السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فان مما تعارف عليه الناس باخرة تقسيم القاطنين في بلد من البلدان ثلاثة اقسام. احدها مواطنون وثانيها المقيمون وثالثها الزائرون فلا تجد بلدا من البلدان الاسلامية ولا غيرها الا وهو يرتب القاطنين في ذلك البلد هذا التقسيم الثلاثي فاما ان يكون مواطنا من ابناء ذلك البلد واما ان يكون قادما اليه للاقامة. واما ان يكون زائرا ومن جملة البلدان التي امتلكت هذا هذه البلاد فالناس فيها بين هذه الاقسام الثلاثة فاما ان يكون مواطنا واما ان يكون مقيما وان واما ان يكون زائرا وان موارد الاحكام في الاسلام لا تضيق عن استيعاب تلك الاحكام التي يرتب فيها الناس. فهي تبين للناس في الاحكام المرتبة شرعا وفق ما تعرف عليه بينهم. وهي تصير لكل احد حقه ومن ثم كان هناك ما يسمى بالواجبات على المقيمين كما توجد واجبات على المواطنين. وتلك الواجبات التي تتعلق بالمقيمين سميت واجبات باعتبارين احدهما باعتبار الوضع الشرعي اصالة بان يدل الدليل الشرعي على ذلك والاخر باعتبار الوضع الشرعي تبعا مما يندرج تحت طاعة ولي الامر المتملك في بلد من البلدان التي يدخلها ذلك المقيم فيلزمه تلك الاحكام على وجه التبع. مما يسميه الناس نظاما فان النظام الاصل فيه ان يكون موافقا للشرع مخالف له ثم يطلب من كل من يتعلق به هذا النظام ان يلتزمه طاعة لله سبحانه وتعالى لما امر بطاعة اولي الامر فقال يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فهذه الواجبات التي نذكرها فيما يستقبل تارة هي مما جاء دليل الشرع به وتارة مما ثبت كونه واجبا على وجه التبع مندرجا تحت الاصل الذي تقدم ذكره والمعنونة بهذه الواجبات من المقيمين هم المسلمون الذين يمكن ان نتحدث اليهم في المسجد واما غيرهم فالحديث له اخر فمن تلك الواجبات محبة هذه البلاد لمكانتها في الاسلام. ولما لها من الفضائل فهذه البلاد هي قبلة المسلمين وبلاد الحرمين ومهبط الرسالة وموطن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمحبتها من محبة ما يحبه الله سبحانه وتعالى لما ذكرناه من هذه المعاني وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد فهذا من الحب الشرعي الذي يشترك فيه المواطن والمقيم فهو يحب هذه الاماكن التي جعل الله سبحانه وتعالى لها خصيصة وميزها عن سائر الارض. ويحب البلاد التي تحوي تلك المواطن لما تقوم به زيادة على تلك الخصائص من خدمة الاسلام والمسلمين وخدمة اولئك الذين يتوجهون الى هذه البلاد لاجل الاحكام الشرعية فيها من الحجاج والمعتمرين والزوار. من جملة الواجبات ايضا تقوية رح الانتماء الى هذه لانها كما تقدم دار الاسلام وقبلة المسلمين في صلاتهم وهي دار الرسول صلى الله عليه وسلم حيا وميتا فكل مسلم له انتماء روحي الى المملكة العربية السعودية. اكتسبته من الخصائص والمزايا التي تقدم ما ذكرها مما وهبه الله سبحانه وتعالى للحرمين الشريفين الذين صارا منتظمين في ولاية هذه البلاد. من تلك الواجبات ايضا الحصول على الاقامة النظامية وعدم مخالفة هذا. والحذر من التستر او التعامل مع المخالفين حرصا على حفظ امن بلاد الحرمين ومنعا لتسلل المجرمين اليها. فان المقصود من ترتيب الاقامة النظامية في هذا البلد او غيره هو توفير المناخ الملائم للقيام بما ينفع سواء المواطنين الذين يتخذون تلك الارض موطنا او لاولئك الذين يقصدونها ويتخذونها اقامة. واحتيج اليها لم حلت من الفساد في الارض وتغير الامور. فجعل الامر منتظما على هذه الحال تحقيقا لمقاصد وكانت هذه البلاد وما زالت هي اوسع الدول التي تمنح اقامات لغير مواطنيها. والى وقت قريب جدا كان في هذه البلاد اقامة لا توجد في غيرها. وهي اقامة طالب علم. فكان طالب العلم يمكنه الحصول على اقامة لاجل طلب العلم. ثم حدث اشياء من الفساد وتولد شر من هذه الجهة اضطر ولاة الامر الى تغيير هذا النمط ومن تلك الواجبات ايضا امتثال احكام الشريعة الاسلامية التي هي مصدر الحكم في المملكة العربية السعودية واحترام الانظمة والاعراف المتبعة فيها فكل بلد له حكم ونظام وعرف ينبغي ان يلتزمه من اندرج فيه مواطنا او مقيما او زائرا ومن الكلام السائل قول الناس يا غريب هن اديب اي كن ملتزما بالادب في البلد الذي تدخل فيه. ومن جملة تلك الواجبات الالتزام بالامر الذي دخل المقيم لاجله من عمل او غيره. وفق النظام المحدد له. وهو من الوفاء بالعقود الواجب في الاسلام. فان الله قال الذين امنوا اوفوا بالعقود وهذه التأشيرة التي ينالها المقيم هي من جملة ما يندرج في هذه الاية فيجب عليه ان يفي بها ومن تلك الواجبات المحافظة على مصالح البلد ومرافقه العامة وعدم الاضرار بها واجتناب اذية المسلمين فيه من المواطنين والمقيمين بقول او فعل لان العبد مأمور بالاحسان الى الخلق كافة ويتأكد احسانه اليهم اذا كان على هذه الحال التي جعلته مناطا التي جعلته مناطا امور مرتبة في النظام المسمى بالاقامة. ومن تلك الواجبات ايضا البعد عن مواطن الشبهات. والحذر من الدخول في العلاقات والمعاملات المريبة مع الاشخاص او الجهات التي قد تكون مصدرا للشر. فان الذين يحاولون ايقاع بهذه البلاد خاصة وببلاد المسلمين عامة كثر. فينبغي ان يكون المقيم سدا منيعا للحيلولة دون وقوع في ذلك بالحذر من العلاقات المشبوهة والجهات التي يشك فيها انها تريد الاضرار بالناس في هذا البلد من المواطنين او من المقيمين. ومن جملة تلك الواجبات توقي دعاة الشر. وعدم الاستجابة لدعوتهم ومطالبهم والاحتراز من خداعهم وحيلهم فان دعاة السر كثير واليوم تجدهم في جهات متعددة والوان مختلفة وقوالب متباينة فينبغي ان يتوقف كل احد منا من المواطنين او المقيمين اولئك الدعاة للشر ويتحقق هذا في حق المقيمين فان كثيرا من دعاة الشر يريدون ان يتسللوا من طريقهم للاطلاق بهم وباخوانهم من المواطنين والمقيمين. ومن جملة تلك الواجبات ابلاغ الجهات المختصة. الامنية او غيرها بكل ما يخالف الشرع او النظام ويشكل خطرا على البلاد. فان العبد مأمور بنفي الضرر. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا انضرار. ومن دفع الضرر الذي امرنا به انه متى تيقن المرء او غلب على ظنه وجود ضرر من جهة ما فانه يبلغ الجهات ذات الاختصاص اما الجهات الامنية او غيرها كهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن تلك الواجبات ايضا الوفاء للمملكة العربية السعودية بعد عودة المقيم الى بلاده بان يذكر محاسنها وفضائلها وما تقدمه من جهود في خدمة الاسلام والمسلمين خاصة. وما تبذله من الخير في العالم كله. فان الله سبحانه وتعالى يحب الوفاء. وهو من خصال المؤمنين. فالبلد الذي اصاب فيه المرء احسانا وخيرا ونال فيه علما او مالا او غير ذلك من الاحسان اليه والوفاء بالعهد ان يذكر المرء محاسن تلك البلاد ومناقبها وما تقدمه للاسلام والمسلمين. وما يوجد فيها من نقص او خطأ هو ممقوت عند اهلها فضلا عن ان ينقت عند غيرهم فما يلحق بعظ المقيمين من جور او ظلم او تعدي او غير ذلك ينظر اليه مواطن هذه البلاد بعين الازراء والمقت والعيب على من يقوم بذلك. فهذه جملة من الواجبات التي تتعلق مقيمين وما يوافق فيها من المعاني العامة هي تتعلق بنا ايضا معشر المواطنين. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل هذا البلد مباركا امرا وسائر بلاد المسلمين وان يوفق ولاته الى نفع المسلمين في كل مكان. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله واله وصحبه اجمعين