السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل العلم للخير الاساس. الصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للناس. وعلى اله وصحبه البررة الاكياس اما بعد فهذا شرح الكتاب الثامن. من برنامج اساس العلم في سنته الثامنة ثمان وثلاثين واربع مئة والف وتسع وثلاثين واربع مئة والف. بمدينته العاشرة مدينة نجران. وهو في البينة في اقتباس العلم والحذق فيه. لمصنفي صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين وجميع المسلمين. قلتم حفظكم الله في كتابكم البينة في اقتباس العلم والحذق فيه بسم الله الرحمن الرحيم. الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى فله الحمد في الاخرة والاولى. واصلي سلموا على محمد واله صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اما بعد فانه لم يكن الذين يقتبسون العلم منفكين عن خبطهم زائلين عن خلطهم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة موضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم. وقضي لي فيما سلف تصدير مقيدة في مدارج في مدارج العلم بعشر وصايا شرقت وغربت ما شاء الله فتلقفها فئام يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون. ثم حسن لي موفق سل نصالها وبوح وصالها. توسعة بالافادة فاجبت الداعي وحققت مؤمله فابرزت البينة في اقتباس العلم والحذق فيه من خدرها تنفع التمس وترفع المقتبس وتدفع المختلس والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم ثنى بالحمدلة ثم ثنت بالصلاة والسلام على محمد وعلى اله صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليما كثيرا. ثم ذكر انه لم يكن الذين يلتمسون العلم اي يطلبونه منفكين عن خبطهم اي تاركين له زائرين عن خلقهم اي مفارقين لهم اي مفارقين لهم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة موضحة توجه حائرهم انبهوا غافلهم فان الساعون فان الساعين في طلب العلم يفتقرون الى الارشاد بداية الى سبيل اخذه. ويتحقق نفعهم ببيان الواضحات لهم في جادة اخذك واقامة الحجج على ذلك حتى توجه حائرهم وتنبه غافلهم فينفكوا عن خبطهم ويزول عن خلطهم. ثم ذكر انه تقدم منه تصدير مقيدة في مدارج العلم. اي مسالك لاخذه ورتب جمعه بعشر وصايا شرقت وغربت ما شاء الله اي انتشرت شرقا وغربا فتلقفها فئام اي جماعات يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون ثم حسن له موفق سل نصالها وبوح وصالها. اي الاعلان بذلك وتوسيع دائرة نشره رغبة في تعميم الافادة فاجاب الداعي وحقق مؤمله ولم شك ذات تلك الوصايا في هذا الكتاب الذي سماه البينة في اقتباس العلم والحلق فيه اي في العلم واتقانه والمعرفة التامة به. فابرزها من خدرها. اي مما كانت تحتجب به تنفع الملتمس اي طالب العلم وترفع المقتبس اي المهتدي بانوار الدلالة والارشاد والارشاد وتدفع المفترس المدعي ما ليس لهم الله ليهدي من يشاء الى صراط مستقيم. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الاولى. العلم صيد وشراكه النية فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم سرره ونال منه غراره. ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا اردله مما لا يقصده صائد ولا يبشر به رائد ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وبتصحيح النيات تدرك الغايات. ومدار نية العلم على اربعة امور من اجتمع له قصدها كملت نيته في العلم. اولها رفع الجهل عن عن النفس بتعريفها طريق العبودية. وثانيها رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنياهم واخرتهم. وثالثها العمل به فان فان العلم يراد للعمل. ورابعها احياؤه وحفظه من الضياع وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه القادر عليه واليهن اشرت بقول ونية للعلم رفع عن نفسه فغيره من النسم. والثالث التحسين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. ومعنى عم شمل النسم النفوس جمع نسمة وزك اي ثبت. ذكر المصنف وفقه الله البينة الاولى من بينات العسل المذكورة في هذا الكتاب. منوها بان العلم صيد وشراكه النية. اي حبالة التي تنصب لاقتناصه. فنية العلم هي اوثق حبالة وشبكة بها العلم فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم درره. ونال منه غرره. ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارذله مما لا يقصده صائد ولا يبشر به رائد والرائد هو مقدم القوم في طلب الربيع ومقدم القوم في طلب الربيع فان العرب كانت اذا رأت البرق في ناحية بعثت من ينتجع الربيع بين يديها. فيمضي حتى يفتش في الارض عن موضع الربيع ثم ذكر الاصل الذي بني عليه هذا وهو ما جاء من كنوز السنة. في قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات انما لكل امرئ ما نوى رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. ثم قال وبتصحيح النيات تدرك الغايات. اي اذا صحت نية احد في ابتغاء مطلوبه ادركه وحصله. ثم ذكر ان مدار نية العلم على اربعة امور اذا جمعها العبد كملت نيته في العلم. اولها رفع الجهل عن النفس بتعريفها طريق العبودية. فينوي بطلبه العلم ان رفع الجهل عن نفسه معرفا لها بطريق العبودية. وثانيها رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح واخرتهم فينوي السعي في رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى ما ينفعهم في العاجل والاجل وثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. فينوي بطلب العلم ان يكون عاملا لان العلم يراد منه العمل لله سبحانه وتعالى ورابعها احياؤه وحفظه من الضياع. فينوي بجمعه العلم ان يكون ساعيا في احياء العلم وعدم موته وحفظه من الضياع لان لا يذهب. ثم قال وهذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له. القادر عليه اي يقوى ملاحظة هذا المعنى في حق من وجدت له اهلية من الطلاب ممن امتاز عن غيره بقوة حفظه وجودة فهمه وتهيأ له من اسباب العلم ما لم يتهيأ غيره ثم ذكر ان هذه الامور الاربعة جمعت في قوله ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم وبعده والثالث التحصين للعلوم منه ضياعها وعمل به زكن. ثم قال ومعنى عما شمل اي شمل المذكور بعده من نفسه ومن النسب ثم قال والنسم النفوس جمع نسمة وسكن اي ثبت نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الثانية العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة فان هزائم جلابة الغنائم فاعزم تغنم واياك واماني البطالين. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. وانما يحل عقدة العزم ثلاثة قيد اولها الف العوائد مما جرى عليه الخلق في رسومهم واحوالهم. وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي تكتسح العبد من قبل غيره. فان لهن سلطانا على النفس يحول بين العبد وبين ويقعده عن مرغوبه لا يدفع الا بحسم مادتهن. فالعوائد تحسم بالهجر والعلائق تحسم بالقطع عوائق تحسم بالرفظ فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس. وتمد قوة العزم ثلاثة موارد. اولها مورد الحرص على ما ينفع. وثانيها اريد الاستعانة بالله عز وجل وثالثها مورد خلع ثوب العجز والكسل. وهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو القذة بالقذة ومما يحرك العزائم ادمان مطالعة سير المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. فالاعتبار بحالهم وتعرف مصاعبهم في هممهم يثور عزمتك ويقوي شكيمتك. فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم ذكر المصنف وفقه الله البينة الثانية من البينات العشر منوها بان العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة والعزم هو الارادة الجازمة واشتمال القلب عليها دليل الصدق واذا فرغ القلب من تلك العزيمة لم ينل مطلوبه فان العزائم جلابة الغنائم. فاعزم تغنم واياك واماني البطالين. ثم ذكر قول ابن القيم اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها اي ان استنارة القلب بنور العلم تحصل بالهمة والعزيمة والفرق بينهما ان العزيمة ان الهمة مبتدأ والعزيمة منتهى فاذا هم العبد وقويت همته استحكمت فصارت عزيمة ثم ذكر ان عقدة العزم تحل عقدتها اي تضعفها ثلاث اياد اولها الف العوائد وهي جمع عادة مما جرى عليه الخلق في رسومهم واحوالهم فمن الف عوائد الخلق وجاراهم فيها حلوا عقدة عزمه وثانيها وصل العلائق وهي تعلقات القلب وصلاته اي ما يوجد في القلب من مرادات مطلوبة يتشوف اليها ويتعلق بها. وثالثها قبول العوائق اي الاستسلام لها من الحوادث القدرية التي تكتسح العبد من قبل غيره فالفرق بين العلائق والعوائق ان العلائق تتعلق بالانسان نفسه فيجدوها في قلبه واما العوائق فهي خارجة عنه هاجمة عليه ثم قال فان لهن سلطانا على النفس يحول بين العبد وبين مطلوبه ويقعده عن مرغوبه لا يدفع الا بحسم مادتهن والحسم هو الاستئصال التام والقطع المبرم. ثم بين ما يحصل به حسم هذه المفسدة فقال فالعوائد تحسم بالهجر. اي بان يهجر الانسان ما اعتاده الناس والعلائق تحسم بالقطع. اي بنزعها من القلب. والعوائق تحسم بالرفض. اي مقابل بردها وعدم الاذعان لها ثم قال فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه. اي الحاكم عليها فليس كل احد يحكم نفسه ويتملك يتملكها. واكثر الخلق تملكهم نفوسهم وتتحكم فيهم ثم قال وحسام النفوس اجل من حسام الرؤوس. اي ان قدرة العبد على سياسة نفسه باصلاحها وحسم ما يتعلق وبها اعظم من كون الانسان قادرا على انتشاق حسام اي سيف يجز به رؤوس الخلق. ثم ذكر ان قوة العزم تقوى بثلاثة موالد اولها مورد الحرص على ما ينفع وثانيها مورد الاستعانة بالله عز وجل وثالثها مورد وخلع ثوب العجز والكسل وهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز رواه مسلم من حديث ابي هريرة. فجمله الثلاث منابع الموالد واحدا واحدا حذو القذة بالقذة. اي محاذاة ريشة السهم بريشته الاخرى مما يكون في اخره ويشد في وتر القوس ليرمى به فقوله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك دليل المولد الاول وقوله صلى الله عليه وسلم واستعن بالله دليل الموت الثاني وقوله صلى الله عليه وسلم ولا تعجز مولد آآ دليل المولد الثالث ثم ذكر ان مما حركوا العزائم ان يقويها ويعليها ادمان مطالعة سير المنعم عليهم من النبيين والصديقين الشهداء والصالحين اي ملازمة ذلك. فيديم ملتمس العلم خاصة وملتمس الخير عامة النظر في احوالكم من الخلق السابقين. من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وعلله بقول فالاعتبار بحالهم وتعرف مصاعد هممهم يثور عزمتك ويقوي شكيمتك لان الانسان اذا بصر باناس هم من جنسه حملوا انفسهم على المقامات العالية فادركوا ما ادركوا قوى ذلك نفسه في السير بسيلهم والاقتداء بهم قال مالك بن دينار الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض. الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه لبعضهم ببعض رواه ابن بطة في كتاب الابانة الكبرى. والقطع نوع معروف من الطير. يتبع بعضه بعضا ويأخذ بعضه بالسير بعض وجبلة الخلق محبتهم السير بالسير غيرهم. والاقتداء بطريقته. ثم قال فلا تحرم نفسك من اثارهم وطالع ما استطعت من سيرهم. وقد ذكر ابو الفرج ابن الجوزي في صيد الخاطر انه لا يجد لطالب العلم انفع من ادمان النظر في سير السلف السابقين. انتهى كلامه. للمعنى الذي ذكرناه من قلة الاقتداء ومحبة الاتباع لمن سبق. فمما تقوى به النفس في تثوير عزيمتها وتحريك همتها ان ينظر ملتمس العلم والخير في من تقدمه من ثم للخلق ثم يسير بسيرهم ويقتدي بفعلهم. فالمرء اذا رأى ان خلقا من خلق الله هم ابناء او جنسه حصلوا خيرا عظيما بما كانوا عليه من العزائم اقتدى بهم وقويت نفسه على مطلوبه نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الثالثة التبحر في العلم فضيلة والمشاركة في كل فن غنيمة. قال ابن مجاهد رحمه الله كنت اخذ من كل علم طرفا فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول غمة عظيمة قال ابو محمد ابن حزم كتيبة الاندلسيين عقب ذكره له ولقد صدق. وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الوردي من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله الى وهذا در من الحرمان فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار ومنازله اولى فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. ومن خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعضهم فمحلها الى النورين القرآن والسنة. وهما وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحدا كان الارتباط واضحا. قال الزبيدي الله في الفية السند فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض وبعضها بشرط بعض مرتبط. والتفريق بين بالاقتصار على فن واحد تونت دون تحصيل اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها. ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة في علوم الديانة جميعا. فليس متهيأ لكل احد بل يختص به الله من يشاء من خلقه وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه. وتجشم العناء حتى ينال المنى. لاستسهلن الصعب او ادرك المنى فمن قادت الامال الا لصابر. ذكر المصنف وفقه الله البينة الثالثة من البينات العشر منوها بان التبحر اي التوسع في العلم فضيلة. والمشاركة في كل فن غنيمة. واتبعه بقول يحيى بن مجاهد ان كنت اخذ من كل علم طرفا اي اصيب منه نصيبا. قال فان سماع الانسان او من يتحدثون وهو لا يدري ما يقول غمة عظيمة. ان يجدوا معه السامع الما في نفسه بان يكون بمنزلة الاعمى بين المبصرين والاصم بين السامعين. فيألم لما يجده من فوت فهم ما يذكرونه واتبعه بقول ابن حزم ولقد صدق اي صدق يحيى ابن مجاهد فيما ذكره من حصول الغمة القلبية لمن اجتمع باناس يتحدثون في شيء وهو لا يدري ما يقول فيما يتكلمون فيه ومن جملة من تعرظ له هذه الحال من لا يأخذ من العلوم بنصيب حسن فيجمع نفسه على فن او فنين مهملا الاخذ بالاصول الجامعة من انواع الفنون عند اهل العلم وقوله في وصف ابن حزم كتيبة كتيبة الاندلسيين اي الذي هو فيهم بمنزلة الكتيبة والكتيبة جماعة العسكري والخيل. ثم قال وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الورث من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار. اي ان صاحب النفس الابية الحرة يطمح الى الاطلاع على انواع المعارف واسرار العلوم. فتحمله هذه النفس على ان يأخذ من كل فن قدرا حسنا ولا يكون جاهلا ولا يكون جاهلا بشيء منها والذوق والوجد حالان قلبيان يعرضان للعبد ومن الاول حديث العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه ذاق طعم الايمان. الحديث رواه مسلم ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان. الحديث رواه البخاري ومسلم. ثم قال ويقبح ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله اليه. اي ان من المستقبح ان يكون للمرء قدرة في ادراك مطلوب من المطلوبات من العلوم. فيقعد عن طلبها ويتباعد عن اخذها مع وجود القدرة ووفور المكنة قال المتنبي ولم ارى في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام. وهذه الحال التي يتلبس بها من يتلبس من القادرين القاعدين حقيقة بقوله وهذا ضرب من الحرمان. فان العلم وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه اذا اصله الزخار. ومنازله الاولى فحيا على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. ثم ذكر خصيصة من خصائص علوم الديانة تحمل على طلب معرفة اصل نافع من كل فن منها. وهو كونها مرتبطة ببعض فمحلها اي منتهاها الى النورين القرآن والسنة وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحدا كان الارتباط واضحا. قال الزبيدي في الفية السند فان انواع العلوم وبعضها بشرط بعض مرتبط. اي ان انواع العلوم المتعلقة بالشرع يمتزج بعضها ببعض ولا ينفك شيء منها عن الاخر فهي اخذ بعضها برقاب بعض فلا يتم فهم منها مع الاقتصار عليه فقط. فلو قدر ان احدا اراد ان يبرز في علم التفسير فجمع نفسه عليه دون معرفة بالعلوم الاصلية من الاعتقاد والفقه والحديث او العلوم الية المحتاج اليها في الاستنباط كاصول الفقه وقواعده والنحو والصرف واللغة فان انه لا يكون رأسا مبرزا في علم التفسير يحتاج اليه ويكون عنده منه ما ليس عند غيره ثم ذكر ان التفريق بين علوم الديانة بالاقتصار على فن واحد دون تحصيل اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا التي سرت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة. فان علوم الدنيا يتصور في بعضها ان ينفك عن بعض والا يكون لعلم منها صلة بعلم اخر. وهذا الانفكاك غير موجود في علوم ديانة لما تقدم من اتحاد اصلها. ثم ارشد الى ما يحصل به تمام حال العبد في اخذ العلم فقال وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها اي ان يأخذ من كل فن معتمد اصلا يعول عليه دون اتساع فيها اي دون توسع في تلك الاصول المأخوذة. وهذا الاصل كما سيأتي قد يكون في كتاب او كتابين او تلاتة فيحصل اصلا من علم اصلا وثيقا من علم الاعتقاد. واصلا وثيقا من علم الفقه واصلا وثيقا من علم الحديث واصلا وثيقا من علم التفسير واصلا وثيقا من علم النحو واصلا وثيقا من علم اللغة واصلا وثيقا من اصول الفقه. حتى يستتم انواع علوم الديانة الاصلية والخادمة لها. ثم ارشد الى ما يتبعه فقال ثم التشاغل قولوا بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه. اي اذا حصل اصول العلوم. انتقل بعد الى مرتبة اعلى وهو ان يقصر نفسه على ما وجد منها قوته فيه وقدرته عليه. فاذا اخذ من كل فن مستعمل اصلا وثيقا ووجد عند تناوله تلك الاصول ميل نفسه ووفور قوته في علم او علمين فلا بأس ان يجمع نفسه حينئذ على هذا. بل هذه هي الحال الممكنة الخلق فاكثر الخلق لا يقدرون على ممازجة العلوم الشرعية وما يخدمها مموزجة تامة حتى يصيروا رؤوسا في تلك العلوم. وانما يمكنهم ان يصيبوا اصول الفنون. ثم يبصق احدهم يده في او علمين ثم قال اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة جميعا فليس متهيئا لكل لاحد بل يختص به الله من يشاء من خلقه اي لا يكاد يوجد في الخلق من يكون بالغا الغاية محصن الكفاية في العلوم المستعملة غالبا. وهذا شيء يخص الله عز وجل به من شاء من خلقه. ثم قال وملاحظة اختصاصي تهون المغامرة فيه وتجشم العناء حتى وتجشم العناء حتى ينال المنى لاستسهلن الصعبة او ادرك المنى فمن قادت الامال الا لصابر؟ اي من وجد في نفسه قدرة على عموم بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة فانه ينبغي له ان يغامر في ذلك. وان يتجشم العناء الذي يجده في بلوغ الغاية في انواع العلوم وان يصبر في ذلك ممتثلا قول الاول لاستسهلن الصعب او ادرك المنى فمن قادت الامال الا للصابر؟ اي لا تحصل المطالب المرجوة التي تأملها النفس وتتعلق بها الا مع الصبر. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الرابعة ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم لتحصيل علوم المقاصد والتفقه في الوحي فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما يقف به على مقاصد العلم المنظور فيه. دون ادامة نظر تبلغه غوره. فان العلوم الالية الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة اعلم ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات وعلوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم. فاما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الادلة فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من ملكته وايظاحا لمعانيها المقصودة. واما العلوم التي هي الة لغيرها مثل العربية والمنطق وامثالها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير فقط. ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل لان ذلك مخرج لها عن المقصود اذ المقصود منها ما هي الة له لا غير. فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود. وصار الاشتغال بها لغو ومع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطونها وكثرة فروعها وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها مع ان شأنها اهم والعمر يقصر عن تحصيل على هذه الصورة انتهى. ولا يتأتى للطالب الظفر للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون نهازا فصل مبتدأ للعلم من اوله آتيا له من مدخله منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهله ملحا بابتغاء درك ما اصعب عليه غير مهمل له. قال الماوردي رحمه الله في ادب الدنيا والدين. فينبغي لطالب العلم الا ينهي في طلبه. وينتهز الفرصة اتى به فربما شح الزمان بما سمح وظن بما منح ويبتدأ من العلم باوله ويأتيه من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه جهله فان كل علم فضولا مذهلة وشذورا مشغلة ان صرف انصرفت انصرف اليها نفسه قطعته عما هو اهم منها انتهى ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ما اصعب عليه احسن الله اليكم. ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه. اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به ان ذلك مطية النوكى وعذر المقصرين. ومن اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر كان كالقناص اذا امتنع عليه الصيد تركه امتنع اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا. اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعا كذلك العلم طلبه صعب على فمن جهله سهل على من علمه لان معانيه التي يتوصل اليها مستودعة في كلام مترجم عنها. وكل كلام مستعمل فهو اسمعوا لفظا مسموعا ومعنى مفهوما فاللفظ كلام يعقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب. انتهى ذكر المصنف وفقه الله البينة الرابعة من البينات العشر منوها بانه ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل علوم المقاصد والتفقه في الوحيين. لانها مرادة بالذات ثم قال فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما يقف به على مقاصد العلم المنظور فيه دون ادامة نظر ان تبلغه غورة اي اذا اشتغل بشيء من العلوم الخارجة عن علوم المقاصد فانه يشتغل بقدر ما يقف به على مقاصد ذلك العلم. ولا يبتغي ان يصل الى غايات هذا العلم من توسع فيه وعلله بقوله فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد فاذا ذهب يبتغي ان يأتي على كل واحد منها بشذوره وفروعه جله ودقه فان انه لا يمكنه ذلك ويذهب الزمان فيما غيره اولى منه. فان هذه العلوم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. ثم ذكر كلاما لابن خلدونة في كتاب المقدمة يبين ذلك ويوضحه اذ ذكر ابن خلدونة ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران اي الحواضر والبلدان على صنف فان احدهما علوم مقصودة بالذات كالشرعيات. وعلوم والاخر علوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم ثم ذكر ان العلوم التي هي مقاصد يتوسع فيها وتفرع مسائلها وتستكشف ادلتها فانها تزيد طالبها تمكنا منها وفهما لمعانيها. واما العلوم التي هي الة لغيرها مثل العربية واشباهها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير فقط. اي سلم الى فهم علوم المقاصد. واذا كانت كذلك غير مرادة لذاتها فلا يوسع الكلام فيها ولا تفرق المسائل لان المتلقي يخرج بذلك عن المقصود منها فاذا خرج عنه صار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها. انتهى كلامه. فالعلوم الالية ذات فروع طويلة واذا ذهب ملتمس العلم يروم ان يجمع هذا العلم كله لم يمكنه ذلك الا انفاق زمن طويل كان حقيقة به ان يجعله في علوم المقاصد. ومن هنا عاب الشرع في الموافقات وابن القيم في اعلام الموقعين طلب شذور العلوم الالية وفروعها البعيدة كعلم النحو او اصول الفقه. فيأخذ منها بقدر ما يستولي على جملة ذلك العلم ويستعين به على فهم علوم المقاصد. ثم ذكر انه لا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد والوسائل حتى يتصف بخمس صفات اخذهن من كلام الماوردي في ادب الدنيا والدين المذكور بعدهن فاولها ان يكون نهازا للفرص اي مغتنما لما يلوح له من فرصة في علم كاتساع وقت او وفور مال او وجود معلم. وتانيها ان يكون مبتدأ للعلم من اوله فيأخذه من حيث درج الناس على اخذه فيبتدأ بجمل مسائله ثم ينتقل الى تفصيلها ثم ثم ينتقل الى ما فوقها وثالثها ان يكون اتيا له من مدخله اي من الباب الذي يدخل به الى هذا العلم فكل علم له باب يدخل منه ويدلف المرء في هذا العلم من باب ويصل الى باب وراءه. ثم ينقله الى باب وراءه حتى ينتهي الى التمكن منه. فمثلا من رام علم النحو افتتح باب المقدمة الاجو الرامية. ففهم معانيها وحفظ مبانيها واتقن امثلتها. ثم ما دخل من باب الفية ابن مالك ابن مالك بعدها. ففهم مقاصد الالفية فان ادرك هذين فقد حصل علم النحو. وان اراد ان يرتفع الى ما وراءها فيدخل من باب مغن لبيب فيكاد باتقان هذه الكتب الثلاثة استوفى ما يلزمه من جملة علم النحو النافعة في فهم الكتاب والسنة ورابعها ان يكون منصرفا عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهله. لان من اشتغل بغير المهم قطعه عن المهم وما كان لا يضر جهله فلا ينبغي ان ينفق العلم فيه فان العمر قصير والعلم كثير والعاقل من جمع عمره على ما ينفعه. وخامسها ان يكون ملحا في ابتغاء درج فيما استصعب عليه غير مهمل له اي مجدا مكررا التماس تحصين ما يطلبه من العلم اذا استصعب عليه منه شيء. فلا يهمله لاجل ما يعرض من صعوبة ثم ذكر بعد عن الماوردي نفسه انه قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به. فان ذلك مطية النوكة اي الحمقى وعذر المقصرين اي ان من الناس اذا استصعب شيئا من العلم اوهم نفسه عدم اليه ليعذر من الاشتغال به كأن يطلب علم النحو فلا يفهم مقدمة هذا العلم والتصعب عليه فيتركه ويلتمس من الاعذار ما يكون عذرا له في الاشتغال به كان يقول ان علم النحو ليس من علوم الكتاب والسنة فلا تجدوا في الكتاب والسنة ما يحث صريحا على تعلم النحو. وهلم جرة من المقالات العاطلة التي يسوغ بها لنفسه ترك هذا العلم اذا استصعب عليه ثم ذكر ان من كانت حاله اخذه ما تسهل من العلم وتركه ما تعذر فانه كالقناص اي الصياد الخائب. اذا امتنع عليه الصيد تركه. فاذا طلب صيدا. وصعب عليه ادراكه رجع عنه فما تزال انواع الصيد تلوح بين يديه فاذا وجد كل واحد منها يحتاج الى همة في اخذه وتحصيله وتعب في صيده تركه واعتذر لنفسه. فهو اذا رأى ارنبا بين يديه ثم راغت روضانا شديدا قال يا لا صغرها فما يبتغيها صائد عاقل ثم مضى صيدا فوجد حماما في شجرة بعيدة فاراد ان يقرب منها من غير تحفز في نفسه ولا حدن من رؤيتها له. فلما طارت ولم يدركها قال الطير لحمه غير لذيذ. ثم رأى صيدا ثالثا ترى بعذر حتى يمضي عليه يومه ولم يصد شيئا فكذلك حال بعض من يشتغل بالعلم فاذا استصعب عليه شيء من العلوم التمس لنفسه عذرا. وهذه جادة البطالين. واما اهل العزيمة جازمة والارادة الصادقة فانهم يجمعون انفسهم على مطلوبهم ولا يزالون يلتمسون فهم ما صعب عليهم حتى يستقر في قلوبهم. وفي اخباره شيخ شيوخنا محمد الامين ابن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله انه لم يفهم مسألة في درس الفرائض عند شيخه. فلما انصرف من درس الفرائض رجع الى منزله بعد صلاة العشاء. فاستحظر من كتب الفرائض التي عنده ما يستعين بها على فهم هذه المسألة وامر خادمه ان يصنعوا له ان يصنع له اتايا اي شايا بلغتهم. فلم يزل يقلب الكتب في فهم تلك المسألة حتى انفجر الفجر. اي اطلع عليه الفجر وقد فهم المسألة. وكان يمكنه ان الى النوم ثم يقول هذه مسألة لعلي اموت لا اسأل عنها لانه يرى ان فهم هذه المسألة عبادة يتعبد بها الله عز وجل. وفي اخبار ابن جرير الطبري رحمه الله ان رجلا دخل عليه في مرض موته فتذاكر في مسألة فكتبها عنه ابن جرير فقال له صاحبه في هذه الحال فقال لان القى الله عالما بها احب الي من انا القاه جاهلا بها. وهذه هي طريقة الصادقين الذين لا يستصعبون شيئا من العلم ولا يزهدون فيه. لانهم يتقربون به الى الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الخامسة مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على تلقي الاصول وتفهما فان افراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز للفرصة واكمله. وبها ابتداء العلوم من واتيانها من مداخلها وهي سلم الارتقاء الى الحذق في العلم وتحصيل ملكة الفن فان الحذق يدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. وثانيها الوقوف على مسائله. وثالثها استنباط فروعه من اصوله سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر الاصول واستبطان منطوقها ومفهومها حتى يمتلئ القلب بحقائقها في النفس مقاصدها فيصير الممارس لها ذا حذق وبصيرة بها. قال ابن خلدون في مقدمته بعد كلام سبق. وذلك ان الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من اصوله. وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحزق في ذلك الفن المتناول حاصلا وهذه الملكة غير الفهم والوعي لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا بين منشدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدأ فيه وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم النحرير والملكة انما هي للعالم او شادي في الفنون دون من سواهما. فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي انتهى ذكر المصنف وفقه الله البينة الخامسة من البينات العشر منوها بان مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع نفسه على الاصول على تلقي الاصول تحفظا وتفهما بان يجمع قوته على تلك الكتب المعتمدة عند ارباب العلوم متحفظا مبانيه متفهما معانيها. فبذلك يغنم عمره وينتفع به ويبتدأ العلوم من اوائلها ويأتيها من مداخلها ثم ذكر ان ذلك هو سلم الارتقاء الى الحذق في العلم اي اتقانه والتمكن فيه وتحصيل ملكت الفن اي كونه هيئة راسخة في النفس. فالملكة اسم الهيئة الراسخة في النفس اي الطبيعة النفسانية التي تكون ثابتة في نفس العبد وقلبه. ثم ذكر ان الحذق يدرك بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. وثانيها الوقوف على مسائله. وثالثها استنباط فروعه من اصوله فمن ادرك هذه الامور الثلاثة في فن ما صار حاذقا فيه. ثم ارشد الى ايسر للتحقق بهذه الامور الثلاثة فقال وايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة بقر الاصول اي شقها واستبطان منطوقها ومفهومها اي جعل ما فيها من المباني والمعاني ساكنا في القلب باطنا فيه. قال حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفس مقاصدها. فيصير الممارس فهذا حذق وبصيرة. وذكر كلام ابن خلدون رحمه الله في بيان ذلك وانه قال بعد ذكره هذه السبيل قال وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفن تناولي حاصلا اي اذا لم يستبطن متلقي فن ما مبانيه ومعانيه ويدرك قواعده واصوله ويستنبط فروعه من اصوله فانه لا يكون حاذقا فيه. ثم بين ان هذه الملكة من الحذق والادراك غير الفهم والوعي. ففهم المسألة شيء والحذق في ادراك حقائقها شيء اخر كما قال لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركا بين منشدا في ذلك الفن اي من منه قدرا نافعا. فالشادي في العلم المحصل منه قدرا نافعا. فالشادي في العلم المحصل منه قدرا نافعا. قال مشتركا بين منشدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدأ فيه. وبين العامي الذي لم اصل علما وبين العالم النحرير. فهؤلاء كلهم يشتركون في الفهم للكلام الذي بمسألة ما قال والملكة انما هي للعالم او الشادي في الفنون دون من سواهما. اي ان رسوخ العلم في النفس وادراك الحذق لتلك المسألة وفهمها على الوجه الاتم لا يكون الا العالم او المحصل علما وافي حظا وافرا في علم من العلوم. قال فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي اي ان ما يجده المرء من فهم مسألة ما ليس هو بمنزلة الحذق فيها اتقانها ومعرفة مآخذها. كالذي ذكرناه من قول الداعي عند الثناء على الله امين. فمن الناس اذا تكلم على هذه المسألة وهو ما المرء بعد دعاء الداعي في وتر او غيره اذا اثنى على على الله قال الامر في ذلك واسع فان شئت امنت وان شئت سبحت وان شئت سكت. واطلاق القول هكذا غير حدق للمسألة فحذق المسألة اختلاف افرادها فان من افرادها ما يكون ثناء واذا كان ثناء فان المرء اما ان يسكت اما ان يسبح ولا يؤمن لما تقدم من حديث ابن مسعود في الصحيحين لا تقولوا السلام على الله من عباده وذلك لكمال الله عز وجل وعدم افتقاره الى دعاء الخلق فهو مستغن عن دعائهم في تحصيل كماله. وكلمة مين معناها اللهم استجب فاذا قال القائل اللهم انت الواحد الاحد الغني الصمد فقال السامع امين اللهم استجب بان يكون الله كذلك. وهذا امر فرغ منه. فالله مستغن عن الناس متصف بالكمال ولهذا نظائر والمقصود ان ملتمس العلم ينبغي ان يدرك ان فهم المسائل شيء والحذق فيها معرفة ما يقال منها باعتبار حال وما يقال باعتبار حال اخر اخرى متفاوت بكل مسألة لحالها باعتبار ما يحيط بها من زمان او مكان او فاعل او غير ذلك. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة السادسة ان الوصول الى الحذق في العلم لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة بل لابد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا. ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له. تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط الى التوسط ثم الطول وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم تضم اصلين اثنين مع وتختص الاصول الموجزة بكونها للمسائل الكبار في كل باب. ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة. ومفتاح الانتفاع بكل ومفتاح الانتفاع كل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال. ليتهيأ له بذلك فهم الفن وتحصيل مسائله. ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه. فتقوى بذلك ملكته في الفن. ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها. ويزاد له حل المشكلات وتوضيح المبهمات وفتح فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن. والمرشد الى هذا كله هو الدراكة البصير ابن خلدون اذ يقول في مقدمته اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيئا وقليلا قليلا. يلقي عليه اولا مسائل من كل باب من الفن هي اصول ذلك الباب ويقرب لهم في شرحها على سبيل الاجمال ويراعي في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يريد عليه حتى اينتهي الى اخر الفن وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم الا انها جزئية وضعيفة وغايتها انها هيئته لفهم الفن وتحصيل مسائله. ثم يرجع بها الى البني ثانية في رفعه في التلقين عن تلك الرتبة الى اعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال ويذكر له ما هنالك فمن الخلاف ووجهه الى ان ينتهي الى اخر الفن فتجود ملكته. ثم يرجع به وقد شدى فلا يترك عويصا ولا مبها ولا ولا ولا منغلقا الا وضحه وفتح له مقفله فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته. هذا وجه التعليم المفيد هو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه. انتهى كلام وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوي ذكر المصنف وفقه الله البينة السادسة من البينات العشر. منوها بان الوصول الى الحذق في العلم اي اتقانه والتمكن اي اتقانه والتمكن فيه لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة. بان يطلب الاستيلاء عليه كتاب معتمد فيه كمن سمع احدا يشيد بعلم الاصول فقصد ان تأخذ اوسع كتاب فيه. فقيل له ان كتاب البحر المحيط للزركش كتاب جامع للمسائل الاصولية واقوال اصحابها في اصحابه فيها. فعمد الى شرائه ثم جمع نفسه على قراءة حرفا حرفا من اوله الى اخره. فان هذا قد دخل هذا الفن جاهلا ويخرج منه جاهلا وجهله الاول اهون من الثاني. فجهله الاول جهل بسيط لانه لا يدري اصول الفقه وجهله الثاني جهل مركب لانه لا يدري ولا يدري انه لا يدري فهو لم يفهم مسائل هذا الفن فهما متدرجا تقوى به ملكته شيئا فشيئا. فمن اراد الحلق في العلم فان سبيله هو المذكور في قوله بل لا بد من تدريج النفس فيه شيئا فشيئا ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له تنتظم ارتفاعا ام من الايجاز الى التوسط ثم الطول؟ وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم اصلين اثنين معا. انتهى كلامه. فالنفس تحتاج للتهيأ في اخذ علم ما بان تبتدأ بشيء يسير منه فاذا وعدته قوي ادراكها ذلك الفن ثم تمد اليد في مسائله باخذ اصل متوسط. فاذا وعته قويت ملكة فهمها هذا العلم فتنتقل الى اصل ثالث جامع تستكمل به فهم هذا الفن. وقد يكون بمرتبة من هذه المراتب اصلين اثنين وقد يكفي فيها اصل واحد لكنه يدرج نفسه بالابتداء ثم التوسط ثم الطول. ثم ذكر ما تمتاز به هذه الاصول بعضها عن بعض. فقال وتختص الاصول الموجزة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب. ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة فانت اذا اخذت مثلا في علم الاعتقاد مبتدأ بثلاثة الاصول احط بشيء يسير هو من المسائل الكبار في هذا العلم فاذا ارتفعت فوقه الى كتاب التوحيد مثلا احط بتقرير اوسع لمسائل العبادة فاذا ارتفعت فوقه الى دراسة فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد حصل لك من سعة الفهم في هذا العلم ما لم يكن حاصلا لك لا في المبتدأ ولا في التوسل. كما انه لا يمكنك ان تفهم الكتاب المطول ما لم تفهم الكتاب الموجز والمتوسط. ثم اشار الى انه مما ينبغي رعايته في الحذق عند دراسة فن ما في اصوله المرتبة ايجازا ثم توسطا ثم طولا ان تأخذها وفق ما ينتفع به. فيأخذ الاصول الموجزة على سبيل الاجمال. ليتهيأ له بذلك فهم وتحصيل ملكته. ثم يتلقى الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان. مع ذكر ما هنالك من ووجهه فتقوى بذلك ملكته في الفن. ثم يتلقى بعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفتها خلافيات ويزاد له حل المشكلات وتوضيح المبهمات وفتح المقفلات فيصل بهذه العدة الى ملكة الفن فكل اصل في مرتبة من مراتبه ايجازا وتوسطا وطولا ينبغي ان يؤخذ الطريقة المرتبة المذكورة. ففي الابتداء تؤخذ جمل المسائل. ثم في المتوسط يزاد الطالب ما يقوى فهمه هذا الفن. ثم في الطول وهي حال الانتهاء يتوسع في بيان مسائل العلم له له الخلافيات ويزاد له حل المشكلات. فلو قدر ان احدا اراد ان علم الفقه فابتدأ بمتن موجز فعرضت له اول مسألة فيه على العادة في ابوابه وهي باب المياه فاراد معلمه ان يشرح له هذا الباب والجاري ان مسائل باب المياه في المختصر الوجيز تكون قليلة او كثيرة. تكون قليلة فلما قال الطالب باب المياه اعلم ان المياه قال صبر باب المياه باب اختلف في اعرابها والراجح جريان انواع الاعراب الاربعة فيها. مع الاظافة وعدمها فيقال باب المياه وباب المياه فهي على الاول مقطوعة الاضافة. وهي على الثاني مضافة. والقطع عن الاظافة توغ تنوين لان التنوين لا يجتمع مع الاضافة. فلما اضيف باب الى المياه ارتفع التنوين وبقي الضم فيقال باب المياه واختلف في معنى الاضافة هنا. على اي حروفه المقدرة يحمل؟ هل هو باب في او باب للمياه او باب من المياه. ويذكر وجه كل واحد منها. قال هذا الذي ذكرناه كله باعتبار الرفع للحين باقي باقي النصب والجر ثم بعد ذلك الجر فيه خلاف هل يبقى عليه حكم الجر مع حذف عامله ام لا يبقى وانه قول بعض الكوفيين ثم بعد ذلك ينقله الى السكون ثم يذكر ان وجه السكون هو ايقافه على الحكم ثم يذكر الخلاف هل الايقاف على الحكم حكم اعرابي ام قبل ورود الحكم الاعرابي ولماذا كانت السكون العلامة الدالة على الوقوف عن الحكم قبل وقوعه؟ وما الفرق بين السكون التي يكون علامة على الحكم الاعرابي وما يكون منها دالا على الوقف عن الحكم الاعرابي وصلى الله وسلم على محمد. بعد هذا كله ايش؟ ترى مختصرينه الحين هذا الطالب يقول الله اكبر وهي حقيقة الله اكبر على حالك والله يعني الله اكبر تشفق من هذه الحال هذا الانسان يحب العلم وراغب فيه ويجلس ساعة كاملة في باب المياه وهو يدرس كتاب ايش المياه يعني الى الان ما درس باب المياه الى الان ثم كلمة المياه هذا المياه جمع ماذا؟ ماء وماء لماذا ظهرت الهاء فيه؟ لان اصله موت ثم يذكر له اختلاف اهل العلم في التفضيل بين انواع المياه. ثم يذكر له قصيدة من سبعة ابيات في انواع المياه وان افضلها هو ماء زمزم. وذهب بعضهم الى ان الافظل هو الحوض. والراجح هو انه باعتبار الدنيا زمزم وباعتبار الاخرة الحوظ هذا الى الان ما دخل الاحكام ما وصل يعني يمكن درسين ثلاثة وهو ما وصل هكذا لا يكون العلم ابدا هذه الحالة التي صار عليها الناس هذه حال من لم يأخذ العلم عن اهله وانما اخذ عن الكتب يأخذ عن الكتب وهذا ايضا بعد يختصر به اذا هو اراد يطول جمع من الكتب لذلك يعني بعض الدروس تلقى حاضر فيها على الطاولة ثلاثين كتاب فيقول وبهذا قال الحافظ ابن حجر وذكر كلاما محررا. يسحب فتح الباري ويقرأ عشر صفحات خلاص انتهى الدرس. الطالب ما يستفيد هكذا. فاخذ العلم لا بد في الاصول الموجزة ان يكون مجملا. من غير تطويل. يعني لا يحتاج طالب المبتدئ تقول له باب المياه ما اعرابه ولا نحو ذلك. ينتقل الى المسائل نفسها ثم المسائل يفهمها بقدر ما يتصورها. لا يحتاج الى ادلتها ثم بعد ذلك في حال التوسط في كتاب اخر يزيد ذكر الادلة وما وراء ذلك ثم في الكتاب المطول الذي يقع ثالثا فبهذا تنتفع العلوم بالنفوس ويصير العلم بصيرة هادية. واما تكثير العلوم بدون فهم لها فسارعان ما تزول. هذا اللي حضر هذا و هيدي حالة غالب اللي يحظرون وليس المتمكنون. فالمتمكن العاقل يجعل علمه الواسع الذي اتاه الله موصل الخلق الى هدى الله لا مستعرضا لقواه ما يجي يستعرض قواه فهذا بعد ثلاث ايام تجي تسأله احسن الله اليك ذكرت هذا اللي عن الكوفيين في باب في تقدير الجر قال هذا ذكرناه لا الظاهر انك واهم ما ذكرناه هذا لانه كان حاضر مع التحظير فقط لكنه انه علم راسخ في نفسه ما تجده فطالب العلم اذا اراد اخذ العلم لابد ان يحرص على هذه الطريقة التي ذكرناها وهذا كله مقرر في كلام ابن خلدون الذي ذكره عنه المصنف ثم قال هذا وجه التعليم المفيد. يعني غيره لا يفيد لا يفيد ابدا. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة السابعة تؤخذ اصول الفنون حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس. والاخر النصح هو حسن المعرفة بطرق التعليم. فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء لانهم ورثة الانبياء ومن لم يفتح ومن لم يفتح له الله الخازن كيف ينال مبتغاه ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير هذا المعنى ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا يتعنى والشيوخ لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها. والذي تنبغي رعايته فيهم. الوصفان المذكوران انفا. فمن اجتمعا فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم موارد الاذى. فاحرص على من تقدم وصفه فان لم يتيسر مثله او ومن يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهم وتفهم معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما منه. الثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى. ومحل هذا اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلا بد من ضم بعضها الى بعض او كان الطالب جيد الفهم قوي العقل. الثالث الزيادة على المرتبة السابقة مدونات الفن المعتمدة ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على على الحال المذكورة سابقا. والطالب فوق ما تقدم وكما عرفت فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه ومن اصول الملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضه على شيخ. مع كون ذلك اكمل كالبداية والنهاية مثلا. لكن ان هذا الضرب من لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته وقد يحتاج الى عرض شيء منه على شيخ يكشف معناه ويوضح مغزاه. هذا كله حظ الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ. اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظه من نسخة مصححة مصححة للاصل. على قرين له ذي معرفة بالفن. فان عدم القرين الموصوف لا غيره مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها وليطلب غدا يجد فيها بغيته والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة. ذكر المصنف وفقه الله البينة السابعة من البينات العشر منوها بان اصول الفنون تؤخذ حفظا وفهما عن شيخ عالف متصل بوصفين. احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس سيكون موصوفا بالعلم بهذا الفن الذي يتعاطاه متأهلا فيه والاخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم بان يكون ناصحا حاملا لهم على ما ينفعهم حسن المعرفة بطرق التعليم ليتمكن من ايصال تلك المعارف الى قلوب بالاخذين عنه. ثم ذكر ان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء. لانهم ورثة الانبياء ومن لم افتح له الخازن كيف ينال مبتغاه وان دلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير هذا المعنى ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا يتعنى. ثم ذكر ان الشيوخ لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها. والذي تنبغي رعايته فيهم الوصفان المذكوران انفا. فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى بالاخذ عنه وان كان غيره اعلم منه فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق المتعلمين وبطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم موارد الاذى ثم ارشد الى ان من الاحوال التي تعرض للخلق فقد الشيخ المعلم في بلد او زمن ومشقة الوصول اليه. فاذا عرظت هذه الحال فان الراغب في العلم يمكنه سلوك احد الطرق اتية وهي طرق بمنزلة الضرورة. فمن كان في وسعه الرحلة في العلم والوصول الى اهله فلا ينبغي ان اعدل عن هذا فالاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهم معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما كل منه فيعمد الى شرح معتمد ويتفهم منه معاني ذلك المتن. ويراجع فيما اشكل شيخا عارفا لا يمكنه الوصول اليه للقراءة. اما لبعد بلده او لكونه فيه لكنه منشغل بغير لهذا كوظيفة ونحوها. في عرض المشكلات عليه ويتفهم ما يقول فيها. والثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى بان يضم شرحا وشرحا اخر. قال ومحل ذلك اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه اي فلا يفي متن شرح واحد بيان ذلك المعنى في ذلك المتن فلابد من ضم بعضها الى بعض او كان الطالب جيد الفهم قوي العقل ان يمكنه ان يضم شرحا الى غيره. والثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونات الفن المعتمدة اي بان لا يفهم هذه المسألة مما وقع بيده من شروح الفن من شروح المتن فينتقل الى مطولات ذلك وينظر فيما قاله المحققون في تلك المسألة. ثم قال ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على المذكورة سابقا اي من قصورها عن بيان ذلك المعنى فيها. والطالب فوق ما تقدم يعني من جودة الفهم وقوة العقل ثم ذكر ان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم. ثم ذكر ان من اصول العلمية اي مما يبنى به العلم في النفس ما يمكن تحصيله دون عرضه على شيخ مع كون ذلك اكمل كالبداية والنهاية. فالبداية والنهاية اصل في معرفة تاريخ الاسلام واهله. وهذا يمكن تحصيله غالبا بلا شك معلم وان امكن قراءته على شيخ معلم فانه انفع. وما كان من هذا الضرب من اصول العلوم لا تحسن مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته. وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على شيخ يكشف معناه ويوضح مغزاه اي انه اذا اراد المرء ان يتعاطى هذا الاصل وما كان في معناه من العلوم التي يمكن اخذها بالمطالعة فانه لا يحمل نفسه عليها حتى يتضلع اي يمتلئ بالعلوم الاصلية من الاعتقاد والفقه التفسير والحديث والعلوم الخادمة لها ثم يطالع تلك الكتب فانه اذا طلعها مع علم وافر انتفع بها وربما اي عرض شيء من المشكلات فيسأل عنه. فان دخل فيها بلا علم اضر بنفسه وبالمسلمين. فمن الناس من يطالع كتاب البداية والنهاية ولا فهم له في منازل الكلام ومقامات العلوم فيمر بين ناظريه كل مصنفه في ترجمة احد وله قبر يزار فيأخذ الكتاب ويحرقه بالنار ويقول هذا الرجل قبوري من اهل القبور وهذا غلط فان ابن كثير وغيري فان ابن كثير وغيره من المصنفين في التاريخ يصفون احوال الناس اي ان الواقع من الناسي هو كذا وكذا فاذا اردت ان تعرف اعتقاد ابن كثير في هذا فانظر الى تفسيره في الايات المتعلقة بهذا ثم ذكر ان هذا كله فيما يتعلق بصناعة الفهم. اما الحفظ فانه يعرض محفوظه على من نسخة مصححة للاصل على قرين له ذي معرفة بالفن. فان عدم القرين الموصوف بذلك قصد غيره مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها فلا يأخذ اي نسخة رآها لمتن اراد حفظه بل يتحرى طلب نسخة صحيحة موثوقة ثم يعرض على متقن للفن فان لم يوجد عرظ على عارف باللسان العربي. قال فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها يعني لا يحيا فيها وليطلب بلدا يجد فيها بغيته والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة ومن انواع هجرة الممدوحة شرعا الهجرة من بلد الجهل الى بلد العلم. ذكره ابو بكر ابن العربي صاحب الاحوذ نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة الثامنة من القواعد الاصول في ادراك العلم المأمول تقليل الدروس واحكام المدروس. وعروة احكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس غرس القلب بلا سقيا يموت وسقيا العلم مذاكرته. ومن بدائع الالفاظ المستجابة من قرائح الحفاظ قول ابي الحجاج المزير الحافظي رحمه الله من حاز العلم وذاكره حسنت دنياه واخرته فادم للعلم المذاكرة فحياة العلم مذاكرته. وعاقبة ترك ذاكرت فقد العلم. قال ابن شهاب الزهري رحمه الله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة. وترك الاستذكار بعد التحفظ تفهم يضيع به زمن طويل في ابتغاء استرجاع مفهوم ذهبت معانيه او محفوظ نسيت مبانيه. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل معطلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيد يبين معناه. واذا كان القرآن ميسر للذكر كالابل المعقلة. من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ ذكر المصنف وفقه الله البينة الثامنة من البينات العشر منوها بان من القواعد الاصول في ادراك العلوم تقليل الدروس واحكام المدروس وعروة الاحكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب والغرس سقيا يموت وسقيا العلم وسقيا العلم مذاكرته. فمن اراد ان يدرك مأموله من العلم فانه يقلل دروسه ويحكم مدروسه. فان عرضت حال تقتضي خلاف هذا انتفع بها كحال هذه المجالس فان المقصود منها احياء العلوم في البلدان وتحبيب الناس فيها وتذكيرهم بمهماتها لا انها عافية في ابتغاء العلم. فهي بمنزلة الشمعة التي تضيء الطريق. ثم ذكر بيتين لابي الحجاج رحمه الله يقول فيها من حاز العلم وذاكره حسن الدنيا واخرته. فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته. ثم فقال وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم قال ابن شهاب الزهري فانما يذهب العلم انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة ثم ذكر ان ترك الاستذكار بعد التحفظ والتفهم يضيع به زمن طويل في ابتغاء استرجاع مفهوم فقدت ذهبت معانيه او محفوظ نسيت مبانيه فان من الناس من يهمل مذاكرة ما تلقاه ثم يريد بعد مدة الرجوع اليه فيحتاج الى انفاق وقت وقوت وقوة في طلب حفظ مبانيه وفهم معانيه. وذكر في هذا المعنى حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين القرآن الكريم انه كما قال النبي انما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب بالابل المعقلة يعني المقيدة. ان عاهد عليها امسكها يعني ان لاحظ قيودها امسكها وبقيت محفوظة وان ذهبت قال ابن عبد البر واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلو؟ اي ان انا قد يسر اخذه قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ فكيف بغيره من العلوم المفتقرة الى دوام المذاكرة. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة التاسعة في التأني نيل بغيت المتمني والثبات نبات وانما يجمع العلم بطول المدة وتجويد العدة. قال الزهري يوصي صاحبه يونس ابن ابن يزيد الايلي. يا يونس لا تكابر العلم فان العلم اودية فايها اخذت فيه قطع بك قبل ان تبلغه. ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فان من رام اخذه جملة ذهب عنه جملة ولكن الشيء بعد الشيء مع الليالي والايام. فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال. ومن شاء ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا سال واديه واروى قاصديه. ونهاية العجول تشتت وافول. قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الفقيه والمتفقه اعلم ان القلب جارحة من الجوارح تحتمل اشياء وتعجز عن اشياء كالجسم الذي يحتمل بعض الناس ان يحمل مائتي رطل ومنهم من يعجز عن عشرين رطلا وكذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم لا يعجزه ومنهم من يمشي مع ضمير فيضره نبارك به ومنهم من يأكل من الطعام ارطالا ومنهم من يتخمه الرطل فما دونه. فكذلك القلب من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ومنهم من لا يحفظ نصف صفحة في ايام. فاذا ذهب الذي مقدار حفظه نصف صفحة يروم ان يحفظ عشر ورقات تشبها بغيره لحقه الملل وادركه الضجر ونسي ما حفظ ولم ينتفع بما سمع ذكر المصنف وفقه الله البينة التاسعة من البينات العشر منوها بانه في التأني نيل بغية المتأني. اي ادراك ما يمني نفسه به. وان الثبات وانه انما يجمع العلم بطول المدة وتجويد العدة. فتطول مدته في اخذه ويجود العدة وهي الالة التي تبلغه ادراكه. ثم ذكر كلام الزهري في الوصية بذلك واخره قوله ولكن الشيء بعد الشيء مع الايام والليالي. واخذ هذا المعنى شمس الدين الحلبي فقال اليوم شيء وغدا مثل من نخب العلم التي تلتقط يزداد بها المرء حكمة وانما السيل اجتماع النقطاء. ثم ذكر ان طلب العلم في ايام وليال طلب للمحال. ومن اخذه شيئا فشيئا مع الايام والليالي فانه يحصل مطلوبه. واما المستعجل فيه فانه تتشتت قوته ويذهب مقصوده في نيل العلم. ثم ذكر موجب فذلك بالمنقول عن الخطيب البغدادي وهو ملاحظة قوة القلب. فالقلب الذي هو وعاء العلم له قوة فاذا حمل على ما ليس من قدرته امتنع عليه الفهم والعلم. واذا غذي بالعلم شيئا فشيئا حتى يتمكن منه فصورته الباطنة كالصورة الظاهرة في حمل الاثقال. فان المرء قد يريد ان يحمل ثقلا يزن وزنا عظيما فلا فكذلك العلم قد تريد حمل شيء عظيم من العلم فلا تقدر عليه لعدم تمكن قلبك من حمله فاذا لاحظت قدرتك عليه واخذت فيه شيئا فشيئا قوي قلبك حتى يتمكن من العلم. كمن يدرج نفسه في تقوية عضلاته يوما بعد يوم بالرياضة فتقوى حتى يستطيع حمل ثقل لم يكن يحمله قبل. وقد ذكر ابو هلال العسكري انه لما ابتدأ العلم كان حاولوا حفظ الشيء فيبقى فيه مدة طويلة. فلم يزل يروض نفسه على الحفظ. حتى حفظ في سحر واحد قصيدة رؤبة ابن العجاج قاتم الاعماق خاوي المخترق وهي ثلاثمئة بيت قد حفظ في سحر واحد وهو يقول كان ايش؟ ما يستطيع ان يحفظ الشيء اليسير. لماذا؟ لانه كما اخبر في كتاب الحث على طلب العلم انه لم يزل يرد نفسه على هذا حتى تمكن منه. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله البينة العاشرة لكل صناعة عدة تقرب نوالها وتذلل صعابها وعد التعلم الة المتعلم فمن كانت معه الالة بلغ ذروة العلم والا وقف دونها. واوعى مقالة بينت الة العلم مما طالعته ما ساقه الماوردي في ادب الدنيا والدين. وقد جعل وقد جعلها تسعة امور مع ما يلاحظ الم تعلم من من التوفيق ويمد به من المعونة الاول العقل الذي به تدرك حقائق الامور والثاني الفطرة التي يتصور بها غوامض العلوم والثالث الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه. والرابع الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل. والخامس الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به الاستكثار والسابع. عدم القواطع من هموم واشغال وامراض. والثامن طول العمر واتساع المدة. لينتهي بالاستكثار الى مراتب الكمال والتاسع. الظفر بعالم من سمح بعلمه متأن في تعليمه. ذكر المصنف وفقه الله البينة العاشرة. وهي تمام بيناته العشر المذكورة في هذا الكتاب منوها ان لكل صناعة عدة تقرب نوالها وتذلل صعابها وعدة التعلم الة المتعلم واتبع هذا بذكر اوعى مقالة جمعت الة العلم وهو ما ذكره الماوردي في كتاب ادب الدنيا والدين وقد جعلها تسعة امور مع ما يلاحظ المتعلم من التوفيق الرباني. ويمد به من المعونة الالهية فالامر كما قال الاول اذا لم يكن من الله عون للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. فالالة المذكورة تابعة لتوفيق الله وعونه غير مستقلة عنها ولا متقدمة عليها. فالاول العقل الذي به تدرك حقائق والثاني الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم. اي النباهة التي تكون مميزة له بين انواع المسائل. والثالث الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه اي قوة قلبه في جمع ما القى اليه من محفوظ او مفهوم. والرابع الشهوة التي يدوم بها ولا يسرع اليها الملل اي محبة ما يطلبه. والخامس الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب اي بمال عينه على ما يلقاه من حوائج الطلب. والسادس الفراغ اي سعة الوقت الذي يكون معه التوفر اي جمع نفسي على العلم ويحصل به الاستكثار والسابع عدم القواطع المذهلة من هموم واشغال وامراض والثامن طول العمر واتساع المدة ينتهي بالاستكتار الى مراتب الكمال والتاسع الظفر بعالم سمح بعلمه اي باذل له متأن في تعليمه اي اخذ بترقية المتعلمين شيئا فشيئا. فمن اجتمعت له هذه الالة ادرك العلم. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله الخاتمة. ختم المصنف وفقه الله هذه البينات بابيات للزبيب مأخوذة من كتاب له اسمه الفية السند هي في اخره مشتملة على نصائح نافعة. نعم احسن الله اليكم. قال محمد مرتضى ابن محمد الحسيني الزبيدي. روى ابن عبدالبر ذو الاتقان. احذر احذر روى ابن عبدالبر ذو الاتقان في طرة من جامع البيان ارجوزة تعجب من رآها الى الامام اللؤلؤي عزاها. منظومة جوهر المكنون وقيل عزوها الى المأمون اوردتها هنا لحسن سوقها للغائصين في بحار ذوقها. ونصها من بعد حمد الله مصليا على رسول الله اعلم بان العلم بالتعلم والحفظ والاتقان والتفهم. والعلم قد يرزقه الصغير يرزقه يرزقه والعلم قد يرزقه الصغير في سنه ويحرم الكبير فانما المرء باصغريه ليس برجليه ولا يديه لسانه وقلبه المركب في صدره وذاك خلق عجب. والعلم بالفهم وبالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة. فرب انسان ينال الحفظ يريد النص ويحكي اللفظ وماله في غيره نصيب مما حواه العالم الاديب. ورب ذي ورب ذي حرص شديد الحب للعلم والذكر بريد القلب معجز في الحفظ والرواية ليست له عن من روى حكاية. واخر يعطى بلا اجتهاد حفظا لما قد جاء في الاسناد تفيده بالقلب لا بناظره ليس بمضطر الى قناطره. فالتمس العلم واجمل في الطلب والعلم لا يحصل الا بالادب. الادب النافع حسن الصمت ففي كثير القول بعض المقت. فقل لحسن الصمت ما حييت مقارنا تحمد ما بقيت. وان بدت بين اناس مسألة معروفة وفي العلم او مفتعلة فلا تكن الى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فلا تكن الى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيه ناطقا فكم رأيت من عجوز سابقي من غير فهم بالخطأ ناطق ازرابه ذلك في المجالس بين ذوي الالباب والتنافس. الصمت فاعلم بك حق من ازينه ان لم يكن عندك علم متقن وقل اذا اعياك ذاك الامر ما لي بما تسأل عنه خبر. فذاك شطر العلم عند العلماء كذاك ما زالت تقول الحكماء اياك والعجب بفضل رأيك واحذر جواب القول من خطابك. كم من جواب اعقب الندامة فاغتنم الصمت مع السلامة العلم بحر منتهاه يبعده ليس له حد اليه يقصد. وليس كل العلم قد حويته اجلول ولا العشر ولو وما بقي عليك منه اكثر مما علمت والجواد يعثر. فكل ما علمته مستفهما ان كنت لا تفهم منه الكلمة. القول قولان فقول تعلمه واخر تسمعه فتجهله. وكل قول فتجهله القول احسن الله اليكم. القول قولان فقول تعلمه واخر تسمعه فتجهله. وكل قول فله جوابه يجمعه الباطل والصواب وللكلام اول واخر فافهمهما والذهن منك حاضر. لا تدفع القول ولا ترده حتى يؤديك الى ما بعده. فربما ذوي الفضائل جواب ما يلقى من المسائل فيمسك بالصمت عن جوابه عند اعتراض الشك في صوابه. ولو يكون القول عند الناس من فضة تين بيضاء بلا التباسي اذا لكان الصمت من عين الذهب فافهم هداك الله اداب الطلب. الى هنا قد انتهى المنقول فاسمع هديت الرشد ما اقول العلم اصل الدين والاحسان طريق كل الخير والجنان. دل على تفضيله البرهان وسنة وسنة النبي والقرآن هل يستوي الذين يعلمون وعصبة بالعلم يجهلون. لا تدع لا تدعو الا العلماء ناسا لغيرهم لا ترفعا راسا وهو مع التقى هدى ونور وهو مع الزيغ بدا وبور. فالعلم ان زاد ولم يزدد هدى صاحبه لم يستفد الا ردا مع الزيغ بدن والبور يعني هلاك وفساد. البذاء الهلاك والبور الفساد نعم العلم ان زاد احسن الله اليكم فالعلم ان زاد ولم يزدد هدى صاحبه لم يستفد الا ردى فلا تعد ذاته فضيلة ان لم يكن على الهدى وسيم فانه كالكذب والخيال يكون عند الخلق للاعمال فحق اهل العلم صدق النية والاجتهاد في صفا الطوية والجد في التقوى بخير سيرتي ليستقر العلم في البصيرة فعلم ذوي الانوار في في جنانه وعلم وعلم فعلم ذي الانوار في جنانه هو علم ذي الاوزار في لسانه وان عنوان علوم وان عنوان علوم الدين في الصدق والخشية واليقين وافضل العلوم علم يقترب به الفتى من ربه فيما يحب. فليبذل فليبذل الجهد بما يزيده نور الهدى الى نور الهدى في كل ما يفيد وبالاهم فالاهم ينتقي من كل فن ما يفيد ما بقي. فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد الناصح. ثم مع المدة فابحث انه حقق ودقق ما استمد منه لكن ذاك باختلاف الفهم مختلف وباختلاف العلم. فالمبتدئ والفدم لا يطيق بحثا وجهه دقيق ومن يكن في فهمه بلاده فليصرف الوقت الى العبادة او غيرها من كل ذي ثواب ولو بحسن القصد في الاسباب فليعمر العمر بكل فكل ذرة رخيصة منه بالف درة فيضبط الاوقات بالموقوت من قبل سبق فتنة من قبل قبل سبق فتنة وفوت. والعلم ذكر الله في احكامه على الورى كالشكر في انعامه فذكره في الذات والصفات كالذكر في الاحكام اياتي لكن كثير اغفلوا بالعلم وحكمه عن ربه ذي الحكم وادخلوا فيه الجدال والمراء فكثرت افاته كما ترى فصار فيهم حاجبا لنوره عنه فما ذاقوا جنى مأثوره. فهلكوا بقسوة وكبر وحسد وعجب ومكر نعوذ بالله من الخبال والعود بعد الحق في الضلال فالذم منهم لا من العلوم فانها من طلعة القيوم. فحق من يخشى مقام ربه ان يعتني بعين معنى قلبه. وليجتهد قل لما في دينه يزيده بالحق في يقينه وان يديم الذكر بالامعان والفكر فيه في جميع الشأن. ليغرس التحقيق باليقين في قلبه بالحق والتمكين حتى يكون عند موت جسمه حيا الحجاب نوره وعلمه. طوبى لمن طاب له فؤاده بالعلم والتقوى عليه زاده فسار في الحق على طريقه. بالحق تهديه الى الحقيقة على اتباع المصطفى مبنية في القول والفعل وعقد النية. هذا اخر البينة وتمام المعاني المبينة. وهذا اخر البيان على هذا الكتاب بما يناسب المقام اكتبوا وطبقة السماع سمع علي جميع كتاب البينة في اقتباس العلم بقراءة غيره. صاحبنا ويكتب اسمه تاما فتم له ذلك في مجلس واحد بالميعاد المثبت في محله من نسخته واجزت له روايته عني اجازة خاصة من معين لمعين في معين الحمد لله رب العالمين صحيح ذلك كتبه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي يوم الاربعاء الرابع عشر او للثالث عشر الثالث عشر من شهر شوال سنة تسع وثلاثين واربعمائة والف في جامع الشيخ العسكري بمدينة نجران لقاؤنا ان شاء الله تعالى بعد المغرب في كتاب رفع النبراس لاجازة طلاب الاساس والحمد لله اولا واخرا