نعم السلام عليكم قال النووي رحمه الله الحديث الحادي والثلاثون عن ابي العباس سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل اذا عملته احبني الله واحبني الناس فقال زد في الدنيا يحبك الله وزد فيما عند الناس يحبك الناس. حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره باسانيد حسنة. قال العطاري رحمه الله اما كون الزاهد في الدنيا سببا لمحبة الله تعالى فلأن الزاهد في الدنيا غالبا يكون راغبا في الآخرة ومتى كان راغبا في الآخرة عمل بأعمال اهلها واحبه الله تعالى واما كون الزاهد فيما عند الناس سببا لمحبتهم فلان الدنيا خطيرة حلوة. معشوقة لبنيها. فمتى زهد فيما عندهم وترك كمحبوبهم فمتى زهد فيما عندهم وترك محبوبهم ولم يزاحمهم فيه احبه والله اعلم. قال النووي رحمه الله الحديث الثاني والثلاثون عن ابي سعيد سعد ابن مالك ابن سنان الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار. حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما مسند ورواه مالك في الموطأ مرسلا عن عمرو ابن يحيى عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فاسقط ابا سعيد وله طرق يقوي بعضها بعضا. قال ابن العطاري رحمه الله قوله لا ضرار بكسر الضاد ومعناه لا يضر المسلم نفسه ولا غيره في نفس ولا مال ولا عرض. كما ورد في الحديث الاخر الاتي ذكره المسلم واخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. الخذل ترك الاعانة والنصر. والاحتقار هو ان لا يتكبر عليه ويستصغره ويستقله. وسيأتي الكلام في على شرحه في الحديث الخامس والثلاثين قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثالث والثلاثون عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال اموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من انكر حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا وبعضه الصحيحين قال ابن العطار رحمه الله هذا الحديث اصل عظيم وقاعدة من القواعد الفقهية في باب الدعاوى الدعوى والبينات. وهو ان كل من ادعى دعوا فانكر المدعى عليه فالقول قول المدعى عليه مع يمينه الا في مسائل من جملتها لو ادعى الصبي انه غير بالغ اذا فالقول قوله من غير يمين والبينة عن المدعى عليه الا في الدية اذا ادعى القتل مع الموت فاليمين في جانب المدعي وذلك دليل خاص الوارد في ذلك الباب. وخالف الامام ابو حنيفة رحمه الله تعالى في بعض مسائل الباب والله اعلم بالصواب. اراد المصنف رحمه الله تعالى بما اكثر من الاستثناء الانباه الى ورود ادلة اخرى جعلت فيها اليمين في جناب المدعي والادلة تدل على ان الحاكم في ذلك القرائن التي تحتف بالقضية فان الاصل ان البينة على وان اليمين على المدعى عليه وقد يخرج عن هذا الاصل بحسب القرائن التي تحتف بالقضية فيما يقدره القاضي فهي قاعدة اغلبية قد يخرج عنها بحسب القرائن التي ترشد الى اقوى الجانبين في البينة او اليمين. نعم احسن الله اليكم. قال النووي رحمه الله الحديث الرابع والثلاثون عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره فليغيره غيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان رواه مسلم. قال ابن العطار رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم فليغيره هو امر ايجاب باجماع الامة وقد تطابق على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة واجماع الامة وهو ايضا من النصيحة التي هي الدين ولم يخالف لذلك الا بعض الرافضة ولا يعتد بخلاف كما قال الامام ابو المعالي معالي امام الحرمين لا لا يكترث بخلافهم في هذا لا يذكر اسمه لا يكترث بخلافهم في هذا فقد اجمع المسلمون عليه قبلهم وجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة. واما قوله تعالى عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم فليس مخالفا لما ذكرناه لان المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الاية انكم اذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى. واذا كان كذلك فمما كلف به الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا. فهو لم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه ادى ما عليه فانما عليه الامر والنهي لا القبول والله اعلم ثم هو