احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى المعقد الثاني اخلاص النية فيه. ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم وصولها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى. وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين قال ابو بكر المروذي رحمه الله تعالى سمعت رجلا يقول لابي عبد الله يعني احمد ابن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص فقال قال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها. الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما عليها من العبوديات وايقافها وايقافها على مقاصد الامر والنهي. الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع الرابع العمل العمل بالعلم. ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلبهم العلم فيتورعون عن ادعائه لا انهم لم يحققوا في قلوبهم. سئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز ولكنه شيء حبب الي فطلبته. ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجليلها. سرها وعلنها. ويحمل على هذا التفقد شدة عالجت النية؟ قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب علي قال سليمان الهاشمي رحمه الله ربما احدث بحديث واحد ولي نية فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي. فاذا حديث الواحد يحتاج الى نيات. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص النية فيه فان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم اصولها ودلائل الشرع في ذلك متكاترة. ومما سبق به من سبق من السلف الاولين اخلاص اعمالهم لله رب العالمين وكل عمل من الاعمال له صفة في نيته يحصل بها الاخلاص. ومن جملة تلك الاعمال العلم وقد ذكر المصنف ان نية العلم ترجع الى اربعة امور احدها رفع الجهل عن نفسه بان ينوي الم تعلم عند اكتسابه العلم ان يرفع الجهل عن نفسه معرفها بطريق العبودية الموصل الى الله سبحانه وتعالى. وثانيها رفع الجهل عن الخلق بان ينوي عند اكتساب العلم انه يتعلم العلم ليرفع الجهل عن الخلق بعد رفعه عن نفسه فيكون في قلبه نية تعليمهم وارشادهم وهدايتهم. والثالث احياء العلم وحفظه من الضياع فان العلم اذا نعش في بلد او زمن وبقي حيا كان من تقوية الشريعة وحفظ الدين. فينوي المتعلم انه يطلب العلم ليحيى العلم في بلده ويقوى بين اهله فلا يضيع بينهم والرابع العمل بالعلم فينوي ان يعمل بالعلم الذي يتعلمه ثم ذكر حرص السلف على طلب الاخلاص في العلم وانهم كانوا يتخوفون من فواته ويتورعون عن ادعائه لشدة امر الاخلاص فامر الاخلاص شديد قال بعض السلف متى شهدوا في اخلاصهم الاخلاص احتاج اخلاصهم الى اخلاص اي متى وقع في قلب العبد انه مخلص احتاج شهوده هذا المعنى في قلبه الى اخلاص جديد ولذلك فان امر النية يحتاج الى مكابدة ومشقة كما قال سهل ابن عبد الله التستري والشافعي لا يعرف رياء الا المخلصون اي لا يتحرى معرفة دقائق الرياء ليفر منها الا المخلص الذي يطلب تحصيل الاخلاص في عملي فكان السلف يتفقدون هذا الامر وهو الاخلاص في جميع امورهم. دقيقها وجليلها ويحملهم على شدة التفقد شدة معالجة النية لان النية محلها القلب والقلب يتقلب فتتقلب هذه النية فتارة تكون الى جهة وتارة تكون الى جهة. فينبغي ان يتفطن طالب العلم الى حضور هذه المعاني الاربعة للنية في طلب العلم بان تكون في قلبه. وان ينظر الى قلبه بتعاهد هذه النية بين الفينة والفينة فاذا حضر مجلسا من العلم وانفصل عنه ثم جاء الى مجلس اخر يتحرى هذه النية في نفسه او عزم على قراءة كتاب ينبغي له ان يعتبر هذه النية بين يدي قراءة هذا الكتاب. فاذا شق عباب هذا الكتاب واخذ اخذ منه قدرا حسنا ينبغي له ان يعيد استحضار هذه النية في قلبه. لان انتعاش هذه النية وقوتها في القلب يعينك الازدياد من الخير والانتفاع من العلم. واذا فقدت النية ضعف انتفاع القلب بالعلم قال ابن عباس رضي الله عنهما انما يحفظ المرء على قدر نيته رواه الخطيب وابن عساكر. والحفظ اصل العلم والعلم كله لا يكون الا بالنية. فانما يدرك المرء العلم على قدر نيته. فاذا قويت هذه النية وعظمت حصل للانسان توفيق في العلم وخير وبركة لا يزال يقارنه ما دام حيا. فيحصل له من انواع الفهم الفتح والادراك ما ليس لغيره وذلك لحسن نيته في العلم فهو يستحضر في نيته في العلم نفع نفسه ونفع الخلق فتقوي هذه النية ادراكه العلم ويكون له بركة على نفسه وعلى غيره. ومن شواهد ذلك ان شيخ شيوخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله كان يجري على لسانه في مجالس الدرس او في كتبه لمن قرأها انواع من الفهم والادراك لا توجد عند غيره حتى هو لا يعرفها من نفسه قبل ان يتكلم بها. وقد ذكر لي شيخنا عبد الله بن عقيل رحمه الله انه كان يجتهد في التحضير لدرس شيخ بن سعدي ويقرأ شرحا على المتن الذي يريد ان يقرر عليه الشيخ ابن سعدي ثم يسمع منه في مجلس الدرس كلاما عجيبا في فهم مسائله وافهامها. فسأله مرة من اي كتاب تطالع قبل الدرس كي اطالع واستفيد فقال له يا ولدي ان اشياء من الكلام الذي تسمعه لا يجري على لساني الا في الدرس يعني ما يحظر في قلبي ولا يجري على لساني الا ان الله سبحانه وتعالى يهديني اليه في الدرس وهذا وقع منه رحمه الله لحسن نيته في في العلم وكان عازف عن المناصب والرئاسات وكان مقصوده من العلم هداية الناس وارشاده وتوجيههم فحصل له بركة وانتم اليوم تجدون كتب ابن سعدي في كل مكان حتى تفسيره يمكن طبع منه اكثر من مليون نسخة لمزيد الانتفاع منه والله سبحانه وتعالى اذا علم من المرء حسن نيته اظهره ولو بعد زمن هناك كتاب مطبوع لاحدهم وما زال هذا الرجل حيا يقول فيه يذكر يذكر مراحل من مراحل حياته وذكر منها وروده على القصيم وذكر الشيخ ابن سعدي وقال ومع ان كتبه توزع بالمجان لكن لا رغبة للناس فيها هو يريد الحض على الشيخ ابن سعدي لاجل امر بين الناس يجري فما هي الا سنوات وهذا الرجل حي بين كتابته كتابة وبيننا الان نحو ثلاثين سنة. والان من اكثر الكتب انتشارا لمشايخ هذه البلاد هي كتب من سعدي ثم تلميذه ابن عثيمين الذي هو فرع فرع عنه حتى ان كتاب المواهب الربانية ابن سعدي وهو كتاب كتب فيه شيء من فتوحات فهم القرآن. انتهى منه ليلة ولادة الشيخ ابن عثيمين فكان هذا مواهب ربانية في الفهم الايات ووهب الله له تلميذا نفع الناس بعده ولد في تلك الليلة حتى يعلم الانسان ان امر العلم والدين ليس للناس هذا لله سبحانه وتعالى. ومن صدق الله صدقه الله. فالطالب العلم اذا كان صادق لا يقول انا ما عندي حفظتي ضعيفة انا لا يوجد قرين يساعدني لا يوجد في بلدنا شيخ اقرأ عليه يجتهد واذا اجتهد وصدق وصلحت نيته كتب الله له خيرا كثيرا نعم