كاتو الحمد لله الذي صير الدين مراتب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منه باسناد كل الى سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون. وتبين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى الى تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب السادس من برنامج مهمات العلم في سنته الاولى وهو كتاب الاربعين في مباني الاسلام وقواعد الاحكام للعلامة يحيى ابن شرف النوي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان الى الحديث الثاني عشر نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثاني عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا هذا الحديث اخرجه الترمذي في الجامع وابن ماجة في السنن من حديث ابي هريرة رضي الله عنه مسندا ثم رواه الترمذي من حديث علي بن الحسين رحمه الله مرسلا وهو المحفوظ في الباب فلا يثبت هذا الحديث من وجه مسند فهو ضعيف من جهة الرواية اما من جهة الدراية فان اصول الشرع وقواعده تصدقه وتشهد له والاسلام المذكور هنا يشمل شرائع الدين كلها من الاعتقادات الباطنة والاعمال الظاهرة وله مرتبتان اثنتان الاولى مطلق الاسلام وهو القدر الذي يثبت به عقد الاسلام فمتى التزم به المسلم فمتى التزم به العبد صار مسلما داخلا في جملة اهل القبلة وحقيقته التزام شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله والثانية حسن الاسلام وحقيقتها الاتيان بالاسلام ظاهرا وباطنا على استحضار مشاهدة الله او مراقبته وهذا القيام هو التحقق بمقام الاحسان المذكور في حديث عمر في قصة جبريل عليه السلام وفيه قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فهذا الحديث متعلق بالجملة المذكورة هناك فحسن الاسلام هو الاحسان ومعنى يعنيه اي تتعلق به عنايته ويتوجه اليه اهتمامه بحيث يكون مقصوده ومطلوبه والذي لا يعني العبد هو ما لا يحتاج اليه في القيام بما امر الله به وافراد ذلك لا تنحصر لكنها ترجع الى اربعة اصول احدها المحرمات وثانيها المكروهات وثالثها المشتبهات في حق من لا يتبينها ورابعها فضول المباحات التي لا يحتاج اليها العبد فالى هؤلاء الاربع يرجع جماع ما لا يعني العبد فكل فرد مندرج فيهن فهو داخل في جملة ما لا يعنيك نعم احسن الله اليك الحديث الثالث عشر عن ابي حمزة انس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف واللفظ للبخاري ومعنى قوله لا يؤمن احدكم اي لا يكمل ايمانه فالمراد بنفي الايمان هنا نفي كماله لا نفي اصله وكل بناء جاء في الحديث النبوي متضمنا نفي الايمان عن شيء فان المذكور بعده واجب كما نص على ذلك ابن تيمية في كتاب الايمان وابن رجب في فتح الباري فمحبة المؤمن لاخيه ما يحب واجبة وقوله لاخيه اي للمسلم لان عقد الاخوة الايمانية كائن معه دون غيره والذي يحبه العبد لنفسه هو الخير كما جاء مصرحا به عند النسائي وفيه ما يحب لنفسه من الخير والخير هو كل ما يرغب فيه شرعا والخير هو كل ما يرغب فيه شرعا وهو نوعان اثنان احدهما الخير المطلق وهو المرغب فيه شرعا من كل وجه والثاني الخير المقيد وهو المرغب فيه شرعا من وجه دون وجه فالاول كطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والثاني كالمال وسعتي الحال فما كان من الخير المطلق وجب عليك ان تحبه لاخيك كما تحبه لنفسك وما كان من الخير المقيد وجب عليك ان تحبه لاخيك ان علمت منفعته منه فان خشيت ضرره به لم يجب عليك ان تحبه له الحديث الرابع عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ الا باحدى ثلاث اثني بالزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف واللفظ لمسلم الا انه قال دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله وقوله الا باحدى ثلاث استثناء بعد نفي يفيد الحصر عند علماء المعاني وقد رويت احاديث عدة فيها زيادة على هؤلاء الثلاث وعامتها ضعاف ولا يعرف من الفقهاء قائل بها والمقبول من الاحاديث التي يحل بها دم دم المرء المسلم يمكن ردها الى حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كما بينه ابو الفرج ابن رجب في جامع العلوم والحكم فان اصول ما يحل به دم المسلم ثلاثة الاول انتهاك الفرج الحرام انتهاك الفرج الحرام والمذكور منه في حديث الباب الزنا بعد الاحصان في قوله الطيب الزاني والمحصن في هذا الباب من وطأ وطأ كاملا في نكاح تام من وطأ وطئا كاملا في نكاح تام الثاني سفك الدم الحرام والمنصوص عليه في حديث الباب قتل النفس وهي المكافئة كما سيأتي اي المساوية والثالث ترك الدين ومفارقة الجماعة وذلك بالردة عن الاسلام وهو المنصوص عليه من هذا الاصل في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فعلا الله عليك الحديث الخامس عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. رواه البخاري ومسلم فهذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واتفقا عليه بلفظ فلا يؤذي جاره اما جملة فليكرم جاره فعند مسلم وحده وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثا من خصال الايمان التي يحصل بها كماله الواجب احدها يتعلق بحق الله وهو قول الخير او الصمت عما عداه والاخران يتعلقان بحقوق العباد وهما اكرام الجار والضيف وليس للاكرام حج يوقف عنده وتبرأ به الذمة بل كل ما يدخل في الاكرام عرفا فهو مأمور به شرعا وهذه جادة الشريعة فيما يتعلق بحقوق العباد انها موكولة الى العرف لاختلافها باختلاف الازمنة والامكنة فالموافق لاقامة مصالح الخلق ردها الى اعرافهم وحد الجوار من الدار لم يصح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيرجع تقديره الى العرف واما الضيف فهو كل من مال اليك ونزل بك مجتازا البلد وليس من اهلها كل من مال اليك ونزل بك مجتازا البلد وليس من اهلها واضح هذا القيد من الضيف لا يطلق على كل من زارك اذا كان من البلد لا يسمى ضيفا وانما يسمى زائرا وجاء الشرع حفظ حق الظيف لشدة اضطراره وحاجته الى مواساة غيره فاوجب الشرع له حقا بخلاف بلديك المقيم في بلدك فليس له من الحظوة في الشرع كالحظوة لمن كان مجتازا بالبلد وليس من اهلها نعم الله اكبر الحديث السادس عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اوصني قال لا تغضب تردد مرارا قال لا تغضب رواه البخاري في هذا الحديث النهي عن الغضب ونهيه صلى الله عليه وسلم عن الغضب يشمل امرين اثنين الاول النهي عن تعاطي الاسباب الموصلة اليه من كل ما يحرك الغضب ويهيجه والثاني النهي عن انفاذ مقتضى الغضب النهي عن انفاذ مقتضى الغضب فلا يمتثل ما امره به غضبه بل يراجع نفسه حتى تسكن والذي ينهى عنه من الغضب ما كان انتقاما للنفس اما اذا غضب لانتهاك حرمات الله ودفعا للاذى في الدين وانتقاما لله ممن اظهر معصيته فهذا علامة كمال الايمان وصحة الديانة نعم الله عليكم الحديث السابع عشر عن ابيه اعلى شداد ابن اوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله كتب الاحسان على كل شيء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد احدكم فليرح ذبيحته. رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم عن شداد ابن اوس رضي الله عنه قال اثنتان حفظتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث ولفظه في النسخ التي بايدينا فاحسنوا الذبح وقوله كتب الاحسان على كل شيء الكتابة المذكورة ها هنا تحتمل نوعين اثنين احدهما ان تكون الكتابة قدرية فيكون المعنى ان الاشياء جارية على الاحسان بتقدير الله الذي الهمها ذلك فالمكتوب هنا هو الاحسان والمكتوب عليه هو كل شيء والاخر ان تكون الكتابة شرعية فيكون المعنى ان الله كتب على عباده الاحسان الى كل شيء فيكون المعنى ان الله كتب الاحسان على عباده الى كل شيء فالمكتوب هنا هو الاحسان ايضا لكن المكتوب عليه وهم العباد غير مذكور وانما المذكور المحسن اليه فالحديث صالح للكتابتين القدرية والشرعية جميعا عن المعنى المذكور وقد تقدم بيان معنى الاحسان ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا يتضح به المقال وهو الاحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والبهائم فقال فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة فامر باحسان القتل والذبح وذلك بايقاعها على الصفة المأذون بها شرعا من غير زيادة في التعذيب نعم الحديث الثامن عشر عن ابي ذر عن ابي ذر جندب ابن جنادة وابي جندب ابن جنادة وابي عبدالرحمن معاذ ابن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي وقال حديث حسن. وفي بعض النسخ حسن صحيح هذا الحديث اخرجه الترمذي من حديث ابي ذر ثم رواه من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال نحوه ولم يسق لفظه ثم قال قال محمود بن غيلان احد شيوخ الترمذي والصحيح حديث ابي ذر رضي الله عنه وهو كما قال فان الحديث من رواية ابي ذر لا مدخل لمعاذ فيه اخطأ فيه بعض الرواة فجعلوهم المسند معاذ والمحفوظ انه من مسند ابي ذر الغفاري رضي الله عنه وفي اسناده ضعف وروي من وجوه لا يثبت منها شيء وقد رويت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل من وجوه متعددة فمنها جمل صحيحة كحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا الى اليمني قال انك تأتي قوما من اهل الكتاب الى اخر الحديث الذي تقدم في باب الدعاء الى شهادة ان لا اله الا الله من كتاب التوحيد ومنها جمل صحيحة لا يثبتها اهل المعرفة ومنها جمل ضعيفة لا لا يثبتها اهل المعرفة بالاثار وقد جمعت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ المذكورة هنا بين حقوق الله وحقوق عباده فان على العبد حقين احدهما حق الله والمذكور منه هنا التقوى والاخر حق العباد والمذكور منه هنا اتباع السيئة الحسنة لا هذا في الاول هذا في حق الله المذكور من حق الله اثنان احدهما تقوى الله والاخر اتباع الحسنة السيئة اتباع السيئة الحسنة والاخر حق العباد والمذكور منه في هذا الحديث معاملة الخلق من خلق الحسن والمراد بتقوى الله ان يتخذ العبد وقاية بينه وبينما يخشاه بينه وبين عذاب الله ولا وبينه وبين ما يخشاه لماذا؟ ليجيب ويرفع يده ويجيب دليل ايش معنى اقول اتخاذ العبد وقاية بينه وبين عذاب الله وانما قلنا بينه وبين ما يخشاه ما الجواب؟ فيا اخي ايوه لان ما يخشاه العبد لا ينحصر في العذاب فان الله قال يا ايها الناس اتقوا ربكم كما انه قال فاتقوا النار فلا ينحصر المأمور باتقائه بالعذاب فقط وقصره على ذلك قصر للخطاب الشرعي عن عمومه فالمقتضي موافقة للخطاب الشرعي ان يقال اتخاذ العبد وقاية بينه وبين ما يخشاه لتندرج فيه افراد منها ما ذكر الاخ بامتثال خطاب الشرع بامتثال خطاب الشرع اتخاذ العبد وقاية بينه وبينما يخشاه بامتثال خطاب الشرع طيب ما الفرق بين هذا القول وبين من يقول بفعل اوامره واجتناب نواهيه اه احسنت الفرق بينهما ان الذي يقول بفعل اوامره واجتناب نواهيه انما يذكر ما يندرج بالحكم الشرعي الخبري الحكم الشرعي الطلبي المتعلق بالامر والنهي ويترك الحكم الشرعي ليش الخبري ويقع امتثاله بالتصديق فالعبارة الجامعة ان يقال بامتثال خطاب الشرع ليندرج الخطاب الخبري والطلبي معا خطاب الخبر مثل قول الله تعالى ان الساعة اتية لا ريب فيها هذا خبري ام طلبي طبري وامتثاله بالفعل والترك ام بالتصديق بالتصديق وقوله تعالى واقيموا الصلاة طبري ام طلبي طلب امتثاله بالفعل وقوله تعالى ولا تقربوا الزنا قبل ان طلبين طلب وامتثاله امتثاله بالترك فقولنا بامتثال خطاب الشرع هو المقتضي الموافقة لادلته. اما من يذكر الاوامر والنواهي فانه يذكر بعضه ويترك بعضه واتباع الحسنة واتباع السيئة الحسنة له مرتبتان الاول الاتباع بقصد اذهاب السيئة فالحسنة مفعولة بقصد الاذهاب الاول الاتباع بقصد اذهاب السيئة فالحسنة مفعولة بقصد الاذهاب والثانية الاتباع من غير قصد الاذهاب الاتباع من غير قصد الاذهاب فالحسنة مفعولة مع عدم القصد فالحسنة مفعولة مع عدم القصد والخلق له في الشرع معنيان احدهما عام وهو الدين كما قال تعالى وانك لعلى خلق عظيم اي على دين عظيم والاخر خاص وهو المعاملة مع الناس وفيه حديث الباب وقد جاء وصفه بالحسن في احاديث كثيرة وحقيقته الاحسان الى الخلق بالقول والفعل وهذا منه واجب ومنه نفل وقد تقدم ذكر معنى الاحسان الى الخلق في حديث جبريل نعم الله عليكم الحديث التاسع عشر عن ابي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام اني اعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على ان يضروك شيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الاقلام وجفت الصحف. رواه الترمذي وقال حديث وحسنه صحيح وفي رواية غير الترمذي احفظ الله تجده امامك تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة اعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئك واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب ان مع العسر يسرا هذا الحديث اخرجه الترمذي في الجامع لكن ليس فيه وان اجتمعوا على ان يضروك من لفظه فيه ولو اجتمعوا واسناده جيد اما الرواية الاخرى التي ذكرها المصنف فهي عند عبد ابن حميد في مسنده وفي سياقه زيادة عن المذكور هنا واسنادها ضعيف ورؤيت هذه الجملة من طرق اخرى تحسن بها الا قوله واعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما اصابك لم يكن ليخطئ ليخطئك فليس في طرق هذا الحديث ما يشهد له وان ثبتت هذه الجملة في احاديث اخر ذكر بعضها فيما سلف في باب ما جاء في منكر القدر في كتاب التوحيد والمراد بحفظ الله المذكور في قوله احفظ الله حفظ امره وامر الله نوعان احدهما قدري وحفظه بالصبر والتجمل وعدم الجزع والتسخط والاخر شرعي وحفظه ايش اللي قلناه قبل شوي ايش بالفعل والترك رجعنا للخطأ ايش كيف بتصديق الخبر وامتثال الطلب بتصديق الخبر وامتثال الطلب والطلب يندرج فيه الفعل والترك وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم جزاء من حفظ امر الله في قوله يحفظك وقوله تجده تجاهك وفي الرواية الاخرى امامك فيتحقق للعبد من الجزاء شيئان اثنان احدهما تحصيل حفظ الله تعالى والاخر تحصيل نصره وتأييده والفرق بينهما ان الاول وقاية والثاني رعاية فرق بينهما ان الاول وقاية والثاني رعاية ففي الاول يقيك الله كل مكروه وفي الثاني يرعاك بالتأييد والنصر وقوله رفعت الاقلام وجفت الصحف اشارة الى ثبوت المقادير والفراغ من كتابتها هو قوله تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة مشتمل على ذكر عمل وجزاء تأمل العمل فمعرفة العبد ربه واما الجزاء ايش فمعرفة الرب عبده فاما العمل فمعرفة العبد ربه واما الجزاء فمعرفة الرب عبده فالمبتدئ في العمل هو العبد والمتفضل بالجزاء هو الله ومعرفة العبد ربه نوعان احدهما الاقرار بربوبيته والاخر الاقرار بالوهيته والاول يشترك فيه المؤمن والكافر والبر والفاجر اما الثاني فيختص باهل الاسلام ومعرفة الله لعبده نوعان احدهما معرفة عامة تقتضي شمول علم الله بعبده واطلاعه عليه والاخر معرفة خاصة تقتضي تأييد الله عبده وتسديده وباب المعرفة عملا وجزاء باب عظيم تهذب به النفوس وتصلح القلوب وقد تكلم فيه اهل الذوق والوجد من اهل السنة