الحمد لله الذي جعل اليه رسولا وسهل بها اليه رسولا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما ابرزت اصول العلو. وعلى اله وصحبه ما بين المنطوق منها والمفهوم. اما اما بعد فهذا المجلس الاول في شرح الكتاب الاول من برنامج اصول العلم في سنته الاولى ثلاث وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وارضع وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وهو كتاب خلاصة تعظيم العلم لمصنفه صالح ابن عبدالله ابن حمد العصيمي العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصلي رحمه الله وايا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله معظم التوحيد وصلى الله وسلم على نبيه ورسوله وعلى اله وصحبه اما بعد فهذا فهذه من كتابه تعظيم فاستخرج منه وجعل هذا النموذج من كل باب ليكون في رؤوس الطلبة شمس النهار ويترشح بعده الى العمل للذكرى. فنسأل الله لي ولهم والفوز بجوامع فضله العظيم من المطالب المعتد بها شرعا. تعظيم شعائر الله قال الله تعالى بذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. ومن جملة شعائر الله العلم الوارد في الكتاب والسنة ولا تدرك هذه المطالب المعظمة الا بامعان تعظيمها واستعمال ما ينبغي طبعا وعرفا فيها. ولما كان العلم واحدا من من تلك المطالب العظيمة المتوقفة في ادراكها وحيازتها على تعظيمها كان مما يؤمر به طالب العلم ان يلزم عظيمة لان حصول العلم لك على قدر تعظيمك له. كما سيأتي فيما يستقبل ولما كان الامر بهذه المنزلة كتب مصنف هذا الكتاب كتابا واسعا اسمه تعظيم العلم ثم اختصر منه هذه الجملة التي وصفها بقوله خلاصة اللفظ والمراد بالخلاصة نقارق الشيء فالوارد في هذا الكتاب هو نقاية الالفاظ المتعلقة بتعظيم العلم مما ورد في الاصل. وحمل المصنفة على ذلك ما ذكره بقوله اعدت لالتقاطها لمقصد الحفظ. اي حمل على تلخيص الكتاب الاصل اعداد جملة من الكلام يسهل حفظها لان الكلام اذا اريد حفظه قل لي. والاية الشاهدة على ذلك هي القرآن الكريم. فان الله سبحانه وتعالى قادر ان ينزل من الايات ما يكون ملء دواوين الخلق قاطبة لكن كانت منفعة الخلق للقرآن تتوقف على معرفته. ومما يعين على معرفته حفظه قل لفظه جمعا لمقاصده المرادة فيه. فما اريد حفظه من الكلام استحب ليستعان بذلك على حفظه. ثم قال فاستخرج منه اي من تعظيم العلم للمنفعة المذكورة وهي الحفظ اللبان اي خالص الكتاب. فان ذباب الشيء هو خالصه وجعل فيه الانمودة من كل باب. اي جعل في كل باب من هذا المختصر انموذج علامات الاصل والانموذج هو المثال الذي يحتذى واختلف في عربيتها واقدم الكتب المصنفة بهذا الاسم هو كتاب انموذج في النحو للزمخشري. واستدل بذلك على ترجيح مساحته بامامة الزمخشري في اللغة وكيفما كان فانه وان كان اصله اعجميا قول جماعة من اهل العربية الا انه عرب وصار لفظا موضوعا للدلالة على المثال الذي به ثم علل اقتصاره على الانموذج في كل باب بقوله ليكون في نفوس الطلبة نفس النهار اي الامر الواضح فان شمس النهار بينة جلية. واذا وصف شيء بانه شمس النهار او كشمس النهار فالمراد الاعلام بانه بين واضح جليل. ثم قال ويترشح بعده ان يتهيأوا بعده الى العمل والابتكار. اي الاتعاظ والانتفاع به. واصل الابتكار ثم ابدلت الدال جالا وادغمت في الاخرى فقيل الابتكار المقصود وبه الاتعاظ والانتفاع والاعتبار بما يذكر. فقلل الاصل في لفظه واقتصر من كل باب على لبابه ليكون الكتاب بينا واضحا في نفوس الطلبة اذا حفظوه ويتهيأوا بعد حفظه الى العمل بمظمنه والاعتبار به ثم ختم ديباجة كتابه بسؤال الله له ولمن تلقى عنه بلزوم معاقل التعظيم. وسيأتي بيان معناه والفوز بجوامع فضله العظيم فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا تعظيم العلم. وان يشملنا سبحانه بفضله العميم. نعم الرحمن الرحيم الحمد لله واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه على من تعلم وعلم. اما بعد فان العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه فمن ابتلى قلبه بعظيم العلم واجلاله صلح بان يكون محلا له وبقدر انصار هيئة العلم في القلب فمن عظم العلم وجنونه اليه. ولم يكن لهمتي غاية الا جاهين ولا لنفسه لذة الا في الكفر. وكأن ابا محمد الحامد رحمه الله لمح هذا المعنى وختم كتاب العلم من سننه المسمى بالمسند الجامعي كتاب واعظم شيء على الوصول الى عظام العلم ولعباده. معرفة معاقل تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة العلم في القلب فمن اخذ بها ومن ضيعها لنفسه اضاع ومن هواه اضاع فلا لا يلومن من فتر عنه الا نفسه يداك اوكتاه كنفق ومن لا يكفي العلم لا يكرمه العلم. ذكر المصنف وفقه الله ان نصيب العبد من العلم الذي اشار اليه بقوله فان حظ العبد من العلم اي نصيبه منه موقوف على حظه من على حوض قلبه من تعظيمه واجلاله. اي مرتهن به فبقدر ما يكون في قلبك من تعظيم العلم واجلاله تنال العلم. فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. اي تهيأ ان يكون موضعا للعلم. لان القلوب تفتقر الى تهيئتها للعلم. كما تفتقر الارض الجرداء الى تهيئتها طبعا فان من عمد الى ارض جرداء فوضع فيها البذر بالنذر وسكب عليها الماء بالقطر فان الزرع لا ينبت ولو انبت لم يثمر ولو اثمر لم يكثر. فكذلك القلب اذا لم يهيأ اهل العلم فانه لا ينتفع به ولا يجد منيته منه. ومفتاح تهيئة القلب للعلم ان ليس فيه اجلال العلم واعظامه. فانك تناله وفق ما لا وفق ما لقلبك من اجلال العلم عظيم ومن نقصت هيبة العلم في قلبه نقص حظه من العلم حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فربما رأيته غاديا رائحا مقبلا مدبرا على حلق وجمع كتبه ثم يعد نفسه بعد مدة صفر اليدين منه. وانما فتي العبد من نفسه قال الله تعالى واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه. قال بعض السلف ان يهتدي فلا يهتدي ويريد ان يتوب فلا يتوب. انتهى كلامه. ومثله يريد ان يطلب العلم لا يوفق اليه لانه لا ينال العلم بجودة الفهم وقوة الحفظ. وانما ينال العلم بالعطية الالهية والمنحة الربانية اذ العلم محض فضل الله سبحانه وتعالى. واذا صبرت الاية والاحاديث التي ورد فيها حوز العلم ونيله وجدت في الفاظها ما يدل على انه منة من الله سبحانه وتعالى. كقوله تعالى المتر اذا الذي اتيناه اياتنا. فهو لم يحزها بقدرته. وانما بفضل الله ومنحه له. فكذلك اذا حرم العبد العلم فانما علم بما قدمه هو من نقصان العلم في قدره في قلبه قدرا وهيبة وجلالا ثم قال فمن عظم العلم لاحت انواره عليه اي ظهر انواره عليه ووفدت اي قدمت رسل فنونه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه. ولا لنفسه للذة الا الفكر فيه. ولا ينال هذا قام الا من صلح قلبه لذلك فان المرء ربما يكون له اقبال على العلم الا انه لا يجد منه لذة ولا يمعن فيه فكره. لان قلبه لم يصلح بعد ان يكون وعاء حاملا له وانما يكون صالحا لذلك اذا كان معظما للعلم. ثم قال وكأن ابا محمد الدارمي الحاضر رحمه الله لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع بذلك لاعظام العلم فاخر كتاب العلم في سنن الدارمي باب اعظام العلم. وهذه ترجمة جليلة دالة على علو المعنى الذي اراد الدارمي ان ينبه اليه. فمهما اخذت بما تقدم من ابواب المبينة فضل العلم وطرائق تحصيله واحوال اهله واخلاقهم فانك ان لم تعظم العلم لم العلم ثم قال بعد واعون شيء اي اكثر شيء اعانة على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه ثم بين معنى المعاقد بقوله الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. يعني ان المراد معاقب تعظيم العلم الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجيلا له ومن ضيع هذا لنفسه اضاع ولهواه اطاع فلا يلومن اذ فتر عنه الا نفسه. يداك اوكتا وقوك نفقا ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. اي ان العبد اذا اخذ بهذه الاصول الاتي بذكرها من معاقل تعظيم العلم فانه يكون مجلا للعلم معظما له. فاذا اعملت هذه الاصول مما يتعلق باجلال العلم كنت معظما للعلم بذلته. وان لم تكن كذلك مضيعا لها فلا تلومن ان انقطعت عن العلم الا نفسك. كما قيل في المثل يداك او فتى وفوك نفخ ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. واذا تحققت ان العلم كما سلف منة ربانية وهبة الهية والله هو الكريم الاكرم فانظر الى حالك في سؤاله سبحانه وتعالى فان من ادمن طرق الباب فتح له ولكن الطرق يحتاج الى صدق. فان من الطارقين من يعتذر عن الموافقة على موعد بان يأتي الى من ضرب معه موعدا فيطرق بابه طرقا لطيفا لا يريد تنبيهه به وانما يريد تقديم عذري اذا لامه في تغيبه بان يقول قد اتيتك فطرقت الباب فلم ترد علي. فاذا كان الطرد قويا دل على الصدق. فمن ادمن طرق باب الكريم سبحانه وتعالى باقبال وصدق فان الله عز وجل لا يرد من اقبل عليه. واذا كان المقصود من الخلق ممن وصف بالكرم يستحيي ان يرد من سأله فان الله سبحانه وتعالى اكمل في عطيته. واجل في موهبته من اكرم الخلق قاطبة في صدق السؤال وكمال الاقبال. اسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا كما لا صدقي معه وتمام الاقبال عليه. نعم. تطهير بناء العلم وهو القلب وبحسب ظاهر القلب يكون هو العلم واذا اراد فليزين باطنه ويطهر قلبه من هل العلم بطيء لا يستطيع الا للقلب النقيم. وطاب القلب ترجع الى اسماء عظيمين احدهما طلبوا من نجاسة الفؤاد والاخر طاعته من نجاسة الشهوات. واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك اذا في ثوبك فاستجب للنظر لله الى قلبك وفيه محن ومذايا واذكروه وخطاياه. ففي صحيح مسلم عن ابي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن الى قلوبكم واعماركم. من طهر قلبه فيه العلم حل. ومن لم نجاسته ودعه العلم وارتحل قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله عز وجل لما بين المصنف وفقه الله ان نيل العلم وحيازته متوقفة على تعظيمه وذكر قبل ان تعظيمه يدرك بلزوم معاقب التعظيم وهي الاصول الجامعة في ذلك المحققة لهذا المعنى في القلب شرع يبين جملة من هذه المعاقل واحدا واحدا. وابتدأها بالمعقد الاول وهو تطهير وعاء القلب وعاء وهو تطهير وعاء العلم. لان لكل مطلوب وعاء. ووعاء العلم القلب. وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. فمن اراد العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف. لا يصلح الا للقلب النظيف. فان العلم المعظم شرعا له مقام كريم. يعدل بالجواهر الكريمة الثمينة عند الخلق. وهذه الجواهر المعظمة من ذهب فضة وعقيق وغير ذلك لا يجعلها الخلق في المزابل. وانما يجعلونها في الخزائن القوية العتيدة التي اذا حفظت فيها لم تسلب فهي صالحة لحفظها. وكذلك العلم لجلالته وشربه هو جوهر اللطيف. ولا يجعله الله عز وجل في المزبلة من القلوب. كما ان جواهر الدنيا وما عظم عند اهلها لا يجعل في المزابد فالعلم المعظم شرعا لا يجعل في القلوب التي هي كهيئة المزابل. ويكون القلب مزبلة اذا كان متسخا بامراض الشهوة لان الامراظ التي تعتمر القلب نوعان احدهما مرض شبهة والاخر مرض شهوة فالطهارة او التي تتعلق بالقلب ترجع الى ما يتصل بها ذيل المرضين. فتكون طهارة القلب موقوفة على اصلين عظيمين بين احدهما طهارته من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. واذا كان احدنا يستحي من نظر مخلوق مثله اذا وسخ وقدر يكون في ثوبه فانه مأمور ان يكون حياء من الله اعظم اذا اتسخ قلبه ان ينظر الله الى قلبه وفيه احن وبلايا وذنوب خطايا ثم ذكر المصنف تصديق ذلك من مشكاة النبوة في حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم. ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. فبين ان محل نظر الله من العبد موقعان. احدهما قلبه والاخر عمله ينظر اليه من احدنا عند ربنا عز وجل يرجع الى قلبه وعمله. فيحتاج العبد الى قلب نقي طاهر وعمل صالح ظاهر. فمتى كانت هذه حال العبد كان نظر الله عز وجل اليه نظر انعام وافضال وحفظ ورعاية وصون ووقاية واذا كان لذلك كان في المعاملة بضد ذلك. قال ابو الفرج ابن الجوزي تصفية الاحوال على قدر تصفية الاعمال وقال مطرف بن العلاء بن الشخير من صفي له ومن كدر كدر عليه فاذا صف الانسان حاله مع ربه في عمله صفى الله عز وجل له احواله في نفسه وبلغه مناه فيما يطلبه ثم قال من طهر قلبه فيه العلم حل. اي وجد ووقع. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعه العلم اي العلم وارتحل. قال سهل ابن عبد الله الدسدري رحمه الله تعالى حرام على قلب. ان يمتنع قدرا على قلب ان يدخله النور اي ان يكون فيه شيء من النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل وشاهده في القرآن قوله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغيرها ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق. قال سفيان ابن عيينة احرمهم فهم القرآن. احرمهم فهم القرآن. وقال محمد ابن يوسف الفيابي امنعهم من تدبر امري اي القرآن. فاذا كان اصل العلم وهو القرآن الكريم يحجب اذا وجد في القلب شيء من هذه النجاسات فان ما دونه يكون اولى بالحجم فيحترز الانسان فيتحرز الانسان من ان يخالط قلبه شيء من ان يخالط قلبه شيء من نجاسة الشهوة او الشبهة. وليس احد منا الا وهو مصيب حظه من الذنب. فقد كتب الله عز وجل ذلك على كل ابن ادم. ففي صحيح مسلم من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما عن الله تبارك وتعالى انه قال يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار. فاخبر ان الذنب وصف ملازم للادمية لكن العبد اذا وقع منه ذنب فانه مأمور بالمبادرة الى الاستغفار والتوبة. قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد في العقيدة التدمرية من اذنب فندم فتاب فقد اشبه اباه ومن اشبه اباه فما ظلم. انتهى كلامه. اي وقع في مشابهة ابيه ادم. فان الانسان يقع في الذنب طبيعة هذا نية وجبلة انسانية لكنه مأمور بان يعادل الى التوبة والاستغفار من الله سبحانه وتعالى. فاذا لطخ احدنا بشيء من ذلك وجب عليه ان يبادر الى التوبة منه لئلا يحرم العلم ان المعصية من اسباب رفع العلم. واستنبط او انفرج ابن رجب رحمه الله تعالى ذلك من وجه يدل على شهوف نظره وكمال فقهه وصلاح حاله. فاستنبطه مما في الصحيح من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اريد ليلة القدر فتلاحى رجلان فرفعت اي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اوتي علمها برؤيا منامية فاراد ان يخبر بذلك فاختصم رجلان على وجه المجادلة والفجور بينهما فرفع العلم بها. فاذا كان هذا اثرها في علم عند رجل لم يواقع ذنبا فكيف يكون حالها عند رجل وقع ذنبا؟ فاذا تعاهد الانسان نفسه باصلاح قلبه وطرد نجاسته التي تعتريه اعانه الله على العلم. ووفقه الى اسبابه وهيأ له نيه بما لا يكون في خلى به ولا يجول في باله لان العلم كما سلف منة محضة من الله سبحانه وتعالى. فتعاهدوا قلوبكم تفلحوا وتغنموا وفي الصحيحين عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا من وصل من السلف الصالحين الا باخلاص الا من اخلاص لله رب العالمين. قال ابو بكر المرودي رحمه الله وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله القوم وانما ينال الله العلم على قدر اخلاصه. والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول. بها تتحقق المعلمين المتعلمين قصدا. الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما عليها من العبودية. وايقافها على الامن والنهي. الثاني يوم الجامع للخلق بتعليمهم وارساءهم لما فيه صلاح الدنيا ومغفرتهم. الثالث من ديار من الضياع الرابع العمل بالعلم. ولقد كان السلف رضوان الله يخاف نفوات الاخلاص في طلب العلم في قلوبهم. سئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقالت بالله العزيز ولكنه سيد حب الي فطلبته. ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وكير. وينبغي نقاصه ان يتفقد هذا الاصل والاخلاص في اموره كلها. سرها وعلمها. ويحمل على هذا بشدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد عليها من نيتي بانها رحمه الله ربما يحدث بحديث واحد من يهديه فاذا اتيت على بعضه غير من يجري بين الحديث الواحد يحتاج الى النيات ذكر المصنف وفقه الله معقلا اخر من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص النية فيه. لان اخلاص الاعمال هنيئا اساس قبولها وسلم قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين اي حال كونهم مخلصين له الدين. وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية اي متعلقة بنية عاملها ولكل امرئ ما نوى اي حظ العامل من عمله بقدر نيته. والمأمور به في النيات ان يكون العبد مخلصا فيها لله والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله. هو تصفية القلب من ارادة غير الله والى هذا اشرت بقوله اخلاصنا لله صفي القلب منه ارادة سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا لله صف القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. ومريد الاخلاص عليه ان يتلمس تصفية قلبه من وجود ارادة سوى ارادة الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف انه ما سبق من سبق ولا وصل من وصل من الصالحين الى الدرجات الرفيعة والمقامات المنيفة الا بالاخلاص لله رب العالمين فالخلاص بالاخلاص والرفعة بقدره. قال ابو بكر المغولي رحمه الله سمعت رجلا يقول لابي عبد الله احمد بن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص. فقال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم اي بصدقهم واخلاصهم. فبقدر صدق الانسان واخلاصه يكون ارتفاعه. والفضل بين الصدق والاخلاص ان الصدق هو توحيد المراد والاخلاص هو توحيد الارادة ان الصدق هو توحيد المراد والاخلاص هو توحيد الارادة ذكره ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى. ثم المصنف ان المرء انما ينال العلم على قدر اخلاصه فلا يناله بحسبه ولا بنسبه ولا بمال وانما بقدر اخلاصه. روى الخطيب الجامع وابن عساف في امانيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال انما يحفظ الرجل على قدر انما يحفظ الرجل على قدر نيته. انتهى. فالقوى التي يمد بها الانسان من الاعانة على الحفظ والفهم موكولة الى ما له من نية. فاذا كبرت هذه النية وصلحت الله سبحانه وتعالى له من ابواب الحفظ والفهم ما لم يكن يحتسبه ويعلم منه انه لا ينبغي ان ينقطع العبد عن العلم. لانه يرى من نفسه تأخرا في حفظه او تخلفا في فهمه لان هذه القوى الظاهرة ليست هي مرد حوز العلم. وانما المرد الاعظم هو اخلاصك لله سبحانه وتعالى. فمن اخلص فتح الله عز وجل له من معين العلم ومنهجه ما لم يظنه العبد في نفسه. واذا زاد الاخلاص وكملت الحال زادت الله عز وجل لعبده حفظ وفهما وادراكا. ثم بين كيفية الاخلاص في العلم لان الاخلاص باب من الدين يتعلق بجميع الاحوال. ومن فقه العبادة ان يتعلم المرء كيفيات الاخلاص في ابواب الدين. فينبغي ان تتعلم كيفية الاخلاص في الطهارة في صلاتك. وان تتعلم كيدية الاخلاص في الصلاة لربك. وان تتعلم كيفية الاخلاص في بر والديه وان تتعلم كيفية الاخلاص في تجارتك. وتأسف ابن الحاج في المدخل على تفريط الفقهاء. في تعليم الناس نياتهم في اعمالهم. وود لو انتصب جملة منهم ليعلموا الناس النية في اعمالهم. فكم من امرئ يعمل عملا لا نيته ومن جملة ذلك طلب العلم. فاننا نسمع كثيرا الامر بالاخلاص في طلب العلم لكنك اذا التمست الحقيقة المبينة للاخلاص المأمور به في العلم افتقدتها بيانا فتفتقدها في البيان المعلن عنها وتفتقدها بالعيان المشاهد في احوال المنتسبين الى العلم. وقد بين المصنف في الجملة المذكورة المستفتحة بقوله والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول الى اخره كيفية الاخلاص في العلم. فبين انها ترجع الى اربعة اصول فالاول رفع الجهل عن نفسي اي ان ينوي رفع الجهل عن نفسه بتعريفها اي تعريف نفسه ما عليها من العبوديات. وايقافها على مقاصد الامر والنهي. فهو يريد ان يتعرف طريق العبودية لله بطلبه العلم. والتاني رفع الجهد عن الخلق اي ان ينوي بالتماس العلم رفع عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. فهو لا يريد ان يترفع عليه وانما يريد ان يرفع عنه. فهو لا يترفع عليهم بالجلوس على الكرسي وهم جلوس على الارض. ولا يترفع عليهم بان يتأثر في منصب تعليمي او عملي وهم في غيره. وانما يريد ان يرفع عنهم الجهل بتعليمهم وارشادهم الى مصالح الدنيا والدين. ثم ذكر الاصل الثالث وهو احياء العلم والمراد به حفظه من الضياع. حفظه من الضياع فينوي بطلبه العلم ان يحيي العلم وان ينعشه لان لا يضيع لان علم بهذه الامة هو اصل دينها. فاذا حفظ فيها حفظ دينها. واذا ضاع منها ضاع دينها وما ضاع من الدين اشد مما ضاع من الطين وما ضاع من الدين اشد مما ضاع من الطيب. فكم نسمع تأسفا وتحسرا على فردوس الاندلس. وغيره من المقامات العظيمة التي كانت من بلاد المسلمين. وقل ان نسمع ولا سيما باخر عن ذوات ابواب من الدين ضعف العلم والعمل بها. فانك لم تعد تسمع من يتكلم عن الجهاد محققا اياه وفق الاحكام الشرعية ولا من ينبه الى مقاصد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. بل انقلب الناس من الانفطاح الى الانبطاح واستبدلوا بهوى لان مقصود كثير من الخلق ليس نصرة الشرع وانما نصرة اهواء انفسهم. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في باب الدعوة الى شهادة ان لا اله الا الله في مسائله قال وفيه التنبيه على الاخلاص لان كثيرا من الناس لو دعا الى الله فانما يدعو الى نفسه ومن اثار ذلك غياب المعالم الشرعية. ومن صورها ان تسمع تأسفا وتحسرا على ذهاب بعض بلاد المسلمين. لكن انك لا تسمع تحسرا وتأسفا على ذهاب دين المسلمين. بل صار من المنتسبين الى الشرع من يؤطر لتغييب بعض المقامات الشرعية واظهار بدائل ينسبها الى الشرع. فمثلا الولاء والبراء لم يعد مطلوبا كما كان مقيدا في دواوين اهل العلم من اهل السنة. وانما صار الولاء والبراء متعلقه الكافر المعادي المقاتل للمسلمين. واما الكافر غير المعادي فاننا لا نؤمر ببغضه عند هؤلاء الذين طلبوا المجن وجعلوا دين اليوم غير دين الامس. والاسلام لا تغيره الايام. فالدين الذي مات عليه ابو القاسم صلى الله عليه وسلم هو الدين المطلوب المراد منا. فينبغي ان يكون من نية طالب العلم في طلب العلم ان يحفظ الدين من الضياع ثم ذكر الاصل الرابع في نية العلم وهو العمل بالعلم بان ينوي بطلب العلم العمل به اشرت الى هذه الاصول الاربعة بقول ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النزم ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه كغيره من النسم. والنسب جمع نسمة والمراد اولياء الخلق وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن يعني ثبت. ثم ذكر ان السلف رحمهم الله كانوا يخافون فوات الاخلاص في طلبه العلم فيتوضرعون عن ادعائه اي يلزمون الورع فيه فلا يدعون انهم حققوه وليس المراد بذلك انهم لم يحققوهم في قلوبكم في قلوبهم ولكنهم تبرأوا ورعا من تلك الدعوة لان الصادق مباعد للدعاوي والكاذب مغرم بها. لان الصادق مباعد للدعاوي والكاذب مغرم بها. ولا يصدق الانسان في دعواه الا اذا اقام شاهدها وبينتها ثم ذكر من كلامهم لا يصدق بذلك فقال سئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز. اي يشق علي ان اقول اني طلبت العلم الا ولكنه شيء حبب الي فطلبته. ثم قال ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير خير وفيا. قال عبدالله بن مبارك كم من عمل صغير عظمته النية وكم من عمل كبير حق ركني؟ كم من عمل صغير عظمته النية؟ وكم من عمل عظيم حقرته النية فاذا ضيع العبد الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. ثم ذكر انه ينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل اي الا يغفل عن تطلبه في نفسه في اموره كلها. دقيقها وجنينها وعنانها وعلنها ثم فبين موجب التفقد بقوله ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية اي ان معاناة النية تصحيحا واصلاحا وحفظ شديدة قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اي ما كابدت معالجة شيء اشد علي من نيتي لانها تتقلب عليه اي لان النية تتغير وتتحول وانما كانت متصلة بهذه الحال لان محلها القلب والقلب انما سمي قلبا لتقلبه. قال الشاعر قد سمي القلب قلبا من تحوله فاحذر على القلب من قلب وتحويل. فاذا كان القلب وهو انية النية متقلبا صارت النية تابعة له ثم اورد كلام سليمان كلام سليمان الهاشمي انه قال ربما احدث بحديث واحد نية اي نية صالحة فيه. فاذا اتيت على بعضه اي اذا حدثت ببعضه تغيرت نيتي فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نية. والنيات التي يحتاج اليها المراد بها تصحيح النية تصحيح النية والمراد بتصحيح النية شرعا رد النية الى المأمور به اذا عرظ لها اما يغيرها او يفسدها؟ رد النية الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيره او يفسدها. فالعوارض التي تهجم على النية نوعان. احدهما عارض يغيرها وذلك باخراجها من قصد القربة الى الاباحة المجردة. وذلك اخراجها من قصد القربة الى الاباحة المجردة. والاخر عارض يفسدها. والاخر يبصرها وذلك باخراجها من القربة المأمور بها شرعا الى ما يخالف ذلك من المحرمات. مثال الاول ان ينوي الانسان في قراءة كتاب الاطلاع عن الاحكام الشرعية فيه. فاذا غفل عن ذلك ثم تغيرت نيته الى التمتع بمفرداته بلاغة وبيان فانه يكون قد خرج من فصل القربة الى اباحة مجردة. ومثال الثاني من قرأ كتابا يستفيد علمه ثم تحولت نيته الى ان يظهر به على اقرانه وان يبز به معرفة واحاطة فخرجت من المأمور به الى شيء فاسد منهي عنه. وهذا المقام وهو مقام تصحيح النية احد المقامات التي تعرض النية وتطلب فيه لان مقامات النية متعددة ومن افرادها مقام تصحيح النية. ومن مقاماتها مقام ايجاد النية ومنها مقام تجريد النية. هذه ثلاث مقامات شهيرة تتعلق بالنية ومتعلق قوله هنا هو تصحيح النية وفق ما بينا معناه. نعم. الواقع الثالث عليه حرص عليه. هنيئا الاستعانة بالله عز وجل في تقصيره وقد جمع الخادمون ثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واسأل الله ولا تعرف. قال ابني رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصلة الا فان لم يلدوا كلهم نفقة. وقال ابن القيم رحمه وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفضائل. اذا قال بنور ويشكو بالنفس اعتبارا اعتبارا من سبق وتعرف همم القوم الماضيين. فابو عبدالله احمد بن حنبل كان حتى الناس او مسلمون وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل نبيه في ثلاثة مجالس الاطمئنان منها في ليلتي وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر. واليوم الثالث من ضهرة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب الى ربهم وكان يوم ابتدائي يصل الليل كله فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل كان يأخذ المصباح ويجحده تحت الجنة شيء من الاية العظيمة. ويتقرب للنوم فاذا رفضت اخرج المصباح فكن رجلا ثابتة وهامة سابقة ولا تكن شاب البدن اشد الهمة فان همة الصادق لا تسير. كان الوفاء العظيم تعاني من فقراء الحنابلة يرشد وهو في الثمانين. ما شاب عزمي ولا حزني ولا خلقي. ولا ولا لي ولا وان معنى ارى شعري غير صلاته وشيء في الشعر ويبشريه في الاهتمام ذكر المصنف وفقه الله معهدا من معاقد التعظيم العلم وهو جمع همة النفس عليه. فان من دلائل تعظيمك العلم ان ان ذمتك عليه. ثم بين كيفية جمع الهمة وذلك بتفقد ثلاثة امور ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة وهي طي الحديث النبوي المذكور بعده. فاولها على ما ينفع بان تقبل عليه وتعتني به. وثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله. اي العون من الله عز وجل في تحصيله. لان قواك مهما بلغت اذا خذلت لم تنفعك شيئا قال الشاعر اذا لم يكن من الله عون للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. وثالثها عدم عن بلوغ البغية منه. فلا ينبغي للعبد ان يتقاعد عاجزا عن ادراك مطلوبه الذي من امر ما وهؤلاء جمعنا في قوله صلى الله عليه وسلم على ما ينفعك واستعن ولا تعجز ثم ذكر من كلام من مضى ما يصدق ذلك من كلام الجنيد وابي عبدالله ابن القيم ثم قال وان مما يعلي الهمة ويسمو بالنفس اي من الوسائل الموصلة الى علو الهمة وسمو النفس اعتبار فرحان من سبق وتعرف همم القوم ماضين. اي النظر في سير الماضين من الانبياء العلماء والشهداء والصالحين. قال ابو الفرج ابن الجوزي لا اجد شيئا انفع لطالب العلم من ادمان النظر في سير السلف رحمهم الله تعالى. فمن اعظم الاسباب التي تنتفع بها في علو همتك وسمو نفسك في اخذك العلم ان يكون لك حظ من النظر في سير العلماء الماضين. ثم ذكر من احوالهم طرفا فمن ذلك ان الامام احمد كان وهو بعده في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ وتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به في صغره حتى يؤذن الناس ان يصبحوا اي انتظر حتى يؤذن الناس اذان الفجر او يصبحوا يظهر الصبح ويبيت ثم ذكر قراءة الخطيب البغدادي صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيني في ثلاثة مجالس. وهذا امر عظيم ذكر الذهبي رحمه الله تعالى في تاريخ الاسلام انه لا قدرة على ذلك في اهل زمانه فكيف باهل زماننا؟ ولكن من جد وجد ومن تشبه بالقوم وصل. فقد ذكر يقولون في الاوسط انه قصد محاذاة الخطيب فيما فعل فقرأ صحيح البخاري ايضا في ثلاثة مجالس في ثلاثة ايام كقراءة الخطيب رحمه الله تعالى على شيخه اسماعيل الحيني ثم ذكر ان ابا محمد ابن التبان اول ابتدائي كان يدرس الليل كله اي يعلو وقته في الليل وضرعه في ذلك ابو زكريا النووي رحمه الله فانه بقي خمس سنوات لا ينام الا اتكاء. بقي خمس سنوات لا ينام الا اتكاء والكتاب بين يديه. فكان اذا غلبه النوم اتكأ في المكان الذي اعده واتخذه طلب العلم. ثم ذكر من خبره ان امه كانت ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة. والجفنة انية عظيمة. فيتظاهر باخفائه وانه نائم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس رحمه الله فكن رجلا رجله على الثرى اي وجه الارض ثابتة وهامة همته فوق الثريا النجم المعروف سامقة اي مرتفعة ولا تكن شاب البدن لا تكن شابا في بدنك وقواك وفي همتك الباطنة الشرك اي كبير السن. ويقال لمن تقدم في السن اشيب ولا يقال له شايب في اصح قول اهل اللغة ثم قال فان همة الصادق لا تشيب فان همة الصادق لا تشيب اي المقبل على امر يرومه لا تشيب همته فانه ما حسنت به الحياة. حسن به ان يشتغل بادراك مطلوبه قيل لابي عبد الله احمد ابن حنبل الى متى يحسن للانسان ان يطلب العلم؟ فقال ما حسنت به الحياة. اذا كان الانسان لا يزال رغبا الحياة محبا لها طامعا في البقاء فيها فانه يحسن به ان يصل ماضيه ليومه ويومه بغده بطلب العلم والتماسه. ثم اورد انشاد ابي الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من الحنابلة قال ما شاب عزمي ولا حزني ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاض شعري غير صبغته والشيخ في الشعر غير الشيب فيهما. وكم من انسان لا ترى في لحيته شيبة بيضاء ويرى البصير ان في قلبه كثيرا من الشيب في ذمته. فتجده عاجزا متخابلا متضاعفا واهنا عن ادراك مطلوبه. والحر لا يرضى الا بالتحليق في جو السماء. والصادق اذا اقبل على الله عز وجل جعل له من قلبه بقلبه من الاجنحة ما تعلو به ذمته فوق نجم السماء. فاذا اجتهد كانوا في تصحيح نيته واعلاء همته اعانه الله سبحانه وتعالى. وجعل له من القوى ما يكون ابناء زمان من اقرانه متقاعدين عنه وهو يحلق فوقهم بجناحين قلبه والتحليق بالقلب اعظم من التحليق بالبدن. وكم من قلب حلق في جوف السماء قوة وهيبة مع ان بدنه لا يرتفع عن الارض بعجزه ومرضه. فتجد من الناس من قد هرم في كبر سنه. لكن ان لم تهرم همته. وقد رأيت الشيخ محمد رافع البوصيري رحمه الله تعالى محدث الحبشة وكان يدرس كتب الحديث في المسجد الحرام فاشار عليه فالشيخ ابن باز رحمه الله ان يذهب الى بلاده ليعلم الناس. رأيته وقد جاوز المئة. وهو يجلس من الساعة الثامنة صباحا الى الساعة الثانية بعد الظهر يعلم الناس ولم ينقطع عن التعليم الا قبل موته بثلاثة اشهر ومات وهو ابن ثلاث سنوات بعد المئة وقد بقي في تدريس الحديث اكثر من سبعين سنة. وقد قرأ عليه الكتب الستة رجال من ابناء الثمانين وشباب من ابناء السادسة عشر. لان همة الصادق لا تشيب فهو لا يزال مقبلا على مطلوبه مجتهدا على نفسه. فمهما وهن بدنه لا تزال همته في عافية. نعم اما عن الطالب والسنة انه لا يؤتى للمرد الى كلام لا يرجى لرسوله صلى الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ من يتحقق به الخدمة. او اجنبينا يوما فلا وما العلم في اصلهما الا المضل عن طريق علم الكتاب وعلم الآثار التي كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعده فيما لا ينفع. فالعلم بالسلف اجهل والكلام فيمن باللون اكثر. قال العلم يوما اكثر او فيما تقدم قال الكلام يوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر. ذكر المصلين وفقه الله معهدا اخر لمعاهد تعظيم العلم وهو صرف الهمة فيه. اي توجيهها الى علم القرآن والسنة لان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم. ومما يندرج في هذا الامر استمساكك بطلب علم الكتاب والسنة لانه العلم الصحيح النافع. وباقي العلوم اما خادم لهما اي الكتاب والسنة. فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة اي ما تحصل به الخدمة او اجنبي عنهما اي بعيد مفارق لهما فلا يضر الجهل به قال ابو الفاضل ابن حجر في فتح الباري وباقي العلوم اما الات لفهمهما وهي الضالة واما اجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة. انتهى كلامه. ثم استحسن قول القاضي رياض في كتابه اجماع العلم في اصلين لا يعلوهما الا المضل عن الطريق اللاحم. واللاحد يعني الواضح علم الكتاب وعلم الاذان قد اسندت عن تابع عن صاحبه. ثم بين ان هذا كان علم السلف. ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع وبين هذه الجملة بيانا تاما ابو الفرج ابن رجب في كتابه النفاع فضل علم السلف على علم الخلف. فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر. قال حماد ابن زيد قلت لايوب السختي يعني العلم اليوم اكثر او فيما انتقل او فيما تقدم. قال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر لان حقيقة العلم وجود البركة والنفع. فرب كلام كثير نفعه قليل. ورب كلام قليل كثير. قال ابن ابي العز في شرح الطحاوية فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البر بخلاف كلام المتقدمين. فانه قليل كثير البركة. انتهى كلامه. ومعناه في كلام ابي عبد الله ابن القيم ايضا. فكلام الاوائل كلام قليل. وكلام المتأخرين كلام كثير لكن النفع في الاولين احرى وذلك لصدقهم قيل يحمدون القصاب ما بال كلام السلف انفع من كلامنا؟ قال لانهم تكلموا بعز الاسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمة. لانهم تكلموا بعز الاسلام. ونجاة النفوس. ورضى الرحمن ونحن تكلمنا بعزة الناس وطلب الدنيا ورضا الخلق. ونحن تكلمنا بعزة النفس وطلب الدنيا ورضا الخلق اخرجه البيهقي في شعب الايمان وابو نعيم الاصبهاني في كتاب حلية الاولياء. فهذا هو الفارق بين كلام اول وكلام المتأخر فان كلا يعرب ببيان فصيح يجري فيه ما تعرفه العرب في لحنها من احروف وسنن. ولكنهم يتفاضلون بالمقاصد. فالاوائل يتكلمون بعز الاسلام ونجاة النفوس ورضى الرحمن والمتأخرون يتكلمون لضد ذلك فيتكلم احدهم بعزة نفسي اي اظهارها وبيان محلها. ولطلب الدنيا ولارضاء الخلق. فيكون كلام الاول انفع لصحة النية وكلام المتأخر اقل بركة لذهاب النية الصالحة منه او قلتها. فمن الاولين في مقاصدهم في الكلام وافقهم في البركة. ومن كان بضد ذلك صار حاله حال المتأخرين الى الخلق وهذا يبين لك ان حقيقة العلم ليست قوى ولا شهادات ولا رئاسات. حقيقة العلم عبودية لله عز وجل. فمن عبد الله على الكمال كان علمه على الكمال ومن خلط في هذه العبودية وقع النقص في كلامه وعلمه. نعم المعرض الخالص لكل مطلوب طريق يوصل اليه. فمن سلك جادة مطلوبها عليه وربما صار فائدة قليلة ما وقد ذكر هذا الطريق بلفظ النجاح المانع محمد محمد بن محمد سبيلي صاحبتان في يقول فيها وطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ فيهما كان معظما للعلم لانه من حيث يمكن الوصول اليه. فلما الامر الاول فحق من جامع للراجل فلابد من فكر ومن ظن انه ينال الهم بلا علم فانه يكون محالا. والمحفوظ معود عليهم هو المتن الجامع اي معتمد من يلتزم بهذين النصفين واولهم من وهي في العلم. فيكون ممن عرف بطلبهم وتأتيه حتى فصارت له ملكا قوية فيه. ولا صفيان في سننه بسند اسناد قومي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمعون ويسمع ممن يسمع منكم والعبرة بعموم الخطاب لا النصوص المخاطبة فلا يزال من عالم بهذه الامة ان يأخذ الخالق عن السارق. واما الوصف الثاني فهو النصيحة وهي بحيث يحسن تعليما المتعلم ويعلم ما يصدر له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الموافقة ذكر المصنف ووفقه الله معملا اخر من معاقل تعظيم العلم فهو سلوك جادة الموصلة اليه. اي لزوم الطريق التي تبلغك العلم. لان كل مطلوب له طريق يوصل اليه فمن سلك جادة مطلوبه وصل الى ما طلبه ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. فمن اخذ اخذا حسنا طريق العلم وصل اليه. ومن عدل عنها ظل ولم ينل المقصود. وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير وهذا الطريق المنعوت في اخذ العلم بينه جماعة من المتكلمين في هذه الحقيقة منهم الزبيدي في الفية السند. اذ قال فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح. فطريق العلم مبنية على اصبرين احدهما حفظ متن جامع للراجح. فلابد من حفظ. قال شيخ شيوخنا محمد ابن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب اجمع العقلاء ان العلم لا ينال الا بحفظ اجمع العقلاء ان العلم لا ينال الا بحفظ انتهى كلامه بلفظه او قريبا منه. ثم ذكر المصنف ان المحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع الراجح اي المعتمد عند اهل الفن. فالمحفوظ المبتغى هو متن تلقاه اهل العلم بالقبول. فاياك وحفظ متن لم يتلقاه اهل العلم بالقبول. فمن الغبن المستديم ان يترك احدنا حفظ الالفية لابن مالك الى حفظ الفية السيوط او الفية الاجهور او غيرهما من الآليات في علم العربية لان الفية ابن مالك لان الفية ابن مالك هي التي تلقاها اهل العلم بالقبول. واياك وسلوك جادة محدثة في حفظ العلم. فان مخترعات الاذهان ومبتكرات العقول لا تتناهى لكن العمر اضيق والنفس اغلى من ان تجعل مرتعا خصبا لكل متكلم. فاذا عرضت عليك جادة ما مما يحفظ فاعرضها على طريق من سبقك. فان كانت هي هي فخذ بها. وان كانت هي هي وزيادة فخذ بها. وان وجدتها على ذلك فاياك واياه. واضرب لك مثلا بينا من الشطط وهو فزع الناس الى حفظ الصحيح فيما يسمى وحقيقته مختصر الصحيحين على نهج ليس معتمد عند المحدثين فان هذه جادة انما حدثت في القرن الخامس عشر ولم تكن من قبل ابدا. ولم تزل وصية اهل العلم ان يحفظ المبتدأ في الحديث الاربعين النوية ثم العمدة ثم بلوغ المرام ثم رياض الصالحين لان هذه الكتب جمعت اصول الحديث النبوي. وكم من باب من ابواب الدين يفرغ المرء من حفظ الصحيحين بالفاظهم تامة فلا يعرف فيه شيء. واذا اردت صدق ذلك فخذ كتاب بلوغ المرام. وانظر ابوابا فيها احاديث ليست فيها شيء من الصحيحين فمن حفظ الصحيحين لم يحفظ كثيرا من اصول السنة في هذه الابواب. ولو استمعتم الى كلام من سبق من المستنصحين في حفظ الحديث النبوي لم تجد احدا منهم الا وهو يرشدك الى حفظ الاربعين النووية فعد لله فبلوغ المرام فرياض الصالحين. فاذا التبس عليك شيء مما ينعت فعليك بكلام السابقين فانه جاد النجاة لك. ثم ذكر الامر الثاني وهو اصل العلم على مفيد الناصح. فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه يتصف بهذين الوصفين واولهما الافادة. والمراد بها الاهلية في العلم اي ان يكون عارفا بالعلم محيطا بمسائله اما بالقوة واما بالفعل. وذكر الاصل في ذلك وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فاسمعونا ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم فلابد من اخذه عن شيخ يلقنك العلم يتصل بالافادة وهي الاهلية. واما الوصل الثاني فهو النصيحة وتجمع معنيين. احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به اي ان يكون صالحا للاقتداء به. وليس المراد بذلك الكمال التام. لان الانسان لا يخلو من فهو مطبوع عليه ولكن من كثرت حسناته على سيئاته فقد ترشح لحسن الحال وهو العدل عند اهل العلم فان العدل عند اهل العلم هو من غلبة حسناته سيئاته فكانت اكثر ذكره ابو عبد الله الشافعي وابو حاتم بن حبان في صحيحه ثم قال للاقتداء به والاقتداء بهديه ودله وسمته. والهدي اسم للطريق التي يكون عليها العبد اسم للطريقة التي يكون عليها العبد. وهذه الطريقة المسماة بالهدي تشمل شيئين احدهما دله والمراد به الهدي المتعلق بصورته الظاهرة الهدي المتعلق بصورته الظاهرة والثاني سمته. والمراد به الهدي المتعلق بافعاله. والمراد به الهدي المتعلق بافعاله. فحينئذ يكون قوله في هديه ودله وسمته من عطف الخاص على ايش على العام فالهدي هو العام وهذا العام يندرج فيه شيئان احدهما الدلو والسمع والاخر معرفته بطرائق بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات وهذا المعنى من اكد المعاني التي ينبغي تطلبها في الاشياخ المعلمين فليس كل عالم تكون له قدرة على تبليغ العلم الذي بين جنبيه. ولذلك ربما كان تصنيفه احسن من تعليمه فينبغي ان يتلمس المتعلم في من يأخذ عنه العلم كونه ممن يحسن معرفة طائق التعليم في ايصال العلم فهو يعرف ما يصلح للطالب ويصلح به الطالب. لا يراعي في ذلك رغبته وهواه يده وانما يراعي ترقيته. فهو يرقيه في هذا العلم بما يبدو له له من وجوه الاحسان. فمثلا لو سألتني الان عن رجل تأخذ عنه علم الفرائض لم اعدل لك احدا في الرياض من الشيخ ناصر الطريري مد الله في عمره لماذا؟ لانه لا يرضى ان يشرح لك الفرائض دون ان يعطيك مسائل تحلها في بيتك ثم تأتي من غد فيصح لك فهذا يحسن طريقة التعليم. فعلم الفرائض دون المسائل هو كحال من يخوض في بحر ولا يحسن استباحة فاذا قيدت هذه القواعد بمسائل تحل ويتدرب عليها الطالب عند ذلك انتفع بتدريس بتعلم الفراغ. مثال اخر علم العربية فان علم العربية واعني به النحو جدالا يقرن. بالاعراب لم ينتفع الطالب من دراسته وقد صار مآل الناس دراسة علم النحو منفصلا عن علم الاعراب فلا تجدوهم دون شيئا من الكلام فربما اخذوا باب الفاعل ثم لم يتدربوا على الاعراب فيه. فلا يحسنون حينئذ العلم النحو وربما صار شاقا عليه. فاذا وجدت من المعلمين لبيبا فطنا يعلم ما يصلح لك فانتفع به واقبل عليه. واياك وشيخا يلبي بغيتك دون رعاية ما يصلح لك واذكر من وطن ذلك في حياتي ان شابة يافعا اهتدى فاحب ان يطلب العلم فذهب الى احد الاشياء فقال اني اريد ان اقرأ عليك في الحديث فقال له الشيخ هات مسندا الامام احمد. لان طبعة الرسالة كانت حديثة الصدور فمثل هذا الم تعلم انما يلقم شيئا يقتله لانه قد رفع الى ما لم يحيط به علما فهو كمن رقص السطح بلا سلم لا يستطيع ان يرجع فلا ان تدعي بذلك الا بان يصمت وهذا من اسباب السقوط في العلم فان من اسباب انقطاع المتعلم عن العلم هو عدم ترقيته شيئا فشيئا فيهلك بسبب ذلك وسيأتي جملة من القول تبينه نعم العقد السادس قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ممدود من كل من ولا جهل به الاسرائيلي. ويقول في شأن الطلاب ولا ينبغي للفضيلة الناجعة التي تعين على اهل الكتاب والسنة. الى جانب النفس اخوة على تعلمهم ولا يصح لهم ان يعيب العلم الذي يجهله ويسقي بعلمه فان هذا نقص ورذيلة والعاقل ينبغي ومن يتكلم بعلم او يسكت به. واذا دخلت واذا دخل تحت قول الخائن اتاني اندم جهلا علوما ليس ولكن الرضا انتهى كلامه. وانما وانما تنفع من علم الاعتماد والصيام احدهما تقديم مما ينتقل اليه المتعلم عبودية لله في كل من حتى اذا استكمل انواع العلم النافعة نظر الى فقال ومن طيار جيشنا غدا يقول احدهم. وان ترد تحسينة من جنب ما وعن سوى مقابل انتهاء من؟ وفي تواجد علوم نجاهد وما استبق ليخرج ومن عرف من نفسي قدرة على الجمع جمع وكانت غير استثناء من العموم ذكره وفقه الله معهدا اخر من عهد تعظيم العلم وهو رعاية فنونه في الاخذ. اي الاعتداد بها والاقبال عليها تقديم الاهم فالمهم اي تقديم اعلى رتبة فيما يحتاجه الانسان على ما دونه من العلم. واورد صدر قوله كلام ابن الجوزي اذ قال جمع العلوم ممدوح اي ضم اطراف العلوم والتأليف بينها في النفس ممدوح ثم ذكر قول ابن الوردي رحمه الله من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار ورد كلام شيخ شيوخه محمد ابن مانعين في ارشاد الطلاب من انه لا ينبغي للعقل ان يترك علما من العلوم اذا كان يعلم لنفسه قوة على تعلمه ولا يسوء له ان يعيب العلم الذي يجهله ويزهي بعالمه فان هذا نقص رذيدة فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بعلم والا دخل تحت قول القائل اتاني يعني بلغني اتاني ان سهلا لما علوما يعني ذم بجهله علوما ليس يعرفهن سهلا ليس يعرفهن سهل علوما لو تراها اي تلقاها بقراءة ما قلاها يعني ما ابغضها والقلى البغض. ومنه قوله تعالى ما ودعك ربك وما قال ولكن الرضا بالجهل سهل. ولكن الرضا بالجهل سهل. قال خالد البرمكي من جهل شيئا انكره وعاداه. من جهل شيئا انكره وعاداه. ثم ذكر ان رعاية فنون العلم تنفع باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم والمراد بالاهمية ما بينه بقوله مما يفتقر اليه المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله. لانك تطلب العلم لتعبد الله على بصيرة فان اول اصول نية العلم ان ينوي رفع الجهل ايش؟ عن نفسه فالاهم في حقه العلم الذي يرفع به الجهل عن نفسه في عبودية ربه. فلو مثل لكم رجل يريد ان يطلب العلم وبين ناظريه درسان. احدهما في شرح رسالتي شروط الصلاة واركانها وواجباتها امام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. والاخر درس في شرح صحيح البخاري وتفسير ابن كثير. فايهما هو به اولى؟ الاول ام الثاني ما الجواب؟ الاول لاحتياجه اليه في عبادة الله سبحانه وتعالى. فيقدم الاهم على غيره وينظر في تلك النية ما يفتقر اليه في معرفة ربه سبحانه وتعالى. ولذلك فان العلم لا يؤخذ قفزا. وانما يؤخذ العلم بحسب افتقار العبودية. وعلى هذا درج هذا البرنامج برنامج اصول العلم. وغيره من البرامج فان وضع علمي لا ينبغي ان يكون ابتكارا ذهنيا وانما يكون عبادة لله سبحانه وتعالى. فتعلم الانسان ما في اعتقاده وفي طهارته وفي معاني كلام الله سبحانه وتعالى وغير ذلك من المهمات مقدم على غيره وانتفاع المعلم مهما بلغ ذكاؤه وفطنته بذلك اكثر من انتفاعه بتعليم غيره. ومن المعلمين من بتعليم الكتب الكبار والزهد في الصغار مع ان الذي يعلم المختصرات يقرب الخلق الى الله اكثر. الذي ليعلم المختصرات يقرب الخلق الى الله اكثر لان هذا هو العلم الذي يلزمني. ولو مات الانسان وما تعلم الا الاصول المختصة التي يعبد بها الله سبحانه وتعالى لكان انجى له من ان يتعلم صحيح البخاري لو ان انسان اهتدى فلازم شيخا فقرأ عليه البخاري من اوله الى اخره في اثني عشر سنة فان تعلمه لما يلزمه من اعتقاد وطهارته وصلاته اولى وانجى له من ان يتعلم كتابا بهذه المنزلة العظيمة في الاسلام فان كتاب البخاري هو من اعظم الكتب في الاسلام. بل ليس بعد القرآن الكريم كتاب اعظم منه كما ذكره ابن البنية الوصية الصغرى ولكنك انت احوج الى ما تعبد به الله سبحانه وتعالى مما يلزمك من الدين ثم ذكر الاصل الاخر وهو ان يكون قصده في اول طلبه تحصيلا مختصرا في كل فن. فتقصد الى المختصرات في كل من الفنون الاسلامية حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها. وانس بنفسه قدرة عليه فذبح فيه سواء كان فنا واحدا ام اكثر. فاذا حصلت متنا وثيقا في الاعتقاد مؤخرة الفقه في الحديث ورابعا في التفسير وخامسا في الاصول وسادسا المصطلح وسابعا في النحو الى غير ذلك من انواع العلوم النافعة فانك ستجد في نفسك ما يوافق شيئا منها وتميل اليه بطبعك وتأنس به. فلا تثني بحين اذ ان تتبحر في ذلك الفن. وانما التكذيب والعين والذنب لمن حصر نفسه على حل واحد لا يتعداه ولا يعرف الا اياه. فاذا سألته فيما يلزمه من دينه قال لك استاذ العقيدة انا ليس تخصصي فقه وانما تخصص العقيدة. فقال استاذ الفقه انا ليس تخصصي في العقيدة وانما تخصص الفقه وهذا جهل بدين الله سبحانه وتعالى فان هناك من العلم قدر يلزمك كيفما كن عالما او معلما او قاضيا او مفتيا او حاكما فمن الجهل والعيب الاكبر ان تكون غافلا عنه سئل احدهم اذا ترك الانسان ناسيا اثناء وضوئه غسل احدى يديه الى المرفق وهو بعد عند محل الوضوء هل يقصد هذا العضو فقط ان اعيدوا وضوءهم كله. فسكتوا سكت هذا خريج جامعة ويحمل شهادة علمية اكاديمية لكن العلم ليس بالشهادات. العلم ان تطلب العلم لله عز وجل. ان تتعلم العلم لتعبد الله عز وجل اذا تعلمته من هذه النية وقرأ في قلبك. واذا تعلمته بغير ذلك ذهب من قلبك. ولذلك تجد انسانا متخصصا ماء يفرغ من اعلى شهادة علمية في الترتيبات الاكاديمية النظامية فما هي الا ثنيات حتى يذهب عنهم علم تخصصه فلا يحيط الا بالشذرة التي صار يدرسها كل سنة. وقد علمت منهم قوما باعوا مكتباتهم بعد الفراغ من الحصول على شاكلة فهذا لاي حاجة لا ريب انه مذموم وهذه الاحوال لا نذكرها اقتراحا لتحصيل هذه الشهادات. بل ذلك مما يمدح لانه مما صار في عرف الناس. ولكن ان يذم لكن الذي يذم ان يكون الانسان في الاسم عالمة وفي الحقيقة جاهلية. وقد ذكر في اخبار العلامة صالح ابن عثيمين مكة في حينه من الحنابلة انه حظر الى مجلس الشيخ محمد نصيب فلما سلم عرفه الشيخ محمد نصيب بالحاضرين وكانوا اربعة. فقال هذا فلان دكتور في كذا وهذا فلان دكتور في كذا وجد الشيخ اجتماعهم مناسبة لمطارحتهم للعلم في ابوابها في ابواب التي يسكنونها ينسبون اليه. فسأل الاول في علمه فلم يجب والثاني في علم التلاميذ والثالث في علم التلاميذ والراجل امي فلم يجب فضحك وقال يا شيخ محمد منسوبين الى التخصصات ولا يعرفونها. فهم في الحقيقة في ايش؟ مفقود منهم. فلذلك طالب العلم الحريص كما ينبغي له ان يحرص على هذه الشهادة ونحن من المنتسبين الى ذلك ينبغي له ان يحرص على العلم الاصيل حتى لا يفقد حقيقة العلم التي ينبغي منه. ثم ذكر من طياب الشناعة قول احدهم وان ترد تحصيل فن تميمة يعني اتمه. وعن سواه قبل الانتهاء له. وما كلمة زجر اي انتهي عن ذلك وفي ترابط العلوم يعني جمعها مترادفة المنع جاء يعني ان تطلب علمين فاكثر في وقت واحد من توأمان استبقا لن يخرجا. يعني المرأة التي تكون حاملا بتوأمين. اذا استبقت في الخروج فانهما لم يخرجا والمراد ان يخرج والمراد بالطيار من الشعر هو البيت الشائع الذي لا يعرف قائله هو البيت الشائع الذي لا يعرف قائله. والى ذلك اشرت بقول وشائع الابيات ما لم يعلم قائله الطيار بين الاممي وشائع الابيات وشائع الاشعار ما لم يعلن قائله الطيار بين الامم. ثم قال ومن عرف عن نفسه قدرة على الجمع اي جماعة وكانت حال استثناء للعموم فاذا وجد الانسان له قدرة على ان يجمع بين علمين او اكثر جمع ذلك في طلبه وكان من العموم فالاصل ان يقبل ملتمس العلم على فن واحد متدرجا. فاذا استوفى مختصراته الى فن اخر فان لم يتهيأ له هذا لعدم وجود الشيخ الذي يقبل له يقبل عليه كمال الاقبال بمطلوبه او يقتضى ذلك كاحوال الخلق او غيرها فان الانسان يلاحظ ما يسير به سائر حسنا في العلم. فلا غباوة ان يحضر الانسان درسا في الفقه ودرسا في العقيدة اذا كان يمكنه الجمع بينها بالفهم والادراك ودوام الاستنكار والمراجعة. واما من كان لا يستطيع ذلك فانه يجمع نفسه على علم واحد حتى يتقنه. وقد ذكر احمد ابن الامين في الوسيط ان رجلا من من كان يلتمس علم العربية من علماء شنقيط كان لا يقرأ عنه شيء على شيخه من الالفية الا بيتا واحدا كل يوم كانت له قدرة على ان يحفظ ويقرأ غيره. فقال له صاحب له عجل يعني عجل للجهة حتى ترجع الى قومك. فقال العجبة اردت ما معنى هذا؟ معناه انه يريد ان يستوفي علم كل بيت فلا يحتاج الى الرجعة مرة اخرى الى الاوبة مرة اخرى ليسأل عن معنى من معاني الالفية. فاذا راعى الانسان نفسه في كمال الاقبال حصل. واما اذا كان يثبت خط عشواء فانه يفلس في العلم. ومن هنا احتاج المتعلم الى الشيخ المرشد فان من يطلب العلم الى مرشد لا يصلح ولابد ان تكون بينه وبين شيخه الذي يطلب عليه العلم صلة يسترشده فيما يقرأ وفيما يحضر وفيما يترك وفيما يقبل حتى يفلح لانه يدله على ما ينفعه. واما الذي يرجع الى تقدير نفسه فانه لا خبرة له بالعلم فاذا رجع الى نفسه وقدر ان يأخذ هذا ولا معرفة له ربما اضر بها. نعم قال قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنعش في الحجر وقوة بقايا قوة بقاء النفس في الحجر. فمن اغتنى شبابه ومن احمل عند مشيبه سوى. يبتسم سن الشباب عدلوها عندي سن الشبابية فتاة انا وقعت عدم هذا من مقولي وليس من منقول سن الشباب نعم ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا ذكره خير رحمه الله في كتابه العلم من صحيحه. وانما يحصل التعلم بالكبار كما بينه في هذه الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع فمن قدر على نفعها عن نفسه ادرك العلم ذكر المصنف وفقه الله بالعلم وهو المبادرة اي المسارعة الى تحصيله الصبا والشباب اي اثبان سن الصبا والشباب غنيمة في طلبه. ثم ذكر قال الامام احمد ما شبهت الشباب الا بشيء كانت في كمي فسخط. فالشباب الذي تغفل فيه انما هي صورة ستلفوها فالايام فاهتب بما انت فيه قبل ذهابه. والعلم في سن الصغر اسرع الى النفوس. اسرع الى النفس. واقوى ووصولا ولصوفا. قال الحسن البصري العلم بالصيغة كالنقش بالحجر. اي كقوة بقاء النقش في الحجر. فكما ان نقش الحجر ان يبقى مدة طويلة كما تشاهدونه في النقوشات المحفوظة على الصخور والاحجار في اطراف الارض فكذلك العلم في الصغر يبقى مدة طويلة فمن اغتنم شبابه من قربه يعني حاجته وبغيته وحمد عند مشيبه سوى فتى عند المشيب يحمد القوم الصراط ثم بين انهم لا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. قال البخاري رحمه الله في كتاب العلم وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا فالكبير يتعلم وما حسنت بك الحياة وكان عقلك مجموعا في ذهنك فان لك قدرة على العلم وانما فتفقد قدرة العلم اذا فقد العقل. اذا صار الانسان هرما لا عقل له فانه لا يتمكن من العلم. واما ما دام الانسان حيا حاضر العقل فانه قادر على التعلم. وقد ذكر في اخبار ابي الفرج ابن انه طلب علم القراءات بعد سن الثمانين. فاذا كان الانسان بعد حافظا عقله وذهنه فانه يقدر على حفظ العلم ومعرفته. ولكن التعلم في الكبر يعصوا ولا يتعذر اي انه يشق ولا يمتنع. كما بينه الامامي في ادب الدنيا والدين. وعلل ذلك بكثرة الشواغل فالولد والاهل لهم مطالب وغلبة القواطع التي تمنع الانسان من اخذ العلم وتكاثر العلائق وهي اتصالات العبد بنفسه وبغيره فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم ولو كان كبيرا. وفي سير الاولين مثل من ذلك فالقفال الشافعي انما طلب العلم كبيرا. وترأس في العلم وادرك حتى صار اماما من التي الشافعية في زمانه. فمهما بلغت من العلم من العمر فانك قادر على ان تبلغ العين ولكن الشأن على كمال الاقبال على العلم والصدق فيه. نعم ان تعصيا قال تعالى وقد وقع قال تعالى وقال الذين وهذه الاية حجة في لزوم تأليف طلب العلم والتدرج به وترك العجلة. كما ذكر الخطيب في مقدمة جامع التفسير. ومن شيء من نحاس الذي قومه رحمه الله اليوم المصنفة حفظ واستشراف التي لم ينتفع الطالب فاعلم اليها. ومن تعرض للنظر في المكونات وقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال بالعلم ربما عبد الكريم ابن فاعل بدمشق الشام في القرن الماضي طعام كبار السن وفقه الله معقدا اخر منعقد تعظيم العلم وهو لزوم التأني في طلبه وترك العجلة بان يلتمسه باخذه شيئا فشيئا فاخذ العلم لا يكون جملة واحدة لان القلب يضعف عن ذلك. وكما يجد احدنا ثقل شيء يرفعه في يده فان القلب يجد ثقلا فيما يؤتاه من العلم. قال الله تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا القرآن فوصفه بالثقل. واذا كان هذا وسط القرآن الميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر. فما الظن بغيره من العلوم فالعلوم الثقيلة وان سهل حفظها عشر ضبطها. فالقرآن سهل في اخذه ثقيل في ضبطه والمراد بالضبط الضبط لفظه وضبط معناه في ما يشمل العمل به ايضا فهو ثقيل في ذلك. ووقع تنزيل القرآن منجما يعني مفرقا موزعا باعتبار الحوادث والنوازل رعاية لهذا الامر. واصل النجم الوقت المضروب. اصل النجم الوقت المضروب فاذا قيل شيء منجم اي شيء مجهول على اوقات مفرقة معينة. ثم اورد قول الله تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملته واحدة. كذلك اي انزلناه مطبقا لنثبت به فؤادك ووقت له توطيلا وهذه الاية حجة في التأني في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه ذكر ذلك الخطيب البغدادي في الفقيه في مقدمة جامع التفسير فهي اصل في اخذه على هذا النحو. فمن اراد ان يأخذه على غير ذلك فانه لا يتعنى ان لم يدركهم. واورد قول ابن نحاس الذي ذكره في ترجمته ابن ابن الذي ذكره في ترجمته السيوطي في بغية الوعاء في تراجم اللحاء انه قال اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم فقط يحصل الله بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط اي ان السيل الاعظم انما يكون باجتماع قطري الماء من السماء يتكاثر صار صينا عالما ثم ذكر كيفية لزوم التأني والتدرج وانه يكون بالمتون البساط المصنفة في فنون العلم. فتعمد الى المختصرات التي صنفها اهل العلم في فنونه فتى تأخذها وذلك الاخذ يكون بما ذكر حفظا واستشراحا. فتأخذها لحفظ مبناها وفهم معناه ثم يقارن ذلك الميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب الوعد اليها. فلا يقبل بنفسه على الخوف في نهمه المطولات وهو بعد لم يترشح للدخول في غمارها. ثم ذكر ان من تعرض للنظر في فقد يجني على دينه وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. وشاهده من بدائل الحكم قوله عبد الكريم الرفاعي احد علماء الشام طعام الكبار سم الصغار. اي ان الطعام الذي يجعل للكبير اذا دفع الى اهلكه واعطبه. فلو غمت ان تأخذ لحما وشحما فتضرب به في طيب الارز فتدفعه لقمة سائغة في فم جنين ذي يومين فقد اهلكته فكذلك العلم اذا رمت ان تأخذ لقمة منه فتدفعها الى قلبك وانت بعد لم تقدر على فانك تموت وتذهب وهذا من اسباب السقوط في العلم. فان من الناس من يحب العلم ويروم طلبه. لكنه لا يحسن اخذه. فيترقى بلا هوادة الى المطولات. فاذا قيل ان ثمة درس ان ثمة درس في الاصول قال هناك درس اعلى واغلى في صحيح البخاري. وهو بعد لا يعرف اصول دينه. فمثل هذا مثل ذلك الدافع الرضيع اللقمة من الشحم واللحم يقتل نفسه فما هي الا مدة يسيرة فيحضر مندفع ثم يتأخر مرتفعا فتجده في اول الايام مبادرا ثم تجده في اواخر الايام المغالية لان قلبه لم يتأهل لذلك فهو يجد صعوبة في تعاطيه. اخذ شالت الانوار في اول الامر حتى اذا قيل بينه وبينها تركها وذهب. لان قلبه لا يقدر على حملها. فاحرص ان تأخذ العلم بما يناسب لك حتى تفلح فيه. واياك والتكبر عليه. تعلما وتعليما. فهذه المختصرات ظهرت بركتها وبانت منفعتها. من معلم متعلم. ولم يزل الناس على ذلك طبقة بعد طبقة. وقالوا من بعد فمن اراد ان يرتفع في العلم والدين فعليه بالطريق الماظي. ومن تكبر عنها فان علمه مدخول. ومهما ظهر له من تعليم الكبار وترك الصغار فان علمه ناقص. وكان الاكابر من العلماء لا ينقطعون عن تدريس المختصرات مهما بلغت كتبهم في العلم وقد ذكر في ترجمة التاودي من سودة شارح البخاري وعالم المغرب في عصره وكان يلقب هلال المغرب انه لم ينقطع ان تدريس الاجرامية حتى مات. بصغار اهل بيته من اولاد اولاده ونحوه. هذا امام المغرب ولكن الكتاب الذي يبتدى به في العربية كان يحرص على ان يعلمهم كان يحرص ان يعلمهم اصدقاء فلم يستكبر ان يقال هذا العالم الكبير ويدرس هذا الكتاب لانه يعلم ان بركة هذه الكتب ظهرت وبانت وانتفع بها الصغير والكبير. فالذي يبتدأ بها والذي يتركها فانه لا ترجى منفعته بسواه. نعم. الصوم من علمه ارحمنا ولتحصيل كمال تارة اخرى. قال تعالى يا ايها الذين واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشية يدينون وجها. قال يا كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه ولن يحصل احد من علمائنا بالصبر. قال لا يستطاع الجسم. فبالصاد يخالف لذة العلم. وصبر العلم نوى اهم ما صبروا في تحمله واخذه. فالحفظ يحتاج الى صبر والفه يحتاج الى صبر. وحروب مجالس العلم الى صبر ورعاية كفر الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صوم في اداءه وبذله وتبليغه الى اهله بالمتعلمين الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما لكل الى شأن العلا وثمانون. ولكن عزيز في الرجال ذكر المصنف وفقه الله معقلا اخر من عقد تعظيم العلم. وهو الصبر في علم تحملا واداء. لان الامور الجريدة لا تدرك الا بالصبر. واعظم شيء تتحمل به النفس طلب المعاني تصبرها عليها. فالصبر مأموم به في تحصيل اصل الايمان او كماله. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا. وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحب ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه. اي ان المجالس التي يجتمع فيها اولئك المريدين وجه الله سبحانه وتعالى الداعين له هي مجالس الفقه فالعبد مأمور ان يصبر نفسه عليها ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. قال ابن ابي كثير لا يستطاع العلم براحة الجسم فبالصبر يخرج من معرة الجهل وبه تدرك لذة العلم. ثم ذكر ان صبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه فانت تحتاج الى صبر في حفظه وصبر في فهمه وصبره بحضور مجالسه وصبر في رعاية حق الشيخ وصبر في لمعرفة حق الزميل المقارن. ونوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر. فاذا كنت صبرت متعلما فاعلم انك تحتاج ان تكون صابرا معلما. وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما ان امر الثبات عزيز وعند مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ابيه عن النواسف السمعان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث بالخبر الدجال قال فاثبتوا عباد الله. فكم من انسان يروم امرا لكنه عجزوا عن الثبات عنه وانما يتهيأ الثبات بالصبر. فمن عود نفسه الصبر صبر وثبت. ومن لم يعتد ذلك فانه سرعان ما ينقطع عن مطلوبه لكل الى العلا وثباته ولكن عزيز في الرجال ثبات وقلت لاخي منظومة الهداية ان الثبات في الرجال عزا ويظلم الرجال منه العزا. نعم اداب العلم قال ابن القيم في كتابه ملاذ السابقين فمسجد خير الدنيا والاخرة وانما قال ومن هنا كان السلف رحمه الله يعتدون بتعلم الادب كما يعلمون بتعلم العلم قال الموسمي رحمه الله كانوا يتعلمون الحجية ما يتعلمون العلم. فان غاية منهم يقدمون تعلمها ولا تعلم العلم. قال من قريش يا ابن اخي تعلم الادب والباد تعلم العلم. وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال الحسين نحن الى كثير من الادب يحوج منا الى كثير من العلم. وكان المصنفون اليه وتقول اذهب الى ربيعة فتعلم من اجله قبله. وانما حرم رحمه الله فقال ما هذا انتم الى يسير من احوج منكم الى كثير من العلم. فماذا يقول ذكر المصنف وفقه الله فاحيا اخر من معاد تعظيم العلم وهو ملازمة ادب العلم. لان الادب هذا من اعظم اسباب السعادة وقلة الادب من اعظم اسباب الشقاوة. وذكر المصنف من كلام ابن القيم في الساركين ما يدين هذا المعنى ثم ذكر ان العلم لا يصلح الا لمن تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقليله قال يوسف بن حسين بالادب تفهم العلم يعني بسبب الادب تفهم العلم ومن وجوه معناه ان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له. وقليل الادب يعز العلم اي يضيع عنده فلا يبذل له ان يحبس ويمنع منه. ومن هنا كان السلف يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. قال المرسلين كانوا يتعلمون الهدي يعني الادب كما يتعلمون العلم ومنهم من يقدم تعلمه على تعلم العلم. قال ما لك ابن انس بفتى من قريش ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال مخلد ابن الحسين نحن الى كثير من الادب احوجهن الى كثير من العلم وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قالت ام ما لك لمالك فتعلم من ادبي. يعني من ادب ربيعة قبل علمه. فالاخذ بالادب وتعلمه من اعظم ابواب الديانة ومن مفاتيح الكبرى لنيل العلم. ومن الحرمان ان لا يتأدب طالب العلم. وان يترك تعلم الادب انظر هذا الى احدنا اذا رأى درسا في الاداب رآه درسا للعامة. وينسى انه ربما كان واحدا منهم اذا كان جاهلا بالاداب التي تنبغي منه. فكم رأينا من احوال في طلاب العلم تخالف الادب فيأتي احدهم ويفتح الباب دون استئذان فاين عدم الدخول؟ وتجد احدهم يتكلم في محضر اكابر. فاين ادب الكلام؟ في صور شتى؟ ارى وترون مثلا منها فينبغي ان يحرص طالب العلم على تعلم الادب ثم يمتثل ذلك واكده ادب العلم لانه اذا حرم ادب العلم حرم العلم. ومن اعظم اسباب الحرمان من العلم في حال كثير من طلبة العصر تضييع الادب. فلما ضاع الادب رفع العلم وكان من تقدم من الاشياخ يستفتحون تعليمهم بتعليم طلابهم ادب العلم. فكانت فكانت من الكتب هي اوائل ما يبادر بتعليم المتعلم اياه. وذلك فيما يتعلق بادب العلم. فيكون اخذه من اللي بعده على وجه الاذى. واما اليوم فقلت العناية بالاداب تلقينا وحظا وتحريظا. فتجد المعلم لا يعلم طلابه الادب. واذا رأى منهم ما يخل بالادب لم يتشاغل باصلاحهم. وصار لسان احدهم المصلح الله. تجد ان الشيخ يجلس على الكرسي ثم يجد الطالب امامه ويكلم بالهاتف في الدرس ثم لا يصدره عن ذلك. ولا ينهاه عن انه في مجلس علم ينبغي ان يكون بقلبه. وليس هذا فيما وقع من طالب في اخر الصفوف ربما عذر لان المتأخرين لهم اعذار ولكن الشأن في رجل يقرأ كتابا عظيما هو صحيح البخاري هذا واقع في الرياض يقرأ صحيح البخاري ورن الجوال ليرد عليه الشيخ يشرح فهو يرد الجوال ان الشيخ مشغول بالشارع فهو عنده مكالمة مهم اين الادب من هذا؟ والله لا ينال العلم. والله لا يفهم البخاري. كيف يفهمه وهو بين يديه؟ اعظم كتاب في السنة النبوية؟ هو شيخ يشرح هذه المعاني ثم هو يتكلم بالجوال. لا يمكن يا اخوان ان ينالوا العلم ابدا. وقس على هذا النظير ما في ابواب تضييع الادب فمن اعظم ما ينبغي ان تعتني به ان تعتني بتعرف الادب في طلب العلم. ثم باستعمال الادب في العلم حتى والا اعلم انك ستحرم العلم اذا لم تتأدب. فبالادب تفهم العلم. وبسوء الادب يضيع العلم فمستقر ومستكثر ومقبل ومدبر. ثم ذكر كلاما بالليث ابن سعد نحن به احق اذ قال هذا انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم. فينبغي ان يتعاهد طالب العلم نفسه في الادب وان الى الادب في ابواب الدين كافة ولا سيما في ادب العلم حتى يكون متأدبا في العلم. لان هذا مقام وهو مقام العلم من اعظم المقامات التي ورث فيها النبي صلى الله عليه وسلم والاكابر من الملوك وغيرهم يجعلون نظاما لمجالسهم يسمى بالبروتوكول او بالاتيكيت او بغيرها مما اصطلح عليه الناس فاذا فقد هذا منا في ادب العلم كحل ان يفقد منا العلم. ينبغي ان يحرص الانسان على الادب الذي تكون يتعلق بالعلم في نفسه ومع شيخ ومع قديمه ومع كتابه وفي مجلسه. نعم من لم يصنع العلم كما قال الشافعي ومن اخل بالمراتب فلم يعظمه الحال الى زوال رحمه الله وتبعه قد استنبطت من القرآن كل شيء فقال في قوله تعالى ومن الزم ومن الزم علم النفس للطالب تحريه بالمروءة وما يحمل عليها والتي تخل بها او صبت الاراضي والفساق مصارعة الاعداد والصغار. ذكر المصنف وفقه الله معهدا اخر. من معاقد تعظيم العلم وهو صيانة العلم عما يشين اي حفظ العلم عما يقدح مما يخالف المروءة ان يباين المروءة ويحرمها. لان من لم ينصر العلم لم ينصر قاله الشافعي ومن اخل بالمروءة وقع في القبائل واستخف بالعلم فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه قال وهو ابن منبه لا يكون البطال اي الماجن المتباعد عن خلائق اهل العلم من الحكماء. وجماع المروءة فيما قاله ابن تيمية الجد استعمال ما يجمله ويزينه. وتجنب ما يدنسه ويشينه وتبعه احمد ابن تيمية رحمه الله تعالى فالمروءة جامعة الاستعمال كلي ما ما يجمل الانسان ويزن مع كل ما يدنسه ويشينه وان يقبحه ويوسقه. فاستنبط سفيان ابن عيين المروءة من القرآن في قوله تعالى العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين فبها الامر بملازمة المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ثم ذكر المصنف ان من الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة. وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تصل بها. وخوارم المروءة هي مفسداتها. وخوارم المروءة هي مفسداتها. وهذه الخوارج اذا جانت في ميدان مروة العبد فاما ان تضعفها واما ان تذهبها. فاذا تعاطى الانسان خوالم المروءة اما ان تضعف مروءته واما ان تذهب مع الايام والليالي فيكون ساقطا لا مروءة له. وخوالم المروءة كثيرة ذكرها الفقهاء واورد المصنف طرفا منها فكل ما بين الشرع وخالف العرف ان درج في قوارم المروءة فيجب ان يتباعد منه طالب العلم. وطالب العلم ينبغي ان يكون شريف النفس. عالي القدر مترفعا عن القبائح والسفاسف من المخلات بالمروءة لان العلم ميراث النبي صلى الله عليه وسلم فمن اراد ان يعظم النبي صلى الله عليه وسلم فليعظم ميراثه. ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم اظهار العبد شرف العلم تحليه بالاخلاق الكاملة. وكان عمر يقول احب الي ان يكون القارئ ابيض الثياب. انتهى كلامه. يعني تعظيما للعلم والمراد بالقارئ يعني طالب العلم لان لون البياض ممدوح محبوب شرعا وعقلا فمن كمال طالب العلم ان يكون على الحال العالية في لباسه. فكما يكون ذلك مطلوبا في هندامه وخلقانه يطلب ذلك بخصائصه في خصاله واخلاقه. نعم. المرحلة الثانية عشر انتخاب الصحبة الصالحة له فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره والسمانة في العلم ان سلمت من الوصول الى المقصود. ولا يحصل بقاصد العلا الى اتخاذ شربة صالحة التي تعينه فان للخير في خيره اثرا. رواه ابو داوود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال نظري اليه وانما فان المعاشرة الثلاثة الفضيلة والمنفعة والمادة لا يضره شيخ شيوخنا محمد الخضر بن الحسين في رسائل الاسلام. فلتقم صديقا فضيلة الزميلة فانك تعرف منه وقال ثمان رحمه الله ويحذر كل الحذر منه مخالف السفهاء ذكر المصنف وفقه الله معهدا اخر ومن عقد تعظيم العلم وهو انتخاب الصحبة الصالحة لهم اي اختيار صحبة صالحة تشارك والطالبة التماسي لان الانسان مدني بالطبع يفتقر الى اتخاذ زملاء له يشاركونه مطلوباته قال الله سبحانه وتعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا فهذه الاية اصل المدنية في القرآن وان الانسان محتاج الى الانس بغيره في عمران الارض. ومن جملة ذلك زمانة غيره في طلب العلم والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل يعني العوادي المفسدة لها فانها نافعة في المقصود الى الوصول الى وينبغي ان يحرص الانسان على انتخاب صحبة صالحة تعينه لان للخليل في خليله اتراه هو او نصدقه من السنة قوله صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله. فلينظر احدكم من يخالف اي ان الرجل يكون في الذي يلزمه مقتديا بمن يخالله. فلينظر الانسان الى خليله الذي يتخذه. روى ابن في كتاب الابانة الكبرى عن الاصمعي قال ما رأيت بيتا اشبه بالسنة من قول الزبير بن عدي عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ان المقارن بالمقارن يقتدي. ثم اورد كلمة نفيسة عن الاصفهاني اذا قال ليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله وفعاله فقط اي انه لا تنتقل من رجل الى اخر يجالسه بالقول والفعل فقط. بل بالنظر اليه. اي انه لو لم يكن حظه منه الا ان يكون ناظرا اليه انتقلت عدواه في حاله كمالا او نقصا الى ذلك النار. وقد ذكر ابو بكر الروذي ان خمسة الاف كانوا يحضرون مجلس احمد لا يكتبون شيئا ينظرون الى هديه وسنته ودله فكانوا يسترشدون بالنظر وتنتقل احوال الكمال منهم رحمه الله تعالى اليهم. وفي الاحاديث النبوية ما يشهد بسريان الاثر بالنظر فقط وهو في كلام قدماء الفلاسفة من الاسلاميين وغيرهم كثير فالانسان اذا اجمل النظر الى شيء صارت اليه خلاله خصاله وطبائعه. ثم ذكر انه انما يكتر للصحبة من يعاشر الفضيلة لا من نفعته ولا من لذة لان عقد عاصرة المعاشرة يكون على واحد من هذه الامور التالي. فاولها الفظيلة وثانيها المنفعة وثالثها اللذة. فالمعاشر لا يعاشر احدا الا ليطلب فضيلة او ليلتمس منفعة او ليجد لذة ذكر هذا المعنى شيخ شيوخنا محمد ابن حسين في رسائل الاسلام ثم قال المصنف فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. لان صديق اللذة والمنفعة صرعان ما يذهبان وتنفصم رابطة العشرة بينك وبينهم اذا حصل ولا مقصودهما او التمساه فلم يجداه. واما من يعاشرك الفضيلة فانه لا يزال محافظا عليها ما بقيت هذه فضيلة ثم ذكر كلام ابن مانع في وصيته طالب العلم في ارشاد الطلاب اذ قال ويحذر كل الحذر من مخالطة واهلي النجوم والوقاحة وسيء السمعة والاغنياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان قال سفيان ابن عيينة اني لاحرم رجلا حديثا غريبا لاجل جليسه. اي امتنع من ان احدث احدا احبه حديثا غريبا يستفيده لاجل جليسه الذي يعاشره فالعاقل ينبغي له ان يتحرز من مصاحبة اهل الوقاحة والدناءة والردانة والمجون والبطالة. واعلموا لو ان هذه الاوصاف لا يظن انها تفقد ممن يكون ظاهره دينا. فكم من انسان صورته الظاهرة منسوبة وصورته الباطنة منصوبة من الملاعين. لماذا؟ لانك تجد منه احوالا مخيفة. فتجده ينتسب الى الخير ثم لا يصلي في المسجد الا صلاة واحدة. وتجده يلتزم في صورته الظاهرة الخير وتجده كذابا. وتجده في الظاهرة انتسبوا الى الخير وتجده بطالا اذا قال له صاحبه فلنحضر درسا قال فلنقلس واذا قال له صاحبه فلنحفظ كتابا قال لنطلب لعابا. وهكذا لا تبحثوا عن باب الخير اذا وجدت منه ما يصرفه فينبغي ان يتحرز الانسان من صحبة الناس وان ينتقي من الاخلاء ما يفرح بالنسبة اليهم في الدنيا والاخرة. وان يتكشف منهم فيما يريد ان يقارنه كانما يريد ان يزوجه. لان الامر عظيم فانها اخلاقه وخصاله تسني اليك ورأينا هذا كثيرا في اناس كانوا ينسبون الى الصلاح فصحبوا اهل البطالة فانقلبوا اليها. ورأينا صحبوا اهل الصلاح وكانت احوالهم الظاهرة على خلاف ذلك فانقلبوا الى الصلاح والهداية. نعم للتلقي عن الشيوخ لا ينفع فهؤلاء طالب العلم تعظيما بكمال والاشتغال بالنفس والمدافع ولم ينسني العلماء الاعلام سمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فاتبعنا بما حفظنا اكثر من من اتبعنا بما احببنا فهو من اتباعنا بما قررنا. وبالمذاكرة ويرضى تعلمه بها المدافعة المدارسة الاقران. رواه البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما منع صاحب القرآن كمذهب معقد من عاهد عليها امسكها رحمه الله في كتابه التمجيد عند هذا الحديث. واذا كان القرآن ليس للذكر الكريم المعقدة. من تعاهدها مسكها. فكيف العلوم وبالسؤال عن العلم فحسن المسألة نصف العلم والسؤالات على عظيم ينفعني السؤال. وهذه المعاني وهذه المعاني الثلاثة من علم. بمنزلة الغد في الشرع وتنمية الايمان وقوته. العلم والمذاكرة والسؤال عن تلبية. وفقه الله معقدا اخر في معقد تعظيم العلم وهو بذل الجهد اي الوسع والطاقة بضم الجيم وتفتح ايضا في ثلاثة ميادين احدها تحفظ العلم اي طلب حفظه. والثاني المذاكرة به. اي مدارسته مع الاقران. والثالث سؤال عنه اي الاستفسار عما يغمض ويشكل منه وساق من القول في ذلك انه لم يزل العلماء الاعلام يحضون عن الحفظ ويأمرون به قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله فيما سمعته منه حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر وانتفاعنا بما قرأنا لان العلم المحفوظ يبقى في القلب. فيسهل الوصول اليه والبناء عليه وبالمذاكرة اي مدارسة العلم تدوم حياة العلم في النفس. قال المجزي رحمه الله تعالى فاذن للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته. وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو قيصر الذنوب. ففي الصحيحين ان النبي صلى الله الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة اي المقيدة. ان عاهد عليها امسكها يعني امسكها وان اطلقها غفل عنها وحل قيودها ذهبت ثم ذكر كلام ابن عبد البري اذ قال في التمهيد واذا كان القرآن ميسر لذكرك الابل المعقلة من تعاهدها مسكها فكيف بسائر العلو فيحتاج المرء الى تعاهد العلوم. ومن ظن انه يتعاهد كل ما تعلمه فانه قد ظن غلطا وانما المتعاهد هو اصول العلوم. وهي التي كان ينظ بها العلماء. فالظ باصول العلوم حفظا واستشراحا وتعاونا يبقى العلم معك لان من بنى اصول العلم في قلبه امكنه ان يتكلم فيه. وان ينشئ من افكار المعاني ويستخرج من ظنائن العلم ما لم يقرأه في كتاب لصحة الاصول التي بنى عليها. ومن لطائف الاحباب ان اية اشكلت اشكل تفسيرها في كلام الماضي فتكلم فيها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى كلام ثم قال الا انني لم اجد احدا ذكر هذا الكلام وهو الاظهر عندي. فراجع احد نجباء الطلبة كتاب التجويد والتحرير للطاهر ابن عاشور. فوجد كلام الطاهر حذو والقذة بالقذة بكلام ابن عثيمين فاخبره بذلك فقال اني لا اعرف هذا الكتاب ثم سأله هل هو مطبوع ام لا؟ فقال هو مطبوع. فالتمس منه الشيخ ان يحضر نسخة له. فانظر الى موافقته ضمائل العلم التي بذل فيها بعض اهله كالطالب بن عاشور تحقيقا لانه بنى على اصول صحيحة. فاذا شيد الانسان علمه عن الاصول الصحيحة في الحفظ والفهم والتعاهد فان علمه يتفجر ويبرز ولو لم يقرأ اكثر الكتب التي بايدي الناس وكم من قارئ يستكثر من القراءة لكنه لا يحسن فهم العلم ولا البناء على اصوله وتفريعه فروعهم ثم ذكر بعد ذلك منفعة السؤال عن العلم انها تفتح تفتتح خزائنه فحسن المسألة نصف العلم. والسؤالات مصنف كمسائل احمد المروية عنه برهان جليل على عظيم منفعة السؤال. فالسؤال في العلم نافع. وكم من مسألة لم يصلك علمها الا بسؤال حسن سمعته واذكر من نفائس السؤالات في شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن باز رحمه الله انه سئل هل الصبور من باسماء الله فاجاب عن البديه. فاجاب على البديهة لا ففجر هذا العلم عند جماعة من الطلبة بحثوا وراجعوا في المسألة فانظر الى اجابة واحدة من عالم راسخ كم ينتفع بها؟ طلاب العلم فسؤال قالوا العالم اذا وقع موقعا حسنا استفاد منه الطلبة فائدة عظيمة. فسؤالات اهل العلم من طرائق الاستفادة من علمهم اذا وقعت في موقعها الحسن وسيأتي بيان ذلك ثم قال وهذه المعاني الثلاثة للعلم يعني الحفظ والمذاكرة والسؤال بمنزلة الغرس للشجر اي كالغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العين والمذاكرة والسؤال عنه تلميذ. نعم. اكرام اهل العلم ان فضل العلماء عظيم الشيخ الحجاج كل من سمعنا انه حديثا واستمر هذا المعنى من اخوان محمد بن علي بن فقال رحمه الله تعلم الانسان من فوائد فهو له عقد قال الله تعالى وانما كان مجردا له. متبعا له فجعله الله اتاه بذلك. وقد امر السلف حق العلماء اكراما لهم وتوفيرهما رواه مسلم. رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي كبيرنا الشفاء المتعلم مما يتلو تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعليكم وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب حديثنا واذا حدث عنه عظمه من غير من غيره منزلته من حيث اراد ان يملأ وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يمكن الاستغناء عنه ولا يأتيه بقول او فعل وليتذكر في اهله. ولا يرضي ومما تناسب الاشارة اليهم هنالك اتصال وجيز الاول الدنيا خطر وهذه وظيفة العلماء الواسطين فيسألون عنها. والثالث ترك اتباعه فيها. والرابع تناسب عذر له بتأويل والخامسة كالازتهان يا اعز السبل لك والمصنع وفقه الله معطيا اخرا من معاقل تعظيم العلم وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم اي اجلالهم فضل العلماء عظيم ومنصبه الجليل فهم اباء الروح. قال ابو العباس ابن تيمية المعلم والمؤدب شيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. المعلم والمؤدب والشيخ اب للروح. كما ان الاب كما ان الوالد اب للجسد ذكره تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الاذكوي. نسبة الى ادبوا من صعيد مصر. فقال اذا تعلم الانسان من واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. اي بمنزلة المملوك له لان له عليه منة. قال الله تعالى واذ قال موسى لفداه وهو يشع ولم يكن مملوكا له اي لم يكن ممن يملكه منك اليمين رقيقا له وانما كان متلمدا له اي تلميذا اخذا عن متبعا له فجعلها الله فتاه بذلك ثم ذكر المصنف دلائل الشرع على اكرام العلماء وتوقيرهم من الحديث والاجماع الذي نقله ابن حزم في مراتب الاجماع. فيجب على العبد ان يوقر اهل العلم وان يكرمهم ثم ذكر المصنف طرفا من الادب اللازم للشيخ يعني الم تعلم مما يدخل تحت هذا الاصل من التواضع له والاقبال عليه من التواضع له والاقبال عليه عدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه. واذا حدث عنه عظمه من غير غلو اي من غير مبالغة في زيادة قدره فلينزله منزلة منزلته لئلا يشينه ان ينقص من قدره من حيث اراد ان يمدحه. وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف بتنبيهه على خطأه اذا وقعت منه الزلة اي ليسلك سبيل اللطف في تنبيه على خطأه اذا بدرت منه زلة لانه ليس احد الا وهو ذو خطأ فالمتكلم في العلم يقع منه الخطأ او في العلم كما يقع الخطأ منه ومن غيره في الفعل ووقوع الخطأ والزلة ليس امرا مستنكرا لانه من الجبلة البشرية. ثم ذكر ان من المناسب للمقام الارشاد الى الواجب ازاء زلة العالم. وهو ستة امور الاول التثبت في صدور الزلة منه. اي طلب الثبات في صحة نسبة ما ذكر اليه. فكم من شيء ينسق العلم لا يكون صحيح النسبة اليه. وقريبا راجح في اواخر رمضان نسبة القول بالبدعة في حق من هنأ قبل العيد الى الشيخ صالح ابن فوزة ولا حقيقة لهذا وانما هذا شيء ادعي كذبا ونسب اليه والثاني التثبت في كونها خطأ. فكم من شيء يظن انه خطأ والامر بخلاف ذلك. كما قال الشاعر وكم من عائب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم. فلا يتبين كون شيء خطأ الا لمن رسخ رسح علمه فبيان كون شيء خطأ وزله موكا الى العلماء الراسخين فيسألون عنها وهذا الشاطئ في كتاب الموافقات او الفرج ابن رجب في جامع العلوم والحكم. فاذا اردت ان تتبين ان امرا صدر من عالم هو جنة فلا ترفع سؤالك الى غليل وان عظم قدره من العلم فانه لا يتبين كونه زلة من الزلات الا عالم راسخ كبر في علمه وكبر في عمره. ولما صار الناشئة والدهناء يعرضون ما بدر من الزلات من اهل العلم وشيوخ المعرفة الى من تقاصى عن رتبة العلماء الراسخين وقع الناس في الخبط ولونوا احوالهم الوانا واشكالا وانما ينجو من هذا من اذا عرظ شيء من هذه المسائل رفعه لاهل العلم الراسخين. واهل العلم الراسخين معروفون لكل ذي عينين لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. واكبر دلائل ذلك كونهم ممن ظهر علمه وطال عمره فلا يأخذنكم في زفة شاب انبهر الناس بعلمه وحفظه. وانما تنتظره الايام. فكم من انسان كانت اول كان اول امره على ذلك فما هي الا ثنيات حتى انقلب على من حال الى حال. فرأينا اناسا كبارا كانوا يقرأون على بعض العلماء الكبار ويشار اليهم بالعلم. ونالوا الاستاذية في الشهادات المعاصرة. فلما تغيروا الاحوال وتبدلت ظهروا بمقالات شنيعة بشعة في الدين. حتى قال احدهم افكا وزورا انما هي سنوات قليلة فيذهب هؤلاء الكبار فيتجدد الدين في السعودية. هذه كلمة انسان كان يقرأ على العلماء الكبار وعنده شهادة كبيرة من الشهادات الاكاديمية ولكنه خاب وخسر. والدين ليس مرهون باحد من الخلق. الدين دين الله. والله حافظ دينه بعز عزيز او ذل ذليل. ولكن ان الذي يؤلم القلب مثل هذه المشاهد فاحذر ان تكون واحدا منه يشير لك الناس في المبادئ بالرفعة ثم ما هي الا حتى تتظع وتخذل. فلا تعند دينك على من لم يترشح للرسوخ بعد. ممن لم يكبر سنه مع كبر علمه ولم يكن له تمييز في معرفة المسائل فان الدين ليس ظواهر المسائل فقط بل هو مسائل ومآلات فيعرف المتكلم فيه ما تؤول به المسألة في حال الخلق يتبين له ما يناسب الخلق افتاء واعلاما وارشادا ثم ذكر الامر الثالث وهو ترك اتباعه فيه. اي اذا تبينت زلته فانه لا يتابع فيها. ولا يقتدى به. ومن من الصحابة يقول اليوم ان كان هذا الامر مستنكرا عند فلان وفلان فهو قول لفلان وفلان. وهو يعرف ان قول فلان وفلان زلة من زلاتهم فاذا قلت له ان الاحتفال بعيد الميلاد افتت اللجنة الدائمة بحرمته قال فلان وفلان اجازوه وهو يعلم ان فلان ان فلانا وفلانا زلوا في هذه المسألة وان الحق الحقيقة على خلاف قولهما فانه يترك اتباعه فيها ولا يتخذ مطية تبرأ الانسان من نفسه فيقول قد اتى فلانا بذلك. والرابع التماس العذر له بتأويل زائر. اي حمل كلامه على وجه محتمل مقبول حمل كلامه على وجه محتمل مقبول. ومحله ما قوي مأخذه. ومحله ما قوي مأخذه. اما الاقوال الشاذة الساقطة فهذه لا تحمل على معاني متأولة ببعد التأويل حين اذ اراد الانسان ان يتطلب عذرا لاحد يتطلبه اذا كان محتملا. واما اذا لم يكن محتملا فان الحق احق من فلان وفلان. ففلان اخطأ اخطاء قبله من اخطأ من اهل العلم والفضل فيلتمس التأويل مع وجود المأخذ القوي اما ان يأتي الانسان الى مسألة يتكلم بها من سبل العلم فيقول حين اذ هو مجتهد والاجتهاد له حدود اذ ليس الاجتهاد مرتعا خاص من يتكلم بسببه الانسان في كل شيء كيفما شاء. فاذا قيل له ان القول ان البراء انما يكون من الكاذب ان ان البراءة يكون من الكافر مطلقا؟ قال لا. فلان يقول انه يكون فقط من المقاتل المعادي. اما غيره لا يتبرأ منه فمثل هذا القول قول ساقط لم يقل به احد من العلماء وانما قال به المظهورون التقاء الحضارات الثقافي والتواصل بين المجتمعات كما يسمونه اليوم. واما الدليل البين الواضح معرب فمعرب عن ان هذا القول قوم ساق فمثله لا يتأول ولا يلتمس لهم عرق العذر. بل يقال هذا قول ساقط يرد على صاحبه ويناصح فيه لان لا يضر بدينه ثم الخامس وهو ركن النصح له بلطف لا بعنف وتشهير. لان المراد من نصحه هو رده عن غلطه لا فيه واذا عنفت عليه وشهرت به فالطبيعة الادمية والجلية الانسانية تحمل صاحبها على ان يلازم خطأه لان الانسان ظلوم لكن اذا نوصح بلطف وسر فيرجى ان يرجع عن خطأه. ثم ذكر الامر السابع وهو حفظ جنابه بقدره فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين اي لا تستعمل تلك السقطة والزلة لاسقاطه واهدار قدره واضعاف حشمته في نفوس الخلق. ثم ذكر ختما ان مما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء. ما صورته التوقيع ومآله الاهانة والتحقير كالازدحام على العالم والتضييق عليه والجاء الى احسن السبل فان هؤلاء المزدحمين عليه المضيق طريقه الملجئينه الى اعزل السبل يؤولون به الى حال مهينة محتقرة فربما سقط وربما امتد به فلا يلزم الانسان ان يسلك طريق التوقير الاعظم واما الصور المشوشة الخاطئة فانه يتجافاها ويبتعد عنها نعم المواقف الخامسة والجهالة لحل المشكلات ولا يعرض نفسه خوفا من القوي على الله فهو يخاف من سخط الرحمن فما نخاف السلطان فان العلماء فان العلماء تكلموا وببصر ما فيه سكن. فان تكلموا فيتكلم ومن شر المشكلات التي تتكاثر مع العلماء احسن الظن بهم السلامة مشكلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع عندما الجالس العلماء الراسخين وليس الاسلام بقولهم فيها ذكر المصنف ووفقه الله معقدا اخر من عقد تعظيم العلم وهو ورد اي مثقل العلم الى اهله. فالمعظم للعلم يعول على اربابه الاكابر. فيه في حل مشكلاته واشار الى هؤلاء الاكابر بقوله جهاقنته وجهابذته والدهائنة جمع دهقان وهو مثلث الدال فيقال ذهقان ودهقان ودهقان. وهو قوي التصرف مع حدة. وعلى جهادته جمع جدة ويقال ايضا جهدا بفتح جيمه. وهو النضاد الخبير ببواطن الامور وهو والنقاد الخبير ببواطن الامور ومشكلات العلم ترد الى الموصوفين بالقوة فيه مع تمام خبرة والاحاطة ببواطن الامور. والخبرة لا تستفاد الا مع طول المدة. فينبغي للانسان ان يرد هذه المشكلات ولا يعرض نفسه لما لا ولا يعرض نفسه لما لا تطيق. خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين. فهو يخاف سقف سخطة الرحمن قبل ان يخاف سوق السلطان. وكثير من المتشرعين اليوم يخافون ثوب السلطان اكثر من خوفهم سخط الرحمن سبحانه وتعالى. فتجد احدهم يطلق الكلام المجمل الذي يرضي به الجماهير. ولا يجرؤ ان يتكلم بكلام بين في هداية الخلق فاذا سئل عن مسألة من غوامض المسائل اجاب فيها بجواب مدمن حنان للوجوه يفهمه كل انسان وفق ما يريده. فيستوي في فهمه المسلم المطيع والمسلم العاص والمؤمن والكافر والبر والفاجر. لانه اجاب بجواب مجمل. فلو سئل عن تعزية الكافر بالكافر قال لا ريب ان التعزية من الاحكام الشرعية الدينية التي ينبغي ان يتعلم الانسان وجوه بذلها. والنفس البشرية سواء كانت مؤمنة او كافرة لها حق من التوقير في الشرع. فالنبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة يهودي فقام لها وقال انها نفس فالاسلام جاء بالحفاظ على النفس كيفما كانت بغض النظر عن ديانتها والدين له مقاصد عظيمة الى اخر يسمعها الانسان فلا يرى طحنا. فهو يجيب بجواب مجمل حنان للوجوه متعدد المآخذ يرضي به كل طرف واما الراسخ في علمه المتمسك بدينه فانه يجيب في هذه المسألة ونظائرها بجواب بين مبني على دائرة الكتاب والسنة. رضي السلطان ان لم يرضى. واحب الرعية ام من يحب. لانه لا يتوجه بنظره الى الراعي والرعي وانما يتوجه بنظره الى الله سبحانه وتعالى. فينبغي ان يرجع الانسان في مشكلات امور الى ماء الراسخين العارفين بحق الله وحق خلقه. ثم علل المصنف ذلك بقوله فان العلماء بعلم تكلم فاذا اجتمع العلماء في امن مزدهم في قول فاعلم انهم بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامه. وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعه. وهذا امر شاق على النفوس لان العبودية انما يراد منها اخراج الانسان من هواه. ذكره الشاطبي رحمه الله في الموافقات. واكثر الناس فيما يقع من المشكلات ان يتكلموا فيها. واذا اردت ان تعرف صدق ذلك فانظر الى الصفحات الحاسوبية التي تسمى اليوم بالتويتر. فكل شيء يقع ولو صغيرة ستسمع فيه الف رأي. لان الناس يجرون مع اهوائهم ولا يجرون مع الشريعة الا من وفقه الله لكمال العبودية. ثم ذكر المصنف ان من اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل التي تتكاثر مع امتداد الزمن. فكلما مضى الناس قدما الى يوم القيامة ازدادت الفتن والمدلهمات. ثم ذكر المصنف ان الناجين من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم واذا اردت ان تعرف من هم العلماء الذين تفزع الى قولهم وتلزمه فاسأل عجائز ذلك. فان عجائز اهل يعرفون هؤلاء العلماء. فاذا قالوا لك ان علماء البلد فلان وفلان فاعلم ان هؤلاء هم علماء بلدك. واذا قلت لهم فلان ففلان ولم يعرفوه فاعلم ان هؤلاء ليسوا علماء بلدك. لان العالم الراسخ الذي ظهرت منفعته يكون قد دخل علم وفضله ونبله وخيره الى عامة بيوت المسلمين وسألت بعض عجائز عن الشيخ الالباني فعرفوه فهم لا يقرأون لكن العالم الصادق يجعل الله عز وجل له ظهورا ولو لم تظهره ادوات الاعلام حتى تجز عجائز مسلمين في معرفة به. فالعالم الذي يرجع اليه ويفزع الى قوله في المشكلات ومثلهن هو العامل المعروف الذي عرفه الناس. وكما قال ما لك العلم المشهور فكذلك نقول العالم المشهور. يعني المعروف لا نقصد بالشهرة الشهرة الجماهيرية نقصد بالشهرة معرفة الناس بفضله وعلمه وانه اذا وقعت فيها احدهم مسألة قيل له اسأل فلان له اسأل فلان الذي ينظر في القنوات الفضائية وله مواقع حاسوبية. فكم من عالم معروف عند الناس رسوخه وثباته ولا يجد من الاعلامي اليوم بادواته ما يجده كثير من الناشئة من امثالنا ونظرائنا. ثم ذكر المصنف انه اشتبه عليه شيء لقولهم احسنوا الظن به فطرح قولهم واخطأ قوله واخذ بقولهم. فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها اذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا بالسلامة. فالسلامة لا يعدلها شيء. والمراد بها سلامة دينك لا سلامة وحدة. سلامة دينك هي المطلب الاعظم الذي ينبغي ان تتمسك بما يوصلك اليه. والانسان اذا تكلم بكلمة له بين يدي الله عز وجل عنها سؤالا. فاعد لذلك السؤال جوابا. والمرحوم من هيأ الله له اسباب الرشد استعظ بغيره فرد الامر الى اهله واكتفى بمؤونة رفعهم عن ان يتحمل على ظهره هذه المؤونة ثم ذكر ان من جملة المشكلات وفي زلات العلماء والمقالات الباطلة من البدع وانه انما يتكلم فيها العلماء الراسخون فالجادة السالمة على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. نعم مجالس الانبياء قال من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فالينظر الى مجالس العلماء يجئ رجل فيقول بكذا وكذا ليس وليس ويسقي الى الشيخ ناظر اليه الملائكة ولا يقترب بضجة يسمعها ولا الرجلين والرجلين ولا يستلم بهرج شيخه ولا ولا يرمي ولا حرج. ولا يتكلم عن جنابه واذا وصوته واذا وضعية وعمادها فلا يؤمن بطالب العلم صام كتابه وحفظه واجلاله والاعتداء به فلا يجعل مسلما ولا يجعله محرما ومن شاء الله هكذا يجعلني كلام من الله ولا يأتيك على الكتاب ويقرأه عند قدميه واذا كان يقرأ في هذا الشيء وحمله ذكر المصنف وفقه الله معقلا اخرا من معاقل تعظيم العلم. وهو توقيع مجالس العلم واجلال اوعيته. لان مجالس العلمي كمجالس الانبياء. فالعلم ميراث النبوة والمجلس الذي يدرس فيه العلم ويذكر هو مجلس يشابه مجالس قوة لاتصاله بميراثها. فينبغي ان يلزم الطالب العلم في المجلس ادبه وان يعرف حقه وذكر المصنف طرفا مما يلزم من اداب طالب العلم في مجلسه بان يجلس فيه جلسة الادب اي الهيئة التي تكون موافقة الادب وان يصغي الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه بغير ضرورة لان الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان فكما اختلاس في الصلاة فهو اختلاس في فرد من افرادها وهو العلم لان العلم صلاة القلب. قاله ابن الجماعة في تذكرة والمتكلم فالالتفات في الصلاة من اختلاس الشيطان وكثرة الالتفات في العلم من تصرف الشيطان في صرف الانسان عن العلم ولا لضجة يسمعها فاذا سمع جلبة وضجة لم يلو اليها عنقه ولا تشاغل بها لانه في مجلس علم له حق ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يشتري بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكتب التنحنح والحركة الى اخر ما ذكر ثم ذكر مما ينظم الى توقيع مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها وعمادها الكتب فينبغي للانسان ان يصون كتابه يعتبر ويجله وان يعتني به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه اي يكثر فيه اشيائهم فتجدوا الكتاب قد انتفخ من كثرة ما ادخل فيه من الودائع ولا يجعله بوقا اي لا يثنيه ويضويه. وبعض من الطلبة تجده يحضر الدرس ثم يمسك الكتاب بهذا الصفة وهذه صفة ليست موافقة للادب بل يمسك الانسان الكتاب بالاكبار والاجلال. وقد حضر في مجلس شيخنا محمد بن سلمان بن جراح فقيه الكويت رحمه الله رجل طوى كتابه على هذه الصورة فزجره الشيخ وارشده الى حمله حملا رفيقا ثم اعاده ثانية فنبهه الشيخ ثم اعاده ثالثة فطرده الشيخ وامره ان يخرج من مجلسه لان من لم يتأدب مع كتب العلم ليس من اهل العلم ولا يصلح ان يكون في زمرتهم. ثم ذكر ما وقع من اسحاق بن الاخوي رحمه الله اذ رمى يوما كتابا كان في يده فغضب الامام احمد وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ اي بكلام الصالحين؟ فكيف اذا كان الكتاب على ايات واحاديث ينبغي ان يتعاهده الانسان بالحفظ والرعاية فلا يضعه على الارض بل يلتمس له مكانا يحفظه فيه ويرفعه عن الارض استطاع عند ذلك سبيلا. فاذا ضاق الامر فانه يتسع ولا يتكئ على الكتاب او يضعه عند قدميه. واذا كان يقرأ فيه على سحر رفعه عن الارض وحمله بيديه لان هذا من تعظيمه. فقمين اذا عظمه ان يصل علمه الى قلبه. نعم منها ونصيحة للمسلمين ومنها العلم عن اهل البدع وكان من المخلفين ومنها ان يجلس له سبب له فليفعل كما كان يفعله رحمه الله المتعلم على الاقبال عليه فالسكوت جواب قاله ابن عباس ورأينا هذا جدا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله وربما سأله السائل عما لا ينفعه فترك الشيخ كرامته او اجابه بكلام فصله ذكر المصلى وفقه الله معملا اخرا من عقد تعظيم العلم وهو الذب عنه. والذود عن حياضه لان للعلم حرمة وافرة فهو من شعائر الدين هذه الحرمة المعظمة توجب الانتصار للعلم اذا تعرض لجنابه بما لا يصلح فاذا وقع احد البلوغ في شيء يتعلق بالعلم على ما يباين المأمور به شرعا وجب الانتصار للعلم ظهر هذا عند اهل العلم في مظاهر شتى منها الرد على المخالف. فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية من دين ونصيحة للمسلمين. قال ابو عبد الله احمد بن حنبل لم يزل الناس يرد بعضهم على بعض. فليس الرد مستعظما مستكبرا انما الذي يستقبح اذا وقع الرد مع الجور والظلم. واما مع العدل والانصاف فانه يرد على كل احد كائنا مع كائن لكن بملازمة الطريقة الشرعية في الرد ولا يوفق اليها الا الراسخ في العلم الراسخ في العلم هو الذي يوفق لطريقة الشرع واذا اردت ان ترى صورة من ذلك فانظر الى رد شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى على العلامة الالباني في مسألة موضع اليدين وارسالهما في الصلاة بعد الرفع من الركوع ونظيرها كذلك رسالة الشيخ حمد ابن عتيق رحمه الله الى الشيخ صديق حسن خان في ما وقع في تفسيره من اغلاط ثم ذكر منها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى الفضائي اجماعا اي ذكر الاجماع على هجر المبتدع تأديبا له وتعنيفا على بدعته فالمبتدع يهجر ويصارم لان مواصلة المبتدع تفضي الى ملاينته في بدعته. وهذا صار شيئا سهلا على الناس تأتيني اشياء متباينة للكافر وغير الكافر. فصار صاحب البدعة الداعي اليها يعتبر عنه بان له حسنات او ان له جهودا في خدمة الاسلام. ومثل هذه الاشياء هي له بينه وبين ربه. واما بدعته الظاهرة كوقيعته في الصحابة او تعرضه لائمة الاسلام كالبخاري رحمه الله تعالى او مدحه لعلماء الرافضة وغيرهم فمثل هذا لا يقال له حسنات وخدمات اسلامية ونحوها هذا بينه وبين ربه عز وجل. واما الناشئة والشباب فيحذرون من استماع كلامه ومن الاخذ ما يقوله في محاضراته وينفرون من ذلك اشد وقاية لهم وحماية لهم من شره وضرره. ولما هان هذا الامر عند الناس لا ندينهم ضعف. صار من الناس من يواصل مبتدعه ويؤاكلهم ويشاربهم ويتلاقى معهم. واهل السنة والجماعة يهجرون المبتدع ويتعبدون لله سبحانه وتعالى بهجره لا حمية لا حمية لانفسهم. وانما حمية للدين. فنحن نحب البعيد اذا كان متمسكا بالسنة ونبغض القريب اذا كان معاديا للسنة. فمن عادى السنة هجر ونفر عنه. واذكر مما يدل على صحة دين بعض عجائزنا اكثر من صحة دين بعض شبابنا ان اثنين من قرابتنا اختلف في سماع اشرطة رجل فقال احدهما للاخر اني اسمعه واميز بعقله وقال الاخر ان الشيخ ابن باز وابن عثيمين نهي عن سماع اشرطة فراجعه الاول فقالت امهما ان كان العلماء نهوا عن استماع اشرطته فلا خير فيها. فانظر الى سلامة الفطرة عندها هو ما تكدرت به الفطرة ابنها الذي سوغ سماعها تحت ذريعة انه لا ضرر اذا كان للانسان عقل يميز. ومن اللطائف انني مرة سألني الشيخ بكر ابو زيد رحمه الله تعالى عن الكتب التي صدرت في مدة ما فسميت له منها اشياء فقال لي في احدها هل قرأت هذا الكتاب؟ فقلت نعم. قال ما رأيك فيه قلت كتاب حسن يكثر فيه من النقل عن ابي العباس ابن تيمية وغيره. فقال لي انكم ايها الشباب تقرأون ولا تفهمون مآل هذا الكتاب ملاينة اهل البدعة وترك مصادمتهم. فانظر الى كمال فهم العالم فيما يؤول مثل هذا الكتاب اليه. وكيف ان فهم احدنا نحن الشباب ان يرى شيئا متبادرا من النقل عمن يعظمك بالعباس ابن تيمية وغيره فيراه كتابا حسنا. ثم ذكر مما يتعلق بهذا العصر انه لا يأخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس. كما في الرواية عنه لدى المحدثين كان يكون في دراسة نظامية الا اختيار له فيها. ومنها المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد يعني خصومة شديدة او سوء ادب فانه يجزأ عن ذلك حفظا العلم وتوقيره لجنابه وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل كما يفعله كما كان يفعله شعبة مع الثاني ابن مسلم في درسه فكان شعبة اذا ظهر من عفان شيء يخالف الادب زجره وكان عفان مع اخراج يرجع مرة اخرى ويلازم شعبة حتى حمل عنه حديثا كثيرا. وربما هان هذا على احدنا في مقاعد الدرس في المعاهد والكليات فتجد ان استاذه يمنعه من الدخول لاجل تأخره فقط. فتجده من غد في المحاضرة نفسها الاول عند استاذه في الجلوس. واما في المساجد فاذا اريد ان يؤدب احد بجره عن فعل سيء قالوا ان في هذا تشددا لان من لا يميز ولا يفرق بين الذهب والنحاس يظن النحاس ذهبا فيستبعد شهود مثل هذه في مجالس الخير والفقه والعلم وهي اولى من المجالس التي قد يعيب عنها شيء من هذه المعاني في مقاعد الدرس في المعاهد كليات فكما يكون هذا سلوكا اصلاحيا في تلك المواضع فهو سلوك اصلاحي في مثل هذه المواضع. وكم من شيخ سلك ذلك وقد ذكرت لكم قريبا قصة الشيخ ابن جراح رحمه الله تعالى مع من اساء الادب. ثم ذكر انه ربما زجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وتركه الاجابة فالسكوت جواب قاله الاعمش فتجده يسأل سؤالا ثم لا يجاب على سؤاله تأديبا له وزجرا عن مقالته وذكرت انه مما رؤي من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه يعني يسأل عما لا ينفعه ولا حاجة له به. فيترك الشيخ اجابته ويأمر القارئ ان يواصل قراءته ويقول نعم. اشارة الى ان يواصل القارئ قراءة او اجابه بخلاف قصده له قصد تريد ان يصل اليه بسؤاله فيجيبه الشيخ بخلاف قصده والعالم العاقل يستعمل هذه المظاهر في هداية خلقه فهو لا يريد ان يتسلط عليها. وانما يريد ان يدلهم الى الله سبحانه وتعالى قال ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل احداهما الاخرى فقد لا ينطلع وثقوا الا بشيء من التخشين انتهى كلامه فانت ربما وقع على يدك وسخ لا تزيله بماء بل تحتاج الى مكابدته بصابون وربما شيء من التراب كي يزيد عنك ذلك الوسخ. فكذلك احوالنا نحن تحتاج الى اصلاح ربما اقترن بالتخشين الذي لا يراد به سوى هداية الخلق وارشادهم الى الله سبحانه وتعالى. فيجب على المعلم والمتعلم ان يسلكوا هذا السبيل في اصلاح نفسيهما. نعم مرارا ومن العلماء هذه المسائل كما مر معك فلابد من ان يتحقق في مسألة العالم ولا يصلح في تحفظه فيها الا منها اولها في سؤاله لماذا التعلم والتهكم فان من ساء قصره في سؤاله بركة العلم ويمنع من الاصل الثاني التقدم الى ما يسر عنه فلا تسأل عما لا نفع فيه. اما من نظر الى حالك وبالنظر الى المسألة نفسها او ما لا يحدث به كل احد. وانما يخص به قوم دون قوم. الاصل الثالث صلاحيتها او ماشيا في طريق الاصل الرابع يأتي بنية سؤاله لاخراجه من صورة حسنة متألمة فيقال اهل السوء ذكر المصنف وفقه الله مقعدا اخر لمعاقل لتعظيم العلم وهو التحفظ في مسألة العالم. اي طلب الصيانة وحفظ النفس فيها والحامل على ذلك الفرار من مسائل الشغب والشغب باسكان الغيب هو تهييج الشر وتحريكه وتحريك الشغب بفتح الغيب لا يصح لغة في اصح القولين. فكما ينهى عن تحريك فتن بالفعل ينهى عن تحريك الكلمة الموضوعة لها في اللغة وهي الشغب. فيقال احداث الشغب ولا يقال احداث الشغب والموجب لذلك ايضا حفظ هيبة العالم. لان من الاسئلة ما يراد به التشغيل وايقاظ الفتنة واشاعة السوء ومن انا الانس منه العلماء ذلك لقي منهم ما لا يعجبه. ثم ذكر ان التحفظ في مسألة العالم يكون باعمال اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فهو ينظر في سؤاله الذي يشقه لاي شيء يسأل فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم. لا التعنت والتهكم اي لا طلب العنت وهو الحرج بالعالم. ولا طلب السفن به بين من ساء قصده بسؤاله يحرم بركة العلم ويمنع منفعته. والاصل الثاني التفطر الى ما يسأل فلا تسأل عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك بان لا يكون نافعا لك او بالنظر الى المسألة نفسها الا تكون هذه المسألة ذات صلة بما ينفعك ومثله السؤال عما لم يقع اي شيء لم يقع بعد او ما يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم والعالم الكامل. يعرف ان من السؤالات ما لا يجاب عليه كل احد واذكر ان الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى سئل عن مسألة سأله عنها احد طلابه الملازمين له فسكت تشفع هذا السائل لشيخ اخر من قدماء واصحاب الشيخ ابن باز فسكت فتشفعا معا عن الشيخ عبدالرحمن بن البراك فاجابهم الشيخ عن المسألة انظر هذه مسألة سأل عنها اناس لازم الشيخ اقلهم فوق بضعة عشر سنة. ومع ذلك هو يعرف ان من جلال العلم وهيبة العلم وحفظ العلم ان مثل هذه المسألة تحفظ في جوابها لما فيها من الحرج في الافتاء بها بما يترتب عليها من احكام شرعية تتعلق عنه وهي تتعلق في واقعة من الوقائع في احد الخلق. فالعالم الراسخ يعرف متى يتكلم وكيف يتكلم في هذه والاصل الثالث الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مفهوم او متنكرا او قاسيا بطريق او راكب سيارته فليتحينوا طيب نفسه. سأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمسي فقال ليس هذا من توكيل العلم يعني ليست هذه حال يوقر بها العلم. ثم ذكر الاصل الرابع وهو تلفظ السائل الى كيفية سؤاله. لاخراجه في صورة حسنة متأدبا بان يقدم الدعاء للشيخ ويبجله في الخطاب ويظهر حاجته الى جوابه. ولا تكون مخاطبته لشيخ كمخاطبة اهل السنة سوق واخلاق العوام بل يسوقه سياقا حسنا لانه اذا ساقه في مساق غير حسن ناله ما لا يرضاه ذكر ان رجلا دخل الا يحيى ابن معين في مجلسه فقال يا ابا زكريا حدثني شيئا اذكرك به. قال حدثني شف السؤال حدثني شيئا اذكرك به فقال اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم تتعب. لانه وقع في حال لا تناسب. فاجابه فيصلح له. نعم المرة التاسعة عشر محبة وتعلق القلب به ولا ينام ابراهيم وانما تنال لذة العلم بثلاثة من ذكرها رحمه الله وثانيها صدق الضلال وثالثها الصحة بالنية والاخلاص. ولا الا مع ذلك بكل ما يسقط عن القلب ان لذة العين فوق لذة السلطان التي تتطلع اليها نفوس كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرا وتحس وقتها وتحس الخليفة العباسي المشهور الذي كان المالك تملأ الشر والغرب هل بقي من لذات الدنيا شيء لم شيء لم تنله وقال الله مستو على كرسيه وسميع ملكه بقيتكم باقيا خصلة ان اقعد على مسطرة وحولي اصحاب الحليب فيقول المسلم من ذكرت رحمك الله يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ومتى وذاهبة النفس عنها بل تستعين الالام لذة بهذه اللذة ذكر المصنف وفقه الله معقدا اخرا من معاقل تعظيم العلم فهو شغف القلب بالعلم. اي محبته له وغلبته عليه ومعنى شغف القلب بلوغ المحبة شغف القلب يعني باطن القلب فصدق الطلب للعلم يوجب محبته وتعلق القلب به. ثم ذكر المصنف ان لذة العلم انما تنادي ثلاثة امور احدها بذل الوسع والجهل يعني الطاقة والقدرة في طلب العلم. وثانيها صدق الطلب بان يتوجه اليه توجها كاملا. وثالثها صحة النية اخلاص بان يصحح نيته في ارادته الشيء تقربا لله سبحانه وتعالى وان يصفي قلبه من سوى الله سبحانه وتعالى فالنية شرعا هي ارادة القلب العمل تقربا الى الله. ارادة القلب العمل تقربا الى الله والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله. فالاخلاص هو الصفة الشرعية المطلوبة للنية. ثم ذكر ان هذه الامور الثلاثة لا تتم الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب. فاذا دفعت المشغلات من العلائق والعوائق عن القلب تم للانسان لذة العلم. ثم ذكر ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليه نفوس كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. ولهذا كانت الملوك تحس بفقد هذه اللذة وتتطلب تحصيلها. قيل لابي جعفر المنصور الخليفة المعروف البقية من لذات الدنيا شيء لم تنله. فقال وهو ومستو على كرسيه وسرير ملكه بقيت خصلة. وهذه الخصلة تتعلق بالعلم ان اقعد على مصطبة اي مكان مرتفع قول اصحاب الحديث اي طلاب العلم. فيقول المستملي وهو الذي يستخرج حديث المحدث ويستجيشه من ذكرت رحمك الله اي من حدثك بهذا الحديث فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان فهذا الرجل قد بلغ اعلى اللذات عند الخلق وهي لذة الملك والسلطان والحكم وما كذلك بقي فاقدا للذة العلم. ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات. وذهلت النفس عنها فاذا عمر قلب الانسان بلذة العلم انصرف عن غيره من اللذات. فالذي يتلذذ منا بهذا مجلس يذهب عن ان بعض اصحابه او خلانه ضرب له موعدا بعد العشاء ان وجد فراغا ان يتعشى معه لانه ان ملء قلبه من حاجته اولى عنده من ملء باطنه لان حاجة القلب اعظم من حاجة البطن واذا امتلأ القلب بلذة العلم استحالت الالام لذة بهذه اللذة. فربما يجد الانسان الما ومع ذلك تزيد لذة العلم عنده. فهو وان زاد الالم الذي يلحق به من طلب العلم كان يكون قد انهك بدنه او ضعفه او نحو ذلك من الام طلب العلم لكن لذته القلبية عامرة. ومتى استوت هذه اللذة في قلب الانسان ذهب لا حول وقد لقيت رجلا كتبت اسمه ولا يحضرني الان قبل بظعة عشر سنة في مكة فاخبرني انه اشتغل بخدمة الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله تعالى مدة من زمنه فكان خادما له قال فكان يحضر له الطعام فيجعل عنده كنت ابقى عنده رجاء ان اصيب معه من الطعام قال فكان يذهل عن هذا الطعام ويغفل عنه حتى يبرد فربما نبهته اليه بعد بردته فقال لا حاجة لي فيه. كله او ارجعه الى اهل البيت. يقول هذا الرجل فكيف اكل قد صار باردا فهو ذهل عن الاكل والشراب لانه مقبل على العلم. والذي يجد لذة العلم يذهل عن هذه الاشياء وانتم تعرفون ان اللذات التي يجدها الشباب ربما ينصرف احدهم عن امره الاكبر اليها بساعات طويلة فربما خرج احدهم في البر اياما حتى ينسى امورا واجبة عليه لانه يجد انسه ولذته في التخلي في البراري وربما اشتغل بلعبة من الالعاب التي تعلق بقلبه فامضى ساعات طويلة حتى ينسى ويجهل عن الامور التي تحيط به وحدثت عن احد اهل العلم زماننا ولم اسأله عن ذلك انه دخل مكتبته ذات ليلة ليقرأ فبقي يقرأ وذهل عن نفسه حتى مضت هذه الليلة ويومها وصارت الليلة الثانية. الليلة انصرمت ثم مضى يومها ثم صار في الليلة الثانية وهو مشتغل بالقراءة. ذاهلا عن غيرها ظنه اهل البيت انه قد فارق البيت وخرج منه. لكن الانسان اذا استولت هذه الندة على قلبه انصرف عن كل شيء وقد كنت اتردد الى احد علماء الحائل وهو الشيخ سليمان السكيف رحمه الله تعالى. فكنت اذا جلست معه اجلس معه خمس ساعات فيقول ان اذا جلست في العلم ذهب عني مرض الاضرار. والادرار لا لا ينفك صاحبها عن الخروج الى حاجته بعد كل مدة يسيرة. فكانت تمر ساعات طوال وينسى هذا البرر. لانه وجد لذته فالانسان اذا وجد لذته في العلم جهل حتى ان مرضه والمه. نعم الماضي رحمه الله ينبغي للانسان ان يعرف ان يعرف شرف زمانه وقدره فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه افضل من القول والعمل. ومما عظمة الوقت ما ضيعت ساعة وقال اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. وبلغت منه ان يقرأ عليه مال الذكر. بل كان يقرأ عليه في دار صلاة فاحفظ ايها الطالب وقتك فقد خلق المبلغ الوزير الصالح بنصحك بقومك. والوقت انفاسنا عن ميدان حفظه الله واسأل الله اسهل ما عليك يضيع تمة خلاصا ختم المصنف ووفقه الله ما عقد تعظيم العلم بالمعقد المتم العشرين وهو حفظ الوقت في العلم لان الوقت هو ورث الاعمال وطلب العلم يحتاج الى انفاق وقت كثير فيه. فلا يناله بغيته منه الا من حفظ وقته ومن هنا عظمة رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد ابن عبد الباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او وقال ابو الوفاء ابن عقيل اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. قال الحسن البصري ادركت اناسا هم اشح بوقته من احدكم بدراهمه. فكانوا يعظمون الوقت ويحفظونه ولا يضيعون شيئا منه قيل لعامر ابن عبدي قيس الكوفي قف بنا نكلمك ساعة فقال ان الشمس لا تغرق تعني ان الشمس لا تنتظر فالوقت يمضي. ومن شدة اعظامهم حفظ الوقت بلغت منهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل. اي يقرأ عليه وهو يأكل بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء فاذا دخل احدهم الخلاء لقضاء حاجته امر احدا يقرأ عليه فيسمع العلم الذي يقرأ عليهم فينبغي ان يجتهد طالب العلم في حفظ وقته مستنصحا بقول ابن هبيرة والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. فهو سهل الذهاب. فاذا فرغ منك يوم فاعلم انه لا يرجع اليك ابدا. وبهذا تمت الخلاصة. كما قال ابن مالك احصى من الكافية الخلاصة كما اقتضى غنى بلا خصاصة فهذه خلاصة الكتاب تعظيم العلم وهي حقيقة بارجاع النظر فيها وتفهم معانيها قوة على حفظها فانه ينبغي له ان يحفظها وبتمامها ان نكون قد فرغنا بحمد الله من الكتاب الاول من الكتب المقرر في برنامج اصول العلم. وقد اجزتكم برواية هذا الكتاب عني. وانبه الى امور في ختام الدرس. احدها في الاسبوع القادم درس ثلاثة الاصول باذن الله تعالى في الوقت نفسه. وثانيها مقررات هذا البرنامج لها نسخ معتمدة يمكن الحصول عليها من في الباصية الصواب او مركز الصواب لخدمات الطلاب فانها ستكون موجودة عنده وبعد مديدة يسيرة ان شاء الله تعالى ارجو ان نطبعها كما فطبعنا غيرها من المقررات لكن الوقت ظاق علينا وارجو ان نكون في اول السنة القادمة قد طبعنا يعني بعد شهرين قد طبعنا المقررات وزعها عليكم باذن الله سبحانه وتعالى فاحرصوا على استصحاب هذه النسخ دون غيرها وثالث ثالث الامور المنبه اليها ان من اراد ان يحضر الدرس فانه يحضر بهذه النسخ. فان اراد نسخة اخرى يحضرها معه فله ما شاء ان يحضر ما يراه هو من النسخ لكن هذه النسخ مصححة مثقاة حسب الوسع والتوفيق. ولا ينبغي له ان يحضر بشرح معه فلا اذن لاحد ان يحضر عندي بشرح شرحا من شروحه ولا شرحا لغيري لان من ادب فهم المتن ان تحظره بدون شرح فالطريقة التي صار عليها ناس يحضرون المتن والشرع لم تكن طريقة طلب العلم لانك اذا جمعت معه الشرح اشغلك عن شرح شيخك الى غير ذلك من المضار التي تلحق مما بينه في طي هذا المقام. والامر الرابع كل درس من الدروس سيتبعه ان شاء الله تعالى اختبار سريع في الدرس الذي يليه سيكون على نحو وجيز سهل. وسيكون للمختبرين حظ من العناية ماذا يكون لغيرهم؟ فمن اعتنى بدرسه اعتنى به معلمه فكل درس نفرغ منه يكون اختباره في درس هذه الليلة سيكون اختبارا ان شاء الله تعالى في الاسبوع القادم بعد الدرس ثلاثة ايام الاصول سيكون اختبارا يمكن انهاءه في خمس دقائق وبالاكثر انهاءه في عشر دقائق وستقصد اسماء المختبرين بها ويكون لهم من الحال ما يناسب حالهم من الاستفادة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه ورسوله محمد واله وصحبه