وبركاته. السلام. الحمد لله الذي صير الدين ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما ما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل منهم الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك فمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء. ومن اخر الرحمة رحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في مقامات اليقين. فمن طرائق ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية يستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق في مسائل العلم وهذا شرح الكتاب الخامس من برنامج مهمات العلم في السنة الاولى وهو كتاب مقدمة في اصول التفسير لشيخ الاسلام احمد ابن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله تعالى ويتلوه ان شاء الله اغراء الكتاب السادس وهو الاربعين في مباني الاحكام وقواعد الاسلام للعلامة يحيى ابن شرف النووي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى قول المصنف رحمه الله تعالى فصل في النوع الثاني الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللمؤمنين قال المؤلف رحمه الله تعالى فصل في النوع الثاني الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال واما النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم وباستدلال لا بالنقل فهذا اكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعهم باحسان. فان التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين. مثل تفسير عبدالرزاق ووكيع وعبد ابن وعبد ابن حميد وعبدالرحمن ابن ابراهيم دحيم ومثل تفسير الامام احمد واسحاق ابن راهويه وبقي ابن مخلد وابي بكر ابن المنذر وسفيان ابن عيينة سنيد وابن جرير وابن ابي حاتم وابي سعيد الاشج. وابي عبدالله ابن ماجة وابن وابن مردوي. احداهما قوم اعتقدوا معاني ثم ما ارادوا حمل الفاظ القرآن عليها والثانية قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ ان يريده بكلامه من كان من كان من كان من بلغة العرب من غير نظر الى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمنزل عليه والمخاطب به. فالاولون راعوا المعنى ما المعنى الذي رأوه؟ من غير نظر الى ما تستحقه الفاظ القرآن من الدلالة والبيان والاخرون والاخرون رعوا مجرد اللفظ وما يجوز عندهم ان يريد به العربي. من غير نظر الى ما يصلح للمتكلم به وسياق كلام ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما ان الاولين كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن. كما يغلط في ذلك الاخرون وان كان الاولين الى المعنى اسبق الاخرين الى اللفظ اسبق. والاولون صنفان تارة يسلبون تارة يسلبون لفظ القرآن وما دل عليه واريد به. وتارة يحملون على ما لم يدل عليه ولم يرد به. وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدونا فيه او اثباته من المعنى باطلا. فيكون خطأهم في الدليل والمدلول قد يكون حقا فيكون خطأهم في الدليل لا في المدلول. وهذا كما انه وقع في تفسير القرآن فانه وقع ايضا في تفسير الحديث فالذين اخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف مثل طوائف من اهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسطى. الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الامة وائمتها وعمدوا من القرآن فتأولوه على ارائهم تارة يستدلون بايات على مذهبهم ولا دلالة فيها وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه. ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية مرجعة وغيرهم. وهذا كالمعتزلة مثلا فانهم من اعظم الناس كلاما وجدالا. وقد صنفوا تفاسير على اصول مذهبهم مثل تفسير عبدالرحمن بن كيسان الاصم من شيخ ابراهيم بن اسماعيل بن علي الذي كان يناظر الشافعي ومثل كتاب ابي علي الجبائي والتسيير الكبير للقاضي والتفسير الكبير للقاضي عبدالجبار ابن احمد الهمد الهمداني والجامع لعلم القرآن لعلي الهمزاني احسن الله اليكم والتفسير الكبير والتفسير الكبير للقاضي عبدالجبار بن احمد الهمزاني والجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى الرماني والكشاف الى ابي القاسم الزمخشري فهؤلاء وامثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة. واصول المعتزلة خمسة يسمونها هم التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وانفاذ الوعيد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتوحيدهم وتوحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك قالوا ان الله لا يرى وان القرآن مخلوق وانه تعالى ليس فوق العالم وانه لا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا لا كلام ولا مشيئة ولا صفة من الصفات. واما عدلهم فمن مضموني ان الله لم يشأ ان الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها ويكون لها ولا هو قادر عليها كلها. بل عندهم بل عندهم افعال العباد لم يخلقه لم يخلقها الله لا خيرها ولا وشرها ولم يرد الا ما امر به شرعا وما سوى ذلك فانه يكون بغير مشيته. وقد وافقهم على ذلك متأخر الشيعة كالمفيد وابي جعفر الطوسي وامثالهما ولابي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة لكن يضم الى ذلك قول الاثني عشرية فان المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلافة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي ومن اصول المعتزلة مع الخوارج انفاذ الوعيد في الاخرة وان الله لا يقبل في اهل الكبائر في اهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم احدا من النار ولا ريب انه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلاء والكلابية واتباعهم فاحسنوا تارة واساء حتى صاروا في طرفي نقيض. كما قد بسط في غير هذا الموضع. والمقصود ان مثل هؤلاء يعتقدوا رأيا ثم حملوا قضى ثم حملوا الفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا من ائمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم وما من بشير من تفاسيرهم الباطنة الا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين تارة من العلم بفساد قوله وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن اما دليلا على قولهم او جوابا على المعارظين هم ومن هؤلاء يكون حسن العبارة فصيحا يدش البدعة كلامي واكثر الناس لا يعلمون. كصاحب الكشاف ونحوه. حتى انه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامي من تفسيرهم ما يوافق اصولهم التي يعلم او يعتقد فسادا. ولا يهتدي لذلك. ثم انه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت رافضة الامامية ثم الفلاسفة ثم القوامضة وغيرهم فيما هو ابلغ من ذلك. وتفامق ما الامر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فانهم فسروا القرآن بانواع لا لا يقضي منها العالم عجبا. فتفسير الرافضة كقولهم تبت يدا ابي لهب وتب وهما ابو بكر وعمر وقوله لئن اشركت ليحبطن عملك اي بين ابي بكر وعمر وعلي في الخلافة وقوله ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة هي عائشة وقوله قاتلوا ائمة الكفر طلحة والزبير قوله مرج البحرين علي وفاطمة وقوله اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين وقوله وكل شيء احصينا وفي امام مبين في علي ابن ابي طالب وقوله عما يتساءلون عن النبأ العظيم. علي ابن ابي طالب وقوله انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون هو عليم ويذكرون الحديث الموضوع باجماع اهل العلم وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة وكذلك قوله اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة نزلت في علي لما اصيب بحمزة مما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكرون وكثير من المفسرين في قوله في مثل قوله الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار. ان الصابرين رسول الله والصادقين ابو بكر والقانتين عمر والمنفقين عثمان والمستغفرين علي. وفي مثل قوله محمد رسول الله والذين معه ابو بكر اشداء على الكفار عمر رحماء بينهم عثمان تراهم ركعا سجدا علي واعجب من ذلك قول بعضهم والتين ابو بكر والزيتون عمر وطور سينين عثمان وهذا بلد امين علي. وامثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال فان هذه الالفاظ لا تدل على هؤلاء الاشخاص بحال وقوله تعالى والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا كل ذلك نعت للذين معه وهي التي يسميها النوحات خبرا بعد خبر. والمقصود هنا انها كلها صفات بموصوف واحد وهم الذين معه ولا يجوز وان يكون كل منها مرادا بها مرادا به شخصا واحدا وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام مختصرا في شخص واحد كقولهم ان قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا بها علي تتضمن تارة احسن الله اليكم وتتظمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصرا في شخص واحد كقولي منا قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا اريد بها علي وحده وقول بعضهم ان قوله والذي جاء بالصدق وصدق به اريد بها ابو بكر وحده وقوله لا يستوي منكم من انفق من قدر الفتح اريد بها ابو بكر وحده ونحو ذلك. وتفسير ابن عطية وتفسير ابن عطية وامثاله اتبع للسنة والجماعة واسلم من البدعة من تفسير الزمخشري ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان احسن واجمل فانه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد ابن لجرين الطبري وهو من اجل التفاسير المأثورة واعظمها قدرا. ثم انه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال. ويذكر ما يزعم انه قول لمحققين وانما يعني بهم طائفة من اهل الكلام الذين قرروا وصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة اصولهم وان كانوا اقرب الى السنة من المعتزلة لكن ينبغي ان يعطى كل ذي حق حقه ويعرف ان هذا من جملة التفسير على المذهب فان فان الصحابة والتابعين والائمة اذا ذكر لهم في تفسير الاية قول وجاء قوم يفسر الاية بقول اخر لاجل مذهبهم لاجل مذهب لاجل مذهب لاجل مذهب من اعتقدوه لاجل مذهب اعتقدوه وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم باحسان صاروا مشاركين لمعتزلة وغيرهم من اهل البدع مثل هذا وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا. وان كان مجتهدا مغفورا له خطأ فالمقصود بيان طرق العلم وادلته وطرق الصواب ونحن نعلم ان القرآن كرهه الصحابة والتابعون وتابعوهم وانهم كانوا اعلم بتفسيره ومعانيه كما انهم اعلموا بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فمن خالف قوله وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد اخطأ في الدليل والمدلول جميعا. ومعلوم انه كل من خالف قولهم له شبهة يذكره اما عقلية واما سمعية كما هو مبسوط في موضعه. والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير وان من اعظم اسبابه البدع الباطنة التي دعت الا الى ان حرفوا الى ان حرفوا الكلمة عن مواضعه وفسروا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما اريد به. وتأولوه على غير طويله فمن اصول العلم بذلك ان يعلم الانسان القول الذي خالفه وانه الحق. وان يعرف ان تفسير السلف يخالف تفسيرهم. وان يعرف ان تسيهم محدث مبتدع ثم ثم ثم ان يعرف بالطوء ثم ان يعرف بالطرق المفصلة فساد نفسه ثم ان يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الادلة على بيان الحق. وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيرهم من المتأخرين من جنس ما وقع فيما صنفه من شرح القرآن وتفسيره. واما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية الوعاظ من الفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعاني صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها مثل كثير ممن ذكر مثل كثير ممن ذكره ابو عبدالرحمن السلمي في حقائق التفسير وان كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة فان ذلك يدخل في القسم الاول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا حيث المعنى الذي قصدوه فاسدا ذكر المصنف رحمه الله ان النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يرجع الى الاستدلال اكثر ما يقع فيه الخطأ من جهتين الجهة الاولى تفسير القرآن بملاحظة لغة العرب دون النظر الى المتكلم به والمنزل عليه والمخاطب به اي مع قطع الخطاب عن متعلقاته فان الخطاب القرآني له متعلقات مختلفة منها المتكلم به وهو الله سبحانه وتعالى ومنها المنزل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومنها المخاطب به وهم العباد الذين قوطبوا بالامر والنهي واخصهم بالمخاطبة هم الذين شهدوا التنزيل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واهل هذه الجهة يقصرون نظرهم على البناء اللغوي وهم يعتنون بالالفاظ دون المعاني والجهة الثانية تفسير القرآن بحمله على على معان يقصدها المفسر واهل هذه الجهة هم هم الحقائق والمعاني كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى وقد قسمهم الى قسمين اثنين الاول قوم يسلبون القرآن لفظه وما دل عليه القسم الاول قوم يسلبون القرآن لفظه وما دل عليه والثاني قوم يحملون لفظ القرآن على ما لم يدل عليه ولم يرد به قوم يحملون على لفظ القرآن على ما لم يدل عليه ولم يرد به وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدوا نفيه او اثباته من المعنى حقا وقد يكون باطلا وهؤلاء يخطئون تارة في الدليل والمدلول وتارة يخطئون في الدليل لا المدلول وقد اشار المصنف رحمه الله تعالى الى الذين يخطئون في الدليل والمدلول فقال كالذين اخطأوا في الدليل والمدلول مثل طائفة من اهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسط انتهى كلامه واما من يقابلهم وهم الذين يخطئون في الدليل لا المدلول فقد ذكرهم المصنف رحمه الله تعالى بعد تطويل العبارة في الصنف الاول وذلك في قوله اخرا واما الذين يخطئون في الدليل ذات المدلول مثل كثير فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعان صحيحة الى اخر ما ذكره فهؤلاء وهؤلاء يرجع غلطهم في تفسيرهم القرآن بحملهم الفاظه على معان اعتقدوها وما من تفسير من التفاسير التي نسجت على هذا النحو الا ويعلم بطلانه كما قال المصنف من وجوه كثيرة يرجع جماعها الى جهتين اثنتين الجهة الاولى العلم بفساد مقالتهم فيكون اصل قولهم فاسدا كمقالات المعتزلة والخوارج وغيرهم والجهة الثانية العلم بفساد ما فسروا به القرآن اما دليلا على قولهم او جوابا على المعارض لهم فلا يكون اصل قولهم فاسدا لكن المعنى الذي اعتقدوه في تفسير الاية لا يكون صحيحا في تلك الاية نفسها دون اصل المسألة وهذا هو الفرق بين الجهتين ففي الجهة الاولى يكون اصل المسألة فاسدا برأسه واما في الجهة الثانية فتكون الدلالة المستنبطة من الاية على المعنى الذي ارادوه هي الفاسدة دون المعنى فانه كن في نفسه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اهل الجهتين المتقدمتين يرجع غلطهم الى امرين احدهما الغلط في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن وهو اكثر عند اهل الجهة الاولى من الجهة الثانية والاخر الغلط في احتمال اللفظ لما ذكروه من معنى وهو عند اهل الجهة الثانية اكثر من اهل الجهة الاولى والامر في الجملة كما ذكر المصنف رحمه الله ان من عدل عن تفسير الصحابة والتابعين الى ما يخالف ذلك كان مخطئا بل مبتدعا ووجه خطأه وابتداعه ان تفسير القرآن مبني على النقل فانه كلام الله وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم اما تفسيرا خاصا متعلقا بالالفاظ نفسها او تفسيرا عاما مجملا بما كانت عليه سنته وحاله وسيرته صلى الله عليه وسلم ثم كان الصحابة من بعده رضي الله عنهم هم اعلم الناس به ثم اخذ عنهم جماعة من التابعين فاذا عدل المفسر عن كلام الصحابة والتابعين فلا ريب انه يقع في مخالفة ما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وقد يبلغ خطأه الابتداع لانه اخبر عن معاني كلام الله عز وجل بما لا يرجع الى اصل وثيق بخلاف من كان مواد تفسيره الى كلام الصحابة والتابعين فانه يأخذ من اصل وثيق معتمد ومن هنا ذكر المصنف رحمه الله تعالى فيما يستقبل اثارا تتعلق بذم الرأي لما فيه من الجراءة على تفسير القرآن وعدول عن مذاهب الصحابة والتابعين رحمهم الله ثم نبه المصنف رحمه الله تعالى في اخر الفصل ان هذه البلية التي ذكر فواكرها في تفسير القرآن الكريم قد جرى نظيرها في تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم فان المتكلمين في تفسير الفاظ الحديث النبوي حملوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم اما على معان باطلة في نفسها او على معان صحيحة لكن لم يردها النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحتملها اللفظ النبوي والكلام في تفسير القرآن اقل من الكلام في تفسير الحديث ولهذا ابعد كثير من شراح الحديث النجعة وفارقوا الصواب لما عدلوا عن تتبع روايات الفاظ الاحاديث التي يقصدون شرحها وصار اكثر ديدانهم هو العناية بالبناء اللغوي وقد عزى كتاب فتح الباري لابي الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى لولعه بهذا الاصل واعتنائه بتتبع الالفاظ الزائدة في سياق متن الحديث اما من المواضع المتفرقة في صحيح البخاري نفسه واما من روايات الائمة الاخرى في كتبهم للحديث المراد شرحه وقديما قال الامام احمد رحمه الله تعالى الحديث يفسر بعضه بعضا وهذا الاصل العظيم الذي ذكره ابو عبد الله احمد ابن حنبل طريقة تفسير الحديث مرجعه الى شيئين اثنين احدهما الالفاظ الزائدة في سياق متن ما مما يمكن تأليفه من جمع طرق الحديث بالفاظه عند مخرجيه فيعمد مبتغي بيان حديث ما الى مخارج هذا الحديث في كتب ائمة الرواية فيحسدها في صعيد واحد ويجمع الفاظ الحديث في نسق متتابع فيطلعوا في سياق مخرج ما لا يكون عند مخرج اخر فمثلا حديث انما الاعمال بالنيات من جمع الفاظه وجد عند البخاري في كتاب الحيل زيادة في اوله تنبئ عن جلالته فاوله عنده يا ايها الناس انما الاعمال بالنية والثاني جمع المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم تلباب نفسه بان يتتبع الاحاديث الاخرى المشاركة للحديث المراد شرحه مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب من ابواب العلم فيذكرها معه لان الحديث يصدق بعضه بعضا كما ان اية القرآن يصدق بعضها بعضا فيستعان بتصديق بعضها بعضا على شرح الحديث المراد نعم احسن الله اليكم فصل في احسن طرق التفسير فان قال قائل فما احسن طرق التفسير؟ فالجواب ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن فما فما اجمل في مكان فانه قد فسر في موضع اخر. وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع اخر. فان كذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له. بل قد قال الامام ابو عبد الله محمد ابن ادريس الشافعي كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما وقال تعالى اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال تعالى وما انزلنا عليك الكتاب كتابا لتبين لهم الذي يختلفون وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه واودؤوا ورحمة لقومه يؤمنون. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا واني اوتيت القرآن ومثله معه. يعني السنة والسنة ايضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن انها تتلى كما يتلى وقد استدل الامام الشافعي وغيره من الائمة على ذلك بادلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك والغرض انك تطلب تفسير القرآن منه فان لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن بما تحكم قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال فبسنة رسول الله قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الحمد لله الذي وفق رسوله الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ما يرضي رسول الله. وهذا وهذا الحديث في المسانيد والسنن باسناد جيد. وحينئذ وحينئذ وحينئذ اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك الى اقوال الصحابة فانهم ادرى بذلك لما شهدوا من القرائن والاحوال التي اختص التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالائمة الاربعة الخلفاء الراشدين والائمة المهديين مثل مثل عبد الله ابن مسعود. قال الامام ابو جعفر محمد ابن جرير الطبري حدثنا ابو ابو كريب قال ان بان جابر ابن نوح قال ان بان الاعمش عن ابي الضحى عن مسروق قال عبد الله بن قال عبد الله يعني ابن مسعودة والذي لا اله غيره ما نزلت اية في كتاب الله الا وانا اعلم فيما نزلت واين نزلت؟ ولو اعلم مكان احد اعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لاتيتم. وقال الاعمى شويا عن ابي وائل عن ابي مسعود رضي الله عنه قال كان الرجل منا اذا تعلم عشر ايات لم يجاوزها حتى يعرف معانيهن والعمل بهن. ومنهم الحبر البحر عبدالله ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له. حيث قال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. وقال ابن جرير حدث محمد وشار قال قال انبأنا وكيع قال انبأنا سفيان عن الاعمش عن مسلم قال عبد الله يعني ابن مسعود قال نعم ترجمان القرآن ابن عباس ثم رواه عن يحيى ابن داوود عن اسحاق الازرق عن سفيان عن الاعمش عن مسلم صبيح ابي الضحى عن مسروق عن عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال نعم الترجمان للقرآن ابن عباس ثم رواه عن مندار عن جعفر ابن عون عن الاعمش به كذلك فهذا اسناد صحيح الى ابن مسعود انه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح وعمر بعده ابن عباس ست وثلاثين سنة فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟ وقال الاعمش عن ابي وائل استخلف علي عبد الله ابن عباس على الموسم اذا خطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة. وفي رواية سورة النور فسرها تفسيرا لو سمعته الروم. لو سمعته الروم والترك اسلم ولهذا فان غالب ما يرويه اسماعيل ابن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من اقاويل اهل الكتاب التي اباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال بلغوا عني ولو اية وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. رواه البخاري عن عبد الله ابن عمرو ولهذا كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قد اصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب اهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الاذن في ذلك ولكن هذه الاحاديث الاسرائيلية تذكر لاستشهاد لا لاعتقاد. فانها على ثلاثة اقسام احدها ما علما صحته مما بايدينا مما يشهد له مما يشهد له بالصدق مما يشهد له بالصدق فذلك صحيح. والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود الى امر ديني ولهذا يختلف علماء اهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا كما يذكرون في مثل هذا اسنى اصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصا موسى من اي الشجر كانت واسماء الطيور التي احياها الله تعالى لابراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى فان غير ذلك مما ابهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا في دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى سيقولون ثلاثة رابع كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم ما يعلم الا قليل فلا تماري فيهم الا مرارا ولا تستفتي بهم منهم احدا. فقد اشتملت هذه الاية الكريمة على الادب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فانه تعالى اخبر عنهم في ثلاثة اقوال وضعف القولين الاولين وسكت عن الثالث فدل على صحته اذ لو كان باطلا لرده ما ردهما ثم ارشد الى ان الاطلاع على عدته من لا طائل تحته. فيقال في مثل هذا قل ربي اعلم بعدتهم فانه لا يعلم بذلك الا من الناس ممن اطلعه الله عليه فلهذا قال فلا تماري فيه من لا مراء ظاهرا اي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فانهم لا يعلمون من ذلك الا رجم الغيب. فهذا احسن ما يكون في حكايات الخلاف ان تستوعب الاقوال في ذلك المقام. وان ينبه على الصحيح ويبطل الباطل وتذكر وتذكر فائدة الخلاف وثمرته. لان لا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته به عن الاهم فاما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب اقوال الناس فيها فهو ناقص. اذ قد يكون الصواب في الذي تركه او يحكي الخلافة ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الاقوال فهو ناقص ايضا فان صح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب او جاهلا فقد اخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة فيما لا فائدة تحته. اوحك اقوالا متعددة اللفظ ويرجع حاصلها الى قول او قول ما او قولين او قولين معنى او قولين الى قول او قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق الصواب هذا الفصل وما بعده انتقال الى اصل اخر يتصل بتفسير القرآن وهو معرفة احسن طرق التفسير واصحها قد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اصح طرقه ان يفسر القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالقرآن نوعان احدهما نص نص صريح كقوله سبحانه وتعالى والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب فان الاية الثالثة نص صريح في تفسير الطارق المذكور في الاية الاولى بانه النجم الثاقب والثاني ظاهر مستنبط كتفسيرنا للنبأ المذكور في قوله تعالى عما يتساءلون عن النبأ العظيم انه القرآن لقوله تعالى في سورة صاد قل هو نبأ عظيم. انتم عنه معرضون فسياق الايات في سورة صاد يدل على انه القرآن فهذان طريقان شريفان للقرآن الكريم في تفسيره بنفسه وينبغي ان يعتني معتني بجمع الاول منهما للقطع بانه نص صريح في تفسير ما ذكر منه في موضع بما بين في موضع اخر دون التاني الذي يدخله اختلاف الانظار في صحة الاستنباط والاستدلال ونظير ما ذكر انفا تفسير ما لك يوم الدين المذكور في سورة الفاتحة باخر ما جاء في سورة الانفطار وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله وهذا النوع موجود منه افراد كثيرة في القرآن لا ينبغي ان يختلف ان المراد منه في اية هو ما ذكر في اية اخرى الا اني لا اعلم حتى اليوم جامعا اعتنى بجمعها بخلاف النوع الثاني وهو الذي يدخله الاستنباط واختلاف الانظار في صحته فهذا امر قد يتخلف القطع عند احد بانه المراد في تفسير لفظ من الفاظ القرآن باخر مذكور فيه فاذا لم يوجد تفسير القرآن في القرآن فانه يفزع الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن نوعان اثنان الاول تفسير خاص معين كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه فسر غير المغضوب عليهم باليهود والضالين صار والثاني تفسير عام غير معين وهو تفسيره بسنته وحاله وسيرته صلى الله عليه وسلم كتفسير قوله تعالى اقم الصلاة لدلوخ الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من تعيين مواقيت الصلاة فان الاية جامعة لها على وجه الاجمال ثم فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بتحديد مواقيت الصلاة بما صح عنه من الاحاديث المبينة لذلك واورد المصنف رحمه الله تعالى ابتغاء تقرير هذا المعنى وتأصيله حديث معاذ ابن جبل رضي الله عنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم الى اليمن وهو حديث مشهور ظعفه قدماء الحفاظ ومن اهل العلم من يحسنه كأبي العباس ابن تيمية وتلميذة وتلميذيه ابي عبدالله ابن القيم وبالفداء ابن ابن كثير رحمهما الله واذا لم يوجد التفسير في القرآن ولا في السنة فانه يرجع الى تفسير الصحابة رضي الله عنهم وانما قدم تفسير الصحابة على غيرهم لامرين اثنين احدهما كمال فهومهم وصحة علومهم وصلاح مقاصدهم واعمالهم والثاني شهودهم التنزيل واطلاعهم على القرائن والاحوال المختصة به مما لم يشاركهم فيها احد واولى الصحابة بالتقديم في تفسير القرآن الكريم هم علماء الصحابة وكبراؤهم كالخلفاء الاربعة الراشدين وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس رضي الله عنهما وكلام عبد الله ابن مسعود وعبدالله ابن عباس رضي الله عنهما في التفسير اكثر من كلام غيرهما من الصحابة حتى من الخلفاء الراشدين الاربعة ولاجل هذا اعتنى جمع من المفسرين بتكثير الطرق في رواية التفسير عنهم حتى اشتهرت عنهم نسخ تفسيرية ترجع الى احدهما بل السدي الكبير اسماعيل ابن عبد الرحمن ملأ تفسيره بالمنقول عن هذين الصحابيين رضي الله عنهما وطريقته فيه الجمع بين اقوالهما باسانيد عدة يسوقها ثم يذكر قولا في تفسير الاية وقد انكر الامام احمد رحمه الله تعالى على السدي جمع الطرق لانه يجمع الطرق ثم يقتصر على لفظ واحد لطريق واحد منها ولا يبين هذا اللفظ لمن فدخل الداخل عليه من هذه الجهة ووقع المنكر في حديثه المرفوع والاصل في روايته التفسيرية التي شحن بها تفسيره عن هذين الصحابيين انها صحيحة لانها منقولة من نسخ تفسيرية مكتوبة فجادة الاساليب فيها واحدة لا تتغير فتقبل الا ان يوجد فيها ما ينكر فيكون هذا مما غلط فيه السدي اذ جمع الطرق على لفظ وقعت المخالفة فيه بالرواية عن احدهما من طرق اخرى مبينة من حديث الثقات ومما ينبغي ان يراعى في تفسير الصحابة رضي الله عنهم دخول الاسرائيليات في تفسيرهم بتحديث بعض الصحابة رضي الله عنهم عن اهل الكتاب والمراد بالاحاديث الاسرائيلية الاحاديث المأخوذة عن كتب اهل الكتاب دون غيرهم فلا يسمى ما كان عن سواهم حديثا اسرائيليا ولا يندرج في هذا ما يذكر في كتب التفسير من احوال العرب في الجاهلية او قصص عاد وثمود واخبار العرب لان هذا يرجع الى نقل التاريخ العربي للقوم الذين نزل فيهم القرآن وهؤلاء الذين نزل فيهم القرآن من قبائل العرب هم مرآة القبائل البائدة من العرب الاول كعاد وثمود وجرهم وغيرها من القبائل التي بادت ثم صارت بقاياها في العرب باسماء اخرى وعامة ما يذكر في تفسير الصحابة هو من الاسرائيليات لا من تاريخ العرب فان نقلهم لاخبار العرب وتاريخهم وتوثيق صلته بتفسير الاية قليل وانما يوجد فيهم العناية بما نقل في كتب اهل الكتاب ذلك ان العرب لم يكونوا يكتبون فليس لهم عناية في نقل تاريخهم على التفصيل وانما بقي خبر اهل الكتاب محفوظا حتى حدث عنه من حدث من الصحابة لان كتبهم المحرفة كانت بايديهم فاخذ عنها من اخذ من الصحابة رظي الله عنهم والاحاديث الاسرائيلية تذكر في التفسير للاستشهاد لا للاعتقاد والاعتظاد لا للاعتقاد والاعتماد وهذه قاعدة نافعة فيما يذكر من تلك الاخبار انه جرى ادخالها اعتضادا لا اعتقادا واعتمادا ومن عاد ادخال ذلك عليهم فقد اوتي من سوء فهمه فانهم تهب المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في احاديث بني اسرائيل فاعملوه وجرى عمل الائمة رحمهم الله تعالى عليه واحاديث بني اسرائيل على ثلاثة اقسام اولها ما علمنا صحته بشاهد الصدق عندنا فهذا صحيح والثاني ما علمنا كذبه بشاهد كذبه عندنا فهذا كذب مطرح لا يعول عليه والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه بل نمتثل فيه امر النبي صلى الله عليه وسلم وتجوز حكايته للاذن بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج وغالب ذلك لا فائدة منه فيما يتعلق بامور الدين ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل بذكر احسن ما يكون من الطرائق في حكايات اختلاف المفسرين وان ذلك يكون باجتماع ثلاثة امور اولها استيعاب الاقوال المنقولة اولها استيعاب الاقوال المنقولة وثانيها تصحيح الحق وتزييف الباطل تصحيح الحق وتزييف الباطل وثالثها ذكر فائدة الخلاف وثمرته المترتبة عليه ذكر فائدة الخلاف وفائدته المترتبة عليه فمن رام ان يحكي اختلاف المفسرين على الوجه الاتم فليعمل هذه الامور الثلاثة والنقص الواقع في حكايات الاختلاف في كتب التفسير يرجع الى الاخلال بها فمن حكى الخلافة ولم يستوعب فنقصه راجع الى الامر الاول ومن حكى خلافا واطلقه ولم ينبه على الصحيح من غير الصحيح فنقصه يرجع الى الامر الثاني واذا وقع منه تصحيح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب وان كان جاهلا فقد اخطأ كما ذكر المصنف رحمه الله ومن حكى خلافا لا فائدة منه او عدد اقوالا مردها الى قول او قولين فنقصه يرجع الى الامر الثالث ولو ان ابا الفرج ابن الجوزي رحمه الله اعمل الامرين الاخيرين في كتابه زاد المسير لكان كتابه من احسن الكتب لكنه يستوعب الاقوال المنقولة في تفسير اية ثم لا تكون له عناية بتصحيح الحق وتزييف الباطل وقد يطول رحمه الله بتعداد الاوجه مع امكان ردها الى قول او قولين ولو ان احدا اعتنى لاصلاح كتاب ابي الفرج ابن الجوزي على هذا النحو لعظم شأن كتابه فيعتنى بتصحيح الصحيح وتزييف الباطل من الاقوال المذكورة فيه مما يعدده ويعتنى ايضا بالنظر في امكان ردها الى قول واحد او قولين فانه قد يشقق الاقوال بالعد وهي راجعة الى قول واحد او الى قولين متناظرين احسن الله اليكم اصلا بتفسير القرآن باقوال التابعين اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثيرا من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين كمجاهد بن جبر فانه فانه اية في التفسير كما قال محمد ابن اسحاق حدثنا ابار بن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته الى خاتمتي اوقفوا عند كل اية عند كل اية منه واسأله عنها وبه الى الترمذي قال حدثنا الحسين المهدي البصري الترمذي ما معنى وبذل الترمذي بهذا الاسناد للترمذي صح كلام الاخ معنى الكلام اطرحه صحيح هو يقولها هو يقول الاخ يعني يرجع الى اسناد. تقصد الاسناد الترمذي ولا اسناد اخر اسناد الذي ساقه المصنف الى الترمذي في موضع متقدم هذا معناه اذا قال المصنف وبه الى الترمذي اي بسند تقدم شوقه الى الترمذي فاين هذا الاسد؟ هل تقدم معنا ها تقدم معنا الجواب ما تقدم معنا اذا ما الاشكال الاشكال ان هذه النسخة التي طبعها احد علمائه ال الشرط ملفقة من نسختين خطيتين غير وثيقتين ففي النفس حسيكة من كمال الكتاب على هذه الصورة وانما يمكن رد الضمير هنا وبه الى الترمذي على النحو الذي ذكر الاخ من تقدم اسناد مساق الى الترمذي من قبل وهذا موجود في كتاب نظير لهذا الكتاب بابي العباس ابن تيمية طبع باسم قاعدة في فضائل القرآن فانه ساق في ثلاثة مواضع منه اسناده الى الترمذي. فكان من هذه الرسالة شيء مأخوذ من تلك الرسالة فبين الرسالتين تشابه في كثير من المسائل وقد املى شيخ الاسلام تلك الرسالة مقدمة بين يدي تفسيره وليست في فضائل القرآن كما طبعها من طبعها بل هي اشبه شيء بكونها قاعدة في تفسير القرآن فقد ذكر هو رحمه الله تعالى انه املى تلك القاعدة بين يدي التفسير لما اراد الكلام فيه وتلك القاعدة ينبغي ان يقرأها طالب العلم كقرائته لهذه المقدمة فان بينهما اتفاقا وفي كل واحدة منهما زيادة عن الاخرى وكأن هذا التلفيق قديم فان في الكوكب الدلالي نسخة خطية اخرى تضارع هذه النشرة التي نشرها احد علماء ال الشرط ثم اشتهرت والمقصود ان في الكتاب خللا لكن اصلاحه يحتاج الى وقوف على نسخ خطية وثيقة وقد جمعت له عدة نسخ لكن ليس فيها ما يشفي حتى الان نعم احسن الله اليكم وبه الترمذي قال حدثنا الحسين ابن مهدي البصري وقال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال مجاهد ما في القرآن اية الا وقد سمعت فيها شيئا وبه اليه قال حدثنا ابن ابي عمر قال حدثنا سفيان ابن عيينة عن الاعمش قال قال مجاهد لو كنت لو كنت قرأت لو كنت قرأت وقراءة ابن مسعود لم احتج ان اسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما سألت. وقال ابن جرير حدثنا ابو كريب قال حدثنا طلق ابن غنام عن عثمان عن ابن ابي مليكة قال رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه الواح فيقول له ابن عباس اكتب حتى سأله عن عن التفسير ولهذا كان سفيان الثوري يقول اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. وكسعيد بن جبير وعكرمة مولد ابن عباس وعطاء بن ابي رباح والحسن ومشروك من الاجدع وسعيد بن المسيب وسعيد بن المسيب وابي العالية والربيع بن انس وقتادة والضحاك بن مزاحم وغيره من وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر اقوال في الايات فيقع في عباراتهم تباين في الالفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها اقوالا. وليس كذلك فان منهم من يعبر عن شيء بلازمي او نظيري ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في كثير من الاماكن فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي وقال شعبة ابن الحجاج وغيره اقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني انها لا تكون حجة على غيرهم ممن قال فهم هذا صحيح. اما اذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة فان اختلفوا ولا يكون قول بعضهم حجة على بعض. ولا على من بعدهما يرجع في ذلك الى القرآن او السنة او او عموم لغة العرب او اقوال الصحابة في ذلك. فاما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام حدثنا قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الاعلى عن سعيد بن جبير ابي عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن ابي الاعلى الثعلب عن عبد الاعلى الثعلبي عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد قال قال حدثني حبان ابن حبان قال حدثني حبان ابن هلال قال حدثنا سهيل اخو حزام قطعي قال حدثنا ابو عمران الجوري عن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ. قال الترمذي هذا الحديث غريب وقد تكلم بعض اهل الحديث في سهيل ابن ابي حزم. وهكذا روى بعض اهل العلم عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انهم شددوا في ان يفسر القرآن بغير علم واما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من اهل العلم انهم فسروا القرآن فليس الظن بهم انهم قالوا في القرآن وفسروا بغير علم او من قبل انفسهم وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا انهم لم يكونوا من قبل انفسهم بغير علم فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما امر به فلو انه اصاب المعنى في نفس الامر لكان قد اخطأ لانه لم يأتي الامر من بابه كما حكم بين الناس عن جهل فهو في النار كمن حكم بين الناس عن جهل فهو في النار. وان وافق حكمه الصواب في نفس الامر. لكن يكون اخف جرما ممن اخطأ والله اعلم وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين فقال فاذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عن الكاذبون فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنا في نفس الامر لانه اخبر بما لا يحل له الاخبار به. وتكلف ما لا علم له به الله اعلم ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله ابن مرة عن ابي معمر قال قال ابو بكر الصديق رضي الله الله عنه اي ارض تقلني واي سماء تظلني اذا قلت في كتاب الله ما لم اعلم. وقال ابو عبيد القاسم ابن سلام حدثنا محمد ابن يزيد حدثنا محمد ابن يزيد عن العوام ابن حوشب عن إبراهيم التيمي ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه سئل عن قوله وفاكهته فقال اي سماء تظلني واي ارض تقلني؟ ان انا قلت في كتاب الله ما لا اعلم منقطع وقال ابو عبيد ايضا حدثني يزيد عن حميد عن سلام عليكم وقال ابو عبيد حدثنا يزيد عن حميد عن انس ان عمر بن الخطاب ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر وفاكهته وابا وقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما هو الاب؟ ثم رجع الى نفسه فقال ان هذا لهو التكلف يا عمر؟ وقال عبد بن حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن انس قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه اربع رقاع فقرأ وفاكهة وابى فقال وما الاب؟ فقال ان هذا لهو التكلف فما عليك الا تدريه. وهذا كله محمول على انهما رضي الله عنهما فان ما اراد استكشاف ماهية الاب والا فكونه نبتا من الارض ظاهر لا يجهل. لقوله تعالى فانبتنا فيها حبه وعنبه وقضبا وزيتونه ونخلا وحدائق قلبه وقال ابن جرير حدثنا يعقوب ابن ابراهيم قال حدثنا ابن علية عن ايوب عن عن ابن ابي مليكة ان ابن عباس رضي الله عنه سئل عن اية لو سئل عنها بعض لطال فيها فابى ان يكون فيها اسناده صحيح. وقال ابو عبيد حدثنا اسماء حدثنا اسماعيل ابن ابراهيم عن ايوب عن ابن ابي مريكة فقال سأل رجل ابن عباس عن قوله يوم يوم عن يوم كان مقداره الف سنة. فقال ابن عباس رضي الله عنه فما يوم فما يوم كان مقداره خمسين الف سنة فقال الرجل انما سألتك لتحدثني فقال ابن عباس هما يومان ذكرهما الله في كتابه والله اعلم بهما فكيف ان يكون في كتاب الله ما لا يعلم وقال ابن جرير حدثني يعقوب ابن ابراهيم قال حدثنا ابن علية عن مهدي ابن ميمون عن الوليد ابن مسلم قال جاء طلق ابن حبيب الى جندب ابن عبد الله رضي الله فسأله عن اية من القرآن فقال احرج عليك ان كنت مسلما لما قمت عني. او قال ان تجالسني. وقال مالك عن سعيد عن سعيد بن المسيب انه كان اذا سئل عن تفسير اية من القرآن قال انا لا نقول في القرآن شيئا. وقال الليث عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب انه كان لا يتكلم الا في المعلوم من القرآن. وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن اية من القرآن قال لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم انه لا يخفى علي منه شيء يعني عكرمة. وقال ابن شوذب حدثني يزيد ابن ابي يزيد قال كنا نسأل ابن المسيب عن الحلال والحرام وكان اعلم الناس فاذا سألناه عن تفسير اية من القرآن سكت كان لم يسمع. وقال ابن جرير حدثنا احمد بن عبدة قال حدثنا حماد ابن زيد قال حدثنا عبيد الله ابن عمر قال لقد قال لقد ادركت فقهاء المدينة وانهم ليعظمون القول تفسير منهم سالم ابن عبد الله والقاسم ابن محمد وسعيد ابن مسيب ونافع وقال ابو عبيد حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام عروة طالما سمعت ابيت اول اية من كتاب الله قط وعن ايوب وعن ايوب وابن عون وهشام وهشام الدستوائي عن محمد ابن سيرين. قال سألت قال سألت السلماني عن اية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعلمون فيما انزل من القرآن فاتق الله وعليك بالسداد. وقال ابو عبيد حدثنا عن ابن عون عن عبيد الله ابن مسلم عن عن عبيد الله ابن مسلم ابن يسار عن ابيه قال اذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده حدثناه شيء عن مغيرته عن ابراهيم قال كان اصحابه يتقون التفسير ويهابونه. وقال شعبة عن ابن الله ابن ابي السفري عن عن ابن ابي السفر قال قال الشعبي والله ما مناية الا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله. وقال ابو عبيد حدثناه شيء قال قال انبأنا عمر ابن ابي زائدة عن الشعبي عن مسروق قالت تقول تفسير فانما هو الرواية عن الله فهذه اثار الصحيحة وما وما شاكلها عن ائمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام بالتفسير بما لا علم لهم به. فاما من تكلم فبما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه. ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم اقوام في التفسير ولا منافاة. لانهم تكلموا فيما علموا وسكتوا وسكتوا عما جهلوا. وهذا هو الواجب على كل احد فانه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى لتبيننه للناس ولا تكتمونه ولما جاء ولما جاء في الحديث المروي من طرق من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار. وقال ابن حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان عن ابي الزناد قال قال ابن عباس رضي الله عنهما التفسير على اربعة اوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر احد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه الا الله تعالى ولا يعلم ولا يعلمه الا الله تعالى ذكره. والله سبحانه وتعالى اعلم لما بين المصنف رحمه الله في الفصل المتقدم ورد تفسير القرآن الى الكتاب والسنة واقوال الصحابة اتبعه بهذا الفصل المبين انك اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة رضي الله عنهم فقد رجع كثير من الائمة الى اقوال التابعين وقوله رحمه الله تعالى لقد رجع كثير من الائمة الى اقوال التابعين فيه اشعار بان اهل العلم مختلفون في الاعتداد بتفسير التابعي فمنهم من اعتد به وهم الذين اشار اليهم المصنف رحمه الله تعالى بالكثرة ومنهم من لم يعتمده ولا رجع اليه. فلازموا كلامه الذي ذكره ان كثيرا من الائمة كذلك لم ارجعوا الى كلام التابعين واقوالهم واقوال التابعين في التفسير نوعان اثنان الاول ما اتفقوا عليه فلم يختلفوا فيه الاول ما اتفقوا عليه فلم يختلفوا فيه ولا يرتاب في كونه حجة لان المقطوع به من طريق التلقي العام ان التابعين انما اخذوا التفسير عن الصحابة فاذا طوي عنا نقل كلام الصحابة في تفسير اية ووقفنا على كلام التابعين باتفاق في معناها في علم انهم اخبروا عن تفسير الصحابة وان لم يأثروه عنهم بخبر خاص فيكون خبرهم عند اتفاقهم في تفسير اية حجة قاطعة والثاني ما اختلفوا فيه فذكر بعضهم قولا وذكر غيرهم قولا اخرا ولا يكون قول بعضهم حجة على بعض بل ولا حجة على من بعدهم ويطلب الترجيح بامر خارجي غير القولين المذكورين يسمى في علم التفسير بقرائن الترجيح واليها اشار المصنف بقوله ويرجع في ذلك الى لغة القرآن او السنة او عموم لغة العرب او اقوال الصحابة في ذلك فان هذه المذكورات من جملة المرجحات انتهى كلامه اي من جملة القرائن التي يمكن باعمالها ترجيح احد القولين المختلفين في التفسير المنقولين عن التابعين وقوله رحمه الله ويرجع في ذلك الى لغة القرآن اي الى نسق سنن الخطاب فيه فان للقرآن في خطابه نسقا جرى وفقه في مسالك عدة منه اما فيما يرجع الى الالفاظ اي معانيها اما فيما يرجع الى معاني الالفاظ واما ما يرجع الى طرائق الكلام بان يلتزم فيها بذكر شيء مع شيء والاطلاع على لغة القرآن وطريقة الخطاب فيه من احسن طرائق تهمه والترجيح بين الاقوال المختلفة في تفسيره لانه يكون ترجيحا لمعناه لما دلت لذا دل عليه خطابه المتسلسل فيه وهذا النمط يسميه بعض اهل العلم كالطاهر ابن عاشور لاعادة القرآن واراد بذلك نهجه وطريقته الملتزمة ومن مثل ذلك ان اهل العلم رحمهم الله تعالى اختلفوا بتفسير قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين فاختلفوا في تعيين الطائفة النافرة فهي الطائفة التي تخرج للجهاد ام هي الطائفة التي تطلب العلم ومن تأمل سياق الخطاب القرآني وجد ان النفير لفظ مستعمل للانبعاث في الجهاد فتعين حمل الموضع المشكل الذي جرى فيه الاختلاف هنا على ما جرت به سنة القرآن في خطابه فيكون معنى الاية فلولا نفر قوم من المؤمنين فخرجوا للجهاد وبقي ورائهم طائفة اخرى قاعدة تطلب العلم فاذا رجعت اليها الطائفة المجاهدة دقه اخوانهم واعلموهم بشرائع دينهم ومما ينبغي الانباه اليه فيما يتعلق بعبارات التابعين انه يقع لهم تباين ظاهر في الالفاظ لكن بواطن المعاني تكون مجتمعة فيخبر كل واحد منهم عن المعنى المراد بلفظ يتوهم الناظر فيه انه يخالف المنقول عن غيره من التابعين مما يوجب على الناظر في كلام التابعين ان يتحرى ملتمسا ان كان رد اقوال بعضهم الى بعض بان يطلع مع امعان النظر على المعنى الذي يريدونه ثم يؤلف بين اقوالهم رحمهم الله تعالى بتصديق المعنى المراد والاصل في تفسير التابعين انه مأخوذ بالنقل عن الصحابة كما ثبت عن جماعة منهم انهم تلقوا التفسير كله عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن مجاهد انه عرض التفسير على ابن عباس ثلاث مرات يوقفه عند كل اية ويسأله عنها وجاء ايضا عن ابي الجوزاء الربعي رحمه الله تعالى انه جاور ابن عباس عشر سنين يسأله عن تفسير القرآن اية اية وقد تقدم ذلك وقد يتكلم التابعون في القرآن بالاستنباط والاستدلال كما تكلموا بذلك في فروع الاحكام واشار المصنف الى هذا في اول كتاب والذي اعوزهم الى ذلك انه جرت في زمانهم احوال ووقائع احتاجوا معها الى ان يتكلموا في فهم القرآن بالاستنباط والاستدلال واستنباط والاستدلال هو الذي يشار اليه في علم التفسير بالتفسير بالرأي فان حقيقة الرأي ما يستنبط استنباطا مما يدل عليه النظر والاستدلال فاذا ذكر التفسير بالرأي فالمراد به ما كان مأخوذا بطريق الاستنباط والاستدلال ما كان مأخوذا بطريق الاستنباط والاستدلال ورويت احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذم الرأي ذكر المصنف بعضها لكنها احاديث ضعاف لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم والمنقول عن السلف في تفسير القرآن بالرأي ثلاثة امور احدها تكلمهم به فانهم تكلموا بالرأي في تفسير القرآن في مواضع لا يمكن جهدها الاول تكلمهم به فانهم تكلموا بالرأي بمواضع من تفسير القرآن لا يمكن جحدها والثاني ذم الرأي والتنفير عنه والثالث التحرج من اعمال الرأي في تفسير القرآن التحرج من اعمال الرأي في تفسير القرآن ولا تعارضا بينها بحمد الله لان الرأي نوعان اثنان احدهما رأي صحيح محمود وهو ما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ احدهما رأي صحيح محمود وهو ما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ والاخر رأي باطل مذموم وهو ما لم يقم عليه دليل ولا احتمله اللفظ رأي باطن مذموم وهو ما لم يقم عليه دليل ولاحتمله اللفظ الاول هو الذي تكلم به السلف والثاني هو الذي ذموه وما لم يتبين لهم وجهه تحرجوا منه الاول هو الذي تكلم به السلف والثاني هو الذي ذموه وما لم يتبين لهم وجهه تحرجوا منه وعلى هذا فيكون قول المصنف رحمه الله تأما تفسير القرآن فمحرم محمول على الرأي المذموم مما لم يقم عليه دليل ولاحتمله اللفظ ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى مقدمته بقول ابن عباس في قسمة التفسير الى اربعة اقسام اولها اسم تعرفه العرب من كلامها فالمرجع فيه الى اللسان العربي والثاني قسم لا يعذر احد بجهالته لانه من العلم المنتشر الذي يحتاج اليه ولا يفتقر الى بيان خاص لشرائع الاسلام الظاهرة من الصلاة والصيام والزكاة فان العبد اذا سمع قول الله مثلا اقم الصلاة فهم ان تفسيرها الامر باقامة الصلاة المكتوبة التي جاء بيانها في شرائع الاسلام من اركانه العظام والقسم الثالث قسم يعلمه العلماء ويختص بهم دون غيرهم اسم يعلمه العلماء ويختص بهم دون غيرهم وهو وهو بالمحل الاعلى من علم التفسير اذ ما مضى يشاركهم فيه غيرهم بخلاف هذا القسم والقسم الرابع قسم لا يعلمه الا الله ومحله الحقائق لا المعاني قسم لا يعلمه الا الله ومحله الحقائق لا المعاني فليس في القرآن لفظ مجهول معمى يخفى على الخلق جميعا بل يعلمه احد دون احد لان القرآن عربي ونزل على قوم عرب لكن حقائق ما فيه ومقاديرها واحوالها فعلمها عند الله كالخبر عن صفات الله او يوم القيامة او الامم السابقة فليس في القرآن لفظ لا تعلمه الامة جميعها بل يكون في الامة من يعلمه وان خفي على غيره وانما الذي يقال فيه لا يعلمه الا الله هو حقائق الاشياء فقوله تعالى مثلا اذا السماء انشقت يعلم معنى الانشقاق باللسان العربي لكن حقيقته لكن حقيقته وكيفيته علمها عند الله عز وجل ومجموع ما تقدم في احسن طرق التفسير يرشح منه ان تفسير القرآن بالقرآن ان تفسير القرآن يرجع الى اصلين اثنين احدهما تفسير القرآن بالقرآن وقد تقدم انه نوعان نص وظاهر احدهما تفسير القرآن بالقرآن وتقدم انه نوعان نص وظاهر والثاني تفسير القرآن بغيره تفسير القرآن بغيره وهو نوعان اثنان احدهما تفسيره بالنقل والاثر وهو تفسيره بالسنة واقوال الصحابة والتابعين والثاني تفسيره بالعقل والنظر ومحله ما استنبط استنباطا صحيحا مما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ وهو الراي الصحيح المحمود وبهذا التقرير يندفع الاشكال الوارد في تفسير القرآن بالقرآن اهون من التفسير بالمأثور ام لا القسمة التي ينبغي ان يصار اليها ان يقال ان تفسير القرآن يرجع فيه تارة الى القرآن نفسه وهذا اعلاه فاذا لم يوجد رجع الى تفسير القرآن بغيره مما يتصل بالاصلين الذين ذكرنا والمتكلمون في اصول التفسير وعلوم القرآن دخل عليهم الغث والسمين تارة بدخول الاقوال المبتدعة في الاعتقاد في القرآن وتارة بالاقوال المبتدعة في العقائد واصول الدين مع اقبال جمهورهم على اللغة دون ملاحظة محل تفسير القرآن بالقرآن او تفسير القرآن بما جاء في السنة او عن الصحابة والتابعين وهذا سمت وطريقة اكثر تفاسير المتأخرين بخلاف تفاسير المتقدمين رحمهم الله تعالى وينبغي ان يعتني طالب العلم لتمكين نفسه من معرفة اصول القرآن اصول التفسير وقواعده وعلوم القرآن مع ادمان قراءة كتب المتقدمين في التفسير لتكون له مكنة في تفسير القرآن بالاستنباط والاستدلال فبهذا يتهيأ له الرشد ويندفع عنه الغي في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى وبهذا ينتهي شرح هذا الكتاب على نحو مختصر يوقف على مقاصده الكلية ويبين معانيه الاجمالية