السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين اكرا بلا حرج والصلاة والسلام على محمد المبعوث الحنيفية السمحة دون عوج وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج. اما بعد فهذا شرح كتاب التاسع من المرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته الثانية. وهو كتاب العقيدة وهوية للحافظ ابي جعفر احمد ابن محمد الطحاوي النصري رحمه الله على رحمة واسعة وهو الكتاب التاسع في التعداد العام لكتب البرنامج. نعم. احسن الله اليك اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال الحافظ ابو جعفر احمد بن محمد الطحاوي رحمه الله تعالى نشهد التسمية والحمد لله. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال الحافظ احمد وقال الحافظ احمد بن محمد الطحاوي رحمه الله تعالى ذكر بيان عقيدة اهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة ابي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ابي يوسف يعقوب ابن ابراهيم الانصاري وابي عبدالله محمد ابن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم اجمعين ما يعتقدون من اصول الدين ويدينون به رب العالمين. تقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله ان الله واحد لا شريك له ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ولا اله غيره. قديم بلد دائم بلا انتهاء. لا يفنى ولا يبيد ولا يكون الا ما يريد. لا تبلغه الاوهام ولا تدركه الافهام ولا يشبهه الانام حي لا يموت قيوم لا ينام. خالق بلا حاجة رازق بلا مؤمنة مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة. ما زال بصفاته قديما قبل خلقه ان لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته. وكما كان بصفاته ازليا كذلك لا يزال وعليها ابديا. ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا باحداثه البرية استفاد اسم البارئ له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق. وكما انه محي الموتى بعد يستحق هذا الاسم قبل احيائهم كذلك استحق اسم الخالق قبل انشائهم. ذلك بانه على كل شيء قدير وكل شيء اليه فقير وكل امر عليه يسير لا يحتاج الى شيء. ليس كمثله شيء وهو السمير البصير. خلق الخلق بعلمه وقدر لهم اقدارا وضرب لهم اجالا ولم يخفى عليه شيء قبل ان يخلقهم. وعلم ما هم عاملين قبل ان يخلقهم. وامرهم بطاعته ونهاهم عن ناصيته وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته ومشيئته تنفذ لا مشيئة للعباد الا فما شاء لهم فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا. وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدمه. وهو متعال عن الاضجاد والانداد لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لامره امنا بذلك كله وايقظنا ان كلا ممن عنده وان محمدا عبده المصطفى ونبيه ورسوله المرتبط وانه خاتم الانبياء وامام الاتقياء وسيد المرسلين وحبيب وكل دعوى النبوة بعده فغير وهوى وهو المبعوث الى ائمة الجن وكافة وراء بالحق والهدى وبالنور والضياء. واما القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا وانزله على رسوله وحيا وصدقه المؤمنون على ذلك حقا. وايقنوا انه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم انه كلام البشر فقد كفر ذمه الله وعابه واوعده بسقر حيث قال تعالى ساصليه سقر فلما وعد الله لمن قال ان هذا الا قول البشر علمنا وايقنا انه قول خالق البشر ولا قول البشر ومن وصف الله بمعلم من معاني البشر فقد كفر فمن ابصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار زجر وعلم انه بصفاته ليس كالبشر. والرؤية حق لاهل الجنة غير احاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة وتسير على ما اراده الله تعالى وعلمه. وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال ومعناه على ما اراد لا ندخل في ذلك متأهلا بارائنا ولا متوهمين باهوائنا فانه ما سلم في دينه الا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ورد علم ما اشتبه عليه الى عالمه. ولا تثبت الاسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام. فمران ما حظر عنه علمه ولم يقنع فهمه حجب مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الايمان بين الكفر والايمان والتصديق والتكذيب والاقران والانكار موسوسا تائها شاكا زائغا موسوسا تائها شاكا زائرا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا ولا يصح الايمان بالرؤية لال دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم او تأولها بفهم اذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل من اعملوا يضافوا الى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم وعليه دين المسلمين. ومن لم يتوق النفع فيها زل ولم يصب التنزيه. فان ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية منعوت بنعوت ليس في معناه احد من البرية. وتعالى عن الحدود والغايات والاركان والاعضاء والادوات لا تحويهم جهات الست كسائر المبتدعات. والمعراج حق وقد اسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره اذا بشخصه في اليقظة الى السماء ثم الى حيث شاء الله من العلا واكرمه الله بما شاء واوحى دعا اليهما اوحى ما كذب الفؤاد ما رأى. وصلى الله عليه وسلم في الاخرة والحمد الذي اكرمه الله تعالى به غياثا لامته حق والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما رؤية الاخبار والميثاق الذي اخذه الله تعالى من ادم وذريته حق. وقد علم الله تعالى في بما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جنة واحدة فلا فلا يزداد في ذلك وادبي ولا ينقص منه وكذلك افعاله فيما علم منهم ان يفعلوه. وكل ميسر لما خلق والاعمال بالخواتيم والسعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقي بقضاء الله واصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل تعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان. فالحذر الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة فان الله تعالى طواعما القدر عن انامه ونهاهم عن كما قال تعالى في كتابه لا يسأل عما يفعلون يسألون. فمن سأل لما فعل قد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. فهذا جملة يحتاج اليه من هو منور القلب من اولياء الله تعالى وهي درجة الراسخين في العلم لان العلم عن مال علم في الخلق موجود علم في الخلق مفقود فانكار العلم الموجود كفر وادعاء العلم المفقود كفر. ولا يثبت الايمان الا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود. ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قدر فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه انه كائن ليجعله غير كائن لم يقدر عليه ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوا كائنا لم يقدروا عليه جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة. فما اخطأ العبد لم يكن اخطأ العبد لم يكن مصيبة وما اصابه لم يكن ليخطئه. وعلى الابدان يعلم ان الله قد سبق علمه في كل كائن من خلق فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما. ليس فيه ناقض ولا معذب ولا مزيل ولا مغير ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وارضه. وذلك من عقد الايمان المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى كما قال تعالى في كتابه وخلق كل شيء فقدره تقديرا. فقال تعالى وكان امر الله قدرا مقدورا لله تعالى في القدر خصيما واحضر للنظر فيه قلبا سقيما لقد بوهمه في فحص في فحص الغيب سرا كتيما. لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما وعاد بما قال فيه افاكا اثيما. والعرش والكرسي حق وهو مستغن عن العرش وما دونه بكل شيء وفوقه وقد اعجز عن الاحاطة خلقه. ونقول ان الله اتخذ ابراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما ايمانا وتصديقا وتسليما. ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين ونشهد انهم كانوا على الحق المبين. ونسمي اهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين. وله ذكر ما قال واخبره ولا نخوض في الله ولا المال في دين الله ولا نجادل في القرآن ونشهد انه كلام رب العالمين نزل به الروح الامين فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم. علمه سيدة فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم وهو كلام الله تعالى يساوي شيء من كلام المخلوقين ولا نقول بخلقه ولا نخالف جماعة المسلمين. ولا نكفر احد اننا للقبلة بذنب ما لم يستحله ولا نقول لا يضر مع الايمان ذنب لمن عمله. ونرجو من المؤمنين ان يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة استغفروا لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم. والامن والاياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الفرق بينهما لاهل القبلة ولا يخرج العبد من الايمان الا بجحود ما دخله فيه. والايمان هو الاقرار اللسان والتصديق بالجنان وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله والايمان واحد واهله في اصله سواء والتفاضل بينهم بالخشية والتقى مخالفة الهوى ملازمة والمؤمنون كلهم اولياء الرحمن واكرمهم عند الله اطواعهم واتباعهم بالقرآن والايمان هو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وتنويه ومرنه من الله تعالى. ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين احد من رسله كانوا الكبائر بالامة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا ما دون اذا ماتوا وهم موحدون وان لم يكونوا تائبين بعد ان لقوا الله عارفين مؤمنين انت مشيئته وحكمه ان شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فان شاء عذب او في النار بعدله ثم يخرج من باب رحمته وشفاعة الشافعين من اهل طاعته ثم يبعثهم الى جنته. وذلك بان الله تعالى والله لمعرفته ولم يجعله في الدارين كاهل نكرته الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته اللهم يا ولي الاسلام واهله ثبتنا على الاسلام حتى نلقاك به. ونرى الصلاة خلف كل يبرر فاجر من اهل القبلة وعلى من مات منهم. ولا ننزل احدا منهم جنة ولا نارا. ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا نفاق ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك ونذر سرائرهم الى الله تعالى فلا نرى السيف على احد من امة محمد صلى الله عليه وسلم الا من وجب عليه السيف. ولا نرى الخروج على امتنا وولاة امورنا وايجار ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرا طاعة من طاعة الله عز اجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة ونتبع السنة والجماعة الشذوذ والخلاف والفرقة ونحب اهل العدل والامانة ونأون بغضان الجور والخيانة اقول الله اعلم فيما اشتبه علينا علمه ونرى المسح على الخفين في السفر والحظر كما جاء في الاثر والحج والجهاد ماضيان مع اولي الامر من المسلمين برهم وفاجرهم الى قيام الساعة لا يبطلهما شيء ولا ونؤمن بالكرام الكاتبين فان الله قد جعلهم علينا حافظين ومؤمن لملك موت الموكل بقبض ارواح العالمين. وبعذاب القبر لمن كان له اهلا وسؤال منكر ونكير قبره عن ربه ودينه ونبيه على ما جاءت به الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم. والقبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران. ونؤمن من بعث وجزاء الاعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب والثواب والعقاب والصراط والميزان والجنة والنار مخلوقتان لا تثنيان ابدا ولا تبيتان فان الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق وخلق لهما اهلا. فمن شاء منهم الى الجنة فضلا منه ومن شاء منهم الى النار عجلا منه فكل يعمل بما قد فرغ له وسائر الى ما خلق له. والخير والشر المقدران على العباد والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز ان يوصف المخلوق به فهي مع الفعل واما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الالات فهي من قبل فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب وكما قال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وافعال العباد والله وكسب من العباد. ولم يكلفهم الله تعالى الا ما يطيقون ولا ما ولا يطيقون الا ما كلفهم وهو تفسير لا حول ولا قوة الا بالله. تقول لا حيلة لاحد ولا حركة لاحد ولا تحول لاحد عن معصية الله الا بمعونة الله. ولا قوة لاحد على اقامة طاعة الله والثبات عليها الا بتوفيق الله وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره غلبت مشيئته المشيئات كلها وغلب قضاؤه الخيل كلها. يفعل ما يشاء وغير ظالم ابدا. تقدس عن كل سوء وحي وتنزه عن كل عيب وشين. لا يسأل عنهم ما يفعلون يسألون دعاء الاحياء وصدقات منفعة من اموات. والله والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات ويملك كل شيء ولا يملكه شيء ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين. ومن استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر صار من اهل الحيم والله يغضب ويرضى لا كاحد من الورى. ونحن نحب ونحب اصحابها الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب احد منهم لا نتبرأ من احد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم الا بخير وحبهم دين وايمان واحسان وبغضهم كفر ونفاق طغيان ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اولا لابي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلا له وتقديما على جميع الامة ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم لعثمان رضي الله عنه ثم لعلي ابن ابي طالب رضي الله عنه وهم الخلفاء الراشدون والائمة المهديون. وان العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة على ما شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله الحق فهم ابغض بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبدالرحمن بن عوف وابو عبيدة بن جراح وهو امين هذه الامة رضي الله عنهم اجمعين ومن احسن القول في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وازواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من نفاق وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين اهل الخير والاثر واهل الفقه والنظر لا يذكرون ايذكرون الا بالجميل؟ ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ولا نفضل احدا من الاولياء على احد من الانبياء عليهم السلام ونقول نبي واحد افضل من جميع الاولياء ونؤمن بما جاء من كرامة النصح عن الثقة من رواياتهم. ونؤمن باشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الارض من موضعها ولا نصدق كاهنا ولا عراكم ولا من يدعي شيئا يخالف الكتاب والسنة واجماع الامة. ونرى الجماعة حقا وصوابا وفرقة وعذابا فدين الله في الارض والسماء واحد وهو دين الاسلام. قال الله تعالى الدين عند الله الاسلام. فقال تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا. وهو بين الغلو وبين التشبيه والتعقيل وبين الجبر والقدر وبين الامن والقياس فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا ونحن برءاء الى الله تعالى من كل من خالف الذي ذكرناه ونسأل الله تعالى ان يثبتنا على الايمان ويختم لنا به فيعصمنا من الاهواء المختلفة والاراء المتفرقة والمذاهب الردية مثل المشبهات والمعتزلة والجاهمية والجبرية وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة وحالفوا الضلالة ونحن منهم براء ومن ان العقيدة الطحاوية تشتمل على نظائر مؤتلفة يمكن جمعها في فصول منتظمة وهذا انفع عند ارادة بيان مقاصدها وجمل معانيها. فمن رام شرحها اجمالا فالاولى ان يقربها للاذهان بضم نظائرها وقرن مسائلها ويسبق ذلك في فصول مبينة بتراجمها فانها تشتمل وعلى خمسة عشر فصلا. فالفصل الاول في بيان نسبتها وطريق مأخذها. وفيه جملة واحدة فانه قال هذا ذكر بيان عقيدة اهل السنة والجماعة على مذاهب على مذهب فقهاء الملة الى اخره فبين رحمه الله ان الآتي ذكره المشار اليه باسم الاشارة هذا يتضمن بيان عقيدة اهل السنة والجماعة وهي ما يعتقدون من اصول الدين ويدينون به رب العالمين كما في اخر قوله المتقدم وتسمية مسائل العقيدة اصول الدين حق اذا كان المراد انها المسائل القطعية التي لا تقبل الاجتهاد. ووجود طرف من مسائلها متخلفا عن هذه كلية مما جرى فيه الاختلاف واحتمال الدليل لا يقدح في كون الاصل العام فيها هو القطع ومنع الاجتهاد فان تخلف شيء من الجزئيات لا يقدح في صحة الكلية كما ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات فالمسائل التي توجد في ابواب الاعتقاد وهي قليلة مما اخذها مما مأخذها الاجتهاد لاختلاف الانظار فيها وقوة ادلة المتنازعين فانه لا يقدح في كون العقيدة بابا للمسائل القطعية غير الاجتهادية وان اريد بتسميتها اصول الدين انها تختص بمسائل الخبر العلميات في مقابل كون وسائل الفروع هي مسائل الطلب العمليات لم يصح هذا. فهذا اصطلاح احدثته وسرى القول به الى غيرهم ولا يسلم من انتقاض واعتراض. ويعلم بما سلف ان اصول الدين لقب يقع على معنيين احدهما المسائل القطعية التي لا تقبل الاجتهاد. سواء كانت في باب الخبر فبالطلب وهذا اصطلاح صحيح. والاخر انها انه اصطلاح يختص بمسائل الخبر العلميات. في مقابل مسائل الطلب العملية اياك وهذا لا يصح وهو الذي احدثته المعتزلة وسرى الى غيرهم من الفرق ثم رتبت عليه احكام باطلة وبسط هذا في موضع اخر واشار الى ابطال الثاني ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم رحمهما الله. والعقيدة التي ذكرها المصنف منسوب الى اهل السنة والجماعة هي على مذهب فقهاء الملة ابي حنيفة النعمان ابن ثابت وابي يوسف يعقوب ابن ابراهيم الانصاري وابي عبدالله محمد ابن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم اجمعين. اي ما ذهبوا اليه ونقل عنه في مسائلها فالمذهب هنا لوحظ فيه المعنى اللغوي لا الاصطلاحي. لان عقيدة اهل السنة والجماعة لا تختصوا في وضعها باحد من المذاهب المتبوعة ولا غيرها. بل هي عقيدة الصحابة ومن اقتدى بهم من التابعين فمن بعدهم ممن انتظم دلائله في القرآن والسنة. وخصها المصنف بالاضافة الى لان مرجع علومه الدينية هو الى هؤلاء الثلاثة من فقهاء الحنفية فهم ائمة مذهبه وهي فيما يدينون ان يتعبدون به رب العالمين متقربين اليه. والاعتقادات الباطنة اجل العبادات لانها تتضمن قول القلب وعمله وجنس وجنس اعمال القلوب اعظم من جنس اعمال الجوارح. ويلي الفصل الاول فصل ثان. في اركان عن الايمان وحقيقته وتفاضل اهله وما يخرج منه. وفيه اربع جمل. فقال ابو جعفر الطحاوي والايمان هو الايمان بالله وملائكته الى اخره. فعد في هذه الجملة اصول الايمان واركانه الستة ثم اخبر عن اعتقاد المؤمنين فيها فقال ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين احد من رسله ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به. وزيادة وحلوه ومره من الله تعالى عند ذكر الايمان بالقدر دون الاقتصار على مشهور وصف القدر بخيره وشره وقعت في بعض الفاظ حديث جبريل المشهور عند ابن حبان وغيره وفيها ضعف وهي وصف باعتبار ما يجده الانسان منه فالملائم له هو حلوه. والمؤلم له هو مره وهذا معنى صحيح. وقال في الفصل المذكور ايضا والايمان هو الاقرار باللسان والتصديق بالجلال مريدا بيان حقيقة الايمان. فبين ان الايمان هو الاقرار باللسان والتصديق بالجنان ولم يذكر العمل فيها بل اخرجه منها. والايمان منقسم على القلب واللسان والجوارح واخراج فرد من هذه الافراد عن حقيقة الايمان نقص في ابادة حقيقته الشرعية المبينة في الكتاب والسنة. فالايمان يجمع بين اعتقاد القلب وقولي وعمل الجوارح واللسان وهو موافق فيما ذكره مرجئة الفقهاء الذين يخرجون العمل عن الايمان وقال ايضا في الفصل المذكور والايمان واحد واهله في اصله سواء الى اخره اي شيء واحد مرده الى التصديق وما اتصل به من عمل القلب ورتب على ما قدمه قوله واهله في اصله سواء اي لا يقبل الزيادة والنقص. ثم قال والتفاضل بينهم الخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الاولى. اي ان التفاضل واقع بين اهل الايمان دار الامور الظاهرة وهذه الجملة مبنية على ما تقدم عنه في حقيقة الايمان واما على ما اهل السنة والحديث فان الايمان ينتظم فيه القول والعمل مع الاعتقاد قول القلب واللسان عمل القلب واللسان والجوارح وليس اهله في اصله سواء بل هم متفاضلون في اصل التصديق وما اتصل به من اعمال القلوب ويتفاضلون في حظهم من الايمان بل ايمان احدهم وينقص باعتبار ما يعتريه من الطاعة او المعصية. فان الزيادة اثر الطاعة والنقصان قالوا اثر المعصية. وقال في الفصل المذكور ايضا ولا يخرج العبد من الايمان الا بجحود ما ادخله فيه فلا يخرج العبد من الايمان الا بجحود ما ادخله فيه. والذي يدخل العبد في الايمان هو اصل الدين دين وهو الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وما اتصل بذلك من اصوله الكلية. وهذه الجملة ان خرجت مخرج ارادة الحصر لم تكن صحيحة فان العبد يكفر بغير الجحود. وان خرجت لا على ارادة الحصر وانما للتنبيه على اعظم انواع الكفر وهو الجحود كان ذلك صحيحا. فان العبد يكفر بالجحد وبغيره. ويكون المصنف الاقتصار على الاعظم وهذا الثاني هو الذي يظهر من تصرفه. لانه يأتي في كلامه التكفير بالاستحباب بالاستحلال فيبعد حينئذ ان يحمل كلامه هنا ارادة الحصر. ويلي الفصل ويلي الفصل الثاني فصل ثالث في الايمان بالله وفيه سبع جمل. فقال ابو جعفر الطحاوي نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله ان الله واحد لا شريك له. الى اخره واستفتح هذه الجملة باصل عظيم وهو اثبات وحدانية الله ونفي الشركة عنه وهي راجعة الى ثلاثة اصول. اولها اثبات وحدانيته في ربوبيته. ونفي الشركة فيها ثانيهما وثانيها اثبات وحدانيته في الوهيته. ونفي الشركة فيها وثالثها اثبات وحدانيته في اسمائه وصفاته ونفي الشركة فيها ثم ذكر جملة من المنفي عن الله والمثبت له مما يتعلق بالاعتقاد. والنفي في الصفات الهية غير مقصود لذاته بل لاثبات مقابله من الكمال. فنفي المثل يراد به اثبات توحيده ونفي العجز يراد به اثبات قدرته. وعلى هذا قس بقية الباب. فالمنفي عنه مما ذكره المصنف تسعة امور. اولها نفي المثل عنه المنهي عنه عز وجل يشمل شيئين. احدها او احدهما القائم في الوجود. الشيء القائم في الوجود. والاخر الشيء المتصور في الوجود يرحمك الله. الشيء المتصور في الوجود لان الله لا ند له ولا كفؤ له ولا سني له. وثانيها نفي عجزه. فانه سبحانه وتعالى لا يثقله شيء لكمال قوته وقدرته وقهره خلقه. وثالثها نفي الهية غير اي لا معبود حق غيره وهذا هو معنى شهادة ان لا اله الا الله ورابعها نفي فنائه. وخامسها بيده. ومقصوده بهذين نفي الزوال والعدم عنه سبحانه لا بنقص طارئ عليه في نفسه ولا بحادث طارئ له من غير فالفناء يغلب اطلاقه على العدم الذاتي. والبيد يغلب اطلاقه على العدم الخارجي. فالفناء يغلب اطلاقه على العدم الذاتي. والبيد ويغلب اطلاقه على العدم الخارجي. واضحة هذه؟ كيف؟ من يشرحها ايش؟ ايه الفناء مؤثر من من قبل الذات نفسها والبيت مؤثر من خارجها والبيت مؤثر من خارجها ولذلك يقال في كبير السن شيخ ثان ام يقال شيخ بائن؟ ايش لان العمر هو عمره من قبل ذاته لحقه الفناء. وهذه المسألة مرت علينا السنة الماضية تذكرون الفرق بين الفناء والبعيد؟ وقلنا ما احد من جراح الطحاوية ذكرها؟ ثم بعد ذلك جاء احد الاخوة شرح احد علماء البوسنة وفيه ذكر هذا الفرق فيستفاد سادسها نفي كون شيء لا يريده. اي وقوعه في شرعه او في قدره وارادة الله نوعان احدها الارادة الكونية القدرية والاخر الارادة الشرعية الدينية. والفرق بينهما من وجهين احدهما ان الارادة الكونية تتعلق بجميع مفعولات الله عز وجل اما الارادة الشرعية فتختص بمحبوباته من المفعولات والاخر ان الارادة الكونية القدرية يتحقق وقوعها فلا تتخلف ابدا. والارادة الدينية الشرعية تقبل التخلف. فقد وقد لا تقع. سابعها نفي الاوهام. نفي بلوغ الاوهام له نفي بلوغ الاوهام له والاوهام جمع وهم. وهو ما يفرضه الذهن. وهو ما يفرظه الذهن. وثامنها نفي الافهام له. والافهام جمع فهم وهو ما يتصوره الذهن وهذان النفيان يشملان نفي الاحاطة بالله عز وجل فرضا او تصورا لعظمة الخالق وعجز المخلوق. يعني لا يفرض ولا يتصور ولذلك قول اهل العلم ممن قال ذلك كل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك. ما وجهه على هذا القول من ان الله عز وجل في صفاته لا يتصور لا يتصورها الذهن ولا يفرضها مم اذا ايش معنى كل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك. ايه فالله خلاف ذلك ما معناه ايش معنى خلاف؟ هنا مربط الفرس ها كيف نفي هذا فالله فوق ذلك معناها كل ما خطر ببالك فالله يعني فالله فوق ذلك لان او لا يمكن ان يتصوره ذهنك ولا يفرضه. ولكن عقل المدرك يقع في خلده شيء فاذا ذكر لكم الاطعام والاصغاء عرفتم معنى ما يتعلق طعام السقا مما تعرفونه بلسان العرب. وكذلك اذا ذكر ما ذكر من صفات الله عز وجل فانه يجري في عقول مدركي الخطاب التفات الى شيء. ولكن هذا الشيء لا ينبغي ان يتجارى معه. ولا ان فيه لان العبد ينبغي ان يعتقد ان الله فوق ذلك ولذلك لا يفرض ذهنه صفته ولا صوروها وانما هذه اشياء تتسارع الى قلب العبد لا حقيقة لها بل هي الات لان الله سبحانه وتعالى فوق ذلك تاسعها نفي مشابهة الانام والانام له عند المتكلمين في التفسير والعربية معنيان احدهما خاص وهم الناس والاخر عام وهم الخلق كافة. والذي يظهر ان المقصود به في خطاب الشرع عند الاطلاق هو الناس. لقول الله تعالى والارض وضعها للانام الامتنان بوضع الارض وتذليلها وقع في القرآن متعلقا بالناس كما قال تعالى والذي جعلكم الارض ذليلا فامشوا في مناكبها في اية اخر. اشار الى هذا المعنى على استحياء طاهر بن عاشور في التحرير والتنوير والادلة تنصر ما اشار اليه. فيكون تخصيص الناس بالنفي على هذا المعنى لانهم محل الخطاب الشرعي. واذا انتفت مشابهة الله للمخلوقين الذين يتعلق بهم خطاب الشرع فنفيها عن غيرهم ممن هو دونهم من باب اولى اما المثبت له سبحانه وتعالى فثمانية امور اولها اثبات قدمه بلا ابتداء. فليس مقصوده مجرد اثبات تقدم الله مع امكانه تقدم غيره عليه كما يدل عليه لفظ قديم بل يريد اثبات التقدم المطلق لانه اكده بقوله بلا ابتداء. فقدمه حقيقي لا اضافي وهو بمعنى اسمه تعالى الاول. ففرق بين مجرد الخبر عن الله بانه قديم والخبر عنه بانه قديم بلا ابتداء. فان الخبر عنه بالثاني افيد قدما لا ايتقدمه قبله احد وهو بمعنى اسم الاول له سبحانه وتعالى. وباب الخبر واسع وهو في بنائه الثاني اي مع الاضافة سالم عن الخلل بخلاف اطلاق القديم دون بقولي بلا ابتداء ولم يثبت قول القديم اثما من اسماء الله بل عده وقع في حديث الاسماء الحسنى الطويل باسناد ضعيف. واراد المصنف اثبات الازلية لله. ويغني عنه اسم الاول لله فانه الذي ليس قبله شيء. وثانيها اثبات دوامه بلا انتهاء. واراد به اثبات الابدية لله. اي الاخرية فليس بعده شيء وثالثها اثبات حياته فلا يموت. ورابعها اثبات قيوميته فلا ينام وخامسها اثبات خلق الخلق بلا حاجة. ونفي الحاجة هنا يراد به ثناؤه عن خلقه فلا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين وللحاجة معنى اصطلاحي في باب الاعتقاد. يراد به عند النفي نفي الحكمة والتعليل عن افعال الله. كما يعبر عنه في تآليف الاشاعرة بقولهم باب نفي الحاجات والاغراض عن الله. وهم يريدون بها نفي الحكمة والتعليل عن افعال الله فيخرجونها عن حكمها ومصالحها. وهذا مذهب باطل. وحمل كلام ابي جعفر الطحاوي عليه متعذر اذ لا يعرف هذا القول عن الائمة الذين نصبت اليهم هذه العقيدة بل هو قول حدث بعدهم من غيرهم فيكون المراد بقوله بلا حاجة ما ذكرناه اولا وهو ارادة استغناء الله عن خلقه وسادسها اثبات رزقه اياهم بلا مؤنة او مؤونة ضبطان صحيح اي بلا كلفة وعناء. وسابعها اثبات اماتته. اياهم بلا والمخافة المنفية هنا تشمل نهي الخوف عنه بامتداد اعمارهم نفي الخوف عنه بامتداد اعمارهم وطولها ونفي الخوف عنه بقضاء اجارهم والثاني اليق لقول الله تعالى ولا يخاف عقباها اي لا يخاف عاقبة اماتة احد من خلقه. فمن قضى عليه بالموت نفذ حكمه سبحانه على فيه دون خوف منه عز وجل في عاقبة ذلك. وثامنها اثبات بعثه لهم بلا مشقة ثم ذكر في ضمن هذه الجملة ما يتعلق باثبات الصفات الالهية وبيان قاعدتها عند اهل السنة الجماعة وانها تشمل الصفات الذاتية الملازمة وانها تشمل الصفات الذاتية الصفات الذاتية الملازمة كالعلم والحياة والصفات الاختيارية المتعلقة بمشيئة الله واختياره كالغضب والرضا والمحبة والبغض فيكون معنى قوله رحمه الله ما زال بصفاته قديما قبل خلقه اي ان الله موصوف ازلا بصفات الكمال قبل خلق الخلق. فلم يحدث فلم يحدث له الفعل بعد ان لم يكن اذ افعاله من صفاته وهو موصوف بها ازلا. وقوله لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبل لهم من صفته يتضمن نفي حدوث زيادة في صفات الله بعد كون الخلق ووجودهم وهذا النفي مجمل يتطرق اليه احتمالان. احدهما ان الله على كل شيء قدير وانه لن تحدث له صفة زائدة من جهة اصلها لان الصفات ازلية وهذا احتمال صحيح. والاخر ان صفة الفعل لا اثر لها في ذاته فلا تتجدد بحدوث احادها وطروء متعلقاتها وهذا احتمال غير صحيح. لان لله سبحانه وتعالى صفات تتعلق بمشيئة واختياره هي صفات فعله توصف بانها قديمة النوع حادثة الاحاد وثبوت الصفات في الازل الماضي يلزم منه دوام ثبوتها في الابد الباقي. لتحقق كمال الله وانتفاع اي طوء النقص عنه وهذا هو معنى قول المصنف وكما كان بصفاته ازلية كذلك لا يزال عليها ابديا هذه الازلية هي المرادة في قوله ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا باحداثه البرية استفاد اسم له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق. فهو سبحانه موصوف بصفاته كماله ولم يكن معه شيء لانه الاول فليس قبله شيء. وصفاته سبحانه ليست ناشئة عن مفعولاته. بل له معنى الربوبية ولا مربوب اي له اسم الرب وصفته قبل وجود المربوب وله معنى الخالق اي اسم وصفته قبل وجود المخلوق على ان مقالة ابي جعفر للطحاوي تحتمل معنى اخر وهو اثبات حدوث الفعل الالهي بعد ان لم يكن وهذا قول باطل باعتبار نوعه فان الله لم يزل بانواع صفاته ازليا وكذلك لا يزال عليها ابديا. وقوله كما انه محي الموتى بعد ما احيا استحق هذا الاسم قبل احيائهم كذلك استحق اسم الخالق قبل انشائهم. اي ان الله لم يزل المسمن بهذه الاسماء التي سمى بها نفسه متصفا بصفاتها وما تعلق بها من افعال. فالاسماء والصفات وتحتمل مقالته في هذه الجملة ايضا اثبات ازلية الاسم فقط وان حقائق الاسماء والصفات واثارها حدثت بعد ان لم تكن وهذا مذهب باطل. ثم اشار رحمه الله الى العلة الموجبة لما حكم به فقال ذلك بان الله على كل شيء قدير وكل شيء اليه فقير وكل امر عليه عسير لا يحتاج الى شيء ليس وكل امر عليه يسير لا يحتاج الى شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فقدرته سبحانه وتعالى تتعلق بكل شيء فهو قادر على ما شاء وعلى ما لم يشاء وكل مخلوق مفتقر اليه. وكل امر هين عليه فلكمال قدرته وقوته وتحقق استغنائه وفقر غيره اليه فلا يحتاج الى شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقال في الفصل المذكور والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى. والغضب والرضا من صفات المشيئة والاختيار لله والجاري منه في غضبه ورضاه لا يشبه فيه احدا من خلقه. وقال في الفصل المذكور ايضا والميثاق الذي اخذه الله تعالى من ادم وذريته حق. فمن جمل المعتقد الايمان بالميثاق. والميثاق هنا هو استخراج الله البشر من ظهر ادم عليه السلام في مثل صور الذر واخذ العهد عليه ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. فهذا هو الذي ثبتت به الاحاديث والاثار واخذ عليهم الله سبحانه وتعالى فيه عهد العبادة. وليس هو المذكور في قوله تعالى الا واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم بل العهد الذي الاية هو عهد الفطرة. اما ما جاء من الاحاديث فيما يتعلق عهد العبادة وعدم وعدم الاشراك المذكور هنا فما جاء فيها من الاستنطاق والاشهاد فلم يأتي من وجه يثبت في هذا العهد وقال في الفصل المذكور ايضا وهو متعال عن الاضضاد والانداد الى اخره وهذه الجملة هي في اثبات علو الله عز وجل ذاتا وصفات. ومعنى علو الذات اثبات فوقيته على خلقه. ومعنى علو الصفات بلوغه الكمال من الصفات العلى ولما كان بهذه المنزلة متعاليا عن مشاركة غيره فيها كان حكمه ماضيا وقدره اذا والضد والند يتقاربان في المعنى. ويرجعان الى اجتماع شيئين في من يوصف هذا احدهما الشبه والمماثلة. وثانيهما والمخالفة فاذا اجتمع في وصف شيء قيل في وصفه ضد وند وهذا العلو عن الاضداد والانداد كما سلف اقتضى نفوذ قدر الله واليه اشار المصنف بقوله لا راد لقضائه ولا معقبة لحكمه ولا غالب لامره. فنفوذ القدر وفق ما ذكره المصنف يندرج فيه ثلاثة اشياء. احدها انه لا راد لقضائه اي لا مانع منه ولا حائل دونه وثانيها انه لا معقب لحكمه. ونفي تعقيب الحكم الالهي يشمل معنيين احدهما نفي تعقيب حكمه ابتداء فلا قدرة لاحد على تأخيره. والاخر نفي تعقيب حكمه انتهاء فلا قدرة لاحد بعد وقوعه في منازعة قدر الله ومعارضته. اما الثالث فلا غالب لامره اي لا قدرة لاحد على منازعة قدره. وذلك يقتضي كمال الايمان ورسوخ الايقان كما قال المصنف امنا بذلك كله. وايقنا ان كلا من عنده في الفصل المذكور ايضا والعرش والكرسي حق الى اخره. فذكر من العقائد الايمانية مسألتين احداهما الايمان بالعرش وهو مخلوق عظيم يستوي عليه الرحمن استواء يليق بجلاله والثاني الكرسي وهو موضع القدمين. اي قدمي الرحمن كما فسره به ابن عباس وابو سعيد الخدري رضي الله عنهما وانعقد عليه الاجماع وهو سبحانه مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل بشيء وفوقه وقد اعجز عن الاحاطة خلقه. وقال في الفصل المذكور ايضا والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات الى اخره. فذكر من صفات الكمال الالهي ان الله يستجيب دعاء الداعين. ويقضي المحتاجين لكمال ملكه واستغنائه عن خلقه فهو يملك ولا يملك والخلق مفتقرون اليه ومن ظن انه غني عنه ولو طرفة عين فقد كفر وصار من اهل الحين اي الهلاك. وقال في المذكور ايضا ونقول ان الله اتخذ ابراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما ايمانا وتصديقا وتسليما مراده اثبات الصفات لان في قوله ان الله اتخذ ابراهيم قليلا اثبات محبة الله فان الله احب عبده ابراهيم محبة عظيمة حتى انزله مرتبة الخلة. وفي قوله وكلم الله موسى تكليما اثبات صفة الكلام له. والله عز وجل كلم موسى. فالله المتكلم وموسى المكلم فنؤمن بذلك ونصدق ونسلم تسليما. ويلي الفصل الثالث فصل رابع في التحرير من التمثيل والتعطيل والكف عن الفوض في الله. وفيه اربع فقال ابو جعفر الطحاوي ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر كف رجليك يا اخي كف رجليك فقال ومن وصفه الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر فمن ابصر هذا اعتبر الى اخره نفيا للتشبيه فمن وصف الله بمعنى من معاني البشر اي حقائق احوالهم فقد كفر لان الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ومن ادرك هذا وعقله حصلت له العبرة العظة وعن مثل قول الكفار زجر اي ان كف وامتنع. وعلم انه جل وعلا بصفاته ليس كالبشر كما قال الله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقال في الفصل المذكور ايضا ان لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه الى اخره. ومراده بالنفي نفيا خاصا وليس مطلق النفي فان الله سبحانه نفى عن نفسه ما لا يليق به من النقائص والعيوب. والنفي المبطل هنا هو نفي ما اثبته الله لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم. فمن لم يتوق نفي ما اثبته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم زل ولم يصب التنزيه. وكذلك من لم يتوق التشبيه فشبه الله بخلقه على ارادة تنزيهه فانه موصوف بالزلل ايضا وعلل ذلك بقوله فان ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدة منعوت بنعوت الفردانية الى اخر ما ذكره. وهذه الجملة التعليلية لما سبق مركبة من شيئين احدهما اثبات الكمالات وذلك في قوله فان ربنا جل وعلى موصوف بصفات الوحدانية منعوت بنعوت فردانية. والثاني نفي المعيدات. وذلك في قوله وليس في معناه احد من البرية وتعالى الحدود والغايات والاركان والاعضاء والادوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات. وما قصده رحمه الله الله من النفي لحقه نقص من جهتين. احداهما انه ساق النفي مفصلا وطريقة الخطاب الشرعي هي الاجمال في النفي والتفصيل في الاثبات. لان هو المناسب للكمال والجلال. والله سبحانه وتعالى في اعلى الجلال والكمال فهو مستحق اجمل ما يؤدي اليه والاخرى انه حقق النهي باستعمال الفاظ حادثة لا توجد في الكتاب والسنة والسلامة في هذا الباب بل في كل باب من ابواب العلم والعمل هي في ابعدي سنن الخطاب الشرعي في معانيه الكلية وفي الفاظه المفردة. فاي معنى سيق في الكتاب والسنة على سنن ما فان السلامة ملازمة هذا السنن. واي لفظ اختير دون غيره من الالفاظ لبيان شيء من مقاصد العلم والعمل فان الاسلم انتخاب هذا اللفظ دون غيره. واضح واضح؟ يعني اي معنى من المعاني؟ او لفظ من الالفاظ اريد التعبير عنه فان المطاولة والاكمل الاتيان بلفظ وضعه الشرع للدلالة على هذا. واضح؟ طيب كان الناس قبل سنين كثيرة تموج بهم الاهواء الشيوعية والقومية والوطنية ثم ابى كثير من الناس الى دين الله عز وجل تمسكوا به. فيسمى هذا ايش صحوة ويسمى المتصف بذلك ملتزما. صح ولا لا تظنون ان الشرع لم يأتي بالفاظ للدلالة على هذه المقاصد العظيمة؟ ما الجواب؟ جاء ولا ما جاء جاء فعوض ان تسمى صحوة تسمى قامة وتمسكا بالدين. وعوض ان يوصف المهتدي المتمسك بدينه بقولنا ملتزم يوصف بقولنا مستقيم لان من خرج عن الفاظ الشرع ومعانيه وقع فيما لا يسره ويرضيه. فان لفظ الصحوة مثلا لفظ موضوع للدلالة على معان باطلة وصحيحة بخلاف الاستقامة. هل يقال المنافق مستقيم هل يقال للزنديق مستقيم؟ هل يقال للمبتدع مستقيم؟ ما الجواب؟ لا يقال لكن الصحوة قالوا لمن شرب خمرا ثم افاق. فيقال لحقته صحوة من شكره. وهي ايضا في مراتب السلوك عند ارباب الذوق والوجد من المتصوفة مرتبة ومقام من مقامات الطريق فان من مقامات المريدين ومنازل السالكين عندهم الصحوة والسكر. ووضعوا لهما معان تدل عليهما. وقل نظير ذلك في لفظ الاخر فانه لا يخلو وهو لفظ الالتزام وملتزم لا يخلو من اشكالات لكن هذه الاشياء الى الناس بقلة علمهم بالشريعة وضعف حقيقة العودة الى الدين. ليست العودة الى الدين هي بالصور والمظاهر ولكن العودة الصحيحة الى الدين هي العودة الى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم ولذلك فانما يسمى للصحوة الاسلامية رأينا علقما منه في بلادنا الاسلامية. فتفرق الناس وتنازع الناس واختصم الناس وقتل الناس بعضهم بعضا تحت ذرائع الصحوة الاسلامية. ليس من خارجهم بل من الصحوة الاسلامية نفسها لكن هذه العودة اذا كانت على هدي من النبوة واخذ بطريق العلم الصحيح يقع بين الناس الالفة والمحبة والصدق والتعاون. فمن ذا الذي من المسلمين لا يريد اعزاز الدين. ومن ذا الذي من المسلمين لا يسعى في نهضة المسلمين ومن ذا الذي يريد اعزاز الدين ولا يمتلئ قلبه بوعد اليقين. ولكن لما ضعف علم استعجل الناس موعود الله واتخذوا طرائق مختلفة يريدون بها نصرة الدين فآل الامر في بعض بلاد المسلمين انهم لا للاسلام نصروا ولا للكفر كسروا. وطالب العلم ينبغي ان يكون عنده صفوف نظر لان مرده الى روضة معطرة هي القرآن الكريم والسنة النبوية فمن نهل من علوم الكتاب والسنة وتغرغر قلبه بحلاوتهما عرف الطريق الى الله سبحانه وتعالى. وميز دعاؤه في صلاته اهدنا الصراط المستقيم وايقن في قلبه ان الاقبال على الله سبحانه وتعالى يغنيه عن الخلق. وانه اذا كان مع الله كان الله معك. وان من قام لنصرة الله دين الله فان الله لا يخذله. وان من اثبت قدميه على الطريق داعيا الله الثبات عليه فان الله لا يزله. ولكن الشان في صدق الاقبال على الله عز وجل والقناعة والرضا بدين الاسلام والتمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هنا قال الواصلون من اهل الاذواق والمواجيد الايمانية. كما جاء عن ابي سليمان الداراني رحمه الله لو شك الناس كل هم في الطريق ما شككت فيه وحدي. وقبله قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه اذا كنت على الحق فانت الجماعة ولو كنت وحدك. فلم يكن مرادهم التوجه الى احد من الخلق جمعا وضما وانما مراده ان يصلوا الى الله سبحانه وتعالى سالمين لان الله عز وجل لا يسلم يوم القيامة الا من سلم قلبه. كما قال الله سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا ابانون الا من اتى الله بقلب سليم. والقلب السليم في هذا الموضع كما حققه ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحفيده وبالتالي ماذا؟ ابو الفرج ابن رجب هو السالم من كل شهوة وشبهة. وهذه قاعدة عظيمة في فهم حقائق الدين تطلع منها الى انك ينبغي ان تحقق سلوكك الى الله سبحانه وتعالى صراطه المستقيم وتعي بها قدر ما يحتاج اليه احدنا من دوام النظر في كيفية سيره الى الله سبحانه وتعالى فان المرء اذا زاد علمه ايقن بحاجته الى تصحيح ايمانه تدينه لربه سبحانه وتعالى. ولما وعى ابو العباس ابن تيمية الحديث هذا المعنى كان يقول اذا اثني عليه في مقاماته في نصرة الدين لا زلت حتى الساعة اجدد ديني. يعني اقويه بما يتبدى لي من معاني الشريعة. وصدق رحمه الله فان الحقائق الايمانية والمقامات التي يقبل بها العبد على ربه تحتاج الى نظر دائم والا يقنع العبد بما اصاب منها فان الذي يقنع ويقف فيه ربما انقطع فان الماء لما وقف في مقام ومقر اسن فكره من كره من الفقهاء الطهارة به وكذلك انت في سيرك الى الله اذا ظننت انك تنتهي الى مقام تقف فيه فاعلم ان على خطر من ان يأسن ايمانك وتتغير احوالك. وقال في الفصل المذكور ايضا ولا نخوض ولا نماري في دين الله. فمن جملة مسائل الاعتقاد ايضا ترك الخوض في الله اي الكلام بجهل فيما يتعلق بربنا وترك المماراة في دين الله والمراد بالمراء المغالبة. مع ملاحظة حق النفس المغالبة مع ملاحظة حق النفس. وقال في الفصل المذكور ايضا ونقول الله اعلم فيما اشتبه علينا علمه اي خفي علينا علمه لاشتباهه والواجب فيه رد العلم الى الله لكمال علم الله ونقصه بعلمنا ويلي الفصل الرابع فصل خامس في الايمان بالملائكة والنبيين والكتب وفيه جملتان فقال ابو جعفر الطحاوي ونؤمن بالملائكة والنبيين الى اخره. فالايمان بالملائكة والايمان بالنبيين والايمان الكتب المنزلة على المرسلين من اصول الايمان واركانه العظام. واندرج في الايمان بالنبيين الشهادة انهم كانوا على الحق المبين وقال في الفصل المذكور ايضا ونؤمن بالكرام الكاتبين الى اخيه. فمن مسائل الايمان بالملائكة الايمان بالكرام وهم الملائكة الحفظة الموكلون بكتابة اعمال العباد يؤمن اهل السنة والجماعة ايضا بملك الموت الموكل بقبض ارواح العالمين. ويلي الفصل الخامس فصل سادس فيما ينبغي اعتقاده في القرآن وفيه جملتان. فقال ابو جعفر الطحاوي ولا نجادل في ونشهد انه كلام رب العالمين نزل به الروح الامين الى اخيه. فمن الواجب لكتاب الله الا نجادل فيه اي لا نستدل عليه. والمجادلة المضافة الى القرآن نوعان. احدهما المجادلة بالقرآن وهي الاستدلال به. والاخر المجادلة في القرآن وهي الاستدلال عليه فالاول محمود مطلوب والثاني مذموم مغلوب. ثم ذكر الشهادة بان القرآن كلام رب العالمين نزل به الامين وهو جبريل فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين ولا نقول بخلقه ولا نخالف جماعة المسلمين القائلين بان القرآن من كلام الله وكلام وهي صفة من صفات رب العالمين. وقال في الفصل المذكور ايضا وان القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا فبين الى اخره فبين ان القرآن كلام الله منه بدأ اي تكلم به ثقة بلا كيفية قولا. واراد بقوله بلا قولا ابطال مذهبين. احدهما ابطال اعتقاد وجود كيفية معقولة ان كما جرى عليه اهل التمثيل والتكييف ابطال اعتقاد وجود كيفية معقولة لكلام الله كما جرى عليه اهل التمثيل والتكييف. وثانيهما ابطال دعوى من زعم ان القرآن جعل في نفسي جبريل عليه السلام فبلغه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فالاول مبطل قوله بلا كيفية والثاني مبطل بقوله قولا. وهذا الكتاب انزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وحيا اوحاه اليه نزل به جبريل الامين على قلبه صلى الله عليه وسلم. وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ايقنوا انك انه كلام الله تعالى بالحقيقة وزيادة هذه اللفظة حقيقة في وصف كلام الله يراد بها نفي دعوة كونه عبارة عن كلام الله او حكاية عنه. فمقصوده ان القرآن كلام الله حروفه ومعانيه. ليس الحروف دون المعاني والمعاني دون الحروف ثم ذكر مما يتعلق بالمعتقد السني في القرآن انه ليس بمخلوق ككلام البرية لان القرآن من كلام الله وكلام الله صفته وصفات الله ليست مخلوقة. واذا كانت صفات الله ليست مخلوقة فكلامه ليس مخلوقا والقرآن من كلامه سبحانه فلا يكون مخلوقا. فمن سمعه فزعم انه مخلوق وانه كلام البشر فقد كفر وقد ذمه الله وعابه واوعده بسقر حيث قال تعالى ساسليه سقر فلما اوعد الله بسقر من قال ان هذا الا قول البشر علمنا وايقنا انه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر. لان الوعيد بالنار ان ما يكون على مبطل محرم. فما في هذه الاية من وعيد تفيد ان اعتقاد ان كلام الله مخلوق معتقد باطل بل معتقد يوجب كفرا من انتحله لان القرآن من كلام الله وكلام الله صفة من صفاته فمن شيئا من صفات الله عز وجل مخلوقة فقد كفروا. وهذا الكفر هو من جنس الكفر الاكبر للاصغر ويلي الفصل السادس فصل سابع فيما ينبغي اعتقاده في الرسول عليه الصلاة والسلام وفيه ثلاث جمل فقال ابو جعفر الطحاوي وان محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى الى فمما ينبغي اعتقاده مما يتعلق بالجناب النبوي والمقام المحمدي ما ذكره في جملته هذه فوصف النبي صلى الله عليه وسلم من الاوصاف. مقدمها ثلاثة تجتمع في معن واحد وهي قوله ان محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى. فان هذه الاوصاف الثلاثة يجمعها سمط حاوي لها هو كونه صلى الله عليه وسلم مختارا فان الاصطفاء والاجتباء والارتضاء دال على الاختيار وقد كان صلى الله عليه وسلم خيارا من خيار. واولى هذه الالقاب بالتقديم ما رضيه الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسه قد روى احمد في مسنده بسند صحيح من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه في سياق طويل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا النبي المصطفى ثم اتبع المصنف هذه الاوصاف الثلاثة باربعة اوصاف اخرى. احدها خاتم الانبياء فلا نبي بعده وثانيها انه امام الاتقياء اي الذي يؤتى اي الذي يأتم به اهل التقى وثالثها انه سيد المرسلين اي افضل الرسل. وهذه الصفة هي خصوص من عموم الصفة السابقة ان الموصلين من جملة المتقين. ولكن تخصيصه صلى الله عليه وسلم بسيادتهم يدل على وصفه بصفة اكمل من سابقتها فان المرسلين هم صفوة الاتقياء. وهو صلى الله عليه وسلم سيدهم. ورابعها حبيب رب العالمين وهذه الصفة لا تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم بل كل مؤمن له حظ من محبة الله كما قال تعالى فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه في اين اخر. كلها تدل في اية اخرى كلها تدل على هذا المعنى لكن له صلى الله عليه وسلم مقام من المحبة فوق مشاركة سائر الخلق له اختص به صلوات الله وسلامه عليه مع ابراهيم وهي مرتبة الخلة. فكان اللائق بالمقام الارفع في وصفه صلى الله عليه وسلم ان يقول المصنف وخليل رب العالمين عوض قوله وحبيب رب العالمين. ثم ذكر المصنف من المسائل الثقة بالنبوة ان كل دعوة النبوة بعده غي وهوى اي ضلال وميل عن الحق. لانه صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء ثم اتبعها ببيان شمول بعثته وكمال دعوته صلى الله عليه وسلم للجن والانس فقال وهو المبعوث الى عامة الجن كافة الورى بالعقل والهدى وبالنور والضياء. وقال في الفصل المذكور ايضا والمعراج حق وقد اوصي بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقظة الى اخيه. والمعراج هو صعوده صلى الله عليه وسلم الى الثناء. فان النبي صلى الله عليه سلم اسري به اي سير به ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى فان الاسراء اسم مسير الليل ثم عرج به صلى الله عليه وسلم فوق السماء السابعة الى ما شاءه الله من علاه مما حجب عنا واكرمه الله بما شاء واوحى اليه ما اوحى ما كذب الفؤاد ما رأى فصلى الله عليه وسلم في الاخرة والاولى وقال في الفصل المذكور ايضا وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق لجلالة قدره وعظم فضله فيجب الايمان بان جميع ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من والبيان كله حق ادركته عقولنا او قعدت عن ادراكه. وان الفصل السابع فصل ثامن في الايمان باليوم الاخر وفيه سبع جمل فقال ابو جعفر للطحاوي ونؤمن باشراط الساعة الى اخره واشراط الساعة علاماتها ومنها ما عده كخروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم من السماء وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة من الارض وموضعها. وقال في الفصل المذكور ايظا والحوظ الذي اكرمه الله تعالى به غياثا لامته حقا الى اخره فمن المعتقد المتعلق بالايمان باليوم الاخر الايمان بالحوظ الذي جعله الله كرامة لمحمد صلى الله عليه غياثا لامته في عرصات القيامة. ومنه ايضا الايمان بالشفاعة التي ادخرها لهم فلم يعجلها صلى الله الله عليه وسلم في الدنيا بل ارجأها الى الاخرة فلم يسأل ربه سبحانه وتعالى تلك الشفاعة لهم في الدنيا وانما اخرها كما صحت بها الاخبار عنه صلى الله عليه وسلم وشفاعته في الاخرة ثلاثة انواع احدها شفاعته في اهل الموقف وهي الشفاعة العظمى ان يفصل الله بينهم وثانيها شفاعته لاهل الجنة ان يدخلوها وهاتان الشفاعتان خاصتان به. وثالثها شفاعته في من دخل النار ان يخرج