فصل في المواقيت المكانية وتحديدها المواقيت خمسة الاول ذو الحليفة وهو ميقات اهل المدينة وهو المسمى عند الناس اليوم ابيار الثاني الجحفة وهي ميقات اهل الشام وهي قرية خراب تلي رابغ. والناس اليوم يحرمون من رابغ ومن احرى من دخل من الميقات لان رابغ قبلها بيسير. الثالث قرن المنازل وهو ميقات اهل نجد. وهو المسمى اليوم بالسيل يا لملم وهو ميقات اهل اليمن. الخامس ذات عرق وهو وهي ميقات اهل العراق. وهذه المواقيت قد وقتها النبي صلى الله عليه سلم لمن ذكرناه ومن مر عليها من غيرهم ممن اراد الحج والعمرة. والواجب على من مر عليها ان يحيي منها ويحرمها ويحرم وعليه ان يتجاوزها بدون احرام اذا كان قاصدا مكة يريد حجا او عمرة. سواء كان مروره عليها من طريق الارض او من طريق لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم مما وقت هذه المواقيت هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج والعمرة المشروع لمن توجه الى مكة من طريق الجو بقصد الحج او العمرة ان يتأهبان لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة ان شاء الله ان يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة فاذا دنا من الميقات لبس ازاره ورداءه ثم لبى بالعمرة ان كان الوقت متسعا وان كان الوقت ضيق اللب بالحج وان لبس ازاره واذا هو قبل الركوب او قبل الدنو من الميقات فلا بأس ولكن لا ينوي الدخول في النسك ولا يلبي بذلك الا اذا حاذ الميقات او دنى منه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم لم يحرم الا من الميقات والواجب على الامة التأسي به الله عليه وسلم في ذلك كغيره من شؤون الدين. لقول الله سبحانه لقد لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خذوا عني مناسككم. واما من توجه الى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة كالتاجر والحطاب والبريء والبريد ونحوه فليس عليه احرام الا ان يرغب في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم لما ذكر المواقيت هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج والعمرة. فمفهومه ان من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا احرام عليه. وهذا من رحمة الله بعباده وتسليمه عليهم فله الحمد والشكر على ذلك. ويؤيد ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اتى مكة عام الفتح لم يحرم بل دخلها على رأسه المغفر لكونه حين ذاك حجا ولا عمرة وانما اراد سلاحها وازالة ما فيها من الشرك. واما من كان اسكنه دون المواقيت دون المواقيت كسكان ردة وام السلم وبحره. سلم الشجر هذا المعروف يكثر فيها الشجر هذا سموه ام السنم. نعم. وبدر ومستورة واشباهها فليس عليه ان يذهب الى شيء من المواقيت المتقدمة بل مسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما اراد من حج او عمرة واذا كان له مسكن اخر خارج الميقات فهو بالخيار ان شاء الميقات وانشاء اخر من مسكنه الذي هو اقرب من الميقات الى مكة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس لما ذكر المواقيت قال ومن كان دون ذلك فمهله من اهله حتى اهله. حتى اهل مكة يهلون من مكة. اخرجه البخاري ومسلم. لكن من اراد وهو في الحوادث عليه ان يخرج الى الحل ويحرم بالعمرة منه. لان النبي صلى الله عليه وسلم لما غلبت ابنه عائشة رضي الله عنها العمرة انا رأف عن عبدالرحمن رضي الله عنه ان يخرج بها الى الحل فتحرم فتحرم منه فدل ذلك على ان المعتمر لا يحرم من الحرم وانما بهذه الحلق وهذا الحديث يخصص حديث ابن عباس المتقدم ويدل على ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله حتى اهل مكة يهلون من مكة هو هلال بالحج الى العمرة اذ لو كان الهلال بالعمرة جائزا من الحرم لاذن عائشة رضي الله عنها في ذلك ولم يكلفها بالخروج الى الحل وهذا امر واضح قول جمهور العلماء رحمة الله عليهم. وهو احوط للمؤمن ان فيه العمى بالحديثين جميعا. والله الموفق اما ما يفعله بعض الناس من الاكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم او من التنعيم او الجعرانة او غيرهما وقد سبق ان اعتمر قبل الحج. فلا دليل على شرعيته بل الادلة تدل على ان الافضل تركه تركه لان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم لم يعتمروا بعد فراغهم من الحج وانما اعتبرت عائشة من التنعيم لكونها لم تعتمر مع الناس حين دخول مكة بسبب الحيض فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم ان تعتمر بدلا عن عمرتها التي احرم بها من الميقات فاجابها النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك وقد حصلت لها العمرتان العمرة التي مع حجها وهذه العمرة المفردة فمن فمن وهذه عورة المفردة فمن كان مثل عائشة فلا بأس ان يعتمر به من الحج عملا بالادلة كلها وتوسيعا على المسلمين لا شك ان اشتغال الحجاج بعمرة اخرى بعد فراغهم من الحج سواء العمرة التي دخلوا بها مكة يشق على الجميع ويسبب كثرة الزحام والحوادث مع ما فيه من المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته والله الموفق. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اخر من الاصول المتعلقة ببيان احكام الحج ترجم له بقوله فصل في المواقيت المكانية وتحديدها فهو متضمن لبيان احد نوعي مواقيت الحج. فان مواقيت الحج نوعان اثنان احدهما المواقيت الزمنية وثانيهما المواقيت المكانية فالمواقيت الزمانية هي بيان الازمان المحددة شرعا للعمرة والحج. والمواقيت المكانية هي بيان الاماكن المحددة شرعا لابتداء العمرة والحج. وهذا الفصل متعلق بالثاني منهما وهو المواقيت المكانية. قد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان المواقيت طمسة والاجماع منعقد على هذا. الا ان هذه المواقيت تنقسم الى قسمين اثنين اولهما ما ثبت توقيته من النبي صلى الله عليه وسلم وهي المواقيت الاربعة الاولى ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم. والثاني ما وقته غيره اجتهادا. ثم وقع الاجماع عليه وهو ذات عرق فان توقيت ذات عرق انما وقع من عمر رظي الله عنه اجتهادا ثم انعقد الاجماع عليه ميقاتا لاهل العراق والاحاديث المروية في توقيت ذات عرق من النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح منها شيء وقد بين المصنف رحمه الله تعالى محال هذه المواقيت ومن تتعلق به فقال في الاول ذو الحليفة وهو ميقات اهل المدينة وهو المسمى عند الناس اليوم ابيار علي وقد كان ناء عن المدينة فيما سبق وصار اليوم حيا من احيائها داخلا في مسماها. والثاني الجحفة وهو ميقات اهل الشام وهي قرية الخراب تلي رابغ فيما سلف. فان المصنفين للمناسك قديما كانوا يذكرون هذا فقد كانت قرية ثم خربت. اما اليوم فقد جدد هذا الموضع وصار في الجحفة ميقات كن يؤمه الناس وعدلوا عن رابط. فقد كانت ترابغ محلا للاحرام لما خربت الجحفة. فلما اعيد تجديد هذا الميقات قبل سنين صار الناس يحرمون منه. والثالث قبل المنازل المسمى بالسير الكبير وهو ميقات اهل نجد والرابع يلملم وهي المسماة بالسعدية. والخامس ذات عرق. والمصنفون في المناسك يذكرون خرابها وقد كان هذا فيما سلف اما اليوم فقد جدد الميقات فيها واعيد الطريق اليها فان الطرق كانت قد عدلت عنها واما اليوم فقد اعيد الطريق اليها قبل سنوات وهي تسمى بالضريبة في اسماء الناس اليوم فهي قرية معروفة اليوم وقد بني فيها ميقات باخرة وجدد الطريق اليها في توسيعات الطرق الاخيرة وهذه المواقيت المكانية وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لمن ذكرنا كما ثبت عنه في الصحيحين. فمن مر عليها ممن اراد الحج والعمرة وجب عليه ان يحرم منها. ويحرم