السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعلنا فيه الصلاة والسلام على محمد المبعوث الصحيح وعلى اله وصحبه اما بعد فهذا الكتاب الثالث ينبغي عمله مدينة وهو كتاب الاربعين في مباني الاسلام يوم للعلامة يحيى من شرف النبوي رحمه الله المتوفى الهندسي والسبعين وستمائة. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين في كتابه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات ذلك واشهد ان لا اله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم انظروا رحمه الله الجامع من الكلم ما قبل مبناه وعظم معناه. والجوامع من الكلمة التي اوتيها النبي صلى الله وعليك وسلم نوعان احدهما القرآن الكريم. وثانيهما ما وقع عليه وصف متقدم من حديثه صلى الله عليه وسلم من الالفاظ التي عنيفا لقوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة رواه مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه لا اله الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل واحد وسلم وهذا صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم قوله رحمه الله روينا لظلم اوله وتشديد مكسورا. مبنيا للمفعول. وذكر في ايضا فس اوله وثانيه مخصصا روينا. والفرق بينهما ان الاول يكون في حق من والله مشايخه فاسندوا له من الحديث فاخذه فيقول معبرا روينا اي روى لنا مشايخنا واما الثاني فيكون حقا لمن استنبط هوية شيوخه. واخذه عنهم فيقول معبرا روينا ذكر بعض المتأثرين وفظا ثابتا وهو ظم اوله مع تخفيف ثانيه. روينا وهو عائد الى ما معنى الضبط الاول؟ والحديث المقدم في كلام المصلي وهو حديث من حفظ على امتي اربعين حديثا هو حديث ضعيف على اختلاف رواياته. ونقل المصنف اتفاق الحفاظ على ضعفه. ولعل من غاده اتفاقا فلعل مراده اتفاقا قديم فانني للمتأخرين من الحفاظ من ذهب الى تحصيله وثبوته. ومنهم في مقدمة كتابه الاربعين البلدانية فان ظاهر كلامه القول بثبوته. فالاتفاق المذكور هنا اتفاق قديم منعقد رحمه الله ثم ذكر المصنف جماعة مما ممن تقدمه في تأليف الاربع اياك واردت ذلك بذكر الداعي له على جمع اربعين حديثا وهو شيئان احدهما الفداء لمن ذكر من الائمة الاعلام من علماء الاسلام. والاخر بذل الجهد في العلم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم ليبلغ الشاهد منكم الغائب. وهو في الصحيحين من حديث ابي بكرة رضي الله عنه وبقوله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعد عافاها كما سمعها رواه ابو داود والترمذي بسند صحيح من حديث زيد ابن ثابت رضي الله عنه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اتفاق اهل العلم على جواز العمل بالحديث الضعيف فضائل الاعمال. وما ذكره منتقد من وجهين. احدهما ان في دعوة باقي مظالم فان المخالف في ذلك كثير من اهل العلم. منهم مسلم ابن الحجاج في صحيحه. فانه في مقدمته باضطراب الحديث الضعيف في جميع مآخذه وابوابه. والاشبه ان ذلك هو مذهب وعليه اتصل بمصنفه في كتاب الاذكار فانه نسب هذا الى الجمهور ولم يكفيه اتفاقا اخر ان الصحيح ان الحديث الضعيف لا يعمل به في فضائل الاعمال. الا ان يكون بما يدعو الى العمل به انعقاد الاجماع عليه او مقارنته قول صاحب من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم او غير ذلك من التي تصاحبه فيعمل به لاجل ذلك المصاحب الذي يكون التعويل لكن كونه مويا عن النبي صلى الله عليه وسلم يسوغ القول حينئذ بانه يعمل في الحديث الضعيف يعني لا استقلالا بل لوجود عاضد له مقو للعمل كالاجماع او قول صحابي نعم وكل عام الاسلام البخاري ومسلم ذكر المصنف رحمه الله في في