والحديث قديما بما جمعوه من الاحاديث والاثار في كتب الزهد كالزهد لاحمد ابن حنبل والزهد لتلميذه ابي داوود السجستاني والزهد لوكيع بن الجراح والزهد لهناد ابن السري والزهد لابي بكر البيهقي والزهد لابن ابي عاصم وتأليف ابن ابي الدنيا المتفرقة ثم تكلم فيه بعد هذه الطبقة جماعة من حذاقهم كابي العباس ابن تيمية الحفيد في التحفة العراقية وكتاب الاستقامة وتلميذه ابن القيم بالجواب الكافي ومدارج السالكين وتلميذه ابي الفرج ابن رجب باستنشاق نسيم الانس ومواضع اخرى متفرقة من كلام هؤلاء فالكتب المذكورة هي من انفع الكتب التي تشتمل على ما يتبين على ما يتعلق بالمعرفة عملا وجزاء وهذا الباب مما دخل فيه الداخل على المسلمين من جهة الخطرات والوساوس والاذواق والمواجيد التي لا ترجع الى اصل شرعي فتكلم فيه من تكلم واختلط كلامه بالترهات والخرافات ففيه حسن جيد وفيه واه مطرح وجمهور المشتغلين بالعلم يغفلون عن رعاية هذا الاصل اخذا وعملا ويغلب على ظنونهم ان هذا امر فطري يجده المرء اذا طلب العلم او هو حظ العوام والدهماء وذلك من ابلغ الجهل بالله وبامره فان معرفة الله سبحانه وتعالى واقبال القلب عليه وتخليص النفس من افاتها ورياضتها في مقامات الاحسان من اهم المطالب التي ينبغي ان يفرغ فيها العبد وسعه ومن تكلم في العلم ولا عناية له بهذا الباب فانه يحرم كثيرا من الفهم لان من اعظم مستجلبات العلم كمال اقبال قلب العبد على ربه ولا يكون هذا من قلب غافل عن معرفة الله والاطلاع على افات النفوس والقلوب ومعرفة الادوية الشرعية التي تدفعها فينبغي ان يكثر طالب العلم من القراءة في كتب السلف المتقدمة ثم في كتب من بعدهم من المحققين كابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحفيدي الاول بالتلمذة ابي الفرج ابن الجوزي ابن رجب رحمهم الله تعالى وان يكون من العلم الذي يطلب قراءته على الاشياخ وهو من العلم الذي يحصل به الانتفاع كثيرا. كما ان تركه يحصل به الضرر كثيرا فان العلم المقصور على المسائل دون الاحوال القلبية والعلل النفسية قد يورث القلب قساوة كما قال ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى في فصل له في صيد خاطره اوله تأملت العلم والميل اليه والتشاغل به فاذا هو يقوي القلب قوة تميل به الى نوع قساوة الى اخر ما ذكر في ذلك الفصل الماتع من كتابه فهذه اذاعة تشير الى ضرورة العناية بذلك ولم يزل على هذا دأب اهل العلم حتى غلب على الناس العلم الظاهر دون رعاية علم الباطن فصار همهم طلب العلوم التي لا تقربهم الى الله كما تقربهم تلك العلوم التي تتعلق باحوال القلوب والنفوس وعللها وافاتها والادواء التي تندفع بها تلك العلل نعم الحديث العشرون عن ابي مسعود عقوبة ابن عمر الانصاري البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت رواه البخاري قوله ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اي مما اثر من الكلام عن الانبياء السابقين فصار محفوظا عنهم تتناقله الناس جيلا بعد جيل وقوله اذا لم تستحي فاصنع ما شئت له معنيان صحيح ان الاول انه امر على ظاهره ومعناه اذا كان ما تريد فعله مما لا يستحي منه لا من الله ولا من الناس فاصنع حينئذ ما شئت فلا تثيب عليك والثاني انه ليس من باب الامر الذي تقصد حقيقته بل اما تهديد ووعيد معناه اذا لم يكن لك حياء فاصنع ما شئت واما انه امر بمعنى الخبر معناه اذا لم تستحي فاصنع ما شئت فان الحياء يمنع فعل القبائح ومن لم يكن له حياء لم يمتنع منها نعم الله اليكم الحديث الحادي والعشرون عن ابي عمرو وقيل بعمرة سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه احدا غيرك قال قل امنت بالله ثم استقم رواه مسلم. هذا الحديث اخرجه مسلم الا ان لفظه في النسخ التي بايدينا قل امنت بالله فاستقم فجعل الفاء عوضا ثم وفي لفظ له احدا بعدك وحقيقة الاستقامة طلب اقامة النفس على الصراط المستقيم وحقيقة الاستقامة طلب اقامة النفس على الصراط المستقيم الذي هو الاسلام كما ثبت تفسيره في حديث النواس عند احمد بسند حسن وهو عند الترمذي الا ان اسناده ضعيف فالمستقيم هو المقيم على شرائع الاسلام المتمسك بها باطنا وظاهرا نعم الحديث الثاني والعشرون عن جابر ابن عبد الله الانصاري رضي الله عنهما ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ارأيت اذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان واحللت الحلال وحرمت الحرام ولم ازد على ذلك شيئا اأدخل الجنة قال نعم رواه مسلم ومعنى حرمت الحرام اجتنبته ومعنى اعللت الحلال فعلته معتقدا حلة قوله واحللت الحلال اي اعتقدت حله وقيد الفعل الذي ذكره المصنف فيه نظر لتعذر الاحاطة بافراد الحلال بالفعل والواجب على العبد هو اعتقاد حلها لا تعاطيها جميعا وقوله حرمت الحرام اي اعتقدت حرمته مع اجتنابه فلا بد من هاتين المرتبتين جميعا الاعتقاد للحرمة واجتناب المحرم ففي عبارة المصنف قصور لانه خصه بالاجتناب دون من ذكر اعتقاد الحرمة ووقع في الحديث اهمال ذكر الزكاة والحج وهما من اجل شرائع الاسلام