السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل الدين يسرا بلا حرج والصلاة والسلام على محمد بالحنيفية السمحة دون عوج وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج. اما بعد هذا شرح الكتاب التاسع من المرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته وهو كتاب مقدمة في اصول التفسير لشيخ الاسلام احمد ابن عبد الحليم ابن تيمية النميري رحمه الله وهو الكتاب التاسع في التعداد العام لكتب البرنامج وقد انتهى بنا القول الى قوله رحمه الله فصل في النوع الثاني الخلاف في التفسير من جهة الاستدلال. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين اما بعد قال شيخ الاسلام احمد ابن تيمية رحمه الله تعالى فصل في النوع الثاني الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال واما النوع الثاني من مستندي من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل فهذا اكثر ما فيه الخطأ من جهة حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان فان التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرزاق ووكيع وعبد ابن حميد وعبد الرحمن ابن ابراهيم دحيم تفسير الامام احمد واسحاق ابن راهويه وبقي ابن مخلد وابي بكر ابن المنذر وسفيان ابن عيينة وسنيد وابن جرير وابن ابي حاتم وابي سعيد الاشد وابي عبدالله ابن ماجة وابن مردويه. احداهما قوم اعتقدوا معاني ثم ارادوا حمل الفاظ القرآن عليها والثانية قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوء بمجرد ما يسوغ ان يريده بكلامه كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر الى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به. فالاولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر الى ما تستحقه الفاظ القرآن من الدلالة والبيان. والاخرون والاخرون مجرد اللفظ وما يجوز عندهم ان يريد به العربي من غير نظر الى ما يصلح للمتكلم به وسياق الكلام ان هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما ان الاولين كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى على الذي فسروا به القرآن كما يغلط في ذلك الاخرون وان كان نظر الاولين الى المعنى اسبق ونظر اخرين الى اللفظ اسبق والاولون صنفان تارة تعارة يسلبون لفظ القرآن وما دل عليه واريد به. وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به. وفي وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدوا نفيه او اثباته من المعنى باطلا فيكون خطأهم في الدليل والمدلول. وقد يكون حقا فيكون خطأهم في الدليل لا في المدلول. وهذا كما انه وقع في تفسير القرآن فانه وقع في تفسير الحديث. فالذين اخطأوا في الدليل والمد لمثل طوائف من اهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الامة وائمتها. وعمدوا الى القرآن فتأولوه على ارائهم تارة يستدلون بايات على مذهبهم ولا دلالة فيها وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم لما يحرفون به الكلمة عما ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم. وهذا مثلا فانه من اعظم الناس كلاما وجدالا. وقد صنفوا تفاسير على اصول مذهبهم مثل تفسير عبدالرحمن ابن كيسان الاصم شيخ إبراهيم شيخ إبراهيم ابن إسماعيل ابن علية الذي كان يناظر الشافعي ومثل كتاب أبي علي الجباري والتفسير الكبير من قاضي عبد الجبار ابن احمد الهم الهمداني والجامع لعلم القرآن لعلي ابن عيسى الرماني والكشف جبار ابن احمد ان كان بالدال فهو الهمداني. وان كان بالدال محرك الهمداني. بس هو اظنه بالدال فلابد ان يكون مسكرا وان كان بالدال فيكون محركا. نعم. والتفسير الكبير للقاضي عبدالجبار بن احمد الهمداني والجامع لعلم القرآن لعلي ابن عيسى الرماني. والكشاف لابي القاسم الزمخشري فهؤلاء وامثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة واصول المعتزلة خمسة يسمونها هم التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وانفاذ الوعيد والامر بالمعروف النهي عن المنكر وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك. قالوا ان الله لا يرى وان وان انا مخلوق وانه تعالى ليس فوق العالم وانه لا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا مشيئة ولا صفة من الصفات واما عدلهم فمن مضمونه ان الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها. ولا هو قادر عليها كلها بل عندهم افعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها. ولم يرد الا ما امر به شرعا وما سوى ذلك فانه يكون بغيب بمشيئته وقد وافقهم على ذلك متأخر الشيعة كالمفيد وابي جعفر الطوسي وامثالهما. ولابي جعفر هذا على هذه الطريقة لكن يضم الى ذلك قول الامامية الاثني عشرية فان المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلافة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. ومن اصول المعتزلة مع الخوارج انفاذ الوعيد في الاخرة. وان الله الا يقبل في اهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم احدا من النار. ولا ريب انه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية واتباعهم. فاحسنوا تارة واساءوا اخرى حتى صاروا في طرفي نقيض. كما قد بسق في غير هذا الموضع زي ما قرأ الاخ هنا غلط مكسورة الكاف من كلابية. نعم. والمقصود ان مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا الفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا من ائمة المسلمين لا في رأيهم ولا في مصيرهم وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة الا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين تارة من العلم بفساد قولهم وتارة من العلم لفساد ما فسروا به القرآن اما دليلا على قولهم او جوابا على المعارض لهم. ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحا يدس البدع في كلامه واكثر الناس لا يعلمون. لصاحب الكشاف ونحوه. حتى انه يروج على فانه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله. وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق وصولهم التي يعلمها التي يعلم او يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك ثم انه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الامامية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم فيما هو ابلغ من وتفاقم الامر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فانهم فسروا القرآن بانواع لا يقضي منها العالم عجبا. فتفسير الرافضة كقولهم تبت يدا ابي لهب تبت يدا ابي لهب وهما ابو بكر وعمر ولئن اشركت ليحبطن عملك اي بين ابي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في الخلافة. وامسكت في يد ابدا لاحظت سكوتك ولا لا انت؟ انا اعدت لان ما في ولا هب يا شيخ. وتب احسن الله نعم ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة هي عائشة. رضي الله عنها وقاتلوا ائمة الكفر طلحة والزبير ومرج البحرين علي وفاطمة رضي الله عنهما. واللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين رضي الله عنهما وكل شيء احصيناه في امام مبين. الوسطية. نعم احسنت طيب وش قلنا في طريقة قراءة الايات؟ تذكر اعد من فتك فتفسير الرافظة في قولهم السلام عليكم خلطها بتفسير يميزها يميزها انت احسن الله اليك قال رحمه الله تعالى فتفسير الرافضة كقولهم تبت يدا ابي لهب التفسير احيانا يكون منسبك كالجلالين فلا يلزم منه فعل هذا احيانا يكون منفصل مثل هذي يعني منفصلة. نعم. احسن الله اليكم فتفسير الرافضة كقولهم تبت يدا ابي لهب وهما ابو بكر وعمر وقوله لان اشركت ليحبطن عملك اي بين ابي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم بالخلافة. وقوله ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة. هي عائشة رضي الله عنها وقوله قاتلوا ائمة الكفر طلحة والزبير رضي الله عنهما وقوله مرج البحرين علي وفاطمة رضي الله عنهما وقوله اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين رضي الله عنهما وقوله وكل شيء احصيناه في امام مبين. في علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. وقوله عن النبأ العظيم. علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وقوله انما وليكم الله ورسوله والذين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. هو علي رضي الله عنه. ويذكرون الحديث الموضوع باجماع اهل العلم هو تصدقه بخاتمه في الصلاة وكذلك قوله اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة نزلت في علي رضي الله عنه لما اصيب بحمزة رضي الله عنه. ومما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار. ان الصابرين رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابو بكر والقانتين عمر والمنافقين عثمان والمستغفرين علي رضي الله عنهم. وفي مثل قوله محمد رسول الله معه ابو بكر رضي الله عنه وقوله هذا منصبك يا رسول الله اشداء على عمر رضي الله عنه وحماء بينهم عثمان رضي الله عنه تراهم ركعا سجدا. علي رضي الله عنه واعجب من ذلك قول بعضهم والتين ابو بكر رضي الله عنه والزيتون عمر رضي الله عنه وطور سنين رضي الله عنه وهذا البلد الامين علي رضي الله عنه. وامثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا ادل عليه بحال فان هذه الالفاظ لا تدل على هؤلاء الاشخاص بحال. وقوله تعالى والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا. كل ذلك نعت للذين معه وهي التي سميها النحات خبرا بعد خبر. والمقصود هنا انها كلها صفات لمنصوف واحد وهم الذين معه. ولا يجوز ان يكون كل منها مرادا به شخصا واحدا وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصرا في شخص واحد كقولهم ان قوله تعالى اوليكم الله ورسوله والذين امنوا اريد بها علي وحده. وقول بعضهم ان قوله والذي جاء بالصدق وصدق به اريد بها ابو بكر وحده. وقوله لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اريد بها ابو بكر وحده ونحو ذلك. وتفسير ابن عطية وامثاله اتبع للسنة والجماعة واسلم من البدعة من تفسير الزمخشري ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان احسن واجمل. فانه كثيرا ما من تفسير محمد ابن جرير الطبري وهو من اجل التفاسير المأثورة واعظمها قدرا. ثم انه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال ويذكر ما يزعم انه قول المحققين وانما يعني بهم طائفة من اهل الكلام الذين قرروا اصولهم بطرق من ما قررت به المعتزلة اصولهم وان كانوا اقرب الى السنة من المعتزلة. لكن ينبغي ان يعطى كل ذي حق حقه. ويعرف ان هذا من جملة التفسير على المذهب فان الصحابة والتابعين والائمة اذا كان لهم في تفسير الاية قول وجاء قوم وفسروا الاية بقول اخر صار لاجل مذهبه اعتقدوه وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم باحسان صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من اهل البدع من مثل هذا وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطأه. فالمقصود بيان طرق العلم وادلته وطرق السلام عليكم. فالمقصود بيان طرق طرق العلم وادلته وطرق الصواب. ونحن نعلم ان القرآن قرأه صحابته والتابعون وتابعوهم وانهم كانوا اعلم بتفسيره ومعانيه كما انهم اعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد اخطأ في الدليل والمتنون جميعا. ومعلوم انه كل من انه كل من قولهم له شبهة يذكرها اما عقلية واما سمعية كما هو مبسوط في موضعه. والمقصود هنا التنبيه على مسار الاختلاف في تفسير وان من اعظم اسبابه البدع الباطلة التي دعت اليها الى ان حرفوا التي دعت اهلها الى ان حرفوا الكلم عن مواضعه كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما اريد به وتأولوه على غير تأويله. فمن اصول العلم بذلك ان يعلم القول الذي خالفوه هو انه الحق وان يعرف ان تفسير السلف يخالف تفسيرهم وان يعرف ان تفسيرهم محدث مبتدع ثم ان يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الادلة على بيان الحق. وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيرهم من المتأخرين من جنس ما وقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره. واما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول. فمثل كثير من الصوف والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعان صحيحة. لكن القرآن لا يدل عليها. مثل كثير ممن ذكره ابو عبدالرحمن السلمي في حقائق التفسير وان كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة فان ذلك يدخل في القسم الاول وهو الخطأ في الدليل والمدلون جميعا حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا. ذكر المصنف رحمه الله ان النوع الثاني من مستندي وهو ما يرجع الى الاستدلال اكثر ما يقع فيه الخطأ من جهتين. الجهة الاولى تفسير القرآن بملاحظة لغة العرب. دون النظر الى المتكلم بالقرآن. والمنزل عليه والمخاطبة به اي مع قطع الخطاب عن متعلقاته. فان الخطاب القرآني له متعلقات عدة. منها المتكلم به وهو الله سبحانه وتعالى. ومنها المنزل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم. ومنها المخاطب به وهم العباد الذين كلفوا بالامر والنهي. واخصهم بذلك من شهدوا التنزيل. وهم الصحابة رضوان الله عنهم واهل هذه الجهة يقصرون النظر على البناء اللغوي فهؤلاء منتهى الالفاظ والمباني. والجهة الثانية تفسير القرآن بحمل الفاظه على معان تطردها المفسر واهل هذه الجهة همهم الحقائق والمباني. الحقائق والمعاني. وهؤلاء كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى صنفان الاول قوم يسلبون لفظ القرآن ما عليه واريد به. والثاني قوم يحملون لفظ القرآن. على ما ان يدل عليه ولم يرد به. وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدوا نفيه به او اثباته من المعنى باطل وقد يكون حقا وهؤلاء يخطئون تارة في الدليل والمدلول وتارة يخطئون في الدليل لا في فاما الذين يخطئون في الدليل والمدلول فهم الذين اشار اليهم المصنف رحمه الله تعالى بقوله فالذين اخطأوا في الدليل والمدلول مثل طائفة من اهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسط انتهى كلامه. واما من يقابلهم وهم الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول وقد ذكرهم مصنف رحمه الله بعد تطويل العبارة في الصنف الاول وذلك في قوله متأخرا واما الذين يخطئون في الدليل لا في في المديون فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعاني صحيحة الى اخر ما ذكره وهؤلاء يرجع غلطهم في تفسير القرآن بحمل الفاظه على معان يعتقدها المفسر وما من تفسير من هذه التفاسير الا ويعلم بطلانه من وجوه كثيرة كما ذكر المصنف. يجمعها جهتان اثنتان. اولاهما العلم بفساد قولهم. فيكون اصل مقالتهم فاسدا كمقالات المعتزلة والخوارج وغيرهم والجهة الثانية العلم بفساد ما فسروا به القرآن اما دليلا على قوله او جوابا على المعارض فلا يكون اصل قولهم فاسدا لكن المعنى الذي اعتقدوه في تفسير اية من الاية لا يكون صحيحا في تلك كالاية نفسها دون اصل المسألة. وهذا هو الفرق بين الجهتين. ففي الجهة الاولى يكون اصل المسألة فاسدة. واما في الجهة الثانية فتكون دلالة الاية على المعنى الذي توهموه فاسدة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اهل ان اهل الجهتين المتقدمتين يرجع غلقهم الى امرين. احدهما الغلق في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن. وهو اكثر عند اهل الجهة الاولى من الجهة الثانية. والاخر الغلب في احتمال اللفظ بما ذكروه من المعنى. وهو في اهل وهو اكثر عند اهل الجهة الثانية منه عند اهل الجهة الاولى وفي الجملة فان الامر كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من عدل عن مذهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل كان مبتدعا. ووجه خطأه في ذلك هو ان العلم بتفسير كتاب الله تعالى مبني على النقل اصلا فانه كلام الله عز وجل. وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم اما تفصيلا او اجمالا على ما تقدم بيانه ثم كان اصحابه رضوان الله عنهم هم اعلم الناس به. ثم اخذ جماعة من التابعين التفسير اي الصحابة فاذا عدل المفسر عن مذاهب الصحابة والتابعين في تفسير القرآن الكريم فلا ريب انه قد وقع بما يخالف فيه مراد صاحب الشريعة. وقد يبلغ به خطأه الابتداع. لانه اخبر عن كلام الله سبحانه وتعالى بما ليس له اصل وثيق. وعلم التفسير مرده اصلا الى الرواية عن الله كما سيأتي في الاثار في اخر الكتاب. وهو من جملة ما يذم من الرأي كما سيأتي في كلام المصنف في اخر رسالة. ثم نبه المصنف رحمه الله في اخر هذا الفصل ان هذه البلية التي وقعت في تفسير القرآن قد وقعت ايضا في الذين صنفوا شرح الحديث النبوي وتفسيره فان المتكلمين في تفسير الحديث حملوا الفاظ الحديث النبوي على معان اما باطلة في نفسها او مع ان صحيحة لكن لا يحتملها اللفظ النبوي. والكلام في تفسير الحديث اقل من العناية في الكلام على تفسير القرآن. ولهذا ابعد كثير من شراح الحديث النجعة وفارقوا جادة الصواب اذ عدلوا عن رعاية تتبع الروايات التي تفسر الفاظ الحديث وصار ديدانهم العناية بالبناء اللغوي في الاغلب. وقد عز كتاب فتح الباري للحافظ ابن رجب رحمه للحافظ ابن حجر رحمه الله لما له من العناية البالغة في تتبع الفاظ الحديث الواحد. فان الامر في تفسير الحديث كما قال الامام احمد ابن حنبل الله تعالى ان الحديث يفسر بعضه بعضا. ومعنى قول احمد هذا شيئان اثنان احدهما الالفاظ الزائدة في سياق متن من المتون فانها اذا ضمت الى اصل الحديث اعانت على فهمه. وثانيها الاحاديث المروية في الباب نفسه فان الاحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب من ابواب العلم يصدق بعضها بعضا. كما ان ايات الكتاب يصدق بعضها بعضا. فيستعان بتصديق بعضها بعضا على شرح الحديث المراد منها ووراء هاتين الجهتين جهة ثالثة خارجة عن ذات الحديث النبوي وهي النظر في تصرف الصحابة رضوان الله عنهم فيما يتعلق بمعناه فانه من المحال ان يقول النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ثم يتصرف فيه الصحابة علما او عملا على خلاف ظاهره المتبادل منه. بل ما صاروا اليه هو العلم المحقق. وما بعضهم من المعاني مما لم يتصرفوا فيه هو العلم المخرب. فان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اوعى لما قال واجرى على مقاصده صلى الله عليه وسلم في الكلام. فمن حمل مقاصد كلامه صلوات الله وسلامه عليه على ما لم يعرفه الصحابة رضي الله عنهم فانه من المقطوع به انه مخطئ في ذلك كما ادعاه جماعة من اهل الظاهر قديما وحديثا في قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مالك وغيره لا يمس القرآن الا طاهر وفسروا الطهارة بانها الطهارة من الكفر. ومعنى هذا الحديث لا يمس القرآن الا مسلم ورتبوا عليه ان من كان محدثا حدثا اصغر جاز له مس المصحف. وهذا التفسير الذي لقول النبي صلى الله عليه وسلم ما عرفه عمر ولا ابن عباس رضي الله عنهما اللذان صح عنهما ايجاب الوضوء عند مس القرآن وعدم جوازه على لمن كان محدثا حدثا اصلا هل يصح بعد ذلك ان يقال ان الطاهر ها هنا هو المسلم ثم يفسر ما يترتب عليه من حكم على ما ذكره بعض اهل الظاهر من المقطوع به ان هذا غلط. ولذلك فان العناية باثار الصحابة وان لم توجد فالعناية التابعين وان لم توجد فالعناية باثار التابعين وان لم توجد فالعناية باقوال اهل العلم من الحفاظ والائمة حققين هي اكبر عون على تفسير الحديث النبوي. ويأمن معها العبد من ابتداع معان جديدة. او ترجيك اقوال لا تعلق للحديث النبوي بها. وهذا الباب لم يرعى حق رعايته. لان شرح الحديث قديما وقليلا وقديما وحديثا العناية به قليلة. فلم يصنف احد في التنبيه الى مثل هذه المآخذ العزيزة. وعزة تصرف الحفاظ من الشراح في مثلها الا ما كان عند الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري من جهة تتبع الفاظي الحديث وما يروى في ما يروى في الباب وما كان عند الحافظ ابن رجب من نقل كلام الصحابة والتابعين واتباع في فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم. نعم قال رحمه الله تعالى فصل في احسن طرق التفسير. فان قال قائل فما احسن طرق التفسير؟ فالجواب ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان فانه قد فسر في موضع اخر. وما اختصر في مكان فقد بسق في موضع اخر فان اعياك ذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له. بل قد قال الامام ابو عبد الله محمد ابن عيسى الشافعي كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا للخائنين خصيما. وقال تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال تعالى وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الا اني اوتيت انا ومثله معه يعني السنة. والسنة ايضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا انها تتلى كما يتلى وقد استدل الامام الشافعي وغيره من الائمة على ذلك بادلة كثيرة. ليس هذا موضع ذلك. والغرض انك تطلب تفسير القرآن من فان لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن بما تحكم؟ قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. وهذا الحديث في المسانيد والسنن باسناد جيد حينئذ اذا لم تجد في التفسير في القرآن اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة. رجعت في ذلك الى اقوال الصحابة فانهم ادرى بذلك لما شاهدوه ومن القرائن والاحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم الائمة الاربعة الخلفاء الراشدين والائمة المهديين مثل عبد الله بن مسعود. قال الامام ابو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا ابو كريب قال انبأنا جابر بن نوح قال انبأنا الاعمش عن ابي الضحى عن مسروق قال عبدالله يعني ابن مسعود والذي لا اله غيره ما نزلت اية من كتاب الله الا وانا اعلم فيما نزلت. واين واين نزلت؟ ولو اعلم مكانا احد اعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لاتيته. وقال الاعمش ايضا عن ابي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه. قال كان الرجل منا اذا تعلم عشر ايات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن. ومنهم الحبر البحر عبدالله بن عباس بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن رضي الله عنه ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له. حيث قال اللهم فقهه في الدين وعلمه تأويل وقال ابن جرير حدثنا محمد ابن بشار قال انبأنا وكيع قال انبأنا سفيان عن الاعمش عن مسلم قال عبدالله يعني ابن مسعود قال نعمة ترجمان القرآن ابن عباس. ثم رواه عن يحيى ابن داوود عن اسحاق الازرق عن سفيان عن الاعمش عن مسلم ابن صبير ابي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال نعم الترجمان للقرآن ابن عباس ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن للاعمش به كذلك فهذا اسناد صحيح الى ابن مسعود انه قال عن ابن عباس رضي الله عنهم هذه العبارة وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح. وعمر بعده ابن عباس رضي الله عنهما ستا وثلاثين سنة. فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنه وقال الاعمش عن ابي وائل استخلف علي عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما عنهم على على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لاسلموا لهذا فان غالب ما يرويه اسماعيل ابن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم. ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من اقاويل اهل الكتاب التي اباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم. حيث قال بلغوا عني ولو المحدث عن بني اسرائيل ولا حرج. ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده مقعده من النار. رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ولهذا كان عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قد اصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب اهل الكتاب فكان يحدث منهما بما من هذا الحديث من الاذن في ذلك. ولكن هذه الاحاديث الاسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد. فانها على ثلاثة اقسام احدها ما علمنا صحته مما بايدينا مما يشهد له بالصدق فلا. فذاك صحيح. والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالف والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل. فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود الى امر ديني. ولهذا يختلف علماء اهل الكتاب في مثل هذا كثيرا. ويأتي يعني المفسرين خلاف بسبب ذلك. ما يذكرون في في مثل هذا اسماء اصحاب الكهف ولون كلبهم. وعدتهم وعصا موسى من الشجر كانت واسماء الطيور التي احياها الله تعالى لابراهيم. وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة. ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى الى غير ذلك مما ابهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا في دينهم ولكن ان نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز. كما قال تعالى سيقولون ثلاثة رابعون كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجلا بالغيب. ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي. اعلم بعدتهم مما يعلمهم الا قليل. فلا تناري فيهم الا مراءا ظاهرا. ولا تستفتيهم منهم ما حدا فقد اشتملت هذه الاية الكريمة على الادب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فانه تعالى اخبر عنهم في ثلاثة اقوال وظعف القولين الاولين وسكت عن الثالث فدل على صحته. اذ لو كان باطلا لرده كما ردهما. ثم ارشد الى ان دعا على عدتهم لا طائل تحته. فيقال في مثل هذا قل ربي اعلم بعدتهم. فانه لا يعلم بذلك الا قليل من الناس ممن اطلعه الله عليه فلهذا قال فلا تماري فيهم الا مراءا ظاهرا اي لا نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فانهم لا يعلمون من ذلك الا رجم الغيب. فهذا احسن ما يكون في الخلاف ان تستوعب الاقوال في ذلك في ذلك المقام. وان ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل. وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الاهم. فاما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب اقوال الناس فيها فهو ناقص اذ قد يكون الصواب في الذي تركه او يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبهه على الصحيح من الاقوال فهو وناقص ايضا فان صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب او جاهلا فقد اخطأ. كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته او حكى اقوالا متعددة اللفظ ويرجع حاصلها الى قول او قولين معا. فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو لابس ثوبي زور والله الموفق للصواب. هذا الفصل وما بعده انتقال الى اصل اخر تصل بتفسير القرآن وهو معرفة احسن طرق التفسير واصحها. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن. وتفسير القرآن بالقرآن نوعان. احدهما نص صريح كما قال تعالى والسماء والطارق. فانه الطارق فقال سبحانه وتعالى مستفهما لتعظيم شأنه وما ادراك ما الطارق ثم وبينه فقال النجم الثاقب. والثاني ظاهر مستنبط. كتفسيرنا النبأ في قوله تعالى عما يتساءلون عن النبأ العظيم انه القرآن. لقوله تعالى قل هو نبأ عظيم انتم عنه معرضون. فسياق الايات في سورة صاد يدل على انه القرآن فان اعياك ذلك فعليك بالسنة النبوية. وتفسير القرآن بالسنة نوعان اثنان الاول تفسير خاص معين كما ثبت في تفسير قوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا لا الضالين انهم اليهود والنصارى. والثاني تفسير عام غير معين وهو سنته صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقيرا. كقوله تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى الليل وقرآن الفجر. ان قرآن الفجر كان مشهودا. فجاءت السنة النبوية قولا وفعلا مواقيت الصلاة. فصار هذا تفسيرا للقرآن بالسنة على وجه الاجمال. واورد المصنف رحمه الله لتقرير المعنى من تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة حديث معاذ ابن جبل المشهور وهو حديث ضعيف عند قدماء الحفاظ ومن المتأخرين من قواه كالمصنف رحمه الله وتلميذاه ابن القيم وابن كثير رحمهما الله واذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت الى تفسير الصحابة رضوان الله عنهم وانما قدم الصحابة على غيرهم في تفسير القرآن لامرين اثنين. اولهما كمال فهومهمهم وصحة علومهم وزكاة نفوسهم وصلاح اعمالهم واحوالهم والثاني شهودهم التنزيل واطلاعهم على القرائن والاحوال المختصة به مما لم شاركهم فيها احد. فاذا نقل عنهم قول في تفسير اية لم فيها شيء اعلى من ذلك لا مما يتضمنه نص القرآن الصريح او وظاهره المستنبط او حديث مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فان تفسيرهم هو المعول عليه وما طرأ بعدهم من التفاسير فان نسبته الى الاحداث قوية كما ذكر العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ان تفسير قوله تعالى ما اتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما اتاهما. انهم المشركون من ذرية وحواء قال وهو من التفاسير المحدثة. انتهى كلامه. وانما نسبه رحمه الله الى الاحداث انه لم يعرف القول بذلك عن الصحابة رضوان الله عنهم. بل صح عنهم خلاف ذلك وان الاية في ادم وكما تقدم بيانه في شرح كتاب التوحيد. واولى الصحابة بتقديمهم في التفسير هم علماء الصحابة وخبراؤهم الاربعة الراشدين وعبدالله ابن مسعود وعبدالله ابن عباس رضي الله عنهم. وكلام عبد الله ابن مسعود وعبد الله ابن عباس رضي الله هما اكثر من كلام غيرهم من الصحابة. اكثر من كلام غيرهما من الصحابة حتى من الخلفاء الاربعة الراشدين ولاجل هذا اعتنى جمع من المفسرين بتكثير الطرق بل السدي في رواية التفسير عنهم حتى اشتهرت نسخ تفسيرية ترجع الى كل واحد منهما. بل السدي الكبير وهو اسماعيل ابن عبدالرحمن رحمه الله حشى تفسيره بكلام هذين الصحابيين وعادته الجمع بين تفسيرهما بسند واحد واسماعيل السدي قد انكر عليه جمع الطرق كما ذكر الامام احمد فانه يجمع الطرق ثم يقتصر على لفظ لا يبين لمن هو. فيتوهم ان هذه الطرق كافة هي بهذا اللفظ فوقع المنكر في حديثه المرفوع. والاصل ان ما رواه في التفسير عن هذين الصحابيين ثابت عنهما لانه نسخة تفسيرية واحد فالغالب الامن من الغلط فيها الا ان يوجد فيها ما يستنكر مما يخالف المعروف عنهما فحينئذ يقدح فيه بالعلة التي ذكرها الامام احمد رحمه الله تعالى من غلطه في الجمع بين الاسانيد والاقتصار على لفظ واحد. فيقع في الوهم في اللفظ المروي على هذا دون ذاك ومما ينبغي ان يلاحظ في تفسير الصحابة رضوان الله عنهم فمن بعدهم دخول الاسرائيليات في تفسيره لان من الصحابة فمن بعدهم حدث عن بعض اهل الكتاب والمراد بالاحاديث الاسرائيلية الاحاديث المأخوذة عن كتب اهل الكتاب دون غيرهم فما كان عن غيرهم فلا يندرج في هذا. فما يذكر في التفسير من احوال العرب في الجاهلية او قصص عاد وثمود واخبار العرب فهذا شيء يرجع الى نقل التاريخ العربي هؤلاء هم الرات تلك القبائل. فان العرب انتقلت من قبائلها البائدة الى الجراثيم التي بقيت من تلك العرب البائدة. فصارت العرب الباقية باسمائها وانسابها المعروفة عند اهل النسب فلا بد من ملاحظة هذا الاصل عند وجود شيء من قول عنهم في التاريخ العربي. فانه لا فيه الى تنقيد الاسانيد وفحص الرواة والتشدد في ذلك لان هذا من جملة تراث هؤلاء والاصل في تراثهم انهم حفظوه. وكانوا يتناقلونه ويعتنون به. ومن تأمل عنايتهم في لنقل اشعارهم وحفظها مما ملئت به كتب الادب والعربية عرف ان لهم حظا من ذلك في تاريخهم في الاحوال والقصة والاخبار المنقولة عن الامم السابقة. فما يقع من كلام بعض المتأخرين بان نقل هؤلاء عن الامم السابقة بينهم وبينه مفاوز فان ابن عباس وانسا وابا هريرة فضلا عن من دونه. كسعيد ابن جبير والشعبي ابن اجدع وعبد الرحمن الاعرج فظلا عن من دونهم كالاعمش وابراهيم النخعي وغيرهم لم يدركوا زمن تلك الامم ولكن هذا شيء من جنس التاريخ. الذي يكون من تراث الامة فتنقله بعد طبقة فلا يحتاج فيه الى نقل خاص واتصال بالاسناد. وعامة ما يذكر في تفسير الصحابة قوى الاسرائيليات دون التواريخ العربية. فان الاخبار العربية مما نقل عن الصحابة قليل وانما كثر هذا بعدهم. حتى نشأ الاخباريون الذين شهروا بجمع تاريخ العرب والتأليف فيه والاحاديث الاسرائيلية تذكر في التفسير للاستشهاد لا للاستشهاد لا للاعتذار وهذه قاعدة نافعة في المذكورات في كتب اهل العلم من المنقولات. فان المذكور في كتب اهل العلم ليس على قانون واحد بل قد يذكر تارة اعتظادا وقد يذكر استشهادا ومن عام دخول جملة من المرويين الموضوعة والشديدة الضعف في كتبهم المصنفة في التفسير والاعتقاد ثم عمد الى تنقيتها تحت دعوى الصحيح والثابت فانما اوتي من سوء فهمه لتصرفهم. فانهم لا يريدون ان كل ما ادخلوه هو حجة بنفسه وانما يريدون به تارة الاستشهاد والاعتضاد لا مطلق اعتقادي بما تضمنه. ولهذا اوردوا احاديث واثارا وقصصا يقطعونهم بضعفها كما وقع في كتاب التوحيد لابي بكر ابن خزيمة او تفسير ابن جرير الطبري او تفسير البغوي او غيرها من كتب اهل علم فاذا قال قائل من بعدهم انهم قد شانوا كتبهم وسودوها بما ادخلوا فيها من مثل هذه الامور فانه على الحقيقة قد شان مقالته بسوء فهمه. اذ فرقوا رحمهم الله بين مقامين اثنين احدهما مقام الاعتضاد والاخر مقام الاستشهاد. فتوسعوا توسعا عظيما وربما ادخلوا فيه اخبارا وحكايات عن البهاء بالعجماء لا يريدون ان تكون مستقلة في اثبات افصل المسألة بل هي تابعة لغيرها. فمن عابهم انهم اوردوا في اثبات علو الله احوال البهائم وحكايات الطيور فذلك لطمس بصيرته وقلة ادراكه لمآخذ العلم فانهم لاطباق الادلة العقلية والنقلية والفطرية على اثبات علو الله كان من جملة ذلك ما ادخل من هذه القصص والاخبار. وفهم العلم هو المرقاة الكبرى لادراكه. وليس المرقاة الكبرى لادراك العلم هو جمع الكتب. او كثرة الحفظ او الصدارة في التأليف او التعليم فان هذه لا تجدي على صاحبها شيئا اذا كانت محط نظره ومنتهى رغبته ولكن من اقبل بقلبه على الله سبحانه وتعالى وصدق في ابتغاء الحق وبذل الاسباب في ذلك وادمن سؤال الله سبحانه وتعالى والتضرع اليه فان الله عز وجل يفتح له فتوح العارفين وهيهيئ له اسباب الالهام ما لا يوجد عن غيره. فان الفتح بالعلم عند جذب القلوب اعظم من الفتح بالغيث عند جذب الارض. والمقصود ان تعرف ان الاحاديث الاسرائيلية هي من هذا الباب وانها تذكر للاستشهاد والاعتظاد لا للاعتقاد. وهي على ثلاثة اقسام كما ذكر المصنف رحمه الله احدها ما علمنا صحته لشاهد الصدق عندنا فذاك صحيح. والثاني ما علمنا كذبه بشاهد الكذب عندنا. والثالث هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه. وتجوز حكايته للاذن بذلك عنه صلى الله عليه وسلم اذ قال حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج. وغالب ذلك ليس فيه فائدة تعود الى امر ديني. ثم ختم رحمه الله هذا الفصل بذكر احسن ما يكون من الطرائق في حكايات الاختلاف. وان ذلك يكون باجتماع ثلاثة امور اولها استيعاب الاقوال المنقولة اولها استيعاب الاقوال المنقولة. وتانيها تصحيح الحق. وتزييف الباطل وثانيها تصحيح الحق وتزييف الباطل. وثالثها ذكر فائدة الخلاف. ذكر فائدة الخلاف وثمرته المترتبة عليه. والنقص الواقع في حكايات الاختلاف يرجع اليها. فمن حكى خلافا ولم يستوعب الاقوال يرجع الى المعنى الاول ومن حكى خلافا واطلق فلم ينبه على الصحيح فنقصه يرجع الى المعنى الثاني. فان صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب او جاهلا فقد اخطأ كما ذكر المصنف رحمه الله. ومن حكى خلافا لا فائدة تحته او عدد اقوالا مردها الى قول او قولين فنقصه يرجع الى المعنى التالت. ولو ان ابا الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى اعمل الامرين الاخيرين في كتابه زادوا المسير لكان كتابه من احسن لكنه يستوعب الاقوال غالبا دون عناية بتصحيح الصحيح وتزييف الباطن ولا بيان فائدة رجوع بعض الاقوال الى بعض. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى فصل في تفسير القرآن باقوال التابعين اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين كمجاهد ابن جبر. فانه اية في التفسير كما قال محمد بن اسحاق حدثنا ابان ابن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث عرضات من فاتحته الى خاتمته موقفه عند كل لاية منه واسأله عنها وبه الى الترمذي قال حدثنا الحسين ابن مهدي من بعده الى الترمذي. نعم وبه الى الترمذي. ايش صار السند وين السبب اين هو السبب محمد ابن اسحاق محمد ابن اسحاق قبل الترمذي بمئة سنة واكثر طيب يعني وبه يعني بالاسناد الماضي الى الترمذي هذولا كلهم قبلة الترمذي. ها خالد يعني قريب من الله يا ابراهيم احسنت هذا كلمة وبه الى الترمذي يقتضي كما قال الاخ وجود سند سابق. يصل الى الترمذي. اين هذا السند السابق الذي يصل الترمذي؟ اسند به شيخ الاسلام لا يوجد. ولذلك وضع هذه المقدمة على هذا التفسير وضع هذه المقدمة على هذا الوضع في النفس منه شك. لانه يلزم ان يكون هناك شيء يعود هذا الظمير. وهذا الذي يعود اليه الظمير موجود في قاعدة اخرى لشيخ الاسلام. اسمها قاعدة في فضائل القرآن. تمثل موضوع هذا الكتاب وقد شرحناها في برنامج الدرس الواحد الثامن وهي مقدمة املاها شيخ الاسلام قبل شروعه في التفسير. فالذي يظهر ان هناك تلفيقا بين تلك القاعدتين. لان نسخ المقدمة في الطبعة الاولى ذكر الشط وقال اهل الجزائر انهما الفا بين نسختين فيهما نقص فاخشى ان يكونا ادخل هذا في هذا. وقد جمعت بعض النسخ من النسخ الفقهية لكنها لا تشفي المراد حتى الان. نعم. قال رحمه الله تعالى وبه الى الترمذي قال حدثنا الحسين بن مهدي البصري قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال مجاهد ما في القرآن اية الا وقد سمعت فيها شيئا وبه اليه قال حدثنا ابن ابي عمر قال حدثنا سفيان ابن عيينة عن الاعمش قال قال مجاهد لو كنت كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم ان اسأل ابن عباس رضي الله عنهم عن كثير من القرآن مما سألت. وقال ابن جرير حدثنا ابو قال حدثنا طلق ابن غنام عن عثمان المكي عن ابن ابي مليكة قال رأيت مجاهدا سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير القرآن ومع الواحه؟ فيقول له ابن عباس رضي الله عنهما اكتب حتى سأله عن التفسير كله. ولهذا كان سفيان الثوري يقول اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به وكسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء ابن ابي رباح والحسن البصري ومسروق ابن الاجدع وسعيد ابن المسيب وابي عالية والربيع بن انس وقتادة والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر اقوالهم في الاية فيقعوا في عباراتهم تباين في الالفاظ. يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها اقوالا. وليس كذلك فان منهم من يعبر عن اي شيء بلازمه او نظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه. والكل بمعنى واحد في كثير من الاماكن فليتفطن اللبيب لذلك. والله الهادي وقال شعبة ابن الحجاج وغيره اقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني انها لا تكون حجة غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح. اما اذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة. فان اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك الى لغة القرآن او السنة او عموم لغة العرب او اقوال الصحابة في ذلك. فاما تفسير بمجرد الرأي فحرام. حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الاعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. وحدثنا وكيع قال حدثنا عن عبد الاعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم ان يتبوأ مقعده من النار وبه الى الترمذي قال حدثنا عبد ابن حميد قال حدثني حبان ابن هلال قال حدثنا سهيل اخو حزم القطعي صححوها نعم. حزم القطعي قال حدثنا سهيل اخو حزم القطعي قال حدثنا ابو عمران الجولي عن عن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ. قال الترمذي هذا الحديث غريب وقد تكلم بعض اهل الحديث في سهيل لابن ابي حزم وهكذا روى بعض اهل العلم عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انهم شددوا في ان يفسر القرآن بغير علم واما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من اهل العلم انهم فسروا القرآن فليس الظن بهم انهم قالوا في القرآن او فسروه بغير علم او من قبل انفسهم وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا انهم لم يقولوا من قبل انفسهم بغير علم. فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف فما لا علم له به وسلك غير ما امر به. فلو انه اصاب المعنى في نفس الامر لكان قد اخطأ. لانه لم يأتي الامر من بابه كمن كما بين الناس عن جهل فهو في النار. وان وافق حكمه الصواب في نفس الامر. لكن يكون اخف جرما ممن اخطأ والله اعلم وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين. فقال فاذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون. فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنا في نفس الامر. لانه اخبر بما لا يحل له الاخبار به تكلف ما لا علم له به والله اعلم. ولهذا تحرج تحرج الماية قال رحمه الله تعالى ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما روى كما روى شعبة وعن سليمان عن عبدالله بن مرة عن ابي معمر قال قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه اي ارض تقلني واي سماء تظلني اذا قلت في كتاب الله ما لم اعلم وقال ابو عبيد القاسم ابن سلام رحمه الله حدثنا محمد بن زيد عن العوام ابن حوشب عن ابراهيم التيمي ان ابا بكر الصديق ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه سئل عن قوله فاكهته وعبا. فقال اي سماء تظلني واي ارض تقلني ان انا قلت في كتاب الله ما لا اعلم منقطع وقال ابو عبيد ايضا حدثنا يزيد عن حميد عن انس ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر وفاكهة فقال هذه الفاكهة فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما هو الاب؟ ثم رجع الى نفسه فقال ان هذا لهو التكلف يا عمر وقال عبد ابن حميد حدثنا سليمان ابن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن انس قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي وفي ظهر قميصه اربع رقاع فقرأ وفاكهة وابا. فقال وما الاب؟ فقال فان هذا لهو التكلف فما عليك الا تدريه. وهذا كله محمول على انهما رضي الله عنهما انما اراد استكشاف اهية الاب والا فكونه نبتا من الارض ظاهر لا يجهل. لقوله تعالى فانبتنا ما فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونه ونخلا وحدائق غلبا. وقال ابن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن ايوب عن ابن ابي مليكة ان ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن اية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فابى ان يقول فيها اسناده صحيح. وقال ابو عبيد حدثنا اسماعيل ابن ابراهيم عن ايوب عن ابن ابي مليكة قال سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما عن عن قوله يوم يوم كان مقداره الف سنة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما فما قوله يوم كان مقداره خمسين الف سنة. فقال الرجل انما سألت لتحدثني؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما هما يومان ذكرهما الله في كتابه والله اعلم بهما فكره ان يقول فكره ان يقول في كتاب الله ما لا يعلم. وقال ابن جرير حدثني يعقوب ابن ابراهيم قال حدثنا ابن علية عن مهدي ميمون عن الوليد ابن مسلم قال جاء طلق ابن حبيب الى جندوب الى جندب ابن عبد الله فسأله عن اية من القرآن قال احرج عليك ان كنت مسلما لما قمت عني او قال ان تجالسني. وقال مالك عن يحيى ابن سعيد عن سعيد ابن المسيب عن سعيد بن المسيب انه كان اذا سئل عن تفسير اية من القرآن قال انا لا نقول في القرآن شيئا. وقال الليث عن يحيى ابن سعيد عن سعيد ابن المسيب انه كان لا يتكلم الا في المعلوم من القرآن. وقال شعبة عن عمرو ابن مرة قال سأل رجل سعيد ابن المسيب عن اية من القرآن فقال لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم انه لا يخفى عليه منه شيء. يعني عكرمة. وقال ابن مشوذب حدثني يزيد ابن ابي يزيد قال كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان اعلم الناس فاذا سألناه عن تفسير اية من القرآن سكت كان لم يسمع. وقال ابن جرير حدثنا احمد بن عبدة الضب قال حدثنا حماد بن زيد. قال حدثنا الله ابن عمر قال لقد ادركت فقهاء المدينة وانهم ليعظمون القول في التفسير. منهم سالم بن عبدالله ولقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع وقال ابو عبيد حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام بن عروة قال ما سمعت ابيت اول اية من كتاب الله قط وعن ايوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد ابن سيرين قال سألت عبيدة سلماني عن اية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعلمون فيما انزل. ذهب الذين كانوا يعلمون فيما انزل قال فاتق الله وعليك بالسداد. وقال ابو عبيد حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبيد الله ابن مسلم ابن يسار عن ابيه قال اذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده. حدثنا هشيم عن مغيرة عن ابراهيم قالت اصحابه يتقون التفسير ويهابونه. وقال شعبة عن عبدالله بن ابي السفر قال قال الشعبي والله ما من اية الا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله. وقال ابو عبيد حدثناه شيم قال انبأنا عمر بن ابي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال اتقوا التفسير فانما هو الرواية عن الله. فهذه الاثار الصحيحة وما شاكلها عن ائمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لاعلم لهم به. فاما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه. ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم اقوام في التفسير ولا منافاة لانهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه. وهذا هو الواجب على كل احد. فانه فان كما يجب السكوت عن ما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه. لقوله تعالى لتبينن انه للناس ولا تكتمونه. ولما جاء في الحديث المروي من طرق من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان عن ابي الزناد قال قال ابن عباس رضي الله عنهما التفسير على اربعة اوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر احد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه الا الله تعالى ذكره. والله سبحانه وتعالى اعلم. لما بين رحمه الله تعالى في الحصر المتقدم رد تفسير القرآن الى الكتاب والسنة واقوال الصحابة اتباعه بهذا المبين انه اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة رضوان الله عنهم وقد رجع كثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين. وقوله رحمه الله تعالى لقد رجع كثير من الائمة فيه اشعار بان اهل العلم مختلفون في الاعتداد بتفسير التابعين. فمنهم طائفة اعتمدوا تفسير التابعين ورأوه حجة ومنهم طائفة لم تعتد به ولا رأته حجة. فيكون قد اشار الى الخلاف بلفظ مستطرف مستظرف فقال لقد رجع كثير من الائمة بذلك الى اقوال التابعين رحمهم الله تعالى ولازموه ان كثيرا من الائمة لم يرجع الى اقوالهم في التفسير. واقوال التابعين في التفسير نوعان اثنان. الاول ما اتفق عليه فلم يختلفوا فيه. ولا يرتاب فيه انه حجة. والثاني اختلفوا فيه وحينئذ لا يكون قول بعضهم حجة على بعض. بل ولا على من بعدهم. ويلتمس الترجيح بامر خارجي. يشار اليه عند اهل التفسير باسم قرائن وقد اشار اليه المصنف في قوله ويرجع في ذلك الى لغة القرآن او السنة او عموم لغة العرب او الصحابة في ذلك فان هذه المذكورات من جملة المرجحات انتهى كلامه. ومما ينبغي ان يعلمه طالب والعلم انه ربما وقع في عبارات التابعين تباين في الالفاظ. يحسبه من لا علم عنده اختلافا. وهذا من جنس ما سبق وذكره من اختلاف التنوع وانهم قد يعبرون عن شيء واحد بالفاظ مختلفة او يعبرون عن شيء عام ببعض افراده وهذان الصنفان هما اللذان يرجع اليهما اختلاف التنوع الفاشي في كلام السلف كما سبق ذكره فقول المصنف رحمه الله فتذكر اقوالهم في الاية فتقع في عباراتهم تباين في الالفاظ من لا علم عنده اختلافا فيعطيها اقوالا الى اخره راجع الى ما سبق بيانه من جريان اختلاف التنوع في تفسير السلف رحمهم الله والاصل في تفسير التابعين انه مأخوذ بالنقل عن الصحابة كما ثبت عن جماعة منهم انهم تلقوا التفسير له عن الصحابة وسبق ان ذكر المصنف رحمه الله هذا عن مجاهد وانه عرض تفسيرا وانه عرض المصحف ثلاث مرات على ابن عباس يوقفه عند عند كل اية ويسأله عنها. وجاء هذا ايضا عن ابي الجوزاء الربعي رحمه الله انه جاور ابن عباس عشر سنين يسأله عن تفسير القرآن اية اية وسبق ذكر ذلك. وقد يتكلم التابعون في القرآن بالاستنباط والاستدلال كما اشار اليه المصنف رحمه الله تعالى في اول كتابه انهم تكلموا في فروع الاحكام استنباط واستدلال وتكلموا كذلك في تفسير القرآن بمثله. وانما حملهم على ذلك جريان مقالات ووقوع احوال دعتهم الى الاستنباط والاستدلال من القرآن لم تكن موجودة في الصدر الاول المتقدم عليهم من الصحابة رضي الله عنهم والى الاستنباط والاستدلال يشار في علم التفسير بقولهم التفسير بالرأي فان حقيقة الرأي ما يقتضيه النظر والاستدلال. مما يستنبط استنباطا. فاذا ذكر الرأي في التفسير فالمراد به ما كان مأخوذا بطريق الاستنباط والاستدلال. ورويت احاديث في التحذير من التفسير بالرأي لكنها احاديث ضعاف لا تصح. والمنقول عن السلف في تفسير القرآن بالرأي ثلاثة احوال او ثلاث احوال احداها تكلمهم به فانهم تكلموا في تفسير القرآن بالرأي في مواضع عدة لا يمكن جحدها. والثاني ذم تفسير القرآن بالرأي والثالث التحرج من اعمال الرأي في تفسير القرآن. ولا تعارض بينها بحمد الله فان احوال السلف في الغالب الاعم يمكن ارجاعها الى اصل واحد لمن هيأ الله عز وجل له فهما وذلك لصحة طريقتهم وسلامة جادتهم. فلاجل وثوق للمرجوع اليه عندهم في العلم والعمل امكن اعمال ما ذكرنا من قوة امكان الرد الى اصل واحد فيما يذكرون من علم ولا عمل. وما سبق ذكره من الاحوال الثلاث لا تعارض بينها بحمد الله فان الرأي له نوعان اثنان احدهما رأي صحيح محمود. رأي صحيح وهو ما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ. وهو ما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ والثاني رأي باطن مذموم وهو ما لم يقم عليه الدليل ولا احتمله اللفظ فالاول هو الذي تكلم به السلف. والثاني هو الذي ذموه وما لم يتبين لهم وجهه تحرجوا منه وعلى هذا يكون قول المصنف رحمه الله فاما تفسير القرآن بمجرد الرأي فمحرم على الرأي المذموم الباطل وهو ما لم يقم عليه دليل ولاحتمله اللفظ. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بقول ابن عباس في قسمة التفسير الى اربعة اقسام. اولها قسم تعرفه العرب في كلامها فالمرجع فيه الى اللسان العربي والثاني قسم لا يعذر احد بجهالته. لانه من العلم المنتشر الذي يحتاج اليه ولا يفتقر الى بيان خاص. في شرائع الايمان والاسلام الظاهرة من الصلاة والزكاة والصيام. والقسم الثالث قسم يعلمه العلماء. ويختص بهم دون غيرهم وهو في المحل الاعلى من التفسير. والقسم الرابع قسم لا يعلمه الا الله ومحله الحقائق لا المعاني فليس في القرآن لفظ مجهول معمى يعني خفي على الخلق جميعا بل يعلمه احد دون احد. لان القرآن عربي نزل على قوم عرب لكن حقائق ما فيه ومقاديرها فعلمها عند الله. كالخبر عن اسماء الله وصفاته او الامم السابقة او اهوال القيامة فليس في القرآن بحمد الله لفظ لا تعلمه الامة كلها لكن يعلمه احد دون احد. ولا يوجد في القرآن لفظ معمى وانما الذي يقال فيه لا يعلمه الا الله فهو حقائق الاشياء. فقوله تعالى مثلا اذا السماء انشقت نعرف معنى الانشقاق. اما كيفيته على وجه التفصيل فلا يعلم ذلك الا الله سبحانه وتعالى ومجموع ما تقدم في احسن طرق التفسير يتبين منه ان القرآن يفسر بالنزع من اصلين اثنين اولهما تفسير القرآن بالقرآن اولهما تفسير القرآن بالقرآن. وقد تقدم انه نوعان اثنان نص وظاهر والثاني تفسير القرآن بغيره تفسير القرآن بغيره وهو نوعان اثنان احدهما تفسيره بالنقل والاثر وهو تفسيره بالسنة واقوال الصحابة والتابعين والثاني تفسيره بالعقل والنظر. وهو مقتضاهما المستنبط استنباطا صحيحا مما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ وهو الرأي الصحيح المحمود. ويندفع بهذا التقرير الاشكال الواقع هل تفسير القرآن بالقرآن من جملة التفسير بالمأثور؟ ام من جملة بالرأي. ومن المعلوم ان اهل العلم جعلوا اسم الاثر على المنقول عن الصحابة والتابعين. بل منهم من يدخل المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في اسم الاثر ولكن لم يقع في كلام الاولين تسمية القرآن فلا يجعل من جملة التفسير بالمأثور قطعا. كما انه يمتنع ان يجعل تفسير القرآن بالقرآن في كل حال من التفسير بالرأي المذكور يمكن يمكن نفيه من اصله. بان يقال كما تقدم ان تفسير القرآن يكون بشيئين اثنين احدهما تفسير القرآن بالقرآن اي بنفسه وهو حينئذ نوعان اثنان نص وظاهر اي تفسير القرآن بغيره وهو نوعان تفسيره بالنقل والاثر وتفسيره بالعقل والنظر فيكون تفسيره بالنقل والاثر من الثاني هو المأثور. ويختص بالنقل والاثر عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ويكون تفسيره بالعقل والنظر هو تفسيره بالرأي المحمود. فيندفع الاشكال من اصله وانما وقعت هذه المسائل واشباهها في كتب علوم القرآن لان كثيرا من المصنفين فيها ليسوا على عقيدة اهل السنة في كلام الله عز وجل فهم لا يعتقدون ان القرآن كلام الله بل حكاية او عبارة عنه وانه ليس كذلك حروفه ومعانيه فاثر ترى هذا فيما تعلق بهذا الكتاب من العلوم فحرفوها عن وجهها بحسب ما حملتهم عليه معارفهم في باب الاعتقاد وبهذا ينتهي شرح هذا الكتاب على نحو مختصر يفتح موصده ويبين مقاصده اللهم انا نسألك علما في يسر ويسرا في علم وبالله التوفيق