السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين يسرا بلا حرج. والصلاة والسلام على محمد المبعوث ابن حنيفية السمحة دون عوج وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج. اما بعد فهذا شرف الكتاب العاشر للمرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته الثانية وهو كتاب الاربعين في مباني الاسلام وقواعد الاحكام المشهورة تلقيه بالاربعين النووية. العلامة يحيى ابن شرف النووي رحمه الله وهو الكتاب الثامن استعداد العام لكتب البرنامج. نعم. احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد. فقال النووي الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والارضين. مدبر الخلائق اجمعين. باعث الرسل صلواته وسلامه عليهم الى المكلفين بهدايتهم وبيان شرائع الدين بالدلائل القطعية وواضحات القوانين على جميع نعمه واسأله المزيد من فضله وكرمه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الواحد القهار الكريم الغفار واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله افضل المخلوقين المكرم بالقرآن العزيز المعجزة على تعاقب السنين وبالسنن المستنيرة للمسترشدين. المقصود بدوامع الكلم وسماحة الدين. صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين وآل كل من وسائل الصالحين. قوله رحمه الله بجوامع الكلم الجامع من الكلم ما قل مبناه وعظم معناه. وجوامع الكلم التي خص بنا نبينا صلى الله عليه وسلم نوعان. احدهما القرآن الكريم والاخر ما وقع عليه الوصف المتقدم. في قلة المبنى وعظم المعنى من كلامه صلى الله عليه وسلم كقوله الدين النصيحة رواه مسلم. نعم. احسن الله اليكم. اما بعد فقد روينا عن علي ابن ابي طالب ابن عبد الله ابن مسعود ومعاينة فقد روينا. فقد روينا عن علي ابن ابي طالب وعبدالله ابن مسعود ومعاذ ابن جبل وابي وابن عمر وابن عباس وانس ابن مالك وابي هريرة وابي سعيد الخدري رضي الله عنهم من طرق كثيرة كثيرات بروايات متنوعات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حفظ على امتي اربعين حديثا من امر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء وفي رواية بعثه الله فقيها عالما. وفي رواية ابي الدرداء وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا. وفي رواية ابن مسعود قيل له ادخل من اي ابواب الجنة شئت. وفي رواية ابن عمر كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء لقى الحفاظ على انه حديث ضعيف وان كثرت طرقه. وقد صنف العلماء رضي الله عنهم في هذا الباب ما لا يقصى من المصنفات. فاول من صنف فيه عبدالله بن المبارك ثم محمد واسلم التونسي العالم الرباني. اما الحسن ابن سفيان النسوي وابو بكر وابو بكر الاجل وابو بكر محمد ابن ابراهيم الاصفهاني والدار قطنه والحاكم وابو نعيم وابو عبدالرحمن السلمي وابو سعد الماريني وابو موعد ما نصابوني هو عبدالله بن محمد الانصاري وابو بكر البيهقي لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين. وقد استخرت الله وتعالى في دفع اربعين حديثا اقتداء بهؤلاء الائمة الاعلى وحفاظ الاسلام. وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف بفضائل الاعمال ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث بل على قوله صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة ليبلغ الشاهد منكم الغائب وقوله صلى الله عليه وسلم نزغ الله امرأ سمع مقالته فوعاها فاداها كما سمعها ثم اذ ثم من العلماء من جمع الاربعين قوله روينا بظم اوله وكسر ثانيه اي روى لنا شيوخنا ويضبط ايضا بفتح اوله وثانيه من غير تشديد. روينا ولكل منهما مقامه المناسب له. فمن تفضل عليه شيوخه فرووا له عبر من اول روينا ومن اجتهد واستنبط مروي شيوخه عبر بالثاني روينا وذكر بعض المتأخرين ضبطا ثالثا هو ضم وكسر ثانيه مخففا روينا وهو المعنى الاول. والحديث المقدم في كلام المصنف رحمه الله وهو حديث من حفظ على امتي اربعين حديثا الحديث هو معتمد جماعة مصنف الاربعينات الا انه حديث ضعيف مع كثرة طرقه وقد نقل المصنف اجماع اتفاق على انه حديث ضعيف. وفي وقوع الاتفاق نظر فان كلام ابي ظاهر للسنة في صدر كتابه الاربعين البلدانية التي خرجها لنفسه القول بثبوته وان كان الصواب ضعفه لكن النقد متوجه الى دعوى الاتفاق. ثم ذكر المصنف جماعة من تقدمه من اهل العلم ممن صنف الاربعينيات واردف ذلك بذكر الباعث له على جمع اربعين حديثا هو شيئان احدهما الاقتداء بمن ذكر من الائمة الاعلام من حفاظ الاسلام والاخر بذل الجهد في بث العلم بقوله صلى الله عليه وسلم ليبلغ الجاهل منكم الغائب. متفق عليه من حديث ابي بكرة رضي الله عنه وقوله صلى الله عليه وسلم وهو ابو داود والترمذي من حديث زيد ابن ثابت واسناده صحيح. وما ذكره اثناء ذلك من اتفاق اهل العلم على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال فيه نظر من وجهين. احدهما الذي حكاية الاتفاق نظرا فالمخالف فيه جماعة من الائمة الكبار مسلم ابن الحجاج ولو قيل انه قول الجمهور كان اقرب وهو الذي ذكره النووي نفسه في كتابه الاخر الاذكار. فانه عزا هذا الى الجمهور ولم اتفاقا والاخر ان الصحيح عدم جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال ما لم يقترن بما يدعو الى ذلك كقول صحابيين او اجماع او شبههما على تفصيل يبين في محله لا يأتي باذن الله. نعم. احسن الله اليكم. ثم من العلماء من جمع الاربعين في اصول الدين وبعضهم في الفروع وبعضهم بالجهاد وبعضهم بالزهد وبعضهم بالاداب وبعضهم في الخطب. وكلها مقاصد صالحة رضي الله عن قاصديها. وقد وقد رأيت وجمع اربعين اهم من هذا كله وهي اربعون حديثا مشتملة على جميع ذلك. وكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين قد وصفه العلماء بان مدار الاسلام عليه او هو نصف الاسلام او ثلثه او نحو ذلك. ثم التزم في هذه الاربعين ان سنة صحيحة ومعظمها في صحيحي البخاري ومسلم واذكرها محذوفة الاسانيد ليسهل حفظها ويعم الانتفاع بها ان شاء الله تعالى انا ثم اتبعها بباب في ضبط خفي الفاظها. وينبغي لكل راغب في الاخرة ان يعرف هذه الاحاديث لما اشتملت عليه من المهم واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات وذلك ظاهر لمن تدبره وعلى الله اعتمادي واليه تفويضي واسناني وله الحمد والنعمة وبه التوفيق والعثمان. ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة شرط كتابه. وان ذلك يرجع سبعة امور اولها انه مشتمل على اربعين حديثا وهو وكذلك بالغاء الكسر. فان عدتها اثنان واربعون حديثا بحسب التراجم وثلاثة واربعون حديثا بحسب تفصيل عدها وثانيها ان هذه الاربعين شاملة لابواب الدين اصولا وطروعا. وقد قارب وترك شيئا بعده فزاد عليه من زاد عليه كابي الفرج ابن رجب في جامع العلوم والحكم وثالثها ان كل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين وقد وصفه العلماء بان مدار الاسلام عليه او انه نصف الاسلام او ثلثه او نحو ذلك مما يبين علو في ذهنه ورابعها ان كل هذه الاحاديث صحيحة فيما ادى اليه وقد خولف في بعضها كما ستعلم خبره. ووصفه لجملة منها في اثناء الكتاب بالحسن لا يخالف ما ذكره هنا لان من اهل العلم من يدرج نوع الحسن في الصحيح فيكون معنى قوله صحيحا اي ثابتة وقد تكون صحيحة وقد تكون حسنة على المعنى المستقر لهما اصطلاحا ان معظم معظم معظم هذه الاحاديث في صحيحي البخاري ومسلم. وعدة ما فيها من احاديث اتفاقا وافتراقا تسعة وعشرون حديثا. وسادسها انه ويذكرها محذوفة الاسانيد ليسهل حفظها ويعم الانتفاع بها. وسابعها انه يتبعها في ضبط خفي الفاظها. وهذا الباب الساقط من اكثر نشرات الكتاب. وهو من الاهمية بمكان انه بمنزلة الشرف الوليد جدا. والنوي له عناية بمثل هذه الصنيعة. فعددها بغير ككتاب بستان العارفين فانه ختمه بباب في ضبط خفي الفاظه. وهذا من محاسن الافادة نعم احسن الله اليكم الحديث الاول عن امير المؤمنين ابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. رواه المحددين ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة ابن برزز بن البخاري الجعفي وابو الحسين مسلم ابن الحجاج ابن مسلم البشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما اصح الكتب المصنفة. هذا الحديث لا يوجد بهذا السياق التام في كتاب البخاري ولا في كتاب مسلم. بل هو ملفق من روايتين منفصلتين للبخاري وقوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات اعلام بتعلق الاعمال بنيات اصحابها. وان العمل لا يصح الا بنية. والنية في الشرع هي ارادة القلب العمل الى الله وقوله صلى الله عليه وسلم ان من الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى جملتان تتظمنان خبرين فالجملة الاولى خبر عن حكم الشريعة على العمل. والجملة الثانية خبر عن حكم الشريعة. على العامة وقوله صلى الله عليه وسلم فمن كانت هجرته الى الله ورسوله الى اخره تكميل للبيان لضرب المثال فان النبي صلى الله عليه وسلم لما بين ما يعتد به من الاعمال بقوله انما الاعمال بالنيات وما يترتب عليها من فضل العامل بقوله وانما لكل امرئ ما نوى اكمل البيان بضرب مثال يتضح به المقال فذكر عملا صورته واحدة وهو الهجرة. واخبر عن اثر النية فيها عملا وعاملا اذا اختلفت وغيرها من الاعمال مقاس عليها. والهجرة في الشرع هي ترك ما يكرهه الله ويأبى الى ما يحبه ويرضاه. ومنها الهجرة الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهي نوعان. الاول هجرة الابدان وهي التي يذكرها الفقهاء في كتبهم واعلاها الهجرة من بلد الشرك الى بلد الاسلام. والاخر هجرة القلوب. وهي هي اعظم الهجرتين. فهجرتها الى الله بالاخلاص. والى النبي صلى الله الله عليه وسلم باتباعه. ومن كانت هجرته الى الله ورسوله نية هو قصد فقد حصل ما نوى ووقع اجره على الله ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فهجرته الى الله ورسوله اي قد قبلت منه واثيب عليها الجزاء الحسن. وقوله صلى الله عليه وسلم ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه اخبار بان من كانت نيته في الهجرة اصابة دنيا او تزوج امرأة فهجرته الى ما هاجر اليه. لا الى الله رسوله فان الاول ساجد والثاني نكح. وانما اختار النبي صلى الله عليه وسلم في المقال ببيان هذا المثال لان الهجرة عمل منفرد الصورة لم تعرفه العرب قبل فالعرب كانت ضنينة بمنازلها شديدة الولع بالظعن فيها لا تفارقها الا اذا غلب عليها قوم غزاة فاخرجوهم من موطنهم فلما الشريعة باخراجهم من ديار الكفر الى ديار الاسلام صار هذا العمل من الاعمال مال التي يتميز بها المسلمون عن الكافيين. فضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل بها على ما في لفظه الشريف صلى الله عليه وسلم. نعم. الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه ايضا انه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد. حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا. قال صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال فاخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه به ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت. قال فاخبرني عن الاحسان. قال ان تعبد الله كانك فان لم تكن تراه فانه يراك. قال فاخبرني عن الساعة. قال من المسئول عنها باعلم من السائل؟ قال فاخبرني عنها قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. قال ثم انطلق فلبست ثم قال يا عمر اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم وليس في النسخ التي بايدينا منه قوله جلوس وقع في اخره ثم قال لي يا عمر بزيادة كلمتي لي وقوله فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على كفديه. اي اسند ركبتيه الى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم. ووضع لبيه على فقديه النبي صلى الله عليه وسلم كما وقع مصرحا بذلك في حديث ابي هريرة وابي ذر رضي الله عنهما مقرونين عند النسائي باسناد صحيح. وقوله اخبرني عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله الحديث سيأتي بيان هذه الجملة في الحديث الثالث لله وقوله فاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله الى اخره وقد تضمنت هذه الجملة بيان حقيقة الايمان واركانه والايمان بالشرع له معنيان. احدهما عام وهو الدين الذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقته التصديق الجازم باطلا وظاهرا بالله تعبدا له بالشرع على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة. والاخر خاص وهو والاعتقادات الباطنة وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الايمان والاسلام والاحسان ان وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اركان الايمان الستة ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. وجمعها مقرونة اتى بالسنة اما القرآن فلم تأتي مجموعة في سياق واحد من افرد القدر عنها في غير اية. فقوله اخبرنا فاخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كأنك الى اخره فيه بيان حقيقة الاحسان. والاحسان في الشرع له معنيان نبيان على تصرفه اللغوي. احدهما ايصال النفع. ومحله المخلوق لا الخالق. ويشمل جميع انواع البز والعطس والاخر الاتقان واجادة الشيء. ومحله الخالق والمخلوق. والمذكور منه في الحديث هو الاحسان مع الخالق وحده ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وحقيقته اتقان الباطن والظاهر بعبادة الله على مقام المراقبة او المشاهدة اتقان الباطن والظاهر بعبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة وهو قسمان. احدهما الاحسان الخالق في حكمه القدري. والقدر الواجب المجزي من التجمل بالصبر على الاقدار بلا تسخر ولا جزع. والاخر الاحسان مع الخالق في حكمه الشرعي والقدر الواجب المجزئ منه امتثال الخبر بالتصديق وامتثال الطلب بفعل الواجبات وترك واعتقاد حل الحلال. قوله فاخبرني عن اماراتها الامارات بفتح الهمزة جمع امارة وهي العلامة. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علامتين في الساعة الاولى اذا الامة ربتها والامة هي الجارية المملوكة. والرب مؤنث وهو في لسان العرب السيد والمالك والمصلح للشيء القائم عليه والثانية ان يتطاول الحفاة العراة العالم دعاء الشاي في البنيان. والحفاة هم الذين لا ينتعلون هم الذين لا يلبسون ما يستر عوراتهم. والعالة بفضح اللام هم الفقراء والرعاء بكسر الراء هم الذين يرعون بهائم الانعام الابل والبقر والغنم. وقوله لبثت هكذا وقع في اصول الاربعين بينما قال المصنف في شرح مسلم هكذا ضبطناه لبث اخره تاء مثلثة من غير تاء. وفي كثير من الاصول المحققة لبثت بزيادة المتكلم وكلاهما صحيح انتهى كلامه. وقوله مليا اي زمن طويلا وهو بفتح الميم وفتح اللام وتشديد الياء التحتية. وصح عند اصحاب السنن الا النسائي انه لبث ثلاثا بعد وقوع الغصة. فاخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر السائل وقوله فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم اعلام بان هو جبريل عليه الصلاة والسلام. ومقصوده تعليم الصحابة دينهم. نعم. احسن الله اليكم الحديث الثالث عن ابي عبد الرحمن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان قال رواه البخاري ومسلم. اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. اما في رواية البخاري فبيتقديم الحج على صوم رمضان بلفظ الحج وصوم رمظان ولم يذكر لفظة البيت الواردة عند مسلمين. وقوله بني الاسلام الاسلام هنا هو الاسلام بمعناه الخاص. وهو الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وحقيقته استسلام الباطن والظاهر لله تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة. ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اركان الاسلام بمعناه الخاص تمثل الاسلام في بنيانه له خمس دعائم قد اقامه الله عليها وما عداها من شرائع الاسلام فهي تتمة البنيان. فشرائع الاسلام باعتبار الركنية وعدمها نوعان احدهما شرائع شرائع الاسلام التي هي اركانه الوثيقة ومبانيه الجليلة وهي الخمس المذكورة في هذا الحديث شرائع الاسلام التي ليست باركان مما يكون واجبا او نبلا مما يكون فرضا او نفلا. وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اركان الاسلام في هذا الحديث واحدا واحدا. فالركن الاول في قوله صلى الله عليه وسلم شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الشهادة التي هي ركن من اركان الاسلام الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وذكر الركن الثاني في قوله واقام الصلاة والركن منها صلاة اليوم والليلة التي هي خمس صلوات وما عداها ولو قيل كعيد وكسوف فانه لا يدخل في جملة الركن منها. وذكر الركن الثالث في قوله وايتاء الزكاة. والزكاة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الزكاة المفروضة المعينة في الاموال وذكر الركن الرابعة في قوله وحج البيت والحج بفتح الهاء المضمنة وكسرها ايضا. والركن منه هو حج الفرض في العمر مرة واحدة الى بيت الله الحرام. والمراد بيتي في الحديث الكعبة. لكن لما كان معهودا عند العرب ارادة الكعبة بهذا بحيث اذا اطلق كان منصرفا اليها استغنى النبي صلى الله عليه وسلم عن الافصاح عنها وانما قال حج البيت اي البيت الذي تعرفه العرب وهو اتعبأ؟ وذكر الركن الخامس في قوله وصوم رمضان هو الركن منه هو صوم شهر رمضان في كل سنة نعم. احسن الله اليكم. الحديث الرابع عن ابي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان احدكم يجمع قلبه في بطن امه اربعين يوما نصرة. ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون. مضغة مثل ذلك. ثم يغسل اليهم ملك فينفخ فيه الروح الروح ويؤمر باربع كلمات بكسب رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد. فوالذي لا اله فغيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينهم وبينها الا ذراع. فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل يدخلها وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينهم وبينها الا ذراع. فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها. رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث مخرج للصحيحين كما ذكر المصنف. الا انه ليس بهذا اللفظ عند احدهما بل السياقات الواردة فيهما تختلف عنه. وقوله ان احدكم يجمع خلقه الى اخره المراد بالجمع الضم. ومحله الرحم. وحقيقته على ما ذكره اهل الطب ان الله يجمع خلقه في الاربعين الاولى جمعا خفيا. فتتزوج تميز صورة الجنين فيها تميزا اجماليا لا تفصيليا. وارتضى وهذا ابن القيم في كتاب التبيان والنسخة هي ماء الرجل والمرأة ومبتدأ الخلق من اجتماع وقوله ثم يكون علقة العلقة هي القطعة من الدم وجمع وفيها يبدأ تفصيل اجمال خلق الجنين. كما جاء مصرحا به في حديث حذيفة عند مسلم وفي هذا الطور يتبين الجنين الذكر هو وقوله ثم يكون مضغة المضغة هي القطعة الصغيرة من اللحم على قدر ما يمضغه الاتي. وهي نوعان. احدهما المضغة المخلقة اخر المضغة غير المخلقة كما قال تعالى ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ومعنى التفريق هنا التمام لا بدو صورة الجنين فالمضغة تكون تارة تامة وتكون تارة اخرى غير تامة بل معيبة ناقصة. فمن المضغ ما هو كامل الخلقة السالم من العيوب ومنها ما اليس كذلك؟ وقوله ثم يوصل اليه الملك ثم ينفخ فيه الروح ويؤمر الكلمات وقع في رواية البخاري التصريح لان النفخ متأخر عن كتابة التمات المذكورات. فيقع النبض اولا. فتقدم كتابا الكلمات ثم تنفخ الروح وهي رواية مفسرة للعطف المسوى هنا بالواو بتقدير الكلام ثم يؤمر باربع كلمات ثم يؤمر ثم ينفخ فيه الروح وكتابة المقادير تقع مرتين في الرحم الاولى بعد الاولى في اول الثانية. وقد جاء ذكرها في حديث حذيفة عند مسلم الثانية بعد الاربعين الثالثة اي بعد اربعة اشهر وقد جاء ذكرها في حديث ابن مسعود رضي الله عنه هذا وهذا هو الذي دلوا عليه الادلة وبه تجتمع. فتكون كتابة المقادير مرتين في الرحم. واختاره ابن القيم في التبيان والشفاء العليل وشرح تهذيب سنن ابي داود وقوله ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة الى اخره هو باعتبار ما يبدو للناس ويظهر لهم. كما جاء آآ مصرحا به في حديث سهل ابن سعد رضي الله عنهما في الصحيحين فهو يعمل بعمل اهل الجنة فيما للناس وفي باطنه خصلة فاسدة توجب له سوء الخاتمة عند الموت فيدخل النار. والاخر يعمل بعمل اهل النار فيما يبدو للناس وفي باطنه خصلة صالحة توجب له حسن الخاتمة عند الموت فيدخل الجنة فلا يكون ظاهر المتبادر من الحديث مرادا دون تقييد بل لابد من تقييده بحديث سهل ابن سعد في الصحيحين ان عمل هذا عمل اهل الجنة فيما يبدو للناس بظاهره. اما في سره وخفائه فخلاف ذلك. وكذلك مقابله يعمل يظهر للناس لكنه في سره وخفائه له عمل صالح وفيه خوف واعظام لله عز وجل فتكون عاقبة الاول الى النار وتكون عاقبة الثاني الى الجنة. نعم. الحديث الخامس ام المؤمنين ام عبد الله عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس فهو رد رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وقد علقها البخاري هذا الحديث محرج في الصحيحين ايضا واللفظ المذكور هو لمسلمين. لم تختلف نسخه فيه. اما لفظ في اكثر النسخ فهو من احدث في امرنا هذا ما ليس فيه. ووقع في بعضها ما رواية مسلم والرواية الاخرى لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد هي عند البخاري ايضا لكنه علقها ولم يسب اسناده اليها. وقد اشتمل هذا الحديث على مسألتين عظيمتين. الاولى في قوله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه ففيه بيان حد المحدثة في الدين التي سمتها الشريعة بدعة. كما في حديث العلفاظ ابن سرية رضي الله عنه الذي رواه الاربعة الى النسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اياكم ومحدثات الامور فان كل محددة بدعة. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حد المحدث في الدين وحقيقة البدعة بامور خمسة اولها ان البدعة احداث وثانيها ان هذا الاحداث في الدين لا الدنيا. وثالثها انه احداث في الدين بما ليس منه. فلا يرجع الى اصول الدين ومقاصده لا يمكن بناؤه على قواعده. رابعها ان هذا الاحداث في الدين بما ليس منه يقصد به تقرب لان فاعله يتدين بما يتقرب به لله وليس له قصد معتد به نقلا ولا عقلا في فعله لما احدث الا ذو القربى وخامسها ان يقترن به الالتزام. ان يقترن به الالتزام لان الصراط الالتزام هو المتفق مع جعله دينا. فان العبد يجعله في ذمته ويدين الله سبحانه وتعالى به. فالحج اهل البدعة ان يقال مستفاذا من الحديث هي ما احدث في الدين مما ما ليس منه بقصد التقرب على وجه الالتزام. وقد دخل في ذلك جميع الاعتقاد والاقوال والافعال المحدثة. اما المسألة الثانية فهي بيان حكم البدعة. في قوله صلى الله عليه وسلم فهو رد اي مردود فهي لا تقبل من صاحبها. ورواية مسلم التي علقها البخاري من عمل عملا ليس عليه امرنا اعم من اللفظ الاول. لانها تبين رد نوعين من العمل احدهما عمل ليس عليه امرنا وقع زيادة على حكم الشريعة عمل ليس عليه امرنا وقع زيادة على حكم الشريعة. والاخر عمل ليس عليه امر وقع مخالفا لحكم الشريعة. فهذا الحديث بروايته المذكورة اصل جليل في ابطال البدع الحادثات وان كان المنكرات الواقعات. فلا يختص الاول كما شهر به. بل انه يسلط للرد على المبتدعة الضلال. ويسلط ايضا المسرعين للمنكرات من اهل الفساد والانحلال. لعموم الرواية التالية من هذا وذاك. وهذا الحديث ميزان للاعمال الظاهرة. كما ان حديث عمر رضي الله عنه الاول ميزان للاعمال الباطنة افاده ابو العباس ابن تيمية الحكيم وعبدالرحمن ابن سعدي رحمكم الله تميزان الشريعة باعتبار الباطل مذكور في حديث عمر انما الاعمال وميزان الشريعة باعتبار الظاهر مذكور في حديث عائشة هذا نعم احسن الله اليكم الحديث السادس عن ابي عبدالله النعمان ابن بشير رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ دينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حولا فيما يوشك ان يرجع فيه. الا وان لكل ملك حماه الا وان رحم الله محارمه الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. رواه البخاري هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكره المصنف فهو من المتفق عليه الا ان سياق من النسخ التي بايدينا ليست فيه كلمة فقد السابقة لكلمة امرأة وفي هذا الحديث اخبار بان الاحكام الشرعية الطلبية من جهة ظهورها نوعان ان الاحكام الشرعية الطلبية من جهة ظهورها نوعان. النوع الاول بين جلي حلال بين والحرام بين. كحل بهيمة الانعام وحرمة الزنا. والنوع الثاني مشتبه متشابه. والمتشابه له اطلاقان. الاول اطلاق العام يراد به ان الشريعة يشبه بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا. ومنه قوله تعالى كتابا متشابهة من يشبه بعضه بعضا ويصدقه. والثاني اطلاق الخاص وهذا له معنيان احدهما ما استأثر الله بعلمه فخفي علينا ما استأثر الله بعلمه فخفي علينا ومحله خطاب الشريعة الخبرية اذ لا يعلم حقائق صفات الله سبحانه وتعالى واقوال يوم القيامة الا هو وحده والاخر ما لم يتضح معناه. ولا تبينت دلالته ومحله خطاب الشريعة الطلبي. والناس فيما يشتبه عليهم من الاحكام الشرعية الطلبية اسمان. الاول من كان متبينا لها عالما بها متبعا لما ظهر له من العلم فيها. واليه اشير بقوله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهن كثير من ناس فانه يدل ان منهم من يعلمها. ولا تبقى مشتبهة عليه. لان نفى العلم بها عن كثير من الناس. ولم ينتهي عن جميعهم. ولا حرج على من كان كذلك ان يقع في شيء وان ظنه الناس شبهة لانه عالم بحقيقة الحكم وغيره ليس كذلك الا انه يحصل به ان يتقي طعن الناس فيستبرأ لعرضه كما في حديث انها عصبية المشهور المغوي في الصحيحين. والقسم الثاني من لم يتبين ولا علم حكم الله فيها. وهؤلاء قسمان ايضا. احدهما تقييم الشبهات التارك لها والاخر الواقع فيها الراكع في جنباتها. والواجب على من لم يتبين له حكم المشتبه ان يتقيه فلا يوقعه لامرين. الاول استبراء قول دينه وعرضه كما في قوله صلى الله عليه وسلم فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه والثاني ان من وقع في الشبهات جرته الى المحرمات وقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا بالراعي الذي يرعى بهائمه حول الملوك وهو ما يحمونه من العرض لمصلحة خاصة او عامة يوشك ان يطلبوا ان يقع فيه فان من رعى حوله لم يأمن ان تدخل بهائمه فيه فيضمن فسادها ويعاقب عليها. فكما ان للملوك حمى فان لملك الملوك سبحانه حمى. رحم الله محارمه فان الله حماها ومنع عباده قربها وسماها حدودا كما قال تعالى تلك حدود الله فلا تقربوها. فمن تجرأ على الشبهات ووقع فيها يقرب ان يقع في الحمى الذي حماه الله وهو الحرام. الشبهة سبيل مفضي الى الحرام. والتباعد عنها ملجأ امن يتقي به العبد البلوغ فيما حرمه الله سبحانه وتعالى. ومن مذلات القدم وزيغات القلم في هذه الاعصاب. تسارع الناس الى الشبهات. وعدم اتقائها وتركهم وراءهم ظهريا فامره به ما امرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وارشد اليه في هذا الحديث من اتقائها. فتجد احدهم يقول في لسان حاله او حاله اذا لم يكن الامر حراما وانما هو شبهة فلما نمنع منه وانما نمنع من الحرام وربما تكلم بهذا جماعة من المتسرعة فضلا عن الدهماء والعوام. وهم الحقيقة جاهلون بالشريعة واحكامها. فان الشريعة ليس من طريقة فيها الاقتصار على نفي المحرم لذاته فقط. بل هي تنفي عن العبد المحرم لذاته وتنهاه عن كل ما يوصله اليه. ويأتي في خطابها ما ينبئ عن ثالثا فان الله عز وجل مثلا قال ولا تقربوا الزنا ولم يقل ولا تزنوا وانما جيء بالنهي عن القربان لانه يتضمن النهي عن الزنا وعن كل طريق يوصل اليه وجادة توقف عليه. فتكون قاعدة الشريعة هي النهي عن المحرمات. مقصدا والنهي عن ما يوصل اليها من الوسائل ومن ذلكم نهي صلى الله عليه وسلم عن تعاطي ما فيه شبهة لانه يفضي من العبد الى الحرام. فمن اخر نظره على التحريم بان ما جاء مبينة حرمته في الشريعة دون ما كان شبهة فقد غلط في هذه ندرة الشريعة مدرة الشريعة في التحريم وقد شرع الله سبحانه وتعالى بخلقه من الحلال في العقود في البيوع والاسلحة والمعاملات ما يستغنون به عن الشبهات. لكن لقلة العلم وغلبة الاهواء اهل الكفر وتسارع الناس الى الدنيا وتصارعهم عليها سهلت عليهم مثل هذه الاصول يتساهلون في تعاطي الشبهة تحت حجة انها ليست محرمة صرفا وهذا على طول كما بينت لك. وقوله صلى الله عليه وسلم في اخره الا وان في الجسد مضغة. المضغة في كما تقدم القطعة الصغيرة من اللحم على قدر ما يمضغه الاكل. وفي الجملة بيان عظيم اثر القلب صلاحا وفسادا. فان من صلح قلبه صلحت جوارحه ومن فسد قلبه فسدت جوارحه. نعم. احسن الله اليكم. الحديث السابع عن ابي رقية من ابن اوس الجاري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم. قوله الدين النصيحة. اي الدين كله هو النصيحة وحقيقة النصيحة شرعا قيام العبد بما لغيره من الحقوق العبد بما لغيره من الحقوق. فالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم هي القيام بحقوقهم وهذا المعنى هو الحج الجامع بحقيقة النصيحة شرعا. وما ذكر سواه فانه يرجع اليه والنصيحة باعتبار منفعتها نوعان الاول ما منفعتها مقصودة في الاصل للناصح ما منفعتها مقصودة في الاصل الناصح وهي النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكتابه والثاني ما منفعتها مقصودة في الاصل للناصح والمنصوح. وهي النصيحة لائمة المسلمين وعامتهم فيكون المنتفع من بذل النصيحة في النوع الاول هو الناصح اذا نصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم اما في النوع الثاني فان المنفعة مشتركة بين الناس والموصوح وقوله ولائمة المسلمين ائمة المسلمين هم ولاتهم من كل من ولي ولاية صغيرة او كبيرة. كالامام الاعظم صاحب السلطان. والمفتي والقاضي ومدير الادارة والمعلم اشباههم فان هؤلاء يجتمعون في كونهم يلون ولاية مخصوصة من ولايات المسلمين. فهم من ائمتهم. فجمع ائمة المسلمين على ارادة هذا المعنى بخلاف اطلاقه مفردا فانه اذا اطلق فانصرف الى السلطان الاعظم تولي في تدبير حكم نعم. احسن الله اليكم. الحديث الثامن عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ايضا ان رسول الله قال صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتون الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصدوا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى. رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. وليس عند مسلم قوله ذلك بعد قوله فعلوا وفي روايته الا بحقها. وليس فيما بايدينا من نسخ الكتابين الوثيقة لفظ تعالى ومثله يجوز ذكره تأدبا لا بقصد الرواية كما هو مبين في كتابة الحديث وروايته وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا هذه جملة من شرائع الاسلام ترجع الى نوعين. النوع الاول ما يثبت به وهو الشهادتان فمن جاء بهما ثبت له عقد الاسلام مسلما معصوم الدم والمال. والنوع الثاني ما يبقى به الاسلام واعظمه اقامة الصلاة وايتاء الزكاة. ولهذا الحديث وليس معنى الحديث ان الكافر يقاتل حتى يأتي بالشهادة شهادتين وديما الصلاة ويؤتي الزكاة. فلا يكف عنه الا بعد اجتماعها. بل دلائل الوحيين قائمة على الاتفاق بالشهادتين ليكفى عن القتال. لكن من حق الشهادتين ما ذكر بعدها فلا بد من الالتزام بها. وقوله فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الى اخره اي صاد دماؤهم حراما غير حلال اي صارت واموالهم حراما غير حلال لما علم من ظاهرهم دون اعتداد باطنهم وهذه العصمة نوعان الاول عصمة الحال ويكفى فيها بالشهادتين. فمن شهد بهما عصم دمه وماله حالا وثبت اسلامه. والثاني عصمة المآل عصمة المآل يعني العاقبة. ولا يكتفى فيها بالشهادتين بل لابد من الاتيان بحقوقهما من اركان الاسلام وعندئذ يحكم بما يحكم ببقاء اسلامه وامتداد ما ثبت له من العصمة ابتداء سيكون الاتي بالشهادتين عند دخوله الاسلام قد جاء بما يعصم وماله فيتوقف عن قتاله ونهب ماله. فاذا التزم بعد بحقوق الاسلام واعظم اعظمها الصلاة والزكاة فقد ثبتت له عصمة المآل. اما من يأتي بالكلمة الطيبة لا اله الا الله. دون التزام شرائع الاسلام فانه لا تبقى له عصمة المآل وهذا هو المعنى المراد في الحديث وقوله الا بحق الاسلام اي لا تنتفي منهم هذه العصمة الا بحق الاسلام وهو نوعان الاول ترك ما يبيح دم وماله من الفرائض ترك ما يبيح دم المسلم. وما له من الفرائض والثاني انتهاك ما يبيح دم المسلم وماله من المحرمات. انتهاك ما يبيح دم المسلم وماله من المحرمات. فاذا وجد احدهما اخذ العبد به لانه حق الاسلام نعم. الحديث الشافع عن ابي هريرة عبدالرحمن بن صخر التوزيع رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه فاننا اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له لكنه قال فافعلوا منه. عوض قوله فاتوا منه وفي هذا الحديث بيان الواجب علينا في الامر والنفي. فالواجب في النهي الاجتناب. وهو الترك مع مباعدة السبب الموصل اليه. وهذه قاعدة الشريعة فيما ينهى عنه. الامر مع النهي عن المواقعة. لا مجرد النهي فقط. والواجب في الامر فعل ما استطيع منه. ففي قوله وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم. دليل على على ان فعل المأمور معلق بالاستطاعة. فمن عجز عن فعله كله وقدر على بعضه اتى بما امكنه منه على تفصيل ليس هذا محله لكن المقصود ان تعلم ان ان المأمورات معلقة استطاعة وقوله فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم الحديث هم اليهود والنصارى قال فان الجاري في الخطاب النبوي عند ذكر من قبلنا ارادة اليهود والنصارى بخلاف ما في التصرف القرآني فان الوارد في الخطاب القرآني عند ذكر من قبلنا ما يشمل من تقدم العرب وهم اليهود والنصارى وامم الشرك التي قالت من التي من قبل كالمجوس والصابئة فبين استعمال هذا اللفظ في القرآن والسنة فرق على ما ذكرت لك. نعم. احسن الله اليكم. الحديث العاشر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر المرسلين فقال يا ايها الرسل خذوا منكم من الطيبات واعملوا صالحا وقال يا ايها الذين امنوا ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعت اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعم حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وهدي بالحرام فأنى يستجاب له رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم واوله عنده ايها الناس. واخره فانى يستجاب لذلك؟ وذكر اية المؤمنين المؤمنون الى قوله اني بما تعملون عليم. وليس عنده تعالى بعد الاثم الاحسن وتقدم القول في تسويق زيادتها تأدبا. وقوله ان الله طيب اي قدوس منزه عن النقائص والعيوب وقوله الا طيبا اي الا فعلا طيبا. والمراد بالفعل الايجاز فيندرج فيه الاعتقاد والقول والعمل. والطيب منها ما اجتمع فيه امران الاول الاخلاص لله. والثاني متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله فان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين في في تعظيم للمأمور به لانه كما امر به المؤمنون فقد امر به المرسلون الذين هم المؤمنين وارفعهم مقاما. ففيه اغراء بلزومه وامتثاله. والمأمور به في الايتين شيئان احدهما الاكل من الطيبات الاخر عمل الصالحات وقوله ثم ذكر الرجل يطيل السفر خشعث اغبر يمد يديه الى الزمان الى اخره اشتملت هذه الجملة على اربعة امور من مقتضيات الاجابة واربعة امور من موانعها. وهذا من احسن البيان واكمله. على وجه المقام مبنى ومعنى فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر اربعة امور قبلت باربع نور صلى الله عليه وسلم ذكر اربعة امور قبلت باربع اما المقتضيات للاجابة فالاطالة السفر ومد اليدين الى السماء والتوسل الى الله تعالى باسم الرب. والالحاح عليه في دعاء بتكرار ذكر الربوبية. وانما ذكرت قالت مع كون السفر مجردا كافيا تأكيدا لكمال حاله باستحقاق الاجابة. فانه على سفر عظيم وصف بالطول والشعب والملبس الحرام والغذاء الحرام. والغذاء اسم لكل ما به قوام البدن ونماؤه. ومنه النوم والدواء وقوله فانى يستجاب له اي كيف يستجاب له وغايته استبعاد حصون مقصوده. فكأن من كان كانت هذه حاله يبعد اجابة دعوته. ولكن قد من الحكمة في فعل الله عز وجل ما يجاب به دعاؤه. ولذلك لم يقل النبي صلى الله عليه فلا يستجاب له. وانما قال فانى يستجاب لذلك؟ ان يبعد مع ان كان وقوعه فان الله عز وجل يستجيب دعاء الكافرين وهم اشد حالا منه كما قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما نجاهم الى البر اذاهم يشفكون. فان الله استجاب دعاءهم وانقذهم وهم كفار. فقد يستجاب لمسلم مع كون مطعمه او مشربه او ملبسه او غذائه حراما فالمراد بالحديث التبعيد. لا الجزم بعدم الوقوع. نعم سلام عليكم. الحديث الحادي عشر عن ابي محمد الحسن ابن علي ابن ابي طالب صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنهما انه قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك. رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح هذا حديث صحيح اخرجه ابو عيسى الترمذي في الجامع والنسائي في المسكبى واللفظ المذكور هو لفظ الترمذي. وجاد فان الصدق طمأنينة وان الكذب ايه ده؟ وفيه تقسيم الواردات على القلب الى قسمين. الاول الوارد الذي يريبك والمريب ما ولد الريب في النفس. وهو قلقها واضطرابها كما اختاره جماعة من المحققين كابي عباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابن رجب رحمه الله الثاني الوارث الذي لا يريب وهو الذي لا يتولد من اتيانه قلق النفس واضطرابها. فالاول هو الاثم والثاني هو كما سيأتي في حديث وارسة ابن معبد رضي الله عنه وورود الريب انما في الامور المشتبهة المتقدم بيان حدها في حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنهما اما الامور البينة من حلال بل هو حرام فلا يرد فيها طير عند من صح دينه وقوي يقينه من المسلمين. والمأمور به طعن في القسم الاول لم تدعه. وفي القسم الثاني ان تأتيه. لكن الرجوع الى ما تحوزه القلوب انما يكون في حق من صحت ديانته رسخ دينه وكمل علمه كما سيأتي باذن الله بخلاف غيرهم مما ممن يكون عرضة للاهواء والاراء والحاكم فيما يرتاب فيه وما لا يرتاب فيه هو ما يقع في القلب فهذا اصل في الرجوع الى حواجز القلوب. اي ما تحوزه وتشتمل عليه قلوب وعلى ذلك فتوى الصحابة رضي الله عنهم. هناك. الحديث الثاني عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا. هذا الحديث اخرجه الترمذي في الجامع وابن ماجة في السنن من حديث ابي هريرة رضي الله عنه مسندا ثم رواه الترمذي من حديث علي بن الحسين رحمه الله مرسلا وهو المحفوظ في البال فلا يثبت هذا الحديث من وجه مسند بل هو ضعيف من جهة الرواية. اما من جهة الدراية فان اصول الشريعة وقواعدها اذا هل تصدقه وتشهد له؟ وقوله من حسن اسلام المرأة المراد بالاسلام هنا ما يشمل شرائعا في الدين كلها الباطنة والظاهرة وله مرتبتان. الاول مطلق الاسلام. وهو القدر الذي يثبت به عقد الاسلام فمتى التزم به العبد صار مسلما داخلا في جملة اهل القبلة وحقيقته التزام شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. والثانية حسن الاسلام وحقيقته الاتيان بالاسلام ظاهرا وباطنا على استحضار العبد مشاهدة الله او مراقبته له. وهذا القيام هو التحقق في مقام الاحسان المذكور في حديث عمر في قصة جبريل عليه السلام وفيه اعبدوا الله اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراه فهذا الحديث عندكم بالجملة المذكورة منه فحسن الاسلام هو الاحسان. ومعنى يعنيه اي تتعلق به عنايته ومعنى يعنيه اي تتعلق به عنايته ويتوجه اليه بحيث يكون مقصوده ومطلوبه. والذي لا يعني المرء هو ما لا يحتاج اليه القيام بما امر به من عبادة الله. وما لا يحتاج اليه في القيام بما امر به من الله وحده بما تتحقق به مصالح دينه ودنياه. وافراد ذلك لا تنحصر لكنها ترجع الى اربعة اصول احدها المحرمات فيها المكروهات. وثالثها المشتبهات في حق من لا يتبينها ورابعها فضول المباحات التي لا يحتاج العبد اليها فاذا هؤلاء الاربع يرجع جماع ما لا يعني العبد. فكل فرد هن درج في واحد منهن فهو داخل في جملة ما لا يعنيك. نعم. احسن الله اليكم. الحديث الثالث عشر عن ابي حمزة انس ابن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف اللفظ للبخاري ومعنى قوله لا يؤمن احدكم اي لا يكمل ايمانه. فالمراد نفي الايمان هنا هو نفي كماله. المتضمن لبلوغ حقيقته ونهايته لا نفي اصله فمحبة المؤمن لاخيه ما يحب لنفسه من الفرائض لان كل بناء جاء في الحديث النبوي متضمنا نفي الايمان عن العبد فان المذكور بعده يكون واجبا. صرح بهذا ابو العباس ابن تيمية الحديث في كتاب الايمان وابن رجب في فتح الباري. فايما حديث وجدت صدره نفي الايمان فاعلم ان ما بعده واجب. وقد يكون متصلا باصل الايمان وقد يكون من كماله وقوله لاخيه اي المسلم لان عقد الاخوة الايمانية كائن والذي يحبه العبد لنفسه هو الخير. كما جاء مصرحا به في رواية النسائي وابن حبان ونصها ما يحب لنفسه من الخير. وهو يستلزم ان يكره لاخيه ما يكره لنفسه من الشر وانما ترك ذكر ذلك الحديث اكتفاء بان حب الشيء مستلزم لكراهية نقيضه والخير في الشرع اسم فيما يرغب فيه شرعا. اسم لما يرغب فيه شرعا وهو نوعان. احدهما الخير المطلق وهو المرغب فيه شرعا من كل وجه وهو المرغب فيه شرعا من كل وجه والثاني الخير المقيد. وهو المرغب فيه شرعا من دون وجه وهو يرغب فيه شرعا من وجه دون وجه كالمال. او فالاول كطاعة كطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والخيرية فيه مرجعها الى اصله والثاني كمال وسعة الحال. والخيرية فيه مرجعها الى قصده الى اصله. فما كان من الخير المطلق ومحله. امور الدين فيجب ان تحبه منك كما تحبه لنفسك وما كان من الخير المقيد ومحله امور الدنيا فان علمت ان فيه صلاحا له وجب عليك ان تحبه له كما تحبه لنفسك. وان علمت ان فيه شرا له لم يجب عليك ان تحبه له بل وجب عليك كراهيتك له كمن يعرف من اخيه انه اذا عذرت عليه رئاسة ومنصب فدخلها تغير حاله. فانه لا يجب عليه ان يحبه له فظهر بهذا ان عموم الخير في الحديث مخصص بما ذكر انفا من التفريق بين خير المطلق والخير المقيدة. نعم. احسن الله اليكم. الحديث الرابع عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم الا باحداثنا السيد الزاني والنفس بالنفس ذلك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف اللفظ لمسلم الا انه قال دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان واني رسول الله وقوله الا باحدى ثلاث استثناهم بعد نفي. وهو يفيد الحصر علماء المعاني وقد رويت احاديث عدة فيها زيادة على هؤلاء الثلاثة. وعامتها قاطعات ولا يعرف من الفقهاء قائل به. والمقبول من الاحاديث المتضمنة لما يحل به دم دم المرء المسلم يمكن رده الى حديث ابن مسعود رضي الله عنه كما بينه ابو الفرس ابن رجب في جامع العلوم والحكم فان اصول ما يحل دم المسلم ثلاثة الاول باب الفرج الحرام. انتهاك الفرج الحرام. والمذكور منه في حديث الباب الزنا بعد الاحصان في قوله سيد الزاني. والمفصل في هذا الباب هو من وطأ وطأ كاملا في نكاح تام. والثاني سف الدم والمذكور منه في هذا الحديث قتل النفس. في قول النفس بالنفس والمراد بها ان اكافئه. كما سيأتي اي المساوية والثالث الدين ومفارقة الجماعة. وذلك في الردة عن الاسلام. وهو المنصوص عليه من هذا الاصل في حديث ابن مسعود رضي الله عنه نعم. احسن الله اليكم. الحديث الخامس عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحج ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واتفقا عليه بلفظ فلا يؤذي جاره. اما جملة فليقدم جاره فعند مسلم وحده وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثا من فصال الايمان التي يحصل بها كماله الواجب احدها يتعلق بحق الله تعالى وهو قول الخير او الصمت عما عداه والاخران يتعلق حدود حقوق العباد وهما اكرام الجار والضيف. وليس للاكرام حد يوقف عنده وتبرأ الذمة بفعله بل كل ما يدخل في الاكرام عرفا فهو مأمور به شرعا. وهذه طريقة سريعة فيما يتعلق بحقوق العباد انها موكولة الى العنف. لاختلافها باختلاف الازمنة والامكنة. فالموافق مصالح الخلق فيها ردها الى اعرافهم. وحد الجوار من النار لم يصح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيرجع في تقريره الى العرف ايضا. والضيف كل من مال اليك ونزل بك ممن يجتاز البلد وليس من اهلها. كل من مال اليك ونزل بك ممن يجتاز البلد وليس من اهلها. اما من كان من البلدي فلا يسمى ضيفا. وانما يسمى ايش؟ زائرا. نعم الحديث السادس عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اوزني قال لا تغضب تردد مرارا قال لا تغضب رواه البخاري. في هذا الحديث النهي عن الغضب ونهي صلى الله عليه وسلم عن الغضب يشمل امرين. الاول النهي عن تعاطي الاسباب باب الموصلة اليه من كل ما يحمل على الغضب ويهيجه والثاني النفي عن انفاذ مقتضى الغضب النهي عن انفاذ الغضب فلا يمتثل ما امره به غضبه بل يراجع نفسه حتى تسكن الذي ينهى عنه من الغضب ما كان انتقاما للناس. اما اذا غضب لانتهاك حرمات الله ودفعا للاذى في الدين وانتقاما لله ممن اظهر معصيته فهذا علامة كمال الايمان وصحة الديانة اذا كان واقعا على ما توجبه الشريعة كما سيأتي بيانه. نعم الحديث السابع عشر عن ابي يعلى شداد ابن اوس رضي الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله كتب على كل شيء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحج احدكم شفرته فليرح ذبيحته رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم عن شداد ابن اوس رضي الله عنه قال اثنتان حفظه لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر الحديث ولفظه في النسخ التي بايدينا فاحسنوا الذبح وقال فليره ذبيحته. فقوله كتب الاحسان على كل شيء الكتابة المذكورة هنا تحتمل نوعين. احدهما ان تكون الكتابة قدرية فيكون المعنى ان الاشياء جارية على الاحسان بتقدير الله. الذي سيرها عليه فالمكتوب هنا هو الاحسان. والمكتوب عليه هو كل شيء. والاخر ان تكون الكتابة شرعية. فيكون المعنى ان الله كتب على عباده الاحسان الى كل شيء فالمكتوب هنا هو الاحسان. لكن المكتوب عليه وهم العباد غير مذكور في الحديث وانما المذكور المحسن اليه وهو كل شيء الحديث صالح للكتابتين القدرية والشرعية جميعا على المعنى المذكور في كل وقد تقدم بيان معنى الاحسان عند شرع الحديث الثاني وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مثالا من الاحسان يتضح به المقال وهو الاحسان في قدر ما يجوز قتله من الناس والبهائم. فقال فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة. واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة. فامر باحسان القتل والذبح وذلك بايقاعهما عن الصفة المأذون بها شرعا. بازهاق النفس على اسرع الوجوه واسهلها بغير زيادة في التعذيب. والصفة الشرعية كفيلة بايقاع الاحسان. نعم احسن الله اليكم. الحديث الثامن عشر عن ابي ذر ابن