السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل الدين يسرا بلا حرج. والصلاة والسلام على محمد المبعوث بالحنيفية السمحة دون عوج. وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج. اما ابعد فهذا شرح الكتاب التاسع من المرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته الاولى وهو كتاب مقدمة في اصول التفسير. لشيخ الاسلام احمد بن عبدالحليم رحمه الله وهو الكتاب التاسع في التعداد العامي لكتب البرنامج. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. اما بعد قال شيخ الاسلام احمد ابن تيمية رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر واعن برحمتك. الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما. اما بعد فقد سألني بعض اخواني ان اكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن. ومعرفة تفسيره ومعانيه في المنقول ذلك ومعقوله بين الحق وانواع الاباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بين الاقاويل. فان الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحق المبين. والعلم اما نقل مصدق عن معصوم واما قول دليل معلوم وما سوا هذا فاما مزيف مردود واما موقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود. وحاجة الامة ماسة الى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين. والذكر الحكيم والصراط المستقيم. الذي لا تزيغ به الاهواء ولا تلتبس به الالسن ولا يخلق على كثرة الترديد. ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء. من قال به ومن عمل به ومن عمل به اجر ومن حكم به عدل. ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم. ومن تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله. قال تعالى فاما يأتينكم اني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ننكر ونحشره يوم القيامة اعمى. قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا. قال اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وقال تعالى قد جاءكم رسولنا ان يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم. وقال تعالى الف لام راء كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الارض. وقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرك اينما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عباده وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط الله الذي لهما في السماوات وما في الارض الا الى الله تصير الامور. وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من املاء والله الهادي الى سبيل الرشاد. ذكر المصنف رحمه الله في رباجة كلامه ان هذه المقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن الكريم. وهذه القواعد المشار اليها مندرجة في علم تفسير لكن من الناس من يسميها اصولا فيقول اصول التفسير اذ تسمية المقدمة بهذا الاسم مقدمة في اصول التفسير ليست من وضع المصنف وانما وضعها الناشر الاول للكتاب من علماء ال الشط من حنابلة الشام ثم اشتهر هذا وفشى عند الناس نسبة هذه المقدمة الى علم اصول التفسير وقد تطلق القواعد المنسوبة الى علم التفسير فيقال قواعد التفسير ويراد بها معنى اخر غير المعنى المعروف عند اطلاق اصول التفسير. ولا يزال هذا العلم بكرا يحتاج الى تحرير فان الناس قد خلطوا فيه بين الاصول والقواعد. فلم تتميز الاصول عن عند اهل التفسير كما تميزت عند الفقهاء. فان صنعة الفقه اقتضت ان تكون الاصول هي الاسس التي تبنى عليها احكام الفقه. اما القواعد عندهم فهي الاثار التي انتجها الفقهي فان الفقهاء رحمهم الله تتبعوا المعاني التي بني عليها الفقه وسموها اصول الفقه ثم لما استقر الفقه جميعا جمعوا كلياته وسموها قواعد الفقه فالاصول متقدمة والقواعد ثمار ناتجة. وكذلك ينبغي ان تكون الحال فيما كذلك ينبغي ان تكون الحال في علم التفسير فتطلق اصول التفسير على ما يتقدم عليه فيكون بمعنى الالة التي تعين على فهم القرآن وتطلق قواعد التفسير على النتائج الناشئة من النظر في تفسير القرآن الكريم. ويتبين ذلك بالمثال فمثلا اذا قلنا ان من دلالات العموم دخول ال التي للجنس على اسم المفرد كقوله تعالى ان الانسان لفي خسر فان الانسان هنا يشمل جميع الافراد لدلالة الموضوعة في لسان العرب على استغراقها. في علم بتفسير هذا في علم هذا تفسير هذه الاية وان معنى قوله تعالى ان الانسان لفي خسر اي ان جميع الناس لفي خسران واذا قلنا مثلا كما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه الفيريابي بسند صحيح انه قال كل سلطان في القرآن فهو حجة فهذا من قواعد التفسير لا من اصوله. لانه نتج من تتبع ايات القرآن الكريم التي يذكر فيها السلطان ان المراد به هو الحجة. والمقصود هنا ان تعرفوا فان ثمة فرقا بين اصول التفسير وقواعده وان اسم القواعد الذي اطلقه ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى هنا في قوله تتضمن قواعد اراد به المعنى اللغوي للقاعدة ولم يرد به الحقيقة الاصطلاحية لها في هذا العلم. فان القاعدة الاصطلاحية في التفسير ليست على هذا المعنى اذ الكتاب موضوع بما ينبغي ان يكون تارة في اصول التفسير وفيه اشياء تتعلق بقواعد التفسير الا انها يسيرة. وقديما ذكر الزركشي رحمه الله تعالى في قواعده ان علم التفسير من العلوم التي لم تنضج ولم تحترق. ولا يزال حتى اليوم محتاجا الى التمييز بمسائله وبناء اصوله وتشييد قواعده على الوجه المرضي. ولبيان هذا الامر اطالة ليس هذا محلها ولكن هذه إلماعة يراد منها ان تعي الفرق بين الأصل والقاعدة في التفسير وان ما لا هذا الفرق عند اهل الفن لا زال على وجه غير واضح بين. ثم المقصود ثانيا ان تعرف ان اصل وضع هذا الكتاب لم يكن مرادا به اصول التفسير. كما وقع في تسميته من الناشر الاول. وانما هي تتضمن بيان جملة من الاصول والقواعد التي تعين على معرفة تفسير كتاب الله تعالى قد ذكر المصنف رحمه الله تعالى في جملة ما ذكر ان العلم اما نقل عن معصوم. واما قول دليل معلوم. وما سوى هذا مزيف مردود اما مزيف مردود. واما موقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود. والبهرج على زنة جعفر هو الشيء الرديء يقال للرديء من الدراهم بهرج ويقال للمميز منها ثابت منقود. وهذا معنى قوله الله فاما موقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود اي يتوقف عن قبوله لا يعلم انه ردي فيترك ولا يعلم انه مميز فيقبل ويصح ولكن يتوقف عن قبوله. ثم ذكر رحمه الله تعالى نعوتا لكتاب الله سبحانه وتعالى جاءت في حديث علي رضي الله عنه وسيذكره المصنف فيما يستقبل منها قوله لا تزيغ به الاهواء اي لا تميل به الاهواء. وقوله ولا تلتبس به الالسنة اي لا تختلط به الالسن. وقوله لا يخلق عن كثرة الترديد. اي لا يبلى ولا تذهب جدته كلما ردد. نعم قال رحمه الله تعالى فصل في ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن يجب ان يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن كما بين لهم الفاظه. فقوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم يتناول هذا وهذا وقد قال ابو عبدالرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما انهم كانوا اذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ايات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل؟ قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. وقال انس رضي الله عنه كان الرجل اذا قرأ البقرة وال عمران جد في اعيننا واقام ابن عمر رضي الله عنهما على حفظ البقرة عدة قيل ثماني سنين ذكره مالك. وذلك ان الله تعالى قال كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وقال افلا يتدبرون القرآن وقال افلم يتدبروا القول وتدبر الكلام وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن. وكذلك قال تعالى وعقل الكلام متضمن لفهمه. ومن المعلوم ان كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد الفاظه. فالقرآن اولى بذلك وايضا فالعادة تمنع ان يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم. ولهذا كان النزاع بين الصحابة رضي الله عنهم في تفسير القرآن قليلا جدا وهو وان كان في التابعين اكثر منه في الصحابة فهو قليل بالنسبة الى من بعدهم. وكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه اكثر. ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة. كما قال مجاهد المصحف على ابن عباس اوقفه عند كل اية منه. واسأله عنها. ولهذا قال الثوري اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من اهل العلم. وكذلك الامام احمد وغيره ممن صنف في التفسير الطرق عن مجاهد اكثر من غيره. والمقصود ان التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة. وان كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن. كما بين لهم الفاظه فبيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن نوعان اثنان. الاول بيان الالفاظ في كيفية قراءتها. والثاني بيان المعاني بمعرفة تفسيرها. وهما مجموعان في قوله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثمان علينا بيانه قوله سبحانه فاتبع قرآنه اشارة الى الالفاظ. وقوله تعالى ثم ان علينا بيانه اشارة الى المعاني وبيان النبي صلى الله عليه وسلم لمعاني القرآن نوعان اثنان اولهما البيان الخاص. ويقصد به بيانه صلى الله عليه وسلم لالفاظ معينة في القرآن. كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في تفسير غير المغضوب عليهم ولا الضالين ان المغضوب عليهم اليهود وان الضالين هم النصارى. وتانيهما البيان العام وهو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وعملا وتقريرا انها مبينة للقرآن كما قال تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم. وهو يتناول كل بيان صلى الله عليه وسلم للقرآن لفظا ومعنى على وجه الخصوص او العموم. وبهذا التحرير تعلم جواب سؤالي شهير وهو هل فسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله ام لا وجوابه ان يقال ان اريد بالتفسير ما يرجع الى البيان الخاص بان يكون النبي الله عليه وسلم بين كل لفظ من الفاظ القرآن فلا. اذ ليس كل لفظ من الفاظ القرآن الكريم ان محتاجا الى خبر خاص. فقد نزل بلغة العرب على قوم عرب ان اريد بذلك البيان العام المجمل في مقاصده وحقائقه واوامره ونواهيه نعم فسنته صلى الله عليه وسلم وشأنه وسيرته كلها بيان للقرآن الكريم وكان الصحابة رضي الله عنهم يأخذون القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم. جامعين بيان الالفاظ والمعاني. كما قال ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله تعالى احد التابعين حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما انهم كانوا اذا تعلموا عشر اية من النبي انهم كانوا اذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ايات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. فالصحابة رضي الله عنهم قد تلقوا بيان الالفاظ والمعاني عنه صلى الله عليه وسلم ولاجل هذا كانوا يأخذون مدة طويلة في حفظ السورة لانهم كانوا يعتنون بفهم معانيها وضبط مبانيها. وكان انس رضي الله عنه عنهم فيقول كما ثبت عنه في صحيح مسلم قال كان الرجل اذا قرأ بقرة وال عمران جد في اعيننا. اي عظم في اعيننا. لانه جمع بين حفظ المبنى وفهم المعنى في سورتين عظيمتين هما الزهراوان وال عمران. وقد كانت هذه هي سنتهم المثلى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان ابن عمر اقام على حفظ البقرة بضع سنين. وقيل ثمان سنين وعزاه الى مالك وهو عنده في في موطئه بلاغا قال بلغني ان ابن عمر فذكر الاثر ومن المعلوم ان البلاغ من جملة الضعاف والمذكور في الموطأ تعلم البقرة وليس حفظها. فالتعلم حفظ وزيادة. فالتعلم حفظ المبنى وفهم معنى والثابت عنه صلى الله والثابت عنه رضي الله عنه انه تعلمها في اربع سنين كما رواه ابن سعد في طبقاته بسند قوي. وانما كانت تطول مدة احدهم في السورة وحفظ القرآن لا لضعف الته. ووهن مداركه. بل لانهم رضي الله عنهم كانوا يضبطون الالفاظ ويتفهمون المعاني. لعلمهم ان التدبر المأمور به لا تنال بدون فهم المعاني. ومقصود الكلام هو معناه لا مبناه. وعامة دارس العلوم كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى يعتنون بتحقيق هذه العادة فيما يتعاطون من علومهم فكيف بالقرآن الكريم؟ ثم ذكر المصنف رحمه الله ان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليل جدا انما اتفق هذا ووقع لامرين اثنين. اولهما كمال علومهم وسلامة بيانهم اذ القرآن عربي وهم عرب اقحاح والثاني وحدة الجماعة وقلة الاهواء وعدم التفرق. واليه ما اشار رحمه الله بقوله وكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه اكثر ثمان التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة ومنهم من تلقى جميع التفسير كما قال مجاهد بن جبر رحمه الله عرضت المصحف على ابن عباس اوقفه وعند كل اية منه واسأله عنها وثبت انه عرض القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات يسأله عن التفسير. وروي انه عرضه ثلاثين مرة. وفيها ضعف ومثله قول ابي الجوزاء الربعي من التابعين جاورت ابن عباس عشر سنين فسألته عن القرآن اية اية. والمقصود ان التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وان كانوا قد يتكلمون بالاستنباط والاستدلال في بعض لذلك كما ذكر المصنف لانه حدثت في زمانهم احوال ومقالات اعوزتهم ان يتكلموا الاستنباط والاستدلال في القرآن الكريم فصدر عنهم من الزيادة في التفسير على ما تكلم به الصحابة ما هو منقول في كتب التفسير وانما كان باعث ذلك تجدد احوال وقوع حوادث ووقوع حوادث لم تكن في الصدر الاول من عهد الصحابة رضي الله عنهم. نعم قال رحمه الله تعالى فصل في اختلاف في اختلاف السلف في التفسير وانه اختلاف تنوع. والخلاف بين السلف في التفسير قليل وخلافهم في الاحكام اكثر من خلافهم في التفسير. وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع الى اختلاف تنوع لاختلاف تضاد. وذلك صنفان ان يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه. تدل على معنى في المسمى غير المعنى الاخر. مع اتحاد المسمى بمنزلة الاسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة. كما قيل في اسم السيف الصارم والمهند وذلك مثل اسماء لله الحسنى واسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم واسماء القرآن. فان اسماء الله كلها تدل على مسمى واحد اليس دعاؤه باسم من اسمائه الحسنى مضادا لدعائه باسم اخر. بل ان الامر كما قال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ان يمنع لا تدعوا فله الاسماء الحسنى. وكل اسم من اسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم. كالعليم يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذات والقدرة والرحيم يدل على الذات والرحمة. ومن انكر دلالة اسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون لا يقال هو حي ولا ليس بحي بل ينفون عنه النقيضين فان اولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض كالمضمرات. وانما ينكرون ما في اسمائه الحسنى من صفات الاثبات. فمن على مقصودهم كان مع دعواه الغلو في الظاهر موافقا لغلاة الباطنية في ذلك. وليس هذا موضع بسط ذلك. وانما ان كل اسم من اسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته. ويدل ايضا على الصفة التي في الاسم الاخر بطريق اللزوم. وكذلك اسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل محمد واحمد والماحي والعاشر والعاقب. وكذلك اسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب وامثال ذلك. فاذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه باي اسم كان اذا عرف مسمى هذا الاسم وقد يكون الاسم علما وقد يكون صفة. كمن كمن يسأل عن قوله ومن اعرض عن ذكري ما فيقال له هو القرآن مثلا او ما انزله من الكتب فان الذكر مصدر والمصدر تارة يضاف الى الفاعل وتارة الى المفعول فاذا قيل ذكر الله بالمعنى الثاني كان ما يذكر به مثل قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر واذا قيل بالمعنى الاول كان ما يذكره هو وهو كلامه وهذا هو المراد في قوله ومن اعرض عن ذكري لانه قال لذلك فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. وهداه هو ما انزله من الذكر وقال بعد ذلك قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك اتت فنسيتها. والمقصود ان يعرف ان ذكره هو كلامه المنزل او هو ذكر العبد له فسواء قيل ذكري كتابي او كلامي او نداي او نحو ذلك فان المسمى واحد. وان كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به فلابد من قدر زائد على تعيين المسمى مثل ان يسأل عن القدوس السلام المؤمن. وقد علم انه الله لكن مرادهما معنى كونه سلاما مؤمنا ونحو ذلك. اذا عرف هذا فالسلف كثيرا ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه. وان كان فيها من صفة ما ليس بالاسم الاخر كمن يقول احمده والحاشر والماحي والعاقب هو الحاشر والماحي والعاقب قدوس هو الغفور الرحيم. اي ان المسمى واحد لا ان هذه الصفة هي هذه الصفة. ومعلوم ان هذا ليس اختلاف تضاد كما يظن بعض الناس مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم. وقال بعضهم هو القرآن اي اتباعه لقول النبي صلى الله عليه في حديث علي الذي رواه الترمذي ورواه ابو نعيم من طرق متعددة هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وقال بعضهم هو الاسلام لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النواس ابن سمعان الذي رواه الترمذي وغيره ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبة وعلى جنبتي الصراط سوران. وفي السورين ابواب مفتحة وعلى الابواب سطور مرخاة اعني يدعون فوق الصراط وداع يدعو على رأس الصراط. قال فالصراط المستقيم هو الاسلام والسوران حدود الله والابواب المفتحة محارم الله والداعي على رأس الصراط كتاب الله. والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن. فهذا القولان متفقان لان دين الاسلام هو اتباع القرآن ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الاخر كما ان لفظ الصراط يشعر وصف ثالث وكذلك قول من قال هو السنة والجماعة وقول من قال هو طريق العبودية وقول من قاله وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وامثال ذلك فهؤلاء كلهم اشاروا الى ذات واحدة لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها بعد بين المصنف رحمه الله وقوع الاختلاف بين السلف في التفسير وحقق قلته فيما مضى وذكره من حال الصحابة والتابعين اخبر ان الاختلاف الواقع بينهم عامته اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. والفرق بينهما ان اختلاف التنوع هو الذي يصح فيه القولان معا. ويمكن الجمع بينهما هو الذي يصح فيه القولان معا ويمكن الجمع بينهما. واما اختلاف التضاد فهو الذي لا يصح فيه القولان معا ويمتنع الجمع بينهما. واختلاف التنوع صنفان اثنان الاول ان يعبر عن المعنى بالفاظ متعددة فيعبر كل فيعبر كل واحد من المتكلمين في التفسير بعبارة غير عبارة صاحبه. تدل على معنى في المسمى غير المعنى الاخر. مع اتحاد المسمى وقد وصفه رحمه الله تعالى بقوله بمنزلة الاسماء المتكافئة التي بين والمتباينة والمراد بالمتكائب والمراد بالاسماء المتكافئة التي اتحدت فيها الذات الاسماء التي اتحدت فيها الذات واختلفت فيها الصفات المخبر عنها. واسماء الله الحسنى تندرج في هذا الباب وكذلك اسماء الرسول صلى الله عليه وسلم واسماء القرآن كلها من هذا الجنس اذ ترجع الى ذات واحدة في كل اسم من تلك الاسماء معنى ليس في الاسم الاخر. وهذا الصنف ثلاثة اقسام تلتقط من كلام المصنف رحمه الله ها هنا. اولها تفسير الكلمة بالمعنى المراد منها تفسير الكلمة بالمعنى المراد منها مما وضعت له لغة او شرعا. وثانيها تفسير الكلمة بالمعنى الذي تضمنته. وثالثها تفسير كلمة بمعنى من المعاني الثابتة لها طريق اللزوم مثاله تفسيرهم للصراط المستقيم. فمن قال هو الاسلام فهذا تفسير للكلمة بالمعنى المراد منها الذي وضعت له شرعا. لحديث النواس الذي ذكره المصنف وفيه قوله صلى الله عليه وسلم فالصراط المستقيم هو الاسلام وهذا الحديث رواه الترمذي بسند فيه ضعف لكن رواه احمد بسند حسن. ومن قال هو طريق العبودية فهذا تفسير للكلمة بالمعنى الذي تضمنته فان الاسلام طريق العبودية. ومن قال هو القرآن فهذا تفسير للكلمة بمعنى من المعاني الثابتة لها بطريق اللزوم. اذ كيف تقام القدم على طريق العبودية الا باتباع القرآن الكريم. وفيه حديث علي الذي ذكره المصنف وهو عند الترمذي باسناد ضعيف. نعم قال رحمه الله تعالى الصنف الثاني ان يذكر كل منهم من الاسم العام بعض انواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه. مثل سائل اعجمي سأل عن مسمى لفظ الخبز فاري رغيفا وقيل هذا اشارة الى نوعها ذا لا الى هذا الرغيف وحده. مثال ذلك ما نقل في قوله ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عباده فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات. فمعلوم ان الظالم لنفسه يتناول ضيع للواجبات والمنتهكة للمحرمات. والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات. والسابق يدخل فيه من فتقرب بالحسنات مع الواجبات. فالمقتصدون هم اصحاب اليمين والسابقون اولئك المقربون. ثم ان كلا منهم يذكر هذا في نوع من انواع الطاعات كقول القائل السابق الذي يصلي في اول الوقت والمقتصد الذي يصلي في اثنائه والظالم لنفسه الذي يؤخر عصرائيل الاصفرار او يقول السابق والمقتصد قد ذكرهم في اخر سورة البقرة فانه ذكر المحسن بالصدقة والظالم باكل الربا والعادل بالبيع والناس في الاموال اما محسن واما عادل واما ظالم. فالسابق المحسن باداء مستحبات مع الواجبات. والظالم اكل الربا مانع الزكاة والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وامثال هذه الاقاويل. فكل قول فيه ذكر نوع داء في الاية انما ذكرني تعريف المستمع بتناول الاية له وتنبيهه به على نظيره. فان التعريف بالمثال قد يسهل اكثر من التعليم بالحج المطابق والعقل السليم يتفقن للنوع كما يتفطن اذا اشير له الى رغيف فقيل له هذا هو الخبز. وقد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم هذه الاية نزلت في في كذا لا سيما ان كان المذكور شخصا كاسباب النزول المذكورة في التفسير كقولهم ان اية الظهار نزلت في في امرأة اوس ابن الصامت. وان اية لعان نزلت في عويمر العجلاني او هلال ابن امية وان اية الكلالة نزلت في جابر ابن عبد الله. وان قوله وان احكم بينهم بما انزل الله نزلت في بني قريظة والنظير وان قوله ومن يولهم يومئذ دبره. نزلت في بدر وان قوله شهادة بينكم اذا احدكم الموت نزلت في قضية تميم الداري وعلي بن بدر وقول ابي ايوب رضي الله عنه ان قوله ولا تلقوا الى التهلكة نزلت فينا معشر الانصار الحديث. ونظائر هذا كثير مما يذكرون انه نزل في قوم من المشركين بمكة او في من اهل الكتاب اليهود والنصارى او في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا ان حكم الاية مختص باولئك الاعيان دون غيرهم فان هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الاطلاق. والناس وان تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه ام لا فلم يقل احد من علماء المسلمين ان عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين. وانما غاية ما يقال انها تختص ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ. والايات التي لها سبب معين ان كانت امرا او نهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته. وان كانت خبرا بمدح او ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الاية فان العلم بسبب يورث العلم بالمسبب. ولهذا كان اصح قولي الفقهاء انه اذا لم يعرف ما نواه الحالف ارجع الى سبب يمينه وما هيجها واثارها. وقولهم نزلت هذه الاية في كذا يراد به تارة انه سبب سبب النزول ويراد به تارة ان هذا داخل في الاية وان لم يكن السبب كما تقول عنها بهذه الاية كذا وقد تنازع العلماء في قول الصاحب نزلت هذه الاية في كذا وهل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي انزلت لاجله او يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند. فالبخاري يدخلهم في المسند وغيره لا يدخله في المسند. واكثر المسانيد على هذا الاصطلاح مسند احمد وغيره بخلاف ما اذا ذكر سببا نزلت عقبه. فانهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند. واذا عرف هذا فقول احدهم نزلت في كذا لا ينافي قول الاخر نزلت في كذا اذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال واذا ذكر احدهم لها سببا نزلت لاجله وذكر الاخر سببا فقد يمكن صدقهما بان تكون نزلت عقب تلك الاسباب او تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب. وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير. تارة لتنوع الاسماء والصفات وتارة لذكر بعض انواع المسمى واقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الامة الذي يظن انه مختلف ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للامرين. اما لكونه مشتركا في اللغة كلفظ قسورة. الذي يراد به الرامي به الاسد ولفظ عسعس الذي يراد به اقبال الليل وادباره. واما لكونه متواطئا في الاصل الياء. واما لكونه تواطئا في الاصل لكن المراد به احد النوعين او احد الشيئين كالضمائر في قوله فكان قال حسين او ادنى وكلفظ والفجر وليال عشر والشفع والوتر وما اشبه ذلك. فمثل هذا قد به كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك. فالاول اما لكون الاية نزلت مرتين فاريد بها هذا تارة وهذا تارة واما لكون اللفظ المشترك يجوز ان يراد به معنياه اذ قد جوز ذلك اكثر فقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من اهل الكلام واما لكون اللفظ متواطئا فيكون عاما اذا لم يكن لتخصيصه موجب فهذا النوع اذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني ومن الاقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافا. ان يعبروا عن المعاني بالفاظ متقاربة لا مترادفة. فانك ترادف في اللغة قليل واما في الفاظ القرآن فاما نادر واما معدوم. وقل ان يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من اسباب اعجاز القرآن. فاذا قال القائل يوم تمور السماء نورا ان المور هو الحركة كان تقريبا اذ المور اذ المور حركة خفيفة سريعة. وكذلك اذا قال الوحي اعلام او قيل اوحينا اليك انزلنا اليك او قيل وقضينا الى بني اسراء اي اعلمنا وامثال ذلك فهذا كله تقريب لا تحقيق. فان الوحي هو اعلام سريع خفي. والقضاء اليهما خص ومن الاعلام فان فيه انزالا اليهم وايحاء اليهم والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته ومن ومن هنا غلط ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض. كما يقولون في قوله لقد ظلمك بنعجتك الى نعاجه اي مع نعاجه الى الله اي مع الله ونحو ذلك ما قاله نحات البصرة من التضمين. فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها الى نعاجه. وكذلك قوله وان كادوا عن الذي اوحينا اليك ضمن معنى يزيغونك ويصدونك. وكذلك قوله ونصرناه من القوم الذين كذبوا باياتنا ضمن معنى نجيناه وخلصناه. وكذلك قوله يشرب بها عباد الله امنا يروى بها ونظائره كثيرة. ومن قال لا ريب لا شك فهذا تقريب. والا فالريب فيه اضطراب وحركة كما قال دع ما يريبك الى ما لا يريبك. وفي الحديث انه مر بضبي فقال لا يريده احد فكما ان اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة. ولفظ الشك وان قيل انهم يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل عليه. وكذلك اذا قيل ذلك الكتاب هذا القرآن فهذا تقريب لان المشار اليه وان كان واحدا فالاشارة بجهة الحضور غير الاشارة بجهة البعد والغيبة. ولفظ الكتاب يتضمن من كونه مكتوبا مضموما ما لا يتضمنه لفظ القرآن من كونه مقروءا مظهرا باديا. فهذه الفروق موجودة في القرآن فاذا قال احدهم ان تغسل اي تحبس. وقال الاخر ترتهن ونحو ذلك لم يكن من اختلاف التضاد. وان كان المحبوس وقد يكون مرتهنا وقد لا يكون اذ هذا تقريب للمعنى كما تقدم وجمع السلف في مثل هذا نافع جدا لان مجموع عباراتهم ادلوا على المقصود من عبارة او عبارتين ذكر المصنف رحمه الله تعالى الصنف الثاني من اختلاف التنوع الواقع بين السلف وهو ذكر بعض الافراد على سبيل التمكين وهو ذكر بعض الافراد على سبيل التمثيل. وينقسم الى اربعة اقسام. تلتقط من كلام المصنف رحمه الله. اولها ان يكون اللفظ عامة. ويذكر كل واحد منه فردا دون اخر. الثاني قولهم الاية نزلت في كذا وكذا. ولا سيما اذا كان المذكور شخصا الثالث ما يكون فيه اللفظ محتملا للامرين ما يكون فيه اللفظ محتملا للامرين اما لكونه مشتركا في اللغة واما كونه متواطئا في الاصل. الرابع ان يعبروا عن المعاني بالفاظ متقاربة لا مترادفة. فاما الاول فظاهر ومنه المثال الذي ذكره المصنف في تفسير قوله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا الاية فان المصنف رحمه الله تعالى ذكر كلاما للسلف رحمهم الله وكل واحد منهم يخبر عن فرد من الافراد التي ترجع الى المعنى العام. فكل واحد منهم جاء ببعض ما يتناوله اللفظ العام واما الثاني وهو قولهم هذه الاية نزلت في كذا وكذا فليعلم ان الالفاظ بها عن سبب النزول تنقسم الى ثلاثة اقسام. اولها ما كان نصا وهو الصريح. والمراد به ما لا يحتمل كقول سبب نزول هذه الاية كذا وكذا. الثاني ما كان ظاهرا وهو المحتمل لوجهين لكن احدهما اظهر من الاخر. كقول كان كذا وكذا فانزل الله قوله ويذكر اية او سورة. وثالثها اكان مجملا وهو ما يرد عليه احتمالات لا يترجح احدها على الاخر كقول نزلت هذه الاية في كذا وكذا. وهذا الثالث هو المراد عده في اقسام الصنف الثاني من اختلاف التنوع. فهو متجاذب بين السببية والتفسير دينية فيمكن ان يكون المراد عده سببا. ويمكن ان يكون المتكلم قد اراد به تفسير الاية. وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى الاشارة الى الاختلاف في عد الاحاديث الواردة في سبب النزول اهي من المسند ام لا؟ وتحقيق المقام هو ان ما كان طريحا او ظاهرا وهما القسمان الاولان فهو من جملة المسند اتفاقا. وانما وقع التنازع فيما جاء مجملا ففيه قولان لاهل العلم فمن اهل العلم من يجريه مجرى التفسير ولا يدخله في المسند ومنهم من يدخله في المسند. وهذه طريقة ابي عبدالله البخاري وعليها عامة المسانيد كمسند الامام احمد وانتصر ابو عبدالله الحاكم بهذا وابن القيم رحمه الله تعالى مذهب اوسع من ذلك. ذكره في اعلام الموقعين وبيناه في الاملاء النظير على شرح مقدمة التفسير للعلامة ابن عثيمين. واما الثالث وهو ما يكون اللفظ فيه محتملا امرين اما لكونه مشتركا في اللغة او متواضعا في الاصل فالمراد بالمشترك ما اتحد لفظه وتعدد معناه. كالعين. يراد الالة الباصرة والذات والنقد فكل هؤلاء يسمى عينا والمتواطؤ هو اللفظ الدال على معنى كلي في افراده على قدر متوافق بينهم. ككلمة انسان فان هذه الكلمة تدل على افراد متعددين. كزيد وعمرو. ومعنى الانسانية معنى كلي موجود في كل فرد من افراده على حد متوافق بينهم هم جميعا. فما كان من المشترك وصح حمله على معانيه كلها هذا ان يفس ان تفسر الاية بهذه المعاني كلها. واما اللفظ المتواطئ انه يبقى على عمومه ما لم يخصصه موجب. واما الرابع وهو ان يعبروا عن الالفاظ بمعان متقاربة لا مترادفة فان الترادف في اللغة قليل وهو في الفاظ القرآن اما نادر او كما قال المصنف وتوسيع القول بالترادف يذهب جمال اللغة وكمالها ولغة العرب مبنية على الجمال والجلال. والمختار ان كل لفظ عبر به عن ذات ففيه معلن زائد عن غيره من الالفاظ. ولا سيما في الصفات فمثلا اذا قيل في وصف السيف هو مهند صارم حسام. فهذه الالفاظ وان اشتركت في الدلالة على ذات واحدة هي الالة المعروفة الا ان الاسم الاول وهو المهند دال على نسبته الى بلاد الهند لمدح السيف الهندي والاسم الثاني وهو الصالم فيه معنى الصرم. وهو القطع والاسم الثالث وهو الحسام فيه معنى الحسم. وامضاء الامر. ومن هنا غلط من غلط كما ذكر المصنف رحمه الله ممن تكلم في معاني القرآن من اهل العربية فجعل بعض الحروف تقوم مقام بعض لانه اعمل ها هنا الترادف. فطرد الترادف حتى في الحروف وجعل كل حرف بمنزلة النائب عن غيره في المعاني كما هو مذهب جمهور الكوفيين من النحاة والتحقيق هو مذهب البصريين. الذين ذكروا التظمين. والمراد بالتظمين ان تكون الكلمة دلت على معنى وضمنت معنى اخر اياه. ففيها زيادة على المعنى الاول. كما مثل رحمه الله فيما ذكر من امثلة ولاجل الوقوف على المعنى التام في اية من الاية فانه لا غنى عن عن مطالعة كلام السلف رحمهم الله في تفسير القرآن الكريم. ومن ظن انه يفسر القرآن على الوجه الاتم دون فزع الى كلامهم فقد غلط حتما وهذا وجه قول المصنف رحمه الله وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا لان مجموع عباراتهم ادلوا على المجموع من عبارة او عبارتين. فمنشأ العناية بجمع كلام السلف وما وقع بينهم من الاختلاف الراجع الى اختلاف التنوع على الوجه الذي ذكرناه مما يرجع الى الصنفين متقدمين هو ان تحصيل المعنى الاتم لا يكون الا بذلك. فانهم كانوا لله اتقى وبمعاني العربية اعلم. وفيهم سلامة القصد وحسنه وقوة وكلامه مما لم يبلغه اكثر من جاء بعدهم. نعم قال رحمه الله تعالى ومع هذا فلابد من اختلاف محقق بينهم كما يوجد مثل ذلك في الاحكام. ونحن نعلم ان عامة ما يضطر اليه عموم الناس من الاختلاف معلوم. بل متواتر عند العامة او الخاصة. كما في عدد الصلوات مقادير ركوعها ومواقيتها. وفرائض الزكاة ونصبها وتعيين شهر رمضان والطواف والوقوف ورمي الجمال والمواقيت وغير ذلك ثم ان اختلاف الصحابة في الجد والاخوة وفي المشاركة ونحو ذلك لا يوجب ريبا في جمهور مسائل الفرائض بل مما يحتاج اليه عامة الناس وهو عمود النسب من الاباء والابناء والكلالة من الاخوة والاخوات ومن نسائهم فان الله انزل في الفرائض ثلاث ايات منفصلة. ذكر في الاولى الاصول والفروع. وذكر في الثانية الحاشية التي ترث بالفرظ كالزوج وولد الام وفي الثالثة الحاشية الوارثة بالتعصيب وهم الاخوة لابوين او لاب واجتماع الجد والاخوة واجتماع الجد والاخوة نادر. ولهذا لم يقع في الاسلام الا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. والاختلاف قد يكون لخفاء والذهول عنه وقد يكون لعدم سماعه. وقد يكون للغلط في فهم النص وقد يكون الاعتقاد معارض راجح المقصود هنا التعريف بمجمل الامر دون تفاصيله. لما حقق المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف وجود اختلاف التنوع بين السلف في التفسير ذكر ان الاختلاف الذي وقع بينهم على وجه التضاد محقق ايضا. كما في الاحكام فالسلف قد اختلفوا في التفسير اختلاف تنوع وهذا هو الاكثر. واختلفوا فضاد وهذا قليل. وهذا الاختلاف بينهم نظير اختلافهم في باب احكام فانهم قد اختلفوا في باب الاحكام اعني الامر والنهي اختلاف تضاد فمنه من يرى ان في الاحكام شيئا على وجه الجواز ويقابله اخر فيراه على وجه الحرمة. ثم نبه المصنف رحمه الله في اخر كلامه الى منشأ الاختلاف فقال والاختلاف قد يكون من خفاء الدليل والذهول عنه وقد يكون لعدم سماعه وقد يكون للغلق في فهم النص وقد تكون الاعتقاد معارض راجح. انتهى كلامه. وهذا طرف مما يتصل بمعرفة لاسباب الاختلاف الواقعة قدرا مما اوجب اختلاف العلماء رحمهم الله في اقوالهم. وللمصنف رحمه الله تعالى رسالة نافعة اسمها رفع المنام عن الائمة الاعلام. بسط فيها العبارة فيما تعلقوا بهذا المقام. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى فصل في نوعي الاختلاف في التفسير المستند الى النقل والى طريق الاستدلال. الاختلاف في التفسير على نوعين منهما مستنده النقل فقط ومنهما يعلم بغير ذلك اذ العلم اما نقل مصدق واما استدلال محقق. والمنقول اما عن المعصوم واما عن غير المعصوم. والمقصود بان جنس المنقول سواء كان عن المعصوم او غير المعصوم وهذا هو النوع الاول فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف. ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا الى الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه. والكلام فيه من فضول الكلام واما ما يحتاج المسلمون الى معرفته فان الله تعالى نصب على الحق فيه دليلا. فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب في لون كلب اصحاب الكهف وفي البعض الذي ضرب بهم قتيل موسى من البقرة. وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك. فهذه الامور طريق العلم بها النقل فما كان من منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى انه الخضر فهذا معلوم. وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن اهل الكتاب كالمنقول عن كعب ووهب ومحمد ابن اسحاق وغيرهم ممن يأخذ عن اهل الكتاب فهذا الا يجوز تصديقه ولا تكذيبه الا بحجة؟ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا صدقوهم ولا تكذبوهم فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه. وكذلك ما قيل عن بعض التابعين وان لم يذكر انه اخذه عن اهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض اقوالهم حجة على بعض وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس اليه اسكن مما نقل عن بعض التابعين لان احتمال ان يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم او من او من او من بعض من سمعه منه اقوى. ولان نقل الصحابة من ولان نقل الصحابة عن اهل للكتاب اقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب بما يقوله كيف يقال انه اخذه عن اهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم المقصود ان مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الاقوال فيه هو كالمعرفة لما يروى من الحديث. الذي لا دليل على وامثال ذلك. واما القسم واما القسم الاول الذي يمكن معرفة الصحيح منه. فهذا موجود فيما يحتاج اليه ولله الحمد فكثيرا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي امور منقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء. صلوات الله عليهم والنقل الصحيح يدفع ذلك بل هذا موجود فيما مستنده النقل وفيما قد يعرف بامور اخرى غير النقل المقصود ان المنقولات التي يحتاج اليها في الدين قد نصب الله الادلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره ومعلوم ان المنقول في التفسير كالمنقول في المغازي والملاحم. ولهذا قال الامام احمد رحمه الله ثلاثة امور ليس لها اسناد. التفسير والملاحم المغازي ويروى ليس لها اصل اي اسناد. لان الغالب عليها المراسيل مثل ما يذكره عروة بن الزبير والشعبي والزهري وموسى ابن عقبة وابن اسحاق ومن بعدهم كيحيى ابن سعيد الاموي والوليد ابن مسلم والواقدي ونحوهم في المغازي. فان اعلم الموازي اهل المدينة ثم اهل الشام ثم اهل العراق. فاهل المدينة اعلم بها لانها كانت عندهم. واهل الشام واهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم. ولهذا عظم الناس كتاب ابي اسحاق الفزاري. الذي صنفه في ذلك وجعلوا الاوزاعي اعلم بهذا الباب من غيره من علماء الانصار. واما التفسير فان اعلم الناس به اهل مكة لانهم اصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن ابي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من اصحاب ابن عباس فطاووس وابي الشعثاء وسعيد ابن جبير وكذلك اهل الكوفة من اصحاب عبد الله ابن مسعود. ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم. وعلماء اهل المدينة في التفسير مثل زيد ابن اسلمة الذي اخذ عنه مالك التفسير واخذه عنه ايضا ابنه عبدالرحمن وعنه عبد الله ابن وهب والمراسيل اذا عن تد طرقها وخلت عن المواطأة قصدا او اتفاقا بغير قصد كانت صحيحة قطعا. فان النقل اما ان يكون صدقا مطابقا للخبر واما ان يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب او اخطأ فيه فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صدقا بلا ريب. فاذا الحديث جاء من جهتين او جهات وقد علم ان المخبرين لم يتواطؤوا على اختلاقه وعلم ان مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقا بلا علم انه صحيح مثل شخص يحدث عن واقعة جرت ويذكر تفاصيل ما فيها من الاقوال والافعال. ويأتي شخص اخر قد علم مع انه لم يواطئ الاول في ذكر مثل ما ذكره الاول من تفاصيل الاقوال والافعال في علم قطعا ان تلك الواقعة حق في الجملة انه لو كان كل منهما كذب بها عمدا او اخطأ لم يتفق في العادة ان يأتي كل منهما بتلك التفاصيل. التي تمنع العادة فاق الاثنين عليها بلا مواطئة من احدهما لصاحبه. فان الرجل قد يتفق ان ينضم بيتا وينضم الاخر مثله. او يكذب كذبة الاخر مثلها اما اذا انشأ قصيدة طويلة ذات فنون على قافية وروي. فلم تجري العادة بان غيره ينشئ مثلها لفظا انا مع الطول المفرط بل يعلم بالعادة انه اخذها منه. وكذلك اذا حدث حديثا طويلا فيه فنون وحدث اخر بمثله فانه اما ان يكون وطأه عليه او اخذه منه او يكون الحديث صدقا. وبهذه الطريق يعلم صدق عام ما تتعدد جهاته المختلفة عليه العادة يعني الامر الغالب. وقد يحرم قد يخرم كان الشيخ رحمة الله عليه البشير الابراهيمي كان من بواقع المتأخرين في الحفظ. فمرة هو احد علماء جمعية المسلمين الجزائرية. فمرة كما حدثني الشيخ عمار قناطرة وكان حاضر جاءهم شاعر الجمعية وهو احد علمائها ونسيت اسمه الان وهو مشهور. فانشدهم قصيدة قال انا انشأت قصيدة وانشأ قصيدة طويلة. فضحك البشير الابراهيمي. فقال ليش اضحك يا شيخ فقال هذه القصيدة لي. قال كيف لك؟ قال لي بان تمسك ورقتك الان اسمع مني فاتى بها كاملة. كاملة اتى بها. فاسقط في يده قال والله يا شيخ انا كاتبها ما عندي حادث. فضحك الشيخ البشير وقال له لا انا هذي حفظتها وكان مشهور والسر والله واعلم في قوة حفظه انه ابتدى رياضة الحفظ وعمره تقريبا اربع سنوات. فحفظ شيئا كثيرا لا يوصف يعلم من طلعت ترجمته نعم. احسن الله اليك. قال رحمه الله تعالى وبهذه الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وان لم يكن احدهما كافيا اما لارساله واما لضعف ناقله. لكن مثل هذا لا تضبط به الالفاظ الدقائق التي لا تعلم بهذه الطريق بل يحتاج ذلك الى طريق الى طريق يثبت بها مثل تلك الالفاظ والدقائق. ولهذا اذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وانها قبل احد بل يعلم قطعا ان حمزة وعليا وابا عبيدة برزوا الى عتبة وشيبة والوليد وان علي من قتل الوليد وان حمزة قتل قرنة ثم يشك في قرنه هل هو عتبة ام شيبة؟ وهذا الاصل ينبغي ان يعرف فانه اصل نافع في الجزم كثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من اقوال الناس وافعالهم وغير ذلك. ولهذا اذا روي الحديث الذي ففيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين مع العلم بان احدهما لم يأخذه عن الاخر جزم بانه حق. لا سيما اذا علم ان نقلته ليسوا ممن يتعمد الكذب وانما يخاف على احدهم النسيان والغلط. فان من عرف الصحابة كابن مسعود وابي ابن كعب وابن عمر رضي وابن عمر وجابر وابي سعيد وابي وابي هريرة رضي الله عنهم وغيرهم علم يقينا ان الواحد من هؤلاء اي لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فضلا عن من هو فوقهم. كما يعلم كما يعلم ما يعلم الرجل من حال من جربه. كما يعلم الرجل كما يعلم الرجل من حال من وخبره خبرة باطنة تصحيح الكتب. علة من العلل. يقول للشيخ بكر رحمه الله تعالى عن احد كتبه قال عرضته على مئة واحد في مراجعته وتصحيحه اما طباعة واما نصا ومنهم جماعة من اعضاء هيئة كبار العلماء يقول وبعد ان طبع الكتاب ونحن راجعناه مئة يقول طبع وفيه خطأ في اية قرآنية يقول من الايات المشهورة. لان الله ابى ان تكون الصحة الا لكتاب. نعم قال رحمه الله تعالى كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة انه ليس ممن يسرق اموال الناس ويقطع الطريق ويشهد بالزور ونحو ذلك. وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة فان من عرف مثل ابي صالح السمان والاعرج وسليمان ابن يسار وزيد ابن اسلم وامثالهم علم قطعا انهم لم يكونوا ممن يتعمدوا الكذب في الحديث. فضلا عن من هو في فوقهم مثل محمد ابن سيرين والقاسم ابن محمد او سعيد ابن المسيب او عبيدة السلماني او علقمة او الاسود او نحوهم. وانما على الواحد من الغلط فان الغلط والنسيان كثيرا ما يعرض للانسان ومن الحفاظ من من قد عرف الناس بعده عن ذلك جعدا ومن الحفاظ من قد عرف الناس بعده عن ذلك جدا كما عرفوا حال الشعبي والزهري وعروة وقتادة والثوري وامثالهم لا سيما الزهرية في زمانه والثورية في زمانه. فانه قد يقول القائل ان ابن شهاب الزهري لا يعرف له غلط من كثرة مع كثرة حديثه وسعته وسعة حفظه. والمقصود ان الحديث الطويل اذا روي مثلا من وجهين مختلفين من غير مواطأة عليه ان يكون غلطا كما امتنع ان يكون كذبا. فان الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وانما يكون في بعضها فاذا روى هذا قصة طويلة متنوعة ورواها الاخر مثلما رواها الاول من غير مواطئة امتنع الغلط في جميعها كما امتنع الكذب في جميعها من غير هذا الذي ذكره للفائدة. قال ومن الحفاظ من قد عرف الناس بعده عن ذلك جدا كما عرفوا حال الشعبي والزهري هذا يفيد في زيادة الامام احمد في حديث من اتى عرافا فسأله فصدقه. فان هذه الزيادة تفرد بها احمد كما مر معنا عن يحيى بن سعيد الانصاري وخالفه ثلاثة. فحكم بعض اهل العصر بشذوذها. مع ان الامام احمد رحمه الله تعالى لم يذكر له خطأ في الحديث. فمثل هذا الكلام مما يبين ان من الحفاظ من اشتهر بعدم الغلط. فلا ينبغي المبادرة الى تغليطه نعم قال رحمه الله تعالى فانه قد يقول القائل ان ابن شهاب الزهري لا يعرف له غلط مع كثرة الحديث لهذا انما يقع وصلنا اليه وصلنا اليه. ولهذا انما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث اجتراء النبي صلى الله عليه وسلم البعير من جابر رضي الله عنه فان من تأمل طرقه علم قطعا ان الحديث صحيح وان كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن وقد بين ذلك البخاري في صحيحه فان جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بان النبي صلى الله عليه وسلم قال لان غالبه من هذا النحو ولانه قد تلقاه اهل العلم بالقبول والتصديق والامة لا تجتمع على خطأ. فلو كان الحديث كذبا في نفس الامر والامة مصدق مصدقة له قابلة لكانوا قد اجمعوا على تصديق ما هو في نفس الامر كذب. وهذا اجماع على الخطأ وذلك ممتنع. وان كنا نحن بدون الاجماع نجوز الخطأ او الكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل ان نعلم الاجماع على العلم الذي ثبت بظاهر او قياس ظني او يكون الحق في الباطن بخلاف فيما اعتقدناه فاذا اجمعوا على الحكم جزمنا بان الحكم ثابت باطنا وظاهرا. ولهذا كان جمهور اهل العلم من جميع الطوائف على ان خبر الواحد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له او عملا به انه يوجب العلم وهذا هو الذي ذكره المصنفون في اصول الفقه من اصحاب ابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد الا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من اهل الكلام انكروا ذلك ولكن فكثيرا من اهل الكلام او اكثرهم يوافقون الفقهاء واهل الحديث والسلف على ذلك. وهو قول اكثر الاشعرية كاب اسحاق وابن فورك اما ابن معنا البارح ان خبر الاحاد يقبل يدل ليس يقبل يكون دالا على العلم النظري انه للظن ويكون دانا على العلم نظري اذا اقترنت به قليلا. ما هي القرينة في كلام شيخ الاسلام ما الجواب؟ ها يا هاني؟ احسنت تلقي الامة بالقبول تصديقا له او عملا به. نعم قال رحمه الله تعالى واما واما ابن الباقلاني فهو الذي انكر ذلك وتبعه مثل ابي المعالي وابو حامد وابن عقيل وابن الجوزي وابن الخطيب والامدي ونحو ذلك ونحو هؤلاء. والاول هو الذي ذكره الشيخ ابو حامد وابو الطيب وابو اسحاق وامثاله ومن ائمة الشافعية وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وامثاله من المالكية وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي وامثاله من الحنفية وهو الذي ذكره ابو يعلى وابو الحسن ابن الزاغوني وامثالهم من الحنبلية. واذا كان الاجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار في ذلك باجماع اهل العلم بالحديث. كما ان الاعتبار بالاجماع على الاحكام باجماع اهل العلم بالامر والنهي والاباحة والمقصود هنا ان تعدد الطرق مع عدم التشاعر او الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول لكن هذا ينتفع به كثيرا في علمها احوال الناقلين وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيء الحفظ وبالحديث المرسل ونحو هذا ونحو ذلك. ولهذا كان اهل العلم يكتبون ان مثل هذه الاحاديث ويقولون انه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره. قال احمد رحمه الله قد اكتب حديث الرجل ومثل ذلك بعبدالله بن لهيعة قاضي مصر. فانه كان من اكثر الناس حديثا ومن خيار الناس لكن بسبب احتراق كتبه في حديثه المتأخر غلط فصار فصار يعتبر بذلك ويستشهد به. وكثيرا ما يقترنه ووليت ابن سعد والليث حجة ثبت الامام وكما انهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ. فانهم ايضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الظابط اشياء تبين غلطه فيها بامور يستدلون بها ويسمون هذا علم علل الحديث. وهو من اشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط ثم غلط فيه وغلطه فيه عرف اما بسبب ظاهر. كما عرفوا ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وانه صلى وانه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراما وكونه لم يصلي مما وقع فيه الغلط وكذلك انه اعتمر اربع عمر وعلموا ان قول ابن عمر رضي الله عنهما انه اعتمر في رجب مما وقع فيه الغلط وعلموا انه تمتع وهو امن في حجة الوداع وان قول عثمان لعلي رضي الله عنهما كنا يومئذ خائفين مما وقع فيه وان ما وقع في بعض طرق البخاري رحمه الله ان النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا اخر مما وقع فيه الغلط وهذا كثير والناس في هذا الباب طرفان طرف من اهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث واهله لا يميز بين الصحيح الضعيف فيشك في صحة احاديث او في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند اهل العلم به. وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة او رأى حديثا باسناد ظاهره الصحة يريد ان يجعل ذلك من جنس ما جزم اهل العلم حتى اذا عارض الصحيح المعروف اخذ يتكلف له التأويلات الباردة او يجعله دليلا في مسائل العلم مع ان اهل العلم بالحديث يعرفون ان مثل هذا غلط وكما ان على الحديث ادلة يعلم بها انه صدق وقد يقطع بذلك فعليه ادلة يعلم بها انه كذب بذلك مثل ما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من اهل البدع والغلو في الفضائل مثل حديث يوم عاشوراء وامثاله مما فيه ان من صلى ركعتين كان له كاجر كذا وكذا نبيا. وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة فانه موضوع باتفاق اهل العلم. والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع. والواحدي صاحبه كان ابصر منه بالعربية لكن هو ابعد عن السلامة واتباع السلف والبغوي تفسيره مختصر عن الثعلب لكنه صان تفسيره عن الاحاديث الموضوعة والاراء المبتدعة والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الاحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة وحديث علي رضي الله عنه الطويل في صدقه بخاتمه في الصلاة فانه موضوع باتفاق اهل العلم. ومثل ما روي في قوله ولكل قوم في ولكل قوم هاد انه علي وتعيها اذن واعية اذنك يا علي بعد ان بين المصنف رحمه الله جريان الاختلاف بين السلف في التفسير وان عامته من اختلاف التنوع وذكر انواعه عقد هنا فصلا رام فيه الايقاف على اسباب الاختلاف في التفسير. والكشف عن مساره ومنشأه فرده الى نوعين من الاسباب. نشأت منهما ظاهرة الاختلاف في التفسير الاول اسباب تتعلق بالنقل وهي المستندة الى الرواية والاثر. والثاني اسباب تتعلق بالاستدلال وهي المستندة الى الدراية والنظر. والنقل باعتبار من يعزى اليه نوعان اثنان احدهما النقل عن المعصوم. وهو النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود بالعصمة في هذا هل عصمة الخبر عن الله عز وجل؟ فان التفسير خبر عن الله تعالى والاخر النقل عن غير المعصوم وهو كل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم كما ان النقل باعتبار امكان ثبوته ينقسم الى قسمين اثنين. احدهم ما تمكن معرفة الصحيح منه والضعيف والاخر ما لا تمكن معرفة ذلك فيه. وهذا القسم الثاني عامته لا فائدة منه هو من فضول الكلام. واكثر ما فيه مأخوذ عن اهل الكتاب. والاصل في اخبارهم عن كتبهم ما ثبت في صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا امنا بالله وما انزل الينا الى اخر الاية. اما اللفظ الذي ذكره المصنف رحمه الله وعزاه الى الصحيح كما قال ثبت في الصحيح عن عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم الى اخر الحديث فهذا الحديث بهذا اللفظ ليس في الصحيح. وانما رواه احمد عن جابر رضي الله عنه واسناده ضعيف. وانما اللفظ الصحيح ما قدمناه انفا من قوله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا امنا بالله وما انزل الينا الى اخر الاية. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان المنقولات في التفسير الغالب عليها المراسيل كالمغازي وانما كثر الارسال في بابي التفسير والمغازي لانهما من باب النقل العام الذي لا يحوج الى نقل خاص في كل فرد من افراده. واذا كان الامر عاما لم يحتج فيه الى نقل خاص. فغلب في كلام السلف ارسال الاحاديث في التفسير والمغازي. بناء على اصل علمهم وهو كونهما من النقل العام الذي لا يختص بشيء معين. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى راتب الناس في العلوم ومن جملة ذلك مراتبهم في علم التفسير. فبين رحمه الله تعالى ان اعلم الناس في تفسيره الصدر الاول هم اهل الحجاز. مكة والمدينة. فاهل مكة اصحاب ابن عباس كمجاهد وطاووس كمجاهد وطاووس وعطاء وعكرمة وغيرهم واهل المدينة هم اهل الدار الذين نزل فيها كثير من القرآن وفيهم منشأ الاسلام ومن علمائهم زيد ابن اسلم وعامة علمه عن ابن عمر وابي هريرة وابيه اسلم مولى عمر بن الخطاب وعطاء بن يسار وعنه اخذ ابنه عبدالرحمن وعن عبدالرحمن اخذ عبدالله بن وهب المصري. وكذلك اهل الكوفة من اصحاب ابن مسعود كعلقمة والاسود وابي وائل وعبد الرحمن ابن يزيد النخعي. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى قاعدة في تقوية المواسيل في تفسير وغيره اذا اقترنت بامور متى وجدت ادخلت تلك المواصيل في جملة صحيح وثبتت وتلك الامور ثلاثة. اولها تعدد تلك المراسيم وكثرتها فتكون اثنين فاكثر. الثاني تباين مخارجها اي اختلافها بحيث يغلب على الظن ان المخبر الاول ليس واحدا. فيكون احدها مرسل عن مدني والاخر مرسل عن شامي والثالث مرسل عن كوفي وهكذا. الثالث وجود معنى كلي يجمع بينها تتلاقى عليه. فمتى وجدت هذه الامور الثلاثة تقوت المراسيم وادخلت في جملة الثابت. والثابت حينئذ هو المعنى الكلي. فهو المحكوم بثبوته دون التفاصيل كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى. وبهذا الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات كما قال المصنف. لكن لا تظبط به الالفاظ والدقائق. فمثلا من المقطوع ان مجموع المراسيل في فتح مكة يدل على جملة من الامور منها وقوع فتح مكة في تلك السنة ومنها وقوع مقتلة في بعض النواحي في سرية خالد ابن الوليد. الى اخر تلك الاخبار. لكن تفاصيل ما وقع قد يعوز في بعض تلك المناحي الى نقل صحيح غير تلك المراسيم. وبه يعلم ان اثبات الاحكام الشرعية بناء على الوقائع المستفيضة بالنقل. في السيرة لا يصح لان نقل السيرة انما يثبت بمراسيله الاجمال دون تفاصيل الجمل واذا كانت تلك المعاني التي نقلت بوجه عام مخالفة لاصل مقرر في طرحت ولم يرفع اليها رأسا. لان النقل الخاص مقدم على النقل العام وهذا الاصل كما قال المصنف رحمه الله تعالى ينبغي ان يعرف فانه اصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في التفسير والحديث والمغازل فاثبات شيء من قول من هذا الطريق وهو المعنى العام هي طريقة المحققين من اهل العلم ما عليه متشددة اهل الحديث من المتأخرين الذين تفتقر عندهم جميع الاخبار الى نقل خاص فهذا مذهب حادث. جعل كثيرا منهم يضعف جملا من القصص المشهورة كخبر الطلقاء في فتح مكة وخبر قتل خالد بن عبدالله القسري للجهم بن صفوان وخبر طريق طارق طارق بن زياد للسفن واشباه هذه الاخبار التي لم يزل اهل العلم على تلقيها دون انكار جريا على قاعدتهم في الخبر العام التي تقدم ذكرها. وتعدد الاخبار مع تباين المخارج مما يقوى به الخبر ولا سيما اذا غلب ان المخبرين لا يتعمدون الكذب وانما يخشى عليهم النسيان والخطأ. وجمهور ما في البخاري ومسلم كما ذكر المصنف مما يقطع ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله لان غالبه من هذا النحو اي اخبر عنه رواة لا يتعمدون الكذب وانما قد يقع منهم الخطأ والنسيان وتلقاها اهل العلم بالقبول والتصديق والامة لا تجتمع على خطأ. ثم قال المصنف الله تعالى ولهذا كان جمهور اهل العلم من جميع الطوائف على ان خبر الواحد اي الاحاد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له او عملا به انه يوجب العلم لان من اهل العلم من المتكلمة من قال انه يوجب العلم. فالصحيح ان خبر الاحاد اذا احتف به شيء من القرائن المؤكدة افاد العلم ومن جملة القرائن ان تتلقاه الامة بالقبول تصديقا له او عملا به كما قال المصنف فالعمل يقع موقع التصديق له. وهذا واقع في بعض الامور التي نقلت في الامة وجرى العمل عليها. فيقطع بان هذا الخبر الذي تلقته الامة انه خبر صحيح كموسى لسعيد بن المسيب في خطبتي العيد مثلا فان هذا الامر قد استفاض في الامة في كلام الفقهاء من كل مذهب وعملا في المشرق والمغرب. ولا يعلم حدوث خلافه الا في هذا العصر فالمقطوع به ان من خالفه محدث لانه خالف خبرا الامة بالقبول في عملها. ومن يظن انه لا يوجد هذا في الاخبار فانه لا يعرف دين الله. ولكن من عرف دين الله يقطع ان في الامة اشياء ليس فيها نقل خاص وقضي فيها بالنقل العام منها ما ذكرت لكم في خطبتي العيد. ومنها موضع يدي المصلي في قيامه اهوى الصدر ام على سرته؟ فان هذا لا يوجد فيه نقل خاص صحيح عن النبي صلى الله الله عليه وسلم في الاحاديث المروية فيه ضعاف. والمنقول عن الصحابة رضوان الله عنهم والتابعين التوسعة فيه كما ذكره الترمذي في جامعه. فلكون الصحابة فلكون الصلاة امرا مشتهرا ظاهرا صار النقل العام فيها مغنيا عن نقل خاص. ولهذا فاني طلبت الاثار التي عزاها الترمذي الى الصحابة اذ نسب اليهم التوسعة فيها فلم اجد شيئا منها ولكن النقل العام للدين بلغه هذا فنقله الينا لان مذهب الصحابة بان مذهب الصحابة التابعين في هذه المسألة هو التوسعة في المحل وهو الحكم المناسب لرعاية النظر فان رعاية النظر تقتضي عند ملاحظة اختلاف احوال الناس في الطور والقصر وعكسها تقتضي التوسعة في ذلك. فان احوال الناس بما يلائم موضع اليدين من ما علا من اجسادهم يختلف من شخص الى اخر بحسب الحال التي ذكرنا. والمقصود كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان تعدد الطرق مع عدم التشاعر او الاتفاق في العادة يوجب العلم يوجب العلم بمضمون المنقول. والمراد بقول المصنف رحمه الله تعالى مع عدم التشاعر اي شعور بعضهم ببعض واطلاعه على قوله. وقد تصحفت هذه الكلمة في جميع النسخ المنشورة الى التشاور والذي في النسخة الخطية مع عدم التشاعر اي شعور بعضهم ببعض وهذا هو المعروف في هذا الباب عند علماء النقليات والعقليات. ونبه شيخ الاسلام ابن تيمية الى انه في مثل هذا ينتفع برواية المجهول وسيء الحفظ وبالحديث المرسل لان بعضها يقوي بعضا. وعلى هذا جرى عمل اهل الحديث فانهم يستشهدون ويعتبرون بالحديث الذي في راويه سوء حفظ ويقولون ان بعضها يقوي بعضا وكذلك هم يضعفون من حديث الثقة الصدوق ما تبين لهم فيه غلطه. فاهل الحديث من النقاد الجهابدة يقولون ان الاصل في خبر الضعيف ضعفه وقد يصح. وان الاصل في خبر الثقة قبوله وقد يرد لا كما عليه كثير من الناس اليوم ان كل ما جاء عن ضعيف ولو تعددت طرقه لا يتقوى وان كل ما جاء عن ثقة فهو صحيح وان كان له علة. واعتبار هذا الاصل وجدته في كلام القدماء من التابعين فمن بعدهم فضلا عمن نسب الى الحفظ في الحديث كاحمد ابن حنبل وعلي بن المديني وابي عبدالله البخاري فهو شبيه بكونه اصلا دينيا مطردا لا بكونه اصلا علميا مختصا بفئة من اهل العلم هم المحدثون. ولهذا ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الناس في هذا الباب طرفان ووسط فطرف من اهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث. يشك في صحة او القطع بها مع كونها معلومة مقطوعة كفقء موسى عليه الصلاة والسلام لعين ملك الموت لما جاء وهو في الصحيح في اخبار اخرى يلحقونها به. ويقابل هؤلاء قوم كلما وجدوا لفظا في حديث رواه ثقة باسناد ظاهر الصحة التزموا صحته. وقد يكون غلطا هذا كان من اشرف علوم المحدثين علم علل الحديث. لان علم لان علم علل الحديد هو في الاصل موضوع لحديث اتقان. وكما ذكر شيخ الاسلام رحمه الله في قوله كما ان على الحديث ادلة يعلم بها انه صدق وقد يقطع به فعليه ادلة يعلم بها انه كذب ويقطع بكذبه المصنف رحمه الله تعالى له كلام نافع في علامات الحديث الموضوع ذكره في منهاج السنة النبوية. ثم ذكر جملة منه تلميذه ابن القيم في المنال المنيف. وعسى ان يهيئ الله ان نقرأ كلامه في هذه السنة النبوية في برنامج منتخب الابواب والفصول. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الموضوعات في كتب التفسير كثيرة ومثل لها باحاديثها كقوله رحمه الله منها الاحاديث الكثيرة الصريحة في الجهل بالبسملة الى اخر ذكر وبه تعلم ان الحاجة ماسة الى رعاية الاخبار في التفسير من جهة انه لا يتشدد في نقدها. ثم يتفطن الى ما دس في التفسير من الموضوعات والاخبار الاسرائيليات. والحكم على مرويات التفسير لا يمكن على الة علم الحديث من معرفة الرواة وطرائق التعليم. بل يحتاج الى فهم دراك ونظر نافذ في طرائق التفسير. فان من كلامهم جملة ترجع الى تفسير القرآن بالوضع العربي. ومثل هذا لا يحتاج فيه الى نقل صحيح لا عن ابن عباس ولا عن ابن مسعود ولا عن ابي هريرة بل يكفي فيه النقل المستفيض العام في كلام العرب. ومن بواقع هذا العصر ان تجد من يضعف اثرا في التفسير عن احد هؤلاء الصحابة ثم ينقل من معاجم اللغة ما يوافق مؤداه وانما سوى هذا اللفظ بالكلام العربي. افيحتاج الى سند لتثبيت تفسير عربي عن رجل عربي بما تطابقت عليه معاجم العربية وما هذا الا الجهل بطرائق العلوم والبعد عن مخارجها ومصادرها التي تمد منها وترجع ويرجع اليها. ومن ادمن النظر في تصرفات الحفاظ الكبار العارفين في التفسير كبي جرير الطبري وابي الفداء ابن كثير وجد ان طريقته لا تستوي مع طرائق المتأخرين التي وضعوها وساروا عليها وافتروها وافترعوها واخترعوها ورضوا بها منهجا وهم يظنون بذلك انهم يصحبون انفسهم التدقيق والتحقيق وهم على الحقيقة بمعزل عنه. وهذا اخر ما يحتاج اليه من الشرح على هذه الجملة شرحا يبين موصده يفتح موصده ويبين مقاصده اللهم انا نسألك علما في يسر ويسرا في علم وبالله التوفيق