السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي جعل للعلم اصولا وسهل بها اليه اصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله ما بينت اصول العلوم وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها والمفهوم اما بعد فهذا شرح الكتاب الاول من برنامج اصول العلم بسنته الخامسة سبع وثلاثين واربع مئة والف وثمانية وثلاثين واربع مئة والف وهو كتاب خلاصة تعظيم العلم لمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي وبين يدي قراءته تقدم بشكر الله سبحانه وتعالى الذي هيأ لنا مقاما حميدا ومنزلا كريما نجتمع فيه على العلم. ونتواصى على الحق ونستلهم الله الرشد والصواب نسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا شكر هذه النعمة. وان يديمها على بلادنا. وان يوفق ولاة الامر فيها لما فيه خير الاسلام والمسلمين ثم اثني بشكر فرعي وزارة الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد في المنطقة الشرقية لما لهم من يد حسنة في اقامة هذا البرنامج ثم اثلث بشكر المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بالخبر مكتب هداية على ما لهم من سابقة حسنة وولاية كريمة في القيام على مناشط هذا البرنامج ثم اختم بشكركم جميعا على اقتطاعكم وقتا من اوقاتكم. لتتزودوا به بصيرة الى ربكم سبحانه وتعالى. فان معلم العلم ومتعلمه لا يريد من العلم الا ان موصلا له الى الله والى دار كرامته في جنات النعيم. فان العلم ميراث الرسالة وان الناهضين به من المعلمين والمتعلمين ينبغي ان يقتدوا بسيرة محمد صلى الله عليه وسلم في المطلوب الاعظم وهو رضا الله ومحبته وهو رضا الله ومحبته وولايته ونصره وانما يدرك ذلك تحسين القصد واشهاد العبد نفسه بان المقام الذي يقوم فيه معلما او متعلما هو مقام ينوب فيه في تبليغ الرسالة وحفظ الدين واعزاز الملة وتقوية الامة وتكبير سواد الخير واهله فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا جميعا مفاتيح للخير مغاليق للشر والا يفسد قلوبنا والا يحجبنا عنه بشهود الخلق وان يدلنا واياكم الى معرفة الحق والعمل به والدعوة اليه والسعي في اصلاح نفوسنا واصلاح الناس من بعدنا والله ولي التوفيق نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا لجميع المسلمين نعم. قال المصنف وفقه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله المعظم بالتوحيد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد المخصوص باجل المزيد. وعلى اله وصحبه اولي الفضل السديد. اما بعد فهذه من كتاب تعظيم العلم خلاصة اللفظ. اعدت بالتقاطها لمقصد الحفظ. فاستخرج منه للمنفعة المذكورة وجعل فيه الانموذج من كل باب ليكون في نفوس الطلبة شمس النهار ويترشحوا بعده الى العمل والابتكار فاسأل الله لي ولهم لزوم معاقد التعظيم والفوز بجوامع فضله العظيم. ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة ثم ثنى بالحمدلة ثم تلة بالصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه اولي الفضل والرأي السديد ثم ذكر ان ما بين يديك هو مأخوذ من كتاب اخر هو كتاب تعظيم العلم استخلص منه مصنفه خلاصة اللفظ معدا لها بقصد الحفظ. فان من اراد حفظ شيء قبلله فقلة الالفاظ معونة الحفاظ. واذا اردت ان تحفظ شيئا وابتغيت ثبوته في نفسك احرص على ان يكون مقلل الالفاظ. ومن هذا الجنس هذه الخلاصة التي استخرجت للمنفعة المذكورة من الكتاب سابق الذكر مكتفا فيها بلب اللباب اي خالص المقصود وجعل فيه الانموذج من كل باب المثال الدال عليه ليكون في نفوس الطلبة شمس النهار. اي واضحا جليا. وشمس النهار مثال يضرب للوضوح الجلاء فان الشمس في النهار تكون بينة جلية واضحة للعيان. ويترشح بعد ان يترقوا بعده الى العمل والادكار. اي الانتفاع بما فيه من الذكر فاسأل الله لي ولهم لزوم معاقد التعظيم ومعاقد التعظيم هي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. الاصول جامعة المحققة عظمة العلم في القلب. نعم احسن الله اليكم. الحمد لله واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان عبد محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. اما بعد فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه ووفدت رسل فنونه اليه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. وكأن ابا محمد الدارمي الحافظ رحمه الله تعالى لامح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماه بالمسند الجامع بباب في اعظام العلم واعون شيء على الوصول الى عظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه. وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه اضاع. ولهواه اطاع لا يلومن ان فتر عنه الا نفسه يداك اوكتا وفوك نفخ. ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم ذكر المصنف وفقه الله مقدمة ثانية بعد المقدمة الاولى والفرق بينهما ان المقدمة الاولى هي مقدمة المختصر المسمى خلاصة تعظيم العلم والمقدمة الثانية هي مقدمة للكتاب الاصل وهو تعظيم العلم. على وجه مختصر يحقق المراد من تقليل الفاظها. وهو تسهيل حفظها فابتدأها كسابقتها بالبسملة ثم الحمدلة ثم ذكر الشهادتين قارنا الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه وعلى اله وصحبه ثم ذكر ان حظ العبد من العلم اي قدر ما يناله منه موقوف اي مرهون ومعلق بما يكون في قلبه من تعظيمه واجلاله. فمن عظم العلم واجله صلح ان يكون قلبه محلا للعلم وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه. فقوة وادراك القلب للعلم معلقة باعظام متلقيه له. فاذا عظمه انتفع به واستقر في قلبه واذا لم يرفع اليه رأسا ولا عني به اساسا وتقاصرت هيبة الليل في قلبه تقاصر حظه من العلم حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم ثم ذكر ان من عظم العلم لاحت انواره عليه ووفدت رسل فنونه اليه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. فانه اذا قوي تعظيم العلم في القلب قويت صلته به فانك اذا عظمت العلم تعظيما كليا لم يكن في قلبك حينئذ طلبة تلتمسها سواه لما ترى من عظيم منفعة العلم في العاجل والاجل. ثم ذكر ان ابا محمد الحافظ صاحب السنن المعروفة بمسند الدارمي ختم كتاب العلم من سننه بباب في اعظام العلم. للاشارة الى هذا المعنى وانه على قدر ما يكون في قلبك من تعظيم العلم يكون حظك من حيازته والانتفاع به فامر ما يكون في قلبك من العلم قدرا وانتفاعا معلق بما يكون في قلبك من اعظام العلم جلاله ثم ذكر ان اعون شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله اي ابلغ شيء ييسر لك الوصول الى تعظيم العلم هو معرفة معاقد تعظيمه. وفسرها بقوله وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. فهي اصول جامعة. كل واحد منها سابلة توصل الى تعظيم العلم. فاذا اخذت بهذه الاصول تكاثرت السبل التي يعرج فيها قلبك للوصول الى العلم فبزيادة تعظيم العلم في قلبك يزيد العلم فيه وتظهر منفعته. ثم قال قولا جامعا فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له ومن ضيعها فلنفسه اضاع ولهواه وهو اطاع فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه فان الله سبحانه وتعالى كريم اذا اقبل العبد عليه اقبل الله عز وجل عليه اقبالا الاعظم من اقبال العبد. فمن صدق في طلب العلم والح على الله ووقف في بابه وسلك جادته الموصلة اليه وتغرغر قلبه بحلاوة تعظيمه فان الله عز وجل يفيض عليه بانواع العلوم المعارف وييسر له سبلها ويجعل له من القوة ما لم يكن له قبل في الحفظ والفهم. فان قصر في ذلك رجع بالخيبة على نفسه. فان الله لا تنفعه طاعة الطائعين. ولا تضره معصية العاصين والعبد اذا قصر في جناب الله فان سوء العاقبة ترجع عليه فحاله كما قال فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه ذاك اوكتا وفوك نفخ. وهذا مثل يضرب لمن القى بنفسه الى التهلكة. وهذا مثل يضرب لمن القى بنفسه الى التهلكة ولم يأخذ عدة النجاة واصله ان رجلا اراد ان يعبر نهرا فالتمس قربة لينفخها ويستوي عليها. اذ كان لا يحسن السباحة فعمد الى قربة فملأها هواء حتى انتفخت. ثم القاها والقى نفسه عليها يعبر نهر ولم يكن قد اوثق قيدها. فتسرب الهواء منها فذهبت في الماء ولم تستطع حمله. فغرق في الماء. فصير يضرب مثلا يداك او فتى وفوق نفخ اي انت الذي نفخت تلك القربة واوكيت رباطها اي شددت رباطها فلم تحكمه فاصابتك الهلكة بجنايتك على نفسك ثم قال ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. فاذا لم يقم العلم بحفظ اي اذا لم يقم العبد بحفظ العلم واكرامه واجلاله فان العلم لا يحفظ له له كرامة. ومن حفظ العلم واكرمه واجله فان العلم يورثه الكرامة. نعم. احسن الله اليك قال وفقه الله المعقد الاول تطهير وعاء الان. وهو القلب وبحسب طهارة القلب يدخل. وبحسب طهارة القلب يدخل العلم واذا ازدادت طهارة وازدادت قابليته للعلم. فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف وطهارة القلب ترجع الى اصلين عظيمين. احدهما طهارته من نجاسة الشبهات. والاخر طهارته من نجاسة الشهوات واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك فاستحي من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا. ففي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله الا ينظر الى صوركم واموالكم؟ ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم من طهر قلبه فيه العلم حل. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعاه العلم وارتحل. قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما مما يكره الله عز وجل. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الاول من معاقد تعظيم العلم وترجم له بقوله تطهير وعاء العلم اي الاناء الذي يجعل فيه العلم فان لكل شيء وعاء يجعل فيه وان وعاء العلم كما قال وهو القلب. ثم قال وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. فمدار مفتاح اخذ العلم طهارة وعائه الذي يجعل فيه وهو القلب فاذا طهر الوعاء صلح ان يكون محلا للعلم. قال فمن اراد العلم اي نيله وجمعه فليزين باطنه. ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف. فان العلم لنفاسته وجلالته بمنزلة في الجوهر اللطيف الذي يخدش فيه كل شيء فلا يصلح حينئذ لحفظه الا قلب نظيف ان مما يفسده وينجسه. ثم بين ان طهارة القلب ترجع الى اصلين. احدهما طهارته من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. فالقلوب تتقذر وتتكدر بما يعلوها من نجاسة شهوة وشبهة وتكون طاهرة اذا خلص القلب من هذه النجاسات. ثم قال واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك اي الذي يعلوك فاستحي من نظر الله الى قلبك اي الذي في باطنك فلا يطلع عليه الناس. وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا. ثم ذكر الداعي الى الحرص على العناية بطهارة القلب وهو انه محل نظر الله من العبد لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم والعبد عادة يزين من نفسه ما تقع عليه انظار الخلق فان احدنا اذا لبس لباسا ان يكون اعلاه مما يراه الخلق على اكمل وجه. وان نقص قدر ما يتبطنه من الملابس التي تكون في الداخل. لان الملابس الظاهرة للناس هي محل نظرهم. ومثل هذا واعلى ينبغي ان تكون عنايته بطهارة قلبه وصلاح عمله. لانه محل نظر الله منك. فمحل نظر الله من العبد شيئان احدهما قلبه والاخر عمله. فكما يجتهد احدنا لتزيين محل في نظر الخلق منه فانه ينبغي ان يجتهد اكثر واكثر في تزيين محل نظر الله منه وهو عمله وقلبه ثم قال من طهر قلبه فيه العلم حل اي نزل وتمكن ومن لم يرفع منه نجاسته العلم وارتحل اي تركه العلم وذهب منه. ثم ذكر كلاما نفيسا لسهل ابن عبد الله التستري رحمه الله انه قال حرام على قلب اي ممنوع على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله. ومراده بالنور ما ينفع من العلم. فانما ينفع من العلم هو بمنزلة النور الذي يضيء للمرء مسالك الهداية وسبل السلام. فيستدل العبد به على انواع الطاعات المقربة الى الله سبحانه وتعالى. فلا يحصل هذا النور للقلب وفيه شيء مما يكرهه الله عز جل. فكل شيء يكرهه الله اذا حل في القلب انقص قدر العلم فيه فمن يدب الى قلبه حسد او حقد او غش او دغل او بدعة او هوى او حب علو في الارض او طلب رئاسة او جاه او غير ذلك من انواع المفسدات للقلوب فانها اذا دخلت قلبه ومازجته حجبت النور الذي يسري فيه فليجتهد العبد في تطهير قلبه من هذه الواردات التي تعله وتمرضه وتمنع النور منه. نعم السلام عليكم قال وفقه الله المعقد الثاني اخلاص النية فيه. ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم وصولها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وفي الصحيحين عن عمر رضي الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين. قال ابو بكر المروذي رحمه الله سمعت رجلا يقول لابي عبد الله يعني احمد ابن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم. وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها. الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما عليها من العبوديات. وايقافها على مقاصد الامر والنهي الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دينهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. الرابع العمل بالعلم. ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلب بهم العلم فيتورعون عن ادعائه الى انهم لم يحققوه في قلوبهم. سئل الامام احمد هل طالبت العلم بالله؟ فقال قال لله عزيز ولكنه شيء حبب الي فطلبته ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجليلها سرها وعلنها. ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية شدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب علي. بل قال الهاشمي رحمه الله ربما احدث بحديث واحد ولي نية ربما احدث بحديث واحد ولينية فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي. فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص النية فيه لان اخلاص اساس قبولها وسلم وصولها. فلا يرتفع عند الله عمل ولا ينتفع به عامله حتى يكون خالصا لله عز وجل. قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وفي الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما الاعمال بالنيات وانما لامرئ ما نوى واللفظ للبخاري والاخلاص شرعا وايش هو تصفية القلب من ارادة غير الله تصفية القلب من ارادة غير الله. اي تخليص القلب من كل ارادة سوى ارادة الله اي تخليص القلب من كل ارادة سوى ارادة الله. ثم ذكر انه ما سبق من سبق ولا قال من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله. ثم ذكر كلام احمد لما ذكر له الصدق والاخلاص فقال بهذا ارتفع القوم اي نالوا المراتب العالية والدرجات السامية في الدنيا والاخرة بما كانوا عليه من اخلاص وصدق والفرق بين الاخلاص والصدق ان الاخلاص توحيد المراد ان الاخلاص توحيد المراد والصدق توحيد الارادة. ان الاخلاص توحيد المراد. والصدق توحيد الارادة ذكره ابو عبد الله ابن القيم. وبيان معناه ان المخلص يوحد مراده الذي يتوجه اليه ان المخلص يوحد مراده الذي يتوجه اليه. فهو يتوجه لله عز وجل الا وحده والصادق يوحد ارادته ان يجمع نفسه على ما يبتغيه من الله. اي يجمع نفسه على ما يبتغيه من الله اذا جعل قبلة قلبه ارادة الله سبحانه وتعالى موحدا مراده فيه صار مخلصا فاذا وحد تلك الارادة التي في قلبه وابعد عنها ما ينازعها من الارادات صار صادقا ثم ذكر ان المرء انما ينال العلم على قدر اخلاصه ويؤثر عن ابن عباس عند ابن عساكر انه قال انما يحفظ الرجل على قدر نيته. انما يحفظ الرجل على قدر نيته. وبسط هذه المقالة ان المرء يدرك العلم حفظا وفهما على قدر النية. ان المرء يدرك العلم حفظا وفهما على قدر النية فمن كملت نيته كملت قوته في العلم. ومن ضعفت نيته ضعفته في العلم ثم ذكر ان الاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم الاول رفع الجهل عن النفس فينوي العبد بطلب العلم ان يرفع الجهل عن نفسه فانت تقدم الى هذه المجالس ورأس ما تبتغيه ان ترفع الجهل عن نفسك لتعبد الله لا بصيرة فان الله ابتلاك بان جعلك في هذه الدنيا محلا للامر والنهي عبادة فلا نجاة لك من الابتلاء الا بمعرفتك الطريق الموصل الى الله سبحانه وتعالى والثاني رفع الجهل عن الخلق بان تنوي جمع العلم لتجتهد في هداية الخلق بتعريفه بما به فلاحهم وصلاحهم في الدنيا والاخرة. والثالث احياء العلم وحفظه من الضياع اي ابقاء العلم حيا في الخلق وصيانته من الزوال فان العلم اذا حي في بلد بقي فيه الخير واذا مات في بلد ذهب منه الخير ذكره ابن القيم رحمه الله فان العلم اذا حي في بلد بقي فيه الخير. واذا مات في بلد ذهب منه الخير الرابع العمل بالعلم فتنوي بطلب العلم ان تعمل بما تتعلم. ثم ذكر ما كان عليه السلف من شدة خوفهم من فوات الاخلاص في طلبهم العلم فكانوا تورعون عن ادعائه. لا انهم لم يحققوه. فهم محققون له كما تشهد عليهم احوال واقوالهم لكنهم كانوا يتورعون فيتخوفون على انفسهم فواته كما وقع للامام احمد ما سئل هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز. اي ادعاء هذه الدعوة وامر فيه مشقة اي ادعاء هذه الدعوة امر فيه مشقة. ثم قال ولكنه شيء ان حبب الي فطلبته اي وافق محبة في نفسي فطلبته اي وافق محبة في نفسي فطلبته. وهذه حال اكثر الخلق فانهم يتوجهون الى العلم لمحبتهم. فانهم يتوجهون الى العلم لمحبته. فاذا عرفوا حقيقة العلم وصلوا الى الاخلاص فيه فاذا وصلوا الى فاذا عرفوا حقيقة العلم وصلوا الى الاخلاص به. وهذا معنى قول مجاهد وجماعة طلبن العلم لغير الله فابى الا ان نطلبه لله اي طلبناه محبة لما للعلم من انس في النفس وبهجة في الروح. فلما عرف ملتمسه حقيقته ومال اهله من عظيم عند الله اذا حسنت نياتهم فيه حققوا الاخلاص في طلبهم العلم. ثم ذكر انه من ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. ثم ارشد الى شدة الحاجة الى تفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في جميع اعمال والاحوال والاقوال وان قوام صلاح العبد بوقوع اموره كلها على وجه الاخلاص لله عز وجل. ثم ذكر ان تفقد النية في الاعمال يدعو اليه الشدة التي يعانيها المخلصون في طلب الاخلاص. فان طلب الاخلاص ليس امرا يدعيه مدعيه. وانما هو مكابدة ومشقة حتى تسلم نفسه فيه قال الشافعي وسهل ابن عبد الله التستري لا يعرف الرياء الا المخلصون لا يعرف الرياء الا المخلصون. اي لا يكون على بصيرة كاملة بالرياء الا المخلص المجتهد في حصول الاخلاص الا المخلص المجتهد في حصول الاخلاص فهو يكابد مشقة وعناء في تخليص اعماله من النيات الفاسدة واعظمها الرياء. فيطلعه ذلك على تحقيق الاخلاص في اعماله كلها. وذكر من السلف مما يدل على شدة المكابدة في امر النية. قول سفيان الثوري ما عالجت شيئا. اي ما عانيت شيئا اغالبه اي ما عانيت شيئا اغالبه. اشد علي من نيتي لانها تتقلب عليه. ووجه تقلبها ان النية محلها القلب ولم يسمى القلب قلبا الا تقلبه ان النية محلها القلب ولم يسمى القلب قلبا الا لتقلبه. فلما كانت النية موضوعة في القلب وهو يتقلب كالورقة التي تكفأها الريح فتقيمها تارة وتقلبها تارة هذه حال نياتنا فتارة تستقيم اذا استقام القلب. فاذا سقط القلب سقطت نيته وتغيرت ثم ذكر من كلام سليمان الهاشمي رحمه الله ما يدل على شدة الامر وانه كان يقول ربما احدث بحديث واحد ولي نية اي مقصد صالح قال فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي. اي اذا ذكرت بعضه تقلبت علي نيتي تارة يقلب تلك النية كثرة الجمع وتارة يقلب تلك النية ارسال الدمع وتارة يقلب تلك كالنية فصاحة اللسان وتارة يقلب تلك النية مضاء الجنان فما ان يمضي المرء في شيء من الخير الا ويكابد مشقة فيما يطرأ على نيته من الفساد. قال فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات. اي فاذا تحديث المرء بشيء من العلم لا يحتاج الى نية في فقط يصحح بها المرء قصده في ابلاغ العلم ونشر الخير. وانما يحتاج الى ان يراغم نيته بعد ككل مرة تتغير فيها فيكون نبيها مدركا احوال النية وما يعرض لها من تغير فاذا انقلبت اقامها على وجهها فاذا انقلبت اقامها على وجهها. فلا يزال المرء في جهاد حتى يلقى الله سبحانه وتعالى فالامر كما قال الشافعي وسهل ابن عبد الله فيما سبق لا يعرف الرياء الا المخلصون اي لا يتمكنوا من تخليص نفسه من عوارض النية واعظمها الرياء الا المجاهدون في تحصيل الاخلاص واولئك المجاهدون اذا بصرت باحوالهم في من مضى رأيت شيئا اذا قارن المرء حالنا تبين له البون الشاسع بين الطائفتين. ففي اخبار بعض من مضى من التابعين رحمهم الله تعالى انه كان اذا مشى في طريق امسك احدى يديه بالاخرى فكان يسأل عن ذلك فيقول اخشى ان تنافق يدي اي يخشى ان يقع منها شيء يتسلل اليها في العجب في مشيته او الفرح بقوته او النظر الى ضربه في الارض او بصفة جسمه او غير ذلك من الاحوال التي تغر المرء فتخرج به من القصد الحسن اذا القصد السيء فكانوا رحمهم الله لشفوف نظرهم وسلامة نفوسهم والطهارة قلوبهم يفقهون من معاني الاخلاص ومواقع الفلاح فيه ما صار غيبا عن احدنا حتى صرنا نستمرئ مشاهد تفسد القلوب ونراها ضربا من الدروب السائغة هي في حقيقتها ليست الا حبالة من حبائل شيطان كاولئك الذين يكيلون المدح والثناء لاحد عند افتتاح محاضرة او درس او نحو ولذلك فان هذا من حبائل الشيطان في ادخال الرياء له او في ادخال الشر على قلوب الخلق بفتنتهم به ولما كان السلف يعون هذا كانوا يمنعونه ولا يحبونه. ولما صار الناس يستمرئون هذا سموه تعريفا بشخصية المتحدث والتعريف يكون بالاعمال لا بالاقوال. فكم من امرئ تعرفه الاقوال وتكذبه اعماله. واما الاعمال فانها الفرقان الصادق بين المحق والمبطل. فينبغي للمرء ان يتفطن الى دقائق الاخلاص. فان قوة صلتك بالله سبحانه وتعالى على حسب توجه قلبك اليه. وانك لا تريد الا منه. ولا تريد من الخلق شيئا. وهذا امر كما سبق لا يمكن ان يكسبه الانسان في مقام او ليلة او شهر او سنة بل يحتاج الى مكابدة في معالجة تصحيح نيته في اعماله كلها. نعم. احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد الثالث جمع همة النفس عليه تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور اولها الحرص على ما ينفع. فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه. ثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله ثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. وقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. قال الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم ينله كله نال بعضه. وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه فوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة. اشرقت ارض القلب بنور ربها وان مما يعلي الهمة ويسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين. فابو عبد الله احمد بن حنبل كان كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به. حتى يؤذن الناس او يصبحوا وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري او الحيري في ثلاثة مجالس احسن الله اليك على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس. اثنان منها في ليلتين من وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر. واليوم واليوم الثالث من ضحوة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب الى طلوع الفجر وكان ابو محمد ابن التبان اول ابتدائه يدرس الليل كله. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامته همته فوق الثريا سامقة. ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة ان همة الصادق لا تشيب. كان ابو الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من فقهاء الحنابلة. ينشد وهو في الثمانين ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاض شعري غير صبغته في الشعر غير الشيب في الهمم. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث من معاقد تعظيم علمي وهو جمع همة النفس عليه فذكر ان الهمة تجمع على المطلوب ايا كان بتفقد ثلاثة امور الاول الحرص على ما ينفع. والثاني الاستعانة بالله في تحصيله. والثالث عدم العجز عن بلوغ البغية منه فمن اراد تحصيل مطلوب معظم من امر الدين او الدنيا فانه ينبغي ان يرعى هذه الامور الثلاثة وهي مجموعة في الحديث الذي رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه كلما قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. بكسر الجيم وتفتح. ثم ذكر قول الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد والصدق الا ناله. فان لم ينله كله نال بعض وهو ثم اتبعه بكلام ابن القيم في كتاب الفوائد انه قال اذا طلع نجم الهمة اي بزغ وارتفع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اي تبعه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. اي حصل الخير للقلب. فان مبتدأ ارادة اذا قويت ان تكون همة. فاذا اجتمعت صارت عزيمة. ثم ظهر العمل عقبها فيحصل خير القلب بما يعلوه من النور. ثم ذكر مما تعلو به الهمة اسم النفس وهو اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضي. فان ابلغ وازع بعد كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في اعلاء الهمة وتقوية النفس هو في سير السلف الماضي قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى لا اجد شيئا انفع للطالب من ادمان النظر في سير السلف انتهى كلامه وذكر كلاما قريبا منه ابن مفلح في كتاب الفروع ان منفعة الم تعلم بالعلم لا تكمل الا بالنظر في سير السلف واستعمال انواع الرقائق التي تلين القلب ما ذكر شواهد مما كانت عليه احوال الاوائل في علو همتهم. وان ابا عبدالله احمد ابن حنبل كان وهو في الصبا اي في مبتدأ السن الشباب ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ يأخذ امه بثيابه اي تمسك بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا اي اصبر حتى يؤذن الفجر او يبين النور ويظهر الصباح. ثم ذكر من علو الهمة ما جرى للخطيب البغدادي انه قرأ صحيح البخاري على شيخه اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس في المواعيد المذكورة وان ابا محمد ابن التبان كان اول ابتدائه يدرس الليل كله اي يمضي الليل كله في اعادة ما تلقاه في ذلك اليوم. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح اي الذي يستعين به على القراءة ويجعله تحت الجفنة وهي انية عظيمة ويتظاهر بالنوم اي يبدي لامه ان نام فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. ثم قال بعد ذكر احوالهم فكن رجلا على الثرى اي الارض ثابتة وهامة همته فوق الثريا السامقة. والثريا نجم مرتفع اي بان تصير رجلك في الارض وهمتك اعلى من نجم الثريا. ولا تكن شاب البدن اي في حال سنك معدودا في الشباب. اشيب الهمة. اي عاجزا ضعيفا في باطن نفسك كيب هو من وخطه الشيب. فالاشيب هو من وخطه الشيب اي خالطه الشيب. ومخالطة الشيب مبتدأ ضعف الانسان. فحذر من حال تعرض لكثير من الناس. وهي ان يكون احدهم شاب البدن فهو معدود في الشباب لكنه في همته الشيب اي يعد من المتكاسلين المتخاذلين عن ادراك ما ينفعهم ثم قال فان همة الصادق لا تشيب اي من كان صادقا في طلاب مقصوده فانه وان ضعف بدنه بقيت همته تحمله. فكم من امرئ تراه معدودا في من تقدمت به السن من ابناء السبعين والثمانين ثم تجد له من قوة النفس وسمو الروح وعلوها والاجتهاد في تحصيل مقصوده ما لا تراه عند من هم اقوى منه عظما من الشبيبة الناشئين في اخبار بعض الصالحين انه خرج للعمرة فلما اداها وفرغ منها رجع الى دار اقامته فلبس ثيابه واغتسل ثم رجع للصلاة. فلما فرغ من الصلاة في حضرة الحرم قام يطوف نفلا ووراءه ابنان له. فطاف سبعا ثم فجلس فصلى ركعتين ثم قام وقاما يتبعانه فطافا سبعا ثم رجع فصلى ركعتين ثم قام ليطوف سبعا ثالثة هي الرابعة بعد سبع العمرة. فنهض اصغر ولديه سريعا بعده فامسكه اخوه الاكبر وقال ان ابي يطوف بقلبه ونحن نطوف بابداننا فمهما جاريناه لم ندركه وجلس عن القيام معه. فانظر الى صدق الحال التي كان فيها شاب البدن اشيب الهمة. وكان فيها اشيب البدن شاب الهمة. ثم ختم ببيتين شهيرين لابي الوفاء ابن عقيل احد علماء الحنابلة اذ قال ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاض شعري غير صبغته الشيب في الشعر غير الشيب في الهمم اي حقيقة امر ان بعض شعري تغير لونه واما همتي فانها باقية. والصادقون في طلاب ما ينفعهم لا يقعدهم الشيب. عن ابتغاء ما يرفعهم. بل حالهم كما قال ابن القيم اسرع ما تكون الخيل في اخر الحلبة. اي اسرع ما تجتهد الخيل في الفوز اذا كان في اخر السباق فالصادقون وان تقدمت اعمارهم لن تتناقص اعمالهم. وكم رأينا هذا في احوال من انتصب للعلم فبقي على حاله التي عرف بها وربما زاد حتى توفاه الله عز وجل. لان من كان صادق العزيمة مخلصا امده الله سبحانه وتعالى بانواع من القوى لا يجدها غيره ممن هو اقل منه سنا وانشط بدنا. نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة ان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وباقي العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة او اجنبي عنهما فلا يضر الجهل به. وما احسن قول عياض اليحسوبي في كتابه الالماع. العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحب. علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبي وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر والعلم في من بعدهم اكثر؟ قال حماد ابن زيد. فالعلم في السلف احسن الله اليك. فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر قال حماد بن زيد قلت لايوب السختياني؟ قلت لايوب السختياني العلم اليوم اكثر او فيما تقدم؟ فقال الكلام وما اكثر والعلم فيما تقدم اكثر. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع من معاقد تعظيم العلم وهو صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة. اي توجيه الهمة فيه الى مطلوب عظيم وهو علم القرآن والسنة فان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وباقي العلوم اما خادم لهما. فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة. اي شيء يعين على فهمهما كعلم العربية او اصول الفقه ونحوهما فيؤخذ من هذه العلوم ما تتحقق به خدمة الكتاب والسنة او اجنبي عنهما اي بعيد عنهما فلا يضر الجهل به. ثم ذكر قول عياض القاضي العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحم. واللاحب هو الواضح. علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبه. فمرد العلم النافع الى كلام الله وكلام رسول صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان هذا هو علم السلف. ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع. فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر. فالعلم لا يحكم عليه بكثرة الهذر. فان كلام السلف كان قليلا وفيه من انواع العلوم ومدارك الفهوم ما يبسط به اللسان مدة في ايضاحه وبيانه وذكره بما يستفاد منه فكان يجمع لهم في الكلام القليل المعنى الجليل لطهارة نفوسهم وحسن علومهم اعي كلمتهم وقوة صلتهم بربهم سبحانه وتعالى. ثم لو ما ضعفت هذه المعاني فيمن تأخر صار كلامهم كثيرا وعلمهم قليلا. وذكر مصدق ذلك في قول حماد بن زيد قلت لايوب السخطيان العلم اليوم اكثر او فيما تقدم. فقال الكلام اليوم اكثر. والعلم فيما تقدم اكثر وهما في الصدر الاول من هذه الامة. فكيف الحال بعدهما؟ الا ما اشار اليه ابن ابي العز في شرح الطحاوية بان كلام المتقدمين قليل كثير البركة. وكلام المتأخرين كثير قليل البركة. فاذا قل الكلام ووجدت فيه البركة نفع. واذا اذا كثر الكلام وفقدت منه البركة لم ينفع. ولهذا تجد المرأة ربما يتلقى عن عالم كبير لا يذكر الا كلاما قليلا لكن يحدث له من النفع ما لا يحدث من تعليم غيره. لان له من صدق وطهارتها وكمال الاقبال على الله عز وجل ما يكون به مباركا. فينتفع به الناس اكثر من انتفاعهم بغيره ممن يطول العبارات. نعم. احسن الله اليك قال المصنف وفقهم الله المعقد الخامس سلوك الجادة الموصلة اليه. لكل مطلوب طريق يوصل اليه. فمن سلك جاد ذات مطلوبه اوقفته عليه. ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود ربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مرتضى بمحمد الزبيدي صاحب تاج العروس في منظومة له تسمى الفية السند. يقول فيها فما حوى الغاية في الف سنة. شخص فخذ من كل فن ان احسن بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد الناصح. فطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ بهما كان معظما للعلم لانه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه فاما الامر الاول فحفظ متن جامع للراجح. فلابد من حفظ. ومن ظن انه ينال ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه يطلب محال والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع الراجح. هو المتن الجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن واما الامر الثاني فاخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه. يتصف بهذين الوصفين واول الافادة وهي الاهلية في العلم. فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك. فصارت له ملكة قوية فيه والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود رحمه الله في سننه باسناد قوي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم. والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب. فلا يزال من معالم العلم في لهذه الامة ان يأخذه عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة وتجمع معنيين اثنين. احدهما صلاحية للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته. والاخر معرفته بطرائق التعليم. بحيث يحسن تعليم تعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره. وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس من معاقد تعظيم العلم. وهو سلوك الجادة الموصلة اليه والجادة هي الطريق. سميت جادة لان الناس يأخذون فيها ويسلكون كونها واستفتح بيانه هذا المعقد بذكره ان كل مطلوب له طريق اليه. فاذا سلكت تلك الطريق وصل العبد الى مطلوبه. واذا لم يسلكها العبد تقاعد عن الوصول الى مطلوبه. ثم بين ان للعلم طريقا من اخطأها ضل. ولم ينل المقصود وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. فالزائغون عن جادة العلم تارة يضلون ويخرجون منه فلا ينالون مقصودهم. وتارة اخرى يصيبون فائدة قليلة مع تعب كثير فمنفعة معرفة جادة العلم عظيمة وعاقبة الجهل بها وخيمة ثم ذكر ان طريق العلم جمعت ببيتين للزبيدي في الفية السند. قال فيها فما حوى غاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصحي فطريق العلم وجادته مبنية على امرين احدهما حفظ متن جامع للراجح المراد بالراجح المعتمد عند اهل ذلك الفن. فتعمد الى متن معتد به للمعتمد عند اهل الفن فتحفظه. والامر الثاني ان تأخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه. وذلك الشيخ يتصف بوصفين احدهما الافادة وهي الاهلية في العلم. اي بان يكون ذا معرفة به. اي بان يكون ذا معرفة به وقدرة على تعليمه. لان الاصل في اخذ العلم التلقي عن الرجال لان الاصل في اخذ العلم التلقي عن اللجام. وهذه خصيصة اختص الله بها هذه الامة. فمن خصائص الامة الاسلامية ان العلم يؤخذ فيها بالتلقي عن اهله. فمن خصائص الامة الاسلامية ان العلم يؤخذ فيها بالتلقي عن اهله. والاصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم اي تتلقون العلم اخذا بالسماع المباشر عمن كذلك فلا يكون العلم ناجعا ولا ناجحا ولا نافعا الا بان يكون مأخوذا وفق هذا الامر فمن ظن انه يأخذ العلم من الكتب فانه لن يناله. وان ولج الجمل سمى الخياط. فان هذا شيء جعله الله من خصائص علم هذه الامة. فالعلم فيها موروث غير مستأنف يأخذه عن السالف واطنب الشاطبي في مقدمات الموافقات في تقرير هذا الاصل وبيان سوء عاقبة العدول عنه فان المرء اذا بصر باحوال من عدل عن هذا فصار يأخذ العلم عن الكتب او صار يأخذها عما صار عليه الناس باخرة من تلك الاجهزة الجامدة في انواع التواصل وغيرها بغير تلقي اهل العلم فانه يرجع على نفسه بالضرر من الخلط على العلم والوقوع في شواذ الاقوال مع ضعف الديانة والجراءة على المدلهمات. توهما انه بما اكتسبه من المعلومات صار فقيها. وسيبدو على فلتات من عدل عن هذا الطريق ما يشهد بجهله. ومن بالغ ما يصدق هذا المعنى ان احدهم ممن غرته ثقافته وقلمه وعلمه وظن انه بمجرد القراءة صار عالما كغيره من كتب يوما ما مقالا طويلا يزري فيه على مصحف رآه مطبوعا في مجمع الملك فهد وكيف ان مجمع الملك فهد يصدر مصحفا فيه مثل هذه الاغلاط. ثم ذكر اشياء زعم انها اغلاط في المصحف فنادى على نفسه بالجهل لان المصحف الذي زعم ان تلك اغلاط واقعة فيه ومصحف طبع وفق رواية وهو لا يعرف من قراءة القرآن الا المصحف الذي نشأ عليه بهذا البلد. فظن ان المصحف الذي وقع بيديه مصحف محرف وان فيه اغلاطا وانما اوقعه في هذا ظنه ان علم قراءة القرآن يؤخذ من مصاحف وهذا علم لا يؤخذ من المصاحف وانما يؤخذ بالتلقي عن اهله حتى قلد لا يؤخذ القرآن عن ايش مصحفي يعني عن من اخذ القرآن من المصحف فهذا لا يؤخذ عنه وهذا شاهد لما ذكرت لك من ان من عدل عن طريق تلقي العلم عن اهله وقع في شواذ الاقوال والجراءة على الدين واخذ بشاذ الديانة المردود الذي يوقع في الشر والفتنة له ولغيره. ثم ذكر الوصف الثاني له وهو ان يكون متصفا بالنصيحة. وهذه تجمع معنيين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته. ان يكون ممن غلبت عليه احوال الطاعة وعرف بالخير والهداية. اما من عرف بالمجون والغواية والضلالة فهذا لا يؤخذ عنه والاخر ان يكون عارفا بطرائق التعليم بحيث يحسن تعليم المتعلم. اي مدركا صفة ايصال العلم للمتعلم اي مدركا صفة ايصال العلم للمتعلم. فهو يبسط تارة لاحد ويوجز لاحد يخاطب احدا بمعنى ويخاطب اخر بمعنى ويزيد هذا دراسة في كتاب وينقل هذا الى كتاب اعلى بحسب ما يترشحون له وتكون له قواهم. فاذا حصل تلقي العلم بحفظ متن جامع للراجح. وتلقيه عن متصف بالاهلية ناصح له فتلك جادة العلم التي توصلك اليه. وهذه الجادة وان طالت موصلة للعلم وغيرها وان قصر لا يوصل للعلم. فمثلا مما يزينه الشيطان لبعضهم ان مما يؤخذ به العلم وتكون فقيها في سنة واحدة ان تجمع نفسك على فتاوى اللجنة الدائمة وفتاوى الشيخ ابن باز وفتاوى الشيخ ابن عثيمين فانك اذا قرأتها ووعيت ما فيها صرت قادرا على الافتاء فلا تحتاج الى الطلب الذي يقولون تحفظ متون وتفهم ونحو ذلك. هذا بعض الناس يفعله يظن انه يدرك العلم. ولكنه لا يدرك العلم. وان حفظ تلك وكاملة لان اصل الفتيا ايش الفتية ما هي؟ جواب متعلق بمسألة يعني بحال في نازلة. طيب اذا تغيرت هذه النازلة؟ تتغير الفتوى ولا ما تتغير؟ تتغير الفتوى. فاذا لم تعي من العلم الا الفتاوى المعلقة باحوال صار ضررها وخيم ايمان صار ظررها وخيما بخلاف من تقررت في نفسه الاصول فانه يحسن تخريج الفروع عليها. ولذلك فمن عكس طريق العلم انعكس فيه العلم من عكس طريق العلم انعكس فيه العلم. وهذا قول جامع فالذين يسلكون طرائق يستحسنونها يظنون انها نوصلهم الى العلم بطريق اسرع ينعكس فيهم فيهم العلم فيصيرون جهالا تشهد بجهلهم احوالهم التي يقولون عليها كالذي ذكرت لكم في امر الفتوى او في غيره. نعم. احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد السادس رعاية فنونه في الاخذ وتقديم الاهم فالمهم. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره جمع العلوم ممدوح من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار. ويقول شيخ شيوخنا محمد بن ممانعا رحمه الله في ارشاد الطلاب. ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة. اذا انا يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويزري بعالمه فان هذا نقص ورذيلة فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم. والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفه ان سهل علوما لو قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل. انتهى كلامه رحمه الله. وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم مما يفتقر اليه المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله. والاخر ان هنا قصدهم في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها. وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر فيه سواء كان فنا واحدا ام اكثر ومن طيار شعر الشناقطة قول احدهم وان تريد تحصيل فن تممه وعن سواه قبل الانتهاء مه. وفي ترادف ان توأمان استبقا لن يخرجا. ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع. وكانت حاله استثناء من العموم ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس من معاقد تعظيم العلم وهو رعاية فنونه في الاخذ وتقديم الاهم فالمهم فان انواع العلم وفنونه كثيرة ومن حسن تعظيم العلم ان تراعي راتبها في الاخذ وان تقدم الاهم فالمهم. وذكر قول ابن الجوزي جمع العلوم ممدوح وانشد بيت ابن الورد في قوله من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار اي على حقائق العلوم الحر مطلع على الاسرار اي على حقائق العلوم لمشاركته فيها. ثم ذكر كلام العلامة محمد ابن مانع انه قال لا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه اي قدرة على ادراكه. ولا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله. ويزري بعالمه فان هذا نقص ورذيلة. فان من الناس من اذا فاته علم من العلوم عابه وانتقص قدره فمثل تلك الحال تعيب صاحبها لان العلوم المختلفة منقولة في الامة منثورة فيها فالذي يتقن النحو ويزري على اصول الفقه اخطأ لان اصول الفقه علم الي كعلم النحو هو منقول في الامة ممسوس في طبقاتها. فعين الرشد الحرص على هذا وهذا. ومن نادى عند اتقانه بعيب علم اخر ينادي على نفسه بالجهل فيه. ثم قال فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم اي بعقل والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا يعني رجلا اسمه سهل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل. علوما لو قراها ما قلاها. ومعنى قلاها ابغضها اي علوم من العلوم النافعة لو تلقاها سهل هذا لما ابغضها. ولكن الرضا بالجهل سهل. اي قناعة المرء بان يجهل علما من العلوم ثم يزري على اهله هذا امر سهل على نفوس الخلق ثم ذكر ان رعاية فنون العلم تنفع باعتماد اصلين. احدهما تقديم الاهم فالمهم. فيقدم المرء العلم الاهم ثم يتبعه بما دونه. وترتيب العلوم في درجات مرده الى ما ذكره بقوله مما يفتقر الم تعلم في القيام بوظائف العبودية لله. فالمناط الذي يعلق به تقدير مراتب العلوم هو اقامة العبودية لله عز وجل. ولهذا جاء بعضهم الى مالك واذا احمد ايضا في قصة اخرى وكلاهما سأل سؤالا فكان جواب الامامين ان قال تعرف ما تقول اذا بحث وما تقول اذا امسيت؟ فقال لا. فقال اذهب فتعلم هذا اولا ثم اسأل عما تسأل عنه. اي معرفة ما يلزمك في العبودية لله ثم اطلب ما بعده. فالمبتدئ في العلم يقدم ما علقوا بتصحيح اعتقاده بربه سبحانه وتعالى. ثم ما يتعلق بصلاته والطهارة لها. ثم ما يتبع ذلك من انواع العلوم التي ينتفع بها فمن الجهالة تأخير علوم نافعة وتقديم غيرها عليها. فها نحن تجد احدنا يمضي وقتا في دراسة علوم متنوعة حتى يلجها في دراسة العلوم الالية كالنحو واصول الفقه وقواعده ولم يقرأ يوما كتابا في الاذكار فهو لا يعرف الاذكار ولا يعرف احكامها. فانت تسأله اذا سافرت وجمعت بين الصلاتين كم مرة تذكر اذكار الصلاة؟ فيقول اذكار الصلاة تسقط كما تسقط النافلة فينادي على نفسه بالجهل اولا ثم تسأله لا هذه تقال كم تقال مرة؟ فيقول اذا تقولها مرتين ما دام التقال لان كل صلاة لها ايش؟ لها ذكر والجواب لا تقولوها مرة واحدة تنوي بها اذكار الصلاتين ويسمى هذا عند الفقهاء تداخل العبادات فانظر الى هذه المسألة التي تمر بنا كثيرا. كم نحن نجهلها؟ وقس على هذا مسائل كثيرة تتعلق والمقصود ان يكون مطلوبك من العلم معلقا بما يحقق لك العبودية التامة عند الله سبحانه وتعالى ثم ثم ذكر الاصل الاخر وهو ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن وهذه هي جادة اهل العلم فيتلقى في مبادئ امره اصول العلم مسلوكة في المختصرات. فالعلوم النافعة لها مختصرات مصنفة فيها فيدرك من كل علم نافع اصلا جامعا. فاذا استكمل ادوات تلك الفنون نظر الى ما وافق طبعه وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر فيه. فاذا حصل اصلا في علم التفسير واصلا في علم الاعتقاد واصلا في علم الفقه واصلا في علم الحديث واصلا في علم النحو واصلا في علم اصول الفقه وغيرها من العلوم النافعة مسلوكا بمختصر او مختصرين او ثلاثة فانه ينظر بعد ذلك الى ما وجد قوته فيه وانس من نفسه ميلا له فلعله بعد ان حصل اصول العلوم يميل الى علم التفسير او يميل الى التفسير والنحو او يميل الى الحديث والفقه او يميل الى الحديث واصول الفقه فحين اذ يجمع نفسه على ما مالت اليه نفسه ووجد قوة فيه. وتلك الرتبة تكون بعد تأسيس العلوم في النفس بتحصيل المختصرات. ثم انشد بيتين مشهورين لبعض اهل العلم في شنقيط انه قال وان تريد تحصيل فن تممه اي اكمله وعن سواه قبل الانتهاء وما كلمة زجر اي انصرف عن غيره قبل ان تحصل تمامه. ثم قال وفي ترادف العلوم اي في الجمع بين العلوم المنع جاء. اي منع من الجمع منها. قال ان توأمان سبقا لن يخرجا. يقول فان حال الجمع بين العلوم كحال طفلين يريدان ان يخرجا من بطن امهما فهما متصارعين في الخروج من الرحم. فيزدحمان ولا يتمكنان من الخروج. فكذلك حال المرء اذا اراد ان يجمع العلوم على نفسه فانه يشق عليه ادراكها. والمراد بالجمع ما يحمل على الازدحام اما ما صارت عليه حال الناس من ضيق الازمان وتغير الاحوال فلا بأس حينئذ ان يجمع علما مع لكن يكون اخذه لهما مرتبا. فيأخذ كل علم بما يناسب العلم الاخر. فلا يحسن ان يجمع بين علمين متشاركين في صنعتهما فمثلا من يريد ان يقرأ مصطلح الحديث مع اصول الفقه يسجر عن ذلك مما من الاشتراك في مسائل كثيرة او من يريد ان يقرأ علوم القرآن مع اصول الفقه فانه يزجر لما بينهما من اشتراك يمنع من الجمع بينهما فيلاحظ في الجمع الحال التي تعين على ادراكهما. ثم قال ومن عرف عنا نفسه قدرة على الجمع جمع وكانت حاله استثناء من العموم فان من الناس من تكون له قوة على العلوم او سعة في الوقت فحينئذ يؤذن له بالجمع لتحصيل النفع. ومثله ما ذكرت لكم من تغير الاحوال في هذه الازمان فلا بأس بالجمع لكن مع ملاحظة الحال. ولهذا لا يدرك في العلم الا من استرشد بمرشد يهديه في اما من يدخل في العلم وحده فانه يخرج منه وحده اي يخرج منه بلا تحصيل ولا تأصيل لانه يخبط فيه خبط وبلا بينة ولا روية. نعم. احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد السابع المبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب. قال احمد رحمه الله ما شبهت شباب الا بشيء كان في كمي فسقط. والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا ولصوقا. قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر. فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر. فمن اغتنم نال اربة وحمد عند مشيبه سراه. اغتنم سن الشباب يا فتى. عند المشي بيحمد القوم السرى ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. ذكره البخاري رحمه الله او في كتاب علم من صحيحه وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي رحمه الله في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القوام قاطعي وتكاثر العلائق فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم. ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابعة من معاقل لتعظيم العلم وهو المبادرة الى تحصيله اي المعاجلة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب فان سن الصبا والشباب تكون النفوس فيها اقوى مع قلة الشواغل والقواطع. ثم ذكر كلام احمد رحمه الله انه قال ما شبهت الشباب الا بشيء كان في كمي فسقط. اي يذهب ذهابا سريعا اي يذهب ابا سريعا بمنزلة شيء كنت احمله في كمي ثم سقط وزال عني. ثم ذكر ان العلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا ولصوقا. قال الحسن البصري العلم في الصغر كالنقش في الحجر. اي في قوة بقائه فمن تلقى العلم صغيرا بقي فيه طويلا. ثم انشد الاغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى. ثم ذكر ان ما سبق بيانه من المبادرة الى تحصيل العلم في الصبا والشباب لا ينبغي ان يتوهم منه ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا ذكره البخاري في صحيحه. فطلب العلم مع العلم ممكن. لكنه يشق على النفس كما قال وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع تكاثر العلائق فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم. اي من جاهد نفسه حال كبره في مغالبة الشواغل والقواطع والعلائق فانه يدرك العلم. وفي اخبار علماء الامة من طلب العلم كبيرا فصار في العلم رأسا ومنهم من يطلب من لم يطلب بعض انواع العلوم الا وقد خالطه الكبر. كابي الفرج ابن الجوزي فانه لم يطلب علم القراءات الا وقد يجاوز السبعين مع ما يلقاه متلقي علم القراءات من شدة في ضبط وجوهها واختلاف اهل قراءتي فيها ومع ذلك وجد في نفسه قوة لتخلصه من الشواغل والعلائق وتجريده نفسه في طلب ما يريده احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله. المعقد الثامن لزوم التأني في طلبه وترك العجلة. ان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة اذ القلب يضعف عن ذلك وان للعلم فيه ثقلا كثقل الحجر في يد حامله. قال تعالى ثقيلا اي القرآن. واذا كان هذا وصف القرآن ميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر. فما الظن بغيره من وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر منجما مفرقا باعتبار الحوادث والنوازل. قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليهم القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. وهذه الاية حجة في لزوم تأني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة. كما ذكره الخطيب البغدادي رحمه الله في الفقيه والمتفقه. والراغب الاصفهاني رحمه الله في مقدمة جامع التفسير ومن شعر بن النحاس الحلبي قوله رحمه الله اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصن المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط ومقتضى لزوم التأني والتدرج فيه. ومقتضى لزوم التأني والتدرج البدني جاءت بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا. والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليه ومن تعرض للنظر في المطولات فقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى ومن بدائع الحكم قول عبد الكريم الرافعي احد شيوخ العلم بدمشق الشام. قول عبد الكريم. نعم احسن الله اليك. ومن بدائع الحكم قول عبد الكريم الرفاعي احد شيوخ الامير دمشق الشام في القرن الماضي طعام الكبار سم الصغار. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثامن من معاقل تعظيم العلم وهو لزوم التأني في طلبه وترك العجلة فيأخذه اخذا حسنا لا يستعجل فيه. وحامله ان تحصيل العلم لا يكون واحدة. لان القلب يضعف عن حمله فان للعلم في القلب ثقلا كثقل الحجر في اليد فكما يجد احدنا ثقلا في يده اذا حمل حجرا فان القلب يجد ثقلا اذا حمل علما. ومنه قوله تعالى سنلقي عليك قولا ثقيلا يعني في القرآن. فانه ثقيل على القلب بما يجده العبد في مكابدة من تمام حفظه وحسن معناه. فهذا هو المراد بثقله. ما يجده العبد من مكابدة في ظبط لفظه حسن فهمه واذا كان هذا وصفا للقرآن وهو الذي يسره الله فما الظن بغيره من العلوم. ثم ذكر ان تنزيل القرآن الكريم وقع منجما مفرقا اي في اوقات مختلفة باعتبار الحوادث والنوازل لاجل هذا. وذلك في قوله تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة اي دفعة واحدة كذلك لنثبت به فؤاده. اي المنفعة في حصوله نزولا مدرجا حصول ثبوت في قلبك وثباتك به فكذلك وجود العلم في القلب يكون على هذا الوجه. وهذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه ذكره الخطيب البغدادي والراغب الاصفهاني. ثم انشد بيتي ابن الحلبي اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط اي انما السيل وهو الماء الهادر الكثير اجتماع النقط اي حصل باجتماع نقط المطر شيئا فشيئا ثم ذكر ان مقتضى لزوم التأني والتدرج البداءة بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا تشراحا والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. فمن اراد ان يوقف نفسه على جادة التأني فانه ينبغي ان يرعى هذين الامرين. واولهما ان يبدأ بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا فان اهل العلم ارادوا تقريبه فجعلوه في مختصرات وجيزة. فاذا حفظتها وفهمت معانيها ترقيت درجات في تحصيل ذلك العلم. والاخر ان تميل وانت في تلك الحال عن مطالعة المطولات التي لم ترتفع بعد اليها. لان مضرتها وخيمة فان المرأة اذا عرظ نفسه للنظر في المطولات مع عدم اكتمال العدة وقوة الالة فانه قد يجني على دينه فان تلك المطولات فيها ذخائر العلم ومعاقد الانظار التي اختلف فيها النظار ومحارة الافكار التي تجاذبها الاذكياء من اهل العلم. وانما يحصل الانتفاع بها عند قراءتها مع اكتمال الالة فاذا اكتملت الالة للمتعلم ثم طالع المطولات انتفع انتفاعا كثيرا. واذا تسلق الى مطالعة مع ضعف الالة ربما رأى فيها اشياء يزيفها وحقائق يضعفها ومعان لا يفهمها على الوجه الذي ارادها اراده المتكلم بها فيقع في الجناية على نفسه. وهذا معنى ما قال وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ثم ذكر قول عبد الكريم الرفاعي طعام الكبار سم صغار اي العلوم التي ينتفع بها من كملت الته تكون بالنسبة للصغار كالسم تكون بالنسبة للصغار كالسم فانت تجد من لم تكتمل الته ربما يطالع فتح الباري ثم يجد فهو يقول وفي رواية ابي ذر كذا وكذا. وفي رواية ابي ذر كذا وكذا. ثم ينتج منه يقول كنت اظن ابا هريرة رضي الله عنه اكثر الصحابة رواية للحديث. فوجدت ان ان ابا ذر اكثر منه لما رآه من كثرة ذكر الحافظ ابن حجر له في فتح الباري انه في رواية ابي ذر كذا وفي رواية ابي ذر كذا. هذي الحقيقة صحيحة ولا غير صحيحة؟ غير صحيحة. غير صحيحة. طيب ويقول له عند الحافظ دايم وفي رواية ابي ذر وفي رواية ابي ذر؟ الهرم بذر؟ احد رواة البخاري اي منه ابو ذر الهرمي الهراويكي ولا من شسمه ابو ذر الهروي اسمه عبد. ابو ذر الهروي احد رواة البخاري. فهذا يظن ان الحافظ عندما يقول وفي رواية ابي ذر يظنها ابي ذر الغفاري رضي الله عنه فانظر هذا لانه ما عرف العلم كما ينبغي وقفز السلم يأتي بمثل هذه الاقوال وغيرها اشد يعني من الاقوال التي يقع فيها من يخطئ طريق العلم اشد واكثر. تجد احدهم يجرد هذه المطولات فيخرج بالمطمات. لانه لم يأخذ العلم كما ينبغي فهذا هو معنى هذه الجملة ان الانسان اذا عرض نفسه لما ليس حقا له جنى على نفسه بالازراء والعين والغلط في العلم فاذا وصل اليه حال قوته انتفع به انتفاعا كثيرا وتقرير هذا المعنى لا يراد منه ومنع مطالعة المطولات مطلقة لكن منعها عمن لم يترشح اليها وهذا صح ولا غير صح؟ غير صحيح صحيح ولا غير صحيح؟ صحيح. وان اغتر بعض الناس ويقول هذا حجب للعلم عن الناس. هذا جهل. انت الان لو اردت ان تدرس في ابتدائي تخصص الابتدائي اول العمليات الحسابية التي ستأخذها ما هي الجمع. طيب ليش ما يعطونا روضته وزوجته ليش ما يعطونه علوم المطولات عشان يستفيد يصير عالم في خمسة ايام لان ملكته العقلية لا تستوعب فكذلك العلم الشرعي وما تعلق به من العلوم الالية ملكتك العقلية تحتاج الى تدريجها شيئا فمن سار في هذه الجادة وصل الى المكنة في العلم. ومن اغتر بانه يعرف يقرأ ويفهم كما يقول عن نفسه. وهجم على علم وصار يطالع في المطولات يرجع على نفسه بالضرر. نعم. احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد التاسع الصبر في العلم تحملا واداء. اذ كل جليل من الامور لا يدرك الا بالصبر. فاعظم شيء يتحمل به النفس طلب المعالي تصبيرها عليه. ولهذا كان الصبر والمصابرة مأمورا بهما لتحصيل اصل الايمان تارة كماله تارة اخرى. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا. وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحيى ابن كثير قال يحيى ابن ابي كثير رحمه الله في تفسير هذه الاية. هي انسوا الفقه وليحصل احد العلم الا بالصبر. قال يحيى ابن ابي كثير رحمه الله ايضا لا يستطاع العلم الجسم فبالصبر يخرج من معرة الجهل وبه تدرك لذة العلم وصبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ يحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في بادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر. وفوق وهذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما. لكل لكل الى شئو العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات. ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع من معاقد تعظيم العلم وهو والصبر في العلم تحملا واداء. والتحمل هو الاخذ والتلقي. والتحمل هو الاخذ والتلقي اداء هو التبليغ والبث والاداء هو التبليغ والبث. ثم ذكر ان الامور العظيمة لا تحصل الا بالصبر. ولهذا امرنا بالصبر والمصابرة لتحصيل اصل الايمان تارة تحصيل كماله تارة اخرى. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا. وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحيى ابن ابن ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه. اي اصبر في مجالس العلم والفقه فان نفسك تنزعك الى غيرها. فاحدنا اذا جلس في مجلس علم ينتفع فيه نازعته نفسه الى انواع من المنازعة فتارة تحدثه بالجلوس مع اصحابه وتراكم الجلوس مع اهله واخوانه وتارة تحدثه بالنظر في السماء وركوب البحر وتارة تحدثه بشرب قهوة او شاه فهي تنازعه فلا يتخلص منها العبد الا بان نفسه ويرى ان العلم عبادة. فكما يصبر نفسه في الوقوف بين يدي الله في اداء الفرائض في الصلوات الخمس ينبغي له ان يصبر في تعلم العلم ويكون ذلك واجبا عليه في رفع الجهل عنه فانه لا بد ان يتعلم من الدين ما به عبادته ومن لا يتعلم ما تقوم به عبادته عبادته يكون اثما في ذلك. ثم ذكر ان الصبر به يخرج من معرة الجهل فعيب الجهل ونقصه لا يخرج به العبد الا مع الصبر. وكذلك لذة العلم وحلاوته والانس به لا تدرك الا بالصبر. ثم ذكر ان الصبر في العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه. فالحفظ يحتاج يا صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر. وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر. فلا يكمل امر العلم اخذا واداء الا بالصبر ثم قال وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما فان المرء قد يصبر مدة ثم تنازعه نفسه فلا يخرج من هذه المنازعة الا بدوام تصبيرها حتى يلقى الله سبحانه وتعالى ثم انشد قول الاول كل الى شاوي العلا وثباته. والشاو هو الغاية اي لكل الى غاية العلا وثبات اي قفزات. ولكن عزيز في لرجال ثبات اي يقل في الخلق الثبات على مطلوبهم. قال بعضهم مضى من ثبت نبت. اي من ثبت في ابتغاء ما يريد حصل له ما يريد. نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله في كتاب مدارج السالكين ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وقلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فما استجيب خير الدنيا والاخرة لمثل ادب ولاستجيب حرمانهما بمثل قلة الادب والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. وانما يصلح للعلم وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه. قال يوسف بن حسين بالادب تب بالادب تفهم العلم لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له. وقليل الادب يعز العلم عنه. يعز احسن الله اليكم. وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده. ومن هنا كان السلف رحمهم الله يعتنون بتعلم الادب كما بتعلم العلم قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على العلم قال مالك ابن انس لفتى من قريش يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه قال مخلد بن الحسين لابن مبارك يوما نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. وكانوا يوصون به ويرشدون اليه قال مالك رحمه الله كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة تعني ابن ابي عبدالرحمن تعني ابن ابي عبدالرحمن فقيها اهل المدينة في زمنه فتعلم من ادبه قبل علمه. وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم بتضييع الادب. اشرف الليث ابن سعد رحمه الله على اصحاب الحديث فرأى منهم شيئا يكرهه فرأى منهم شيئا كأنه كرهه فقال ما هذا؟ انتم الى يسير من الادب وارجو منكم الى كثير من العلم فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر؟ ذكر المصنف وفقه الله معقل العاشرة من معاقد تعظيم العلم وهو ملازمة اداب العلم واستفتحه بذكر كلام ابن القيم المبين ان ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وقلة وقلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فمن كان ملازم الاداب حصلت له السعادة في الدنيا والاخرة. ومن كان قليل الادب كانت قلة ادبه عنوانا دالا على شقاوته وخسارته في الدنيا والاخرة. ثم انشد قول الاول والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب من ونسبه ثم ذكر ان العلم لا يصلح الا لمن تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه وان يوسف ابن الحسين قال بالادب تفهم العلم. ثم بين معناه فقال لان المتأدب اي المتخلقة بالاداب يرى اهلا للعلم اي محلا للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز الم ان يضيع عنده اي يمتنع صاحب العلم من بذله لقليل الادب اكراما واعظاما للعلم ان يضعه عند غير اهله ثم قال ومن هنا كان السلف رحمهم الله يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم واجعل هذا محل قلبك مع تذكر ما سبق ذكره من ان ما يطلب من العلوم يقدم فيه الاهم فانت تجد احدنا يطلب علما كثيرا في انواع مختلفة ولا يكون من مطلوبه علم الاداب فعلم الاداب وتهذيب الاخلاق والسلوك يكون قليل القدر في نفسه. لانه يرى ان هذا امرا ليس ذا بال مع جلالة قدره وان حسن الخلق من اعظم ما يدرك به العبد الخير في الدنيا والاخرة. ثم ذكر قول محمد ابن سيرين كانوا يعني من مضى من الصحابة والتابعين يتعلمون الهدي اي الادب والخلق الحسن كما ما يتعلمون العلم. يعني الان لو عقدنا درس في الاداب كتاب في الاداب تجد اكثر الناس يرون هذا الدرس يقولون كل اداب ما حد يحتاج يا اخي الاداب كلنا نعرف الاداب ثم بعد ذلك اذا جلست في مجلس لترى كيف الاداب تجد انواع من الاداب تجد بعض الناس ينتسب الى العلم فيأتي الى باب مغلق مباشرة يفتح ما يستأذن ثلاثا وينتظر الاذن لا وبعد ذلك اذا رأى درس في الادب قال يا اخي ما نحتاج في في الادب شيء الادب امره سهل واذا رأى دورة تقدم باسم البروتوكول بين العاجل والاجل راح سجل يقول هذي فيها تطوير ايش؟ للذات مهو بروتوكول يعني ادب سلوك وفي شرعنا واثار السلف ما يغني عن مثل هذه اشياء فلو تعلمنا ما في ديننا لاغنانا عن غيرنا لكنا جهلنا في ديننا ثم جهلنا اننا نجهل ديننا وظربنا في طلب علوم نظنها علوما وهي في الحقيقة لا تغني عن الخلق شيئا بل فيها ما يخالف الشرع يعني بما ذكرنا الادب تجد في بعض كتب البروتوكول يقول اذا قدم لك احد مشروب فلا تشربه كله. ولكن اترك قليلا منه في اخره. لئلا يتهمك بالشره وحنا في الشرع امرنا بان نستوفيه فانك لا تدري اين البركة. يعني ما تدري بركة في اوله او في في اخره. فانظر الفرق بين علومنا وعلومه ثم ذكر ان طائفة من السلف كانوا يقدمون تعلم الادب على تعلم العلم. قال ما لك لبعض اقاربه يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم يعني تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم لانك اذا صرت مؤدبا حال الطلب انتفعت. وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال مخرج ابن الحسين نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قال مالك كانت امي تعممني. يعني ايش تلبسني العمامة ليش تلبس العمامة ليش تلبس العمامة طب ازا صار صغير ليش تلبس العنان ترقية له من الكمالات يعني تلبس العمامة التي هي حال اهل الكمال من طلاب العلم والعلما فتلبسه لباسهم سير بسيرهم فكانت تعممه ثم تقول له اذهب الى ربيعة ابن ابي عبد الرحمن فقيه اهل المدينة فتعلم ماذا قالت؟ تضييع الادب يعني اكثر اسباب ضياع العلم في الناس اليوم هو عدم معرفة الاداب تجده عدم معرفة الاداء لا يتأدبون بادب العلم ولا يحرصون عليه فعند ذلك يمنعون العلم لان العلم ميراث النبوة والله عز وجل لا يجعل العلم النافع الا في القلوب الطاهرة المتأدبة بادب العلم. واما القلوب الملطخة بالاوساخ انتي لا تعرفي ادب العلم فان الله يعز العلم عن ان يجعله في تلك القلوب. ثم ذكر حال الليث لما الشرفاء يعني اطلع على اصحاب الحديث اي من طلبة العلم فرأى منهم شيئا كأنه كره يعني كجلبة صوت واختلاطه فقال ما هذا؟ انتم الى يسير من الادب اي قليل من الادب احوج منكم الى كثير من العلم لان قليل العلم الادب تعظم بركته. لان قليل العلم مع الادب تعظم بركته. وكثير العلم مع قلة الادب تذهب بركته وكثير العلم مع قلة الادب تذهب بركته. قال فماذا يقول الليث لو رأى حال من طلاب العلم في هذا العصر اي ممن سلب الادب ولم يتأدب بالاخلاق الكاملة والخصال الفاضلة فحين اذ يكون قالوا في تشنيع حاله وتبشيعه اعظم مما ذكره الليث ابن سعد رحمه الله تعالى. وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته ان شاء الله تعالى في الدرس القادم. وهنا انوه الى امور اولها ان الجدول المعلن على التقريب فقد يكون الكتاب في درس او درسين وربما عقدنا اياما علمية نقرأ فيها كتابا تاما لنسير سيرا حسنا في البرنامج. وثانيها ان هذا البرنامج يوجد له حلقة للحفظ تصاحبه بعد صلاة المغرب. عين فيها حفظ ستة متون معلنة هي ثلاثة الاصول المفتاح في الفقه والاربعين النووية والعقيدة الوسطية وكتاب التوحيد ومعاني الفاتحة وقصار المفصل. ويبدأ التسجيل فيها والعمل بمظمنها من الاسبوع القادم. وثالثها ان كل كتاب نختمه يتبعه اختبار يكون بعد فاذا فرغنا من هذا الكتاب وهو خلاصة تعظيم العلم يكون في الدرس الذي يليه عند بداية شرح ثلاثة الاصول فاختبار في هذا الكتاب وكل ما يتعلق بالدرس اختبارا او اجابة او استرسالا في البيان هو من متعلقاته فكل من يحضر الدرس يحضره من اوله الى اخره. كما ان المتكلم به يجلس من اوله الى اخره. ويتحدث فيه لا ادت الى هؤلاء الاخوة الجالسون هنا فليتحدث حتى الى اولئك فالدرس يكون درسا للجميع فاذا انتهينا انتهينا جميعا واذا ابتدأنا ارتداء ابتدأنا جميعا اسأل الله لي ولكم التوفيق والخير والاعانة على البر والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين. مع تحيات المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بالخبر. هداية هاتف رقم ثمانية ستة خمسة خمسة خمسة سبعة جوال رقم صفر خمسة صفر ثمانية اثنان خمسة خمسة سبعة