جنادة وابي عبد الرحمن معاذ ابن جبل رضي الله عنهما عن الله صلى الله عليه وسلم انه قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي وقال حديث حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح. هذا الحديث اخرجه الترمذي من حديث ابي ذر رضي الله عنه وقال هذا حديث حسن وفي بعض النسخ المعتمدة حسن صحيح. ثم رواه من حديث معاذ رضي الله عنه وقال نحو ولم يسق لفظه ثم قال قال محمود بن غيلان احد شيوخه والصحيح حديث ابي ذر رضي الله عنه وهو كما قال فالحديث حديث ابي ذر ليس لمعاذ فيه مدخل اخطأ فيه بعض الرواة فجعلوه من مسند معاذ وانما هو في مسند ابي ذر واسناده ضعيف. وروي عنه من غير وجه لا يثبت منها شيء ورويت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه من وجوه متعددة فمنها جمل صحيحة كحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا الى اليمن قال يا معاذ انك تأتي قوما اهل الكتاب الحديث وقد تقدم في كتاب التوحيد. ومنها جمل لا تثبت بل هي ضعيفة. وقد جمعت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ هنا بين حقوق الله وحقوق عباده. فان على العبد حقين احدهما حق الله. والمذكور منه هنا التقوى. واتباع السيئة الحسنة والاخر حق العباد والمذكور منه في هذا الحديث معاملة الخلق من خلق حسن. والمراد بالتقوى شرعا ان ينتقل العبد وقاية بينه وبين ايش؟ بينه وبين ما الجواب؟ نعم. اسعد نعم مع القريات بينه وبين ما يخشاه لماذا؟ ايش ما نقول بينه وبين عذاب الله؟ يشمل كل ما امر باتقاءه في القرآن فان الله قال يا ايها الناس اتقوا ربكم وقال فاتقوا النار وقال واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. فليس المأمور باتقائه فرض واحد. وان جميع ما يخشى ولذلك يذكر هذا فيقال ان يتخذ العبد وقاية بينه وبين ما يخشاه بايش ها لماذا؟ ليش ما تقول بفعل المأمورات؟ لانها بعض الخطاب الامر والنهي هذا خطاب الطلب لكن يبقى خطاب الخبر. ان الساعة اتية الله خالق كل شيء. فلا بد من للجانب ما يدل على هذا وهذا فنقول بامتثال خطاب الشرع وذكر كما سلف ذكر قولنا ما يخشاه رعاية للعموم في القرآن كما بينا وذكر قولنا من لسان خطاب الشرع ليندرج فيه الخطاب الخبري والخطاب الشرعي واتباع السيئة الحسنة له مرتبتان. الاولى الاتباع بفصل اذهاب السيئة. الاتباع بفصل اذهاب السيئة. فالحسنة مفعولة بقصد الابهام والثانية الاتباع من غير قصد الاذهاب. فالحسنة مفعولة لله مع عدم القصد واما حق الله واما حق العباد المذكور في الحديث المذكور في الحديث فهو في قوله وخالق الناس بخلق حسن وهذا من خصال التقوى. وانما افرد للذكر اهتماما به وتنبيها على ان حقيقة التقوى وفي القيام بحقوق الله وحقوق عباده. وللخلق في الشرع معنيان. احدهما عام وهو الدين كما قال تعالى وانك لعلى خلق عظيم. اي دين عظيم كما قال مجاهد غيره وحقيقته امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب ايش؟ بالحب والخضوع والاخر خاص وهو المعاملة مع الناس. وهو المعنى المقصود في الحديث وقد جاء وصفه بالحسن في احاديثان كثيرة وحقيقته الاحسان الى الخلق بالقول والفعل الاحسان الى الخلق بالقول او الفعل وهذا منه ما هو فرض ومنه ما هو نفل. نعم. احسن الله اليكم. الحديث التاسع عشر عن ابي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال يا غلام اني اعلمك كلمات الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله. واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يفعلوك بشيء ان لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. وان اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الاقلام الصحف رواه الترمذي احفظ الله تجده امامك تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في واعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك. واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر اصرار هذا الحديث اخرجه الترمذي في الجامع لكن ليس فيه وان اجتمعوا على ان يضروك ولفظه فيها ولو اجتمعوا واسناده جيد. اما الرواية الاخرى التي ذكرها المصنف فهي عند عبد ابن حميد في مسنده وفي سياقه زيادة عن المذكور هنا واسنادها ضعيف. ورؤيت هذه الجملة من طرق اخرى تحسن بها قوله واعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك فليس في طرق هذا الحديث ما يشهد لها وان ثبتت هذه الجملة في احاديث اخرى. تقدم بعضها في باب منكر القدر في كتاب التوحيد. والمراد بحفظ الله المذكور في قوله احفظ الله حفظ امره. وامر الله نوعان احدهما قدري وحفظه بالتجمل بالصبر وعدم وعدم السخط والجزع. والاخر شرعي وحفظه بتصديق الخبر وامتثال الطلب. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم جزاء من حفظ امر الله في قوله يحفظ وقوله تجده تجاهك. وفي الرواية الاخرى امامك. فيتحقق للعبد من جزاء حفظ الله وحفظ امر الله شيئا. احدهما تحصيل حفظ الله له تحصيل حفظ الله له والاخر تحصيل نصره وتأييده والفرق بينهما ان الاول وقاية. والثاني رعاية. وقوله رفعت الاقلام جفت الصحف اشارة الى ثبوت المقادير والفراغ من كتابتها. وقوله تعرف الى الله في الرخاء اه يعرفك في الشدة مشتمل على عمل وجزاء. فاما العمل فمعرفة عبدي ربه واما ازلاف معرفة الرب عبده. فالمبتدئ بالعمل هو العبد والمتفضل بجزاءه هو الله. ومعرفة العبد ربه نوعان احدهما معرفة الاقرار بربوبيته. وهذه المعرفة يشترك فيها المؤمن والكافر والبر هو الفاجر. والثاني معرفة الاقرار بالوهيته وهذه المعرفة تختص باهل الاسلام ومعرفة الله لعبده نوعان. احدهما معرفة عامة تقتضي شمول علم الله لعبده واطلاعه عليه. معرفة عامة تقتضي طول علم الله لعبده واطلاعه عليه. والاخر معرفة خاصة. تقتضي معرفة الله عبده بتأييده ونصره وباب المعرفة عملا وجزاء باب عظيم يهدأ به النفوس وتصلح القلوب. وقد تكلم فيه اهل الذوق والوجه من اهل السنة والحديث قديما بما جمعوه من الاحاديث والاثار في كتب الزهد في الزهد لاحمد ابن حنبل والزهد ابي داوود السجستاني والزهد لوقيع والزهد لهناد بن السري والزهدي ابي بكر النقي والزهد لابن ابي عاصم وتأليف ابن ابي الدنيا المتفرقة. ثم تكلم فيه من تكلم منهم كابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحفيده بالدلمدة ابو الفرج ابي الفرج ابن رجب رحمهم الله فينبغي ان يعتني طالب العلم بهذه الكتب درسا وتفهما فان انتفاعه بمثلها عظيم وهي من مستجلبات العلم واسباب الفتح والبركة على العبد. وهذا اخر شرح هذه الجملة من كتاب الاربعين على نحو مختصر يفتح موصده ويبين مقاصده. اللهم انا نسألك علما في يسر ويسرا في علمه بالله التوفيق والحمد لله رب العالمين الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين