيء انما يكون اثنان فانك اذا اردت ان تقسم شيئا ويكون القسمة في المنتصف فانك اذا قسمته انقسم الى جزئين وليس الى ثلاثة اجزاء. وانما المنقسم الى ثلاثة اجزاء هو التثبيت فلو كان المراد ذلك لقيل الى ثلث الليل الاوسط لانه يكون ثلاثة اثلاث فحينئذ يكون احدها بين اثنين. وهذه اللفظة قد ملأ القرطبي رحمه الله تعالى في كتاب المفهم في شرح مسلم الى ان لها وهم من بعض الرواة وهذا هو الذي يظهر فاخطأ فيها بعض الرواة وقيدوها الاوسط واذا كانت هذه اللفظة غلطا وان ان المحفوظ والرواية التي لم تقيد انتفى الاشكال. ولو قيل بثبوتها امكن ذلك بان يقال ان اضافة نصف الليل الى الاوسط للمجاورة والشيء قد يضاف الى ما او ما يجاوره فان نصف الليل اذا مضى فقد صار الوقت في الوسط بين غروب الشمس طلوع الفجر فاضيف الى آآ ما جاوره من وقت انتهى اليه. وهذا توجيه باعتبار ملاحظة ثبوتها او الا فالاشبه انها لا تثبت وانها غلط من بعض الرواة. ثم اورد بعد ذلك حديثا اخر في ابي موسى الاشعري هو عند مسلم في صحيحه في ادائه صلى الله عليه وسلم للصلاة بين وقتين في يومين ثم قال للسائل الوقت بين هذين ثم المصنف رحمه الله تعالى بعد ان ذكر هذه الادلة يبين اوقات يبين اوقات في الصلوات الخمس. فذكر اولا ان وقت صلاة الظهر من زوال الشمس وهذا امر مجمع عليه. كما نقله ابن عبد البر وابن المنذر رحمه الله تعالى وفسر الزوال بمجاوزتها وسط السماء على ما ذكرت لك انفا على انتهاءه الى ان يصير ظل كل شيء مثله وهذا مذهب جمهور اهل العلم رحمهم الله تعالى وقال ابتداء من الظل الذي زالت عليه الشمس. ثم بين ذلك بما محصله ان الشاخص كما سلف كلما ارتفعت عليه الشمس لم يزل الظل الذي من جهة الغرب ينقص. حتى ينتهي الى قدر معين. تقع بعده زيادة. فالقدر الذي ينتهي اليه ظل الشاخص قبل الزيادة هذا يسمى ظل الزوال فاذا قيل الى ان يصير ظل كل شيء مثله يعني ان يكون قدر الظل بعد ظل الزوال مثله فيقدر ظل الزوال ثم يزاد مثلا عليه فاذا زاد مثلا عن ظل الزوال على ظل الزوال انتهى وقته صلاة الظهر ثم ذكر ثانيا وقت صلاة العصر وانها من كون ظل الشيء مثله وهذا مذهب الشافعية والحنابلة الى ان تصفر الشمس او تحمر وهذا رواية عن الامام احمد اما مذهب الجمهور وهو ان وقت صلاة العصر الى ان يصير ظل كل شيء مثليه فاذا انتهى الظل الى ضعفي ظل الزوال انتهى عند وقت صلاة العصر. وينصر هذه الرواية عن الامام احمد وقوع التقدير بذلك في حديث عبدالله بن عمرو ففيه الى ان ان تصفر الشمس او تحمر. ولعل هذا الوقت قريب مما ذكره الجمهور كما ذكره ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني فيكون احدهما دالا على الاخر. ويكون ذكر احدهما اشارة الى الاخر فيفسر احمرار الشمس بانه يقع عند وقوع ظل كل شيء مثليه. وان وقوع كل شيء مثليه يقع عند احمرار الشمس. وهذا غير واقع حقيقة بل ان بينهما فرقا يسيرا لكن لاجل المقاربة انزل احدهما منزلة الاخر والمظبوط من جهة النظر هو التوقيت الذي وقع في حديث عبد الله ابن عمر فاذا كانت الشمس لا تزال بيضاء نقية فلا يزال وقت العصر قائما فاذا اصفرت الشمس او مالت الى الحمرة فقد انتهى وقتها وهذا الوقت هو وقت الاختيار اما وقت الضرورة فانه الى غروب الشمس لحديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس وقد ادرك الصبح ومن ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر. ثم ذكر ثالثا وقت صلاة المغرب وانه يبتدأ من غروب الشمس. وهذا امر مجمع عليه كما ذكره ابن قدامة رحمه الله الله تعالى وينتهي بمغيب الشفق وهو الحمرة عند الجمهور فان الفقهاء مختلفون في الشفق فمذهب الجمهور انه الحمرة ومذهب ابو الحنفية انه البياض الصحيح ان الشفقة هو الحمرة كما تعرفه العرب في لسانها ثم ذكر رابعا وقت صلاة العشاء وان وقت صلاة العشاء الاخرة من مغيب الشفق والمراد بالشفق هنا هو الحمرة. فاذا غابت حمرة الشفق فهذا قد ابتدأ وقت صلاة في العشاء ومنتهاه الى نصف الليل. وهذا هو قول الحنفية واحد قولي الشافعي ورواية عن الامام احمد رحمه الله تعالى. وهو الذي وقع التصريح به في حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما واما توقيتات فقهاء الزائدة عن هذا فهي اما مبنية على حديث صحيح غير صريح او على حديث اما مبنية على حديث صريح غير صحيح او على حديث صريح غير صحيح. وقد قال الحافظ بن حجر انه لم يجد حديثا ثابتا ان وقت صلاة الفجر ان وقت صلاة العشاء يمتد الى الفجر. بل المنتهى ما جاء في الاحاديث نصف الليل. ولاجل هذا قال المصنف ولا يمتد وقتها الى طلوع الفجر انه خلاف ظاهر القرآن وصريح السنة. فان ظاهر القرآن انفصال وقت الفجر من اعلاه كما ينفصل من اسفله فهو من اعلاه لا يتصل وقت العشاء وصرحت السنة لان وقت العشاء ينتهي بنصف الليل كما سبق في حديث عبدالله بن عمرو ثم ذكر خامسا وقت صلاة الفجر وانه من طلوع طلوع الفجر الثاني وهذا امر مجمع عليه. فاذا طلع الفجر الثاني فقد ابتدأ وقت صلاة الفجر فسر الفجر الثاني بقوله وهو البياض المعترض في الافق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة ويخرج بذلك طلوع الفجر الاول وهو البياض الصاعد في الافق الشرقي. الذي بعده ظلمة. فان الفجر جيران احدهما فجر كاذب ويسمى الفجر الاول والثاني فجر صادق ويسمى الفجر الثاني والفرق بينهما من وجهين احدهما ان ان الفجر الاول يكون فيه البياض صاعدا واما الفجر الثاني فيكون البياض فيه معترضا والفرق الثاني ان الفجر الثاني ان الفجر الاول وهو الكاذب تتبعه ظلمة تكون بعده. اما الفجر الصادق فلا تتبعه ظلمة بل يبدأ الاسفار يتزايد شيئا فشيئا حتى تطلع الشمس فاذا طلعت الشمس فقد انتهى وقت صلاة الفجر واختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في تقدير المدة بين الفجرين باعتبار الدقائق المعروفة في زماننا فمنهم من جعلها ساعة ومنهم من جعلها خمسة دقيقة نعم وهذه المواقيت المحدثة المحددة ما تكون في مكان يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة سواء تساوى الليل والنهار وامداد احدهما على الاخر زيادة قليلة او كثيرة. اما المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة فلا يخلو اما ان يكون ذلك مطردا في سائر العام او في ايام قليلة منه. فان كان في ايام قليلة منه مثل ان يكون هذا المكان يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة طيلة فصول السنة لكن في بعض الفصول يكون الليل فيه اربعة وعشرين ساعة او اكثر والنهار كذلك في هذه الحال تقدر اوقات الصلوات بقدرها في اخر يوم قبل استمرار الليل في الاربع والعشرين ساعة او النهار اذا قدرنا ان الليل كان قبل ان يستمر اربعا وعشرين ساعة يبلغ عشرين ساعة والنهار اربع ساعات جعلنا الليل المستمر اربعا عشرين ساعة فقط والاربع باقية نهارا واتبعنا فيه ما سبق في تحديد اوقات الصلوات اما اذا كان قالوا لا يتخللون الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول كلها فانه يحدد لاوقات الصلاة بقدرها لما رواه مسلم من النواس بن سمعان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال الذي يكون في اخر الزمان فسألوه عن لبثه في الارض فقال اربعون يوما يوما كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر ايامه كايامكم. قالوا يا رسول الله ذلك اليوم الذي كسنة اتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال لا اقدر له قدره. بين النبي صلى الله عليه وسلم الا يقتصر وفي هذا اليوم الطويل على صلاة يوم واحد. وامر ان يقدر له قدره. فاذا ثبت ان المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار يخدعو له فبماذا نقدره؟ يرى بعض العلماء انه يقدر بالزمن المعتدل فيقدر الليل اثنتي عشرة ساعة وكذلك النهار انه لما تأذى كبار هذا المكان بنفسه اعتبرا بالمكان المتوسط كالمستحاضة التي ليس ليس لها عادة ولا تمييز واخرون انه يقدر بزمن اقرب للاقرب. بزمن اقرب البلاد الى هذا المكان. لانه لما تعذر اعتباره بنفسه اعتبر في اقرب الاماكن شبها منه وهو اقرب البلاد اليه التي يتخللها الليل والنهار في اربعة وعشرين ساعة. وهذا القول ارجح لانه وقع تعليلا واقرب الى الواقع والله اعلم. بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى المواقيت المحددة للصلوات قد ذكر ان هذه المواقيت انما تكون في مكان يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة بان يكون بعضها للنهار وبعضها لليل سواء وقع التساوي ام زاد احدهما على الاخر زيادة قليلة او كثيرة اما المكان الذي لا يتخله الليل او الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة بان يكون سرمدا لليل او سرمدا لنهار فذكر الشيخ رحمه الله تعالى انه لا يخلو من حالين. الحال الاولى ان يكون ذلك مطردا في سائر العام والحال التانية ان يكون ذلك مطردا في سائر العام او في ايام قليلة. والحال ان يكون المكان لا يتخلل له الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول. فان كان على الحال الاولى في ايام قليلة منه مثل ان يكون هذا المكان يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة طيلة تبوز اصول السلف لكن في بعض الفصول كالشتاء مثلا يكون الليل فيه اربعة وعشرين ساعة او اكثر والنهار كذلك ففي هذه الحال تقدر اوقات الصلوات بقدرها في اخر يوم قبل استمرار الليل في اربع وعشرين ساعة او النهار. فاذا كان اخر يوم فيه ليل ونهار تحددت مدته بمعرفة مقدار ساعات الليل والنهار فانه يقدر به قبل ان يصير الليل او النهار سرمديا. فمثلا اذا قدرنا ان الليل كان قبل ان يستمر اربعا وعشرين ساعة يبلغ ساعة والنهار اربع ساعات. فكان اخر يوم بان فيه الليل والنهار مقدرا بهذه المدة. فالليل عشرون ساعة والنهار اربع ساعات. ثم السرمدية باستمرار الليل اربعا وعشرين ساعة فيقدر حينئذ باخر يوم حصل فيه بيان الليل والنهار فيجعل الليل المستمر اربعا وعشرين ساعة عشرين ساعة فقط لليل واربع ساعات منه للنهار. فهذا الليل السرمدي المركب باربع ساعة يقسم الى وقتين. فعشرون منها لليل واربع للنهار. وكونها للنهار انما هو كون الحكم وليس كون حقيقيا لانها باقية من ساعات الليل ووقته ويتبع فيها ما سبق في تحديد اوقات الصلوات. فيحدد صلوات النهار في الاربع ساعات. ويحدد الليل في العشرين ساعة. فيكون النهار جامعا للظهر والعصر. ويكون الليل جامعا للمغرب والعشاء فاذا وقع الوقت الذي يخرج فيه الفجر باعتبار التقدير في اقرب يوم كان فيه ليل ونهار فتصلى صلاة الفجر في ذلك الوقت. ثم ذكر الحال التالية وهو اذا كان المكان لا يتخلله الليل والنهار في اربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول كلها. كما يقع في القطب الشمالي قال فانه يحدد لاوقات الصلاة بقدرها اي تقدر اوقات الصلاة في هذا الوقت السرمدي الذي لا تخلله الليل والنهار بان يكون جميع الوقت ليلا كما ارشد الى ذلك في حديث النواس بن سمعان في قصة ما يكون اخر الزمان ما يكون في اخر زمان من لبث الدجال في الارض. وفيه قوله صلى الله عليه وسلم اربعون يوما يوم سنة ويوم كشهر ويوم كجمعة. وسائر ايامه كايامكم. قالوا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسله. اتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له قدره. وكذلك اليوم الذي كشهر يقدر له قدره واليوم الذي كجمعة يقدر اليه فلا يقتصر في هذا اليوم الطويل على صلاة يوم واحد بل يقدر لها قدرها قال رحمه الله فاذا ثبت ان المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار يقدر له قدره فبماذا نقدره والعلماء مختلفون في ذلك على قولين فالقول الاول من يقول بتقديره بالزمن المعتدل والزمن المعتدل كما صرح به مرعي الكرم في الغاية والزمن الذي يستوي فيه الليل والنهار فيقدر الليل باثنتي عشرة ساعة. وكذلك النهار يقدر باثنتي عشرة ساعة. والقول الثاني انه يقدر بزمن اقرب البلاد الى هذا المكان. مما يتضح فيها الليل والنهار ويتخلل يومها الليل والنهار. لانه لما تعذر اعتباره بنفسه اعتبر اقرب الاماكن شبها به فينظر اقرب مكان اليه فيه ليل ونهار فيقدر بقدره. فاذا قدر ان اقرب مكان منه يكون فيه الليل اثنتان وعشرون ساعة والنهار ساعتان فقط فانه بهذا التقدير فيقدر الليل اثنتان وعشرون ساعة وتصلى فيه صلواته. ويقدر النهار ساعتان وتصلى فيه صلواته وهذا القول كما ذكر المصنف ارجح بانه اقوى تعليلا والشيء في الاحكام يلحق بالقريب منه. نعم. احسن الله اليك. الفصل الثاني في وجوب فعل الصلاة في وقتها وحكم تقديمها في اوله او تأخيرها عنه. يجب فعل الصلاة جميعها في وقتها المحدد لها لقوله تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا اي فرض ذات ذا ذا وقت ولقوله تعالى اقم الصلاة لضيوف الشمس الى وسط الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. والامر للوجوب. وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لعمر وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا برهان من اللطائف ان الجاحظ كان يسمي اسم عمرو الاسم المظلوم وهذا من مظاهر ظلمه فان نواهه سقطت وله كلام في بيان ظلمه ذكره السفطي في شرح الصفدي في شرح لامية العجب ثم قال وانما حمل وانما حمل الجاحظ على هذا ان اسمه عمرو هو عمر فاراد ان ينتصر له فافاض في بيان ظلمه وبيان خواصه. نعم. احسن الله اليك. وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي ابن خلف قالوا من الذي رواه احمد باسناد جيد فلا يجوز للمسلم ان يقدم ان يقدم الصلاة كلها او بعضها قبل دخول وقتها لان ذلك من تعدي حدود الله تعالى والاستهزاء باياته فان فعل ذلك معذورا بجهل او نسيان او غفلة فلا اثم عليه وله اجر ما عمل وترد عليه الصلاة اذا دخل وقتها لان دخول الوقت هو وقت الامر بها فاذا اتى بها قبله لم تقبل منه ولم تبرأ بها ذمته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل الى عمل ليس عليه امرنا فهو رد اي مردود. رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها ولا يجوز للمسلم ان يؤخر الصلاة عن وقتها لان ذلك من تعدي حدود الله تعالى والاستهزاء باياته. فان فعل ذلك بدون عذر فهو اثم وصلاته مردودة غير مقبولة. ولا مبرأ ولا مبرأة لذمته لحديث عائشة السابقة وعليه ان يتوب الى الله تعالى ويصلح عمله فيما استقبل من حياته وان اخر الصلاة عن وقتها لرجل من نوم او نسيان او او شغل اظن انه يبيح له ذخيرها عن وقتها فانه يصليها متى زال ذلك لحديث انس بن ما لك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصلنا اذا ذكرها لا كفارة لها الا ذلك وفي رواية من نساء صلاة او نام عنها متفق عليه. واذا تعدت الصلوات التي فادته بعذر فانه يصليها مرتبة من زوال عذره ولا يؤخرها الى نظيرها من الايام التالية لحديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة لقد توضأ بعدما غربت الشمس فصلى العصر ثم صلى بعدها المغرب. متفق عليه. وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي ان شاء الله. حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعن فاقام الظهر فصلاها احسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم امره فاقام العصر فصلاها فاحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم امره فاقام المغرب كذلك رواه احمد وفي هذا الحديث دليل على ان الفائتة تصلى كما تصلى في الوقت ويؤيده حديث ابي قناده رضي الله عنه في قصة يومهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في سفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس قال ثم اذن بلال بالصلاة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم الحديث رواه مسلم. وعلى هذا فاذا صلى في النهار هذه فائدة من صلاة الليل جهر فيها بالقراءة واذا صلى في الليل فائتة من صلاة النهار اسر فيها بالقراءة فما يدل على الاول حديث ابي عبادة حديث ابي سعيد واذا صلى الفوائت غير مرتبة لغيره فلا حرج عليه فاذا جهل ان عليه صلاة فائدة فصلى ما بعدها ثم علم بالفائدة صلاها ولم يعد الذي بعدها واذا نسي الصلاة الفائتة فصلى ما بعدها ثم ذكر الفائتة صلاها ولم يعد التي بعدها قوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. قال اهل العلم واذا كان عليه فائز فذكرها او علم بها ان بخروج وقت صلى الحاضرة اولا ثم صلى الفائتة بان لا يخرج وقت الحاضرة قبل ان يصليها فتكون الصلاتان كلتاهما فائتتين والافضل تقديم الصلاة باول اقتناء وقتنا لان هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو اسبق الى الخير واسرع في ابراء الذمة في صحيح البخاري الاسلمي رضي الله عنه انه سئلت اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مكتوبة قال كان يصلي قال كان ويصلي الهجرة الهجير قال كان يصلي الهجير التي تدعونها الاولى حين تدحض الشمس وفي رواية اذا زالت الشمس فيصلي العشر ثم يرجع احدنا الى رحله في اقصى المدينة والشمس حية وله من حديث انس كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلين العصر والشمس مرتفعة حية. فيذهب الذاهب الى فيأتيهم والشمس المرتفعة. وفي بعض من المدينة على اربعة اميال او نحوه وفي رواية كنا نصلي العصر ثم يذهب الذائب منا الى قبا اذ يأتيهم والشمس مرتفعة ونسيت ما قال في المغرب لكن روى مسلم من حديث سلمة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب اذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب. من حديث رابع بخديجه فكنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف احدنا وانه ليبصر مواقع نبله وكان يستحب ان يؤخر من العشاء التي تدعون تدعونها اللاتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفجر من صلاة الغداة حين يعرف حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بستين الى المئة وله ما من حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء احيانا واحيانا اذا رآه المجتمع مؤجل واذا رآه قطعوا اخروا الصبح كانوا او كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس. وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت كن نساء المؤمنات يشن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متنفهات بمروطهن ثم ينقلبن الى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن احد من الغرس وفي صحيح مسلم عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال متتنا ذات ليلة تنتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الى اخرته فخرج الينا حين ذهب ثلث الليل او بعده فذكر الحديث وفيه ولولا ان يثقل يا امتي لصليت بهم هذه الساعة ولولا ان يثقل على امتي لصليت بهم هذه الساعة ثم امر المؤذن فاقام الصلاة وصلى. وفي صحيح البخاري عن ابي ذر الغثاري رضي الله عنه وقال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فاراد المؤذن ان يؤذن قومه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ابهر رجله ثم اراد ان يوجه له النبي صلى الله عليه وسلم ان يريده حتى رأينا في التلول. وفي رواية حتى ساوى الظل التلول. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان شدة ان شدة الحر من بيح جهنم فاذا اشتد الحر فابردوه بالصلاة. ففي هذه الاحاديث دليل على ان السنة للصلاة في اول وقتها صلاتين. في اول وقتها سوى صلاتين. الاولى صلاة الظهر في شدة الحر فتؤخر حتى يبغض الوقت وتمتد الافياء الثانية صلاة العشاء الاخرة فتؤخر الى ما بعد ثلث الليل الى الا ان يحصل في ذلك مشقة المومنين اذا رأى موجز ما يعجل واذا رآهم ابطأ واخر. عقد المصنف رحمه الله تعالى فصلا قرأ جعله في وجوب فعل الصلاة في وقتها. وبين فيه حكم تقديمها في اوله او تأخيرها عنه فذكر انه يجب فعل الصلاة جميعها في وقتها المحدد لها. لان الله عز وجل وقف لها اوقاتا وقال ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. اي معينا مفروضا مبينا ذا وقت لا يتقدم عنه ولا يتأخر عنه. وكما قال تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى تمام الاية والامر للوجوب بان تكون الاقامة هي في هذه الاوقات. ثم اورد حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عند احمد باسناد جيد كما قال المنذري وهو كذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة. ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة. وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي ابن خلف. والمحافظة على الصلاة منها المحافظة على وقتها ولا تنحصروا المحافظة عليها في المحافظة على وقتها. بل يندرج في قوله صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها كل ما يدخل فيما امر به مما يتعلق باحكامها. ومن جملة ذلك الوقت فمن حافظ عليها اثيب على ذلك الثواب الحسن ومن لم يحافظ عليها اثيب على ذلك الثواب السيء فاما من حافظ عليها فانها تكون له نورا وبرهانا ونجاة. والبرهان هو بعض النور وهو اخص منه فان البرهان اسم للنور الذي يلي قرص الشمس فالنور الذي قرص الشمس يسمى عند العرب برهانا. فهو ليس نورا مطلقا. بل نور مخصوص فيكون هذا من عطف الخاص على العام. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم الصلاة نور والصدقة برهان. فالصدقة نور اقل من درجة النوري التام وفائدة ذكر الخاص بعد العام ان اشد النور هو البرهان الذي يكون محيطا بالشمس فان اصل النور الموجود في الدنيا هو نور الشمس. واذا قرب منها فهو اشد ذلك النور. والنجاة يوم القيامة هي الزحزحة عن النار وادخال العبد الجنة فتلك هي النجاة كما ثبتت بذلك الدلائل من القرآن والسنة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة. وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي ابن خلف وكينونته مع هؤلاء دليل على دخوله النار لان هؤلاء من اهل النار كما الادلة من القرآن والسنة. ثم ذكر المصنف من احكام الباب انه لا يجوز للمسلم ان يقدم الصلاة كلها او بعضها قبل دخول وقتها. لان ذلك من تعدي حدود حدود الله تعالى والاستهزاء باياته والله سبحانه وتعالى يقول تلك حدود الله فلا تعتدوها. اي فلا تتجاوزوا ما وقت لكم من الحدود الذي التي تنتهون اليها فمن يقدم الصلاة كله او بعضها قبل دخول الوقت فقد خالف المأمور به فان فعل ذلك معذورا بجهل او نسيان او غفلة فلا اثم عليه وله اجر ما عمل. ويكون ما اداه وتجب عليه الصلاة اذا دخل وقتها لان دخول الوقت هو وقت الامر بها. فلو ان انسانا انشأ يصلي الظهر قبل وقتها فلما فرغ منها اذن المؤذن فان ذمته لا تبرأ الا بانشاء صلاة جديدة بعد دخول الوقت. وتكون تلك الصلاة التي قدمها من النوافل ولو كان معذورا بجهل او نسيان لان الصلاة لا تصح الا مع شروطها ومن شروطها دخول الوقت فاذا دخل الوقت فقد دخل وقت الامر بها فالامتثال ان يصليها فيه. واذا اتى بها قبله لم تقبل منه ولم تبرأ به ذمته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. اي مردود عليه. فمن صلاها قبل وقتها ردت عليه. ثم ذكر من مسائل الفصل انه لا يجوز للمسلم ان يؤخر الصلاة عن وقتها لان ذلك من تعدي حدود الله عز وجل والاستهزاء باياته. فان فعل ذلك بدون عذر فهو اثم وصلاته مردودة غير مقبولة ولا مبرأة لذمته. لان للصلاة وقتا موقوتا وحدا محدودا يجب عليه ان يؤديها فيه. فاذا اخرجها منه فقد اخرجها من وقتها الذي جعل لها. ويجب عليه ان يتوب الى الله ان يصلح عمله فيما يستقبل من حياته. ثم ذكر من مسائل الفصل انه ان اخر الصلاة عن وقتها بعذر من نوم او نسيان او شغل ظن انه يبيح لها تأخيرها عن وقتها فانه يصليها متى زال العذر وفي صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصلها اذا ذكرها لا كفارة لها الا ذلك. وفي رواية من نسي صلاة او نام عنها فليصلها اذا ذكرها فاذا كان الانسان مؤخرا للصلاة لعذر فانه يبادر الى ادائها اذا زال ذلك العذر وقوله صلى الله عليه وسلم لا كفارة لها الا ذلك اعلام بانها لا تكفر بغير المبادرة الى الامتثال وادائها بعد ان ذهب وقتها. ثم ذكر من مسائل الفصل انه اذا تعددت الصلوات التي فاتته بعذر فانه مرتبة من حين زوال عذره ولا يؤخرها الى نظيرها من الايام التالية. فلو قدر ان انسانا نام قبل صلاة الظهر ولم يفق الا عند وقت صلاة المغرب فانه يقضي الفائتة من صلاة الظهر والعصر مرتبة فيصلي الظهر اولا ثم يصلي العصر ثانيا كما ثبت ذلك من هديه صلى الله الله عليه وسلم في حديث جابر وابي سعيد الذي الذين ذكرهما المصنف رحمه الله تعالى ثم ذكر ان هذا الحديث دليل على ان الفائتة تصلى كما تصلى في الوقت. اي باعتبار احكامها ومما يتفرع او على ذلك عن ذلك انه اذا صلى في النهار فائتة من صلاة الليل فانه يجهر فيها بالقراءة لان صلاة الليل يجهر فيها اذا صلى في الليل فائتة من نهار اصر فيها لان صلاة النهار يسر فيها ولا يجهر ثم ذكر من مسائل الباب انه اذا صلى الفوائت غير مرتبة لعذر فلا حرج عليه. فاذا جهل ان عليه صلاة فصلى ما بعدها. ثم علم بالفائتة صلاها ولم يعد التي قبلها. فلو قدر انه قد فاتته الظهر ثم واستيقظ فصلى العصر ونسي انه كانت عليه صلاة الظهر فانه اذا فرغ من صلاة العصر يصلي الظهر لا يلزمه ان يعيد العصر بعدها لانه معذور في ذلك ثم ذكره ذكر انه اذا هي الصلاة الفائتة فصلى ما بعدها ثم ذكر الفائتة صلاها ولم يعد التي بعدها لقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ثم ذكر من مسائل الباب انه اذا كانت عليه فائتة فذكرها او علم بها عند خروج وقت الحاضرة الحاضرة اولا ثم صلى الفائتة لئلا يخرج وقت الحاضرة قبل ان يصليها فتكون الصلاتان كلتاهما فائدتين فلو قدر انه ذكر في اخر وقت المغرب وهو لم يصلي المغرب انه لم يصلي العصر واذا صلى العصر فيما تبقى من وقت المغرب فان وقت المغرب يخرج. فيكون حينئذ قد صلى كل في غير وقتها. فاذا كان كذلك فانه يؤمر بان يصلي وقت الحاضرة اولا. ثم يصلي بعد ذلك الصلاة الفائتة لئلا تكون كلتا الصلاتين قد وقعت منه قضاء بل تكون احداهما وقعت اداء وهي المغرب وتكون الاخرى قد وقعت قضاء وهي العصر. وقد وقع في بعض الروايات في الصحيح في صحيح مسلم ان من فاتته صلاة فانه يصليها. ومثلها في قيامنا الغد وهذه اللفظة لفظة من كرة لان النبي صلى الله عليه وسلم حفظ عنه انه قال لا كفارة لها الا ذلك ولما وقع منه صلى الله عليه وسلم النوم عن صلاة الفجر فانه لم يؤخر قضاءها الى وقت بمثلها ويصليها ويصلي معها مثلها من غد بل بادر الى ذلك. ثم ذكر رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم في توقيت اوقات الصلوات بعد ان بين ان الافظل تقديم الصلاة في اول وقتها. وعلل ذلك بان هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو واسبقوا الى الخير واسرعوا في ابراء الذمة. وكذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن افضل الاعمال فذكر ان افضل الاعمال الصلاة لوقتها اي المبادرة فيها في وقتها وصدق المبادرة يكون بايقاعها في اول وقتها. وذكر رحمه الله تعالى احاديث اذا في ذلك مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين او احدهما. ثم انتهى رحمه الله الى ما يستنبط من ذلك وهو ان هذه الاحاديث دليل على ان السنة هي المبادرة بالصلاة في اول وقتها سوى صلاة الاولى صلاة الظهر في شدة الحر فتؤخر. حتى يبرد الوقت وتمتد الافياء الافياء جمع فيد وهو اسم للظل الذي يكون بعد الزوال. اما الظل الذي يكون بعد قبل الزوال فلا يسمى فيئا فبلغ من تأخير النبي صلى الله عليه وسلم انه اخرها في شدة الحر الى ان امتدت ياء وظهر ظلها. فاذا اشتد الحرف السنة ان تؤخر صلاة الظهر. ولا يختص ذلك بمن يصلي جماعة كما قاله بعض الفقهاء بل يكون كذلك سنة ولو لامرئ يصلي وحده والصلاة التالية صلاة العشاء الاخرة فتؤخر الى ما بعد ثلث الليل فتأخير الى بعد ثلث الليل الاول افضل من تعجيلها الا ان تكون في ذلك مشقة على الناس يراعي حالها المأمومين. لان الامام يلاحظ في الصلاة جماعة مسجده. نعم ما شاء الله عليك الفصل الثالث فيما يدرك به الوقت وما يترتب على ذلك يدرك الوقت بادراك ركعة بما ان الانسان اذا ادرك من وقت الصلاة مقدار ركعة فقد ادرك تلك الصلاة. لحديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم وقال من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة. متفق عليه. وفي رواية من ادرك من ادرك من الصبح ركعة قبل ان تطلع الشمس قد ادرك الصبح ومن ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر. وفي رواية للبخاري اذا ادرك احدكم سجدة من طلعت العصر قبل ان تغرب الشمس فليتم صلاته واذا ادرك سجدة من صلاة الصبح قبل ان تطلع الشمس فليتم صلاته. فدلت هذه الروايات بمنضوقها لان من ادرك ركعة من الوقت بسجدتيها فقد ادرك الوقت ودلت بمفهومها على ان من ادرك اقل من ركعة لم يكن مدركا الوقت ويترتب على هذا الادراك امران احدهما انه اذا ادرك من الصلاة ركعة في الوقت صارت الصلاة كلها اداء ولكن لا يعني ذلك ان يجوز له ان يؤخر بعد الصلاة عن الوقت لانه يجب فعل الصلاة جميعها في الوقت وفي صحيح مسلم عن انس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق يجلس يجلس يرقب الشمس حتى اذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها اربعا لا يذكر الله فيها الا قليلات. الامر الثاني انه اذا ادرك من وقت الصلاة مقدار ركعة وجبت عليه سواء كان ذلك في اول الوقت اما ام من اخره. لذلك وذلك من اوله ان تحيض امرأة بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فاكثر ولم تصلي المغرب فقد وردت عليها صلاة المغرب حينئذ فيجب عليها اذا طهرت ومثال ذلك من اخره ان تظهر المرأة ان تظهر امرأة من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فاكثر عليها صلاة الفجر ومثل ذلك اذا طهرت قبل الظهر قبل غروب الشمس بمقدار ركعة فتجب عليها صلاة العصر فان حاضت بعد غروب الشمس باقل من ركعتين او طهرت قبيل طلوع الشمس باقل من ركعة لم تجب عليها صلاة المغرب في المسألة الاولى ولا صلاة الفجر في المسألة الثانية لان ادراك فيهما اقل من مقدار ركعة. عقد المصنف رحمه الله تعالى فصلا ثالثا من فصول في مواقيت الصلاة وذلك فيما يدرك به الوقت وما يترتب على ذلك. فبين رحمه الله على ان الوقت يدرك بادراك ركعة وهذا هو مذهب الجمهور. وذهب بعض الفقهاء كابي حنيفة وغيره الى ان الوقت يدرك بادراك قدر تكبيرة الاحرام. فاذا ادرك تكبيرة الاحرام فيه يكون قد ادرك الصلاة. والصحيح ان الوقت يدرك بادراك ركعة. كما نطقت به الاحاديث الصحيحة المذكورة كما في قوله صلى الله عليه وسلم من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة. وقوله من ادرك من الصبح ركعة قبل ان تطلع الشمس فقد ادرك الصبح الحديث. وفي رواية للبخاري اذا ادرك احدكم سجدة من صلاة العصر قبل ان تغرب شمس فليتم صلاته والمراد بالسجدة هنا هي الركعة لان السجدة لا تكون الا بعد ركوع وعلم فاذا ادرك ركعة بركوع في الوقت فقد ادركه. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى انه يترتب على هذا الادراك امران احدهما انه اذا ادرك من الصلاة ركعة في الوقت صارت الصلاة كلها اداء وليس بعضها اداء وبعضها قضاء بل كلها اداء ولكنها هذا لا يعني كما نبه الى انه يجوز للعبد ان يؤخر بعض الصلاة عن الوقت. لانه يجب فعل الصلاة جميعها في الوقت واذا كان ديدانه تأخيرها فهذا حاله حال المنافقين كما في حديث انس في مسلم يجلس يرقب الشمس حتى اذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها اربعا. والامر الثاني انه اذا ادرك من وقت الصلاة ركعة وجبت عليه سواء كان ذلك من اول الوقت ام من اخره. فلو ان امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة. فاكثر ولم تصلي المغرب فقد وجبت عليها صلاة المغرب حينئذ فاذا قدر انه دخل وقت المغرب بغروب الشمس بمقدار ما يصلى فيه ركعتين ثم حاضت المرأة فحينئذ يجب عليها قضاؤها اذا طهرت لانها ادركت من الصلاة قدرا يثبت به حكمها. ومثال ذلك من اخره اذا ظهرت امرأة من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فاكثر فتجب عليها صلاة الفجر. فاذا طهرت فانه يجب ان تغتسل ثم تصلي ومثل ذلك اذا طهرت قبل غروب الشمس بمقدار ركعة فتجب عليها العصر فتغتسل ثم تصلي الصلاة. وقد لا يمكنها ان تصلي الصلاة في وقتها تكون قضاء لها لكن المراد انها واجبة في حقها. فان وقت الركعة قد لا يتسع اغتسال ومبادرة الصلاة بل اذا اغتسلت خرج وقته هذه الصلاة لكن يجب عليها قضاؤها. ثم قال فان حاضت بعد غروب الشمس في اقل من مقدار ركعة او طهرت قبيل طلوع الشمس في اقل من ركعة لم تجب عليها صلاة المغرب في المسألة الاولى ولا صلاة الفجر في المسألة الثانية لان الادراك فيهما اقل من مقدار ركعة. فاذا كان الوقت الذي تعلق به الحكم بدءا او ختما لا يقع فيه ادراك ركعة وانما قد يمكن فيه ادراك تكبيرة من تكبيرة الاحرام من الصلاة فلو ان امرأة قدر ان الشمس غابت ثم بعد مضيء وقت بقدر تكبيرة الاحرام حاضت المرأة حينئذ لا يجب عليها قضاء هذه الصلاة اذا طهرت لانها لم تدرك من الوقت ما يتسع ادراك ركعة وهكذا في في مقابله من اخر الوقت كما سلف نعم. احسن الله اليك. الفصل الرابع في حكم الجمع الفصل الرابع في حكم الجمع بين الصلاتين في وقت احداهما سبق في الفصل الثاني بيان وجوب فعل كل صلاة في وقتها المحدد وهذا هو الاصل لكن اذا وجدت حالات تستدعي الجمع بين الصلاتين ابيح الجمع بل كان مطلوبا ومحبوبا الى الله تعالى لموافقته قاعدة الدين الاسلامي التي اشار الله تعالى اليها بقوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله هو وما جعل عليكم في الدين من حرج. وفي صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه فسددوا وطالبوا وابشروا. وفي الصحيحين عن ابي موسى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حين الى اليمن يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا تطاوعا ولا تختلفا. وفي رواية مسلم عن ابي موسى رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم اذا بعث احدا من اصحابه في بعظ امره قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وفيهم عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وفي رواية سكنوا ولا تنفروا. اذا تبين هذا فقد وردت السنة الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر او المغرب والعشاء في وقت احداهما في عدة مواضع الاول في السمع سائرا ونازلا البخاري عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر وفي صحيح مسلم عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اراد ان يجمع بين الصلاتين في السفر اخر الظهر حتى يدخل اول وقت العصر ثم يجمع بينهما وفيه ايضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في سفرة سافرها في غزوة تبوك. فجمع بين الظهر والعصر والمغرب وبين المغرب والعشاء. وفيه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا وفي صحيح البخاري من حديث ابي جحيفة رضي الله عنه حين اتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الابطح بمكة بالهاجرة اي وقت الظهر قال فخرج بلال بالصلاة ثم دخل فاخرج فضل وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع الناس عليه يأخذون منه ثم دخل فاخرج فاخرج خرج النبي صلى الله عليه وسلم اي من قبة كان فيها من من ادوم. كاني انظر الى ربيص ساقيه فركز ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين. ظاهر هذه الاحاديث انه كان يجمع بين الصلاتين وهو نازل فاما ان يكون ذلك ببيان الجواز او ان ثمة حاجة الى الجمع وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في حجته حين كان نازلا بمنى وعلى هذا فنقول الافضل للمساند النازل الا يجمع وان دفع فلا بأس الا ان يكون في حاجة الى الجمع اما لشدة ليستريح او لبشقة طلب الماء عليه لكل وقت ونحو ذلك فان الافظل له الجمع واتباع الرخصة. واما المسافر السائر فالافضل او الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء حسب الايسر وحسب الايسر له. اما جمع تقديم يقدم الثانية في وقته الاولى. واما جمع تأخير يؤخر الاولى الى وقت الثانية. وفي صحيح عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ارتحل قبل ان تزيغ الشمس اي تزول اقربه الى وقت ثم نزل فجمع بينهما فان زاغت الشمس قبل ان يرتحل صلى الظهر ثم ركب وذكر وذكر في فتح الباري ان اسحاق وراء هاويه روى هذا الحديث عن شو قاعدة؟ شبابه. عن شبابك فقال كان اذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعها ثم ارتحل قال بتفرد اسحاق ابن اسحاق به عن شبابه ثم تفرد جعفر الابي به عن اسحاق قال وليس ذلك بغادح فانهما امامان حافظان. المؤمن الثاني عند الحاجة الى الجمع بحيث يكون في تركه حرج ومشقة. سواء كان ذلك في الحضر ام السفر فيما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في خير خوف ولا مطر فقيل على ذلك؟ فقالت الا يحرج امته. رضي الله عنه قال جمع رسول الله ان يخرج امته كي لا يحرج امته وهو عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو تبوك بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فقيل ما حمله على ذلك قال اراد الا يخرج امته في هذين الحديثين على انه كلما دعت الحاجة الى الجمع بين الصلاتين وكان في تركه حرج ومشقة فهو جائز سواء كان ذلك ذي حضن او سفر. قال شيخ الاسلام ابن تيمية ابن تيمية رحمه الله في الاحاديث كلها تدل على انه جمع الوقت الواحد لرفعه عن امته فيباح الجمع اذا كان لتركه حرج قد رفعه الله عن الامة وذلك يدل على جمع المرض الذي الذي يخرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الاونة والاحرى ويجمع من لا يمكنه اكمال الطهارة في الوقتين الا بحرج كالمستهاوة وامثال ذلك من الصور انتهى. ولقد الانصاف عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله جواز الجمع لتحصيل الجماعة اذا كانت لا تحصل له يصلى في الوقت قلت ذلك ظاهر من حديث ابن عباس من حيث دل على جواز الجمع للوطن وما ذاك الا لتقصير الجماعة لانه يمكن لكل واحد ان يصلي في الوقت منفردا ويسلم مشقة المطر بدون ويسلم من مشقة المطر بدون جمع. الموضع الثالث الجمع في عرفة ومزدلفة ايام الحج في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال فاجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذى عرفة فوجد قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى اذا زارت الشمس امر بالقصواء فرحلت له فاتى بطن الوعد فخطب الناس وقال ثم ورحلت قال ثم اذن ثم اقام وصلى الظهر ثم اقام فصلى العصر ولم يصلي بينهما شيئا. وفي الصحيحين من حديث اسامة بن زيد وكان رديث النبي صلى الله عليه وسلم من عرف الى مزدلفة قال فنزل فنزل ثم توظأ ولم يشعر الوضوء فقلت له الصلاة قال الصلاة امامك فرأت مثلا ما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فاسبغ الوضوء ثم اقيمت صلى المغرب ثم اناخ كل انس كل انسان بعيره في منزله ثم اقيمت العشاء فصلاها ولم يصلي بنا فانهما شيئا. وفي حديث جابر الذي رواه مسلم انه صلى الله عليه وسلم في مزدلفة انه صلى في مزدلفة المغرب والعشاء باذان واحد واقامتين وفي هذين الحديثين ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع في عرفة بين الظهر والعصر جمع تقديم وجماعة المزدلفة بين المغرب والعشاء جمعة تأخير وانما لان العلماء اختلفوا في علة الجمع بهما فقيل السفر وفيه نظر لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في منى قبلها رفقة ولا حين رجع منها وقيل وفيه نظر وفيه نظر ايضا اذ لو كان كذلك دعى النبي صلى الله عليه وسلم من حين احرم وقيل المصلحة والحاجة وهو الاقرب فدما في عرفة ولان الناس ولان الناس يتفرقون بالموقف للصلاة شق عليهم وان صلوا متفرقين باتت مصلحة الجمع. اما في مزدلفة فهم احوج الى الجمع لان الناس يدفعون منها ابعد غروب فلو حبسوه. فلو حبسوا لصلاة المغرب فيها لصلوا وصلوها من غير خشوع ولو ولو اوقفوا لصلاة هذا الطريق لكان ذلك اشق فكانت الحالة داعية الى تأخير المغرب مع العشاء هناك هذا عين الصواب والمصلحة لجمعه بين المحافظة على الخشوع في الصلاة ومراعاة احوال العبادة فسبحان الحكيم ونسأله تعالى ان يهمانا من لدنه رحمة وحكمة انه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات. وصلى الله على نبينا محمد خير المخلوقات وعلى اله واصحابه والتابعين لهم باحسان مدى الاوقات. تم بقلم الفقير الى الله تعالى محمد الصالح العثيمين في عشر من الشهر الثالث لعام الف واربعمئة. ختم المصنف رحمه الله تعالى فصول كتابه بالفصل رابع في حكم الجمع بين الصلاتين في وقت احداهما. والمراد بالصلاتين الصلاتان ذات الوقت المشترك فليس الجمع بين مطلق اي صلاتين بل لابد من اشتراط ان يكون لهما وقت مشترك يجتمعان فيه. فالظهر والعصر لهما وقت مشترك. والمغرب والعشاء لهما وقت مشترك فانما يجوز الجمع بين الصلاتين في وقتهما المشترك ولا يجوز ان يجمع بين غيرهما فلا يجوز المصلي ان يجمع بين العصر والمغرب لان هاتين الصلاتين ليس لهما وقت مشترك ولا ان يجمع بين العشاء والفجر لانه ليس لهما وقت مشترك وانما الجمع يختص بالصلاتين المتصفتين بالاشتراك في وقتهما وهما الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء ويعلم بهذا القيد انه لا يجمع بين اكثر من صلاتين فلا يجوز في الشرع البتة ان يجمع بين ثلاث صلوات كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب بل يختص الجمع انتهاؤه بصلاتين دون زيادة. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الاصل مبني على يسر الدين. وهو اصل تواطأت الاحاديث الايات والاحاديث على تقريره فالدين يسر ومن يسره الجمع بين الصلاتين في وقتهما المشترك وهما الظهر والعصر المغرب والعشاء ووقع ذلك في الشرع في ثلاثة مواضع كما ذكر المصنف رحمه الله الاول في السفر سائرا ونازلا. فقد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم احاديث عدة في جمعه بين الصلاتين في سفره سواء في سيره صلى الله عليه وسلم او في نزوله في اثناء سيره صلى الله عليه وسلم دلت الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ان المسافر في حال النزول يكون الجمع له رخصة جائزة لان النبي صلى الله عليه وسلم انما فعل هذا في بعض المواضع كما فعله في تبوك. ولم يفعله صلى الله عليه وسلم في مواضع اخرى فهذا ان دعت الحاجة اليه فلا بأس به. واما في حال السير فالافضل له الجمع بين الصلاتين حسب الايسر له. اما جمع تقديم واما جمع تأخير. فاذا كان الايسر له ان يجمع تقديما بان يكون في اول سفره عند خروجه ومفارقته البنيان فهذا له وان كان الارفق به جمع التأخير اخر الصلاتين فجمعهما في اخر الوقت ثم الموضع الثاني وهو عند وجود الحاجة الى الجمع بحيث يكون في تركه حرج ومشقة. سواء وكان ذلك في الحضر ام في السفر؟ لحديث عبدالله ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر فقيل له لما فعل ذلك؟ قال كي لا يحرج امته. ففعله النبي صلى الله عليه وسلم توسعة على الناس ولم يكن له داع من الدواعي التي تستدعيه شرعا كخوف او سفر او مطر وانما اراد ان يوسع على امته فاذا دعت الحاجة الى الجمع بين الصلاتين وكان في تركه حرج ومشقة فهو جائز سواء كان ذلك في حظر او سفر. كما ذهب الى ذلك عبد الله ابن عباس جماعة من التابعين كابن سيرين ونصره ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى كأن يكون الانسان ممن يشق عليه امر الطهارة فلا يتطهر للصلاتين الا بحرج كالمستحاضة او العاجز الكبير الذي يحب ان يصلي عن طهارة مائية لا عن تيمم فهذا مما يرد في مثله القول بالجواز توسعة له لان لا يكون في منعه تشديد او تضييق له. وكذلك ذهب ابو العباس ابن تيمية الى جواز الجمع لتحصيل الجماعة اذا كانت لا له لو صلى في الوقت فلو ان انسانا قدر انه يصلي الظهر ويجد جماعة ثم لا يجد جماعة في صلاة العصر فانه يجوز له ان يجمع لاجل الجماعة. وهذا مبني على اصل عند شيخ الاسلام في الجماعة وهو انه يرى ان الجماعة شرط لصحة الصلاة. كما هو مذهب ابن حزم رحمهم الله تعالى ولاجل ذلك وسع شيخ الاسلام في ذلك وجعل هذا من جنس رفع الحرج عن الامة وكما قال الشيخ دليل ذلك ظاهر من حديث ابن عباس ولكن في مثل هذا الموضع يذكر قول سفيان الثوري رحمه الله تعالى انما الرخصة من فقيه واما التشديد فيحسنه كل احد. فليس هذا محلا للاهواء وبدائع الاراء. وان كما يرجع فيه الى الفقيه المتمكن الذي يقدر محل النسخة محل الرخصة وصلاحيتها لايقاعها اعلى ذلك الموضع في الجمع بين الصلاتين. لان يكون بابا للتشهي. والركوع الى مخالفة امر الشريعة في توقيت الصلاة باوقاتها. ومثل هذا الحرج المرفوع انما يكون مع التقييد بزمن او مكان مقيد دون اضطراد. اما طرده بان يفتى برفع الحرج بان يجمع دائما بين المغرب والعشاء او نحو ذلك هذا يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فان الرخصة من النبي صلى الله عليه وسلم جاءت مقيدة بحال ولم تجعل اصلا مطردا فلا ينبغي الخروج عن هذا القدر الذي انتهت اليه هذه الرخصة. ثم ذكر الموضع الثالث مما يجوز فيه الجمع بين الصلاتين وهو الجمع في عرفة ومزدلفة ايام الحج فان النبي صلى الله عليه وسلم جمع في عرفة بين الظهر والعصر وجمع في مزدلفة بين المغرب والعشاء هذا يدل على ان هذين المحلين مما يجمع فيه ايضا واختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في علة الجمع فقيل السفر وقيل النسك و وقيل المصلحة والحاجة الداعية الى ذلك. ورجح المصنف رحمه الله تعالى ان الاقرب هو المصلحة. والمصلحة في عرفة هو توسيع الوقت للوقوف والدعاء. والمصلحة في المزدلفة الرفق في الناس فانهم لو حبسوا لصلاة المغرب فيها لصلوها من غير خشوع ولو اوقفوا لصلاتها في الطريق وعليهم ذلك فوسع عليهم ان تجمع مع العشاء والى انتهى التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق واذكر بانه تكون بعد صلاة بعد العشاء الليلة مسابقة المسموع والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين