السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل الدين يسرا بلا حرج والصلاة والسلام على محمد المبعوث بالحنيفية السمحة دون عوج وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج. اما بعد فهذا شرح الكتاب الرابع من المرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته الاولى وهو كتاب ثلاثة اصول وادلتها لامام الدعوة في جزيرة العرب شيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله. وهو الكتاب الرابع في التعداد العامي لكتب البرنامج نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم اعلم رحمك الله انه يجب علينا تعلم اربع مسائل الاولى العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الاسلام الادلة الثانية العمل به الثالثة الدعوة اليه الرابعة الصبر على الاذى فيه. والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفي خسر. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. قال الشافعي رحمه الله تعالى هذه السورة لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هي لكفتهم. وقال البخاري رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل والدليل قوله تعالى اعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك فبدأ بالعلم قبل القول والعمل وحنا بدينا اليوم في العلم فلا بد ان نبدأ بالعمل. الاخ اللي جالس هناك تعال جزاك الله خير اجلس في الحلقة. دخله هناك اجلس في الحلقة جزاك الله خير ذكر المصنف انه يجب على العبد تعلم اربع مسائل المسألة الاولى وهو شرعا ادراك خطاب الشرع. ومرده الى المعارف الثلاث معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. والمراد بالادراك هنا معناه اللغوي وهو البلوغ لا المعنى المصطلح عليه في العقليات. فيكون قولنا في تعريف العلم شرعا ادراك خطاب الشرع اي بلوغه الى متلقيه. والجاب والمجرور في قوله رحمه الله ومعرفة دين الاسلام بالادلة متعلق باخذ مذكور وهو معرفة الاسلام ما يدل عليه قول المصنف فيما يستقبل الاصل الثاني معرفة دين الاسلام بالادلة. وهذا لا يختص به بل معرفة الاصول الثلاثة لابد من اقترانها بالادلة. وظاهر المصنف في تعليق الجاد والمجرور بمعرفة دين الاسلام لا يراد به حصره في فيها ولكن لما كان اكثرها فروعا ناسب ذكر الادلة معه وتعليق الجاد والمجرور به قوله رحمه الله بالادلة اي ادراك ان لهذه المعارف ادلة شرعية تثبت وهذه المعرفة هي المعرفة الاجمالية التي هي معرفة العامة وهي واجبة على كل احد فالعوام يكفيهم معرفة ان الدين الذي امنوا به ثابت بادلة. ولا يلزمهم الاطلاع عليها فضلا عن استنباط وبقاء مأخذ الحكم ومنزع الفهم ميم في نفوسهم. وبه يعلم ان ما توهم في قول شيخ الاسلام رحمه الله تعالى معرفة الاسلام بالادلة ايجاب اقتران كل فرع بدليله حتى تثبت المعرفة غير صحيح وانما هو قول احدثه من لم يتلق هذه الكتب عن ارباب هذه الكتب عن اربابها. فنسب قول المصنف رحمه الله تعالى الى قول المعتزلة وانما اوقعه في هذا عزله نفسه عن التلقي عن اهل الفن عموما وعن وراث هذه الدعوة خصوصا فان شيخ الاسلام لا يقصد اقتران كل فرع بدليله في المعرفة حتى يصح وصف العلم. ومنه الدين بل مراده وجوب اعتقاد العبد ان الدين الذي به لله سبحانه وتعالى ثابت بادلة ولا يضره جهله بها فان العامي اذا سألته عن الملائكة ذكر لك ما يدل على ايمانه بهم. فان طالبته بدليل يعطك دليلا واحدا ومعرفته هذه كافية في ثبوت صحة اسلامه. لانه يقول لك سمعنا في القرآن وفي الاحاديث لكنه لا يذكر دليلا خاصا فتكفيه هذه المعرفة العامة في صحة الاسلام. اما المعرفة التفصيلية ففرض كفاية وقدر ما يجب منها يختلف باختلاف الناسي واحوالهم فالواجب على الحاكم والقاضي والعالم والمعلم والمؤدب غير ما يجب على سواهم من الخلق والمسألة الثانية العلم. والمسألة الثانية العمل. وهو شرعا ظهور صورة خطاب الشرع. ظهور صورة خطاب الشرع وخطاب الشرع نوعان الاول خطاب الشرع الخبري وظهور صورته بامتثال التصديق الثاني خطاب الشرع الطلبي وظهور صورته بامتدال الامر والنهي. فقول الله ان الساعة لاتية لا ريب وفيها من خطاب الشرع الخبري. وامتثاله بالتصديق بان يؤمن العبد بان الساعة وهي القيامة اتية لا ريب فيها وقوله اقيموا الصلاة وقوله ولا تقربوا الزنا من خطاب الشرع طلبي والامتثال في الاول بالفعل بان يقيم الصلاة والامتثال في الثاني في الترك والتباعد بان باب الزنا. والمسألة الثالثة الدعوة اليه. والمراد بها الدعوة الى الله. والدعوة الى الله وعن هي طلب الناس كافة. الى اتباع سبيل الله الجامعة للخير على بصيرة. هي طلب الناس كافة الى اتباع سبيل الجامعة للخير على بصيرة. والمسألة الرابعة الصبر على الاداء فيه. والصبر شرعا حبس النفس على حكم الله وحكم الله نوعان احدهما قدري والاخر شرعي. والمذكور من الصبر هنا هو الصبر على الاذى اي في العلم. تعلما وعملا ودعوة. والاذى من القدر المؤلم فيكون من الصبر على حكم الله القدري. فقول المصنف رحمه الله الصبر على الاذى راجع الى الصبر على امر الله القدري لان الاذى قدر. ولكن لما كان العلم مأمورا به صار الصبر عليه شرعيا ايضا. فيصير الصبر على الاذى فيه باعتبار المعنى المتبادل من اللفظ راجع الى الصبر على حكم الله القدري لان الاذى من القدر كما تقدم. وباعتبار حقيقة المأمور به وهو الصبر على العلم والعمل به والدعوة اليه يكون الصبر من الصبر على حكم الله الشرعي. والدليل على وجوب تعلم هذه المسائل الاربعة هو سورة العصر لان الله اقسم بالعصر وهو الوقت المعروف اخر النهار قبل غروب الشمس ان جنس الانسان في خسر ثم استثنى المتصفين بصفات اربع فقال الا الذين امنوا. وهذا دليل العلم الا ايمانا الا بعلم فانما يدرك اصل الايمان وكماله بالعلم. ثم قال وعملوا الصالحات وهذا دليل العمل ثم قال وتواصوا بالحق وهذا دليل الدعوة ثم قال وتواصوا بالصبر وهذا دليل الصبر ولذلك قال الشافعي رحمه الله تعالى هذه السورة لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هي لكفتهم اي في قيام الحجة في وجوب امتثال بما امر الله به وترك ما نهى عنه. كما ذكره ابن تيمية وابن باز رحمهما الله. فليس معنى كلام انها كافية في جميع ابواب الديانة. وانما المراد كافية في اقامة الحجة على الخلق في وجوب امتثال امر الله وترك ما نهى عنه. والمقدم بين هذه المسائل هو العلم. فهو اصل الذي تتفرع عنه وتنشأ منه. واورد المصنف رحمه الله تعالى لتحقيق هذا كلام البخاري في صحيحه بمعناه حكاية لا بلفظه اذ بوب باب العلم قبل القول والعمل واستنبطه من قوله تعالى فاعلم انه لا اله ان الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل. واستنبطه قبله سفيان ابن عيينة كما رواه ابو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية. ثم ذكره بعده الغافقي في مسند الموطأ وقوب عليه كتبويب البخاري. نعم. اعلم رحمك الله انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهم. الاولى ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا. بل ارسل الينا رسولا فمن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار والدليل قوله تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا. الثانية ان الله لا يرضى يشرك معه احد في عبادته لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا غيرهما. والدليل قوله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا. الثالث ان من اطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله. ولو كان قريب والدليل قوله تعالى لا تلدوا قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من عبد الله ورسوله ولو كانوا ابائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في بهم الايمان وايدهم بروح منه. ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها. رضي الله عنهم عليه اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ثلاثة مسائل يا عظيمة يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها والعمل بها. فاما المسألة الاولى فمقصودها بيان بعبادة الله وذلك ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا اي مهملين لا نؤمر ولا ننهى بل ارسل رسولا هو محمد صلى الله عليه وسلم ليرشدنا الى القيام بعبادة الله. فمن اطاعه باداء العبادة دخل الجنة ومن عصاه وجحد عبادته ودخل النار كما قال تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما اوصلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا اي شديدا. اما المسألة الثانية فمقصودها ابطال الشرك بالعبادة وان الله لا يرضى ان يشرك معه احد في عبادته كائنا من كان. لان العبادة حقه. وحقه لا يقبل الشرك فلما كانت العبادة حقا لله لم يرضى ان يشاركه في هذا الحق احد. واما المسألة الثالثة فمقصودها بيان وجوب بموالاة المؤمنين والبراءة من المشركين. لان القيام بالعبادة واجتناب الشرك وهما الامران المذكوران في المسألتين السابقتين الاولى والثانية لا يتحققان الا باقامة هذا الاصل. الولاء للمؤمنين والبراءة من المشركين فالمسألة الثالثة بمنزلة التابع اللازم للمسألتين الاوليين وهي ان من عبد الله ولم يشرك به بان لم تتم له عبادته الا بموالاة المؤمنين والبراءة من المشركين. والناس في هذا الاصل بين غلو وجفاء والوسط الوسيط فيه اقامته كما توجبه الشريعة منزهة عن الاهواء والاراء. وفي الاملاء المأمول على شرح ثلاث الاصول للعلامة ابن باز الذي تقدم تقريره والتعليق عليه كلام في هذا الموضع تحسن مراجعته استبانته ومعنى قوله تعالى في الاية من حاد الله ورسوله اي كان في حد متميز عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو حد الكفر فان المؤمنين يكونون في حد والمشركين يكونون في حج فهم يتميزون بينهم. واذا تميزوا لم يكن بينهم الا المعاداة. نعم اعلم ارشدك الله لطاعته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين. وبذلك امر الله جميع الناس خلقهم لها كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ومعنى يعبدون يوحدون. لها للشرع معنيان احدهما عام وهو الاسلام. والثاني خاص وهو الاقبال على الله بالتوحيد والميل عن كل ما سواه وهي دين الانبياء جميعا. وخصت بالاضافة الى ابراهيم عليه الصلاة والسلام. بانه اكمل الخلق تحقيقا لها مع تقدمه في الابوة على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم المشاركين في كمال التحقيق للحنفية للحنيفية. فالخليلان ابراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام بلغ الغاية في تحقيق العبادة لله عز وجل. لكن لما كان ابراهيم هو الاب ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الابن قيل اعظاما لجناب ابراهيم في وصف دين الاسلام هو ملة ابراهيم عليه الصلاة والسلام. والناس جميعا مأمورون بها ومخلوقون لاجلها كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فانما خلق الجن والانس لاجل العبادة كما في هذه الاية. واذا كانوا مخلوقين لاجلها فانهم مأمورون بما خلقوا له. فهذه الاية دالة على المسألتين جميعا فهي دالة على كون الانس والجن خلقوا لاجل العبادة ودالة ثانية على انهم مأمورون بها لانه اذا كانت غاية الخلق هي ايقاع العبادة دل ذلك على وجوبها عليه وتفسيره رحمه الله يعبدون ليوحدون من تفسير اللفظ باخص فان التوحيد اكد العبادة. او هو من تفسير اللفظ بما وضع له فان التوحيد يطلق في خطاب الشرع ويراد به فان العبادة تطلق في خطاب الشرع ويراد بها التوحيد. كما قال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم اي وحدوه نعم. واعظم ما امر الله به التوحيد وهو افراد الله بالعبادة واعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه والدليل قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. فاذا قيل لك ما الاصول الثلاثة التي يجب على الانسان معرفتها فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. فاذا ما كانت الحنيفية مركبة من الاقبال على الله بالتوحيد والميل عن كل ما سواه بالبراءة من الشرك عرف المصنف التوحيد والشرك. والتوحيد له معنيان شرعا احدهما عام وهو افراد الله بحقوقه والاخر خاص وهو افراد الله بالعبادة. وهذا المعنى اعني الثاني هو المعهود شرعا ولاجل هذا اختصر عليه المصنف فاقتصار المصنف عليه في قوله التوحيد وهو افراد الله عبادة لكونه هو المعهود شرعا فاذا اطلق التوحيد في خطاب الشرع اريد به توحيد الالهية المتعلق بافراد العبادة. والشرك يطلق في الشرع على معنيين. احدهم هما عام وهو جعل شيء من حقوق الله لغيره. والثاني خاص وهو جعل شيء من اعمال العباد المتقرب بها لغير الله عز وجل ولا نطلق افعال العباد دون تقييد. بل لا بد من قصرها بافعال العباد مفعولتي على وجه طلب القربة لئلا تدخل سائر افعالهم كالاكل والشرب وغير ذلك فمحل الشرك ما كان مفعولا منها على وجه القربة. والمعنى هو المعنى المعهود شرعا فاذا اطلق الشرك في خطاب الشرع فالمراد به المعنى الخاص ولهذا اختصر عليه فقالوا اعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه. والعبادة يعبر عنها بالدعاء فقوله وهو ودعوة غيره معه بمنزلة قولنا هو عبادة غير الله. فهذا المعنى هو المعهود وها هنا سؤال وهو لماذا قلنا في تعريف الشرك العام والخاص هو جعل شيء من حقوق الله لغيره او جعل شيء من اعمال العبادة نتقرب بها لغيره. لماذا اخترنا كلمة يعني يسبقن عمل يشمقن صرف نعم ايش طيب طيب نفس اخونا بالستة بيان انت نعم كلكم هذي موافقة خطاب الشرع غيره مثل كل لفظ عدل به عن وجه الشرع ففيه نقص هذا لا محالة. ها عبد العزيز هو في تحويل بس ما هو هذا التحويل حنا نريده ها؟ ابو حطب احنا نعرف الشرك من حيث هو من غير تعلقه بفاعله. الحقائق تعرف باعتبارها هي بدون نظر الى متعلقات خارجة نعم لا احنا ما نسأل ايش معناه؟ نسأل ليش ما قلنا الان تجدون في في كتب الشرك تسوية غير الله مع الله؟ نعم هذا عليه اعتراضات كثيرة لكن قلنا نحن لماذا اخترنا جعل؟ انا اريد ان تعلموا ان الكلمة ينبغي ان في ميزان العلم ولا ترسل الكلمة هدرا حتى تستفيد. نقول قيل هذا لوجهين اثنين احدهما موافقة للخطاب الشرعي كما ذكر الاخوان الايات والاحاديث. قال الله سبحانه وتعالى فلا تجعلوا لله اندادا وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل اي الظن الذنب اعظم قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. متفق عليه. والثاني لان الجعل يشتمل على معنى الاقبال القلبي. وهذا حقيقة الشرك فالمشرك في قلبه اقبال على غير الله سبحانه وتعالى فكان الشرك مشتملا على هذه الحقيقة. ثم بين نصنف مسألة اخرى مرتبة على ما تقدم فقال فاذا قيل لك ما الاصول الثلاثة الى اخره؟ تقدم ان الله عز وجل خلقنا للعبادة وامرنا بها. ولا يمكن القيام بحق العبادة الا بمعرفة ثلاثة اصول. الاول معرفة المعبود. وهو الله سبحانه وتعالى. والثاني معرفة المبلغ عن المعبود وهو والرسول صلى الله عليه وسلم والثالث معرفة كيفية العبادة وهي الدين. فصارت هذه الاصول الثلاثة هي الاصول التي لا تمكن العبادة الا بها. فكل امر بالعبادة هو امر بهذه الاصول الثلاثة. واضحة هالمسألة؟ واضحة؟ كل امر بالعبادة امر بالاصول الثلاث لماذا؟ لان العبادة يتعلق بها معبود هو من؟ الله عن المعبود وهو الرسول صلى الله عليه وسلم. وكيفية للعبادة وهي وهي الدين. نعم فاذا قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وهو معبودي ليس لي معبود سواه والدليل قوله تعالى الحمد لله رب العالمين وكل من سوى الله عالم وانا واحد من ذلك العالم المصنف ها هنا يبين الاصل الاول فقال فاذا قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني الى اخره. ومعرفة الرب لا تنتهي الى بل كلما زاد ايمان العبد وعلمه ازدادت معرفته بربه. ولما كان كمال الرب عز وجل مما يعجز المخلوقون عن الاحاطة به صارت معرفة الله على وجه الكمال متعذرة في حقهم لكن هناك قدر من معرفة الله يتعين على كل احد. وما زاد عن هذا القدر فالناس متفاوتون متفاضلون فيه باعتبار ما يفتح الله لهم من رحمة. واصول معرفة الله المتعينة على كل احد اربعة. اولها معرفة وجوده. وانه موجود والثاني معرفة ابويته وانه رب كل شيء. والثالث معرفة الوهيته وانه الذي يعبد بحق وحده. والرابع معرفة اسمائه وصفاته. فيؤمن العبد بما له من الاسماء الحسنى والصفات العلا فهذه الاصول الاربعة تجمع القدر المتعين على كل احد من معرفة الله عز وجل. والدليل كما ذكر المصنف قوله تعالى الحمد لله رب العالمين. فهي دالة على وجود الله لان المعدوم لا يحمد. وهي دالة على ربوبيته. اذ فيها التصريح بقوله تعالى رب العالمين كما انها دالة على الوهية واسمائه وصفاته بطريق اللزوم. فمن امن بالله ربا لزمه ان يؤمن في الوهيته وبما له من كمال الاسماء والصفات. فهذا وجه دلالة هذه الاية على الاصول الاربعة التي انطوى عليها كلام امام الدعوة بعد ان ذكر الرب قال والدليل قوله تعالى يعني والدليل على تحقيق انه الله هو الاية المذكورة كما بيناه. وقوله رحمه الله وكل ما سوى الله عالم ايش رايكم فيه ها يا عوض كيف يقولون قالوا نعم قديم ومحدث قالوا الله قديم والعالم والعالم محدث فكل ما سوى الله عالم فقوله رحمه الله وكل ما سوى الله عالم مما تبع فيه غيره من المتأخرين. ولا يوجد في كلام العرب اطلاق عالم على مجموع ما سوى الله وانما جرى على لسان علماء الكلام كما افاده ابن عاشور في التحرير والتنوير ثم دب في كلام المفسرين وشراح الحديث وغيرهم. ولا يفسر القرآن ولا الحديث بالمصطلح الحادث فان المصطلح الحادث لا يكون مفسرا الدلالة القرآنية او النبوية نعم فاذا قيل لك بما عرفت ربك فقل باياته ومخلوقاته ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقات السماوات السبع ومن فيهن والارضون السبع ومن فيهن وما بينهما. والدليل قوله تعالى لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس وقوله تعالى ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم ان تعبدون. وقوله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام. ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يظلم حديثة والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الاله الخلق والامر تبارك الله رب العالمين لما ذكر نصنف ان الله هو الرب وبين دليله كشف عن الدليل المرشد الى معرفة الرب عز وجل. والدليل المرشد الى معرفة الرب شيئان. احدهما التفكر في اياته الكونية والثاني التدبر في اياته الشرعية وهما مذكوران في قول المصنف رحمه الله باياته لان الايات شرعا لها معنيان احدهما الايات الكونية وهي المخلوقات الايات الشرعية وهي ما انزله الله من الكتب. فيكون قول المصنف بعد ذلك ومخلوقاته من عطف الخاص على العام لان المخلوقات هي بعض ايات الله. وهي مختصة بالايات الكونية فتسمى الايات الكونية مخلوقات ثم ذكر المصنف ان من ايات الله الليل والنهار والشمس والقمر وان من مخلوقاته السماوات السبع والاراضون السبع ومن فيهن وما اينهما؟ والليل والنهار والشمس والقمر والسماوات والارض وما بينهما ومن فيهن كلها تدخل في جملة الايات الكونية وتسمى مخلوقات. ومع ذلك فرق المصنف بينهم. فجعل الليل والنهار والشمس والقمر باسم الايات وجعل السماوات والارض وما بينهما مخصوصة باسم المخلوقات. والموجب لهذا هو موافقة غالب السياق القرآني. فان الغالب في القرآن اذا ذكر الليل والنهار والشمس والقمر وصفت بالاية وان السماوات والارض اذا ذكرتا في القرآن فاكثر ما يطلق عليها صفة الخلق فيكون كلام امام الدعوة غير مضطرب كما توهمه بعض الشراح بل يرجع الى متابعة في القرآن فان من الشراح من ادعى ان تفريقه تفريقا بين متماثلات فكل هؤلاء المذكورات هن مخلوقات وايات كونية ولو لاحظ السياق القرآني لوجد ان السياق القرآني بينهما على ما ذكرت له. فجرى امام الدعوة على متابعة السياق القرآني. والسر في كونه السياق القرآني لبسنا الاية على الشمس والقمر والليل والنهار وغلب اسم الخلق على الاراضين والسماوات وما بينهما هو ملاحظة الوضع اللغوي باسم الاية والخلق فان الاية اصدق دلالة على الشمس والقمر والليل والنهار لان الاية هي العلامة. والليل والنهار والشمس والقمر علامات فتخفى وتظهر واما السماوات والارض فانهن بمعنى الخلق الصق فان حقيقة الخلق في اللسان التقدير فهي مقدرة على هذا الوضع لا تتغير لا في الليل ولا في النهار ولا في وجود الشمس ولا في وجود القمر. فيكون كلامه رحمه الله تعالى جاريا على متابعة السياق القرآني وهذا من كمال علمه. فان انطباع طرائق وسنن كلام القرآن كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في العالم حتى يكون اصلا عنده دالا عليه الامتزاج معارفهما لمعارفه. فقد احاط قلبه بكثير من مآخذ الفهم فيهما واما الذين يقفون مع ظواهر الالفاظ ولا تجري قلوبهم مع وعي وادراك مسالك الخطاب في القرآن والسنة فانهم يريدون على كلام اهل العلم اشكالات. ومن القواعد يجب ان تتلقفها برعاية دوام النظر بعين التهمة الى نفسك في قصور نظرك في فهم كلام من سبقك من العلماء فانك اذا كنت مستصحبا لهذا الاصل فتح الله الله عليك فتوح العارفين. واذا خلعته من قلبك غرقت في لجة الجاهلين. كما مرت علينا جملة من المسائل هي في الحقيقة الجهل الصراح. وان البست ثوب التحقيق كهذا القائل الذي استشكل كلام المصنف ورآه خارجا عما يجب من السنن فالشمس والقمر والليل والنهار والسماوات ارض كلها مخلوقات فالتفريق بينها بجعل بعضها مخلوقات وبعضها ايات غير ظاهر. ولو ان العبد وطن نفسه على دوام النظر اليها بالقصور والحاجة الى العلم وعدم الجراءة على كلام العلماء وحبس النفس عن توزيع التهم والتخطيط جزافا فان الله عز وجل يراعي هذه الطهارة في قلبه فيفتح عليه بفتح من عنده ومن نظر اليهم بعين النقص وقع هو فيه. ومن اباطيل اهل العصر وافانينهم ما يسمونه بالقراءة الناقدة. فان القراءة الناقدة امر محدث مما استجره علماء التربية والتعليم من الكفار فجعلوه اصلا في تلقي الدين مع ان السلف لم تزل وصيتهم باتهام انفسهم. في نقص علومهم عن مدارك من قبلهم كما قال ابو عمر كما قال ابو عمر ابن العلاء فيما رواه الخطيب في كتاب الموضح ما نحن في من قبلنا الا كبقل في اصول نخل طوال. فاذا قرأ الانسان وفق ما يسمى بقراءة الناقضة طالبا وجود خطأ فيما يقرؤه او متلمسا هفوة فان هذا يجر على نفسه الثبور لجرائته على العلماء واذا كان الحر من العرب يقف دون حرماته ولو بسفك دمه فان الله عز وجل يقف دون حرمات دون حرمات العلماء. فيهتك استار من نظر الى كلامهم بعين النفس وما وجدنا احدا عود نفسه على القراءة على تطلب الاخطاء والتماس الاستدراك على من مضى الا سقط. ولم يكمل له سيره في الطريق ومن نظر الى كلامهم بعين الاجدال والتعظيم رزقه الله سبحانه وتعالى من الفهم كما رزقهم فاسلك سبيلهم ولا تؤخذن بهذه الحوادث التي اصطنعها الناس في تلقي العلوم والمعارف وادخلوها وجعلوها اصولا بل اذا سمعت شيئا من هذا فاعرضه على الجادة مر به على الكتاب والسنة واستشر به واستشر فيه خبيرا عارفا بهما فان كان صوابا صحيحا فخذ به وان كان غير ذلك فاحذر. وانما وأد العلم وضعف في الناس بسبب دخول هذه الاصول في العلوم الشرعية. ووالله اني لاعجب من كلمات صارت تقال في المعارف الشرعية لم تكن فيمن قبل. فاني رأيت كلاما لرجل يقول اجمع العلماء على ملاحظة التاءات الثمان. التركيز والتخطيط تقدير الى اخر تاءاته. وليست تاءات العلماء. هذا من كيسه. فسهل الامر. حتى قد دعي الاجماع في مثل هذه المعارف الحادثة. فاي علم يرجى ويؤمل اذا كانت هذه احوال معلمين له فلا يلام المتعلمون وانما العلل التي سرت واجتذبها بعض الناس فادخلوها في المعارف الشرعية هي التي حدثت. ولذلك ابتغي سبيل من سبق وتمسك به. ولا تؤخذن بما صار عليه الناس فانك اذا سلكت هذا السبيل نجوت واذا خرجت عن هذا السنن هلكت ولا يراد بنجاتك ان تكون عالم. ولكن يراد بنجاتك ان تلقى الله سالما الامر عظيم لا تنظر انك تحضر وتجلس كي تكون عالم ولكن كي تكون سالما وانظر الى حال ان فتح الله لك بعلم واسبل عليك برحمته وكيف صارت المقالات الرديئة الخارجة عن الشريعة من الدين مما يستسيغه الناس ويستسهلونه ويعظمونه ويرون ان خروج عنه هو من اطوال الغلو والتشدد. وان سماحة الاسلام ويسره تقتضي عدم الوقوف على ما كان عليه الناس من قبل. واشد شيء قبحا عند العارفين النظر الى من سبق من اهل العلم بخلاف ما كانوا عليه فان اهل العلم اذا وصموا بشيء هم منهم هم منه براء فان الله ينتقم من من وصمهم به فاولئك الذين يتكلمون فيقولون ان العلماء في الفترة الماضية كانوا يأخذون بالاشد فظيقوا على الناس سيرون في انفسهم الاشد. فان لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك استار منتقصيهم معلومة. ومن اعمل لسانه فيهم بالكلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب حتى جرهم هذا الى ان ينسبوا الى العلماء اشياء لم يقولوها فاني رأيت رجلا نسب اليهم مثلا في التفصيق انهم كانوا يعدونه من الكبائر. واني امهلها عشر سنوات ان يأتي بنص عن احد من العلماء المتبوعين فابن باز وابن عثيمين او حمود التويجي او غيره من العلماء الذين سبقوا قالوا انه كبيرة. ولكنه استزلال السفهاء. بحيث يظن ان مثل هذه الاقوال هي المناسبة ليسر الاسلام وان من مضى كانوا على تشدد ولابد من رعاية احوال الناس. فاحذر ان واطلب لنفسك النجاة وتمسك طريق من مضى نعم. والرب هو المعبود والدليل قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا السماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم قال ابن كثير رحمه الله تعالى الخالق لهذه الاشياء هو المستحق للعبادة لما بين المصنف الدليل المرشد الى معرفة الرب ذكر ان الرب هو المستحق للعبادة. فمعنى قوله والرب هو المعبود اي هو المستحق ان يكون معبودا فليس هذا تفسيرا للفظ الرب. فان لفظ الرب لا يطلق في لسان العرب على ارادة المعبود في اصح قولي اهل اللغة ولكن تقدير الكلام والرب هو المستحق ان يكون معبودا. وذلك للامر بالعبادة في قوله تعالى اعبدوا ربكم مع ذكر الموجب الاستحقاق وهو التفرد بالربوبية المذكور في قوله تعالى الذي خلقكم الذين من قبلكم الى اخر الاية. فان الاقرار بالربوبية يستلزم الاقرار بالالوهية. كما بينه ابن كثير فيما نقله المصنف عنه بمعنى كلامه في التفسير. فصار مقصود مصنفها هنا بيان استحقاق الله للعبادة. وان موجب الاستحقاق كونه ربا ومن كان ربا وجب ان يكون معبودا. نعم. وانواع العبادة التي امر الله بها مثل الاسلام والايمان والاحسان ومنه الدعاء والخوف والرجاء. والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والانابة والاستعانة. والاستعاذة استغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من انواع العبادة التي امر الله بها كلها لله تعالى. والدليل قوله تعالى وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا عبادة الله لها معنيان في الشرع احدهما عام وهو امتثال خطاب الشرع المقترن حب ايش ها اي ارفع صوته يبي يتكلم يرفع يدي ويتكلم بالحب والخوف. نعم قال الاخ عوض قال والذل يعني امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب و الذل وقلنا المقترن بالحب وايش؟ والخضوع ما قلنا حنا هذا؟ نقول بالحب والخضوع. لماذا عدلنا عن هذا الى هذا. او ان يمكن قد يكون غلطان هل نقول امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والذل او نقول المغتنم بالحب والخضوع مخضوع احسن ليش عمل قلبي الخضوع طيب ايش نقول الخضوع فيه معنى الاقبال ولذلك صار عبادة. اما الذل فانه قد ينطوي على الاجبار وفيه تحقيق وهو غير مناسب لمعنى العبادة ولذلك قول ابن القيم وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده خلاف الاولى وانما الذي جاء به الشرع هو الخضوع وليس الدين. فالدل لا يشتمل في الذل لا يشتمل على معنى الاقبال بخلاف فان فيه اقبال القلب فتكون العبادة بمعناها العام امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع. والثاني خاص وهو التوحيد. وجميع انواع العبادة كلها لله عز وجل. كما قال تعالى وان المساجد لله. فالنهي عن دعوة بين الله معه دليل على ان العبادة كلها لله وحده فان الله نهى عن دعوة غيره فقال فلا تدعو مع الله احدا. واشير الى العبادة في هذه الاية بقوله تدعو لان الدعاء كما تقدم يقع اسما لجميع انواع العبادة. فكأن نسق الاية ولا تعبدوا مع الله احدا. ولكن لما كان الدعاء هو عمود العبادة كما صح في حديث النعمان رضي الله عنه عند الاربعة الدعاء هو العبادة عبر كثيرا في خطاب الشرع في القرآن والسنة عن العبادة بالدعاء. نعم. فمنصرف فمن صرف منها شيئا لغير الله هو مشرك كافر والدليل قوله تعالى ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون وفي الحديث الدعاء مخ العبادة والدليل قوله ذكر الدعاء مخ العبادة هذه الوحدة كما سيأتي نبينه لان تقسيم الجمل له اهمية في الفهم. ذكر المصنف ان من صرف شيئا من العبادات لغير الله فهو مشرك كافر. واستدل باية المؤمنون ووجه الدلالة منها في قوله انه لا يفلح الكافرون مع قوله في اولها ومن يدعو مع الله الها اخر. فانه يدل على ان من افعال الكافرين. والمذكور ها هنا هو عبادة غير الله. واشير اليها بالدعاء. فكأن معنى قوله ومن يدعو مع الله الها اخر اي ومن يعبد مع الله الها اخر فان فعله من افعال الكافرين ولهذا قال في اخر الاية انه لا يفلح الكافرون اشارة الى ان هذا هو فعلهم. فصرف العبادات لغير الله شرك وكفر نعم وفي الحديث. وفي الحديث الدعاء نصف العبادة والدليل قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادة سيدخلون جهنم داخرين. شرع المصنف يذكر انواعا من انواع العبادة ابتدأها بالدعاء. وجعل الحديث الترجمة له فليس دليلا اخر للمسألة السابقة. بل هو استئناف لتقرير مسألة جديدة فتقدير الكلام ها هنا ودليل الدعاء قوله تعالى وقال ربكم ادعوني الى اخر الاية لكن لما كان للدعاء منزلة عظيمة في العبادة عبر عنه المصنف بحديث رواه الترمذي وفيه ضعف وهذا يفعله البخاري رحمه الله تعالى فانه ربما بوب بحديث للدلالة على مقصوده فنسقوا الكلام ها هنا ودليل العبادة قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم الله شرعا معنيان اثنان. اولهما عام وهو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب ايش والخضوع فيشمل جميع افراد العبادة لان العبادة تطلق بهذا المعنى والاخر خاص وهو طلب العبد من ربه حصول ما ينفعه ودوامه او دفع ما يضره رفعه والاول يسمى دعاء العبادة. والثاني يسمى دعاء المسألة. ومعنى داخلين صاغرين اذلين. نعم الخوف قوله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوا ان كنتم مؤمنين. خوف الله شرعا هو هروب القلب الى الله ذعرا وفزعا. نعم ودليل الرجاء قوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احد هذا رجاء الله شرعا هو امل العبد بربه في حصول المقصود مع بذل الجهد وحسن التوكل. نعم. ودليل التوكل قوله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان ان كنتم مؤمنين وقوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه. فالتوكل على الله شرعا هو اظهار العبد عجزه واعتماده على ربه. ومعنى حسبه كافيه. نعم. ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين. ذكر المصنف رحمه الله هنا ثلاث عبادات فالرغبة الى الله شرعا ارادة مرضات الله بالوصول الى المقصود محبة له ورجاء والرهبة من الله شرعا هي هروب القلب الى الله ذعرا وفزعا مع عمل ما يرضيه. والخشوع لله شرعا عن هو هرب القلب الى الله ذعرا وفزعا مع الخضوع اي له. نعم. ودليل الخشية قوله تعالى فلا تخشوهم واخشوني. الخشية لله شرعا هي هروب القلب الى الله ذعرا عن مع العلم بالله وبامره. نعم. ودليل الانابة قوله تعالى وانيبوا الى ربكم واسلموا له الاية. الانابة الى الله شرعا هي رجوع القلب الى الله محبة وخوفا ورجاء. نعم ودليل الاستعانة قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين. وفي الحديث اذا استعنت فاستعن بالله. الاستعانة بالله شرعا هي طلب العون من الله في الوصول الى المقصود. نعم الاستعاذة قوله تعالى قل اعوذ برب الفلق وقوله تعالى قل اعوذ برب الناس. الاستعاذة بالله شرعا هي طلب العوذ من الله عند ورود المخوف. ومعنى الفلق الصبح. نعم ودليل الاستغاثة قوله تعالى اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم الاية. الاستغاثة بالله شرعا هي طلب الغوث من الله عند ورود الضرر. نعم. ودليل الذبح قوله تعالى الا قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من ذبح لغير الله الذبح لله شرعا هو سفك دم بهيمة الانعام تقرب الى الله على صفة مخصوصة. وقولنا على صفة مخصوصة اي بالشروط الشرعية المذكورة في كلام الفقهاء رحمهم الله. نعم. دليل النذر قوله تعالى من كان شره صغيرا النذر لله شرعا يقع على معنيين احدهما عام هو الزام العبد نفسه لله تعالى امتثال خطاب الشرع اي الالتزام بدين الاسلام كله. والاخر خاص وهو الزام العبد نفسه لله تعالى نفلا معينا غير معلق. الزام العبد نفسه لله تعالى نفلا معينا غير معلق وقولنا نفلا خرج به الواجب. لانه لازم للعبد اصالة. وقولنا معين خرج به المبهم. لان الابهام لا يترتب عليه فعل مندوب. وان فيه الكفارة. وقولنا غير معلق خرج به ما كان على وجه العوظ والمقابلة بحصول المقصود كأن يقود لله عليا ان شفى مريضي ان افعل كذا وكذا ان دخول التعليق يخرج النذر من كونه عبادة متقربا بها الى كونها الى كونه امرا مباحا. وبيان حقيقة النذر من مشكلات مسائل ولهذا اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في عقده لعدم استبانة الصورة المشروعة الممدوحة شرعا فخلط بين الحقيقة الشرعية وبين الحقائق الاصطلاحية التي وضعها الفقهاء رحمهم الله تعالى. وانما يكون النذر وعبادة على المعنى الذي ذكرت لك. واذا فرغ من هذا فليعلم ان اعظم ما ينبغي ان يعتنى به فيما تقدم شيئان اثنان. احدهما بيان حقائق هذه العبادات. وهو الذي انتصرنا عليه من الحدود الشرعية لان الوقوف على حقائق الاشياء شرعا يهيئ الطريق للقيام بذلك الحق. فان من لم يعرف حقيقة العبادة لا يقوم بها. والثاني معرفة ما دل على كونها عبادات. فكل واحد من هذه الادلة ذكر في كلام المصنف مقرونا بالعبادة ليكون دليلا عليها فقول المصنف رحمه الله تعالى ودليل الخوف كذا وكذا ودليل الرجاء كذا وكذا المراد به بيان الدليل الذي عرف به ان الرجاء والخوف وغيرهما عبادات لانه اذا لم يقم دليل على كون الشيء عبادة من العبادات فانه لا يتقرب الى الله سبحانه وتعالى به. والقاعدة الكلية ان ما ذكر في كلام امام الدعوة من العبادات قد اقترن به دليل من الادلة الدالة على كونه عبادة بوجه من الوجوه فمن ذلك الامر به. كحديث اذا استعنت فاستعن بالله. ومنها تعليق عليه كما قال تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. ومنها مدح فاعله كما في قوله تعالى يوفون بالنذر ومنها الوعيد على من صرفه لغير الله كما في قوله لعن الله من ذبح لغير الله فاهم ما ينبغي ان تفهمه الطالب فيما سبق من هذه العبادات ادراك شيئين اثنين احدهما حقائق هذه العبادات والثاني معرفة كيفية دلالة الدليل على ان هذا عبادة دون غيره. فقول المصنف مثلا ودليل الانابة قوله تعالى وانيبوا الى ربكم واسلموا له دلت على ان الانابة عبادة للامر بها. وقوله ودليل الخوف قوله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. دلت هذه الاية على ان الخوف عبادة للامر به وتعليق الايمان عليه. فاذا فهمت هذا فاذا فهمت هذا وعرفت ان اولى ما ينبغي ان تعتني به فيما سبق معرفتك لحقيقة العبادة وكيفية دلالة الدليل المذكور على كونه عبادة فاعتبر هذا في تصرف شراح ثلاثة الاصول. فان العناية برعاية هذا الاصل مما قل في كلام كثير منهم لان الانشغال بشيء فوق المقصود يضيعه فالانشغال بتفسير للاية كلها او بيان وجوه اعرابها او غير ذلك غير مقصود في تصنيف هذا الكتاب لانه في الاصل موضوع في الابتداء فمثل هذا لا يناسب بل يضيع به المقصود وهو بيان حقيقة العبادة وكيفية كون ما ذكر هو من العبادات بدليله. نعم. الاصل الثاني معرفة دين الاسلام بالادلة وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة والخلوص من الشرك واهله. وهو ثلاث مراتب الاسلام الايمان والاحسان فكل مرتبة لها المصنف هنا الاصل الثاني وهو معرفة دين الاسلام بالادلة دين يطلق في الشرع على معنيين اثنين. احدهما عام وهو ما انزله. الله على الانبياء لتحقيق عبادته والاخر خاص وهو التوحيد. والاسلام الشرعي له احدهما عام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله. والاخر خاص وله معنيان ايضا الاول الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم. ومنه حديث بني الاسلام على خمس. فالمراد بالاسلام هنا الدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم. وحقيقته استسلام الباطن والظاهر لله تعبدا بالشرع الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم في مقام المشاهدة او المراقبة. والثاني الاعمال الظاهرة وهذا هو المعنى المقصود بالاسلام اذا قرن مع الايمان. فان الاسلام اذا قرن من ايمان والاحسان صار المراد به الاعمال الظاهرة. والاسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم له ثلاث مراتب كما ذكر المصنف. الاولى مرتبة الاعمال الظاهرة وتسمى الاسلام والثانية مرتبة الاعتقادات الباطنة وتسمى الايمان. والثالثة مرتبة اتقانهما. وحقيقتها عبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة وتسمى الاحسان. والواجب من هذه المراتب يرجع الى ثلاثة اصول. ومن اهم مهمات الديانة معرفة الواجب عليك في ايمانك واسلامك واحسانك. فالاصل الاول الاعتقاد. والواجب اجبوا منه معرفة كونه مطابقا للحق في نفسه اصول الايمان الستة وهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشبه كما سيأتي والثاني الفعل والواجب فيه معرفة موافقة حركات العبد الاختيارية ظاهرا وباطنا للشرع امرا واباحة وهذا ينقسم الى قسمين اثنين. احدهما فعله مع ربه. وجماعه شرائع اسلام الظاهرة اللازمة له كالطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج وتوابعها وشروطها والاخر فعله مع الخلق وجماعه علم احكام المعاشرة والمعاملة مع الخلق كافة والثاني الترك والواجب فيه معرفة موافقة الكف والسكون لمرضاة الله اجماعه المحرمات الخمس التي اتفقت عليها الملل جميعا وهي الفواحش والاثم والبغي تلك والقول على الله سبحانه وتعالى بلا علم. وتفصيل جمل المقادير ازمة من كل اصل من هذه الاصول مما يختلف فيه الناس. ومن احسن من تكلم فيه ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة. فهذه الاقدار التي ذكرت لك من الاعتقاد والفعل والترك هي الاقدار لازمة لك الواجبة عليك في اسلامك وايمانك واحسانك. فلابد ان تعيها فانها من اهم العلم. وقد بسطنا ما يحتاج اليه على الوجه المناسب في الاملاء المأمول على شرح ثلاثة الوصول للشيخ بن باز رحمة الله عليه وقد تقدم في الدروس نعم. وكل مرتبة لها اركان فاركان خمسة والدليل من السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والدليل قوله كل مرتبة من مراتب الدين الثلاث لها اركان فاركان الاسلام خمسة هي المذكورة في حديث ابن عمر المتفقة عليه واورده المصنف. واركان الايمان ستة وهي ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. وستأتي في كلام المصنف واركان الاحسان اثنان احدهما ان تعبد الله والثاني ان يكون ايقاع تلك العبادة على مقام المشاهدة او المراقبة نعم والدليل قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام وقوله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فان يقبل منه وهو في الاخرة الخاسرين ودليل الشهادة قوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ومعنىها لا معبود بحق الا الله لا اله نافيا جميع ما يعبد من دون الله الا الله مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته. كما انه لا شريك له في ملكه. وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي خطاني الاية. فقوله قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله قل اشهدوا باننا مسلمون. ودين شهادة ان محمدا رسول الله قوله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما علمتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. وبعد شهادة ان محمدا رسول الله طاعته فيما امر تصديقه فيما اخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر والا يعبد الله الا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة الصيام قوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون الحج قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين لما بين المصنف رحمه الله دين الاسلام ومراتبه واركانه قال والدليل قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام اي الدليل على ان الدين الذي يجب اتباعه هو الاسلام قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام وقوله ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن وهو في الاخرة من الخاسرين. ثم سرد اركان الاسلام مقرونة بادلتها. والشهادة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة. والصلاة التي هي ركن من اركان الاسلام هي صلاة اليوم والليلة وهي الصلوات الخمس لان النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح قال خمس ذوات في اليوم والليلة فلو قيل بوجوب صلاة زائدة عليهن كقول من يقول من الفقهاء بوجوب العيد او الكسوف فانها لا تكون داخلة في جملة حقيقة الصلاة التي هي ركن من اركان الاسلام. والزكاة التي ركن من اركان الاسلام هي الزكاة المفروضة المعينة في الاموال. والصيام الذي هو ركن من اركان هو صوم رمضان والحج الذي هو ركن من اركان الاسلام هو حج الفرض في العمر مرة واحدة وقول المصنف رحمه الله تعالى في معنى شهادة ان محمدا رسول الله والا يعبد الله الا بما شرع من الذي شرع اذا كيف يكون الكلام احسنت بالظمير الا بما شرعه. فالظمير المستتر في قول المصنف والا يعبد الله الا بما شرع. الظمن المستتر فيه عائد على الاسم الاحسن الله لا الى الرسول صلى الله عليه وسلم. فتقدير الكلام وان لا يعبد الله الا بما شرعه الله لا بما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم. لان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له حق الشرع. وانما حق خاص بالله عز وجل لا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره ولذلك لا يقال قال الشارع على ارادة لغير الله ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقال المشرع ولا المجلس التشريعي لان هذا مشاحة لله في حق متمحض له. وهو الشرع. والدليل على هذا ان تتبع القرآن والسنة دل على ان فعل لم يأتي مضافا الا الى الله. فلما طرد هذا في خطاب الشرع علم ان الطرد لنكتة اقتضت ذلك وهو تحقيق ان الشرع انما يكون وضعه لله فلا يكون لاحد سواه. من يذكر الابيات التي في هذا المعنى قال منشدكم والشرع حق الله دون رسوله. والشرع حق الله دون رسوله بالنص اثبت لا بقول فلان. بالنص اثبت لا بقول فلان اوما رأيت الله حين اشاده ما جاء في الايات ذكر الثاني اوما رأيت الله حين اشاده ما جاء في الايات ذكر الثاني وجميع صحب محمد لم يخبروا شرع الرسول وشاهدي برهاني. وجميع صحب محمد لم يخبروا شرع الرسول وشاهد برهانه معنى الكلام ان النصوص دلت على هذا من وجهين احدهما ان الله عز وجل لما ذكر هذا الفعل لم يظفه الى غيره الى الرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن من دونه. والثاني ان جميع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر احد منهم قط بقوله شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول المصنف رحمه الله ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد استطراد اهتمام بمقام التوحيد والا فان الاستدلال في سياق اركان الاسلام. نعم. المرتبة الثانية الايمان وهو بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان واركانه ستة ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره كله من الله. والدليل على هذه الاركان الستة قوله تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين ودليل القدر قوله تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر. الايمان في الشرع له احدهما عام وهو الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم. وحقيقة التصديق الجازم بالله. باطنا وظاهرا تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة والثاني معنى خاص وهو الاعتقادات الباطنة وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان. والايمان بضع وسبعون بضع وستون شعبة. اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. كما ثبت ذلك في الصحيحين. واختلف له في عد شعب الايمان فوقع عند البخاري بضع وستون وعند مسلم بضع وسبعون والمحفوظ هو لفظ البخاري فشعب الايمان بضع وستون شعبة. والمراد بشعب الايمان خصاله واجزاؤه جامعة له ومنها قولي فلا اله الا الله في قول لا اله الا الله ومنها عملي كاماطة الاذى عن الطريق ومنها قلبي كالحياء وقد جمعت انواع الشعب الايمان في الحديث المذكور. والايتان المذكورتان في كلام المصنف اللتان على اركان الايمان الستة ولم يأتي الايمان بالقدر في القرآن قط مقرونا بالاركان الخمسة بل جاء مفردا تعظيما لشأنه. وكأن فيه اشارة الى فتنته. فاول فتنة وقعت في الامة الاسلامية في اركان الايمان من جهة باب القدر. فكانت فتنة القدر اول الفتن التي وقعت فيما يتعلق بحقيقة الايمان. ورأس ما ينبغي تعلمه فيما يتعلق باركان الايمان الستة معرفة بقدر الواجب المجزئ من الايمان بكل ركن مما هو واجب على كل عبد ابتداء مما لا يسعه جهله. وهذه المسألة مع جلالتها قل من ينبه اليه. فانه وثم قدر من كل ركن من اركان الايمان يجب ان تعلمه لتصحح ايمانك فيضطرد هذا في الايمان بالله والايمان بالملائكة الى اخر الاركان. ونذكر نحن على ما يناسب هذا المحل هذا هذه الاقدار فنقول القدر المجزئ الواجب من الايمان بالله هو الايمان به ربا موجودا معبودا له الاسماء الحسنى والصفات العلى متنزها عن العيوب والنقائص. والقدر المجزئ من الايمان الملائكة هو الايمان بانهم عباد مكرمون. من خلق الله وان منهم من ينزل بالوحي على انبيائه. والقدر الواجب المجزئ من الايمان بالكتب هو الايمان لان الله انزل على من شاء من الرسل كتبا هي كلامه. ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه وكلها منسوخة بالقرآن. والقدر المجزئ من الايمان بالرسل هو الايمان بان الله ارسل الى الناس رسلا منهم. ليأمروهم بعبادة الله وان خاتمهم هو محمد صلى الله عليه وسلم. والقدر المجزئ من الايمان باليوم داخل هو الايمان بالبعث في يوم عظيم هو يوم القيامة. هو الايمان بالبعث في يوم عظيم هو يوم القيامة لمجازاة الخلق. فمن احسن فله الحسنى ومن اساء فله ما عمل والقدر المجزئ من الايمان بالقدر هو الايمان بان الله قدر كل شيء من خير وشر. ولا يكون شيء الا بمشيئته وخلقه فهذه الجملة هي عمود الاقدار الواجبة المجزئة من الايمان بكل ركن من هذه الاركان ابتداء فما زاد عنها فاما ان يكون واجبا باعتبار بلوغ الدليل او لا يكون واجبا فاذا اريد بيان هذه الجملة قيل ان القدر الواجب المجزئ من الايمان بالملائكة والايمان بانهم عباد مكرمون من خلق الله ومنهم من ينزل بالوحي على انبيائه فاذا قيل لعامي ما الملائكة فقال كيت وكيت وذكر معنى غير المعنى المتقرر بان قال مثلا الملائكة هي الاجرام السماوية التي نراها. فهذا كافر خارج من الملة وكفره راجع الى الناقض العاشر وهو الاعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به. فانه طبعا اصل الدين الذي يلزمه ابتداء. فاذا سئل عن الملائكة فقال الملائكة من خلق الله جعلهم يبلغون الرسالة الى الانبياء صار ايمانه بالملائكة صحيحا فاذا قيل له جبريل منهم؟ قال لا ادري. لم يكن ذلك قادحا في اصل ايمانه. فاذا قرئت عليه الايات التي فيها ذكر جبريل صار ايمان بعد بلوغ الدليل واجبا واذا انكره كفر. فان قيل له الملائكة يموتون ام لا يموتون؟ فقال لا اعرف هذا. فذكرت له الادلة واختلاف اهل العلم في ذلك. فقال لا اعرف هذا. لم يكن ذلك مما يقدح في ايمانه ابدا. لان هذه المسألة ليست مما يجب في الايمان بالملائكة ادان ولا ما يجب باعتبار بلوغ الدليل بل هي من مضايق النظر التي اختلف فيها اهل العلم رحمهم الله تعالى وقل مثل هذا في كل باب من ابواب الايمان الستة المذكورة. وهذه المسألة مسألة عظيمة ينبغي ان يحفظها طالب العلم وان يفهمها حتى اذا بين الايمان للناس يبين القدر الذي يصحح ايمانه ابتداء بعد ذلك فانه يتعلق بالدليل. وتجد من الناس من يشتغل ببيان ما فوق القدر الذي يصحح ايمانه ويغفل عن القدر الواجب. فالناس اليوم مثلا يتكلمون كثيرا في مسائل الارجاء. ولو ان جمعت اكثر المتكلمين في هذه المسألة وسألتهم عن الاقدار الواجبة في الايمان لحاروا. وكأن هذه المسألة تطرق اسماعهم اول مرة مع انها من الاصول التي ينبغي فهمها ويلزم العلم بها لكن الناس لما خرجوا عن جادة العلم فشغلوا بالظواهر دون فهم للحقائق صاروا يجهلون المهمات ويشتغلون بغيرها. والامر كما قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى من اشتغل المهم اضر بالمهم. فاذا اشتغل المرء بمسائل لا تلزمه. اضرته في المسائل التي تلزمه واعتبر هذا في نفسك. فانظر علمك بهذه الاقدار الواجبة اللازمة لك وادراكك لهذا المعنى وشهوده في نفسك. ومن لا يزال يرقيه الله في كمالات العلم والمعرفة تهون عليه قولة ابي العباس ابن تيمية الحفيد اذا اثني عليه في اخر عمره فكان يقول اني لا ازال اجدد اسلامي. لان معارف الدين كلما اوغل الانسان فيها كلما عرف جهله لانها تتعلق بمعرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة الله عز وجل لا تنتهي الى حد محدود نعم. المرتبة الثالثة الاحسان ركن واحد وهو ان تعبد الله وحده كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك والدليل قوله تعالى وان يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وقوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه وقوله تعالى وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلب في الساجدين انه هو السميع العليم. وقوله وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه. ذكر المصنف رحمه الله المرتبة الثالثة من مراتب الدين. وهي الاحسان والمراد به هنا الاحسان مع الخالق. وله اطلاقان الاول عام وهو الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم. وحقيقته اتقان الباطن والظاهر لله تعبدا بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم في مقام المشاهدة او المراقبة. والتاني وهو اتقان الاعتقادات الباطنة والاعمال الظاهرة. وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الاحسان بالايمان والاسلام. والقدر المجزئ من الاحسان مع الخالق. في حكمه القدري التجمل بالصبر على الاقدار بلا تسخط ولا جزع. وفي حكمه الشرعي فعل الواجبات وترك المحرمات. وقول المصنف رحمه الله تعالى الاحسان ركن واحد اي شيء واحد كما نص عليه ابن قاسم في حاشية ثلاثة الاصول وهو متعين لتوجيه كلامه اذ حقيقة الركن لا تصدق عليه. قد ذكرنا فيما سبق ركني الاحسان. والادلة التي اوردها المصنف على مرتبة الاحسان مصرحة بمدح المتصف به في الايتين الاوليين في قوله وهو محسن وفي قول والذين هم محسنون ومصرحة بمقام المراقبة في الايتين الاخيرتين في قوله الذي يراك حين تقوم وقوله الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه. ومعنى تفيضون فيه شرعتم تعملون فيه ودخلتم به اما قوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه فوجه الدلالة فيها هو ذكر التوكل المشتمل على فهو ذكر التوكل المشتمل على تفويض الامر الى الله. وانما يفوض الامر الى الله من عبده مشاهدا او مراقبا. فان لم يكن عابدا لله على مقام المراقبة او المشاهدة لم يكن مفوضا لله وهذه حقيقة الاحسان. نعم. والدليل من السنة حديث جبرائيل عليه السلام عليه السلام المشهور عن عمر رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا وعليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد. فجلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسد ركبتيه الى ركبتيه. فوضع كفيه على فخذيه فقال يا يا محمد اخبرني عن الاسلام فقال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتفج البيت ان استطعت اليه سبيلا. فقال صدقت فاجبنا له يسأله ويصدقه. قال اخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره. قال صدقت قال اخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. قال صدقت. قال فاخبرني عن الساعة. قال من المسؤول عنها باعلم من السائل؟ قال اخبرني عن اماراتها. قال ان تلد ربت ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة دعاء الشاة يتطاولون في البنيان. قال فمضى فلبسنا من يا. فقال صلى الله عليه وسلم فيا عمر اتدري من السائل؟ قلنا الله ورسوله اعلم. قال هذا جبريل اتاكم يعلمكم امر دينكم. هذا حديث عظيم مخرج في المسند الصحيح لمسلم من حديث عمر رضي الله عنه قد ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الدين الاسلامي الاسلام والايمان والاحسان. ثم سماهن صلى الله عليه وسلم دينا بقوله في اخره يعلمكم امر ففيه بيان مراتب الاسلام وهن الثلاث فيه بيان مراتب الدين وهن الثلاث المذكورات قوله اماراتها بفتح اوله جمع امارة وهي العلامة وقوله رعاء لكسر لاوله جمع راع وقوله رضي الله عنه فلبثنا مليا اي زمنا طويلا. وصح انهم لبثوا ثلاثة ايام. نعم. الاصل معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم. وهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش. وقريش من العرب والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام النبي في الشرع يطلق على معنيه اثنين احدهما عام وهو رجل انسي حر اوحي اليه وبعث في قوم رجل انسي حر اوحي اليه وبعث في قوم فيندرج فيه الرسول والاخر خاص وهو رجل حر انسي اوحي اليه وبعث الى قوم موافقين. وقد سبق ان ان الاصل الاول وهو معرفة الرب منه قدر واجب يرجع الى اربعة اصول وان معرفة الدين منها قدر واجب يرجع في الاسلام الى ثلاثة اصول وفي الايمان الى اقدار في كل ركن من الاركان ثم عرفت ان من الاحسان قدر واجب مجزئ وكذلك معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم منها قدر متعين على كل احد لا يصح دينه الا به والواجب من معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم على الاعيان اربعة امور. اولها معرفة اسمه محمد دون جر نسبه. فالواجب على كل احد من المسلمين ان الذي ارسل الينا اسمه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر المصنف هنا نسبه مسلسلا بالاباء الى جد ابيه هاشم. ثم اقتصر على معاقده فقال وهاشم من قريش وقريش من العرب ووقع له في رسالة الاصول الثلاثة زيادة بيان فقال وقريش من كنانة وكنانة من ولد اسماعيل ورسالة الاصول الثلاثة غير كتاب ثلاثة الاصول وادلتها الذي بايديكم. فان رسالة الاصول الثلاثة رسالة وجيزة مختصرة اشتملت على مقاصد هذا الكتاب وقد طبق قديما مفردة في الطبعة الهندية لمجموعة التوحيد. ولم يزل علماء الدعوة الاصلاحية على ادراك هذا الفرق بينهما وان ثلاثة الاصول وادلتها كتاب والاصول الثلاثة كتاب اخر فالاول وهو ثلاثة الاصول وادلتها موضوع للمتعلمين والاصول الثلاثة موضوعة للعوام لهذا كانوا يعتنون بمشيها وتعليمها والتذكير بها. والثاني من القدر المتعين على كل احد بمعرفة الرسول معرفة انه عبد الله ورسوله. لم يكن ملكا من ملائكة السماء ولا ملكا من ملوك الارض بل كان بشرا اختاره الله واصطفاه وفضله بالرسالة. والثالث معرفة انه جاءنا بالبينات والهدى ودين الحق والرابع مريسة ان الذي دل على صدقه وثبتت به رسالته هو كتاب الله فهذه الامور الاربعة لابد منها في معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وجوبا على كل احد من المسلمين ولاجل ما مضى من بيان الاقدار الواجبة فان كتاب ثلاثة اصول اشق فهما وادراكا من كتاب التوحيد كما عليه الناس اليوم من العكس لانهم يشتغلون في كتاب التوحيد بتفسير الاية كاملة شرح شرح الحديث كاملا فيغردون خارج السرب كما يقول الادباء. فيصير الشرح الموظوع عليه كبيرا اكثره مباحث عن التوحيد. واما ثلاثة الاصول فانها موضوعة لتقرير اصل الدين وكل الكلام الذي مضى هو خلاصة الخلاصة في شرح هذه الخلاصة. والا فان تطويل كلامي عليها له مد طويل. فاذا رأيت شدة ما فيه من الخلاصة علمت قدر هذا الكتاب انه اولى بالدرس والرعاية والعناية والتكرار وعقل معاقد ما فيه من كتاب التوحيد لانه يشتمل على تقرير ما يجب عليك من دينك في معرفة الله ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة دين الاسلام لكن لما كان اكثر الخلق في غفلة عن ادراك هذا صارت ثلاثة اصول سهلة عندهم واذا شئت ان تعرف فخذ هذا الكلام الذي ذكرته لك في الاقدار الواجبة وانظر من ذكره في شرحه. لا اقول وهذا ممدحة لكلامي. ولكن تعريفا لك. بانك يجب ان تدرك اهم ما ينبغي عليك ان به فالذي ينبغي ان تعتني به اكثر هو معرفة الاصول الثلاثة لانها معرفة المعبود وهو الله ومعرفة المبلغ عن المعبود وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومعرفة المبلغ الذي هو كيفية العبادة اعني دين الاسلام وهذه المسألة وهي معرفة الاقدار الواجبة استفدتها من احد العلماء المحققين وهو ابو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى في كتاب التحذير من النار والتعريف بدار البوار فان انه ذكر القدر الواجب من الخوف فبين ان الخوف له قدر واجب في كتاب استنشاق نسيم الانس ان معرفة ان المحبة ليست محبة الله ليس منها قدر واجب تنتهي اليه وهي مختصة بذلك دون سائر العبادات. هذا يدلك على ان المسائل لها مآخي ويجب ان ان تعقلها لانها اذا نقصت عن القدر الواجب اضرت واذا زادت عن القدر الواجب اضرت فمثلا الخوف كما ذكر ابن رجب اذا نقص عن القدر الواجب وقع الانسان في المعاصي. وهتك الاستار واذا زاد عن القدر الواجب اورث العبد واليأس من رحمة الله فلا بد من ادراك القدر الواجب والعمل به. وهذا هو الذي يراد منك ان تعرفه حين تقرأ هذا الكتاب ان تتعلم القدر الواجب عليك بهذه الاصول العظيمة وان تتعبد الله سبحانه وتعالى بها. نعم. وله من العمر ثلاث وستون سنة منها اربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون نبيا رسولا. نبئ باقرأ وارسل بالمدثر وبلده مكة. قوله رحمه الله الله نبئ باقرأ وارسل بالمدثر اي ثبتت له النبوة بانزال سورة اقرأ سورة العلق عليه واولها قوله تعالى اقرأ لانه لما ابتدي صلى الله عليه وسلم بها كان ذلك ايذانا بابتداء وحي البعث. ووحي البعث منه وحي نبوة ومنه وحي رسالة. فلما انزلت عليه سورة العلق ثبت له صلى الله عليه وسلم وحي بعت في اقل مراتبه وهو النبوة ثم لما انزلت عليه سورة المدثر صار بعثته صلى الله عليه بعثة رسالة فانه ارسل الى قوم مخالفين. فارتقى من رتبة النبوة الى رتبة الرسالة. وهذا معنى كلام المصنف نبئ به اقرأ وارسل بالمدثر. نعم. بعثه الله بالنداء عن الشرك ويدعو الى التوحيد. والدليل قوله تعالى يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر. والرز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر. ومعنى فانزل ينذر عن الشرك ويدعو الى التوحيد. وربك فكبر اي عظمه بالتوحيد. وثيابك فطهر اي طهر اعمالك عن الشرك الرشد الاصنام وهجرها تركها تركها واهلها. والبراءة منها واهلها وعداوتها واهلها وفراقها واهلها. اخذ المقصود من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم امران الاول النذارة عن الشرك لفظ الانذار مشتمل على التحليل والترهيب. والثاني الدعوة الى التوحيد ولفظ الدعوة مشتمل على الطلب والترغيب. والدليل قوله تعالى قم فانذر وربك فكبر. فقوله قم فانذر دال الاول. وقوله وربك فكبر دال على الثاني. وفسر المصنف رحمه الله تعالى قوله وثيابك فطهر بقوله اي طهر اعمالك عن الشرك. وعليه اكثر السلف كما حكاه ابن جرير الطبري اية تعم الاعمال واللباس. والسياق يدل على الاول وهو تفسيرها بالاعمال. ثم ذكر اصول هجر الاصنام وهي تعم ما يتخذ من الالهة دون الله. فهجر المعبودات من دون الله من الاصنام وغيرها يقوم على اصول الاول تركها وترك اهلها والثاني فراقها وفراق اهلها. وهذا قدر زائد عن الترك لان المفارق مباعد. والثالث البراءة منها ومن اهلها. والرابع عداوتها وعداوة اهلها. وفيه زيادة على سابقهم باظهار العداوة لان المتبرأ قد يعادي وقد لا يعادي. نعم. اخذ على هذا عشر سنين الى التوحيد وبعد وبعد العشر عرج به الى السماء. وفرضت عليه الصلوات الخمس وصلى في مكة ثلاث سنين وبعدها امر بالهجرة الى المدينة رحمه الله عرج به الى السماء فان صعد به ورفع اليها. وكان معراجه بعد الاسراء به الى بيت المقدس نعم. والهجرة فريضة على هذه الامة من بلد الشرك الى بلد الاسلام وهي باقية الى ان تقوم الساعة. والدليل وقوله تعالى ان الذين توفاهم الملائكة ظالمين انفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا. الا المستضعفين من والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. فاولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله عفوا والمأثورة وقوله تعالى يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة فاياي فاعبدون. قال البغاوي رحمه الله تعالى سبب نزول في هذه الاية للمسلمين الذين بمكة لم يهاجروا ناداهم الله باسم الايمان. والدليل على الهجرة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها. الهجرة شرعا ترك ما يكرهه الله ويأبى الى ما يحبه ويرضاه. ترك ما يكرهه الله ويأباه الى ما يحبه ويرضاه وهي ثلاثة انواع احدها ترك المعاصي والسيئات وثانيها مفارقة الدار والتحول عنها الى غيرها. والثالث مجانبة من يؤمر بهجره. من المبتدعة والفساق فالاول هجرة عمل السوء. والثاني هجرة داره. والثانية هجرة اصحابه اي هجرة فاعل السوء. والهجرة من بلد الشرك الى بلد الاسلام فريضة على الامة في حق من كان قادرا عليها غير متمكن من اظهار دينه. فهي واجبة عليه اذا اجتمع الشرطان واولهما عدم القدرة على اظهار الدين. والثاني القدرة على الخروج من بلاد كفر. ومن لا يكون قادرا فانه يعذر بعجزه. ومن كان متمكنا من اظهار دينه فالهجرة في حقه مستحبة. واظهار الدين هو اعلان شعائره وابطال دين المشركين. كما ذكره جماعة من المحققين منهم اسحاق بن عبدالرحمن بن حسن ومحمد بن ابراهيم ال الشيخ وعبدالرحمن بن ناصر السعدي. وهذا امر فان الانسان لا يكون مظهرا دينه في بلاد الشرك بفعل شعائر الاسلام فقط. بل لا بد من عيب دين المشركين وبيان بطلانه. اما الاقامة بين اظهرهم بفعل الصلاة والزكاة والصيام وغيرها من الشعائر دون الصدع ببطلان دينهم ان هذا لا يتحقق به معنى الاظهار. وما بلي به الناس اليوم من اتخاذ دار الكفر دارا للاقامة او مأوى للبعثات العلمية هو مصداق ما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابو داوود والترمذي بسند صحيح من حديث ثوبان واصله في مسلم ولا تقوم الساعة حتى يلحق فئام من امتي بالمشركين. ومعنى يلحق ان ينتقلون من بلاد للاسلام الى بلادهم. ومن العجب العجاب ان يوجد هناك دعوة اسلامية تقتصر على بيان محاسن الدين فقط. وليست هذه دعوة اسلامية منسوبة الى الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. فالدعوة الاسلامية التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم لابد ان تشتمل على شيئين اثنين احدهما بيان محاسن الدين الذي جاء به. وثانيهما بيان قبائح الاديان الباطلة من اديان المشركين فان لم تكن كذلك فانها بمنأى عن حقيقة الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. فالذي يسكت عن دينهم فضلا عن من يقبل باطلهم لا يكون قادرا على اظهار دينه. لكن الذي يصرح ببطلان دينهم فهذا يكون قد اظهر دينه. فاذا وجد من يبين فساد دينهم ويعيب طريقتهم وهو بين اظهرهم فهذا قد اظهر دينه. والحديث الذي ذكره المصنف رواه ابو داوود وغيره وهو حديث حسن وفيه شاهد لقوله وهي باقية الى ان تقوم الساعة. لان انقطاع الهجرة علق من قطاع توبة ولا تنقطع التوبة الا طلوع الشمس من مغربها اذا قامت الساعة. نعم. فلما استقر بالمدينة امر فيها ببقية شرائعه الاسلام مثل الزكاة والصوم والحج والاذان والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شرائع الاسلام. اخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باق. وهذا دينه لا خير الا دل الامة عليه ولا شر الا حذرها عنه. والخير الذي دل عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها عنه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأبه. بعثه الله الى الناس وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والانس. والدليل قوله تعالى قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا. واكمل الله له الدين والدليل قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. قوله رحمه الله بعثه الله الى الناس كافة اي من الجن والانس. لان اسم الناس يشمل هؤلاء وهؤلاء. فهو مأخوذ من النوص وهي الحركة والاضطراب. وقد بينه المصنف بقوله وافترض طاعته على جميع تقارير الجن والانس. فاسم يشمل الانس والجن جميعا. نعم. والدليل على موته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون. والناس اذا ماتوا يبعثون والدليل قوله تعالى منها خلق وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى. وقوله تعالى والله انبتكم من الارض نباتا. ثم يعيذكم فيها يخرجكم اخراجا وبعد البعث محاسبون ومجزيون باعمالهم والدليل قوله تعالى ولله ما في السماوات وما في الارض ليجزين الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى. ومن كذب بالبعث كفر والدليل قوله تعالى زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا والبلاء وربي لتبعثن ثم لتنبؤ قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم ذلك على الله يسير في الشرع هو قيام الخلق. اذا اعيدت الارواح الى الابدان بعد نفخة الصور والحساب في الشرع هو عد اعمال العبد يوم القيامة نعم. وارسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين ان لا يكن الا سعر الله حجة بعد الرسل. واولهم نوح واخرهم محمد عليهم الصلاة والسلام. وهو خاتم النبيين بعده والدليل قوله تعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. والدليل على ان نوحا قوله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. دلالة الاية على ما ذكره المصنف من اولية نوح بالرسالة هو ان ابتداء الايحاء كان الى نوح بتقديمه على غير اذ قال الله كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. فقدم على غيره من النبيين لتقرير انه مقدم في الايحاء اليه والايحاء الذي قدم فيه نوح عليه الصلاة والسلام هو ايحاء الرسالة. اما ايحاء النبوة فقد تقدمه ادم عليه الصلاة والسلام بلا خلاف. فيكون الدليل مطابقا لما ذكر على الوجه الذي بيناه وان المقصود في قول الله عز وجل كما اوحينا الى نوح يعني ايحاء الرسالة. اما ايحاء النبوة فقد تقدم بالبعثة فيه ادم عليه صلاة والسلام واصلح من هذه الاية دلالة على المقصود حديث انس ابن مالك الطويل في الشفاعة وفيه ان ادم عليه الصلاة والسلام اذا اتاه الناس فسألوه الشفاعة عند الله قال ائتوا ائتوا نوحا فانه اول رسول ارسله الله الى اهل الارض. نعم. فكل امة بعث الله اليها رسولا من نوح الى محمد عليهما الصلاة والسلام يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت والدليل قوله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله الطاغوت وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والايمان بالله. قال ابن القيم رحمه الله تعالى ومعنى الطاغوت ما تجاوز به حده من معبود او متبوع او مطاع. والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة. ابليس لعنه الله. وهو من عبد وهو راض ومن ادعى شيئا من علم الغيب ومن دعا الناس الى عبادة نفسه ومن حكم بغير ما انزل الله. والدليل قوله تعالى لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيب فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. وهذا هو معنى لا اله الا الله وفي الحديث رأس الامر للاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم لم دعوة الانبياء والمرسلين تجتمع في عصرين عظيمين. احدهما الامر الله وحده المتضمنة للنهي عن الشرك. وهذا مذكور في قوله تعالى ان اعبدوا الله. والاخر النهي عن عبادة الطاغوت المتضمن العامد بالكفر به. وهذا مذكور في قوله تعالى واجتنبوا الطاغوت والطاغوت له معنيان احدهما خاص وهو الشيطان. فاذا في القرآن كان هو المراد دون بقية افراده. كما قال الله سبحانه وتعالى والذين كفروا يقاتلون في سبيل ايش؟ الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان فسر الطاغوت بالشيطان. والاخر معنى عام. وهو المراد في القرآن اذا جمع فعله ومنه قوله تعالى والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت ثم قال يخرجونه من الظلمات الى يخرجونهم من النور الى الظلمات دل على تعدد الطواغيت ها هنا. واحسن ما قيل في حده باعتبار المعنى العام ما نقله المصنف عن ابن القيم في اعلام الموقعين فان هذا احسن حد قيل فيه كما صرح به ابن حسن في فتح المجيد وجماع انواع الطواغيت ثلاثة. فاولها طاغوت عباده. وثانيها الطاغوت طاعة الطاغوت اتباع وثالثها طاغوت طاعة. ذكر هذا سليمان بن سحمان رحمه الله. والغيب الذي يعد مدعيه طاغوتا هو الغيب المطلق الذي لا يعلمه الا الله اما الغيب النسبي الذي يعلمه احد دون احد من الخلق فليس هذا مقصودا في قول المصنف ومن ادعى شيئا من علم الغيب بل المقصود في الغيب هنا الغيب المطلع. ومعنى لا انفصام لها اي لا انقطاع لها وبهذا ينتهي شرح الكتاب على نحو مختصر يفتح موصده ويبين مقاصده. اللهم انا نسألك علما في يسر خصوصا في علم وبالله التوفيق. وبه نكتة في هذه الليلة. فان العلم له ثقل ولابد من رعايته كتاب القواعد الاربعة ان شاء الله تعالى يكون بعد كتاب التوحيد. فان كتاب التوحيد قدرناه في يومين وان شاء الله تعالى يكون انهاؤه قبل تمام اليومين. فغدا نبتدأ ان شاء الله تعالى بكتاب التوحيد بعد صلاة الفجر والاصل ان يكون الدرس ساعتين ونصف. بخلاف يوم الجمعة فان يوم الجمعة يقصر فيه الدرس الى ساعة ونصف رعاية ليوم الجمعة ونختم ان شاء الله تعالى كتاب التوحيد قبل نهاية اليوم فنقرأ القواعد الاربع بعده. فاحضروها معكم والله الموفق لما يحب ويرضاه والحمد لله رب العالمين