وهذه المنارات التي جعلت للوفاء قدر المستطاع بما يناسب المقام في تحقيق هذا المراد عدتها عشرون منارة فالمنارة الاولى حقيقة التأصيل والتأصيل يراد به تأسيس مهمات العلم في نفس المتعلم ليشتمل قلبه على ما يلزمه وينفعه من علم ما قال الفيومي في المصباح المنير فصلته تأصيلا اي جعلت له اصلا ثابتا يبنى عليه انتهى كلامه فالمراد من التأصيل ان يجعل في نفوس المتعلمين اسس ثابتة جامعة لما ينفعهم من العلوم وهذا المعنى يخرج به معنيان مشهوران احدهما معنى واسع والاخر معنى ضيق فاما المعنى الواسع فهو منهج فلسفي من المناهج الفلسفية المتعلقة بصياغة حياة البشر ولا يختص بدين دون دين او عرق دون عرق او بلد دون بلد بل هو اطلاق يراد به مقابلة الحداثة والعصرنة فيقال الاصالة والتأصيل اي الرجوع الى الاصول القديمة المتعلقة بدين او عرق او بلد في مقابل ما ينشأ من الحداثة والعصرنة في ذلك الزمان او المكان واما المعنى الضيق فهي معان خاصة اطلقت في جملة من العلوم كالتأصيل في حساب الفرائض او التأصيل في بناء الكلمة عند النحات والصرفيين او التأصيل والتفريع عند علماء اللغة والادب فهذا المعنى وذاك غير مرادين في هذا المقام وهو مختص ببيان المعنى الذي شهر عند المتأخرين اطلاقه لارادة بيان الجادة المسلوكة الموصلة الى العلم وهي التي تذكر غالبا باسم التأصيل العلمي. وان كان هذا اللفظ فضفاضا من جهة وضعه وموسعا من جهة متعلقاته في الاطروحات المعاصرة. من غير وقوعه على هذا ولا ذاك. مما لا يسع المقام لبيانه لكن المقصود ان تعلم ان البيان هنا يتعلق ببيان ما تعلق بوضع اسس في نفوس المتعلمين لبناء ملكة علمية عامة او خاصة