السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي جعل الحج مقاما للتعليم وهدى فيه من شاء من عباده الى الدين القويم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما علم الحجاج وعلى اله وصحبه خيرة وفد الحاج. اما بعد فهذا شرح كتاب العاشر من برنامج تعليم الحجاج في السنة الخامسة سبع وثلاثين واربعمائة والف وثمان ثلاثين واربعمائة والف وهو مختصر في اصول العقائد الدينية للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدية رحمه الله المتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة والف نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. باسنادكم حفظكم الله تعالى الى كتاب مختصر في اصول العقائد الدينية. تصنيف ابو عبد الرحمن ابن ناصر ابن عبد الله ابن السعدي رحمه الله رحمة واسعة. بسم الله قال رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على ال محمد واله وصحبه واتباعه الى يوم الدين اما بعد. فهذا مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة اقتصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط للكلام فذكر ادلتها اقرب ما يكون لها انها من نوع الفهرس للمسائل لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها. وان يسر الله وفسح في الاجل بسطت هذه المطالب ووضحتها بادلتها ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة ثم سنى بالحمدلة ثم تلة بالصلاة والسلام على محمد واله وصحبه وهؤلاء الثلاث من اداب التصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه بهن ثم ذكر ان هذه الضميمة من الاوراق تشتمل على مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة والمختصر من الكلام ما قل مبناه وجل معناه فتكون الالفاظ قليلة والمعاني جليلة وقوله جدا في وصف الاختصار يدل على شدة مبالغته في تقليل المباني مع تكثير المعاني وهذا المختصر موضوع في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة واصل الشيء اساسه فهو مشتمل على اسس العقائد الدينية الكبيرة المهمة اقتصر فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بست للكلام ولا ذكر ادلتها ثم جعله شبيها بنوع الفهرست. والفهرست بكسر فاءه وتفتح وكسر هاءه وتسكن فانه اعجمي معرب يراد به الجدول الذي تثبت فيه اسماء الاشياء فيسمى فهرسا وفهرسا وبرنامجا وتعريبه اي يسمى الكشاف فيكون بمنزلة المطلع على مضامن ما يذكر فيه. فهذه الرسالة لوجازتها اشبهت كشافا يدل على جملة من اصول الاعتقاد المهمة. ودعاه الى الاخذ بهذا ما ذكره بقوله لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين. اي انه جعل جاريا على وجه الاختصار والايجاز ترغيبا في معرفة مقام هذه المسائل من الدين حتى اذا حصلت للعبد رغبة فيه اقبل عليه وابتغى بسطه كما قال ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها. اي من محالها المظنونة وهي مطولات التصانيف في ثم ذكر امنية لم تكتب له فيما نعلم وهو رغبته في بسط هذه المطالب وايضاح بادلتها فلم يتفق انه وضع كتابا حاد فيه هذا وجعله مطولا او انه شرح كتابه هذا لكن له تصانيف مختلفة في علم الاعتقاد هي من انفع شيء ككتابه التنبيهات المنيفة لما احتوته التنبيهات اللطيفة لما احتوته العقيدة الواسطية من المسائل المنيفة وكتابه الاخر شرح ابواب التوحيد من كتاب نونية ابن القيم وكتابه الثالث سؤال وجواب في اهم المهمات فهذه الكتب الثلاثة لا هي من انفع شيء للعبد في معرفة ما يلزمه من اصول الاعتقاد ومهماته. نعم احسن الله اليك الاصل الاول التوحيد حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال. وافراده بانواع العبادة فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله. واثبته له رسوله من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة في العليا من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. وتوحيد الالوهية والعبادة وهو افراده وحده باجناس العبادة انواعها وافرادها من غير اشراك به من غير اشراك به في شيء منها مع اعتقاد كمال الوهيته. فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وانه ما شاء الله او كان وما لم يشأ لم يكن وانه على كل شيء قدير. وانه الغني الحميد وما سواه فقير اليه من كل وجه. ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة بالكتاب والسنة. والايمان بها ثلاث درجات ايمان اسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته كالعلم بانه عليم ذو علم ويعلم كل شيء. قدير ذو قدرة ويقدر على كل كل شيء الى اخر ما له من الاسماء المقدسة. ودخل في ذلك اثبات علوه على خلقه والسواه على عرشه. ونزوله كل ليلة الى سماء على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. ودخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو نحوها والصفات الفعلية وهي الصفات المتعلقة بمشيئته وقدرته كالكلام والخلق والرزق. والرحمة والاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا كما يشاء وان جميعها تثبت لله من غير تمثيل ولا تعطيل وانها كلها قائمة بذاته. وهو موصوف وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا. ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. منه بدا واليه يعود وانه المتكلم به حقا وان كلامه لا ينفذ ولا يبيد. ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه. لانه ليس كمثله شيء في جميع وصفاته ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة. بكل ما جاء به الكتاب والسنة من والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته. ومن ظن ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا. ولا يتم توحيد حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله. وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله. وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعالهم وهي متعلق الامر والنهي. وانه لا يتنافى الامران اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للذوات والافعال والصفات واثبات قدرة العبد على على افعاله واقواله. ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر. كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك والناس في والناس بالتوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبودية بعبوديته فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والاء ومعانيها الثابتة بالكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلى قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه. وانتذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له. ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة. فاطمئن الى الى الله معرفة وانابة وفعلا وتركا. وتكميل لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم. فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك امين تقدم ان المصنف رحمه الله وضع كتابه هذا على وجه الاختصار وجعل مضمنه جملة من الاصول الكبار. وعدة تلك الاصول خمسة. فانه عقد تراجم خمس كل ترجمة نصدرها بقوله الاصل ثم يذكر عده فقال الاصل الاول ثم الاصل الثاني حتى اتمها خمسة اصول فالاصل الاول من تلك الاصول الخمسة المعدودة في هذه الرسالة هو التوحيد. وابتدأ صنفوا بيانه بذكر حده اي ما يكشف عن حقيقته مما يسمى في لسان المتأخرين عريفي فالحد هو الوصف المحيط الكاشف عن حقيقة الشيء. فذكر ان حد التوحيد الجامع لانواع هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال وافراده بانواع العبادة فمدار التوحيد على الافراد فان هذا الاصل موضوع في كلام العرب للدلالة على الانفراد. فتوحيد الله سبحانه وتعالى على هو اعتقاد انفراده. ومرد ذلك الانفراد الى حقه سبحانه وتعالى. فلله سبحانه وتعالى حقان احدهما حق في المعرفة والاثبات يندرج فيه معرفة ذاته اسمائه وصفاته وافعاله والاخر حق الارادة والطلب والقصد ويندرج فيه افراده سبحانه بالعبادة. فيكون التوحيد شرعا افراد الله بحقه هذا هو الحد الجامع للتوحيد شرعا ان تفرد الله فيما له سبحانه وتعالى من حق. وقد تطلق التوحيد ويراد به معنى خاص. في خطاب الشرع وهو افراد الله بالعبادة. فانه يأتي في خطاب الشرع ارادة ذلك. حتى قال ابن عباس كل ما في قرآن من الامر بالعبادة فهو التوحيد اي يراد به توحيد الله سبحانه وتعالى في عبادته والاحاديث التي ورد فيها التوحيد يراد بها توحيد العبادة. كقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين لما بعث معاذا الى اليمن فليكن اول ما تدعوهم اليه ان يوحدوا الله. اي في توحيد العبادة. فصار التوحيد شرعا له معنيان احدهما معنى عام وهو افراد الله بحقه والاخر معنى خاص وهو افراد الله بالعبادة وهذا المعنى هو المعهود في خطاب الشرع. فاذا اطلق ذكر التوحيد في خطاب الشرع فالمراد به توحيد العبادة كحديث جابر رضي الله عنه عند مسلم من حديث جعفر ابن محمد ابن علي عن ابيه عن جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه عليه وسلم وفيه قوله فاهل النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد. يعني توحيد ايش العبادة لانه اهل بقوله لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك فهو في توحيد العبادة وينشأ من افراد الله بحقه ان الواجب على العبد في توحيده الله ثلاثة انواع احدها توحيده في ربوبيته ويسمى توحيد الربوبية وتانيها توحيده في الوهيته. ويسمى توحيد الالوهية والعبادة وثالثها توحيده في اسمائه وصفاته ويسمى توحيد الاسماء والصفات. فالتوحيد الذي يجب لله علينا ان نوحده في ربوبيته وفي عبادته وفي اسمائه وصفاته. وهذا التوحيد مستفاد من معرفة لله سبحانه وتعالى وهما الحقان المتقدمان حق المعرفة والاثبات وحق الارادة والطلب والقصد. وقد ذكر المصنف رحمه الله معاني توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات. وغاية ما ينتهي اليه من القول في حقائقهن شرعا ان توحيد الربوبية شرعا هو افراد الله بذاته وافعاله اله افراد الله بذاته وافعاله. بان تعتقد ان لله ذات واحدة وان له الافعال الكاملة كالخلق والرزق والاحياء والاماتة وتوحيد العبادة شرعا هو افراد الله بالعبادة. وتقدم انه يسمى ايضا توحيد الالوهية والالهية واما توحيد الاسماء والصفات فهو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا. ثم ذكر المصنف وتفاصيل الجمل مما يندرج في هذه الانواع الثلاثة. فقال فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر فمن جملة ما يندرج في توحيد الربوبية اثباتنا قضاء الله وقدره. فان الملك له سبحانه وهو المدبر كل شيء فايمانك بتوحيد الربوبية يدعوك الى الايمان بان ان ما يجري في ملكوت السماوات والارض من افعال الربوبية هو من تقدير الله سبحانه وتعالى فما شاء الله كان وما لم يشأ الله لم يكن والله على كل شيء قدير. ثم ذكر ايضا مما يدخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة. فما ثبت في كلام الله او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم انه حكم من اسماء الله فان العبد يؤمن بحسنه وان له المعنى الحسن. والمراد بالمعنى الحسن ايش ايش معنى المعنى الحسن ايش ما بلغ في الحسن غايته وما غايته اذا هذه العبارة لا تؤدي ها هو ما لا يتناهى حسنه. وما لا يتناهى حسنه فمقدار ما في الحسن من الاسماء الالهية لا فلا يقال البالغ في الحسن كماله. وانما يقال الذي لا بناها حسنه الى حد محدود ولا قدر ممدود بل هو بالغ في الحسن فوق ما يجري في الخواطر وفوق فوق فوق فان الله لا يحيط به احد علما. ثم ذكر ان الايمان بالاسماء الحسنى ثلاث درجات احدها ايمان بالاسماء وثانيها ايمان بالصفات وثالثها ايمان باحكام صفاته. وهذه الدرجات الثلاث المعدودة هي اركان الايمان بالاسماء الحسنى فالايمان بالاسماء الحسنى له ثلاثة اركان اولها الايمان بالاسم الايمان بالاسم الالهي والاسم الالهي شرعا هو ما دل على ذات الله مع كمال متعلق به. ما دل على ذات الله مع كمال متعلق به وثانيها الايمان بالصفة الالهية المذكورة في الاسم الايمان بصفة الالهية المذكورة في الاسم. والصفة الالهية شرعا هي ما دل على كمال متعلق لا ما دل على كمال متعلق بالله ومن قواعد هذا الباب ان الاسم الالهي يتضمن صفة او اكثر. فمثلا اسم العليم فيه صفة ايش العلم واسم الكريم فيه صفة الكرم واسم الحكيم فيه صفة الحكمة والحكم فيشتمل على صفتين وقد يشتمل الاسم على اكثر من صفتين. فيؤمن العبد بالاسم الالهي ويؤمن بالصفة التي تضمنها. وثالثها الايمان باحكام الصفات وحكم الصفة له معنيان احدها الاثر الناشئ منها الاثر الناشئ منها والاخر النسبة بين الصفة ومتعلقها النسبة بين الصفة ومتعلقها ذكره ابن القيم في الكافية الشافية وغيره. فمثلا تقدم من اسماء الله انه العليم فصفته سبحانه ايش العلم وحكم الصفة يتجلى في مقامين. احدها انه يعلم كل شيء وهذا اثر الصفة وثانيها النسبة بين صفة العلم ومتعلقها وهو المعلومات. فيسمى هذا حكم للصفة ايضا كما تقدم. فهذه الاركان الثلاثة للايمان بالاسماء الحسنى. ومحل تكليفها اذا كان الاسم متعديا اي ان فعله يطلب مفعولا فان كان الاسم لازما اي لا يطلب مفعولا صار له ركنان فقط هما الايمان بالاسم الالهي مع الصفة الالهية كاسم الحي فاسم الحي لله تؤمن اولا بان من اسمائه سبحانه الحي وتؤمن ثانيا بان له سبحانه ايات الحياة الحياة الكاملة ولا يتعلق به حكم لصفة لان اصل الفعل لازم فاصله حيا فتقول حيا الله ولا تطلبوا مفعولا به فهذه هي اركان الايمان بالاسماء الحسنى فان كان الاسم متعديا صارت ثلاثة وان ان كان الاسم لازما صار ركنين فقط. ثم ذكر مما يدخل في الايمان باسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته اثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته فيعتقد العبد ان الله في بعلوه وانه مستو على عرشه وانه ينزل كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم الى سماء الدنيا كل ليلة على الوجه بجلاله وعظمته. فالله سبحانه وتعالى له من الوصف ما يليق بجلاله. كما ان المخلوق له من الوصف ما يناسب حاله. فان الله سبحانه وتعالى يوصف بكونه سميعا بصيرا. وانت توصف سميعا بصيرا. قال الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقال تعالى انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. فلله من السمع والبصر ما يليق بجلاله. وللمخلوق من السمع والبصر ما يناسب حاله. ثم ذكر مما يدخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية والصفات والصفات فعلية والمراد بالصفات الذاتية ما يوصف الله سبحانه وتعالى فلا تنفك عنه اي لا يخلو منها سبحانه الا والمراد بالصفات الفعلية ما يتعلق بمشيئته وقدرته واختياره فان شاء الله فعلها وان شاء الله لم يفعلها. ويؤمن العبد بذلك كله ثابتا لله من غير تمثيل ولا تعطيل اي لا يمثل صفات الله بصفاته خلقه ولا يعطله عنها اي لا ينفيها عن الله سبحانه وتعالى على ثم قال وانها كلها قائمة بذاته اي هو موصوف بها فهي تابعة لذاته غير منفصلة عنها اي غير بائنة عنه سبحانه وتعالى. واندرج في جملة ذلك الايمان بانه تعالى لم يزل ولا لا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء فهذا كله مما يرجع الى مشيئته واختياره سبحانه ثم ذكر ان مما يدخل في هذا الايمان بان القرآن كلام الله منزل منه منزل غير مخلوق لانه صفته وصفة الخالق غير مخلوقة. منه بدأ واليه يعود. اي به تكلم سبحانه واليه يعود اي اليه يرجع برفعه من الصدور والصحف في اخر الزمان ثبتت الادلة من القرآن والسنة وانعقد عليه الاجماع ان القرآن يرفع في اخر الزمان من الصدور والمصاعب وهذا معنى قولهم واليه يعود. ثم قال وانه المتكلم به حقا. اي لفظا ومعنى. فالمباني معاني كلها من الله عز وجل. وان كلامه لا ينفد. اي لا ينتهي ولا ولا يبيد اي لا سبحانه وتعالى ثم ذكر ان مما يدخل في هذا الايمان بانه قريب مجيب. وانه مع ذلك علي اعلى وان او لا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه. فهو سبحانه وتعالى قريب في علوه عال مع قربه لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته فما له من الوصف لا يقاس بوصف المخلوقين اذ ليس الخالق كالمخلوق. ثم ذكر انه لا يتم عيد الاسماء والصفات حتى يؤمن العبد بكل ما جاءت به الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته فصفات الله سبحانه واسماؤه غيب مستور عنا طريق العلم به هو وحيه. من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فما اخبر به الله عن نفسه او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عن نفسه عنه سبحانه وتعالى وجب علينا ان نؤمن به فانت تقرأ مثلا اية الكرسي وفيها قوله تعالى الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فتؤمن ان الله اسمه الحي واسمه القيوم. وان له صفة الحياة وله صفة القيومية وانه سبحانه لا تأخذه اي لا يعتريه سنة اي نعاس ولا نوم. فيؤمن العبد بذلك كما اخبر الله سبحانه وتعالى انه سبحانه اعلم بنفسه وقد علم رسوله صلى الله عليه وسلم ما اخبرنا به من صفة ربه ثم ذكر رحمه الله ان من ظن ان في بعظ العقليات ما يوجب تأويل الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا ومراده بقوله على غير معناها المعروف اي الذي تعرفه العرب في كلامها. فان القرآن عربي والرسول صلى الله عليه وسلم عربي فاذا جرى في كلام الله او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ذكر شيء من عبادي ربنا وجب علينا ان نؤمن بها بما تعرفه العرب في كلامها. فاذا ذكر الله سبحانه وتعالى انه او في علو وجب على العبد ان يعتقد ما تعرفه العرب في لسانها من معنى العلو فان العربي يعرف ان معنى العلو ان الله يكون في جهة العلو وهي السماء كما قال تعالى اامنتم ما في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي تمور فامر معرفة اسماء الله وصفاته لمن هدى الله قلبه امر هين بين فانه يصف الله بما وبه نفسه في القرآن وبما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة بما يعرف من كلام العرب وليس في الامور عقلية المضبوطة ما يوجب تأويل هذا. فالعقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح. فاذا عقل العبد ان كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم صدق وحق وجب عليه ان يعتقد ان العقل تابع لهذا فلا يمكن ان يخبر الله عن نفسه بشيء او يخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بشيء ثم يقال ان العقل لا يقبله فان العقل الذي لا يقبله هو العقل البليد. واما العقل الوافر التام الكامل فهو اي يعقل هذا المعنى تصديقا وتحقيقا بما اخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه. فمثلا لو قدر ان احدا زعم ان الله سبحانه وتعالى من اسمه من اسمائه القدير وقال ان معنى القدير انه يقدر الاشياء لكن لا يعلمها الا بعد وجودها. لا يعلمها الا بعد وجودها كان كلامه هذا وان زعم ان العقل يقتضيه كلاما باطلا. لان من يقدر على علم الشيء بعد وجوده يقدر على علمه قبل وجودي فهذا ليس ممتنعا في العقل فالعقل يقبل ذلك والعلم من اعظم متعلقات الكمال فحين اذ لا يجري الله سبحانه وتعالى الا والله سبحانه وتعالى موصوف بالعلم. فوصفه بالعلم لازم وصفه بالقدرة. فهو سبحانه الا يقدر ويعلم جل شأنه وتعالى سلطانه. ثم ذكر انه لا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعاله على العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله. وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعالهم وهي الامر والنهي اي ان العبد اذا امن بتوحيد الربوبية بافراد الله بذاته وافعاله فانه يعتقد ان افعال عباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى. فشرب احدنا الماء الذي هو فعل من افعاله هذا من تقدير الله اي سبحانه وتعالى. فالله عز وجل هو الذي قدره واقدره على ذلك. فيؤمن العبد بان افعال لنا هي من تقدير الله الذي له الربوبية الكاملة. فان القدر من قدرته سبحانه وتعالى. ثم ذكر ان العبد له اختيار ومشيئة. لكن اختياره ومشيئته تابعان لاختيار الله ومشيئته. كما قال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله. فالعبد له مشيئة واختيار لكنه تابع مشيئة الله واختياره اره لكنه تابع مشيئة الله واختياره فانت اذا اردت ان تحرك هذه الزجاجة من هذه الجهة الى هذه الجهة كنت مختارا في ذلك اذ لو شئت لابقيتها هنا لكن هذا الاختيار تابع لاختيار الله فهو سبحانه وتعالى الذي اقدرك على ذلك. ولو شاء الله سبحانه وتعالى لما قدرت يدك على ان ترفع هذه دجاجة من هذا الموضع الى هذا الموضع. فحقيقة ايمان العبد بربوبية الله ان يؤمن بان افعال افعال العبد مخلوقة له وان كل شيء يجري بمشيئته سبحانه وتعالى واختياره. وانه اذا ظن العبد انه تقل بشيء من ذلك فانه ظن كاذب. يعاجل الله اهله بالعقوبة. وقد ذكر ابو الفرج ابن رجب ان رجلا قال لاحد اصحابه وكان ماهرا في السباحة يا فلان انقطعت النهر الفلاني وسمى له نهرا بعيد الشاطئ قوي الموجة ان قطعته في مدة كذا وكذا فلك كذا وكذا وسمى له جعلا يعني عطية فاتفقا ان يخرج اليه في يوم موعود بينهما فوقف صاحب العطية في هذا الشاطئ وذهب الاخر الى الشاطئ المقابل وقفز بنفسه في الاهلي يسبح وجد في سباحته حتى اقبل على صاحبه قبل المدة المظروبة بينهما. فقال له صاحب مهنئا له يا فلان فزت بالعطية ان شاء الله. فقال المغرور بقواه الجاهل قدرة مولاه فزت بالعطية شاء الله او لم يشأ الله. فاخذه الموج وخسف الله به في النهر. فالعبد ينبغي له ان يؤمن بان ايكون منه من فعل ومشيئة واختيار تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى واختياره. ثم ذكر المصنف انه لا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ايراداته واقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافية للتوحيد واي يكمل ذلك بتركه الشرك الاصغر. فلا يتم توحيد العبد الا مع الاخلاص لا في اقواله وافعاله وارادته. فحقيقة توحيدك الله الا يكون في قلبك غير الله سبحانه وتعالى فالاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله فتخرج من قلبك ارادة الدنيا او ارادة كالمدح او ارادة المال او ارادة الرئاسة او ارادة الجاه او ارادة المنصب او غير ذلك من الاغراض التي يطلبها الناس عادة باعمالهم وتبقي ارادة واحدة وهي ارادتك وجه الله سبحانه وتعالى. فان العبد اذا جعل في قلبه ارادة الله وحده كفاه الله كل احد. كما قال الاول اعمل لوجه واحد يكفيك كل الاوجه اي اعمل لوجه الله سبحانه وتعالى فان الله يكفيه كل احد كما قال الله تعالى اليس الله بكاف عبده؟ ثم ذكر ان هذا الاخلاص لا يتم حتى يدع الشرك الاكبر والاصغر. والشرك الاكبر هو جعل العبد شيء تأمن حق الله لغيره جعل العبد شيئا من حق الله لغيره يخرج به من الاسلام. كمن يدعو غير الله او يستغيث بغير الله او يذبح لغير الله او ينذر لغير الله كمن يقول اغثني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم او اغثني يا جيلاني او غير ذلك من المعظمين الذين يدعوهم ويستغيث بهم او يذبح لهم او ينذروا لهم فهذا من الشرك الاكبر الذي لا يغفره الله للعبد وهو به خارج من ملة الاسلام كما قال تعالى الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ويدخل في ذلك ايضا ان يدع العبد الشرك الاصغر والشرك الاصغر هو جعل العبد شيئا من حق الله لغيره لا يخرج به من الاسلام. كالحلف بغير او الرياء فان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك رواه الترمذي وغيره من حديث عمر وكذا اذا وقع العبد في الرياء فقد وقع في الشرك الاصغر فقد روى البزار وغيره باسناد حسن عن شداد ابن اوس رضي الله عنه انه قال قال كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك الاصغر فلا يتم للعبد توحيده حتى يبرأ من الشرك الاكبر والشرك الاصغر. ثم ذكر المصنف ان الناس في التوحيد على درجات متفاوتة. بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فالموحدون لله ليسوا على درجة سواء. فهم متفاوتون تفاوتا شديدا باعتبار ما في قلوبهم من الاقبال على الله. فاذا قوي اقبالهم على الله وانجذبت ارواحهم اليه وكانت حركاتهم وهمومهم وعزومهم كلها معلقة بالله سبحانه وتعالى عظم حظ العبد من توحيد الله وان نقص ذلك قسما في قلبه من توحيد الله فلا يظنن احد انه اذا قدرت سلامته من الشرك الاكبر والشرك الاصغر فانه يكون مع فيه من الموحدين على حد سواء بل هم متفاوتون باعتبار ما يوجد في قلوبهم من كمال الاقبال عليه. سبحانه وتعالى من كل العبد على الله ورجائه له وخوفه منه واستعانته به ودعائه له. فاذا تمت هذه المعاني في القلب ازداد توحيد العبد لله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا وهذا وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. وانهم اكمل الخلق علما وعملا واصدقهم وابرهم واكمل اخلاقا واعمالا وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد وان الله برأه من كل خلق رذيل وانهم معصومون فيما يبلغونه فيما يبلغون عن الله تعالى وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب وانه يجب الايمان بهم وبكل ما اوتوا من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور ثابتة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه. وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا والايمان بذلك. والتزام طاعتي بكل شيء بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه. ومن ذلك انه خاتم انه خاتم انه خاتم النبيين قد نسخت شريعته جميع الشرائع وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة. فلا نبي بعده ولا شريعة غير شريعتي في اصول الدين وفروعه. ويدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب. فالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل يقتضي الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة الفاضلة ومعانيها. فلا يتم الايمان به الا بذلك. وكل من كان اعظم علما بذلك وتصديقا واعترافا وعملا كان اكمل ايمانا والايمان بالملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم. ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه. كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه امور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حثة على تعلمها وعملها غير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها. وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم على الامور الضارة منها. ويدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل وسائل وبل وسائر الرسل ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة الاصل الثاني من الاصول الخمسة المعدودة في هذه الرسالة من اصول العقائد العظام وهو الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا. وذكر المصنف ان هذا الاصل مبناه على ان يعتقد العبد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. فمدار النبوة والرسالة على بعث الله خلقا من البشر الينا. يخبروننا بامره سبحانه وتعالى. فهم مبعوثون بوحي الله. وهم مبلغون وحي الله وامره الينا. فهم وسائط في التبليغ. وهذه هي الرتبة المثبتة للانبياء في الوسايد فهم وسائط تبليغ للدين وتعليم وتبيين له. ثم ذكر ان مما يندرج في هذا الاصل ان ان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. اي من اعلام النبوة ودلائلها. فالانبياء والرسل ايدهم الله سبحانه وتعالى بانواع من الدلائل تدل على صدقهم وانه ان ما جاءوا به هو الحق. ويندرج في هذا الايمان بان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد وان الله برأهم من كل خلق رذيل اكمل الخلق رتبة هم الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم فهم موصوفون بكل فضيلة ومبرءون من كل رذيلة واندرج في هذا الايمان بانه معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى اي محفوظون فيما دونه من رسالة الله سبحانه وتعالى. وهذا الحفظ سمي شرعا الصدق. فانبياء الله صادقون صدقونا فانهم لم يخبروا عن الله سبحانه وتعالى الا بما هو الحق. فلا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب ويندرج في هذا الايمان بهم وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم فيجب على العبد ان يؤمن بانبياء الله اجمالا وتفصيلا وبما اتاهم الله وان يحبهم ويعظمهم وهذه الامور الثابتة لكل نبي ورسول لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم منها اكمل الوجوه. فيجب على العبد ان يؤمن به وان يتبعه وان ليطيعه وان يعظمه وان يحبه صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر المصنف مما يندرج في هذا انه يجب معرفة ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء بتصديق خبره وامتثال امره نهيه والقدر من هذا اجمالا وتفصيلا يختلف باختلاف الناس. فالمعرفة الاجمالية بما جاء به الرسول يقول صلى الله عليه وسلم واجبة على كل احد. واما المعرفة التفصيلية فانها تجب على احاد من الخلق بسبب ما قام بهم من الاحكام كالمعلم والقاضي والمفتي واشباههم. فهؤلاء يجب عليهم من تفصيل المعرفة ما لا يجب على غيرهم. فالمعرفة المأمور بها لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرع نوعان. فالمعرفة المأمور بها لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرع نوعان احدهما المعرفة الاجمالية وهي معرفة اصول الشرع وكل نياته وهي معرفة اصول الشرع وكلياته. وهذه واجبة على كل احد. والاخر المعرفة التفصيلية هي معرفة تفاصيل الشرع وجزئياته. وهي معرفة تفاصيل الشرع وجزئياته. وهذه واجبة على من قام به سبب استدعاء الايجاب واجبة على من قام به سبب استدعى الاجابة كالحكم او القضاء او الافتاء او التعليم او غير ذلك من الوظائف الشرعية. ثم ذكر المصنف ان مما يندرج في هذا الايمان ان محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. والخاتم فيها ضبطان احدهما بفتح التاء ومعناه الطابع ومعناه الطابع لما تقدمه. الطابع لما تقدمه فالخاتم في كلام العربي هو طابع ومنه المسمى الختم. والاخر بكسر التاء الخاتم. وهو اسم فاعل من الختم. انه اخر الانبياء وكلا المعنيين صحيح وبهما قرأ في قوله تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين خاتم النبيين ثم ذكر المصنف رحمه الله ان مما يدخل في هذا اي في الايمان بالرسل الايمان بالكتب فان الله لما بعث الينا من بعثه من الانبياء والرسل انزل مع من انزل منهم كتبا هي كلام الله سبحانه وتعالى واعظمها واعلاها هو القرآن الكريم. قال وكل من كان اعظم علما بذلك كا وتصديقا واعترافا وعمل كان اكمل ايمانا اي من عظمت معرفته بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتابه وما تعلق به من تفاصيل السنة كانت هذه المعرفة التفصيلية اعظم لمقامه واكمل لحاله. ثم ذكر ان مما يندرج في هذا ايضا الايمان بالملائكة والقدر. فان من امن بالرسل امن بالملائكة لان الملائكة ان ينزلون عليهم بامر الله سبحانه وتعالى وامن بالقدر لان الانبياء جاءوا يخبرون عن صفات الله ومنها قدرته المشتملة على قدره سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف مما ينتج في هذا ان من تمام الايمان به ان يعلم كما ان ما جاء به حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه. كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها الى اخر ما قال فكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حقا. ولا يمكن ان يقوم دليل عقلي اي يرجع الى العقل او دليل حسي يرجع الى الحس بخلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. فكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو حق ادركناه ام لم ندركه علمناه ام لم نعلمه اي من طوى عليه من الحكمة نؤمن بان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حقا. وقبل نحو سبعين سنة صنف من صنف ممن ينتسب الى الاسلام رسالة في الطعن في حديث ذبابة وهو قوله صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب في اناء احدكم فليغمسه ثم فان في احد جناحيه داء وفي الاخر دواء. فكتب المبهور بما عليه اهل الغرب بان الذبابة ناقل للجراثيم فكيف يأتي هذا الحديث المشتمل على الامر بغمس القاذورات والجراثيم في الاناء اي ما يكون فيه من شراب. ثم بعد مدة مديدة كتب اهل الغرب بان الذباب وجد فيه مادة تدفع شر الاذى الذي يدخله. كما قال صلى الله عليه وسلم وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء اي يقدم الجناح الذي فيه الداء. فاذا غمس كله غلب الدواء الداء. فكان قول صلى الله عليه وسلم حقا لا مرية فيه. فالمؤمن يؤمن بهذا سواء علم ام لم يعلم. اما الذي في قلبه مرض فهو الذي في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم. وما اكثر هؤلاء واشد تشكيكهم في الشرائع الثابتة التي صار بعض الناس بين الفينة والفينة يشكك في الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها. فصاروا يشككون في الصلوات الرواتب يشككون في الوتر وصاروا يشككون في صيام يوم عرفة وصاروا يشككون في صيام عاشوراء الى ان يكون منهم من سيشكك في اركان الاسلام ومبانيه العظام. فستسمعون يوما وقد وجد من يشكك في الصلوات الخمس ويقول ان الذي في القرآن هو صلاة في طرفي النهار اوله واخره فهما صلاتان. ثم قال اذا اردنا ان نذكر صلاة زائدة فهي صلاة الليل فليس بالقرآن الا وهذا بالغ الجهل بالقرآن فان الله قال اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا فقوله سبحانه وتعالى لدلوك الشمس اي لزوالها. وهذا الزوال يجمع طرفين. احدهما زوال منخفض والاخر زوال عال فالاول هو الظهر والثاني هو العصر. وقوله سبحانه وتعالى الى غسق الليل يعني الى ظلامه. وهو كذلك غسق دان وهو المغرب وغسق عال وهو العشاء. وصلاة الفجر في قوله وقرآن الفجر فصارت الصلوات الخمس مذكورة في القرآن الكريم وهي مذكورة فيه ايضا في مواضع بغير هذه الدلالة. فالقرآن الكريم لا يخالف ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهما الا يخالفان ابدا شيئا من الادلة العقلية او الحسية. لكن مقادير علم الخلق بالحقائق على قدر ما يفتح لهم من العلم فالواجب على العبد ان يؤمن بان ما اخبر به الله او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق وصدق يحذر الشيء وليحذر العبد شياطين الانس والجن الذين ينادون بما يحيله ويغيره عن الصراط المستقيم فان الله قال اني خلقت عبادي حنفاء. واني اتتهم وانهم اتتهم الشياطين فاجتالتهم. يعني فحولتهم عن الحنيفية ولا يزال هؤلاء الشياطين الى يوم القيامة. وفي مقدمة مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه انه قال انه سيكون كونوا اقوام في اخر الزمان يحدثونكم بما لم تسمعوا انتم ولا اباؤكم. يعني يحدثونكم باشياء يزعمون انها من دين الله لم تسمعوها انتم ولا اباؤكم. فالدين العتيق الظاهر البين يجب ان يلزمه العبد ولا يلتفت العبد الى شيء اخر مما يتكلم به المتكلمون ويؤمن العبد بان كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق وصدق فاذا قال الله شيئا امنا به. واذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا امنا به سواء ادركناه ام لم ندركه فان الله سبحانه وتعالى يجعل من الاسرار ما يمتحن به الخلق في تسليمهم لامره سبحانه وتعالى. فانت الان تطوف بالكعبة سبعا ولم تؤمر ان تطوف ثمانية. وتسعى بين الصفا والمروة سبعا. ولم تؤمر بان تسعى بينهما ثمانية وترمي الجمار سبعا ولم تؤمر بان ترمي الجمار ثمانية لا ان تزيد ولا تنقص سبحانه وتعالى هو الذي امرك بذلك قال الله سبحانه وتعالى في هذا من الاحكام ما لا نعلمه فان علمنا شيئا من كونه وترا يحبه الله سبحانه وتعالى يعني عدد السبع وانه من الاعداد التي يكفر بها في كلام العرب لكن يبقى وراء ذلك اشياء لا نقر لا ندري ما حقائقها ولكننا نؤمن فاذا رأيت جاهلا يقول لك بدل ان تتعب نفسك برمي السبع فارمي واحدة وبدل ان تطوف سبعا فطب شوطا واحدا وبذا انت تسعى سبعا فاسعى شوطا واحدا لان الله رؤوف رحيم وهذا الدين يسر فينبغي الا نشق على المسلمين وان نرحمه فاعلم انه شيطان ناطق فان امكنك ان تقرأ عليه سورة البقرة وان تبرك على صدرك ما قال الذهبي فافعل ذلك لان هؤلاء يخرجون الناس من النور الى الظلمات. وهذه هي الحال التي نحن فيها الان. لا نخرج نحن المسلمين من ايمان الى ايمان ومن نور نترقى فيه الى نور. بل صرنا نرى من المسلمين اوزاعا وافرادا وجماعات يخرجون من الدين الحق الى البدعة وربما خرج الى الكفر والمخرج من ذلك ان يعرف العبد قدر النعمة التي اوصلها الله سبحانه وتعالى اليه. فان الله جعلك من محمد صلى الله عليه وسلم جعلك مسلما مؤمنا لا مشركا ولا وثنيا ولا يهوديا ولا نصرانيا وقد قال صلى الله عليه وسلم عند الترمذي انكم تتمون سبعين امة انتم اعزها واكرمها على الله عز وجل. وعزتك وكرامتك بانك انك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. فاعرف قدر ما وصلك من اكرام الله سبحانه تعالى لك واحرص على ان تبقى عند الله كريما فان الله لا يبالي بالعبد في اي واد هلك فاسلك سبيل النجاة واحرص على حفظ من موارد الهلاك والعطر نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ علينا جميعا ديننا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى نصر الثالث الايمان باليوم الاخر فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فان انه من الايمان باليوم الاخر كاحوال البرزخ واحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب والعقاب. والشفاعة الميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال والصراط. واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله فيها يا اجمالا وتفصيلا فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. ذكر المصنف رحمه الله الاصل الثالث من الاصول الخمس خمسة المعدودة في هذه الرسالة من اصول الاعتقاد الكبار وهو الايمان باليوم الاخر. فقال فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر. فاليوم الاخر اسم لما يكون بعد الموت فاليوم الاخر اسم لما يكون بعد الموت ذكره ابن تيمية الحفيد في العقيدة الواسطية. وذكر المصنف في التنبيهات اللطيفة ان هذا حد جامع ضابط. فكل ما يكون بعد الموت يسمى من اليوم الاخر. فمن جملة ذلك احوال البرزخ اي ما يكون في القبر. وسمي برزخا لانه يحول بين الدنيا والاخرة فهي حال يكون فيها العبد واقعا في برزخ اي فيك الحاجز بين الحياة الدنيا وبين الحياة في الدار الاخرة. قال واحوال يوم وما فيها من الحساب والثواب والعقاب الى ان قال وانواع وانواع ما اعد الله فيها لاهلها اجمالا وتفصيلا فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر وسبيل العلم به هو خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم فان علمنا بما يكون يوم القيامة كاحوال القبر واحوال يوم واحوال يوم القيامة والحساب والعقاب والعذاب والصراط والشفاعة وغير ذلك على خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم فيجب العبد ويجب على العبد الايمان به. سواء ادركه ام لم يدركه فان احدنا يمر بالقبر وهو لا يشعر ما فيه من نعيم ولا جحيم لكننا نؤمن بما اخبر به الله واخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم وانعقد عليه اجماع المسلمين بان القبر دار للنعيم او دار للعذاب تجد في الناس من يزعم ان هذا لا يقبله العاقل لانه يمر بالقبر ولا يرى عذابا ولا نعيما. وهذا الجاهل يمر بجانب النائمين وهذا يتقلب في احلام هي من احلام السعادة. وذاك يتقلب في احلام هي من احلام الشقاوة. فذاك منشرح الصادق منشرح الصدر منطلق الخاطئ وذاك ظيق الصدر مبلبل الخاطئ. والمار بينهما لا يشعر بحالهما. فاذا كان في امر نوم فكيف في امر قبر فانت ترى النائمين لكنك لا ترى المقبورين مقبورين فالعبد يؤمن بدانك كما اخبر الله واخبر صلى الله عليه وسلم وينتهي علمه به الى ما علمه الله وعلمه رسوله صلى الله عليه وسلم فلا ندعي شيئا من العلم لا علم لنا به. وقد كثر باخره ذكر احوال من من احوال اليوم الاخر ممثلة شاهدة ونحوها وهذا من الجهل والتعدي على علم الله بان يقول العبد فيه ما لا يعلم فان الله سبحانه وتعالى اخفى عنا حقائق اليوم الاخر وانما نعقل اسمائها فقوله تعالى اذا السماء انشقت وقوله تعالى واذا النجوم انكدرت وغير ذلك منها الايات في هذا المعنى نؤمن بمعانيها تصويرها صورا او مشاهد فهذا حرام لا يجوز. وقد قال الله عز وجل لما ذكر اهل الجنة في سورة السجدة فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين يعني ان الامر مخفا عنا فلا نعلم حقائقها وانما نعلم الاسماء. فعلم ان اظهار هذا او مشهد تمثيلي او غير ذلك حرام لا يجوز وان بيان هذا للناس يكون بذكر الايات والاحاديث لا بذكر الرسوم والصور ونحوها. وما وعظنا الله به ووعظنا به رسوله صلى الله عليه وسلم انفع لنا واكمل من غيره فالعبد اذا ذكر الايات الواردة في احوال السماء فقال قال الله تعالى اذا السماء ان فطرت وقال تعالى اذا السماء ان وقال تعالى فكانت وردة كالدهان الى غير ذلك من الايات. وقر من معاني هذه الايات ما لا يصل في الاف الصور والمشاهد لان الله سبحانه وتعالى جعل لكلامه سلطانا على القلوب كما قال تعالى مصدقا لما يديه ومهيمنا عليه اي لا هو عليه سلطة وعلو وهيمنة. فمن وعظ الناس بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم القلوب ولانت وخضعت. ومن ظن انه يدلل القلوب ويخضعها باشياء يبتكرها ويبتدعها. جاء الشرع بخلافها فهذا لا يدرك مؤملة ولا يبلغ غايته وان زعم انه ينال ذلك. فلا يوصل الى الله الا الطريق الذي جعله الله الله فان الله بنفسه اعلم وشأنه احكم نعم رفع الله قدركم قال رحمه الله تعالى الاصل الرابع مسألة الايمان فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب تضمنوا لاعمال الجوارح فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان وان من من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان ومن انتقص منها شيئا فقد انتقص من ايمانه. وهذه الامور بضع بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ويرتبون على هذا الاصل ان ان الناس في الايمان درجات درجات وان ويرتبون على هذا الاصل ان الايمان في ان ان الناس في الايمان درجات مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب مقامات من الدين والايمان وانه يزيد وينقص فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى ويرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام. منهم من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا منهم من تركها كلها فهو هذا كافر بالله تعالى. ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق. او خير وشر. ففيه من من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الايمان وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما يضم ضيعه من الايمان ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصعيدها الى الكفر التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا يخلد في نار جهنم ولا يطلقون عليه لفظ ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقول عنه المعتز بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسق بفاسق بكبيرته. فمعه مطلق الايمان واما الايمان المطلق فينفى عنه. وبهذه الاصول يحصل يحصل وبهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. ويرتب على هذا الاصل ان ان الاسلام يجب ما قبله وان التوبة تجب ما قبله وان من ارتد وان من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله ومن تاب تاب الله عليه. ويرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان فيصح فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله لانه يرجو من الله لانه يرجو من الله تعالى تكميلين تكميل ايمانه فيستثني من ذلك. ويرجو الثبات على ذلك الى الى الممات. فيستثني من غير شك منه بحصون اصل الايمان يرتبون ايضا على هذا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجودا وعدما. وتكميلا ونقصا ثم يتبع او ذلك الولاية والعداوة ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض للام والولاية لله والعداوة لله. ويترتب على الايمان ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ولا يتم الايمان الا به. ويترتب على ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين والحث على التآلف وعدم التقاطع. ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض. ويرون ان هذه القاعدة من اهم من اهم قواعد الايمان ولا يرون ولا يرون اختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتذوق. ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم وان لهم من الفضل والسوابق والمناقم ما فضلوا به عن سعيهم الامة ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم. وانهم اولى اولى الامة بكل خصلة حميدة واسباب الى كل خير وابعدهم عن كل شر. ويعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها. ويدفع عنها عادية المعتدين ولا تتم ولا تتم امامة امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى. ويرون انه انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المنكر باليد والا باللسان. والا فبالقلب على حسب مراتب وطرقه المرئية وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من تمام الايمان والدين ومن تمام هذا الاصل. ذكر مصنف رحمه الله في هذه الجملة الاصل الرابع من الاصول الخمسة المعدودة في هذه الرسالة من اصول الدين الكبار في الاعتقاد وهي مسألة الايمان. فذكر ان اهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة. من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح. فانهم يقولون الايمان قول وعمل. يريدون بالقول انه قول القلب واللسان ويريدون بالعمل انه عمل القلب واللسان والجوارح. فموارد الايمان عندهم خمس اولها قول القلب وهو اعتقاده كاعتقادنا وجود الملائكة وثانيها قول اللسان وثانيها قول اللسان وهو الاقرار بالشهادتين شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله وثالثها عمل القلب وهو حركاته واراداته كالخوف والتوكل وهو حركاته واراداته كالخوف والتوكل. ورابعها عمل اللسان وهو العمل الذي لا يؤتى به الا باللسان. وهو العمل الذي لا يؤتى به الا باللسان. كقراءة القرآن وذكر الله ودعائه وخامسها عمل الجوارح وهي الاعضاء وهو الامر والنهي الواقع بهما. وهو الامر والنهي الواقع بهما. كفعل الصلاة وترك الشرب فمدار الايمان على هذه الموارد الخمسة والامر كما قال المصنف وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان. ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه. ثم ذكر ان هذه الموارد تتشعب في بضع وسبعين شعبة وشعب الايمان هي خصاله واجزاؤه وشعب الايمان هي خصاله واجزاؤه الجامعة له. فاعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. وقد اختلف في عد هذه الشعب لاختلاف لفظ الحديث الوارد في ذلك. وهو ابي هريرة رضي الله عنه ان لان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وستون شعبة. هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم بضع تبعون شعبة وعند مسلم ايضا رواية على الشك بضع وستون او وسبعون شعبة والمحفوظ من هذه الالفاظ الثلاثة هو اللفظ الاول وهو لفظ البخاري الايمان بضع وستون شعبة ثم ذكر المصنف انهم يرتبون على هذا الاصل ان الناس في درجات اي متفاوتون في مراتبهم منه باعتبار ما يكملون من الايمان. وان من انتقص منه شيئا قص من ايمانه فالناس فيهم المقربون وفيهم اصحاب اليمين وفيهم الظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان ثم ذكر ان الايمان يزيد وينقص اي يقوى ويضعف. فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله. كما ان من ترك محرما وفعل واجبا فقد زاد ايمانه. ثم ذكر انهم يرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام فالقسم الاول من قام بحقوق الايمان كلها وهو المؤمن حقا. والقسم الثاني من ترك حقوق الايمان كلها وهذا كافر بالله. والقسم الثالث من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر بحسب ما يكون فيه من الطاعة والمعصية. فالطاعة لها شعب والمعصية لها شعب. فتارة يكون في العبد شعبة من الطاعة وشعبة من المعصية وشعبة من الايمان وشعبة من النفاق فيجمع خيرا وشرا. قال يرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا يخلد في نار جهنم. اي ان الذنوب التي هي دون الكفر بالله سبحانه وتعالى اذا صدرت من العبد. وان كان كبيرة من كبائر الذنوب فهو لا يخرج بها من دين الاسلام ولا يخلد في نار جهنم فمن شرب الخمر او اكل الربا او زنى او غير ذلك من الموبقات العظيمة فهو باق على اسلامه ولا يخلد في النار. لكنه تردى في هوة عظيمة بمواقعة لهذه المعاصي الكبيرة فصار ممقوتا من الله سبحانه وتعالى. ان لم يتداركه الله برحمته تخوف عليه في عاقبته ثم قال ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقول المعتزلة اي ان فاعل من المؤمنين هو عند اهل السنة في دائرة الاسلام. واما عند غيرهم كالخوارج فهو كافر. فمن فرق فمن الفرق المنتسبة بديل الاسلام من يقول ان العبد اذا زنا او اكل الربا او شرب الخمر يكون كافرا. ومنهم وهم المعتزلة من لا يقولون وهو كافر لكنهم قولونه هو ليس مؤمنا فقد خرج من دائرة الايمان وينزلونه في منزلة بين الايمان والكفر وتتفق الطائفتان ان فاعل الكبيرة في الاخرة مخلد في نار جهنم. واما اهل السنة ويقولون ان فاعل الكبيرة يوم القيامة هو تحت رحمة الله ان شاء الله سبحانه وتعالى غفر له وان شاء الله سبحانه وتعالى عذبه وهذا الاصل المراد به الامتناع عن تكفير الناس. لا تهوين الكبائر والذنوب. فان امر الكبائر عظيم. والعبد لا لعله اذا وقع في ذنب من الذنوب اوصله الكفر وهذا معنى قول الجماعة من السلف المعاصي بريد الكفر اي ان المعاصي اذا سورة من العبد تخوف عليه ان يخرج من دين الاسلام الى غيره وهذا مشاهد قديما وحديثا ان من تتايع في الذنوب والمعاصي واستساغها وهانت عليه ربما وقع في الكفر وخرج من دين الاسلام فيجب على العبد ان يتحرز من المعاصي كلها وكبيرها وان ينظر الى من نجا كيف نجا لا من هلك كيف هلك ثم ذكر رحمه الله انه هذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة اي بما مضى تقريره في باب الايمان يحصل الايمان بجميع ما ورد في الكتاب والسنة مما يتوهم انه يخالف بعضه بعضا فانه محمول على معان يؤلف بعضها مع بعض ثم انه يترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله. اي يهدموا ما قبله ويسخطه. ان التوبة تجب تجب ما قبلها. وان من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله ومن تاب تاب الله عليه. فالعبد اذا وقع في شيء اسرف فيه على نفسه ككفر فاسلم او معاص فتاب منها فان اسلامه يسقط ما قبله وتوبته تهدم ما قبلها. واما من ارتد مات على الردة والكفر لله فقد حبط عمله اي لا ينفعه ما مضى منه من صلاة ولا صدقة ولا صيام. ثم ذكر انهم يرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان اي ان يقول العبد انا مؤمن ان شاء الله ووجهه كما قال المصنف لانه يرجو من الله تكميل ايمانه فيستثني لذلك اي انه لا يصفه نفسه بالايمان الكامل لكنه يرجو ان يحصل الايمان الكامل فيأكل ذلك الى مشيئة الله سبحانه وتعالى او يرجو الثبات على ذلك الى الممات فلا يعلم ما يعرض له في سيره الى الله سبحانه وتعالى وهم يستثنون من غير شك منهم بحصول الايمان. فاذا قال احدهم انا مؤمن ان شاء الله لا يريد بذلك الشك بل هو مؤمن متحقق من كونه مؤمنا لكنه يريد تكميل ايمانه والثبات عليه حتى يموت. ثم ذكر انهم يرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجوبا وعدما وتكميلا ونقصا. ويتبع ذلك ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة. ان اي ان المرء حبوا لاجل ما يحبه الله ويبغض لاجل ما يبغضه الله ويوالي لاجل ما يوالي لاجل ما يوالي عليه عند الله ويعاد لاجل ما يعادي عليه عند الله. فالحب في الله والبغض لله والولاية لله والعداوة لله. فالمؤمنون يحبون ويعظمون على ما على قدر ما عندهم من الطاعات ويبغضون على قدر ما عندهم من المعاصي ويحصل لهم من الموالاة والمعاداة بحسب لهذا وذاك ثم ذكر انهم يرتبون على هذا ثم ذكر انه انهم انه يترتب على هذا الايمان على هذا ان يؤمن العبد بانه يحب لاخيه ما يحب لنفسه ولا يتم الايمان الا به لقوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه من حديث انس رضي الله عنه ويترتب وعلى ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين. والحث على التآلف والتحابب وعدم عدم التقاطع. كما تقدم في رسالة الحث على معي كلمة المسلمين للمصنف نفسه بعد صلاة الفجر قال ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون ان هذه من اهم قواعد الايمان اي ان من اهم قواعد الايمان الاجتماع وترك التفرق فلا عصبية ولا فرقة ولا حزب نيتها في الاسلام ثم ذكر انهم لا يرون ان الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتفرق فاذا اختلف احد مع احد من المؤمنين في غير شرك ولا بدعة لم يكن ذلك موجبا للنفرة والبغضاء بينهما. قال ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم وان لهم من الفواضل والسوابق والمناقب ما فضلوا به عن سائر الامة فيعتقد ان لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المقام العظيم والمراتب السامية في الدنيا والاخرة ويدين بحبهم وينشر فظائلهم ويمسك عما شجر بينهم من الخلاف. اي لا يدخل في شيء منه جمعا واذاعة ولا وبثا ويعتقد ان الصحابة رضي الله عنهم هم اولى الامة بكل خصلة حميدة وانهم اسبقهم الى كل خير عن كل شر ثم ذكر رحمه الله ان اهل السنة يعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين اي لا يستقيم امرها الا بحاكم يدبرها فان الناس اذا لم يكن لهم يقوم على تدبير الولاية والحكم صار الامر هرجا مرجا لا ينضبط بشيء فيختل امر الدين والدنيا على حد صلاح الدين سواء قال ولا تتم امامته الا بطاعته بغير معصية الله تعالى. فالله سبحانه وتعالى امرنا بان نجتمع على ولي امرنا الذي ولاه الله سبحانه وتعالى امرنا وان نسمع له ونطيعه. في غير معصية الله تعالى كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم على المرء السمع والطاعة فيما احب وكره رواه مسلم من حديث ابن عمر فيجب على العبد ان يسمع ويطيع لولي امره ما لم يأمره بمعصية الله سبحانه وتعالى امره بمعصية الله فان امره بمعصية الله لم يطعه في المعصية ولم ينقض يدا من بيعه. وكره معصيته ثم ذكر انهم يرون انه لا يتم الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان والا باللسان والا فبالقلب كما قال ابن تيمية الحفيد ويوجبون الامر بالمعروف ويرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة اي على نحو الامر الشرعي فهو اذا امر امر بامر الله واذا نهى نهابي امر الله لا بهواه وما تشتهيه نفسه. ثم قال وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من تمام الايمان والدين. فاذا اردت ان تعرف مبلغك من دين الله فانظر حظك من التزامك اوامره نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الاصل الخامس طريقهم في العلم في العلم والعمل وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون يعتقدون ويلتزمون الا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فيجتهدون فيما معرفة معانيها والتفك والتفقه فيها اصولا وفروعا. ويسلكون وجميع طرق الدلالات الدلالات فيها ذات المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام ويبذلون قواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرع عنها من من اقيس من اقيسة صحيحة ومناسبات حكيمة وكل علم اعان على ذلك او ازره او ترتب عليه فانه علم شرعي. كما ان ما ضاده وناقضه فهو علم باطل. فهذا طريقهم في العلم. واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها ثم يتقرب له باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده. مع الاكثار من النوافل وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الا كل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق نافعا التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة والحمد لله رب رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ختم المصنف رحمه الله اصل الخامس من الاصول الخمسة المعدودة في هذه الرسالة وهو الاعلام بطريق اهل السنة في العلم والعمل. فذكر ان اهل اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون انه لا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح. فلا سبيلا الى معرفة العبد ما يجب عليه من العلم والعمل الا بمعرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم بين العلم النافع فقال هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فيجتهدون في معرفة معانيها والتفقه فيها اصولا وفروعا اي يقبلون اقبالا تاما على القرآن والسنة فيتفهمون ما فيهما من المعاني ويستخرجون ما انتظم فيهما من الاحكام. قال ويسلكون جميع جميع طرق الدلالات فيها دلالة طبقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام وهذه طرائق في استخراج الاحكام من الالفاظ. فان انواع الدلالات اثنان احدهما دلالة غير لفظية والاخر دلالة لفظية وهي مراده هنا والدلالة اللفظية ثلاثة انواع احدهما احدها دلالة المطابقة وهي دلالة اللفظ على جميع معناه دلالة اللفظ على جميع معناه وثانيها دلالة تظمن وهي دلالة اللفظ على بعظ معناه دلالة اللفظي على بعض معناه وثالثها دلالة التزام وهي دلالة اللفظ على امر خارج عنه لازم له. وهي دلالة اللفظ على امر خارج عنه لازم له فمثلا اسم البيت اذا اطلق فانه يدل باعتبار دلالة المطابقة على جميع ما يندرج في اسم من السقف والاعمدة والاثاث وغير ذلك واما دلالة لفظ البيت على السقف فهي دلالة ايش تظمن لانه جزء معناه فانه لا بيت بلا سقف في الاصل. ودلالة البيت على الظل دلالة التزام فالظل خارج عنه لازم له فكل بيت تخرج عليه الشمس يكون له ظل او فيئ. ثم قال ويبذلون قواهم في ادراك ذلك حسب ما اعطاهم الله اي يجتهدون في استخراج المعاني والاحكام من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بحسب ما يتهيأ لهم من القوة التي امدهم الله سبحانه وتعالى بها. ثم ذكر انهم يعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة. وكذلك ما عنها من عقيدة صحيحة ومناسبة حكيمة وكل علم اعان على ذلك او ازره او ترتب عليه فانه علم شرعي اي ان مدار نافعة على القرآن والسنة. وما كان علما معينا على فهم القرآن والسنة عد من العلوم النافعة ذلك الصحيحة والمناسبات الحكيمة المتفرعة عن علوم الكتاب والسنة هي ايضا هي ايضا من العلوم النافعة اعظم ما ينبغي ان يشتغل به العبد من العلم هو العلم ايش الشرعي هذا قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم. اما الذي صار عليه المسلمون ان الذكي النابه يدفعون به الى كلية الطب وكلية هندسة وغيرها من الكليات ويقولون يخدم الاسلام انما يخدم الاسلام من يطلب علم الاسلام هذا هو الذي يخدم الاسلام بالمقام الاعلى ولا بأس ان يكون من المسلمين من يعتني بهذه العلوم لكن ما صار عليه الناس باخرة رغبة في الدنيا ومحبة للظهور او غير ذلك من المقاصد الرديئة انهم يدفعون بفلذات اكبادهم وابنائهم الى تلك العلوم ويدعون علوم الشريعة لمن قصر قدره من الفقه والذكاء والنباهة والنبل فهذا من عدم تقدير دين الله ولا اجلاله فمن اجل دين الله بان يدفع بذريته الى ما ينفع من العلم فان الله سبحانه وتعالى يعظمه ويجله ويجعل له من الخير في العاجل والاجل ما لا يكون لغيره. ويدرك الانسان حظه من الدنيا. فان من اراد وجه الله جعل الله الله سبحانه وتعالى كل شيء خادما له كما قيل. من خدم المحابر خدمته ايش؟ المنابر يعني من سعى في طلب العلم جعل الله عز وجل له الظهور وليس المراد ان يستعدي الانسان بالظهور على الناس لكن المراد ان يكتب الله الله سبحانه وتعالى على يديه خيرا كثيرا ينتفع به الانسان. فمن رزق ولدا ذكيا فليتحرى ان يبيعه لله سبحانه وتعالى وربح البيع بان يدرجه في كلية شرعية وان يأمره بملازمة العلماء وان يحته على ذلك فان عبد يحصل من كمالات الدنيا والاخرة بنجابة ولد صالح يعلم المسلمين اشياء كثيرة. وفي اخبار مصنف هذا تاب انه رأى بعد موته احد اشياخه الذين درس عليهم علم الفرائض فلما رآه في المنام قال له يا عبد الرحمن ان المسألة التي افتيت فيها اليوم في الفرائض وصلني اجرها يعني المسألة التي تعلمها عنه ثم افتى فيها في ذلك اليوم وصله اجرها فكيف اذا كان ما يعلم مسائل واحكاما كثيرة فيكون للعبد من الحسنات الباقية بسبب ولده اشياء لم تخطر عليه على بال. فلو قدر انه جاءك ولد صالح نبل في العلم فافتى ودرس وعلم وصنف وبقيت له كتب ومصنفات واصحاب ومنتفعون مئات السنين امتد اجرك مئات السنين تخيل انك الان في هذا القرن ثم يبقى عملك بعد مئتي سنة بعد ثلاث مئة سنة بعد اربع مئة سنة وانت ممن تكتب لك الاجر بسبب ولد لك طلب العلم. واعظم من ذلك ان تشتغل انت بطلب العلم وان تحرز نصيبا منه. لكن المقصود الانباه الى ان ما صار عليه المسلمون من الدفع بابنائهم الى العلوم المعاصرة الحديثة والرغبة فيها والاعراض عن علوم الشرع والتزييد فيها ومحاصرة ابنائهم والتضييق عليهم اذا رغبوا في علم الشرع ان هذا وبال عليهم. واذا سلموا من سوء عاقبته في الدنيا فانهم لا يسلمون من سوء عاقبته في الاخرة. ثم ذكر طريق اهل السنة والجماعة في العمل انهم يتقربون الى الله بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان ثم يتقربون له باداء الفرائض المتعلقة بحقه وحقوق عباده مع الاكثار من النوافل وترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله. فعملهم يريدون به القرب من ربهم سبحانه وتعالى. فاعمالهم يراد بها نيل الرفعة عنده سبحانه وتعالى. ثم قال ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الاكل عمل خالص لوجهه مسلوكا فيه طريق النبي الكريم اي ان العبد لا يقبل من اعماله الا ما كان خالصا متبعا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما قال شيخ شيوخنا حافظ وللحكم شرط قبول السعي ان يجتمع فيه اصابة واخلاص معه. اي اخلاص لله واصابة لسنة رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وسعادتي عاجلة واجلة اي انهم يعلمون انه لا قدرة للعبد على ما اؤمله من علم نافع او عمل صالح الا بعون من الله سبحانه وتعالى اذا لم يكن من الله عون للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده واحدنا يقرأ في كل صلاة اياك نعبد واياك نستعين. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس اذا استعنت فاستعن بالله. رواه ابن رواه الترمذي باسناد حسن العبد يجب عليه ان يستعين بالله سبحانه وتعالى ويكثر من شهود هذا المعنى في علمه وعمله. فانت في علمك بالمناسك مثلا لا قدرة لك الا بالاستعانة بالله بان تتعلم احكام المنازل. ولا قدرة لك على اتيان المناسك وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الا بان تستعين بالله وان تطلب مرضاته سبحانه وتعالى. ثم ختم المصنف رحمه الله رسالته بحمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وهذا اخر البيان على هذا الكتاب بما يناسب المقام اكتبوا طبقة السماع سمع علي جميعا لمن سمع الجميع مختصر في اصول العقائد الدينية وفي البياض الثاني بقراءة غيره. صاحبنا ويكتب اسمه تاما فتم له ذلك في مجلس واحد بالميعاد المثبت في محله من نسخته واجزت له روايته عني اجازة خاصة معين لمعين في معين باسناد مذكور في عقود الابتهاج لاجازة وفود الحجاج والحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه صالح بن عبدالله بن حامد العصيمي يوم الثلاثاء الثلاثين من شهر ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين واربع مئة والف في المسجد الحرام بمدينة مكة المكرمة