هذه الجملة شرط كتابه. وانه يرجع الى سبعة امور. احدها انه مشتمل على اربعين حديثا. وهو كذلك بالغاء الكسر. فان عدة الاحاديث باعتبار التي ذكرها اثنان واربعون حديثا. وباعتبار التفصيل فان الاحاديث التي ذكرها ثلاثة واربعون حديثا لانه ترجم بقوله الحديث السابع والعشرون ثم اورد تحت هذه الترجمة حديثين. فاذا عدت احاديث الاربعين تفصيلا فان عدتها ثلاثة واربعون حديثا والثاني ان هذه الاربعين شاملة لابواب اصولا وفروعا وقارب رحمه الله تعالى وترك شيئا يسيرا للمتعقب بعده. والثالث ان كل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين. وصفه العلماء بان مدار الاسلام عليه او هو نصف الاسلام او او نحو ذلك مما يبين علو شأنه. والرابع ان هذه الاحاديث المذكورة احاديث صحيحة فيما اداه اليه اجتهاده. وخلف رحمه الله تعالى في مواضع منها كما ستعلم خبره في محله واراد رحمه الله تعالى بوسط الصحة ما يشمل الحسن فان من قدماء العلماء من يطلق صحيح يزيده بمعنى الثابت فيندرج فيه الصحيح والحسن المصطلح عليهما عنده علماء الحديث والخامس ان معظمها في صحيحيه البخاري ومسلم وعدة ما في الصحيحين منها اتفاقا وافتراقا تسعة وعشرون حديثا. والسادس انه يذكرها محذوفة الاسانيد يسهل حفظها ويعظم الانتفاع بها. والسابع انه يتبعها بباب في الفاظها وهذا الباب ساقط من اكثر نشرات الاربعين وهو من الاهمية بمكانه لانه بمنزلة الشرح الوجيز الذي يبين جملا مما يحتاج الى ضبطه ومعرفة معناه من الالفاظ الواردة زاد الاربعين والنووي رحمه الله تعالى عناية بهذا المأخذ في العلم وهو الظبط وتفسير المعاني فقد خزن حجابه الاربعين لمثل هذا وختم ايضا كتابه بستان العابدين بمثله. واخرج رحمه الله كتابا عظيما فيما يتعلق بالفاظ السفهاء خاصة وما تعلق بكلامهم وهو كتاب تهذيب واللغات نعم سمعنا صلى الله عليه وسلم هذا الحديث لا يوجد لهذا السياق التامي في كتاب البخاري ولا كتاب مسلم. بل هو ملفق من روايتين منفصلتين عند البخاري رحمه الله الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى جملة ذلك عظيمتان بين النبي صلى الله عليه وسلم في اولاهما اثر النية في العمل وترتب صحة العمل بحسب تعلقه بالنية وبين في الثانية منهما ما يكون وللعامل من الجزاء وان جزاء العبد منافق بيده ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا يتضح به المقال فذكر عملا اختلف فيه جزاء العبد باختلاف مع كون صورته واحدة وهو الهجرة فقال فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها من رأسه فهجرته الى الى ما هاجر اليه. والهجرة شرعا هي ترك ما يكرهه الله ويأباه الى ما يحبه ويرضاه. ومن جملتها الهجرة الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهي نوعان. احدهما القلوب الى الله بالاخلاص. والى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمتابعة. وهي اعظم الهجرتين والاخر الهجرة الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مسابقة دار الكفر الى دار الاسلام. ومن كانت هجرته الى الله ورسوله نية فقد حصل ما نوى ووقع اجره الى الله. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فهجرته الى الله الله ورسوله اذ قبلت منه واجر عليها بالجزاء الحسن. وقوله صلى الله عليه وسلم ومن كافرته الى دنيا يصبها وامرأته ينكحها فهجرته الى ما هجر اليه اخبارا بان من كان نيته في هجرته اصابة دنيا او تزوج امرأة فقد اصاب ما هاجر اليه ولم تكن هجرته الله ورسوله بل الاول تاجرا والثاني ناجح. وانما اختار النبي صلى الله عليه وسلم ضرب المثال الهجرة لان مفارقة الدار لم تكن من الاعمال المعروفة عند العرب لم يكونوا يفارقون الدار اختيارا لولعهم بها ومحبتهم ارضهم. فان العربي شديد اللسوق بارض ملته اختار الاقامة بها فلا يتحول عنها الا غيرها الا لمصلحة مقتضية كارض نزل بها الربيع فيتحول اليها او ان يخرج منها فقرا بان يتغلب عليها عدو ولم يكونوا يخرجون من بلاد اختيارا لغير ذلك. فضرب النبي صلى الله عليه وسلم هذا المثال بالهجرة. لان الشريعة جاءت بامر الخلق من مهاجرة من دار الكفر الى دار الاسلام. نعم. قال عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول تسليما قال رواه مسلم. هذا الحديث اخرجه مسلم في الصحيح وليس عنده في النسخ التي بايدينا قوله في صدر الحديث جلوس وزاد في اخره فقال لي يا عمر زيادتي لي بعد قوله فقال عمر وهذا الحديث حديث عظيم جدا عده بعض العلماء ام السنة كما ان الفاتحة هي ام القرآن. تعظيما لشأنه لان مسائل الدين العظام فارجعوا اليه. وقوله وفيه فاسند رفقتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على كتفيه اي اسند ركبتيه الى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا الرجل الداخل وهو جبريل يديه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ثبت ذلك عند النسأ باسناد صحيح من حديث ابي هريرة وابي ذر رضي الله عنهما مقرونين والباعث لفعل ذلك هو اظهار المبالغة في الحاجة الى جواب النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي القاها هذا السائل. فان العرب تنطلق على من تريد منه شيئا في اظهار شدة حاجتها الى ذلك المطلوب الذي تلتمسه. فقوله اخبرني عن الاسلام قال الاسلام اشهد ان لا اله الا الله. فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاسلام واركانه في حديث مفرد هو حديث ابن عمر بني الاسلام على خمس. ثم قال البني عن الايمان فقال ان تؤمن بالله وملائكته الحديث. فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الاركان حقيقة الايمان واركانه والايمان في الشرع له معنيان. احدهما عام وهو الدين الذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم فانه يسمى ايمانا. وحقيقته التصديق الجازم بالله باطلا وظاهرا. تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. على المشاهدة او المراقبة. والاخر خاص وهو الاعتقادات الباطنة فانها تسمى ايمانا وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان. وذكر النبي صلى الله عليه وسلم اركان الايمان الستة اذ تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر الحديث وشره. ولم تأتي هذه الاركان القرآن مجموعة جميعا. وانما وقعت كذلك في السنة النبوية. وقوله فاخبرني عن قال ان تعبد الله كأنك تراه الى اخره فيه بيان حقيقة الاحسان. والاحسان في الشرع له معنيان على تصرفهم اللغوي احدهما ايصال النفع ومحله المخلوق دون الخالق والاخر الاتقان واجابة الشيء ومحله المخلوق والخالق. وهذا هو المراد في الحديث والمذكور منه هو الاحسان مع الخالق سبحانه وتعالى. وبين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقته بقوله ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك حقيقة ذلك اتقان الباطن والظاهر لله على مقام المشاهدة او المراقبة قالوا الباطل يتعلق باتقان الاعتقادات الباطنة. واتقان الظاهر يتعلق باتقان الاعمال الظاهرة والاحسان بمعنى الاتقان واجادة الشيء مع الخالق له قسمان. احدهما الاحسان مع الخالق في حكمه القدري. الاحسان مع الخالق في حكمه القدري. بالصبر على القدر والاخر الاحسان مع الخالص في حكمه الشرعي. فيكون ذلك امتثال التصديق بامتثال الخبر بالتصديق وامتثال الطلب بفعل الواجبات وترك المحرمات واعتقادهم للحلال. امتثال الخبر بالتصديق وامتثال الطلب من الواجبات وترك المحرمات واعتقاد حل الحلال. وقوله فاخبرني عن امارتها اي على عنتها وذكر له النبي صلى الله عليه وسلم علامتين من علامات الساعة. الاولى ان تلد الامة ربتها والامة هي الجارية المملوكة. والربة هي المالكة المتصرفة. فهي الرب والرب في لسان العرب السيد والمالك والمشرف للشيء القائم عليه وثانية ان يتطاول الحفاة العراة العالة لعاء الشاي في البنيان. والعالة هم الفقراء وقوله من يا اي جملا قويا وصح عند اصحاب السنن انه ثلاثة ايام بعد وقوع الحصة ثم اخبر صلى الله عليه وسلم عمر بالخبر وقوله في اخره فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم اعلام بان السائل الذي خفي عليهم هو جبريل عليه الصلاة والسلام وكان سبب مجيئه الرغبة في تعليم الصحابة دينهم بطرح هذه على النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث جبريل حديث عظيم كما تقدم اخرجه جماعة من المتقدمين والمتأخرين بشرح المفرد. ومن احسن الكتب المصنفة فيه كتاب شرح حديث جبريل للعلامة عبد المحسن العباد نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقام الصلاة رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث اخرجه البخاري مسلم فهو من المتفق عليه. واللفظ لمسلم. اما رواية البخاري فبتقديم الحج على صوم رمضان. فلفظه الحج وصوم رمضان ولم يذكر لفظ البيت الوارد عند مسلمين. فقوله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام اي الدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم مفسد كأنه بناء مشيد على اركان خمسة هذه الاركان الخمسة هي عماد شرائع الاسلام. ووراء هذه الاركان فرائض اخرى لكنها ليست اركانا شرائط الاسلام باعتبار الحكمية وعدمها نوعان. احدهما شرائع هي اركان وهي الخمسة المعدودة في هذا وليس ورائها ركن سادس. والاخر شرائح ليست اركان. وهي ما زاد عن هذه خمسة من شرائع الدين فرضها ونفيها فانها تسمى شرائع مضافة الى الاسلام لان الاسلام جاء بها ضرا او نفلا لا انها لا تكون اركانا. وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اركان ركنا ركنا فذكر الركن الاول وهو شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله والركن من الشهادتين الشهادة لله بالتوحيد والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ثم ذكر الركن الثاني في قوله واقام الصلاة والركن من الصلاة الصلوات الخمس المكتوبة فانها المرادة بالركنية في هذا الحديث. فهل للعهد؟ المراد بها الصلاة المكتوبة وهي خمس صلوات في اليوم والليلة. ثم ذكر الركن الثالث في قوله وايتاء الزكاة. والزكاة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الزكاة المفروضة المعينة في الاموال. ثم ذكر ارضنا الرابع في قوله وحج البيت. والركن منه هو حج الفرض في العمر مرة واحدة الى بيت الله الحرام. والمراد بالبيت الكعبة. لكن لما كان معهودا عند العرب البيت اذا اسلم انه يراد به الكعبة لم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم ان يقول حج الكعبة وانما قال ارجو البيت لان اسم البيت اذا اطبق عند العرب لا يراد به الا البيت الحرام. ثم ذكر الركن الخامس في قوله وصوم رمضان والركن منه هو صوم شهر رمضان في كل سنة. نعم صلى الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اما هذا الحديث في الصحيحين كما ذكر المصنف فهو من المتفق عليه الا انه بهذا اللفظ عند احدهما بل السياقات الواردة فيه ما تختلف عنه. وقوله ان احدكم يجمع قلبه اي يضم قلبه فالجمع هو الضم ومحله الرحم. ومبتدأ اجتماعه يكون في التقاء ماء الرجل والمرأة الذي ينشأ عنه النطفة. وحقيقة هذا ان الله عز وجل يجمع الخلق الجنين في بطن امه اول ما يجمعه خفيا فتتميز سورة الجنين اجمالا لا تفصيلا في هذه الاربعين. وانتظر هذا ابن القيم في كتابه التبيان وقوله ثم يكون علقة اي بعد كونه نطفة. والعلقة هي القطعة من الزري الغليظ وفيها يبدأ تفصيل اجمال خلق الجنين. جاء مصرحا به في حديث حذيفة ابن حسين العثاري رضي الله عنه عند مسلم وفي هذا الصوم وهو الاربعين الثانية يتبين حال الجنين من في جنسه اذكر هو ام انثى؟ وقوله ثم يكون مضغة اي بعد صومه على قدم. والمضغة هي القطعة الصغيرة. من اللحم بقدر ما يمضغه الاثم. وقوله ثم يرسل اليه الملك ثم ينفخ ينفخ فيه الروح ويؤمر فيه باول يؤمر باربع كلمات وقع في رواية البخاري التصريح بان النفخ متأخر عن الكلمات المذكورة فتكتب الكلمات اولا ثم تنفخ الروح بعد ذلك فتكون الواو ووالدتها هنا بمعنى ثم وقع ذلك عند البخاري. والمقادير تكتب في الرحم مرتين اولاهما كتابتها بعد الاربعين الاولى. وقع به ذلك اجابتها بعد الاربعين الاولى وقع التصريح بذلك بحديث حذيفة في صحيح مسلم والثانية كتابتها بعد الاربعين الثالثة اي بعد اربعة اشهر وهي مذكورة في حديث عبد الله ابن مسعود والقول بان كتابة المقادير تقع مرتين وفق الترتيب هو الذي تجتمع به الادلة المنقولة وتأترس. وارتضاه ابن القيم رحمه الله تعالى في العليل وفي الذبيان وفي حاشية تهديد سنن ابي داوود. وقوله صلى الله عليه وسلم ان احدكم ليعمل بعمل اهل النار. حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع في صرف عليه الكتاب فيعمل اهل الجنة فيدخلها الحديث اي فيما يبدو للناس. كما وقع التصريح بذلك في حديث سهل ابن سعد في الصحيحين فهو يعمل بعمل اهل النار في الظاهر. لكن له خبيئة من العمل في السر من اعمال اهل اهل الجنة فتوجب له هذا فيوجب له هذا العمل الصالح فيوجب له هذا العمل الصالح خاتمة حسنة فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها والاخر يعمل بعمل اهل الجنة في الظاهر فيما يبدو للناس وله اعمال في سره هي من اعمال اهل النار. فتظهر عليه هذه الاعمال عند عاقبته. فيبين وعن عمله بعمل اهل النار فيدخل النار. فالحديث المذكور معلق بالعمل الظاهر اي انه يعمل بعمل اهل النار فيما يبدو للناس. مع ان له اعمالا من اعمال اهل الجنة. والاخر يعمل باعمال اهل الجنة فيما يبدو للناس مع ان له اعمالا في خبائه هي من اعمال اهل النار. نعم صلى الله عليه وسلم هذا الحديث مخرج في الصحيحين لم تختلف نسخ مسلم في اخراجه بهذا اللفظ. اما نسخ البخاري فاكثرها من من احدث في امرنا هذا ما ليس فيه فهو رد. وقع في بعض ما ليس منه. والرواية الثانية من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اخرجها مسلم موصولة وعلقها البخاري. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه مسألتين عظيمتين اولاهما بيان حد البدعة وتانيهما بيان حكمها فاما مسألة الاولى وهي بيان حد البدعة فبينها النبي صلى الله عليه وسلم امور احدها انها احداث فهي عمل بشيء لم يكن معمولا به وثانيها ان هذا الاحداث في الدين لا الدنيا فما كانت الدنيا لا يسمى بدعة وثالثها ان هذا الاحداث في الدين مما ليس منه اي لا يرجع الى اصوله الكلية وقواعده ومقاصده الاجمالية. ورابعها ان المقصود منها التعبد فان فاعل البدعة ليس له مراد في بدعته الا لله عز وجل بها. وهذا التعبد له درجتان. احداهما التزام كونها دينا ولو لم يعمل اي نسبتها الى الدين. والاخرى العمل بها واظهار ذلك واما ان الصلاة الثانية وهي حكم البدعة فبينها صلى الله عليه وسلم بقوله فهو رد اي مردود على صاحبه. والرواية الثانية وهي قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد تشمل نوعين من الاعمال احدهما من عمل عملا زائدا عما جاءت به الشريعة والثاني من عمل عملا مخالفا لما جاءت به الشريعة وكلاهما حكمه الرد. والاول يتعلق بابطال البدع والضلالات والثاني يتعلق بابطال الحوادث المنكرات فان الزيادة على الشرع بدعة. كما لو اراد الانسان ان يحدث صلاة يتنفل بها بعد الفجر صلي ركعتين راتبة قبل الفجر فاذا فرغ من الصلاة صلى ركعتين نافلتين فجعل للفجر سنة وسنة بدعية فهذا وسنة بعدية. فهذا زائد على الشرع. والثاني من عمل عملا مخالفا لامر الشرع كالوقوع في المحرمات التي حضرها الشرع ونهى عنها كانواع الملهيات من الاغاني وغيرها. فالحديث بروايته الثانية يدل على انكار البدع والمنكرات معا وحكمهما جميعا الرد اي ترد على اصحابها ولا تقبل منهم. نعم. اه الله شوية رواه البخاري هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكره المصنف فهو من المتفق عليه ايضا في الحديث اخبار بان الاحكام الشرعية الصلبية من جهة ظهورها نوعان. احدهما احكام جلية فالحلال بين والحرام بين. كحل بهيمة الانعام وحرمة الزنا والنوع الثاني احكام مشتبهة متشابهة. والمتشابه له في الشرع اطلاقا احدهما اطلاق عام يراد به ان الشريعة يشبه بعضها بعضا ويصلي بعضها بعضا. قال الله تعالى كتابا متشابها اي يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا والسنة كالقرآن فانها متشابهة تصدق بعضها بعضا والشريعة كلها واقعة كذلك والثاني اخلاص خاص. وهذا له معنيان. احدهما ما استأثر الله بعلمه ومحله الخطاب الشرعي الخبري والاخر ما لم تتضح دلالته ولا تبين معناه محله الخطاب الشرعي الطلبي. فيكون في الاخبار ما استأثر الله كحقائق صفاته واحواله يوم القيامة. ويكون في الخطاب الشرعي طلبه ما لم تستضح دلالته ولا تبين معناه. لكن لا يكون ذلك باطلاق في حق الامة من جميعها بل يكون في حق بعضها دون بعض. واشار النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك بقوله لا يعلمهن كثير من الناس. فكثير من الناس لا يعلمها. لكن يوجد في الناس من يعلمها لانه لم يقل لا يعلمها الناس وانما قال لا يعلمها كثير من الناس. فيكون فيهم من يعلمها. واذا لم يعلم العبد حقيقة المتشابه فانه مأمور بتركه استبراء لدينه وعرضه واما من علم حقيقته بمعرفة حكم الله سبحانه وتعالى فيه فانه لا غبارة عليه بفعله متناول النية وانما امر من خفيت عليه حقيقة الحكم الشرعي الصلبي وكان متشابها في حقه امر بان يتركه وان يزره حماية لدينه من جهة الله. وحماية لعرضه من جهة الناس فاذا ترك ذلك استبرأ بدينه وعرضه. واذا خالف ذلك وقع فيما هو وشر له. ومثل النبي صلى الله عليه وسلم لما يحث على الانسان من باب الشر اذا تساهل في الشبهات بالراعي يرعى حول الحمى. يوشك ان يقع فيه. يعني يقرب ان يرعى ان يقع والمراد بالحما ما تحميه الملوك من الارض لمصلحة خاصة او عامة. فالذي يرعى بهائمه حول الحمى ربما دخلت تلك البهائم في الحمى فافسدته. فاخذ بذلك وعقب عليه عليه. وكذلك المرء اذا حام حول محارم الله التي حماها فانه يوشك ان يقع فيها فيؤخذ بها ويعاقب عليها ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يرجع الى ما يرجع اليه صلاح العبد وفساده وهو امر القلب. فاذا صلح القلب صلحت حال الانسان واذا فسد القلب فسد قلب الانسان. وهذا معنى قوله الا وان في الجسد موضة اذا صلحت صلح آآ اذا صلحت صلح الا وان في الجنة مضغة اذا صلحت صلح ايش الحديث؟ الجسد الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله. يعني من جهة العمل ليس من جهة صحة البدن وانما المقصود من جهة العمل وبهذا المعنى يقول ابو العباس ابن تيمية الحفيد القلب ملك البدن والاعضاء جنوده فاذا اصاب الملك اصابت جنوده واذا خرج الملك خبزت جنوده. نعم. قال رحمه الله رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم رواه مسلم قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة اي الدين كله يرجع الى نصيحة وحقيقة النصيحة شرعا قيام الناصح او قيام العبد بما لغيره من الحقوق قيام العبد بما لغيره من الحقوق. فالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم هي القيام بحقوقهم. والنصيحة باعتبار منفعتها نوعان. احدهما ما منفعته للناصح دون المنصور. لا منفعته للناصح دون الموصوفة هي النصيحة لله وللكتابه ولرسوله الله عليه وسلم والاخر ما منفعته للناصح والمنصوح معا وهي النصيحة لائمة المسلمين وعامتهم وقوله ولائمة المسلمين اي اصحاب لا تهديهم فكل من ولي ولاية للمسلمين فهو من ائمتهم سواء عظمت او وهو كامام المسلمين الحاكم لهم او القاضي او المفتي او المعلم او مدير الادارة فهؤلاء كلهم من ائمة المسلمين اي اصحاب الولايات فيهم. واذا اخرج لفظ امام المسلمين لا ينصرف الا الى السلطان وهو الامام الاعظم لهم. نعم صلى الله عليه وسلم لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقيموا الصلاة هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم فهو من المتفق عليه. واللفظ للبخاري ووقع في رواية مسلم الا بحقها. وفي هذا الحديث اعلام بان شرائع الاسلام ترجع الى نوعين. احدهما ما يثبت به الاسلام ما يثبت بالاسلام وهو الشهادتان. فمن جاء بهما ثبت اسلامه وصار مسلما معصوما والمال والاخر ما يبقى به الاسلام. ما يبقى به الاسلام. وهي حقوق الشهادتين واعظمها الصلاة اقامة الصلاة وايتاء الزكاة. ولهذا ذكر في الحديث وقوله فيه فإذا فعلوا ذلك عصوا مني دماءهم واموالهم اي صارت دمائهم واموالهم معصومة محفوظة لا يتجرأ عليها الا بحق كما سيأتي. وهذه العصمة نوعان احدهما عصمة حال. ومتعلقها الشهادتان. فمن جاء الشهادتين عصم ماله ودمه حالا. والاخر عصمة المآل ومتعلقها الاتيان بحقوقهما اللازمة. من اركان المتعلقها نسيان بحقوق الشهادتين اللازمة من اركان الاسلام. فاذا جاء الانسان بها حكم ببقاء اسلامه وعصمة دمه وماله. فيكون الاتي بالشهادتين عند دخول الاسلام اتيا بما يعصم دمه وماله حالا. فاذا جاء بعد ذلك بحقوق الشهادتين من اركان الاسلام بقيت له العصمة وان لم يأتي بذلك لم تبقى له العصمة. وقوله الا بحق الاسلام اي لا تنتفي منه هذه العصمة الا بحق الاسلام اي بامر جاء الاسلام كونه حقا يسقط يسقط به عصمة الدم والمال. وذلك نوعان الاول ترك ما دم المسلم وماله من الفرائض ترك ما يبيح دم المسلم وماله من الفرائض والثاني انتهاك ما يبيح دم المسلم وماله من المحرمات. انتهاك ما يضيع عندما المسلم وماله من المحرمات. فمن الاول مثلا ترك الصلاة او منع الزكاة فان هذا ترك لواجب يبيح الجمع الاول اذا ترك الصلاة ويبيح المال في الثاني. فان من منع الزكاة اخذها منه ولي الامر واخذ شطر ما له. كما هو مذهب الامام احمد وهو الصحيح بصحة الحديث فيه. ومن الاخر انتهاك المحرمات التي تبيح الدم والمال اذا قتل الانسان نفس المعصومة فانه يقتل بها ويستباح بذلك نعم صلى الله عليه وسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم فهو من المتفق عليه بمسلم لكنه قال فافعلوا منه عوض قوله فاتوا منهم. وفي الحديث بيان الواجب علينا بالامر والنهي. فالواجب علينا بالامر هو الاتيان بما استطاع العبد فبحسب استطاعته يلتزم الامر. والواجب علينا في النهي الاجتناب. وهو الترك مع السبب الموصل للمني عنه. فالعبد في ما نهي عنه يؤمر بان يباعد المنهي عنه من المحرم ويؤمر ايضا بمباعدة ما يوصل الى ذلك المحرم من الاسباب الموصلة اليه وقوله فانما اهلك الذين من قبلكم يعني اليهود والنصارى. فان الذين من قبلنا اذا في الاحاديث النبوية فالمراد بهم اليهود والنصارى. نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ومن اشهد ان لا اله الا الله. هذا الحديث اخرجه مسلم واوله عنده يا ايها الناس وذكر اية المؤمنون الى قوله اني بما تعملون عليم. وقوله ان الله طيب قدوس متنزه عن النقائص والعيوب. وقوله لا يقبل الا طيبا اي الا فعلا طيبا والمراد بالفعل الايجاد. فيندرج في ذلك الاعتقادات والاقوال والاعمال. فالله عز وجل لا يقبل من الافعال التي يوجدها العبد في اي باب كان الا ما كان طيبا. والطيب من ذلك جمع وصفين احدهما الاخلاص لله والاخر المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان فعل العبد اذا جمع هذين الوصفين كانا طيبا. فقوله ان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين اشارة الى تعظيم المأمور به. وهو كونه مما امر به الانبياء وهم سادات وهم سادات المؤمنين سيكون امرا وقع للانبياء ووقع للمؤمنين. فهو امر امر به. عامة خاصة والخاصة المأمورون به هم الانبياء تعظيما للمذكور. والمأمور به في الايتين شيئان الاكل من الطيبات. والثاني العمل الصالح. وقوله ثم ذكر الرجل اجتمع الى اخره ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم اربعة امور من مقتضيات الاجابة واربعة امور من مانعها. وهذا من احسن البيان واكمله. في ذكر شيئين على وجه المقابلة ومعنى اما المقتضيات التي تستدعي اجابة الله دعاء من دعاه فهي السفر ومد اليدين الى السماء والتوسل الى الله باسمه الرب في قوله يا رب يا رب والالحاح على الله في الدعاء بتكرار الربوبية فان قوله يا رب يا رب مكررا يشير الى الحاحه في دعائهم. فهذه اروع مقتضيات من الاجابة وذكر اطالة السفر مع دخول السفر ولو قصر مما يكون مظنة الاجابة اعلام بشدة حاله وصلاحيته لاجابة دعائه لان سفره طويل واشار الى ذلك في حاله من الشعث والاغبرار اي تغير حاله في بدنه وشعره واما موانع اجابة الدعاء مذكورة في الحديث فالمطعم الحرام والمشرب الحرام والملبس الحرام والغذاء الحرام. والغذاء اسم جامع لكل ما به قوام ونماؤه اسم جامع لكل ما به قوام البدن نماءه وهو امر على المطعم والمشرب كالنوم والدواء. فان النوم والدواء مما يتغذى به البدن ولا يكون في حقيقته مطعما ومشربا وقوله صلى الله عليه وسلم في اخر الحديث فانى يستجاب لذلك اي يبعد لمن كانت هذه حاله ان يستجيب الله له. ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم تخويفا من هذه الحال واستبشاعا لها. ولا يراد ان الله لا يجيب دعاءه. البتة بل قد يقع في الله عز وجل ما يقتضي ان يجيب الله دعاءه. فان الله عز وجل يستجيب دعاء الكافرين. كما اخبر الله سبحانه وتعالى عنه المقام اذا غسلوا البنوك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون فهؤلاء قوم مشرفون دعوا الله فاستجاب لهم. فالمسلم العاصي لا يقطع بان الله قال يجيب دعاءه لكن يقال ان من كانت هذه حاله تبذل اجابته تنفيرا من تلك الحال وتحريضا على ان العبد على التزام الحال التام من الصلاح وطاعة امر الله ليستجيب الله دعاءه. وهذا اخر بيان هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله بعد صلاة العصر الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد المسلمين اجمعين الله الله