السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل مهمات الديانة في جمل والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث قدوة العلم والعمل وعلى اله وصحبه ومن دين الاسلام حمل اما بعد فهذا شرح كتاب اخر من مقررات برنامج جمل العلم وهو كتاب مختصر في اصول العقائد الدينية للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي المتوفى سنة ست وسبعين بعد الثلاثمائة والالف نعم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا ونفعنا بعلومهما بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وصحبه واتباعه الى يوم الدين. اما بعد فهذا مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة اقتصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط للكلام ولا ذكر ادلتها اقرب ما يكون لها انها من نوع الفهرست للمسائل لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين. ثم له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها وان يسر الله وفسح في الاجل بسطت هذه المطالب ووضحتها بادلتها ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ديباجة كتابه ان هذه الرسالة مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة والمختصر من الكلام ما قل مبناه وجل معناه وهذا المختصر اضيف الى كونه على هذا الوفق انه جاء موصوفا بقوله جدا فهو شديد الايجاز اقتصر فيه المصنف على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط للكلام ولا ذكر ادلتها فهو يذكر جملة من عيون المسائل العقدية دون بس ان الكلام فيها ولا تبيين لادلتها اقرب ما يكون لها انها من نوع للمسائل اي الكشاف الدال عليها فان الفهرستا اعجمي يضرب يطلق على الديوان الذي تجمع فيه اسماء الكتب ثم عرب بحذف التاء. فقيل الفهرس والفهرس بفتح الفاء وكسرها وينوب عنه في اللغة الفصيحة الكشاف فان الكشاف اصح وضعا واصدق في الدلالة على المقصود فما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في هذا المختصر في منزلة الكشاف المبين جملة من مسائل الاعتقاد عند اهل السنة والجماعة. لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين ثم من كانت له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها ثم تمنى المصنف رحمه الله تعالى ان يفسح له في الاجل ان يمدوا له في العمر حتى يبسط هذه المطالب ويوضحها بادلتها لكن لم يكتب له ذلك فلا يعرف له شرح على هذا المختصر. بل هذا الشرح من جملة الكتب التي دونها رحمه الله تعالى في اخر عمره على ارادة تقريب مسائل الاعتقاد وتبينها بلغة قريبة المأخذ ومن احسن الكتب الاثرية في العقيدة السلفية في بسط الادلة كتاب معارج القبول في شرح سلم الوصول للعلامة حافظ الحكمي فان هذا الكتاب لا نظير له في ضم شتات الادلة الشرعية من القرآن والسنة المفيدة للاعتقاد الصحيح اعتقاد اهل السنة والحديث نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله الاصل الاول التوحيد حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفة فات الكمال وافراده بانواع العبادة فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. وتوحيد الالوهية والعبادة وهو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها. وافراد بها من غير اشراك به في شيء منها. مع اعتقاد كمال الوهيته فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وانه على كل شيء قدير. وانه الغني الحميد. وما سواه فقير اليه من كل وجه ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة والايمان بها ثلاث درجات ايمان بالاسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته كالعلم بانه عليم ذو علم ويعلم كل شيء قدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء الى اخر ما له من الاسماء المقدسة ودخل في ذلك اثبات علوه على خلقه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. ودخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو ونحوها. والصفات الفعلية وهي الصفات المتعلقة بمشيئته وقدرته. كالكلام والخلق والرزق والرحمة والاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا كما يشاء. وان جميعها تثبت لله من غير تمثيل ولا تعطيل وانها كلها قائمة بذاته وهو موصوف بها. وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل. وانه فعال لما يريد تكلموا بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. منه بدأ واليه يعود وانه المتكلم به حقا وان كلامه لا ينفذ ولا يبيد ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافي فاتى بين كمال علوه وكمال قربه لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته. ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم ان انه كما لا ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته ومن ظن ان في بعظ العقليات ما يوجب تأويل بعظ الصفات على غير معناها المعروف. فقد ضل ضلالا مبينا. ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله. وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله. وان لهم افعالا وارادة تقع او بها افعالهم وهي متعلق الامر والنهي. وانه لا يتنافى الامران اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للذوات والافعال الافعال والصفات واثبات قدرة العبد على افعاله واقواله. ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته اقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى. وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر. وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر كالحليف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك. والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والاء ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة. وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وانجذب وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة فاطمئن الى الله معرفة فتم وانابة وفعلا وتركا وتكميلا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم. فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك رتب المصنف رحمه الله تعالى هذا المختصر في خمسة اصول جعل طليعتها الاصل الاول وهو التوحيد لجلالة شأنه وعلو رتبته فان المقدم يقدم ولما كان التوحيد بهذه المنزلة العظيمة استحق التقديم في البيان فجعله المصنف رحمه الله اول الاصول المبينة مما يتعلق باعتقاد اهل السنة والحديث وذكر في فاتحة كلامه حد التوحيد شرعا الجامع لانواعه. فبين انه اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال وافراده بانواع العبادة وذكر الافراد فيه تنبيه الى انه مبنى التوحيد فان التوحيد مبني على التفريط وحقيقته الشرعية كما سلف تقع على معنيين احدهما معنى عام وهو افراد الله بحقه والاخر معنى خاص وهو افراد الله بالعبادة فان التوحيد يرد في الخطاب الشرعي على ارادة معناه العام وهو افراد الله بما له من حق. ويأتي تارة اخرى على ارادة حق خاص وهو حق العبادة فيكون التوحيد شرعا اتيا على هذين المعنيين العامي والخاص. وسلف ان حقوق الله عز وجل ثلاثة احدها حق الالوهية وثانيها حق الربوبية وثالثها حق الاسماء والصفات فيكون ذكرها تفسيرا للاجمال المتقدم في قولنا التوحيد بمعناه العام هو افراد الله بحقه يعني الحقوق الثلاثة الثابتة بالاستقراء من دلائل الكتاب والسنة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعد ما يدخل في توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات وتوحيد الالوهية وهذه الانواع الثلاثة من التوحيد مبنية على الحقوق الثلاثة المتقدمة فانه اذا كان لله عز عز وجل ثلاثة حقوق فان الواجب على العبد فيها هو ثلاثة انواع من التوحيد احدها توحيد الربوبية وثانيها توحيد الاسماء والصفات وثالثها توحيد الالوهية. فاذا اريد معرفة الدليل الدال على الانواع الثلاثة فانه الدليل الذي ارشد الى ثبوت تلك الحقوق لله عز وجل. فان المستقرأ للكتاب والسنة والسنة مع براء ذمته وصفاء قلبه من دواعي البدع والشبهات يوقن بان في الكتاب والسنة ما يدل على اثبات حق لله في ربوبيته وحق له في اسمائه وصفاته وحق له في الوهيته واذا ثبتت هذه الحقوق كان الواجب على العبد حينئذ ان يوحد الله في ربوبيته وان يوحده في اسمائه وصفاته وان يوحده في الوهيته ولاجل هذا ذكر المصنف كل واحد من هذه انواع الثلاثة فقال في اولها فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير وهذه المذكورات هي من افعال الله عز وجل. ولهذا يقال اختصارا ان توحيد الربوبية شرعا هو افراد الله ايش هي هو افراد الله بافعاله طيب وافراده في ذاته اسماء الصفات هذه اوصاف واسماء للذات فتوحيد الربوبية هو افراد الله بذاته وافعاله. هو افراد الله بذاته وافعاله. ثم ذكر توحيد الاسماء والصفات وبين انه اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. وتقدم قبل ان توحيد الاسماء والصفات شرعا هو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلى فان لله عز وجل اسماء وصفات فيجب على العبد ان يفردها ان يفرده بها. ما الدليل على ان له اسماء قال الله تعالى ولله الاسماء الحسنى. طيب ما الدليل على ان له صفات يعني من قاله هذا ذكرناه قبل نحن صح؟ قال الاخ الدليل ولله المثل الاعلى يعني الوصف الاعلى. فقلت له من قال ما الجواب انا لا اريد يا اخوان ان تسمعوا مني وتنسبوا القول الي تريد ان تسمع مني وتنسب القول الى من علمتكم من قاله لان كثيرا من الناس قد يرد القول لانه لا يعرفه لكن اذا قيل له ان هذا القول قاله فلان سكت ولجهل الناس بالعلم الصحيح ربما انكروا علما صحيحا ومن هذه اللطائف في باب الاعتقاد مما يقع غلطا عند كثيرين ولا اقوله جزافا ان بعض الناس اذا ذكر الكفر الاصغر قال وهو كفر النعمة قال وهو كفر النعمة. قال الامام احمد وتسميته ذلك خطأ ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة له في الدرر السنية. وكنت اعجب من هذا الكلام. وعرضته على بعض الشيوخ فظنه وهما حتى طبع شرح العمدة لابي العباس ابن تيمية الحفيد فاذا فيه نحو ستة اسطر في تحرير هذا المعنى وبيان كلام الامام احمد وان اشاع عند المتأخرين من تسمية الكفر الاصغر بكفر النعمة انه خطأ فاذا اردت ان تنقل هذا العلم فلا تقل قال صالح ولكن قل قال الامام احمد وبينه ابو العباس ابن تيمية في كتاب العمدة. لان المعاصرة حرمان والمقصود دلالة الناس على الحق لا دلالتهم على الاشخاص ولهذا ذكرنا لكم فيما قبل ان قول الله تعالى ولله المثل الاعلى يعني الوصف الاعلى ان هذا جاء عن عن ابن عباس واختاره ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى. فيكون توحيد الاسماء والصفات شرعا هو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا واما توحيد الالوهية فذكره المصنف رحمه الله بقوله وهو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها وافرادها من غير اشراك به في شيء منها الى اخر ما قال. وتقدم قبل ان توحيد الالوهية شرعا هو افراد الله بالعبادة. ثم شرع المصنف رحمه الله تعالى يبين جملا من القول المتصلة بهذه الانواع الثلاثة. فقال فدخل في توحيد الربوبية اثبات في القضاء والقدر فالقضاء والقدر فرد من افراد توحيد الربوبية ووجه ذلك ما ذكره الامام احمد في قوله القدر قدرة الله. وكان ابو الوفاء ابن عقيل وابو العباس ابن تيمية يعجبه قول الامام احمد القدر قدرة الله لانه رد القدر الى حقيقته التي نشأ منها وهي قدرة الله سبحانه وتعالى وهي فعل من افعال ربوبيته. فما شاء الله بقدرته كان وما لم يشأ الله سبحانه وتعالى فانه لا يكون. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يدخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة نعم والايمان بها ثلاث درجات. وهذه الدرجات الثلاث هي درجات الايمان بالاسماء والصفات. وقد ذكر المصنف ان انها ثلاث درجات فالدرجة الاولى الايمان بالاسماء. والدرجة الثانية الايمان بالصفات والدرجة الثالثة الايمان بحكم الصفة فاما الاسم الالهي فهو ما دل على الذات واما الصفة الالهية فهي ما دل على الذات مع كمال متعلق بها ما دل على الذات مع كمال متعلق بها واما حكم الصفة فانه يطلق على معنيين احدهما اثرها فالمطر من احكام صفة الرحمة لانه اثر من اثارها والاخر اطلاقه على النسبة الكائنة بين الصفة ومتعلقها فانه يسمى حكما لها كصفة العلم فان من صفات ربنا عز وجل صفة العلم ومتعلقها المعلومات. فالنسبة الكائنة بين الصفة ومتعلقة تسمى حكما ذكر هذين المعنيين لحكم الصفة ابن القيم في الكافية الشافية وابن عيسى في في شرحها ومحمد خليل هراس في شرحها ايضا فيجب على العبد ان يؤمن بالاسماء الحسنى على هذه المراتب الثلاث واولها ان تؤمن بالاسم ثم تؤمن بعد ثم تؤمن بعد بالصفة التي دل عليها الاسم ثم تؤمن بعد بحكم الصفة. فمثلا من اسماء ربنا سبحانه وتعالى العليم فتكون الدرجة الاولى ان تؤمن بان من اسمائه اسم العليم وتكون الدرجة الثانية بان تؤمن ان من صفاته صفة العلم ثم تكون الدرجة الثالثة بايمانك بحكم الصفة وهي الاثار الناشئة عنها او النسبة التي تكون بين الصفة ومتعلقة فيها ومحل هذا الترتيب الثلاثي هو في الاسماء المتعدية اما الاسماء اللازمة وهي التي تتعلق بالله وحده ولا تتعدى الى غيره فان الايمان بها يكون بدرجتين فقط اولاهما الايمان بالاسم والاخرى الايمان باصتفة كالحي فانك تؤمن بان الله عز وجل من اسمائه الحي ثم تؤمن بان من صفاته ايش الحياة طيب لها اثر متعدي وان الله يحيي الموتى طيب هذي من صفة الاحياء وليس من صفة وليس من صفة الحياة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه دخل في ذلك اثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. فهذه كلها من الصفات الالهية الثابتة لربنا المتعلقة بمشيئته وقدرته مما يسمى بالصفات الفعلية وان المصنف اعاد القول فيها بعد منبها الى نظيرها. فان الصفات تنقسم بعدة اعتبارات منها باعتبار الذاتية والفعلية فتنقسم الى قسمين اولهما الصفات الذاتية وهي التي لا تنفك عن ربنا سبحانه وتعالى بحال والثاني الصفات الفعلية وهي الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته وقد ذكر ابن الحاج من المالكية ضابطا حسنا في معرفة الصفات الذاتية وهي ان الله عز وجل يوصف بها ولا يوصف بمقابلها. فيوصف بالعلم ولا يوصف بظده انتهى كلامه بخلاف الصفات الفعلية فان الله قد يوصف بالمتقابلات من الصفات فيوصف سبحانه وتعالى بصفة الغضب والمقت. ويوصف سبحانه وتعالى ايضا بصفة الرحمة واللطف فيوصف الله عز وجل بهذا وهذا باعتبار ما جاء من الادلة الشرعية. ومعنى قول المصنف رحمه الله وانها كلها قائمة بذاته اي غير بائنة منه. فهو موصوف بها سبحانه وتعالى ثم ذكر رحمه الله مما يندرج في هذا انه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا. فمن صفات ربنا سبحانه وتعالى صفة الكلام. فهو يتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء. ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. لان القرآن من صفة كلام ربنا سبحانه وتعالى. وذلك يقتضي كونه منزلا منه سبحانه وتعالى غير مخلوق منه بدأ الكلمة فيها ضبطان احدهما بالهمز من البدء والثاني بدون همز من البدو يعني الظهور وكلاهما ظبطان صحيح ان معناهما ان الله عز وجل تكلم القرآن فالقرآن مبتدأ منه سبحانه وتعالى واليه يعود اي يرجع في اخر الزمان برفعه من والصدور فان هذا احسن المعاني الثلاثة المذكورة عند اهل السنة فيه. وقد نقل جماعة الاجماع عليه الضياء المقدسي كتابا لطيفا اسمه اختصاص القرآن الكريم بعوده الى الرحمن الرحيم. ذكر ما جاء من الاحاديث والاثار في هذا المعنى. ثم ذكر المصنف انه دخل في ذلك الايمان بان الله قريب مجيب. وانه مع ذلك علي اعلى فلا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه. لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته. وهذا معنى قول ابي العباس ابن نية الحفيد رحمه الله علي في دنوه قريب في علوه. لان الله عز وجل له من كمال الصفة ما لا يكون لغيره وصفته سبحانه وتعالى فوق مدارك العقول وقياسها وما ذكره رحمه الله تعالى في وصف القرب لله عز وجل مختص بالمؤمنين في اصح قولي اهل السنة فان قرب عز وجل واحد وهو قربه من اوليائه بالتسديد والتوفيق والاعانة. وليس من القرب قرب عام بالعلم والاحاطة فان هذا المعنى اجنبي عن دلالة الكتاب والسنة. وما جاء من ظواهر الايات المتوهم منها خلاف هذا المعنى فانما يراد بها قرب ملائكة الله سبحانه وتعالى كقوله تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد يعني نحن بملائكتنا اقرب اليه من حبل الوريد. فصفة القرب صفة مختصة بالمؤمنين فقط. افاده ابو العباس ابن تيمية الحديث وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب رحمهما الله تعالى ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه لا يتم توحيد الاسماء حتى يؤمن العبد بكل ما جاء في الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته. فهذه السابلة المقول بها في هذه المسألة في تنزيه صفات الله سبحانه وتعالى عن كل ما تتوهمه الخواطر والاوهام مبنية على القول في حجب العلم بذاته عنا فكما اننا لا نعلم حقيقة ذاته العلية فاننا لا نعلم حقائق صفاته الالهية وانما ندرك معانيها. وهذا معنى قول اهل العلم القول في الصفات فرع عن القول في الذات اي كما يقال ان الذات يمتنع العلم بها لحجبها عنا فكذلك الصفات في حقائقها وكيفياتها هذه معانيها هي محجوبة عنا. وهذه القاعدة ذكرها جماعة من قدماء الشافعية. كالخطاب وابي بكر الخطيب وقوام السنة الاصبهاني قبل ان تشهر عن ابي العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى واشار اليها ابن عدود في نظمه اذ قال وما نقول في صفات قدسه فرع الذي نقوله في نفسه فان يقل جهميهم كيف يجيء كيف استوى فقل له فان يقل جمعيهم كيف استوى كيف يجيء فقل له كيف هو؟ ثم ذكر المصنف ان من ظن ان في بعظ العقليات يعني الدلالات العقلية ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا. لان باب الصفات باب واحد اعمال العقل بالتفريق بين انواعه تحكم عليه. والتحكم في الصفات الالهية غير ممكن. لان العقول لا تستقل بمعرفتها بل هي مفتقرة الى وحي يرشدها اليه. وان الوحي الصادق الذي اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وكان عليه الصحابة والتابعين واتباع التابعين هو اثبات الصفات الالهية لله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. ثم ذكر المصنف انه لا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله لان توحيد الربوبية كما تقدم هو افراد الله بذاته وافعاله. ومن افعال الله عز وجل ما يجريه من تصريف الاحوال على فافعال العباد مخلوقة لله عز وجل الا ان للعباد اختيارا ومشيئة هما تابعان لاختيار الله عز وجل ومشيئته ثم ذكر رحمه الله تعالى انه لا يتنافى الامران اثبات مشيئة الله العامة واثبات قدرة العبد على افعاله واقواله فالعبد له قوة ومشيئة واختيار لكنها تابعة لمشيئة الله وقدرته واختياره. كما قال تعالى وما تاءون الا ان يشاء الله. فاثبت لهم مشيئة لكنها جعل لكنه جعل تلك المشيئة تابعة لله بمشيئة الله عز وجل. ولو كان العبد مسلوب المشيئة لم يثبت الله عز وجل له المشيئة. فان بعض الجبرية استدلوا بهذه الاية على نفي خلق على نفي اختيار العبد لفعله. والرد عليهم منها فان العبد لو كان مسلوب المشيئة ما اضاف الله عز وجل اليه المشيئة فقال وما تشاؤون الا ان يشاء الله ثم ذكر المصنف ان توحيد العبد لا يتم حتى يخلص العبد لله في ارادته واقواله وافعاله. لان ما تقدم من هو متعلق بمعرفة الله عز وجل واثبات الكمالات له. ثم انتقل المصنف رحمه الله تعالى الى ذكر ما يجب على العبد في طلبه وارادته وقصده وانه يجب عليه ان يوحد الله سبحانه وتعالى. ولا يتم له ذلك حتى يدع الشرك الاكبر والشرك كالاصغر وضبط المصنف رحمه الله تعالى الشرك الاكبر بقوله وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لله وظبط الشرك الاصل بقوله فهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر الى اخر ما ذكر. وهذان القولان يرد عليهما اعتراضات ليس هذا محل بيانها. لكن الحق الحقيق في التمييز بين الشرك الاكبر والاصغر ان يقال الشرك الاكبر شرعا هو جعل شيء مما يتعلق باصل الايمان لغير الله هو جعل شيء مما يتعلق باصل الايمان لغير الله. وان الشرك اصغر هو جعل شيء مما يتعلق بكمال الايمان لغير الله فالفرق بينهما مورد المتعلق فاذا تعلق باصل الايمان فهو شرك اكبر واذا تعلق بكمال الايمان فهو شرك اصغر. ولا يتمكن المرء من تمييز تعلقات المسائل الا بمعرفة مراتبها الايمانية. بالدلالة الشرعية ثمان ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من انواع الشرك الاصغر في قوله ويسير الرياء متعقب بان الشرك الاصغر لا يختص بيسير الرياء بل الرياء كله شرك ولو كان بل الرياء كله شرك اصغر ولو كان كثيرا والمصنف رحمه الله تعالى تابع في هذا جماعة قبله. منهم ابو عبد الله ابن القيم في الجواب الكافي ومدارج السالكين وسليمان ابن عبد الله في تيسير العزيز الحميد في اخرين من اهل السنة جعلوا ما يكون شركا اصغر هو يسير الرياء والصحيح ان الرياء يسيره وكثيره كله شرك اصغر والدليل سم لكن اللفظ هذا فيه مقال الحجة ما رواه الحاكم في المستدرك عن شداد ابن اوس رضي الله عنه قال كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك الاصغر واسناده حسن كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك الاصغر. وهذا الاثر فيه فوائد كثيرة منها ما سلف التنبيه اليه من ان الرياء باعتبار الفعل سواء قل او كثر فهو شرك اصغر لكن الذي اشكل على هؤلاء الايات التي جاءت في وصف المنافقين بالرياء وتلك متعلقها العامل وليس متعلقها العمل كما بينه في محل اخر باذن الله. وفيه من الفوائد التنبيه الى ان قسمة الشرك الى اكبر واصغر ليست من بنيات افكار ابن تيمية او ابن عبد الوهاب. بل هي عقيدة اثرية ثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم من ائمة الهدى وهذا هو الواجب على العبد ان يعرف ان العقيدة التي يعتقدها لا تضاف الى احد وانما هي ما تضمنه الكتاب والسنة وما كان عليه الصدر الاول من الصحابة والتابعين واتباع التابعين. ولهذا درج اهل السنة على عدم نسبة العقائد الى احد منهم لان انها عقيدة الصدر الاول من الصحابة والتابعين واتباع التابعين. ثم ذكر المصنف بعده ان الناس في التوحيد على درجات متفاوتة بما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته والاءه ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه بمعرفة الله وتعظيمه واجلاله الى اخر ما ذكر. والمقصود ان الخلق في توحيد الله عز جل درجات وان احدنا يزيد توحيده ويقوى تارة ويضعف توحيده وينقص تارة اخرى فحاجة العبد الى التوحيد اشد من بحاجته الى الطعام والشراب وهو مفتقر اليه في معرفة الله سبحانه وتعالى. فكلما زاد علمه بالله عز وجل وصفاته وامره زاد توحيده واقباله على الله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به وانهم اكمل الخلق علما وعملا. واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد. وان الله برأهم من كل خلق رذيد. وانهم معصومون فيما عن الله تعالى وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب وانه يجب الايمان بهم وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور ثابتة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الوجوه وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا. والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه. ومن ذلك انه خاتم النبيين قد نسخت شريعته جميع الشرائع. وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة فلا نبي بعده ولا شريعة غير ولا شريعة غير ولا شريعة غير شريعته في اصول الدين وفروعه ويدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب فالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة الفاظها ومعاني فلا يتم الايمان به الا بذلك. وكل من كان اعظم علما بذلك وتصديقا واعترافا وعملا كان اكمل ايمانا. والايمان بالملائكة القدر داخل في هذا الاصل العظيم. ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلاف فيه كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه. فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حاسة على تعلمها وعملها وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها. وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الامور ضارة منها ولا يدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل وسائل الرسل ذكر المصنف رحمه الله تعالى اصلا اخر من الاصول المراد بيانها في هذا المختصر وهو الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا لانه المبعوث الينا وهذا الاصل كما ذكر المصنف مبناه على ان يعتقد العبد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله لهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. فواسطة الرسل هي واسطة تبليغ وبيان وليست واسطة شفاعة ونفع فان الواسطة تقع على معان عدة بسطها ابو العباس ابن تيمية الحفيد في رسالة واسطة بين الله وخلقه. والمراد منها في هذا المقام هي واسطة البلاغ والبيان. فان الله عز وجل اصطفى من شاء من خلقه وجعلهم رسلا بينه وبين الخلق ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الله عز وجل ايد اولئك الانبياء بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به وهي دلائل النبوة كما كان يسميها الصدر الاول وبهذا الاسم صنف المحدثون كالفرياب ابي بكر البيهقي وابي نعيم الاصبهاني ثم ولد المعتزلة لفظا اسمه الاعجاز بنوه على قاعدة عندهم في الخارق واشتهرت تسميته تلك البراهين باسم معجزات الانبياء وهو لفظ اجنبي في الكتاب والسنة لا يسلم من اشكالات والذي جاء في القرآن السنة تسميتها دلائلا وحججا وبراهين وادلة تثبت النبوة. فالذي ينبغي ان يحتذى ويقتدى به ما كان يسميه بها الصدر الاول من تسميتها بدلائل النبوة. ودلائل النبوة هي الايات العظيمة المقترنة بدعوى النبوة هي الايات العظيمة المقترنة بدعوى النبوة. واما تعريف المعجزة بانها امر خارق للعادة الى اخر ما ذكروه فهذا مبني على قاعدة المعتزلة في الامر الخالق للعادة. وولدوا منه انكار كرامات الاولياء انكار السحر وكونه لا حقيقة له الى اخر ما بنوه على هذه القاعدة. ثم تسرب كلامهم الى المتأخرين وصار شائعا عند اهل السنة كما هو في كلام غيرهم لكن الذي دل عليه الدليل الشرعي والوضع اللغوي ان دلائل النبوة هي امور العظيمة المقترنة بدعوى النبوة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا من صفات الانبياء انهم اكمل الخلق علما وعملا الى اخر ما قال ثم قال وانهم معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب وهذا المعنى من العصمة دل عليه في الخطاب الشرعي باسم الصدق. وفي كلام ابن مسعود رضي الله عنه ان الصادق المصدوقة قال واما لفظ العصمة فيما يتعلق بالبلاغ فانه غير موجود في الكتاب والسنة بل هي من مولدات المتأخرين كما بينه ابو العباس ابن تيمية الحديث في كتاب النبوات. واما قول الله تعالى والله يعصمك من الناس. يعني يعصمك من اذاهم وليس هذا متعلق مسألة فمتعلق المسألة هو صدق الانبياء في بيانهم وتبليغهم دين الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف انه يجب الايمان بهم وبكل بما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم. ثم قال وانه يجب معرفة جميع ما جاء به يعني النبي صلى الله عليه وسلم من الشرع وتفصيلا. وهذا الوجوب هو على مجموع الامة. وليس على كل واحد منها. فمقصوده انه يجب على الامة جمعاء ان تعرف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين. اما بالنظر الى ما يتعلق بافراد العباد فان معرفة نوعان احدهما المعرفة الاجمالية وهي الواجبة على كل احد فلا يصح دينه الا به. مما يسمى باصل الدين. فان هذه المعرفة الاجمالية تلزم كل احد وفوت شيء منها ينشأ منه الاندراج في الناقض العاشر من نواقض الاسلام وهو الاعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به والثاني المعرفة التفصيلية. والواجب منها يختلف باختلاف احوال الناس ومراتبهم. فما يجب على العالم والمفتي والحاكم والقاضي غير ما يجب على من دونهم من المسلمين. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما يندرج في هذا الاصل اعتقاد ان النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين يعني اخرهم قد نسخت شريعته جميع الشرع يعني ابطلتها وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة. فلا نبي بعده ولا شريعة غير شريعته باصول الدين وفروعه فالشريعة المستقرة والدين الكامل هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومنه شيء كانت عليه الانبياء جميعا ومنه شيء جاء به النبي صلى الله عليه وسلم رحمة وتخفيفا على هذه الامة. ثم ذكر انه يدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب. لان الله سبحانه وتعالى انزل على من شاء من رسله كتبا فاندرج الايمان بالكتب في الايمان بالرسل لان الرسل هم الذين يخبرون بان هذه الكتب هي من الله سبحانه وتعالى. فالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة ومعانيها فلا يتم الايمان به الا بذلك. وتأمل من درج في قوله رحمه الله تعالى الفاظها ومعانيها فان المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم صدقا والمهتدي به حقا هو الذي يحرص في كل صغير وكبير يخبر عنه ان يكون وفق الخطاب الشرعي ومن محاسن كلام الشاطب في اخر الموافقات وكلام ابن القيم في اخر اعلام الموقعين تنويههما بانه ينبغي على المفتي ان يخبر بنفس خطاب الشرع اذا كان دالا على المسألة المسؤول عنها. فاذا سئل انسان عن مسألة ثم اراد ان يجيب عنها ووجد في الكتاب والسنة ما يرشد المستفتي عن الحكم اكتفى بايراد ما في الكتاب والسنة ولاجل هذا قل كلام الصدر الاول. فكان السلف رحمهم الله تعالى كلامهم قليل وعلمهم كثير لانهم كانوا لا يغادرون الفاظ الكتاب والسنة. واما المتأخرون فولدوا الفاظا كثيرة فصار الامر كما ذكر ابن القيم في مجالس السالكين ومبنو ابي العز العقيدة الطحاوية ان كلام المتأخرين كثير قليل البركة وكلام المتقدمين قليل كثير البركة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الايمان بالملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم. لان الانبياء يعلمون بملائكة تنزل عليهم وتكون لهم معهم معاملة كجبريل عليه الصلاة والسلام. فالايمان بالملائكة تابع للايمان بالرسل وكذلك الايمان بالقدر. لان الانبياء اخبروا عن جريان الامور بقدر الله سبحانه وتعالى فصار تابعا للايمان بهم. ثم ذكر المصنف انه من تمام الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ان يعلم ان ما جاء به حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه. فلا يمكن ان يكون شيء من هدي ودينه صلى الله عليه وسلم جاء على خلاف الادلة الشرعية او البراهين العقلية. واذا وجد شيء من الكلام مما يتوهم منه مخالفة بعضه بعضا في حديثه صلى الله عليه وسلم او لما جاء في كتاب الله عز وجل او من او لما دلت عليه قواطع الادلة العقلية كما يسميها اربابها فان المقطوع به عند المؤمنين انه لا يوجد ذلك ابدا ابدا الا في اذهان الخلق اما في حقيقة الامر فانها لا توجد ولذلك كره بعض الفطناء ان يقال والاحاديث المتعارضة لانها لا تكون كذلك وانما يقال الايات والاحاديث المتوهم تعارضها فان شهد الناظر فيها هو الذي يتوهم ذلك. واما بينها فانه لا يوجد في كلام الله ولا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ما يعارض بعضه بعض اعضاء وكذلك لا يمكن ان يكون شيء من الدلائل النقلية مخالفا للادلة العقلية الصريحة الصحيحة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ويدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل وسائر الرسل. الاصل الثالث الايمان وباليوم الاخر فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر. كاحوال البرزخ واحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب والعقاب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال والصراط واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله فيها لاهلها اجمالا وتفصيلا. فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. ذكر المصنف رحمه الله تعالى الاصل الثالث من الاصول الخمسة المذكورة في كتابه وهو الايمان باليوم الاخر. ثم حد ذلك بقوله فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر. فاليوم الاخر اسم لجميع ما يكون بعد الموت مما ورد الخبر عنه في الكتاب والسنة. واشار الى قريب من هذا المعنى. ابو العباس ابن تيمية الحفيد في العقيدة الواسطية واستحسنه المصنف في التنبيهات اللطيفة فذكر ذكر انه ضابط جامع. فكل ما كان بعد الموت كاحوال البرزخ التي تكون في القبر واحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب الى اخر ما ذكر كل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر فيجب الايمان به طيب لماذا قال المصنف وقبله ابو العباس ابن تيمية؟ قالوا اسم لجميع ما يكون بعد الموت بماذا ما ذكروا الموت نعم لان الموت اتفق الناس على الايمان به. مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم فلا تجد انسانا يعاند في جريان الموت على الخلق. نعم نفع الله بكم قال رحمه الله الاصل الرابع مسألة الايمان. فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان وان من ما لها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان. ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه. وهذه الامور بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان وانه يزيد وينقص فمن فعل محرما او ترك واجبا قسى ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله ويرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام منهم من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى. ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر. ففيه من اية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الايمان وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب بحسب ما ضيع من الايمان ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص ايمانك العب من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا يخلد في نار جهنم ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج وينفون عنه الايمان كما تقوله المعتزلة. بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته. فمع او مطلق الايمان واما الايمان المطلق فينفى عنه. وبهذه وبهذه الاصول وبهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله وان التوبة تجب ما قبلها وان من ارتد ومات على ذلك فقد حبط ومن تاب تاب الله عليه ويرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله لانه يرجو من الله تعالى تكميل ايمانه فيستثني لذلك ويرجو الثبات على ذلك الى الممات فيستثني من غير شك منه بحصول اصل الايمان ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجودا وعدم وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك والعداوة ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض في الله والولاية والولاية لله والعداوة لله ويترتب على الايمان ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ولا يتم الايمان الا به. ويترتب على ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين. والحث على التآلف تحابوا وعدم التقاطع ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد اي الايمان ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتفرق. ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله الله عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم وان لهم من الفضل والسوابق والمناقب ما فضلوا به على سائر الامة ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم. وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة. واسبقهم الى كل خير ابعدهم عن كل شر ويعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين ولا تتم امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى. ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد. والا باللسان والا فبالقلب على حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على هذا الشرعي من تمام الايمان والدين ذكر المصنف رحمه الله تعالى الاصل الرابع من اصول هذا المختصر وهو مسألة الايمان فاخبر ان اهل السنة يعتقدون ما الكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب والمراد به التصديق المستقر الجازم المتضمن لاعمال الجوارح فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان وهذا معنى قولهم الايمان قول وعمل وتقدم بسط معناه في غاية هذا المقام. وان من اكملها وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه. ثم ذكر ان هذه الامور المتعلقة بحقيقة الايمان بضع وسبعون شعبة والشعبة هي الخصلة وجزء من الشيء والايمان بضع وسبعون شعبة هكذا وقع في حديث ابي هريرة عند مسلم ووقع عنده بضع او وسبعون شعبة على الشك ووقع عند البخاري وبضع وستون. والمحفوظ هو لفظ البخاري. اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء او شعبة من الايمان ثم ذكر المصنف ان الناس في الايمان يرتبون على درجات مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب ما مقاماتهم من الدين والايمان. فالناس متفاوتون في حظوظهم من الايمان. ولاجل ذلك قال المصنف وانه يزيد وينقص ونقصانه تفاوت الناس فيه. فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله. ثم ذكر انهم على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام. فالقسم الاول من قام بحقوق الايمان كلها وهو المؤمن. والقسم الثاني من تركها كلها وهو الكافر والقسم الثالث من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق وخير وشر. فاجتمع فيه سبب موجب لمحبته وموالاته. وسبب موجب بغضه ومعاداته فيكون له حظ من هذا وحظ من ذاك. ثم قال المصنف ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص ايمان العبد اي ولا تنقضه. فان كبائر الذنوب ترجع على الايمان بالنقص لا بالنقض هذه هي عقيدة اهل السنة والحديث. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اهل السنة لا يخرجون فاعل الكبيرة من دائرة في الاسلام ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول المعتزلة او ينفون عنه الامام كما تقول المعتزلة بل لهم في ذلك عبارتان نقلها ناسبا اياها الى اهل السنة والحديث العلامة سليمان ابن عبد الله في شرح التوحيد المسمى بتيسير العزيز الحميد فذكر ان اهل السنة عندهم لفظان للدلالة على هذه المرتبة احدهما ان يقال فيه مسلم ولا يقال فيه مؤمن والثاني يقال انه مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته فلا يطلق عليه اسم الايمان المطلق بل يقيد ذلك بطاعته مع بيان فسطه بكبيرته ثم ذكر المصنف انه بهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة ثم ذكر انه يترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله وان التوبة تجب ما قبلها. وهذه الجملة التوبة تجب ما قبلها لا تعرف في الفاظ الحديث النبوي انما هي معنى عدة احاديث وانما الوارد في حديث عمرو بن العاص في صحيح مسلم الاسلام يجب ما قبله والحج يجب ما قبله والهجرة تجب ما قبلها اما هذه اللفظة فليست واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وان كان معناها صحيحا بدلائله من الكتاب والسنة. ثم ذكر المصنف انهم يرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان يعني قول ان شاء الله بعد ذكر الايمان فانهم يريدون ذلك على معان صحيحة من جملتها رجاء تكميل الايمان وطلب الثبات عليه. فيستثني من غير شك منه بحصول اصل الايمان. فاذا اطلق الاستثناء على هذا المعنى كان صحيحا وله معان اخرى صحيحة كما ان له معان اخرى فاسدة. لكن مراد اهل السنة منها ما صح ومن جملتها هذا المعنى ثم ذكر المصنف انهم يرتبون على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجودا وعدما وتكميلا ونقصا فباعتبار الايمان ونقصه يحصل الحب والبغض والولاء والعداء في الله ثم ذكر انه يترتب على الايمان ان يحب العبد لاخيه ما يحب لنفسه ويترتب على ذلك محبة اجتماع المؤمنين والحث على والتحابب وعدم التقاطع. ومعنى اجتماعهم حصول الالفة بينهم. لا حصول الوحدة بينهم. فان وحدة المسلمين طلح مولد مخالف للدلائل الشرعية وانما الذي جاءت به الشريعة الامر بالاجتماع لان الاتحاد غير ممكن فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن حصول الافتراق بين المسلمين. فقدم القول ان مما يندرج في هذا الاصل محبة اجتماع المؤمنين. والحث على التآلف والتحابب عدم التقاطع بينهم تبعا لما جاء من الادلة فهو الاصل الذي حث عليه شرعا واما وحدة المسلمين فانها مصطلح المولد غير ممكن شرعا ولا عقلا. ثم ذكر المصنف ان اهل السنة والجماعة يبرأون من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان وهي لزوم الجماعة والحث على الاعتصام بالكتاب والسنة ونبذ الفرقة والاختلاف ثم ذكر انهم لا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتفرق. فان المسائل التي الاجتهاد فيها مما ينبغي ان تتسع الصدور فيها. فان هذا هو الاصل المقرر شرعا الا ان يقع الانسان في امر مجمع على كونه كفرا او بدعة فان هذا من موجبات التفرق. وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام ضابطا صالحا لمعرفة موجب بالتفرق وهو المخالفة في اصل عظيم من اصول الدين. فاذا وقعت المخالفة في اصل عظيم من اصول الدين عند ذلك وقع التفرق المأمور به شرعا لان من المأمور به شرعا نبذ الاهواء واهلها ودعاتها ووأد مقالتهم في مهجعها ثم ذكر رحمه الله تعالى انه يترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة فضلهم واثبات ما لهم من الفضائل والكمالات والامساك عما شجر بينهم. ثم ذكر مما يندرج في مسألة الايمان الاعتقاد ان ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين. فلزوم الامام وطاعته مما جاءت به دلائل الكتاب والسنة الا ان هذه الطاعة مخصوصة بالطاعة بالمعروف كما قال المصنف ولا تتم امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى فاما في المعصية فانه لا طاعة لاحد ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان والا فبالقلب على حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية فيأمر الانسان وينهى لا بحسب رغوته رغبته وهواه. وانما بحسب الدليل الشرعي. وهذا معنى قول ابي ابن تيمية الحفيد في العقيدة الواسطية وهم مع هذه الاصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة اي على ما تأمر به الشريعة نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ومن تمام هذا الاصل الاصل الخامس طريقهم في العلم والعمل. وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون ان لا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح. فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجتهدون في معرفة معانيها والتفقه فيها وصونا وفروعا ويسلكون جميع طرق الدلالات فيها دلالة المطابقة ودلالات التضمن ودلالة الالتزام ويبذلون قواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرع عنها من اقيسة صحيحة ومناسبات حكيمة. وكل علم اعان على ذلك او ازره او ترتب عليه. فانه علم شرعي كما ان ما ضاده وناقضه فهو علم باطل فهذا طريقهم في العلم واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها ثم يتقربون له باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده مع مع الاكثار من النوافل وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الا كل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ختم المصنف رحمه الله تعالى بهذا الاصل الخامس وهو هو بيان طريق اهل السنة والجماعة في العلم والعمل فاما طريقهم في العلم فهو لزوم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم رحمه الله تعالى العلم ما قام عليه الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجتهدون في معرفة ما جاء به ويتفقهون فيه اصولا وفروعا ويسلكون جميع طرق الدلالات فيه وهذه الانواع الثلاثة هي انواع الدلالة اللفظية فان انواع الدلالة اللفظية ثلاثة اولها دلالة المطابقة وهي دلالة اللفظ على جميع معناه وثانيها دلالة التضمن وهي دلالة اللفظ على جزء معناه وثالثها دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على امر خارج عنه لازم له ثم ذكر انهم يعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرأ عنها من اقيسة صحيحة ومناسبات حكيمة يعني مما دل عليه العقل الصحيح. ثم بين طريقهم في العمل وانهم يتقربون الى الله بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها ثم يتقربون الى الله عز وجل باداء الفرائض الواجبة مع الاكثار من النوافل وترك المحرمات اياك ثم ذكر انهم يعلمون ان الله تعالى لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا مسلوكا فيه طريق النبي صلى الله عليه وسلم. واخلاصه ان يكون لله وكونه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون على وجه الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ويستعينون بالله في سلوك هذه الطرق التي هي العلم النافع والعمل الصالح لان العبد اذا لم يكن له عون من الله فاول ما يجني عليه اجتهاده. فهذه هي طريقة اهل السنة والجماعة في العلم العمل ومن يظن ان اسم السنة والجماعة اسم مختص بالعقائد المتعلقة باسماء الله وصفاته ثم يضيع اصول اهل السنة والجماعة في العلم والعمل فان اسم السنة والجماعة ناقص عنه بقدر ما فاته من طريقه بالعلم والعمل. وهذه النبذة الاخيرة من الكتاب محتاجة الى شرح مفرد لعزتها وقلة العناية بها. والظن ان طريقة اهل السنة والجماعة هو ان تثبت الاسماء الالهية والصفات الالهية فقط فتجده متخلقا بسوء الاخلاق مضيعا لما عليه من الفرائض والواجبات ثم يظن انه يحرز من اسم السنة والجماعة ما يحرزه التقي النقي حي الخفي الملتزم بامر الله عز وجل في العلم والعمل. فحقيق بكل واحد منا ان يعمل نظره بهذا الاصل الخامس. وان يجتهد في ان تكون ان تكون طريقته في العلم والعمل على طريقة اهل السنة وفق ما بينه المصنف رحمه الله تعالى وهذا اخر البيان على هذا الكتاب بحسب ما يقتضيه المقام والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين. بعد العشاء ان شاء الله تعالى نكون قراءتنا في المعجم المختار