احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى المعقد الثالث جمع همة النفس عليه. تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور او اولها الحرص على ما ينفع فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه. ثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله. ثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. وقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. قال الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم يناله كله نال بعضه. وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل قالت وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. وان مما يعلي الهمة ويسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضيين. فابو عبدالله احمد فابو عبدالله احمد بن حنبل كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا. وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس. اثنان منها في ليلتين من وقت صلاة مغربي الى صلاة الفجر واليوم الثالث من من ضحوة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب الى طلوع للفجر. وكان ابو محمد تبان اول ابتدائه يدرس الليل كله. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة. ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. فكان رجلا فكان رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامته. وهامة همته فوق الثريا سامقة. ولا تكن شابا البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا تشيب. كان ابو كان ابو الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من فقهاء الحنابلة ينشد وهو في الثمانين ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما ما اعتاد شيئا وانما اعتاد شعري غير صيغته. والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم. ذكر المصنف وفقه الله والمعقدة الثالثة من معاقد تعظيم العلم وهو جمع همة النفس عليه بان تتعلق النفس به وتقبل الى عليه وذكر ان جمع الهمة على المطلوب يكون بتفقد امور ثلاثة احدها الحرص على ما ينفع وثانيها الاستعانة بالله وثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. وهي مذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك بالله ولا تعجز بكسر الجيم وتفتح ايضا فيقال تعجز وتعجز ثم ذكر كلاما حسنا للجنيد ولابن القيم في احياء الهمة في النفس واذكائها وان ابدأ يعظم انتفاعه بما يطلبه على قدر همته قال ابن تيمية الحفيد رحمه الله الناس يقولون قيمة كل امرئ ما يحسنه والعارفون يقولون قيمة كل امرئ ما يطلبه. اي ان العبد تكون رتبته ومنزلته بقدر مطلوبه الذي يطلبه. فمن عظم مطلوبه ارتفع قدره. ومن دنا مطلوبه دنا قدره قال ابن القيم رحمه الله ان همة الكساح نزلت به حتى صار يجمع مزابل الناس والكساح هو الذي يجمع القمامة في الطرق وغيرها فهذا نزلت همته حتى صار بهذه المنزلة. والمرء اذا رق همته بلغ ما يؤمله ولذلك فان من اعظم ما يعظم به العلم ان تجمع الهمة عليه بان تقبل عليه اقبالا كليا وتصدق في طلبهم. ثم ذكر ان مما يعلي الهمة ويقويها في النفس اعتبار سير الماضين من السلف فان الامر كما قال مالك بن دينار الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض. رواه ابن بطة في لبانة كبرى وغيرهم هو في كلام ابن تيمية الحفيد ايضا واصله كلام مالك ابن دينار من الاولين فالناس يقتدي بعضهم ببعض فاذا رأى المرء احوال ما كان عليه الخلق من عظم الهمة قويت نفسه على محاذاتهم. وطلب ان تكون حاله كحالهم وذكر من احوال من مضى ما جرى للامام احمد في صغره ثم للخطيب ثم لابي محمد ابن التبان وغير ذلك من الاحوال النافعة في تقوية الهمة في النفس والاعتبار بالسير من اعظم ما ينتفع به طالب العلم قال ابن الجوزي رحمه الله لا اجد لطالب العلم شيئا انفع من النظر في سير السلف يعني مما يقوي طالب العلم ويحرك همته ويعينه على تحصيله ان ينظر في سير الماضيين ويقتدي بهم فاذا رأى همم هؤلاء قويت نفسه على محاذاتهم. ثم حث طالب العلم على علو همته وقوة نفسه. وقال ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة. فان همة الصادق لا تشيب وشاب البدن هو الرجل القوي في بدنه لانه في ثورة شبابه وثورة قوته. ولكن عيبه ان تكون همته ضعيفة. فهو لا يعزم على شيء ولا يقوى على شيء ولا يصبر على شيء. فعند ذلك حقيقته صورته الباطنة صورته الظاهرة شاب وحقيقته الباطنة ايش؟ اشيب وحقيقته الباطنة اشيب يعني لا نشاط فيه ويقال اشيب ولا يقال شائب باصح قولي اهل اللغة فاللغة الفصحى ان يقال عن كبير السن الاشيب ولا يقال عنه الشائب. قال فان همة الصادق لا يعني الصادق في طلب شيء لا تشب همته ولذلك في اخبار ابن جرير الطبري ان رجلا دخل عليه في مرض موته فذاكره بمسألة في الفرائض فاخذ ابن جرير ورقة وكتبها فقال له الرجل في هذه الحال يا ابا جعفر قال انت الان مريض وكبير سن يا الله حسن الختام فقال لان القى الله عالما بها خير من ان القاه جاهلا بها شوف هذا الصادق انه يريد بهذا انه يرفع الجهل عن نفسه وينتفع بهذه المسألة التي كتبها. فحين اذ صدق العبد وقوة همته من اعظم الاسباب التي يجمع بها العلم نعم