منها. وهذه الشفاعة ما تختص به بل يشاركه فيها غيره من الشفعاء كالملائكة والعلماء والافراط وغيرهم. وقال في الفصل المذكور وعذاب القبر لمن كان له اهلا وسؤال منكر ونكير في قبره الى اخره. وعذاب القبر هو ما يجري على العبد في القبر من العقوبة ان كان له اهلا وسؤال منكر ونكير في القبر هو هو المسائل الثلاث عن الرب والدين والنبي. وهي المسألة المسماة بفتنة القبر. فان الناس يفتنون بها على ما جاءت به الاخبار عنه صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضي الله عنهم والقبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران فهو لاهل الايمان وحفرة لاهل الكفران. ومن كان من اهل الذنوب وعذب في قبره فان تعذيبه ينتهي الى امد ولا يكون حاله وفي قبره في حال اهل الكفر وقال في الفصل المذكور ايضا وفي دعاء الاحياء وصدقاتهم منفعة للاموات اي ان دعاء الاحياء وصدقاتهم يصل نفعه الى الاموات. وهذه المسألة من المسائل التابعة التي ادرجت لوجود المخالفة فيها شعارا لاهل البدع وسيأتي الاعلام بهذا الاصل. وقال في الفصل المذكور ايضا ونؤمن بالبعث وجزاء الاعمال يوم يوم القيامة الى اخره وفيه ذكر جملة من عقائد الايمان باليوم الاخر في الايمان بالبعد وهو في الشرع قيام الخلق بعد رد الارواح الى الابدان بعد نفخة الصور الثانية قيام الخلق بعد رد الارواح الى الابدان بعد نفخة الصور الثانية وكجزاء الاعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب. والمراد به كتاب العمل الذي عمله الانسان فان العبادة تنشر لهم صحائف اعمالهم في الاخرة. ومن جملة ذلك ايضا الثواب والعقاب والصراط والميزان. ثم بين ان مآل الخلق في دار القرار الى جنة او نار. وذكر لهما فقال والجنة والنار مخلوقتان اي قد خلقهما الله عز وجل فهما موجودتان. لا تفنيان ابدا ولا تبيدان اي لا يلحقهما نقص بسبب طارئ منهما ولا نقص من امر خارج عنهما كما تقدم بيان نظيره من معنى البيض والفناء. والله تعالى خلق الجنة والنار قبل خلق وخلق لهما اهلا وسيأتي نظير هذا في ابواب القدر. وقال في الفصل او مضى نظيره في ابواب القدر وقال في الفصل المذكور ايضا والرؤية حق لاهل الجنة بغير احاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا او باب القدر سيأتي ان شاء الله. قال والرؤية حق لاهل الجنة بغير احاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا وجوه يومئذ ناظرة الى اخر ما قال ان من جملة المعتقد المتعلقة باليوم الاخر اثبات رؤية المؤمنين ربهم في الجنة. ولهذا قال رؤية حق لاهل جنة اي ليست مجازا فهي هنا رؤية الاكرام والتنعيم وهي مختصة بهم ثم وصف هذه الرؤية بوصفين فقال غير احاطة ولا كيفية. فالوصف الاول وهو نفي الاحاطة يراد به نفي ادراك الله سبحانه بالابصار كما قال تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار. اي لا تحيط به. فهي تراه سبحانه لا مكنة لها على الاحاطة بجلاله جل شأنه وتعالى سلطانه. والوصف الثاني وهو نفي الكون كيفية يراد به نفي كون المرئي سبحانه كغيره من المرئيات. ولو عدل المصنف عن هذا الاجمالي فكان اولى لان كيفية الرؤية بينت منه بتشبيه الرؤية بالرؤية لان كيفية الرؤية بينت بتشبيه بينت في الشرع بتشبيه الرؤية بالرؤية لا بتشبيه المرئي للمرئي كما في حديث جرير بن عبدالله رضي الله عنه في الصحيحين انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة ليلة البدر والتشبيه هنا يراد به تشبيه الرؤية بالرؤية للمرئي بالمرئي. ثم ذكر المصنف رحمه الله دليل ذلك وهو من المقامات التي اورد فيها دلائل المعتقد فقال كما نطق به كتاب ربنا وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ودلالة الايتين على المقصود في قوله تعالى الى ربها ناظرة لان ذكر النظر معدا بالا يدل على ان المراد بذلك النظر بالعين الباصرة التي تدرك المرئي وهي عين احدنا. فقول المصنف كما نطق به كتاب ربنا وصف لبيان ورود الحكم بهذا في القرآن وليس وصفا لله عز وجل فليس معنى قوله كما نطق به كتاب ربنا اي كما نطق ربنا بل المراد كونه محكوما به في القرآن كما قال تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق وقال ولدينا كتاب ينطق بالحق ثم بين المصنف ما ينبغي في بيان تفسيره فقال وتفسيره على ما اراده الله تعالى وعلمه. وهذا التفسير الذي وكل المصنف العلم فيه الى الله يشمل شيئين احدهما تفسير المعنى والاخر تفسير الكيفية وظاهر قوله فيما تقبل ومعناه على ما اراد انه وكل الى الله تفسير المعنى. وهذا احد المذاهب المنقولة في هذه الابواب من الاخبار عن لله والصحيح ان وكل العلم فيها هو وكل علم حقيقتها وكيفيتها الى الله. اما العلم بمعناها فانه مقطوع به اذ خطاب الشرع عربي انزله الله على قوم عرب ولا يمكن ان يخاطبوا بما لا يفهمون لان ذلك ينزه عنه الرب ولا يليق بكم من الخلق. ومن نسب هذا المذهب الى اهل السنة والحديث فانه غلط لقصر نظره في الحقائق الشرعية وعدم عدم عقله لما ورد من الاحاديث النبوية المتكاثرة والاثار السلفية المتتابعة وبعد ان بين المصنف رحمه الله ان رؤية الله حق لاهل الجنة ذكر ان كل ما جاء في عزل ذلك وتقويته وتأييده من الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو كما قال الا انه رحمه الله قال عقب ذلك ومعناه على ما اراد وهو يخالف ما سبق من ان علم المعنى مقطوع به لكن المتخلف عن علمنا هو كيفية صفة الله والاسلم دينا ان كل ما صحفي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مما علمنا معناه امنا به ووكلنا كيفيته الى الله وهذا هو الذي يقتضي الا ندخل في ذلك متأولين بارائنا ولا متوهمين باهوائنا بل ممنوع دخول التأويل فيه بالرأي والوهم فيه بالهوى هو القول في كيفية ذلك ثم بين رحمه الله الاصل الحامل على ذلك فقال فانه ما سلم في دينه الا من سلم لله عز وجل ولرسوله ورد علم ما اشتبه عليه الى عالمه. فقال في الفصل المذكور ايضا ولا يصح الايمان بالرؤية لاهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم الى اخره. اي انه لا يصح الايمان بالرؤية عند المثبتة. لا مما خرج بها عن مقتضى اللسان العربي فاعتبرها بوهم اي شيء يفرضه الذهن او تأولها بفهم اي شيء يتصوره الذهن فخرج عن القانون الصحيح فيها وهو الايمان بالمعنى المعروف بلسان العرب لها. فمن امن بالرؤية على هذا الوجه ايمانه ومن تطلب فيها غير هذا لم يصح ايمانه بالرؤيا ثم بينما ينبغي ان يكون عليه المعنى المعتد به في اثبات الرؤية فقال اذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل كل معنى يضاف الى الرؤية الى الربوبية بترك التأويل لزوم التسليم وعليه دين المسلمين. والمراد بتأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف الى الربوبية. ان يكون بترك التأويل المنسوب الى دين المسلمين. وهو معرفة ما تؤول اليه في حقيقتها وكيفيتها فهذا هو الذي عليه دين المسلمين. فان المسلمين يؤمنون بان لها معنى لكنهم يكفلون حقيقة المعنى ببيان كيفيته الى الله. وان كان المراد بالتأويل تفويض المعنى اي عدم العلم به ورده الى والله فليس هذا دين المسلمين اتفاقا منهم. فانهم متنازعون في هذا فهم فيه على طرائق عدة. اسلموا الايمان بما دلت عليه هذه الحقائق بالمعاني التي تعرفها العرب في لسانها مع تسبيح الله وتقديسه عن الاحاطة به سبحانه ويري الفصل الثامن فصل تاسع في الايمان بالقدر وفيه عشر جمل فقال ابو جهل الطحاوي خلق الخلق بعلمه وقدر لهم اقدارا الى اخره. فمن معاقب القدر الايمان بعموم علم الله. فان الله الخلق بعلمه فعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وقدر لهم اقدارا يتقلبون فيها وضرب لهم اجالا ينتهون اليها ولم يخفى عليه شيء قبل ان يخلقهم بل هو سبحانه عالم بهم وعالم ما هم عاملون قبل ان يخلقه علمه متقدم على ظهور الكائنات والوقائع فان الله علم الكائنات اي الوقائع والحوادث وكتبها ثم بخلقه ومشيئته اياها. فالقدر دائر على هذه الاصول الاربعة. علم الله بالكائنات وكتاب لها ومشيئته وخلقه اياها. ومن مهمات المسائل المتصلة بمقام القدر اجتماعه مع مقام الشرع فان الله خلق الخلق بعلمه وامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته لا يصح ان يكون معارضا لشيء مما قدره الله عليهم بل مقام الشرع ومقام القدر مجتمعان في الايمان. وهذا من الاصول العظيمة التي وقع فيها الانحراف قديما وحديثا. فالعبد يجري وفق قدر الله وهو متعبد امر الله وقال في الفصل المذكور ايضا وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة الى اخره. فذكر ان من قدر الله حكمه على الخلق في الاخرة فان الله جعل من خلقه اهل جنة واهل نار وعلم من هم اهل الجنة ومن هم اهل النار فلا يزداد في ذلك العدد ولا ينقص منه لكمال علم الله فلا يتجدد فيه علم يتعلق بدرج الافراد في الجنة او النار ثم ذكر من علم الله علمه بافعال العباد فقد علم افعالهم من طاعة وبر ومعصية وكفر وكل ميسر لما خلق له بال عادة يسرون للسعادة واهل الشقاوة تكتب لهم الشقاوة. واعمال الخلق بالخواتيم. اي معلقة بما يختم لهم ويموتون عليه فمن كان كافرا فاسلم كان عمله بحسب اسلامه ومن كان مسلما فكفر كان عمله بحسب كفره والسعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقي بقضاء الله. وقال في الفصل المذكور ايضا وعلى العبد ان يعلم ان الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه الى اخره لتحقيق شمول علم الله للكائنات بانفاذها وعدم فقد قدر ذلك تقديرا محكما مبرما. اي وثيقا قويا بريئا من النقص والتعقيب والازالة والتغيير والنقص والزيادة. وقال في الفصل المذكور ايضا ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قدر الى اخره فمن احكام الايمان بالقدر الايمان باللوح وهو الذكر الذي كتبت فيه المقادير والايمان بالقلم الذي جرى به التقدير والايمان بجميع ما كتب في اللوح من الاقدار. والايمان بالقدر السابق يزع قلب العبد عن طلب الخلق في تحسين تحصيل مراده. ويخرج من قلبه خوفهم في منعه مطلوبة. لان الامر لله وهذا معنى قوله فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله انه فيه انه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه جف القلم ما هو كائن الى يوم القيامة وما اخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما اصابه لم يكن ليخطئه. وقال في الفصل المذكور ايضا وكل شيء يجي بتقديره ومشيئته ومشيئته تنفذ الى اخره. فكل شيء من الوقائع والكائنات من في عموم مشيئة الله له فما شاءه الله كان وما لم يشأ لم يكن والخلق جميعا يجرون بتقديره ومشيئته ومشيئته نافذة فيهم لا تتخلف ولا مشيئة للعباد. ولا مشيئة للعباد الا ما شاء الله لهم وقد جعل الله لهم مشيئة واختيارا الا ان ما وهبوا اياه من المشيئة والاختيار غير مستقل بل محكوم بمشيئة الله واختياره وما قدره الله جار وفق ما تقتضيه حكمته. فان الله خلق الخلق بعلمه وقدر لهم اقدار واجل لهم اجالا ويسر لهم اعمالا كل ذلك بحكمته. فهو صادر عن حكمة. فيهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضله ويضل من يشاء ويفضل ويبتلي عدلا. وكل الخلق متقلبون في مشيئة الله بين الفضل والعدل مبنيين على حكمة تامة ارادها الله عز وجل. وقال في الفصل المذكور ايضا وكل شيء يجري بمشيئة الله وعلمه وقضائه وقدره. وهذه الجملة سبق نظيرها وهي مشتملة على بيان شمول مشيئة الله وعلمه جميع الكائنات. فمشيئته غالبة لمشيئة غيره. وعلمه سابق علم غيره. ومشيئته سبحانه نافذة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو غير ظالم ابدا. تقدس عن كل سوء وحين يعني هلاك وتنزه عن كل عيب وشين. وقال في الفصل المذكور ايضا والخير والشر مقدران على العباد. بان الله كتبهما عليهم وكتابتهما تستلزم جريان القدر بهما فما كتبه الله من هذا او ذاك فهو جار على العباد وقال في الفصل المذكور ايضا والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز ان يوصف المخلوق به فهي مع الفعل الى اخر ما قال وفيه بيان ما يتعلق بمسألة استطاعة العباد للافعال المراد بالاستطاعة القدرة. وقدرة العباد على الافعال واستطاعتهم نوعان الاول استطاعة قبل الفعل. وهي مناط الامر والنهي ومردها الى ما يتعلق بالصحة والوسع والتمكن الالات والثاني استطاعة مع الفعل. وهي باعث الامتثال انما ينالها من وفقه الله. اما من خذل فانه يمنعها كما قال الله. وكانوا لا يستطيعون سمعا. فان ان النفي فان المنفي هنا الاستطاعة التي مع الفعل. ثم ذكر حكم افعال العباد وانها مخلوقة واذا اضيفت الى العباد فباعتبار انها كسب لهم. والكسب هنا يراد به المعنى اللغوي. اي هو فعلهم الذي فعلوه فاضيف اليهم كما قال تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وليس مراده ما تقصده الاشاعرة من هذا اللفظ. فان الاشاعرة جعلوا للدلالة على صلة افعال للعباد بالقدر معنى اخترعوه ودلوا عليه بلفظ الكسب وهو مخالف لدلائل القرآن والسنة فالكسب عنده هم اقتران قدرة الخالق مع قدرة المخلوق اقتران قدرة الخالق مع قدرة المخلوق في باقوالهم وهي بضعة عشر قولا وهي من المسائل التي شهر اضطرابهم فيها حتى قيل مما يقال ولا لا حقيقة تحته معقولة تدنو لذي الافهام الكسب عند الاشعري والحال عند البهشم وطفرة النضام ثم ذكر ان الله سبحانه لم يكلف الخلق الا ما يطيقون اي ما وسعهم وهذا حق فانهم لم يكلفوا الا ما وسعهم ثم اتبعه بقوله ولا يطيقون الا ما كلفهم. ومعناه ان العبادة لا يستطيعون الا ما كلفهم الله. فلا قدرة لهم على ما فوقه وتعقب شراح هذه العقيدة الجملة المذكورة ببيان ان قدرة العباد هي فوق ما كلفهم الله فانه فرض عليهم خمس صلوات وهم يقدرون على اداء اكثر منها. ولهذا يتنفلون بالزيادة عليها وفرض عليهم صيام شهر وهم يقدرون على صيام اكثر منه ولذلك فانهم يتنفلون باكثر منه ويلوح معنى صحيح يمكن حمل كلام المصنف عليه بان يكون قوله ولا يطيقون الا ما كلفهم اي باعتبار ما انتهى اليه الحكم الشرعي من توقيت الصلوات بخمس والصيام بشهر فقد لوحظ في الاحكام طاقة العباد وليس مراده ما انتهى اليه الحكم القدري فانهم باعتبار الحكم قدري يطيقون فوق ما امروا به شرعا. فمعنى قوله ولا يطيقون الا ما كلفهم على الصحيح هو ان كمال طاقتهم هو فيما انتهى اليه ما امرهم الله به او انتهى او نهاهم عنه ثم ذكر مرجع القدرة والاستطاعة على الفعل وانه توفيق الله فقال وهو تفسير لا حول ولا قوة الا بالله نقول لا لاحد ولا حركة لاحد ولا تحول لاحد عن معصية الله الا بمعونة الله ولا قوة لاحد على اقامة طاعة الله والثبات عليه الا بتوفيق الله. وقال في الفصل المذكور ايضا واصل القدر سر الله تعالى في خلقه الى اخره. ومعنى اصل القدم سر الله في خلقه اي غيب كامل لا يظهرون عليه. فمراده بالسر ما خفي فلم يطلع عليه. واستعمال هذا اللفظ في بيان الاحكام الشرعية سواء الخبرية او الطلبية فاصطلاح الحادث لم يؤلف في كلام الله ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولا كلام الصحابة ولا كلام التابعين ولا كلام اتباع التابعين وما روي عنهم من ذلك لا يثبت لكن معناه حق في هذا المقام اذا اريد به الغيب واما في بغيره فانه حدثت بعد الاولين اقوام يستعملون كلمة السر للدلالة على معان غير بها في الشرع ولكون القدر غيبا فان الله لم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا. واذا كان كذلك فلا بد ان يكون العبد في حصن يقيه الولوج في متاهاته وهو الذي اشار اليه المصنف بقوله والتعمق والنظر في ذلك ذريعة وسلم الحرمان ودرجة الطغيان. فبين ان من اعظم المتاهات المفضية الى الضرر في باب القدر شيئان احدهما التعمق وهو التكلف فيه. ومن التكلف فيه مخاصمة الله في قدره كما سيأتي في قول المصنف فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما والثاني النظر والمراد بالنظر هنا نظرا والمراد بالنظر هنا نظر خاص وهو النظر فيه بشك واشتباه فهذا هو الممنوع منه كما قال المصنف فيما يستقبل واحضر النظر فيه قلبا سقيما. ولا يراد مطلق النظر بان ادراك معاني هذا الباب واحكامه وقوع مسائله بالدلائل المعروفة بكتاب والسنة امر مقرر في جملة ما يندرج في الايمان بالقدر. فالمراد هنا شيء خاص من النظر هو الذي ذكرت لك ومآل هاتين البليتين الافضاء بالعبد الى الخذلان. والحرمان والطغيان كما قال والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان اي وسيلة الخلان وهو عدم التوفيق وسلم الحرمان اي المعراج الموصل اليه والحرمان منع فضل الله عز وجل عن العبد. ودرجة الطغيان اي رتبته والطغيان مجاوزة الحد المأذون فيه فهو يشارك الغلو. لكنه يفارقه لان الطغيان يقارنه البطش والتعدي. وما دام الامر كذلك اصلا واثرا وجب البعد بالنفس وهذا هو الذي قصده المصنف فقال فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة فان الله تعالى طوى علم القدر عن ونهاهم عن مرامه اي عن طلبه. كما قال تعالى في كتابه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فمن سأل ما فعل فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. ثم ذكر ان ما سبق هو القدر المحتاج اليه فيما يتعلق وبالقدر فقال فهذا جملة ما يحتاج اليه من هو منور قلبه من اولياء الله تعالى وهي درجة الراسخين في العلم اي بكمال التسليم بالقدر ورد علم الله اليه ثم علل ذلك بقوله لان العلم علماني علم في الخلق موجود وهو العلم بشرع الله وعلم في الخلق مفقود وهو العلم بقدر الله. فانكار العلم الموجود كفر لان انكار الشرع كفر. وادعاء علم المفقود كفر لانه ادعاء علم القدر المغيب عنا. ولا يثبت الايمان الا بقبول العلم الموجود وهو علم الشرع وترك وترك طلب العلم المفقود وهو القدر المغيب. وقال في الفصل المذكور ايظا وذلك من الايمان واصول المعرفة الى اخره. فذكر ان هذا كله من عقد الايمان اي من العقائد الايمانية. واصول المعرفة الربانية والاعتراف بتوحيد الله وربوبيته فلا ايمان للعبد الا مع الايمان بقدره. كما قال تعالى في تحقيق نفوذ قدره ومشيئته وخلق وكل شيء فقدره تقديرا وقال وكان امر الله قدرا مقدورا. ومن خرج عما يجب عليه في القدر فصار لله تعالى في القدر خصيما واحضر للنظر فيه قلبا سقيما فانه متقحم مفازة الهلاك فاستحق صيحة المصنف فيه بقوله فويل لانها كلمة تهديد ووعيد. لان من كان كذلك ملتمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما. وعاد بما قال فعاد بما قال فيه افاكا اثيما. فهذا امر تقف العقول دونه وتنتهي الافهام عنده. فمن ورد فيه ولج في لجة عميقة تملأ قلبه حيرة وشكا وربما جرته الى الكفر وقديما قال ابراهيم الحربي من لم يؤمن بالقدر تنكد عيشه ويري الفصل التاسع فصل عاشر في اسماء الدين واحكامها. وفيه خمس جمل فقال ابو جعفر الطحاوي ونسمي اهل قبلتنا مسلمين مؤمنين الى اخره. فمن عقائد الايمان تسمية اهل القبلة مسلمين مؤمنين ما داموا بما يرجعوا الى اصل الايمان ملتزمين وهذا معنى قوله ما داموا بما جاء به النبي معترفين وله بكل ما قال واخبر مصدقين اي ما يتعلق باصل الدين اما ما وراء ذلك فان اهل القبلة يتفاوضون فيه. وقال في الفصل المذكور ايضا ولا ننزل احدا من جنة ولا نارا الى اخره. وهذا حكم اخر من احكام اهل القبلة. وهو الامتناع عن الحكم على احد منهم احكام الاخرة واحكام الاخرة تؤول الى الحكم عليهم بجنة او نار. وكما يمتنع الحكم عليهم في الاخرة بالجنة والنار يمتنع الحكم عليهم في الدنيا بالكفر والشرك والنفاق. وهذا الامتناع في المسألتين المذكورتين مبني كن على خفاء الدليل فاذا لم يقم دليل على انزال احد منهم جنة ولا نارا لم نتجرأ بانزاله في احداهما وان بالدليل خبر صادق من الوحي ان احدا من اهل الجنة او النار شهدنا له بدارك. وكذلك اذا خفي الدليل والتبس الحكم على احد في الدنيا بكفر او شرك او نفاق لم لم نجترئ بالحكم عليه بشيء منها الا ان قام على الدليل وهو المشار اليه بقول المصنف ما لم يظهر منهم شيء من ذلك فاذا بان الدليل واتضح باتيان العبد بمكفر او مقتض عليه او مقتض عليه الشرك والنفاق فانه يحكم عليه بذلك. ولا يتطلب كشف سرائرهم التي يسرونها في نفوسهم بل السرائر بينهم وبين الله والذي يتعلق به حكمنا هو الظاهر دون السرائر وهذه الشهادة على الحكم الدنيوي او الاخروي كما سبق معلقة باستبانة الدليل والوقوف على الحجة والحكم الاخروي دليله في القرآن والسنة. فاذا وجدنا خبرا فيهما عن احد بانه من اهل الجنة او النار حكمنا عليه بذلك واما الحكم الدنيوي على احد من كفر او الشرك او النفاق فان دليله نوعان واما الحكم الدنيوي على احد بالكفر او الشرك او النفاق فان دليله نوعان احدهما دليل خاص وهو ما نص وهو من نص على كفره او نفاقه او شركه في القرآن او السنة مثل كابي جهل وعبدالله ابن ابي ابن سلول وابي لهب وغيرهم. والثاني عام وهو المبني على ادلة الكتاب والسنة وهو المبني على ادلة الكتاب والسنة بان من قال كذا وكذا او عمل عمل كذا او اعتقد كذا وكذا او شك في كذا وكذا فانه كافل. او منافق او فاسق فبناء هذا على دليل من الكتاب والسنة. والمقصود اقامة الادلة هنا عليها من جهة الحكم على ما وقع فيه. اما انزالها على الاعيان بان يحكم بان فلانا من الناس كافر او منافق او مشرك فمردها الى احكام القضاء وليس مردها الى علماء العقائد فان العارفين بالعقائد يتكلمون في تقرير الاصول الكلية واما الحكم على احد معين بانه كافر او مشرك او منافق فهذا بيد القاضي الذي يحكم به لان الردة من ابواب الحدود والحدود انفاذها بيد القضاء لها القاضي والحاكم فيها ولي الامر. فلا تقتضي قوة العقيدة وصحة الايمان ان يتكلم العارف بها في كل ساق ولاقط من المتلطخين بالشرك والنفاق والكفر بل الواجب عليه بذل النصيحة في ذلك الى من بيده الامر واضحة عالمسألة؟ يعني وجدنا كاتب وما اكثرهم؟ قال مقالة في صحيفة او جريدة او مجلة او موقع الكتروني او كتاب مقالة كفرية او عمل عملا كفريا او ظهر منه اعتقاد كفري او شك في شيء. وقد يكون حليقا مطيلا ثوبه وقد يكون له لحية مقصرا ثوبه. فما صدر منه ان الحكم عليه بانه كافر او منافق او مشرك ليس الى كل احد ولو كان امام الائمة في العقيدة ما لم يكن قاضيا لان الردة باب من ابواب ايش؟ الحدود واقامة الحدود ينفذ فيها حكم القاضي لانه متوليها فان الشرع جعل الحدود الى القضاة ولم يجعلها الى ولا الى المفتين ولا الى ائمة المساجد بل هذه من ولايات القضاء. فالقاضي هو الذي يحكم عليه وولي الامر الحاكم هو الذي ينفذ حكم القاضي لان القاضي نائب عن ولي الامر. فليس لاحد ان يجعل نفسه في غير ما جعلها الله سبحانه وتعالى له. ولكن الواجب على من لم يكن قاضيا اذا رأى شيئا مخلا من احد ايا كان يدل على كفر او شرك او نفاق ان يكتب والى من بيده الامر ينصحه في ذلك ويحذره عاقبة ظهور مثل هذه الاقوال او الاعمال او الاعتقادات او الشكوك وقال في الفصل المذكور ايضا ونرجو للمحسنين من المؤمنين ان يعفو الله عنهم ان يعفو عنهم الى اخره ذاكرا ان المؤمنين ينقسمون الى فريقين الاول المحسنون فيرجى لهم عفو الله ودخوله الجنة برحمته دون امن العقوبة عليه. مع ترك الشهادة لهم بالجنة والثاني المسيئون لهم ونخاف عليهم العقوبة ولا نقنطهم من رحمة الله. والامن والاياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الحق بينهما لاهل القبلة والمراد بالامن الامن من مكر الله. والمراد بالامن الامن الامن من مكر الله. وهو الاقامة على المحرم والغفلة عن عقوبته وهو الاقامة على المحرم والغفلة عن عقوبته والمراد باليأس اليأس من رحمة الله وهو استبعاد رحمته بسبب الوقوع في معصيته. والحكم المرتب عليهما عند وجوده كما ذكره المصنف الخروج عن ملة الاسلام. وهذا الحكم لا يتحقق الا مع زوال اصلهما لا زال الخوف من الله من قلب العبد بالكلية او زال رجاؤه ربه من قلبه بالكلية كان هذا موجبا كفره ودون ذلك درجات من الامن والاياس لا يكفر بها صاحبها. ولكنها تدل على نقص ايمانه وضعف ايقانه وقال في الفصل المذكور ايضا واهل الكبائر من امة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون اذا ماتوا وهم الى اخره. وهذه الجملة فيها احكام اهل الكبائر. والمراد بهم المتلطفون بالذنوب العظيمة فالكبيرة شرعا اسم لما نهي عنه على وجه التعظيم. وانتظم فيما ذكره من احكام اهل الكبائر ثلاث مسائل الى عظام اولها ان اهل الكبائر من المؤمنين لا يخلدون في النار اذا ماتوا على التوحيد ان اهل الكبائر من المؤمنين لا يقلدون في النار اذا ماتوا على التوحيد. وثانيها انهم تحت الله ان شاء عذبهم بعدله وان شاء عفا عنهم بفضله. وثالثها انهم يخرجون من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين من اهل طاعته ثم يكون مآلهم الاستقرار في الجنة. وقوله رحمه الله وشفاعة الشافعين عطفا على قوله ثم يخرجهم منها برحمته من عطف الخاص على العام فان شفاعة الشافعين هي من رحمة رب العالمين التي تفضل بها على هؤلاء لكن لما كانت الشفاعة سبب وصولها او لما كانت الشفاعة من اسباب وصولها افردها باب الذكر والمقتضي لهذه الاحكام هي ان الله لا يسوي بين المسلمين والكافرين فالمسلمون من اهل معرفته لا يجعلون كالكافرين من اهل نكرته الذين لم يعرفوه. ثم اشهد المصنف قلبه هذه الحال خوفا ووجلا وفزعا فتضرع اليه بالدعاء قائلا اللهم يا ولي الاسلام واهله اي يا ناصر الاسلام واهله ثبتنا على الاسلام حتى القاف وانا نتضرع اليه سبحانه باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يثبتنا عن الاسلام والسنة حتى نلقاه. اللهم احينا على الاسلام وتوفنا على الاسلام والسنة. اللهم احفظنا بالاسلام قائمين واحفظنا بالاسلام قاعدين واحفظنا بالاسلام نائمين. وقال في الفصل المذكور ايضا ولا نكفر احدا من اهل القبلة بذنب ما لم يستحله الى اخيه. فذكر ان من العقائد ايمانية ترك تكفير احد من اهل القبلة اي المسلمين بالذنوب ما لم تستحل. فاذا استحل ذنبه كان مكفرا والمراد بالاستحلال اعتقاد كونه حلالا. اعتقاد كونه حلالا فهو امر باطن قلبي. وهذا القدر من المعنى الصحيح لا مرية فيه. فان التي هي محرمات من الكبائر فما دونها لا يكفر العبد بها الا بالاستحلال والاستحلال هو اعتقاد حلها ووراء وذلك معنى يتطرق الى هذه الجملة وهو ظن وقف التكفير على مجرد استحلال الذنوب وكان اللائق بالمصنف ان ينسج على منوال غيره من اهل السنة. الذين قالوا فاحسنوا ولا احدا من اهل القبلة بكل ذنب. يريدون بذلك ان الذنوب متفاوتة. فمنها ذنوب مكفرة ينتقض بها الاسلام هي المشار اليها بنواقض الاسلام او بنواقض الايمان وفيها اقوال وافعال وعقائد ودونها ذنوب لا تكفر بمجرد فعلها هي الكبائر وهي المرادة عندهم بالرد فهذه الجملة في كلام اراد بها الرد على الخوارج المكفرة بالكبائر لكنه اجمل فيما لم يحصل فيه الاجمال. ومن المقالات المتجافاة في باب الايمان دعوى من يقول لا يضر مع الايمان ذنب لمن عمله. فهذه مما قالت المرجئة الذين جعلوا اصل الايمان هو التصديق فقط فلا قول ولا عمل فما دام الاصل عندهم موجود بل وهو التصديق فان الذنوب لا تضر من قارفها وهذا مذهب باطل لما سلف من حقيقة الايمان وان الايمان عند اهل السنة اعتقاد وقول وعمل. وان الفصل العاشر فصل حادي عشر فيما ينبغي اعتقاده في الصحابة وفي جملة واحدة فقال ابو جعفر الطحاوي ونحب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب احد منهم الى اخره فانه لما كانت جمل هذا اعتقاد انما بلغتنا بنقل الصحابة رضي الله عنهم تتابع المصنفون فيه على عقيدة اهل السنة في الصحابة ومن جملة ما ذكروه ما ذكره ابو جعفر الطحاوي هنا الطحاوي هنا فذكر ان من عقيدة اهل السنة محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون افراط في حب احد منهم ولا البراءة منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم الا بخير وحبهم دين وايمان واحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ثم ذكر من المسائل المتعلقة بحق الصحابة مسألة الخلافة. فذكر ان الخلافة مرتبة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابي بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن ابي طالب رضي الله عنهم وهؤلاء الاربعة هم افضل الصحابة وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة. ويعقبهم في الفضل بعدهم تتمة العشرة المبشرين بالجنة فان النبي صلى الله عليه وسلم بشر عشرة من الصحابة في حديث واحد بالجنة. ومجيئهم في نسق واحد في خبر واحد خصهم بهذا الاسم العشرة المبشرون بالجنة بحيث اذا اطلق كانوا هم المرادين به. وليس المراد وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة لهم دون الصحابة وانما لاجل استماعهم في هذا الحديث خصوا بهذا الاسم وهم الخلفاء الاربعة ابن عبيدالله والزبير بن العوام وسعد بن ابي وقاص هو سعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح ثم ذكر ما يتعلق بالقول في الصحابة ان من احسن القول فيهم وفي ازواج النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين اي المطهرين المنزهين من كل رجز فقد برئ من النفاق لان حبهم ايمان ودين واحسان كما تقدم. وبغظهم كفر ونفاق ويلي الفصل الحادي عشر فصل ثاني عشر فيما ينبغي اعتقاده في الاولياء وفيه خمس جمل. فقال ابو جعفر الطحاوي والمؤمنون كلهم اولياء الرحمن الى اخره. مثبتا ولاية الله تعالى للمؤمنين مثبتا ولاية الله تعالى للمؤمنين جميعا فقال والمؤمنون كلهم اولياء الرحمن اي باعتبار ثبوت مطلق الايمان فيهم جميعا اما باعتبار الاطلاق المطلق فاما باعتبار الايمان المطلق الكامل فهم يتفاوتون. فمن الاول قوله تعالى قال الله ولي الذين امنوا فانه ولي الذين امنوا باعتبار ثبوت مطلق الايمان فيهم جميعا. ومن الثاني قوله تعالى الا الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فان لولايته سبحانه وتعالى لهم هنا معنى من ليس في الاول فولاية الرحمن للمؤمنين بمنزلة مطلق الايمان والايمان المطلق. اكرم المؤمنين عند الله اي اشدهم قياما بطاعته واتبعهم للقرآن ومن طاعة الله اتباع كتابه. وقال في الفصل المذكور ايضا ولا يفضل احدا من الاولياء على احد من الانبياء عليهم السلام. ونقول نبي واحد افضل من جميع الاولياء الى اخره واورد مسألة الاولياء في عقيدته تبعا لتعلقها بالحكم على الاعيان. فذكر ان من عقيدة اهل السنة والجماعة ان انهم لا يعتقدون فضل احد من الاولياء على احد من الانبياء. والولي في اصطلاح علماء العقيدة هو كل مؤمن تقي غير نبي وهم يعتقدون ان النبي الواحد افضل من جميع الاولياء ومما يتعلق بايمانهم بالاولياء ايمانهم بما جاء من كرامتهم وصح عن الثقات من رواياتهم والمراد بالكرامة الامر الخالق للعالم الجاري على يد غير نبي. وخرق العادة كما ذكرنا هو باعتبار اهل زمانهم لا باعتبار الخلق جميعا وقال في الفصل المذكور ايضا ولا نصدق كاهنا ولا عرافا الى اخره. فانه لما قرر فيما سلف صفات المصدقين المتبعين من الانبياء والاولياء بين من جاء الشرع بالمنع من تصديقه بدفء جنس منه فقال ولا نصدق كاهنا ولا عرافا والكاهن هو المخبر عن المغيبات بالاخذ عن مفترق السمع هو المخبر عن في الاخذ عن السمع والعراف هو المخبر عن المغيبات بامور ظاهرة معروفة يستدل بها. وممن لا يصدق من يدعي شيئا يخالف الكتاب والسنة واجماع الامة. فمن ادعى شيئا خالف فيه الكتاب والسنة واجماع الامة فانه لا يصدق او كائنا من كان وقال في الحصن المذكور وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين الى اخره. لانه لما كان العاقل للصحابة الخالقون لهم في طبقات الامة هم العلماء وهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم بين حقهم فقال وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين اهل الخير والاثر واهل واهل اهل الخير والاثر واهل الفقه والنظر لا يذكرون الا الجميل اي بالطيب ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل والى هذا الاصل اشار ابن سعدي في عقيدته المفردة لما ذكر عقائد اهل السنة والجماعة فقال ويحترمون العلماء والمراد بالاحترام توفير حرمتهم وحفظ جنابهم على الوجه الذي جاءت به الشريعة وما لم يكن منها مما صورته الاحترام فالواجب طرحه والغاؤه. وقال في الفصل المذكور ونحب اهل العدل والامانة ونبغض اهل الجور والخيانة. نريد بذلك ان اهل السنة يحبون اهل الطاعة اهل المعصية واختار للدلالة على ذلك هاتين الصفتين لقربهما في سياق كلامه في عقيدته مما قرره في في ولاة الجو فهاتان الصفتان مبغظ اهلهما لكن لا يعني بغض اهلهما اخراجهم بالكلية من دائرة الامام لهم قدر من الموالاة بقدر ما عندهم من الايمان ويبغضون بحسب ما عندهم مما يخالفه. ويلي الفصل الثاني عشر فصل ثالث عشر بصفة الاسلام وما يلزم من الاستسلام. وفيه جملتان فقال ابو جعفر الطحاوي ودين الله في الارض والسماء واحد وهو دين الاسلام الى اخره ومراده الاسلام بمعناه العام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله فدين الله مبني على التسليم والاستسلام له. ثم عدد رحمه الله تعالى اصولا اربعة فيها التسليم والاستسلام على طريقة الانبياء. ويحقق بها وسطية اهل السنة والجماعة بين الفرق اولها الاتباع فهم فيه بين الغلو والتقصير اي الجفاء. والثاني الصفات الالهية وهم فيه وسط بين اهل التشبيه المجسمة واهل التعطيل النفاة والثالث افعال العباد وهم فيه بين وسط بين الجبرية القائلين ان العبد مجبور على فعله لاختيار له وبين القدرية القائلين بان العبد يخلق فعله ولا يعلمه الا الله ولا يعلمه الله عز وجل الا بعد وقوعه. والرابع الرجاء والخوف فهم فيه بين امنين من مكر الله والايسين من رحمته سبحانه وتعالى. وقال في الفصل المذكور ايظا فمن رام علم ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الايمان الى اخره. وهذا اصل عظيم فان عبودية كلها قائمة على اخلاص القلب لله وسلامته من معارضة ومعاناة امره ومغالبته ثم بين رحمه الله ضرر الخروج عن هذا الاصل فقال فمن رام علم ما حضر عنه علمه ولم بالتسليم فهم حجبه مرامه اي قصده وعن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الايمان اي من اراد بلوغ العلم الذي حضر عنه اي منعه ولم يرضى فهمه بالتسليم فان مآل ذلك ان يحجبه قصده الذي خالص التوحيد اي كامله وصافي المعرفة من كمال الاقبال على الله وصحيح الايمان الايماني المتضمن للسلامة من كل شك. ويؤول حاله بعد ذلك الى ما ذكره بقوله فيتذبذب بين الكفر والايمان والتصديق والتكذيب والاقرار والانكار موسوسا تائها شاكا زائغا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا لان العقول لا تستقل بمعرفة الله ولا معرفة ما يجب لله. فاذا هجمت على طلب معرفته او معرفة يجب له دون الاقتباس من نور الوحي فانها تعتل وتمرض وعلتها شك مزري او هوى مرضي ربما تسارع المرض بصاحبه فاخرجه من الايمان والكفر. ومن رفع العقل فوق مقامه لحقه البلاء. ولاجل هذا قرر الشرع التسليم بما لا تدركه العقول لا لعجزها عنه. فان نازعت فيه اعقب فاعقبت عجزها هلاكا فمن عرى النجاة التي ينبغي ان يتعلق بها العبد دوام لله سبحانه وتعالى وعدم منازعته عز وجل في شرعه ولا قدره. ويلي الفصل الثالث عشر فصل رابع عشر فيما ينبغي اعتقاده في الجماعة والامامة. وفيه خمس جمل فقال ابو جعفر الطحاوي ونرى حقا وصوابا وثورة وثقة زيغا وعذاب ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة من جمل اصول معتقد اهل السنة انهم يرون الاجتماع في الدين حقا وصوابا ويرون ان الافتراق في الدين زيغا وعذابا فالجماعة العظمى المقصود وجودها هو الاجتماع في الدين. والفرقة العظمى المقصود ازهاقها هي الفرقة هي الفرقة في الدين واهل السنة يتبعون السنة والجماعة. والمراد بالسنة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم المراد بالجماعة جماعة الدين المقيمون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. واذا كان له ولي لهم ولي امر جامع كان ذلك اكد في وصف الجماعة. ومن نعم الله على هذه البلاد انها في ظلال سنة وجماعة فاهلها متبعون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهم مقيمون على الدين الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم ولهم ولي امر جامع فنسأله سبحانه وتعالى ان يحفظ علينا هذه النعمة وان يرزقنا شكرها واهل السنة يجتنبون الشذوذ اي الانفراد والخلاف. اي المشقة والفرقة فهم ينأون بانفسهم عن ان يتفوهوا بخلاف او ان يشقوا صف المسلمين فيه شيء فاذا كان المسلمون على امر جامع من امر دينهم او دنياهم فان من علامات اهل السنة انهم يجتنبون الشذوذ والخلاف والفرقة. ومن علامات اهل البدعة انهم يرغبون في الشذوذ والخلاف والفقه وهذه البلية قد عظم المصاب بها باخرة وهي من اثار ثقافات الانفتاح فان الخلاف واشاعته من مكائد نواب ابليس الذين يريدون تقويض عرى الشريعة وتمكين الناس من الجراءة عليها فهم يسهلون الخلاف في امور الدين ويبحثون في الفقه الاسلامي من يقول يقول بهذا القول او ذاك المناسب لاهوائهم وربما اغتر بهذه الاحبولة ووقع فيها من هو منتسب الى الشريعة والدين من المتسرعة فصار يتكلم في مثل هذه السابلة وهو من حيث لا يشعر ينقض في دينه فينبغي ان يعلم طالب العلم ضرر هذا وان المسلمين ينبغي ان يتمسكوا دينهم الذي ورثوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وان يعتمدوا في معرفة دينه على ورثته من العلماء الراسخين المعروفين باخذ العلم ممن طال امده في عكف ركبتيه متعلما ومعلما فان النجاة والسلامة مع هؤلاء والغرقاء كثير. وكان فضيل ابن عياض رحمه الله تعالى يقول لا تعجب مما من هلك كيف هلك ولكن اعجب ممن نجا كيف نجا وقال في الفصل المذكور ايضا ونرى المسح على الخفين في السفر والحظر كما جاء في الاثر هذا من قول بلال بن سعد وليس من قول الفضيل وانما الفضيل له قول اخر رحمه الله تعالى في هذا هذه المسألة ثم قال في الفصل المذكور ايضا ورأى المسح على في السفر والحضر كما جاء في الاثر وهذه المسألة من مسائل ابواب الطلب كما جاء في الاثر فليست مسألة خبرية وانما ادخلها المصنف وغيره في المعتقد لانها من المسائل التي صارت شعارا لاهل السنة باعتبار المخالف فان المخالف فيها من اهل البدع ومسائل الاعتقاد نوعان. احدهما مسائل اصلية دلت عليها الادلة المرضية. وهي ما يتعلق باركان الايمان ستة وتوابعها والاخر مسائل تابعة ادخلت في كتب الاعتقاد على وجه جعلها شعارا لاهل السنة مناقضة لمن اشتهر بها من اهل البدع وهم يذكرون المسح على الخفين وحب ابي هريرة رضي الله عنه مناقضة لاهل البدع المخالفين في هاتين المسألتين وامثالهما. وقال في الفحص المذكور ايضا والحج والجهاد ماضي مع اولي الامر من المسلمين الى اخره. وهاتان المسألتان من المسائل التي تتعلق بالاصل المذكور انفا على من جعل الحج والجهاد مع ولي الامر مختصا بمن كان عدلا منهم. فان اهل السنة يقيمونهما حتى مع ائمة الجور الموصوفين بالظلم والتعدي. وقال في الفصل المذكور ايضا ما مضى الصلاة خلف كل بر وفاء من اهل القبلة وعلى من مات منهم وهدان الامران من احكام اهل القبلة. فيرى اهل السنة والجماعة الصلاة خلف كل بر وفاجر من اهل القبلة والاهتمام به ولا سيما من والله من ولاه الله امرهم ويرون الصلاة على كل بر وفاجر من اهل القبلة اذا مات على الاسلام وقال في الفصل المذكور ايضا ولا نرى السيف على احد من امة محمد صلى الله عليه وسلم الى اخره والسيف هو القتل. ولا يراه اهل السنة على احد من امة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم. الا من وجد عليه السيف وفق ما تبينه الادلة الشرعية ممن جاء بما يوجب ايقاع القتل عليه وذلك راجع الى اصول ثلاثة يأتي ذكرها ان شاء الله تعالى في شرح حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث وهو من احاديث اربعين النووية واهل العلم يريدون بقولهم ولده السيف ترك الخروج على ولاة الامر وان جاروا خلافا لمن شهره عليهم. ولهذا قال بعده ولا نرى على ائمتنا وولاة امورنا وان جار ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل مريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة. فمن عقائد اهل السنة والجماعة التي جاءت بها دلائل الشرع ترك الخروج على الائمة وهم حكام المسلمين وولاة الامر وان كانوا ظلمة جائرين وترك الدعاء عليهم وعدم نزع اليد من طاعتهم بل يرى واهل السنة ان طاعتهم من طاعة الله وانها فرض للادلة الواردة في ذلك ما لم يأمروا بمعصية لان طاعتهم اصلا لم تقع استقلالا بل هي تابعة لطاعة الله. فاذا خرجوا عن طاعة الله فارادوا ان نطيعهم في معصية الله فلا طاعة لهم ولا سمع وانما الطاعة في المعروف وانما ومما يندرج في ما سلف الدعاء لهم بالصلاح والمعافاة بعظيم ما ينشأ عن صلاحهم اذا تحقق من الاثار التي تستقيم بها مصالح الخلق في دينهم ودنياهم وهذا الاصل العظيم المقرر عند اهل السنة والجماعة ليس اصلا املاه الفقه السياسي كما يزعمون ولا حكم حكم طائفة من الخلق في زمن من الازمان بل اوجبته طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم نحن فيه مطيعون لله متقربون الى الله عز وجل به لا نرجو من احد من الخلق شيئا ولو قدرا ابرة فان العرب قبل الاسلام كانوا مطبوعين على منازعة حكامهم وعدم ائتلاف قلوبهم عليهم لما قبل عليه العربي من الاباء فكان من مقتضى عبودية الله اخراج هذه القلوب اخراج القلوب من هذه الظلمة بالزامهم بطاعة من ولاه الله عز وجل امرهم. حتى بلغت النصوص مبلغها في ايجاب طاعة من تستبعد طاعته ممن كانت العرب تألف من مجرد مؤاخاته وصحبته فقيل كما في حديث العرباض عند اصحاب السنن والنسائي واسناده صحيح ولو كان عبدا حبشيا كأن رأسه زبيبة فبلغ من شدة طلب الشرع لافراغ القلوب من هذه الظلمة ان يؤمروا بطاعة من كانت هذه حاله ممن كانت العرب تستنكفه عن مؤاخاته ومقارنته واذا كانت الشريعة تعظمت هذا الامر هذا عظمت الامر المذكورة هذا المبلغ من التعظيم فانما هو اية لحال قلوب الخلق فان الناس يضجون ممن يسوسه ويقوم عليهم فهذه طبائع الاحرار لكن لا ينبغي ان يكون عبدا الا لله. فالله عز وجل امرك فيهم بامر فانت فاعبدوا الله كما امرك. وقول هنا كما امرك اي وفق ما دل عليه الكتاب والسنة. فما زاد عن ما جاء في الكتاب والسنة فليس مما امرنا الله سبحانه وتعالى فان الله عز وجل لم يجب علينا لم يوجب علينا المبالغة في مدحهم وثنائهم ولا موافقتهم على من شيء من الدين ان وقعوا فيه بل اوجب علينا النصح لهم فهذا دين الله عز وجل الذي تعبدنا به فاقامته انما تصح لاحدنا اذا امتثل خطاب الشرع. ومن امتثل خطاب الشرع نجا. ومن خرج عنه هلك. ومن نسب شيئا من ذلك الى الشرع ولم يؤجد فيه فانه لا طاعة له فيه. وانما نحن نطيع ما جاء في شرعنا الحكيم الوافي بجميع ما فيه صلاح ديننا ودنيانا. وان الفصل الرابع عشر فصل الخامس عشر في من الاهواء وفيه جملة واحدة فقال ابو جعفر الطحاوي فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا ونحن برءاء الى الله كل من خالفه الى كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه الى اخره. فبعد ان بين ما سبق وابتدأه باسم الاشارة في قوله هذا ذكر بيان في مطلع عقيدته ختمه باعادة الاشارة اليه فقال فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا ووصف والباطن هنا يراد به موضع العمل. فالعمل منه باطن وظاهر والدين منه باطن وظاهر. فالظاهر ان اعمال الظاهرة والباطن الاعتقادات الباطنة. فيكون العطف في قوله واعتقادنا من عطف الخاص على العام اما اطلاق الظاهر والباطن باعتبار الحكم الشرعي بان يكون الحكم الشرعي مقسوما الى شريعة ظاهرة وحقيقة باطنة فهذا ليس للمصنف ولا هو من عقائد اهل السنة والجماعة. ثم ذكر البراءة الى الله تعالى من كل ما قال فالذي ذكره وبينه. فان كان بهذه البراءة البراءة من كل من خالف جميع ما تقدم فهذا حق صراع. فان المخالف لجميع ما تقدم ممن منه وان كان مراده البراءة ممن خالف في فرد من الافراد المذكورة فليس صحيحا. لان البراءة تختص بما علم القطع حكمه فيما علم من طريق الشرع فيبرأ المؤمن من فاعله. اما ما لا يقطع به من المسائل المتنازع فيها فلا يتبرع الى الله عز وجل من اهلها من المؤمنين. ثم ختم المصنف هذا المعتقد بدعاء وخبر. فاما الدعاء فانه سأل الله ثلاثا اولها الثبات على الايمان اي الدوام عليه في اصله وكماله وثانيها الدعاء ان يختم الله عز وجل له به اي يجعل خاتمة موته عليه والثالث الدعاء بالعصمة من الاهواء المختلفة والاراء المتفرقة والمذاهب المردية. والمراد بالعصمة المنع منها ثم ذكر من جملة الفرق الخارجة عن الجماعة المشبهة ثم ذكر من جملة الفرق عن الجماعة المشبهة والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية وغيرهم. وهذه الفرق هذه الفرق جمعت ثلاثة امور اشار اليها احدها مخالفة السنة وثانيها مخالفة الجماعة وثالثها مخالفة الهداية. وحكمهم عند اهل السنة بينه صنف وانه يشتمل على امور ثلاثة. اولها البراءة منه كما قال ونحن منهم برءاء وتانيها الجزم بضلالهم. وثالثها الجزم برداءة مذهبهم. وهذه الامور الثلاثة هي في قوله ونحن منهم برءاء هم عندنا ضلال وانبياء. واما الخبر ففي قوله وبالله العصمة والتوفيق. فالله الله سبحانه وتعالى اليه مرجع الرد الى اسباب العصمة. اي المنع من كل لما يخالف امره والتوفيق الى موافقة امره بطاعته. وبهذا ينتهي شرح الكتاب على نحو مختصر يفتح موصده ويبين مقاصده. اللهم انا نسألك علما في يسر ويسرا في علم وبالله التوفيق ما اهم شيء ينبغي ان تتعلموه من هذا الدرس ما الجواب اي احسنت يقول جمع الامور المتفرقة يعني بعبارة اجلى طرائق التعليم هذه من طرائق التعليم فالانسان اذا اراد ان يعلم شيئا ينبغي له ان ينظر في طريقته. فانتم درستموها على وضعها كما كانت تامة في السنة الماضية ودرستموها هذه السنة. فايهما اخف واوظح؟ ما الجواب لا شك ان هذه السنة فهي اوضح وابين واسهل قطعا وهذا شيء موجود على قسمات وجوهكم فان الدرس الماظي استثقله كثير من الاخوان. ولذلك ينبغي ان يستفيد الانسان دائما من النظر في طرائق التعليم اذا اردت ان تحقق شيئا فانظر كيف تعلمه تعلمه لتفيده وتستفيد والامر الثاني عظم بركة الانتفاع بقراءة متون العقيدة كاملة. فعندما سرد الاخ القارئ المتن تامة من تبدى للمرء ما فيه من الجلال والعظمة لاجلال الله عز وجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم وتقطيع متون العقيدة الا اذا ضعف اعظام الناس لها. وانتم رأيتم كيف ان تسلسل الايات في الواسطية لما قرئ يأخذ بمجامع القلوب. فانت تقرأ ايات فيها صفات الله سبحانه وتعالى. وكذلك احاديث النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي الا يزهد الانسان في قراءة كتب العقيدة فان لها اثرا في القلوب والنفوس لا يجده الانسان اذا قرأ كتابا في الفقه او في النحو او في المصطلح. وحرصا على هذه الجلالة ابقي على قراءة تاما فلم نعتمد في اقراء هذا المتن على الفصول التي قربنا بها الكتاب التي جعلت تبعا للمتن الذي معكم بل قدمنا العقيدة قراءة ثم اتبعناها بذكر هذه الفصول للانتفاع بها في الشرح كما انني استفدت فائدة عظيمة وهي التفريط بين الطالب المتابع والطالب غير المتابع فالطالب المتابع عرف خطتنا في اقراء هذا المتن واننا قلنا لكم من قبل احضروا التقريب الذي عمل لاجل تسهيل الفهم. فالمتابعون احضروه فكان ذهنهم حاضرا. وغير المتابعين لم يحضروه فكان منهم شاربا فهذا يظعف الانتفاع. واحدكم يا اخوان لا ينتفع معلمه. بمجرد انه يأتي بياخذ المعلومات كيف ما اتفق؟ لا لا بد ان يأخذها بانشاد معلمه. اما الذي يخلف يخالف ارشاد معلمه فهذا لا ينتفع لان العلم ليس معلومات. العلم روح لطيفة لا تدرك. تسري بين المعلم والمتعلم فباعتبار كمال هذه الحقيقة في نفوسهم يقوى الالقاء عند المعلم ويقوى التلقي عند المتعلم. ولذلك يا اخوان الاخوان الذين يضعون الكتاب على الارض او الذين يمدون ارجلهم او الذي يبقى احدهم مدة مدة طويلة متأخرا عن الدرس يفوته من قدر هذه الحقيقة. وتضعف هذه الروح في نفسه. ولذلك يضعف ادراكه للعلم بخلاف الطالب الذي يجمع نفسه على هذه الحقيقة. ويقبل على العلم اقبالا تاما. فانه يدرك العلم في مدة يسيرة والعلم يا اخوان لا يدرك بجودة فهم. ولا قوة حفظ ولا كثرة كتب. ولا تعدد مشايخ وانما يدرك بصدق اقبال القلب على الله في طلبه. لانه عبادة فمن صدق في طلبه فان الله يصدقه. اتظنون ايها الاخوان ان اكرم الاكرمين يرد فضله عن من جلس في حلق ذكره فلا يمنحه العلم كلا فان الله عز وجل ذو الفضل ولكن الذي نحتاجه صلاحية انفسنا لاستقبال هذا العلم. فمن كمل نفسه رعاية هذه المآخذ الباطنة واستوفاها فتح الله عز وجل له ابواب الفهم والادراك ويسر عليه العلم هو الفهم وكتب له من الخير شيئا كثيرا. ومن لم يرعى هذه الامور حق رعايتها فاته من الخير شيء كثير. فالذي لا يكون وفق ارشاد معلمه لا ينتفع. والا فما معنى انتسابه اليه ما معنى ان تقول انا درست العقيدة الطحاوية عند فلان ليس معناها ان تأخذ معلوماتها معناها ان تكون حاضر القلب مستكملا لاداب العلم مستفيدا من معلمك في اخذها. ولهذا ترون ان الجامعات ما فقد فيها هذا الاصل لم تعد تخرج احدا من اهل العلم. بل تخرج متعلمين معهم مفاتيح اما الاولون فكانوا يرون ان هذه الجامعات هي محاضن لاخذ العلم الديني ويقبلون عليه تقربا الى الله عز وجل ولم يكونوا يرجون وظائف ولا بخلاف ما ال اليه حال الناس. فلذلك اعلم ان صدقك في انتفاعك بارشاد معلمك هو من تحصيلك للعلم فالذين لا يأبهون بارشاد معلمهم انهم لا ينقصون منه شيئا ولكنهم ينقصون من انفسهم فالذي لا يلاحظ الارشاد ولا ينتفع به يفوته خير وبعض الاخوان تقول شيئا ثم لا يبالي ويقول هذا رأي للمعلم وانا لست ملزما به فتجد ان بعضهم مثلا يعمد ويجلس خلف عمود ويمد رجليه او يجلس خلف العمود ويعكس حيث ان الانسان لا يراه ويعتمد على ظهره هب ان المعلم لا يراه ولكن هذا عهده في اخذ العلم. اترى ان الله سبحانه وتعالى يعطيك العلم انت لا تفي بعهده لا يعطيك الله سبحانه وتعالى العلم ابدا. ولذلك من لم يقم في نفسه هذا الامر لم يقم في قلبه لم تقم في قلبه حقيقة العلم. وهذا هو الذي تكونون به طلبة وما عدا ذلك لو ان احدكم حفظ ما في الارض جميعا دون معرفة هذه الحقائق فانه لا يكون عالما لان العلم خشية الله ولا تأتي هذه الخشية ممن فاتته هذه المعاني. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يلهمنا رشدنا واي يقينا شر انفسنا وان يجعلنا اخوانا متحابين متناصحين فيه سبحانه وتعالى غدا ان شاء الله تعالى الاربعين النووية وتيسير المجلى صح؟ والجدول عندكم لكن هذا من باب التذكير وفق الله الجميع لما يحب ويرضى الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين