السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة العبادة والتوحيد واشهد ان محمدا عبده ورسوله شهادة الاتباع والتجريد اما بعد فهذا هو المجلس الاول من الدرس الثالث من برنامج منتخب الابواب والفصول الاول. والمكروه فيه هو فصول في دخول اهل الجنة الجنة. من كتاب حال الارواح الى بلاد الافراح اللامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ستة مقاصد. المقصد الاول ذو نسبه هو الشيخ العلامة الى عذاب محمد ابن ابي بكر ابن ايوب الزراعي سم الدمشقي الحنبلي يكنى بابي عبد الله ويعرف بشمس الدين وبإبن قيم الجوزية ويقال اختصارا ابن القيم المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في السابع من شهر صفر سنة احدى وتسعين وست مئة المقصد الثالث جمهرة شيوخه تلقى رحمه الله تعالى علومه رواية ودراية عن جماعة من شيوخ بلده اهل الشام. منهم والده واحمد بن عبد الدائم المقدسي واحمد بن عبد الحليم ابن تيمية وسليمان ابن حمزة المقدسي الله ويوسف بن عبد الرحمن المجدي. المقصد الرابع جمهرة تلاميذه تلقى عنه وتخرج به جماعة من اكابر العلماء. منهم ابراهيم صاحب شرح الفية ابن مالك وابو الفداء اسماعيل ابن كثير. صاحب التفسير الشهير. وابو الفرج. ابن رجب وجماعة. المقصد الخامس ثبتوا مصنفاته دون ابن القيم رحمه الله تعالى مصنفات رائقة في ابواب متفرقة من الديانة. شاعت في عصره. وتلقاه جميع الطوائف بالقبول. كما ذكر ابن حجر في الدرر الثامنة. منها الهدي النبوي المسمى بزاد المعاد ومدارج السالكين. واجتماع الجيوش الاسلامية واعلام الموقعين وحادي الارواح الى بلاد الافراح وهو كتابنا هذا. المقصد السادس تاريخ وفاته توفي رحمه الله ليلة الخميس. الثالث عشر شهر رجب سنة احدى وخمسين وسبعمائة عند اذان العشاء وله من العمر ستون سنة مم. رحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف. وتنتظم في ستة مقاصد ده ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب هو حال الارواح الى بلاد الافراح سمع الله لمن حمده وشاهد الصدق بذلك تصريح المصنف رحمه الله تعالى بهذا الاسم في صدر الكتاب وذكره به جماعة ممن ترجم له كابن رجب والداودي وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا الكتاب بالصواعق المرسلة باسم صفة الجنة وهو اخبار عن موضوع الكتاب بلفظ مختصر. فلا يراد به تسميته بكتاب صفة الجنة وانما اشار اليه على وجه الاختصار. ولما ذكره تلميذه ابن رجب وساق اسمه حادي الارواح الى بلاد الافراح قال وهو كتاب صفة الجنة المرصد الثاني اثبات نسبته اليه لا غرو ان هذا الكتاب مما ابدعته قريحة ابن القيم رحمه الله تعالى ودلائل ذلك عدة منها انه ذكره لنفسه معزوا في كتاب الصواعق المرسلة. ومنها ان جماعة من مترجميه ذكروا هذا الكتاب منسوبا اليه. ومنها اتفاق النسخ الخطية في للكتاب على نسبته الى ابن قيم الجوزية ومنها نقل جماعة من العلماء عن الكتاب المذكور منسوبا الى ابن القيم منهم الحافظ ابن حجر وتلميذه السخاوي والمناوي في اخرين. المقصد الثالث بيان موضوعه. موضوع هذا الكتاب هو احوال الجنة واهلها المقصد الرابع ذكر رتبته حفلة المكتبة حفلة الخزانة الاسلامية للكتب بتأليف عدة ابتدأت منذ الصدر الاول باسم صفة الجنة ولم تزل قرون الامة تشهد في كل قرن من يصنف في هذا الباب الا ان كتاب ابن القيم رحمه الله تعالى بالنسبة لها كالسماء للارض. والثريا للثرى فهو بديع الوضع جميل السياق حسن الاتفاق لا يمل قارئه من تكرار مطالعته المقصد الخامس توضيح منهجه رتب ابن القيم رحمه الله تعالى كتابه في سبعين بابا وشحنه بالايات القرآنية والاحاديث النبوية والاثار السلفية وله فيه عناية بالترجيح واهتمام بالتضعيف والتصحيح مع بيان المعاني والجمع بين موهم الاختلاف من النصوص المقصد السادس العناية به لم تبرز عناية الامة بهذا الكتاب سوى في مظاهر يسيرة منها طباعته هو اختصاره وتدريسه على نطاق ضيق ومما ينبه اليه ان كثيرا من المشتغلين بطلب العلم ترغب نفوسهم ويزهدون في اقراء مثل هذه الكتب المتعلقة بالرقائق وتهذيب الاخلاق واصلاح احوال النفس ظنا منهم ان طالب العلم غير محتاج اليها وانها تصرف باصلاح عامة الناس. وهذا من الغفلة العظيمة عن باب جليل من ابواب الديانة وهو باب احوال النفس واصلاح القلب. ودفع العلل عنه. ولم يزل علماء الاسلام. يحشون كتبهم المسندة بكتاب الرقائق وصفة الجنة والنار. بل ربما افردوه مما يدل على ان العناية بهذا الباب متأكدة. وان طالب العلم اذا لم يزين قلبه ويردع نفسه بانواع المرققات والا فانه ربما فرأى الى قلبه قسوة بسبب كدر العلوم عند المتأخرين والا فان العلوم عند الاوائل كانت مجردة عن القارئ والقيل. وليست سوى ما جاء بالتنزيل. واما علوم المتأخر لما كثر خلافهم في كل مكان وتكرر شقاقهم صار لها اثر في النفوس يورث القسوة قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد الخاطر تأملت العلم والميل اليه. فاذا هو يقوي القلب قوة تميل به الى نوع قساوة انتهى كلامه والمراد بالعلم هنا علوم المتأخرين لا علوم الشرع المقصورة على الكتاب والسنة ولا شك ان الالة العلمية صارت محتاجة الى علوم المتأخرين كالنحو والصرف والمصطلح والاصول وعلوم القرآن والتجويد والقراءات ونظائرها. اما الاولون فقد كانت فيهم صديقة لا يفتقرون معها الى تكرار معنى وزيادة مبنى بل هم مستغنون بكمال اقوالهن اما بالطبع الذي طبعوا عليه بنشأتهم او بما حبوا به من كمال الحال عن مثل هذه العلوم. كما اشار الى هذا المعنى في علم اصول الفقه صاحب المراقي بقوله اول من صنفه في الكتب محمد بن شافع المطلب وغيره كان له مثل الذي للعرب من خليقة. فحينئذ فان طالب العلم اذا لم يتدارك نفسه بالعناية بعلوم الرقائق في الزهد والجنة وصفة الجنة وصفة النار واهوال القبور واشباه ذلك والا فانه يكون بمنأى عن كمال العبودية. واعتبر هذا في حال الدار هنا لجملة من ابواب الاعتقاد كمسألة القبر واحوال اهله اذا وردت هذه المسألة في تصانيف المعتقد فلا يرتفع ذهن المتلقي عن زيادة كون هذه المسألة هي مما اثبته جمهور اهل السنة. فالجمهور المسلمين ونازع فيه بعض المعتزلين وغيرهم واما المحقق حقا والعارف صدقا فهو الذي يرى ان مثل هذه الابواب هي تذكرة بالاخرة وتقريب للاحوال التي يؤول اليها المرء وكان طلبة ان لا يعونا من الوعظ الا خطبة جمعة او كلمة في مسجد. اما كون كتب علم التي يتلقون منها انها كتب ترشد الى اصلاح النفوس وتطهيرها من ادرانها وتهييب سلوك النفس فان اكثر طلبة العلم محجوبون عن ذلك وهذا البلاء قديم في الامة. فان جماعة ممن سبق في الاولين كانوا لا او زنا بمعاني ما نحت من العلوم الا ظواهرها. فالنحوي مثلا لا يرى في باب الاعراب الا معرفة احكام الكلمات بحسب وضعها في سياق الكلام. واما من زكت نفسه من سلف الامة فان الاعراب عنده يرتفع فوق الكلام الى رعاية الاحوال والاعمال. كما قال ما لك رحمه الله تعالى لما عيد عليه لحن قال لحنا في اعمالنا فلم نعرب واعربنا في كلامنا فلم فانظر الى فهم مالك رحمه الله تعالى وفقهه لمعرفة ان اجل من مقصود المعرب في معرفة احوال الكلمة ان ينظر بهذا الدليل الى معرفة اعراض حاله. قالا وفعالا حيث يكون معربا لنفسه في اقوالها واعمالها على الوجه المرضي في الشريعة. وقد ولد هذا في قصر المعاني الشرعية على بعض الحقائق العلمية كما يذكر الفقهاء رحمه الله تعالى رحمهم الله تعالى مثلا في شروط الصلاة ستر العورة ولا يجاوزون في ايضاح هذا المعنى مع ان الشريعة لم تأتي بهذا المعنى مقصورا بل عبرت عنه بعبارة اتم وهي عبارة الزينة كما قال الله سبحانه وتعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد والزينة رجل فوق ستر العورة كما الى ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في مدارج السالكين. ثمان فقهاء النفوس يعون كما صرح بذلك ابن القيم يعون ان زينة الباطن في الصلاة اعظم من زينة الظاهر. فكما يتعلم المتفق ستر العورة ويرفع بفقهه الى ان الشريعة جاءت بالزينة فليكن من علمه بذلك ان الشريعة جاءت بزينة الباطل في الصلاة كما جاءت بزينة الظاهر. وان العبد كما يرعى ظاهره في الصلاة بتكبيره بالزينة عليها في بلد فانه ينبغي له ان يزين باطنه بما يجد. قال ابن قيم رحمه الله تعالى والعجب من امرئ يزين ظاهرة وينسى في باطنه كلاب الشهوة والشبهة. والمقصود في هذه النبذة التي تحتاج الى بسط نديد الانظار الى العناية بعلوم الرقائق والسلوك وتهذيب الاخلاق. وان طالب العلم من احوج الناس اليها لان صناعة العلم عند المتأخرين صارت مكدرة باقوال واحوال لم تكن في سنن من تقدم فصار من انها تورث القلب تساوى. ويظهر هذا في بعض العلوم اكثر من بعض. فان بعض العلوم منذ القدم صار جماعة من اهلها منسوبون الى الزندقة والفسق كعيوم الكلام واصول الفقه وذكر في ولبعض مقدميهم الذين صنفوا في هذه الفنون ذكر احوال ينزه عنها صاحب الشريعة من المتعلمين فضل عن المعلمين العالمين فلا يغفل طالب العلم عن هذا الاصل وليعتني بتحريره في نفسه وليجتهد في تعلم ذلك وليطلب من بطون الكتب او ظهور المتون المشهورة في باب الرقائق ما يكون عونا له على اصلاح الصيف هو من جملة ذلك هذا الكتاب النافع كتاب هادي الارواح لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى. نعم. السلام عليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللمسلمين. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حاد الارواح. الباب السادس والعشرون في ذكر اول الامم دخولا الجنة. وفي الصحيحين من حديث همام عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن السابقون الاولون يوم القيامة بيد انهم اوتوا الكتاب من قبلنا واوتيناهم من بعدهم اي لم يسبقونا الا بهذا القدر فمعنى اما اذا اجمعنا سوى وغير والا والا ان والا ان ونحوها. وفي صحيح مسلم من حديث ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن الاخرون الاول يوم القيامة ونحن اول من يدخل الجنة بيد انهم اوتوا الكتاب ومن قبلنا واوترنا من بعدهم فاختلفوا فازانا الله بما اختلفوا فيه من الحق باذنه. وفي الصحيحين من حديث قاوس عن ابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحن الاخرون الاولون يوم القيامة نحن اول الناس دخولا الجنة كتابا لقوم الا بهم. حديث زهير بن محمد عن عبدالله بن محمد بن عقيل. عن الزهري عن سعيد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الجنة حرمت على الانبياء كلهم حتى ادخلها وحرمت فعلى الامم حتى تدخلها امتي. قالت دار قطني غريب عن الزور ولا اعلم عبدالله بن محمد بن عقيل عن غير هذا الحديث. ولا رواه الا عمرو ابن ابي سلمة عن صدقة السمين عن زهير. فهذه الامة اسبق الامم خروجا من الارض واسبقهم الى اعلى مكان في الموقف واسبقوا الى ظهر العرش واسبقهم الى الفصل والقضاء بينهم واسبقهم الى الجواز على الصراط واسبقوا الى دخول الجنة. فالجنة محرمة على الانبياء حتى يدخلها محمد صلى الله عليه وسلم. ومحرمة على الامم حتى تدخلها امته. واما لامة دخولا فقال ابو داود في سننه حدثنا عن ابي السري. عن عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب. عن ابي خالد رجالان عن ابي صالح مولى ال جعدة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاني جبريل فاخذ بيده تراني باب الجنة الذي تدخل منه امتي فقال ابو بكر يا رسول الله وددت لئن كنت معك حتى انظر اليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما انك يا ابا بكر اول من يدخل الجنة من امتي. وقوله وذكر ان كنت معك حرصا منه على اليقين وان يصير الخبر عيانا كما قال ابراهيم الخليل عليه السلام قال او لم تؤمن؟ قال بلى ولكن يطمئن قلبي. واما الحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه قال حدثنا اسماعيل ابن عمرو من عمر الطلحي قال قال انبأنا جاؤود بن عطاء المدين عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اول من يصافحه الحق عمر واول من يسلم عليه اول من يأخذ بيده فيدخله الجنة. فهو حديث منكر جدا. قال الامام احمد داوود ابن عطاء ليس بشيء وقال البخاري منكر حديث. المصنف رحمه الله تعالى في الابواب السابقة من هذا الكتاب ان الجنة دار المتقين ولما تحقق ان الجنة دار المتقين فان كل امة من امم الانبياء ممن صدق فيها منهم لانبياء الله ورسله فيها متقون يدخلون الجنة. فاحتيج الى بيان الامة التي تكون مقدمة بين الامم وفي الدخول فعقد ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى هذا الباب لبيان اول الامم دخولا الجنة وشاهد النصوص الواردة فيه ان اول الامم الداخلة الى الجنة هي امة محمد صلى الله عليه وسلم. لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين نحن السابقون الاولون. وفي الرواية الاخرى نحن الاخرون الاولون يوم القيامة والسر في ذلك ان الله سبحانه وتعالى جعل على هذه الارض سبعين امة كملت هذه الامة ذلك العدد كما روى الترمذي بسند حسن من حديث معاوية بن حيدر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انكم تتمون سبعين الامة انتم اكرمها انتم خيرها واكرمها على الله عز وجل. فلما كانت هذه الامة هي الاخر وجودا وهي اكرم على الله سبحانه وتعالى ممن تقدمها استحقت هذه الامة المكرمة في الدنيا ان تكون هي المقدمة في الآخرة. فهي وان تأخرت في مجيئها بحسب وضع الامم في الحياة الدنيا. حتى عدت السبعين منها الا انها هي الاكرم وانما يقده الاكرم. فقدم الله سبحانه وتعالى هذه الامة على غيرها من الامم. لانها الامة الاكرم على الله سبحانه وتعالى. ومن المناسب ايضا ان اخر الموجود هو اول العائد. لان اخر قومي هو اقربهم الى طريق الرجوع. فلما كانت الامم تسير متتابعة امة بعد امة. وكانت امة النبي صلى الله عليه وسلم هي اخر الامم كانت اقربها الى العودة. لان الجنة هي المحل الاول. فانها منازلنا الاولى وفيها المخيم كان العائدون من اخر قافلة الامم هم المستحقون ان يكونوا الاوائل فكانت امة النبي صلى الله عليه وسلم هي اول الامم دخولا الى الجنة. وفي هذا شاهد صدق ايضا بان هذه الامة هي اكرم الامم على الله في الاخرة كما انها هي اكرم الامم على الله سبحانه وتعالى في الدنيا. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان كونها هذه الامة هي الاخرة الاولة كما في حديث نحن الاخرون الاولون يقتضي اسبقية الامة في كل ما يتعلق باليوم الاخر لان اليوم الاخر هو اسم جامع لما يكون بعد الموت كما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بالعقيدة الوسطية. قال العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى في التنبيهات الثنية وهذا احسن ضابط قيل في اليوم الاخر فاذا كانت هذه الامة هي الامة التي تكون اخر الامم واول الامم في الاخرة فحينئذ هي اول الامم خروجا من الارض وهي اسبق الامم الى الموقف. وهي اسبق الامم الى ظل العرش وهي اسبق الامم الى الفصل والقضاء وهي اسبق الامم الى الجواز على الصراط وهي اسبق الامم الى دخول الجنة وكل هذه المعاني من السبق مستكنة في قوله صلى الله عليه وسلم نحن الاخرون الاولون يوم القيامة فان اولية الامة يوم القيامة او ولية عامة في كل احوال يوم القيامة. ولما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان ان هذه الامة في مجموعها هي الداخلة اولا اراد ان يبين اول هذه الامم الامة دخولا باعتبار افرادها والمراد بذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم لان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يستفتح باب الجنة صلى الله عليه وسلم امتي ثم تتبعه هذه الامة. وقد روي في ذلك احاديث لا يثبت منها شيء. والحديث متعلق بابي بكر في والحديث المتعلق بعمر رضي الله عنه ضعيف جدا بل حكم بعض الحفاظ بوضعه وهو مما استشنع على ابن ماجة رحمه الله تعالى ادخاله في كتاب السنن. وقد ذكر بعض اهل العلم رحمهم الله تعالى ان هذين الحديثين لو صحا فلا تعارضا بينهما. وهم يذكرون ذلك على وجه التنزل في ترتيب الحجاج ومعرفة ابواب العلم. فانه اذا قيل ان هذين الحديثين من جهة الدراية الرواية لا يثبتان فانه يحتمل عند غيرنا ان يكون ان يكون الحديثان ثابتين ان تحتيج الى الجواب حينئذ في الترجيح بينهما لان الحديث الاول ظاهره ان ابا بكر هو اول الداخلين من والثاني ظاهره ان عمر رضي الله عنه هو اول الداخلين. وقد اجاب عن ذلك رحمه الله تعالى ابن القيم الله في كتابه الكافية الشافية. ومن دقائق العلم ان ابن القيم رحمه الله تعالى له زيادات في كتاب الكافر الشعبية على ابواب الديانة التي تكلم فيها. فمثلا مسألة الكلام التي تكلم في بعض تعاريفه عنها في الكافية الشافية زيادة بيان. وفوائد فيما يتعلق بمسألة كلام. وكذلك في باب الجنة في نظم في لون كافية الشافية زيادة افادة في هذا الباب حتى على كتاب احد الارواح. الظاهر والله اعلم لان الكافية الشافية من اخر ما اعتنى بتأليفه. كما انه رحمه الله تعالى اقرأها في اخر عمره فقد قرأها عليه تلميذه ابو الفوز ابن رجب رحمه الله تعالى في سنة كاملة. وقد ذكر رحمه الله تعالى في نظم النونية ان حديث ابي ابن كعب رضي الله عنه اول من يصافحه الحق عمر لو صح فانه مخصوص بالحديث السابق الذي فيه ذكر ابي بكر رضي الله عنه. وذهب ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى في الصواعق المحرقة الى القول بان الاولية في حق عمر هي نسبية اضافية وفي حق لابي بكر رضي الله عنه هي اسبقية حقيقية. ويكون اول داخل من هذه الامة بعد النبي صلى الله الله عليه وسلم هو ابو بكر. ويكون عمر هو التالي له. وحينئذ اذا قيل اول داخل عمر يعني بالنسبة لمن بعده مضافا اليهم لا بالنسبة الى ابي بكر رضي الله عنهما جميعا. وهذا جواب حسن لو صح الحديثان ولكن هذين الحديثين لا يصحان عن النبي صلى الله عليه وسلم. نعم. السلام عليكم. الباب السابع والعشرون في ذكر السابقين من هذه مسيل الجنة وصفتهم في الصحيحين من حديث همام ابن عمر ابن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اول زمرة صورهم على صورة قام بليلة البدر لا يبسطون فيها ولا ينتخبون فيها ولا يتغوطون فيها انيتهم وابشاطهم والفضة ومجامعهم الالوة ورشحهم للمسك وللكل واحد منهم زوجتان يرى نخس ايمان من وراء اللحم من الحسن لا بينهم ولا تلاغب قلوبهم على قلب رجل على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا. وفي الصحيحين حديث ابي ما كان ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اول زمرة يدخلون الجنة على صورة قام رناية البدر والذي لا كوكب لا يميلون ولا يتغوطون ولا يدفنون ولا ينتفضون امشاطوا ذهبوا ورسوم المسك ومجامرهم الالوة وازواجهم الحور العين اخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة ابيهم ستون ذراعا في السماء وروى شعبة وقيس عن حبيب ابن ابي ثابت عن سعيد جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اول من يوضع الى الجنة يوم القيامة الحمادين الذين يحمدون الله في السراء والضراء وقال الامام احمد يحدثنا اسماعيل ابن ابراهيم قال حدثنا هشام وعن يحيى ابن كثير عن العقيمي عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض علي اول ثلاثة من امتي دخول الجنة واول ثلاثة يدخلون النار اما الاول ثلاثة يدخلوا الجنة والشهيد هو عبد المملوك. وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه. وفقير واول الكلام في دخول النار فأمير مسلط. وذي ثروته مال لا يؤدي حق الله في مال وفقير فخور وروى الامام احمد في مسلم الطبراني انه سمع عبد الله ابن عمر رضي الله طبعا انه سمع عبدالله بن عمرو رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون اول من يدخل الجنة الله ورسوله اعلم قال فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم مكاره. ولا يموت احدهم حاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء الملائكة ربنا قابل للمكان يموت احدهم وحادثه في صدره لا قضاء. فعند ذلك تدخل عليهم ملائكة من كل باب سلام عليكم ولما ذكر الله تعالى اصناف بني ادم سعيدهم وشقيهم وقسم سعداءهم الى قسمين واصحابه فقال والسابقون السابقون واختلفوا في تقديرها على ثلاثة اقوال انه ويكون خبر المولى تعالى اولئك المقربون. والثاني ان يكون السابقون الاول مبتدأ. والثاني خبرا له على لقولك اذا ناسنا سم والنهار نهار. قال ابن عطية وهذا قول والثالث ان يكون السبق الاول غير الثاني يكون المعنى السابقون في الدنيا الى الخيرات هم السابقون يوم القيامة الى الجنات. والسابقون الى الايمان هم السابقون الى الجنان. وهذا اظهر والله اعلم فان قيل هما تقولون في الحديث الذي رواه الامام احمد بريدة ابن حصين قال اصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلال فقال يا بلال فسبقتني الى الجنة فما دخلت الجنة قط الا سمعت الا سمعت خشخشتك دخلت البارحة فسمعت خشخشتك امامي. فأتيت على قصر مربع يشرفني من ذهب. فقلت لمن هذا القصر؟ قال لرجل قلت انا عربي لمن هذه القصر؟ قالوا لرجل من قريش قلت انا قرشي لمن هذا القصر؟ قالوا لرجل من امة محمد قلت انا محمد لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر بن قالوا لعمر بن الخطاب وقال بلال يا رسول الله ما اذنت الا صليت ركعتين وما صام من احد هدف قطر الا توضأت الا ورأيت ان لله علي ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما. قيل قيل نتلقاه من القبول والتصديق. ولا يدل على ان احدا يسبق صلى الله عليه وسلم الى الجنة. واما تقدم بلال بين يديه صلى الله عليه وسلم في الجنة لان بلالا كان يدعو الى الله اول فيتقدم اذانه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتقدم دخوله بين يديه كالحاجب والخادم وقد في حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث يوم القيامة وبلال بين يدي ينادي بالاذان. فتقدموا فتقدموا بين يديه فتقدموا بيده صلى الله عليه وسلم كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واظهارا لشرفه وفضله سبقا من بلاد الله بل هذا السبق من جنس شرقه الى الوضوء ودخول المسجد ونحوه والله تعالى اعلم. تقدم ان هذه الامة المرحومة هي اول الامم دخولا فهي السابقة الى الجنة ودخول هذه الامة المرحومة الى الجنة يقتضي سبقها جميعا الى دخول الجنة. وقد جاءت بتعيين سبق هذه الامة بعضها بعضا في دخول الجنة. وهذا السبق المتعلق بالامة ما جاءت به النصوص نوعان اثنان احدهما السبق بالاعيان والثاني السبق بالاوصاف والفرق بينهما ان الاول جاء فيه تعيين من سبق غيره من الامة باسمه في واما الثاني فان السبق فيه كائن لصفات يتصف بها السابق وقد قدم ابن القيم رحمه الله تعالى سبق الاعيان فيما سلف. فذكروا الاحاديث الواردة في سبق ابي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه الى دخول الجنة قبل سائر الامة. وسلف ان الحديثين الواردين في ذلك هما حديثان ثم عقد ابن القيم رحمه الله تعالى هنا هذا الباب لبيان السبق الكائن بالاوصاف. والسبق الخائن باوصاف قد دلت النصوص على ان السابقين في الجنة باوصافهم لهم نوعان من الصفات. النوع الاول صفاتهم في الدنيا ومنها انهم الحمادون والمراد بالحمادين الذين يحمدون في السراء والضراء وروي في ذلك حديث ضعيف لا يصح والذي اورده المصنف ومنها الشهادة في سبيل الله ومنها الرزق الذي لا يشغل صاحبه عن طاعة ربه ومنها تعفف الفقيل ومنها الفقير المهاجر وهذه الاوصاف الاخيرة قد وردت بحديثين اوردهما المصنف رحمه الله تعالى اولهما حديث عامر العقيلي عن ابيه عن ابي هريرة والثاني حديث ابي عشانة المعافن انه سمع عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وهذان الحديثان حديثان حسنان وكون عامر وابيه ممن فيهما جهالة يقوي حديثهما تصحيح الحاكم وابن خزيمة وابن حبان بهذا الحديث. واذا صحح هؤلاء لرجل مجهول فان ذلك دال على حسن في حديثه لا سيما اذا كان حديثه قليلا كما نص على ذلك الذهبي في كتابه الموقظة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من اوصافهم ايضا والثاني اخران واردان في القرآن الكريم ان وهما كونهم السابقين وقولهم اصحاب اليمين السابقون واصحاب اليمين كلهم ممن يسبق غيرهم من الامة وسبقهم يقتضي ان ورائهم من يدخل وهو كذلك في عصاة الموحدين الذين يدخلون بعد تطويرهم في النار واسترسل المصنف رحمه الله تعالى في ذكر هذين الوصفين الى تقدير قوله تعالى والسابقون السابقون وذكر خلاف في تقديرها على ثلاثة اقوال اولها انها من باب التوكيد اللفظي يعني السابقون السابقون كرر لهم لارادة تأكيدي والثاني ان يكون السابقون الاول مبتدأ والثاني خبرا. والقول الثالث ان يكون السبق الاول غير ثاني ورجح المصنف رحمه الله تعالى هذا بقوله وهذا اظهر انتهى وهو كذلك لان من قواعد الخطاب الشرع ان تأسيس معنى زائد اولى من تأكيد معنى متقدم واذا حملت الاية على هذا صار فيها تأسيس معنى جديد. السبق الاول غير السبق الثاني. السبق الاول سبق في الدنيا بالخيرات والسبق الثاني سبق يوم القيامة الى الجنات ثم اود رحمه الله تعالى حديثا يتولد منه اشكال عند بعض الناس وهو حديث بريدة. وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال رضي الله الله عندي ما سبقتني الجنة فما دخلت الجنة قط الا سمعت خشخشتك امامي. وهذا يتوهم منه ان بلالا النبي صلى الله عليه وسلم. والجواب عن هذا الحديث من وجهين اثنين اولهما ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن ذلك باعتبار ما انتهى اليه علمه لان بلالا يسبقه ثم اوحي اليه صلى الله عليه وسلم انه هو الذي يقرع باب الجنة وتفتح له فيكون صلى الله عليه وسلم هو اول من يدخلها والثاني ان دخول بلال رضي الله عنه ليس دخولا على وجه الاستقلال بحيث يكون سابقا وانما هو دخول على وجه التبع فانه دخل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كدخول الخادم بين يدي سيده فان الخادم يتقدم سيده ليفتح له الباب. ولكنه لا يكون اول من ينتهي الى المجلس. بل يكون سيده هو السابق له في المجلس وكذلك دخول بلال رضي الله عنه هو دخول على وجه التبع للاستقلال فهو دخول لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم والى هذا اشار المصنف بقوله فتقدمه بين يديه كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واظهاره لشرفه وفضله لا سبقا من بلال له فان هذا اعتبار المعنى الذي ذكرناه من كونه دخول تبع الاستقلال على وجه الخدمة لرسول صلى الله عليه وسلم واما النوع الثاني من الاوصاف وهي اوصافهم في الاخرة فهي التي قدم بها المصنف رحمه الله تعالى وذكر فيها حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين وفيه من اوصافهم ان اول زمرة تسبقه الى الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم وامشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم قوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان لا اختلاف بينهم ولا تباغت قلوبهم على قلب واحد قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا وهذا هو معنى ما في الاحاديث ما في الحديث الذي يليه برواية اخرى عن ابي هريرة فهذه اوصاف الى دخول الجنة في دار الاخرة. نعم. احسن الله اليكم. الباب الثاني والعشرون في شرق الفقراء للاغنياء الى الجنة. قال الامام احمد يحدثنا عفان وقال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه انما قال يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل اغنيائه بنصف يوم وخمسمائة عام. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ورجال اسناده احتج به المسلم في صحيحه وروى الترمذي من حديث عباس الديني من حديث عباس عن المقري عن سعيد ابن ابي عن سعيد ابن ابي ايوب عن عمرو ابن جابر الحضرمي عن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يدخل فقراء امتي جنة قبل الاغنياء اي باربعين خريفا. وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان فقراء المهاجرين يسبقون الاغنياء يوم القيامة باربعين خريفا. وقال الامام احمد وحدثنا حسين بن محمد قال حدثنا عن سلم البشير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم التقى مؤمنان على جنة مؤمن غني ومؤمن فقير. كانا في الدنيا فادخل الفقير الجنة وحنش غنيم ما شاء الله ان يحبس. ثم ادخل الجنة فقيل فيقول اي خير؟ وماذا حبسك؟ والله لقد اشتبست حتى خفت عليك. والله لقد احتبست عليك فيقول اي خير اني حمصت بعدك محبسا فظيعا كريه وما وصلت منك حتى سالني العرق ما لو وعده الف بعير كلها ما نور له الف بعير كلها اكلة حوض لصدرت عنه روى. صدرت عنه ايوا حشومة عليك لصدرت عنه لواء وقال الطبراني حدثنا محمد ابن عبد الله الحضرمي وعلي بن سعيد بن الرازي قال العطار قال حدثنا عبد الملك ابن ابي كريمة عن سفيان الثوري عن محمد ابن زيد عن عن ابي حازم عن ابي هريرة رضي الله الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل اهل ايام من الصيام وذلك خمسمئة عام ثم ذكر الحديث بقوله والذي في الصحيح ان سبقهم له باربعين خريفا. فاما ان يكون هو المحفوظ واما ان يكون كذلك واما ليكون كلاهما محفوظان وتختلف مدة الصدق بحسب احوال الفقراء والاغنياء. فمنهم من يسبق باربعين مؤمن يسبق بخمسمائة كما يتأخر مكث العصاة. كما يتأخر مكثر العصاة من الموحدين في النار بحسب جرائمهم والله اعلم. ولكن هنا امر يجب التنمية عليه وهو انه لا يلزم من سابقهم الا هم في الدخول انتزاع منازلهم عليهم بل قد يكون متأخر اعلى منزلة وان سبقهم ويريد الدخول والدليل على هذا ان من الامة من يدخل الجنة بغير حساب وهم السبعون الفا. وقد يكون بعض وقد يكون بعض من تبوا افضل من اكثر والغني اذا حسب على غناه فوجد قد شكر الله فوجد قد شكر الله تعالى فيه وتقرب بينه بانواع البر والخير والصدقة والمعروف كان اعلى درجة من الفقير الذي سبقه في الدخول ولم تكن له تلك الاعمال ولا سيما فاذا شاركه الغني في اعماله وزاد عليه فيها والله لا يضيع اجر من احسن عملا. فالمزينة مزينتان مزينة سابق ومزينة رفعة وقبيل يجتمعان وينفردان فيحصل الواحد السابق والرفعة ويعزمهما اخر. ويحصل الاخر ان ويحصل ويحصل لاخر ما استبقى دون الرفعة والاخرين يشاهدون السبق وهذا بحسب المقتضي. وهذا بحسب المقتضي للامرين. او لاحدهما وعدني وبالله التوفيق لما بين المصنف رحمه الله تعالى في الباب الثالث اوصاف السابقين الى الجنة كان مما دلت عليه الاحاديث سبق الفقراء اما المتعففين او المهاجرين منهم. ثم الحق ذلك بهذا الباب المبين ان الفقراء في هذه الامة يسبقون الاغنياء في الدخول الى الجنة. والمراد بالفقير في هذا هل ما جمع معنيين اثنين احدهما فقره بقلة حظه من الدنيا وهو الذي لا يملك كفايته ولا فيجدوا قوته فهو قليل الحظ من الدنيا معدم معوز والثاني فقر قلبه الى الله سبحانه وتعالى بتكميل عبوديته وهذا هو الفقر الاعظم الذي لا يدخل انسان الجنة ولو كان غنيا الا به. فان الناس في ظواهرهم يكون منهم فقير وغني باعتبار الدنيا. واما فقر القلوب الى الله الله سبحانه وتعالى فرب فقير قلبه فرب فقير من الدنيا مستغن عن الله بقلبه. فهذا في شر ورب غني في الدنيا فقير الى الله بقلبه. فهو بخير. ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله تعالى انا الفقير الى رب البريات انا المشركين في مجموع حالاتي انا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي والخير ان يأتينا من عنده يأتي بتقرير لان الفقر الاعظم ليس هو الفقر الذي يكون من حطام الدنيا ولكن الفقر الاعظم هو فقر القلب الى الله سبحانه وتعالى هذا منطوي في قوله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. والله هو الغني الحميد. فمن فقرهم كون في قلوبهم ضرورة وحاجة لا تندفع الا بالاصطلاح بالعبودية بين يديه سبحانه وتعالى. ولذلك كان من دعاء من سلف من السلف ان يقولون اللهم اغننا بالاتقاء اليك ولا تفقرنا بالاستغناء عنك. فاذا كان العبد قد جمع بين فقر الدنيا وفقه قلبه الى الله سبحانه وتعالى فهو من المستحق ان يكون سابقا للاغنياء يوم القيامة. وقد جاءت احاديث عن النبي الله عليه وسلم يوهم ظاهرها ان الدخول دخول الفقراء الى الجنة مختلف ففي بعض الروايات وهي في الصحيح انهم يسبقون اخونا باربعين خريفا وفي احاديث صحيحة كاحاديث ابي هريرة الذي قدم به ابن القيم رحمه الله تعالى انهم يسبقون بخمس مئة وقد اخبر اهل العلم رحمه الله تعالى في الجمع بين هذه الاحاديث والتاريخ بينها باقوال اصحها واحسنها هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى فان الاحاديث الواردة جميعا صحيحة. والخريف يشير الى العام فكل عام فيه خريف. وتكون الاحاديث دلت مرة على ان الفقراء يسبقون الاغنياء باربعين سنة. ودلت احاديث اخرى انهم يسبقونهم بخمس مئة سنة. والصحيح ان هذه الاحاديث اذ لا يخالف بعضها بعضا بل هذا باعتبار احوال الفقراء والاغنياء. فان الفقراء المتقدمين اولا يسبقون بخمسمائة عام والفقراء المتأخرين اخرا يسبقون الاغنياء باربعين خريفا. فيكون او داخل من الفقراء متقدما على اول داخل من الاغنياء باربعين خريفا. ويكون ما بين هذه المدة والخمس مئة اعداد كبيرة تقترب باختلاف احوال الفقراء وحينئذ لا خلاف بين هذه الاحاديث بحمد الله سبحانه وتعالى ثم ان سبق من سبق ممن تقدم بخمس مئة عام فهي بكمال فهو بكمال حاله. فان الفقير الذي اكمل حالا تقدم على فقير دونه. فالداخل قبل خمس مئة عام هو اكمل من الداخل قبل اربعين عاما الى الجنة. ثم ابن القيم رحمه الله تعالى ان السبق بالدخول الى الجنة لا يقتضي الرفعة بالدرجة على من دخل بعدهم بل قد وبالدخول الى الجنة ثم يأتي بعده من الاغنياء من يكون اعلى منزلة منهم. فاذا سبق الانسان وكان اعلى رفعة فهذا من النعيم وربما يسبق الى الجنة ثم يأتي من اغنياء المؤمنين من يدخل بعده فهما مزيتان اثنتان احدهما مزية فالثانية مزية الرفعة ولا تلازم بينهما. بل قد يكون سابق غيره ممن يأتي هو ارفع منه نعم من باب التاسع والعشرون في ذكر اصناف اهل الجنة الذين ضمنت لهم دون غيرهم قال الله تعالى وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. الذين ينفقون في السماء والضراء قائم الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم اذا كان الله استغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله. ومن يغفر الذنوب ان الله ولم يصر على ما فعلوا وهم يعلمون اولئك جزاء مغفرة من ربهم وجنة تجري من تحتها الانوار فيها ونعم اجر العاملين. فاخبر ان يتقي دين غيره ثم ذكر اوصاف المتقي ثم ذكر اوصاف المتقين حينما ذكر بذله الانسان بحالته العسر واليسر. والشدة والرخاء فان الناس من يبدأ في حال الاثم والرخاء ولا يبذل في حال العسر والشدة ثم ذكر كف هذا ان اذاهم من الناس بحبس الغيظ بالكظم وحبس الانتقام بالعفو ثم ذكر حالهم بينهم وبين ربهم في ذنوبهم وترك مع الله وذاك حال مع خلقه والسابقون الاولين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم واعز لهم جني في فجرهم تحتها الانوار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم. واخبر تعالى انه للمهاجرين والانصار واتباعهم بالثاني فلا مطمع لمن خرج عن طريقته فيها. وقال تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكروا الله وجلت قلوبهم واذا سميت عليهم اياتهم زادتهم ايمانه على ربهم يتوكلون. الذين يقيمون اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم فوصفهم باقامة حقه باطنا وظاهرا وباداء حق عباده. وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله اللهم ان قال لما كان يوم خيبر اقبلناه من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا رجل فقالوا فلان شهيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا اني رأيته في النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب اذهب زنا به الناس انه لا يدخل الجنة الا المؤمنون. قال فخرجت فناديت على فانه لا يدخل الجنة الا المؤمنون وللبخاريين معناه. وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر بلال يناديه في الناس انه لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة. وفي بعض طرقه مؤمنة وفي الحديث قصة. وفي وفي صحيح مسلم من حديث عياض المجاش احسن اليكم من حديث عياض ابن الجاسعي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال ذات يوم في خطبته الا ان ربي امرني ان اعلمكم ما جئت مما علمني يومي هذا كل ما لمحيته عبدا حلال واني خلقت عبادي حنفاء كلهم. وانهم اتتهم الشياطين هلكالة عن ديني وحرمت عليهم ما احللت لهم. وامرت وحرمت عليهن احببت لهم وامرت ان يشركون وامرتهم احسن الله اليكم وامرتهم ان يشركوا بي ما لم اله به سلطانا وان الله نظر الى اهل الارض فمقتهم فمقتهم عربا وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب. وقال انما بعثت ابتليك وابتلي بك وانزلت عليك كتابا لا يرسلني فاقرأون ان هو يقرأ وان الله امرني امرني ان احرق فقلت ربي لا يغفر رأسي فيدعه خبزة قال استخرجوا كما اخرجوك وانفق فسل وانفق فسننفق عليك وابعث جيش نبعث خمسة مثله وقاتل بمن اطاعك وقاتل لمن اطاعك من عصاك وقال اهل الجنة ثلاثة ذي سلطان مقسط متصدق الموفق. ورجل رحيم رقيق القلب يكون ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف الجوع واهل النار خمسة الضعيف الذي لا جبر له الضعيف الذي ما جبر له الذي هم فيكم سبعا. الا يبغون ما لا والخائن الذي لا يخفى له. والخائن الذي لا يخفى له طمع وان يدق والا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي الا وهو عن اهلك ومالك وذكر البخل والكذب مفحش. وان الله اوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر احدهم على احد ولا يبغي احد على احد. وفي الصحيحين من حديث حارثة بن ماجد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الا اخبركم كل ضعيف متضاعف لو اقسم على الله لاضره. الا اخبركم باهل النار كنوت من جواض متكبر. وقال الامام احمد ابن اسحاق قال انبأنا عبد الله قال انبأنا موسى ابن عمر ابن الي ابن رباح قال سمعت ابي يحدث عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص عن ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اهل النار كل جعوري جوار مستكبر جماع واهل الجنة الضعفاء المغلوبون وذكر خلف ابن وذكر خلف بن خليفة عن ابي هاشم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله ما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبركم برجالكم من اهل جنة النبي في الجنة والصديق في جنة والشهيد في الجنة والرجل يزور اخاه لحية المسلم يزور الا لله في الجنة. ونسائكم من اهل الجنة الودود الولود التي اذا غضب حتى تضع حتى تضع يدها في يد زوجها ثم تقول لا اذوق غمضا حتى ترضى. اخرج النسائي من حديث اخرج النسائي من هذا الحديث بعض النساء خاصة وباقي الحديث على شرطه. وروى الامام احمد في مسنده باسناد صحيح عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اهل النار كل جعفر زواد مستكبر مما ان منع واهل الجنة الضعفاء المغلوبين وقال ابن ماجة في سننه حدثنا محمد ابن يحيى وزيد ابن اخضر قال حدثنا مسلم ابن ابراهيم قال حدثنا هلال الراشدي قال عقبة بن ابي عن ابي عن ابي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل الجنة من منعوا اليهم فلإن في خيرا وهو يسمع واهل النار من ملأوا من ثناء الناس شرا وهو يسمع وفي الصحيحين عن انس بن مالك رضي الله عنه قال مر بجنازة فاثني عليها خير فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة فاثني عليها شر فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجبت فقال عمر رضي الله عنه مر بجنازة فاثن عليها خيرا فقلت وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة يثني عليها شر فقوت وجبت وجبت وجبت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اثريتم عليه خيرا وجبت له الجنة لو الناظور انتم شهداء الله في الارض انتم شهداء الله في الارض. وفي الحديث الاخر يوشك ان تعلموا اهل الجنة من اهل النار قالوا كيف يا رسول الله؟ قال بسنن الحسن والثناء وبجملة فاهل الجنة اربعة اصناف ذكرهم الله سبحانه وتعالى في قوله ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين انعم الله علينا النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. فنسأل الله ان يجعلنا معهم لمن يهين وكرمه بين المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف اوصاف السابقين الى الجنة. ثم اتبع فذلك بباب ذكر فيه اوصاف الداخلين الى الجنة فما تقدم من صفات من سلك هي صفات السابقين الى الجنة نعم. واما المذكور في هذا الباب فهو اصناف اهل الجنة. الذين يدخلونها. وقد اورد رحمه الله تعالى طرفا حسنا من عندنا الى متفرقة في القرآن والسنة تدل على جملة من اوصاف الداخلين الى الجنة. منها ان المتقين يدخلون الجنة وصدر ذلك باية ال عمران وفيها تفصيل بعض اوصاف المتقين فمن الاصناف التي تدخل الجنة اهل التقوى ومنها السابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان فان اصحاب هذه الاوصاف وهم ثلاثة انواع هم ممن ضمنت لهم الجنة. والمراد بهم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار هم الذين اسلموا ونصروا وعذروا النبي صلى الله عليه انما قبل صلح الحديبية والتابعون لهم باحسان هم الذين اسلموا وصحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وعزروه بعد صلح العديبي هذا اصح الاقوال في تفسير هذه الاية وفيها بيان ان التابعين باحسان لا يراد به المعنى الاصطلاحي الذي التابعي كما لا يراد به ما ذهب به بعض اهل العلم الى ان التابع باحسان هم الذين اسلموا يوم فتح مكة واقتضي في ذلك تحديث عند احمد الا انه لا يصح. والظاهر من مجموع الايات ان السابقين هم من اسلم قبل صلح الحديبية الى انه الفتح وان التابعين باحسان هم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين اسلموا بعد صلح الحديبية الاوصافي ايضا المؤمنون فان الايمان مما ضمن لاصحابه دخول الجنة وفي ذلك اية واحاديث اوردها منها قوله تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله الى قوله اولئك هم المؤمنون حقا هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم وفيها ايضا حديث لا يدخل الجنة الا المؤمنون. ومنها ايضا وصف الاسلام كما في حديث انه لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ومنها ايضا ما ذكر في حديث عياض ابن حمار المجاشع رضي الله عنه من اوصاف اهل الجنة انهم ذو سلطان مقصد يعني صاحب عدل متصدق موفق في الخير. ورجل رحيم رقيق القلب ولكل ذي ومسلم وعفيف متعفف ذو عياد. ومنها ايضا الضعف. فان الضعفاء المغلوبين هم ممن ضمن لهم الجنة وبذلك احاديث عدة اوردها المصنف رحمه الله تعالى. ثم اتبع ذلك بحديث وهو وذكر خلف بن خليفة الى اخره ففيه من اصناف اهل الجنة النبي في الجنة والصديق والصديق في الجنة والشهيد في الجنة الى اخره الا ان هذا الحديث لا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها الشهرة بالثناء بالخير. على احد من الناس كما في حديث انس ابن مالك مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فاثني عليها خير الى اخر الحديث وهذا الحديث هو اثبت شيء في الباب اما حديث ابن عباس المتقدم بين يديه فانه لا يثبت. وهذا الحديث يدل على ان شيوع الثناء على عبد بالخير انه من الاوصاف التي تضمن لصاحبها الجنة. وهذه الاوصاف على التفريق هي راجعة الى الاوصاف المجموعة في اية واحدة من القرآن. وهذه هي طريقة الوحي. فان خبر الوحي يأتي مفرقا ويأتي مجموعة سيكون التفريق والتشويق والجمع للتحقيق. فيفرق تشويقا بحيث تكون افراد الصفات مشوقة لطلبها. ثم اجمعوا للتحقيق بمعرفة رب جميع هذه الصفات الى العدد الذي ذكر على وجه التقييم ومن ذلك هذه الاية في سورة النساء فان فيها تعيين اصناف اربعة هم الداخلون الجنة وهم المذكورون في قوله تعالى فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحينئذ فان الاوصاف التي سبقت ترجع الى هذه اصناف الاربعة ودخول هؤلاء الذين ذكرتهم هذه الاية في الجنة مشار اليه بقوله وحسن اولئك رفيقا فان الرفيق الاحسن لا يكون الا في المقام الاكمل ولا مقام اكمل في الاخرة من الجنة حينئذ توجد الرفقة الموصوفة بكونها احسن من غيرها. وهذا دال على اصح قولي اهل العلم رحمهم الله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلم عند احتظاره بني الرفيق الاعلى بل الرفيق الاعلى يعني هؤلاء الاصناف من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. فان هؤلاء هم الرفيق الاعلى وهؤلاء هم الذين ضمنت لهم الجنة ومعرفة صفات هؤلاء اما على الافراد لاجل التشويق واما للجمع لاجل التحقيق المراد منها ان يعني فالعبد هذه المنازل وان اهل الجنة الذين ينتهون اليها بفضل الله ورحمته هو كل من اتصف بهذه الاوصاف شيء من هذه الاوصاف فعلم ان من لم يتصف بشيء من هذه الاوصاف انه على خطر من دخول الجنة وربما طولها وربما لا يدخلها كالمتكبر مثلا فان المتكبر كما مضى هو وصف لاهل النار ولكن قد يكون الكبر في احد من اهل التوحيد فيعذب في نار جهنم ثم يعود الى جنة الله سبحانه وتعالى ولكن كون هذه الصفة من اوصاته توجد له الخوف على نفسه من ان يحرمه الله سبحانه وتعالى الجنة. مما يوجب على العبد ان يتحرى طلب صفات نفسه. ومن احوالها فيطهرها لان الانسان له حالان في تطهير قلبه احدهما تطهيره في الدنيا وذلك بالايمان والاعمال الصالحة والثاني تطويره في الاخرة وذلك بنار جهنم. قال ابن القيم رحمه الله الله تعالى وانما جعلت النار لاذابة القلوب القاسية انتهى. ومعنى هذا انها كما تكون اجابة على وجه العذاب والعقاب فانها كذلك تكون مطهرة وهذا هو ظواهر النصوص التي جاءت في نقل العصاة الموحدين منها ثم تطهيرهم ثم ادخالهم الى الجنة فانهم يطهرون بالنار اولا ثم يكمل تطويرهم بنهر الحياة الثانية ثم يدخلون الجنة. فينبغي ان يجتهد المرء في تطويره في قلبه في الدنيا لانه اذا لم يمكنه تطوير قلبه في الدنيا فان الله سبحانه وتعالى يتكفل بتطويره ان اراد به خيرا وتطهيره لا يكون الا بدخوله النار. ولا ريب ان كل عاقل يعلم ان النجاة النجاة والوحل وحى والسلامة السلامة وان يباعده بين ان يباعد الله عز وجل بينه وبين نار جهنم. ولذلك كان من دعاء المؤمنين اللهم اجرنا من النار وطلب الاجارة من النار يقتضي الاجتهاد في معرفة الامور التي تطهر بها القلوب. فينبغي ان يجتهد الانسان في تطوير الباطن كما يجتهد في تطوير الظاهر. فان القلب يتنجس ونجاسة البدن القابضات ونجاسة طب الذنوب ونجاسة القلب الذنوب والسيئات. ونحوها انما يكون باسباب تمحى بها. فلشيخ الاسلام ابن تيمية الله تعالى قاعدة في ذلك عد منها الاستغفار والعمل الصالح والتوبة الى الله سبحانه وتعالى وغير ذلك من انواع الخير والبر ينبغي ان يصيب الانسان حظه من انواع المطهرات كما انه يجتهد في تطوير بدنه بانواع المطهرات ينبغي ان يجتهد في تطوير قلبه من انواع النجاسات. ولذلك جاء كما في سنن ابن ماجة بسند صحيح سيدي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر وصف اهل الجنة قال كل تقي مم. مخموم القلب ومعنى مخموم القلب يعني سليم القلب. كما قال الله سبحانه وتعالى لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. ولا يكون القلب سليما الا اذا كان طاهرا لا يطهر القلب الا بالاجتهاد في الاسباب الموجبة لذلك مما جاء به الشرع الحكيم. فينبغي ان يجتهد العلمي خاصة والمتعبد لله عامة في معرفة انواع المطهرات القلبية كي يكون ذلك مما يظمن له الجنة فان الطاهر في الدنيا هي الطاهر في الاخرة. وقد اشار الله عز وجل الى ذلك بعبارة لطيفة فان الله عز وجل لما ذكر سقيا اهل الجنة قال وسقاهم ربهم شرابا ايش؟ طهورا طهورا انهم كانوا لا يشربون في الدنيا الا الطهور. فلما كانت اجنبتهم في الدنيا الطاهرات من انواع المنجات من ماء وحليب وشاي وغير ذلك صاغ لهم ان يسقوا ماء طاهرا. واما ان كان ما يشربونه غير طاهر كخمر او حشيشة او غير ذلك من انواع المحرمات فانهم على خطر من حرمانهم الجنة. وقد اشار الله عز وجل الى صلة الطهر بحال المؤمنين في الدنيا والاخرة اية كثيرة من القرآن اذا جمعت صار المعنى ظاهرا بينا اسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا جميعا من المطهرين وان يدخلنا برحمته في جنة الخلد اجمعين والحمد لله رب العالمين وعلى اخر التقرير على