الظاهرة باعتبار حال السائل اذ لم يكن من اهلهما فسقطتا في حقه فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله انه لا مال له فيزكيه ولا قدرة له على الحج نعم احسن الله اليكم الحديث الثالث والعشرون عن ابي مالك الحارث بن عاصم الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم الطهور شطر الايمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن او تملأ ما بين السماء والارض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك او عليك الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها او موبقها رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم بهذا اللفظ لكن في النسخ التي في ايدينا ما بين السماوات والارض بدل ما بين السماء والارض وقوله الطهور شطر الايمان بضم الطاء من الطهور يراد به فعل التطهر المسمى بالطهارة والشطر هو النصف وهذه الجملة لها معنيان صحيحان الاول ان المراد بالطهارة الطهارة الحسية المذكورة عند الفقهاء والمراد بالايمان حينئذ الصلاة او شرائع الدين والثاني ان المراد بالطهارة هنا الطهارة المعنوية وهي طهارة القلب من نجاسة الشهوات والشبهات وقد جاء التصريح في بعض الروايات بما يدل على ان الطهارة فيه هي الطهارة الحسية وعليه جرى عمل كبار الحفاظ الذين ادخلوا هذا الحديث بكتاب الطهارة كمسلم والنسائي وابن ماجة فتفسير الحديث بها اليق واصح وقوله سبحان الله والحمد لله تملآن او تملأ ما بين السماء والارض هكذا على الشك فيما يملأ ما بين السماء والارض هل هو الكلمتان معا او احداهما فعل الاول يكون المعنى ان سبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والارض وعلى المعنى الثاني يكون المعنى ان سبحان الله وحدها تملأ ما بين السماء والارض والحمد لله وحدها تملأ ما بين السماء والارض وقد وقع في رواية النسائي وابن ماجه والتسبيح والتكبير ملء السماء والارض وهذه الرواية اشبه بالصواب كما ذكره ابو الفرج ابن رجب في الجامع وهو كذلك رواية ودراية. فاما الرواية فلان رواية النسائي وابن ماجه اصح طريقا واوثقوا رجالا فالمحفوظ رواية هو هذا اللفظ واما الدراية فلان ملء الميزان اعظم مما يملأ ما بين السماء والارض فكيف تكون الحمد لله على الانفراد تملأ الميزان كما في الجملة الثانية من الحديث ثم مع الاقتران بغيرها تكون ملء السماء ما بين السماء والارض الذي هو دون ملء الميزان فذلك محال باعتبار السياق اذ جعلت الحمد لله وحدها في الجملة الثانية مالئة للميزان الذي هو اعظم مما بين السماء والارض فكيف تنقص اذا قرنت بغيرها وقوله الصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء تمثيل لقدر هذه الاعمال بمقادير الانوار والصلاة نور مطلق والصدقة برهان وهو الشعاع الذي يلي وجه الشمس محيطا بقرصها فانه يسمى برهانا والصبر ضياء وهو النور الذي يكون معه نوع حرارة واشراق لا احراق فالاعمال متدلية بمقدار نورها بتقديم الصلاة في عظمته ودونها الصدقة ودونها الصبر فمنفعة هذه الاعمال للروح كمنفعة النور بمقاديره المذكورة للجسد فالنور اكمل من البرهان والبرهان اكمل من الضياء وكذلك الصدق الصلاة اكمل من الصدقة والصدقة اكمل من الصبر وقد وقع في بعض نسخ مسلم في الجملة الثالثة الصيام ضياء وهو مفسر للصبر بذكر فرد من افراده واشتهر نسبة الصيام الى الصبر لما فيه من الامساك الذي يلحق بالنفس مشقة وقوله كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها او موبقها الغدو هو السير اول النهار والمعنى ان كل الناس يسعى فمنهم ساع في عتق نفسه ومنهم ساع في ايباقها واهلاكها فمن سعى في طاعة الله اعتق نفسه من العذاب ومن سعى في معصية الله فقد اوبق نفسه واهلكها بما يستحقه من العذاب نعم الحديث الرابع والعشرون عن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه عز وجل انه قال يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال الا من فاستهدوني اهدكم. يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم. يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم. يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا جميعا فاستغفروني اغفر لكم. يا عبادي انكم لن تبلغوا ظري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكه شيئا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكه شيئا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل انسان مسألة ما نقص ذلك مما عندي الا الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر. يا عبادي انما هي احصي لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه. رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم بهذا اللفظ واوله بالنسخة التي بايدينا فيما روى عن الله تبارك وتعالى وقوله يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما بيان لحرمة الظلم من جهتين احداهما ان الله حرمه على نفسه فاذا كان محرم فاذا كان محرما على الله مع كمال قدرته وحرمته على العبد اولى مع ظهور عجزه والاخرى ان الله جعله بيننا محرما فنهانا عنه نهي تحريم والظلم هو وضع الامور في غير مواضعها هو وضع الامور بغير مواضعها وقوله فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه له معنيان صحيح ان الاول ان من وجد خيرا فليحمد الله على ما عجل له من جزاء عمله الصالح وان وجد غير ذلك فهو مأمور بلوم نفسه على الذنوب التي وجد عاقبتها فتكون هذه الجملة على ارادة الامر مبنا ومعنى والثاني ان من وجد خيرا في الاخرة فانه يحمد الله ومن وجد غيره فانه يلوم نفسه فتكون الجملة في صورة الامر مرادا بها الخبر نعم الحديث الخامس والعشرون عن ابي ذر رضي الله عنه ايضا ان ناسا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب اهل الدثور بالاجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول اموالهم قال اوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ان بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بطن احدكم صدقة قالوا يا رسول الله ايأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر. قال ارأيتم لو وضع في حرامنا كان عليه فيها وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر رواه مسلم قوله اهل الدثور اي اهل الاموال وقوله اوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون الى اخر الحديث فيه بيان ان حقيقة الصدقة انها اسم لجميع انواع المعروف والاحسان انها اسم لجميع انواع المعروف والاحسان المشتمل على ايصال ما ينفع والصدقة من العبد نوعان احدهما صدقة مالية والاخر صدقة غير مالية كالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوله وفي وضع احدكم صدقة البضع بضم الباء الموحدة كلمة يكنى بها عن الفرج وقوله ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه فيها وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر ظاهره انه يؤجر على اتيان اهله ولو لم ينوي شيئا بقضاء شهوته والمعتمد انه مقيد بالنية للادلة المتظاهرة في ذلك وانه لا اجر على مباح الا بنية فتحمل الاحاديث المطلقة على الاحاديث المقيدة المقيدة المفيدة ان الثواب لا يقع على مباح الا اذا اقترن بقصد القربة وهذا قول جمهور اهل العلم ووقع في رواية مختصرة عند مسلم لهذا الحديث في اخره ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى نعم الله عليكم الحديث السادس والعشرون عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل سلامة من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة وتعين الرجل في دابته فتحمله وعليها او ترفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها الى الصلاة صدقة وتميط الاذى عن الطريق صدقة رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف والسياق المثبت هنا بلفظ مسلم اشبه لكن عنده تعدل بين الاثنين بتعريف كلمة اثنين وليس في روايته وبكل خطوة بل وكل خطوة باسقاط الباء منها ولفظ البخاري قريب منه وقوله كل سلامى السلامى المفصل وعدة المفاصل في الانسان ستون وثلاثمائة كما وقع التصريح به في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها والمراد ان اتساق العظام وسلامتها في تراكيبها نعمة توجب التصدق على كل مفصل منها ليحصل اداء شكرها في كل يوم تطلع فيه الشمس ومقتضى هذا ان الشكر بهذه الصدقة واجب على العبد كل يوم والتحقيق ان الشكر على درجتين الاولى درجة واجبة جماعها الاتيان بالفرائض والاجتناب للمحارم والتانية درجة النافلة جماعها التقرب بفعل النوافل وترك المكروهات ويجزئ عن هذه الانواع المذكورة في هذا الحديث وسابقه ركعتان من الضحى كما جاء التصريح به في رواية مختصرة عند مسلم وانما كانتا مجزئتين عن ذلك كله لوقوع استعمال المفاصل كلها في هذه الصلاة فمن صلى ركعتين جميعا فقد حرك جميع مفاصله فيكون ذلك كافيا بشكر النعمة المسداة وانما قص وقت الضحى بما يجزئ لانه وقت غفلة عن الشكر فان الناس فيه ماضون في اعمالهم منكبون على طلب مكاسبهم والعمل في وقت الغفلة يوجب عظمة الجزاء فهذه طريقة الشريعة في مواضع عدة منها هذا الموضع نعم الله عليكم الحديث السابع والعشرون عن النواس ابن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال البر حسن الخلق والاثم ما حاك في نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس رواه مسلم. وعن وابسة ابن معبد رضي الله عنه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم قال استفت قلبك البر ما اطمأنت اليه النفس وطمأن اليه القلب والاثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وان افتاك الناس وافتوك حديث حسن رويناه في مسندي الامامين احمد بن حنبل والدارمي باسناد حسن هذه الترجمة بالحديث السابع والعشرين تشتمل على حديثين اثنين لا حديث واحد وبدرجهما في ترجمة واحدة صار عدد احاديث الكتاب باعتبار تراجمه اثنين واربعين حديثا وباعتبار حقيقة من طوى عليه زيادة واحد هو حديث وابسة المدرج مع حديث النواس فتكون عدتها تفصيلا ثلاثة واربعين حديثا فاما حديث النواس فرواه مسلم بهذا اللفظ ووقع في رواية له الاثم ما حاك في صدرك واما حديث وابسطة فرواه احمد بالمسند والدارمي في المسند الجامع باسناد ضعيف واللفظ المذكور لسياق الدارمي اقرب ورواه الطبراني في المعجم الكبير والبزار بالمسند من وجه اخر لا يثبت لكن له شاهد من حديث ابي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عند احمد والطبراني في الكبير جود اسناده ابن رجب في جامع العلوم والحكم بل اشبه ثبوت هذا الحديث بشاهده ثبوت هذا الحديث بشاهده عن ابي ثعلبة رضي الله عنه قوله البر حسن الخلق البر يطلق على معنيين احدهما الاحسان الى الخلق في المعاملة والثاني فعل جميع الطاعات الباطنة والظاهرة فيشمل الاول وزيادة وفي هذه الجملة تعريف البر باعتبار حقيقته وقوله الاثم ما حاكى في نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس فيه بيان علامة من اثار الاثم لم تذكر في حديث وابسة الاتي بعده وهي كراهية اطلاع الناس عليه لاستنكارهم له فصار الاثم باعتبار اثره له مرتبتان اثنتان الاولى ما حاك في النفس وتردد في القلب وكرهت ان يطلع عليه الناس ما حاكى في النفس وتردد في القلب وكرهت ان يطلع عليه الناس وهذه المرتبة مجموعة في حديثي النواس ووابسة رضي الله عنهما والثانية ما حاكى في النفس وتردد في القلب وان افتاه غيره انه ليس باثم وهي المذكورة في حديث وابسة وهذه المرتبة اشد على صاحبها من سابقتها لان الاولى قد يمتنع منها العبد لاجل الناس خشية اطلاعهم عليه اما الثانية فمن الناس من يزين له بغيته ولا يعد ذلك اثما وما تقدم تعريف للاثم باعتبار اثره اما تعريف الاثم باعتبار حقيقته فهو ما بطأ بصاحبه عن الخير واخره عن الفلاح ما بطأ بصاحبه عن الخير واخره عن الفلاح وقوله في حديث وابسة تستفت قلبك امر باستفتاء القلب وهو مخصوص بمحل الاشتباه المتعلق بتحقيق مناط الحكم وهو مخصوص بمحل الاشتباه المتعلق بتحقيق مناط الحكم وليس مسلطا على الحكم نفسه فان القلب ليس دليلا من الادلة الشرعية التي تثبت بها الاحكام وانما يستفتى القلب في تحقيق المعنى الذي علق به حكم الشرع هل هو موجود؟ وهل هو موجود ام غير موجود كالمصيد الذي صاده صائد ووقع له تردد في تسميته عليه ام لا فاستفتاء القلب هنا لا يكون في حلي المصيد هل هو من الانواع المأذون بها شرعا ام لا بل استفتاء القلب هو في وجود المناط الذي علق به حكم حله في الشرع وقوله البر ما اطمأنت اليه النفس واطمأن اليه القلب تعريف للبر باعتبار اثره وما يحدثه في النفس والقلب وهو ما سكن اليه القلب وانشرح معه الصدر وقوله وان افتاك الناس وافتوك فالمراد به ان محاكى في نفسك وتردد في قلبك فهو اثم وان افتاك احد بانه ليس باثم وهذا مشروط بشرطين اثنين الاول ان يكون صاحب الحيك والتردد الذي وقع عليه ذلك ممن انشرح صدره واستنار قلبه بكمال الايمان وقوة اليقين والثاني ان يكون مفتيه مفتيا بمجرد الاهواء والظنون دون الاعتماد على دليل شرعي فما كان كذلك ووجد فيه هذان الامران وجب على العبد امتثال ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم من طرحه وعدم المبالاة بفتوى مفتيه الذي افتاه بمجرد الهوى مع ثبوت التردد والحيك في قلب كامل الايمان ثابت اليقين. نعم احسن الله اليكم الحديث الثامن هو العشرون عن ابي نجيح العرباض ابن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فموعظة وجلت من القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كانها موعظة مودع فاوصنا فقال اوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد. فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. واياكم ومحدثات ان كل بدعة ضلالة رواه ابو داوود والترمذي وقال الترمذي حديث حسن صحيح. هذا الحديث اخرجه ابو داوود في السنن والترمذي وفي الجامع وابن ماجه في السنن بالفاظ متقاربة ليس اللفظ المذكور عند احد منهم بل مؤلف من مجموع رواياتهم وهذا الحديث صحيح من اجود حديث اهل الشام والوصية التي ارشد اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تجمع اربعة اصول الاول تقوى الله ومعناها الجواب ايش ارفع صوتك ليش بيني بس انا لا تقل تجعل بينك قل اتخاذ العبد بينه وبين ما يخشاه وقاية ايش بامتثال خطاب الشرع والتاني السمع والطاعة لمن ولاه الله امرنا ولو كان المتأمل عبدا مملوكا يأنف الاحرار حال الاختيار من الانقياد له والفرق بين السمع والطاعة ايش ان السمع هو القبول والطاعة هي الامتثال والثالث لزوم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي واكد الامر بلزومها بالعض عليها بالنواجذ وهي الاضراس والرابع الحذر من محدثات الامور وهي ايش البدع وتقدم حدها في اي حديث للحديث الخامس حديث عائشة هذا الصباح. نعم احسن الله اليكم الحديث التاسع والعشرون عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة يباعدني عن النار قال لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله تعالى عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان. وتحج البيت ثم قال الا ادلك على ابواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون. ثم قال الا اخبرك برأس الامر وعمودي وذروتي سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله قال رأس الامر الاسلام وعموده الصلاة ذروة سلامه الجهاد ثم قال ااخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا رسول الله فاخذ بلسانه وقال كف عليك هذا. قلت يا الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به. فقال ثكلتك امك وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح هذا الحديث اخرجه الترمذي في الجامع وابن ماجة في السنن باسناد ضعيف وروي من وجوه متعددة عن معاذ كلها منقطعة ومن اهل العلم من يقويه بمجموعها واللفظ المذكور هنا هو رواية الترمذي لكن فيه لقد سألتني وفيه برأس الامر كله وفيه بلى يا نبي الله في الموضعين وفيه ثكلتك امك يا معاذ واوله كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فاصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت ثم ذكر الحديث وقوله الا ادلك على ابواب الخير المراد بها هنا النوافل لانه ذكر في اول الحديث الفرائض ثم قال الا ادلك على ابواب الخير وقوله الصوم جنة الجنة هي ما يستجن ويتقى به كالدرع وغيره وقوله وصلاة الرجل في جوف الليل يعني انها تطفئ الخطيئة كالصدقة وجوف الليل هو وسطه ويجوز ان تكون الواو في قوله وصلاة الرجل استئنافية لا عاطفة فيكون المعنى ومن ابواب الخير صلاة الرجل في جوف الليل وتكون قراءة الاية بعدها للدلالة على اثرها وهذا اظهر وقوله رأس الامر للاسلام الامر هو الدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ورأسه الاسلام والمراد به الشهادتان لما فيهما من اسلام الوجه لله بالاخلاص ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالمتابعة وقوله وذروة سنامه الجهاد اي اعلاه وارفعه وذال الجهاء وذال ذروة مثلثة بالكسل والضم والفتح واخرها اضعفها لغة وقوله الا اخبرك بملاك ذلك الملاك بكسر الميم قوام الشيء اي عماده ونظامه والامر الذي يعتمد عليه منه وفيه ان اصل الخير وجماعه هو حفظ المنطق وحبس اللسان وقوله ثكلتك امك اي فقدتك وهذا مما يجري على اللسان ولا تراد به حقيقته. وقوله وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم يكب بفتح الياء وضم الكاف ان يطرح والمعنى يطرح الناس على وجوههم او مناخرهم وهي انوفهم حصائد السنتهم والحصائد جمع حصيدة وهو كل شيء قيل في الناس باللسان وهو كل شيء قيل في الناس باللسان وقطع عليهم به كما ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة فكأن المراد ليس جنس الكلام الصادر من الانسان كله بل جنس خاص وهو ما تفوه به الانسان ذاما غيره وعائبا له به دون وجه حق مما يرجع الى الغيبة والنميمة نعم احسن الله اليكم الحديث الثلاثون عن ابي ثعلبة الخشني جرثوم ابننا جرثوم ابن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم اشياء فلا تنتهكوها وسكت عن رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها. حديث حسن رواه الدارقطني وغيره هذا الحديث اخرجه الدارقطني في السنن واسناده ضعيف وفي سياقه تقديم وتأخير عما اثبته المصنف هنا وليس عنده في النسخة المنشورة منه رحمة لكم وفي هذا الحديث جماع احكام الدين فقد قسمت الاحكام فيه الى اربعة اقسام مع ذكر الواجب فيها فالقسم الاول الفرائض والواجب فيها عدم اضاعتها والقسم الثاني الحدود والمراد منها في هذا الحديث ما اذن الله به فيشمل الفرض والنفل والمباح وهي المرادة بهذا المعنى عند ذكر عدم التعدي كما قال تعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها والواجب فيها عدم تجاوزها فتعدي حدود الله هو مجاوزة المأذون فيها هو مجاوزة المأذون فيها والقسم الثالث المحرمات والواجب فيها الكف عن قربانها والانتهاء عن اقترافها والقسم الرابع المسكوت عنه مما لم يذكر بتحريم او تحليل بل هو مما عفا الله عنه وقوله سكت عن اشياء فيه اثبات صفتي ليش السكوت فيه اثبات صفة السكوت ما معناها صفة السكوت ما الجواب نعم نعم الكف عن الكلام ايش تنت فيه اثبات السكوت بمعنى عدم اظهار الحكم لا ترك التكلم فيه اثبات صفة السكوت بمعنى اظهار ترك اظهار الحكم لا ترك التكلم وقد نقل ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى الاجماع على هذه الصفة لكن لا يراد بها ترك التكلم لان سياقها فيما روي من الاحاديث والاثار انما يصح على معنى عدم اظهار الحكم والصفة قد تجيء على بنائين احدهما يكون صحيح النسبة الى الله والاخر لا يكون صحيح النسبة الى الله كالنسيان فان النسيان بمعنى الذهول عن المعلوم ليس صفة لله لقوله وما كان ربك نسيا والنسيان بمعنى الترك عن علم وعمد صفة لله لقوله تعالى نسوا الله فنسيهم وهذا اخر شرح هذه الجملة من الكتاب على نحو مختصر يوقف على مقاصده الكلية ويبين معانيه الاجمالية اللهم اني اسألك علما في المهمات ومهما في المعلومات وبالله التوفيق ونستكمل بقيته بعد الصلاة باذن الله