قال فصل فيما يفعله الحاج عند وصوله الى الميقات. فاذا وصل الى الميقات استحب له ان يغتسل ويتطيب بما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط عند الاحرام واغتسل ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم ولحله قبل ان يطوف بالبيت. وامر صلى الله عليه وسلم عائشة رضي عائشة رضي الله الله عنها لما حاضت وقد احرمت بالعمرة ان تغتسل وتحرم بالحج. وامر صلى الله عليه وسلم اسماء بنت عميس رضي الله عنها فلما ولدت لما ولدت بذي الحليفة ان تغتسل وتستثمر بثوب وتحرم. فدل ذلك على ان المرأة اذا وصلت الى الميقات وهي حائض او نفساء تغتسل وتحرم مع الناس وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت كما امر النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشة واسماء رضي الله عنهما بذلك. ويستحب لمن اراد الاحرام ان يتعاهد شاربه واظفاره وعالة وابطيه. فيأخذ ما تدعو الحاجة الى اخذه بالا يحتاج الى ذلك بعد الاحرام وهو محرم عليه. ولان النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الاشياء في كل وقت كما ثبت في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطرة خمس الختان والاستحداث الشارب وقلب الاظافر وقلب الاظفار وفي صحيح مسلم عن انس رضي الله عنه قال وقت لنا في قص الشارب من اظفار ونتف الابط وحلق العانة ان لا نترك ذلك اكثر من اربعين ليلة. واخرجه النسائي بلفظ. وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واخرجه احمد وابو داوود والترمذي باخذ النسائي واما الرأس فلا يشرع اخذ شيء منه عند الاحرام لا في حق الرجال ولا في رب النساء وعن ما اللحية فيحرم حلقها واخذ شيء منها في جميع الاوقات بل يجب اعفائها وتوقيرها بل يجب اعفاؤها وتوفيرها ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوائب مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جذوا الشوارب وارخوا وارخوا اللحى خالفوا المجوس فقد عظمت وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة ومحاربتهم للحى رضاهم بمشابهة الكفار والنساء ولا سيما من ينتسب الى العلم والتعليم فانا لله وانا اليه راجعون. ونسأل الله ان يهدينا وسائر المسلمين السنة والتمسك والدعوة اليها وان رغب عنها الاكثرون. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ثم يلبس ثم يلبس ثم يلبس الذكر اذا روى نداءه ويستحب ان يكونا ابيظين نظيفين ويستحب ان يحرم في نعليه النبي صلى الله عليه وسلم وليحرم احدكم في ازار ورداء ونعلين. اخرجه الامام احمد رحمه الله. واما المرأة لا يجوز لها ان تحرم فيما شاءت من اسود او اخضر او غيرهما مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم لكن ليس لها ان تلبس النقاب والقفازين حال احرامها ولكن تغطي وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين. لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين واما تخصيص بعض العامة احرام المرأة في الاخضر او الاسود دون غيرهما فلا اصل له. ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظير ولبسه ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبسه ولبس ثياب الاحرام ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج او عمرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. ويشرع له التلفظ بما نوى فان كانت نيته العمرة قال لبيك الله عمرة. او اللهم لبيك وان كانت نيته الحج قال لبيك الله لبيك حجا او اوى اللهم لبيك حجا. لان النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وان نواهما جميعا لبى بذلك فقال اللهم لبيك عمرة وحجا والافضل ان يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة او او غيرهما لان النبي صلى الله عليه وسلم انما اهل بعد ما استوى على راحلته وان ما اتت به من الميقات للسير هذا هو الاصح من اقوال اهل العلم ولا يشرع له التلفظ بما نوى الا في الاحرام خاصة لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم واما الصلاة والطواف وغيرهما فينبغي له الا يتلفظ في شيء منها بالنية فلا يقول نويت ان اصلي كذا وكذا ولا نويت ان اطوف كذا وكذا بل التلفظ بذلك من البدع المحدثة والجهر لذلك اقبح واشد اثما ولو كان التلفظ بالنية مشروع لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم. واوضحه للامة بفعله او قوله وسبق اليه السلام الصالح فلما لم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن اصحابه رضي الله عنهم علم انه بدعة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل بدعة ضلالة اخرجه مسلم في صحيحه وقال عليه الصلاة والسلام من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو متفق عليه من حيث متفق عليه متفق على صحته وفي لفظ لمسلم من عمل عمل ليس عليه امرنا فهو رد. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا اخر يتعلق باحكام الحج هو فصل فيما يفعله الحاج عند وصوله الى اه الميقات وابتدأه بقوله فاذا وصل الى الميقات استحب له ان يغتسل ويتطيب واورد في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه تجرد من المخيط عند الاحرام واغتسل والاحاديث المروية في اغتساله صلى الله عليه وسلم عند الاحرام من الميقات لا يثبت منها شيء ولم يكن هذا امرا يلتزمه اصحابه رضوان الله عنهم. بل ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه انه كان اذا احرم ربما اغتسل وربما توضأ والمفرق بين الحالين فيما يظهر والله اعلم ملاحظة الحاجة الى ذلك فاذا احتيج الى الاغتسال لاجل قدر البدن ووسخه كان ذلك مستحبا. واذا لم توجد الحاجة لم يستحب ذلك. وهذا هو الذي تدل عليه الاحاديث الثابتة في ذلك فان النبي الله عليه وسلم امر من امر بالاغتسال لما كان له موجب للاغتسال دال كعائشة في حيضها واسماء في نفاسها. فاذا وجد نظير هذا باحتياج البدء الى الاغتسال استحب له ذلك. فان لم يحتج المرء اليه لم يكن ذلك مستحبا ويتبع الاغتسال في الاستحباب التطيب وقد ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عائشة اذ قالت كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم وتطيب المحرم انما هو في بدنه ورأسه فيستحب له ان يطيب بدنه ورأسه دون ثياب نسكه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يستحب مريد النسك ان تعاهد شاربه واظفاره وعانته وابطيه. فيأخذ ما تدعو الحاجة الى اخذه. وهذا هو الذي عليه المحققون في استحباب هذه الاعمال للناسك. وهو وجود داعي الحاجة اذا دعت الحاجة الى ذلك استحب له وان لم تدعو الحاجة الى ذلك لم له فان الدلائل لم تثبت في تعاهد الشارب والاظفار والعانة والابطين عند ارادة الدخول في النسك. فلا تختص بهذا كما ذكر ذلك شيخ الاسلام ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى. لكن ان وجدت الحاجة الى ذلك استحب للعبد ان يتعاهدها. فان النبي صلى الله عليه وسلم ما امر المسلمين بتعاهد هذه الاشياء في كل وقت فانها من سنن الفطرة كما ثبت ذلك في حديث ابي هريرة المخرج في الصحيحين وفي الفطرة خمس. وفي صحيح مسلم من حديث انس انه قال وقت لنا في قص وقلب الاظفار ونتف الابط وحلق العانة ان لا نترك ذلك اكثر من اربعين ليلة. فمنتهى التأميد في اخذ هؤلاء هو بلوغ الاربعين. فلا يجوز للانسان ان يؤخرها عن الاربعين. وقد يتعين ذلك قبلها اذا وجدت علة الحكم اذا طالت الاظافر او الشارب او كتف شعر الابط والعانة وجب على الانسان لذلك ولو قبل الاربعين لان الحكم مناض بعلته. وعلته دفع الاذى والتقدر. عن فاذا وجدت العلة وجب على الانسان ان يبادر الى ما امر به. وقد وقع التصريح بنسبة المؤقت الى النبي صلى الله عليه وسلم عند النسائي بلفظ وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحفوظ ولفظ مسلم وقتالنا وما اضافه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالبناء لغير الفاعل كامرنا او نهينا او وقت لنا فانها مرفوعة الى النبي صلى الله عليه سلم حكما على الصحيح من قولي اهل العلم كما اشار الى ذلك العراقي بقوله في الالفية قول الصحابي من السنة او نحن امرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله باعصر على الصحيح وهو وقول الافتري وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى كلمة في بيان هذا الحكم كان الاولى العدول عنها اذ قال لان النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الاشياء الى اخره فان النبي صلى الله عليه وسلم ليس شارعا. وانما هو مبلغ. هذا هو الذي نطقت به اية الكتاب الكريم وجرى عليه عمل السلف رحمهم الله تعالى فلم يأتي في الفاظهم قط قولهم شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ولا جاء ذلك في اي القرآن ولا الاحاديث النبوية. وذكرنا ما هذه المسألة سابقا في ابيات من يذكرها الشرع حق الله دون رسوله ايوه بقوله اثبتنا بالقول بالنص يثبتنا الشرع حق الله دون رسوله بالنص اثبت لا بقول فلان اوما رأيت الله حين حين اشاده ما جاء في الايات ذكر الثاني وجميع صحب محمد لم ينطقوا شرع الرسول ببرهان فاي الكتاب لم يأتي فيها قط ان النبي صلى الله عليه وسلم شارع وانما فيها انه مبلغ وكذلك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يتلفظوا بهذا وانما كانوا يقولون فرض رسول الله صلى الله عليه وسلما كذا وكذا او سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك مما ينبه اليه من الاحكام ان تعاهد الرأس بالاخذ منه لا يشرع عند الاحرام لا في حلق الرجال ولا في حلق النساء. فالتعاهد يختص بالامور السابقة وبينا ما سلف فيها. واما اللحية فيحرم حلقها او اخذ شيء منها في جميع الاوقات لما جاء من الادلة في وجوب اعفائها وتوفيرها وذكر رحمه الله تعالى الاحاديث في ذلك. فاما تحريم الحلق فهذا امر نقل جماعة من اهل العلم الاجماع عليه. منهم ابو محمد ابن حزم وابو العباس ابن تيمية الحفيد في حرم حلق اللحية اجماعا والمراد بالحلق استئصالها بحيث لا يبقى شيء من شعرها. اما اخذ شيء منها فاهل العلم مختلفون في دخوله في جملة الاعفاء والتوفير المأمور به ام لا؟ والصحيح ان اخذ ما زاد عن القبضة صحت به الاثار عن الصحابة كابن عمر وابي هريرة. واما ما دون ذلك مما هو فوق القبضة فلم يصح عن احد من الصحابة رضي الله عنهم الاخذ منه. فيجب وقف المأخوذ منها على ما ورد عن الصحابة رضوان الله عنهم وما زاد عن ذلك فلا يؤخذ منه شيء الا ان حصل به ضرر او احتيج اليه في مداواة ونحوها. وهذه المسألة مما عظمت فيها في الازمنة المتأخرة. عند الناس. فصار من المنكرات الظاهرة حلق اللحية بالكلية. ومخالفة امر النبي صلى الله عليه وسلم في التوفير والاعفاء. واشد ما تعظم المصيبة به في وقوع هذا المنكر اذا كان في من ينتسب الى العلم والتعليم. وشيوع منكر ما لا يؤذن بغض الطرف عنه. فان المحرم محرم قل او كثر فشى في الناس ام لم يفشوا فيهم؟ والواجب على طالب العلم ان يرعى هذا الامر في المنكرات وان يمتثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي سعيد الخدري المخرج في صحيح مسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان وتغيير القلب يكون بكراهة الذنب وبغضي. وهذا امر يجب ان يطرده الانسان في جميع المعاصي ولو كثرت وفشت وان يحرك داعي الانكار في نفسه عند رؤيته لها. وعظمت المصيبة اكثر واكثر في الازمنة الاخيرة بتطلب مخارج لهذا المنكر وتشريعه بين الناس واظهار هذه المسألة من خفاف المسائل التي يسع الامر فيها الخلق وهذا من رقة الدين وضعفه في نفوس الناس وقد بلغ بلغ الامر بمن ضرب في هذا المسلك بالتماس بناء ذلك على دليل. فقال احد المتكلمين في هذه هي المسألة وقد وجدت مخرجا لمن وقع في حلق اللحية وهو ان الاصوليين مختلفون في دلالة افعل هل هي على الوجوب؟ او الاستحباب او للطلب الشائع بين الوجوب والاستحباب وعلى ذلك تكون الادلة السابقة في وجوب توفير اللحية وارخائها على هذا الخلاف. فيكون الامر فيها متسعا. وهذا كله من رقة الدين وضعفه في قلوب الخلق واهل العلم والمنتسبون للشريعة ينبغي ان يبنوا تدينهم على العزائم لا على الرخص ومن ظن ان بناء الدين على الرخص يوجب قبوله في قلوب الخلق فقد زل فان ابن مسعود ان كان يقول ان هذا الامر جد. فاذا خلطتموه بالهزل مجته قلوب الناس. فمن يظن انه بتيسير للدين كما يتوهم ببنائه على الرخص المجزوم بها او المظنونة او المتوهمة قد اخطأ طريقة الكتاب والسنة. فان الله عز وجل لما امر اهل الكتاب قال لهم خذوا الكتاب بقوة فالدين انما يقوم وتقبله القلوب اذا كان معظما في النفوس. فاذا رقق الدين لهم وحب بهذا المسلك فانهم ينفرون منه بل ينفرون من الداعي الذي اختار ومن تلاعب الشيطان بالناس ما ارتكبه بعض المنتسبين الى الدعوة من ابتغاء هذا الاصل الظانين انهم يوصلون الدين بذلك الى قلوب الخلق وهو خلاف طريقة الكتاب والسنة. فان الكتاب والسنة لم تنسج هذا في تقعيد الدين في قلوب الناس وتقليده فيهم بل جرت على طلبهم عزائم والكمالات لان النفوس اذا عزمت وكملت قوت على سلوك الطريق. واذا اضعفت بمثل هذه الرخص انقطعت عن سلوك الطريق فينبغي على طالب العلم ان يلازم الاخذ بالعزيمة المقوية لان الرخص الموهنة المتوهمة تظعف دين الانسان فان المرء يبدأ برخصة مجمع عليها ثم يتسارع الى رخصة مختلف فيها ثم يرتكب بعدها رخصة متوهمة حتى يتلاشى دينه بالكلية ما ترونه اليوم في حال الناس فلا تنظر الى من هلك كيف هلك ولكن انظر الى من نجا كيف نجا ان اعظم الطرق المؤدية الى تعظيم الدين في قلوب الناس هو تعظيمه لهم وبناء فعلهم له على الكامل. واما الناقص فانه لا ينفعهم. وما يجري عليه الناس من ابتغاء غير هذا السبيل لا ينفع الداعي ولو ولا المدعو وستنبئك الايام عن حقائق ذلك ومن يسلك وهذا المسلك ممن يطلب رضا الجماهير يخسر الجماهير حتما. وقد سلكه قبله اناس فخسروا جماهيرهم وربما رجع عليهم جماهيرهم باللعن وربما هم انخلعوا من الاسلام بالكلية وانتحلوا مذاهب والنفاق الرائجة في كل عصر تحت اسماء مختلفة كالعلمانية والليبرالية وغيرها. فليحذر الطالب هذا الامر ويأخذ نفسه بالاحوط ليسلم له دينه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يتعلق الاحاديث احكام الكائنة عند الوصول الى الميقات ان يلبس الذكر ازارا ورداء. ويستحب ان يكون ابيظين نظيفين ويستحب ان يحرم في نعلين وتصير لباس الذكر على هذه الصفة من كونه ازارا ورداء ابيضين نظيفين اما ترتيبه ازارا ورداء فهذا هو الذي ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم. واما كونهما واما كونهما ابيضين فالاحاديث الصحيحة. في مدح البياض والامر باتخاذ الثياب منه كما ثبت ذلك عند الترمذي وابن ماجة. واما كونهما نظيفين فلان نظافة الرداء والازار دالة على كمال التجمل الموجب لكمال العبادة فان الانسان اذا كمل بربه اعانه ذلك على تكميل عبادته وقد اشترى تميم للدار حلة بالف دينار كان يلبسها في صلاة الليل فهو يتجمل لربه ليكون تقربه له على الوجه الاكمل. واستحباب النعلين فيه هذا الحديث عند احمد وليحرم احدكم في ازار ورداء ونعلين. واصل في الصحيحين ليس فيه هذا اللفظ. فهذا الحديث بهذا السياق شاذ. واستحباب النعال خاصة لم يرد فيه شيء معين بالنسبة للحاج. واما بالنسبة لعامة حال الانسان فقد ثبت الامر بالانتعال ومدحه في احاديث كثيرة في صحيح مسلم وغيره. ثم ذكر بعد ذلك لباس المرأة فقال واما المرأة فيجوز لها ان تحرم فيما شاءت من اسود او اخبر او غيرهما فلا يتعين لون من الالوان مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم لحرمة ذلك. لكن ليس لها ان تلبس النقاب قفازين حال احرامها ولكن تغطي وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهي المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين في صحيح البخاري. وما كان في معنى النقاب فهو ملحق به كالبرقع واللثامة. وقد روى البيهقي بسند صحيح عن عائشة قالت في عد احكام المرأة في الحج قالت ولا تبرقعوا ولا فالمرأة منهية عن البرقع واللثام كما هي منهية عن النقاب لكن النقاب جاء في لفظه صلى الله عليه وسلم وغيره انما جاء في اثار الصحابة كاثر عائشة الذي ذكرته لكم عند البيهقي بسند صحيح. ثم نبه ان ما يتوهمه بعض العوام من تخصيص احرام المرأة في لون معين كالاخظر او الاسود انه لا اصل له. ثم ذكر بعد ذلك ما يشرع للناسك بعد فراغه من غسله وتنظفه ولبسه ثياب الاحرام وهو ان ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده وهذه النية هي التي تسمى بالاحرام فان الاحرام هو نية الدخول في النسك وليس هو لبس الازار والرداء بل الاحرام هي هو نية الدخول في النسك. وهذه النية هي النية خاصة فانا الناسك له نيتان اثنتان احداهما نية عامة بارادة نسكه من حج او عمرة وهذه النية واقعة منه عند خروجه من بلده والثانية نية خاصة وهي متعلقة بارادته الدخول في النسك وهي التي تكون عند الميقات. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الناسك يشرع له التلفظ بما نوى بان يقول لبيك عمرة او اللهم لبيك عمرة او ان يقول لبيك حجا او يقول اللهم لبيك حجا لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك كما ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لبيك عمر وحج وفي لفظ لبيك بعمرة وحج. وهل هذا التلفظ تلفظ بالنية ام تلفظ بالنسك قولان لاهل العلم وصحهما ان هذا تلفظ بالنسك وليس تلفظا بالنية. لان النية محلها القلب ولم يشرع التلفظ بها في شيء من العبادات وانما الذي تلفظ به عند الدخول في النسك تعيينه وبيان مقصود الناسك في نسكه الذي اراده. فاذا قال لبيك عمرة دل على ارادته العمرة واذا قال لبيك حج ان دل على ارادته الحج واذا قال لبيك عمرة وحجا دل على تعيين نسكه بالعمرة والحج وهو القران كما سيأتي فالمختار ان هذا تلفظ ببيان النسك وليس تلفظا بالنية باصح قولي اهل العلم رحمهم الله تعالى. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى محل التلفظ ببيان النسك وهو انه يكون بعد استواء الحاج على مركوبه من دابة او سيارة او غيرهما وهذا هو الصحيح من قولي اهل العلم. لان النبي صلى الله عليه وسلم انما اهل بعدما استوى على راحلته كما ثبت ذلك في في الصحيحين من حديث ابن عمر واما الاحاديث المروية ان النبي صلى الله عليه وسلم اهل بنسكه على الارض فلا يصح منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ عنه هو ما رواه ابن عمر من اهلاله بنسكه حال استواه حال استوائه على ناقة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه لا يشرع التلفظ بما ينويه العبد الا في الاحرام خاصة لانه هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وما عدا ذلك فلا ينبغي له ان يتلفظ فيه بالنية. والصحيح ان ما وقع منه صلى الله الله عليه وسلم ليس تلفظا بالنية وانما هو بيان للنسك المراد المقصود. فلا يشرع التلفظ بالنية لا في حج ولا في ضوء ولا في عمرة ولا في حج فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل نويت ان احج او نويت ان اعتمر او نويت ان يتوضأ او نويت ان اصلي فلم ينقل ذلك عنه ولم ينقل عن اصحابه رضي الله عنهم. وقد قطع المصنف الله تعالى بان هذا لم يعهد عن السلف الصالح ومراده بالسلف الصحابة ومراده بالسلف الصحابة تابعينا واتباع التابعين وهو كما قال فان هذا انما وجد في كلام غيرهم فوجد هذا في كلام الشافعي كما روى ذلك كعنه بسند صحيح ابن المقرئ في معجمه والسبكي في طبقاته. فما يوجد في كلام ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى والتلميذ ابن القيم ان ذلك لا يعرف عن احد من ائمة اهل العلم فيه نظر فقد صح ذلك عن الشافعي. لكن الشافعي رحمه الله تعالى قد ترك هذا وهجر القول بالتلفظ بالنية عند الصلاة الذي صح عنه عند ابن المقرئ و السبكي في الطبقات والذي دل على هجره انه اخلاه من كتبه فهذا كتاب الام بين ايدينا ولم يذكر فيه هذه المسألة فكان الشافعية كان يرى هذا قديما ثم تركه وهو الصحيح لانه لا يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن احد من الصحابة ولا التابعين رحمهم الله تعالى فهو من محدثات الامور وبدع الاعمال التي دخلت على الناس