فرض كفاية اذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين. والا اثم من علم وتمكن بلا عذر ولا خوف. ثم انه قد يتعين ما اذا كان في موضع لا يعلم به الا لا يعلم به الا هو او لا يتمكن من ازالته غيره. كمن يرى زوجته او غلامه على منكر قال العلماء ولا يسقط عن المكلف لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله فان الذكرى تنفع المؤمنين. وواجبه الامر والنهي للقبول. قال تعالى ما على الرسول الا البلاغ. ومثل العلماء هذا بمن يرى انسانا في الحمام او غيره مكشوف العورة. قال العلماء ولا يشترط في الامر والناهي ان هنا كامل الحال ولا وان لا يكون متلبسا بالمنكر. اذ هو مأمور بشيئين بترك تلبسه ونهي غيره. فاذا اخذ باحدهما لزم لزم الاخر قال اصحابنا ولا يختص ذلك باصحاب الولايات بل هو ثابت لاحاد المسلمين. قال امام الحرمين والدليل عليه اجماع المسلمين فان غير الولاة في الصدر الاول والثاني كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر. مع تقرير المسلمين اياهم وترك توبيخهم. ثم انه ثم انه انما يأمر وينهى عن ذلك باختلاف الشيء فان كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها. فكل المسلمين علماء بها وان كان من دقائق الافعال والاقوال مما يتعلق باجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم انكاره. بل ذلك للعلماء. ثم العلماء انما العلماء اجمع عليه اما المختلف فيه فلا انكر فيه رحمه الله تعالى وان كان من دقائق الافعال والاقوال ومما يتعلق باجتهاد لم لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم انكاره بل ذلك للعلماء لانه قد يغمض علمه على السواد الاعظم ولا اطلعوا على معرفة حقيقته الا العلماء الراسخون. وبنى المحققون على هذا ما ذكره الشاطئ في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم ان البدع المضلة وزلات العلماء انما يتصدى لكشفها العلماء الراسخون فان ذلك مما يغمض ويحتاج فيه الى علم واسع فيكون موكولا الى العالم الراسخ دون عوام الناس ودهمائهم. نعم احسن الله اليكم ثم ان العلماء انما ينكرون ما اجمع عليه اما المختلف فيه فلا ينكر فيه فلا انكار فيه. لان على احد المذهبين كل مجتهد مصيب. وهذا هو عند كثيرين من المحققين او اكثرهم وعلى المذهب الاخر المصيب واحد والمخطئ غير متعين لنا والاثم مرفوع عنه لكن ان ندبه على جهة الى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب الى فعله برفق. فان العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف اذا لم يلزم منه اخلال بسنة او وقوع في خلاف اخر ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من ان العلماء انما ينكرون ما اجمع عليه اما المختلف فيه فلا انكار وفيه حق فلا انكار فيه حق باعتبار العمل. اما باعتبار العلم فلا فان الانكار في المسائل المختلف فيها له مأخدان احدهما الانكار المتعلق بالعلم. وذلك بالرد المخالف وبيان ضعف قوله ورد شبهته والثاني الانكار في العمل فهذا لا ينكر فيه الا على مجمع عليه. ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى. فيكون عن قول اهل العلم لا انكار في المسائل الاجتهادية اي بما يتعلق بالعمل اما ما يتعلق بالعلم بها فهي محط انظار ومنازع افهام فمن بدا له رجحان قول ابداه ولو زيف القول الاخر تضعيفه ورد ادلته فلا يكون ملوما في ذلك. وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من ان المختار عند كثير من المحققين ان كل مجتهد مصيب الصحيح عند المحققين ان ذلك باعتبار الثواب والجزاء. اما باعتبار اصابة الحق بنفسه فانه لا يكون الا لواحدة. نعم. احسن الله اليكم. وذكر المواردي والبصري والشافعي في الاحكام السلطانية خلافا بين العلماء في ان من قلده الحس حسبتها له ان يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء اذا كان المحتسب من اهل الاجتهاد ام لا يغير ما كان علامته بغيره والاصح انه لا يغير لما ذكرناه ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة والتابعين. ولذلك قالوا ليس للمفتي ان يعترض على من خالفه اذا يخالف نصا او اجماعا او قياسا جليا والله اعلم. واعلم ان هذا الباب قد رحمه الله والاصح انه لا يغير هذا صحيح باعتبار الوضع العلمي. اما باعتبار السياسة الشرعية فلا. فانه لا يستقيم للناس حال في مصالحهم الدنيوية اذا مكن كل مخالف من التمسك بقول من الاقوال. فالذي لسياسة الشرعية حمل الناس على قول واحد حتى يستقيم امرهم في امور دنياهم ويستوفون مصالحهم. اما اذا تركوا كل يقول بقوله في مسألة من المسائل ويعمل بها اوجب ذلك الفرقة والاختلاف بين المسلمين ومن اعظم المسائل التي عنت الشريعة وصد بابها وقطع دابرها الفرقة والاختلاف بين المسلمين فمن ولي الحسبة حملهم على مذهب معين لان انتظام حياتهم لا يكون الا به ولم يزل الامر كذلك في دول المسلمين. نعم. احسن الله اليكم واعلم ان هذا الباب قد ضيع من ازمان كثيرة واذا كثر الخبث عما العقاب الصالح والطالح واذا لم يأخذوا على يد الظالم او شك ان يعمهم الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. فينبغي لطالب الاخرة والسعي في تحصيل رضا الله عز وجل ان يعتني بهذا الباب فان نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه ويخلص نيته ولا يهادن من ينكر عليه الارتفاع مرتبته فان الله تعالى قال ولينصرن الله ولينصرن الله من ينصره. وقال تعالى ومن ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم. وقال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقال تعالى احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد ان الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين. واعلم ان الاجر على قدر النصب ولا يتركه ايضا لصداقته ومودته في مداهنته وطلب الوجاهة عنده فان صداقته مودته توجب له حرمة وحقا. ومن حقه نصحه ان يهديه الى مصالح اخرته صديق الانسان من سعى في عمارة اخرته وان ندى ذلك الى نقص دنياه وعدو الانسان من سعى في اصلاح دنياه بفساد اخراه وانما كان ابليس عدوا لنا بهذا وكانت الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح اخرتهم. ونسأل الله الكريم ان يوفقنا واحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته وان يعمنا بجوده ورحمته والله اعلم. وينبغي للامر بالمعروف والناهي عن المنكر ان يرفق ليكون اقرب الى تحصين فقد قال الامام الشافعي رضي الله عنه من وعظ اخاه سرا فقد نصحه وزانه. ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه. ومما يتساءل الناس فيه هو من هذا الباب ما اذا رأى انسانا يبيع متاعا معيبا او نحوه فانهم لا ينكرون ذلك ولا يعرفون المشتري بعيبه وهذا وام ظاهر وقد نص العلماء على انه يجب على من علم ذلك ان ينكره على البائع ويعلم المشتري به واما صفة النهي ومراتبه فقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه. فقوله صلى الله عليه وسلم بقلبه معناه فلينكره بقلبه. وقول ذلك اضعف الايمان معنى واقله ثمرة والله اعلم. قال القاضي عياض هذا الحديث اصل في صفة التغيير والمغيري ان يغيره بكل وجه امكنه زواله به قولا كان او فعلا فليكسر الات الباطل ويريق المسكر بنفسه او يأمر من يفعله ينزع المغصوب ويردها الى اصحابها ويرفق في التغيير جهده بالجاهل وبذي العزة الظالم المخوف شره ويغلظ على في غيره اذا امن من ثوران مفسدة. وان خشي مفسدة ووجد من يعينه على ذلك استعان به. وليس له البحث والتجسس. قال الموردي ليس للمحتسب ان يبحث عما لم يظهر من المحرمات فان غلب على الظن الست فان غلب على الظن استسرار قوم بها لامارة واثار ظهرت فذلك فلذلك ضربان احدهما ان في انتهاك حرمة يفوت استدراكها مثل ان يخبره من يثق به ان رجلا خلا برجل يريد قتله فيجوز له في مثل هذا ان يتجسس الثاني ما لا يفوته مصلحة فان سمع اصوات الملاهي من خارج الدار لم يهجم عليها بالدخول ولا يكشف عن الباطن. وقد ذكر اردي في اخر الاحكام السلطانية بابا حسنا في الحسبة مشتملا على جمل من قواعد الامر بالمعروف والنهي عن عن المنكر فليراجع. وقد بسط الشيخ رضي الله تعالى عنه مقاصده هنا رحمه الله وسائر علماء المسلمين قال النووي رحمه الله الحديث الخامس والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجسوا ولا تباغضوا ولا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله اخوانا. المسلم اخي المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره التقوى ها هنا ويشير الى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم قال ابن العطار رحمه الله قوله ولا يكذبه بفتح الياء واسكان الكاف قوله بحسب امرئ من الشر باسكان الصين ان يكفيه من الشر قوله المسلم واخو المسلم هو مجاز اما من جهة ادم وحواء هما اباء ابوا البشر واما من جهة الاخوة فهي النصرة والموالاة. قوله ولا ايخذله رحمه الله هو مجاز اما من جهة ادم وحواء هما ابوا البشر واما من جهة الاخوة اي الاخوة الدينية فهي النصرة والموالاة والصحيح التاني فان اخوة المسلم المسلم هي اخوة دينية تقتضي النصرة والموالاة وتنتفي مع غيره فلا يقال المسلم اخو الكافر على ارادة الاخوة العامة في اشتراكهما في اب وام هما وحواء فان اخوة المسلم تختص باخوة دينية لا تكون الا لمسلم مثله. نعم ولا قال العلماء الخذل ترك الاعانة والنصرة ومعناه اذا استعان به في دفع ظالم او نحوه لزمه اعانته اذا امكنه ولم يكن له عذر شرعي وقد بين ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه قوله التقوى ها هنا معناه التقوى في القلب كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله اذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. قول ولا تحاسدوا ولا تناجسوا الى اخره. الحسد تمني زوال نعمة الغير وهو حرام والنجس هو ان رحمه الله الحسد تمني زوال نعمة الغير وهو حرام لا يلزم وجدان ذلك فالاصل الحسد الكراهية وصول النعمة الى غيره. كراهية وصول النعمة الى غيره. ولو لم يتمنى زوالها. ذكره وابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى احسن الله اليكم والنتج هو ان يزيد في الثمن ليغر غيره فيغتر به وهو حرام وتدابر المعاداة قوله والنجش هو ان يزيد في التمن الى اخره هذا نوع منه. والا فالاصل الكلي للنج هو التوصل الشيب مكر وحيلة والتوصل للشيء بمكر وحيلة فيكون النهي عنه نهي عن اتخاذ الحيل ايدي وسائل الوصول الى المقاصد. نعم. احسن الله اليكم والتدابر والمعاداة وقيل المقاطعة لان كل واحد يولي صاحبه دبره وقوله لا يبع بعضكم على بيع بعض صورته ان يقول لمن اشترى شيئا بشرط الخيار افسخ هذا البيع وبيع وانا ابيعك مثله باقل من هذا الثمن وحرام ايضا وقوله وكونوا عباد الله اخوانا اي تعاملوا وتعاشروا معاملة الاخوة ومعاشرة بالمودة والرفق والمشقة والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال. قال بعض العلماء وفي النهي عن التباغض اشارة الى النهي عن الاهواء المضلة الموجبة تباغض. قال النووي رحمه الله الحديث السادس والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مؤمن كربة من كرب بالدنيا نفس الله عنهم كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله ولم يسرع به نسبه. رواه مسلم بهذا اللفظ. قال ابن رحمه الله هذا حديث جامع لانواع من العلوم والقواعد والاداب ومعنى نفس الكربة ازالها ففيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر ومن علم او مال او معاونة او مشاورة بمصلحة او نصيحة وغير ذلك. وفيه فضل الستر على المسلمين وفضل ايثاء انظار المعسر وفضل المشي في طلب العلم الزم من ذلك فضل الاشتغال بالعلم والمراد بالعلم الشرعي بشرط ان يقصد به وجه الله تعالى وان كان هذا الشرط في كل عبادة لكن عاد لكن عادة يقيدون هذه المسألة لكونه قد يتساءل فيه بعض الناس ويغفل عنه بعض المبتدئين ونحوهم. قوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسون وبينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة. قيل المراد بالسكينة هنا الرحمة وهو الذي اختاره القاضي عياض وهو ضعيف قل لعطف الرحمة عليه وقيل طمأنينة والوقار وهذا حسن. وفي هذا الحديث دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد وهو مذهب مذهب هنا ومذهب الجمهور وقال مالك يكره وتأوله بعض اصحابه ويلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة الاجتماع في مدرسة ورباط ونحوهما ان شاء الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. معناه من كان عمله ناقصا لم يلحقه نسبه بمرتبة اصحاب لم لم يلحقه ونسبه بمرتبة اصحاب الاعمال السلام عليكم. فينبغي الا يتكل على شرف النسب وفضيلة الاباء ويقصرا في العمل. ذكر هذه الجملة شيخنا محي الدين رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم قال النووي رحمه الله الحديث السابع والثلاثون عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال ان الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها فكتبها الله عنده حسنة كاملة وان هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. وان بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف. فانظر يا اخي وفقنا الله واياك الى عظيم لطف الله تعالى تأمل هذه الالفاظ وقوله عنده اشارة الى الاعتناء بها وقوله كاملة لتأكيد وشدة الاعتناء بها. وقال في السيئة التي هم بها ثم تركها كتبها الله عنده حسنة كاملة فاكدها بكاملة وان عملها كتبها سيئة واحدة. فاكد تقليلها بواحدة ولم يؤكدها بكاملة. فلله الحمد المنة سبحانه لا نحصي ثناء عليه وبالله التوفيق. قال ابن العطار رحمه الله قد تكلم الشيخ المصنف رحمه الله تعالى على دقيق معاني هذه الالفاظ وما فيها من الطاف الله تعالى بهذه الامة والذي يحتاج الى معرفته ايضا ان هذا جميعه لمن هو من هذه الامة وهو مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لامته عما حدثت به انفسها انفسها ما لم تعمل ولم يبعد ولم يبعد ان يكون تضعيف الحسنة الى عشرة الى سبعمئة الى اضعاف كثيرة غاصوا بهذه الامة وفيه دليل على كرامتها ما اخبر به صلى الله عليه وسلم. ودليل على كرامتها احسن الله اليكم ودليل على كرامتها ما اخبر به صلى الله عليه وسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم احلت لنا الغنائم وجعلت لنا الارض مسجد وتربتها طهورا وعدت لنا الارض مسجدا السلام عليكم وجعلت لنا الارض مسجدا وتربتها طهورا ومنها ومن طهورا ومنه ايضا صوم يوم عرفة كفارة منذ سنتين وهو متقدم المشروعية ومنه ايضا الخطأ والنسيان ما استكرئوا عليه وهو مفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استترهوا عليه وهو الحديث التاسع والثلاثون قال النووي رحمه الله الحديث الثامن والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال من عاد لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذن لاعيذنه. رواه البخاري قال الشارح رحمه الله قوله فقد اذنته هو بهمزة ممدودة اي اعلمته بانه محارب لي. قال صاحب الافصاح رحمه الله تعالى في هذا من الفقه ان الله عز وجل قدم الاعذار الى كل من عادى اولياءه فانه بنفس المعاداة للولي اذان من ان الله عز وجل محاربه ان اخذه على غرة فان ذلك بعد الاعذار بتقديم الانذار وولي الله عز وجل هو الذي يتبع ما شرعه الله تعالى لعباده من الفرائض والحلال والحرام على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من عادى لي وليا اي اتخذه عدوا ولا ما قيل في ولي الله عز وجل ما ذكره ابن ابي العز في شرح الطحاوية فقال هو من والى الله بفعل محبوباته والتقرب اليه بطاعاته من والى الله بفعل محبوباته والتقرب اليه بفعل طاعاته نعم احسن الله اليكم وهو ان تضمن معنى توجيه القول الى من عادى اولياء الله من اجل ولايته فانه يشير الى التحذير من ايذاء قلوب اولياء على الاطلاق وقوله عز وجل وما تقرب الي عبدي بشيء احب الى اخره انه اشير الى انه لا لا تقدم نافلة على فريضة انما تسمى النافلة نافلة اذا اي اذا اديت الفريضة او قضيت الفريضة والا فلا يتناولها اسم نافلة ويدل عليه قوله عز وجل ما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. لان التقرب بالنوافل يكون باداء الفرائض بدليل انها ذكرت بعد ذكر الفرائض. ومتى ادام العبد بالنوافل افضى ذلك الى ان يحبه الله عز وجل. ثم قال سبحانه وتعالى فاذا احببته كنت سمعه الى اخره. قوله ولئن استعاذني لاعيذنه ضبطه بالنون والباء ضبطه بالنون والباء وكلاهما صحيح هذا الحديث من الاحاديث المرفوعة التي رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذني واستعاذ بي نعم السلام عليكم هذا الحديث من الاحاديث المرفوعة التي رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قول الباري وقد يتقدم من ذلك احاديث كثيرة في هذا الكتاب وهو اقوى الاحاديث واصحها قال وان كنا نكلها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم المخبر عن الله تعالى اذ لا ينطق عن الهوى. وفي هذا الحديث الزجر العظيم عن معاداة اوليا الله تعالى امشاقتهم ومخالفتهم عادات بالتاء المربوطة معاداة اصلحوها عن معاداة اولياء الله السلام عليكم ومشقاتهم وشاقتهم ومشاقتهم ومخالفتهم وان من تعرض لذلك فقد عرض نفسه للهلكة ولمقت الله تعالى اعاذنا الله من ذلك. وفي ان فعل المفروضات من والصيام والزكاة والحج الى غير ذلك من الامور الواجبة شرعا كالنذر والنفقات الواجبة والدنيا والزكوات مقرب الى الله تعالى محصل للسلامة وان التقرب بالنوافل السنن الراتبة والضحى وتهجد الليل وصوم التطوع وصدقة التطوع الى غير ذلك من النوافل التي ترقي العبد الى درجة الصالحين والى مرتبة الصديقين حين اذا سألوا الله اعطاهم وان استعاذوا من امر سوء نزل بهم او بغيرهم اعادهم جعلنا الله منهم امين يا رب العالمين ولا اراه الا انه علامة وانه لم يكن عز وجل قد احبه الا ان يكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وتصور انه لا يسمع ما لم يأذن له ما لم يأذن له السمع في سماعه. الشرع. الشرع احسن الله اليكم ما لم يأذن له الشرع في سماعه ولا يبصر ما لم يأذن الشرع له في ابصاره. ولا يمد يدا يدا الى ما لم يأذن الشرع له في مد يده اليه ولا يسعى برجليه الا الى الا فيما يأذن له الشرع في السعي بها اليه فهذا هو الاصل. الا انه قد يغلب على عبد ذكر الله تعالى حتى يعرف بذلك. فاذا خوطب بغيره لم يكد يسمع لمن يخاطبه حتى يتقرب بذكر الله على حتى يتقرب بذكر الله غيروا اهل ذكر الله توصلا الى ان يسمع لهم وذلك طبقة عالية. نسأل الله ان يجعلنا من اهلها والله الموفق للصواب قال النووي رحمه الله الحديث التاسع وثلاثون عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما قال الشارح رحمه الله تعالى مفهوم هذا الحديث اختصاص هذه الامة بهذه الاحكام وذلك لطف الله تعالى بهم وقد تقدم من ذكره هذه الخصيصة خصائص اخرى الخصيصة السلام عليكم وقد تقدم من ذكر هذه الخصيصة مع ذكره خصائص اخرى في شرح الحديث السابع والثلاثين قوله صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لي عن امتي النسيان وما سكره عليه معناه تجاوز لي عنهم حكم الخطأ وحكم النسيان وحكم ما استكرهوا على فعله. وهذا كما لو حلف بالله تعالى طلاق الا يفعل الشيء الفلاني ففعله ناس او جاهلا او مكرها فانه لا يحنث على المذهب الصحيح عند المتأخرين من اصحابنا الشافعيين ومعناه رفع حكم الاثم اما الحقوق المالية فلا ترفع فلو اتلف مالا لغيره ناسيا او مخطئا او مكرها فلا اثم عليه ويلزمه غرامته وذلك للادمي والله واعلم قال النووي رحمه الله الحديث الاربعون عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبه فقال كن في الدنيا كأنك غريب او او عابر سبيل وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري قال ابن العطار رحمه الله فيه من الفقه الا يركن العاقل الى الدنيا ولا يتخذها وطناه ولا يحدث نفسه بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها ولا يتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه ولا يشغله ولا يشغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى فيها سلام عليكم ولا يشغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى اهله. ومتى جعل ذلك نصب عينيه وعناية جهده؟ اجتهد في تحصيل الزاد واصلح الله حاله يوما قال النووي رحمه الله الحديث الحادي والاربعون عن ابي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه وتبعا لما جئت به حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح قال ابن عطاري رحمه الله قد جاءت احاديث كثيرة موافقة لهذا الحديث ان من اتبع هواه وخالف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون مؤمنا وهذا كقول تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلمه تسليما. قال النووي المصنف رحمه الله تعالى من مجيء احاديث كثيرة توافق هذا الحديث وايراد الاية المذكورة في معناه على ارادة ان الهوى المذكورة في قوله حتى يكون هواه المراد به مجرد الميل. فمعنى الحديث لا يؤمن احدكم حتى يكون ميله تبعا لما جئت به. وهذا معنى متحقق مجزوم به. واما الهوى بمعنى مخالفة الحق فهذا ليس مرادا في الحديث نعم احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله الحديث الثاني والاربعون عن انس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما على ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. قال ابن العطار رحمه الله اعلم ان هذا الحديث فيه بشارة عظيمة وحلم وكرم عظيم من الله تعالى وما لا يحصى من انواع الفضل والاحسان والرأفة والرحمة والامتنان. وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لا الله اشد فرحا بتوبة العبد بتوبة احدكم من بتوبة احدكم من احدكم بضالته اذا وجدها وهو حديث صحيح والفرح من الله رضاه عن العبد. وعن ابي ايوب انه قال حين حضرته الوفاة كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا انكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون هنا ثم يستغفرون فيغفر لهم. قول يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني. هذه موافقة لقوله تعالى ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادته. ولذلك ورد عنه سبحانه انه قال انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. وقد جاء في العبد اذا اذنب ثم ندم قال ربي اذنبت ذنبا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي. فيقول عز وجل اذنب عبدي ذنبا وعلم ما يغفر. ويأخذ بالذنب ملائكتي اني قد غفرت له ثم فعل مثل ذلك ثم يقول اعمل ما شئت فقد غفرت الذنوب ما استغفرت. واعلم ان للتوبة ثلاثة شروط. الاول الاقلاع عن الذنوب والثاني الندم على ما فات والثاني العزم الزيادة من الناشر يقتضيها السياق. نعم. احسن الله اليكم والثالث العزم على انه لا يعود وان كانت حق ادمي فليبادر باداء الحق اليه والتحلل منه. وان كانت بينه وبين الله تعالى وفيها كفارة فلابد من فعل كفارة وهذا شرط رابع. فلو فعل الانسان مثل هذا في اليوم مرارا وتاب التوبة بشروطها فان الله يغفر له. قوله رحمه الله وان كانت حقا ادمي فليبادر باداء الحق اليه. والتحلل منه. ان لم يتضمن ذلك مفسدة. فان تضمن مفسدة اوصل الحق اليه وسقط عنه التحلل منه. فايجاب التحلل دائر مع اندفاع المفسدة ومع وجدانها فانه لا يجب ان يتحلل منه. وبناء على هذا ذهب المحققون الى ان من اغتاب احدا كفاه ان يدعو له ولم يحتج الى تحلله من لانه يترتب عن اخباره له بما وقع منه اخباره بشيء يسوءه وهو قول الشافعي واختياره ابي عبدالله ابن القيم رحمه الله تعالى فكفارة من اغتاب لاحد ان يدعو له دون حاجة الى تحل لي منه. نعم فلو فعل الانسان مثل هذا في اليوم مرارا وتاب التوبة بشروطها فان الله يغفر له. وقوله على ما كان منك اي من تكرار معصيتك. وقول ولا ابالي اي ولا لا ابالي بذنوبك اذا استغفرت ربك واستقل واستقلتا استقلت ذنبك ولجأت اليك واستغفرت فانه اهل التقوى واهل المغفرة وقول يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني فغفرت اي لو كانت اشخاصا تملأ ما بين السماء والارض وهذا نهاية الكثرة. ولكن كرمه وحلمه وعفوه ورحمته اكثر واعظم. وليس بينهما مناسبة التفضيل له هنا مدخل فتتلاشى ذنوب عالم فتتلاشى ذنوب العالم عند حلمه وعفوه قوله عنان السماء العين قيل هو السحاب وقيل ما عن لك منها اي ظهر اذا رفعت رأسك وقوله بقراب الارض بضم القاف وكسرها لغتان روي بهما والضم اشهر معناه ما يقارب ملئها وهذا الحديث من الاحاديث المرفوعة الى الله تعالى وهو حديث عظيم من باب الرجاء فيه بشرى للمؤمنين لمذهب اهل السنة ان الله تعالى يغفر الذنوب جميعا الا الشرك. ودليل لمذهب الشافعي ان توبة التائب مقبولة من كل ذنب وان تكرر الذنب وتكررت خلافا لمالك في بعض المسالك مسائل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ولعظم هذا الحديث ما اشتمل عليه من الرجاء والبشرى وللمذنب الداعي والعاصي المستغفر ختم به المصنف كتابه احسن الله لنا وله الخاتمة ولقاه درجة اوليائه في الاخرة وجمع بيننا وبينه في دار كرامته مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. فهذا ما يسر الله تعالى من التعليق على هذه الاحاديث النبوية صلى الله على قائلها خير البرية والحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم كلما كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكر الغافلون. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة الا بالله تعالى العظيم. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين