والمنارة التاسعة عماد التأصيل ان قوام التأصيل ونظامه على ساقيه احدهما الحفظ والاخر الفهم كهذان الامران هما جماع قوة العلم وهما مبدأه قال ابن تيمية الحفيد رحمه الله في كلام له في اقتضاء الصراط المستقيم والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم انتهى كلامه فالحفظ والفهم هما القوتان اللتان يبنى عليهما العلم وهما قوتان متلازمتان لا غنى عن اعمال احداهما مع الاخرى فلا يكمل من اخذ بالحفظ دون الفهم ولا من اخذ بالفهم دون الحفظ فنحن مفتقرون في تأصيل علومنا الى حفظ وفهم ونحتاج ايضا الى حسن الملائمة بينهما فان من غلب الحفظ ربما اضر بالكهم ومن غلب الفهم ربما اضر بالحفظ والى هذا اشار بعض شراح الرحبية بما نقله عنه الوشل في الثناء الحسن ولم يسمه ان من اعتنى بالحفظ دون الفهم اضر بالفهم ومن اعتنى بالفهم دون الحفظ اعتنى بالحفظ فهما قوتان متلازمتان في الوصول الى التأصيل جديرتان بالعناية بهما على حد سواء واما ترتيبهما فهذا يختلف باختلاف الناس والاحوال والازمنة والامكنة فتارة يقدم الحفظ ثم يتلوه الفهم وتارة يقدم الفهم ثم يتلوه الحفظ وتارة يقترنان. فيحفظ ويتفهم وكل ذلك سائق بحسب الحال الداعية اليه. فيمكن ان تبادر الى الحفظ مدة ولا سيما في حق الصغار وتؤخر الفهم ويمكن ان تقدم الفهم لوعورة الحفظ دون فهم في حق احد فاذا فهم امكنه ان يحفظ وربما يقترنان وهي الحال التي كانت غالبة فيما سبق انه يحفظ في عرض على الشيخ ويشرح له الشيخ المعلم القدر الذي حفظه