السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل العلم للخير الاساس والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد صفوة الناس. وعلى اله وصحبه البررة الاكياس اما بعد فهذا شرح الكتاب الثامن من برنامج اساس العلم في سنته السادسة سبع وثلاثين واربع مئة والف. بمدينته السادسة مدينة الاحساء وهو كتاب البينة في اقتباس العلم والحلق فيه بمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وامتن علينا بتمام النعمة وكمال الدين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا ولمشايخنا وللحاضرين قلتم وفقكم الله تعالى في مصنفكم البينة في اقتباس العلم والحذق فيه. بسم الله الرحمن الرحيم الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى فله الحمد في الاخرة والاولى. واصلي واسلم على محمد واله صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اما بعد فانه لم يكن الذين يقتبسون العلم منبكين عن خبر زائلين عن خلقهم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة موضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم وقضي لي فيما سلف تصدير مقيدة في مدارج العلم بعشر وصايا شرقت وغربت ما شاء الله تلقفها فئام يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون. ثم حسانين موفق سل نصالها. وبوح وصالها توسعة في الافادة فاجبت الداعي وحققت مؤمله فابرزت البينة باقتباس العلم والحذق فيه من خدرها الملتمس وترفع المقتبس وتدفع المختلس. والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة ثم ثنى بالحمدلة ثم صلى ثم تلف بالصلاة والسلام على محمد وعلى اله صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اي بالميزان والمعيار اتم ثم ذكر انه لم يكن الذين يقتبسون العلم اي يطلبونه ويبتغون حصوله منفكين عن خبطهم اي تاركين له زائلين عن خلطهم حتى تأتيهم بينة وحجة موضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم. فان الراتع في طيب الواقع في خلطه لا ينزع عنه الا بالبينات الواضحات والحجج الموضحات. فانها اذا اظهرت له فقمين ان ان يقلع عن خبطه ويزول عن خلطه. ثم ذكر انه سبق في قضاء الله عز وجل له ان كتب بريقات تنعت بمدارج العلم صدرها بعشر وصايا. شرقت وغربت فشوا وانتشارا ما شاء الله تلقاها شئام اي جماعات يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون ثم حسن له ناصح موفق سل نصالها. وبوح وصالها. اي بها ونشرها اي الاعلان بها ونشرها مطبوعة والنصال رؤوس السهام والبوح الاعلان هو الباعث على ذلك هو المذكور في قوله توسعة في الافادة فان نشر الكتاب مطبوعا اكثر وصولا الى ايدي الناس من نقله مصورا مجموعة. ثم قال فاجبت الداعي وحققته مؤملة. فابرزت البينة في اقتباس العلم والحذق فيه من خدرها. فاختار للوصايا العشر المذكورة اسم البينة في اقتباس العلم والحذق فيه وطبعت بهذا الاسم والحذر بفتح الحاء وتكسر وهو دقة المعرفة والمهارة في الشيء دقة المعرفة والمهارة والمحدقة المعرفة والمهارة في الشيء فبدت هذه البينة تنفع الملتمس اي المبتغي. وترفع المقتبس اي المهتدي وتدفع المختلس اي المدعي ما ليس له. والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. نعم احسن الله اليكم وفقكم الله البينة الاولى العلم صيد وشراكه النية فمن صحت نيته حسن قصده صاد من العلم درره ونال منه غرره ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارذل مما لا يقصده صائب ولا يبشر به رائد. ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل لامرئ ما نوى وبتصحيح النيات تدرك الغايات ومدار نية العلم على اربعة امور من اجتمع له قصد كملت نيته في العلم اولها رفع الجهل عن النفس بتعريفها طريق العبودية وثانيها رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم. وثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. ورابعها احياءه من الضياع وهذا معنى وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه واليه النشرت بقولي ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النسم والثالث التحصين العلوم من ضياعها وعمل به زكن. ومعنى عم شمل والنسم النفوس جمع نسمة وسكن اي ثبت ذكر المصنف وفقه الله البينة الاولى من البينات العشر. موضحا ان العلم صيد وشراكه النية والشراك حبالة الصيد فالعلم من جملة ما يطلب ويقنص. ومما يجعل حبالة يقنص بها النية فانها اعظم الاسباب المحصلة له. فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم من جررة ونال منه غرره. ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارذله مما لا يقصده صائد ولا يبشر به رائد. والرائد هو طليعة القوم ينتجعون الربيع طليعة القوم ينتجعون الربيع. اي يطلبون معرفة ارضه ليتحولوا اليها ثم قال ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وبتصحيح النيات ادركوا الغاية. ثم ذكر ان مدار نية العلم على اربعة امور. من اجتمع له قصدها كملتني في العلم ومن فاته شيء منها نقصت نيته في العلم. فاولها رفع الجهل عن نفسه اي ان ينوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه بتعريفها طريق العبودية. اي بهدايتها الى الطريق المحصل لها عبودية الله عز وجل. وثانيها رفع الجهل عن الخلق اي ان ينوي بطلب العلم السعي في رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم واخرتهم فان كل خير في الدنيا والاخرة اصله العلم. ذكره القرافي وغيره. وثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. فينوي بطلبه العلم ان يعمل بهذا العلم متقربا الى الله عز وجل ورابعها احياؤه وحفظه من الضياع اي ان ينوي بقاءه حيا غضا في المسلمين فيحفظ من الضياع والذهاب منهم. قال وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه. ان يقوى طلب هذه النية ممن له على العلم بقوة حفظه وجودة فهمه وتهيئ اسباب الطلب له من وجود معلم وغفرة كتب ورغد عيش واشباه ذلك فان هذه المعاني تقوي تأكيد هذا الامر في حقه. ولاجل هذا ذهب بعض الفقهاء كما بينه خرافي في الفروق ان العلوم التي هي فرض كفاية تكون احيانا في بعض الخلق فرض عين ان العلوم التي هي فرض كفاية تكون احيانا في حق بعض الخلق فرض عين. لما يقوم بهم من المعاني التي تجعل نفوسهم صالحة للعلم. كزكاة النفس وقوة الحفظ وجودة الفهم واشباه هذا. ثم ذكر بيتين جامعين للامور الاربعة في نية العلم. فقال ونية للعلم رفع الجهل عم اي شمل. عن نفسه من النسم اي من النفوس. والثالث التحصين للعلوم من اي حفظ العلوم ضياعها وعمل به زكن اي ثبت. ويوجد في كلام بعض اهل العلم ذكر امور اخرى من نية العلم هي عند تدقيق النظر وامعانه ترجع الى هذه الامور الاربعة ومعرفة نية العلم تعين على امتثالها. فان مما يشق به على النفس تحصيل نية العلم الجهل بها فالجهل بالنيات يبطئ النفوس عن الوصول الى غايات الاعمال. فالنفس اذا عرفت نية العمل قويت عليه واذا غاب عنها ضعفت عنه. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة الثانية العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة فان العزائم جلابة الغنائم فاعزم تغنم واياك واماني البطالين. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب اشرقت ارض القلب بنور ربها وانما يحل عقدة العزم ثلاث ايد اولها الف العوائد مما جرى عليه الخلق في رسومهم واحوالهم وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي تكتسح العبد من قبل غيره فان لهن سلطانا على النفس يحول بين العبد وبين مطلوبه ويقعده عن مرغوبه. لا يدفع الا بحسم مادتهم. فالعوائد تحسم بالهجر والعلائق تحسم بالقطع والعوائق تحسم بالرفض. فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس. وتمد وتمد قوة العزم ثلاثة موارد. اولها مورد الحرص على ما ينفع وثنيها مورد الاستعانة بالله عز وجل. وثالثها مولد خلع ثوب العجز والكسل. وهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو القذة بالقذة. ومما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير المنعم عليهم من النبيين والصديقين الشهداء والصالحين. فالاعتبار بحالهم وتعرف مصاعد هممهم ثور عزمتك ويقوي شكيمتك. فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم. ذكر المصنف وفقه الله البينة الثانية من البينات العشر شيء مبينا ان العزم مركب الصادقين. والعزم هو الارادة الجازمة. ثم وقال ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة. فان العزائم جلابة الغنائم اي ان حصول العبد على الغنائم التي يطلبها موقوف على العزائم التي يحدثها. اي ان حصول العبد على الغنائم التي يطلبها موقوف على وجود العزائم التي يحدثها فاذا قويت عزيمته ادرك بغيته وحصل غنيمته قال فعزم تغنم. واياك واماني البطالين. وهو ما حدثوا به البطالون متسلين من تنمية انفسهم بانهم يدركون شيئا من الامور ولا يتعدى سعيهم ما يجري في خواطر نفوسهم فهو يحدث نفسه ويحدث يصبح محدثا ويمسي محدثا ولا يحدث في سبيل ذلك جدا ولا قولا ولا عملا ثم ذكر قول ابن القيم في كتاب الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه اي تبعه بعد قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. فاذا بزر في قلب العبد نجم الهمة وقارنه العزيمة الصادقة حصل العبد كمال الهدى بنور قلبه. ثم ذكر ان عقدة العزم تحل اي تفك بثلاث في ايد فيذهب العزم ويفتر بورود هذه الايدي عليه عابسة فيه فاولها الف العوائد. مما جرى عليه الخلق في رسومهم واحوالهم. اي انس العبد بالعادات التي يجري عليها الناس. وثانيها وصل العلائق. وهي تعلقات القلب وصلاته اي ما يعمر القلب من انواع المطلوبات التي تقوى فيه ويرغب في طولها من الملذات واشباهها. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية لتكتسحوا العبد من قبل غيره اي الموانع التي تعرض للعبد في طريقه مما يجري قدرا هاجما عليه من غيره. وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى ان الفرق بين العلائق والعوائق ان العلائق ترجع الى التعلقات الداخلية. اي من قبل النفس وان العوائق ترجع الى العوارض الخارجية اي من قبل غيره ثم ذكر ان هذه الايدي لهن سلطان على النفوس يحول بين العبد وبين مطلوبه ويقعده عن مرغوبه لا يدفع الا بحسم مادتهن اي بقطع مادتهن واستئصالهن من جذورهن ثم ذكر ما تحسم به هؤلاء الثلاث. فقال فالعوائد بالهجر والعلائق تحسم بالقطع والعوائق تحسم بالرفض. فما يجري عليه الناس في عاداتهم انسا به يدفعه عن العبد ان يهجره. وما ينقدح في النفس من ميل ترغب فيه وتطلبه وتأنس اليه يدفع عنها بالقطع اي بمنعها منه منعا جازما. واما العوائق وهي الحوادث الخارجية التي تهجم على العبد فانها تحسم بالرفض. اي بترك الاستسلام لها ومنازعتها عند ورودها ثم قال فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه. اي له الامرة عليها اذ قدر على نزع نفسه من عواد العوائد والعلائق والعوائق ثم قال وحسام النفوس من حسام الرؤوس اي مضي الحكم على النفس بمنعها من غيها اعظم من قوة المرء في بدنه بتسلطه على اعداءه بقتلهم فكم من رجل يغلب غيره وتغلبه نفسه. ثم ذكر ما يقوى به العزم فقال وتمد قوة العزم ثلاثة موارد اولها مورد الحرص على ما ينفع وثانيها مورد الاستعانة بالله عز وجل وثالثها اريد خلع ثوب العجز والكسل. فاذا امد العبد قلبه بهذه الموارد الثلاثة فحرص على ما ينفعه واستعان بالله في تحصيله ودفع عن نفسه العجز والكسل فان عزمه يقوى ويبقى. وهن مذكورات في قوله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم. وقوله ولا تعجز يجوز فيه فتح الجيم وكسرها ثم ذكر امرا نافعا في تحريك العزائم. فقال ومما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير المنعم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. فان الخلق على تشبه بعضهم ببعض قال مالك بن دينار الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض اي ان العادة الجارية في الناس انهم كجماعة طير القطع يقتدي بعضهم ببعض ويتبع بعضهم بعضا. فمما تقوى به عزائم النفوس نظر العبد في سير كمل الخلق واقتداؤهم واقتداؤه بهم فان نظره في سيره يحمله على امتثال طريقهم وتقوى نفسه على السير وراءهم لانه يجد انهم خلق مثله. فلا ينبغي ان يقعد عما ادركوه من المقامات عالية والمراتب السامية. قال ابن الجوزي رحمه الله لا اجد لطالب العلم شيئا ان انفع من ادمان النظر في سير السلف. لا اجد لطالب العلم شيئا انفع من ادمان النظر في سير السلف انتهى كلامه اي فيما ينتفع به في تقوية سيره في الوصول الى المطالب العالية في العلم والعمل والاصلاح وهداية الخلق وارشادهم ونفعهم. فاذا اعتبر المتعلم حال اولئك وتعرف مصاعد هممهم ثارت عزيمته وقويت نفسه واجتهد فمما تساس به النفس ان توقف بين الفينة والفينة على سيرة احد ممن يقتدى به فاذا اخذت في سيرك في مطلوبك مدة وانست من فتورا فاطلب سيرة مفردة لاحد المعظمين ممن مضى وطالع هذه السيرة فانها تعمل في نفسك عملا عظيما. وتجدد دماءك في مطلوبك الذي اردته. فتارة تقرأ سيرة عمر بن الخطاب وتارة تقرأ سيرة الحسن البصري وتارة تقرأ سيرة احمد احمد ابن حنبل وتلتمس ما صنفه الاقدمون فهو اولى بالتقديم. واذا وجدت شيء من السير باقلام نافعة ممن تأخر استفاد منها الانسان والمصنفات في هذا كثيرة. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة الثالثة التبحر في العلم فضيلة والمشاركة في كل فن غنيمة قال يحيى ابن مجاهد رحمه الله كنت اخذ من كل علم طرفا فان سماع الانسان قوم يتحدثون وهو لا يدري ما يقول امة عظيمة قال ابو محمد ابن حزم كتيبة الاندلسيين عقب ذكره له ولقد صدق وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الورد من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار. ويقبح بالمرء ان تكون له قدرته وليست له همة فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله اليه وهذا ضرب من الحرمان فان العلم خير وان ان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهى الى اصله الزخار ومنازله الاولى فحي على جنات عدن فانها الاولى وفيها المخيم ومن خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعض فمحلها الى النورين. القرآن والسنة وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحدا كان كان الارتباط واضحا. قال الزبيدي رحمه الله في الفية السند فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط والتفريق بينها بالاقتصار على فن واحد دون تحصيل اصول بقية الفنون من الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي صارت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون فيها ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه. اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم جميعا فليس متهيئا لكل احد بل يختص به الله من يشاء من خلقه وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه كشف من عناء حتى ينال المنى. لاستسهلن الصعب او ادرك المنى. فمن قادت الامال الا لصابر. ذكر المصنف وفقه الله البينة الثالثة من البينات العشر. مبينا ان التبحر في العلم فضيلة اي توسع فيه وان المشاركة في كل فن غنيمة اي ترجع على العبد بالغلم والمنفعة ثم ذكر قول يحيى ابن مجاهد رحمه الله كنت اخذ من كل علم طرفا. فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول غمة عظيمة. اي يلحق ذكي النفس قويها غم اذا حضر قوما يتكلمون في شيء وهو لا يدري ما يتكلمون فيه. ومن الجنس من يوقف نفسه على فن او فنين ولا يدري غيرهما فانه اذا حضر مجالس اهل الفنون الذين يتعاطون فنونا اخرى سوى التي تعلم فانه يبقى بينهم حائرا لا يدري عما يتحدثون. فقوي النفس المتطلع الى الامور العظيمة حقه غم اذ توجد منه هذه الحال. اذ يكون بينهم بمنزلة الاعمى بين المبصرين او الاصم بين السامعين او الابكم بين الناطقين. ثم ذكر قول ابن حزم انه كتيبة الاندلسيين انه لما ذكره قال ولقد صدق. اي ان هذا المعنى الذي ذكره يحيى ابن مجاهد من نزول الغم عند الجهل بشيء من الفنون في حضور اهلها هو معنى يجده النفوس الشريفة ومعنى قوله كتيبة الاندلسيين اي الذي يعد فيه بمنزلة الكتيبة من الجيش اي الذي يعد فيهم بمنزلة الكتيبة من الجيش ثم قال وما احسن عند اهل ويؤدي من طلاب المعاني قول ابن الورد من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاشرار نفسي الحرة الابية يتشوه الى الاطلاع على الاسرار وهي مضامين انواع والفنون ثم قال ويقبح ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة. فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله اليه. ومن عيون شعر تنبي قوله ولم ارى في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام اي الذين تكون لهم قدرة على ما يؤمل ويراد ثم تتقاعد بهم نفوسهم عجزا فلا يسعون في ذلك. ثم قال وهذا ضرب من فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخاري ومنازله الاولى فحيا على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. فالعارفون بحقيقة العلم لا يزالون يطلبون الزيادة منه حتى تفارق ارواحهم ابدانهم. فالواحد منهم نفسه الى علم لم يسمعه من قبل فيحرص عليه ولو كان في الرمق الاخير من حياته يوجد في هذا اخبار كبيرة عنهم كالحال التي عرضت لابن جرير عند مرض احتضاره ان دخل عليه بعض اصحابه فتذاكر مسألة في الفرائض فلما وعاها ابن جرير كتب ما وعاه فقال قال له صاحبه افي هذه الحال يرحمك الله؟ فقال لان القى الله بها عالما خير من ان القى الله بهذا جاهدا فهو يدرك ان تحصيل كمالاته في الوصول الى الله في العلم ان يزداد من العلم والمعرفة حتى يلقى الله سبحانه وتعالى ثم ذكر ان من خصائص علوم الديانة اي مما اختصت به ارتباط بعضها ببعض فمحلها اي منتهاها فمحل الشيء منتهاه ومنه قوله تعالى ثم محلها الى البيت العتيق في منتهاها الى البيت الحرام. قال فمحلها الى النورين القرآن والسنة وهما وحي من الله واذا كان منبع واحدة كان الارتباط واضحا. فالعلوم الاسلامية ترجع كلها الى علم الوحي الوارد في القرآن والسنة فاذا كان منبعها واحدا فان ارتباطها يكون واضحا مجزوما فلا يتصور وجود علم منها ينفك عن علم اخر. فالمتعاطي علم الفقه لا يتم له علم الفقه الا بعلوم كثيرة من العلوم الاصلية وغيرها. فالمعدود مثلا من الاليات وهو علم العربية لا ينبل احد في الفقه الا به. حتى قال ابن حزم لا يؤمن في الدين من لا يؤمن في اللسان لا يؤمن في الدين من لا يؤمن في اللسان اي لا يعد قول احد امنة في حكم من احكام الدين حتى تكون له اهلية في معرفة اللسان العربي. فان الشريعة عربية على ما حققه الشاطبي في الموافقات فلا يتهيأ لمعرفة احكامها الا من له معرفة باللسان عربي. وكم من مسألة يتنازعها النظار وتختلف فيها الانظار. ولو اعيدت الى موقعها من كلام العرب لاسفر عن وجه الحق فيها كقولهم في شهر رمظان ان شهر رمظان شهر كريم. فان هذه المسألة يبنى القول الفصل فيها على موقع كريم من اللغة. فان له موقعان احدهما ان يكون بمعنى مكرم ان يكون بمعنى مكرم وهذا ممتنع فالاكرام من الله والاخر ان يكون عناء مكرم فذلك هو الموافق لخطاب الشرع من تعظيم رمضان في القرآن والسنة. وهذا مبني على قاعدة في انا سعيد فانه تارة يأتي بمعنى اسم الفاعل ويأتي تارة بمعنى اسم المفعول. وعلى هذا فقس. ثم ذكر الزبيدي اسمه محمد مرتضى ابن محمد الزبيدي في الفية السند انه قال فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط اي ان انواع العلوم الاسلامية يمتزج بعضها ببعض الامتزاج يحمل على انها ترتبط بعضها ببعض فلا يتصور فصل بعضها بعض ثم قال والتفريق بينها بالاقتصار على فن واحد دون تحصيل بقية الفنون من اثار بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة. فانه يتصور في علوم الدنيا ان ينفرد كعلم عن اخر ثم سرى هذا الى علوم الشريعة فتصور ان علوم الشريعة يمكن فك بعظها عن بعض بان يكون كل واحد منها علما مستقلا عن غيره. وهذا لا يمكن ابدا لان علوم الاسلامية ترجع الى اصل واحد وهو الوحي. فاذا كان مردها الى الوحي فلا يصح القول بالفصل بينها ثم قال وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها. اي ان يسعى العلم في تحصيل القواعد الكلية في العلوم دون توسع فيها. فيتخذ من كل فن ما يوقفه على اصوله وقواعده الكلية. قال ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه. فاذا حصل اصول الفنون فان العادة جارية ان عاطي العلوم يجد قوته في واحد او اثنين او ثلاثة منها وتكون له قدرة عليه فحين اذ يمدح في ميله الى تلك العلوم واشتغاله بها. فالاشتغال بها حينئذ يكون مقرونا بزاد وافر من اصول بقية العلوم لا ان يكون خليا من بقية العلوم لا ناقة له فيها ولا جمل ولا يملك لا تطميرا ولا نقيرا. ثم قال اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة جميعا فليس متهيأ ان لكل احد اي التشرف ببلوغ مرتبة التحقيق في علوم الديانة كلها بان تكون للمتكلم في العلم يدوم مبسوطة في الحديث والتفسير والفقه والاعتقاد وسائر العلوم فهذا شيء لا يتهيأ لكل احد وان عندما يتهيأ للواحد بعد الواحد في المدد المتطاولة فهو كما قال بل يختص به الله من يشاء من خلقه فهي خصيصة الهية ومنة ربانية. قال وملاحظة الاختصاص تهول المغامرة فيه وتجشم العناء حتى ينال المنى اي اذا ادرك ملتمس العلم ان بلوغ هذه الغاية اختصاص هانت عليه المغامرة فيه وتجشم العناء حتى ينال المنى. فتحمله تلك الحال على الازدياد من العلم. فان ادراك البغية من الفنون لا يكون الا بتعب كثير. وعمر وفير واجتهاد غزير. فاذا جمعت هذه في حال الملتمس مع توفيق الله سبحانه وتعالى حصل. واما من يمني نفسه بانه تكون له يد في العلوم الاسلامية وما يتعلق من العلوم الآليات ثم تجده عاجزا فسدا لا رغبة له في الازدياد من العلوم ولا قوة له على الحفظ وفهم كلام اهل العلم ومراجعته ودوام طلب الازدياد من العلم فهذا انما يسلي نفسه له في الاماني ويخرج غالبا صفر اليدين فان ادراك المطلوب لابد له من تعب فان الامور العظيمة لا تدرك الا بالاحوال الجليلة من اتعاب النفس وانهاكها بطلب الوصول اليها. واذا عرف المرء ان بلوغ تلك الغاية اختصاص انشد قول الاول لاستسهلن الصعب او ادرك المنى فمن قادت الامال الا لصابر اي لا يبلغ العبد مأموله مما يطلبه الا بصبر. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة الرابعة ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل علوم المقاصد والتفقه في الوحيين فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما يقف به على مقاصد على مقاصد العلم المنظور به دون ادامة نظر تبلغه غوره فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي العلم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. قال ابن خلد قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة اعلم ان العلوم عرفة بين اهل العمران على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات وعلوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم فاما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الادلة والانظار فان ذلك يزيد طالبا تمكن من ملكته وايضا لمعانيها المقصودة واما العلوم التي هي الة لغيرها مثل العربية والمنطق وامثالها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث وهي الة لذلك الغير فقط ولا يوسع فيها ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل لان ذلك مخرج لها عن المقصود اذ المقصود منها ما هي هي الة له لا غير فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود وصار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها مع ان شأنها اهم والعمر احفروا عن تحصيل الجميع على هذه الصورة انتهى كلامه ولا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمن من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون الفرص مبتدئا للعلم من اوله اتيا له من مدخله منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهله ملحا في ابتغاء درك ما استصعب عليه غيره ومؤمن الله قال قال الماوردي رحمه الله في ادب الدنيا والدين فينبغي لطالب العلم الا ينهي في طلبه وينتهز الفرصة به فربما مع شي حد زمان بما سمح وظن بما منح ويبتدأ من العلم باوله ويأتيه مما من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه جهله فان لكل علم فضولا مذهلة وشذورا مشغلا انصرف اليها نفسه قطعته عما هو منها انتهى كلامه ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به فان ذلك مطية النوكى وعذر المقصرين. ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر كان كالقناص. اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا. اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعا. كذلك العلم طلبه صعب على من جهله سهل على من علمه لان معانيه التي يتوصل اليها مستودعة في كلام مترجم عنها وكل كلام مستعمل فهو يجمع لفظ مسموعا ومعنى مفهوم فاللفظ كلام يعقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب انتهى كلامه. ذكر المصنف ووفقه الله البينة رابعة من البينات العشر. مبينا انه ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل المقاصد والتفقه في الوحيين. فان اعظم ما يراد من العلم هو علم الكتاب والسنة. قال لا يشتغل بغيرها اي من العلوم الا بقدر ما يقف به على مقاصد العلم المنظور فيه. فكل علوم سوى علم الكتاب والسنة تنتهي الى قدر يرغب فيه ويطلب. وما وراء ذلك فلا يحتاج اليه كما قال دون اذامة نظر تبلغ غوره اي اقصاه فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. انتهى كلامه فيطلب من تلك العلوم ما يوقف العبد على مقاصد ذلك العلم الكلية دون سعي وراء الفروع المذهلة والشذور المتفرقة مما يتعلق بذلك الفن. فما من فن الي الا وله فروع طويلة ومسائل كثيرة اذا افرغ فيها المرء زمنه استغرقته كله كعلم النحو او علم اصول الفقه او قواعده او غير ذلك من العلوم الالية. فيؤخذ منها ما يكون كفيلا بالاطلاع على مقاصد ذلك الفن والايقاف على مهماته ثم ذكر قول ابن خلدون رحمه الله في في المقدمة ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين احدهما علوم مقصودة بالذات اي مرادة لذاتها كالشرعية وعلومة هي ووسيلة لهذه العلوم اي مرادة لغيرها. ثم ذكر ان العلوم التي هي مقاصد لا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الادلة والانظار فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من ملكته وايضاحا لمعانيها مقصودة واما العلوم الالية ومثل لها بالعربية والمنطق وامثالها فانه لا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير اي لتلك المقاصد فلا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل لان ذلك مخرج لها عن المقصود. فالمقصود من تلك العلوم ان تكون الة اي بمنزلة السلم الذي وصلوا الى العلوم التي هي مقاصد. ويقوي وقوف العبد على هذا الحد ما ذكره بقوله مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها وربما يكون ذلك عائق كان عن تأصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها مع ان شأنها اهم والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة ثم ذكر المصنف كلاما مستفادا مما نقله من كلام الموردي بعده فقال ولا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون نهازا للفرص. اي لمن نهى فاذا لاحت له فرصة كفسحة وقت او جثة مال او شيخ او نحو ذلك من الفرص اغتنمه فبادر اليه ولم يتأخر عنه انما فات لا يكاد يرجع كما سيأتي في كلام الماوردي. قال مبتدأ للعلم من اوله اي اخذا له بالابتداء من اوله. ومبادئ العلوم هي المسائل الكلية الكبرى منها يشتغل بتحصيل هذا اولا. قال اتيا له من مدخله اي مقبلا عليه من حيث عرف انه يؤخذ فالعلوم كلها رتب اصحابها اصولا تعرف بها وتدل عليها. فاذا اراد احد ان يصيب منها شيئا دخل من الباب الذي دخلوا منه. ومن دخل من غير ما دخلوا منه فانه لا يصل الى مطلوبه. وهذا ظاهر فان من الناس اليوم من يمني نفسه بشيء وحدة لا اصل له. اذ يقولون لا حاجة الى المختصرات. وينبغي ان تحمل النفوس جمعا للوقت وحفظا له على المطولات فيؤخذ العلم منها ويحفظ العمر عن غيرها. وهذا الذي افترعوه وابتكروه من ما ابدته اذهانهم لا يتفق مع طريقة اهل العلم في اخذه. فان المطولات ليست مدخلا للعلم. ومدخل العلم هو المختصرات فان بنية العقل تأبى الهجوم عليه بشيء لا يحتمل. واذا اريد ايقاف عقلي على عظام المسائل المذكورة في المطولات كلا عنها ومل لكن اذا اخذ شيئا فشيئا ان فلقن العلم رتبة رتبة امكنه بعد ذلك ان تكون له قوة ينزع فيها من المطولات وينازع فيها. ولاجل هذا صار من عادة اهل الاسلام ابتداء العلم بالتلقين فان هذا هو الموافق للقدرة العقلية. ذلك ان عقول الناشئة تعجز عما فوقه من الادراك فهي تقتدر على التلقين فقط. فالصغير كابن سنتين او ثلاث او اربع. لو اردت ان تفهمه شيئا لم يستطع اليه سبيلا. لكن اذا حفظته بطريق واحد وهو التلقين ثبت فيه وصار قويا. فاذا لقن الصغير الشيء مرة ثم اخرى ثم ثالثة ثم رابعة ثم قدر عليه ذلك كثيرا تمكن في قلبه وصار تمكنه في قلبه قويا لانه هو المناسب للادراك الذي جعله الله سبحانه وتعالى ملكة له حينئذ. ثم قال منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهل لانه يقطع عن الاهم ثم قال ملحا في ابتغاء درك ما استصعب عليه غير مهمل له اي مجتهدا صابرا مكررا معرفة ما صعب عليه من علم ما غير لله اي غير تارك له لاجل صعوبته. فما صعب فهمه لذة عند النفوس الشريفة طلبه بان تكرر النظر فيه مرة بعد مرة بعد مرة حتى تبلغ مناها من فهمه. وفي اخبار شيخ شيوخنا محمد الامين الشقيق رحمه الله انه عسر عليه فهم مسألة من مسائل الفرائض قام ليله كله في طلب فهمها حتى اسفر الفجر وقد فهمها. فقال لخادمه لا توقظني اليوم فاني اصبت من بغيتي من العلم اليوم ما فهمته البارحة. يعني البارحة تلقى علم يكفيه عن اليوم لانه فهم مسألة استصعبت على فهمه. فاذا استصحب فهم مسألة ما على فهمك فينبغي ان تلح على نفسك مجتهدا بتصبيرها على بلوغ الرتبة في فهمها. والا تهملها فان هذا مما يقوي ملك كالفهم فيك والعلوم الباطنة ملكات تقوى كالقوة الظاهرة فكما يقوي الانسان بدنه او غذاء او غير ذلك فان القوة الباطنة من الحفظ والفهم والمهارة والدقة تقوى بمثل هذه المسائل ثم ذكر كلام الماوردي المشتمل على ذلك انه قال فينبغي لطالب العلم الا يني في طلبه اي الا يقصر في طلبه وينتهز الفرصة به فربما شح الزمان بما سمح وظن بما منح اي بخل بما اوتي فيه فتحدث للناس احوال تحول بينهم وبين مطلوبهم. فتحدث للناس احوال تحول بينهم وبين مطلوبهم فيكون لهم احوال فيها نشاط وقوة وقدرة وسعة وامن ووجود علماء حفرة كتب فتكون تلك الحال امكن في تحصيل العلم. وربما زالت هذه الامور لعارض من العوارض خاص او عام. فيكون الذي كان متهيأ اليوم فيكون الذي كان متهيأ امس متعذرا اليوم لا مكنة له. ومن جرب العلم وطلبه عرف هذا حق المعرفة. فكم من انسان كان بين يديه عالم يمني نفسه انه يقرأ عليه فاختتمت المنية اختتمت منيته ولم يقرأ عليه. وقد رأيت رجلا كان ابوه رحمه الله يقصد للقراءات. وابنه هذا حفظ القرآن يديه صغيرا ولم يقرأ عليه قراءات لانه كان يمني نفسه انه يقرأها غدا فاذا جاء من اه انه يقرأها بعد غد فما هي الا سنوات حتى توفي والده رحمه الله فصار علم ابيه عند غيره وصار هو محتاجا الى علم غيره عن ابيه فيتهيأ للمرء من الاسباب ويتاح له من طرائق الوصول من وجود عالم او وفرة كتب او رغد عيش او حصول امن ما لا تهيئوا في وقت اخر فينبغي ان يغتنم طالب العلم ذلك وان يمنع نفسه من تمنيتها بان ما يريده سيدركه غدا فان سوف كما قال بعض السلف جند من جند ابليس فان سوف جند من من جند ابليس كما قال بعض السلف. ثم قال الماوردي في صلة كلامه المتقدم ويبتدأ من العلم ويأتيه من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه جهله فان لكل علم قبولا مذهلة وشذورا مشغلة. انصرف اليها نفسه قطعته عما هو اهم منها. ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه. اي لا يحمله ذلك على ترك ما صعب عليه فهمه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه. واعذارا لها في ترك الاشتغال به. فيحدث نفسه او بان هذا الذي لم يفهمه هو من فضول العلم بالنسبة له. ويجتهد في طلب شيء يعذرها في ترك الاشتغال بفهم تلك المسألة. فهذه الحال كما قال مطية النوكى اي الحمقى. وعذر المقصر وكما يقولون بلسان اهل عصرنا عذر البلداء فالبلداء يعتذرون عن انفسهم بان هذا من العلم وانه لا يحتاج اليه. كقول بعضهم ان علم المنازخات من الفرائض بل الفرائض كلها لا حاجة اليها اليوم لانه يوجد اليوم من انظمة الحاسوب في برامجه ما يكون كفيلا بان يقسم اي مسألة من مسائل الفرائض. ومن لطائف الحكايات ان شيخنا بكرا ابو زيد رحمه الله قال لي ان شركة متخصصة في هذا جاءت اليه ببرنامجين احدهما في الحديث والاخر في الفرائض وله مع كل برنامج قصة لكن نذكر قصته في الفرائض فاجتهدوا وكان وكيلا لوزارة العدل فاجتهدوا في تحسين الامر له واقناعه بحمل القضاة على ذلك. فلما فرغوا من كلامهم وذكروا له جودة هذا البرنامج وانه يغني اليوم عن دخول القضاة في مسائل الفرائض تعلما وعملا وقسمة ويوفر عليهم الوقت. فلما فرغوا من كلامهم قال هبوا ان الكهرباء انقطعت عن المحكمة فكيف يقسم؟ يعني اذا انقطعت الكهرباء عن المحكمة انطفأ الحاسوب. فصار القاضي عاجزا عن قسمة مسألة الفرائض التي عرضت عليه في القضاء. ثم قال ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر. كان كالقناص لطالب الصيد اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الى الا خائبا اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعا. كذلك العلم طلبه صعب على من جهله. سهل على من علمه. وهذه جملة من القول فالعلم يكون طلبه صعبا على من جهله اي لم تكن له معرفة بطريق طلبه. واما من عرف تلك الطريق فان العلم يكون سهلا. وهذا موافق لما في صحيح البخاري من حديث ابي سعيد المقبوري عن ابي هريرة رضي الله وعنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر فمن يسر الدين ان يكون تعلمه ومعرفته والاحاطة بمسائله امرا سهلا ميسورا غير صعب وهذا شيء مقطوع به ولكن الغلط في اخذ العلم هو الذي جعله عند الناس صعبا. فان الناس حدث لهم من العوادي امور غيروا بها طريق اخذ العلم. حتى صرت تسمع اشياء يضحك منها العارف بالعلم تارة ويبكي تارة اخرى. لانه يضحك من تفوه هذا المتكلم بهذا الكلام ويبكي على كثير من الراغبين في العلم كيف يحال بينهم وبينه بمثل هذه الامور مولدتي عند الناس ككتابة رأيتها لاحدهم يبين طريق اخذ الفقه الموصل رتبة التحقيق المطلع للمتفقه على الراجح فذكر وانه يعمد الى كتب فيقرأ كتاب الطهارة من صحيح البخاري ثم يقرأ كتاب الطهارة في صحيح مسلم ثم يقرأ كتاب الطهارة من سنن ابي داود حتى يتم قراءة كتاب الطهارة من الكتب الستة ثم يقرأ كتاب الطهارة من كتاب المغني. ويلخص المسائل في كل. فاذا فرغ من كتاب في هذه الكتب ملخصا المسائل جامعا بين ذكر المسائل في المغني وفي تراجم المحدثين وبين الدلائل انتقل بعد ذلك الى كتاب الصلاة. ثم ينتقل بعد ذلك الى ما بعده. ثم ينتقل بعد ذلك الى ما بعده حتى يتم له الفقه. وهذا شيء من الهذيان الذي لا يقول به من عرف العلم. فان العلم لا يؤخذ بهذا ونحن الان في السنة السابعة والثلاثين بعد الاربعمائة والالف لا يعرف ان احدا نبغ في الفقه بمثل هذه الطريقة فتبكي فتضحك كيف يتكلم هذا المتكلم بهذا الكلام؟ وكأن العلم صار حمى مستباحا يتكلم فيهما ان شاء بما شاء ثم تبكي الما وتوجعا على كثير من الناشئة الذين يسارعون الى مثل هذه الطرائق ثم يشرعون فيها فما هي الا مدة يسيرة فينقطعون عنها لان المتكلم بها اصلا لم يسلكها ومن طريقا لم يمشي فيها كيف يكون عارفا بطريق الدلالة اليها؟ وانما يهدي الناس الى تلك الطرق من سار فيها وعرف مداخلها ومخارجها وان ثقل كلامه على الناس. فان اكثر الناس ينفرون من الحفظ والفهم وتكرار اتصالات واعادة النظر فيها ومدارسة الاقران والمذاكرة بها وادمان الفكر في تلك المسائل ويتشوفون الى كتب كثيرة ما جر الى الناس نشرها بينهم وفشوها الا ضعف العلم فان كثرة العلم من اسباب فان كثرة الكتب من اسباب الضعف في العلم. ولما كانت الكتب قليلة انما تؤخذ بالنسخ وتعرض على المشائخ حفظا وضبطا كان العلم محفوظا فلما كثرت الكتب وانفتحت الابواب وجدت المعاهد والكليات ودخل في العلم من ليس من اهلي صار العلم شاقا على النفوس. واما العارف بالعلم على الحقيقة فهو يرى العلم امرا سهلا مدركا ميسورا ان يدركه كل احد بتوفيق الله اذا سلك طريق اهله. ثم قال في تتمة قوله ذلك العلم طلبه صعب على من جهله سهل على من علمه لان معانيه التي يتوصل اليها مستودعة في كلام عنه اي مخبر عنه. وكل كلام مستعمل فهو يجمع لفظا مسموعا ومعنى مفهوما. فاللفظ كلام وقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب. اي حقائق العلم مستكنة في الفاظ تدل على معاني وهذه الالفاظ تدرك بها تلك المعاني التي فيها ويتقن ذلك بحفظها فاذا اخذ ملتمس العلم تلك الالفاظ والمعاني واعيا لها حفظا وفهما كان العلم في قلبه ومن بنى اصول العلم في قلبه لم يحتج الى كثير كتب بعد الاصول. فان الذي يكون دراكة عارفا باصول العلم يصير يصير له من الفهم والادراك ما يزاحم غيره من المصنفين وان لم يرى تصانيفهم. فكم من احد وصف بالتحقيق من المتأخرين؟ ومكتبته قليلة هذا ابن سعدي رحمه الله لا تجاوز كتب مكتبته مائة كتاب. ومع ذلك كان له من الفهم والادراك نفع ما ليس لكثيرين اليوم يشيدون في بيوتهم غرفا كثيرة تحفل بانواع مختلفة من الكتب ذوات الطبعات لان الشأن هو في حسن البناء في درك اصول العلم فان حسن البناء في درك اصول العلم يجعل في القلب ملكة يدرك بها العلم وتعرف مواقع القول فيه وان لم يطلع المتأخر على كلام من تقدم وان لم يطلع المتأخر على كلام من تقدم فتجد له من التحقيق فيه ما يوافق به سابقا له وتقطع حينئذ انه لم يقف على كلامه ولا كتابه. كأن يكون الكتاب غير مطبوع او غير معروف اصلا ثم تحدث معرفته ونشره في الناس فيوجد فيه من كلام صاحبه ما هو موافق لكلام سمع من متأخر او وجد في كلامه فيعجب الناظر كيف وفق هذا لموافقة سابق متقدم لم يطلع على كلامه. فاذا عرف المرء ان الموافقة جاءت من المرافقة في اخذ العلم فهما احسنا بناء العلم في نفسيهما باخذه من اصوله حفظا وفهما فلما قويت ملكة العلم في القلب استوى قول هذا وقول هذا وان كان احدهما في المشرق والاخر في المغرب واحدهما قبل لمئات السنين والثاني مات من قريب. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة الخامسة مما الطالب على الاتصال بما سبق جمع نفسه على تلقي الاصول تحفظا وتفهما فان افراغ زهرة العمر وقوة وقوة النفس في اذا بها احسن من انتهزه الفرصة واكمله وبها ابتداء العلوم من اوائلها واتيانها من مداخلها وهي سلم الارتقاء الى الحذف العلم وتحصيل ملكة الفن فان الحذق يدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده وثانيها على مسائله وثالثها استنباط فروعه من اصوله وايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر الاصول واستنباط منطوقها ومفهومها حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفس مقاصدها فيصير الممارس لها ذا حذق وبصيرة بها قال ابن خلدون في مقدمته بعد كلام سبق وذلك ان الحذق بالعلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصون ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن ولحاصل وهذه الملكة غير الفهم والوعي. لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا بين من شدى في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ فيه وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم النحرير والملكة انما هي للعالم او بالفنون دون من سواهما فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي انتهى كلامه ذكر المصنف ووفقه الله البينة الخامسة من البينات العشر مبينا ان مما يعين الطالب على الاتصاف سبق جمع نفسه على تلقي الاصول تحفظا وتفهما. فالذي يبلغك الحال التي تقدمت هو ان تجمع نفسك على الاصول المعروفة في انواع الفنون بالحفظ والفهم. قال فان ان افراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكمله. وبها ابتداء العلوم من اوائلها اتيانها من مداخلها. ثم قال وهي سلم الارتقاء الى الحذق في العلم وتحصيل ملكة الفني والمراد بالحذق كما تقدم دقة المعرفة والمهارة في العلم. وتحصيل الملكة في الفن بان تكون ثابتة في النفس لا يتكلفها. بان تكون ثابتة في النفس لا يتكلفها. قال فان الحذق يدرك بثلاثة امور. اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. اي ان تكون له معرفة محيطة بمبادئ العلم وقواعده الكلية. قال وثانيها الوقوف على مسائله بالاطلاع على فروعه المندرجة تحت اصوله. قال وثالثها استنباط فروعه من اصوله. اي رد تلك الفروع الى الاصول المقررة فيه. فيعرف هذه المسألة المذكورة فرعا منه الى اي اصل من ابواب ذلك الفن ترجع ثم قال وايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة اي بلوغها واصابتها بقر الاصول اي شقها واستبطان منطوقها ومفهومها اي الاستيلاء عليها حتى تكون في باطن النفس. قال حتى يمتلئ القلب بحقائقها. وتثبت في النفس مقاصدها فيصير الممارس لها ذا حدق وبصيرة بها. فالاصول التي تقدمت الاشارة اليها من الامهات اعتمدتي في تلقين الفنون ابتداء من المختصرات على اختلاف درجاتها يقصد اليها فتشق وتحفظا وتفهما حتى يطلع عليها اطلاعا كاملا يوقفه على حقائقها. ثم تستدخل تلك كالحقائق في القلب منطوقا ومفهوما حتى يستولي عليها القلب وتصير ملكة ثابتة للنفس في حينئذ يكون الممارس للعلم ذا حدق وبصيرة ثم ذكر كلام ابن خلدون انه قال وذلك ان الحلق بالعلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحدق في ذلك الفن المتناول حاصلا اي اذا لم توجد تلك الملكة في النفس بان تكون معاني العلم وحقائقه مستقرة راسخة في القلب فانه لا يحصل للعبد الحذق في ذلك الفن. وهو الذي سماه الفقهاء في رتبة من مراتب اهله فقيه النفس فقيه النفس. ففقيه النفس عندهم من صار الفقه له طبعا. من صار الفقه طبعا كالمذكور في حال ابن الرفعة من فقهاء الشافعية الذي ذكره ابن تيمية لما رآه فقال رأيت رجلا فروع فروع الفقه رأيت رجلا فروع الفقه تتساقط من لحيته كناية عن استيلاء علم الفقه على قلبه حتى صار راسخا فيه ولذلك تجد له من مسائله في الفقه من الحذق والنباهة والمهارة ما يستغرب كيفية صدوره منه الا بقوة نفس وحسن نزع وسلامة طبع في الفقه حتى صار الفقه له عادة فكان من اقواله انه يرى ان الدفن بباطن البلد المسكون يمنع منه وان الناس يدفنون وراء الحصون في ظاهر البال. قال لان الحي اولى بهذه البقعة التي حصنها ولي الامر بحصن ونحوه. وهذا مأخذ حسن. وكافتائه رحمه الله النظر الى القاهرة لما افتتحها المعز الفاطمي وكان ذالا مذلا فانه كان من الباطنية ودعا الناس للنظر اليها. فذكر ان هذا يحرم لانه من مد العين الى زينة الحياة الدنيا نهينا عنها وله في ذلك كلام متفرق في مسائل من الفقه ينبئك عن حقيقة فقيه النفس قال وهذه الملكة غير الفهم والوعي لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا بين شدى في ذلك البني وبين من هو مبتدأ فيه وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم النحريري امر مشترك كلي يراد به وعي مقصد الكلام الذي يلقى. لكن الحذق بدراية حقيقة الكلام وما يتعلق به من الفروع فهذا انما يكون كما قال للعالم النحرير. قال والملكة انما هي للعالم او الشادي في الفنون اي الذي اصاب منها حظا وافرا دون من سواهما فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي. انتهى كلامه. فمرتبة الحذق مرتبة فوق مرتبة الفهم يراد بها بلوغ العلم من النفس حتى يكون مستقرا فيها راسخا بين جنباتها. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة السادسة. ان الوصول الى الحذق بالعلم لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة بل لا بد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة في اصول الله تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول. وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم اصلين اثنين مع وتختص الاصول الموجزة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة ومفتاح الانتفاع بكل بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال ليتهيأ له بذلك فهم وتحصيل مسائله ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه فتقوى لذلك ملكته في الفن ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها ويزاد له حل المشكلات وتوضيح المبهمات وفتح المقفلات فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن. والمرشد الى هذا كله هو الدراكة ابن الدراكة البصير ابن خلدون اذ يقول في مقدمته اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيئا وقليلا قليلا. يلقي عليه اولا مسائل من كل باب من الفن هي اصول ذلك الباب ويقرب له في شرحها على سبيل الاجمال ويراعي في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يورد عليه حتى ينتهي الى اخر الفن وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك الا انها جزئية وضعيفة وغايتها انها هيئته لفهم الفن وتحصين مسائله ثم يرجع به ثم يرجع به الى الفن ثانية فيرفعه تلقيني عن تلك الرتبة الى اعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه الى الى ان الى اخر الفن فتجود ملكته. ثم يرجع به وقد شدى فلا يترك عويصا ولا مبهنق ولا مبهما ولا منغلقا الا وضحه وبدأ له مقفلة فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته. هذا وجه التعليم المفيد وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه. انتهى كلامه وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة بما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية. ذكر المصنف وفقه الله البينة السادسة من البينات العشر. مبينا ان الوصول الى الحذق في العلم لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة اذا فلا يحصله المرء بالهجوم عليه مهما بلغت قوته من الحفظ والفهم. وطريقه كما قال بل لابد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا اي ترقية النفس شيئا فشيئا في ادراك علم فيبدأ معها بشيء ثم يرفعها الى شيء ثم يرفعها الى شيء اخر فوق ما تقدم فان النفس خلقت وهي لا تعلم شيئا. قال الله تعالى والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا. فاذا اريد تعليم النفس شيئا اخذت بما يكون تهيئة لها. فان القلب للعلم بمنزلة الارض البذر فان المرء اذا اراد ان يزرع بذرا لم يعمد الى ارض ثم ينثر فيها هذا البذر فان العقلاء على ان فعلته تدل على نقص عقله. فان من اراد ان يزرع ارضا عمد اليها اولا بحرثها واستخراج ما فيها من العوالق والعوائق ونحوها. فاذا تهيأت بالحرف عمد بعد ذلك الى بذل البذر فيها. ثم قصد الى دفنه. ثم سقاه ثم تعاهده بالرعاية ونفي الامراض عنه حتى يطلع ساقه ثم لم يزل يتعاهده بشيء ان بعد شيء حتى تخرج ثمرته. ولو ظن احد انه ينثر البدر ثم يخرج الثمر لكان معدودا عند اهل الزراعة بانه ناقص العقل وليس له منه نصيب اذ انه ينثر البذر فيكون هدرا اذ لا يخرج له زرع ولا ثمر ولو قدر انه خرج زرع فانه يكون معيبا سقيما لا نفع فيه. فكذلك القاء العلم الى القلب يحتاج الى تهيئته شيئا فشيئا. وقد تعرض لك تلك الحال وانت تجهلها. فيؤدي جهلك بها الى قطعك عن العلم فانك ستحظر مجالس العلم في مبادئ امرك وانت لا تعي كثيرا مما يقال الى بيتك وترى نفسك غير صالحة للعلم لانك لا ترى بعد فراغك من هذه الدروس انك حصلت شيئا فيوجع ذلك قلبك ويثبطك عن مقصدك. ولو عرضت انك في الحال التي ذكرنا من تهيؤ النفس وانك تحتاج الى المكث مدة على هذه الحال ثم ترتفع بعدها الى ما فوقها لذهب عنك هذا العارظ. فمن احوال العلم وحقائقه في نفسه ونفوس الناس وعى ان المرء تعرض له هذه الحال فان استمر في طلب العلم ثبت له علمه وصارت له قوة على استحضار ما كان اولا تعلمه وان كان حينئذ يرى نفسه لا يدرك منه شيئا. فان القلب يهيئ بجعل العلم فيه شيئا فشيئا حتى تستحكم قوته فاذا استحكمت قوته استبطنت كل ما كان فيه اولا واخرا. قال ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم اصل اثنين معا فيتحقق تدريج النفس في العلم بان تكرر دراسة الفن فيدرس الفن من ثم ثانية ثم ثالثة. وتكون دراسته في عدة اصول له اي في كتب مدونة من امهات مختصرة تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط الى الطول. فيتلقى مختصرا وجيزا. ثم يتلقى مختصرا متوسطا ثم يتلقى مختصرا مطولا وتسميته مختصرا باعتبار المطولات في هذا الفن المتون مهما بلغ طولها كالالفيات ونحوها هي تعد مختصرات بالنسبة الى امهات الفن. قال وقد يكون كل مرتبة اصل واحد ان يكون له في الايجاز اصل وفي التوسط اصل وفي الطول اصل. وقد تضم اصلين اثنين معا فقد يوجد في حال الابتداء في فن ما ما ينصح باخذ اصلين معا وقد يكون هذا بحق طالب دون طالب. فمثلا قد يحتاج بعض الطلبة في ابتداء النحو ان يتلقوا الاجر الرامية فقط وقد يحتاج بعضهم الى ان يلقن مع الاجرامية قطرا النداء. ثم يرفع هذا وذاك الى مرتبة متوسطة هي صدور الذهب او ملحة الحرير عند قوم اخرين ثم ينقل بعد ذلك الى المطول كالفية ابن مالك فتارة يكون تكون المرتبة ذات اصل واحد وتارة تكون ذات اصلين. ويكون هذا بالنسبة للفن وتارة بالنسبة للمتلقي. فان من المتلقين ما تكون له قوة في الفهم فيكفيه في مرتبة ومنهم من يحتاج الى ضم اخر ومنهم من يحتاج الى تقوية بتنويع طرائق تلقيه هذا المتن نفسه. فقد يدرس الطالب المقدمة الاجرامية ثم لا تكون له قدرة في النحو فينقله شيخه الى قطر الندى فلا يعيه فيعيده الى الادو الرامية بطريق اخرى كأن يلقنه الاجرامية بطريق السؤال والجواب. كالكتب المصنفة في ترتيبها على هذا. او اي يلقنه الاجر الرامية عن طريق تمرينات الابواب بان يمرنه على كل باب بما يكون مناسبا للباب. فان من الناس من لا تقوى نفسه باخذ العلم بمجرد الايضاح والفهم. بل تقوى بتنويع طرائقه كطرح الاسئلة والاجوبة في الفن او بتكثير الامثلة والتمرينات عليه وكل ذلك سائغ وهو من طرائق اخذ العلم ثم قال وتختص الاصول الموجزة لكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة. فالاصول الموجزة وفي الفنون تختص بانها تجمع المسائل الكبار في كل باب في ذلك الفن فهي لا تستوفي الى الباب بل تقتصر على المسائل الكبار فيه. فالمتن مقدم ذكره وهو المقدمة الادرامية نجد ان مصنفها في كل باب لم يستوف مسائلهم. فصنف من صنف تتمة لها لكن التي ذكرها في الابواب هي المسائل الكبار في ذلك الباب عند النحاة. قال ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة اي يزيد ما يذكر له من المسائل في اصل متوسط او مطور قال ومفتاح الانتفاع بكل اي بالمختصر الوجيز او المتوسط او المطول هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على الاجمال ليتهيأ بذلك فهم الفن وتحصيل مسائله. فالاصل المختصر في فن ما وهو وجيز يتلقى على سبيل الاجمال لا على سبيل التفصيل فيدركه اخذه مجملا. مفرغا من التفصيلات المطولة. لانها تقعده ما ينفعه اما قصره على ما يلزمه من معرفة اصول الفن مجملة فهذا يهيئه لمعرفة الفن وتحصين مسائله. فمثلا اذا اراد ان يشرح له بابا من ابواب متن ذكر الاصول الكلية فيه دون تطويل. فاذا اراد مثلا ان يشرح له نوع الحديث صحيح بين له حقيقة الحديث الصحيح حتى يفهمها ثم بعد فهمه هذه الحقيقة ذكر له من الامثلة ما يبينها. واوقفه على ما يحتاج اليه من تصور هذه المسألة وهي نوع الحديث الصحيح. ولم يحمله على الايغال في في فروع مما يتعلق بمعرفة الصحيح مما يذكر في المطولات كأن يذكر له المصنفات في الصحيح وان من المصنفات في الصحيح صحيح البخاري وصحيح مسلم ثم يذكر المفاضلة بين الصحيحين ثم يخبره باختلاف اهل العلم في ذلك على قولين ثم يذكر له خصائص صحيح البخاري وصحيح مسلم وما اقتضى التقديم لهذا عند قوم وما اقتضى التقديم للاخر عند قوم اخرين ثم له ان المستخرجات عليهما تلحق بهما ثم يذكر له تعريف المستخرجات ثم يمثل له بصورة المستخرج ثم يذكر له الخلاف في الحاق المختصرات المستخرجات هل هي باعتبار اصولها او باعتبار اسانيدها المفردة وانه ربما يوجد في مستخرج ما اسانيد تكون دون شرط الصحيح مجزوما ثم يبحث له عن الداعي الى ذكره تلك الاسانيد الضعيفة وهل هي مما اتفق على ضعفه؟ اما او مما فنزع في ضعفه ثم ينقله الى كتب تنوزع في كونها من الصحيح غير البخاري ومسلم في ذكر له الخلاف في جامع الترمذي والنسائي ومن سماهما بالصحيح ثم يذكر له رتبة الترمذي والنسائي ثم يذكر له بعد ذلك صحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والتفضيل بينهن ثم يفضي به الى القول ان من الحنابلة المتأخرين كابن تيمية من فضل المختارة للضياء المقدسي على مستدرك الحاكم ثم يتكلم له في مرتبة مستدرك الحاكم والفرق بين اوله واخره ويذكر له محاذاته بتصانيف الحاكم الاخرى كالمدخل الى الصحيح او المدخل الى الاكليل او غيرها وكيف ان الحاكم صارت له حال بسبب بسبب الكبر في المستدرك دون ما تقدم من تصانيفه. فيفخر المتعلم فاه ويقول ان شيخه عالم لكنه هو يبقى جاهل لانه اضره ولم يعلمه. فانه اذا طول له القول لم يعي حقيقة نوع الصحيح ورجع بعد ذلك يقول اصح الكتب هو الضياء للمقدسي لان ابن تيمية فضله وبقي في ذهنه هذا المعنى فقط. فيسمع ابن تيمية والمختارة وانه حنبلي فيقول اصح الكتب هو كتاب اختاره لذلك سماه الاحاديث المختارة. هذا امر موجود في تعليم الناس اليوم وهو الذي افسد العلم. ومثل هذا ينفع في المطولات لمن ترقى اليها. او ينفع في المختصرات لمن اراد ان يبحث فيها ممن له ومكنة في العلم فقد تأتي الى طلابك المنتهين ثم تقرأ لهم الاية الرامية على وجه التطوير والبحث في مسائلها والايراد عليها وحل الاشكالات فيها فهذا امر لا يذم صاحبه اذا كان من تعرض له تلك البضاعة متهيأ قال لها واما الذي يعاب فاعله فهو ان يلقن المبتدئ ما يكون غذاء للمنتهي ولذلك قال ومفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال يتهيأ له بذلك فهم الفن وتحصيل مسائله كالواقع في هذه المجالس فان الواقع في هذه المجالس هو الايقاف على كليات المسائل وجملها. قال ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه فتقوى بذلك ملكته في الفن اي يرفعه الى مرتبة اعلى فيشرع له في ذكر الخلاف ووجه الخلاف ويستوفي الشرح والبيان. قال ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة. مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها. فيوفي الشرح حقه. ويعطي البيان قدره. ويكشف له عن الخلافيات المذكورة في مسائل الفن. قال ويزاد له حل المشكلات. وتوضيح المبهمات وفتح فلا اي يزاد الطالب عن هذه المرتبة المتعلقة بالشرح والبيان وذكر الخلافيات ان تحل له مشكلات الفن وتوضح له مبهماته وتفتح له مقفلاته. فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن. ولما بطلبة العلم عن ترقيتهم شيئا فشيئا صار ايراد الاشكالات وحلها وابانة والمقفلات وفتحها وابداء الاستنباطات واستخراجها ضعيفا فيهم. لان الاصول التي يشيدون عليها المهم هي اصول ضعيفة. واذا كان اصل الجدار ضعيفا كان ارتفاعه قليلا. واما اذا كان اصله قويا دفع الجدار ما شاء الله فكذلك العلم انما يترشح لحل المشكلات وتوضيح المبهمات وفتح المقفلات من قوي الته في العلم فامتزجت انفاسه وروحه بحقائقه ومقاصده. ثم ذكر ان هذا الفيض من البيان الذي تقدم هو مستفاد مما ارشد اليه ابن خلدونة في مقدمته في الكلام الذي قرأه القارئ موافقا معناه لما تقدم بيانه. وكان من كلام ابن خلدونة بعد ذكر هذا الترتيب في تلقي علم انه قال هذا وجه التعليم المفيد معناه في تعليم ما يفيد ولا ما ما فيه فيه قال هذا وجه التعليم المفيد اي الذي يرجع على العبد بالمنفعة والفائدة وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث قرارات اي للفن وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر كلامه. اقد يتهيأ بعض الناس لقوة فهمه ان ينقله شيخه من المختصر الى المطول فان من الناس من وقوا فهمه في العربية فاذا اقرأه معلمه الاجو الرامية وجاء عند وجد عنده فهما قويا في النحو النحو اكتسبه غالبا من دراسة نظامية اعتني فيها بالنحو فرقاه الى اقرأ الالفية ولم يراه محتاجا الى المتون المتوسطة كشذور الذهب او ملحة الاعراب فيترشح للمطول ويتلقاه وله فهم. ولاجل هذا فان العلم لا يؤخذ بدون ارشاد معلم والحال التي عليها الناس هي من اسباب وهن التعليم. فيأتي المعلم ويدرس ما شاء ولا يلاحظ فيما يدرسه الناس نفع الناس ويأتي الم تعلم ويأخذ من كتب ما شاء ثم يعمد الى من يجلس للتعليم ثم يقرأ عليه ولا لا ينظر ذلك المتعلم في صلاحية ذلك ولا ينظر ذلك المعلم في صلاحية ذلك الم تعلم لما يقرأ. ورب رأيت فيهم من يريد بالنفع نفسه. لا نفع المتعلمين. فصار تخريجهم المتعلمين قليلا وصار وجود من يجلس للناس بعد الطبقة القديمة في الناس عليلا لان اخذ العلم قد ضيع ولم يحفظ في الناس ومن اخبار شيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ابن عبداللطيف ال الشيخ رحمه الله ال الشيخ رحمه الله ان الشيخ حسن ابن مانع رحمه الله قدم عليه يطلب قراءة العلم. فحضر وسلم عليه واخبره عن رغبته في القراءة عليه. فقال له تقرأ ان شاء الله في ثلاثة الاصول فقال قد قرأتها وكان معنى قرأتها عند من تقدمنا انه تلقاها حفظا وفهما فلم تكن القراءة الا مع الحفظ للمتون التي يعتمدونها في الفنون. فقال فتقرأ بين في كتاب التوحيد. فقال قد قرأته. فقال تقرأ علينا في العقيدة الواسطية. فقال قد قرأته فقال تقرأ علينا في زاد المستقنع قال قد قرأته قال تقرأ علينا في بلوغ المرام قال قد قرأته فلما قال له ذلك قال له اذا انت يا ولدي تجلس مكاني وتدرس قال انت اذا انت يا ولدي تجلس مكاني وتدرس بما انك انت قرأت على الشيوخ هذا خلاص انت عندك الية للتعليم قاله على وجه الممازعة لهم ثم قال على من قرأت انت؟ قال انا قرأت على ابن عمي الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع في قطر وكان قصد اليه وقرأ عليه في قطر ثم رجع الى نجد وقرأ على علمائها كالشيخ محمد ابن ابراهيم واخيه الشيخ عبد اللطيف ابن ابراهيم في ارينا فكانوا لا يأذنون للطالب بان يقرأ وانما يرشدونه الى ما يقرأ وكان من اخبار من توفي قبل عشرين سنة تقريبا او اقل من ذلك ان اتاه بعض قرابته وهو دكتور فاراد ان يقرأ عليه في العلم فقال له حياك الله. تأتينا غدا بعد الفجر وتأتي معك بثلاثة الاصول فقال يا شيخ احسن الله اليك تأتي الاصول مفهومة انا ودي اقرا في غيرها. لانه دكتور فقال لا تقرأ في ثلاثة الاصول ثم تقرأ في غيرها فحاول في الشيخ مرارا فلم يرضى الشيخ فلا قرأ على الشيخ ولا ادرك في العلم لانه لم يسر بما ارشد اليه وذلك المرشد له هو من قرابته واراد ان يحمله على ما ينفعه مما يتهيأ به العلم شيئا فشيئا. فاذا اخذ الناس بهذا نفعوا وانتفعوا. واما تركهم بدون رعاية فيما يلقون من العلم فيما يلقنون من العلم ولا فيما ينصحون له فهذا نوع من الغش في الدين فان الدين امانة وكان بعض اهل العلم ممن مضى يجعل بعض مجالسه لبعض اصحابه دون بعض لان منهم من يصلح لهذا العلم ومنهم من لم يترشح له بعد. فلا يستوي عنده الناس في ذلك. والحامل عليه والحامل له في عدم الاستواء قدر ما يطلبون من العلم. لا ما لهم من منصب ولا ما لهم من مال ولا ما لهم من قرابة انما يرعون في الناس حق العلم. واما اليوم فان المرء اتصلت به من الاخبار ما يراها نوعا من الجنون. فذكر صاحب ذي انه رأى قليلا من اقرانه عمد الى رجل يوصف بمعرفة الحديث فاراد ان يقرأ عليه كتابا فقال له هذا قد طبع مسند الامام احمد حديثا فهاته اقرأ فيه قال محدثي وصاحبي هذا لم يقرأ حتى الاربعين النووية يعني حتى الاربعين النووية ما قرأها. كيف هذا بيستمر في مسند احمد لن يستمر هو بالفعل ما هي الا عدة مجالس قراء ثم بعد ذلك ذهب وترك الدرس. قال وهو يعني الحال التي قدمت يعني الامر الذي تقدم شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية لا تجد امة من الامم الا والتعليم مرتب فيها على هذه المراحل الثلاث. فتكون المرحلة الابتدائية وتكون ثم تكون متوسطة ثم تكون الثانوية. وعامة ما فيها هو تكرار مع زيادة. وعامة ما فيها هو تكرار مع زيادة وهذا هو وجه التعليم النافع المفيد كما ذكر ابن خلدون. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم هو الله البينة السابعة تؤخذ اصول الفنون حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين احدهما الاهلية في الفن بتمكنه النفس والاخر النصح هو حسن المعرفة بطرق التعليم. فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء. لانهم ورثة الانبياء ومن لم يفتح له الخازن كيف ينال مبتغى؟ ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير هذا المعنى. ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا يتعان والشيوخ لهم درجات ومراتب يتفضلون فيها. والذي تنبغي رعايته فيهم الوصفان المذكوران انفا فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه. فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم وموارد الاذى فاحرص على من تقدم وصفه فان لم يتيسر مثله او من يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهمانه مع مراجعة شيخ عالم فني فيما اشكل من الثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى ومحل هذا اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلابد من من ضم بعضها الى بعض او كان الطالب جيدا الفهم قوي العقل. الثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة الفن ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة السابقة والطالب فوق ما تقدم. وكما عرفت فان اختيار طريق دون اخر باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه. ومن اصول الملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضي على شيخ مع كوني ذلك اكمل. كالبداية والنهاية مثلا لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على سحر يكشف معنى ويوضح مغزى. هذا كله حظ الطالب من الفهم عند فقد الشيخ اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظه من نسخة مصححة للاصل على قرين له ذي معرفة من الفن فان عدم القرين الموصول قصد غيره مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها. وليطلب يجد فيه بغيته والا بقي في في ظلمة الجهل والحيرة. ذكر المصنف وفقه الله البينة السابعة من بينات العشر مبينا ان اصول الفنون تؤخذ حفظا وفهما عن شيخ عارف يتصف بوصفين احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس اي ان يكون عارفا بالفن متأهلا في والاخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم. بان يكون ناصحا للخلق حسن التدبير في تلقينهم العلم منوعا الطرائق عليهم في ايصاله لهم كالامر الذي تقدم فذكره في تنويع طرائق فهم الاجرامية لمن عجز عن متنها فانه تارة ينقل الى امثلة وتمرينات عليها وتارة ينقل الى كتاب رتبت فيه في اسئلة واجوبة قال فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء لانهم ورثة الانبياء ومن لم يفتح له ازنوا كيف ينال مبتغاهم. فلا سبيل الى العلم الا بشيخ يؤخذ عنه العلم. وعند ابي داوود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم. واسناده والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب وهو مفيد ان العلم في هذه الامة يؤخذ بالتلقي في الخلف عن السلف من الشيوخ السابقين لهم وبسط هذا المعنى الشاطبي في احدى مقدمات الموافقات. ثم ذكر ان دلائل الشرع والعقد متواطئة على تقرير هذا المعنى ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا يتعنى وان الشيوخ درجات ومراتب والذي تنبغي رعايته فيهم الوصفان المذكوران. فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه. وان كان غيره اعلم منه من امرئ تجده ذا علم واسع في فن من الفنون لكن لا يكون له قدرة على نصح تعلمينا ولا معرفة له بطرائق التعليم. واذا كانت تلك حاله رجع على المتعلمين بالضرر. فمثلا مما يضر المتعلمين ان يعمد الم تعلم الى شيخ له معرفة ظاهرة في علم ما بز فيها اهل عصره. فهو المشار اليه بالتقدم في هذا الفن. لكنه اذا قرأ عليه مع حال الابتداء ادخله في امور لا يدركها. فتجده اذا تكلم في العلم لم يعي هذا المتلقي لا يلقى اليه من العلم لان مخاطبه يتكلم معه باشياء لم يدركها بعد كأن يقرأ في كتاب من كتب المعتقد في ذكر له مسألة من المسائل. ثم يعرج هذا المتكلم وفي هذا الفن لمعرفته التامة بعلم الاعتقاد الى بيان هذه المسألة بيانا كافيا يفضي به الى ذكر مذاهب المخالفين. فيشرع الى ذكر المخالفين من اهل القبلة. فيذكر ان مذهب المعتزلة هو وكذا وان هذا هو المشهور نسبته اليهم. كانكار عذاب القبر مثلا ثم يذكر ان التحقيق ان هذه النسبة تعم المعتزلة جميعا وان الذين انكروا عذاب القبر هم طوائف من المعتزلة فنسبته اليهم على وجه الاجمال مستحق للاهمال وان المنكر منهم يختص بطوائف ذكرها الصنعاني في شرح ابيات التثبيت وغيره ثم ينقله بعد ذلك الى خلاف الملل الخارجة عن الاسلام في عذاب القبر في ذكر خلاف ملل من اهل الملل كاليهود او كالنصارى ثم يذكر له ما استجد من احوال المنكرين عذاب القبر ممن يرجعون الى مذاهب فكرية معاصرة كالذكر الشيوعي او الفكر الليبرالي او غيره ثم يتحدث عن مناشيء هذه الاقوال وان منشأ هذه المسألة عند المعتزلة العوائل ليس كمنشئها عند المتأخرين من الماديين من الشيوعيين او الليبراليين ثم يفضي في البيان في الجادة فتوسعه بهذا يضر الم تعلم لان الم تعلم المبتدأ ليست له اهلية في درك الفن بعد فيكون ذلك مضرا به. لكن لو كانت له معرفة طرائق التعليم ما ابتدأ المتعلم بهذا وجعل كلامه الذي ذكره مختصا بمن له معرفة بالغة من الطلاب في المعتقد فانه ينقله بعد حصول المعرفة الكافية بالمعتقد السني الصحيح ينقله الى معرفة المخالفين ويحرروا اقوالهم ويذكروا مناشيء الخلاف بين من تقدم ومن تأخر بعدهم ثم يكون غيره على تلك الحال ممن هو دونه في العلم خير في تعليم الناس منه لانه له معرفة بتلقين الناس ما يصلح لهم فهو ناصح لهم عارف بطرائق التعليم فيحدثهم بما يدركون ويصلح لهم تمنعهم مما لا يدركون ولا يصلح لهم. كما قال فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين قنا واوردهم موارد الاذى ثم قال فاحرص على ما تقدم وصفه فان لم يتيسر مثله او من يقارنه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمان او شق الوصول اليه امكن سلوك سلوك احد الطرق الاتية. وهذه الطرق المذكورة مرهونة بحال الضرورة فقط فهي بمنزلة اكل الميتة والا فاصل اخذ العلم هو تلقيه عن الشيوخ لكن قد قولوا تارة بين العبد وبين تلقيه الا يتيسر له احد من الشيوخ فيفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او يشق والوصول اليه لبعد بلاد او مخافة طريق او غير ذلك. قال الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود اي ان يحظر معتمدا للاصل المقصود وتفهم معانيه اي ان يتفهم من ذلك الشرح معاني ذلك الفني مع مراجعة شيخ من عارف بالفن فيما اشكل منه فيعمد مثلا الى شرح من الشروح المعتد بها لمتن من المتون المعروفة فلو قدر انه اراد ان يبتدأ في علم القواعد الفقهية فانه يعمد اولا الى منظومة ابن سعدي رحمه الله ومن المعتمدة شرح المصنف نفسه. فيتفهمه تفهما كافيا. ويحاول ان يحيط علما بمعاني قول الذي يذكره المصنف ثم يلتزم ان يراجع شيخا عارفا بالفن فيما اشكل منه يتعذر الوصول اليه بالقراءة لكن يمكن ان يكون بالمراسلة او المهاتفة او اللقاء في نحو موسم حج او عمرة او زيارة او غير ذلك فيتقصد ان يهتمل فرصا لقائده فيسأله عن المشكلات اما اذا تهيأ له القراءة عليه فهي المقدمة لكن الكلام في حال تمنعه من ذلك. ثم ذكر الطريق الثاني فقال الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى. اي ان يزيد عن الشرح الواحد ويسلك ما مضى من تفهم معانيه ومراجعة الشيخ العارف. قال ومحل هذا اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلا بد من من ضم بعضها الى بعض اي اذا كانت تلك الشروح غير وافية بايضاح معانيه فيضم بعضها الى بعضهم قال او كان الطالب فجيد الفهم قوي العقل. يعني اذا كانت له قوة في فهمه وجودة في عقله تمكنه من الجمع بين عدة جروح فلا بأس حين اذ قال الثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة كان يطالع عدة شروح ثم الا يقف على ما يفهمه الكلام. فحين اذ يطالع مطولات يطالع مدونات الفن المعتمدة اي كتبه المشهورة بالتحقيق قال ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة سابقا اي متقاعدة عن ايضاح معاني متن ما والطالب فوق ما تقدم اي مرتفعا عن حال جودة الفهم وقوة العقل بان يكون قد مارس التحصيل مدة من زمانه ثم حيل بينه وبين التحصيل لسفر او شيء من شغل الدنيا او غير ذلك ثم قال وكما عرفت فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه ثم ذكر ان من اصول الملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضه على شيخ. مع كون ذلك اكمل. كالبداية والنهاية فالكتاب المذكور هو من اصول ملكة العلمية في التاريخ. فيمكن ان يدرك قارئه معانيه حاجة الى عرضه كله على شيخه مع كون ذلك اكمل. فاذا تيسر له ان يتوسع في قراءته على الشيوخ حتى يقرأ مثل هذا فهذا افضل له؟ قال لكن هذا الضرب لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم اي لا يحسن القراءة به الا بعد الامتلاء من العلم. لتعظم منفعته. وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على شيخ يكشف معناه ويوضح مغزاه اي ربما عرض فيه اشياء من المشكلات في كتاب البداية والنهاية. فهذا يعرضه على شيخ يكشف له ما اشكال مما ثم قال هذا كله اي ما تقدم حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ. اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظه اي عند فقد الشيخ من نسخة مصححة للاصل على قرين له ذي معرفة بالفن فلا بد من شرطين. احدهما ان تكون النسخة التي يحفظ منها نسخة مصححة اي معتمدة مقررة والاخر ان يعرض محفوظه منه على قرين اي صاحب له معرفة بالفن فيعمد الى اختيار احد ممن تلقى هذا الفن في بلده ممن لا الى مرتبة الشيخ المعلم في عرض عليه هذا المحفوظة. قال فان عدم القرين الموصوف قصد غيره. اي عمد الى احد مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. اي يلتزموا ان يعتني بان يكون حفظه من اصل موثوق ثم قال فان لم يجد فليرتحل من بلده اي اذا لم توجد له تلك الحال من الطرق المعينة التي ذكرناها فلم يبقى له الا الرحلة من بلده. فان العلم لا ينعش فيها. يعني لا يحيا وتقوم سوقه وفيها وليطلب بلدا يجد فيه بغيته. والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة. ومن انواع الهجرة كما ذكره ابن العربي الهجرة من بلد الجهل الى بلد العلم. الهجرة من بلد الجهل الى بلد العلم لان العبد مأمور بان يتعلم فاذا تعرى تعذر لكونه في بلد جهل امر بان يهاجر الى بلد علم. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينات الثامنة من القواعد الاصول في ادراك العلم المأمون تقليل الدروس واحكام المدروس وعروة احكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران. ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب والغرس يا سقيا يموت وسقيا العلم وسقيا العلم مذاكرته. ومن بدائع الالفاظ المستجابة من قرائح الحفاظ قول ابي الحجاج المزي في حافظ رحمه الله من حاز العلم وذاكره حسن حسنت دنياه واخرته فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم. قال ابن شهاب الزهري رحمه الله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة فترك الاستذكار بعد التحفظ والتفهم يضيع به زمن طويل في ابتغاء استرجاع مفهوم ذهبت معانيه او محفوظ نسيت مبانيه الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعطلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذابت. قال ابن عبد البري رحمه الله في كتابه التمهيد يبين معناه واذا كان القرآن ميسر للذكر كالابل المعطلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ ذكر المصنف وفقه الله البينة الثامنة من البينات العشر. مبينا انه من القواعد الاصول في ادراك العلم المأمول تقليل الدروس واحكام المدروس. فينبغي ان يأخذ المتعلم نفسه بتقليل درسه ابتغاء احكامه فيعيد النظر فيه بعد مرة بعد مرة تحفظا وتفهما حتى يقوى في نفسه. ثم ذكر ان عروة الاحكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران. ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب والغرس بلا سقيا يموت وسقيا العلم مذاكرته. ثم ذكر البيتين المعروفين للحافظ المزري من حاز العلم وذاكره حسن دنياه واخرته. فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم اي اذا وجدت المذاكرة بقي العلم واذا ذهبت ذهب العلم كما قال وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم قال ابن شهاب الزهري رحمه الله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة. ثم قال وترك الاستذكار بعد التحفظ فهم يضيع به زمن طويل في ابتغاء استرجاع مفهوم ذهبت معانيه او محفوظ نسيت مبانيه مذاكرة ما تقدم حفظه وفهمه يذهب به ما سبق من الزمن الذي انفقته فيما فات في تحصيله ثم تفتقر الى زمن جديد تعيد به تحصيل ما فات. ولاجل هذا كان من عادة اهل العلم في ابقاء العلم في نفوسهم حفظا وفهما امران. احدهما بالحفظ وهو انهم يتخيرون اوقات العطل لاعادة المحفوظات انهم يتخيرون اوقات لاعادة المحفوظات. ففي ايام العمل والدرس تكون للحفظ. فاذا انتهوا الى عطلة جعلوها لتكرار المحفوظ. فمثلا من ابتدأ هذه السنة في حفظ شيء فبلغ منه شيئا فانه يؤمر اذا وصل عطلة من دراسة او عمل ان يجعلها في مراجعة محفوظه الذي تقدم. حتى يتقنه ثم بعد ذلك يشرع في عليه ولو استغرق امر اعادته عطلته كلها فان حفظ رأس المال مقدم على الربح. فتكون هذه هي عادته المطردة في حياته ان يتخير العطلة سواء من دراسة او عمل لتكون محلا لمراجعة محفوظه فيبتدأ من اول محفوظه حتى ينتهي الى اخره. ثم اذا اراد ان يزيد زاد حتى تأتي العطلة التي بعدها فيراجع فيها ما سبق وهكذا دأبوه في حياته. والاخر يتعلق بالفهم وهو ان يعيد تلك الاصول تعلما وتعليلا وتعليما ما لا يحصى ان يعيد تلك الاصول ان يعيد تلك الاصول تعلما وتعليما ما لا يحصى فانه يبقى العلم في نفسه فاذا قرأ كتابا ككتاب التوحيد على شيخ المعلمين فان من النافع له ان يقرأه على شيخه نفسه مرة اخرى او على شيخ اخر مرة اخرى. واذا زاد ثالثا فهو انفع وابقى له. فنياذه اصول معتمدة بتكرار دراستها خير له. من ان يرشح نفسه للقراءة عليهم في كتاب اخر. فتجد من الطلبة من يقرأ مختصرات الاعتقاد ثم يرى ان الانفع له ان يقرأ على شيوخه شرح العقيدة الاصبهنية لابن تيمية او الصفدية او غير ذلك من الكتب. ويهجر تلك الاصول وبقاؤه على تلك الاصول خير له والحال الكملى بقاؤه على تلك الاصول مع ارتفاعه الى تلك الكتب. فاذا رشح لقراءة تلك الكتب يقرأ فيها على شيوخه لكنه لا يأنف من ان يعيد قراءة هذه الاصول شيوخه مرارا فانه خير له. وكذلك اذا جلس للتعليم فان اعادته للاصول تكرار والدرس اقوى في علمه. وارسخ في قدمه من ان يدرسها مرة او مرتين ثم يتركها فان هجر هذه الاصول يبدد ما فيها من المعاني. فمع تطاول الزمن تذهب حقائق العلم التي ادركتها حفظا وفهما ان لم تتعهدها بالطريقين السابقين. ولذلك كان العلماء الموصوفون بالتقدم لا انفونا من بقاء اقراعهم المتون المختصرة مع الاشارة اليهم بالتحقيق والامامة والتقدم في العلم ومن اخبار التاوود بن سودة شارح البخاري واحد ائمة العلم في المغرب انه بقي يلقن المختصرات كالاجرامية وابن عاشر حتى توفاه الله ولو لصغار اهل بيته صغار اهل بيته يلقنهم هذه المختصرة. لانها بهذا التلقين تبقى في نفسه وينفع الناس. اما اذا ترك هذا ذهبت من نفسه ولم ينتفع الناس. ثم ذكر حديث ابن عمر في تقرير هذا المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم انما فمثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة اي المقيدة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. قال ابن عبد البر واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل معطلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العيون؟ انتهى كلامه اي فهي اولى حفظا وفهما على الوجه الذي ذكرته لك. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة التاسعة في التأني نيل بغية وثبات نباته انما يجمع العلم بطول المدة وتجويد العدة. قال الزهري يوصي صاحبه يونس ابن يزيد الايلي. يا يونس لا العلم فان العلم اودية فايها اخذت فيه قطع بك قبل ان تبلغه ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فان من رمى اخذه جملة ذهب انه جملة ولكن الشيء بعد الشيء مع الليالي والايام فمن طلب العلم بايام وليال فقد طلب المحال ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا وقاصديه ونهاية العجول تشتت ووفول. قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الفقيه والمتفقه. اعلم ان القلب جارحة من الجوارح اذا ثمنوا اشياء وتعجز عن اشياء كجسم الذي يحتمل بعض الناس ان يحمل مائتي رطل ومنهم من يعجز عن عشرين رطلا وكذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم لا يعجزه ومنهم من يمشي بعض امين فيضر ذلك به ومنهم من يأكل من الطعام ارطالا ومنهم من يتخمه الرطل فما دونه كذلك القلب من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ومنهم من لا يحفظ نصف صفحة في ايام. فاذا ذهب الذي فاذا ذهب الذي مقدار حفظه يومي يروم ان يحفظ عشر ورقات تشبها بغيره لحقه الملل وادركه الضجر ونسي ما حفظ ولم ينتفع بما سمع. ذكر المصنف وفقه الله البينة التاسعة من البينات العشر مبينا انه في التأني نيل بغية المتمني والثبات نبات من ثبت في اخذه نبت ببيان فضله. قال وانما يجمع العلم بطول المدة. وتجويد العدة اي الالة ثم ذكر كلام الزهري في تصديق هذا اذ قال فان العلم اودية فايها اخذت فيه قطع آآ بك قبل ان تبلغه ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فمن رام اخذه جملة ذهب عنه جملة ولكن وبعد الشيء مع الايام والليالي فينبغي ان يجتهد ملتمس العلم في دوام اخذه العلم باعادته وتكراره مع الايام والليالي يأخذ نفسه بشيء يسير حتى تعتاده ثم يرقيها الى ما فوقه حتى يصل بها الى مرتبة سامية قال فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال. ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا سال واديه هو قاصديه ونهاية العجول تشتت وافول اي زوال. ثم ذكر كلام الخطيب البغدادي في الفقيه متفقه في بيان حقيقة ثقل العلم على القلب. مبينا ان القلب جارحة من الجوارح تحتمل شيئا تعجز عن شيء كالاجسام فانها تتباين في قدرة ما ترفعه من الاثقال فمنها ما يرفع شيئا ثقيلا ومنها من يعجز عن رفعه فكذلك القلوب منها من يحتمل حفظ شيء ومنها من لا يحتمله ومنها ما يحتمل فهم شيء ومنها ما لا يحتمله. فالمرء يأخذ نفسه بما تحتمل. ويمنعها مما لا تحتمل وطريق ذلك ان يبتدي بحاله بالاخذ بالشيء اليسير حفظا او فهما مهما بلغت قوته التي له فيأخذ نفسه باليسير من الحفظ والفهم وان قوي على غيره ثم اذا لبس مدة رقاها ثم اذا لبس مدة طه واكملوا الترقية بشيخ الترقية. الذي يرى المتعلم فيعرف من حاله انه ان له ان يزيد عما اعتاده من اليسير فيرقيه الى ما فوقه ثم يرقيه الى ما فوقه. اما مجرد الهجوم بالاستكثار هذا يدعو على العبد بالانقطاع فمن الناس من يأنس نفسه انه متفوق في دراسته النظامية فيأتي للعلم في ذكر له الحفظ فيعمد الى متن ويروم حفظه كله في يوم واحد او حفظ قدر كبير منه فيضعفه ذلك ويعجزه فينقطع عن لكن لو اخذ نفسه بالحفظ شيئا فشيئا حتى يكون ممارسا له قويت نفسه وراضت وارتاظ قلبه الحفظ فقدر على ما كان يعجز عنه اولا. ومن عجائب الاخبار ما ذكره ابو هلال العسكري في كتابه في الحث للعلم عن نفسه انه كان يجد مشقة في الحفظ لما ابتدأ العلم فوجود المشقة ليس عيبا فلم يزل يأخذ نفسه بالحفظ شيئا فشيئا. يعني يحفظ شيء يسير. ثم بعد مدة يزيد. مثلا ابتدأ احفظ صبر بعد مدة لما الفت نفسه الحفظ وقويت صار يحفظ سطرين ثم صار يحفظ ثلاثة ثم صار يحفظ نصف صفحة ثم صار يحفظ صفحة فانه بترقيتها يبلغها راية الامل. قال فلم ازل اخذ نفسي بحفظه حتى حفظت قصيدة رؤبة ابن العجاد قاتم الاعماق خاوي المخترق وهي ثلاث مئة بيت في سحر واحد ثلاث مئة بيت في سحر واحد لو انه اراد ان يفعل هذا لما ابتدأ ما استطاع لكن هو عرف ان نفسه تعجز فرقاها شيئا فشيئا حتى بلغها ما نفعها نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله البينة العاشرة لكل صناعة عدة تقرب نوالها وتذلل صعابها وعدة التعلم الة المتعلم فمن كانت معه الآلة بلغ ذروة العلم والا وقف دونها واوعى مقالة بينت الة العلم مما طالعتهما ساقه الماء وردي في بالدنيا والدين. وقد جعلها تسعة امور مع ما يلاحظ المتعلم من التوفيق. ويمد به من المعونة. الاول العقل الذي به تدرك حقائق الامور. والثاني التي يتصور بها غوامض العلوم وثالث الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره هو فهم وفهم ما علمه. والرابع الشهوة التي يدوم بها ولا يسرع اليها الملل. والخامس الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به الاستكثار. والسابع وعدم القواطع المذهلة منهم ومن واشغال وامراض. والثامن طول العمر واتساع المدة لينتهي بالاستكثار الى مراتب الكمال. والتاسع من سمح بعلمه متأني بتعليمه ذكر المصنف وفقه الله البينة العاشرة من البينات العشر مبينا ان لكل صناعة عدة اي الة تقرب نوالها وتذلل صعابها. وان عدة التعلم الة المتعلم. فمن كانت معه الالة بلغ ذروة العلم والا وقف دونها ثم ذكر ان من اجمع القول في الة العلم ما ذكره الماوطي في ادب الدنيا والدين وردها وجعلها امور. الاول العقل الذي به تدرك حقائق الامور. اي قوة الادراك التي تجعل صاحبها محيطا بحقائق الامور الملقاة اليه. والثاني الفطنة اي النباهة التي يتصور بها غوامض العلوم الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما عقل وفهم ما علمه والرابع الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل. اي اللذة التي يجدها في نفسه في طلب العلم فتديم طلبه. والخامس الاكتفاء بمادة اي مال تغنيه عن كلف الطلاب اي حاجات الطلب. من كتب وسفر لمعلم وغير ذلك. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل فيه استكثار. والسابع عدم القواطع المذهلة منه واشغال وامراض والثامن طول العمر واتساع المدة لينتهي بالاستكتار الى مراتب الكمال والتاسع الظفر بعالم سمح بعلمه اي مكرم به جائد به على الناس. متأن في تعليمه. اي اخذ الخلق بتعليمهم مبادئ العلوم قبل كبارها. قبل نهاياتها. نعم الله اليكم قلتم وفقكم الله الخاتمة. قال محمد مرتضى ابن محمد الحسيني الزبيدي. وهو ابن عبدالبر ذو الاتقان في طرة من جامع البيان ارجوزة تجيب من رآها الى الامام اللؤلؤ عزاها منظومة كالجوهر المكنون وقيل عزوها الى المأمون اوردتها هنا لحسن شوقها للغائصين في بحر ذوقها ونصها من بعد حمد الله مصليا على رسول الله اعلم بان العلم بالتعلم والحفظ والاتقان تفهم والعلم قد يرزقه الصغير بسنه ويحرم الكبير. قوله ويحرم الكبير اي لكثرة القواطع من اشغال ونحوها. اي لكثرة القواطع من اشغال ونحوها لا لعجز العقل عنه. لا لعجز العقل عنه. قال البخاري وتعلموا واصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا. فمن دافع القواطع والعوائق مع كبر السن امكنه ان يدرك بالعلم. وكم من عالم طلب العلم كبيرا فصار معدودا من اهله. نعم. احسن الله اليكم فانما المرء باصغريه ليس برجليه ولا يديه لسانه وقلبه المركب في صدره وذاك خلق عجب والعلم بالفهم وبالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة فرب انسان ينال حفظ ويريد النصارى يحكي اللفظ وما له في غيره نصيب مما حواه العالم الاديب. ورب ذي حرص شديد الحب للعلم والذكر القلب معجز بالحفظ والرواية ليست له عمن روى حكاية واخر يعطى بلا اجتهاد حفظا لما قد جاء في الاسناد يفيده بالقلب لا بناظري ليس بمضطر الى قناطره قوله ليس بمضطر الى قناطره القناطر جمع قمطر جمعك في مطر وهو وعاء تحفظ فيه الكتب بمنزلة الحقيبة اليوم وهو وعاء تحفظ فيه الكتب بمنزلة الحقيبة اليوم نعم احسن الله اليكم. فالتمس العلم واجمل في الطلب والعلم لا يحصل الا بالادب. الادب النافع حسن الصمته ففي كثير القول بعض المقت هنا قال والعلم لا يحصل الا بالادب وهذه الجملة تحتها من المعاني شيء طويل وهو من اسباب ضعف العلم في الناس اليوم. انهم صاروا يطلبون العلم بلا ادبه قال يوسف بن الحسين انما ينال العلم بالادب انما تفهم العلم بالادب ولهم في ذلك كلام كثير فمن حرمان الخلق العلم هو حرمانهم الادب. لما حرموا الادب فيه امتنع اصابتهم له فان العلم ميراث النبوة ولا يؤخذ الميراث الا بحق. ومن حقه ادبه في النفس او في المجلس او ومع الشيخ المعلم او مع القرين الملازم او مع الناس كافة. نعم. احسن الله اليكم فكن لحسن الصمت ما حييت ام قال الادب النافع الادب النافع حسن الصمت ففي كثير القول بعض المقت المقت هو البغض والبغض نعم احسن الله اليكم. فكن لحسن صمت ما حييت مقارنا تحمد ما بقيت. وان بدت بين اناس مسألة معروفة في العلم او مفتعلة لا تكن الى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيه ناطقا فكم رأيت من عجول سابق من غير فهم بالخطأ ناطق قوله بالخطاء لغة في الخطأ كما في الحاشية نعم. احسن الله اليكم بك حقا ازين ان لم يكن عندك علم متقن وقل اذا اعياك ذاك الامر بما تسأل عنه خبر فذاك شطر العلم عند العلماء كذا كما زالت تقول الحكماء اياك والحكمان بفضل رأيك واحذر جواب القول من خطابك كمن جواب اعقب الندامة فاغتنم مع السلامة قوله مع السلامة اي مع السلامة عند الله وهو اعظمها اي مع السلامة عند الله وهو اعظمها بالا يلحقه اثم. نعم. احسن الله اليك العلم بحر منتهاه يبعد ليس له حد اليه يقصد وليس كل العلم قد حويته اجل ولا العشر ولو احصيته وما بقي عليك منه اكثر مما علمت والجواد يعثر. فكل ما علم فكل ما علمته مستفهما ان لم ان كنت لا تفهم منه الكلمة. القول قول فقول تعلمه واخر تسمعه فتجهله. وكل قول فله جواب يجمعه الباطل والصواب. وللكلام اول واخر فافهمهما والذهن منك حاضر. لا تدفع القول ولا ترده حتى يؤديك الى ما بعده. فربما اعيى ذوي الفضائل ما يلقى من المسائل فيمسك بصمت عن جوابه عند اعتراض الشك في صوابه. ولو يكون القول عند الناس من فضة بيضاء بلا اذا لكان الصمت من عين الذهب فما ذاك الله اداب الطلب؟ الى هنا قد انتهى المنقول فاسمعه هديت الرشد ما اقول العلم اصل الدين والاحسان طريق كل الخير والجنان دل على تفضيله البرهان وسنة النبي والقرآن هل يستوي الذين يعلمون وعصبة بالجهل وعصبة بالعلم يجهلون. لا تدعوا الا العلماء ناسا لغيرهم لا ترفعن رأسا وهو مع التقى هدى ونور وهو مع قوله بدن البذاء سوء الخلق البذاء سوء الخلق. والبور هو الفساد الذي لا خير فيه. والبور هو الفساد الذي لا خير فيه. نعم احسن الله اليكم فالعلم ان زاد ولم يزدد هدى صاحبه لم يستفد الا ردى فلا تعد فلا تعد ذاته فضيلة ان لم يكن على الهدى وسيلة فانه كالكذب والخيال يكون عند الخلق للاعمال فحق اهل العلم صدق النية والاجتهاد في صفطاويته الجد في التقوى في خير سيرة يستقر العلم في البصيرة فعلم ذي الانوار في جنانه وعلم ذي الاوزار في لسانه انا علوم الدين في الصدق والخشية واليقين وافضل العلوم علم يقترب به الفتى من ربه فيما يحب فليبذل يهدى بما يزيده نور الهدى في كل ما يفيده وبالاهم فالاهم ينتقي من كل فن ما يفيد ما بقي فان انواع تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط. فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع تأخذه على مبيد ناصح ثم مع المدة فابحث عنه حقق ودقق ما استمد منه لكن ذاك البيت ان هي طريق العلم اذا سألك احد. قال بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح. ثم مع المدة فابحث حقق ودقق ما استمد منه. فمداره على ان تحفظ متنا جامعا للراجح اي معتمدا عند اهل الفن ثم يكون اخذك له بالتفهم على شيخ موصوف بالافادة والنصح وفق ما تقدم بيان معناهما ثم مع المدة اي مع الفسحة فابحث عنه اي ابحث في معانيه. حقق ودقق ما استمد منه اي ميز مسائله في مواقعها من الصحة والخلق من الصحة والغلط. نعم. احسن الله اليكم. لكن باختلاف الفهم مختلف وبخلاف العلم فالمبتدئ. فالمبتدئ والفدم لا يطيق بحثا بعلم وجهه دقيق كونه والفدم هو البريد الذي لا يفهم. نعم احسن الله اليكم. ولو بحسن القصد في الاسباب فليعمر العمرة فكل ذرة رخيصة منه بالف درة فيضبط الاوقات في الموقوت من قبل سبق فتنة وفوت والعلم ذكر الله في احكامه على الوراء كالشكر في انعامه. فذكره بالذات والصفات كذكر في الاحكام والايات. لكن كثير اغفل بالعلم وحكمه عن ربه ذي الحكم وادخلوا به الجدال والمراء فكثرت افاته كما ترى فصار حاجبا لنوره عنه فما ذاقوا جنى مأثوره فهلكوا بقسوة وكبر وحسد وعجب ومكر نعوذ بالله من الخبال والعود بعد الحق في الضلال. قوله نعوذ بالله من الخبال اي الهلاك نعم احسن الله اليكم. فالذم منهم لا من العلوم فانها من طلعة القيوم فحق من يخشى مقام ربه ان يعتني بعين معنى قلبه وليجتهد بكل ما في دينه يزيده بالحق في يقينه وان يديم الذكر بالايمان والفكر فيه في ليغرس التحقيق باليقين في قلبه بالحق والتمكين. حتى يكون عند موت جسمه حي الحجاب نور به وعلمه. قوله حي الحجاب. الحجاب هو العقل. نعم احسن الله اليكم طوبى لمن طاب له فؤاده بالعلم والتقوى عليه زاده. فسار في الحق على طريقة. بالحق تهديه الى الحقيقة على اتباع المصطفى مبنية في القول والفعل وعقد النية. هذا اخر البينة وتمام المعاني المبينة وبه ثم بحمد الله اقرأوا الكتاب الثامن والاخير من برنامج اساس العلم اكتبوا طبقة السماع سمع علي جميع كتاب البينة في اقتباس العلم في قراءة غيره والقارئ يكتب بقراءته صاحبنا ويكتب اسمه تاما اتم له ذلك في مجلس واحد بالميعاد المثبت في محله من نسخته واجزت له روايته عني اجازة خاصة بمعين لمعين في معين والحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه الصالح بن عبدالله بن حمد العصيمي يوم الاربعاء الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة سبع وثلاثين اربع مئة والف في مسجد خادم الحرمين بمدينة الاحساء لقاؤنا بعد المغرب ان شاء الله تعالى في قراءة كتاب رفع النبراس لاجازة طلاب الاساس. وفق الجميع وفق الله الجميع والحمد لله اولا واخرا