السلام عليكم ورحمة والحمد لله الذي جعل العلم للخير اساس الصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للناس وعلى اله وصحبه البررة الاكياس اما بعد فهذا شرح الكتاب السابع من برنامج اساس العلم في سنتها الرابعة اربع وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وخمس وثلاثين بعد الاربع مئة والالف في مدينتها الرابعة خميس مشيط والكتاب المقروء فيه هو البينة في اقتباس العلم والحذق فيه لمصنفه وصالح ابن عبد الله ابن حمد العصيمي اه بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين قلتم حفظكم الله تعالى في كتابكم الله تعالى في كتابكم البينات في اقتباس العلم والحق فيه بسم الله الرحمن الرحيم الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى فله الحمد في الاخرة والاولى واصلي واسلم على محمد واله صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اما بعد فانه لم يكن الذين يقتبسون العلم منفكين عن خبطهم زائلين عن خلطهم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة موضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم. وقضي لي فيما سلف تصدير مقيدة في مدارج العلم بعشر وصايا غرقت وغربت ما شاء الله فتلقفها فئام يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون ثم حسن لي موفق سلني سل نصالها وبوح وصالها توسعة في الافادة فاجبت الداعي وحققت مؤمله فابرزت البينة فابرزت البينة في اقتباس العلم والحزق فيه من خدرها تنفع الملتمس وترفع المقتبس وتدفع المختلس والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. بين المصنف وفقه الله في ديباجة هذه الرسالة ان طلاب العلم لن يزالوا اخذين في خبطهم متقلبين في خلطهم جهلا منهم في الطريق الموصل الى العلم. فينشأ من ذلك ذهاب زمن كثير في فائدة قليلة قال ابن القيم رحمه الله تعالى والجهل بالمقصود والطريق تضيع به تضيع به عمر كثير مع فائدة قليلة فاعظم الجهل المورد الهلكة في المطالب التي يريدها الانسان يرجع الى ثلاثة احد الى احد ثلاثة امور او اولها الجهل بالمقصود الذي يراد الوصول اليه والفوز به وثانيها الجهل بالطريق الذي اذا اخذ به مبتغي مقصوده وصل اليه وثالثها الجهل بالافات التي تعرض في ذلك الطريق فيسري الى ملتمس مطلوب ما ومن جملته العلم خلل في تحصيل مطلوبه باعتبار ما يقارنه من الجهل في واحد من هذه الامور الثلاثة والمخرج منها ان يتبين المرء مطلوبه فيكون معلوما له فيدرك حقيقة ما اولا ويدرك الطريق الموصل اليه ثانيا ويدرك الافات المتوقع عروضها في اثناء الطريق ليتخلص من معرة الانقطاع في الطريق او حفظ زمانه بان لا يذهب كثير عمر في فائدة قليلة. ومن الترياق الشافي في هذا المقام هذه البينات العشر المذكورة في هذا الكتاب فان فيها طرفا حسنا من نعت المقصود في العلم طريق الموصل اليه والافات العارضة للانسان في سلوكه اليه. وقد جمعت مأخوذة من مقيدة ان قديمة تداولها بعض المنتفعين بها اسمها مدارج العلم ثم جعلت هذه البينات في صعيد واحد وجعل لها اسم البينة في اقتباس العلم والحذق فيه والاقتباس هو الاخ والحذق بفتح الحاء وكسرها ايضا فيقال الحذق والحذق وهو الاتقان والمعرفة والمهارة في الشيء وهو الاتقان والمعرفة والمهارة في الشيء فالمذكور في هذه البينة يجمع للطالب البينة الجلية في امرين احدهما كيفية اخذ العلم والاخر كيفية المهارة فيه وهي الحبر فالمهارة والاتقان زائدة عن قدر اخذ العلم نعم البينة الاولى العلم صيد وشراكه النية فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم درره ونال منه غرره ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارذله. مما لا يقصده صائب ولا يبشر به رائد. ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وبتصحيح النيات تدرك الغايات ومدار نية العلم على اربعة امور من اجتمع له كملت نيته في العلم اولها رفع الجهل عن النفس بتعريفها طريق العبودية وثانيها رفع الجهل عن الخلق ارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم. وثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. ورابعها احياءه من الضياع وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ المهيأ له القادر عليه واليهن اشرت بقول ونية للعلم رفع الجهل عن عن ما عن نفسه فغيره من النسم والثالث التحصين والثالث تحصين للعلوم من ظياعها وعمل به زكن. ومعنى عما شمل والنسم النفوس وجمع نسمة وزكن اي ثبت. ابتدأ المصنف وفقه الله بذكر البينة الاولى الموضحة رتبة النية في العلم. فان ادراك الغايات العظيمة الممدودة شرعا متوقف على تصحيح النية فيها. فقال العلم صيد فالعلم من الصيد وهو مختص بانه صيد للارواح وشراكه النية اي حبالته التي تبلغ العبد اصابة حظه منه اذا نصبها فاذا دخل العبد في العلم مع نية صالحة اصاب حظا نافعا منه قال فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم درره. ونال منه غرره. اي المعظم المقدم بين الناس فيه. ثم قال ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصم من الصيد الا ارذله مما لا يقصده صائب اي لا يبتغيه من خرج للصيد ولا يبشر به رائد. والرائد هو طريق القوم في ابتغاء الربيع عند العرب. والرائد هو طليعة القوم في ابتغاء الربيع عند العرب فكان العرب اذا راموا ان يطلبوا كلأ بارض بعثوا بين ايديهم من يستبسر لهم في وجود الربيع في الموضع الذي يقصدونه او انه لا يوجد فيه ويسمونه فاذا وفي هذه الجملة بيان ان الناس في نية العلم نوعان احدهم من صحت نيته وحسن قصده والاخر من فسدت نيته وساء قصده فالاولون رابحون والاخرون خاسرون فالأولون رابحون والآخرون خاسرون ثم ذكر ان من كنوز السنة قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل ذئن ما نوى متفق عليه واللفظ للبخاري وبتصحيح النيات تدرك الغايات. ثم ذكر ان مدار نية العلم على اربعة امور من اجتمع له قصدها كملت نيته في العلم. فالنية المطلوبة شرعا في العلم تقام على هذه الامور الاربعة فاولها رفع الجهل عن النفس عن النفس بتعريفها طريق العبودية. اي ما يوصلها الى الله سبحانه وتعالى مما يحبه ويرضاه. فان الله خلقنا للعبادة ولا سبيل الى معرفة العبادة التي خلقنا لاجلها الا بالعلم. وثانيها رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم بان يكون مقتبس العلم هاديا للناس. فيكون من نيته ان يسعى في هداية الناس. وهداية الناس يجمعها ارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم فمرشدهم الى المصالح النافعة في الدنيا والاخرة هاد لهم وثالثها العمل به اي بالعلم. فان العلم يراد للعمل ان يبتغى العلم كي يكون داعيا الى العمل معرفا به حاملا عليه مقربا منه. ورابعها احياؤه وحفظه وحفظه من الضياع لا يموت العلم ولا يضيع. فان العلم اذا ترك ربما مات بارض او ضاع بها فيكون بالنية مقتبس العلم في بلد ما ان يحفظ ذلك العلم من الضياع ويصونه من الموت وهذا يكون في بلد دون بلد. فان بقاء الفرقة الناجية والطائفة المنصورة يلزم منه بقاء العلم في الامة حتى يقضي الله امره بقبض نفوس المؤمنين. لكن الشأن في موته في جهة وضياع فيها بعد ان كان حيا ومن طوى الارض رأى من شواهد ذلك بلدانا كانت عامرة بالعلم مئات السنين واذا هي اليوم قد صوح نبتها وذهب عزها واندرس علم اهلها فلم يبق فيها طالب علم فضلا عن عالم ثم قال وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه ان يتأكد هذا المعنى من النية فيمن وجد عنده الاهلية من جودة فهم وقوة حفظ واعانة اهل وسداد عيش من الحياة فمن وجدت فيه الاهلية تحققت فيه هذه النية وتأكدت وربما صارت فروض الكفايات فرض في حقه ذكر هذا القرافي رحمه الله تعالى في فروقه وفي اخبار شيخ شيوخنا محمد الامين ابن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله ان بعض شيوخه لما رأى نباهته وذكاءه قال يا بني ان فروض الكفاية من العلوم تكون في بعض الناس فرض عين وانت منهم. يعني لما رأى من صلاحيته للعلم وذهب بعض فقهاء الوقت الى ان قروض الكفاية من العلم صارت اليوم فروض اعيان على من عنده اهلية. لضعف العلم في الامة وذهاب كثير من العلم فيها فمن كانت فيه اهلية وقدرة على العلم فانه يتأكد في حقه طلب العلم ولو كان فرض كفاية ثم ذكر المصنف انه جمع هذه الاصول الاربعة في بيتين فقال ونية للعلم رفع الجهل عم عن فغيره من النسم وثالث التحصين للعلوم منه ضياعها وعمل به زكن. نعم البينة الثانية العزم العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة فان العزائم جلابة الغنائم فاعزم تغنم واياك واماني البطالين. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة ورجفه قمر العزيمة اشرقت اشرقت ارض اشرقت ارض القلب بنور ربها وانما يحل عقدة العزم وانما يحل عقدة العزم ثلاث ايد اولها الف العوائد مما جرى عليه الخلق في رسومهم احوالهم وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي التي تكتسح العبد من قبل غيره فان لهن سلطانا على النفس يحول بين العبد وبين مطلوبه ويقعده عن مرغوب لا يدفع الا بحسم مادتهن. فالعوائد تحسم بالهجر والعلائق تحسم بالقطع. والعوائق تحسم بالرفض. فمن هجر عوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه. وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس. وتمد قوة العزم ثلاثة موارد او وتمد احسن الله اليكم وتمد قوة العزم ثلاثة موارد اولها مورد الحرص على ما ينفع وثانيها مورد الاستعانة بالله عز وجل وثالثها مورد خلع ثوب العجز والكسل وهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فجمله فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو بالقذة ومما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير المنعم عليهم من النبي المنعم عليهم من النبيين والصديقين الشهداء والصالحين فالاعتبار بحالهم وتعرف وتعرف مصاعد هممهم يثور عزمتك ويقوي شكيمتك فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم ذكر المصنف ووفقه الله في البينة الثانية ان العزم مركب الصادقين. والمراد بالعزم الارادة الجازمة فاذا وجدت في القلب فانها مركب يبلغ الصادق مراده ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة لان النفس اذا توانت تراخت فلم تنل مطلوبها. ففاتتها الغنائم واذا ان جمع في النفس عزيمتها في تحصيل امر ما ادركت غنيمتها كما قال فان العزائم جلابة الغنائم اي تدرك وتحصل بها الغنائم. فاعزم تغنم. واياك واماني البطالين. لان اماني البطالين رؤوس اموال المفاليس. قاله ابن القيم رحمه الله تعالى فالمفلس يتسلى بالاماني فرأسه من ماله الذي يعظم به نفسه هو الاماني التي يعيدها على خاطره مرة بعد مرة. ثم ذكر من قول ابن القيم في كتاب الفوائد انه قال اذا طلع نجم الهمة اي همة النفس في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض ارض القلب بنور قلبها بنور ربها اي قوي القلب فكانت له قدرة على تحصيل مطلوبه. فاذا جمع المرء في نفسه الهمة والعزيمة حصل مطلوبه الذي يقصده واشار الى الاول بقوله نجم الهمة والى الثاني بقوله قمر العزيمة. فاذا طلع في ليل البطالة انقلب ذلك الليل نورا باشراق الاشراق ارض القلب بنور الله سبحانه وتعالى لصلاحية القلب وتهيئه لتحصيل مطلوبه. ثم ذكر ان الارادة الجازمة تنحل بورود ايدي مفسدة عليها اولها الف العوائد وهي العادات التي ترسمها الناس وارتضوها. فان الفها قيد فمن اعتاد عليه الناس قيد بهذا الالف فان الالف قيد وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته. مما يجده المرء في باطنه وهو ما تميل اليه نفسه وتشتهيه وتطلبه. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي تكتسح العبد من قبل غيره فهي الحوادث الخارجية التي تعرض في طريق طالب امر ما فالفرق بين العلائق والعوائق ان العلائق ترجع الى الداخل والعوائق ترجع الى الخارج بل العلائق الحوادث الداخلية والعوائق الحوادث الخارجية ثم ذكر ان لهؤلاء سلطانا على النفس يحول بين العبد ومطلوبه ويبعده عن مرغوبه لا يدفع الا رسم مادتهن اي قطعها واستئصالها بالكلية. ثم ذكر ما تحسم به كل واحدة منهن فالعوائد تحسب بالهجر فالعادات التي الفها الناس وتقيدوا بها تحسم بهجرها ومصارمتها وتركها فلا يوافقهم عليها ولا يجامعهم فيها واما العلائق فتحسم بالقطع اي بعدم مواصلتها بان تنزع من النفس فاذا كان في نفسه ميل الى الفرجة والانس والنزهة وعشرة الخلق فانه يغالب نفسه حتى ينزع منها هذا الوارد ويصدمه من قلبه صرماء ثم ذكر ان العوائق تحسم بالرفض بالا يجيب اليها ولا يستسلم لها. فاذا هجم عليه شيء من العوائق وهي الحوادث الخارجية فانه يجاهده ويدافعه ولا يستسلم له. ثم قال فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه اي تحكموا فيها القادر عليها ثم قال وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس اي ان قدرة العبد على صرم هذه المعاني حسمها من نفسه اجل من حسام الرؤوس الذي يفخر به الملوك فان الملوك يفخرون بسلطانهم والفخر على الحقيقة هو لمن يملك نفسه. فيجعل زمامها بيده ويتحكم فيها فيما تقتضيه مصلحتها في معاملة العوائد والعوائق والعلائق ثم ذكر ان قوة العزم وهي الارادة الجازمة تقوى بامدادها بثلاثة موارد هي بمنزلة الينابيع. التي متى امدت بها الارادة الجازمة قوية فاولها مورد الحرص على ما ينفع. فاذا كان العبد حريصا على ما ينفعه قوى ذلك عزمه وثانيها موجد الاستعانة بالله عز وجل. لان العبد لا قدرة له على تحصيل مطلوباته الا بعون من الله عز وجل اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده ثم ذكر المولد الثالث وهو خلع ثوب العجز والكسل فمن اراد ان تقوى عزيمته فليخلع عن نفسه قميص العجز والكسل وليتجرد منهما فان اذا اعتليا الانسان تحكم فيه فسلباه من تحصيل مطلوباته لانه يقعد متقاعسا منكسرا دونها بالعجز والكسل الذي به ثم ذكر ان هذه الموارد المقوية للعزم جاءت في حديث ابي هريرة عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فجمله الثلاث فجمله الثلاث منابع الموالد واحدا واحدا حجو القذة بالقذة والقذة ريشة السهم والمعنى انها متحاذية متناظرة اخذ بعضها لبعض ثم ذكر ان مما يحرك العزائم ادمان مطالعة سيد المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فان المرء ربما فتر في سيره. وضعف في مشيه ومما يظعف سيره ان يسدي اليه استطالة الطريق. قال ابن القيم رحمه الله من استطال الطريق ضعف مشيه اي من رأى ان هذا الطريق طويل فانه يضعف عن يضعف عن السير فيه وان مما يعين المرء على قوة السير في طريقه ومواصلة ابتغاء مطلوبه ان يدمن النظر في سير الموصوفين بالخيرية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فانه انفع شيء للطالب. قال ابو الفرج ابن الجوزي لا اجد شيئا فعلى الطالب من اجمال النظر في سير السلف. لا اجد شيئا انفع للطالب من ادمان النظر في سير السلف لان العبد يقوى بالشاهد الذي يدركه. فاذا رأى من شواهد احوال الناس ما يقويه على العلم او العبادة او الجهاد او غيرها حفزه ذلك على الاقتداء به. واقوى منه ان يكون الشاهد حاضرا فمن تهيأ له عالم كامل او صالح من الاماكن او من يقتدى به منكما الخلق فان انتفاعه به اكبر من قراءته في السير فان من صحب هؤلاء ينتفع انتفاعا كثيرا كما فقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في فصل عقده في صيد الخاطر ثم قال فيه فرأيت ان الانتفاع بالفعل اقوى من الانتفاع بالقول لما ذكر حال من صحبهم من الناس فرأى فيهم من رأى من اهل من اهل البطالة ثم رأى فيهم من اهل الفضل والنبل من العلماء الذين اخذ عنهم وذكر من احوالهم ثم ذكر ان الانتفاع بالفعل اقوى من الانتفاع القول وعلله المصنف بقوله فالاعتبار بحالهم وتعرف مصاعد هممهم يثور عزمتك ويقوي شكيمتك. يعني انفتك فاذا طالعت احوالهم بها قويت نفسك وسارت عزيمتك فحرصت على الاقتداء بهم فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم وذكر ابن الجوزي انه لاجل ذلك صنف في سير جماعة منهم على وجه الافراد كسيرة الحسن البصري والسيرة معروف الكرخ وسيرة احمد بن حنبل. فهؤلاء وامثالهم ممن ينتفع في قراءته في نعم البينة الثالثة التبحر في العلم فضيلة والمشاركة في كل فن غنيمة. قال يحيى ابن مجاهد رحمه الله كنت اخذ من كل علم طرفا فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول غمة عظيمة. قال ابو محمد ابن من كتيبة الاندلسيين عقب ذكره له ولقد صدق. وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني. قول ابن الورد من كل فن من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة فيقعد عن عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله اليه وهذا ضرب من الحرمان فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار ومنازله الاولى فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. ومن خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعض. فما الى النورين القرآن والسنة وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحدا كان الارتباط واضحا. قال الزبيدي رحمه الله في الفية السند فان انواع فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعظ مرتبط والتفريق بينها على فن واحد دون تحصيل اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها ثم ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه. اما بلوغ اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة جميعا فليس متهيئا لكل احد بل يختص به الله من يشاء من خلقه وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه وتجشم العناء حتى حتى ينال حتى ينال المنى. لاستسهلن الصعب او ادرك المنى. فمن قادت الامال الا لصابرين. ذكر المصنف وفقه الله البينة الثالثة وفيها بيان ان التبحر في العلم فضيلة يعني التوسع فيه فالتبحر تفعل من البحر وهو موضوع في كلام العرب للاتساع ومنه سمي الماء الكثير بحرا وان المشاركة في كل فن غنيمة في ان يصيب حظا منه وذكر كلام يحيى بن مجاهد رحمه الله انه كان يقول كنت اخذ من كل علم طرفا. اي قدرا معرفا به فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول امة عظيمة اي يلحقه بسببه غم عظيم ذكر هذا ابن حزم في رسالته التي ذكر فيها مراتب العلوم في مجموع رسائله المنشور في عدة اجزاء ثم قال ولقد صدق اي صدق في قوله المرأة اذا سمع ناسا يتحدثون في امر ما وهو غير مدرك لما يقولون ولا عارف بما فيه يتكلمون فانه تلحقه امة عظيمة. لان النفس الحرة الشريفة الابية لا ترضى بالدون ومن مقام الدون ان يحضر المرء مجلسا يتكلم فيه اهله وهو لا يعرف معنى ما يتكلم ما معنى ما يتكلمون فيه من العلوم وقول المصنف في وصف ابن حزم كتيبة الاندلسيين اي بمنزلة الكتيبة من الجيش اي بمنزلة الكتيبة من الجيش لكثرة علومه وجلالة فضله. ثم ذكر ان من الابيات الممدوحة عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الورد من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار يعني له رغبة في التطلع الى ما ادخر من معاني العلوم عند اصحابها واربابها. ثم ذكر انه يقبح بالمرء انه يقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة. فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه تباعدوا عنه مع قرب وصوله اليه. فهو ذا قدرة فهو ذو قدرة عليه لو اراده. لكنه الهمة فنفسه لا تطمح الى ادراكه فيكون راضيا بالدون وهذا من اشد العيوب حتى قال المتنبي ولم ارى في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام ثم بين ان هذا ضرب من الحرمان فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار الاولى وهي الجنة جعلنا الله واياكم من اهلها. كما قال ابن القيم فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم ثم بين المصنف ان من خصائص علوم الديانة اي ما اختصت به عن غيرها من العلوم ارتباط بعض ببعض فالعلوم الشرعية يأخذ بعضها برقاب بعض ويبلغ بعضها بعضا لان لها اي منتهاها الى النورين القرآن والسنة القرآن والسنة وهما وحي من الله فاذا كان المنبع واحدا كان الارتباط واضحا. قال الزبيدي في الفية السند فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض اي اخذ بعضها برقبة غيره من العلوم فلا ينبل احد في علوم الشريعة حتى يصيب حظا منها بان يدرك اصلا في ذلك الفن يطلع منه على جمل مسائله. ثم قال والتفريق بينها بالاقتصار على فن تحدون تحصيل اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة ان من جادة اهل الدنيا المطروقة انهم يكتفون بنوع واحد من معارفها فتكون لاحدهم معرفة بالطب او معرفة بالهندسة او معرفة بالكيميا او غير ذلك من انواع المعارف المشهورة بينهم. واما علوم الشريعة فلا يمكن وجود معرفة تامة عند العالم بها حتى يصيب اصلا حسنا من كل علم ثم يأخذ بالتوسع بعد ذلك فيما يشاء من العلوم. ثم قال بعد ذلك منبها الجادة الموصلة الى كيفية تحقيق ارتباط العلوم الشرعية بعضها ببعض قال وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها فيأخذ من كل فن اصلا. حتى يتقن اصل ذلك الفن. دون اتساع فيها اي بلا توسع في اصول الفنون ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه اي بعد فراغه من بناء ملكته العلمية بان يصيب حظا في كل فن بحسب ما يكون في اصل ذلك العلم يتشاغل بعد ذلك بما شاءه من العلوم مما وجد قوته فيه وقدرته عليه فاذا رأى نفسه مائلة الى علم تلك العلوم وله قدرة عليه فوق غيره من العلوم تشاغل به ولم يكن ذلك ذما في حقه بل هذه هي حال الكمال في اكثر الناس. واما ما غير ذلك فهو على الندرة كما قال اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة جميعا فليس متهيأ لكل احد بل يختص به الله من يشاء من خلقه. وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه العنا حتى ينال المنى اي من ادرك ان هذه الرتبة وهي بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة كلها انها ليست لكل احد بل هي خصيصة يختص الله بها من يشاء من خلقه فان النفس الشريفة تتطلع الى هذه الرتبة وتحمل بكل ما اوتيت من قوة لبلوغها ثم ذكر البيت السيار لاستسهلن الصعب او ادرك المنى يعني حتى ادرك المنى فمن قادت الامال الا لصابر نعم. البينة الرابعة ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل علوم المقاصد والتفقه في الوحيين. فلا يشتغل بغير بها الا بقدر ما يقف به على مقاصد العلم المنظور فيه. دون ادامة نظر تبلغه غورة. فان العلوم الالية كثيرة عدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة اعلم ان العلوم المتعارفة متعارفة بين اهل العمران على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات هي الة ووسيلة لهذه العلوم. فاما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها. وتفريع المسائل شاف الادلة والانظار فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من ملكته وايظاحا لمعانيها المقصودة. واما العلوم التي هي لغيرها مثل العربية والمنطق وامثالها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير الغير فقط ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل لان ذلك مخرج لها عن المقصود اذ المقصود منها ما هي الة الله لا غير؟ فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود. وصار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على بطولها وكثرة فروعها. وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات. لطول وسائلها مع ان شأنها اهم والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة انتهى كلامه. ولا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون نهازا للفرص مبتدئا للعلم من اوله اتيا له من مدخله منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر اهله ملحا في ابتغاء درك ما استصعب عليه غير مهمل له. قال الماوردي رحمه الله في ادب الدنيا والدين. فينبغي لطالب العلم الا يني في طلبه وينتهز الفرصة به فربما شح الزمان بما سمع وظن بما منح ويبتدأ من العلم في اوله ويأتيه من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه ما لا يسعه جهله فان لكل علم فضولا مذهلة وشذورا مشغلة انصرف اليها نفسه قطعته عما هو اهم منها انتهى كلامه ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به ان ذلك مطية النوكاء وعذر المقصرين. ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر كان كالقناص. اذا عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا. اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعا. كذلك العلم. طلبه صعب على من جهله سهل على من علمه لان معانيه التي يتوصل اليها مستودعة في كلام مترجم عنها. وكل كلام مستعمل فهو يجمع لفظا مسموعا ومعنى مفهوما. فاللفظ كلام يعقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب انتهى كلامه ذكر المصنف ووفقه الله في البينة الرابعة انه ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل علوم قاصد والتفقه في الوحيين لانها هي المقصودة بالذات فالمراد في العلم المطلوب الموصل الى الله هو العلم الذي انزله الله عز وجل في كتابه واخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في سنته. فلا يشتغل بغيره اي من العلوم الا بقدر ما يقف به على مقاصد العلم المنظور فيه. اي بقدر الخدمة لعلوم المقاصد فان العلوم الالية تراد لخدمة العلوم الاصلية دون ادامة نظر في العلوم الالية تبلغ غوره فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة الملح للطعام ان زادت وان نقص ثاء فيأخذ منه فيأخذ منها بقدر ما تحصل به خدمتها للعلوم الاصلية للقدرة على فهمها وادراكها. ثم ذكر كلام ابن خلدون في ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين يعني اهل الحضارة لا اهل البادية على الصنفين احدهما علوم مقصودة بالذات وهي ما يراد الانتفاع بها. وتلك عندنا اهل الاسلام هي العلوم الشرعية الواردة في كتاب والسنة والاخر علوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم وهي العلوم التي يراد منها الوصول الى العلوم المقصودة بالذات فهي بمنزلة السلم الذي يوصل اليه الى البيت. فالعلوم المقصودة بالذات هي العلوم الشرعية التي هي بمنزلة البناء المشيد والعلوم الالية هي بمنزلة السلالم التي يصعدها للوصول الى ذلك البناء المشيد فما كان من الاصلية فلا حرج في توسعة الكلام فيه وتفريع المسائل واستكشاف الادلة والانظار فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من ملكة وايضاحا لمعانيه المقصودة. واما العلوم التي هي الة كعلم العربية او الاصول او غيرهما فلا ينبغي اي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع فيها المسائل لان ذلك خروج عن المقصود فالمقصود منها كونها خادمة للعلوم الاصلية. فاذا رفعت فوق هذه المرتبة اشغلت عن تلك الاصلية ثم ذكر ان الطالب لا يتأتى له الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد الوسائل حتى يكون نهازا للفرص. اي مغتنما لها فاذا له فرصة انتهزها ولم يفوتها. وينبغي ان يكون مبتدأ مبتدأ للعلم من اوله لان للعلوم اوائل ومن اتى للعلوم ومن لم يأتي للعلوم من اوائلها لم يصبها فانك اذا طالعت فنا من الفنون وجدت اهل هذا الفن مطبقون على البداءة بباب من ابواب ذلك العلم فمن اراده اتى من اول العلم. فالفقهاء متى؟ لا يبتدأون بكتاب القضاء. وعامتهم ولا سيما عند الحنابلة يجعلونه اخرا فالذي يبتدئ الفقه من كتاب القضاء غير مبتدأ له من اوله فلا يدركه واهل العلوم اذا رتبوها على امر ما فانه ليس اعتباطا ولكن لصلة بين تلك المطالب العلمية ثم قال اتيا من مدخله فان العلوم لها مداخل مرتبة وهي المختصرات التي وضعها اهل العلم. والطريقة التي ارتضوها فان العلم له مراتب ودرجات والاخذ بمدخله ان يأتي المرء من هذه الدرجات واحدة واحدة فيترقى فيها مبتدأ بمختصرات الفن ثم ما فوقها فما فوقها. منصرفا عن التشاغل بطرد ما لا يضر جهله. لانه اذا انشغل به فوت عليه الزمن اللازم له. ملحا في ابتغاء درك ما استصعب عليه. غير مهمل له. فما عليه من العلم الح في طلبه اي اشتد بالاعادة والتكرار حتى يدركه ولا يهمله فان اهماله يفضي الى تركه شيئا من العلم ثم ذكر المصنف كلاما للماوردي يصدق هذا المعنى قال فيه فينبغي لطالب العلم ان لا يني في طلبه يعني الا يقصر في طلبه وينتهز الفرصة به فربما شح الزمان بما سبح وظن بما منح اي ربما لم يتهيأ لك ما كان متهيأ لما بما كان متهيأ لك قبل ثم قال وينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما تصحب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا له في ترك الاشتغال به اي اذا لم يقدر عليه فان ذلك مطية النوكى والنوكى جمع انوك. وهو الاحمق ثم قال ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعدى اركان خلق النار يعني الصياد الذي اذا امتنع عليه صيد تركه فاذا سنحت له مصيدة ثم عجز عنها تركها. فاذا عرضت له اخرى فعجز عنها تركها فهذا حاله كما قال فلا يرجع الا خائبا اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعة كذلك العلم طلبه صعب على من جهله سهل على من علمه وهي من احسن للبيان في طريق العلم. فمن عرف كيفية اخذ العلم سهل العلم عليه ومن لم يعرفه صعب العلم عليه. وتصديق هذا ما في صحيح البخاري من حديث في معن ابن محمد الغفاري عن ابي سعيد المقبلي عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر الحديث والعلم الذي نطلبه هو علم الدين والدين موصوف باليسر. فالعلم الذي هو علم الدين لابد ان يكون يسيرا واضحا هينا بينا. وانما صعبه الناس وشقوا به على غيرهم لما اختطوه من الطرائق تارة يأخذ احدهم بتدريس العلم على نحو لم يعرف تدريسه فتجد احدهم مثلا ينعت كيفية دراسة العقيدة بان يأخذ ملتمس علم مسألة عقدية من القرآن فيبتدأ بالقرآن من اوله فاذا وقعت له مسألة عقدية اخذها فقرأ في التفاسير ثم قرأ في كتب الاعتقاد ثم قرأ في كتب الفرق حتى يحيط علما هذه المسألة العقدية ثم يتم اخذ علم اعتقادي على هذا النحو فان هذا شيء ما قال به احد من قبل وانما هو من مبتكرات اهل الزمان. وترى احدهم يقول ان الفقه يدرك بان تعمد الى اصل في فقه الحنفية واصل في فقه المالكية واصل في فقه الشافعية واصل في فقه الحنابلة فتأخذ باب المياه عند الحنفية ثم المالكية ثم الشافعية ثم الحنابلة. لتكون بعد ذلك عالما بالمذاهب اربعة والنتيجة انه يكون جاهلا بالفقه كله ليس بالمذاهب الاربعة لانه سلك طريقا لا توصل الى العلم ولا اخذ بها احد من قبل فشق بعظ الناس على الناس بمثل هذه المبتكرات وشق خلق اخرون بتدريس المختصرات المعروفة لكن على الطريقة المعروفة فان المختصرات المعروفة تؤخذ على درجات فتارة يوضح يوضح فيها مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية وتارة يستوفى بيان ذلك وتارة يقرر على شرح لها وتارة يقرأ شرح مطول متن معتمدا في ذلك الفن فيأخذ الطالب العلم بهذه الجادة شيئا فشيئا. نعم البينة الخامسة مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على تلقي الاصول تحفظا وتفهما. فان افراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكمله. وبها ابتداء العلوم من اوائلها واتيانها من مداخلها. وهي سلم لقائي الى الحذف بالعلم وتحصيل ملكة الفن فان الحذق يدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم قواعده وثانيها الوقوف على مسائله. وثالثها استنباط فروعه من اصوله. وايسر سبيل وايسر سبيل للتحقق في هذه الامور الثلاثة بقر الاصول واستبطان منطوقها ومفهومها حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفس مقاصدها فيصير الممارس لها ذا حذق وبصيرة بها. قال ابن خلدون في في مقدمته بعد كلام سبق. وذلك ان الحذق في في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده. والوقوف على مسائله استنباط فروعه من اصوله وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن المتناول حاصلا. وهذه ملكة غير الفهم والوعي لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا بين منشدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ فيه وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم النحرير والملكة انما هي للعالم او في البنون دون من سواهما. فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي انتهى كلامه. ذكر المصنف وفقه الله في الخامسة ان مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على تلقي الاصول والمراد بالاصول عمد العلم من الكتب التي تتابع العلماء على جعلها اصلا لبناء علم ما فانك اذا اتيت الى علم العقيدة السنية السلفية وجدت ان ان اهل العلم تتابعوا على تدريس متون معتمدة يأخذها الطلاب فهما وحفظا وفهما وقل هكذا في سائر العلوم. فهذه الكتب هي الحقيقة باسم اصول العلوم وذلك يحصل بالاقبال عليها تحفظا وتفهما. فيجمع اخذها بين حفظ مبانيه وفهم معانيها. ثم قال فان افراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكملها وبها ابتداء العلوم من اوائلها واتيانها من مداخلها. فلو جعل المرء وكده في اخذ العلم ان يحسن اخذه لهذه الاصول حفظا وفهما ما ضره ان لم يقرأ اكثر كتب الدنيا وهي الذي كان عليها العلماء في سبيل فيما سبق فان الكتب كانت عندهم قليلة لكنهم كانوا يأخذون هذه الاصول فيحفظونها ويفهمونها فيبنون عليها علما والتدنيس والافتاء والقضاء فكان هاديا فكان هذا كافيا في نبلهم وظهور فضلهم والانتفاع بهم ثم قال بعد ذلك وهي سلم الارتقاء الى الحدق في العلم وتحصيل ملكة الفن. فان المرء لا يرتقي الى في العلم حتى يؤسس اصوله. فاذا اسس اصوله وشيد قواعده هان عليه ان يرتفع الى مرتبة اعلى وهي المهارة والاتقان لعلم ما ثم بين ان المهارة في علم ما تدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده وثانيها الوقوف على مسائله وثالثها استنباط فروعه من اصوله. فاذا وجدت هذه المعاني الثلاثة صار المتصل بها حادقا في العلم. ثم بين ان ايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر الاصول يعني شق الاصول واستبطان منطوقها ومفهومها اي استدخالها حتى تكون مضمومة في قلب الانسان مبنا ومعنى نطقا وفهما. ثم قال فيمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفس مقاصدها. فيصير الممارس لها ذا حدق وبصيرة ثم اورد كلام ابن خلدون وفيه ان الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول لملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله. والملكة هي الهيئة الراسخة. فان الهيئة على درجات واعلاها كونها هيئة راسخة اي ثابتة في النفس. ثم قال ومن لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن المتناول حاصلا. ثم قال منبها الى حقيقة الملك وهذه الملكة غير الفهم والوعي. ففهم المسألة ووعيها شيء. وكون العبد مستوليا على ملك في ذلك الفن شيء اخر كما قال ذاكرا استواء الناس فيها ثم قال والملكة انما هي للعالم او الشادي في الفنون يعني من اخذ بنصيب وافر. فالشادي في العلم الذي اصاب حظا وافرا منه. دون ما سواهما فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي. فلا ينبغي ان يكون منتهى الانسان من اخذ فن هو مجرد فهمه فان الفهم هو الصورة الظاهرة التي يشترك فيها الناس لكن المهارة في العلم هو ان يدرك الانسان حقائق هذا علم وتمتلئ بها نفسه ويعي مواردها ويستبطن معاقدها ويدرك حقائقها ويقف على الفاظ اهل الفن المستعملة فيها فيمكنها ان يرد بعضها الى بعض وان يحمل بعضها على بعض فتكون له قدرة على حل المشكلات وبيان المعضلات فان هذه الرتبة لا تتهيأ الا لمن صار له العلم ملكا واما الذي يصير عنده العلم مجرد فهم عام له فانه يقف قاصرا عن رتبة من له يد في الفن بحيث تكون مسائل واضحة بين عينيه بينة لا يخبأ شيء منها عنه. ويرد بعضها الى بعض ويصدق بعضه بعضها ببعض اذا مرت مشكلة في في علم ما او كلام لاحد من اهل العلم عرف وجهه وان هذا الكلام وجه كذا وكذا كالذي تقدم في بعض المجالس من كلام لابي العباس ابن تيمية من ان النذر كالحلف بالمخلوقات فهو لا يريد انه مثله من كل وجه. لكنه بين في قاعدة له في العقود ان الحلف كالنذر في اجتماعهما في كونهما التزاما. فالحلف التزام والنذر التزام. فيكون قادرا على رد هذه المسألة التي يتوهم اشكالها الى الاصول المقررة عند المصنف نفسه. وان لم يقدر على ردها عند المصنف نفسها ردها الى الشرع فلا يتلكأ ابدا في هذه المسألة مهما بلغ قدر الاتي فيها فان من ثبتت اصوله لم يتزحزح عن الحق ابدا مهما ظهر من الادلة كما سئل الشيخ عبدالمحسن عباس وفقه الله عن حديث ان الله يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط فقال لا يحضرني وجه هذا الحديث لكن الذي اقطع به ان العمل من الايمان عند اهل السنة والجماعة فهذا العالم الراسخ لا تتغير عليه الواردات مهما بلغت الاصول المقررة عنده. ومنهم من يكون اعلى رتبة فيمكنه ان يحمل هذا الكلام في الحديث او وفي غيره على وجه المعتد به في الشريعة. فلا ينبغي ان يتناهى طلب العلم عند احدنا الى مجرد الفهم. لكن ينبغي له ان يحرص على الاستيلاء على هذه الملكة. والاستيلاء على هذه الملكة له طريقان. احدهما التلقي عن نبهاء المعلمين التلقي عن نبهاء المعلمين الذين يكتسب منهم الم تعلم هذه السجية حتى تكون خليقة له الذين يكتسب منهم متعلم هذه السجية حتى تكون هذه حتى تكون خليقة له يعني تصير طبعا فيه فمن صحب مثلا الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله يرى ما كان عنده من ايراد الاشكالات وحلها فيحصل له تطبع مصاحبته والاخر القراءة في الكتب المؤسسة على هذا المعنى كالموافقات للشاطب واعلام الموقعين لابن القيم والاشارات الالهية للطوفي ودريت عرظ العقل والنقل ابن تيمية لكن هذه الكتب لا يترشح لقراءتها الا من بنى اصوله واسس قواعده. وهو حال قراءته وهو حال قراءته بين امرين. احدهما ان يقرأها على عالم متقن والحال الاخرى ان يراجعه فيما اشكل عليه منها. ان يراجعه فيما اشكل عليه منها. فالقراءة في هذه الكتب لا تنفع ان قرأها قبل تأصيل نفسه وتأسيس قواعده ثم لا ينتفع بها كمال الانتفاع الا ان يجعل مشكلاتها مردودة الى عالم بان يقرأ عليه هذا الكتاب. او ان يعرض ما يشكل على ذلك العالم فيقول انه ذكر كذا او ذكر كذا او ذكر كذا فما وجهه؟ فما وجهه؟ فهذه تبني في علم ملكة الفنون وهي منها شيء في التفسير كالاشارات الالهية وله تعلق بالاصول ومنها ما هو في مقاصد الشريعة وله تعلق الوصول بوجهك كتابي الموافقات للشاطبي ومنها ما هو في الاعتقاد والبدع منها ككتاب الاعتصام للشاطبي وهلم من المصنفات التي صنفها اهل العلم والملكة لا تدرك في مدة يسيرة بل تدرك في مدة طويلة ذلك الذين يكونوا تكون لهم ملكة يظهرون الخلق فتجد انه ربما سئل عن كلام ينسب الى انه كلام فلان فيقول لا يكون هذا كلام فلان ابدا تجد مشايخنا رحمهم الله يأتي بعض الاخوان يقول هذا كلام لابن تيمية فيقول لا هذا ما هو ليس صحيح انه لابن تيمية. شف النسخة هذي فيها خطأ ما تصح يعني مثل في وقع في قاعدة في التوسل والوسيلة عبارة فيها نسبة عبادة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم وهي دعاء الله ورسوله فالعارفون يقول هذه العبارة ما تصح وان لم يعرف تصحيحها لكن المتمكن يقول هذه مصحفة عنه وسؤاله. دعاء الله وسؤاله فيكون الصواب كما قال هذا العالم وكذلك مرة في موضع في كلام ابن تيمية ذكر فيه الله وذكر ان الملائكة بمنزلة الاعوان فهذا الكلام وان كان مثبتا في هذا النص لا تصح نسبته الى ابن تيمية. وتجد احدهم ربما يعرض عليه المشكلات من الاحاديث فيابى ان تكون الاحاديث صحيحة. واذكر ان الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله سئل عن حديث يتعلق بجناب الصحابة فقال اشهد بالله ان هذا الحديث موضوع قيل له صححه فلان قال وان لماذا؟ لان المعنى الذي فيه تأباه اصول الشريعة من حفظ جناب الصحابة. فالمتمكن لا تجري عليه مثل هذه المقالة. ولا اخبط علمه اما غير المتمكن تجده يبدأ يخبط خبط عشواء فمرة يقول هذا الكلام ربما يكون قول ثاني للعالم وربما هذا قاله ثم رجع عنده وربما هذا الكلام قول اخر للسلف وربما هذا الكلام نحن ما فهمناه وما فهموه المشايخ على وجهه مثل الذي صنف ان مسألة العذر بالجهل كلام ابن تيمية فيها ما فهمها جميع علماء الدعوة ائمة الدعوة النجدية وانما هو الذي باحث في الدراسات العليا فهم هذه هذا لا يمكن عند العاقل لان هؤلاء ليسوا فقط اهل علم. هؤلاء اهل صلاح اهل دين ومع زكاة النفس يقوى الفهم. ومع نجاسة نفس يظعف الفهم ومما ينجس النفس هذه الدراسات المعاصرة والمناصب والاموال وغيرها واولئك كانوا اناس لا يريدون الدنيا ولا يريدون المناصب عند من عرف فمثل هؤلاء اذا تكلموا في مسألة يتخوف الانسان ورعا. ان يتكلم بخلاف ما قالوه. لانه لا يخاطب احد الناس يخاطب اناسا عرفوا بزكاة نفوسهم انت اذا رأيت في ترجمة احدهم انه كان يصلي في اليوم ثلاث مئة ركعة او انه كان يصوم يوم يفطر يوم او انه كان يتصدق كل يوم او غير ذلك من احواله ثم تجد نفسك انت مهما بلغت من الحفظ والفهم لا تصل الى مراتبهم في العبادة وتحتاج الى جهاد طويل حتى ربما تقرب منه. اما ان تكون كاحوالهم فالامر كما قال ابن المبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح يا مساء كالمقعد ونكمل بعد الاذان ان شاء الله نعم البينة السادسة ان الوصول الى الحذق في العلم لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة. بل لا بد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا. ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول. وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد. وقد تضم اصل بين اثنين معا وتختص الاصول الموجزة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة ومفتاح الانتفاع بكل بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال يتهيأ له بذلك فهم الفن وتحصيل مسائله. ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان. مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه فتقوى بذلك ملكته في الفن. ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها ويزاد له حل المشكلات وتوظيح المبهمات وفتح المقفلات بهذه العدة الى ملكة الفن. والمرشد الى هذا كله هو هو الدراكة البصير ابن خلدون. اذ يقول في مقدمته اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيئا وقليلا قليلا يلقي عليه اولا مسائل من كل باب من الفن هي اصول ذلك الباب. ويقرب ويقرب له في شرحها على سبيل الاجمال يراعي في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يورد عليه. حتى ينتهي الى اخر الفن. وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم الا انها جزئية وضعيفة وغايتها انها هيئته لفهم الفن وتحصيل مسائله. ثم يرجع به الى ثانية في رفعه في التلقين عن تلك الرتبة الى اعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه الى ان ينتهي الى اخر الفن فتجود فتجود ملكته. ثم يرجع به وقد شدى فلا يترك ولا مبهما ولا منغلقا الا الا وضحه وفتح له مقفله فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته. هذا التعليم المفيد وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه انتهى كلامه وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية ذكر المصنف وفقه الله في البينة السادسة ان الوصول الى الحذق في العلم وهي المهارة فيه لا تتهيأ لاخذه دفعة واحدة بل لابد من تدريج النفس شيئا فشيئا اي تنقيتها في العلم شيئا فشيئا. وبين كيفية تدريج النفس فقال ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول فيدرس اولا كتابا في حال الابتداء ثم اخر في حال التوسط ثم اخر في حال الطول ثم قال وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد يعني كتاب واحد في مرتبة الابتداء. وقد تضم اصلين اثنين مع وتختص الاصول الموجبة جزاء اي المختصرة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب فالمتون المختصرة تجمع كبار المسائل في ذلك العلم كما لو نظر احدنا في المقدمة الاجر الاجرامية فانه يجد فيها عمد النحو وابوابه الكبار وفيها ابواب نحوية متروكة لما وراءها ثم تتزايد مسائل الفن في الاصول التي تكون في حال التوسط والتطويل ثم قال ومفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال. ليتهيأ له بذلك فهم الفن. وتحصيل مسائله يأخذه على وجه يبين له الاصول الكلية للعلم. ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان اي له في ايضاح مسائل العلم حتى تكون بينة عنده مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه فتقوى بذلك بالبنك ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها ويزاد له حل المشكلات وتوضيح فامات وفتح المقفلات فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن. ولو ان المتلقي اخذ من اخرها فجيء به في المختصرات ودرس على استكمال شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها وحل مشكلاتها وتوظيح وفتح وفتح مقفلاتها لهلك في العلم. وهذه هي الحال الواقعة عند كثير من المعلمين. تجده يأتي بخيره ورجله عند تلقيني المبتدئين فيجمع لهم في كلامه على المتون المختصرة المغلقات والمعضلات والمبهمات التي ربما انقطعت دونها اذهان الاذكياء في شق ذلك على المبتدئ ويطول له بذكر الخلافيات فانك ترى ربما احدا يريد ان يدرس ثلاثة الاصول وادلتها. فيقرأ على شيخه فيقول بسم الله الرحمن الرحيم اعلم رحمك الله فيقول الشيخ حسبك اعلم فعل مضارع. والفعل فعل امر. وفعل الامر اختلف فيه على قولين. هل هو اصل مستقل بنفسه؟ ام عن المضارع فذهب البصريون الى انه مستقل بنفسه. وذهب الكوفيون الى انه فرع عن المضارع. وحجته هؤلاء كذا وكذا حجة هؤلاء كذا وكذا ثم رجح ان الامر اصل بنفسه وقال وهو قسيم الماضي والمضارع والماظي والمضارع هما من نوع الفعل والكلمة ثلاثة انواع اسم وفعل وحرف والاسم هو كذا والفعل هو كذا والحرف هو كذا والمذكور عندنا هو الفعل واختار المصنف البداءة بفعل امر من العلم لان العلم هو المأمور به لقوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. وجاء به افرادا لا جمعا موافقة للاية لان التوحيد يطلب فيه متعلق النفس قبل متعلق الغير. ولذلك فان الذاكر لخطبة الحاجة يقول ان الحمد لله نحمده ونستعينه فاذا جاءت الشهادة قال واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله لان غيرها يقع فيه الخبر عن الغير واما الشهادة فلا تقع فيها النيابة على النفس وامتنعت النيابة في الشهادة عن النفس لان تحقق الاسلام لا يكون الا بها والاسلام يثبت بالشهادتين ثم المسكين الصاق صحيح وش يصير له؟ مسكين يقتله بغير سكين اقتلوا بغيز سكين وما هكذا علم الرسول صلى الله عليه وسلم ولا علم السلف. ابدا ليست هذه طريقة الشريعة. هذه تنفع في المنتهين. نعم في المنتهي. اما عموم الناس والمبتدئين العلم لابد ان يأخذهم شيئا فشيئا حتى يرقيهم. وهكذا كانت الطبقة السابقة. كانوا يترقون شيئا فشيئا فيتمكنون من العلوم فما كان يأتي الطالب للشيخ محمد ابن إبراهيم ويقرأ عليه فتح المجيد ولا شرح العقيدة الطحاوية حتى يقرأ قبل ذلك ثلاثة الاصول والقواعد وكتاب التوحيد وغيرها من المتون مجردة من الشروح الاخرى لاحد من اهل العلم. ثم بعد ذلك يرقيه الى فتح المجيد ثم بعد ذلك يرقيه الى شرح العقيدة الطحاوية ثم بعد ذلك يرقيه الى شرح السفارينية بحسب ما يحظر من المجاز فكانوا ينبلون في العلوم واما الان في هذا الاصل في الناس فضعف فيهم العلم والحاصل انه يؤخذ على هذا الترتيب ترقيا من الابتداء الى التوسط الى التطويل كما جاء في كلام ابن خلدون ثم قال ابن خلدون هذا مو بكلامي يقول ابن خلدون هذا وجه التعليم المفيد. معناه غيره غير مفيد قال وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه يعني بحسب ما يمد به من القوة فالناس يتفاوتون لكن دائما اخذ الناس بالعلم يكون بالغالب عليهم لا بمن ينبغ منهم فمن يمضغ له حال لكن الغالب ان يؤخذوا بجادة واحدة ثم قال وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية عمركم شفتوا واحد درس ثانوي مدرسة ابتدائي متوسط؟ الجواب لا فهذا في الدنيا طيب كيف في الدين؟ يجي الطالب يقرأ كتب منتهية للمنتهين يبدأ بها في العلم يأتي الى الشيخ ويقول انا احسن الله اليك اريد ان اقرب اقرأ كتاب في العقيدة وابن تيمية رحمه الله كان امام في العقيدة واحب اني اقرأ عليك قرأت تعارض العقل والنقل بعظ الطلب يشوف الكتاب يمدح ما يدري عنه. فيأتي للشيخ يقول انا اريد ان اقرأ. فمن من اهل العلم من هو ناصح؟ فيقول لا. يا ولدي ما هو بهذا اللي تقرأه اقر كذا او انت قرأت كذا ان ان قال نعم نعم وقاه الى ذلك ولو كان قرأها عند غيره. لكن لا يكون قرأ هذا ما ما يقرأ مثل هذا يدرس هذا لذلك كان الشيخ محمد ابن ابراهيم رحمه الله اذا جاءه الطالب قال قرأت شيء في العلم ان قال لا ابتدأ به على التدريج المعروف عندهم. ان قال قرأت قال ماذا قرأت يا ولدي نظر الى مقروءه ماذا قرأ؟ هل حصل ما ينبغي عليه من المتون؟ فان وجده قد حصل نقله الى الاعلى. ولذلك الشيخ حسن بن مانع رحمه الله ابن عم الشيخ محمد بن مانع قدم على الرياض بعد مقاهي مدة في قطر عند ابن عمه اخذا للعلم عنه. فلما جاء الشيخ محمد ابراهيم سلم عليه وقال له احسن الله اليك انا جاي ابطلب العلم واحب اقرأ عليه قال قرأت ثلاثة الاصول قال نعم قال قرأت كتاب التوحيد؟ قال نعم قرأت الواسطية قال نعم قال قرأت بلوغ المرام؟ قال نعم قال قرأت زاد مستقنع عندهم قراءة يعني حفظ وفهم ما هو لحاله الحين قال قال اذا قرأت ذات الموسيقى؟ قال نعم. قال له يا ولدي اجل انت تجلس عندي تدرس هنا فلن تجلس تدرس وين درست؟ قال انا درست عند الشيخ محمد بن مانع وانا فلان ابن فلان الفلاني. فكان يحظر عند الشيخ الدروس التي للمنتهين ان غطاه الشيخ لانه عرف ادراكه لكن ما يأتيه الطالب مباشرة جايب كتاب معه شاف لك كتاب طبعته حلوة ويجي للشيخ ويقول احسن الله اليك انا ابي اقرأ هذا كتاب ما يقول له اقر لا يسأل عن حال انت درست عند من درست وش قرأت من الكتب؟ وش حفظت منها؟ فيدرجه لان هذا الشيخ يريد النفع للطالب ما يريد النفع لنفسه ولذلك هؤلاء يحملون الطلبة ويأخذونهم على ما ينفعهم ولو لم يعجب الطالب لو لم يعجبه وان لم يعجبه فلا يبالي به يعني احد قرابة المشايخ الكبار رحمه الله جاءه وهو دكتور قال يا شيخ ابقرا عليك قال جبت ثلاثة الاصول يا شيخ ذات الاصول فهمناها قال لا اجيب ثلاثة رسل نقراهم فما جاء وبقي في جهله شف قرابته ودكتور ما ما فيه العلم ما فيه قرابة ودكتور انا ابي انصحك بالله احملك على ما ينفعك والذي يضرك ابعدك عنه والشيخ صالح الاطرم رحمه الله قرأ على الشيخ محمد ابن ابراهيم في الاعتقاد حتى وصل العقيدة الواسطية. فلما ابتدأها يقرأ من حفظه لحن في اولها. فقال لها الشيخ وقف يا صالح خل الواسطية الحين وجيب الاجر الرومية لما رأى حاجته الى علم علم النحو فحمله الى ما ينفعه وهو مقيم عنده وطالب مقيم عنده فكانوا يرشدون الطلبة الى ما ينفعهم فينظر الطلبة في مدة يسيرة لان علم قصده نفعه والمتعلم يأخذ بنصحه ما يقول لا شبيب الكتاب هذا لا انا ما شاء الله حظ الماجستير ولا الدكتوراه ويعني نبغى نقرا في المطولات والكتاب طبع طبعة جديدة ودنا نقراها مع الشيخ فلان هذا ما يمشي عندهم. يمشي عندهم اذا ينفعك وبهذه الطريقة سادوا. ونبلوا وظهر فظلهم. وغيرهم يبقى مدة طويلة لا ينبل بين يديه طالب لماذا؟ لانه لا ينشد الطالب الى ما ينفعه وليس بالضرورة ان يكون غير مريد للخير له لكنه لم يسلك الطريق التي توصل الى الخير كما قال ابن مسعود وكم من مريد للخير لن يصيبه. نعم البينات السابعة تؤخذ اصول الفنون حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين احدهما الاهلية في الفن في النفس والاخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم. فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء لانهم ورثة الانبياء ومن لم ومن لم يفتح له الخازن كيف ينال مبتغاه ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير هذا معنى ومن ظن انه يدرك العلم دون دون شيخ مرشد فلا يتعنى. والشيوخ لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها والذي تنبغي رعايته فيهم المذكوران انفا فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه. فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين. واوردهم موارد الاذى فاحرص على من تقدم واصفه. فان لم يتيسر مثله او من يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية. الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود. وتفهم معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما اشكل منه. الثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى ومحل هذا اذا كان الشروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلابد من ضم بعضها الى بعض او كان الطالب جيد الفهم قوي العقل. الثالث الزيادة على ثبت السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة. ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة سابقا الطالب فوق ما تقدم وكما عرف فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه. ومن اصول الملكة العلمية ما ما يمكن تحصيله ودون الحاجة الى عرضه على شيخ مع كون ذلك اكمل كالبداية والنهاية مثلا لكن لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته. وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على شيخ يكشف يكشف ومعناه ويوضح مغزاه هذا كله حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيء. اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظ وهو من نسخة مصححة للاصل على قرين له ذي معرفة بالفن. فان عدم القرين الموصوف قصد قصد غيره مع الالتزام غيره قصد غيره مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا لا ينعش فيها وليطلب بلدا يجد فيها بغيته والا بقي في في ظلمة في ظلمة الجهل والحيرة ذكر المصنف وفقه الله في هذه البينة ان اصول الفنون تؤخذ حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس سيكون العلم راسخا فيه والاخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم بان يكون مريدا نصح الاخرين عنه حسنا المعرفة بطرق ايصال العلم اليهم. وعلل ذلك بان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح تلك الخزانة في ايدي العلماء فلا سبيل الى فتحها الا بالاخذ عنهم. ثم ذكر ان شيوخ العلم لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها. والذي تنبغي رعايته فيهم هو الوصفان المذكوران انفا فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه. فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم موارد الاذى. فاحرص على من تقدم وصفه. ثم قال فان لم تيسر مثله او من يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية وسلوك هذه الطرق انما هو في حال التعذر التي يوجه اليها الانسان فليست ان يبنى عليه ولكنها بديل يقوم مقام ذلك حتى يتهيأ له الاصل. قال الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود من معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما اشكل منه. فيعمد الى ذلك الاصل العلمي فيتفهم معانيه بطريق شرح معين معتمد وما اشكل عليه يراجع شيخا عارفا في الفن هو في غير بلده لانه اذا كان في بلده اخذ عنه مباشرة لكن اذا كان عدم في بلده فانه اما ان يتصل به ويسأله او يكتب اليه ويسأله او يذهب اليه رحلة يجمع فيها مشكلات المسائل عليه فان هذا من طرق اخذ العلم والثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى يعني بان يأخذ شرحين وذلك اذا كان الشروح كانت الشروح الموضوعة عليه لا تفي بمعانيه فيأخذ شرحا اخر يضمه الى الاول ومحل ذلك اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه اي لا يفي الشرح المعروف منه له ببيان معناه فيضم اليه اخر او كان الطالب جيدا قوي العقل فهذا يترشح للنظر في شرحين او اكثر. والثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة ان يرجعوا الى كتبي هذا الفن من الكبار لكن يرجع فيها للبحث عما اشكل عليه لا ان يطالعها اصلا قال ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة يعني من من نقصها عن عدم الوفاء بالمطلوب والطالب فوق ما تقدم من الذكاء وقوة العقل. ثم قال وكما عرفت فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفن الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين الكتب ثم ذكر ترى ان من اصول الملكة العلمية يعني من الكتب التي تبني ملكة علمية للانسان ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضه على شيخ مع كون ذلك اكمل هي الاكمل ان تقرأ على الشيوخ ما تستطيع حتى ما لم يكن محتاجا فيه للقراءة على الشيخ قال كالبداية والنهاية قال لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه شيخ يكشف معناه ويوضح مغزاه يعني يراجعه فيما يشكل عليه. ثم قال هذا كله حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ اما صناعة الحفظ وهو صنو الفهم فله ان يعرض اي اذا فقد الشيخ محفوظه من نسخة مصححة للاصل على قرين ذي معرفة بالفن فلابد من وجود امرين احدهما ان تكون النسخة التي يحفظ منها مصححة متقنة والاخر ان يعرضها على قرين له متقن للفن يعني مشتغل بتعلم هذا الفن وان لم يبلغ مرتبة المعلم له فانه يفيده فيما يذكره له قال فان عدم القرين الموصوف قصد غيره اي من الاقران مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها فاذا وجد قرينا يأخذ عليه بالحفظ ولو لم يكن من اهل الفن فانه يأخذ عليه في الحفظ لكن مع على ان تكون النسخة متقنة. فان لم يجد هذا ولا ذاك فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها يعني لا يحيا فيها ومن الهجرة المستحبة الهجرة من بلد الجان الى بلد العلم كما ذكر ابو بكر بن العربي وغيره. وليطلب بلدا يجد فيه بغيته. يعني غرضه. والا بقي في ظلمة جهد والحيرة اي اذا لم يطلب لنفسه نور العلم فانه سيبقى جاهلا. ومن كانت له محبة للعلم ثم رضي ببلد الجهل بقي في نفسه حسرات حتى يموت فانه نزل بنفسه عن درجة الكمال التي كان يمكنه ان يبلغها. وهذا اخر البيان على هذه من الكتاب ونستكمل بقيته بعد صلاة العشاء باذن الله تعالى والحمد لله رب العالمين. صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين