السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما اما بعد فهذا الدرس الاول من برنامج الدرس الواحد الحادي عشر في قسمه الثاني والكتاب المقروء فيه ومباهي باصول الدين للعلامة محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد بن صالح ابن محمد التميمي الحنبلي يكنى ابا عبد الله ويعرف بابن عثيمين نسبة الى جد من اجداده والمنسوب الى جد له اعلى يذكر عند العرب باحد شيئين اولهما الحاق ياء النسب باسم جده الحاق ياء النسب باسم جده فيقال العثيميني فيقال العثيميني والاخر سبقه بكلمة ابن سبقه بكلمة ابن فيقال ابن عثيمين فيقال ابن عثيمين اما تجريده من ياء النسب مع زيادة الالف واللام فيه بقول العثيمين فليست وفق شيء من اصول كلام العرب فليست وفق شيء من اصول كلام العرب والمقصد الثاني تاريخ مولده ولد في السابع والعشرين من رمضان سنة سبع واربعين بعد الثلاث مئة والالف سنة سبع واربعين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في الخامس عشر من شهر شوال سنة احدى وعشرين بعد الاربع مئة والالف وله من العمر اربع وسبعون سنة رحمه الله رحمة واحدة. رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه طبع هذا الكتاب باسم مباحث في اصول الدين بعد وفاة مصنفه وكأنه مأخوذ من قوله في دباجة كتابه فهذه رسالة تتضمن مباحث في اصول الدين فهذه رسالة تتضمن مباحث في اصول الدين انتهى كلامه وفي مقدمة كتابه ما يشعر بخدم تصنيفه الا انه لم ينشر النشر العام الا بعد وفاته المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب هو مباحث في اصول الدين والمراد باصول الدين قواعده العظام ومقاصده الفخام التي تكاثرت الادلة الشرعية على بيانها التي تكاثرت الادلة الشرعية على بيانها واستفاض خبر الشريعة في اعظامها. واستفاض خبر الشريعة في اعظامها وجماع ما رامه في هذا الكتاب وجماع ما رامه في هذا الكتاب هو بيان كمال دين الاسلام وحاجة الخلق اليه هو بيان كمال دين الاسلام وحاجة الخلق اليه وقصور غيره من الاديان عنه وقصور غيره من الاديان عنه المقصد الثالث توضيح منهجه عمد المصنف رحمه الله تعالى الى المقاصد الكبرى فجعلها تراجم دون سبقها بما يشير الى ذلك دون سبقها بما يشير الى ذلك فلم يجعله مقسوما بكتب او بابواب او بفصول فلم يجعله مقسوما بكتب او بابواب او فصول بل جعل كل مقصد رأس موضوع ثم افاض الكلام عليه بعده. ثم افاض الكلام عليه بعده وترجع مقاصده الى ثلاثة احدها الدين الاسلامي ضرورة اجتماعية لرقي الحياة الانسانية وثانيها قصور الاديان والمذاهب الاخرى عن اصلاح البشر قصور الاديان والمذاهب الاخرى عن اصلاح البشر وتحقيق سعادتهم وثالثها تكامل الاسلام ووحدة مبادئه تكامل الاسلام ووحدة مبادئه في اصلاح شعب الحياة الانسانية في اصلاح شعب الحياة الانسانية ونثر رحمه الله ونثر رحمه الله تحت كل مقصد ما يبينه من دلائل القرآن والسنة ونثر رحمه الله تحت كل مقصد ما يبينه من دلائل الكتاب والسنة ببيان وجيز واضح ببيان وجيز واضح مع اختصار العبارة مع اختصار العبارة نعم احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه مباحث في اصول الدين بسم الله الرحمن الرحيم. مقدمة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله ومن تبعهم باحسان وسل وسلم تسليما. اما بعد فهذه رسالة تتضمن مباحث في اصول الدين حسب المنهج الذي قرره الذي قرر للسنة الثانية المتوسطة في المعاهد العلمية ودار التوحيد والجامعة الاسلامية وغيرها ارجو الله سبحانه وان ينفع به وان يجعل العمل خالصا لوجهه انه جواد كريم. المنهج يتضمن المنهج الجديد الموضوعات التالية الدين الاسلامي ضرورة اجتماعية لرقي الحياة الانسانية قصور الاديان والمذاهب الاخرى عن اصلاح البشر وتحقيق سعادتهم تكامل الاسلام ووحدة مبادئه في اصلاح شعب الحياة الانسانية. في العقيدة وفي العبادة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي سياسة الدولة وفي اعتزاز المسلم بدينه محمد وصالح العثيمين استفتح المصنف رحمه الله تعالى كتابه بديباجة هي مقدمة واعرب عن كونها مقدمة لقوله بعد البسملة مقدمة والعادة الجارية الاستغناء باستقرار العمل على ان المقدم بين يدي الكتاب مقدمة عن صاحي عنه فان عرف المصنفين البداءة بما يشير الى اوائل كتبهم بمقدمة تعرف وضعا دون افصاح عن كونها مقدمة وهي في عرفهم مقدمة الكتاب. وسلف ان المقدمات عند اهل العلم نوعان احدهما مقدمة كتاب وهو ديباجته المجعولة بين يديه احدهما ديباجة كتاب وهو هي المقدمة المجعولة بين يديه والاخرى مقدمة علم مقدمة علم يرحمك الله. مقدمة علم وهي المقيدات المختصرة في بيان علم ما. المقيدات المختصرة في بيان علم ما وهي من اداب التصنيف وليست لازمة له فكم من مصنف اعرض عن استفتاح كتابه بمقدمة استغناء بوضوح مقصده من اسمه كالامام ابي عبدالله محمد ابن اسماعيل البخاري. فانه لم يزد في صدر كتابه عن قول بسم الله الرحمن الرحيم ثم شرع في بيان مرامي كتابه ومقاصده فيما عقده من ترجمة بعدها تتعلق ببدء الوحي ونزوله للرسول صلى الله عليه وسلم وبين المصنف رحمه الله في مقدمة كتابه ان هذه الرسالة تتضمن مباحث في اصول الدين على المعنى الذي تقدم ايضاحه من اصول الدين انها قواعد الاسلام العظام ومقاصده الفخام. مما يتعلق بالخبر او الطلب على حد سواء. فان تخصيص اصول الدين فان تخصيص اصول الدين بالاعتقاديات الخبريات اصطلاح حادث والموافق للشرع ان اصول الدين هي ما تظاهرت ادلته وتكاثرت حتى عد ذا مقام عظيم فيه سواء كان في باب الخبر من الاعتقاديات او كان في باب الطلب من الاحكام الفقهيات العمليات وهذه الرسالة موضوعة على الاصطلاح المتقدم عمومه مما يتعلق بالخبر والطلب على سواء وهي موضوعة وفقا. ما يستدعيه المنهج الجديد المقرر في بعض مراحل التعليم ومواقعه التي سماها المصنف رحمه الله تعالى. ثم ابان بعد عن المنهج المشتمل للموضوعات المقصودة في هذا الكتاب. فذكر ان مراميه ترجع الى معرفة الدين الاسلامي وانه ضرورة اجتماعية لرقي الحياة الانسانية مع بيان قصور الاديان والمذاهب الاخرى عن اصلاح البشر سعادتهم ملحقا بهما ايضاح تكامل الاسلام ووحدة مبادئه في اصلاح شعب الحياة الانسانية اي في ميادين الحياة الانسانية في ابواب منها هي ستة احدها باب العقيدة وثانيها باب العبادة وثالثها باب الاقتصاد ورابعها باب الاجتماع وخامسها سياسة الدولة وسادسها اعتزاز المسلم بدينه فهذه مقاصد الكتاب التي سيأتي بيانها فيما يستقبل ثم اتبعها المصنف باثبات اسمه اشارة الى انه واضع هذا التصنيف. والموافق للاثار ووضع اللغة ان يشار الى ذلك بفعل مبين عنه. بان يقال وكتبه محمد بن صالح العثيمين او ما قام مقامه. اما اثبات الاسم دون اشارة الى المقصود منه فانه ربما يخفى وجه ادراجه وان كان يستغنى عنه احيانا باضطراب العرف فيه. لان المقصود هو الاعلام بحدوث ذلك الفعل بواسطة هذا المثبت اسمه بان يقال ان اثبات هذا الاسم في اخر المقدمات اعلام بمصنف الكتاب لكن الاكمل موافق ثقل الاثار ووضع اللغة ان يشار اليه بفعل كأن يقول وكتبه فلان ابن فلان او وصنفه فلان ابن فلان ونحوه بهما والاول هو المشهور في الاخبار والاثار بان يقول وكتبه فلان ابن فلان وعامة عمل الاوائل جعل ذلك في اخر الكتاب لا في مقدمته فاذا فرغ من اثبات الكتاب الذي هو من تصنيفه او هو من نسخه دون تصنيفه. كتب في اخره ما الى معرفة مصنفه او ناسخه ان كان لغيره. وفي ترجمة عقبة ابن عامر رضي الله عنه من تهذيب التهذيب ان الحافظ ابن حجر رأى نسخة من المصحف بخطه في مصر اخرها وكتبه عقبة ابن عامر رضي الله عنه وارضاه. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الدين الاسلامي والضرورة الاجتماعية لرقي الحياة الانسانية المجتمع الانساني مختلف في باذكار ومقاصده متباين في بيئات واعمال الخواف ضرورة الى هاد يوجهه. ونظام يجمع حاكم يحميه كان الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام يتعلموا يتولون ذلك بوحي الله سبحانه يهدون الناس الى طريق الخير والرشاد ويجمعونهم على على شريعة الله ويحكمون بينهم بالحق. فتستقيم امور بحسب استجابتهم لهؤلاء الرسل وقرب عصر من الرسالات الالهية. وكان الرسالة قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ذات طابع خاص ملائم للامة التي بعث فيها الرسول حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الى قومه خاصة. قال الله تعالى انا ارسلنا نوحا الى قومه وقال تعالى والى عاد هدى قال يا قوم وهكذا تمضي الايات في قصص الانبياء الى اخر نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسوليات من بعد اسمه احمد. وقال النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة بقي الناس بعد رسالة عيسى عليه الصلاة والسلام وبين جاهلية منهمك في جاهليته. وصاحب كتاب اعتدى على كتاب بعد اعتدي على الكتاب بالتحريفات والمخالفات وليس للناس دين يجمع ولا نظام يسير عليه حكامهم. عقائد فاسدة له افكار حايرة وارادة منحرفة واعمال سيئة واحكام جائرة اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعف قاموا عليه الحد فكانوا في ضرورة ماسة الى دين يسمون به الى درجات الكماني في عقائدهم وافكارهم واراداتهم واعمالهم واحكامهم كانوا يترقبون ولا سيما على الكتاب الذين بشرت انبياؤهم بمحمد صلى الله عليه وسلم هذا الدين الذي ينير لهم الطريق ويبين لهم الحق في منهاج فكانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم تحمل هذا الدين المرتقب دين الاسلام الذي رضي الله لكافة البشرية وبه اتم عليهم النعمة وفتح لهم باب العلم والمعرفة والصلاح والاصلاح. فدين الاسلام اذا ضرورة اجتماعية لرقي الحياة الانسانية للادلة الاتية اولا قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتابة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فالتزكية والعلم والحكمة اساس للرقي والنهوض بالامم. فلا رقي بدون علم لا اخلاق بدون تزكية ولا نظام بدون حكمة. ثانيا واقعوا الدين الاسلامي ونظام ونظامه. حيث جاء بحماية الدين والعقل والنفس سوى المال والعرض ثم بتهذيب هذه الامور وتقويمها بما يكفل سعادة الدنيا والاخرة. ثالثا الاثار العظيمة لهذا الدين التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا حيث كانت الانسانية قبل الاسلام ابعد ما يكون عن التقدم والسمو في ديننا وخلقها وسلوكها وحكمها وسياستها وحين تمسكت بالاسلام عاد هذا التخلف تقدما. وهذا الاحطاط رقيا كما شهد كما شهد بذلك تاريخ صدر الاسلام هذا هو المقصد الاول من مقاصد الكتاب التي رام المصنف رحمه الله بيانها وهو ان الدين الاسلامي ضرورة اجتماعية لرقي الحياة الانسانية فحاجة الناس اليه متأكدة وهم اليه مضطرون فلا بلوغ للكمال الا بان يدين الناس بهذا الدين. وافتتح رحمه الله تعالى بيانه المقصد المذكور. بالتعريف بان الناس في في اصل وضعهم مختلفون في افكارهم ومقاصدهم متباينون في بيئاتهم واعمالهم فان الله عز وجل خلقهم على انحاء شتى وجعلهم طرائق قددا. قال الله تعالى نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا. وهم مقسومون في الظاهر باختلاف الوانهم وتباعد اوطانهم وهم مقسومون في الباطن بافتراق افكارهم ومراداتهم ومطالبهم. وهذا الافتراق احوجهم الى هاد يوجههم ونظام يجمعهم وحاكم يحميهم وكان القائمون بهذا وفق امر الله سبحانه وتعالى هم الرسل الذين كان يبعثهم الله عز وجل الا الى الخلق فيهدونهم الى طريق الخير والرشاد بما يصلح امورهم في الدنيا والاخرة واذا فقد الرسل من الارض تاه الناس في ضلالات وجهالات عمياء ولم تزل الرسل قائمة بهذا الشأن رسولا بعد رسول ونبيا بعد نبي وكان كل امة من الامم يبعث اليها رسول تختص تختص بعثته باولئك دون غيرهم كنوح وهود وصالح وغيرهم من انبياء الله تعالى. حتى قرار ورجع الامر الى جمع على نبي واحد هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فبعثه الله سبحانه وتعالى الى عامة بعد ان اظلمت الارض بالجهالات وعمتها الضلالات واضمحل فيها دين الحق ولم يبق فيها الا بقايا من اهل الكتاب اكثرهم على دين محرف فبعث الله اليهم محمدا صلى الله عليه وسلم لينقلهم من تلك هالات والضلالات الى ما فيه خيرهم العاجل والاجل. فجاءت رسالته صلى الله عليه وسلم فرجا للخلق كافة ونقلا لهم من ضحضاح ظلمة الغواية والجهالة والضلالة والهوى الى نور الاسلام وابانا المصنف رحمه الله تعالى الى جوامع الادلة المبينة ان الاسلام ضرورة اجتماعية قي الحياة الانسانية وانها لم تبلغ الكمال الا بجعل هذا الدين دينا لها. فذكر رحمه الله تعالى ثلاثة ادلة احدها قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم ثم قصد ثم ذكر مقاصد بعثته فقال يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبلي وان كانوا من قبل لفي الضلال مبين فمقاصد بعثته المذكورة المذكورة في هذه الاية ثلاثة احدها انه عليهم ايات الله ان يبلغهم وحي الله سبحانه وتعالى. وتانيها تزكية نفوسهم بتطهيرها من كل شر. تزكية نفوسهم بتطهيرها من كل شر. وثالثها تعليمهم الكتاب والحكمة تعليمهم الكتاب والحكمة والمراد بالكتاب الكتاب الشرعي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. وهو القرآن والتعليم فيه قدر زائد عن تلاوة الايات. فان تلاوة الايات اسماعها وتعليم الكتاب هو التعريف باحكامه علما وعملا هو التعريف باحكامه علما وعملا واما الحكمة فانها تجيء في القرآن على معنيين. واما الحكمة فانها تجيء في القرآن على معنيين. احدهما عام وهو اصابة الحق والعمل به احدهما معنى عام وهو اصابة الحق والعمل به والاخر معنى خاص وهو السنة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم السنة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وبثها هذه الامور الثلاثة في الناس يبلغهم الكمال الذي يرومونه وبه ترتقي حياتهم فبتلاوة الكتاب عليهم وتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة يحصل لهم من النور والهدى ما يدفع عنهم الظلمة والضلالة. ثم ذكر الدليل الثاني وهو دليل عام فقال واقع الدين الاسلامي ونظامه واقع الدين الاسلامي ونظامه اي ما تضمنه هذا الدين من الاحكام وما انتظم فيه من المقاصد التي ذكرها بقوله حيث جاء بحماية الدين والعقل والنفس والمال والعرظ. وهذه الامور المذكورة هي المعروفة عند الفقهاء بضروريات الدين. اي اعظم ما اعتنى الدين بحفظه مما يضطر الناس اليه ويحتاجونه احتياجا ملازما لحياتهم. فلا قوام لحياتهم ولا استقامة لها الا بانتظام احكام هذه الامور الخمسة الديني والعقل والنفس والمال والعرظ. فجاء دين الاسلام بحمايتها وتهذيب ما يتعلق بها وتقويمها بما يكفل سعادة الدنيا والاخرة بما لا نظير له في غيره من الاديان. وذلك مما يدل على رقيه وسموه و وحلول الشرف للخلق باتباعه. ثم ذكر الدليل الثالث وقال الاثار العظيمة لهذا الدين. التي لم يشهد التاريخ لها متين اي ما ترتب عليه من ثمار عظيمة في حياة ناسي في الدنيا والاخرة ومن قواعد الاحكام ان نتائج عمل ما تدل على حكمه فالنتائج المترتبة على هذا الدين تجمع خير الدنيا والاخرة مما يفصح بجلاء عن سمو هذا الدين واحتياج الناس اليه. فانه رفعهم من الضحظاح الذي كانوا وفيه في اديانهم واخلاقهم واحوالهم الى ما صار كمانا لهم في جميع الامور المذكورة وهذا يدل على باحتياج الناس الى هذا الدين وافتقارهم اليه. وانه لا سبيل اذا صلاحهم العاجل. والاجل الا باتباع هذا الدين نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قصور الاديان والمذاهب الاخرى عن اصلاح البشر وتحقيق سعادتهم التي كتب لها البقاء ثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام. وكل من الديانتين اليهودية والمسيحية قاصرة اصلاح البشر وتحقيق سعادة بالاسباب الاتية. اولا انهما ديانتان خاصة بقوم موسى وعيسى لقول النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة متفق عليه. ثانيا ان فيهما تضييقا وشدة ومن حكمة الله لان الشرائع الخاصة تكون ملائمة لاصحابها. بحيث لا تصلح شريعة لغيرهم لان الحكمة الا يشرع لامة الا ما يناسبها حيث وضع الله على بني اسرائيل من الانصار والاغلال ما يناسب ما يناسب طبيعة قال الله تعالى الذين يتبعون رسل النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضعن مصر والاغلال التي كانت عليهم فمن ذلك ان الصلاة لا تقام الا في الاماكن المعدة لها خاصة كالبيع والكنائس وثانيها ان من عدم المال يتطهر بالتراب بالتيمم بل تبقى الصلاة في ذمته حتى يجد الماء فيقضيها وثالث ان المغانم التي ظفر بها المجاهدون لا تحل لهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم اعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلي بالرعب مسيرة شأن وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا. فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي واحلت لي المغانم ولم تحل لاحد قبلها متفق عليه. وخامسها وفي دين اليهودي حرم عليهم بعض الطيبات بسبب ظلمهم وعدوانهم. قال الله تعالى الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم انه حصل في هاتين الشريعتين اليهودية والمسيحية من التحريف والتبديل ولبس الحق بالباطل ما يمنع اصلاح البشر بهما لو قدر بقاؤهما فكيف وقد نسخ التدين بهما بشريعة الاسلام؟ واذا لم يكن اسعاد البشر بالديانتين اليهودية والمسيحية مع انهما شريعتان سماويتان فما عداهما من التشريعات البعيدة عن التشريع السماوي من باب اولى. هذا مقصد ثان من مقاصد الكتابي الثلاثة وهو بيان اصول الاديان والمذاهب الاخرى. اي نقصها عن اصلاح البشر وتحقيق كعادتهم فالاديان التي تقدمت الاسلام قاصرة عن ابلاغ الخلق كما لا صلاحهم وسعادتهم التي يرومون واستفتح المصنف بيان هذا المقصد بقوله الاديان السماوية التي كتبت لها البقاء الى الان ثلاثة. اليهودية والمسيحية والاسلام. وتسميته اديانا سماوية هو باعتبار صدورها من الله سبحانه وتعالى في اصل وضع بها ولو طرأ التحريف عليها فالتحريف الطارئ على ما دخله التغيير والتبديل منها وهو دين اليهودية والمسيحية لا تبطل كونها دينا انزله الله سبحانه وتعالى في اصله لكن طرأ التحويل والتغيير عليه من بعد بفعل الاحبار والرهبان. لكن هذا المأخذ وهو ردها الى صدورها. من الله وتعالى لا يصحح نسبتها جميعا الى السماء بجمعها بالخبر بان يقال الاديان السماوية. لان دين الله عز وجل واحد سواء كان الدين المنزل على نوح او على ابراهيم او على موسى او على عيسى او او على محمد صلى الله عليه وسلم. ففي الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الانبياء اخوة لعلات. دينهم واحد. والمراد اخوة العلات. الاخوة الذين يجمعهم ام اب واحد ويتفرقون في امهات عدة فدين الاسلام دين واحد هو دين الانبياء جميعا. ويخبر عنه بانه الدين السماوي. فالدين السماوي في اي شرعة انزلت على نبي من الانبياء هو دين الاسلام. والمراد به اصله الجامع له وهو الاستسلام لله بالتوحيد. وهذا هو الذي ذكره ابو جعفر الطحوي في عقيدته قال ودين الله في الارض والسماء واحد ودين الله في الارض والسماء واحد وهو المتضمن بعصى الدين لله وحده لا شريك له. ومن ثم صار الخبر عنه متحققا باسم الدين السماوي لا باسم الاديان السماوية. ومن هنا ذهب جماعة من المحققين الى المنع من استعمال الاديان السماوية لانها تجمع جميعا في شيء واحد فيقال دينه السماوي. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اخر الاديان المشهورة المتقدمة على الاسلام هما دين اليهودية ودين المسيحية وهما قاصران عن اصلاح البشر وتحقيق سعادتهم لاسباب منها انهما ديانتان خاصتان بقوم موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام. لقول النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة متفق عليه وتخصيصهما بدينك النبيين يوجب صلاحيتهما لمن بعث فيه دون غيرهم فربما استقامت امور بني اسرائيل ببعثة هذا النبي وذاك دون غيرهم من امم الارض احتاجت بقية امم الارض الى دين يجمعها ويصلحها مع رد اتباع دينك الدينين الى دين اكمل وهو دين الاسلام فجاءت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للخلق كافة ومنها ان في الدينين المذكورين تضييقا وشدة فان حكمة الله سبحانه وتعالى اتفق فيها وقوع تلك الاديان بما يلائم من يبعث اليهم الانبياء فما جعل على بني اسرائيل من الاصال والاغلال مناسب لحالهم فانهم قوم بهت لا يستقيمون الاثقال عليهم وتقييد امورهم حتى يلتزموا امر الله سبحانه وتعالى. ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليفرج عنهم ويخفف كما قال الله تعالى ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. يعني يضع اثقال والقيود التي كانت عليهم بما جاء في دين الاسلام من اليسر والسماحة. وذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا من القيود والاتقان التي وضعها هذا الدين عن الناس من قبل من اهل الكتاب وغيرهم فمن ذلك ان الصلاة لا تقام في دين اليهود والنصارى الا في الاماكن المعدة لها خاصة. كالبيع والكنائس فليس لمؤمن لدينك الدينين ان يصلي في غير هذين المحلين اما في دين الاسلام فقد جعلت الارض كلها محلا للصلاة. ومنها ان من عدم الماء لا يتطهر بالتراب في ما يسمى في شرعنا تيمما بل تبقى الصلاة في ذمته حتى يجد الماء فيقضيها ومنها ان المغانم التي ظهر بها المجاهدون لا تحل لهم. وذكر المصنف رحمه الله تعالى الدليل على ذلك وهو ما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلي. ثم قال فيها وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصل واحلت لي المغانم ولم تحل لاحد قبلي. ثم ذكر رحمه الله من موجبات ذلك ان دين اليهود حرمت فيه عليهم بعض الطيبات بسبب ظلمهم وعدوانهم قال تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم. فجاء هذا الدين ليحل لهم الطيبات التي حرمت عليهم ثم ذكر رحمه الله تعالى من جملة تلك الاسباب انه حصل في هاتين الشريعتين اليهودية النصرانية اليهودية والمسيحية من التحريف والتبديل ولبس الحق بالباطل ما يمنع اصلاح البشر بهما لو قدر بقائهم ما دينا فهما ديانتان قد دخلهما التغيير والتبديل والتحريف على ايدي الاحبار والرهبان. ثم تحقق نسخهما من بعد كما قال فكيف وقد نسخ التدين بهما بشريعة الاسلام؟ فلما نسخ بشريعة علم انهما ناقصان عن الكمال لا يصلحان لاسعاد الخلق واحلال للخير والسعادة بهم في العاجل والاجل. ثم قال رحمه الله واذا لم يمكن اسعاد البشر بالديانتين اليهودية والمسيحية مع انهما شريعتان سماويتان فما عداهما من التشريعات البعيدة عن التشريع السماوي من باب اولى اي غيرهما مما الناس وابتدعوه من الاديان الارضية اولى الا يحقق للناس عادة وقبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت اديان الخلق الى دينين جامعين احدهما اديان موروثة عن الانبياء دخلها التحريف والتغيير اديان موروثة عن الانبياء دخلها التحريف والتغيير. وهما دين اليهود والنصارى والاخر اديان ارضية اديان ارضية ابتدعها من ابتدعها من الخلق كدين الوثنيين من اهل الجاهلية نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى مبادئه في اصلاح شعب الحياة الانسانية. الاسلام دين كامل شامل لاصلاح جميع شعب الحياة الانسانية اولا لقوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ولانه شرع الله العليم بما يصلح خلقه الحكيم بما يشرعه لهم عالم شاهدة بذلك فالقرآن وهو دستور الاسلام لم يغفل شيئا مما ينفع الناس. حتى اداب جلوسهم ودخول البيت ونحوها تعال يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم. واذا قيل انشزوا فانشزوا. وقالت قال يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا. والسنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الاسلامي اذا توفي مثل هذه الامور في الدقيقة فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم امة كيف يكون يشربون وينامون ويبولون ويتغوطون مع ان هذه الامور بسيطة بالنسبة بالصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك. فالاسلام كامل في العقيدة والعبادة والاقتصاد والاجتماع وسياسة الدولة واعتزاز المسلم بدينه هذا هو المقصد الثالث من مقاصد الاسلام من مقاصد الكتاب وهو بيان كمال الاسلام ووحدة مبادئه في اصلاح شعب الحياة الانسانية اي في ميادين الحياة التي يحتاج الناس اليها. فالاسلام دين كامل امن لاصلاح حياة الناس. وذكر المصنف رحمه الله تعالى ثلاثة ادلة على ذلك اولها قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. فان هذه الاية في بيان كمال الدين واتمام النعمة على الخلق به. فان نعمة الله على الناس تمت بجعل هذا الدين دينا لهم ومن ثم قال الله ورضيت لكم الاسلام دينا. اي اخترت لكم هذا الدين دون سائر الاديان لما فيه من الكمال ولما يحصل به من تمام النعمة. فما سواه من الاديان هو دين ناقص وبه تنقص النعمة على الخلق ولا يرضاه الله سبحانه وتعالى. قال الله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. وثانيها ان الاسلام شرع الله العليم بما يصلح الحكيم بما يشرعه لهم. فما جعله الله عز وجل من احكام منتظمة في هذا الدين تحققوا بها صلاح الخلق فهو اكمل من غيره قطعا. وثالثها ان تعاليمه واحكامه شاهدة بذلك فان القرآن والسنة وفيا ببيان ما يحتاج اليه الناس في احكام حياتهم كلها في جميع امورهم حتى في جلوسهم ودخولهم البيت وغير ذلك من الاحوال التي تعرض لهم فضلا عن ما هو فوق ذلك كما قال المصنف مع ان هذه الامور بسيطة للصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك. والمراد بقوله بسيطة اي صغيرة بالنسبة الى اصول اسلامي ومبانيه العظام واستعمال البسيط بمعنى الصغير لا يعرف في كلام العرب. فان البصيرة وفي كلام العرب هو المطول الممدود. فاذا قيل كلام بسيط فالمراد به كلام مطول دع ممدود ولاجل هذا فان الذين صنفوا في ترتيب العلم في التفسير كالواحد او في الفقه كالغزالي جعلوا اسم الصغير من كتبهم الوجيز ثم ما فوقه الوسيط ثم جعلوا اكملها البسيط اي المطول الذي يوسع الكلام فيه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الاسلام كامل في ابواب الدين كله واقتصر على مهماتها فقال فالاسلام كامل في العقيدة والعبادة والاقتصاد والاجتماع وسياسة الدولة واعتزاز المسلم بدينه. وهذه الموارد الست هي الموارد التي سيبين المصنف رحمه الله تعالى الكمال الواقع فيها فيما يستقبل فسيبين كمال الاسلام في عقيدته ثم كماله في عبادته ثم كماله في الاقتصاد الى تمام هذه الامور الستة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى فهو كامل في العقيدة لان عقيدة راسخة مبنية على ما تقتضي الفطرة والعقل السليم فهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. قال تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون الكل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانا ربنا واليك المصير الايمان بالله ربا عظيما والها حقا لا شريك له في ذلك ولا في خصائص ولا في خصائص اسمائه وصفاته الايمان بالله حاكما مشرعا فالحكم من العلي الكبير فلا حظر ولا راهب ولا امير ولا سلطان يستطيع التغيير حكم من احكام الله. الحلال ما احله الله حرام ما حرمه والواجب ما اوجبه لا معاقبة لحكم ولا تبديل لكلماته. الايمان بالمبدأ والمعادن فالخلق من الله واليه ولن يكون هنا مبدأ ولا مصيرهم سدى لا غاية له. ولا مقصود من وراء بل لا بد من مصير ومرجع ولابد من عمل لذلك ولذلك المصير والمرجع سمعنا واطعنا قال تعالى سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير وقال تعالى وان عقيدة كهذه تصحب الانسان قائما وقاعدا وعلى جنب لابد ان توجهه سلم في جميع شؤون الحياة فيكون مستقيما على امر الله تعالى. هذا هو اول الامور الستة التي ذكر المصنف كمال الاسلام فيها وهو كماله في العقيدة لانها عقيدة راسخة مبنية على ما تقتضيه الفطرة والعقل السليم. فهي واقعة وفق ما فطر الله سبحانه وتعالى عليه الخلق. لا تعارض العقل الصحيح ولا تنازعه. فلما اتفق كذلك صار صلاح الناس بها. فان الفطر والعقول تسلم للموافق لها وجاءت هذه العقيدة موافقة للفطرة التي فطر الله الناس عليها غير منازعة ولا معارضة لما تستدعيه عقولهم القويمة. وذكر رحمه الله تعالى جماع اصول هذه العقيدة في قوله فهي الايمان بالله ملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. فعلى هذه الاركان الستة تدور عقيدة الاسلام وذكر المصنف رحمه الله تعالى قوله تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن لا هي وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله الاية. فانتظم فيها خمسة من اصول الايمان وهذا هو الواقع في القرآن ان اصول الايمان لم تقع مجموعة في اية واحدة وانما وقع غير مرة جمع خمسة اصول منها واما القدر فافرد بالذكر عنها تعظيما له وتعريفا بجلالة قدره وكان الامر كذلك. فان اول الخلاف الذي وقع في الامة هو الخلاف في القدر ممن انكره من غبرات الخلق الذين ادركوا بقايا الصحابة رضي الله عنهم فوقع ما وقع منهم من الكلام في القدر كمعبد الجهني وغيره كما هو معروف في محله ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما ينطوي عليه هذا الاعتقاد هو الايمان بالله ربا عظيما والها حقا لا شريك له له في ذلك ولا في خصائص اسمائه وصفاته فهو يدور على وحدانية الله عز وجل. قال الله تعالى قل هو هو الله احد وحذف متعلق هذه الوحدانية ليعم فهو احد في ذاته وهو احد في افعاله وهو احد في الهيته وهو احد في اسمائه وهو احد في صفاته. ثم ذكر من جملة ما ينطوي عليه اعتقاد الاسلام الايمان بالله حاكما مشرعا. فالحكم من الله العلي الكبير فلا حكم ولغيره من حبر او راهب او امير او سلطان فلا يستطيع احد منهم ان يغير حكم الله الذي حكم قال الله تعالى ان الحكم الا لله. فالحكم كله مردود الى الله سبحانه وتعالى. والنبي صلى الله عليه وسلم يبلغ هذه الاحكام ومن جاء بعده. فانه اما مبلغ بهذه الاحكام العلماء اوحاكم بها كالقضاة وليس لاحد منهم ان يضع حكما لم يأتي في كتاب الله سبحانه وتعالى ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر من جملة ما ينطوي عليه الاعتقاد في الاسلام الايمان بالمبدأ والمعاد اي في نشأة الخلق ورجوعهم الى الله سبحانه وتعالى. فالمبدأ اسم لمبتدأ الخلق بالنشأة والميعاد قسم الى لرد الخلق الى الله سبحانه وتعالى في الاخرة. قال المصنف فالخلق من الله واليه. ايه منه ابتداء بخلقهم واليه بردهم اليه ورجوعهم بين يديه ثم قال ولن يكون مبدأهم ولا مصيرهم سدى لا غاية له ولا مقصود من ورائه سبحانه وتعالى جعلهم في الارض وامرهم ونهاهم. ليمتثلوا امره ويجتنبوا نهيه. ثم هم صائرون اليه عائدون اليه عز وجل ومحاسبون على ما كان منهم. قال الله سبحانه وتعالى غفرانك ربنا واليك المصير اي اليك المرد والمرجع. وفي ذلك المرد والمرجع يحاسب الناس على ما سبق منهم في الدنيا قال الله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. والذرة هي النملة صغيرة فمن عمل شيئا مثقال نملة صغيرة من الخير فانه يراه. ومن عمل مثل ذلك شراء فانه انه يراه ومتعلق الرؤية شيئان فمتعلق الرؤية شيئان احدهما رؤية ذلك العمل رؤية ذلك العمل بتعريف العبد به وانه اتى هذا الخير واتى هذا الشر. والاخر رؤية جزائه وثوابه. رؤية جزاءه وثوابه فيرى جزاء عمل الخير ويرى جزاء عملي الشر وثوابه فهما ثم قال المصنف وان عقيدة عقيدة كهذه تصحب الانسان قائما وقاعدا وعلى جنبه لابد ان توجهه التوجيه السليم في جميع شؤون الحياة فيكون مستقيما على امر الله تعالى. لانه يعلم انه جعل في الدنيا لغاية هي عبادة الله عز وجل. قال الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ثم يعلم ان مرده الى الله سبحانه وتعالى بالجزاء والثواب فيحسن عمله ويكون مستقيما على امر الله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والاسلام كامل في العبادة حيث شرع للمسلم لما به كمال التذلل والتعبد شرائع متنوعة في كيفية اوقاتها ليتحقق بذلك ما خلقوا لان قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالصلاة عبادة بدنية محضة الايمان مؤقتة كالصلوات الخمس والوتر واما غير مؤقتة. كالنوافل المطلقة يتصل الانسان فيها برب على باكمل وجه متطهرا مستترا. مستقبل القبلة خاشعا يتقرب اليه بالقيام والركوع والسجود والقعود. وما يقوله من قرآن وذكر ودعاء تنفيذ الاركان فيخرج من الصلاة وقد امتلأ قلبه نورا وايمانا. والزكاة عبادة مالية يبذل المسلم فيها قسطا من مال ربي وتطهير لنفسي من الذنوب والبغض وتزكية لمالي ونفعا للاسلام والمسلمين. والصيام عبادة بدنية لكنها من جنس اخر فيه كف للنفس شهوات الاكل والشرب والنكاح تقربا الى الله بترك ما ما يشتهي وتذكيرا بنعمة الله بتيسير ماله وقت الفطر. وتذكرا لحال والحج عبادة بدنية مالية يفارق المسلم فيها وطنه واهله الى بيت الله تقربا لربه وتعظيما لحرماته اما يا اخواني المسلمين من جميع اقطار الارض قال تعالى يشهد منافع لهم يذكر اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام والجهاد عبادة بدنية مالية يبذل المسلم فيها نفس وماله تقربا الى الله تعالى دفاعا عن دينه واعلان لكلمة الله ورحمة الله انهم يدخلون في دين الله او يبذلون الجزية ليكونوا في حمى الاسلام. فهذه العبادات المنوعة جمعت العابدين اسمى انواع العبودية مع ما فيها من تقوية الايمان وترسيخ العقيدة وتهذيب النفوس واصلاح المجتمع ورفعة الدرجات في الدنيا والاخرة. هذا امر ثان من الامور الستة التي اراد المصنف بيان كمال الاسلام فيها وهو كماله في العبادة اي الاعمال التي يتقرب بها الانسان الى ربه من شرائع الدين. فذكر ان الله سبحانه وتعالى شرع للمسلمين به كمال التذلل والمراد بالتذلل الخضوع. والتعبد شرائع متنوعة في كيفياتها واوقاتها تحقق بذلك ما خلقوا له وهو المذكور في قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ثم ذكر انواع من العبادات العملية التي يتجلى فيها الكمال فذكر منها الصلاة وانها عبادة بدنية محضة اي خالصة فليس فيها امر اخر كبذل مال ونحوه. وهي اما ان تكون مؤقتة كالصلوات الخمس المفروضة او الوتر الكائن بعد صلاة العشاء. واما غير مؤقتة اي محدودة بزمن كالنوافل المطلقة التي يتصل الانسان فيها بربه على اكمل وجه متطهرا مستترا مستقبل القبلة خاشعا يتقرب اليه بالقيام والركوع والسجود والقعود وما يقوله في اثناء ذلك من قرآن وذكر ودعاء فيخرج من الصلاة وقد امتلأ قلبه ونورا وايمانا فحال الصلاة قياما وسجودا وركوعا وقعودا مما يتحقق به للانسان كمال حاله لكمال عبادته. ففيها تنتظم جميع الحركات فيقوم الانسان فيها ويقعد ويركع ويسجد بين يدي ربه سبحانه وتعالى. ولما سئل الامام احمد رحمه الله تعالى عن وضع اليمين على الشمال في الصلاة قال ذل بين يدي عزيز اي هي حال ذل بين يدي الله عز وجل لعزته والذل له بامتثال امره يوجب كمالا للعبد وان كان المختار في الشرع للدلالة على هذه حقيقة هو اسم الخضوع الخضوع بين يدي الله عز وجل يزيد العبد كمالا ثم ذكر من تلك العبادات الزكاة وهي عبادة مالية يبذل المسلم فيها قسطا من ما له اي جزءا من ما له تقربا الى الله وتطهيرا لنفسه من ذنوبي والبخل وتزكية لماله ونفعا للاسلام والمسلمين. فشرعت لهذه المقاصد العظيمة. فبها يتقرب العبد ببذل المال ويطهر نفسه من الذنوب لانها تنفى بها عنه ويطهرها من امساك المال وينمي ما له وينفع الاسلام والمسلمين. ثم ذكر من تلك العبادات الصيام فقال والصيام عبادة بدنية يعني كالصلاة لكنها من جنس اخر فيه كف للنفس عن شهوات الاكل والشرب والنكاح اي عن مألوفاتها التي اعتادتها فان الاكل والشرب والنكاح من اعظم مألوفات النفوس التي اعتادتها وارتدت بها وكف النفس عن تلك الشهوات يقع تقربا الى الله بترك ما يشتهيه العبد وتذكيرا بنعمة الله بتيسير بتيسير ما له بتيسير ما له وقت الفطر. وتذكرا لحال الفقراء والمعدمين وقوله وتذكير وتذكيرا بنعمة الله بتيسير ماله وقت الفطر اي بما يحدث له من الرزق حال الفطر ويتذكر في حال الصوم ما عليه اهل الفقر والعدم. ثم قال في العبادة الرابعة والحج عبادة بدنية ثمالية اي جامعة بين الامرين المتقدمين ففيها ارهاق للبدن وفيها بذل للمال. يفارق المسلم فيها كانه واهله الى بيت الله تقربا لربه وتعظيما لحرماته. واجتماعا مع اخوانه المسلمين من جميع ابطال الارض ليشهدوا منافع لهم ويذكر اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام. ثم ذكر عبادة اخرى فقال والجهاد عبادة مالية اي كالحج. يبذل المسلم فيها نفسه وماله تقربا الى الله تعالى دفاعا عن دينه واعلاء بكلمة الله لعباد الله علهم يدخلون في دين الله او يبذلون الجزية ليكونوا في حمى الاسلام. ثم قال فهذه العبارة عبادات المنوعة جمعت للعابدين اسمى انواع العبودية مع ما فيها من تقوية الايمان وترسيخ العقيدة وتهذيب النفوس واصلاح ورفعة الدرجات في الدنيا والاخرة وهذه بعض اثارها التي يجدها الانسان عاجلا او اجلا وجدان تلك الاثار يدل على كمال تلك الاعمال فان الاعمال المنتجة قوة الايمان ورسوخ العقيدة وثبات اليقين وتهذيب النفس واصلاح الخلق ورفعة الدرجات في الدنيا والاخرة اعمال فاضلة كاملة تدل على كمال الدين الذي انتظمت فيه نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والاسلام كامل في الاقتصاد حيث نظم احسن نظام في تحصيل المال وحفظه وتصريفه فاباح تحصيل المال بطريق العقود وبطريق العمل فمن امثلة تحصيل المال بطريق العقود. اولا البيع احله الاسلام على وجه لا ظلم فيه ولا قال الله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا لان الناس محتاجون الى تبادل الاموال بينهم وثانيها المشاركات احذر الاسلام واذا كانت مبنية على العدل والمساواة بين الشركاء في المغنم والمغرم. لما فيها من التعاون والتساعد وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى انا ثالث الشريكين ما لم يقل احدهما صاحبه. رواه ابو داوود. وثالثها التبرعات احل لما فيها من جلب المودة ونفع الاخذ. قال الله تعالى مريئا. ومن امثلة تحصيل الماء وطريق العمل. اولا الحراثة اباحها الاسلام لما فيها من تعمير الارض وتنمية القوت ونفع العمال قال الله تعالى هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور. وقال صلى الله عليه وسلم ما اكل احد طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يده وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يغرس غرسا ويزرع زرعا فيأكل منه طيرا او انسان او بهيمة اذا كان له به صدقة. رواه البخاري ومسلم وثانيها الصيد والحشيش واستخراج الجواهر ونحوها من البحر. قال الله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه متاع لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما. وقال تعالى هو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرج منه حلية لن تلبس لها. ونظم الاسلام حفظ المال وصيانته بطرق عديدة لان المال قيام للناس. تقوم به مصالح دينهم ودنياهم فمن امثلة ذلك ولم منعوا دفع الاموال للسفهاء الذين لا يحسنوا التصرف في المال قال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم والتي جعل الله لكم قياما لان دفعها لهم سبب لضياعها واللعب فيها. وثانيها لم بالاشهاد على البيع قال تعالى واشهدوا فتبايعتهم لان ترك الاشهاد يؤدي الى ضياع ما لاحد المتبايعين عند انكار صاحبه. ونظم الاسلام تصريف المال واعتنى باعتناه بالغا فلا عن اذاعة المال وهو صرفه في غير فائدة. قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كره لكم ثلاثا قيل وقال واضاعة المال وكثرة السؤال رواه البخاري ونهى عن الاسراف في صفحه فقال تعالى ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط وجعل انفاق المال على نوع واجب ومستحب فمن امثلة الانفاق الواجب اولا الزكاة وهي جزء معلوم من المال الزكوي يدفع الى مستحقي الزكاة. قال تعالى واقيموا الصلاة واتوا وقال النبي صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة الزكاة والحج وصوم رمضان متفق عليه وسبقت الاشارة الى حكمه الى حكمة الزكاة. وثاني الانفاق على النفس والزوجة والاقارب قال النبي صلى الله عليه وسلم الا لنفسك عليك حقا. وقال الله تعالى في نفقات الزوجة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف قال في نفقات الاقارب واتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذرت بذرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربك كثر والحكمة في جبل الفرق حفظ النفس ومواساة هؤلاء المحتاجين. والثالث والانفاق الواجب لعارض لدفع الضرورة كاطعام الجاي وكسوة قال النبي صلى الله عليه وسلم اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العالي رواه البخاري. والحكمة في وجوب الانفاق هنا انقاذ المعصوم ودفع ضوء ودفع ضرورة والشعور بالمسئولية نحو اخوانه المضطرين. ومن امثلة الانفاق المستحب اولها الصدقات الزكاة على الفقراء قال الله تعالى وقال النبي صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل بعدل تمرة او ما يعادل اي ما يعادلها من كسب طيب ولا يقبل الله الا الطيب وان الله يتقبل وبيمينه ثم يربيان صاحبها كما يربي احدكم فلوه. حتى تكون مثل الجبل. متفق عليه. وثانيا الانفاق في المصالح العامتك من المساجد والمدارس واصلاح الطرق وغيرها قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه انك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله ان اوجبت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك متفق عليه. والحكمة في هذا الانفاق المستحب التقرب الى الله وتزكية وسوى المال وسدوا حاجات المسلمين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى امرا ثالثا من الامور التي يحصل بها كمال الاسلام ويتحقق ذلك جليا وهو كماله في الاقتصاد اي فيما يتعلق بالمال. قال حيث نظم احسن نظام في تحصيل المال وحفظه صديقه فكمال دين الاسلام في المال يرجع الى امرين احدهما احكام جمع المال وتحصيله والاخر احكام بذله وعطائه. احدهما احكام جمع المال وتحصيله. والاخر احكام بذل المال واعطائه. فرتب الشرع الحكيم لهذين الاصلين احكاما شرعية تضبط مواردهما فيما يكتسب فيه الانسان ماله وفيما ينفقه فيه. وذكر المصنف رحمه الله تعالى من والدي ذلك الكمال قوله فاباح تحصيل المال بطريق العقود وبطريق العمل. فمن امثلة تحصيل المال طريق العقود البيع فاحله الاسلام على وجه لا ظلم فيه ولا ربا. قال الله تعالى احل الله البيع وحرم الربا لان الناس محتاجون الى تبادل الاموال بينهم فانه يكون في يد هذا ما يحتاج اليه ذاك ويكون في يد ذاك ما يحتاج اليه هذا فلا سبيل الى ظفر كل واحد منهما بحاجته من المال الا بجريان المبادلة بينهما بالبيع فاحله الله عز وجل لهم. ومن جملة تلك الامثلة المشاركات يعني ابواب الشركة التي تكون بين الناس. فاحلها الاسلام اذا كانت مبنية على العدل والمساواة بين الشركاء في المغنم والمغرم اي فيما يربحون وفيما يخسرون. فالمغنم اسم للربح قم اسم للخسارة فهم اسوياء فيهما وابيح ذلك لما فيها من التعاون والتساعد وذكر المصنف حديثا مشهورا في هذا الباب وهو حديث انا ثالث الشريكين رواه ابو داود وغيره واسناده ضعيف. ثم ذكر من امثلة تحصيل المال تحصيله التبرعات اي بذل المال من غير طلب عوض فاحل الله التبرعات لما فيها من جلب المودة ونفع الاخذ بان يتنازل عن شيء من ما له عن طيب نفس منه ويمنحه لغيره. قال الله تعالى فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. ثم ذكر من امثلة تحصيل المال بطريق العمل الحراثة وهي عمل الارض بالزراعة وما تعلق بها. فاباحها الله سبحانه وتعالى فيها من عمارة الارض وتنمية القوت اي زيادة اقوات الخلق التي يقتاتون بها ويعيشون. ونفع العمال. قال الله تعالى هو جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها يعني في جوانبها وكلوا من رزقه واليه النشور قال صلى الله عليه وسلم ما اكل احد طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يده ومن جملة عمل اليد الزراعة وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا فيأكل منه طير او انسان او بهيمة الا كان له به صدقة فيتعجب ثواب عمله ما قصده من الانتفاع به فلو اكل منه طير او انسان او بهيمة لحاجة استدعت ذلك كتب للانسان به صدقة. وهذا الحديث المقيد يرد الى الاحاديث وهذا الحديث المطلق يرد الى الاحاديث المقيدة من ان حصول الثواب بذلك لا يقع الا مع النية الصالحة فانه لا ثواب الا بنية فاذا نوى بغرسه حصول الانتفاع لغيره من طير او بهيمة او انسان فاكل منه فانه يثاب على ذلك ولو لم يعلم باثره ثم ذكر من امثلة تحصيل المال بطريق العمل الصيد والحشيش والمراد بالحشيش الاحتشاش اي قطع نبات الارض وبيعه لمن وبيعه لمن ينتفع به في دوابه وغيره او بناء او غيره واستخراج الجواهي ونحوها من البحر قال الله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وقال هو الذي وهو الذي سخر وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرج منه حلية يلبسونها ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الاسلام نظم حفظ المال وصيانته في وجوه مصارفه. وهذا شروع في الاصل الثاني. وهو وجوه بذل المال واعطاء قال فمن امثلة ذلك اي فيما نظمه الاسلام ما يتعلق ببذل المال منع دفع الاموال للسفهاء الذين لا يحسنون التصرف في المال. قال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما. لان دفعها لهم سبب لضياعها واللعب فيها فلا يدفع اليه المال حتى يؤنس منه الرشد ويبلى ويبلغ النكاح ويقطع انه قد صار الى حال يحسن فيها التصرف بماله في ذلك الامر بالاشهاد على البيع والله تعالى واشهدوا اذا تبايعتم لان ترك الاشهاد يؤدي الى ضياع مال احد المتبايعين عند انكار صاحبه فيحفظ حق كل واحد منهما بالاشهاد على بيعهما. ثم قال ونظم الاسلام تصريف المال اعتنى به اعتناء بالغا فنهى عن اضاعة المال وهو صرفه في غير فائدة ونهى عن الاسراف في صرفه او التقتيل يعني التقليل عن صاحب الحق بحبسه عنه. كان يحبس نفقة الواجبة عن زوج او ولد فان هذا يسمى تقتيرا. وذكر الاية الدالة على التوصل في ذلك وهي قوله تعالى لا ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك اي بخيلا مقترا. ولا تبسطها كل البسط اي مسرفا فتقعد ملوما محسورا ثم ذكر ان الشرع جعل انفاق المال على نوعين واجب ومستحب فمن امثلة الانفاق الواجب الانفاق في الزكاة والانفاق على النفس والزوجة والاقارب والانفاق الواجب لعارض لدفع الضرورة كاطعام الجائع وكسوة العاري. فكل هذه من النفقة التي اوجبها الشرع للحاجة اليها في اصحابها ثم ذكر من امثلة الانفاق المستحب الصدقات على الفقراء سوى الزكاة والانفاق في المصالح العامة بناء المساجد والمدارس واصلاح الطرق. وذكر الادلة الدالة على ذلك من الايات القرآنية والاحاديث النبوية وقوله في حديث من تصدق بعدل تمرة حتى قال كما يربي احدكم فلوه الفلو هو مهر الفرس الصغير فان الحصان الصغير يسمى حلوا او فلوا فتح الفاء وضمها نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والاسلام كامل في الاجتماع حيث نظم المجتمع تنظيما كفيلا بصلاح الامة فنظم العلاقات الاسرية والعلاقات العامة. فمن امثلة تنظيم العلاقات في الاسرية اولا وجوب بر الوالدين بالاحسان اليهما بالقول والفعل والصبر على مشقة العناية بما قال الله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه والإحسان مما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما افئ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما جناح الذل من الرحمة ورب ارحمهما كما ربياني صغيرا. والى جانب هذا تحريم عقوقهما بمنع واجب برهما. قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال هذا وقول وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قالوا ليته سكت. متفق عليه. وثانيها وجوب صلة الارحام ومقاربة. قال الله تعالى ذا القربى حقه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصل رحمه. متفق عليه. والى جانب هذا تحريم مقاطعة الرحم قال الله تعالى فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وما ابصارهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قطع هذه الرحم حرم الله عليه الجنة. رواه احمد وثالثها تنظيم العلاقات الزوجية حيث رتب الاسلام للنكاح حدودا في عقد وفي حله وفي حقوق مبنية على الحكمة والاتقان وعدم الفوضى على كل من الزوجين من العشرة بمعروف ما تستقيم به الحياة الزوجية السعيدة. وبين كيف تحل كيف تحل المشكلات بينهما الاصلاح تارة وبالفداء تارة وبالتحكيم تارة. وبالامثلة تنظيم العلاقات العامة اولا الاجتماع على العبادات يوميا واسبوعيا وسنويا لتتأكد ضوابط بين المجتمع بالالفة والمحبة والتعاون. فالصلوات الخمس يجتمع عليها المسلمون يوميا وصلاة الجمعة يجتمعون عليها اسبوع وصلاة العيد يجتمع عليها سنويا والحج اجتماع سنوي عام لجميع المسلمين. وثاني وجوب العدل وايصال الحق الى الى مستحق بدون ميل او انحراف. قال الله تعالى اعدلوا هو اقرب للتقوى. من العدل ان تعامل الناس بما تحب ان يعاملوك به. قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه وثالثها وجوب الصدق والوفاء من عهده. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وقال واوفوا من عقود واوفوا وبالعهد ان العهد كان مسئولا. ورابع وجوب الوفاء بالعقود قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اوفوا من عقوله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم البيعان من خيار ما لم يتفرقا فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كتم وكتم محقت بركة بيعهما. متفق عليه. وخامسها الحث على كل ما يحصل به المرء على كل ما يحصل به المودة والوفاة بين المسلمين. قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم. رواه مسلم والى جانب ذلك حذر من كل ما يضاد هذه المطالب العالية والاخلاق الفاضلة. فحذر من الظلم قال الله تعالى والله لا يحب الظالم وقال في الحديث القدسي يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا رواه مسلم. ونهى عن الغدر فقال تعالى ولا تنقض الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيرا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا جمع الله والاخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء. فقنا هذه غدرة فلان ابن فلان رواه البخاري. وحذر من الكذب قال النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور وان الفجور يهدي الى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى كذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه. ونهى عن كل ما يوجب العداوة والتفرق. فقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكون خيرا منهم. ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن. ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم. ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا. ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكره واتقوا الله ان الله تواب رحيم. وقال صلى الله عليه وسلم لا تحاسد ولا تناجش ولا تباغضوا ولا تدابر بعضكم على وكونوا عباد الله اخوانا المسلم واخو المسلم لا يظلم ولا يخذل ولا يحقره. التقوى ها هنا ويشير الى صدره ثلاث مرات. بحسب من الشر ان يحقر اخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام ذا مود دمه وماله وعرضه رواه مسلم. وهذا التوجيه الاجتماعي كما يحصل به صلاح المجتمع في الدنيا يحصل به كذلك صلاح الدين وكثرة الثواب في الآخرة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى امرا رابعا يتبين به كمال الاسلام ويتجلى. وهو كماله في الاجتماع والمراد بالاجتماع صلة الناس بعضهم ببعض قال حيث نظم المجتمع تنظيما كفيلا بصلاح الامة. فنظم العلاقات الاسرية والعلاقات العامة. اي هذا الشرع متضمنا تنظيم العلاقات الخاصة التي تدور في البيت مع تنظيم العلاقات العامة التي تدور في الامة كلها وتسمية العلاقات الدائرة في البيت والصلات الواقعة فيه بالعلاقات الاسرية. مصطلح حادث والاسرة ليست من الالفاظ الموضوعة للدلالة على اهل البيت في عرف العرب وانما يعرفون بانهم اهل بيت الرجل وتسميتهم بالعائلة لانهم عالة عليه يحتاجون اليه فهم مفتقرون اليه. وذكر المصنف رحمه الله تعالى امثلة من تنظيم العلاقات الخاصة اي الصلات التي تكون في بيت الرجل. ومنها وجوب بر الوالدين واحسن ما ذكر في البر ما جاء في خبره صلى الله عليه وسلم في حديث النواس ابن سمعان عند مسلم البر حسن الخلق فينتظم في البر كل احسان يجعل للوالدين او لغيرهما فمن انواع البر البر بالوالدين فيكون البر بهما الاحسان اليهما بكل قول وفعل يندرج في ذلك وذكر المصنف من جملته ما انتظم في قوله تعالى وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف الاية والتي بعدها ثم قال والى جانبي هذا تحريم يرحمك الله الى جانب هذا تحريم عقوقهما بمنع واجب برهما. وتقدم ان عقوق الوالدين هو قطع ما يجب قطع ما يجب لهما وحبسه عنهما. قطع ما يجب لهما وحبسه عنهما. فان اصل العق هو القطع. ومن جملته عقوق الوالدين. فيكون متعلقه قطع ما يجب لهما من الحقوق وحبسه عنهما فمن فعل ذلك فقد عق والديه وهو كبيرة من الكبائر كما في حديث ابي بكرة الذي ذكره المصنف رحمه الله ومن امثلة تنظيم تلك العلاقات وجوب صلة الارحام وهم القرابة واحسن ما قيل في في حدهم انهم القرابة الذين يتعلق بهم العقل عن القاتل. فالذين يعقلون عن القاتل في دفع الدية هم رحمه المخصوصون وجوب صلتهم وتقع الرحم الرحم على معنى اعم كما في حديث ذكر هاجر فانكم ستفتحون مصرا فاستوصوا باهلها خيرا فان لهم رحما وصهرا واراد بالرحم ام العرب وهي هاجر ام اسماعيل عليه الصلاة والسلام فجعلها رحما مع بعدها وهذه رحم عامة والمراد بالاحكام الرحم الخاصة وهم القرابة الذين ينتظمون في العاقلة في احسن الاقوال وهو اختيار ابي بس ابن تيمية الحبيب ثم ذكر من الاية والحديث ما يدل على هذا الاصل ثم قال والى جانب هذا تحريم الرحم يعني تركي يعني ترك صلتها. ثم عد من تلك الامثلة تنظيم العلاقات الزوجية يعني صلة الرجل بزوجه بما رتب في الاسلام من احكام النكاح والعشرة والطلاق. ثم ذكر امثلة لتنظيم العلاقات العامة اي الصلات التي تدور بين الناس كافة في هذه الامة. فذكر من امثلة تنظيمها الاجتماع على العبادات يوميا واسبوعيا وسنويا في الصلاة وفي الجمعة وفي صلاة العيد وفي الحج فان اجتماعهم فيها يقوي صلة بعضهم ببعض ومنها وجوب العدل وهو ايصال الحق الى مستحقه دون ميل ولا انحراف. قال تعالى اعدله اقرب التقوى فالناس مأمورون في دين الاسلام بالعدل فيما يجري بينهم من المعاملة ومنها وجوب الصدق والوفاء بالعهد الذي يجعله المرء على نفسه بيمين او نذر او غيرها. ومنها وجوب الوفاء العقود وهي المعاقدات التي تكون بين اثنين فصاعدا كعقود البيع او غيرها. ومنها الحث على كل كل ما يحصل به المودة والالفة بين المسلمين. فالامر به مما يعين على انتظام حياة الناس في امور الاجتماعية ثم قال المصنف والى جانب ذلك حذر من كل ما يضاد هذه المطالب العالية والاخلاق الفاضلة فما قدم ذكره من المأمورات التي تستقيم بها حياة الناس في امورهم الاجتماعية قد حذر الشرع الحكيم من مقابلها وحرمه فلما امر بالعدل حذر من الظلم وحرمه. والله تعالى والله لا يحب الظالمين. ولما امر بالوفاء العهد والعقد نهى عن ضده وهو الغدر. فقال ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها اي لا تحلوها. بعد تأتي اليمين وهو القسم وكما امر بالصدق نهى عن مقابله وظده وهو الكذب. وقال صلى الله عليه وسلم اياكم والكذب الى تمام الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه. ثم قال ونهى عن كل ما يوجب العداوة والتفرق فانه لما امر بالاجتماع وحث على كل ما يقوي الالفة والمودة بين المسلمين نهى عن مقابله. من كل ما يوجب العداوة والتفرق كما قال في اية سورة الحجرات يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم الى تمام بالاية والتي بعدها ومثله الحديث الذي ذكره المصنف ثم قال وهذا التوجيه الاجتماعي النبيل كما يحصل به صلاح المجتمع في الدنيا يحصر به كذلك صلاح الدين وكثرة الثواب في الاخرة. فمما امتازت به الاحكام المتعلقة بتنظيم العلاقات المعية بالاسلام ان منفعتها لا تقتصر على حياة الدنيا بل ينتفع بها الانسان في العاجل والاجل فيصلح ودينه ويكثر ثوابه ويتوفر في الاخرة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والاسلام كامل في السياسة حيث نظم سياسة الداخلية والخارجية اكمل النظام تموا بمصالح الخلق قال ابن القيم رحمه الله تعالى ومن له ذوق في الشريعة واطلال على كمالها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والميعاد. وما بغاية العدل الذي يسع الخلائق وانه لا عدل فوق عدلها ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح. تبين له ان السياسة العدلة تجوز من اجزائها ومن فروعها وان من احاط علما بمقاصدها ووضعها موضعها وحسن فهمه فيها لم يحتجي معها الى سياسة غير فيها البتة انتهى كلامه. فالسياسة الداخلية تقوم على اسس اربعة اولها العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وثانيا حفظ القيم الاخلاقية وثالثها حفظ الامن وربيع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر العلاقة فاولها العلاقة بين الحاكم والمحكوم لكل منهما فيها وظيفة فيها وظيفة فوظيفة الحاكم اولا النصح في الحكم بحيث بحيث يختار اكمل الطرق واقربها لحصول لحصول مصالح المحكومين في الدنيا والاخرة. فلا ينفذ امرا في منعه ولا يمنع امرا والمصلحة في تنفيذه. ولا يولي ولا يولي الاعمال الا الاكفاء. ولا يولي شخصا على عمل وغيره اصلح له قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من امير يلي امر ثم لا يجهد لهم وينصحوا الا لم يدخل معهم الجنة. رواه مسلم. وقال من استعمل رجلا على من استعمل رجلا عصابة وفي تلك العصابة من هو ارضى لله منه. فقد خلى الله وخان رسوله وخان المؤمنين. رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد والثانية العدل بين الرعية في تنفيذ احكام الله بحيث لا يوحى باحدا في اقامة الحق والعدل. قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامنات الى اهلكم واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعم ما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها متفق عليه. ووظيفة المحكوم اولا النصح للحاكم والارشاد اقرب وسيلة يحصل يحصل بها المقصود. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يرضى لكم ثلاثا ان تعبدوا ولا تشركوا به شيئا وان تعتصموا وبحول الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله امركم. رواه مسلم. والثانية طاعته في غير معصية الله لقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا نواطئ الرسول واولي الامر منكم. فان فان امر بمعصية فان امر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لقول النبي صلى الله عليه وسلم السمع والطاعة على المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة متفق عليه وثالثها الصبر على ظلمه وجوره لقول النبي صلى الله عليه وسلم من رأى من امره شأن اكرهه فيصبر فانه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة الجاهلية. متفق عليه وبهذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم يسود النظام وتتوطد اركان الدولة ويتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم خيار ائمتكم الذين ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم رواه مسلم وثانيها والقيم الاخلاقية والقيم الاخلاقية هي الدعامة القوية لبقاء الامة وسموها ومجدها ولن تقم امة بدون اخلاق ولذلك حافظ الاسلام على هذه القيم محافظة بالغة ونماها بجميع وسائل التنمية فحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيها واخبر بانه انما بعث ليتم مكارم الاخلاق. والى جانب ذلك وضع الحواجز التي ترضع الناس عن تحطيم الاخلاق او تدميرها كما يظهر في الامثلة الاتية اول وعقوبة الزنا فالزنى هدم للاخلاق وهتك للاعراض وضياع للانساب ومن ثم اوجب الاسلام عقوبة الزنا بالرجم بالحجارة حتى الموت اذا كان الزاني محصنا وبالجلد مئة جلدة مع تغريب يعني البلد سنة اذا كان الزاني غير محصر. قال الله تعالى الزانية والزاني فاجردوا كل كواحد منهم لم يتجلة ولا تأخذكم بمغفرة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر. وقال النبي صلى الله عليه جلد مئة ونفي سنة. رواه مسلم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان الرجل في كتاب الله حق على منزل اذا احصن من الرجال اذا احسن من الرجال والنساء اذا قامت البينة او كان الحبل او الاعتراف متفق عليه. وثاني عقوبة لواطف اللواط هو فاحشة النكرة والمصيبة الكبرى ومحق للرجولة وفساد للمجتمع وكسر وكسر للمعنويات. ويفساد للدين والدنيا ولذلك كانت عقوبة الاعدام في كل حال ان يقوتن الفاعل والمفعول به. قال النبي صلى الله عليه وسلم من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فقاتلوا الفاعل والمفعول به. رواه وصححه ابن ويروى على شرط البخاري ونقل ابن القيم القول بانعدامهما عن جمهور الامة ونقل شيوخ اسلام ابن تيمية في كتاب السياسة الشرعية اتفاق الصحابة على الاثنين وانهم لم يختلفوا فيما وانما خلافهم في نوع قتلهما وثالث عقوبة الخمر والخمر كل مسك ومن اجل ومن اجل الضرر في العقل والبدن والدين والمجتمع وكونه سببا للجرائم الفظيعة راتب الاسلام عليه عقوبة رادعة ثابتة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجماع المسلمين رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اوتي برجل شرب الخمر فجلس فجلد بجريدتين نحوه اربعين. قال وفعله ابو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في الحدود ثمانين فامر به عمر رضي الله عنه رواه مسلم. وهذه العقوبات لها شروط لتنفيذها بحيث لا تنفذ الا على من كان اهلا للعقوبة العاقل اما الصغير والمجنون فيستعمل في حقهما ما يكون به منع هذه الجرائم حسب ما يليق وحفظ الامن وحفظ الامن لما كان اساس الاستقرار الذي به يتفرغ الانسان لاداء مهمة الدنية والدنيوية اعتنى الاسلام به في النفس والمال والعرض ولذلك الاسس الكفيلة به. ففي النفس اثبت الاسلام القصاص في القتل فما دونه فقال تعالى في القتل يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الاية وقال تعالى فيما دون القتل والعين والعين والجروح قصاص وفي اثبات القصص اكبر قال تعالى ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون وذلك ان الجاني اذا علم انه سيقتص منه فانه لن يقدم على الجناة واذا واذا كثرت الجناية في البلاد التي لا ينفذ فيها القصاص. وثانيا وفي المال اوجب الاسلام قطع يد السارق نكالا. قال تعالى والله عزيز حكيم. وهذه العقوبة رادع قوي الى ارتكاب السرقة. وثالثها في العرض اوجب الاسلام جلدما قذف محصن له محصنة ثمانين جنة قال الله تعالى والذين يأمنون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء ثمانين جلدة وفي تنفيذ القصاص والحدود قوي لامن الناس على نفوسهم واموالهم واعراضهم. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو اساس قوي تقوم عليه السياسة الداخلية والمعروف ما عرفه الشر وقره. والمنكر ما انكره الشر ونهى عنه هذا وهذا الاساس اعظم دعامة تقوم عليها تلك السياسة هو شامل للاسس السابقة وغيرها وبه فضلت هذه الامة على قال الله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وبه تتحد الامة وتستقيم امورها الدينية والدنيوية وبفقد تحصل الفوضى والفكر الفوضى فكرية وبفقده تحصل الفوضى الفكرية والعقيدية والعملية ويفتنق الناس في دينهم شيعا كل حزب بما لديهم فرحون قال الله تعالى ولتكن منكم امة يدعون للخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم واما السياسة الخارجية والعلاقة بين المسلمين والكفار فقد قسم الاسلام ذلك ثلاثة اقسام. القسم الاول الكفار محاربون. كفار محاربون فالواجب قتال حتى تكون الغلبة للاسلام فلا فلا يمنع فلا يمنع دعوته احد او يقوم بضد او ام يقوم ضدها. قال الله تعالى وقاتلوا حتى لا تكون فتنة كله لله. وفي حال القتال نعاملهم بما قال الله تعالى فاذا لقيتم الذين كفروا فضربا الرقاب حتى اذا فاما من بعد واما فداء واما فداء حتى تضع الحرب اوزارها. ولنا ان نقتلهم بعد نسرهم كان في ذلك مصلحة لان النبي صلى الله عليه وسلم قتلنا ضربنا الحادث وعقبة ابن ابي معيط بعد بدر صبرا. والحكمة في قتال اعلام كلمة الله في ورحمة هؤلاء الكفار بخضوع دخولهم فيه. القسم الثاني كفار معاهدون فيجب الوفاء لهم بعد ما داموا مستقيم ولم ينقصون شيئا ولم يظاهروا علينا احدا. قال الله تعالى ان الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم احد عدم فاتموا اليهم عهدهم الى مدة ان الله يحب المتقين. فان خف منا قضيهم العهد وجب اعلامهم بالغاء العهد ولا يجوز الغاؤه قبل اعلامهم لان ذلك خيانة قال الله تعالى واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء ان الله لا يحب الخائنين وان قاضوا العهد وجب قتال قال الله تعالى كفره انه لا ايمن لهم لعلهم ينتهون. والحكمة في المعاهدة ان الحاجة قد تدعو اليها لقلة المسلم او ضعف وانتظار عدد او او مدد القسم الثالث اهل الذمة الذين بذلوا الجزء عن اقامتهم بدار الاسلام وحمايتهم فيجب فورهم بما شرطنا لهم ما لم ينقضوا العقد. قال الله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ولا يحرمون ما حرم الله والرسول ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عينوا وهم صاغرون. وفي حديث بريدة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا بعث اميرا على سرية او جيش اذا لقيت عدوك من المشركين فادعوا الى ثلاث خصال افاقبل منهم وكف عنهم الاسلام فان اجابوك فاقبل من وكف عنهم. فان ابوا فانهم ابوا فادعوا من اعطاء الجزياء. فان اجابوا فاقبلوا كفان فانهم ابوا فاستعن بالله وقاتلوا مقتصر من مسلم وابي داوود. وبعقد ذمة شروط واحكام تكلم عليها اهل الفقه فلا بذكر ها هنا ذكر المصنف رحمه الله تعالى امرا خامسا من الامور التي يتحقق بها كمال الاسلام ويتجلى. وهو كماله في السياسة. يعني في اصلاح الخلق فان اصل هذا الفعل يسوس يرجع الى اصلاح الخلق بضبط احوالهم فيما يعود عليهم بالنفع في العاجل والاجل. فذكر ان الاسلام نظم السياسة الداخلية والخارجية اكمل نظام. والمراد السياسة الداخلية ما تعلق باصلاح احوال المسلمين في انفسهم وبالسياسة الخارجية ما تعلق باصلاحها مع غيرهم من مقابليهم من اهل الكفر. ثم ذكر رحمه الله تعالى كلاما رائقا عن ابن القيم الله تعالى في تعظيم قدر السياسة الشرعية. وانها السياسة العادلة التي تكفل للخلق سعادة الدنيا والاخرة. ثم ذكر رحمه الله تعالى ما تقوم عليه السياسة الداخلية اولا ثم تقوم عليه السياسة الخليجية ثانيا فذكر ان السياسة الداخلية تقوم على اسس اربعة احدها العلاقة بين الحاكم والمحكوم وثانيها حفظ القيم الاخلاقية وثالثها حفظ الامن ورابعها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم افاض في البيان المتعلق بكل واحد من هذه الاسس الاربعة مبتدأ ببيان العلاقة بين الحاكم والمحكوم معرفا بان لكل منهما فيها وظيفة فوظيفة الحاكم النصح في في الحكم بحيث يختار اكمل الطرق واقربها لحصول مصالح المحكومين في الدنيا والاخرة ولا الاعمال الا الاكفاء اي ذوي الاهلية الذين يقدرون على ايصال ما انيط بهم من النفع للناس فان الحاكم يتصرف في الناس بما تقتضيه منفعتهم ومصلحتهم. فاذا كان غير قادر على مباشرة العمل اناب كفئا يقوم مقامه. ثم ذكر الادلة على ذلك. ثم ذكر من وظيفة الحاكم اقامة العدل بين الرعية في تنفيذ الاحكام بين الناس. قال الله تعالى واذا حكمتم بين الناس انزحوا بالعدل. فهو مأمور ان يسير فيهم بالعدل في القضية ثم ذكر وظيفة المحكوم وان منها النصح للحاكم وارشاده باقرب وسيلة يحصل بها المقصود وفي الحديث ان الله يرضى لكم ثلاثا ثم ذكر وان تناصحوا من ولاه الله امركم. رواه مسلم ثم ذكر من وظيفة المحكوم ايضا طاعته للحاكم في غير معصية الله عز وجل. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا رسول واولي الامر منكم. ثم قال فان امر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لقول النبي صلى الله عليه وسلم فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. والمراد بالسمع القبول والمراد بالطاعة الانقياد واصل البيعة هي عقد على السمع والطاعة فهو يسمع اي يقبل من امره ويطيع له ان ينقادوا له ثم ذكر من وظيفة المحكوم ايضا الصبر على ظلمه وجوره اذا جار وظلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من رأى من اميره شيئا يكرهه فليصبر فانه من فارق الجماعة شبرا فماتها فميتته جاهلية فمأمور ان يصبر على جور الظالم منهم حفظا لمصالح المسلمين العليا لا اشادة بالظلم اقامة له فان تحقيق المصالح العليا التي تنتظم بها حياة الناس لا يكون الا بامتثال ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الجائلين. ثم قال وبهذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم يسود النظام وتتوضد اركان الدولة اي تثبتوا وتقوى ويتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم خيار ائمتكم يعني امرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ورواه مسلم. وتقدم ان الصلاة في لسان العرب اسم جامع للحنو والعطف الحنو والعطف ثم ذكر اساسا اخر من اسس السياسة الداخلية وهو حفظ القيم الاخلاقية والمراد بها المعاني السامية المتعلقة بالاخلاق وهي دعامة قوية لبقاء الامة ولن تقوم الامة بدون اخلاق وفي حديث ابي هريرة عند احمد وغيره انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق وفي لفظ مكارم الاخلاق واسناده حسن. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الشرع كما امر بحفظ الاخلاق وتنميتها فقد جعل حواجز تردع الناس عن اضاعتها وتدميرها بما رتب من العقوبات على كعقوبة الزنا وعقوبة اللواط وعقوبة الخمر. وذكر رحمه الله تعالى دليل كل. ثم ترى الاساس الثالث وهو حفظ الامن وذلك لما فيه من استقرار الناس بتفرغهم اداء مهامهم في الدين والدنيا فانها لا تكون الا بحفظ الامن واعتنى الاسلام به في النفس والمال والعرض كما مثل المصنف بقصاص النفس في الجنايات في النفس وما دونها بقتل وغيره وفي المال بقطع يد السارق نكالا اي عقوبة وردعا له وفي العرض بما جاء فيه من جلد القاذف اذا قذف محصنا او محصنة ثم ذكر الاساس من اسس السياسة الداخلية وهو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال وهو اساس قوي تقوم عليه السياسة وبه اختصت هذه الامة عن سائر الامم. ثم قال والمعروف ما عرفه الشرع واقره. والمنكر ما انكره الشرع ونهى عنه واسم المعروف يعم الحسنات من الفرائض والنوافل واسم المنكر يختص بالمحرم ومات فالمحرم هو الذي يكون منكرا والفرض والنفل هو الذي يكون معروفا. وجاء الشرع بالامر بالمعروف وهو الفرض النفل والنهي عن المنكر وهو المحرم. وذكر المصنف ادلته ثم ذكر ان السياسة الخارجية هي العلاقة بين المسلمين والكفار رتبت في الاسلام بما جاء من تقسيم هؤلاء الكفار الى ثلاثة اقسام. القسم الاول كفار محاربون وهم هم المعادون للاسلام والواجب قتالهم حتى تكون الغلبة للاسلام ويعاملون في الاسلام بما جاء من الاحكام من القتل والاسر والفداء وغير ذلك من احكامه. والقسم الثاني كفار معاهدون. وهم المؤمنون على انفسهم واموالهم بعهد من ولي امر المسلمين فيجب الوفاء لهم بعهدهم ما داموا مستقيمين عليه ولم ينقصنا شيئا ولم يظاهروا علينا احدا. واذا اريد نقض عهدهم ابلغوا ذلك. فاذا ثاروا على علم من نقض عهدهم قتلوا بعد ذلك. ثم ذكر القسم الثالث وهم اهل الذمة الذين بذلوا الجزية عن اقامتهم الاسلام وحمايتهم فيبقون بين المسلمين ويشملهم حراسة المسلمين وحمايتهم في انفسهم واموالهم اعراضهم بما يدفعون من مال يبذلونه في الجزية كما جاء في القرآن والسنة النبوية. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى وسادس اعتزاز المسلم بدينه من خلال ما سبق في مزايا الاسلام العظيمة يتبين انه يجب على المسلم ان يكون معتزا بدينه مفتخرا به محافظا عليه ومدافعا عنه. اولا لان الله اخبر ان العزة للمؤمنين من يهنوا او يذلوا وهم الاعلون. قال الله تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وقال ولا تهنوا ولا احزن وانتم لعنون ان كنتم مؤمنين. وثانيها ان النبي صلى الله عليه وسلم حذر من التشبه بغير المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم. ومعنى هذا انه يجب على المسلم ان يكون له كيان خاص قائم بنفسه يتميز به عن الكافرين الظالمين والا يكون متخلفا بالتبع لغير من يكون متبوعا بل يكون متبوعا لا تابعا. وثالث ان الدين الاسلامي هو الذي اكمله الله ورضي هدينا لعباده الى يوم القيامة. قال الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا انا مهيمن على جميع الاديان وحاكم عليها ومشتمل على جميع الكمالات الموجودة فيها. قال الله تعالى وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه وخامس ان التمسك به سبب لسعادة الدنيا والاخرة. قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. محمد الصالح العثيمين ختم المصنف رحمه الله تعالى ببيان الامر السادس الذي يتجلى فيه كمال الاسلام يتبين وهو اعتزاز المسلم بدينه الظاهر في جملة من الاحكام بما اخبر الله سبحانه وتعالى به من عزة المؤمنين ونهيه ان يهنوا او يذلوا لغيره. قال الله تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وقال وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين. ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم حذر من التشبه بغير المسلمين وقال صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم رواه ابو داوود وغيره من حديث ابن عمر واسناده حسن فحذر من التشبه بغير المسلمين لما فيه من النقص. فدينهم كامل واحوالهم فاضلة. والعدول عن دينهم واحوالهم الى فيها يورثهم النقص. ثم ذكر من موجبات ذلك ان دين الاسلام هو الذي اكمله الله ورضيه دينا لعباده الى يوم كما تقدم في صدر الكتاب. ثم ذكر انه مهيمن على جميع الاديان اي مسيطر عليها عال فوقها وحاكم عليها ومشتمل على جميع الكمالات الموجودة فيها كما قال تعالى وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من كتاب ومهيمنا عليه اي عاليا عليه مستويا فوقه. ومنها ان التمسك بالاسلام سعادة لسبب لسعادة الدنيا والاخرة. قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. ولا يتحقق هذا بغير الاسلام. اجتماع هذه الامور يوجب كمال الاسلام في اعتزاز العبد به لما حواه من كمال ظاهر ونظام فاخر في الدنيا والآخرة ثم ختم المصنف كتابه بما بدأ به من حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقع في محمد الصالح العثيمين على ما تقدم الا انني انبه على امور تتعلق بالكتاب ثم انبه على امور خارجه. فاما الامور التي تتعلق بالكتاب فاولها ان اثبات كلمة المقدمة كما نبهني احد الاخوان واقع من الناشرين للكتاب. واما النسخة الخطية التي بقلم المصنف فليس فيها اثبات كلمة مقدمة بعد البسملة بل فيها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وثانيها انه ليس في نسخة الكتاب الخطية التي بقلم المصنف اثبات اسمه لا في اول الكتاب ولا في اخره فهو من تصرف الناشرين ايضا. فالكلام المتقدم فيهما ينفى لانتفاء متعلق عليهما المثبت في هذا الكتاب. وثالثها ان المصنف رحمه الله تعالى ذكر دين عيسى عليه الصلاة والسلام باسم المسيحية وهذا اسم للدين الصحيح الذي كان عليه المؤمنون به. واما بعد حدوث التحريف والتغيير والتبديل عليه فانه لا يسمى بالدين المسيحي وانما يسمى دين النصارى. وللعلامة حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله تعالى رسالة في ذلك وللمصنف رحمه الله تعالى ايضا كلام في ابطال تسمية دين النصارى المحرم بالمسيحية وانه لا يسمى الا دين النصارى. فكلامه هنا منسوخ بكلامه المتأخر المثبت في احدى لقاءات اللقاء المفتوح الذي كان يعقده رحمه الله تعالى في بيته وهو الموافق للادلة واما الامور التي انبه اليها خارجه فاولها ان مضمون هذا الكتاب تقدم اقرؤه في كتابي كمال الدين للعلامة محمد الامين الشنقيطي وكتاب الدين الصحيح يحل جميع المشاكل للعلامة عبدالرحمن ابن سعدي شيخ المصنف وينتفع المتلقي من استماع شرحي هذين الكتابين الذين تقدما في سنوات برنامج الدرس الواحد فيما سلف وثانيها ان درس اليوم بعد المغرب وهو بذل المرام للعلامة البيطار قد نقل الى فجر يوم الاثنين ووضع بدلا منه الدرس الذي كان في فجر يوم الاثنين وهو كتاب النصيحة للراعي والرعية فسادرس اليوم بعد المغرب كتاب الراعي النصيحة للراعي والرعية ابي الخير التبريزي وسيدرس الشيخ عيسى العيسى يوم الاثنين بعد الفجر كتاب بدر المرام للعلامة البيطار. وتانيها اني احث الاخوان على الحرص على حضور هذه المجالس جميعا سواء عندي او عند غيري لما فيها من النفع الذي اقله حبس المرء نفسه في مجالس الخير مع قراءة هذه الكتب وربما لا يحصل للانسان حبس نفسه لقراءة هذه الكتب فاذا وجد من يعينه ويصبره في ايام اربعة يقرأ فيها ستة عشر كتابا حصل بذلك خير عظيم. وهذا اخر البيان على هذا الكتاب وبالله التوفيق. والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين