السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي صير الدين مراتب ودراجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قاوس مولى عبدالله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال الراحل يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين متعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم اقراء اصول المتون وتبين معانيها الاجمالية ومقاصيها مقاصدها الكلية. ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منهم منتهون الى تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب العاشر من برنامج مهمات العلم في السنة الثامنة ثمان وثلاثين واربعمائة والف وهو كتاب المقدمة في اصول التفسير لشيخ الاسلام احمد بن عبدالحليم بن عبد السلام ابن تيمية النبي الحراني رحمه الله المتوفى سنة ثمان وعشرين وسبعمئة. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه شيخه وللمسلمين اجمعين. وباسنادكم حفظكم الله الى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه قال في كتابه مقدمة في اصول التفسير بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر واعن برحمتك الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا فهدي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما. اما بعد فقد سألني بعض الاخوان ان اكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز فيما نقول ذلك ومعقوله بين الحق وانواع الاباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بين الاقاويل فان الكتب المصنفة بالتفسير مشحونة بالغث والسمين والباطن الواضح والحق المبين. والعلم اما نقل مصدق عن معصوم. واما قول عليه دليل معلوم. وما سوى هذا فاما مزيف مردود واما موقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود وحاجة الامة ماسة الى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم. الذين تزيغ به الاهواء ولا تلتبس بهم الالسن ولا يخلق على كثرة الترديد. ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء. من قال به صدق ومن عمل به اجر ومن حكم به عدل ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم. ومن تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله قال تعالى فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى. قال رب لما حشرتني اعمى قد كنت بصيرا. قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وقال تعالى جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم. وقال تعالى كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط عزيز حميد الله الذي له ما في السماوات وما في الارض فقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به لمن نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط الله الذي لهما في السماوات والارض ما في الارض الا الى الله تصير الامور. وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من املاء الفؤاد الى سبيل الرشاد ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة ثم ثنى بالحمدلة ثم تلة بالشهادتين قارنا الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الاربع من اداب التصنيف اتفاقا. فمن استفتح كتابا استحب له ان يستفتحه بهن. ثم ذكر المصنف الحامل له على تقييد هذه الرسالة وانه ساله بعض الاخوان ان يكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية فمضمن الكتاب هو قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز في منقوله في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وانواع الاباطيل والتنبيه على الدليل للفاصل بين الاقاويل. وهذه القواعد الكلية المذكورة في هذا الكتاب من الناس من يسميها آآ اصول التفسير ومن الناس من يسميها قواعد التفسير. وهذه الرسالة وجدت غفلة من اسم تحمله فسماها ناشرها الاول من ال الشرط من علماء دمشق باسم المقدمة في اصول التفسير. ثم شاع الكتاب بهذا الاسم. ولم يسمه به مصنفه. وهو يصلح في غالبه ان يكون من جملة اصول التفسير. وفيه شيء من قواعد التفسير. والفرق بين عصور التفسير وقواعده ان اصول التفسير هي الاسس التي يبنى عليها ان اصول التفسير هي الاسس التي يبنى عليها. وقواعده هي الاثار الناشئة من استقرائه هي الاثار الناشئة من استقرائه فيستقرأ علم التفسير وتستخرج منه قواعده. فالاصول بمنزلة المقدمات. والقواعد بمنزلة النتائج فالاصول بمنزلة المقدمات والقواعد بمنزلة النتائج. والمذكور في هذا الكتاب اكثره مما يتعلق باصوله التفسير ثم ذكر رحمه الله ان موجب سؤال من سأله ان كتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والثمين والباطل الواضح والحق الامين. والحق مبين فيحتاج المشتغل بالتفسير الى ما يميز به بين حقه وباطله وسمينه ومما يعين على التمييز بينهما معرفة هذه القواعد الكلية الموصلة الى العلم به. ثم ذكر رحمه الله ان حقيقة العلم ترجع الى امرين ان حقيقة العلم ترجع الى امرين. احدهما نقل مصدق عن معصوم نقل مصدق عن معصوم اي محفوظ عن الخطأ والغلط. اي محفوظ عن الخطأ والغلط والاخر قول عليه دليل معلوم. قول عليه دليل معلوم. فاما ان يعلم كون الشيء مجزوما به معدودا من جملة العلم بطريق عم عالصومة واما ان يعلم بانه كذلك عن طريق قول عليه دليل معلوم وما عدا ذلك فانه مقسوم قسمين احدهما المزيف المردود. المزيف المردود اي المعلوم خطأه والاخر الموقوف الذي لا على تمييز رتبته الموقوف الذي لا اطلعوا على تمييز رتبته. وهذا معنى قوله موقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود والبهرج على زنة جعفر وهو الرديء المطرح والمنقود هو الصحيح الثابت. والمنقود هو الصحيح الثابت. وهما وصفان توصف بهما النقود عند معرفة صحيحها من فاسدها فيقال هذا دينار بهرج اي مزيف او هذا دينار منقود اي صحيح ثابت. ثم ذكر المصنف ان حاجة الامة ماسة الى فهم القرآن. فانتفاعها وحصول الهداية اية لها متوقف على فهم القرآن الكريم ثم ذكر رحمه الله اوصافا للقرآن الكريم مذكورة في حديث علي عند الترمذي وسيأتي لفظوه وفيه قوله رحمه الله الذي لا تزيغ به الاهواء اي لا تميل به الاهواء وقوله ولا تلتبس به الالسن. اي لا تختلط به الالسن وقوله ولا يخلق على كثرة الترديد. اي لا يبلى فتذهب جدته مع كثرة تكراره اي لا يبلى فتذهب جدته مع كثرة تكراره ثم ذكر ايات تبين الانتفاع بالاهتداء بالقرآن الكريم. نعم ثم ختم مقدمته ببيان ان هذه الرسالة المختصرة مكتوبة من املاء الفؤاد فكتبها رحمه الله باعتبار ما حضره وقيدها مما يستحضره من العلم. وقد ذكر ابن القيم في مدارج السالكين ان شيخ المصنف لما كان في السجن كتب اليه بمقدمة في تفسير القرآن فيشبه ان تكون هذه نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن يجب ان يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن كما بين لهم الفاظه. فقوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم نتناول هذا وهذا وقد قال ابو عبدالرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرؤون عن القرآن كعثمان ابن عفان وعبدالله ابن مسعود رضي الله عنهما وغيرهم انهم كانوا اذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ايات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. وقال انس رضي الله عنه كان الرجل اذا قرأ وال عمران جد في اعيننا وقام ابن عمر رضي الله عنهما على حفظ البقرة عدة سنين قيل ثمان سنين ذكره مالك وذلك ان الله تعالى قال كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وقال افلا يتدبرون القرآن وقال افلم القول وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن وكذلك قال تعالى فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد الفاظه. فالقرآن اولى بذلك. وايضا فالعادة تمنع ان يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب استشريحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ولهذا كان النزاع من الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا وهو ان كان في التابعين اكثر منه في الصحابة فهو قرين بالنسبة الى من بعدهم وكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه اكثر. ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة كما قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس رضي الله عنهما اوقفوا عند كل اية منه واسأله عنها. ولهذا قال الثوري اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي وغيرهما من اهل العلم وكذلك الامام احمد وغيره ممن صنف بالتفسير يكرر الطرق عن مجاهد اكثر من غيره والمقصود ان التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة وان كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك من استنباط والاستدلال كما في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال ذكر المصنف رحمه الله في هذا الفصل ان النبي بين لاصحابه رضي الله عنه هم القرآن. وبيانه صلى الله عليه وسلم القرآن نوعان احدهما بيان الالفاظ والمباني في صفة قراءتها. بيان الالفاظ والمعاني في صفة قراءتها والاخر بيان المقاصد والمباني في معرفة تفسيرها. بيان المقاصد والمباني في معرفة تفسيرها فبين النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم صفتا قراءة القرآن فتلقوه عنه على صفة معلومة. وبين لهم صلى الله عليه وسلم معاني فعلموا عنه تفسيره. وهما مذكوران في قوله تعالى فاذا قرأناه اتبع قرآنه ثمان علينا بيانا. اي قراءته وبيانه بالنظر الى الالفاظ والمباني وقراءته وبيانه بالنظر الى المقاصد والمعاني. فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظهما وتبليغهما الى النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الادم فتلقاها الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وبيان النبي صلى الله عليه وسلم معاني القرآن نوعان. وبيان النبي صلى الله عليه وسلم معاني القرآن نوعان احدهما البيان الخاص ويقصد به بيان الفاظ معينة من القرآن. بيان الفاظ معينة من من القرآن كالحديث المروي عند الترمذي في تفسير قوله تعالى وغير المغضوب عليهم ولا الضالين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضال اليهود مغضوب عليهم. والنصارى ضالون. فالحديث المذكور تفسير للفظ معينين من القرآن هما المذكوران في سورة الفاتحة في قوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين. والاخر البيان العام. البيان العام وهو سنته صلى الله عليه وسلم قولا وعملا فبين صلى الله عليه وسلم بسنته القرآن الكريم كما قال تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم. فيكون النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار البيان الخاص بين بعض امعاني الفاظ القرآن الكريم ان النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار البيان الخاص بين معاني بعض الفاظ القرآن الكريم وباعتبار البيان العامي بين جميع معاني القرآن الكريم. وبهذا اعلموا جواب سؤال شهير وهو هل فسر النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ام لا؟ وجوابه انه ان كان يراد به تفسير الالفاظ والمباني فان النبي صلى الله عليه وسلم فسر وفي الاحاديث المروية عنه بعضها. وان كان يقصد القرآن الكريم في اجمع فان النبي صلى الله عليه وسلم فسرها بما حفظ عنه من سنته. وتلقى اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القرآن عنه. اخذين له. جامعين بين الالفاظ والمباني وبيان المقاصد والمعاني. كما صح عن ابي الرحمن السلمي عند احمد وغيره باسناد حسن انه قال حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن الكريم. كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود انهم كانوا اذا اقترؤوا عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ايات لم يأخذوا في العشر الاخرى حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل اسناده حسن فكان الصحابة رضي الله عنهم يتلقون عن النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بنقل صفة قراءته في الفاظه ومبانيه. ويتلقون عنه صلى الله عليه وسلم معرفة تفسيره بالعلم بما فيه من علم وعمل. وذكر المصنف ما جاء في ذلك عن انس رضي الله عنه انه قال كان الرجل اذا قرأ البقرة وال عمران جد في اعينها اي عظم في اعيننا. رواه احمد واسناده صحيح واصله في مسلم معنى قوله قرأ البقرة وال عمران اي حفظها مع معرفة معانيها والعلم مثال بتفسيرها فكانوا يجمعون بين تلقي الالفاظ والمباني ومعرفة المقاصد والمعاني وقد ذكر المصنف ان ابن عمر اقام على حفظ البقرة بضع سنين. وقيل ثماني سنين وعزاه الى موطأ مالك وقد اخرجه بلاغا انه بلغه ان ابن عمر تعلم البقرة في ثمان سنين. هذا لفظ ما لك في موطأه انه ذكر القصة بلفظ تعلم لا بلفظ حفظ وهو لفظ يشتمل على الجمع حين تلقي المباني ومعرفة المعاني. والبلاغ غير متصل فانه لم يدرك ما لك ابن عمر وبينهما غالبا مولاه نافع. ومن هنا ذهب ابن القيم رحمه الله الى ان بلاغات مالك عن ابن عمر صحيحة. ذكره في زاد المعاد وان كان الاصل ان البلاغ لا يصح لاجل ما فيه من الانقطاع. وعند ابن سعد في الطبقات باسناد صحيح ان ابن عمر تعلم سورة البقرة في اربع سنين وهو اصح من خبر ثمان سنين. وطول المدة للجمع بين تلقي وتلقي المعاني فكان يتقن حفظها لفظا ويعرف تفسيرها معنى ثم ذكر المصنف رحمه الله ان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليل جدا لامرين ثم ذكر المصنف ان الخلاف النزاع بين الصحابة في التفسير خلاف جدا لامرين احدهما كلام كمال علومهم وسلامة بيانهم. كمال علومهم وسلامة بيانهم فالقرآن عربي وهم عرب والاخر وحدة الجماعة وقلة الاهواء وعدم التفرق. وحدة الجماعة وقلة الاهواء وعدم التفرق واليه ما اشار المصنف في قوله وكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه اكثر. ثمان التابعين رحمهم الله تلقوا التفسير عن الصحابة. ومنهم من تلقى التفسير كله. كما قال مجاهد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات اقف عند كل اية فاسأله فيما نزلت وفيما كانت. رواه الدارمي باسناد صحيح. وصح ايضا عن ابي الجوزاء انه جاور ابن عباس ثلاث عشرة سنة. وعرض المصحف وتلقى عنه تفسير القرآن الكريم. والمقصود ان التابعين تلقوا تفسير القرآن الكريم عن الصحابة. كما انهم تلقوا السنة عن الصحابة. وان كانوا قد كلمونا في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال اي لا بطريق النقل. لانهم تجددوا في ازمانهم من الاحوال ما لم يكن في زمن الصحابة. فاحتاجوا الى الكلام في معاني القرآن والاستدلال فوقع في كلامهم زيادة عن المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في اختلاف السلف في التفسير وانه اختلاف تنوع والخلاف بين السلف في التفسير قليل وخلافهم في الاحكام اكثر من خلافهم في التفسير وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع الى اختلاف تنوع لاختلاف تضاد وذلك صنفان احدهما ان يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى بمنزلة الاسماء التي بين المترادفة والمتباينة كما قيل في اسم السيف الصادم والمهند وذلك مثل اسماء الله الحسنى واسماء رسول الله صلى الله عليه سلموا اسماء القرآن فان اسماء الله كلها تدل على مسمى واحد فليس دعاؤه باسم من اسمائه الحسنى مضادا لدعائه باسم اخر بل ان الامر كما قال تعالى قل ادعوا الله وادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى. وكل اسم من اسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي الاسم كالعليم يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذات والقدرة والرحيم يدل على الذات والرحمة. ومن انكر دلالة اسمائه على صفاته ممن يدعي ظاهرة فقوله من جنس قول الغلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون لا يقال هو حي ولا ليس بحي بل ينفون عنه النقيضين فان اولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض كالمضمرات وانما ينكرون ما في اسمائه الحسنى من صفات الاثبات فمن وافقهم على مقصودهم كان مع دعواه الغلو في الظاهر موافقا لغلاة الباطنية في ذلك وليس هذا موضع بسط ذلك. وانما المقصود ان كل اسم من اسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته. ويدل ايضا على الصفة التي في الاسم الاخر بطريق اللزوم. وكذلك اسماء النبي صلى الله عليه مثل محمد واحمد والماحي والحاشر والعاقب. وكذلك اسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب وامثال ذلك فاذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه باي اسم كان اذا عرف مسمى هذا الاسم وقد يكون الاسم عدما وقد يكون صفة فمن يسأل عن قوله ومن اعرض عن ذكري ما ذكره. فيقال له هو القرآن مثلا او ما انزله من الكتب فان الذكر مصدر والمصدر تارة يضاف الى الفاعل وتارة المفعول واذا قيل ذكر الله بالمعنى الثاني كان ما يذكر به مثل قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. واذا قيل بالمعنى الاول كان ما يذكره هو وهو كلامه وهذا هو المراد في قوله ومن اعرض عن ذكري لانه قال قبل ذلك فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى وهداه وما انزله من الذكر. وقال بعد ذلك قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها والمقصود ان يعرف ان الذكر هو كلامه المنزل وهو ذكر العبد له فسواء قيل ذكر كتابه او كلامي او هداي او نحو ذلك فان المسمى واحد. وان كان السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به فلابد من قدر زائد على تعيين المسمى مثل ان يسأل عن القدوس القدوس السلام المؤمن منه وقد علم انه الله لكن مراده ما معنى كونه قدوسا سلاما مؤمنا ونحو ذلك اذا عرف هذا فالسلف كثيرا ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه وان كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الاخر. فمن يقول احمد والحاشر والماحي والقدوس هو الغفور الرحيم اي ان المسمى واحد لان هذه الصفة هي هذه الصفة. ومعلوم ان هذا ليس اختلافة ضاد كما يظنه بعض الناس. مثال ذلك سيروا من الصراط المستقيم فقال بعضهم هو القرآن اي اتباعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي رضي الله عنه الذي رواه الترمذي ورواه ابو نعيم من طرق متعددة وحبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم. وقال بعضهم هو الاسلام لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النواس ابن سمعان رضي الله عنه الذي رواه الترمذي وغيره ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران وفي السورين ابواب مفتحة وعلى الابواب وداع يدعو من فوق الصراط وداع يدعو على رأس الصراط. قال فالصراط المستقيم هو الاسلام والسوران حدود الله. والابواب المفتحة محارم الله على رأس الصراط كتاب الله والداعي فوق الصراط واعد الله في قلب كل مؤمن. فهذان القولان متفقان لان دين الاسلام هو اتباع القرآن ولكن كل منه ما نبه على وصف غير الوصف الاخر كما ان لفظ الصراط يشعر بوصف ثالث وكذلك قول من قال هو السنة والجماعة وقول من قال هو طريق العبودية وقول من قال هو طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وامثال ذلك فهؤلاء كلهم اشاروا الى ذات واحدة لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها لما بين المصنف رحمه الله وقوع الاختلاف بين السلف في تفسير القرآن وحق قلته عن الصحابة والتابعين اخبر ان عامة الاختلاف الواقع بينهم اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. فالاختلاف الجاري في التفسير نوعان. كالاختلاف الجار في التفسير نوعان احدهما اختلاف تنوع وهو الذي يصح فيه القولان معا ويمكن الجمع بينهم. وهو الذي يصح فيه القولان معا ويمكن الجمع بينهما. والاخر اختلاف تضاد. وهو الذي لا يصح فيه قولان معا ولا يمكن الجمع بينهم. وهو الذي لا يصح فيه القولان معا ولا يمكن بينهما. واكثر الواقع بين الصحابة والتابعين هو من النوع الاول وهو اختلاف التنوع. ثم بين المصنف ان اختلاف التنوع صنفان الاول ان يعبر عن المعنى الواحد بالفاظ متعددة. اي يعبر عن المعنى الواحد بالفاظ متعددة فيعبر كل واحد منهم بعبارة غير عبارة صاحبه كل واحد منهم بعبارة غير عبارة صاحبه. تدل على معنى في المسمى تدل على معنى في المسمى غير المعنى الاخر. مع اتحاد المسمى غير المعنى الاخر مع اتحاد وقد وصفه المصنف بقوله بمنزلة الاسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة. والمراد بالاسماء المتكافئة ما اتحدت فيها الذات واختلفت فيها ما اتخذت فيها الذات واختلفت فيها الصفات. ومنه كما ذكره المصنف اسماء الله الحسنى واسماء رسوله صلى الله عليه وسلم واسماء القرآن الكريم فان اسماءها وان اختلفت فانها ترجع الى ذات واحدة كونوا في كل اسم ما ليس في اسم الاخر من المعنى. وهذا الصنف ثلاثة اقسام وهذا الصنف ثلاثة اقسام. القسم الاول تفسير الكلمة بالمعنى المراد انها لغة او شرع. تفسير الكلمة بالمعنى المراد منها لغة او شرعا. والقسم تفسير الكلمة بالمعنى الذي تضمنته. تفسير الكلمة بالمعنى الذي تضمنته. والقسم الثالث تفسير الكلمة بمعنى من المعاني الثابتة بطريق اللزوم. تفسير الكلمة بمعنى من المعاني اللازمة بطريق اللزوم ومن مثل ذلك كما ذكر المصنف تفسير الصراط المستقيم. فانه ذكر في تفسيره ثلاثة اقوال اولها انه الاسلام. وثانيها انه طريق العبودية وثالث انه القرآن وكل هذه الاقوال صحيحة ترجع الى هذا الصنف من اختلاف التنوع فمن فسر الصراط المستقيم بالاسلام فانه فسر الكلمة بالمعنى الذي وضعت له شرعا. فان فسر الاسلام فمن فسر الصراط المستقيم بانه الاسلام فقد فسر الكلمة بما وضعت له شرعا والصراط المستقيم في خطاب الشرع يراد به الاسلام. ومنه حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه الذي المصنف وفيه فالصراط الاسلام. رواه احمد باسناد حسن وهو عند الترمذي وابن ماجه باسناد اخر ضعيف ومن فسر الصراط المستقيم بانه طريق العبودية فقد فسر الكلمة لعنا من المعاني التي تتضمنها. فقد فسر الكلمة بمعنى من المعاني التي تتضمنها فان الاسلام هو طريق العبودية فان الاسلام هو طريق العبودية ومن فسر الكلمة بان الصراط المستقيم هو القرآن فقد فسره بمعنى من المعاني الثابتة له بطريق اللزوم. فان القرآن الكريم هو كتاب اهل الاسلام. فان القرآن الكريم هو كتاب اهل الاسلام فدين الاسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم انزل عليه فيه كتاب هو القرآن الكريم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الصنف الثاني ان يذكر كل منهم من الاسم العام بعض انواعه على سبيل التمثيل وتنبيه على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه مثل سائل اعجمي سأل عن مسمى لفظ الخبز فأري رغيفا وقيل هذا فالاشارة الى نوع هذا لا الى هذا الرغيف وحده. مثال ذلك ما نقل في قوله عز وجل ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات. فمعلوم ان الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهكة للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابق يدخل فيه من سقط تقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون هم اصحاب اليمين والسابقون اولئك المقربون. ثم ان كلا منهم يذكر هذا في نوع من انواع الطاعات كقول القائل السابق الذي يصلي في اول الوقت والمقتصد الذي نصلي في اثنائه والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر الى الاصفرار او يقول السابق والمقتصر قد ذكره في اخر سورة البقرة فانه ذكر المحسن بالصدقة والظالم باكل الربا والعادل بالبيع. والناس في الاموال اما محسن واما عادل واما ظالم. فالسابق المحسن باداء المستحبات مع الواجبات والظالم اكل الربا او مانع الزكاة. والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وامثال هذه الاقاويل فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الاية انما ذكر لتعريف المجتمع بتناول الاية له وتنبيهه به على نظيره. فان التعريف بالمثال قد يسهل اكثر من التعريف بالحد المطابق والعقد السليم يتفطن للنوع كما يتفطن اذا اشير له الى رغيف فقيل له هذا هو الخبز. وقد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم هذه الاية نزلت في كذا لا سيما ان كان المذكور شخصا كاسباب النزول المذكورة في التفسير. كقوله من اية الظهار نزلت في امرأة اوس ابن الصامت. وان اية اللعان نزلت العجلاني او هلال ابن امية وان اية الكلالة نزلت في جابر ابن عبد الله وان قوله وان احكموا بينه بما انزل الله نزلت في بني قريظة نظير وان قوله ومن يضلهم يومئذ دبره نزلت في بدر وان قوله شهادة بينكم اذا حضر احدكم الموت نزلت في قضية تميم وقول ابي ايوب ان قوله ولا تلقوا بايديكم من التهلكة نزلت فينا معشر الانصار الحديث ونظائر هذا كثير مما يذكرون انه نزل في قوم من المشركين بمكة او في قوم من اهل الكتاب اليهود والنصارى او في قوم من المؤمنين فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا ان حكم الاية مختص باولئك الاعيان دون غيرهم فان هذا لا يقول مسلم ولا عاقل على الاطلاق. والناس وان تنازعوا في لفظ العامي الوارد على سبب هل يختص بسببه ام لا؟ فلم يقل احد من علماء المسلمين ان عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين وانما غاية ما يقال وان انها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه. ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ. والاية التي لها سبب معين ان كانت امرا او نهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته. وان كانت خبرا بمدح او ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الاية فان العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. ولهذا كان اصح قولين الفقهاء انه اذا لم يعرف ما نوى حالف رجع الى بيمينه وما هيجها واثارها وقولهم نزلت هذه الاية في كذا يراد به تارة انه سبب النزول ويراد به تارة انها لا داخل في الاية وان لم يكن السبب كما تقول عنها بهذه الاية كذا وقد تنازع العلماء في قول الصاحب نزلت هذه الاية في كذا وهل يجري مجرى المسند كما لو ذكر والسبب الذي انزلت لاجله او يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند. فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله في المسند واكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند احمد وغيره بخلاف ما اذا ذكر سببا نزلت عقبه فانهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند واذا عرف هذا فقول احدهم نزلت في كذا لا ينافي قول الاخر نزلت في كذا اذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال واذا ذكر احدهم لها سببا نزلت لاجله وذكر الاخر سببا فقد يمكن صدقهما بان تكون نزلت عقب تلك الاسباب او تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة هذا السبب وهذا نصف ثاني اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الاسماء والصفات وتارة لذكر بعض انواع المسمى واقسامه في التمثيلات هما في تفسير سلف الامة الذين يظن انه مختلف ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للامرين اما لكونه مشتركا في اللغة كلفظ قسورة الذي يراد به الرامي ويراد به الاسد ولفظ عسعس الذي يراد به اقبال الليل وادباره. واما لكونه متواطئا في الاصل لكن المراد به احد النوعين احد الشيئين كالضمائر في قوله تعالى وكلفظ والفجر وليال عشر والوتر وما اشبه ذلك فمثل هذا قد يراد به كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك. فالاول اما لكون الايات نزلت مرتين فوجد بها هذا تارة وهذا ترى واما لكون اللفظ المشترك يجوز ان يراد به معنياه. اذ قد جوز ذلك اكثر فقهاء المالكية والشافعية والحنبلية من اهل الكلام واما لكون اللفظ متواطئا فيكون عاما اذا لم يكن لتخصيصه موجب. فهذا النوع اذا صح فيه القولان كان بنص في الثاني ومن الاقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافا ان يعبروا عن المعاني بالفاظ المتقاربة لا مترادفة فان الترادف في اللغة قليل واما في الفاظ القرآن فاما نادر واما معدوم وقل ان يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من اسباب اعجاز القرآن فاذا قال يوم تمر السماء نورا. ان المور هو الحركة كان تقريبا اذ المرء حركة خفيفة سريعة. وكذلك اذا قال الوحي الاعلام او قيل اوحينا اليك انزلنا اليك او قيل وقضينا الى بني اسرائيل اي اعلمنا وامثال ذلك فهذا كله تقريب لا تحقيق فان الوحي هو اعلام سريع خفي والقضاء اليهم اخص من الاعلام فان فيه انزالا اليهم ويحاء اليهم والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته. ومن هنا غليق من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون في تعالى لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه اي مع نعاجه وقوله ومن انصار الى الله اي مع الله ونحو ذلك تحقيق ما قاله نحات البصرة من التضميم فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها الى نعاجه وكذلك قوله تعالى وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك ضمن معنى يمزغونك ويصدونك. وكذلك قوله ونصرناه من القوم الذين كذبوا باياتنا ان معنى نجيناه وخلصناه وكذلك قوله يشرب بها عباد الله ضمن يروى بها ونظائره كثيرة. ومن قال لا ريب اي لا شك فهذا تقريب والا فالريب فيه اضطراب وحركة. كما قال صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك. وفي الحديث انه مر بظبي حاقف فقال صلى الله عليه وسلم لا يريبه احد فكما ان اليقين ظمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة ولفظ الشك وان قيل انه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل وكذلك اذا قيل في قوله ذلك الكتاب اي هذا القرآن فهذا تقريب لان المشار اليه وان كان واحدا فالاشارة بجهة الحضور غير الاشارة جهاد البعد والغيبة ولفظ الكتاب يتضمن من كونه مكتوبا مضموما ما لا يتضمنه نفقان من كونه مقروءا مظهرا باديا. فهذه الفروق موجودة في قرآن فاذا قال احدهم في قوله ان تغسل اي تحبس. فقال الاخر تبتهن ونحو ذلك لم يكن من اختلاف التضاد. وان كان المحبوس قد يكون ممتهنا وقد لا يكون لهذا تقريب للمعنى كما تقدم. وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا. لان مجموع عباراتهم ادل وعلى المقصود من عبارة او عبارتين ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة الصنف الثاني من اختلاف التنوع وهو ذكر بعض الافراد على سبيل التمثيل وهو ذكر بعض الافراد على سبيل التمثيل واقسامه اربعة اولها ان يكون اللفظ عاما. ان يكون اللفظ عاما. ويذكر كل واحد منهم اردا دون اخر ويذكر كل واحد منهم فردا دون اخر. وثانيها قوله في هذه الاية نزلت في كذا وكذا. قولهم في هذه الاية نزلت في كذا وكذا. ولا سيما اذا كان المذكور شخصا ولا سيما اذا كان المذكور شخصا. وثالثها ما يكون فيه اللفظ محتملا للامرين. ما يكون فيه الا الوضوء محتملا للامرين اما لكونه مشتركا في اللغة واما لكونه متواطئا في الاصل اما لكونه مشتركا في اللغة واما لكونه متواطئا في الاصل. ورابعها ان يعبروا عن بالفاظ متقاربة لا مترادفة. ان يعبروا عن المراد بالفاظة هبة لا مترادفة. فهذه الاقسام الاربعة كلها ترجع الى الصنف الثاني هو ذكر بعض الافراد على سبيل التمكين. فاما القسم الاول فظاهر ومنه المثال الذي الذي ذكره المصنف في تفسير قوله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا الاية فانه ترى كلاما للسلف يخبر فيه كل واحد منهم عن فرد من الافراد التي ترجع الى الموصوفين المذكورين في الاية. فكل واحد منهم جاء ببعض اللفظ العام. فكل واحد منهم جاء ببعض اللفظ العام. واما القسم وهو قولهم هذه الاية نزلت في كذا وكذا فان الالفاظ المعبرة بها عن سبب النزول ثلاثة. فان الالفاظ المعبرة بها عن سبب ثلاثة اولها ما كان نصا وهو الصريح ما كان نصا وهو الصريح مما لا يحتمل غيره كقولهم سبب نزول هذه الاية كذا وكذا. سبب نزول هذه الاية كذا وكذا. وثانيها اكان ظاهرا وهو المحتمل وجهين احدهما اظهر من الاخر وهو المحتمل وجهين اظهر من الاخر كقوله كقولهم كان كذا وكذا فانزل الله قوله كقولهم كان كذا وكذا فانزل الله قوله ثم يذكرون اية او سورة كاملة وثالثها ما كان مجملا ما كان مجملا وهو ما ترد عليه احتمالات لا يترجح احد ما يرد عليه احتمالات لا يترجح احدها كقول نزلت هذه الاية في كذا وكذا كقول نزلت هذه الاية في كذا وكذا. وهذا اللفظ الثالث هو المراد عده في القسم الثاني من اختلاف التنوع وهذا اللفظ الثالث هو المراد عده في الصنف الثاني من اختلاف التنوع فهو متجاذب بين السببية والتفسيرية. فهو متجاذب بين السببية والتفسيرية. فيحتمل ان يكون اريد بالخبر عنه انه سبب نزول الاية. فيحتمل ان يكون اريد بالخبر عنه انه او سبب نزول الاية ويحتمل انه اريد بالخبر عنه انه تفسير للاية ويحتمل انه اريد بالخبر عنه انه تفسير في الاية. وذكر المصنف الاختلاف بين المصنفين في الحديث في عد الاحاديث الواردة هل هي من المسند ام لا اي هل هي من المرفوع المنسوب الى النبي صلى الله عليه وسلم ام لا وتحقيق المقام ان ما كان من اللفظ الاول والثاني فهما من جملة المسند انما كان من اللفظ الاول والثاني فهما من جملة المسند اتفاقا. اما ما كان من اللفظ الثالث وهو المجمل ففيه قولان. فمن اهل العلم من يدخله في المسند وهذه طريقة ابي عبدالله البخاري ومن اهل العلم من يدخله في المسند وهذه طريقة ابي عبدالله البخاري. ومنهم من لا يدخله في المسند وهذه طريقة عامة المصنفين في المسانيد. وهذه الطريقة عامة المصنفين في المسانيد كابي عبدالله احمد بن حنبل وغيره واما القسم الثالث وهو ما يكون فيه اللفظ محتملا للامرين اما لكونه مشتركا في اللغة واما لكونه متواطئا في الاصل والمراد بالمشترك في اللغة ما اتحد لفظه وتعدد معناه ما اتحد لفظه وتعدد معناه كالعين كالعين فانه يراد بها تارة الة البصر فانه يراد بها تارة الة البصر. ويراد بها تارة الذهب ويراد بها تارة نبع الماء. ويراد بها تارة نبع الماء. واما المتواطئ فهو واللفظ الدال على معنى كلي في افراده. واما المتواطئ فهو اللفظ الدال على معنى كلي في ككلمة انسان ككلمة انسان فانها تدل على معنى كلي موجود في افراده كزيد وعمر فانها تدل على معنى كلي في افراده كزيد وعمرو. فما كان من المشترك وصح حمله وعلى معانيه جاز تفسير الاية بتلك المعاني كلها. فما كان من المشترك وصح حمله معانيه جاز تفسير الاية بتلك المعاني كلها واما ما كان من المتواطئ فانه يبقى على عمومه ما لم يخصصه موجبه. واما ما كان من فانه يبقى على عمومه ما لم يخصصه موجب. واما القسم الرابع وهو ان يعبروا عن المعاني بالفاظ متقاربة لا مترادفة فان موجبه ان الترادف في اللغة قليل نادر. او هو معدوم كما ذكر المصنف رحمه الله وتوسيع القول بالترادف يذهب جمال اللغة وتوسيع القول بالترادف يذهب جمال اللغة فان حقيقة ما جعلته العرب من الفاظ مختلفة ان يكون كل لفظ فيه معنى غير الذي في اللفظ الاخر. وان اشتركا في قدر كلي فالاوصاف التي تطلق على السيف مثلا كتسميته حساما او تسميته مهندا او تسميته صارما هي تدل على السيف باعتبارات مختلفة وفي كل كلمة من المعنى ما لا يوجد في الكلمة الاخرى. فالسيف سمي حساما لما فيه من بناء الحسم وهو انهاء الامر وسمي صالما لما فيه من القطع وسمي مهندا لان جياد السيوفي كانت تجلب الى بلاد العرب من الهند. فكل كلمة من كلام العرب يكون فيها من المعنى ما ليس في الكلمة الاخرى ولاجل هذا ذهب المصنف الى ان طريقة التحقيق انها متقاربة لا مترادفة. فيكون في الكلمة من المعنى ما لا يكون في في غيرها ويقع بينهما فرق يحققه من يحققه من اهل العلم الكامل في لسان العرب فمثلا مما يقع ذكره في الناس كلمة الخضوع وكلمة الذل وهاتان كلمتان ليستا بمعنى واحد وان كانتا متقاربتين والفرق بينهما ان الذل لا يكون الا مع الاكراه. ذكره ابو هلال العسكري في في الفروق اللغوية. واما الخضوع فانه يكون مع الاختيار. فالخضوع اكمل حالا. واتم مقاما من مقام الذل. ثم ترى المصنف انه من هنا غلط من غلق ممن تكلم في معاني القرآن الكريم من اهل العربية فجعل بعض من حروف تقوم مقام بعض. لانه اعمل فيها الترادف. فجعل هذا الحرف بمعنى هذا الحرف وجعل كل حرف بمنزلة النائب عن غيره في المعاني. والتحقيق كما ذكر هو مذهب ابو البصريين الذين يذكرون التضمين والمراد بالتظمين ان الكلمة دلت على معنى وضمنت معنى اخر اشربته ان الكلمة دلت على معنى وضمنت معنى اخر اشربته. ففيها زيادة على المعنى الاول. ففيها زيادة على المعنى الاول كما مثل رحمه الله تعالى. واذا اريد الوقوف على معاني اية ما فان الامر كما قال المصنف وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا لان مجموع عباراتهم ادل على المجموع من عبارة او عبارتين فمن اراد ان يستوفي معنى اية من ايات القرآن الكريم بمعرفة المنقول عن السلف فانه يجمع عبارات ثم ينظر فيها نظر فحص بالتأليف بينها فيجد جما غفيرا منها يرجع الى اختلاف التنوع ويجد ما ندر مما يرجع الى اختلاف التضاد. وما وجده مما يرجع الى اختلاف التنوع يرجع تارة الى الصنف الاول ويرجع تارة الى تارة اخرى الى الصنف التاني. فمن المراق النافعة لمعرفة التفسير والاحاطة بمعاني القرآن الكريم الاطلاع على كلام السلف في تفسير القرآن ولاجل هذا شرفت كتب التفسير المتقدمة لاشتمالها على كلام السلف كتفسير ابن بجرير الطبري وتفسير ابن ابي حاتم وتفسير ابن المنذر وتفسير عبد ابن حميد وغيرها من التفاسير المسندة وكان من مبادئ الة المصنف ابن تيمية رحمه الله في التفسير الذي يبين العالي بعلمه طول باعه وسعة علمه به انه كتب التفسير المجرد من مئة انه كتب التفسير المجرد من مائة تفسير اي انه جرد كلام السلف منقولا من مئة تفسير وتم له ذلك كما ذكره عن نفسه. الا انه لم يوجد فهو جعله اصلا له في معرفة تفسيري فتمكن من معرفة تفسير السلف ووعاه قلبه فصار كلامه في التفسير جار وفق كلامه وراجع الى الموارد التي كانوا ينزعون منها. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ومع هذا فلابد من اختلاف محقق بينهم كما يوجد مثل ذلك في الاحكام. ونحن نعلم ان عامة اليه عموم الناس من الاختلاف معلوم. بل متواتر عند العامة او الخاصة. كما في عدد الصلوات ومقادير ركوعها ومواقيتها وفرائض والزكاة ونصبها وتعيين شهر رمضان والطواف والوقوف ورمي الجمار والمواقيت وغير ذلك ثمان اختلاف الصحابة بالجد والاخوة وفي المشاركة ونحو ذلك لا يوجب ريبا في جمهور مسائل الفرائض. بل مما يحتاج اليه عامة الناس وهو عمود النسب من الاباء ايها الابناء والكلالة من الاخوة والاخوات ومن نسائهم كالازواج فان الله انزل في الفرائض ثلاث ايات منفصلة وذكر في الاولى الاصول والفروع وذكر في الثانية الحاشية التي ترث بالفرض كالزوجين ولد الام وفي الثالثة الحاشية الوارثة بالتعصيب وهم الاخوة لابوين او لاب. واجتماع الجد والاخوة نادر ولهذا لم يقع في الاسلام الا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل والذهول عنه. وقد يكون لعدم سماعه وقد يكون للغلط في فهم النص وقد يكون لاعتقاد الراجح فالمقصود هنا التعريف بمجمل الامر دون تفاصيله لما ذكر المصنف رحمه الله بما تقدم وجود اختلاف التنوع بين السلف وانه اكثره حقق هنا وجود اختلاف التضاد بينهم في تفسير القرآن. وانهم اختلفوا فيما مواضع من تفسير القرآن كاختلافهم في الاحكام اي على وجه التضاد. الا ان وقوع اختلاف التضاد بينهم قليل. وجل ما يجري في كلامهم في تفسير القرآن من الاختلاف هو من اختلاف التنوع ونبه المصنف في اخر كلامه الى منشأ اختلافهم اختلاف فضادين فقال والاختلاف قد يكون من خفاء الدليل والظهور عنه وقد يكون لعدم سماعه وقد يكون للغلط في فهم النص وقد يكون الاعتقاد معارض راجح. والمذكور في هذه الجملة هو من جملة اسباب الاختلاف الواقع بين العلماء. فان منشأ الاختلاف يرجع تارة الى خفاء والذهول عنه ويرجع تارة اخرى لعدم بلوغ الدليل اليه وهو المراد بقوله لعدم سماع ويرجع تارة ثالثة للغلط في فهم النص ويرجع تارة رابعة الى اعتقاد معارض راجح. واستوفى المصنف اسباب الاختلاف الواقع بين العلماء في التفسير وغيره في رسالة نافعة مفردة اسمها رفع الملام عن الائمة الاعلى اسمها رفع الملام عن الائمة الاعلام اي دفع التعنيف واللوم عن الائمة الاعلام فيما ما جرى بينهم من الاختلاف ببيان ان الاختلاف الواقع بينهم نشأ من اسباب معتد بها من جملتها ما ذكره ها هنا. وهي رسالة نافعة لا ينبغي ان يخلو بناء المتعلم العلمي منها. فانه لا يتم له نظره في كلام اهل العلم علم مع اختلاف اقوالهم الا بان يعرف موجب اختلافهم بان لا يقع في في الغلط عليهم فان ان للناس اعذارا يعذرون بها واعظمهم واحقهم بالعذر هم وراث النبوة القائمون على حفظ الشريعة فما يجري بينهم من اختلاف لم يتعمدوه ولا طلبوه ولكنهم وقعوا فيه بامور دعت اليه بيان جملة مستكثرة منها في الرسالة المذكورة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في نوعين اختلاف في التفسير المستند الى النقل والى طريق الاستدلال. الاختلاف في التفسير على نوعين منهما مستندهما النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك. اذ العلم اما نقل مصدق واما استدلال محقق. والمنقول اما عن المعصوم واما عن غير المعصوم. والمقصود بان منقول سواء كان عن المعصوم او غير المعصوم وهذا هو النوع الاول فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه الضعيف. ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا الى الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه. والكلام فيه من فضول الكلام واما ما يحتاج المسلمون الى معرفته فان الله تعالى نصب على الحق فيه دليلا. فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلاف في لون كلب اصحاب الكهف في البعض الذي ضرب به قتيل موسى من البقرة وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك. فهذه الامور طريق العلم بها النقل فمن كان منها هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى عليه السلام ادنى من خضب فهذا معلوم وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن اهل الكتاب كالمنقول عن كعب ووهب ومحمد ابن اسحاق وغيرهم ممن يأخذ عن اهل الكتاب. فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه الا بحجة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه وكذلك ما نقل عن بعض التابعين وان لم يذكر انه اخذه عن اهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض اقوالهم حجة على بعض وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس اليه اسكن مما نقل عن بعض التابعين. لان احتمال ان يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم او من بعض من سمعه منه اقوى ان نقل الصحابة عن اهل الكتاب اقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب بما يقوله كيف يقال انه اخذه عن اهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم والمقصود ان مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الاقوال فيه هو كالمعرفة لما يرى من الحديث الذي لا دليل على صحته وامثال ذلك اما القسم الاول الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود فيما يحتاج اليه ولله الحمد. فكثيرا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي امور منقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء عليهم صلوات الله عليهم وسلامه. والنقل الصحيح يدفع ذلك بل هذا موجود في فيما مستنده النقل وفي ما قد يعرف بامور اخرى غير النقل. فالمقصود ان المنقولات التي يحتاج اليها في الدين قد نصب الله الادلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره. ومعلوم ان في التفسير اكثرهم كالمنقول في المغازي والملاحم. ولهذا قال الامام احمد رحمه الله ثلاثة امور ليس لها اسناد التفسير والملاحم والمغازي. ويروى ليس لها اصل اي اسناد لان الغالب عليها المراسيل مثل ما يذكره عروة ابن الزبير الشعبي والزهري وموسى ابن عقبة وابن اسحاق ومن بعدهم سعيد الاموي الوليد ابن مسلم ابن الواقدي ونحوهم في المغازي. فان اعلم الناس بالمغازي اهل المدينة ثم اهل الشام ثم اهل العراق فاهل المدينة اعلم بها لانها كانت عندهم. واهل الشام كانوا اهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد ما ليس لغيرهم ولهذا عظم الناس كتاب ابيه اسحاق البزاري الذي صنفه في ذلك وجعلوا الاوزاعي اعلم بهذا الباب من غيره من علماء الامصار واما التفسير فان اعلم به اهل مكة لانهم اصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء ابن ابي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من اصعب ابن عباس كطاووس الشعفاء وسعيد ابن جبير وكذلك اهل الكوفة من اصحاب عبد الله ابن مسعود ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم. وعلماء اهل المدينة بالتفسير مثل زيد ابن اسلم الذي اخذ عنه مالك واخذه عنه ايضا ابنه عبدالرحمن وعنه عبد الله بن وهبة. والمراسيل اذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصدا او اتفاقا بغير قصد كان صحيحة قطعا فان النقل اما ان يكون صدقا مطابقا للخبر واما ان يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب او اخطأ فيه فمتى سلم من كذب العمد والخطأ كان صدق بلا ريب. فاذا كان الحديث جاء من جهتين او جهات وقد علم ان المخبرين لم يتواطؤوا على اختلاقه وعلم ان مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقا بلا قصد علم انه صحيح مثل شخص يحدث عن واقعة جرت ويذكر تفاصيل ما فيها من الاقوال والافعال ويأتي شخص اخر قد علم انه لم يواطئ الاول فيذكر مثل ما ذكره الاول من تفاصيل الاقوال والافعال في علم قطعا ان تلك الواقعة حق في الجملة فانه لو كان كل منهما كذب بها عمدا او اخطأ نتفق في العادة ان يأتي كل منهما بتلك التفاصيل التي تمنع العادة اتفاق الاثنين عليها بلا مواطاة من احدهما لصاحبه. فان الرجل قد يتفق ان ينظم بيتا فينضم الاخر مثله او يكذب كذبة ويكذب الاخر مثلها. اما اذا انشأ قصيدة طويلة لا تثنونني على قافية وروي. فلم تجن العادة بان غيره ينشئ ومعنى مع الطور المفرط بل يعلم بالعادة انه اخذها منه. وكذلك اذا حدث حديثا طويلا فيه فنون وحدث اخر بمثله فانه اما ان يكون عليه او اخذه منه او يكون الحديث صدقا وبهذه الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات. وان لم يكن احدها وان لم يكن احدهما كافيا اما لارساله واما في ناقله لكن مثل هذا لا تظبط به الالفاظ والدقائق التي لا تعلم بهذا الطريق بل يحتاج ذلك الى طريق يثبت بها مثل تلك الالفاظ والدقائق. ولهذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وانها قبل احد بل يعلم قطعا ان حمزة وعليا وابا عويدة برزوا الى عتبة وشيبة ابن الوليد. واما عليا قتل الوليد وان حمزة قتل ما يشك في قرنه هل هو عتبة ام شيبة؟ وهذا الاصل ينبغي ان يعرف فانه اصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من اقوال الناس وغير ذلك ولهذا اذا روي الحديث الذي يتأتى في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجهين مع العلم بان احدهما لم يأخذه عن الاخر جزم بانه حق. لا سيما اذا علم ان نقلته ليسوا ممن يتعمد الكذب وانما يخاف على احدهم النسيان والغلط فان من عرف الصحابة كابن مسعود وابي ابن كعب وابن عمر وجابر وابي سعيد ابي هريرة رضي الله عنهم وغيرهم علم يقينا ان الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن من هو فوقهم كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة لانه ليس ممن يسرق اموال الناس ويقطع الطريق ويشهد بالزور ونحو ذلك وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة فان من عرف مثل ابي صالح السماني والاعرج وسليمان ابن يسار وزيد ابن اسلم وامثالهم علم قطعا انهم لم يكونوا ممن يتعمدوا كذب في الحديث فضلا عن من هو فوقه مثل محمد ابن سيرين والقاسم لمحمد او سعيد ابن المسيب او عبيدة السلمانية وعلقمة او الاسود او نحوهم وانما يخاف على الواحد من الغلط فان والنسيان كثيرا ما يعلم للانسان من الحفاظ من قد عرف الناس بعده عن ذلك جدا. كما عرفوا حال الشعبي والزهري وعروة وقتادة والثوري وامثالهم لا سيما في زمانه والثورية في زمانه فانه قد يكون القائل ان من الزهرية لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه وسعة حفظه وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه ان يكون غلطا كما امتنع ان يكون كذبا. فان الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وانما يكون في بعضها فاذا روى هذا قصة طويلة متنوعة ورواها الاخر مثلما رواها الاول من غير معطاة امتنع الغلط في جميعها كامتنع الكذب في من غير مواطأة. ولهذا انما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث اشتراء النبي صلى الله عليه وسلم البعير من جابر. فان من تأمل وعلم قطعا ان الحديث صحيح وان كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن وقد بين ذلك البخاري رحمه الله في صحيحه فان جمهور ما في البخاري ومسلم مما وعوا بان النبي صلى الله عليه وسلم قاله لان غالبه من هذا النحو ولانه قد تلقاه اهل العلم بالقبول والتصديق والامة لا تجتمع على خطأ فلو كان كذبا في نفس الامن والامة مصدقة له قابلة له لكانوا قد اجمعوا على تصديق ما هو في نفس الامر كذب وهذا اجماع على الخطأ وذلك ممتنع وان كنا نحن بدون اجماع نجوز الخطأ والكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل ان نعلم الاجماع على العلم الذي ثبت بظاهر او قياس ظني ان يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقد قلنا فاذا اجمعوا على الحكم جزمنا بان الحكم ثابت باطلا وظاهرا. ولهذا كان جمهور اهل العلم من جميع الطوائف على ان خبر الواحد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له وعملا به انه يوجب العين وهذا هو الذي ذكره المصنفون في اصول الفقه من اصحاب ابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد الا فقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من اهل الكلام انكروا ذلك ولكن كثيرا من اهل الكلام او اكثرهم يوافقون الفقهاء واهل الحديث والسلف على ذلك. وهو قول اكثر الاشعرية واما ابن الباقلاني فهو الذي انكر ذلك وتبعه مثل ما بالمعاني وابن حامد وابن عقيل وابن الجوزي وابن الخطيب والامدي ونحو هؤلاء والاول هو الذي ذكره الشيخ ابو حامد وابو الطيب ابو اسحاق وامثاله من ائمة الشافعية. وهو الذين تروا القاضي عبد الوهاب وامثاله من المالكية. وهو الذي ذكره شمس الدين وامثاله من الحنفية في ذلك باجماع اهل العلم بالحديث. كما ان الاعتذار بالاجماع على الاحكام باجماع اهل العلم بالامر والنهي والاباحة. والمقصود هنا ان تعدد الطرق مع عدم بالاتفاق من عادته وجبوا العلم بمضمون المنقول لكن هذا ينتفع به في ينتفع به كثيرا في علم احوال الناقلين وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيء الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك. ولهذا كان اهل العلم يكتبون مثل هذه الاحاديث ويقولون ما لا يصلح لغيره قال احمد رحمه الله قد اكتم حديث الرجل يعتبره ومثل ذلك لعبدالله ابن لهيعة قاضي مصر فانه كان من اكثر الناس حديثا ومن خيار الناس لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فصار يعتبر في ذلك ويستشهد به. وكثيرا ما يقترنه هو الليث ابن سعد والليث حجة امام وكما انهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ فإذ ما يضل يضاعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط اشياء تبين لهم غلط وفيها بامور يستدلون بها ويسمون هذا علم عدل الحديث وهو من اشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه وغلط فيه عرف اما بسبب كما عرفوا ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وانه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراما وكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط وكذلك انه اعتمر اربع عمر وعلموا ان قول ابن عمر رضي الله عنهما انه اعتمر في رجب مما وقع فيه الغلط وعلموا انه تمتع وهو امن في حجة وداعي وان ان عثمان لعلي رضي الله عنهما كنا يومئذ خائفين مما وقع فيه الغلط وان ما وقع في بعض الطرق البخاري ان النار لا تمتنع حتى ينشئ الله عز وجل خلقا اخر مما وقع فيه الغلط وهذا كثير. والناس في هذا الباب طرفان طرف من اهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث واهله لا يميز من الصحيح والضعيف فيشك في صحة احاديثهم في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند اهل العلم به وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة او رأى حديثا باسناد ظاهر الصحة يريد ان يجعل ذلك من جنس ما جزم اهل العلم من صحته حتى اذا عارض الصحيح المعروف اخذ يتكلف له التأويلات الباردة او يجعله دليلا في مسائل العلم. مع ان اهل العلم بالحديث يعرفون ان مثلها هذا غلط وكما ان على الحديث ادلة يعلم بها انه صدق وقد يقطع بذلك فعليه ادلة يعلم بها انه كذب ويقطع بذلك مثل ما يقطع بكذب ما يرضيه الوضاعون من اهل البدع والغلو في الفضائل مثل حديث يوم عاشوراء وامثاله مما فيه ان من صلى ركعتين كان له كاجر كذا وكذا نبيا. وفي التفسير من هذا الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبة والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة فانه موضوع باتفاق اهل العلم. والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين. ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع والواحد يصاحبه كان ابصر منه بالعربية لكن هو ابعد عن السلامة واتباع السلف. والبغوي تفسيره مختصر عن الثعلب لكنه صان تفسيره عن الاحاديث الموضوعة والاراء المبتدعة والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الاحاديث الكثيرة الصريحة بالجهل بالبسملة وحديث علي الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة فانه موضوع باتفاق اهل العلم. ومثل ما روي في قوله تعالى ولكل قوم هادئ انه علي. وقوله تعيها اذنه واعية. اذنك اعري بعد ان بين المصنف رحمه الله جريان الاختلاف بين السلف في التفسير وان عامته من اختلاف التنوع وذكر انواعه عقد هنا فصلا قصد فيه الايقاف على اسباب الاختلاف. عقد هنا فصلا قصد فيه الايقاف على اسباب بالاختلاف وبيان موجب وقوعه ومنشأه ورده الى نوعين من الاسباب ورده الى نوعين من الاسباب. الاول اسباب تتعلق بالنقل اسباب تتعلق بالنقل وهي المستندة الى الرواية والاثار. وهي المستندة الى الرواية والاثر اسباب تتعلق بالاستدلال. اسباب تتعلق بالاستدلال وهي المتعلقة وهي الى الدراية والنظر. وهي المستندة الى الدراية والنظر. والنقل باعتبار من يعزى اليه نوعان والنقل باعتبار من يعزى اليه نوعان. احدهما النقل عن المعصوم وهو النبي صلى الله عليه وسلم والمراد بالعصمة هنا حفظه عن الغلط فيما يبلغه. والمراد بالعصمة هنا حفظه عن الغلط فيما يبلغه. فانه يبلغ قبره عن الله سبحانه وتعالى. والاخر النقل عن غير المعصوم وهو كل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم كما ان النقل باعتبار ثبوته نوعان. كما ان النقل باعتباره ثبوته نوعان. احدهما ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف. ما تمكن معرفة الصحيح منه والضعيف. والاخر ما لا تنكر معرفة ذلك فيه. ما لا تمكن معرفة ذلك فيه. وهذا النوع الثاني عامته لا فائدة منه وهذا النوع الثاني عامته لا فائدة منه. واكثره من قول عن اهل الكتاب الذين امرنا بالا نصدقهم ولا نكذبهم. ثم ذكر المصنف ان المنقولات في التفسير الغالب عليها المراسيم. مثلها مثل المغازي وشاع في بابي التفسير والمغازي الارسال لانهما من الخبر العام الذي لا يفتقر الى نقل خاص وشاع في باب التفسير والمغازي الارسال لانهما منها الخبر العام الذي لا يحتاج الى نقل خاص. فكان المتكلمون فيه من السلف يرسلون الكلام فيه ارسالا ولا يسندونه. لانه من العلم الشائع في الناس فانه لا يخفى عليهم المغازي التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى عليه معاني القرآن الكريم الذي انزل عليه صلى الله عليه وسلم. فلما كان هذان البابان من النقل العام لم يحتج فيهما الى تقييده بطريق النقل الخاص بالاسناد بالرواية عن فلان عن فلان فالمخبر مثلا من اتباع التابعين عن غزوة بدر يقطع انه اخذ علم بها عن الطبقة المتقدمة عليه من التابعين وانهم اخذوا العلم بها عن الطبقة متقدمة عليهم من الصحابة. لكن شيوع العلم بها اغنى عن نقل خاص فصار وعامة ما يذكر في باب المغازي والتفسير هو من المراسيل لاجل ما ذكرنا. ثم ذكر مراتب الناس في العلوم وهو فصل نافع يبنى عليه اصول مشيدة من الفهم. ومن جملة ما ذكر فيه ان اعلم الناس في التفسير هم اهل الحجاز ان اعلم الناس في التفسير في عهد السلف هم اهل اهل الحجاز مكة والمدينة. فاهل مكة اصحاب ابن عباس رضي الله عنه كمجاهد وطاووس وعكرمة وعطاء بن ابي رباح رحمهم الله. واهل المدينة اصحاب ابن عمر رضي الله عنهما فمن كبراء اصحابه في التفسير زيد ابن اسلمة. وعنه اخذ ابنه عبدالرحمن ابن زيد ابن اسلم ومالك ابن انس وعنه ما اخذه عبدالله بن وهب المصري صاحب الموطأ. وكذلك اهل الكوفة فان التفسير فيهم كان معروفا مشهورا. فهم اصحاب عبدالله ابن مسعود. ومنهم علقمة ابن قيس وعبد الرحمن ابن يزيد وما الشروق ابن الاجدع؟ وويثع العلم هؤلاء ابراهيم ابن يزيد النخعي ثم ذكر المصنف قاعدة في تقوية المراسيل في التفسير وغيره اذا اقترنت بامور متى وجدت ادخلت المراسيل في جملة الصحيح وصارت ثابتة. وتلك الامور ثلاثة اولها تعدد تلك المراسيم وكثرتها. تعدد تلك المراسيم وكثرتها فتكون اثنين اكثر فتكون اثنين فاكثر وثانيها تباين مخارجها. تباين مخارجها فيغلب على السامع اختلاف المخبر بها. فيغلب على ظن السامع اختلاف المخبر بها بان يكون احدها مدنيا والاخر شاميا والثالث عراقيا. فان اختلاف بلدانهم يجعل مخرج الحديث متباينا. فيقطع معه ان المخبر الذي اخبر بالحديث في هذه البلدان ليس واحدا. وانما اخذه مخبر في المدينة عن احد واخذه غيره في العراق عن احد واخذه غيره في الشام عن احد. فاختلاف البلدان وتباين المخارج يدل على ان المخبر ليس واحدا. وثالثها وجود معنى كلي تتلاقى عليه وجود معنى كلي تتلاقى عليه. فاذا وجدت هذه امور الثلاثة حكم بصحة المرسل. والمعنى المجزوم بصحته هو المعنى الكلي الذي اجتمعت عليه تلك المراسيم فينتفع بالمراسيل في اثبات المعنى الكلي دون التفاصيل. فينتفع بالمراسيل في اثبات المعنى الكلي دون التفاصيل وهذا الاصل الذي ذكره المصنف في تقوية المراسيل على الوجه المبين لاجتماع تلك الامور الثلاثة وانها تؤول الى اثبات المعنى الكلي المشترك في اخبارها دون تفاصيلها اصل نافع في العلم كما قال وحاذاه في تقرير هذا المعنى ابو الفضل ابن حجر في الافصاح بالنكت عن ابن الصلاحي. ثم ذكر المصنف ان تعدد الطرق مع تباين المخارج مما يقوى به الخبر. ولا سيما اذا غلب ان المخبرين لا يتعمدون الكذب وانما يخشى عليهم النسيان والخطأ. ثم ذكر المصنف ان جمهور ما في صحيح البخاري ومسلم من هذا الجنس مما يقطع ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فان المخبرين به هم ثقات لا يتعمدون الكذب ويتخوف على احدهم الخطأ والنسيان. وقد انتفع هذا عنهم بتلقي الامة للبخاري ومسلم بالقبول والتصديق. والامة لا تجتمع على خطأ. ثم قال ولهذا كان جمهور اهل العلم علمي من جميع الطوائف على ان خبر الواحد اي الاحاد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له او عملا به انه يوجب العلم. لان من اهل العلم من المتكلمة من قال يوجب العلم الى اخر كلامه فذكر رحمه الله ان خبر الاحاد يجزم بكونه علما متى اقترن به ما يدعو الى ذلك كقبول الامة له تصديقا او عملا به فيكون مجزوما به وان كان احدا ثم ذكر رحمه الله ان تعدد الطرق مع عدم التشاعر او الاتفاق في يوجب العلم بمضمون المنقول. والمراد بقوله مع عدم التشاعر اي شعور بعضهم ببعض. والمراد بقوله مع عدم التشاعر اي شعور بعضهم ببعض. فيقطع بان احدهم لم يحط علما بالاخر. فاخبر هذا بشيء واخبر به غيره. فوقع الخبر بينهما متفقا مع عدم شعور احدهما بكون الاخر مخبرا بمثل ما اخبر به. ونبه المصنف الى انه في مثل هذا ينتفع برواية المجهول وسيء الحفظ وبالحديث المرسل. لان بعضها يقوي بعضا. وعلى هذا جرى عمل اهل الحديث فانهم يعتبرون الاسانيد ويميزون مراتبها ويقوون ضعيفها غيره مما هو من جنسه لانه يحصل لها بالمجموع قوة تكسبها ثبوتا. وذكر رحمه الله ان الناس في هذا الباب طرفان ووصوا فطرف من اهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد المعرفة بعلم الحديث يشك في صحة احاديث مع كونها معلومة مقطوعا بصحتها. ويقابل هؤلاء قوم كلما وجدوا لفظا من الفاظ الاحاديث رواه ثقة اثبتوه. وجعلوه صحيحا. وقد يكون خبره خطأ فان الثقة يوجد في حديثه ما يكون خطأ فيرد لاجل خطأه وهو المخصوص بعلم العلل عند المحدثين ثم ذكر المصنف رحمه الله كلاما نافعا في علامات الحديث الموضوع. واطنب رحمه الله في هذه العلامات في فصل جامع في كتابه منهاج السنة النبوية. اخذه عنه صاحبه ابن القيم موسعا الكلام فيه في مصنف مفرد هو المنار المنيف. فان للحديث علامات يعرف بها بطلانه كما ان له علامات يعرف بها صحته. ومن جملة ما يعرف به بطلان الحديث ما يوجد من المعاني المخالفة للشرع مما بين المصنف رحمه الله صوره ومثله في منهاج السنة النبوية وتبعه تلميذه ابن القيم. ثم ذكر ان الموضوعات في كتب التفسير كثيرة. ومثل لها باحاديث كقوله منها الاحاديث الكثيرة الصريحة في الجهل بالبسملة الى اخر ما ذكر. ومقصوده توجيه الانظار الى رعاية الاخبار في كتب التفسير بالاحتياط منها. وان كثيرا من المفسرين تساهلوا في ذكر ايذكرون من المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ حتى افضى بهم توسعهم الى ادخال الاحاديث الموضوعة المكذوبة في كتب التفسير. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في النوع الثاني الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال واما النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل فهذا اكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين والتابعيهم فان التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبدالرزاق ووكيع وعبد ابن حميد وعبدالرحمن واما دحيم ومثل تفسير الامام احمد ابو اسحاق ابن راهويه. وبقي ابن مخلد وابي بكر ابن المنذر وسفيان ابن عيينة وسنيد وابن جريد وابن ابي حاتم وابي سعيد وابي عبد الله ابن احداهما قوم اعتقدوا معاني ثم ارادوا حمل الفاظ القرآن عليها والثانية قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ ان يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر الى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب فالاولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر الى ما تستحقه الفاظ القرآن من الدلالة والبيان. والاخرون ضاعوا مجرد اللفظ وما يجوز عندهم من يريد به العرب من غير نظر الى ما يصلح للمتكلم به وسياق الكلام. ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة. كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما ان الاولين كثيرا ما يغلطون من صحة المعنى على الذي فسروا به القرآن كما يغلط في ذلك الاخرون وان كان نظر الاولين الى المعنى اسبق ونظر الاخرين الى اللفظ والاول نصنفان تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه ما اريد به. وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به. وفي كلا الامرين قد يكون ما او اثباته من المعنى باطلا فيكون خطأه في الدليل والمدلول وقد يكون حقا فيكون خطأه في الدليل لا في المدلول. وهذا كما انه وقع في تفسير القرآن فانه وقع ايضا في تفسير الحديث فالذين اخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من اهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الامة وائمتها عمدوا الى القرآن فتأولوه على ارائهم تارة يستدلون بايات على مذهبهم ولا دلالة فيها وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم. وهذا كالمعتزلة مثلا فانهم من اعظم الناس كلاما وجدالا وقد صنفوا التفاسير على اصول مذهبهم مثل تفسير عبدالرحمن قوم عبد الجبار ابن احمد الهمداني والجامع لعلم القرآن علي ابن عيسى الرماني والكشاف لابي القاسم الزمخشري فهؤلاء وامثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة واصول المعتزلة يسمونها هم التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وانفاذ الوعيد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك قالوا ان الله لا يرى وان القرآن مخلوق وانه تعالى ليس فوق العالم وانه ليقوم به علم ولا وقدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا مشيئة ولا صفة من الصفات. واما عدلهم فمن مضمونه ان الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلق كلها ولا وقادر عليها كلها بل عندهم افعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها. ولم يرد الا ما امر به شرعا وما سوى ذلك فانه يكون بغير مشيئته. وقد وافقهم على ذلك متأخر الشيعة كالمفيد وابي جعفر القوسي وامثالهما ولابي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة لكن يضم الى ذلك قول الامامية اثني عشرية ان المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلابة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومن اصول المعتزلة مع الخوارج انفاذ الوعيد في الاخرة وان الله لا يقبل في اهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم احدا من النار. ولا ريب انه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية واتباعهم فاحسنوا تارة واساءوا اخرى حتى صاروا في طرفي نقيض كما قد بسط في غير هذا الموضع والمقصود ان مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حفلوا حملوا الفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا من ائمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسير وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة الا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين. تارة من العلم بفساد قولهم وتارة من العلم للفساد ما فسروا به القرآن اما دليلا على قولهم او جوابا على المعارض لهم. ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحا يدس البدع في كلامه. واكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه حتى انه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسير ما يوافق اصولهم التي يعلم او يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك. ثم انه بتطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الامامية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم فيما هو ابلغ من ذلك وتفاقم الامر في الفلاسفة والرافضة فانهم فسروا القرآن بانواع لا يقضي منها العالم عجبا. فتفسير الرافضة كقولهم تبت يدا ابي لهب وهما ابو بكر وعمر. وقوله لئن اشركت ليحبطن عملك اي بين ابي بكر وعمر وعليهم في الخلافة وقوله ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة قالوا هي عائشة وقوله فقاتلوا ائمة امة الكفر قالوا طلحة الزبير وقولي مرج البحرين اي علي وفاطمة. وقوله اللؤلؤ والمرجان قالوا الحسن والحسين وقوله وكل شيء في امام مبين في علي ابن ابي طالب وقولي عم يتساءلون عن النبأ العظيم اي علي ابن ابي طالب وقوله انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة يؤتون الزكاة وهم راكعون قالوا هو علي ويذكرون الحديث الموضوع باجماع اهل العلم وهو التصدق بخاتمه في الصلاة وكذلك قوله تعالى اولئك عليهم صلواتهم من ربهم ورحمة. قالوا نزلت في علي لما اصيب بحمزة واما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله تعالى الصابرين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار ان الصابرين رسول الله والصادقين ابو بكر والقانتين عمر والمنفقين عثمان والمستغفرين علي وفي مثل قوله تعالى محمد رسول الله والذين معه اي ابو بكر اشداء على الكفار اي عمر رحماء بينهم اي عثمان تراهم علي واعجب من ذلك قول بعضهم والتين ابو بكر والزيتون عمر وطور سنين عثمان وهذا البلد الامين علي. وامثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه فان هذه الالفاظ لا تدل على هؤلاء الاشخاص بحال. وقوله تعالى والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم وسجد كل ذلك نعتدي الذين معه وهي التي يسميها النحات خبرا بعد خبر والمقصود هنا انها كلها صفات لموصوف واحد وهم الذين معه ولا يجوز ان كل منها مرادا به شخصا واحدا وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العامي منحصر في شخص واحد كقولهم ان قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا اريد بها علي وحده وقول بعضهم ان قوله هو الذي جاء بالصدق وصدق به اريد بها ابو بكر رضي الله عنه وحده وقوله لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل. اريد بها ابو بكر وحده ونحو ذلك وتفسير ابن عطية وامثاله اتبع للسنة والجماعة واسلموا من البدعة من تفسير الزمخشري. ولو ذكر كلام السلف الموجود في في التفاسير المأثورة عنهم على وجه لكان احسن واجمل فانهم كثيرا ما ينقل من تفسير محمد ابن جرير الطبري وهو من اجل التفاسير المأثورة واعظمها قدرا ثم انه يدع ما نقله من جديد عن السلفي لا يحكيه بحال ويذكر ما يزعم انه قول المحققين وانما يعني بهم طائفة من اهل الكلام الذين قرروا وصولهم بطرق من جنس ما قرت به المعتزلة اصولهم وان كانوا اقربين السنة من المعتزلة لكن ينبغي ان يعطى كل ذي حق حقه. ويعرف ان هذا من جملة التفسير على المذهب. فان الصحابة والتابعين والائمة اذا في تفسير الاية قول وجاء قوم فسروا الاية بقول اخر لاجل مذهب اعتقدوه. وذلك المذهب ليس بمدائن الصحابة والتابعين لهم باحسان صاروا مشاركين المعتزلة وغيرهم من اهل البدع بمثل هذا وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا. وان كان مجتهدا مغفورا له خطأه فالمقصود بيانه بطرق العلم وادلته وطرق الصواب ونحن نعلم ان القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم وانهم كانوا اعلم بتفسيره ومعانيه. كما انهم اعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد اخطأ في الدليل والمدلول جميعا. ومعلوم انهم كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها ما عقلية واما سمعية كما هو منسوق في موضعه. والمقصود هنا التنبيه على مثال الاختلال والتفسير. وان من اعظم اسبابه البدع الباطنة التي دعت اهلها الى الكريم عن مواضعه وفسروا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما اريد به. وتأولوه على غير تأويله. فمن اصول العلم بذلك ان يعلم الانسان قول الذي خالفوه هو انه الحق وان يعرف ان تفسير السلف يخالف تفسيره وان يعرف ان تفسيره محدث مبتدع ثم ان يعرف بالطرق المفصلة فساد بما نصره الله من الادلة على بيان الحق وكذلك من وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح في شرح الحديث وتفسيره من المتأخرين من جنس ما وقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره. واما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ من الفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعاني صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها كثير ممن ذكره ابو عبدالرحمن السلمي في حقائق التفسير وان كان فيما ذكروه ما هو معالم باطلة فان ذلك يدخل في القسم الاول وهو الخطأ في والمدلول جميعا حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة ان النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يرجع الى الاستدلال اكثر ما يقع فيه الخطأ من جهتين ذكر المصنف في هذه الجملة ان النوع الثاني وهو ما يرجع فيه الاختلاف الى الاستدلال اكثر ما يقع فيه الخطأ من جهتين. الجهة الاولى تفسير القرآن لغة العرب تفسير القرآن بملاحظة لغة العرب دون النظر الى المتكلم به دون النظر الى المتكلم به. والنازل عليه والمخاطب به والمخاطب به فالمتكلم في التفسير يتكلم في معاني القرآن الكريم دون نظر الى كونه كلام الله عز وجل تارة او كونه نازلا على محمد صلى الله عليه وسلم تارة ثانية او كونه مخاطبا به العرب المشركون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم في قطع فيه خطاب القرآن عن متعلقاته. فيقطع فيه خطاب القرآن عن متعلقاته واهل هذه الجهة يقصرون النظر على البناء اللغوي. واهل هذه الجهة يقصرون النظر على البناء اللغوي فهم اهل الفاظ ومباني. والجهة الثانية تفسير القرآن بحمل الفاظ على معان يعتقدها المفسر. تفسير القرآن بحمل الفاظه على معان ايها المفسر واهل هذه الجهة همهم الحقائق والمعاني. واهل هذه الجهة همهم الحقائق والمعاني بخلاف الاولين الذين همهم الالفاظ والمباني. وهؤلاء كما ذكر المصنف نوعان وهؤلاء كما ذكر مصنفنا اعاني النوع الاول قوم يسلبون لفظ القرآن ما يدل عليه واريد به. قوم يسلبون لفظ والقرآن ما اذ دل عليه واريد به. اي ينفون عنه ما دل عليه من معنى اذا به والنوع الثاني قوم يحملون القرآن على ما لم يدل عليه ولم يرد به. قوم يحملون لفظ القرآن على ما لم يدل عليه ويرد به. وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدوا نفيه او اثباته من المعنى باطلا وقد يكون حقا. وهؤلاء تارة يخطئون في الدليل والمدلول وتارة يخطئون في الدليل لا المدلول. اي انهم تارة يثبتون معنى باطلا ثم يستدلون باية لا تدل عليه. فيكون خطأهم في الدليل والمدلول معا وتارة يذكرون معنى حقا. لكن لا تكون الاية دالة عليه. فيخطئون في الدليل لا في المدلول. فاما الذين يخطئون في الدليل والمدلول فهم الذين ذكرهم المصنف بقوله فالذي اخطأوا في الدليل والمدلول مثل طائفة من اهل البدع. اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الامة الوسط. انتهى كلامه. ان هؤلاء من اهل البدع ولدوا معان باطلة الى الشريعة ثم ذكروا من ايات القرآن ما يدل على تلك المعاني. وهم مخطئون في الدليل المدون فخطأهم في المدلول بالنظر الى ان المعنى الذي ارادوه باطل. واما خطأهم في الدليل فبالنظر الى ان الاية التي يذكرونها على ذلك المعنى لا تصح ان تكون دليلا عليه اما الذين يخطئون في الدليل لا المدلول فذكرهم المصنف في اخر كلامه. فقال واما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء. واما الذين في الدليل لا في المجرور فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعاني صحيحة الى اخر ما ذكره. فهذا الصنف كما اخبر يذكرون معان صحيحة فهم مصيبون في المدلول. لكنهم ينصبون على صحة تلك المعاني ايات لا تدل عليهم فيكون حينئذ خطأهم في الدليل لا في المدلول. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هؤلاء وهؤلاء يرجع غلطهم في تفسير القرآن بحمل الفاظه على معان يعتقدها المفسر وانه ما من تفسير من هذه التفسير الا ويعلم بطلانه من وجوه كثيرة ترجع الى جهة اولاهما العلم بفساد قولهم. العلم بفساد قولهم فيكون اصل قولهم كمقالات المعتزلة والخوارج. والثانية العلم بفساد ما فسروا به القرآن العلم بفساد ما فسروا به القرآن. فلا يكون اصل قولهم فاسدا. لكن يكون الفساد في نصبهم ادلة من القرآن على ما ارادوه. وهذا هو الفرق بين الجهتين في الجهة الاولى يكون اصل المسألة فاسدا. واما في الجهة الثانية فيكون الفساد من جهة ماتوه ايمان من دلالة الاية على المعنى الذي قصده. ثم ذكر المصنف ان اهل الجهتين المتقدمتين يرجع غلطهم الى امرين. ثم ذكر المصنف ان اهل الجهتين المتقدمتين يرجع غلطهم الى امرين احدهما الغلط في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن. الغلط في صحة المعنى الذي فسروه بالقرآن وهو اكثر عند اهل الجهة الاولى من الجهة الثانية. والاخر الغلط في احتمال اللفظ لما ذكروه من المعنى. الغلط في احتمال لفظ لما ذكروه من المعنى. وهو في اهل الجهة الثانية اكثر من اهل الجهة الاولى وموجب وقوع هؤلاء وهؤلاء في الغلط هو عدولهم عن تفسير السلف. وكل من عدل عن تفسير السلف كما ذكر المصنف بحيث يخالف تفسيرهم فانه يكون مخطئا في ذلك بل مبتدعا. ووجه خطأه ان علم التفسير سيري مبني على النقل. فسبيل العلم به هو النقل عمن تقدم من الصحابة والتابعين. فاذا تكلم المتكلم في تفسير القرآن الكريم بقول يقطع انه مخالف لكلامهم فلا ريب ان الذي تكلم فيه خطأ فانهم تلقوا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقل في طبقات الامة فاخذه التابعون عن الصحابة واخذه اتباع التابعين عن التابعين تنتهى الى ائمة النقل الذين دونوه في كتب التفاسير المسندة التي ذكر المصنف في صدر قدرا نافعا منها. ثم ذكر المصنف في اخر الفصل ان هذه البلية التي وقعت في تفسير القرآن الكريم وقعت ايضا في الذين صنفوا في معاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم فانهم يحملون الفاظ الحديث النبوي على معان يعتقدونها لم يردها المتكلم به وهو النبي صلى الله عليه وسلم. وتكون تلك المعاني تارة حقا وتكون تارة اخرى باطلا. فاذا كان المعنى حقا يكون غلطهم في الدليل لا المدلول اي ان الدليل الذي ذكروه من الحديث لا يصح على المعنى الحق. واما ان كان المعنى الذي ذكروه باطلا فان ان الغلط حينئذ يكون في الدليل والمدلول معا. فالمدلول وهو المعنى لا يوافق خطاب الشرع والدليل الذي نصبوه عليه من الحديث النبوي لا يصح دليلا على المعنى الذي ذكروه وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى عني به كثيرا في الدراسات المعاصرة فيما يتعلق بالتفسير اما الدراسات المعمقة في بيان الغلط الواقع في شروح الحديث فانه قليل جدا وعامة الكتب المصنفة في معاني الحديث لا تجري وفق طريقة المحققين من العارفين بالنقل. واذا اردت ان تقف على حقيقة ذلك فيقايس بين شرح البخاري لابن رجب الحنبلي وبين غيره. فانك تجد في طريقة ابن رجب من رد الحديث بعضه الى بعض وتفسيره بعضه ببعض مع ذكر اقوال السلف ما لا تجده في غيره من بيان معاني الحديث فمما ينبغي ان يعنى به في بيان معاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم ان تعظم الهمة في استخراج معاني بالحديث النبوي فالامر كما قال الامام احمد الحديث يفسر بعضه بعضا ثم يتبع ذلك بجمع كلام السلف المتفرق في معاني الحديث النبوي. وكم من حديث وقع فيه اشكال يرتفع عند الوقوف على معاني ما تكلم به السلف رحمهم الله في معناه لكن هذا الكلام منثور في الكتب غير مجموع في شروعه تلك الاحاديث ولا مبوب بطرق يوصل توصل اليه. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في احسن طرق التفسير. فان قال قائل فما احسن طرق التفسير؟ فالجواب ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان فانه قد فسر في موضع اخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع اخر فان اعيانك ذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له. بل قد قال الامام ابو عبدالله محمد بن ادريس الشافعي كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى الخائنين خصيما. وقال تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال تعالى انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقومه يؤمنون. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اني انجيت القرآن مثله معه يعني السنة والسنة ايضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن الى انها تتلى كما يتلى. وقد استدل الامام الشافعي وغيره من الائمة على ذلك بادلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك والغرض انك تطلب تفسير القرآن منه فان لم تجده فمن السنة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن بما تحكم وقال من كتاب الله قال فان لم تجد قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فان لم تجد قال اجتهدوا رأيي. قال فضرب رسول الله صلى الله عليه بصدره وقال الحمد لله الذي وفق رسولنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله وهذا الحديث في المسانيد والسنن باسناد جيد حينئذ اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت بذلك الى اقوال الصحابة فانهم ادرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والاحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالائمة الاربعة الخلفاء الراشدين والائمة المهديين مثل عبد الله ابن مسعود قال الامام ابو جعفر محمد ابن جرير الطبري قال حدثنا ابو خريب قال ان بان الاعمش عن ابي الضحى عن مسروق انه قال قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه والذي لا اله غيره ما نزلت اية من كتاب الله الا وانا اعلم فيما نزلت واين نزلت ولو اعلم وكان احد اعلم بكتاب الله مني تناله المطايا اتيت وقال الاعبش ايضا عن ابي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال كان الرجل منا اذا تعلم عشر ايات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ومنهم الحبر البحر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجمان القرآن ببركة في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار قال مسلمين انه قال قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه نعمة الجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ثم رواه عن يحيى ابن داوود عن اسحاق الازرق عن سفيان عن الاعمش عن مسلم من صبيح ابن الضحى مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال نعم ترجمان في القرآن ابن عباس ثم رواه عبد دار عن جعفر ابن عوني عن الاعمش به كذلك فهذا اسناد صحيح لابن مسعود انه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على صحيح وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة. فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟ فقال الاعمش عن ابي وائل استخلف علي عبد الله ابن عباس الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والدينمون لاسلموا. ولهذا ان غالب ما يرويه اسماعيل ابن عبد الرحمن السدي كبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من اقاويل ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من اقاويل اهل الكتاب التي اباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال بلغوا عني ولو اية وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. رواه البخاري وعن عبدالله بن عمر ولهذا كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد اصاب يوما من يموت زامنتين من كتب اهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الاثم في ذلك ولكن هذه الاحاديث الاسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد فانها على ثلاثة اقسام احدها ما علمنا صحته مما بايدينا مما يشهد له بالصدق فداك صحيح والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه. وتجوز حكايته لما ذلك مما لا فائدة فيه تعود على الى امن ديني. ولهذا يختلف علماء اهل الكتاب في مثل هذا كثيرا. ويأتي علم المفسرين خلافهم بسبب ذلك. كما يذكرون في مثل هذا مع اصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصى موسى من اي الشجر كانت واسماء الطيور التي احياها الله تعالى لابراهيم وتعين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى الى غير ذلك مما ابهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا في دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى سيقولون ثلاثة اصابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجلا بالغيب. ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم مما يعلمهم الا قليل فلا تمالي فيهم الا مرارا وظاهرا ولا تستفتي فيهم منهم احدا. فقد اشتملت هذه الاية الكريمة على الادب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فانه تعالى اخبر عنهم في ثلاثة اقوال وضعف القولين الاولين وسكت عن الثالث فدل على اذ لو كان باطنا رده كما ردهما ثم ارشد الى ان الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا قل ربي اعلم بعدتهم فانه لا يعلم بذلك الا قليل من الناس ممن اطلعه الله عليهم فلهذا قال فلا تماري فيهم الا مراءا ظاهرا اي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فانهم لا يعلمون من ذلك الا رجم الغيب فهذا احسن ما يكون في حكايات الخلاف ان تستوعب الاقوال في ذلك المقام وان ينبه عن الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الاهم. فاما من حكى خلافا في مسألته ولم يستوعب اقوال الناس فيها فهو ناقص. اذ قد يكون الصواب في الذي تركه او يحكي الخلافة ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الاقوال فهو ناقص ايضا. فان صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب او جاهلا فقد اخطأ. كذلك من ناصر الخلافة فيما لا فائدة تحته او حكى اقوالا متعددة لفظا يرجع حاصلها الى قول او قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس وبيزور والله الموفق للصواب هذا الفصل وما بعده انتقال الى مقصد اخر. من المقاصد الحقيقة بالعناية في تفسير وهو معرفة احسن الطرق في التفسير واصحها. وقد ذكر المصنف ان اصح الطرق في ذلك كان يفسر القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالقرآن نوعان احدهما نص صريح. نص صريح كقوله تعالى والسماء والطارق وما ادراك ما الطارئ النجم الثاقب وفسر الطارق بانه النجم الثاقب. والاخر ظاهر مستنبط. ظاهر مستنبط كتفسير النبأ في قوله تعالى عما يتساءلون عن النبأ العظيم بانه هو القرآن لقوله تعالى قل هو نبأ عظيم فهو تفسير للقرآن بالقرآن على وجه الظهور فيما يستنبط. وليس الثاني الاول فان الاول ابين وضوحا واسرح في تفسير القرآن بالقرآن وهو حقيق بالافراد فانه اعلى مراتب التفسير كلها. ثم ذكر المصنف انه اذا اعي احد في تفسير القرآن بالقرآن فعليه بالسنة. وتفسير القرآن بالسنة نوعان احدهما تفسير خاص معين. تفسير خاص معين. كالذي تقدم ان النبي صلى الله عليه وسلم فسر اية الفاتحة غير المغضوب عليهم ولا الضالين بقوله اليهود ضالون اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون. رواه الترمذي. والاخر تفسير عام غير معين وهو سنته صلى الله عليه وسلم قولا وعملا واقرارا كقوله تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. فان هذه الاية في مواقيت الصلاة المجملة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والعملية في الاحاديث الواردة عنه في مواقيت الصلاة واورد المصنف رحمه الله لتقرير هذا المعنى من تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة حديث معاذ ابن جبل رضي الله عنه المشهور لما بعثه الى اليمن وسأله باي شيء يحكم الحديث رواه رواه الترمذي وغيره وهو حديث ضعيف عند قدماء الكفار ومن المتأخرين بعد طبقتهم من تحسنه كالمصنف وصاحبه ابي عبدالله ابن القيم وصاحبه ابي الفداء ابن كثير رحمهم الله. ثم ذكر انه اذا لم يوجد التفسير في القرآن ولا في السنة فانه يرجع الى تفسير الصحابة وقدم الصحابة على من بعدهم في تفسير القرآن لامرين. وقدم الصحابة على من بعدهم في تفسير القرآن لامرين احدهما كمال علومهم كمال فهومهم وصحة علومهم كمال فهومهم وصحة علومهم صلاح اعمالهم والاخر شهودهم التنزيل واطلاعهم على القرائن والاحوال المحتفة بالايات النازلة شهودهم التنزيل واطلاعهم على القرائن والاحوال المحتفة بالايات النازلة مما الم يشاركهم فيه احد؟ فلما خصوا بهذين الامرين كانوا احق بالرجوع اليهم اذا عدم نقل التفسير عن القرآن او في السنة النبوية. واولى الصحابة بالتقديم في تفسير القرآن هم علماء الصحابة ومقدمهم الخلفاء الاربعة ثم عبدالله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما فان لهذين الرجلين من المقام الكريم في التفسير ما يعرفه كل من عانى التفاسير المأثورة فالكلام المنقول عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما في التفسير كثير حتى خص السدي الكبير واسمه اسماعيل ابن عبدالرحمن تفسيره بالنقل عن هذين الرجلين فانه تسند عامة ما يذكره في التفسير عن عبد الله ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما. وذكر المصنف رحمه الله انه انكر على السدي جمع الطرق انكره الامام احمد وغيره. ومعنى جمع الطرق عنده انه كان يذكر اسانيد مختلفة عن ابن مسعود وابن عباس ثم يذكر بتلك الاسانيد احد الالفاظ المروية عنه انه يذكر اسانيد مختلفة عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما ثم يذكر لفظا واحدا بتلك الاسانيد المختلفة. ويدع الالفاظ الاخرى. فيتوهم الناظر فيه ان هذه الاسانيد اذا منتهاه الى هذا اللفظ الواحد وليس الامر كذلك. فان تلك الاسانيد ربما نقلت عنهما الفاظا متعددة ثم ذكر المصنف انه مما ينبغي ان يلاحظ في تفسير الصحابة دخول الاسراءليات في تفسيرهم والمراد بالاحاديث الاسرائيلية الاحاديث المأخوذة عن اهل الكتاب. الاحاديث المأخوذة عن اهل الكتاب مما يأثرونه عن التوراة والانجيل. وعامة ما يذكر في تفسير الصحابة من الاسرائيليات هما هو مما يتعلق باخبار الماضي. وعامة مما ينقل عن من الاسرائيليات في التفسير هو ما ينقل في اخبار الماضين من اهل الكتاب ممن لهم ذكر في القرآن الكريم كاصحاب الكهف وغيرهم. ثم ذكر المصنف ان الاحاديث الاسرائيلية تذكر في التفسير باستشهاد لا لا للاعتماد. فهي تجري تابعة ولا تجعل اصلا. فهي تجري تابعة ولا تجعل اصلا وهذا امر واسع لا عيب فيه بان يذكر ما ينقل عن اهل الكتاب على وجه اتبع اما ما كان فيه معنى مستقل ذكروه هم ولم يأتي في القرآن ولا في السنة اثم ذاته فان هذا مما لا يذكر على الوجه الاكمل. وان ذكر مع تمييز مرتبته كان هذا مما لا عيب فيه ايضا لكن الذي هو عندهم بالمقام الاعلى ما يجري تابعا. بان يكون المعنى صحيحا ثابتا في الكتاب والسنة ثم تذكر هذه الاحاديث الاسرائيلية معه. وذكر المصنف ان الاحاديث الاسرائيلية في هذا الباب ثلاثة انواع وذكر المصنف ان الاحاديث الاسرائيلية في هذا الباب ثلاثة انواع. اولها ما علمنا صحته بشاهد الصدق عندنا فهذا صحيح. ما علمنا صحته بشاهد الصدق عندنا فهذا صحيح. وثانيها ما علمنا كذبه بشاهد كذبه عندنا. بشاهد كذبه عندنا فهذا كذب. والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل. ما هو مسكوت عنه؟ لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا يعلم انه صدق ولا يعلم انه كذب. فهذا مما يندرج في الاذن بالتحديث عن بني اسرائيل في قوله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج. ومما اليه في هذا الباب ان متأخر المتكلمين في التفسير تكلموا في نقد الاسرائيليات لا على طريقة المتقدمين. فكلامهم الذي تكلموا فيه جاء ردة فعل لما تذرع به من يسمون بالمستشرقين للطعن في القرآن. فاربى هؤلاء في الرد عليهم فيما يتعلق بالاسرائيليات وعدلوا عن طريقة السلف الماضي. فمن اراد ان يعرف طريقة السلف في الاسرائيليات فانه ينبغي ان ينظر اذا ما ذكروه منها في كتبهم. وما من تفسير من التفاسير المأثورة كتفسير ابن ابن جرير الطبري او تفسير ابن ابي حاتم او غيرهما الا وفيه ذكر الاسرائيليات. لكن لهم طريقة بذكر تلك الاسرائيليات. نفر منها المتأخرون تبرئة للقرآن في الرد على المستشرقين هذه النفرة على ان سلكوا طريقا خطأ في معاملة الاسرائيليات حتى عمد بعضهم الى تصنيف كتب في التفسير يذكرون فيها انهم خلصوها من الاسرائيليات ولم تكن هذه الطريقة المتقدمين فالمتقدمون اطبقوا على ذكر الاسرائيليات في كتب التفسير لكن جادتهم مضبوطة بقواعد اختطوها عملا وان لم يصرحوا بها لفظا. ثم ختم المصنف هذا الفصل بذكر احسن ما يكون من طرائق في حكايات الاختلاف. ثم ختم المصنف هذا الفصل بذكر احسن ما يكون من الطرائق في حكايات الاختلاف وان ذلك يكون باجتماع ثلاثة امور. وان ذلك يكون باجتماع ثلاثة امور اولها استيعاب الاقوال المنقولة. استيعاب الاقوال المنقولة. وتانيها تصحيح الحق وتزيغ الباطل تصحيح الحق وتزييف الباطل وثالثها ذكر فائدة الخلاف وتمرته عليه ذكر فائدة الخلاف وثمرته المترتبة عليه. فمن حكى خلاف بل ينبغي له ان يستوعب الاقوال المذكورة فيه ولا يقتصر على بعضها. ثم اذا ذكر تلك الاقوال مستوعبة رجع عليها بالنقد والتمحيص. فميز الصحيح فيها من الباطل ثم ذكر الفائدة الناشئة من اختلاف ما صح. فاذا خلص الى اقوال مما صح في الخلاف في تفسير اية نظر في معرفة السبيل المفضية الى الاطلاع على ثمرة الخلاف وما ينشأ منه. وهذا من احسن ما يكون في حكايات الاختلاف ولا سيما في تفسير القرآن الكريم. وممن سلك فاحسن في المقام الاول ابو الفرج ابن الجوزي في كتابه في تفسير القرآن الكريم المسمى زاد المسير. فانه استوعب غالبا الاقوال المنقولة ورتبها لكنه لم تكن له يد في المقام الثاني والثالث ذكر الصحيح وتمييزه عن غيره. مع بيان الثمرة المترتبة عليه. وعليه بنى المصنف ابن تيمية الحديث في تصرفه في علم التفسير. فانه انتفع كثيرا بكتاب زاد المسير. ثم تممه تمييز تلك الاقوال في مراتبها من الصحة والبطلان مع ذكر الفائدة المرجوة مما صح منها ثمرة الخلافة فكتاب زاد المسير يمثل مرتبة حسنة في استيعاب الاقوال وتنقصه المرتبتان الثانية وتنقصه المرتبتان الثانية والثالثة. ومما يفي بها كثير من كلام ابن تيمية فمن محاسن الاعتناء بكتاب زاد المسير الحاق ما تكلم به ابن تيمية في تمييز تلك الاقوال ومعرفة ما ينشأ عنها من ثمرة وفائدة في الاختلاف. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في تفسير القرآن باقوال التابعين. اذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين كمجاهد ابن جبر فانه اية في التفسير كما قال محمد ابن اسحاق حدثنا ابان ابن صالح عن مجاهد انه قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحتي الى خاتمته اوقفه عند كل اية منه واسأله عنها وبه الى الترمذي انه قال حدثنا حسين بن مهدي البصري قال حدثنا عبد الرزاق عن معبر عن قتادة انه قال قال مجاهد ما في القرآن اية الا وقد سمعت بها شيئا قال حدثنا ابن ابي عمر قال حدثنا عن انه قال قال مجاهد كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم احتج ان اسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما وقال ابن جرير حدثنا ابو كريب قال حدثنا طلق ابن غنام عن عثمان المكي عن ابن ابي ملكة انه قال رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه الواحه فيقول لهم ابن عباس اكتب حتى سأله عن التفسير كله. ولهذا كان سفيان الثوري يقول اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. وكسعيد بن جبير وعكرمة مولى بن باسم عطاء بن ابي رباح حسن وصله ومسروق من الاجدع وسعيد بن المسيب يوم العالية والربيع بن انس وقتالة والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين ومن بعدهم فتذكر اقوالهم في الاية فيقع في عباراتهم تباين في الالفاظ يحسبها من لا عنده اغتلافا فيحكيه اقوالا وليس كذلك فان منهم من يعبر عن شيء بلازمه او نظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في كثير من فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي. وقال شعبة ابن الحجاج وغيره اقوال التابعين في الفروع ليست حجة. فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني انها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح اما اذا اجتمعوا على الشيء فلا يغتاب في كونه حجة فان اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا علم بعد ويرجع في ذلك الى نواة القرآن والسنة وعموم لغة عربية واقوال الصحابة في ذلك فاما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام قال حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان وقال حدثنا عبد الاعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. قال حدثنا قال حدثنا سفيان عن عبد اعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. وبين الترمذي انه قال حدثنا عبد ابن حميد قال حدثني ابن حبان ابن هلال قال حدثنا سهيل اخر حزام قطعي انه قال حدثنا ابو عمران الجوني عن جندب انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن فاصاب فقد اخطأ قال الترمذي هذا الحديث غريب وقد تكلم بعض اهل الحديث في سؤال ابن ابي حزم. وهكذا روى بعض اهل العلم عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انهم شددوا في ان يفسر القرآن بغير علم. واما الذي روي عن مجاهد واقتادة وغيرهما من اهل العلم انهم فسروا القرآن فليس الظن بهم انهم قالوا في القرآن وفسروه بغير علم او من لانفسهم لقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا انهم لم يقولوا من قبل انفسهم بغير علم. فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به وسلك غير امر به فلو انه اصاب المعنى في نفس الامر لكان قد اخطأ لانه لم يأتي الامر من بابه. كمن حكى بين الناس عن جهل فهو في النار. وان وافق حكمه الصواب في نفس الامر لا ان يكونوا اخف جمم من اخطاء والله اعلم وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين فقال فاذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنا في نفس الامر لانه اخبر بما لا يحل له الاخبار به وتكلف ما لا علم له به والله اعلم. ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم ولا هم به. كما روى شعبة عن سليمان عبد الله ابن مرة عن ابي معمر انه قال قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه اي ارض تقلني واي سماء اذا قلت في كتاب الله ما لم اعلم. وقال ابو عبيد قاسم بن سلام حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشة بن عن ابراهيم التيمي ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى وفاكهته وابا فقال اي سماء تظلني واي ارض تقلني؟ ان انا قلت في كتاب الله ما لا اعلم منقطع فقال ابو عبيد ايضا حدثنا يزيد عن حميد عن انس رضي الله عنه ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر وفاكهته وابا فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما هو الاب؟ ثم رجع الى نفسه فقال ان هذا لهو التكلف يا عمر. وقال عبد ابن حميد قال حدثنا سليمان ابن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن انس رضي الله عنه انه قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ظهر قميصه اربع رقاع فقرأ فقال وما الاب؟ فقال هذا لهو التكلف فما عليك الا تدريه وهذا كله محمول على انهما رضي الله عنهما انما ارادا استكشاف ماهية الاب. والا فكونه نبتا من الارض ظاهر لا يجهل. لقوله تعالى فانبتنا فيها حب وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق رطبا. وقال ابن جرير حدثنا يعقوب ابن ابراهيم قال حدثنا ابن علي ابن ابي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن اية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فابى ان يقول فيها اسناده صحيح. وقال ابو عبيد حدثنا اسماعيل ابن ابراهيم عن ايوب عن ابن ابي مليكة انه قال سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله عن يوم كان مقداره الف سنة فقال ابن عباس رضي الله عنهما فما يوم كان مقداره خمسين الف سنة فقال الرجل انما سألتك لتحدثني فقال ابن عباس رضي الله عنهما هما يومان ذكرهما الله في كتابه والله اعلم به ما فكره ان يقول في كتاب الله ما لا يعلم. وقال ابن جرير حدثني يعقوب ابن ابراهيم قال حدثني يجعل مهدي ابن ميمون عن الوليد ابن مسلم انه قال جاء طلق ابن حبيب الى جند ابن عبد الله فسأله عن اية من القرآن فقال احرج عليك ان كنت مسلما لما قمت عني او قال ان تجالسني وقال مالك عن يحيى ابن سعيد عن سعيد ابن المسيب انه كان اذا سئل عن تفسير اية من القرآن قال انا لا نقول في القرآن شيئا وقال ليث عن يحي ابن سعيد عن سعيد ابن بانه كان لا يتكلم الا في المعلوم من القرآن. وقال شعبة عن عمرو بن مرة انه قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن ايات من القرآن فقال لا تسألني عن القرآن. وسل من انه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة فقال ابن شوذب حدثني يزيد ابن ابي يزيد قال كنا نسمع سعيد ابن المسيب عن الحلال والحرام وكان اعلم الناس فاذا سألناه عن تفسير اية من القرآن سكت كان لم يسمع وقال ابن جرير حدثنا احمد ابن عبد قال حدثنا عثمان ابن زيدين قال حدثنا ابن عمر قال لقد ادركت فقهاء المدينة وانهم ليعظمون القول في التفسير منهم ابن عبد الله والقاسم ابن محمد وسعيد ابن المسيب ونافع. وقال ابو عبيد حدثنا عبد الله بن صالح عن الليثي عن ابن عرة انه قال ما سمعت ابيت اول اية من كتاب الله وعن محمد ابن سيرين انه قال سألت عبدة السلمانية عن اية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعلمون فيما انزل من القرآن فاتق الله وعليك بالسداد. وقال ابو عبيد حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار عن ابيه انه قال اذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده. قال حدثناه شيء عن مغيرة عن ابراهيم انه قال كان اصحابه يتقون التفسير ويهابونه. وقال شعبة عبدالله بن ابي السفري قال قال الشعبي والله ما من اية الا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله. وقال ابو عبيد حدثناه شيء قال انبأنا عمر ابن ابي زائدة عن الشعبي مسروق لانه قال اتقوا التفسير فانما هو الرواية عن الله فهذه الاثار الصحيحة وما شاكلها عن ائمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فاما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه. ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم اقوال في التفسير ولا منافاة. لانهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه. عما جهلوه. وهذا هو الواجب على لاحد فانه كما يجب السكوت عما لا علم له به. فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه. لقوله تعالى لتبيننه للناس ولا تكتمونه ولما جاء في الحديث المروي من طرق من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار. قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا مؤمنون قال حدثنا سفيان عن ابي الزنادي انه قال قال ابن عباس رضي الله عنهما التفسير على اربعة اوجه وجه تعرفه العرب من كلامها او تفسير لا يعذر احد بجهادته وتفسير العلماء تفسير لا يعلمه الا الله تعالى ذكره. والله سبحانه وتعالى اعلم لما بين المصنف رحمه الله في الفصل المتقدم انه يرجع في معرفة التفسير الى تفسير القرآن بالقرآن ثم يطلب تفسير القرآن من السنة ثم اذا عدم منهما طلب تفسير القرآن من ذكر في هذا الفصل تفسير القرآن مأخوذا عن التابعين. وافرد هذا الفصل عن سابقه لان الفصل المتقدم متفق على حجة التفسير بما ذكر فيه فان تفسير القرآن بالقرآن او تفسير القرآن بالسنة او تفسير القرآن بكلام الصحابة متفق على حجيته اما تفسير القرآن بكلام التابعين بكلام التابعين فمختلف فيه كما قال ولقد لقد رجع اكثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين. ومعنى قوله رجع كثير من الائمة ان يكون منهم من لم يرجع الى ذلك. فالطرق الثلاث الاولى المتقدمة متفق عليها. واما هذا الطريق الرابع فمختلف فيه والصحيح انه يرجع الى التابعين بعد الصحابة. لانهم اخذوا التفسير عنه فاذا عدم التفسير عن الصحابة كان المفزع الامن هو الفزع الى تفسير التابعين رحمهم الله تعالى واقوال التابعين في التفسير نوعان واقوال التابعين في التفسير نوعان. احدهما ما اتفقوا عليه فلم يختلفوا فيه ما اتفقوا عليه فلم يختلفوا فيه. ومثل هذا لا ينبغي ان يرتاب في كونه حجة ومثل هذا لا ينبغي ان يرتاب في كونه حجة. فانه من جنس الاجماع. فانه من جنس الاجماع والاخر ما اختلفوا فيه. وحينئذ لا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويلتمس الترجيح بامر خارجي هو الذي يسميه المشتغلون بعلم التفسير ارائنا الترجيح واليه اشار المصنف بقوله ويرجع في ذلك الى لغة القرآن او السنة او عموم لغة العرب او اقوال الصحابة في ذلك فان هذه المذكورات من جملة المرجحات. وكلام في التفسير مأخوذ بالنقر كما تقدم عن الصحابة. فان كثيرا منهم عرضوا القرآن من اوله الى على اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وسبق خبر مجاهد ابن جبر. وابي الجوزاء الربعي انه ما عرض المصحف على ابن عباس واخذ عنه التفسير. كل واحد منهما على حدد وقد يتكلم التابعون في التفسير على وجه الاستنباط والاستدلال. كما تكلموا بذلك الاحكام وذكر المصنف في صدر كلامه الذي تقدم انهم اختلفوا في التفسير اختلافهم في الاحكام لانهم تكلموا في التفسير استنباطا واستدلالا كما تكلموا في الاحكام استنباطا واستدلالا لما تجدد من الاحوال في من التابعين فاحتاجوا معها الى الاستنباط والاستدلال من القرآن. فصدر عنهم من الكلام في التفسير ما لم الينا عن الصحابة رضي الله عنهم. والى الاستنباط والاستدلال اشير في علم التفسير بالتفسير بالرأي والى الاستنباط والاستدلال اشير في علم التفسير بالتفسير في الرأي. فان الرأي هو ما يقتضيه وما يقتضيه الاستدلال والنظر هو ما يقتضيه الاستدلال والنظر فاذا ذكر التفسير بالرأي فالمراد ما تكلم به فيه على وجه الاستنباط والاستدلال. وروي احاديث في التحذير من التفسير بالرأي لا يصح منها شيء. والمنقول عن السلف في التفسير بالرأي ثلاثة احوال والمنقول عن السلف في التفسير في الرأي ثلاثة احوال فالحال الاولى تكلمهم بذلك تكلمهم بذلك فانهم تكلموا في تفسير القرآن بالرأي في مواضع لا يمكن جحدها فانهم تكلموا في تفسير القرآن بالرأي في مواضع لا يمكن جحدها. والحال الثانية ذم تفسير ذم تفسير القرآن بالرأي. والحال الثالثة التحرج من الكلام في القرآن بالرأي التحرج من الكلام في تفسير القرآن بالرأي. ولا تعاضد بين هذه الاحوال الثلاث بحمد الله فان تفسير القرآن بالرأي نوعان فان تفسير القرآن بالرأي نوعان احدهما رأي محمود رأي صحيح محمود. وهو ما قام عليه الدليل واحتمله اللفظ. وهو ما قام عليه الدليل واحتمل اللفظ والاخر راي باطن مذموم رأي باطن مذموم وهو ما لم يقم عليه ولا احتمله اللفظ وهو ما لم يقم عليه الدليل ولاحتمله اللفظ. فالاول هو الذي كلم به السلف والثاني هو الذي ذمه. فالاول هو الذي تكلم به السلف. والثاني هو الذي ذموه. فالكلام المنقول عن على وجه الرأي في مواضع من تفسير القرآن الكريم هو من جنس الرأي المحمود. وما جاء عنهم من ذنب في التفسير بالرأي فانهم يريدون به الرأي الباطل المذموم. اما الحال الثالثة المنقولة عنهم من التحرج في الكلام من الكلام في القرآن بالرأي فمحمولة على الحال التي لا يرجع لهم فيها الكلام بالرأي المحمود فيمسكون عن الكلام حينئذ ويتحرجون منه. فتلك الاحوال التي كانوا عليها هي احوال صحيحة يحدو اليها ما ذكرناه من النوعين المنقولين في الرأي ثم ختم المصنف رحمه الله مقدمته بقول ابن عباس في قسمة التفسير اربعة اقسام ثم ختم المصنف مقدمته بذكر كلام ابن عباس في قسمة التفسير اربعة اقسام اولها قسم تعرفه العرب من كلامها جسم تعرفه العرب من كلامها. فالمرجع فيه الى اللسان العربي. فالمرجع فيه الى اللسان العربي. كقول تعالى لدلوك الشمس. فان العربي يعرف ان الدلوك هو الزوال. كقوله تعالى لدلوك الشمس فان العربي يعرف ان الدلوك فهو الزواج. وثانيها قسم لا يعذر احد بجهالته. لانه من العلم المنتشر الذي لا يحتاج الى بيان لانه من العلم المنتشر الذي لا يحتاج الى بيان كشرائع الاسلام الظاهر قوله تعالى مثلا اقم الصلاة يعرف كل مسلم معنى اقامة الصلاة بادائها على الصفة الشرعية التي نقلت عليها والثالث قسم يعلمه العلماء ويختص بهم دون غيرهم. قسم يعلمه العلماء ويختص به بهم دون غيرهم وهو بالمحل الاعلى من التفسير. كقوله تعالى وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا فان العالم يعلم ان المقصود بالقرآن هنا الصلاة. ومعنى مشهودا ان الملائكة تشهدها والقسم الرابع قسم لا يعلمه الا الله. قسم لا يعلم الا الله ومحله الحقائق دون المعاني. ومحله الحقائق دون المعاني. فليس القرآن لفظ مجهول معمى لا تعلمه الامة كلها فليس في القرآن لفظ مجهول معمى لا تعلمه الامة كلها فيكون فيهم من يعلمه وفيهم من لا يعلمه. لكن الذي لا يعلمونه جميعا هو حقائق اشياء ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن. كقوله تعالى بل يداه مأسوطتان. فان العربية يعرف معنى اليد لكن لا يعرف حقيقة يد الله سبحانه وتعالى. فهذا القسم من التفسير لا الا الله سبحانه وتعالى. وهذا اخر البيان على معاني هذا الكتاب بما يناسب المقام. اكتبوا طبقة سمع علي جميعا مقدمة المقدمة في اصول التفسير بقراءة غيره صاحبنا ويكتب اسمه تاما فتم له ذلك في مجلس واحد في الميعاد المثبت في محله من نسخته. واجزت له روايته عني اجازة خاصة من معين لمعين في معين باسناد مذكور في منح المحرومات اجازة طلاب المهمات والحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه صالح ابن عبد الله ابن حمد العصيمي يوم الاربعاء الرابع من شهر جمادى الاولى سنة ثمان وثلاثين واربعمائة والف في المسجد النبوي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الكتاب النفاع اصل في علم اصول التفسير فهو حقيق بان يكون محفوظا الا ان وضعه الذي وضعه عليه المصنف يعسر معه الحفظ عادة. مما دعا الى اختصاره بالاقتصار على مهماته في جزء مفرد اسمه خلاصة مقدمة التفسير اثبت في موضعه من الجزء الثاني وهذا اخر هذا المجلس والحمد لله رب العالمين. من الجزء الثاني وهذا اخر هذا المجلس الحمد لله رب العالمين