على مريدي النسك ان يتجاوزها دون الاحرام فمن اراد الحج والعمرة وجب عليه ان يكون احرامه بنسكه من هذه محال المؤقتة ولا يجوز للانسان ان يتجاوزها. فان تجاوز ما وقت له من محل وجب عليه الرجوع اليه فان لم يرجع لزمه دم في اصح قول اهل العلم كما صح عن ابن عباس فيما رواه مالك في موطئه انه قال من ترك شيئا من نسكه او نسيه فليرقه دما ومن احرم بنسكه من غير ما وقت له من مكان فقد ترك منه شيئا فيجب عليه دم فيه ثم ذكر ان المشروع لمن توجه الى مكة من طريق الجو بقصد الحج والعمرة اي يتأهب لذلك بالاغتسال والتطيب قبل الركوب في الطائرة لعدم امكان ذلك فيها. فاذا دنا من الميقات لبس ازاره ورداءه ثم لبى بنسك فيه ان كان عمرة او حجا ولبس ازاره ورداءه قبل الدنو من الميقات ولبس الازار والرداء قبل الدنو من الميقات لا بأس به. ولكن لا ينوي الانسان الدخول في النسك حتى يحادي الميقات هذا هو السنة. فالسنة ان يكون دخول العبد في النسك نيته من الميقات. وان تقدمه ففي ذلك خلاف عند المتأخرين ممن صنف في المناسك باخرة. واما المتقدمون فقد نقل ابن عبد البر الاجماع على جواز الدخول في تب قبل الميقات ويدل على ذلك ما ثبت عن ابن عمر عند عبد الرزاق في الاماني وغيره انه احرم حج من بيت المقدس فيجوز للانسان ان يحرم بالنسك قبل ميقاته لكن السنة ان يحرم من الميقات فان تقدم ذلك جاز ذلك. والمراد دخوله في احرامه قبل ميقاته النية لا بمجرد اللبس فان الانسان قد يلبس رداءه وازاره في الرياض قبل ركوب الطائر ثم لا ينوي الا اذا حاذ الميقات فهذا لا يكون قد احرم بنسكه من الرياء لكن اذا لبس ازاره ورداؤه ونوى النسك من الرياض فيكون قد احرم قبل الميقات وهذا جائز بالاتفاق وثبت ذلك عن ابن عمر رظي الله عنه فليس هو بدعة كما تفوه به بعض المتأخرين ثم ذكر رحمه الله تعالى ان من لم يرد النسك التاجر والحطاب والبريد فليس عليه احرام الا ان يرغب في ذلك وهذا هو الصحيح في قولي اهل العلم. فالدخول في النسك عند المرور وقيت لا يجب الا على مريده. اما من لم يرد النسك ان يدخل مكة لحاجة من بيع او شراء او بريد او غير ذلك فلا يجب عليه ثم ذكر بعد ذلك حكم من كان دون مسكنه دون المواقيت اي قبل المواقيت قريبا الى الحرم فقال واما من كان مسكنه دون المواقيت كسكان جدة وام السلم وبحره الشرائع وبدر الى ان قال فليس عليه ان يذهب الى شيء من المواقيت الخمسة بل مسكنه هو ميقاته. فيحرم بما فيحرم منه بما اراد من نسك واذا كان للانسان مسكنان احدهما في احدهما دون المواقيت والاخر خارج المواقيت فهو مخير في ذلك ان شاء احرم بما من مما هو دون الميقات وان شاء احرم من الميقات. ثم ذكر بعد ذلك مما يتعلق من يريد العمرة من اهل الحرم انه يجب عليه ان يخرج الى الحل بخلاف الحج. فالحج يهل اهل مكة من مكة فيحرمون بحجهم منها. اما العمرة فان الانسان مأمور بان يخرج من الحرم الى الحل. فيخرج الى التنعيم او الى عرفة او الى غيرهما من جهات الحل ثم يدخل بعد ذلك بنسك العمرة كما امر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما ارادت الاعتمار بعد حجها ان تخرج الى التنعيم فاخرجها صلى الله عليه وسلم الى التنعيم وهو من الحل ثم رجعت مرة ثانية الى الحرم وجاءت بالعمرة فاحرام اهل مكة من مكة مخصوص بالحج دون العمرة. وهذا اتفاق بين اهل العلم ونسبته الى الجمهور فيها نظر. بل هو اتفاق والخروج عن هذا القول هو شاذ. كما ذكره في القرى فالقول بان مريد العمرة يحرم من مكة اذا كان من اهلها قول شاد لا يعول عليه الاشبه ان اهل العلم متفقون على وجوب خروج المكي من مكة الى الحل يحرم بعمرته ثم ذكر بعد ذلك حكم العمرة المكية وهي التي يفعلها كثير من الناس بعد فراغهم من الحج بخروج الى التنعيم او الجعرانة او غيرهما ثم الدخول الى مكة معتمرين وتكرير ذلك وذكر ان الادلة تدل على ان الافظل تركه لان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه واصحابه لم يعتمروا بعد فراغهم الى اخر ما ذكر وهذا الذي ذكره باعتبار الافضل صحيح فان الافضل هو عدم ذلك. لكن القول بعدم الجواز قول ضعيف. بل القول بالبدعة لو قيل انه بدعة لم يكن ذلك بعيدا واهل اهل العلم متقابلون في هذه المسألة فمنهم من يجعلها مستحبة ومنهم من يجعلها بدعة والصحيح انها جائزة ليست بسنة ولا ببدعة والدال على الجواز ثبوت ذلك في الاثار فقد روى ابن ابي شيبة بسند صحيح عن ابن عمر انه سئل عن ذلك فقال ان اناسا يفعلون ذلك ولان اعتمر في غير ذي الحجة احب الي من ان اعتمر في ذي الحجة وجوابه مشعر بالجواز. وروى مالك في موطأه بسند لا بأس به ان عائشة كانت تفعل ذلك ثم تركته ففعلها لذلك في اول عمرها وقوة نشاطها دال على جواز ذلك فكانت اذا حجت خرجت رجعت مرة ثانية معتمرة فعلت هذا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتكرارها دال على انه جائز. فالصحيح جواز ذلك. وانه ليس بمستحب ولا ببدعة. وهذه المسألة من المسائل التي عظمها المتأخرون حتى ادخلوها في البدع. وطالب العلم ينبغي له ان لا يقنع بما ذكره المتأخر مهما عظمت رتبته بل يحقق مذاهب اهل العلم القدماء. والقائل بالبدعة في هذه المسألة من الكبار شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وما قاله رحمهم الله تعالى لا يعرف عن من سبقهما من اهل العلم بل الادلة على خلاف ذلك. وثبوت الاثار عن الصحابة يمنع القول بالبدعة والاشبه الجواز كما سلف. ومضايق النظر في هذه المسائل توجب على طالب العلم ان يديم النظر في كتب الاثار ولا يكمل الفقه الا بالاثار وانما كان فقه الاوائل من الائمة رحمهم الله تعالى مالك والشافعي والثوري والاوزاعي واحمد هو بالاثار التفقه فيها ولا سيما ما يتعلق بمناسك الحج. فان احوج باب من العبادات الى الاثار هو باب المناسك. لان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حجوا معه. وعرفوا احكام نسكه فما جاء من الاثار عنهم ينزل منزلة عظيمة لان الاشبه انهم اخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحج والعمرة عبادتان توقيفيتان والصحابة منزهون عن القول في احكامهما بشيء لا يعول عليه واذا هجر هذا الاصل في المناسك خاصة تعطلت كثير من الاحكام فما سلف من الدم عند ترك الواجب فيه اثر ابن عباس عند مالك في موطئه بسند صحيح انه قال من ترك شيئا من نسكه او نسيه فليلرق دما والذي يخرج عن هذا فيقول لا يجب عليه الدم لعدم الدليل من الكتاب والسنة خارج عن قانون الادلة فان اثار الصحابة في المناسك لها اثر عظيم. وجملة من مناسك الحج لا عمدة لنا فيها الا ما نقله الصحابة رضوان الله عنه فينبغي ان يعتني طالب العلم بالاثار عامة وباثار الحج خاصة وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب في هذا المجلس ونستكمله باذن الله سبحانه وتعالى في المجلس الثاني بعد صلاة في العصر وبالله التوفيق. وانبه دائما الى ان درس الفجر في الدروس لمن يكون بعد ساعة من الاذان. فحيث تقدم الاذان او تأخر فابني ساعة بعده. وعلى هذا كان من سلف فان الاشياخ كان لهم اوقات فكان درس الفجر يبدأ بعد ساعة من الاذان ودرس المغرب يبدأ بعد نصف ساعة منه وكان درس ما بين العشائين يستمر الى ان تكون ثلاث ساعات بين اذان المغرب بين اذان المغرب واقامة العشاء. فكانوا يجلسون بعد اذان العشاء ساعة ونصف في الدرس. هكذا كان على ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لما كان في الدلم وقبله الشيخ محمد ابن ابراهيم لما كان في الرياض والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف في وكان هذا عادتهم ودأبهم حتى تغيرت الاحوال في هذه الازمان والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين