الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس السادس عشر من برنامج الدرس الواحد الثالث والكتاب المقروء فيه هو شرح تفسير كلمة التوحيد للعلامة ابن فوزان حفظه الله. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة صالح ابن فوزان ابن عبدالله الفوزان وتقدم التنبيه ان هذا البناء الجاري على لسان اهل نجد باهمال ياء النسب على غير وفق سنن العربية. فاما ان يزاد فيه يوم النسب فيقال الفوزاني او لا يذكر الا مسبوقا بكلمة ابنه المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اربع وخمسين بعد الثلاث مئة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته لا يزال الشيخ حيا بين اظفرنا حفظه الله ممتعا الصحة والعافية وله من العمر احدى وسبعون وتقدم ان ذكر المقصد الثالث في حق الاحياء يراد به التزام المنهج الواحد في الترجمة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب شرح تفسير كلمة التوحيد اذ هو الاسم الذي طبع به تحت نظر مصنفه في حال حياته المقصد الثاني بيان موضوعه الموضوع الذي يدور عليه رحى هذا الكتاب هو شرح رسالة من رسائل امام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي رسالة تفسير كلمة التوحيد المقصد الثالث توضيح منهجه اصل هذا الكتاب درس القاه الشيخ حفظه الله وسجل صوتيا ثم فرغ وصحح وفق ما يناسب المكتوب وقد وفق المعتني به في وضع تعاليق المصنف في مواضعها الا اشياء يسيرة كان ينبغي ان تقدم او تؤخر ليناسب الشرح سياق المتن وقد جمع المصنف بين بيان الحق وذكر دلائله وتزييف الباطل ودحر شبهه متعرضا لبيان فساد بعض المقالات الردية والاعتقادات المردية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللمسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم سئل الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى عن معنى لا اله الا الله فاجاب بقوله اعلم رحمك الله تعالى ان هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والاسلام قال الشارح حفظه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه وبعد لا اله الا الله كلمة عظيمة خفيفة على اللسان وهي عظيمة في الميزان لانها في الحقيقة هي مضمون الاسلام ولكن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ بل لها معنى ولها مقتضى ولها اركان ولها شروط لابد من معرفتها ولو كان القصد مجرد التلفظ بها صار كل من يقولها مسلما يصير مسلما ولو لم يعمل شيئا فهذه كلمة عظيمة ولكن لها معنى ولها مقتضى ولها اركان ولها شروط لا بد منك بها ولهذا وهذه الكلمة لها اسماء منها انها كلمة الاخلاص لانها تنفي الشرك بالله عز وجل وتثبت العبادة لله عز وجل لذلك سميت كلمة الاخلاص اي اخلاص التوحيد واخلاص العبادة وتجنب الشرك بالله عز وجل وتسمى كلمة التقوى كما قال تعالى لا اذن على الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها الله لي الناس في من قالها مخلصا لله عز وجل تقيه من النار. ولانها تقتضي اعمال الجن لان التقوى هي اعمال البر اللي هو الطاعات هذه الكلمة تقتضي كل اعمال البر والطاعة فهي كلمة التقوى وايضا هي العروة الوسطى كما قال تعالى حملها والله سميع عليم. يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله هذا هو معنى لا اله الا الله. انه يكفر بالقاهرة هذا هو معنى لا اله ويؤمن بالله هذا هو معنى الا الله فمعنى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله لا اله الا الله ولذلك سميت العروة الوثقى وايضا هي كما قال الشيخ الفارقة بين الكفر والاسلام فمن قالها عالما بمعنىها عاملا بمقتضاها صار مسلما يقولها او قالها ولكن لم يعلم معناها او قالها ولم يعمل بمقتضاها لم يكن مسلما حتى يعرف معناها بمقتضاها ظاهر وباطنا. هذه اسماء لا اله الا الله كلمة الاخلاص كلمة التقوى وفق الكلمة الفاصلة بين الكفر والاسلام. لان كثيرا من الناس لا يهتمون بمقتضى هذه الكلمة. مع انهم هنا من النطق لها وذكر الله بها كالصوفية فلهم اوراد صباحية ومسائية فيها لا اله الا الله مرات ولكنهم يدعون غير الله فهي لا تفيدهم شيئا. لانهم من يعملوا بمقتضاها فهم يقولونها ويقرأون في اورادهم ويكررونها ولكن يدعون الموتى ويستغيثون بالمقبورين ويطيعون مشايخ الطرق الذين يشرعون لهم عبادات لم يشرعها الله ولا رسوله. فلا يتلقون التشريع عن الرسول صلى الله عليه وسلم انما يتلقونه من مشايخهم فهؤلاء يفطرون النطق بلا اله الا الله صباحا ومساء ولا يغني عنهم نطقهم فيها شيئا ولا يفيدهم شيئا ومن الصوفية من لا ينطق بها كاملة وهؤلاء بزعمهم انهم صاروا خواص الخواص لا يقولون لا اله الا الله يقولون الله الله هذا ذكرهم يرددون الله الله الله مع انه لابد ان تأتي بجملة مفيدة ما الله الله فهو اسم مجرد فهو لا يفسد شيئا. وبعضهن لا يقول لفظ الجلالة بل يقول هو هو وهذا لا يفيد شيئا لانه تلاعب بهذه الكلمة. فيجب التنبه لهذه الامور لان الشيطان لما علم ان هذه الكلمة فهي كلمة الاسلام وكان عند الناس رغبة في النطق بها والذكر بها الحيل واتى لهم بهذه الوساوس وقال لهم قولوا الله الله او قولوا هو وبعضهم لا يتلفظ لا بالله ولا بهواه وانما يقولها بقلبه فقط كل هذا من الشيطان فيجب التنبه لهذا ومن الناس من يغفله الشيطان عن قول لا اله الا الله فلا يقولها الا نادرا. ولا يذكر الله بها الا قليلا ولا يكررها مع انها ثقيلة بالميزان كما جاء في كتاب التوحيد انها لو وضعت في كفة ووضعت السماوات ومن فيها غير الله ايها الارض ومن فيها في جفة لمالت بهم لا اله الا الله فهي تدخل بمن في السماوات ومن فيها غير الله والارض وبما فهي كلمة عظيمة ولكن قبل من يتنبه لها ويستحضرها ويعود لسانه على النطق بها وتكرارها الا من وصل الله سبحانه وتعالى ذكر المصنف رحمه الله تعالى فيما مضى من كلامه جملة من المسائل فالمسألة الاولى التعريف بقدر كلمة التوحيد لا اله الا الله وانها كلمة خفيفة على اللسان وهي عظيمة في الميزان وكلما كان الانسان متمكنا من الاتيان بحقوقها ومقتضاها متحققا بما يوجبه معناها سهلت هذه الكلمة عليه واجراها الله سبحانه وتعالى على لسانه في اشد احواله حين الاحتضار فان هذه الكلمة في ذلك الحين تخف على القائم بها وييسر الله عز وجل له الختم عليها واما من كان مباعدا لمقتضاها مجانبا لحقيقة معناها فانها تثقل عليه قوته خير عظيم بثقل هذه الكلمة في الميزان. فهي تثقل بالسموات والارض وعامرهن ان الا الله عز وجل والمسألة الثانية ان هذه الكلمة ليست مجرد لفظ مفرغ من معنى بل لها معنى ومقتضى ولها اركان وشروط كما سيأتي في كلام المصنف وفقه الله وليس المقصود مجرد التلفظ بها لانه يسهل ذلك على كل احد. ومن جملة هؤلاء المنافقون الذين يقولون بالسنتهم لا اله الا الله ويضمرون الكفر في بواطنهم المسألة الثالثة التنبيه على ان هذه الكلمة هي كلمة الاخلاص وانما كانت هذه الكلمة كلمة الاخلاص لانها جمعت معنيين اثنين اولهما انها تخلص حق الله سبحانه وتعالى. فلا يكون له شريك في عبادته ويتضمن ذلك نفي الشركة عنه في الربوبية والاسماء والصفات والاخر انها تخلط صاحبها من نار جهنم المسألة الرابعة ان هذه الكلمة هي كلمة التقوى وسميت بذلك لانها تقي صاحبها من النار اذا قالها مخلصا كما في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه خامسها ان هذه الكلمة هي العروة الوثقى والعروة هو ما يتمسك به من عراة والوثقى هي المحكمة القوية وقد اشار الله عز وجل الى ذلك بقوله فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استنتج فبالعروة الوثقى. المسألة السادسة ان معنى هذه الكلمة هو ما اشتملت عليه اية البقرة المتقدمة من اثبات العبودية لله عز وجل ونفيها عما سواه. فقوله تعالى فمن يكفر بالطاغوت معناه صدر الجملة لا اله الا الله. وقوله تعالى ويؤمن بالله معناه عجز الجملة الا الله المسألة السابعة ان هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والاسلام فمن قالها عالما بمعناها عاملا بمقتضاها صار مسلما من اهل الايمان ومن ابى ان يقولها او قالها لكنه كذب في دعواه اذ لم يعمل بها وخالفوا مقتضاها لم يكن مسلما المسألة الثامنة ان كثيرا من الناس لا يهتمون بمقتضى هذه الكلمة فربما رأيت في المنتسبين الى الاسلام من يجعل في ورده اليومي تكرار هذه الكلمة الاف المرات الا انه يناقضها في يومه مرات ومرات فيدعو غير الله ويستغيث بغير الله ويخاف من غير الله ويرغب الى غير الله عز وجل المسألة التاسعة بيان تلاعب الشيطان بطوائف من ارباب التصوف الذين صرفوا عن ذكر الله عز وجل بهذه الكلمة الى الاقتصار على قولهم الله الله ثم زاد تلاعب الشيطان بهم فاقتصروا على ضمير الغيبة ثم زاد تلاعب الشيطان بهم فصار بعضهم يحبس لسانه عن اللهج بها ويزعم انه يقولها بقلبه المسألة العاشرة ان من تلاعب الشيطان ايضا بالناس في صدهم عن هذه الكلمة اغفالهم عن قولها فتجد من الناس من لا يقولها الا نادرا ولا يذكر الله بها الا قليلا وليس له نصيب منها في يومه وليلته الا المرة بعد المرة مع عظيم فضلها وثقل وزنها وجسيم بركتها في الدنيا والاخرة وقل من يتنبه لها ويستحضرها ويعود لسانه على اللهج بها نعم قال المؤلف رحمه الله وهي كلمة التقوى وهي العروة الوسطى وهي التي جعلها ابراهيم عليه السلام باقية في عقبه لعلهم قال الشارف حفظه الله هذه الكلمة لا اله الا الله هي التي اعناها ابراهيم عليه السلام في قوله مما تعبدون الا الذي فطرني هذا هو معنى لا اله الا الله. هذا معنى النفي لا اله الا الذي خطرا نيادا على الاثبات الا الله وجعلها ابراهيم عليه الصلاة والسلام جعل هذه الكلمة كلمة باقية في عقبه في ذريته فلا يزال فيهم من يقول لا اله الا الله لم يتركوها كلهم ولم يشركوا كلهم بل فيهم من قالها واستقام عليها ولو كان عددا قليلا انه افرادا فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بعث بهذه الكلمة قولوا لا اله الا الله فاذا قالواها عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله الرسول بين لي لا اله الا الله كلمة التي جعلها جده ابراهيم عليه الصلاة والسلام باقية في عقبه وكان محمد صلى الله عليه وسلم من عقد ابراهيم وبعثه الله بها تدعو الناس اليها ويقاتلهم عليها فهي كلمة عظيمة لعلهم يرجعون اي يرجعون اليها. وببعثة محمد صلى الله عليه وسلم عندما رجع الي الكثير من ذرية ابراهيم الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة اليها وتحقيقها والعمل بها قلنا الرسل بعثوا بها قال تعالى ولقد الله واجتنبوا الطاغوت هذا معنى لا اله الا الله اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. هذا معنى المتن والاثبات لا اله الا انا فاعبدون. وقال تعالى ينزل الملائكة من روحهم امره على من يشاء من عباده الانبياء والرسل وقال تعالى وبنائه الا الله ولكن ابراهيم عليه الصلاة والسلام جعلها كلمة دافئة في عقبه الى ان تقوم الساعة ولا يزال في ذريات ابراهيم فمن يتوارث هذه الكلمة علما وعملا وتحقيقا وان اعرض عنها ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه له ثلاث مسائل فالمسألة الاولى الاعلام بان هذه الكلمة هي الكلمة التي عناها ابراهيم عليه الصلاة والسلام في قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه قد جمع في قوله هذا بين النفي والاثبات. كما اشتملت عليهما كلمة التوحيد فقوله عليه الصلاة والسلام انني براء مما تعبدون تصريح بالنهي وقوله عليه الصلاة والسلام الا الذي فطنني تصريح بالاثبات المسألة الثانية ان ابانا ابراهيم عليه الصلاة والسلام جعل هذه الكلمة باقية في عقبه فلا يزال فيهم من يقول لا اله الا الله لم يتركوها ولن يتركوها ولا يزال في الناس من يتوارثوا هذه الكلمة علما وعملا وتحقيقا. وهذه الاية هي الاية من القرآن الكريم للاحاديث الصحيحة الواردة في بقاء الطائفة المنصورة والفرقة الناجية الى الساعة فلو قيل لك اين ذكرت؟ الطائفة المنصورة والفرقة الناجية في القرآن فقل في هذه الاية ففي هذه الاية الاعلام بان ابراهيم عليه الصلاة والسلام جعل هذه الكلمة باقية في عقبه من بعده. فلا تزال في الارض حتى يرث الله سبحانه وتعالى الارض ومن عليها وقد كان اكثر الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من ذرية ابراهيم قد تركوا هذه الكلمة هجروها ولبس عليهم الشيطان وزين لهم عبادة غير الله عز وجل. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم بشيرا ونذيرا. ومشى في اسواقهم ينادي يا ايها والناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا كما صح بذلك الخبر في مسند احمد فرجع بدعوته صلى الله عليه وسلم كثير من ذرية ابراهيم من العرب وغيرهم الى هذه العظيمة المسألة الثالثة ان البعث بهذه الكلمة لم يختص برسولنا صلى الله عليه وسلم بل كل الانبياء والرسل قد جاءوا بالدعوة الى التوحيد. كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوح اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. فجميع الانبياء جاءوا بالدعوة الى التوحيد واجتمعوا على ذلك وهذا من اعظم الادلة على تعظيم التوحيد وتوجيه الانظار والقلوب الى العناية به ورعاية مقامه. وانه من اعظم العلوم لتعلقه باعظم حق. وهو حق الالوهية والعبودية لربنا سبحانه وتعالى. شف الزيت جزاك الله خير نعم قال المؤلف رحمه الله وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها قال الشارح حفظه الله ليس المقصود قول لا اله الا الله باللسان بمعناها لابد ان تتعلم ما معنى لا اله الا الله واما اذا قلتها وانت لا تعرف معناها فانك لا تعتقد ما دلت عليها فكيف تعتدل شيئا تجهله فلا بد ان تعرف معناها حتى تعتقده معنى لا اله الا الله اما مجرد نطق اللسان من غير فهم لمعناها فهذا لا يفيد شيئا. ايضا لا يكفي الاعتقاد بالقلب ونطق اللسان بل لابد من العمل بمقتضاها وذلك باخلاص العبادة لله وترك عبادة من سواه سبحانه وتعالى فلا اله الا الله كلمة نطق وعلم وعمل ليست مثلا ولو لم يعمل شيئا من لوازمها هو من اهل الجنة ولو لم يصلي ولم يزكي ولم يحج ولم يصم ولو فعل الفواحش والكبائر والزنا والسرقة وشرب الخمر وتعلم ما يريد من المعاصي وترك الطاعات كلها لانه تكفيه لا اله الا الله عندهم هذا مذهب المرجئة الذين يخرجون العمل من رجل ايماني ويعتبرون العمل ان جاء فبها ونعمت. وان لم يجد فانها كسب لا اله الا الله عندهم. ويستدلون باحاديث تبيد ان من قال لا اله الا الله دخل الجنة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اقتصر على هذه الاحاديث فالرسول صلى الله عليه وسلم له احد اخرى تقيد هذه الاحاديث ولابد ان تجمع بين كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بعضه الى بعض لا ان تأخذ منه طرفا وتترك طرفا لانك كان الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين بعضه بعضا ان الذي يأخذ طرفا ويترك طرفا فانه من اهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. الرسول صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله وكفر ما عبد من دون الله وهذا حديث صحيح فلماذا غفلتم عنه؟ فقال صلى الله عليه وسلم فان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله. اما الذي يقول لا اله الا الله ولا يكفر بما يعبد من دون الله ويدعو الاولياء والصالحين. فان ان هذا لا تنفعه لا اله الا الله لان كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بعضه بعضا ويقيد بعضه بعضا فلا قل بعده وتترك بعضه والله سبحانه وتعالى يقول هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه. يأخذون الذي يصلح لهم يكون الذي لا يصلح لهم ويقولون استدللنا بالقرآن نقول ما استدللتم بالقرآن القرآن وان قال كذا فقد قال كذا فلماذا تأخذون بعضا وتتركون بعضا والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا المحكم والمتشابه فيردون متشابهة الى المحكم يفسرونه به ويقيدونه به ويفصلونه. اما انهم يأخذون المتشابه ويتركون المحكمة فهذه طريقة اهل الزيغ الذين يأخذون بحديث ان من قال لا اله الا الله دخل الجنة ويقتصرون على هذا ولا يريدون الاحاديث الواضحة التي بها القيود وفيها هؤلاء اهل فيجب على طالب العلم ان يعرف هذه القاعدة العظيمة لانها هي جماع الدين وهي اساس الملة ليست سنقصد انك تأخذ اية او حديثا وتترك غيره بل المقصود انك تأخذ القرآن كله وتأخذ السنة كلها وكذلك كلام واهل العلم العالم اذا قال كلاما لا تأخذه وحده حتى ترده الى كلامه الكامل وتتتبع كلامه في مؤلفاته لانه بعضه بعضا لانهم على سنن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فترد المطلق الى المقيد من كلامهم فطالب العلم يجب عليه ان يأخذ هذه القاعدة معه دائما. ويحذر من طريقة اهل الذين يأخذون الذي يصلح لهم ويتركون الذي لا يصلح لهم من الكتاب والسنة ومن كلام اهل العلم ويتركون ذات الكلام او يتركون الكلام الثاني الذي يوضحه ويأخذون الكلام المشتبه الكلام البين كثير من الذين يدعون العلم غفلوا عن هذا الشيء اما عن قصد التضليل واما عن جهل فيجب معرفة هذه الامور ان تكون اصولا وقواعد عند طالب العلم نبه المصنف وفقه الله الى غلق طائفتين في هذا الباب. الطائفة الاولى طائفة زعموا ان التلفظ باللسان بهذه الكلمة كاف من غير حاجة الى اعتقاد القلب ولا عمل الاركان والجوارح والطائفة الثانية طائفة ظنت ان اعتقاد القلب لها ونطق اللسان بها كاف عن العمل بالجوارح والاركان وحقيقة هذه الكلمة توجب اعتقادها بالقلب. والنطق بها باللسان. وظهور اثار ذلك بالعمل بالجوارح والاركان وانما وقع هؤلاء فيما وقعوا فيه من الغلط لتمسكهم ببعض ظواهر الاحاديث والاية وتركهم لنصوص اخرى من القرآن والسنة يدل مجموعها على ان التوحيد قائم على هذه الامور الثلاثة نطق اللسان واعتقاد الجنان وعمل الجوارح والاركان كما بينه امام الدعوة في اخر كتاب كشف الشبهات. فلا يتم للعبد التوحيد الا باستماع هذه امور الثلاثة وهذه الطريقة التي سلكها هؤلاء القوم هي طريقة اصحاب الزيغ الذين يأخذون بعض دلائل ويهجرون بعضا. وما من صاحب بدعة الا وهذه طريقته. كما ذكر ذلك ابو محمد ابن قتيبة في مقدمة كتابه تأويل مختلف الحديث فالخوارج مثلا يأخذون باحاديث الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمرجئة يأخذون بالاحاديث التي تضمنت ذكرى قول لا اله الا الله باللسان فقط وهكذا كل طائفة من طوائف الزيغ والضلال تأخذ بعض الشرع وتترك بعضا. فيتبعون ما تشابه فمن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله واما الراسخون في العلم فيقولون كل من عند ربنا امنا به وهذه قاعدة عظيمة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. بل في كلام من العلماء فان كلامهم المتفرق اذا ظن ان بعظه يخالف بعظا وجب الجمع والتأليف بين احسانا للظن بعلماء الكتاب والسنة. ومن هنا قعد الفقهاء رحمهم الله تعالى قاعدة نفيسة الحقها بعضهم بالقواعد الخمس الكلية وجعلها سادسة له وهي اعمال الكلام اولى من اهماله. فاذا تعدد الكلام المنقول في باب واحد من كلام الله او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم او كلام الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والعلماء العاملين كان عين الصواب ان يصدق الكلام بعضه بعضا. وان يحمل الكلام بعضه على بعض بالتأليف والجمع ورد مطلقه الى مقيده. ومجمله الى مبينه. وعامه الى خاصة ومن سلك هذه الطريقة سلم له دينه ونجا قال المؤلف رحمه الله فان المنافقين يقولون وهم تحت الكفار في الدرك الاسفل من النار المنافقون الذين هم في الدرك الاسفل من النار هم الذين يظهرون الاسلام او يبطنون الكبرى لانه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة وصار حوله المهاجرون والانصار وقول الاسلام وانتصر الدين في بدر تلك الواقعة العظيمة التي طار خبرها في المشارق والمغارب ان النبي صلى الله عليه وسلم انتصر على صناديد قريش وقريش كانت تاج العرب وكان الناس ينظرون اليها فلما انتصر عليها الله عليه وسلم في بدر وقتل رؤساؤها عند ذلك قال المنافقون نحن وقعنا في المدينة بين المهاجرين والانصار ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا نعمل؟ لجأوا الى حيلة وهي انهم يظهرون الاسلام من اجل ان يعيشوا مع المسلمين. ويحافظوا على دمائهم المهم وعليهم والرسول صلى الله عليه وسلم ليس له الا الظاهر ما يدري عن القلوب الا الله عز وجل يظهر منه ما يخالف ظاهره وقالوا لا اله الا الله واشهدوا للرسول بالرسالة ظاهرا كما قال الله تعالى اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اتخذوا اي ما لهم جنة جنة يعني سترة يستترون بها فالمنافقون دخلوا لما رأوا قوة المسلمين ظاهرا وبقوا على الكفر باطنا والعياذ بالله ولذلك جعلهم الله الاسفل من النار تحت المشركين عبدة الاوثان تحت الملاحدة. لعظيم جرمهم وخداعهم ومكرهم. يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم ولا يشعرون. المنافق يقول لا اله الا الله وهو في الدرك الاسفل نعم فكيف تقولون ان لا اله الا الله يكفي مجرد التلفظ بها وهؤلاء المنافقون في الدرك الاسفل من النار فهم يقولون لا اله الا الله فدل ان مجرد النطق بها لا يكفي الا باعتقاد القلب وعمل الجوارح المصنف رحمه الله تعالى من دلائل عدم اغناء هذه الكلمة من يقولها بلسانه من غير اعتقاد قلبه ولا عمل جوارحه مستشهدا بحال المنافقين الذين يقولون لا اله الا الله بالسنتهم. ويقرون بالاسلام في ظواهرهم. اما بواطنهم فهم يظمرون هي الكفر والمراد بهؤلاء المنافقين من كان متصفا بالنفاق الاكبر لان النفاق كما سابقا هو ستر الايمان او اصله. فان كان المستور من الايمان الاصل فذلكم هو الاكبر وان كان ثمانه فذلكم هو النفاق الاصغر. والمراد في هذا الموضع اصحاب النفاق اكبر الذين يظهرون الاسلام بقول لا اله الا الله ويبطنون الكفر وهؤلاء نشأوا في الاسلام لما اكب الله عز وجل المشركين على وجوههم ومصارعهم في بدر. وظهرت قوة الاسلام وصار جنابه مهابا فدخل من دخل من اهل المدينة في الاسلام بظاهره وبقي في باطنه على الكفر وكان يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم ويشهدون له بالرسالة وفي ضمن هذا دعواهم انهم لله عز وجل بالتوحيد. لان اقرارهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة يلزم منه تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم اليه. الا انهم جعلوا ذلك ظاهرا. وابتغوا به ان اموالهم ودماؤهم. كما قال الله سبحانه وتعالى اتخذوا ايمانهم جنا. فانهم انما اخذوا حفظ النفس والمال والعرض بقول هذه الكلمة وهم في ظواهرهم من اهل الاسلام واما في بواقيهم فهم اهل الكفر. ولذلك يعدون من هذه الامة باعتبار الظاهر كما جاء التصريح بذلك في حديث ابي سعيد وابي هريرة رضي الله عنهما المخرج في الصحيحين في الرؤيا وفيه فتبقى هذه الامة وفيها شافعوها. فان المراد بالشافعين في هذا الموضع المنافقين فالشفع ضد الوتر وهم في الظاهر من اهل الاسلام. اما في الباطن فهم من اهل الكفر. فصاروا بهذا من جملة الامة شافعون لها في الصورة الظاهرة مفارقون لاهل الاسلام في بواطنهم وهؤلاء مع قولهم لا اله الا الله بالسنتهم لم تغني عنهم هذه الكلمة شيئا بل جعلهم الله عز وجل في الدرك الاسفل جزاء وفاقا فانهم سعوا في مخادعة الله ورسوله والمؤمنين بما تستروا به رجاء حفظ دمائهم واموالهم واعراضهم فعاقبهم الله عز وجل بان جعلهم كان النار وراء الذين كفروا لانهم جعلوا كفرهم باطلا بخلاف اولئك الذين صرحوا بكفرهم نعم قال المؤلف رحمه الله مع كونه يصلون ويتصدقون قال الشارح حفظه الله المنافقون يصلون ويتصدقون ويخرجون عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الظاهر ولكنهم منافقون في قلوبهم وهم يقولون لا اله الا الله ولم تنفعهم دلت ايات كثيرة واحاديث وفيرة على ان المنافقين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم اهل صلاة وصدقة وخروج للجهاد معه صلى الله عليه وسلم يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا ولكنهم يضمرون في بواطنهم النفاق والكفر ويقولون بالسنة لا اله الا الله ومع صلاتهم وصدقاتهم وجهادهم فان الرب سبحانه وتعالى حكم عليهم بانهم من اهل الدرك الاسفل من النار. ولذلك يأتي يوم القيامة ويلقى ربه كما في الصحيح فيقول الله عز وجل اي قل ماذا عملت؟ فيقول ليت وتصدقت وصمت ويثني بخير ما استطاع. وفي اخر الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه فذلك المنافق ليعذر من نفسه فللمنافق صلاة فصيام وجهاد ولكنه يعمل هذه الاعمال بالظاهر ليستتر بها مما يسفخ به دمه ويصاب ماله ويسلم عرضه. فهم ارادوا بهذه الظواهر حظوظهم من حياتهم الدنيا. فعوقبوا بظد قصودهم. ولم تنفعهم هذه الاعمال. ولا قول لا اله الا الله وهم مضمرون للكفر في بواطنهم. وفي هذا ابلغوا البيان على ان هذه لا تغني عن صاحبها شيئا اذا قالها بلسانه فقط ومن باب اولى انها لا تغني عن صاحبها شيئا وهو يقولها بلسانه ثم يظهر من الاعمال اقوال ما يخالف معناها وحقيقتها. وانك لتعجب من امرئ يقول لا اله الا الله ثم فيدعو غير الله ويستغيث بغير الله ويستعين بغير الله ويخاف من غير الله ويتوكل على غير الله وينذر لغير الله ويذبح لغير الله فاين لا اله الا الله في قلبه ولسانه وان مشركي الجاهلية الاولى اعلم من هؤلاء بلا اله الا الله. فقبح الله رجلا ابو اعلم منه بلا اله الا الله كما ذكر امام الدعوة رحمه الله تعالى هذا المعنى في كتاب توحيدي وفي كشف الشبهات فان ابا جهل واضابه لما قيل لهم قولوا لا اله الا الله قالوا اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. فعرفوا بصحة عقولهم. وفصاحة السنتهم. ان هذه الكلمة تقتضي الا يكون معبود الا الله. ثم خذلوا بما وقر في قلوبهم. واصيبتها نفوسهم من تعظيم بغير الله عز وجل فامتنعوا من الاقرار بهذه الكلمة والعمل بمقتضاها. قال المؤلف رحمه الله ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة اهلها وبغض من خالفها ومعاداته. قال الشارح حفظه الله المراد من لا اله الا الله وقولها باللسان مع اعتقاد القلب بها والعمل بمقتضاها وموالاة اهلها ومعاداة من خالفها الحب في الله والبغض في الله وهذه كلها من مقتضى لا اله الا الله ولهذا قالوا لا اله الا الله لا سبعة شروط نظمها العلماء بقوله علم يقين واخلاص وصدق وانقياد زاد الشيخ سعد ابن عتيق رحمه الله شرقا ثامنا فقال يأتي النبي ولا يكفي الاثبات بل لا بد من الاثنين نبه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى المراد من لا اله الا الله وان المراد من هذه الكلمة الجمع بين معناها في اعتقاد الجنان وقول اللسان وعمل الجوارح والاركان وموالاة اهلها ومعاداة اعدائها. حبا في الله وبغضا في الله. ومن هنا جعل رحمهم الله تعالى في بيانهم لهذه الكلمة ان لها معنى ولها شروطا. فاما معناها فهو لا معبود حق الا الله وقد جمع في هذه الكلمة بين النفي والاثبات. فنفي استحقاق الالهية عن غير الله. واثبت الالهية والعبادة لله وحده واما شروطها فذكرها المجدد الثاني عبدالرحمن بن حسن في فتح المجيد واعدها سبعة شروط ثم تبعه من تبعه من ائمة الدعوة النجدية رحمهم الله ونظمها العلامة سعد بن عتيق رحمه الله تعالى في هذين البيتين علم ويقين واخلاص وصدقك معه. محبة وانقياد والقبول لها. ثم نبه الى زيادة شرط كامل فقال وزيد ثامنها الكفران منك بما سوى الاله من الاوثان قد اولها. وهذا الشرط الثامن الذي يزيد هو حقيقة معنى لا اله الا الله. فالاظهر ان شروط هذه الكلمة هي سبعة كما نص على ذلك العلامة عبد الرحمن ابن حسن في فتح المجيد وسياق المصنف وفقه الله يشعر بان البيت الاول لبعض العلماء وان البيت الثاني هو من زيادة لكن سعد ابن عتيق وكأنه تلقى هذا من كلام العلامة ابن باز فانه ذكر هذا المعنى في بعض كلامه وكتبه. والذي احفظه عن كبار تلاميذ العلامة سعد بن عتيق ومنهم الشيخ سعد الفالح والشيخ محمد ابن احمد ابن سعيد ممن لقينا من بقايا تلاميذه ان هذين البيتين هما من نظم الشيخ ابن عتيق فالاصل البقاء على هذا ما لم يتبين صحة خلافه وهذان الرجلان اكثر صحبة وقراءة على الشيخ سعد ابن عتيق. من العلامة ابن باز. فان العلامة ابن باز رحمه الله انما قرأ على الشيخ سعد قطعة من كتاب التوحيد ثم ترك القراءة فعليه بكبر سنه. وان الشيخ محمد بن احمد بن سعيد رحمه الله الذي توفي قريبا وكان اخر تلاميذ العلامة عبد الله ابن عبد اللطيف المتوفى سنة تسع وثلاثين بعد ثلاث مئة فقد كان من خواص الشيخ سعد ابن عتيق وكان المصاحب له الذي يقرأ عليه الكتب في حال الاعداد للدروس لما كبر الشيخ وساق وذهب بصره رحمه الله تعالى رحمة واسعة. نعم قال المؤلف رحمه الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله مخلصا وفي رواية خالصا من قلبه وفيه اية صادقا من قلبه وفي حديث اخر من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله الا الله مخلصا هذا قيد لم يقتصر على قوله من قال لا اله الا الله بل قال مخلصا من قلبه لا يكفي انه يقول لا اله الا الله او حتى يكون ذلك خالصا من قلبه. لئلا يكون من المنافقين الذين يقولونها بالسنتهم ولكن لا يقولونها بقلوبهم. ومن قال لا ان الله وكفر بما عمل من دون الله هذا قيد عظيم وهو قوله وكفر بما عبدل من دون الله لان كثيرا يقولون لا اله الا الله ولا يتركون عبادة القبور ودعاء الاموات والاستغاثة بهم وطلب الحاجات من غير الله هؤلاء لا تنفعهم لا اله الا الله لانهم لم يكفروا بما يعبد من دون الله مما يبطل دعوى الداعمين الاكتفاء بقول لا اله الا الله باللسان وان من قالها بلسانه كان مسلما وان فعل ما فعل زيادة على ما تقدم من حال المنافقين دليل ثان وهو ما جاءت به النصوص من تقييد هذه الكلمة بقيود ثقال. لا ينجو العبد الا بالاتيان بها. كما في قوله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه. وفي رواية مخلصا. فان قول لا اله الا الله ايد ها هنا بقيد ثقيل. وهو الاخلاص. وعرفت بما سلف ان الاخلاق هو تصفية القلب من قصد غير الله وقيدت بقيد ثان في حديث اخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه. فبين هذا الحديث ان قول لا اله الا الله باللسان لا يكفي. بل لا بد من الكفر بما يعبد من دون الله عز وجل. فمن قال لا اله الا الله ثم دعا البدوي او السيدة نفيسة او عبد القادر الجيلاني او غيرهم من المعظمين فقد كذب في دعواه فان حقيقة لا اله الا الله الا يعبد الا الله عز وجل ومقتضى دعاء هؤلاء انهم عبدوا غير الله سبحانه وتعالى. ومن رأى حال الناس بما كانوا عليه في هذه البلاد وغيرها من البلاد الاسلامية مما كتبه العلماء لا المؤرخون كما قيده العلامة عبدالرحمن بن حسن في مقاماته. وابنه الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن. في بعض في رسائله واخوه والعلامة اسحاق بن عبدالرحمن بن حسن في رسالة مفردة علم ما ال اليه الامر في هذه الازمان من تلاعب الشيطان من المنتسبين الى الاسلام. فهم يزعمون انهم من اهل الاسلام ويقولون لا اله الا الله ثم تجدوا افعالهم تنضح بالشرك اكثر من شرك اهل الجاهلية الاولى كما ذكر العلامة شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب في كشف الشبهات والقواعد الاربع ثم اخرون كالعلامة الصنعاني والشوكاني من ان كبر من تأخر من المشركين اعظم من كوبري من تقدم من المشركين. حتى ان المتأخرين تفننوا فيما يعظمونه من المعبودات فجعلوا لكل معبود خصيصة من الخصائص كما ذكر العلامة طه الزيني رحمه الله من علماء الازهر ان كثيرا من اهل تلك الناحية كانوا يعتقدون في قبر الشافعي رحمه الله النفع في الاعانة على الاختبارات الدراسية فكان اكثر الطلبة من طلاب الازهر وغيره يستفتحون اختبارهم بالتوجه الى قبر الشافعي والبقاء يدعونه رجاء نفعه في هذا الاختبار. وذكر العلامة طه الزيني رحمه الله ان فمما سمع من البلايا ان بعض الطلبة اطال في توجهه الى ناحية قبر الشافعي. فاجلسه المشرف على قاعة الاختبار وقال له يا ابني يكفي الامام سمع وهذا من اعظم فانظر الى عظيم تلاعب الشيطان بمنتسبين الى الاسلام. ولكن الارض لا تخلو بحمد الله من قائم لله بحجة سواء في تلك البلاد ام في غيرها فلا يزال من علماء الازهر وغيره من هو قائم لله بالدعوة الى التوحيد؟ كما كان العلامة طه الزيني العلامة عبدالرحمن الوكيل والعلامة محمد حامد الفقيه قائمين بالدعوة الى التوحيد في القرن الماضي في تلك البلاد. والمقصود ان تعلم ان هذه كلمة لا تغني بمجرد القول لانها قد قيدت بقيود ثقال في هذه الاحاديث فهذا دليل ثان بعد الاول الذي هو حال المنافقين كاشف عن ان قول هذه الكلمة مجردة لا يغني عن صاحبه شيئا قال المؤلف رحمه الله الى غير ذلك من الاحاديث الدالة على جهالة اكثر الناس في هذه الشهادة. قال الشارح حفظه الله الله اكبر الناس يجهلون هذه الشهادة يحسبونها مجرد لفظ يقال باللسان وكثير من العلماء لا يفهمون معنى لا اله الا الله وهم علماء في البق علماء بالنحو علماء في الحديث ولكن اكثرهم ليس له عناية بالتوحيد او يتعلم عقيدة الاشاعرة وعلماء الكلام التي على توحيد الربوبية ويقولون لا اله الا الله يفسرونها لا خالق الا الله لا يقدر على الاقتراع الا الله هذا تفسيرهم لا فهم لا يتعدون توحيد الربوبية ويفسرون لا اله الا الله بما لا يزيد عن توحيد الربوبية ولا يتعرضون لتوحيد الالوهية الذي هو مطلب لا اله الا الله اقرأوا عقائد المتكلمين تجدون انهم يرتدون على اثبات وجود الله كأن الله فيه شك. والاعتراف انه هو الخالق الرازق المحيي المميت الى اخره. ولا يذكرون العبادة ولا يذكرون الالوهية ابدا. هذا لا يزيل على دين المشركين الذين قال الله فيهم قل من يرزقكم من السماء والارض عمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت يخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله يثبتون الرب ولكن يعبدون غيره ويعبدون من دون بالله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله لا يقولون انهم يخلقون يرزقون ولكن يقولون انهم شفعاء سطاء لنا عند الله. فالامر خطير جدا. فهناك لبس كثير في هذا وظل كثير من الناس بهذا اللبس الذي يخلص التوحيد ويبين معنى لا اله الا الله يقولون هذا يكفر نحن ما نكفر الا من كفره الله ورسوله يحقق لا اله الا الله قد كفره الله ورسوله. بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ما يصدق ما تقدم من عظيم جهل الناس بهذه الكلمة. فان اكثر الناس يجهلون حقيقة هذه الشهادة ويحسبونها مجرد لفظ يقال باللسان ويكفي. ويوجد هذا في كثير من العلماء. لا يفهمون كلمة توحيدي فهما صحيحا قوم علماء في الفقه او النحو او الاصول ويقع منهم الشرك العظيم. كما كان بعض ممن هلك في اول هذا القرن رأسا في علم اصول الفقه. ولكنه كان سادنا على قبر زينب فانظر الى هذا الرجل مع عظيم علمه وتوسعه في فن الاصول الا انه كان جاهلا بالتوحيد ولا صبي من الموحدين خير منه في معرفة توحيد الله سبحانه وتعالى. وانما اوقع هؤلاء في هذه الفخاخ عدم عنايتهم بتعلم التوحيد. وتركهم الالتفات اليه. تفهما ما جاء من الاية والاحاديث وما صنفه ائمة الهدى رحمهم الله تعالى في بيان توحيد العبادة فلا هم فهموا ما في القرآن والسنة من اي التوحيد ولا هم استفادوا مما صنفه الائمة الموفقون في في هذا الباب ابتداء من المصنف الاول المفرد بتوحيد العبادة الذي صنفه العلامة المقريزي المصري وهو وتجريد التوحيد المفيد وانتهاء بما صنفه دعاة التوحيد من ائمة الدعوة النجدية الذين قاموا ببيان التوحيد بيان حتى شهد لهم بذلك من ليس من اهل بلادهم. كما ذكر مقامهم في ذلك بعض السادات من اهل حضرموت كما نقله العلامة ابو بكر خوقير من علماء مكة في فصل المقال فانه لم يقم ببيان حقائق توحيد وكشف دلائله ولفظ براهينه في المتأخرين كما قام ائمة الدعوة النجدية وبذلك ظهرت بركة دعوتهم وقصف الناس ثمارها بحسن دينهم وسلامة ديانتهم من التوجه بغير الله عز وجل. وربما اوقع هؤلاء في هذه الفخاخ اختفائهم بتعلم التوحيد من كتب العقائد الاشعرية وما صنفه علماء الكلام الذين اعتنوا بتقرير توحيد الربوبية ولم يلتفتوا الى تحقيق توحيد الالوهية. كما جاء في ترجمة الرادي وسبق ذكر قصته انه كان يعرف على وجود الله عز وجل الف دليل. فله يد طولى وقدم سابقة في معرفة توحيد الربوبية فعلماء الكلام اكثر همهم واكبر شغلهم في نصب الادلة المتعلقة بتوحيد الربوبية يغفلون عن العناية بتوحيد الالوهية مع عظيم الحاجة اليه. ويفسرون لا اله الا الله لان معناها لا خالق او لا رازق او لا قادر الا الله فينشأ الصغير ويهرم الكبير على مثل هذه المعتقدات فيقعون في العظام من صرف العبادة لغير الله سبحانه وتعالى وتعظم المصيبة اذا قام داعية الى التوحيد فتطاولت السنة الافاكين بانه يكفر الناس كما قال بعض الناس قديما وحديثا قطع الله السنتهم بان دعوة التوحيد في هذه البلاد تكفر المسلمين ولم يكن ائمة الدعوة يكفرون الا من كفر الله ورسوله. فلم يكونوا مشغوفين بالتكفير مائلين اليه قد غلب على قلوبهم كما تفوه بذلك بعض السفهاء من اهل العصر ولكنهم كانوا قولي غيرة على توحيد الله سبحانه وتعالى. وقيام في نصرته وبذل للنفس والنفيس في سبيل اظهار معالمه ونقض اعلامه. وهم اذا بينوا الحق لم يعجب هذا الحق بعض الناس. ممن ولدوا وشربوا من المناهل القذرة من مناهج الشرك والكفر. فاراد هؤلاء ان ينفروا الناس من ائمة الدعوة ووصفوهم بانهم يكفرون الناس ويقاتلون المسلمين ويسعون في الارض فسادا. وكتب ائمة دعوة بحمد الله ابتداء من امام الدعوة شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب وانتهاء بالاحياء منهم كسارح هذه الرسالة لا يكفرون الا من كفر الله ورسوله وهم براء من دعوى تعميم الكفر وتكفير كل احد حتى زعم بعض الزاعمين انهم يرون ان من لم يسكن ديارهم ويهاجر اليهم فهو كافر وان وافقهم بما يدعون اليه فهذا من اعظم البهتان. ولكن دعوة الحق تبقى مرفوعة عالية. لانها فليست دعوة محمد ابن عبد الوهاب ولا دعوة اتباعه وتلاميذه ولا يأتي انها الدعوة التي سعى بنصرها ملوك ال سعود ولكن لانها الدين الذي رضيه الله سبحانه وتعالى للناس كما قال الله عز وجل ان الدين عند الله الاسلام وقال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. ويدعي الدعوة التي قام بها الانبياء والمرسلون وعلى رأسهم صفوتهم وامامهم محمد صلى الله عليه وسلم. فينبغي الا هذه المكدرات صاحب التوحيد عن التمسك به. فانه يتمسك بالقرآن والسنة. فاما الزبد فيذهب واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض. قال المؤلف رحمه الله اعلم ان هذه الكلمة نصب واثبات قال الشارخ حفظه الله هذه الكلمة لها ركنان همادة واثبات فلا يكفين في ولا يكفي الاثبات بل لا بد من الاثنين مقترنين كما قال تعالى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ما قال يكفر بالطاغوت فقط بل قال ويؤمن بالله ولا قال من يؤمن بالله ولم يذكر الكفر بالطاغوت لا بد من الاثنين. سبق بيان هذه الجملة وان هذه الكلمة جمعت بين النفي والاسناد فالنفي لقوله لا اله والاثبات في قوله الا الله وايات القرآن الكريم كثيرة في هذا المعنى وهذه هي طريقة بالجمع بين النفي والاثبات بما اريد نفي الشركة به عن الرب سبحانه وتعالى كما فرح بذلك ابن القيم رحمه الله تعالى عليه وسلم ومن الملائكة حتى جبريل فضلا عن غيرهما من الانبياء والصالحين واثباتها لله عز وجل. قال السارح حفظه الله الالهية عن كل ما يعبد من دون الله من المخلوقات ولو كان من اصلح الصالحين. فاصلح البشر هو محمد صلى الله عليه وسلم واصلح الملائكة وجبريل ومع هذا لو ان احدا يعبد جبريل او يعبد محمدا فانه يكون مشركا خالدا في النار. لان الله لا يرضى ان يشرك معه احد لا من الملائكة ولا من الانبياء ولا من الصالحين ولا من الاشجار والاحجار. ولهذا يقول ولا يشرك بعبادة ربه احدا احدا هذا قال واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا شيئا اي شيء هذا نفي عام والمنسي نكرة والنكرة كل شيء نبه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى معنى النفي المذكور بلا اله الا الله وانه الالهية عن كل ما يعبد من دون الله عز وجل. كائنا من كان ولو كان ملكا مقربا او نبيا مرسلا كمحمد صلى الله عليه وسلم او جبريل عليه السلام. فلا يجوز ان يصرف لاحد من غير الله عز وجل ولو قدر قلامة من ظفر من العبادة بل العبادة كلها كبيرها وصغيرها دليلها ودقيقها حق محض لله سبحانه وتعالى. اذ هو الذي تالاه القلوب بالحب والتعظيم. ومقتضى هذا التعريف الا يصرف منه شيء لغيره قال المؤنس رحمه الله اذا فهمت ذلك فتأمل الالوهية التي اثبتها الله تعالى لنفسه ونفاها عن محمد صلى الله عليه وسلم جبريل وغيرهما ان يكون لهم من ما مثقال حبة من خردل. قال الشارح حفظه الله الالوهية معناها العبادة. ومن هنا غلب كثيرون وفي تفسير لا اله الا الله وفسرها بغير تفسيرها ومن ذلك. اولا تفسير اهل وحدة الودود لكلمة التوحيد فاهل وحدة الوجود ابن عربي داعش عندهم ان الوجود لا ينقسم بين خالق ومخلوق هو كله هو الله. هذا معنى انهم اهل وحدة الوجود يجعلون الوجود يتحد ولا كله هو الله مهما عبد الانسان من شيء فانه قد عبد الله الذي عبد البقر والذي عبد الصنم والذي عبد الحجر والذي عبد البشر والذي عبد الملائكة كلهم يعبدون الله لان الله هو الوجود المطلق. والذي يقول ان الوجود ينقسم الى قسمين الى خالق ومخلوق من يقولون عنه ان هذا مسرف فلا يكون موحدا عندهم الا من قال ان الوجود شيء واحد هو الله. فمهما عبدت من هذا الكون من مشار او ارنا واصنام او طواغيت فانك تعبد الله لان هذا هو الله وبهذه المناسبة فانه يغلط بعض العوام يقول ولا معدودة ولكنه قال لا معبود بحق سواك وهذا يوافق قول اهل وحدة الوجود فلو زاد كلمة بحق صح لان ما سواهما معبود بالباطل قال تعالى ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العليم كبير ثانيا تفسير علماء الكلام لكلمة التوحيد علماء الكلام يقولون لا اله الا الله لا قادر على الاختراع والتبذير والايجاد الا الله وهذا غير صحيح هذا يوافق دين المشركين فالمشركون يقولون لا يقدر على الخلق الا لا يحيي الا الله لا يريد الا الله لا يرزق الا الله. وهذا توحيد الربوبية. ثالثا تفسير لا اله الا الله عند الجهلية والمعتزلة ومن سار على نهبهم هو نفي الاسماء والصفات لان من اثبت الاسماء والصفات عندهم يكون مشركا والتوحيد عندهم هو نفي الاسماء والصفات رابعا ترتيب الحزبيين والاخوانيين اليوم يقولون لا اله الا الله اي لا حاكمية الا لله والحاكمية كما يسمونها جزء من معنى لا اله الا الله لان معناها شامل لكل انواع العبادات فنقول لهم واين بقية اين الركوع والسجود والذبح والنذر وبقية العبادات هل العبادة هي الحاكمية فقط؟ اذا كان معناها عندكم يا سبحان الله ينبغي التنبه لهذه الامور لان هذه كلمة عظيمة المنجية من النار لمن حققها وكل الدين ينبني عليها من اوله الى اخره. ودعوة الرسل والكتب المنزلة كلها مبنية على هذه الكلمات. خامسا تفسير اهل السنة والجماعة ان لا اله الا الله معناها لا معبود بحق الا الله لان المعبودات كثيرة ولكن المعبود بحق هو الله وحده وما سواه فعبادته باطلة كما قال الله تعالى ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير نبه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى معنى الالوهية المثبتة لله سبحانه وتعالى وانها العبادة فمعنى قولك لا اله الا الله يعني لا معبود حق الا الله فالالاهية وهي العبادة كلها لله سبحانه وتعالى. وقد غلط كثير من الغالطين في هذا الباب. ففسروا هذه الكلمة بغير تفسيرها الصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى طوائف اربع ممن غلط في هذا الباب والطائفة الاولى اهل وحدة الوجود من اتباع ابن عربي وابن سبعين وابن الفارس والحلاج ممن يزعمون ان الله هو الوجود المطلق. فكل ما في الوجود هو الله. فمن عبد الصنم فقد عبد الله ومن عبد الحجر فقد عبد الله ومن عبد الشجر فقد عبد الله ومن عبد الملائكة فقد عبد الله كما قال كبيرهم الذي علمهم الدجل الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف. فانهم يزعمون ان لا ثاني في الوجود ولا خالق ولا مخلوق. بل الوجود كله واحد. فمن عبد شيئا في الوجود انا موحدة ومن اثبت الفرق بين الخالق والمخلوق كان مشركا. تعالى الله عما يقولون علوا والطائفة الثانية علماء الكلام الذين غلبت على علومهم الفلسفة والمنطق والجدل اتباع العقل وتعظيمه الى الكلام في الشريعة لما لم يأذن به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فزعموا ان معنى الا اله الا الله لا قادر الا الله او لا خالق الا الله او لا رازق الا الله وعذب علم هؤلاء ان اهل الجاهلية الاولى كانوا يقرون بان الرازق الخالق المدبر هو الله سبحانه وتعالى. فعندهم لا يحيي ولا يميت الا الله ولا يرزق ولا يمنح الا الله. وهذا هو توحيد الربوبية. وليس توحيدا للالوهية والعبادة والطائفة الثالثة الجهمية والمعتزلة من نفاة الاسماء والصفات على حد سواء او نفات الصفات فقط الذين يزعمون ان التوحيد ما هم عليه من النفي وتعطيل الله عز وجل عن ما يجب له من الكمالات المعتزلة يذكرون في اصولهم الخمسة التوحيد الا ان توحيد المعتزلة ليس توحيد المؤمنين فان توحيد المعتزلة نفي الصفات عن رب العالمين فهم يزعمون ان الله عز وجل لا له ولا بصر له ولا علم له ولا حياة له ولا يد له تعالى الله عز وجل عن قولهم فان غاية قولهم تعطيل الرب سبحانه وتعالى عن كمالاته. حتى يؤول قولهم ذلك بهم الى عده سبحانه وتعالى عدم كما قال بعض السلف المعطل يعبد عدم والمشبه يعبد صنما والموحد يعبد الها واحدا. والطائفة الرابعة طوائف من المعجبين من افكار الحديثة المنسوبة الى الاسلام من اهل التحزب والتفرق الذين يزعمون ان معنى الالهية انها الحاكمية وان لا اله الا الله يعني لا حاكمية الا الله. وهذا معنى باطل فان القرآن والسنة شاهدان بان الالهية هي العبادة. والحاسمية هي جزء مما يجب لله سبحانه وتعالى لكن الحق الاكبر الذي اريد من الخلق هو عبادة الله سبحانه وتعالى. ولما كان فهم هؤلاء الاعظم لهذه الكلمة انه لا حاكمية الا الله سهل عليهم هذا الفهم ان يمتطوا مطية كل مخالف ولو كان على غير الاسلام ليتوصل به الى مقصودهم من دعوى اعادة حكم الله عز وجل في الارض. فسهل عليهم التآلف والتعاون مع اليهود والنصارى واهل البدع والضلال للوصول الى هذه الغاية. وصار يدخل وفيهم اهل الاهواء المضلة والبدع المبدية بل الاديان الباطلة. فربما كان في مجالسهم من هو يهودي او نصراني لانهم يستعينون به فيما يزعمون على اعادة الحكم لله عز وجل في هذه الارض. وما المنفعة من حكم لا يكون المعبود فيه هو الله سبحانه وتعالى. وكيف يرجى النصر والتأييد في اعادة الحكم الى هذا الارض بما يزعمون ممن يعظم غير الله. وقد صنف بعض معظميهم كتبا تنضح بالشرك في الالهية ومما يعجب له الانسان ان هذا الذي صنف هذا الكتاب كان جده من اكابر دعاة الموحدين من سماع جدة ثم تحول الى خارج هذه البلاد وتردت حال ذريته من بعده حتى صار فيهم من يقع في شرك الهية ولكن التوحيد لا يحفظ بالانساب والاحزاب. ولكنه يحفظ بالفهم لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهذه الطوائف الزائغة كلها قد فسرت التوحيد والالهية على خلاف ما جاء في كتاب والسنة اما اهل السنة والجماعة من اهل الدين الصحيح والفطرة السليمة فهم يعلمون ان تفسير هذه الكلمة انه لا معبود حق الا الله. وما ادنى هذا التفسير واوضحه واسهله واسلسه واجلاه وابينه لمن عقل ايات القرآن الكريم والسنة النبوية فهو يفهم ان هذه الايات الاحاديث تدل جميعها على ان الالهية هي العبادة. وان معنى لا اله الا الله اي لا معبود حق الا الله. قال المؤلف رحمه الله فاعلم ان هذه الالوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية قال الشارح حفظه الله ان يعتقدنا في الاولياء ويقولون ان هذا الولي فيه سر وفيه ولاية يتقربون اليه بالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة لانه فيه سر وفيه ولاية. نبه المصنف رحمه الله تعالى الى غلط الغالطين في باب الالوهية الذين جعلوا بغير الله عز وجل حظا من الالوهية وسموها السر والولاية. ومقصودهم ان هذا معظم من الاولياء الذين يدعونهم ان له سرا يعني قدرة على الضر والنفع. ومن هنا منع الدعاء بقول قدس الله سره بانه محمول على هذا المعنى. قال المؤلف رحمه الله والاله معناه الولي الذي فيه سره هو الذي يسمونه الفقير والشيخ. قال الشارب حفظه الله الصوفية يسمون العابد الشيخ يعني شيخ الطريقة الذي يأخذون عنه دينهم والذي يأخذ عن شيء بالطريقة يسمونه المريد ويكون مع شيخه كالميت بين يدي الغافل ليس له ان يعترض بشيء ذكر مصنفه رحمه الله تعالى من اثار هذه الدعوة في جعل العبودية لغير الله عز وجل من الاولياء وتسميتها السر والولاية ان هؤلاء سموا معظميهم باسماء تدل على مقصودهم كتسميتهم الولي والفقير والشيخ على ارادة هذا المعنى. الولي عندهم والشيخ والفقير هو من له سر اي قدرة على الضرب والنفع وعلى قدر قوة هذا السر يكون كمال حاله. ويتعلق بذلك كمال الاقبال علي ولذلك ترى من خشوعهم وخوفهم عند هؤلاء المعظمين الشيء العظيم. فهم يخافون منهم اكثر من خوفهم من الرب سبحانه وتعالى. واذكر انني مرة قمت في بعض المقامات فتكلمت عما يسميه بعض الناس بالسيد ويعتقدون انه يضر وينفع فقام بعض الناس من المسجد الذي تكلمت فيه واخبرت فيما بعد بان هذا الرجل قام لانه خاف ان تنزل عليهم ذلك الولي وذلك السيد اذ تعرض لجنازة وكل هذا من العمى والضلالة التي صار اليها الناس حتى جعلوا لغير الله حقا من حق الله سبحانه وتعالى قال المؤلف وتسميه العامة السيد اشباه هذا قال السارح حفظه الله وهم يسمون شيخهم السيد ويسمونه الشيخ فلابد ان تبايعه وتسلم له امرك فلا تعترض ولا تخالف في شيء والا فانك لا تكون مريدا معه من تلاعب الشيطان بهؤلاء من اتباع الشياطين انهم جعلوا لاشياخهم نفوذا كاملا فيهم. فامروا ان يكون المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي غاسله. اما اهل التوحيد فيمتزل وصيتهم بان المتلقي عن شيخه مع تمييز قوله فلم يكن ائمة الهدى رحمهم الله تعالى يأمرون الناس بان يأخذوا اقوالهم بدون تمييز. بل كانوا يأمرون الناس بعرضها على الكتاب والسنة. وكانوا يقولون ناس ما وجدت من قولنا موافقا للكتاب والسنة فخذوه. وما وجدتموه مخالفا للكتاب والسنة فردوه كما جاء هذا المعنى عن الائمة الاربعة من ائمة المذاهب المتبوعة ابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد رحمهم الله تعالى اما هؤلاء فانهم يجعلون لشيخ الطريقة التصرف الكامل في مريده فليس للمريد ان يعترض ولا يعارض. وزعموا ان من قال لشيخه لم؟ لم لم يفلح لانه تجرأ على مقام السيادة والمشيخة. ولذلك تجد هؤلاء المريدين بين ايدي اسياخهم العوبة يتلاعبون فيها. ومن عرف اخبارهم واحوالهم راقب هذا الامر ان الشيخ يفعل ما شاء بهؤلاء حتى انه في بعض البلاد العربية كما ذكر لي احد مشايخ في هذه البلاد بقصة ثبتت في المحاكم في هذه البلاد بسبب امر يتعلق بخارجها من رجل وقع له هذا الامر ممن دخل ففي هذه البلاد وهو من خارجها لكن اصابه ضرر من شيخه بان بعض هؤلاء لا يدخل على زوجه التي نكحها حتى يتقدمه شيخه بين يديه فيدخل على هذه الزوجة ويأتيها كما يأتي الرجل امرأة لتحل بها البركة. ثم بعد ذلك لا يحول بينها وبين زوجها. فانظر الى عظم قبح فعل هؤلاء حتى ال بهم الامر الى تسويغ مثل هذه الافعال التي ينفر منها حتى عند الكافر المحض. نعم قال المؤلف وذلك انهم يظنون ان الله جعل لخواص الخلق عندهم منزلة يرضى ان يلتجئ الانسان اليهم ويرجو ثم يستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين الله قال السارح حفظه الله يقولون ان الله جعل من الخلق خواب فيجوز الالتداء ايهما دعاؤهم والاستغاثة بهم على انهم صفعاء عنده ويقربون اليه هذا الذي هم عليه لا يقولون انهم شركاء لله بل يقولون عنده ويقربون اليه لان الله اختارهم لصلاحهم وتقواهم فصاروا وسائط بين العباد وبين الله تعالى الله عما يقولون ولذلك يتقربون اليهم بالعبادات احياء وامواتا ويقولون ان المتقرب اليهم مثل المتقرب الى الله من يتقرب لشيخ تقربوا لله ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون اولئك شفعاؤنا عند الله الشيطان بهم الى هذا الحد من شبهات هؤلاء انهم يقولون اننا لا نعبد غير الله عز وجل ولا نشرك به. ولكن الله عز وجل جعل من بعض خلقه خواصة فنحن نفزع الى هؤلاء الخواص شفعاء عند الله سبحانه وتعالى وهذا قول اهل الجاهلية الاولى حذو القدة بقدة فان اهل الجاهلية الاولى كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله الا ان الفرق بين اهل الجاهلية الاولى وهؤلاء ان اهل الجاهلية الاولى كانت عقولهم صحيحة وافهامهم كاملة فابوا ان يقروا بلا اله الا الله وهم يدعون غير الله. واما هؤلاء فانهم يقولون لا اله الا الله في الاصباح والانشاء ولكنهم يدعون غير الله ويرجون غير الله فاين هؤلاء من صدق دعواهم؟ بل قولهم قول اهل الاولى باتخاذ شفعاء وسائط بينهم وبين الله عز وجل. قال المؤلف رحمه الله فالذين يزعم اهل الشرك ميزا اماننا انهم وثائقهم هم الذين يسميهم الاولون الالهة والواسطة والاله. قال الشارف حفظه الله المشركون الاولون يعبدونه يسمونهم الهة ولذلك لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قوله الهة والمعنى واحد وان اختلف اللفظ لان العبرة بالحقائق وليست العبرة بالالفاظ والمصطلحات. عرفت بما سبق ان اهل الجاهلية الاولى والاخرى انهم جميعا قد اتخذوا شفعاء من دون الله الا انه سرقوا لان الاولين سموهم الهة واما المتأخرون فانهم سموهم وثائق ووسائل توصل الى الله وليست العبرة بالفاظ بل العبرة بالحقائق والمعاني. فان المعنى الذي اراده هؤلاء وهؤلاء هو معنى واحد وهو اتخاذ الشفعاء عند الله عز وجل. قال المؤلف رحمه الله وقول الرجل لا اله الا الله ابطال للوثائق قال رحمه الله لا اله الا الله وتبطل كل ما يعبد من دون الله سواء انتم يا واثقة او شفيعا لو سمي الهة فلا اله الا الله تبطله كل ما يعبد من دون الله باي اثم سمي من اسار لا اله الا الله مما انتظم في معناها انها تبطل كل ما يعبد من دون الله عز وجل من شجر او حجر او ولي او ملك او رسول فان حقيقة لا اله الا الى الله الا يكون هناك معبود حق تصرف له العبادة الا الله عز وجل. وما عداه فانه معبود باطل قال المؤلف رحمه الله واذا اردت ان تعرف اذى معرفة تامة فذلك بامرين. الاول ان تعرف ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر الامور ان الله وحده كما قال تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر مثلا يقولون الله. قال السالف حفظه الله عباد القبور الان يقولون ما دام انه احترف ان الله هو المميت المدبر فانه مسلم اذا ما معنى لا اله الا الله؟ ليس لها معنى عندهم لان المشركين يقولون هذا الذي يقول هؤلاء من دلائل جهل متأخر المشركين انهم زعموا ان من اعتقد ان الله هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر فانه مسلم. لانهم يفسرون هذه الكلمة لانها لا خالق او لا قادر او لا رازق الا الله وهذا من ابلغ الجهل فان المشركين الاولين من اهل الجاهلية كانوا يقرون بان الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر ومع هذا فانما شهدوا به لم يدخلهم في الاسلام بل اباح اموالهم واستحل رسول الله صلى الله عليه وسلم نسائهم وقتلهم مع كونهم مقرين بتوحيد الربوبية بالجملة اعلانا بان المراد من الخلق ليس توحيد الربوبية فليس المراد منك ان تعلم ان الله هو الخالق فقط او تعلم ان الله هو الرازق فقط او تعلم ان الله هو المحيي فقط بل المراد ان تعلم ان الله هو الخالق الرازق المحيي الذي له الالوهية له جميع العبادة. نعم. قال المؤلف رحمه الله وهذه مسألة عظيمة جليلة مهمة. وهي ان تعرف ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهدون بهذا كله ومقرون به ومع هذا لم يدخلهم ذلك في الاسلام ولم يحرم دماءهم ولا اموالهم وكانوا ايضا يتصدقون ويحجون ويعتمرون ويتعبدون ويتركون اشياء من المحرمات خوفا من الله عز وجل. قال الشارفة حفظه الله هي مسألة عظيمة ومهمة جدا وقل من يعتني بها لان هؤلاء يقولون من اقر بتوحيد الربوبية صار مسلما كان المشركون في الجاهلية يغرون بتوحيد الربوبية وعندهم عبادات كالصدقة والحج فهم يحجون ويعتمرون ويقولون لا يخلق ولا يرزق ولا ان يحيي ولا يميت الا الله يعترفون بتوحيد الربوبية ويتعبدون ببعض العبادات ولكن لما كانوا لا يخلصون العبادة لله وحده بل دون الله ويعبدون معه غيره صاروا مشركين. هذه الجملة بمعنى القول المتقدم من ان المشركين كانوا يقرون الربوبية ومع ذلك لم يدخلهم اقرارهم بتوحيد الربوبية في الاسلام. فمن زعم ان المقر بتوحيد الربوبية له بالاسلام فقد جل وضل. نعم. قال المؤلف رحمه الله ولكن الامر الثاني هو الذي كفرهما الذين اهم واموالهم يعني وهو انهم لم يشهدوا لي اي بتوحيد الالوهية وتوحيد الالهية. قال الشارف حفظه الله لان هذا هو المطلوب وهو التوحيد والالوهية في ايدي العبادة. وليس المطلوب افراد الله بتوحيد الربوبية فقط لابد من الامرين لابد من توحيد الربوبية وهو مستلزم لتوحيد الالوهية ولابد من توحيد الالوهية وهو متضمن لتوحيد الربوبية لا ينفك بعضهما عن بعض. بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ان الامر العظيم الذي يراد من العبد هو توحيد الالوهية وهو الذي وقع فيه النزاع بين بانبيائه واقوامهم ولم يكتفي النبي صلى الله عليه وسلم من اهل الجاهلية بايمانه بربوبية الله عز وجل بل الى الايمان بالوهيته فلما ابوا قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلهم وسبا نساءهم واستحل اموالهم فالعبد لا يدخل الاسلام بمجرد ان يعتقد ان الله هو الرب الخالق الرازق بل لابد من الاقرار في توحيد الالوهية وهو افراد الله بالعبادة كلها. قال المؤلف رحمه الله وهو الا يدعى ولا يرجى الا الله وحده لا شريك له. قال توحيد الالوهية يتضمن جميع العبادات فلا يصرف لغير الله عز وجل من شيء لانه هو المستعر ان من سرق منها شيئا لغير الله فانه مشرك ولو كان يقول لا اله الا الله بل لو كان يعبد الله بانواع من العبادات ما دام لم يخلص لله فيها لا فليس بمسلم بين المصنف رحمه الله تعالى ان حقيقة توحيد الالوهية هي افراد الله عز وجل بالعبادة فهو مستحق لها فلا يدعى ولا يرجى الا الله وحده لا شريك له. فالخوف لله والذبح لله والنذر لله وسائر العبادات كلها لله عز وجل. قال المؤلف رحمه الله ولا يستغاث بغيره ولا يذبح لغيره ولا ينذر لغيره ملك مقرب ولا نبي مرسل فمن استغاث بغيره فقد كفى ومن ذبح لغيره فقد كفر ومن نذر لغيره فقد كفر ذلك. قال الشارف حفظه الله على ذلك فانهم يكفرون ولو كان يقول لا اله الا الله لانه لم يحققها فهو متناقض وكيف يقول لا اله الا الله ويذبح لغيره كيف يقول لا اله ان الله يستغيث بغير الله من الاموات والغائبين والجن والشياطين كيف يقول لا اله الا الله وينذر لغير الله هذا تناقض ينبع رحمه الله تعالى الى ان من صرف شيئا من العبادات لغير الله عز وجل يتقرب اليه بذلك فانه كافر فمن ذبح لغير الله او نذر لغير الله او توكل على غير الله فقد وقع في الكفر والشرك كيف يصح منه قول لا اله الا الله؟ وهو يصرف العبادة لغير الله. ولكن قلة العلم وغلبة الجهل هي التي على كثير من الناس وهونت عليهم ان يقولوا بالسنتهم لا اله الا الله ويعملوا من الاعمال ما يناقض هذه الكلمة قال المؤلف رحمه الله وتمام هذا ان تعرف ان المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اكانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وامه وعزيره وغيرهم من الاولياء فكفروا بهذا مع اقرارهم لان الله سبحانه هو الخالق والرازق المدبر. قال الشارح رحمه الله الله المشركون الاولون ليسوا كلهم يعبدون الاصنام وهم متفرقون في عبادتهم. فمنهم من يعبد الاصنام ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الانبياء من يعبد الصالحين والرسول صلى الله عليه وسلم قاتلهم كلهم ولم يفرق بينهم ولم يقل ما اقاتل الا الذي يعبد الاصنام ويترك الذين يعبدون ويعبدون المسيح ويعبدون الصالحين. ما فرق بينهم الرسول صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء القبوريون اليوم يقولون الشرك سادة الاصنام وعبادة الاولياء تقرب الى الله وتوسل الى الله ليست بشرك لان الشرك عبادة الاصنام فقط يا سبحان الله نقاتل الجميع الذين يعبدون الاصنام والذين يعبدون الملائكة والذين يعبدون المسيح والذين يعبدون عزيرا والذين يعبدون الاولياء والصالحين لم يفرق بينهم لانه ليس بينهم فرق في الحقيقة من شبهات متأخر المشركين انهم يزعمون ان بينهم وبين الاولين فرقا. فيقولون ان الاولين كانوا يعبدون الاصنام. ونحن لا نعبد الاصنام. ولكننا نعتقد لرجال صالحين ان لهم رتبة وحظوة عند الله عز وجل فنحن ندعوهم نتوسل بهم وغفل فهؤلاء عن ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج الى قوم يعبدون الاصنام فقط بل خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى قوم منهم من يعبد الاصنام ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد المسيح وامه ومنهم من يعبد عزيرا فكفرهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعا. وقاتلهم جميعا. ولم يفرق بينهم. فليس الامر متعلقا بحجر يصرف اليه شيء من العبادة. اما اذا صرفت هذه العبادة لولي او صالح او ملك او نبي. لم يكن في ذلك غضاضة بل الشأن ان العبادة كلها لله. فمن صرف منها شيئا لغير الله عز وجل. كائنا من كان فهو ومشرك كافر ولو صرف هذه العبادة لخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. فان العبادة كلها لله كما قال الله عز وجل وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. نعم. قال المؤلف رحمه الله اذا عرفت هذا عرفت معنى لا اله الا الله فعرفت ان من نخا نبيا او ملكا او ندبه او استغاث به فقد خرج من الاسلام وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فان قال قائل من المشركين نحن نعرف ان الله هو الخالق الرازق المدبر لكن هؤلاء الصالحون مقربون ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة والا فنحن ونفهم ان الله هو الخالق الرازق المدبر. فقل كلامك هذا مذهب ابي جهل وامثاله. قال السارح حفظه الله الشيخ العلماء والعوام ومعنى نخاه بالعامية اي استنجد به. يقال لمن ينفي ان دعاء الصالحين شرك ويقول المراد به التوبة الى الله وقالوا له كلامك هذا ومذهب ابي جهل وابي لهب وامثالهم لانهم يقولون لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يدبر الا الله ونحن نتخذ هذه الالهة لتقربنا الى الله جنبا كما قال الله عنهم ويعبدون من دون الله ما لا يضرون ثم لا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ذكر الشيخ رحمه الله تعالى هنا الدعوة المتقدم ذكرها عن المشركين المتأخرين القائلين بانهم يثبتون الربوبية لله ويقرون بانه الخالق الرازق المدبر. ويعتقدون ان لهؤلاء المعظمين رتبة عند الله عز وجل يدخلون على الله عز وجل بهم. وذكر المصنف ان هذه الدعوة هي قول من سلف من المشركين الاولين فان المشركين الاولين مقرون بتوحيد الربوبية. وانما ارادوا بما عبدوا من الاصنام وغيرها ان تكون شافعة لهم عند الله مقربة لرضاه فدعوى القوم واحدة وان اختلفت عباراتهم. قال المؤلف رحمه الله بانهم يدعون عيسى والملائكة والاولياء يريدون بذلك كما قال تعالى والذين اتخذوا الا ليقربونا الى الله زلفى. وقال تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون اولئك شفعاؤنا عند الله المشركون الاولون يريدون ممن يعبدونهم مع الله التوسط لهم فقط لا يقولون انهم يخلقون ويرزقون فانما يقولون ان هؤلاء شفعاء لنا عند الله يقولون ان هذا تعظيم لله. هذه الجملة هي بمعنى ما تقدم. نعم قال المؤلف رحمه الله فاذا تأملت هذا تأملا جيدا وعرفت ان الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية وبالخلق والرزق والتدبير انهم يقربهم الى الله زلفى ويسعون لهم عنده وعرفت من الكفار النصارى منهم من يعبد الله الليل والنهار. ويزهد في الدنيا ويتصدق بما دخل عليه من معتزلا في صومعة عن الناس. قال رحمه الله الرهبان من النصارى يتعبدون الليل والنهار ويبكون ولكن يقولون المسيح ابن الله او ان الله هو المسيح ابن مريم وهم يبكون ويتعبدون ولا ينفع ماذا؟ لانهم ما اخلصوا العبادة لله عز وجل فمثلهم عباد القبور اليوم ذكر المصنف رحمه الله تعالى على رهبان النصارى المشابه بحال عباد القبور اليوم فان الرهبان هذا من النصارى عبدوا المسيح من دون الله سبحانه وتعالى. وهم في عبادتهم التي يزعمون انها يبكون ويتزهدون ومع ذلك لا ينفعهم هذا لانهم لم يعبدوا الله عز وجل وحده بل اشركوا معه غيره وهكذا كانت بنو إسرائيل كما قال تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحد. ومثلهم عباد القبور الذين يقومون بالليل يصومون في النهار وينفقون الصدقات ويتقربون بانواع القربات ولكنهم يشركون برب الارض والسماوات وهم بدعائهم واراداتهم ومطلوباتهم الى غير الله عز وجل. فلا تغني عنهم عبادتهم شيئا. كما لم تغني عن رهبان النصارى قال المؤلف رحمه الله وهو مع هذا كافر عدو لله مخلد في النار بسبب اعتقاده في عيسى او غيره من الاولياء يدعوهم او يذبح له او ينظر له تبين لك كيف صفة الاسلام الذي دعا اليه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم؟ وتبين لك ان كثيرا من الناس عنه بمعزل وتبين لك معنى قوله صلى الله عليه وسلم بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ قال الشارح حفظه الله قبل ان يقرأ شرح الشيخ ما رأيكم بهذا الهامش المكتوب رقم واحد من المعتني بهذا الكتاب ما الجواب في احسن هذا الحديث في صحيح مسلم فقول المعلق اخرجه احمد ابن وضاح باسناد ضعيف وله شاهد من حديث سعد ابن ابي وقاص عند احمد مما يعجب منه فهذا وان وقع في بعض الروايات لكن هذا الحديث ثابت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة وروي ايظا باسانيد اخرى صحيحة من حديث غيره ولذلك ننبه ها هنا الى انه ينبغي ان يفرق بين في الكتب الاخيرة التي صدرت للمشايخ كالشيخ ابن عثيمين صالح بن فوزان ينبغي ان يفرق بين ما ذكره الشيخ وما يذكره المعتنون بكتب الشيخ. فان كلام الشيخ كلام عالم يعول عليه واما كلام المعلقين ففي مواضع كثيرة منه نظر سواء هذا الكتاب او غيره من الكتب قال الشارق حفظه الله الاسلام الصحيح غريب اليوم ان الاسلام المدعى فالمسلمون اليوم يزيدون على المليار ولكن الاسلام الصحيح غريب الا لو كان هذا المليار اسلامهم صحيح لم يقف امامهم احد من العالم فاليهود الذين هم اخوان القردة والخنازير الذين ضربت عليهم المضلات والمسكنة الان هم مسيطرون على بلاد المسلمين والمسلمون الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر كان عددهم ثلاث مئة وبضعة عشر وماذا صنعوا؟ فالصحابة بالنسبة لاهل الارض كم هم؟ ومع هذا هم فتحوا الانصار واسقطوا لانهم مسلمون الاسلام الصحيح ما هو اسلام ادعائي. هذه الجملة من كلام هذا شاهدة بصحة ما تقدم ذكره في درس كشف الكربة للحافظ ابن رجب من ان كلمة الاسلام في حديث بدأ الاسلام غريبا هي للعهد وسيعود غريبا كما بدأ يعني الاسلام الصحيح وليس كل اسلام مدعى كما هي عليه الحال اليوم فمن ظن ان الغربة معنى يشمل جميع المسلمين فقد اخطأ في فهم الشريعة بل الغربة معنى يختص ببعض المسلمين وهم الذين ثبتوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. فالغربة والطائفة منصورة وفرقة ناجية كلها بمعنى واحد وهم الذين ثبتوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولو كان المسلمون اليوم على هذا الدين الصحيح لما وقف اعداؤهم من حثالة العالم من اخوان قرب وخنازير مع ودلتهم وضربوا عليهم الامور العظيمة ومنعوهم من استقامة احوالهم في بلادهم عما كان بجوارهم ولكن الناس اذا ابتعدوا عن الاسلام الصحيح سلط الله عليهم اراضي الخلق ومما ينبه اليه حسن تعابير العلماء وسلامتها من الخطأ فان المصنفة هنا لم يقل ابناء القردة والخنازير كما يقول بعض الناس ويقولون احفاد القردة والخنازير. لان الله عز وجل لم يمسخ شيئا الا قطع نسله. كما ثبت بذلك الحديث واليهود ليسوا من نسل من مسخ من الخنازير والقردة. وانما هو اخوان تلك الطائفة منهم التي مسخت فالتعبير الصحيح ان يقال اخوان القردة والخنازير ولا يقال ابناء ولا احفاد قردة وخنازير ونظير هذا ما وقع بكلام الشيخ عبدالرحمن بن سعدي من عدوله عن التسمية التي راجت على لسان اهل الفكر والثقافة من قولهم الهزيمة النفسية وعبر عنها في كتاب الدرة المختصرة للخضوع الفكري. وهذا التعبير اصح واسلم من تعبير هؤلاء القوم ومثله ايضا تعبير العلامة عبد المحسن ابن عباس في كتابه باي عقل ودين عن قصة ابن ادم بقوله ابن ادم الاول ولم يسمه ويذكر قابل وهابيل لعدم صحة تسميتهما بذلك. فانظر الى سلامة تعابير العلماء والى خطأ تعابير غيرهم. مما فيه تنبيه على ان سلامة الطريق هي في السير في ركب هؤلاء العلماء. وان خطأ الطريق هي في السير وراء غيرهم والاعراض عن طريقتهم. نعم قال المؤلف رحمه الله فالله الله يا اخواني تمسكوا باصل دينكم من اوله واخره واسره ورأسه شهادة ان لا اله الا الله واعرفوا معناها واحبها واحب انا واجعلوهم اخوانكم ولو كانوا بعيدين واكفروا بالطواغيت وعادوهم وابغضوهم ابغضوا من احبهم او جادل عنهم او لم يكفرهم او قال ما علي منهم او قال ما كلفني الله بهم فقد كذب هذا على الله وافترى فقد كلبه الله تعالى بهم الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا اخوانهم واولادهم فالله الله يا اخواني تمسكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم وانتم لا تشركون به شيئا. اللهم توفنا مسلمين والحقنا بالصالحين. ولنختم الكلام اقرأ التالي التعليق هنا وليس كما وضعه المعلق بعد هذا. نعم قال الشارح حفظه الله كفر ال زماننا اعظم من كفر المشركين الاولين اعظم من كفر ابي جهل وابي لهب. لان المشركين يشركون في الرخاء ويخلصون بالشدة لانهم يعلمون انه لا يخلص من الشدة الا الله واما مسرقوا زماننا فهم بالشدة اكثر شركا من بالرخاء اذا وقعوا في الشدة ينادون معبوداتهم كل ينادي معدوده ليخلصه من الغرق في البحر يخلصه من كذا كلما زاد الخطأ الشرك عندهم فهم اشد من المشركين الاولين والعياذ بالله. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ان كفر اهل الزمان اعظم من كفر المشركين الاولين. لان الاولين كانوا يشركون في الرخاء. واذا كانوا في شدة اخلصوا لله عز وجل كما دلت على ذلك ايات كثيرة ونص على هذا المعنى شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب في القواعد الاربعة والصديق حسن خان في الدين الخالص وغيرهم. نعم قال المؤلف رحمه الله ولنختم الكلام باية ذكرها الله تعالى في كتابه تبين لك ان كفر المشركين من اهل زماننا اعظم من كفر الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى واذا مسكم الضر في البحر ظلما تدعون الا اياه فلما نجاكم من البر عرضتم وكان الانسان كفورا فقد ذكر الله عن الكفار انهم اذا مسهم الضر مبادرة السادة والمشايخ فلم يدعوا احدا منهم ولم يستغيثون لله وحده لا شريك له ويستغيثون به وحده اذا جاء الرخاء واشركوا وانت ترى المشركين من اهل زماننا ولعل بعضهم يدعي انه من اهل العلم عبادة اذا بغير الله مثل معروف او عبد القادر الجيلاني واجل من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير واجل من هؤلاء هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم الله المستعان واعظم من ذلك واعظم انهم يستغيثون بالطواغيت والكثرة والمرض مثل شمسان وابليس ويقال له الاشقر ويوسف امثالهم والله سبحانه وتعالى اعلم والحمد لله اولا واخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين امين هو معروف من الاولياء المعروفين بالعراق يعبده القبوريون فعبد القادر الجيلاني نعم من ائمة الحنابلة القدماء فهو امام جليل لما مات اعتقدوا انه ينفع ويضر فبنوا على قبره. والصوفية اتخذوه اماما للمتصوبة اصحاب طريقة. يسمونهم اياه وهو بريء منهم رحمه الله فهو معروف بالصلاح والاستقامة والعلم والتقى كان من اصحاب مذهب الامام احمد وله فيه مؤلف معروف اسمه الغمية. وزيد ابن الخطاب صحابي جليل وهو اخو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وقتل في امامتي وقدر فيها وكان عليه قبة. فلما جاء الشيخ محمد رحمه الله هدم هذه القبة ولم تقم الى الناس ولم تقوم ان شاء الله والزبير ابن العوام رضي الله عنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الاولياء والصحابة يعبدهم القبوريون ولكنهم لم يكتفوا بعبادتهم. فالعمل الطواغيت والكفرة والمردة من السحرة والكهنة والاباحيين والحلولين حين يقولون من ترك الاوامر والنواهي فهو مقرب من الله. وليس بحاجة للاوامر والنواهي وانما هي للعوام فقط اما هو فوصل الى الله ولا يحتاج الى شيء. وشمسان وابليس ويوسف هؤلاء طواغيت كانوا في الرياض قبل ظهور دعوة الشيخ الم نادى الشيخ وقام للجهاد في سبيل الله واستولى المسلمون على الرياض ازالوا هذه الوتريات منها ومن والحمد لله. ختم المصنف رحمه الله تعالى ببيان شواهد من حال الناس انهم يفزعون في حال الضر بهم الى من يعظمونهم من الاولياء والصالحين كمعروف وعبد القادر الجيلاني وزيد ابن الخطاب والزبير ابن العوام فان هؤلاء رجال صالحون. فالزبير وزيد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعروف وعبد القادر من صلحاء اهل بغداد ونبلائها. وقبورها هؤلاء معروفة مشهورة وقد كان على بعضها قرب منصوبة ازيل بعضها وبقي بعضها حتى اليوم. فما فكان في هذه البلاد فقد ازيل بحمد الله وما كان في غيرها فلا يزال قائما. وقد كان قبر زيد بن الخطاب في بلدة الجبيلة قريبة من الرياض قد نصبت عليه قبة ولما كان امام الدعوة في ابتداء دعوته كان يمر على الناس العاكفين عندها فيقول لهم الله خير من دين. حتى اذا جعل الله عز وجل له تأييدا بقوة السلطان سعى في هدمها حتى استطاع رحمه الله تعالى هدمها وازالتها فلم تقم بعده ولن تقوم ان شاء الله تعالى. ثم الشيخ رحمه الله تعالى الى ان متأخر المشركين وقعوا فيما هو اعظم من ذلك بان دعوا غير الصالحين. كما بعض اهل هذه البلاد هؤلاء لاولياء المزعومين شمتان وادريس الذي يقال له الاشقر ويوسف وغيره وهؤلاء الطواغيت لم يكونوا في الرياض. كما ذكر الشارح حفظه الله بل هؤلاء كانوا في بلاد العارظ جزما في جهة الخرج كما ذكر ذلك الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن والشيخ محمد ابن ابراهيم في فتاويه فهم من اهل هذه الناحية جزما القريبة من الرياض لكنهم لم يكونوا في الرياض نفسها. ولما اظهر الله سبحانه وتعالى دعوة التوحيد قمع هؤلاء الدجاجلة الذين كانوا يتعاطون السحر والكهانة ولهم من الافعال الخبيثة والسيرة السيئة ما يخرجهم من معنى الولاية. ومع ذلك كان الناس يعطونهم يعطيان. وينذرون لهم النذور وكان بعضهم ذو شر عظيم. فقد كان اعمى. ومع ذلك يأتي من بلاد الخرج الى الرياض الى قائد يقوده لان الشياطين تحمله وتؤزه على مثل هذا. حتى ذهب هؤلاء الى غير رجعة ان شاء الله. بدعوة التوحيد وتمكن التوحيد من قلوب الناس فهدمت القمم المنصوبة على القبور وقطعت الاشجار المعظمة ومنع الدجل والسحر والكهانة وانتشر التوحيد في هذه البلاد حتى ان امام الدعوة رحمه الله لما دخل الدرعية كان مما عقد عليه محمد ابن سعود ان يلزم الناس بتعلم ثلاثة الاصول فتعلموا دينهم وعرفوا ما يجب عليهم من التوحيد فاستقام لهم امر دينهم ودنياهم وكتب الله عز وجل البركة لهذه الدعوة والزهرة الدرعية فبعد ان كانت بليدة صغيرة قصدها الناس واجتمعوا فيها وصارت سوقا رائجة فيها جمع كبير من الخلق وهذا كله ببركة التوحيد نسأل الله عز وجل ان يحيينا على التوحيد وان يميتنا على التوحيد وان يرزقنا من بركاته وهذا اخر التعليق على هذا الشرح النفيس لهذه الرسالة النافعة والحمد لله رب العالمين وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين