الحمد لله الذي جعل مهمات الديانة في جمل والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث قدوة للعلم والعمل وعلى اله وصحبه ومن دينه حمل اما بعد فهذا شرح الكتاب الاول من برنامج جمل العلم في سنته الثانية اربع وثلاثين بعد الاربع مئة والالف بدولته الثانية دولة قطر والكتاب المقروء فيه هو كتاب البينة اقتباس العلم والحذق فيه مصنفه صالح بن عبدالله ابن حمد العصيمي نعم اجمعين قلتم غفر الله لكم في كتابكم البينة في اقتباس العلم والحلق فيه. بسم الله الرحمن الرحيم الذي خلق فسواه والذي قدر فهدى فله الحمد في الاخرة والاولى واصلي واسلم على محمد وال هي صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اما بعد فانه لم يكن الذين يقتبسون العلم منفكين عن خبطهم زائلين عن حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة واضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم وقضي لي في مسافة مقييدة في مدارج العلم بعشر وصايا. شرقت وغربت ما شاء الله فتنقفها فئام يسترشدون واستفاد منها اخيار هم مرشدون ثم حسنني فابرزت البينة في اقتباس العلم والحذق فيه من خدرها. تنفع الملتمس وترفع المقتبس وتدفع المختنس ان يشاء الى صراط مستقيم. بين المصنف وفقه الله في دباجة كلامه بعد بدائته باسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد واله بالمكيال الاوفى اي الاتم ان طلاب العلم لن يكونوا متباعدين عن خوضهم زائلين عن خلطهم الا ببينة توضح لهم طريق اخذ العلم فان اكثر الخطأ الوارد على الاخذين العلم جهلهم بالطريق الذي يوصل اليه قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد والجهل بالطريق والافات والمقصود يضيع به عمر كثير مع فائدة قليلة. انتهى كلامه فاذا جهل ملتمس العلم سبيل العلم الموصلة اليه ولم تكن له معرفة به. وغاب عنه المقصود الاعظم من اخذه. وما يعتريه من الافات في ذلك فانه يضيع عليه من من عمره برهة كثيرة ولا يحصل الا فائدة قليلة فكانت هذه الاكتوبة ضميمة ورقات انتشرت قديما باسم مدارج التأصيل للعلم مدارج التحصيل للعلم الاصيل. ثم افردت اجابة لرغبة من رغب في تعميم نفعها وشهرت باسم البينة باقتباس العلم والاخذ والحذق فيه فهي موضوعة للإرشاد الى امرين احدهما كيفية اقتباس العلم اي اخذه والتماسه والآخر كيفية تحصيل الحلق فيه والحذق بفتح الحاء وتكسر ايضا لغتان لغتين مشهورتين والمراد بالحذق المهارة البينة نورا فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم درره ونال منه غرره ومن فسدت نيته وسعى قصده لم يصب من الصيد الا اردله مما لا يقصده صاعد ولا يبشر به رائد كنوز من كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وبتصحيح النيات تدرك الغايات ومدار نية العلم على اربعة امور من اجتمع له قصدها كملت نيته في العلم اولها رفع الجهل عن النفس بتعريفها طلق العبودية وثاني رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم ثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. رابعها احياء وحفظه من الضياع. وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له قادر عليه. واليهن اشرت بقوله ونية للعلم رفع الجهل عن نفسه فغيره من النسم. والثالث التحصين العلوم من ضياعها وعمل به زكم. ومعنى عما شمل والنسم النفوس جمع نسمة. وسكن اي ثبت ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بذكر البينة الاولى المشتملة على الاعلام بان العلم صيد وشراكه النية والعلم طيد الارواح الذي تتمتع به كما ان الابدان تتمتع بانواع الصيد التي تتغذى بها. فالعلم صيد للروح والقلب والشراك المفضية اليه هي النية والمراد بالشراك الحبالة التي ينصبها الصائد للظفر بمؤمله من الصيد فحبالة العلم التي تفضي للحصول عليه هي نية العبد فان مدار الامر على صلاحية قلبه لتحمل العلم فان صلح باطنه بحسن نيته حصل مأموله من علمه وان ضعفت هذه النية ضعف تحصيله مقصوده روى ابن عساكر في جزء فضل العمل بالعلم عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال انما يحفظ الرجل على قدر نيته وقل مثل ذلك في جميع ما يوصل الى العلم من حفظ او فهم او قراءة او غير ذلك. فان الموصلة اليها والاية المفضية اليها هي نية العبد فاذا صلحت نيته عظم حظه فيما يصيبه من العلم فالامر كما قال المصنف فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم درره ونال منه غرره ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارذلة. مما لا يقصده صائد. اي لا يطلبه مبتغ للصيد ايبشر به رائد اي لا يدل عليه متقدم خارج لاصابته واصل الرائد عند العرب من كانوا يبعثونه الى جهة اصابها المطر رجاء ان ينبئهم بالربيع فكان المخبر الخارج طليعة للقوم في ابتغاء الدلالة على الربيع يسمى رائدا ثم قال ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. اي ان المرشد الاعظم الى هذا الاصل هو خبر الصادق المصدوق فيما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث يحيى بن سعيد الانصاري عن محمد بن ابراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى واتفق عليه بلفظ انما الاعمال بالنية ثم قال وبتصحيح النيات تدرك الغايات اي الامال والمطالب. فالغايات مدركة بتصحيح نية العبد ثم ارشد الى ما ينبغي جعله في القلب لتحقيق نية العلم فان كل عمل له نية تختص به وكان ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى يتشوف الى ان ينتصب الفقهاء لدلالة الناس في اعمالهم على نياتها الخاصة فالصلاة مثلا لها نية تختص بها والصوم له نية تختص به وقلت هكذا في كل عمل من الاعمال ومن جملتها اخذ العلم والتماسه فان له نية توصل اليه ينبغي ان يعملها العبد في قلبه جماعها ما ذكره المصنف في هذه الاصول الاربعة وبعضها في كلام الامام احمد رحمه الله تعالى. فاولها ان ينوي رفع الجهل عن النفس بتعريفها طريق العبودية. فاول ما ينبغي ان يكون من نية ملتمسه ملتمسي العلم ان ينوي رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما امر الله سبحانه وتعالى به وما نهاها عنه. فانها اذا استدلت على ذلك امكنها ان تقوم ما لله عز وجل من حق فاول ما ينبغي ان يكون في قلب ملتمس العلم ان يقصد بطلبه العلم رفع الجهل عن نفسه ليعبد الله عز وجل على بصيرة وثانيها ان ينوي رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دينهم ودنياهم. فاذا ارتفع الجهل عنه كان من تتميم النية في رفع الجهل ان ينوي رفع الجهل عن غيره من المسلمين. فان اعظم الاحسان الى الخلق هو الاحسان اليهم بايصالهم الى الله سبحانه وتعالى. واعظم ايصالهم الى الله سبحانه وتعالى بتعريفهم بطريق عبودية الله عز وجل وذلك برفع الجهل عنهم فيما يطلب منهم في هذا الطريق والاصل الثالث ان ينوي العمل به فان العلم يراد للعمل. فان المرء لا يتشوف الى العلم محبة له لذاته وانما يروم بذلك ان يتقرب الى الله عز وجل بعمل يعمله. فيكون من نية ملتمس العلم ان يطلب العلم ابتغاء تحصيل العمل المقرب الى الله سبحانه وتعالى ورابعها احياؤه اي احياء العلم وحفظه اي صيانته من الضياع وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه كما ذكره القرافي وغيره. فالعبد اذا كانت له الة باخذ العلم حفظا وفهما لجودة ذهنه وصفائه فانه يكون العلم في حقه متأكدا اكثر من غيره؟ وربما صار فرض الكفاية عليه فرض عين. وفي اخبار العلامة محمد الامين ابن محمد مختاري الشنقيطي رحمه الله تعالى ان بعض اشياخه قال له لما رأى سيلان ذهنه وجودة فهمه يا بني ان من العلو التي هي فرض كفاية ما يكون على بعض الناس فض عين. وانك من اولئك اي انك لجودة فهمك وحسن ذهنك يجب عليك من العلم ما لا يجب على غيرك. فيتأكد هذا الامر الرابع في نية العلم من ابتغاء حفظه وصيانته من من الضياع والذهاب في الامة في حق من كان مهيئا لذلك صالحا للعلم. فهذه الاصول الاربعة عليها نية العلم فاذا رام احد ان يسير في ابتغاء العلم كان مما يستعين به في ابتغاء العلم هو ان نيته في قلبه بنصبها على هذه الاصول الاربعة. فاذا قامت نية العبد في العلم على هذه الاصول الاربعة صارت نيته في العلم نية صحيحة. فاذا صحت نيته حصل حصل العلم له. واشار المصنف الى هذه الاصول اربعة نظما بقوله ونية للعلم رفع الجهل عم اي شمل عن نفسه فغيره من النسم اي من الخلق فالنسم هي النفوس وبعده التحصين للعلوم منه اي الحفظ للعلوم من ضياعها وعمل به زكن فعلى هذه الامور الاربعة تدوم نية العلم نعم البينة الثانية العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة فان العزائم جلابة الغنائم فاعزم تغنم واياك وامانه البطارين. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة انه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. وانما يحل عقدة العزم ثلاث ايد اولها الف العوائد مما جرى عليه برسومهم واحوالهم ثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي تكتسح العبد من قبل غيره فان لهن سلطان على النفس يحول بين العبد وبين مطلوبه ويقعده عن مرغوبه لا يدفع الا بحسب مادتهم. فالعوائد تحسم بالهجر والعلائق تحسم بالقطع والعوائق تحسم بالرفض. فمن هاجر العوائد وقطع العلائق ورفضوا العوائق فهو سلطان نفسه. وحسام النفوس اجل من حسان الرؤوس وتمد قوة العزم ثلاثة موارد اولها مورد الحرص على ما ينفع وثانيها مورد الاستعانة بالله عز عز وجل وثالثها مورد خلع ثوب العجز والكسل فهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو القذة بالقذة ومما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير منعم عليهم من والشهداء والصالحين فالإعتبار بحالهم وتعرف مصاعد همم يثور ازمتك ويقوي شكيمتك فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم ذكر المصنف وفقه الله في البينة الثانية ان العزم مركب الصادقين. والمراد بالعزم الارادة الجازمة. فاذا وجدت الارادة الجازمة في القلب فانها مركب يبلغ الصادق مأموله ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة. اي ان النفس اذا خلت من العزيمة المحركة لها فان العبد لا يدرك الغنائم فيما يطلبه ويؤمله. فالعزائم جلابة الغنائم. وانما يدرك المرء مأموله بعد حصول نيته على قدر عزيمته فمن قويت عزيمته بعد صلاح نيته ادرك مطلوبه ومن ضعفت عزيمته لم يدرك مطلوبه وصارت حاله حال المفاريس الذين يتسلون بالاماني قال ابن القيم رحمه الله تعالى اماني الاماني رؤوس اموال المفاليس اي ان المفلس يتسلى بالاماني التي يحركها في قلبه وتتخايل بين ناظريه فيمني نفسه ان يبلغ ان يبلغ شيئا ثم لا يزال حديثه مع نفسه مسليا له فلا يحصل له الا ذلك الحديث لضعف همة وعجزه عن الوصول الى مطلوبه بفقد الارادة الجازمة من قلبه لغلبة البطالة والكسل والملل عليه. والامر كما قال شحنون من ائمة المالكية لا ينال العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر. ثم ذكر المصنف من قول ابن القيم في كتاب بالفوائد اذا طلع نجم الهمة اي همة النفس في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرق اشرقت ارض القلب بنور ربها اي تحقق للعبد مقصوده. فاذا جمع المرء في نفسه الهمة والعزيمة حقه مطلوبه الذي يرومه واشرقت الارض بنور ربها بما يكون في القلب من الخير والبركة. ثم ذكر ان الارادة الجازمة تحل بورود ايدي مفسدة عليها اولها الفوا العوائد اي العادات التي تعارف عليها الخلق وارتضوها فان الالف قيد فاذا تسلطت العادة المألوفة على العبد حجزته عن العزيمة النافذة وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته. مما يجده المرء في نفسه وتميل اليه النفس وتشتهيه وتتعلق بها به. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي تكتسب العبد من قبل غيره اي الحوادث الخارجية التي تعرض للعبد في طريق التماسه مطلوبة. ثم ذكر ان لهؤلاء الثلاث سلطانا على النفس ربما حال بينها وبين تحصيل مطلوبها واقعدها عن مرغوبها ثم ذكر ان هذه الايدي المفسدة لا تدفع الا بحسم مادتها اي قطعها واستئصالها بالكلية ثم ذكر ما تحسم به كل واحدة منهن فذكر ان العوائد تحسم بالهجر فما الفه الناس واتخذوه عادة يجتمعون عليها يدفع اثره عن النفس بهجره فاذا كان الالف قيد والعادة سلطان فان السيف الحاسم لها ان يهجرها العبد ويفارقها فلا يشارك الناس فيما هم عليه من عادات تقعده عن مطلوبه الذي يرومه واما العلائق فانها تحسم بالقطع اي بنزعها من النفس فاذا كانت نفسك ميالة الى شيء من تلك العلائق كخلطة الخلق ومعاشرتهم فيما لا حاجة لك بهم فيه فان مما يحسم هذه المادة من قلبك ان تنزع ميل القلب اليهم وتخرج تلك العلاقة من قلبك. ثم ذكر ان العوائق وهي الحوادث القدرية الخارجية تحسم بالرفض اي بعدم الاستسلام لها واجابة داعيها فان المرء لا يخرج من حوادث اعتوره تقطعه عن مطلوبه مما جرى به قدر الله سبحانه وتعالى فالحسام النافذ القاطع لاثر ذلك الوارد الا يستجيب العبد لتلك الحوادث ولا ينزع عن مطلوبه اجابة لها والا فانها تفسده. ثم قال فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق قا فهو سلطان نفسه اي امير نفسه وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس اي ان قدرة العبد على صرم هذه المعاني بالحسم من نفسه اجل من حسام الرؤوس الذي يفخر به الملوك فان الملوك يفخرون لظهور قوة سلطانهم واشتداد بطشهم بما يريقونه من دماء الخلق بقطع رؤوسهم وهذا ربما كان من اثار استئلاء شهوته عليه. وكونها قائدة له. حتى صارت حاكمة عليه فيما يريقه من دماء الخلق فلا يتخلص العبد من تلك الواردات الا بحسام نفسه اي بالسيف الذي يجريه على نفسه فيرفض به كل قاطع يقطعه ومانع يمنعه فلا بد ان يجمع العبد هذه الثلاثة في دفع هذه الغوائل عن نفسه فيتخلص من غل العوائد والعلائق والعوائق والى ذلك اشرت بقول اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلبي. اي ان العبد الذي يروم شيئا لا يتوصل اليه الا بان يكون قاطعا للعوائد رافظا للعوائق مباعدا للعلائق فاذا تخلص من هذه الافات وصل الى مطلوبه ومن ذلك العلم ثم ذكر ان قوة العزم تقوى بامدادها بثلاثة موارد فاولها مورد الحرص على ما ينفع وتانيها مورد الاستعانة بالله عز وجل. وثالثها خلع ثوب العجز والكسل فاذا اجتمعت هذه الموارد الثلاثة قويت عزيمة العبد وهن مجموعات في الارشاد النبوي في حديث ابي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم من حديث محمد ابن يحيى ابن حبان عن عبدالرحمن ابن هرمز الاعرج عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز بكسر الجيم يفتح ايضا فيقال ولا تعجز ولا تعجز. فجمله الثلاث دالة على هذه الموارد الثلاث موردا موردا ثم ذكر في خاتمة هذه البينة ان مما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فان المرء ربما فتر في سيره وضعف مشيه لطول الطريق. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد من استطال الطريق ضعف مشيه. فمما يهون على العبد قطع الطريق ان ينظر الى السابق المقتدى به. من الانبياء والعلماء والشهداء والصالحين. فانه اذا نظر الى سيرهم قوى ذلك عزمه. وحرك همته لان الناس مجبولون على تخلق بعضهم ببعض قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى فان الناس مجبولون على تشبه بعضهم ببعض فان الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض وروى ابن بطة في كتاب الابانة الكبرى عن مالك ابن دينار انه قال الناس كالطير الحمام مع الحمام والغراب مع الغراب والصعو مع الصعو وكل طير مع شكله انتهى كلامه اي ان الناس يتشبهون ببعضهم البعض فاذا كان العبد حاضرا بعين البصيرة الى السابقين الاولين من الانبياء والعلماء والشهداء والصالحين قوى ذلك عزمهم ولجلالة هذا المورد في نفع النفس ذكر ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد الخاطر انه لا يجد شيئا انفع لطالب العلم من ادمان النظر في سير السلف انتهى كلامه اي ان طالب العلم اذا طال نظره في سير السلف الماضين من اهل العلم وحملته قوى ذلك قلبه وحرك عزيمته فكان اعظم حاد يحذوه للظفر بمأموله من العلم نعم السلام عليكم البينة الثالثة التبحر في العلم فضيلة والمشاركة في كل فن غنيمة. قال قال يحيى ابن مجاهد رحمه الله كنت تأخذ من كل علم طرفا فان سماع الانسان قوم يتحدثون وهو لا يدري ما يقول امة عظيمة. قال ابو محمد ابن حزم كتيبة اندنوسيين عقب ذكره له ولقد صدق. وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني. قول ابن الولد من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنهم مع قرب طريق وصوله اليه وهذا ضرب من الحرمان فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار ومنازله الاولى فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى فيها المخيم. ومن خصائص علوم الديانة ارتباط ارتباط بعضها ببعض فمحلها الى النورين القرآن والسنة وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحدا كان الارتباط قال الزبيدي رحمه الله في الفية السند فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط والتفريق بينها بالاختصار الافني واحد دون تحصين اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة ثبوت القدم على الصراط الاتمي هو في تحصين اصول الفنون دون اتساع فيها. ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته فهو عليه. اما بلوغ الغاية وحصون الكفاية في علوم الديانة جميعا. فليس متهيأ لكل احد بل يختص به الله من يشاء من وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه وتجشم العناء حتى ينال المناق لاستسهلن الصعب او مدرك المنى فمن ذكر المصنف وفقه الله في البينة الثالثة ان التبحر في العلم فضيلة يعني التوسع فيه فان التبحر تفعل من البحر وهذا الاصل موضوع في كلام العرب للاتساع ومنه سمي الماء الكثير بحرا ولو كان عذبا فذكر ان ان التوسع في العلم فضيلة وان المشاركة في كل فن غنيمة اي اصابة سهم في كل فن من الفنون المتعارف عليها بين اهل العلوم. وذكر كلام يحيى ابن مجاهد رحمه الله انه كان يقول كنت اخذ من كل علم طرف اي قدرا معرفا به فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول اي ما يقول بينهم امة عظيمة اي يلحقه بسبب ذلك غمة عظيمة وقد ذكر ابن حزم هذا في بعض رسائله ثم قال بعد ذكره ولقد صدق اي صدق في قوله ان المرء اذا سمع اناسا يتحدثون في امر ما ثم يكون بينهم غير مدرك ما يجرون فيه الكلام فان حمية النفس الابية تمنع صاحبها من القعود عن ما هم فيه. فتتشوف نفسه الى ان يشاركهم فيما يتكلمون فيه اذا فقد العبد اصابة طرف في كل علم ربما اجتمع مع قوم من اهل العلوم فتكلموا في فن ثم لم يكن له فيه الة موقفة على حقائقه فيكون بينهم جاهلا حائرا لا ينبس ببنت شفة فان كانت نفسه ابية احترقت واصابتها غمة عظيمة كما قال يحيى ابن مجاهد وقوله في وصف ابن حزم كتيبة الاندلسيين اي بمنزلة الكتيبة من الجيش لكثرة علمه وجلالة فضله رحمه الله ثم ذكر ان من الابيات الممدوحة عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الورد من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار والمراد بذلك الذوق والوجد القلبي في ادراك الحقائق فان الذوق والوجد القلبي في ادراك الحقائق من المعاني التي جاء اثباتها في الشرع ومن ذلك حديث العباس ابن عبد المطلب الذي رواه مسلم من حديث محمد ابن ابراهيم عن عامر ابن سعد ابن ابي وقاص عن العباس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دين الحديث وفي الصحيحين من حديث شعبة بن الحجاج عن قتادة بن دعامة السدوسي عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان الحديث فالذوق والوجد لهما معنى شرعي في ادراك الحقائق القلبية الايمانية كما بسطه ابو العباس ابن تيمية في كتابه اقامة الدليل على بطلان التحليل ومن جملة ما يوجد بالذوق والوجد الشرعي لا ما يتكلم به اهل الخطرات والوساوس ان طالب العلا يروم ان يدرك من كل فن مستعمل قدرا يحظى به ويظفر كما قال ابن الوردي فالحر مطلع على الاسرار ثم ذكر انه يقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة فتكون له قدرة على احراز العلوم المقصودة لكن همته تتقاعد به عن الوصول اليه فيتباعد منه بسبب ضعف تلك القدرة. وفي ذلك قال المتنبي ولم ارى في عيوب الناس عيبا. كنقص قادرين على التمام فمن كانت له قدرة على شيء جمل به ان تكون له همة في ادراك ذلك المطلوب لان وجدان تلك القدرة مما يعين العبد على الوصول اليه. فاذا وجدت القدرة ثم تباعد العبد عن ذلك كان دليلا على ضعف همته وعجزه عن الوصول الى المطالب الرفيعة ثم ذكر المصنف تعليلا لما سبقه لما سبق من الحث على اصابة طرف من كل فن فقال فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار ومنازله الاولى يعني جنات عدن جعلنا الله واياكم من اهلها. فاذا ضعفت همة العبد عن طلب المقاصد العظيمة ربما ضعف سيره في الوصول الى مقامه الاول الذي كان فيه ابوه ادم عليه الصلاة والسلام وهو الجنة. ثم ذكر ان مما يدعو الى الاصابة من كل علم بطرف هو ان من خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعض فان علوم الديانة بعضها اخذ برقاب بعض. لان موردها واحد ومنهلها مجتمع وهو الكتاب والسنة فاذا كان الكتاب والسنة هما العينان ان العينين النضاختين للارشاد الى معارف الشريعة لم يحسن ان تنفصل تلك المعارف بعضها عن بعض بل لا تتم صورتها ولا يكتمل جمالها الا بوصل بعضها ببعض واشار الى قول الزبيدي فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط اي بعضها اخذ برقاب بعض ولا توجد علوم في الشريعة مبتورة الصلة عن بعضها البعض. ومن توهم ذلك فانه من تسلط من اهل الدنيا على ذهنه. فلا يمكن ان يكون احد له يد طولى بالحلق في علم من علوم الشريعة حتى يكون مشاركا بقدر حسن في سائر علومها. فلا يتوهم ان يكون فللمرء قدرة وافرة في علم الفقه وهو لا يفهم شيئا في الحديث ولا في التفسير. ولا يمكن ان يوجد مفسر له اختيار في التفسير ولا معرفة له بوجوه الترجيح في الرواية وغير ذلك من مآخذ الاحكام المتعلقة بالتفسير وهكذا كانت طرائق الاوائل في اقتباس العلم فكانوا يصيبون من كل علم طرفا. والمقصود من ذلك الطرف كما سبق ما يوقف على جمل وكلياته فاذا انس العبد من نفسه بعد ادراك هذا الاصل الجامعي ميلا الى علم او اكثر من العلوم جعل قوته في ذلك العلم. فاذا حصل المرء قدرا حسنا من الفنون المتداولة ثم وجد رغبة عظمى في علم الحديث او علم التفسير او علم الفقه فجعل قوته في ذلك لم يكن ولا معنفا فان الاحاطة بعلوم الشريعة والحذق فيها كلها لا يكاد يكون لاحد الا للواحد بعد الواحد في مدد متطاولة والقدر الاقل الذي ينبغي ان يكون حظ المشتغلين بالعلم هو تحصيل اصل حسن من كل فن من العلوم المتعارف عليها بين اهل يعف ثم الاسترسال مع مالت اليه النفس من العلوم على ما سبق ذكره نعم البينة الرابعة ينبغي ان يكون هم الطالب اعظم تحصين علوم المقاصد والتفقه في الوحيين. فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما نقف به على مقاصد العلم المنظور فيه. دون ادانة نظر تبلغه غوره. فان العلوم الالية كثيرة العدد ان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد. وهي للعلم بمنزلة الملح والطعام. ان زاد ساو نقص سا. قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة اعلم ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات وعلوم هي الة ووسيلة بهذه العلوم فاما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الادلة والانظار فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من ملكته وايضاحا لمعانيها المقصودة. واما العلوم التي هي الة لغيرها مثل العربية والمنطق وامثالها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير فقط. ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل. لان ذلك مخرج نهى عن المقصود بالمقصود منها ما هي الة له لا غير. فكلما خرج فكلما خرجت عن ذلك فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود صار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطونها وكثرة فروعها. وربما يكون ذلك عائقا عن تحصين العلوم المقصودة بالذات بطول وسائلها مع ان شأنها اهم والعمر يقصر عن تحصين الجميع على هذه الصورة ولا يتعثر انتهى كلامه رحمه الله ولا يتاتان الطالب الظفر بما يؤمنه من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون نهازا للفرص. مبتدأ للعلم من اول ليأتين له من مدخله منصرف عن التشاؤم بطلب ما لا يضر جهله ملحا في ابتغاء دواك ما استصعب عليه غير مؤمن له. قال الماوردي حفظه الله في ادب الدنيا والدين فينبغي لطالب العلم ان لا ينهي في طلبه وينتهز الفرصة به فربما شح الزمان بما سمح وظن بما منع ويبتدأ من العلم باوله ويأتيه من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه جهله فان لكل علم فضولا مذهلة وشذورا مشغلة انصرف اليها نفسه وقطعته عما هو اهم منها انتهى كلامه ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه وهو ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به فان ذلك مطية وعذر المقصرين ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر كان كالقناص اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا اذا ليس يرى الصيد الا ممتنعا كذلك العلم طلبه صعب على من جهنه سهل على من علمه لان معانيه التي يتوصل اليها فيها مستودعة في كلام مترجم عنها. وكل كلام مستعمل فهو يجمع لفظا مسموعا ومعنى مفهوما. فاللفظ كلام يعقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب انتهى كلامه. ذكر المصنف وفقه الله في البينة الرابعة انه ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل العلوم المقاصد والتفقه في الوحيين فانهما منبع العلوم فينبغي ان يكون اعظم شغل الطالب واكبر همته وهو تحصيل علوم المقاصد بالتفقه في القرآن والسنة فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما يقف على مقاصد العلم المنظور فيه. اي بقدر الخدمة فان العلوم الالية انما تراد لخدمة القرآن والسنة بايضاح معانيهما والايقاف على مضامينهما من الدلائل والمقاصد فبحسب ما تفي به تلك العلوم من الخدمة للقرآن والسنة تكون مطلوبة. فان لم تكن الة العبد محتاجة الى علم ما لفهم القرآن والسنة فان الجهل به حينئذ لا يضر كما قال ابو الفضل ابن حجر بفتح الباري بعد ذكره علم الكتاب والسنة قال وما عداهما فاما هو الة لفهمهما او اجنبي عنهما فالاول هو الضالة المطلوبة والثاني هو الضارة المغلوبة انتهى كلامه بمعناه اي ان التي تعين على فهم الكتاب والسنة كعلوم العربية واصول الفقه وقواعده وغير ذلك من العلوم الخادمة في القرآن والسنة هي التي ينبغي ان تطلب وما عدا ذلك فانه لا ينبغي للعبد ان يشتغل بها. والقدر الذي ينبغي ان يؤخذ منه تلك من تلك العلوم هو ما قام بالخدمة. فان زاد على ذلك فلا حاجة اليه كما قال المصنف دون ادامة نظر تبلغه غوره فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد فهي تحتاج الى الة عظيمة من القوى الذهنية مع زيادة زمان ربما ضاق العمر عنه فان العبد اذا اراد ان يستفرغ عمره في العلوم الالية المشروع كالنحو والصرف واصول الفقه ذهب في ذلك زمن طويل فلا يأخذ من تلك العلوم الا ما احتيج اليه فيفهم الكتاب والسنة وما عدا ذلك من الشذور المتفرقة والفروع المذهلة فانه لا ينبغي ان يشتغل به ذكره الشاطبي في الموافقات وابن القيم في اعلام الموقعين ومثل له بعلم اصول الفقه فان ففي هذا العلم وغيره من العلوم الالية ما لا يحتاج اليه في خدمة الكتاب والسنة. فيؤخذ منه هو وغيره من العلوم الالية ما يقوم بخدمة الكتاب والسنة دون ما زاد عن ذلك فانه يشغل العبد عن المطلوب الاعظم. ثم ذكر كلام ابن خلدون رحمه الله في المقدمة ان العلوم المتعارفة فبين اهل العمران على صنفين احدهما علوم مقصودة بالذات وهي ما يراد الانتفاع به وهي عندنا اهل الاسلام العلوم الشرعية والاخر علوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم اي العلوم التي توصل الى النافع المطلوب. فالعلوم التي توصل الى الكتاب والسنة هي العلوم الالية وهي بمنزلة السلم الموصل الى المطلوب فيترقى به العبد بقدر ما يوصل لمطلوبه. واما العلوم الاصلية فيستفرغ العبد فيها وسعه ويفرع القول في مسائلها ويزداد من ذلك قدر ما استطاع. واما العلوم الالية فالامر كما قال لا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة بذلك الغير فقط ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل لان ذلك مخرج لها عن المقصود فانها اريدت للخدمة فلا ترفع عن هذا المنزل ثم ذكر رحمه الله ان توسيع الكلام في العلوم الالية وتفريع مسائلها يخرجها عن مقصودها وهو نظير ما تقدم نقله عن الشاطبي وابن القيم ثم قال في اخر كلامه والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة فمن رام ان حصل غور العلوم الالية وان يبلغ الغاية في كل علم منها فان العمر يضيق عن استيعاب ذلك. ثم ذكر بعد الفراغ من كلام ابن خلدون ان الطالب لا يتأتى له الظفر بما يؤمله حتى يكون نهازا للفرص اي فان الانسان يتهيأ له من فرص العلم طورا ما لا يتهيأ له في حال اخرى. فاذا لاحت له فرصة في قنص العلم فليهتبلها فليس كل فرصة لاحت للعبد تتكرر عليه فاذا اتي منحة من الزمن في الفراغ او قدر له شيخ معلم وانواع ذلك من الفرص كان من علامة عقله ان ينتهز ما لاح له من فرصة مغتنما تلك الفرصة للازدياد من العلم. وينبغي ان يكون مبتدأ للعلم من اوله فان للعلوم اوائل ومن لم يأت العلوم من اوائلها فانه لا يصيبها. والمراد باوائل العلوم ما درج اهل كل فن على البداءة به فانك تجد اصحاب الفنون على اختلاف تآليفهم يبدأون بشيء هو اول العلم فالعاقل يبدأ بما بدأ به فالشارع مثلا في ابتغاء الفقه من علامة حمقه ان يبدأ بكتاب الاقرار قبل كتاب فان كتاب الاقرار متعلق بالقضاء وانما يحتاج اليه في احوال يسيرة وليس هو من العلم الذي يلزم العبد ابتداء وانما اذا بلي بقضاء ونحوه احتاج اليه وليس احد من الفقهاء مبتدأ كتابه بكتاب الاقرار وانما دأب اكثرهم على افتتاح تآليفهم كتاب الطهارة استاذة المالكية رحمهم الله تعالى يفتتحون كتبهم بنظير للطهارة عندهم وهو ما يتعلق بمواقيت الصلاة والطهارة والصلاة الطهارة والمواقيت للصلاة يشتركان في كونهما شرطا للصلاة وهي المطلوب الاعظم من الاركان العملية وقل مثل هذا في علم النحو فان علم النحو يبتدئه كل نحوي باوله وهو باب الكلام ولا تجد احدا من النحات يبتدأ كتابه بباب محفوظات الاسماء فان العبد لا يرتفع الى ادراك ذلك الباب الا بادراك اصل هذا العلم واوله وهو باب الكلام. فمن رام قيل العلوم كان من اللازم له ان يكون مبتدأ للعلم من اوله. ثم قال اتيا له من مدخله اي من الذي يؤخذ به فكما ان للبيوت مداخل تولج اليها وتوقف عليها فان للعلوم مداخل تدرك بها. واذا اخذ العبد في غير هذا المدخل فحاله كحال الذي يتسور البيت للدخول اليه اي فاذا رؤي احد يروم دخول بيت متورا حائطه استقبح فعله واستهجنت طريقته وكذلك من يأخذ في العلم دون ان يأتي العلم من مدخله فحاله في الشناعة والقبح كحال من يدخل البيت من غير بابه فاذا اراد العبد ان يسلم من هذه المعرة ويبرأ من هذا العيب جمل به ان يأتي العلم من مدخله تأخذه من مدخله الذي يدخل اليه والمدخل الذي يدخل الى العلم هو بالتماسه من الاصول التي دونها اهل العلم في ابتغائه فمن اراد قد مثلا ان يدخل الى علم العربية مدح اذا اخذه من كتاب الاجر الرامية او ما قام مقامه فان ابتدأ اخذه العربية بالفية ابن مالك كان متصورا علم العربية فلا يصل الى هذا العلم وقل في كل علم ما قلناه في علم النحو فينبغي ان تأتي العلوم من مداخلها وان تبتدأ بها من اوائلها ثم قال منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهله لان ما لا يضر جهله فلا ينبغي ان يضيع العمر فيه والعاقل يجمع نفسه على ما يحسن به التشاغل به مما ظهرت منفعته. فان عري عن المنفعة قبح بالعبد ان يتشاغل به. وكان من علامة عقل ان يشتغل بما يلزمه جاء رجل الى الامام احمد فقال يا ابا عبد الله ما تقول في ماء عقلاء فقال له رحمه الله هل تعرف ما تقول اذا اصبحت؟ قال لا. قال هل تعرف ما تقول اذا امسيت؟ قال لا. قال فاذهب تعلم هذا ثم اسأل عن ماء الباق اللاء فالعلم الذي يلزمه هو الذي يمدح بتشاغله به. واما ما لا يلزمه بالنظر الى حاله فانه يذم بتشاغله به ثم قال ملحا في ابتغاء دركي ما استصعب عليه غير مهمل له فانه بكثرة الالحاح يحصل الفلاح فاذا الح العبد ثم الح وصل الى مأموله واذا تقاعد عن الالحاح ضعف عن الوصول الى مطلوبه قطع عنه والعلم صناعة تقوى بكثرة مواصلتها والقيام عليها. قال ابن القيم رحمه الله تعالى كانوا يقولون المزاولات تقوي الملكات ومعنى قوله المزاولات تقوي الملكات اي ان معاناة الشيء والالحاح فيه وتكرار النظر اليه واعمال الة القلب فيه يوصل العبد الى ملكته بان يكون متقنا له حتى يصير هيئة راسخة في نفسه. فان الملكة احدى انواع مقولة الهيئة عند الفلاسفة فاذا قوى العبد اخذه للشيء والح فيه صارت له ملكة قوية يدرك بها قضايا هذا الامر وخفاياه واذا رأيت ديار اهل العلم وجدت فيهم من ذكر معاناته اقتباس العلم في مبدأ امره فلم يزل بنفسه حتى صار العلم لها عادة وقد ذكر ابو هلال العسكري في كتابه الحث على حفظ العلم انه لما ابتدأ اخذ العلم كان يجد مشقة في الحفظ فربما طالت به المدة في تكرار بيت واحد ابتغاء تحفظه. فلم يزل يروض نفسه على حتى ذكر انه حفظ في سحر واحد قصيدة رؤبة ابن العجاج قاسم الاعماق خاوي المخترق وهي ثلاث مئة بيت في سحر واحد. يعني في مدة يسيرة من اخر الليل. فلم يكن له الوصول الى ذلك الا بتكرار المعاودة والالحاح في الوصول الى مطلوبه حتى صار الحفظ ملكة له. لا يحتاج الى مشقة كبيرة في حفظ ما يرومه من العلم ثم اورد المصنف كلاما للماوردي في ادب الدنيا والدين يصدق هذا المعنى قال فيه ينبغي لطالب العلم الا يني في طلبه اي لا يقصر في طلبه وينتهز الفرصة به وعلل انتهاز الفرص بقوله فربما شح الزمان بما سمح هو ظن بما منح الى اخر كلامه في هذا المعنى فان الامور تتغير. والاحوال تتبدل وما يكون متهيأ اليوم ربما لا يكون متهيأ غدا فمن عرف احوال الناس وتقلبات الدول والايام علم ان ما اتيح في زمن ربما لا يكون متاحا في زمن اخر ثم نقل بعد ذلك كلاما للواردي قال فيه ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه يعني من العلم اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه اي ما لا حاجة له فيه واعذارا لها في ترك الاشتغال به اي لالتماس عذر لها في ترك الاشتغال بذلك العلم. فان ذلك مطية النوكى اي المركب الذي يتخذه النوك مطية لهم. والنوك جمع انوك وهو الاحمق ثم قال ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك ما تعذر وترك منه ما تعذر كان كالقناص يعني الصياد الذي يقنص الصيد اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا الى اخر ما ذكر فاذا كانت هذه حال الانسان فيما يطلبه من العلوم فانه لا يحصل شيئا والعاقل الحكيم اذا حاول شيئا فشق عليه الح في طلبه ونوع الطرق في الوصول اليه حتى يكون مستحظرا له محكما مطالبه نعم البينات الخامسة مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على تلقي اصول تحفظ وتفاهما. فان افراغ زهرة عمري وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكمله. وبها ابتداء العلوم من اوائلها ونسيانها من مداخلها. وهي سلم الارتقاء الى الحزق بالعلم وتحصيل ملكة الفن. فان الحذق يدرك من ثلاثة امور. اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. وثانيها الوقوف على مسائله وثالثها استنباط فروعه من اصوله وايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر واصول واستبطان منطوقها ومفهومها حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت بالنفس مقاصدها فيصير الممارسون هذا حق وبصيرة بها. قال ابن وخلدون في مقدمته بعد كلام سبق وذلك ان الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحزق في ذلك الفن في المتناول حاصلا وهذه الملكة غير الفهم والوعي لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا منشدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدأ فيه وبين العامي الذي لن يحصل علما وبين العالم النحير والملكات انما هي للعالم او الشادي في الفنون دون من سواهما. فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي كلامه رحمه الله. ذكر المصنف وفقه الله في البينة الخامسة ان مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على تلقي الاصول. يعني الكتب التي تبنى عليها العلو في تحصيلها يعني الكتب التي تبنى عليها العلوم في تحصيلها. فان اسم الاصول يراد به تلك الكتب التي جعلت عمدا للعلوم وذلك بالاقبال عليها تحفظا وتفهما فلا بد من حفظ وفهم فلا يدرك العلم دون حفظ ولا فهم فافراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكمله وبها ابتداء العلوم من اوائلها واتيانها ومن مداخلها فمن رام ان يحصل علما من العلوم عمد الى تلك المتون المقررة عند دهاقنته اصولا له فاقبل عليها بالحفظ والفهم ثم بين بعد ذلك ان حفظ تلك الاصول وتلقيها بالتفهم هو سلم الارتقاء الى الحذق في العلم يعني اتقانه والمهارة فيه. فان الاتقان والمهارة في العلم مرتبة تالية. مرتبة تأصيله وتأسيسه فاذا قام في النفس اصل ذلك العلم هو سقي بماء المذاكرة قويت شجرته وصلب عوده. فاذا اقبل العبد بعد ذلك على ما يوصله الى اتقانه امكنه ان يكون متقنا له حاذقا فيه. وذكر نصنف ان الحلق في العلم يدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. وثانيها الوقوف على مسائله وثالثها استنباط فروعه من اصوله فاذا وجدت هذه المعاني صار المتصف بها حادقا في العلم ثم بين للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر الاصول يعني شق الاصول واستبطان منطوقها ومفهومها اي استدخال تلك المعاني المذكورة فيها حتى تكون راسخة في قلب العبد فيمتلئ القلب بحقائقها ثم اورد كلام ابن خلدون في هذا المعنى وفيه قوله وذلك ان الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله ثم قال وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن المتناول حاصلا فتأصيل العلم في الفن درجة لازمة يرتقي بها ملتمس العلم الى الحلق والاتقان فيه. ولا يكون ذلك الا بالاحاطة بمبادئه وقواعده. فتتصور النفس اصوله الكلية ومباحثه العظيمة ثم تكون مستحضرة ما يذكر فيه من المسائل ثم تجد قوة على استنباط فروعه من اصوله فحين اذ يترشح اخذ العلم ان يكون حاصلا على ملكته وهذه الملكة هي كما قال غير الفهم والوعي. فالفهم للمسألة امر يشترك فيه قال فكل عاقل القيت اليه كلاما يفهمه يدرك ما ترومه منه. لكن هذا الفهم المشترك بين انواع ناسي ليس هو الحذق المراد عند اهل العلم. فان مرتبة الفهم قدر مشترك. واما الحذق الذي التمكن من العلم وتصور مسائله تصورا تاما فانما يترشح له من وعى ذلك العلم وعيا تاما فانه حينئذ يمكنه فتح مغلقاته وحل مشكلاته وهذا امر لا يوجد عند كل احد وان ما يوجد عند من حصل اصول ذلك العلم وادمن النظر فيه. واضرب لكم مثالا وهو ما يذكره رحمهم الله تعالى في نواقض الوضوء. فانهم يذكرون من نواقض الوضوء اكل لحم الجزور وليس في الاحاديث النبوية ذكر لحم الجزور قط ومع ذلك عدل الحنابلة واحدا بعد واحد فلم يقولوا اكل لحم الابل مع شهرتهم هم وامامهم باتباع الاثار. وانما قالوا اكل لحم الجزور وهذا العدول منهم هو مما تتبين به لك معنى ملكة العلم. فان تركهم شيئا الى شيء بامر ملحوظ في هذا العلم وموجب ذلك عند الحنابلة انهم لا يرون ابطال الوضوء ونقضه بكل ما يكون من الابل. وانما يخصون ذلك باللحم الذي يجزر الذي اي الذي يدخله القطع للفصل عن العظام التي يعلق بها فان هذا الذي يصدق عليه اسم النقض عندهم وما عدا ذلك كالحوايا من كبد وطحال وكلية ولحم رأس فانها لا تكون ناقضة. ولذلك لم يقولوا اكل لحم الابل الذي يشمل الحوايا والرأس. وانما اكلة لحم الجزور اي ما يدخله الجزر وهو القطع من اللحم الذي يسمى بالهبر فان هذا هو الذي يختص عندهم بالنقض فمثل هذا المورد في فهم كلامهم رحمهم الله تعالى هو الذي يتميز به من له ملكة في فن دون من له فهم فيه فان الذي يفهم ذلك من الناس كثير حتى لو كان عاميا القيت اليه ذلك لفهمه انه اذا كلا لحما من الابل فانه ينتقض وضوءه عند الحنابلة لكنه ليس كل احد يكون عارفا باختصاص لحم الجزور بهذا الاسم دون لحم الابل. فلا يطلع على ذلك الا من كانت له ملكة في الفقه عند الحنابلة وقل مثل ذلك في سائر العلوم. فمن رام ان يكون حاذقا في العلوم فانه ينبغي له ان كهذه الجادة التي ارشدنا اليها من وقوفه على مسائل ذلك الفن وقدرته على استنباط فروعه من اصوله واحاطته بمطالبه وكلياته. فاذا وجد ذلك في النفس صارت للعبد ملكة. واذا فقد في ذلك لم تكن له ملكة في الحذق والفهم نعم البينة السادسة ان الوصول الى الحزق في العلم لا يتهيأ بأخذه دفعة واحدة بل لا بد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا تحققوا هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له تنتظم ارتفاعا من الاعجاز الى التوسط ثم الطول. وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم اصلين اثنين معك وتختص الاصول الموجزة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم تتزايد مسائله بالوصول المتوسطة والمطولة ومفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال ليتهيأ له ذلك فهم الفن وتحصين مسائله ويتلقى بعدها الوصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه فتقوى بذلك ملكته في الفن ثم يتلقى بعدها نوصون المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها ومعرفة خلافياتها ويزاد لهم حل المشكلات وتوضيح المبهمات وفتح المقفلات فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن الى هذا كله هو الدراكة البصير ابن خلدون اذ يكون في مقدمته. اعلم ان تلقين العلوم المبتدئ اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيئا وقليلا قليلا يلقى عليه اولا مسائلا من كل لباب من يلقي يلقي عليه يلقي عليه اولا مسائلا من كل باب من الجن هي اصول ذلك الباب. ويقربونه في شرحها على سبيل الاجمال. ويراعيه في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي الى اخر الفن وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم الا انها جزئية ضعيفة وغايتها انها هيئة لفهم الفن وتحصين مسائلي ثم ارجع به الى الفن ثانية فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبة الا منها ويستوفين الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال. ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه الى ان ينتهي الى اخر الفني فتجود ملكته ثم يرجع به وقد شد فلا يتركه عويصا ولا مبهما ولا منغلقا الا وضحه وفتح له مقفله ليخلص من الفن وقد استولى على ملكته. هذا وجه التعليم المفيد وهو كما رأيت. انما يحصل في ثلاث تكرارات. وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه انتهى كلامه. وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية ذكر المصنف وفقه الله في هذه البينة ان الوصول الى الحلق في العلم لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة بل لا بد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا. اي ترقيتها في الفن شيئا فشيئا. فيأخذ الفن اولا في مختصر من مختصراته الوجيزة ثم يأخذه ثانية في كتاب متوسط فيه ثم يأخذه ثالثة في كتاب مطول وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم اصلين اثنين معا فربما كان محتاجا في مرحلة الابتداء الى كتاب واحد او يكون محتاجا الى كتابين ثم يرتفع الى مرحلة التوسط ثم يرتفع الى مرحلة الانتهاء. فان العلم مرتب بثلاث منازل فالمنزلة الاولى هي منزلة الابتداء والمنزلة التانية هي منزلة التوسط والمنزلة التالتة هي منزلة الانتهاء وبها قسم اهل العلم اربابه الى مبتدأ في الفن ومتوسط فيه ومنتهن فالمبتدئ عندهم هو من تصور مسائله والمتوسط عندهم هو من تصور مسائله وعرف ادلتها. والمنتهي هو من تصور مسائله وعرف المخالف ذلك القول فهي مراتب ثلاث يتدرج فيها اخذ العلم رتبة الرتبة والرتبة الدنيا ان يتصور المسائل المذكورة في فن ما. ثم يرتفع عن هذه المرتبة وهي مرتبة الابتداء الى مرتبة وذلك بمعرفة الادلة المنصوبة لتلك المسائل التي اخذها في حال الابتداء. ثم يرتفع الى رتبة الانتهاء وهي التي تسحب فيها معرفة المسائل والدلائل بامكان الرد على اقوال المخالفين في تلك المسألة فلا يمكن للعبد ان يترقى في العلم الا برعاية الا برعاية ما رتبوه ترقيا شيئا فشيئا ثم ذكر المصنف ان الاصول الموجزة في الفنون تختص بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب. ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة فكل فن من الفنون تكون فيه مختصرات هي امهات الابتداء فيه. تشتمل على المسائل الكبرى. فاذا الى كتاب المقدمة الاجو الرامية لابن اجوا الرام رحمه الله تعالى رأيت ان مصنفها لم يستوفي ابواب النحو وانما قصد عمد النحو فقدم بمقدمة عن الكلام والاعراب و حكم الافعال ثم اتبع ذلك بقسمة كتابه الى ابواب ثلاثة كبرى وهي باب مرفوعات الاسماء وباب منصوبات الاسماء وباب محفوظات الاسماء. واكتفى رحمه الله تعالى بذلك فالمذكور في ذلك المختصر هو كليات فن النحو وقل مثل هذا في ما يبتدأ به من المقدمات الوجيزة في كل فن فان المذكور فيها ليس كل مسائل الفن وانما مهمات مسائله الكبرى. فاذا ادركها طالب العلم ارتفع بعد ذلك الى مرتبة اعلى وهي مرتبة التوسط ويأخذ فيها كتابا اخر يزيد مسائلا يزيد مسائل على الكتاب الاول ثم يرتفع بعد ذلك الى كتاب ثالث يستتم به جل مسائل الفن ويأخذ كل كتاب على طريقة تناسبه فالاخذ في الابتداء له طريقة تناسبه وهو الايضاح الجملي لمقاصد الفن دون تفصيل ولا تطويل فان التفصيل والتطويل في حال الابتداء يوعر الطريق على الطالب ويضعف همته ويبعده ويبعده من مطلوبه فاذا درس متنا يعد في المقدمات اخذه على وجه الاجمال. ثم اذا اخذ متنا اخر في حال التوسط ارتفع في تلقيه بزيادة ذكر الادلة فاذا اخذ في كتاب اخر اعلى فانه يبسط له القول فيه ويقبل منه ايراد الاشكالات ويورد عليه حلوها ويذكر له ما بين اصحاب ذلك الفن من خلافه فاذا جعل ما في الانتهاء في حال الابتداء اضر المتلقي. فلو قدر ان احدا رغم ان يدرس امدحه فاوقفه معلمه الابتداء في ايضاح معاني المقدمة الاجرامية بذكر كل خلاف نحوي بين نحاتي البصرة والكوفة فانه يخرج من دراسته هذه المقدمة خالي الوفاض غير مدرك علم النحو او لكن اذا لقن كليات النحو اجمالا في المقدمة الاجرامية ثم رقي بعد ذلك بزيادة بيان في قطر الندى مثلا ثم لما وصل الى الالفية واستحكم امره وقوي يعوده بسط له حينئذ ما بين النحات من الخلاف جمل ان يكون اخذه للعلم على هذه الحال فيستفيد من ذلك ثم ذكر مما قاله فيما سبق ايضاح قال ومفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال ليتهيأ بذلك له فهم فني وتحصيل مسائله ثم قال في الاصول المتوسطة ويستوفى الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه. ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها وذكر عن ابن خلدون قوله هذا وجه التعليم المفيد وهو منبئ ان ما عداه لا يكون مفيدا. وهذا هو حال اكثر الناس اليوم. فصارت الطلبة يجهلون الفنون لان معلميهم يغلطون في تعليمهم فيجعلون ما لهم في الانتهاء حالا يبتدئونهم بها. فيطول لهم ذكر الخلاف والادلة والترجيح الابتداء فتطول به المدة في اخذ العلم فيمله ويتركه فيمله ويتركه دون ايغال فيه بسبب سوء ترقيته في العلم. وكان الحري بمعلمه ان يوقفه في الابتداء على المقاصد الكلية. فان اخذ بيده بما بعد ذلك رقاه الى ما هو اعلى ثم زاده بسطا فيما عدا ذلك وكانت هذه هي حال اخذ العلم في كل بلد حتى اختل الامر بما دخل من مسالك تعليم العلم المستجلبة من غير المسلمين وجعلوها في العلوم الشرعية فاضرت بالعلوم الشرعية. ومن جرب اخذ العلم على الطريقة التي كان ينعتها اهل العلم تبين له سرعة ادراكه العلم وسهولته ومحبته له. ومن حمل على غير ذلك انقطع عن العلم وهي السبب الاعظم في انقطاع كثير من طلاب العلم عن التماسه لسوء ادخالهم في العلوم وعدم احسان تعليمهم نعم البينة السابعة ثم ذكر في في اخر هذه البينة ان هذا شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامع في مراحل ثلاثة الابتدائية والمتوسطة والثانوية. يعني الان في كل بلد يرقى الانسان هذه المراتب الثلاث حتى يصل الى الجامعة. وليس هذا لا شيئا جاء في يوم وليلة وانما هو امر طالت به الايام في احوال الخلق من كل امة حتى رأوه طريقا للايصال الى العلم الاعلى. فكذلك اخذ العلم في المساجد وغيرها في المعارف الشرعية ينبغي ان يكون على هذه الحال. يرقى المتعلم شيئا فشيئا حتى يصل الى المطلوب الاعلى واذا جعل ما يكون اخرا اولا فان طالب العلم لا يستفيد. نعم السابعة تؤخذ اصول الفنون حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين. احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس الاخر النصح هو حسن المعرفة بطرق التعليم. فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بعيد العلماء لانهم ورثة الانبياء. ومن لم ومن لم يفتح له الخازن كيف ينال مبتغاه ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير هذا المعنى ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا وشيوخ لهم درجات ومراتب يتفضلون فيها والذي تنبغي رعايته فيه من وصفان المذكوران انبا فمن اجتمعا فيه من فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه. فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم يضر بالمتعلمين واوردهم موارد الاذان فاحرص على من تقدم وصفه فان لم يتيسر مثله او ما يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد طرق اتية الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهم معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما اشكل منه الثانية الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى ومحل هذا اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلابد من ضم بعضها الى بعضنا وكان الطالب جيد الفهم قوي العقل. الثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة. ولا يصلح هذا الطريق قل الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة سابقا والطالب فوق ما تقدم وكما عرفت فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه ومن اصول الملكة العلمية ما يمكن تحصينه دون الحاجة الى عرضه على شيخ مع كون ذلك اكمل في البداية والنهاية مثلا لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على يا شيخنا يكشف معناه ويوضح مغزاه. هذا كله حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ. اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظه من نسخة المصححة للاصل على قرين له ذي معرفة بالفن فان عدم فان عدم القرين الموصوف قصد غيره مع الالتزام بنسخ الاصول اتقنت الموثوق بها فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها وليضرب بلدا يجد فيها بغيته والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة. ذكر المصنف وفقه الله في هذه البينة ان اصول الفنون من الكتب المعتمدة فيها تؤخذ حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين في الفن بتمكنه في النفس فيكون والقدرة عليه والاخر النصح وحسن المعرفة بالطرق التعليم فيكون عارفا بما يصلح به الناس وما يستجد لهم في احوالهم ثم ذكر ان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء فلا يصل المتعلم الى فتحها الا بعالم مرشد ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقليد هذا المعنى وان العلم لا يؤخذ الا عن شيخ مرشد دال من ظن انه يدركه دون شيخ فلا يتعنى فان من خصائص علم الشريعة انه علم موروث كما بسطه الشاطبي في الموافقات. فالعلم في هذه الامة غير مستأنف. فلا يكون في قرن من القرون علم منبت مقطوع الصلة عما سبقه لكن الخلف يأثره عن السلف والاصل في ذلك ما رواه ابو داود في سننه من حديث سليمان ابن مهران الاعمش عن عبد الله ابن عبد الله عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم واسناده قوي والاصل بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب فعلامة العلم في هذه الامة انه يؤخذ بالتلقي عن شيخ مرشد يدل على ما ينبغي ان يؤخذ منه ثم ذكر ان شيوخ لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها وان الذي تنبغي رعايته فيهم هو هو الوصفان المذكوران فمن اجتمع فيهم من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه. وان كان غيره اعلم منه. وان وان لم يكن ناصحا. قال فمن لم يكن ناصحا انفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم موارد الاذى. فكم من امرئ يكون له فيه فهم في علم وقدرة عليه لكنه لا يحسن تعليمه. فربما عجز المتعلم عده من هذا العلم ولم يرغبه فيه لسوء طريقه في ايصال ذلك العلم عليه فينبغي ان يحرص طالب العلم على ان تقدم وصفه من الشيوخ الجامعين للوصفين المتقدمين. فان لم يتيسر مثله او من يقاربه وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية وهذه الطرق في اخذ العلم هي بمنزلة الميتة التي تباح للضرورة. لان الاصل في اخذ العلم تلقيه عن شيخ مرشد وانما يفزع الى ما نعت من طرق عند ضرورة داعية في سلك احد هذه الطرق واولها استحضار شرح ثمد للاصل المقصود فيعمد الى شرح من الشروح المعتمدة لمختصر ما ويتفهم معاني ذلك المختصر منه. ثم الطريق الثاني الزيادة على شرح واحد فيجمع شرحين او اكثر مع سلوك ما مضى ومحله اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلابد من ضم بعضها الى بعض او كان طالب جيد الفهم قويا العقل قادرا على الجمع بينها. والثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن اي التأليف المدونة في ذلك الفن من الكتب المطولة ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة من عدم وفائها بمقاصد المختصر والطالب فوق ما تقدم اما اي ان من فقد شيخا معلما واراد ان يتفهم مختصرا ما في فن فانه يأخذ شرحا معتمدا على ذلك المختص فيتفهمه منه فان لم يكن الشرح وافيا بمقاصد ذلك المتن جمع معه غيره وانما يحمل على الجمع الحاجة والا فالاصل ان يقف طالب العلم على شرح واحد هو شرح شيخه ثم اذا تمكن بالعلم زاد عليه ما شاء من النظر في الشروع وكذلك اذا فقد الشيخ فاراد ان يتفهم متنا نظر في شرح واحد الا ان يكون الشرح الواحد غير واف في بيان مقاصد المتن فانه يضم اليه اخرا. فان قوي الطالب لجودة فهمه تاغ له ان ينظر في مدونات الفن فلو قدر ان احدكم رام ان يتفهم المقدمة الاجر الرامية فلم يجد شيخا يحل له ومعانيها فانه يعمد الى شرح معتمد كشرح خالد الازهري او شرح الكفراوي فيتفهم منه المسائل فاذا وجد انه لا يفي في تفهيمه جمع اخر اليه فان كان الشرح ان لا يفيان بحل معانيه وكانت له قوة في العقل ساغ له ان ينظر في كتب النحو المطولة كشروح الالفية ليتفهم المسائل المذكورة في الاجر الرامية. وما يصلح من كل طريق ينظر فيه الى حال المتعلم بحسب قوة فهمه ثم ذكر ان من اصول الملكة العلمية اي من الكتب المعتمدة في بناء الملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضه على شيخ مع كون ذلك اكمل في البداية والنهاية فان هذا الكتاب من اصول الملكة العلمية في باب التاريخ فمن اراد ان يقوي ملكته العلمية المتعلقة بالتاريخ لم يكن له بد من النظر في كتاب البداية والنهاية. فان قوام علم التاريخ على اصلين عظيمين. احدهما كتاب له مسرد اثري وهو البداية والنهاية لابن كثير والاخر كتاب له مسند ادبي وهو كتاب كامل لابن الاثير فان هذين الكتابين هما بمنزلة العينين في التاريخ السابق فمن اراد ان تكون ملكته فيما يتعلق بعلم التاريخ قوية فان نظره يكون الى هذين الكتابين ومثلهما لا احتاجوا الى شيخ وان كان الاولى ان يقرأه الانسان على شيخ اذا قدر على ذلك. وان اراد ان يكتفي بنفسه قرأ بنفسه مع مراجعة عارف فيما يشكل عليه في غوامض هذين الكتابين ثم قال منبها ان ما كان من هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم. فاذا استوفى المرء مات العلوم طالع بقية التأليف التي تقام بها الملكة العلمية ككتب التاريخ والاخبار والتراجم والسير فان النظر فيها بعد استواء الملكة العلمية في النفس اجدى في النفع واقوى. ثم قال هذا كله حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ. اما صناعة الحفظ اذا فقد الشيخ فله ان يعرض محفوظه من نسخة مصححة للاصل على قليل له ذي معرفة بالفن فلابد من شرطين احدهما ان يكون القرين له معرفة بالفن والآخر ان تكون ان يكون الحفظ من نسخة مصححة للاصل المراد حفظه فلو قدر ان احدكم اراد ان يحفظ الشاطبية في علم القراءات ولم يجد شيخا يتقن عليه الفاظ هذا المتن عند حفظ وله قرين مشتغل بعلم القراءات فانه يحفظه عليه ويستمد الحفظ من نسخة مصححة اي معروفة بين اهل العلم بان هذه النسخة هي المقدمة فيما بايدي الناس من النسخ المطبوعة اليوم فيكون تحفظه منها اما الحفظ من كل نسخة هبت ودرجت على وجه الارض فهذا مما يقبح لان من شرط اخذ العلم ان يكون من كتاب صحيح اي مصحح فاذا اخذ الانسان اي نسخة تتفق ربما اخذ من نسخة فيها شيء مدخول او شيء مفقود والنسخة التي كانت بايدي الناس قديما من مراقي السعود التي نشرتها احدى الدور المصرية هي نسخة زيد فيها ابيات ليست من مراقي الصعود وانما اخذها الناشر من نسخة الشرح فانه امر الطابعة عنده ان يفرد المتن عن الشرح وهذا الطابع لا يعي الا ان المتن ابيات منظومة. فصار اي بيت يجده في الشرح منظوما يجعله من المتن. وفيها ابيات زادها الشارح عند شرحه لاجل ايضاح بعض المعاني فعقدها بابيات من الشعر. فادخلها في هذه النشرة جهرت بانها من مراقص سعود وبقيت مدة طويلة ايضا منظومة القواعد الفقهية لابن سعدي وقد فقد منها بيتان فكان المشهور بايدي الناس نسخة فيها سبعة واربعون ميتة والقصيدة هي تسعة واربعون بيتا وهذه افة الحفظ من نسخة غير مصححة فلابد من الحرص ان يكون حفظه من نسخة مصححة ثم قال فان لم يجد يعني الطالب فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها اي لا يحيا فيها. وليطلب بلدا يجد فيه بغيته والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة فان من الهجرة المأمور بها الهجرة من بلد الجهل الى بلد العلم. ذكره ابو بكر ابن العربي وصدق. فان جماع الهجرة المأمور بها شرعا ترك ما يكرهه الله ويأباه الى ما يحبه ويرضاه. والجهل يكرهه الله عز وجل ويأبه. فمما يحبه ان يترك العبد الذي لا يحيا فيها العلم ويتحول الى بلد اخر ينعش فيها العلم. نعم الله عليكم البينة والثامنة من القواعد الاصول في ادراك العلم المأمون تقنين الدروس واحكام المدروس وعروة الاحكام الوثقى هي ملازمة للدرس والحرص على مذاكرة الاقران ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب والغرس بلا سقيا يموت وسقيا العلم مذاكرته ومن بدائع الالفاظ المستجابة من قرائح الحفاظ قول وبالحجاج المزي الحافظ رحمه الله من حاز العلم وذاكره حسن الدنيا هو اخرته فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته. وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم. قال ابن شهاب الزهري رحمه الله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة وترك الاستذكار بعد التحفظ والتفهم يضيع به زمن طويل في ابتغاء استرجاع مفهوم ثابت معانيه او محفوظ نسيت مباني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد امسكها وان اطلقها ذهبت قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيدي يبين معناه واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم ذكر المصنف وفقه الله بهذه البينة ان من القواعد الاصول اي العظام في ادراك العلم المأمول تقليل الدروس واحكام المدروس فيقلل ما يدرسه ويحكمه احكاما احكاما متقنا. لان التقليل مع الاحكام يغني عن الاعادة فاذا قلل مدروسه واحكمه لم يحتج الى اعادته مرة اخرى. وفي اخبار بعض علماء شنقيط انه كان حال اخذه الفية لا يزيد في اليوم عن بيت واحد يحفظه ويتفهم معناه فحرضه بعض اصحابه على العجلة في ذلك فقال العجلة اردت ومعنى قوله العجلة اردت اي انني اذا تحفظت ابيات الالفية على هذا النحو وتفهمتها وتفهمتها تفهما لم احتج بعد ذلك الى ان ارجع الى هذا الشيخ ولا الى غيره في علم النحو فاكون متقنا له مستغنيا عنه في دراية علم العربية ثم قال وعروة الاحكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران اي مثافنتهم في معاودة النظر في هذه المسائل فان اصل المذاكرة ما كان بين اثنين فصاعدا لاجل تذكر مسائل فن ما وما يسميه الناس اليوم مذاكرة انما يسمى بالعربية مطالعة. فاذا انفرد المرء بنفسه في قراءة كتاب او درسه فانه يسمى مطالعا له. واما المذاكرة فشرطها المفاعلة. اي ان تكون بين اثنين فصاعدا بتذكر مسائل امر ما ثم ذكر بعد ذلك ان المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غسل القلب والغرس بلا سقيا يموت وسقيا العلم مذاكرته ثم ذكر من بدائع الالفاظ المستجابة بيتان لطيفان لابي لابي الحجاج المزي الحافظ صاحب صاحب تحفة الاشراف من حاز العلم وذكره حسنت دنياه واخرته فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته. ثم ذكر عن ابن شهاب الزهري قوله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة ثم اورد شاهده المصدق من السنة النبوية وهو ما رواه البخاري ومسلم من حديث مالك ابن انس عن نافع المولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها ما امسكها يعني ان راقبها وتابعها حفظها. وان اطلقها ذهبت وعسر عليه ردها ونقل عن ابن عبد البر قوله واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة. من تعاهدها امسكها فكيف بسائر علوم فيحتاج الانسان ادامة مذاكرة العلم يحتاج الانسان الى ادامة مذاكرة العلم ومن نبل من اهل العلم وقديما وحديثا فان غالب امرهم هو العناية بالاصول مع دوام مذاكرتها فاصول العلم هي كتب معروفة محصورة وكمال الصلة بها يكون بتكرار النظر فيها تعلما وتعليما ومذاكرة فبذلك يقوى في العلم ويرسخ. نعم السلام عليكم البينة التاسعة في التأني نيل بغية المتمني والثبات نبات وانما يجمع العلم بطول المدة وتجويد المدة. قال الزهري يوصي صاحبه يونس ابن يزيد الايلي لا يونس لا تكابر العلم فان العلم اودية فايها اخذت فيه قطع بك قبل ان تبلغه. ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة. فان من رأى ما اخذه متى ذهب عنه جملة ولكن الشيء بعد شيء مع مع الليالي والايام فمن طلب العلم فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا سال واديه واروى قاصديه. ونهاية عجول تشتت وافول. قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الفقيه متبقي اعلم ان القلب جارحة من الجوارح تحتمل اشياء وتعجز عن اشياء كالجسم الذي يحتمل بعض الناس ان يحمل مئتي رطل منهم من يعجز عن عشرين لترا وكذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم لا يعجزه ومنهم من يمشي مع ضمير فيضر ذلك به ومنهم من يأكل من طعام قال ومنهم من يتخمه الرطب ومنهم من يتخمه الرطب وما دونه فكذلك القلب من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ومنهم من لا يحفظ نصف صفحة في ايام. فاذا ذهب الذي مقدار حفظه نصف صفحة ان يحفظ عشر ورقات تشبها بغيره لحقه الملل وادركه الضجر ونسي ما حفظ ولم ينتفع بما سمع. ذكر المصنف وفقه الله في التاسعة ان في التأني نيل بغية المتمني والثبات نبات وان العلم انما يجمع بطول المدة وتجويد العدة اي تقوية الة العلم. فيحتاج المرء الى مدة مديدة في اخذ العلم حتى يكون ثابتا نابتا فيه واورد من كلام اهل العلم ما يصدقه كما قال الزهري لصاحبه يونس ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فان من رام اخذه جملة ذهب عنه جملة ولكن الشيء بعد ولكن الشيء بعد الشيء مع الايام والليالي فلا بد ان يني في فلابد ان يتأنى في اخذه وان لا يني في طلبه والا يستطيل الطريق في التماسه. فالامر كما قال ابن النحاس بما ذكره عنه السيوطي في بغيت الوعاة اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط نزداد بها المرء حكمة وان انما السيل اجتماع النقط فالسيل الهادر انما يبتدأ قطرة قطرة من السماء حتى اذا تكاثرت تلك القطرات صارت سيلا هادرا فكذلك اخذ العلم يكون شيئا فشيئا انت حتى يصل ملتمس العلم الى بغيته ومن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال ثم اورد من كلام الخطيب البغدادي ما يبين ان القلب جارحة من الجوارح تحتمل اشياء وتعجز عن اشياء كما ان الجوارح الظاهرة تحتمل شيئا وتعجز عن غيره فكذلك الجوارح الباطنة تحتمل شيئا وتعجز عن غيره فينبغي ان يراعي المرء تحميلها العلم فيحملها العلم شيئا فشيئا حتى تقوى لان للعلم ثقلا في القلب قال رجل للامام ما لك اسألك مسألة سهلة فغضب فقال ثم قال ليس في العلم سهل. الم تسمع قول الله عز وجل انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. اي جليلا عظيما على القلب لثقله وليس المراد سهولة فهمه في تصوره ولكن بقاؤه في النفس وامتثال ما تضمنه هو الذي قلوبه العلم. ومما يعينك على وجدان هذا الامر في قلبك وتحمل قلبك اياه. ان تأخذه شيئا فشيئا حتى يكثر في قلبك نعم البينة العاشرة لكل صناعة عدة تقرب نوالها وتذلل صعابها وعدة التعلم الة المتعلم فمن كانت معه بلغ ذروة العلم والا وقف دونها. واوعى مقالة بينت الة العلم مما طالعته ما ساقه الماوردي في ادب الدنيا والدين. وقد جعلها تسعة امور مع ما يلاحظ المتعلم من التوفيق ويمد به من المعونة يمد به ويمد به من المعونة الاول العقل الذي به تدرك حقائق الامور. والثاني الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم ثالث الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه. والرابع الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل. والخامس بمادة تغنيه عن كونف الطلب سادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به الاستكثار تابعوا عدم القواطع المذهنة من هموم واشغال وامراض. والثامن طول العمر واتساع المدة ينتهي بالاستكثار الى مراتب الكمال تاسع الظفر بعالم سمح بعلمه متأن في تعليمه ذكر المصنف وفقه الله في هذه البينة العاشرة ان لكل صناعة عدة تقرب نوالها وتذلل صعابها وعدة التعلم الة المتعلم فمن لم تكن معه الة العلم فانه لا يستطيع بلوغه واوعى مقالة بينت الة العلم فيما طالعته ما ذكره الموردي رحمه الله تعالى في ادب الدنيا والدين وقد جعلها تسعة امور مع ما يلاحظ المتعلم من التوفيق يعني الالهي. ويمد به من المعونة الربانية فاولها العقل الذي به تدرك حقائق الامور فيكون لملتمس العلم مكنة عقلية في فهم ما يلقى اليه من العلم والثاني الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم. اي النباهة التي تعينه على استشراف غوامض العلوم واستجلائها. والثالث الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه. اي القوة الذهنية التي تمده بالحفظ والفهم. والرابع الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل. فان الطلب اعظم المحركات قد ذكر ابو عمر ابن عبد البر ان البخاري رحمه الله تعالى سئل عن دواء الحفظ فقال لا اجد مثل مثل نهمة الرجل وادمان النظر في الكتب ومن رادوا بقوله نهمة الرجل يعني محبته العلم ورغبته فيه. وسئل ابن المبارك كيف تحفظ؟ قال انما هو اذا اشتهيت اذا حفظت يعني اذا وجد في قلبي محبته والرغبة فيه غلب على قلبي فحفظته دون كلفة والخامس الاكتفاء مادة تغنيه عن كلفة الطلب. يعني الاكتفاء بمال يسد حاجته فيما يريده من كل في طلبه. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر. والسابع عدم القواطع المذهلة. والثامن طول العمر واتساع المدة. والتاسع الظفر بعالم سمح بعلمه متأن في تعليمه يأخذ الطالب شيئا فشيئا فيرقيه فيه ومن مشهور كلام اهل العلم في ذكر الة العلم قولهم الة العلم شيخ فتاح وكتب صحاح ومداومة والحاح الة العلم شيخ فتاح وكتب زحاح ومداومة والحاح الالة الاولى الشيخ الفتاح والمراد به ايش المعلم ها اريد بس ما يصير وضع رجل على رجل وتجيب جزاك الله خير ام حمد كان قالوا شيخ شارح اشغلوا فتاح ها يا يوسف كيف كيف يفتح اي كيف يفتح؟ كيف يفتح؟ غامض العلوم صار شارح شيخ شارح ها يا عبد الله يجمع الامرين المذكورين هذا مفروغ منه يجمع الامرين المذكورين لكنه مصحوب بالتوفيق الالهي هذا معنى شيخ فتاح يعني الشيخ الذي يلاحظ معه توفيق من الله سبحانه وتعالى. ولذلك لما سئل الامام احمد رحمه الله تعالى من نسأله وبعدك فذكر رجلا فقال له ابنه عبد الله ان غيره اعلم منه قال ولكنه رجل موفق يوشك ان يسأل فيسدد وغيره اعلم منه لكنه موفق يسدد له عون من الله سبحانه وتعالى فهذا هو المراد بقولهم شيخ فتاح اي مقرون بتوفيق الهي يعرف من حاله. فان شواهد التوفيق يظهرها الله عز وجل على الخلق للخلق والآلة الثانية كتب صحاح ما معنى كتب صحاح ايش معتمد عند اهل العلم ها قال يا من الاخطاء اغلاط الاخطاء ها الاصول نعم الكتب الصحاح هي الجامعة لامرين الاول ان تكون اصولا معتمدة بالفن ان تكون اصولا معتمدة في الفن والاخر ان تكون من نسخ صحيحة ان تكون من نسخ صحيحة يعني اذكر مثلا كتاب التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذا من اصول فن الاعتقاد ففي احدى النسخ في احد الابواب مسألة قنوط سيد المرسلين وسادات الصحابة وراءه قنوط سيد المرسلين هي ايش قنوت بالتاء فتصحفت الى قنوط. فاذا صار الانسان يحفظ ويتفهم من اصول سيئة وقع في الغلط ولذلك كانوا يعدون اول ما ينبغي في متن عند شرحه تصحيحه. هذا اول ما ينبغي ولذلك وقع في بعظ الاصول مثل كتاب العقيد عقيدة اهل السنة والجماعة المعروفة بالواسطية. وقع في نسخة عند ذكر الكرامات وهي موجودة في جميع فرق الامة فالاصل ايش؟ جميع قرون الامة هذا الصواب. وبعض الشراح شرحها على فرق الامة فتكلم في وجود الكرامة مع البدعة. وهذا كله خطأ لا اصل له. هي قرون الامة يعني طبقات الامة. طيب والالة الثالثة ومداومة والحاحه يعني طول معاودة في طلب الشيء واستكثار منه مرة بعد مرة فمع طول الطلب يلين وقد ذكر احمد ابن علي المنجور من علماء المالكية في ان بعض اصحابه زاد رابعا وهو قدر فواح قدر فواح معنى قدر فواح موقد للضغط قدر فواح يعني كفاية من الطعام ان يكون له كفاية من حاله في الدنيا فله كفاية من العيش. فالذي يطلب العلم ولا كفاية له من العيش يعجز عنه. وكان سفيان التولي اذا جاءه رجل يلتمس العلم سأله هل لك في كفاية من العيش فان قال نعم اذن له في الطلب. وان قال لا امره ان ينصرف في طلب كفايته من العيش وزاد المنجور خامسا احمد بن علي المنجور من فقهاء المالكية زاد خامسا قال والا يكون من الاقحاح يعني الا يكون الطالب من الاقحاح يعني من اهل الجفاء لان الجافي يستغلظ على العلم فيستغلظ العلم عليه قال الناظم العلم حرب للفتى المتعالي كالسيل حرب للمكان العالي وزدت سادسا وهو ومدارس فساح ومدارس في ساح والمراد بالمدارس الاماكن التي توقف على طلاب العلم فيكفون فيها عيشهم وتعليمهم وقد كانت موجودة في البلاد الاسلامية الى وقت قريب قرون التعليم في قطر ماذا كان اوله المدرسة ايش ها مدرسة ايش المدرسة الاثرية وهي مدرسة خيرية يعني يكفى فيها الطالب حاجته فيأتي ويتفرغ للطلب وهذا كان الى وقت قريب ولما ضعف هذا الامر في الامة ضعف العلم فيحتاج من اهل الولاية الدنيوية والاحسان في الدنيا ان يجعلوا مدارس لاهل العلم يوقف عليها على المعلمين والمتعلمين ما يفرغهم للطلب. فكان الطالب يأتي الى العلم جاهلا فيدخل هذا يأتي الى في طلب العلم جاهلا فيدخل هذه المدرسة ويتفرغ فيها فيخرج عالما وقد كان من شيوخ شيوخنا الشيخ ثاني ال منصور رحمه الله ناظم منتهى الارادات في اكثر من ثلاثة الاف بيت وهو رجل جاء الى رباط ال الملا في الاحساء جاهلا ترابط فيه احد عشر سنة في طلب العلم حتى تخرج عالما وهكذا يكون تخرج الناس في العلم ان تكون لهم مدارس يفزعون اليها يتفرغون فيها الى الطلب وهذا يوجد في بعض البلاد الاعجمية للاسف الان يبقى هذه من فضائل بلاد العجم على بلاد العرب ان فيها مدارس وقفية يأتي فيها الطالب فلا يذهب الى اهله سوى اويقات معينة في السنة. فيكون اكله وشربه وقيامه كله في التعليم ولا يخلص له من وقته شيء خارج ذلك الا وقت يسيرا يفرغ فيه ان كان صغيرا اللعب وان كان كبيرا للمطالعة مع النوم وما عدا ذلك فهو مشغول بالطلب وبهذا يتخرج الطالب متعلما اما ان يشغل بامور من امور الدنيا ثم يراد ان يكون عالما فهذا مما يشق والمقصود ان هذا من جملة الالة التي تعين على العلم نعم الخاتمة قال محمد مرتضى ابن محمد الحسيني الزبيري روى ابن عبدالبر ذو الاسقان في طرة من جامع البيان قوله في طرة من جامع البيان يعني في قطعة من جامع البيان وهو موضع من كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر. نعم موجودة تعجب من رآها الى الامام اللؤلؤ عزاها. قوله الى الامام اللؤلؤ عزاها اللؤلؤي هو الحسن ابن زياد صاحب ابي حنيفة نعم. منظومة كالجوهرة المكنون وقيل عزمها الى المأمون. قوله كالجوهر المكنون اي المحفوظ فاصل الكن ما يحفظ ومنه سمي البيت كنا لانه يحفظ من فيه نعم. اوردتها هنا لحسن سوقها للغائصين في بحال ذوقها. ونصها من بعد حمد الله مصليا على لله اعلم بان العلم بالتعلم والحفظ والاتقان والتفهم قوله ويحرم الكبير اي لكثرة شواغله ذكره الماوردي فاذا تخلص من الشواغل ادرك العلم. قال البخاري في صحيحه وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا من تقدم به سنه لم يمنعه تقدمه في السن ان يدرك العلم اذا تخلص من الشواغل القاطعة نعم فانما المرء باصغره ليس برجليه ولا يديه لسانه وقلبه المركب في صدره وذاك خلق عجوا قوله وذاك خلق عجب اي خلق يورث التعجب. كيف ان مرد الانسان قل له الى هاتين القطعتين الصغيرتين منه اللسان والقلب نعم. والعلم بالفهم وبالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة. ويريد النص وماله بغيره نصيب مما حواه العالم الاديب. ورب ذي حرص شديد حب للعلم والذكر فريد القلب معجز في الحفظ والرواية ليست له عن مرة وحكاية. واخر يعطى بها اجتهاد حفظا لما قد جاء في الاسناد يفيده بالقلب لا بناظره ليس بمضطر الى قناطره. قوله ليس بمضطر الى قناطره القماطر جمع همطر وهو وعاء لحفظ الكتب بمنزلة الحقيبة المعروفة عندنا اليوم قال الخليل ابن احمد وليس علما ما حوى القمط ما العلم الا ما حواه الصدر ناس فالتمس العلم واجمل في الطلب والعلم لا يحصل الا بالادب. الادب النافع حسن الصمت ففي كثير القول بعض المقت فقوله بعض المقت اي البغض نعم. فكن لحسن الصمت ما حيت مقارنا تحمد ما بقيت. وان بدت بين اناس مسألة معروفة في العلم او مفتعلة لا تكن الى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيه ناطقا كم رأيتم من عجول سابقي من غير فهم بالخطأ ناطق ازرى به ذلك في المجالس بين ذوي الالباب انفس كنت فاعلم بك حقا ازينه ان لم يكن عندك علم متقن وقل اذا اعيا كذا الامر ملي بما تسأل عنه فذاك شطر العلم عند العلماء كذا كما زالت تقول الحكماء. قوله فذاك شطر العلم الشطر النصف والمشار اليه في البيتين هو قول لا ادري فذاك ما زالت تقول الحكماء يعني ما زالت تقول لا ادري شطر العلم وهي كلمة مشهورة عن جماعة اقدم من ذكرها عامر بن شراحيل الشعبي رواه عنه الدارمي نعم اياك والعجب بفضل رأيك واحذر جواب القول من خطابك كم من جواب اعقب الندامة فاغتنم الصمت السلامة قوله فاغتنم الصمت مع السلامة اي مع السلامة ذمتك وبراءة نفسك عند الله سبحانه وتعالى وهذه السلامة هي المرادة عند السلف في قولهم الصمت سلامة او قولهم العزلة سلامة يريدون بذلك السلامة سبحانه وتعالى وهي اصل عظيم يتبين به الفارق بين المحق والمبطل وعامة المتكلمين اليوم في مسائل الدين يخافون من السلامة من بطش السلاطين ولا يخافون السلامة من رب العالمين في مؤاخذتهم فيما يتكلمون به من مسائل العلم. واذا تحظر العبد انه موقوف بين يدي الله عز وجل منعه ذلك من الجراءة على كثير من القول في مسائل الشرع بدون حجة ولا بينة العلم بحر منتهاه يبعد ليس له حد اليه يقصد. وليس كل العلم قد حولته اجل ولا العشر واجل ولا ولو احصيته وما بقي عليك منه اكثر مما علمت والجواد يعثر. فكن لما علمته مستفهما ان كنت لا تفهم منه الكلمات قول قولان فقول تعلمه واخر تسمعه فتجهله وكل قول فله جواب يجمعه الباطل والصواب وللكلام اول واخر فافهمهما والذهن منك حاضر. لتتبع القول ولا ترده حتى يؤديك الى ما بعد له فربما يا ذوي الفضائل جواب ما يلقى من المسائل. فيمسك بالصمت عن جوابه عند اعتراض في صوابه ولو يكون القول عند الناس من فضة بيضاء بلا التباس دل كان الصمت من عين الذهب فافهم هداك الله اداب الطلب الى هنا قد انتهى المنقول فاسمع هديت الرشد ما اقول العلم واصل الدين والاحسان طريق كل الخير والجنان. دل على تفضيله البرهان وسنة النبي القرآن هل يستوي الذين يعلمون وعصبة بالعلم يجهلون؟ قوله هل يستوي الذين يعلمون يشير الى ايش لقوله تعالى لا يعلمون طيب هذا شو يسمى تم اقتباس قال الاخظر في الجوهر المكنون والاقتباس ان يضمن الكلام قرآننا وحديث سيد الانام فاذا ضمن الشعر او النثر اية او حديثا سمي اقتباسا وفي جوازه بحث طويل ليس هذا محله مبسوط في شروح الفية السيوط في البلاغة. نعم لا تدعو الا العلماء نسعى لغيرهم لترفعن رأسا وهو مع التقاه قوله بذا وبور البدء سوء الاخلاق والبور الفساد يعني ان العلم مع التقوى هدى ونور واذا فقدت التقوى فانه بدن وبور يعني سوء خلق وفساد في الانسان. نعم فالعلم ان زاد ولم يزدد هدى صاحبه لم يستفد الا ردا فلا تعد ذاته فضيلة ان لم يكن على الهدى وسيلة. فانه كالكذب والخيال يكون عند الخلق للاعمال فحق اهل العلم صدق النية والاجتهاد في صفا طويتي. والجد في التقوى بخير سيرتي ليستقر العلم في البصر فعلم ذي الانوار في جنانه وعلم ذي الاوزار في لسانه. قوله فعلم ذي الانوار في جنانه اي علم المصاحب الطاعات في قلبه وعلم صاحب الذنوب وهي الاوزار في لسانه فالعلم باعتبار مستقره علمان احدهما علم اللسان والاخر علم الجنان فعلم الجنان حظ لمن كملت طاعته وظهر اثر العلم فيه وعلم اللسان حظ من كان ملطخا بالاوزار فاسد الباطن فليس له حظ من العلم الا ما يجري على لسانه والعلم الذي يجري على لسانه صورة مدعاة والا فالعلم الصحيح يدعو صاحبه الى صلاح قلبه نعم وان عنوان علوم الدين في الصدق والخشية واليقين وافضل العلوم علم يقترب به الفتى من ربه فيما احب فليبذل الجهد بما يزيده نور الهدى في كل ما يفيده. وبلا هم فلا هم ينتقي من كل فن ما يفيد وما بقي فانا انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على الناصحين ثم مع المدة فابحث عنه حقق ودقق ما استمد منه. لكن ذاك باختلاف الفهم مختلف وباختلاف العلم فالمبتدي والفدم لا يطيق بحثا بعلم وجود قيدو ومن يكن في فهمه بلاده فليصرف الوقت بين العبادة قوله فما حوى الغاية في الف سنة والبيتان بعده من عيون ما في الفية السند من الابيات ففيها بيان الجادة السوية المفضية الى الوصول الى العلم فانه ارشد الى ان العلم لا يدرك ولا يحاط به قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى وبعد فالعلم بحور زاخرة لن يبلغ الكادح فيه اخره لكن في اصوله تسهيلا لنيله فاحرص تجد سبيلا. فالعلم لا منتهى له لكن العاقل يؤمر بان يأخذ من كل ان احسنه وهو المحتاج اليه منه وذلك برعاية امرين الاول حفظ متن جامع للراجح والاخر اخذه على مفيد الناصح وقوله بحفظ متن جامع للراجح المراد الراجح ايش اي المعتمد في الفن اي المعتمد في الفن هذا هو الراجح وليس المقصود بذلك الراجح عند فلان او فلان لان الترجيح هذا نسبي. لكن المقصود المعتمد في الفن فمثلا الفية ابن مالك متن معتمد جامع للراجح عند النحاة اي معتمد عندهم وان كان ابن مالك نفسه يخالف بعض ما في الالفية. كما ذكر ابو حيانة وغيره انه في تسهيل الفوائد خالف كثيرا مما في الفيته لكن الالفية هي المتن المعتمد عندهم من المطولات في دراسة الفن ثم هذا المتن الجامع للراجح يكون اخذه على شيخ يجمع وصفين احدهما وصف الافادة والمراد بها الاهلية بالفن والاخر وصف النصح وهو احسان تعليمه والترغيب فيه فيكون اخذ العلم عن من جمع هذين الوصفين فان اخذ العلم عمن علي منهما ربما اذى الم تعلم فان من المعلمين من يوعر طريق الطلب على الم تعلم وربما كان ذلك في اول ابتدائه في اخذ العلم فانك تأتي بعض الاشياخ ملتمسا علما عندهم فيكون مبتدأ قوله هذا العلم صعب لا يقدر عليه كل احد. فاذا خالطت العلم وجدت انه سهل. لكن هذه حال بعض الناس يعظمون ما عندهم من العلوم ابتغاء عظيم انفسهم فيعظمون هذا الفن ترغيبا في تعظيم شأنه وان هذا الفن لا يدرك الا بتعب عظيم ومن جميل الاخبار ان العلامة ظاهر الجزائري طاهرا جزائري رحمه الله تعالى قال لبعض اصحابه ومنهم بهجة البيطار اذا جاءكم رجل يريد ان يتعلم النحو في ثلاثة ايام فلا تقولوا لا يمكنك ذلك بل رغبوه فيه فانه ربما تعلم في هذه الايام الثلاثة ما يحببه في النحو وهذا من النصح اما الذي تأتيه فيوعر لك الطريق هذا ليس بناصح ناس وغيرها من كل ذي ثواب ولو بحسن القصد في الاسباب فليعمر العمر فكل ذرة رخيصة منه بالف درهم فيا ضميط الاوقات بالموقوت من قبل صدق فتنة وفوت والعلم ذكر الله في احكامه على الورى كالشكر في فذكره بالذات والصفات كالذكر في الاحكام والايات. لكن كثير اغفل بالعلم وحكمه عن ربه به ذي الحكم. قوله والعلم ذكر الله في احكامه الى اخره يعني ان العلم من القرب التي تقرب الى الله عز وجل فهي من ذكره كما بسطه ابن القيم في اول الوابل الصيب قال عطاء قال عطاء بن ابي رباح رحمه الله تعالى مجلس يتعلم فيه العبد الحلال والحرام من ذكر الله نعم وادخلوا فيه الجدال والمراء فكثرت افاته كما ترى. فصار فيهم حاجبا لنوره عنه فما ذاقوا جنى مأثوره فهلكوا بقسوة وكبر وحسد وعجب ومكر. نعوذ بالله من الخبائث والعوض بعد الحق ففي الضلال قوله نعوذ بالله من الخبال الخبال الفساد نعم فالذم منهم لا من العلوم فانها من طلعة القيوم. فحق من يخشى مقام ربه ان يعتني بعين معنى قلبه وليجتهد بكل ما في دينه يزيده بالحق في يقينه وان يديم الذكر بالامعان والفكر في جميع الشأن ليغرس التحقيق باليقين في قلبه بحق والتمكين حتى يكون عند موت جسمه حي الحجاب نوره وعلمه قوله حتى يكون عند موت جسمه حي الحجا يعني حي العقل والمراد بقاء ذكره بعد موته بنشر معارفه وعلومه اذا مات نعم. طوبى لمن طاب له فؤاده بالعلم والتقوى عليه زاده. فسار في الحق على طريقة في الحق تهديه الى الحقيقة على اتباع المصطفى مبنية في القول والفعل وعقد النية. هذا اخر البينة وتمام المبينة وهذه الابيات التي ختمت بها البينة هي مقتطعة من الفية السند للعلامة الزبيدي رحمه الله تعالى وهي الفية نظم فيها اسماء شيوخه واسانيدهم وجعل خاتمتها في ادب العلم وكيفية تحصيله مما ذكرنا بعضه وهي نافعة في هذا الباب وبتمام هذه الابيات نكون قد فرغنا بحمد الله عز وجل من الكتاب الاول وهو كتاب البينة اكتبوا في طبقات السماع الطبقة الاولى سمع علي جميع لمن كان سمع الجميع ومن عليه فوت يضبط فوته. يعني بعض الاخوان اللي خرج عنده مكالمة ورجع يضبط اذا كان خرج اثناء القراءة عليه فوت يضبطه. فان لم يضبطه فان الله يعرفه اللي ما يضبط سماعه يخرج له من يحفظه له الله عز وجل لا يضيع دينه بعض الناس يقولون كيف نعرف فلان سمع ما سمع هذا ليس لك هذا الى الله عز وجل. قال ابن المبارك لو ان احدا بات يحدث نفسه انه يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لاصبح والناس يقولون فلان كذاب يعني ان الدين محفوظ بحفظ الله سبحانه وتعالى. سمع علي جميع البينة في لباس العلم الاسم المكتوب عندكم ان كان تاما صاحبنا الفراغ الثاني بقراءة غيره يعني انتم سمعتم بقراءة الاخ بقراءة غيره صاحبنا ويثبت احدكم اسمه تاما فتم له ذلك في مجلس واحد ثم له ذلك في مجلس واحد في الميعاد المثبت في نسخته وين مثبت في نسخته اذا حضر الانسان مجلس علم يبتدأ في اوله يكتب بداية المجلس اذا كان الاول بداية المجلس الاول مثل نحن اليوم بداية المجلس الاول بعد الفجر تاريخ كذا وكذا فاذا ختم انتهى المجلس يدون الوقت فاذا كان متعدد المجالس عرف يقرأ كتاب فيه ثلاث مئة مجلس على شيخه ويعرف كل مجلس متى قرأه في اي يوم قرأه وبعضهم يكون ذكيا في كتب في هذا المجلس في هذا المجلس حضر فلان وفي هذا المجلس نزل المطر او في هذا المجلس علمنا بكذا وكذا يدون هذه الوقائع لانها من تاريخه العلمي وجدت له روايته عني اجازة خاصة من معين لمعين في معين من معين يعني المجيز لمعين وهو احدكم في معين وهو كتاب والحمد لله رب العالمين وكتبه صالح بن عبدالله ابن حمد العصيمي يوم اضربوا على كلمة ليلة يوم الاربعاء كم التاريخ العاشر انه بالتاريخ الهجري يعني التاريخ الاسلامي العاشر من ايش؟ من ربيع ما في التاني الاخر من ربيع الاخر سنة اربع وثلاثين بعد الاربع مئة والالف في مسجد ولا جامع تسمونه انتم جامع عمر بن الخطاب ولا مسجد عمر بن الخطاب جاء عمر بن الخطاب بمدينة الدوحة جزاكم الله خير. موعدنا ان شاء الله تعالى بعد صلاة العصر في الكتاب الثاني. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته