السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الحج مقاما للتعليم. وهدى من شاء فيهم من عباده الى الدين القويم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد ان عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما علم الحجاج وعلى اله وصحبه خيرة وفد الحاج. اما بعد فهذا شرح الكتاب التاسع من برنامج تعليم الحجاج في سنته الرابعة ست وثلاثين واربع مئة والف وهو كتاب مختصر في اصول العقائد الدينية للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله المتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة والف نعم بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال العلامة عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله تعالى في كتابه مختصر في اصول العقائد الدينية لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على محمد واله وصحبه واتباعه الى يوم الدين. اما بعد فهذا مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة اقتصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط الكلام ولا ذكرياتها واقرب ما يكون لها انها انها نوع من الفهرست للمسائل لتعرف واصولها ومقامها ومحلها من الدين. ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها وان يسر الله وفسح في الاجل بسطت هذه المطالب ووضحتها بادلتها. ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة. ثم اردفها بحمد الله رب العالمين وثلث بعد بالصلاة على محمد واله وصحبه واتباعه الى يوم الدين ثم ذكر رحمه الله ان هذا الكتاب مختصر جدا والمختصر من الكم ما قل مبناه ومدحه اذا جل معناه فان تقليل الكلام يسمى اختصارا والممدوح من الكلام المختصر ما وفى بالمعنى. لا ما اخل فالمختصرات متفاوتة الاقدار في حظوظها من الوفاء بالمعنى وامعن المصنف في بيان قلة لفظ كتابه هذا فلم يكتفي بقوله فهذا مختصر في اصول العقائد الدينية. بل قال مختصر جدا اي على وجه المبالغة الممعنة في الاختصار والداعي الى اختصار القول هو الاعانة على ادراكه حفظا وفهما فان الكلام اذا قل فهو اجدر ان يوعى حفظا وفهما. فانفع البيان ما كان قليل المبنى جليل المعنى فان النفوس تتشوف الى حفظه وفهمه وتجد قدرة عليها بخلاف تطويل الكلام وتكثيره وتوفيره فان منفعته تقل اذ يذهب بعضه بهجة بعض ويضيع بعضه غاية كبعض ثم بين رحمه الله ان هذا المختصر جدا هو في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة اذ ابواب العلم وانواعه متنوعة متعددة. ومن اكدها العقائد الدينية لتعلقها بايمان العبد فان العقيدة فعيلة من العقد ومحله القلب ومتعلقه ما يجمع عليه القلب مما يرجع الى الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وهذا المختصر جدا في اصول العقائد الدينية مشتمل على مهماتها المشار اليها بقوله والاصول الكبيرة المهمة اذ علم العقائد طويل الدرع كثير الاصل والفرع والمذكور هنا نبذة مهمة منه تشتمل على اصول كبيرة مهمة ثم بين كيفية اختصاره فقال اقتصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط للكلام ولا ذكر ادلتها فالمختصر جدا الذي جعله المصنف في اصول العقائد الدينية قائم على اصلين احدهما تجريد المسائل تجريد المسائل والاخر طي الدلائل. والاخر طي الدلائل فاقتصر على سرد شيء من مسائل الاعتقاد معدودة مردودة الى جملة من اصوله ولم يقرنها بدلائلها ثم بين اشبه شيء يكون به هذا المختصر فقال اقرب ما يكون لها انها من نوع في سبيل المسائل والفهرست اسم اعجمي ثم عرب وقيل في تعريبه فاهرس او فهرس بكسر الفاء او فتحها ومقصودهم به الدليل على اسماء اصول كتاب ما الدليل على اسماء اصول كتاب ما من ابواب وفصول وغيرها ثم ذكر الداعي له الى جعل هذا المختص هذا النحو فذكر ان داعيه الى الاكتفاء بتصنيف هذا المختصر محاذيا الفهرست امران احدهما المذكور في قوله لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين اذ يقلل القول فيها وينبه ويشار اليها فتعرف مراتب تلك المسائل من الديانة الاسلامية والاخر المذكور في قوله ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها اذ العلم اذا قلل في ابتداء الالقاء دعا الى التطلع في الانتهاء فاذا قلب هذا فالقي كثيرا صار نفعه قليلا فاول ما يتلقى العلم على وجه الاجمال ثم يتلقى على وجه التفصيل ذكره ابن خلدون في مقدمته والزركشي في قواعده في جماعة اخرين فمريد الانتفاع بالعلم ينبغي ان يتحرى من المعلمين من يلقي اليه العلم في ابتداء اخذه قليلا قليلا ثم يشرع بعد ذلك في الزيادة. واما الابتداء بالجم الغفير والوافل الكثير من القاء مسائل العلم وتفريع القول فيها وبسط ادلتها ونشر عللها والاجابة على ايراداتها وذكر المخالفين فيها فانه قليل النفع في حال الابتداء فمن وعى هذا المختصر اجمالا دعاه فهمه الى الازدياد من العلم ورغبه في معرفة بسط مضامينها ونشر براهينها والتمس ذلك من مطولات كتب الاعتقاد او من صدور فحول الرجال العارفين بطرائق التعليم ثم تمنى رحمه الله امنية من اماني اهل العلم فقال وان يسر الله وفسح في الاجل بس هذه المطالب وضحتها بادلتها واغترمته المنية رحمه الله فلا يعرف له تقييد في شرح هذه الاصول الجامعة المذكورة في هذا المختصر وينتفع بتأليفه الاخرى في ابواب الاعتقاد كالتنبيهات المنيفة كالتنبيهات اللطيفة على ما احتوته العقيدة الواسطية من المباحث اللطيفة وغيره من تصانيفه على فهمها. نعم. قال رحمه الله الاصل الاول توحيد حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال والافراد العبادة فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير توحيد الاسماء والصفات واثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الاسماء الحسنى والصفات كاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. وتوحيد الالوهية والعبادة هو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها وافرادها من وافراد وافرادها من غير اشراك به في شيء منها مع اعتقادك ما مع اعتقاد كما لالوهيته فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه على كل شيء قدير وانه الغني يلحد وما سواه فقير اليه من كل وجه ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة والايمان بها ثلاث درجات ايمان بالاسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته كالعلم بانه عليم ذو علم ويعلم كل شيء قدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء الى اخر ما له من الاسماء المقدسة. ودخل في ذلك اثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته ودخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو ونحوها وصفات فعلية وهي المتعلقة بمشيئته وقدرته كالكلام والخلق والرزق رحمة والاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا كما يشاء وان جميعها تثبت لله من غير تمثيل ولا تعطيل. وانها كلها قائمة بذاته وهو موصوف بها وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد. ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا. ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه واليه يعود وانه المتكلم به حقا وان كلامه لا ينفذ ولا يبيد. ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافاة بين بين كمال علوه وكمال قربه. لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة. من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق وبعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته. ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا. ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تافه وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله وان لهما افعالا وارادة تقع بها افعالهم وهي متعلقة وهي متعلق الامر والنهي. وانه لا يتنافى الامران اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للذوات والافعال والصفات واثبات قدرة العبد على اله واقواله. ولا يتم توحيد العبد حتى العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله. وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة وهو ان نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وهو كل وسيلة قريبة يتوصل وبها الى الشرك الاكبر كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك. والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب لما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله اله والاء ومعانيها الثابتة الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه فهمها وفهمها فمن صائم. فهمها. فهمها احسن الله اليك. وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له وقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة. فاطمئن الى فاطمئن الى الله معرفة وانابة وفعلا وتركا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم. فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك امين. رتب المصنف رحمه الله هذا المختصر في خمسة اصول مهمات من اصول الجامعة عند اهل السنة والجماعة وابتدأها باعظمها اصلا وهو التوحيد. فقال الاصل الاول التوحيد ثم شرع يبين ما يتعلق بهذا الاصل على وجه يناسب مقام الاختصار فابتدأ بذكر حقيقة التوحيد الشرعية فقال حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال وافراده بانواع العبادة لان حقيقة توحيد الله هو اعتقاد تفرده هو منفرد عن غيره به ومحل انفراده سبحانه يرجع الى حقين له احدهما حق المعرفة والاثبات والاخر حق الارادة والقصد والطلب وهما مذكوران في كلام المصنف فقوله بتفرد الله بصفات الكمال يرجع الى الحق الاول وهو المعرفة والاثبات وقوله وافراده بانواع العبادة يرجع الى الحق الثاني وهو الارادة والقصد والطلب وابين من هذا ان يقال ان التوحيد شرعا يطلق على معنيين احدهما عام وهو افراد الله بحقه والاخر خاص وهو افراد الله بالعبادة ثم بين المصنف رحمه الله ما يدخل في حقيقة التوحيد شرعا فقال فدخل في هذا توحيد الربوبية ثم قال وتوحيد الاسماء والصفات ثم قال وتوحيد الالوهية والعبادة فحد التوحيد الشرعي وحقيقته ينجمع على هذه الانواع الثلاثة واولها توحيد الربوبية وثانيها توحيد الاسماء والصفات وثالثها توحيد الالوهية والعبادة وتقدم ان المفصح عن اندراج هذه الانواع في حقيقة التوحيد هو استقراء القرآن الكريم اقرأ في توحيد الربوبية قوله تعالى وهو رب كل شيء وقوله تعالى الحمد لله رب العالمين. وقوله تعالى الله خالق كل شيء واقرأ في توحيد الاسماء والصفات قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه الاية وقوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وقوله تعالى ولله المثل الاعلى اي الوصف الاعلى واقرأ في توحيد العبادة قوله تعالى فاعبد الله مخلصا له الدين وقوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فالمتصفح لافراد اي القرآن الكريم يرصد بكل جلاء انواع التوحيد الثلاثة فهي منهل مأخوذ من اي القرآن الكريم وبه صرح جماعة من الاوائل كابي جعفر ابن جرير وابي حاتم بن حبان وابي عبدالله ابن منده في اخرين ثم ذكر رحمه الله ما يندرج في واحد من هذه الانواع الثلاثة. فقال مبينا ما يندرج في توحيد الربوبية فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير وتقدم ان توحيد الربوبية هو افراد الله في ذاته وافعاله والمذكور هنا ثلاثة مشاهد من مشاهد الربوبية العظمى فان مشاهد الربوبية العظمى اربعة اولها مشهد الخلق وثانيها مشهد الرزق وثالثها مشهد الامر وهو التدبير والتصريف ورابعها مشهد وذكر بعضها كالذي جرى عليه المصنف تعريف بجلالتها ثم ذكر ما في توحيد الاسماء والصفات فقال وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات ما اثبته الله لنفسه واثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا فحقيقة توحيد الاسماء والصفات شرعا هو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلى. وطريق معرفتها هو الوحي. لان ان الله عز وجل غيب بالنسبة لنا ولا سبيل الى اطلاعنا على ما له من الاسماء والصفات الا بطريق الوحي من خبره سبحانه او خبره صلى الله عليه وسلم عنه. فما جاء في خبرهما من الاسماء والصفات وما دار في فلك ذلك من النفي والاثبات يجب على العبد ان يؤمن به ثم بين كيفية الايمان به فقال من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. اي مع براءة من كل ما يورث التعدي على الله سبحانه وتعالى في حقائق اسماء وصفاته واصول العدوان على الاسماء والصفات الالهية اربعة اولها التشبيه وهو اعتقاد مشابهة الخلق له وثانيها التمثيل وافتقاد كوني احد من الخلق يمثل صفات الله عز وجل بما يبينها من المتماثلات وثالثها التحريف وهو الميل بتلك الاسماء والصفات عما يجب فيها ورابعها التعطيل وهو اخلاء الله سبحانه وتعالى من اسمائه وصفاته بنفيها ثم بين ما يندرج في توحيد الالوهية والعبادة فقال وهو افراده وحده باجناس العبادة انواعها وافرادها من غير اشراك به في شيء منها مع كمال الوهيته فحقيقة توحيد الالوهية شرعا هي افراد الله بالعبادة. فكل عبادة تتقرب بها تكون لله وحده فالدعاء لله والتوكل على الله والرجاء من الله والاستعانة بالله والذبح والنذر لله عز وجل ثم رجع الى القول ببيان افراد تنجرج فيما مضى لجلالتها فقال فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر لان القضاء والقدر هو من قدرة الله عز وجل فلما قدر قدر سبحانه وتعالى على الخلق انفذ فيهم احكامه من الاجال والامال والاقوات والقوات والارزاق والاعمال وغيرها من مضامين القدر الجاري في الخلق ثم قال ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى والدتي في الكتاب والسنة. فاذا ورد في الكتاب والسنة اسم من اسماء الله عليك ان تثبته له. ثم ذكر درجات الايمان بالاسماء والصفات وهي تلاتة اولها الايمان بالاسماء والثانيها الايمان بالصفات وثالثها الايمان باحكام الصفات والاسم الالهي شرعا ما دل على ذات الله مع كمال متعلق به. ما دل على ذات الله مع كمال متعلق به وصفة الله شرعا ما دل على كمال متعلق بذات الله ما دل على كمال متعلق بذات الله وحكم الصفة اصطلاحا يقع على معنيين احدهما اثر الصفة احدهما اثر الصفة وهو ما ينشأ عنها. فالمطر مثلا من رحمة الله فهو من احكامها والاخر النسبة بين الصفة الالهية ومتعلقها فتسمى تلك النسبة حكم الصفة. كالنسبة بين العلم والمعلومات كالنسبة بين العلم والمعلومات. ذكر هذين المعنيين جماعة منهم ابو عبد الله ابن القيم في الكافية الشافية وابن عيسى في شرحها ومحمد خليل هراس في شرحها ايضا والمقصود ان تعلم ان الايمان بالاسماء يدور على هذه الامور الثلاثة التي تسمى اركان الايمان بالاسماء والصفات او تسمى درجات الايمان بالاسماء والصفات فتؤمن اولا بالاسم الالهي ثم تؤمن ثانيا بالصفة التي تضمنها ثم تؤمن ثالثا بحكم تلك الصفة. فمثلا قال الله تعالى وهو العليم الحكيم ففي الاية من اسماء الله اسم عليم فتؤمن بهذا الاسم اولا. ثم تؤمن بالصفة المستكنة فيه. وهي صفة العلم ثم تؤمن ثالثا تلك الصفة من الاثار الناتجة عنها او النسبة بين الصفة ومتعلقها مما يسمى حكم الصفة كما سبق فتؤمن ان الله بكل شيء عليم وان علمنا من اثار علمه سبحانه وتعالى الى اخر ما يندرج في حكم صفة العلم وهذه القسمة الثلاثية محلها الاسماء الالهية المتعدية وهي التي يطلب فعلها مفعولا كقولك علم الله الصادقين اما الاسماء اللازمة وهي التي لا يطلب فعلها مفعولا فيقصد فيها على الركنين الاولين كفعل حيا فتقول حيا الله فاسم الحي في قوله تعالى الله لا اله الا هو الحي القيوم وقوله وتوكل على الحي الذي لا يموت يكون الايمان به في درجتين احداهما الايمان بالاسم وهو اسم الحي والاخر الايمان بصفة ايش؟ الحياة ولا الاحياء؟ الحياة فتؤمنوا بان الله له صفة الحياة. اما الاحياء فمتعلقه فعل اخر وهو احيا وهو احيا كقولك احيا الله القوم بعد موتهم في قصة بني اسرائيل فقال لهم الله موتوا ثم احياهم سبحانه وتعالى فينظر الى الاسم اهو متعد ام لازم؟ فان كان متعديا جرى الايمان به في ثلاثة اركان وان كان لازما ففي ركنين. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما يدخل في ذلك اثبات علو الله على خلقه اي ان الله عال على خلقه وان فيه استواء الله على عرشه كما اخبر عن نفسه نزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته لان المذكورات من علو واستواء ونزول جاء بها الخبر في الوحي قرآنا او سنة والواجب على العبد ان يؤمن بخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم مع قطع الطمع عن بلوغ الاذهان عن الوصول الى الحقائق الالهية لان عقول الخلق تكلوا عن ادراك تلك الحقائق فان الله جعل لكل قوة من قوانا منتهى. وانت تشهد هذا في نفسك وفي غيرك. ومما جعله الله عز وجل منتهى قوة الخلق فيما يتعلق به سبحانه انهم لا يدركون حائط ذاتهم وصفاته فهم لا يطلعون عليها لكنهم يؤمنون بوجود الله ايمانا لا يشكون فيه وان لم يعلموا كيفية ذاته. كما انهم يؤمنون بما اخبر به الله عن نفسه او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم فيثبتونه اثبات وجود مع قطعهم بانهم لا يدركون حقائق ما عليه الله وعز وجل من الكمالات. لكنهم يعرفون معانيها بما تتكلم به العرب. فهم يثبتون ما جاء في بالله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسانهم سمعنا واطعنا فالله اخبر وعلينا التصديق. قال ابن شهاب الزهري من الله الرسالة وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ وعلينا التصديق ثم ذكر رحمه الله انه يدخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها اي لا يزال موصوفا بها سبحانه كالسمع والبصر والعلم. الى اخر ما ذكر. ثم قال والصفات الفعلية وهي الصفات المتعلقة بمشيئته وقدراته وقدرته. فالصفات الالهية تتنوع تقسيما باعتبارات مختلفة من جملتها ان الصفات الالهية ان الصفات الالهية تنقسم الى نوعين. احدهما الصفات الذاتية وهي المذكورة في قول المصنف اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها اي لا يزال الله موصوفا بها كالسمع والبصر والاخر الصفات الفعلية المذكورة في قول المصنف وهي الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته وذكر طرادا من هذا وذاك. ثم قال في جملة ما يندرج في توحيد الاسماء والصفات ويدخل في ذلك الايمان بان قرآنا كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود فمتعلق الايمان بالقرآن الكريم يرجع الى امور خمسة اولها انه كلام الله وثانيها انه منزل من الله وثالثها انه غير مخلوق ورابعها انه منه بدأ وهذا معنى قوله وانه المتكلم به حقا وخامسها انه اليه يعود اي يرفع في اخر الزمان من الصدور والسطور كما قامت عليه دلائل الوحيين وانعقد عليه الاجماع ثم قال بعد وان كلامه لا ينفذ ولا يبيد والنفوذ هو الانقضاء والانتهاء واخره دال. واما النفوذ اخره ذال فمعناه المضي في الشيء وقوله هنا وان كلامه لا ينفد ولا يبيد يعني لا ينتهي واضح صحيح هذا ام غير صحيح ما الجواب صحيح؟ ما الدليل نعم الايات القرآنية والاحاديث النبوية صريحة في ان كلام الله لا ينفد طيب هل ينزل شيء بعد القرآن الكريم ما الجواب لا طيب كيف لا ينفد وهو لا ينزل شيء بعد القرآن الكريم ايش اذا وش المراد هنا وجوابه ان الكلام الالهي الشرعي انقضى بموت محمد صلى الله عليه وسلم. فلا ينزل شيء من الشرع بكلام الله بعد موته صلى الله عليه وسلم واما الكلام المتعلق بالامر الكوني فانه لا يزال مستمرا قال تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. فالافعال الكونية من الخلق كلها بامر الله عز وجل. فالكلمات الالهية نوعان احدهما كلمات شرعية وهي التي يثبت بها الشرع وانتهت بموت النبي صلى الله عليه وسلم والاخر الكلمات الكونية وهي يقع بها القدر فهذه باقية وهي مقصود المصنف رحمه الله في قوله وان كلامه لا ينفد ولا يبيد. ثم ذكر رحمه الله انه يدخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب. وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه. فالله سبحانه وتعالى علي مع قربه وقريب مع علوه. اذ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فمن صفات الله سبحانه وتعالى علو ومن صفاته ايضا القرب. ثم قال ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب السنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته. فانت تؤمن بالاسماء والصفات الالهية على الوجه اللائق ما لله سبحانه وتعالى وين اشترك المخلوق مع الخالق في صفة فليس مال هذا كائن لهذا قال الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال تعالى انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا الله سميع بصير وانت سميع بصير. لكن ليس السمع كالسمع ولا البصر كالبصر. فلله عز جل من الصفات ما يليه كماله وللمخلوق من الصفات ما يناسب حاله وللمخلوق من الصفات ما يناسب حاله. فصفاتك لا تتناهى الى كمال لانك مخلوق عاجز. واما الله الله سبحانه وتعالى فان الله له اكمل الصفات واتمها مما لا يتناهى حسنه الى حد محدود ولا قدر مضبوط ثم بين رحمه الله ان من ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا فالعقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح فالله عز وجل فطر الخلق وجعل موارد موافقة لشرعه. فالشرع يأتي بمحارات العقول لا محلاتها فالشرع ياتي بمحارات العقول لا محلاتها اي يأتي بما تتحير العقول فيه حسنا وبهاء وجلاء وسناء ان لكن لا يأتي بما تحيله العقول ولا تقبله. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه لا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله فافعالنا التي تقع منا في كل حين وان هي لله سبحانه وتعالى. ولنا قدرة ومشيئة تتعلق بها كما قال وان مشيئتهم تابعة مشيئة الله وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعالهم. قال الله تعالى وما الا ان شاء الله فاثبت لنفسه مشيئة واثبت لمخلوقه مشيئة ومشيئة المخلوق تابعة لمشيئة الله عز وجل. فالله جعل لك ارادة واختيارا ومشيئة تتخير بها افعالك من الطاعة والمعصية لكنها تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى. فالله اقدرك عليها ولم يجبرك عليها فالله اقدرك عليها ولم يجبرك عليها فانت ان شئت اطعت وان شئت عصيت. وكيف ما كان فكل ذلك راجع الى خلق الله. قال تعالى الله خالق كل شيء. وقال والله خلقكم وما تعملون. فكل شيء هو من خلق الله سبحانه وتعالى. ومن جملته اعمالنا. ثم قال رحمه الله ولا يتم توحيد العبد حتى حتى يخلص العبد لله تعالى اي لا يتم التوحيد الا مع اخلاص الدين لله بان لا يريد العبد احدا بما يفعله من عباداته ويتحقق ذلك بالبراءة من الشرك. فلا تكون موحدا حتى تبرأ من الشرك وهذا معنى قوله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة ثم قال وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر فالتوحيد يفتقر في تتميمه وتكميله الى البراءة من الشرك والشرك ينقسم باعتبار قدره الى نوعين احدهما الشرك الاكبر وهو جعل شيء من حق الله لغيره يزول معه اصل الايمان جعل شيء من حق الله لغيره يزول معه اصل الايمان فاذا فعله العبد خرج من الاسلام كدعاء غير الله او التوكل على غير الله او الذبح لغير الله والاخر الشرك الاصغر وهو جعل شيء من حق الله لغيره لا يزول معه اصل الايمان. جعل شيء من حق الله لغيره لا يزول معه اصل الايمان فهو من الشرك لكن لا يخرج من الاسلام كالذي ذكره بقوله كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك فهذه الافراد من جملة الشرك الاصغر والرياء الذي هو من الشرك الاصغر هو الرياء كله واهل العلم لهم طريقتان في عد الرياء من الشرك الاصغر احدهم قولهم ومنه يسير الرياء احدهما قولهم ومنه يسير الرياء والاخر قولهم ومنه الرياء والثاني اسعد بالدليل من الاول فان الرياء قليله ويسيره وكثيره وجليله كله من الشرك العصا فعند الحاكم من حديث شداد ابن اوس رضي الله عنه انه قال كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك في الاصغر واسناده حسن. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الناس في التوحيد على درجات متفاوتة اي على مراتب مختلفة هم درجات عند الله وتفاوتهم يرجع الى ما ذكره بقوله بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فالخلق في معرفة الله وما يثبت له من الكمال متفاوتون فيما يحيطون به علما. ثم هم متفاوتون فيما يقومون به من العبوديات وتفاوتهم في هذا وذاك ادى الى تفاوتهم في درجاتهم من التوحيد. فالناس متفاوتون في حظوظهم من التوحيد والمبتغي بلوغ المراتب العالية في توحيد الله يجتهد في معرفة الله واثبات الكمالات له اولا ثم يجتهد في القيام بما لله من العبوديات فهو يعرف الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا وصفاته العلا انه الله الذي له الالوهية وانه الحي اللذوي له الحياة وانه القيوم له القيومية وانه العزيز الذي له العز وانه الحكيم الذي له الحكمة والحكم الى اخر ما يندرج في في باب معرفته واثبات كمالاته. ثم يتطلع بعد الى القيام بالعبوديات التي لله وتعالى فيجعل كل عبادة حقا محضا لله ليس لاحد من الخلق فيها شيئا صلاته لله ونسكه لله ومحياه لله ومماته لله وتوكله على الله ورجائه بالله وخوفه من الله واستعانته بالله. فمتى كمل هذه المراتب بلغ ذرا العلا. في توحيد الله عز وجل وباعتبار ما ينقص عنده من معاني في التوحيد والقيام بالعبوديات يكون نقص رتبته في منزلة اهل التوحيد. ومبتغي النجاة عند الله يسعى سعيا حديثا في درك المنازل الية من توحيد الله عز وجل. لان اهل توحيد الله عز وجل هم اسعد الخلق بالله في الدنيا والاخرة وهم اسعد الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان قلوبنا بوداده وتوحيده وان يجعلنا من خلص عباده وان يوفقنا الى كمال معارف ما له من اثبات حق في ذاته واسمائه وصفاته وان يعيننا على القيام بما نتم به العبوديات الكاملة له سبحانه. نعم قال رحمه الله الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا. وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. وانهم اكملوا الخلق علما وعملا واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا. وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد. وان الله برأهم من كل من كل خلق رذيل انهم معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى انه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب. وانه يجب الايمان بهم وبكل ما وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور ثابتة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه ومن ذلك كأنه خاتم النبيين قد نسخت شريعته جميع الشرائع وان وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة فلا نبي بعده ولا شريعة غير ولا شريعة غير شريعته في اصول الدين وفروعه. ويدخل في الايمان الايمان بالكتب الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة الفاظها ومعانيها فلا يتم الايمان به الا بذلك. وكل من كان اعظم علما بذلك وتصديقا واعترافا وعملا كان اكمل ايمانا والايمان بالملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم. ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه. كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه. فالامور العقلية او الحسية نافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها. حثة على تعلمها وعملها. وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الامور الضارة منها. ويدخل في الايمان بما به صلى الله عليه وسلم بل وسائر الرسل. ذكر المصنف رحمه الله الاصل الثاني من الاصول غمسة المسرودة في كتابه فقال الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا ثم ابتدأ بيانه بقوله وهذا اصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. فانه لما كانت العقول لا تستقل بمعرفة احتمال الله من حلق من حق احتاجت الى ارشادها اليه. فبعث الله اولا مبشرين ومنذرين ليعرفوا الخلق بما يجب لله سبحانه وتعالى من الحقوق فاتخذ الانبياء والرسل وخصهم بوحيه وارساله وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. والوسائط يجعلها الناس بينهم وبين الله نوعان والوسائط التي يجعلها الناس بينهم وبين الله نوعان احدهما واسطة انتفاع احدهما واسطة انتفاع والاخر واسطة بلاغ. والاخر واسطة بلاغ فاما النوع الاول فابطله الله سبحانه وتعالى فانه ليس بينك وبين الله واسطة يحصل لك الانتفاع بطريقها بل لك مع الله سبحانه وتعالى سبب ممدود وهو دعاؤه عز وجل قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم فليس بينك وبين الله في نفعك احد واما واسطة البلاغ فالناس مفتقرون اليها في تعريفهم بحق الله الواجب عليهم وهو الدين الذي له سبحانه وتعالى به. ثم قال وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به فاقام الله عز وجل من حجج بينات دالة على صدقهم ما يقع كل ناظر فيها مدرك لها ان هؤلاء صادقون في دعواهم بنسبة انفسهم الى النبوة والرسالة كقوله تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. اذ كيف يبقى رجل وهو محمد صلى الله عليه وسلم ينسب نفسه الى النبوة والرسالة والله يؤيده وينصره ويعزره ويظهره على عدوه ولا يقابله سبحانه وتعالى بالعقاب الشديد والعذاب الاليم مع توعده سبحانه بقوله ولو تقول علينا بعض الاقاويل اي لو ادعى علينا اقوالا ليست لنا لاخذنا منه ثم لقطعنا منه الوتين عرق في العنق. ومثل هذا يقال في سائر دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وسائر دلائل نبوات غيره من الانبياء والرسل. ثم قال وانهم اكمل الخلق علما وعملا واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا. فالانبياء والرسل هم اكمل الخلق حالا واصدقهم مقالا. ثم قال لو ان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد وان الله برأهم من كل خلق رديل. وانهم معصومون اي محفوظون فيما يبلغون عن الله تعالى وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب فما اخبروا به يعني الله فهو حق مقطوع به. لا يدخله غلط ولا وهم ولا زلل ولا نسيان. ثم قال وانه يجب ان بهم وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور ثابتة لنبينا صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه فنصدق به ونؤمن له ونعظمه ونحبه صلى الله عليه وسلم ونطيعه فيما اخبر وبه عن ربه ثم قال وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء فالمصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا يجب عليه ان يطيعه طاعة كاملة لا يتلجلج في شيء منها فطاعة الله ورسوله خير لنا من طاعة انفسنا. قال رافع بن خديج رضي الله عنه نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء كان نافعا لنا وطواعية ورسوله صلى الله عليه وسلم انفع نعم فالامر النافع للخلق هو طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم قال ذاكرا مما يندرج في في هذا الاصل ومن ذلك انه خاتم النبيين اي لا نبي بعده. قد نسخت شريعته جميع الشرائع اي محت شريعته صلى الله عليه وسلم كل شريعة وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة فلا دين بعد بعث محمد صلى الله عليه وسلم الا الدين الذي جاء به. قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام. وقال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. فكل دين بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم هو دين باطل وكل من يدين بغير دين الاسلام فهو دنيا كافر وفي الاخرة في النار. قال الله عز وجل لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين. وقال تعالى ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها فلا يقبل الله عز وجل من احد بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم الا الدين الذي اخبر به محمد صلى الله عليه وسلم وغير هؤلاء من يهود او نصارى عبوذيين او وثنيين او شيوعيين او ملحدين او مشركين او غير هؤلاء كل هؤلاء باطل ما هم عليه وحابط ما كانوا يعملون وهم في الاخرة الى النار صائرون. هذا هو نص القرآن والسنة الذي يجب ان يقر في قلب كل عبد مسلم. لان هذا من شواهد تصديقه بالله عز وجل. اتباعه محمدا صلى الله عليه وسلم والشنشنة التي تسمع اليوم من ادعاء ان اليهود والنصارى على دين بعث به نبي وان منهم من يدخل الجنة هذا تكذيب بالله وتزوير لما جاء في القرآن الكريم فان هؤلاء يعمدون الى ايات تتعلق باصحاب موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام قبل الاسلام فينزلونها على مدعت اتباعهما عليهما الصلاة والسلام بعد الاسلام. ثم قال رحمه الله تعالى ويدخل في الايمان ومن ذلك انه خاتم ويدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب. فان من امن بالرسل امن بالكتب التي جاءوا بها من الله سبحانه وتعالى. ومن جملة ذلك ان الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل ما جاء بكتاب والسنة الفاظها ومعانيها فلا يتم الايمان به الا ذلك. فالمؤمن حقا هو الذي يتبع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مبنى ومعنى لفظا وحقيقة لا من يؤمن بذلك لفظا فقط او يؤمن بذلك معنى فقط هذا صار شائعا في المسلمين فتجد منهم من ينازع في بعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وربما صدق به لفظا لكن لا يؤمن به معنى. وكل هؤلاء مخالفون للجادة السوية والطريقة المرضية والديانة فان متبع الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمن به في جميع ما جاء به. من المباني والمعاني والحقائق لا ينازع في شيء من ذلك وكل شيء لاح بين ناظريك قدح في ذهنك انه يخالف ما ينتفع به الخلق فاعلم ان دعواك في البصر والبصيرة كاذبة. وان ما تنصبه لنفسك من حيلة كاسدة خاسرة. وان الناس مهما زخرفوا او روجوا من الاقوال في مقابل قول الله وقول رسوله صلى الله عليه سلم فان ما هم عليه باطل لا يحفل به. وان النبي صلى الله عليه وسلم اوصانا فقال كما في الصحيح يا عباد والله فاثبتوا والله عز وجل قال له فاستقم كما امرت ومن تاب معك فالواجب على العبد ان يستقيم على الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ولا يزيغه عنه الاحوال والاقوال والاراء والاهواء والاذهان بل يبقى ثابتا عليه حتى يلقى الله سبحانه وتعالى. قال رحمه الله تعالى وكل من كان اعظم علما بذلك تصديقا واعترافا وعملا كان اكمل ايمانا فان العلم الكامل يؤدي الى الايمان الكامل. قال والايمان بالملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم لان الذي اخبر عن الملائكة والقدر هو الرسول صلى الله عليه وسلم. فايماننا بالملائكة والقدر مندرج في ايماننا به صلى الله عليه وسلم. ثم قال ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق فكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حقا. قال تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق فكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق لا يتلجلج وصدق لا يتردد وما وقع في قلب احدنا من منازعة ذلك فهو من من تلبيس الشياطين من شياطين الانس او من شياطين الجن والله سبحانه وتعالى ماض في اظهاره على الدين كله. قال تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. فما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في ابواب التوحيد هو الحق. وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في في ابواب الاهتداء والاقتداء هو الحق وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في ابواب السياسة والحكم هو الحق. وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في ابواب والاقتصاد هو الحق وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في ابواب الجهاد والجند والقتال هو الحق. شاء من شاء وابى من ابى. ادرك كذلك من ادركه وعلمه وجهل ذلك من جهله وخفي عليه علمه. تقدم في درس هذا اليوم اقرأوا كتاب النافع في تقرير هذا وهو كتاب الاسلام دين كامل. للعلامة محمد الامين الشنقيطي رحمه الله. وبين كماله في عشر مسائل مما يتناولها الناس امس واليوم وغدا. والدواء الناجع والعلاج النافع هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من ربه ثم قال رحمه الله تعالى في تأكيد احقية ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يقوم دليل عقلي اي منسوب الى العقل او حسي اي منسوب الى الحس وهو ما ندركه بحواسنا على خلافه كما لا يقوم دليل نقلي اي بطريق النقل المأثور على خلافه. فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حاسة تعلمها وعملها وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها وان كان الدليل الشرعي ينهي ينهى ويذم الامور الضارة منها فما يتجدد في الناس من الاحوال والحوادث لا يخرج عن امرين احدهما المنافع والاخر المضار فما كان من الامر الاول من المنافع فالشرع جاء به. وما كان من الامر الاخر من المضار فالشرع ينهى عنه وقس على هذا كل شيء استجد عند الناس. فان كان نافعا لهم فان الشرع يأتي ويبينه وينصره ويعذره وان كان ضارا للناس لا نفعلهم فيه فان الشرع ينهى عنه لكن الشأن في معرفتنا نحن في دلالة الشرع على منافع هذا او مضار ذاك ولذا فان اصلاح الخلق ينبع من نور الرسالة. ومن اراد ان يسعى في اصلاح الناس فليس مدار الاصلاح على الرؤى الفكرية والطروحات المختلفة في ابواب السياسة او الاقتصاد او الاجتماع او المال او الثقافة او العلم او غيرها كلا بل الاصلاح الفياض هو ما في القرآن والسنة. فينظر العبد الى مضامين القرآن والسنة في هذه الابواب. ثم يبين صلاحية حال الناس بها وفق ما في الكتاب والسنة. فليس شيء يتجدد للناس الا وهو في الكتاب والسنة فان هذا الدين دين بين مبين كامل حافل وكماله وبيانه مغن عما سواه ثم قال رحمه الله ختما ويدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل وسائر الرسل. فمن جملة ما في الايمان بنبوته صلى الله عليه وسلم ان تؤمن بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وكل شيء اخبر عنه الرسل من قبله فان رسل الله صادقون مصدقون. فالواجب علينا ان نصدقه صلى الله عليه وسلم وان ان نصدقهم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم. نعم. قال رحمه الله وغفر لكم الاصل الثالث الايمان باليوم الاخر. وكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت انه من الايمان فانه من الايمان باليوم الاخر. كاحوال البرزخ واحوال يوم القيامة وما فيها من من الحساب والثواب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال والصراط واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله فيها لاهلها اجمالا وتفصيلا وكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. ذكر المصنف رحمه الله الاصل الثالث من اصول الخمسة المسرودة في كتابه. فقال الاصل الثالث الايمان باليوم الاخر. ثم قال في بيانه فكل ما فجاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر. فاليوم الاخر اسم ما يكون بعد الموت فاليوم الاخر اسم لما يكون بعد الموت ذكره ابن تيمية الحفيد في العقيدة الواسطية وذكر المصنف في التنبيهات اللطيفة ان هذا هو احسن ما قيل في حده. فالذي يتميز به اليوم الاخر عما يسبقه من ايام انه اسم لكل ما يكون بعد الموت فاذا مات العبد شرع في اليوم الاخر وهذا باعتبار احاد الخلق ثم يكون باعتبار الخلق جميعا اذا قامت القيامة باحوالها واهوالها واثقالها المذكورة في الكتاب والسنة ثم ذكر رحمه الله تعالى افرادا مما يندرج في الايمان باليوم الاخر قال كاحوال البرزخ والبرزخ اصله الحائل بين شيئين الحائل بين شيئين والمراد به عند الاطلاق الحياة التي تكون في القبر الحياة التي تكون في القبر فان العبد يكون فيها في برزخ له تعلق بالحياة الدنيا من جهة وله تعلق بالحياة الاخرى من جهة ثانية. قال والي يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب والعقاب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال واعطي واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله فيها لاهلها اجمالا وتفصيلا فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر وطريق علمنا به هو الوحي. لان اليوم الاخر غيب ولا سبيل الى معرفة الغيب الا ببينة من الوحي من كلام الله او من كلام رسوله صلى الله عليه وسلم اقرأ قوله تعالى اذا السماء انشقت واذنت لربها وحقت واذا الارض مدت والقت ما فيها وتخلت واذنت ربها وحقت الى غير ذلك من الايات القرآنيات والاحاديث النبويات المبينة لاحوال يوم قيامة واذا تقرر ان اليوم الاخر غيب فان تمثيل الغيب عيب فان تمثيل الغيب عيب. فما صار عليه بعض الناس اليوم من تمثيل الغيب الكائن في الاخرة بالاصوات او بالصور حرام لا يجوز. فتجد احدهم مثلا يأتي باية قرآنية تقرأ بالصوت تتعلق بالجنة ثم يبدي معها صور الاشجار والاطيار والازهار وغير ذلك او يأتي بمقابلها مما يتعلق بالنار افعل نظيره يجعل معه من صور انواع ما يوجد في الدنيا من الاذى كالزلازل والبراكين وسيئلان لاباتها وغيرها ممثلا اليوم الاخر. او يسهم ذلك في صور في لوحات تجد فيها احدهم يكتب وطريق النار ويرسم نارا الى غير ذلك ما فيها واخر يرسم طريق الجنة ويرسم صورا تتعلق بها كل هذا حرام لا يجوز لان ما يكون في اليوم الاخر لا علم لنا به الا بالاسماء. واما حقائق ما في اليوم الاخر فانه لا سبيل الى الاطلاع عليه. الا برؤيته لكن نصدق بما جاء في القرآن والسنة من المعاني التي تكون في اليوم الاخر من النعيم او العذاب الاليم. ونقطع علمنا عما دون ذلك ولا نتجرأ بالزيادة عليه. نعم. قال رحمه الله الاصل الرابع مسألة الايمان فاهل السنة يعتقدون ما جاء بالكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح يقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان. وان وان من اكملها ظاهرا وباطنا وباطنا فقد اكمل الايمان. ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه وهذه الامور بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان وانه يزيد وينقص فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله ويرتبون على هذا الاصل لان الناس ثلاثة اقسام منهم منهم من قام بحقوق الايمان بكلها فهو المؤمن حقا. ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى. ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الايمان وفيه من وفيه وفيه وفيه من وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الايمان ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصاحبها الى الكفر لا تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام. ولا يخلد في نار جهنم. ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقوله المعتزلة. بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسد فمعه مطلق الايمان واما الايمان المطلق فينفى عنه. وبهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله وان التوبة ما قبلها. وان من ارتد ومات على ذلك قد حبط عمله ومن تاب تاب الله عليه ويرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان فيصح ان يقول فانا مؤمن ان شاء الله لانه يرجو من الله تعالى تكميل ايمانه فيستثني لذلك. ويرجو الثبات على ذلك الى الممات فيستثني من غير شك منه بحصول اصل الايمان ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله مقداره تابع للايمان وجودا وعدم وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض لله والولاية لله والعداوة لله. ويترتب على الايمان ان يحب لاخيه لما يحبه لنفسه ولا يتم الا به. ويترتب على ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين. والحث على تآلف والتحابب وعدم التقاطع. ويبرأ اهل ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى الكفر او بدعة موجبة او بدعة موجبة للتفرق. ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم وان لهم من الفضل والسوابق والمناقب ما فضلوا به على سائر ثم ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة تسبقهم الى كل خير وابعدهم عن كل شر. ويعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها. ويدفع عنها عادية المعتدين. ولا تتم امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد والا باللسان والا فبالقلب على حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية. وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرع من تمام الايمان والدين ومن تمام هذا الاصل. ذكر المصنف رحمه الله الرابعة من الاصول الخمسة المشرودة بكتابه فقال الاصل الرابع مسألة الايمان بين فيه اصلا جامعا من اصول العقيدة الاسلامية وهو الايمان. ثم اتباعه لوازم تتعلق به فادرج في جملة مسألة الايمان مسائل اخرى من مسائل الاعتقاد كما سيأتي وابتدأ بيانه بقوله فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح. فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمال واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان. فالايمان عند اهل السنة والجماعة يدور على قول وعمل. فالسلف لم يختلفوا ان الايمان قول وعمل. وموارد القول والعمل عندهم ثلاثة احدها القلب وثانيها اللسان وثالثها الجوارح. والمراد بها الاعضاء وسمى المتكلمون في الايمان الاعضاء جوارحا باعتبار ما تجترحه اي تكسبه من فان العمل الذي يكسبه العبد لنفسه لها او يكتسبه عليها يكون بهذه الالات والادوات من الاعضاء المسماة جوارحا ويسميها قوم منهم اركانا وتسميتها جوارح باعتبار الوضع اللغوي وتسميتها اركانا باعتبار الوضع العقلي. والاكمل في الخبر عن الحقائق الشرعية متابعة الاوضاع اللغوية نشر هذا المعنى في كتاب القول السديد. وبينا انقسام الايمان الى خمسة موارد تتعلق بالقول والعمل. ثم قال رحمه الله وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان. ومن انتقص وشيئا منها فقد انتقص من ايمانه فالايمان يزيد وينقص وزيادته بالطاعة ونقصه بالمعصية ايماننا يزيد بالطاعات ونقصه يكون بالزلات. فاذا اطاع العبد ربه زاد ايمانه زاد ايمانه واذا عصى العبد ربه نقص ايمانه. قال تعالى ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم. وليس شيء يزاد فيه الا ينقص منه. ثم قال وهذه الامور يعني المتعلقة ايمان بضع وسبعون شعبة وتسمى شعب الايمان وشعب الايمان هي خصاله واجزاؤه الجامعة له هي خصاله واجزاؤه الجامعة له. ووقع في حديث ابي هريرة عند مسلم عدها بضعا وسبعين في قوله صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة. وعند البخاري من حديث ابي هريرة نفسه بضع وستون شعبة. وعند مسلم لفظ ثالث على الشك. بضع وستون او سبعون شعبة. والمحفوظ من هذه الالفاظ الثلاثة هو لفظ البخاري بضع وستون شعبة لكنه لا يقتضي الحصر والمقصود وان اشهر تلك الشعب يبلغ بضعا وستين. واما ما فهي فوق ذلك. فالعادة دون شعب الايمان الحليم في المنهاج والبيهقي في شعب الايمان والغزوين في مختصره والمصنف في شجرة الايمان من وغيرهم مقدار ما عندهم يزيد عن المعدود بضعا وسبعين شعبة. ثم بين اعلاها وادناها وفق ما جاء في حديث ابي هريرة في لفظه عند مسلم فاعلى شعب الايمان قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق اي ازاحة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. فالشعب الايمانية تنقسم ثلاثة اقسام اولها شعب ايمانية مثل ايش في الحديث الحياء احسنت وثانيها شعب ايمانية قولية. مثل ايش؟ قول لا اله الا الله. وثالثها شعب ايمانية عملية مثل اماطة الاذى عن الطريق. ثم قال ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان فالمؤمنون على ثلاث درجات الاولى درجة المقربين والثانية درجة اصحاب اليمين. والثالثة درجة الظالمين انفسهم فاما المقربون فهم الذين جاءوا بالواجبات واجتنبوا المحرمات ثم امعنوا في الزيادة فتركوا المكروهات وفعلوا المستحبات واما اصحاب درجة اليمين فهم الذين اتوا بالواجبات واجتنبوا المحرمات واما الظالمون انفسهم فهم الذين خلطوا عملا صالحا واخر سيئا ففعلوا من الواجبات وتركوا وانتهى من المحرمات وحفظوا. ثم قال رحمه الله وانه يزيد وينقص على ما تقدم بيانه فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله. قال ويرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام فالقسم الاول من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا. الثاني من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى. والقسم الثالث من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر. او طاعة ومعصية ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الايمان. وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الايمان. فيجتمع فيه خير وشر واحسان واساءة. ويكون هذا في جزائه فيجزيه الله سبحانه وتعالى تارة بما ينعمه وتارة بما يعذبه. ثم قال ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر خير الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصاحبها الكفر تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا يخلد في نار جهنم للخطيئات واقعون للسيئات من الصغائر والكبائر الموبقات لا يخرجون من الاسلام فاسم الاسلام باق عليهم فلا يخرجهم من الاسلام الا الكفر. قال ولا يطلقون عليه الكفر كما تقوله الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقوله المعتزلة بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته فمعه مطلق الايمان واما الايمان المطلق فينفى عنه فيثبتون بقاء الايمان له لكنه ليس ايمانا كاملا فلا يقولون انه مؤمن ايمانا مطلقا اي كاملا لكن يقولون له مطلق الايمان اي مسمى الحقيقة الايمانية فهو يندرج بهذا في جملة المؤمنين لكن عنده نقص باعتبار خطيئته. وهذا النقص اخرجه من دائرة المؤمنين كامل الايمان لكن لم يجه من دائرة الاسلام ولاهل السنة رحمهم الله في الخبر عنه عبارتان الاولى انه مسلم غير مؤمن انه مسلم غير مؤمن والاخرى انه مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته انه مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته حكاها عنهم ابو الفرج ابن رجب في فتح الباري وسليمان ابن عبد الله في تيسير العزيز الحميد ثم قال هذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله. اي يهدمه ويزيله اذا كان العبد كافرا ثم اسلم فما اتاه من عمل سيء قبله فانه يمحى بالاسلام. قال وان التوبة تجب ما قبلها اي تهدمه تزيله. فمن تاب تاب الله عليه كما ثبت في الصحيح. واما التوبة تجب ما قبلها فما درجته ها ايش ما درجته؟ يعني صحيح ام غير صحيح يعني حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال التوبة تجب ما قبلها هل هذا الحديث صحيح ام ليس صحيح تما ما ما جاوبت الان الجواب هذا الحديث لا اصل له ويخطئ من يخطئ من الناس فيقول قال النبي صلى الله عليه وسلم التوبة تجب ما قبلها وهذا اما معناه فصحيح وعليه دلائل كثيرة من القرآن والسنة ثم قال وان من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله اي اذا كان العبد مسلما ثم خرج من الاسلام بالردة ورجع الى الكفر فان عمله الذي كان منه يحبط عنه فيسقط ولا يعد له قال ومن تاب تاب الله عليه ثم قال ويرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله فالاستثناء هو ذكر المشيئة مع الايمان وعلله بقوله لانه يرجو من الله تعالى تكميله فيستثني لذلك فقول احدنا انا مؤمن ان شاء الله يعني راجيا ان اكمل ايماني قال ويرجو الثبات على ذلك الى الممات اي ويريد ثانية ان يثبته الله عليه حتى يلقى الله سبحانه وتعالى ثم برأه من ارادة الشك قال فيستثني من غير شك منه بحصول اصل ايمانه فليس قول احدنا انا مؤمن ان شاء الله اي على وجه الشك في ذلك لكن على وجه رجاء ادراك الكمال والثبات عليه الى نهاية الاجل ثم قال ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجودا وعدما وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة وهذا من الايمان الحب في الله والبغض ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض في الله والولاية لله والعداوة لله. فاذا رتب على ما سلف ان الناس متباينون فمنهم المؤمنون ومنهم الكافرون منهم المقربون ومنهم اصحاب اليمين ومنهم الظالمون لانفسهم واولئك الظالمون لانفسهم منهم المواقعون للصغائر ومنهم المواقعون للكبائر. فما لكل يتعلق به شيء من الحب والبغض والولاية داعيه ما يرتبه الشرع لكل من حق في حبه او بغضه او ولايته او ومعاداته ثم قال ويترتب على الايمان ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه اي من الخير. ولا يتم الايمان به الا به اي لا يكمل ايمان العبد الا به لقوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه متفق عليه اي لا يكون ايمان احدكم احدكم كاملا حتى يحب لاخيه المسلم من الخير ما يحبه لنفسه. قال ويترتب على ذلك محبة اجتماع عن المؤمنين والحث على التآلف والتحابب وعدم التقاطع فان العارف بحق المؤمنين في الولاية نصرة والمحبة يحب اجتماعهم ويحث على تألفهم وتحاببهم ويزجر عن تدابرهم تقاطعهم ويزعجه ذلك لانه خلاف مقصود الشرع فمقصود الشرع اجتماع المؤمنين ومحبة بعضهم بعضا على البر والتقوى فاهل الايمان ساعون في ذلك مجتهدون فيه جامعون للخلق على الحق بالحق فهم لا يجمعون الخلق على ارائهم بارائهم. ولا على اهوائهم باهوائهم. ولا على جنسياتهم بجنسياتهم. بل يجب الخلق بالحق على الحق. فهم لا يريدون من الناس شيئا. وانما يريدون من فعل بهدايتهم ودلالتهم وارشادهم على اين الحق ليجمعوهم عليه لا ليكثروا سوادهم بين ايديهم. ولا ليطلبوا منهم مدحا وثناء. ولا ليريدوا منهم شهرة ولا رئاسة ولا لا منصبا ولا مالا ولا ذكرا ولا اثرا ولا صورة ولا خبرا وانما يريدون ما اراده الله عز وجل لنا واراده رسوله صلى الله عليه وسلم من اجتماع المؤمنين ومحبتهم والفتهم وولايتهم ومناصرة بعضهم بعضا وقيام حقهم ببعض حق وان هؤلاء استخلصهم الله عز وجل من دون الناس. فحقيق بهم لما جعلهم الله عز وجل مسلمين ان يعرفوا نعمة الله عز وجل عليهم وان يمتثلوا امر الاسلام في الاجتماع على الحق والتعاون على البر وبذل كل لما يوصل الى وحطم حظوظ النفس والاهل والبلد والقبيلة وغيرها من الامور التي قد تملي العبد حقا او اخر بزعم هذا او ذاك فكل شيء من ذلك دون اصرة الاسلام مردود ساقط لا عبرة به ثم قال في تقرير هذا ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض لان الله سبحانه وتعالى اراد ارادنا ان نكون جميعا. لا ان نكون اشتاتا. وان لا يكون في قلوبنا حمية او عصبية الا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ونهانا اشد النهي عن عقد الولاءات على عصبيات بلدانية او اقليمية او حزبية او غير ذلك من انواع الولاء التي يعقد الناس عاصرة قلوب رابطتها عليهم فان دين الاسلام دين افيح وواد واسع يراد من الخلق ان يجتمعوا عليه بما جاء في في كتاب بالله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وان يلقوا وراءهم ظهريا كل شيء يكون من اسباب الفرقة تباغظ والعصبية والحزبية بينهم. ولا ينبغي للعبد ان يرفظ سعة الاسلام الى ظيق الانتماءات. فالله عز وجل رضي لك سعة الايمان والاسلام فلا تخرج نفسك من سعة الله الى ضيق نفسك او غيرك. فالله ارادك ان تكون له عبدا ولحزب الله نصيرا ولم يردك الله عز وجل ان يكون في قلبك عبودية لفلان او لطائفة او لبلد او لغير ذلك او حزبية لهذا او ذاك فان الله نهى عن ذلك ابلغ النهي. وسيأتي رسالة العلامة الحث ابن سعدي الحث على اجتماع كلمة المسلمين ما يبين ذلك اكمل البيان. ثم قال رحمه الله ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان وهي قاعدة الاجتماع والمحبة والالفة والنصرة بين المؤمنين. قال ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفرنا او بدعة موجبة موجبة للتفرق. فلا يفرق بين المسلمين تلك المسائل الاجتهادية. وهي ما يقبل الاجتهاد بدلائله من الكتاب والسنة دون ما كان غير قابل للاجتهاد كالبدع والضلالات والكفريات فهذه لا اصرة مع اهلها فمن كان من اهل الكفر او كان من اهل البدع فليس الولاء له كالسني البين الموحد المتبع المطيع لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما يكون بين السنة من المسائل الاجتهادية فكل عالم منهم يعلم ان هذا منتهى اجتهاده ولا يثرب على اخيه طعنا وغمزا وان خالفه في اجتهاده بما يراه من الدلائل فليس الاختلاف عيبا. قال الامام احمد لم يزل الناس يخالف بعضهم بعضا. وقال ايضا لم يزل الناس يرد بعضهم قم على بعض ولكن الشأن في مرده الى اصل نافع جامع ذكره ابن رجب وهو حسن الخطاب واصابة الصواب. فاذا جمع بين هذين الامرين فلا تثريب. فان كان مخالفا للصواب او غير مؤدب في الخطاب فانه يلام ويعاب ما هو عليه. ثم قال رحمه الله ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمراتبهم وعملهم وان لهم من الفضل والسوابق والمناقب ما فضلوا به من عن سائر الامة ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة واسبقهم الى كل خير وابعدهم عن كل على ما تقدم بيانه في اقراء كتاب سابق امسي. ثم قال ويعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين والمراد بالامام المتولي الحكم سواء سمي اماما او خليفة او اميرا او رئيسا او شيخا او غير ذلك من الالفاظ التي يصطلح عليها والمقصود رد تدبير امر الولاية والحكم اليه. لان انتظام حال المسلمين يرجع الى امرين. احدهما نظام الفتيا والعلم وهذا للعلماء. والاخر انتظام امر السلطان والحكم وهذا للرؤساء. سموا امراء او ملوكا او غير ذلك فقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وولي الامر منكم يندرج فيه طاعة من له امر وهم والامراء ثم قال رحمه الله ولا تتم امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى اي لا يصح ما تمتثله من اعتقاد الطاعة لله في امر امامة المتولي الا ان تطيعه في غير معصية الله واما في معصية الله فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامن بالمعروف والنهي عن المنكر فمن تمام الايمان شيوع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكره رحمه الله بعد ذكر مرتبة امامة ليعلم ان القيام بهذا الاصل ليس منازعة للامام في امامته وولايته بل هو اقامة لاصل شرعي فاثبات مال الامام من حق الطاعة بنص الشرع يلزم معه ايضا اثبات ما يتعلق بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر بنص الشرع لكن طريق القيام بهذا الاصل هو بالحق الشرعي لا بالرأي والهوى فانت آآ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وفق ما توجبه الشريعة. لا وفق ما توجبه الاراء والاهواء وما انت ومات وما تميل اليه فان من جعل معياره الشريعة اقام ميزان العدل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن جعل معياره هو الهوى والرأي اضطرب فتجده يوما يأمر هذا بالمعروف ويتركه اخر وينهى هذا عن المنكر ويترك اخر في المنكر نفسه. وحامله على هذا وذاك هو متابعة الرأي او الهوى او اقليم او غير ذلك من الدواعي التي تحرك قلوب الخلق وتقذف بها بعيدا عن متابعة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال رحمه الله مبينا الات النهي عن المنكر قال باليد والا باللسان والا فبالقلب. فدرجات تغيير المنكر ثلاث. الاولى تغييره باليد والثانية تغييره باللسان والثالثة تغييره بالقلب. والاولى والثانية مقرونتان بالاستطاعة. فان استطاع الانكار باليد او باللسان وجب عليه. وان لم يستطعه لم يجب عليه. واما الدرجة الثالثة وهي الانكار في القلب فلا تسقط عن احد لماذا للقدرة عليها من كل احد فلا تسقط عن احد للقدرة عليها من كل احد. فانكار القلب انكار المنكر بالقلب حقيقته القلب من المنكر وبغضه له. ولا يلزم تمعر الوجه وبحلقة العينين وتحميض الوجه. بل يكفي في ذلك وجود النفرة والبغض في القلب. ثم قال على حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية. ثم قال وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من ما من الايمان والدين فكل اصل شرعي اذا اقيم على الوجه الشرعي فهو من تمام الايمان فمثلا جلوسي للتعليم من الامور الايمانية لي وجلوسكم للتعلم من الامور الايمانية لكم. والمتفطن الى تفاصيل الامر والنهي يعلم ان الامر والنهي يجمعان كل ما يتعلق بالايمان لكن الشأن بحضور هذه المعاني في القلب فان من المعلمين ما للتعليم لاجل الشهرة او الرئاسة او الذكر او الذكر او الشكر او المال او المنصب ومن المتعلمين ان يجلسوا لاجل التعلم ليصيب حظا من الدنيا. او لغير ذلك من المقاصد الرديئة. فاذا اخرج المعلم والمتعلم قلوبهما من هذه المرادات الخبيثة ودارا مع مراد الشرع كان ذلك من الامور التي تتم بها الايمان بل لا شيء بعد النبوة فانه ما تقرب الى الله سبحانه وتعالى بشيء احب اليه من طلب العلم وبثه واحيائه ونشره لان الرسالة والدين لا تحفظ الا ببث العلم روى الدارمي باسناد صحيح عن ابن شهاب الزهري احد كبار التابعين انه قال كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة والعلم يقبض قبضا سريعا فنعش العلم يعني احياؤه وبثه فنعش العلم ثبات الدين والدنيا. وذهاب العلم ذهاب ذلك كله نعم قال رحمه الله الاصل الخامس طريقهم في العلم والعمل وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويزمون الا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح والعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجتهد في معرفة معانيها والتفقه فيها اصولا وفروعا. ويسلكون جميع طرق الدلالات ويصرخون جميع طرق الدلالات فيها دلالة المطابقة ودلالة التظمن ودلالة الالتزام. ويبذلون اقواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله. ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرع عنها من اقيسة صحيحة مناسبات حكيمة وكل علم اعان على ذلك او ازره او ترتب عليه فانه علم شرعي. كما ان رده وناقه فهو علم باطل فهذا طريقهم في العلم. واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها ثم يتقربون ثم يتقربون له باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده مع الاكثار من النوافل وبترك والمنهيات تعبدا لله تعالى. ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الاكل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم. ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة. التي هي علم نافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ختم المصنف رحمه الله الا بذكر الاصل الخامس من الاصول التي اعتنى ببيانها في هذا المختصر. فقال الاصل الخامس في العلم والعمل والضمير في قوله طريقهم يرجع الى اهل السنة والجماعة ثم بين طريقهم بقوله وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون ان لا طريق الى الله والى الا بالعلم النافع والعمل الصالح. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. فقوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق المراد بالهدى العلم النافع والمراد بدين الحق الصالح فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالعلم النافع والعمل الصالح فلا طريق يوصل الى الله الا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وكل طريق مسدودة الا الطريق التي انزلها الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وامر بسلوكها فقال له وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل الاية فلا سبيل لاحدنا ان يصل الى الله عز وجل الا باتباع الصراط المستقيم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والطرق الموصلة الى الله مما يدعيه الخلق تتجدد كل حين وان. وما يضاف الى الاسلام يتكاثر يوما بعد يوم فالاسلام امس واليوم وغدا هو عند الناس مختلفة لكن الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو دين واحد وهو ما في القرآن وفي سنته صلى الله عليه وسلم. فحقيق بمريد النجاة ان تسلك هذا الصراط ولا يسلك غيره. قال فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا علم انفع للخلق مما في الكتاب والسنة. والعلوم النافعة التي يحصل للخلق مصالح في العاجل والاجل كالطب او الهندسة او العلوم الفلكية من علوم من هيئة الحديثة او غيرها لا تبلغ في مبلغها في النفع مبلغ علوم الكتاب والسنة ولا يستكن فيها من الذكاء والدهاء ما يستكن في والسنة فان الكتاب والسنة هما الوحي والوحي علم الانبياء والانبياء اذكى الخلق وازكاهم. فليس في علوم غيرهم من طب او هندسة او فلك او غيرها. ما يكون ادق واجلى واعلى وانفع وادهى وامضى مما في علوم الوحي والزيف الذي صار عليه بعض الناس اليوم من الظن بان العلوم الشرعية هي للبلداء هذا ظن السفهاء. فان الذين يخالطون العلم حقيقة ان في الشرع خبرا وطلبا ما تحاروا فيه العقول. وما تنقطع دونه الاذهان وتكل دونه الافهام لما ضعفت مدارخ الخلق فالعلم بالكتاب والسنة صاروا يظنون هذا. والا فخذ حديثا من صفحتين وهو حديث صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها جابر. يقول فيه ابو بكر ابن المنذر في حديث جابر في صفة الحج الف فائدة وقال ابو عبد الله ابن القيم في الجواب الكافي ان في سورة يوسف الف فائدة. وقال ابو بكر ابن العربي في كتاب في احكام القرآن تذاكرنا مع اصحابنا في بغداد. الاحكام المستنبطة من اية الوضوء فبلغت ثمان مئة وخمسين حكما فيا ايها الذكي خذ الكتاب والسنة واستخرج هذه الفوائد والاحكام. فان لم تقدر واحسبنا او اكثرنا كذلك فاعلم قدر العلوم الشرعية وانها علوم الاذكياء الفطناء الاباء. ولذلك صار لهم في الدنيا المقامات العالية فالعلماء ورثة الانبياء ولهم في الاخرة المقامات العالية فكل احد عنده علم ينتفع به هو دونه فعلم الاطباء المهندسين وعلم الفلكيين هو هنا علم العالمين بالكتاب والسنة. لكن الشأن في صدق النسبة الى علم الكتاب والسنة. والمعرفة بحقائق حقائقهما وحسن الاستنباط احكامهما وفوائدهما. ثم قال رحمه الله ويسلكون جميع طرق الدلالات فيها دلالة المطابقة ودلالة التظمن ودلالة التزام وهذه الدلالات تسمى الدلالات اللفظية اي الدلالات التي تسلط على اللفظ فتستخرج منها معانيه فالدلالات نوعان احدهما دلالات غير لفظية والاخر دلالات لفظية والدلالات اللفظية ثلاثة انواع اولها دلالة مطابقة وهي دلالة اللفظ على جميع معناه. وثانيها دلالة تظمن وهي دلالة اللفظ على بعظ معناه وثالثها ودلالة التزام وهي دلالة اللفظ على امر وتفصيل ذلك في مقام اخر ولكن المقصود هو ان اهل العلم هذه الانواع من الدلالات والدلالة مثلثة فيقال دلالة ودلالة ودلالة ثم يستخرجون من احكام من الفاظ الكتاب والسنة الاحكام والفوائد. ثم قال ويبذلون قواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله. فهم يمضون الساعات والساعات في الفكر في الاحاديث والايات فالشافعي رحمه الله تعالى امضى ليلة كاملة يطلب من القرآن الكريم دليل الاجماع يريد دليل فقط من القرآن يدل على الاجماع ليلة كاملة وربما امضوا في ذلك سنوات قال القرافي في اول كتاب الفروق وانما ابتدأت بالفرق بين الشهادة والرواية لاني بقيت مدة طويلة في البحث في الفرق بينهما صاحب العلم على الحقيقة يمضي ليس ساعات وساعات وليس ايام وشهور يمضي اياما واياما وشهورا وشهورا واعواما واعواما. قال ابن مهدي كتبت حديثا ثم عرفت علته بعد عشرين سنة يعني لا يزال في نفس التردد من صحة هذا الحديث. حتى عرف علته بعد عشرين سنة. ثم قال ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرع عنها من اقيسة صحيحة ومناسبة ومناسبات حكيمة وكل علم اعان اعان على ذلك وازره يعني عاضده او ترتب عليه فانه علم شرعي كما ان ما ضاده وناقضه فهو علم باطل فهذا طريقهم في العلم. ثم قال مبينا طريقهم في العمل واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل واساسها فهم يصدقون بكل ما في الكتاب والسنة ويعتقدونه اصدق الاعتقاد ثم قال ثم يتقربون اي يطلبون القربة من الله سبحانه وتعالى باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده مع الاكثار من وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى فاعمالهم بين تصديق الاخبار وامتثال الاحكام فهم يصدقون خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ويمتثلون الاحكام امرا ونهيا فيفعلون الامر ويتركون النهي سواء ما كان في بالامر من الواجبات ام من المستحبات او ما كان في باب النهي من المحرمات او المكروهات. ثم قال رحمه الله ويعلمون ان الله تعالى لا لا يقبل الا كل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. يعلمون ان سبيل قبول الاعمال موقوف على اصلين احدهما الاخلاص لله والاخر الاتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال شيخ شيوخنا حافظ الحكمي رحمه الله الله تعالى شرط قبول السعي ان يجتمع فيه اصابة واخلاص مع والمراد بالاصابة الاخلاص والاعمال التي تكون جامعة بين والاتباع هي الاعمال التي تكون مطبوعة على الحسن. والله عز وجل كما تقدم خلقنا في هذه الدنيا ليبتلينا اين ايش؟ احسن عملا لا اكثر عملا والاحسان بالاخلاص لله والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابو عبد الله ابن القيم في الكافية الشافية والله لا يرضى بكثرة فعلنا لكن باحسنه مع الايمان فالعارفون مرادهم والجاهلون عموا عن الاحسان. ثم قال رحمه الله ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة فهم يخلعون من انفسهم كل قوة ويمحون كل قدرة ولا يرون لانفسهم شيئا. فلا قدرة لهم على العلم ولا قوة لهم على العمل الا بعون الله عز وجل فلا يزالون يقولون في صلاتهم اياك نعبد واياك نستعين. معلنين ان عباداتهم كلها لله. وان اعاناتهم في امورهم كلها هي بالله سبحانه وتعالى. فان النفوس اذا خلعت منها جلباب القدرة والقوة اقبلت على الله في صدق الاستعانة فاندفع عنها كل استعلاء وكبر غيان. قال ابن تيمية الحفيد اياك نعبد تدفع داء الرياء واياك نستعين تدفع داء الكبرياء فالمستعين بالله عز وجل لا يبقى في قلبه كبر ولا خولاء ولا نظر لقوته. لانه يعلم ان كل قوة دون قوة الله ضعيفة. وان قدرة دون ان كل قدرة دون قدرة الله عاجزة. وانه اذا لم يكن من الله عون للفتى. فاول ما يجني عليه اجتهاده ان الله سبحانه وتعالى لما اعانك اقدرك على ما انت فيه. فالله سبحانه وتعالى اعاننا جميعا على جلوسنا في هذا المقام الكريم في هذا البلد العظيم في هذا الشهر العظيم وحجب الله سبحانه وتعالى قوما اخرين لم يجعل لهم الله عز وجل ذلك الفضل وهذا يوجب على العبد ان ينظر الى نفسه والعيب وان ينظر الى ربه بعين المنة والشكر له على كميل كمال انعامه سبحانه وتعالى. قال ابن القيم رحمه الله تعالى واجعل لقلبك مقلتين كلاهما من خشية الله باكيتان لو شاء ربك كنت ايضا مثلهم فالقلب بين اصابع الرحمن انت في طاعة وغيرك في معصية انت في علم وغيرك في جهل انت في اقبال وغيرك في سهو انت في معروف وغيرك في لهو والذي اخرجك من هذا الى هذا هو الله سبحانه وتعالى فلم تكسبه بك ولم تأخذه بحسبك ولم تحوزه تحوزه بلياستك ولم تناله بقدرتك ولكنه محض فيض الله عز عز وجل وانعامه عليك فاعرف قدر ما اوصل الله اليك من النعمة وكن بامورك في امورك كلها مستعينا. نسأل الله وتعالى ان يؤتي نفوسنا لها. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها. انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم انا نسألك البركة في اعمالنا. ونسألك البركة في اعمالنا. ونسألك البركة في اقواتنا ونسألك البركة في قواتنا ونسألك البركة في نياتنا ونسألك البركة في ذرياتنا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين