فصل في بيان محظورات الاحرام وما يباح فعله للمحرم. لا يجوز للمحرم بعد نية الاحرام سواء كان ذكرا او انثى ان يأخذ شيئا من شعره او اظفاره او يتطيب ولا يجوز للذكر خاصة ان يلبس مخيطا على جملته يعني على هيئته التي فصل وفيض عليها كالقميص او على بعضه كالفانية والسراوين والخفين والجوربين الا اذا لم يرد ازارا جاز له لبس السراويل وكذا لم يجد نعلين اجازله لبس الخفين من غير قطع. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يردن عليهن فليلبس الخفين ومن لم يرد ازارا فليلبس السراويل. واما ما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من الامر الخفين اذا احتاج الى لبسه الى لبسهما لفقد النعلين فهو منسوخ. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر بذلك في المدينة لما سئل عما يلبس المحرم من الثياب ثم لما خطب الناس بعرفات اذن في لبس الخفين عند فقد النعلين ولم يأمر بقطعهما وقد حضر هذه الخطبة من لم يسمع جوابه في المدينة وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز كما قد علم في علمي اصول الحديث والفقه فثبت بذلك نسخ الامر بالقطع ولو كان ذلك واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم والله اعلم. ويجوز للمحرم لبس الخدال الذي ساق ساقها دون الكعبين لكونها من النعلين ويجوز له عقد الازار وربطه بخيض ونحوه لعدم الدليل المقتضي للمنع ويجوز للمحرم ان يغتسل ويغسل رأسه ويحكه اذا الى ذلك برفق وسهولة. فان سقط من رأسه شيء بسبب ذلك فلا حرج عليه. ويحرم على المرأة المحرمة ان تلبس مخيط لوجهنا كالبرقع كالبرقع والنقاب او ليديها كالقفازين لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري والقفازان هما ما يخاط او ينصر من الصوف او القطن او غيرهما على قدر اليدين. ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص السواوين والخفين والجوارب ونحو ذلك وكذلك يباح لها سد خمارها على وجهها اذا احتاجت الى ذلك بلا عصابة وان مس الخمار وجهها لا شيء عليها لحديث عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فاذا حاذوا بنا سدلت احدانا جلبابها من رأسها على وجهها فاذا جاوزت جاوزنا كشفناه. اخرجه ابو داوود داود وابن ماجة واخرج الدار قطني من حديث ام سلمة مثله كذلك لا بأس ان تغطي يديها بثوبها او غيره ويجب عليها تغطية وجهها وكفيها اذا كانت بحضرة الرجال الاجانب لانها عورة لقول الله سبحانه وتعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن الاية ولا ريب ان الوجه او الكفين من اعظم الزينة والوجه في ذلك اشد واعظم. وقال تعالى واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجابه ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن. الاية واما ما اعتاده كثير من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه الوجه هذا لا اصل له في الشرع فيما نعلم ولو كان ذلك مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لامته ولم يجز له السكوت عنه ويجوز من الرجال والنساء غسل ثيابه التي احرم فيها من وسخ او نحوه. ويجوز له ابدالها بغيرها. ولا يجوز له لبس شيء من الثياب مسه الزعفران او الورس لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ويجب على المحرم ان يترك الرأفة والفسوق والجدال لقول الله تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وصح عن النبي صلى الله عليه انه قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه والرفث يطلق على الجماع وعلى المحشم وعلى الفحش من القول والفعل والفسوق المعاصي والجدال المخاصمة في الباطل او فيما لا فائدة فيه. فاما الجدال بالتي هي احسن من اظهار الحق ورد الباطل فلا بأس به. بل هو مأمور به لقوله لقول الله تعالى ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ويحرم على المحرم الذكر تغطية بمناسق قطابية والوترة والعمامة او نحو ذلك. وهكذا وجهه لقول النبي صلى الله عليه وسلم بالذي سقط عن راحلته يوم عرفة اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه. ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. متفق عليه هذا لفظ مسلم واما استظلاله بسقف السيارة او الشمسية او نحوه او نحوهما فلا بأس به كالاستظلال بالخيمة والشجرة لما ثبت في ان النبي صلى الله عليه وسلم بثوب حين وما جمرة العقبة وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه ضربت له قبة بنمرة فنزل من تحته فنزل تحتها حتى زالت الشمس يوم عرفة. ويحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري والمعاونة في ذلك توفيره من مكانه وعقد النكاح والجماع وخطبة النساء ومباشرتهن بشهوة لحديث عثمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب. رواه مسلم. وان لبس المحرم مخيطا او غطى رأسه او او تطيب ناسيا او جاهلا فلا فدية عليه ويزيل ذلك متى ذكر اوانه وهكذا من حلق رأسه او اخذ من شعره شيئا او قلما اظافره ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه على الصحيح يحرم على المسلم محرما كان او غير محرم ذكرا كان او انثى قتل الصيد قيد قتل صيد الحرم والمعاونة في قتله. بالة او اشارة او نحو ذلك ذلك ويحرم تنفيره من مكانه ويحرم قطع شجر الحرم ونباته الاخضر ونقطته ونقطته الا لمن يعرفها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا البلد يعني مكة حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا يعرض شجرها ولا ينفذ صيدها ولا يفتلى ولا تحل ساقطتها الا لمنشده. متفق عليه والمنشد هو المعرف والخلاء هو الحشيش الرطب. ومناه مزدلفة من الحرم واما عرفة فمن الحل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا اخر من الفصول المشتملة على بيان احكام الحج ترجم له بقوله فصل في بيان محظورات الاحرام وما يباح فعله للمحرم. فمقصود المصنف منه بيان محظورات الاحرام. وخلطه رحمه الله تعالى في اثناء ذلك ببيان ما له تعلق بشيء منها لكنه غير ممنوع ولا محظور بل هو مباح فعله للمحرم. وقد ترجم الفقهاء رحمهم الله تعالى في قولهم محظورات الاحرام ويريدون بذلك ممنوعاته. والمعروف في خطاب الشرع تسمية الممنوع محرما فعدل الفقهاء عن قولهم محرمات الاحرام الى قولهم محظورات الاحرام لماذا لماذا عدل الفقهاء عن هذا؟ مع انه هو المعروف في خطاب الشرع ما الجواب خاصة بالاحرام اذا قلنا محرمات الاحرام ما تكون خاصة بالاحرام المحظور هو المحرم اليس المحظور هو المحرم بلى لكن في الدلالة اللغوية ايهما اقوى؟ الحظر ام التحريم ما الدليل ما الدليل؟ ما الدليل على ان التحريم اقوى في الدلالة اللغوية لا وارد في القرآن المحرم. طيب لماذا عدلوا عنه الفقهاء الفقهاء لا يعدلون عن شيء ولا يختارون اللفظ الا لنكتة لابد انها لنكتة وهذا امر من تتبع لغات الفقهاء عرفهم طيب ها طيب اصل التحريم افهموها اصل التحريم في اللسان اداته ماذا؟ في اللسان العربي لا مع الفعل المضارع لا تأكل لا تشرب ليس هذا هو اصل التحريم في اللسان العربي الجواب بلى طيب في الخطاب الشرعي هل يختص التحريم لا الناهية؟ ام هناك الفاظ تدل على التحريم ايضا هناك الفاظ اخرى. فايهما اضيق في الدلالة اللغوية في الدلالة على المنع الحظر المكتسب من الناهية مع الفعل المضارع ام ما زيد عليه الفاظ اخرى؟ الاول الاول لان الحظر اللغوي له صيغة واحدة هي لا السابقة للفعل المضارع لا تحتمل غير النهي ابدا بخلاف غيرها من الالفاظ الموضوعة للدلالة على التحريم شرعا. فمثلا من الدلالة الموضوعة للدلال على التحريم شرعا ليس منا من فعل كذا وكذا فان هذا البناء موضوع للتحريم شرعا فلما كان حرف لا السابق الفعل المضارع هو الموضوع لغة كان الحظر وفي المنع من مجرد لفظ التحريم هو اكثر المحظورات التي جاءت في الاحرام جاءت على هذا البناء ام جاءت على غيره؟ الصيد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تقضوا الصيد وانتم حرم. حلق الراس قال الله تعالى لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله النكاح. قال النبي صلى الله عليه وسلم ايش؟ لا لا ينكح المحرم ولا فجمهور ما سماه الفقهاء محظورات للاحرام جاء بناؤه في الشرع على اي بناء على بناء لا الناهية سابقا للفعل المضارع وهي الموضوعة في اللغة لهذا دون الدلالات الشرعية الاخرى الدالة على التحريم. ولهذا عدل الفقهاء رحمهم الله تعالى عن قولهم محرمات الاحرام اذا محظورات الاحرام لاختصاص غالب الباب تركيبه اللغوي وهو لا الناهية السابقة لفعل المضارع. هذا هو النكتة في ذلك لانها جاء النهي فيها على البناء اللغوي الدال على الحظر في لسان العرب ولم يأتي على غيره من الابنية. اعطيكم مثال الاخر في لغة الفقهاء الحنابلة يقولون نواقض الوضوء يقولون واكل لحم الجزور. الجزور ما قالوا اكل لحم الابل صح ولا لا ما قاله الموت للحنابلة ما قالوا لحم الابل قالوا لحم الجزور. مع ان الاحاديث فيها ايش؟ اكل لحم الجزور ام الابل؟ الابل. لماذا عدلوا عنها لان الجزر اسم لما يختص من اللحم بما يقطع وهو اللحم الهضم والحنابلة مذهبهم اختصاص باللحم دون الرأس وما اشتملت عليه الحوايا فلاجل ان الحظر المنع والنقض في الوضوء مختص باللحم اوقعوا عليه فعله وهو فعل الجزر. لان الانسان لا يقول اخذت رأس الناقة فجزرت لانه لا يجزى وكذلك ما اشتملت عليه الحوايا لا يكون مجزورا عندهم في لسان العرب فعدلوا عن هذا الى هذا مثال اخر الفقهاء رحمهم الله تعالى قالوا قضاء الفوائت ولم يقولوا قضاء صح او لا قالوا قضاء الفوائت من الصلوات ما قالوا قضاء المتركات. لماذا احمد متنازع فيها وترك طيب النافلة لا يعيدها يعيدها يقولون يقضى ما فاته من نافلة احسنت لان الظن الاحسن بالمسلم ان لا يكون تعمد ذلك في ترك الصلاة وانما فاتته قهرا عليه فعبروا باللائق بحال المسلم وقالوا باب قضاء الفوائت. نرجع الى ما ترجم له المصنف فانه قال فصل في بيان محظورات الاحرام. ومحظورات ومحظورات الاحرام تسعة. اولا حلق شعر الرأس والحق به سائر شعر الجسد. لان الدليل ورد بايهما ما الجواب؟ ورد بالرأس ولا تحرقوا رؤوسكم ثم الحق به غيره. وتانيها تقليم الاظافر وثالثها تغطية الرأس للرجل خاصة. تغطية الرأس للرجل خاصة. ورابعها لبس المخيط للرجل خاصة ايضا وتختص المرأة بانها لا تلبس القفازين القفازين ولا تنتقب وخامسها الطيب وسادسها قتل الصيد البري. وسابعها عقد النكاح وثامنها الجماع وتاسعها المباشرة فهذه الامور التسعة كلها مما يحظر على المحرم فيمنع من ذلك كونوا حراما عليه. وجميعها مما ثبت به الدليل من القرآن والسنة او من السنة فقط الا تقليم الاظافر فانه ليس فيه الا ما رواه ابن ابي شيبة بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لا بأس للمحرم اذا انكسر ظفره ان يقصه. لا بأس للمحرم اذا انكسر ظهره ان يقصه فقوله لا بأس للمحرم مشعر بانه ان لم يحتج اليه كان في قصه بأس وهذا اصل في كون قص الاظافر من جملة محظورات الاحرام. وقد المصنف رحمه الله تعالى هذه المحظورات التسعة مفرقة وابتدأ ذلك بقوله لا يجوز للمحرم بعد نية الاحرام سواء كان ذكرا او انثى ان يأخذ شيئا من شعره. اي شعر رأسه او سائل بدنه. او اظفاره او يتطيب ولا يجوز للذكر خاصة ان يلبس مخيطا على جملته. يعني على هيئته التي فصل. و عدوا لبس المخيط من جملة المحظورات ليس فيه باعتبار لفظه شيء مأثور. فان التعبير عن ما نهي عنه من الالبسة بلبس المخيط انما تكلم به ابراهيم النخاعي رحمه الله تعالى ثم تتابع الفقهاء على استعماله والا فان الاحاديث النبوية انما جاءت مشتملة على تعداد ما يحضر من الالبسة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يلبس المحرم السراويل ولا الخفاف الحديث المشهور في الصحيحين ثم صار ما في حكمها جار مجراها وعبر عنه بلبس المخيط. والمخيط هو المفصل على هيئة العضو. فاذا فصل شيء من الثياب على هيئة العضو كان مخيطا. ومثل المصنف ذلك الفنيدة والسراويل والخفين والجوربين. ثم ذكر انه اذا لم يجد ازارا جاز له ان يلبس السراويل. واذا لم نعلين جاز له ان يلبس الخفين من غير قطع. وقد اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في من لم يجد نعلين ولبس الخفين هل يجب عليه ان يقطعهما بحيث تكونا اسفل من الكعبين ام لا يجب ذلك وقد بين المصنف رحمه الله تعالى انه لا يجب عليه. لان حديث ابن عمر الذي فيه الامر بذلك وهو مخرج في الصحيحين وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فمن لم يجد الا الخفين فليلبسهما وليقطعهما اسفل من كعبي فان هذا الحديث عند الحنابلة رحمهم الله تعالى منسوخ خلافا الجمهور والاشبه صحة ما ذهبت اليه الحنابلة من النسخ لان النبي صلى الله عليه وسلم انما ذكر حديث ابن عمر حديث ابن عمر في المدينة كما ثبت ذلك في لفظ عند ابي يعلى في مسنده وروي عند احمد كذلك الا ان اسناد احمد فيه ضعف فتقدم خطبته صلى الله عليه وسلم بذلك في المدينة مع يوم عرفة واذنه للناس في لبس الخفاف دون ذكر الامر بالقطع دال على ان ذلك مما نسخ الا وكان باقيا على الحكم لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لهم لما اذن لهم بلبس الخفاف ومعلوم ان ان النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع عليه في عرفة ما لم يجتمع عليه في المدينة النبوية قبل خروجه صلى الله عليه وسلم الى الحج ثم ذكر ان مما يجوز للمحرم لبس الخفاف التي ساقها دون الكعبين لكونها من جنس النعلين ويجوز له عقد الازار اي تقيد بعضه ببعض. وقد ثبت هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما. ويجوز له ربطه بخيط ونحوه لعدم الدليل المقتضي للمنع مع ثبوت الاثر عن ابن عمر. ويجوز للمحرم ان يغتسل ويغسل راسه ويحكه اذا احتاج الى ذلك برفق وسوء وان سقط شيء من رأسه فلا حرج عليه. ثم ذكر مما يحرم على المرأة من الملبوسات ان تلبس مخيطا لوجهها كالبرقع والنقاب او بيديها كالقفازين. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. رواه البخاري والقفازان هما ما يخاطب او ينسج من اللباس على قدر اليدين الحديث مصرح بالنقاب والحق به ما كان في معناه كالبرقعي واللثام وقد ثبت ذلك في اتى لعائشة موقوفا عنها عند البيهقي في سننه الكبرى بسند جيد عنها. ثم ذكر من ما يباح للمرأة انه يباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص والسراويل والخفين والجوارب ونحو ذلك فانما تنهى المرأة عن لبس النقاب وما في معناه القفازين دون سائر المخيط. ثم ذكر انه يباح لها سدر خمارها على وجهها اذا احتاجت الى ذلك بلا عصابة فلا يجب عليها ان تشد على رأسها عصابة ترخي الخمار من ورائها بل لها ان تسدل خمارها على وجهها واورد في ذلك حديث عائشة كان الركبان يمرون بنا الحديث اخرجه ابو داوود وابن ماجة وفي اسناده ضعف وقد ثبت عن عائشة في اثرها المتقدم عند البيهقي انها قالت وتسدل الخمار على وجهها اذا شاءت. فهذا دليل على جواز ان تسدل المحرمة الخمار على وجهها اذا احتاجت الى ذلك ثم ذكر انه لا بأس لها ان تغطي يديها بثوبها او غيره وانه ليس في معنى القفاز ثم ذكر انه يجب عليها تغطية وجهها وكفيها اذا كانت بحضرة الرجال الاجانب لانها عورة. وذكر دليلين على وجوب تغطية الوجه لانه من اعظم الزينة. وتقدم بسط الادلة المتعلقة بذلك في رسالته رحمه الله على المتعلقة بالحجاب والتبرج وقد سلف اقرائها في برنامج الدرس الواحد الثامن وتقدمها ايضا اقرأوا نظير لها في بعض مباحثها وهي رسالة الشيخ عبد المحسن العباد في برنامج الدرس الواحد السابع ثم ذكر ان التزام بعض النساء بجعل عصابة على الرأس تربطها لتضع الخمار من ورائه بحيث لا يلامس وجهها ان هذا لا اصل له ثم ذكر انه يجوز للمحرم من الرجال والنساء غسل ثيابه التي احرم فيها ويجوز له ابدالها بغيرها ايضا. ثم ذكر انه لا يجوز للمحرم لبس شيء من الثياب مسه الزعفران او الورس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فليس للناس ان يطيب ثيابه ولا ان يلبس شيئا مطيبا منها ثم ذكر مما يحرم على المحرم ويجب عليه تركه ان رفث والفسوق الجدال لقوله تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وفي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه. والرفث اسم موضوع للدلالة على الجماع ودواعيه والفسوق اسم موضوع للدلالة على الكبائر. فان الله سبحانه وتعالى ذكر ترتيب الذنوب في اية الحجرات فقال وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. فالكفر يشير الى الذنوب المكفرة والفسوق يشير الى الذنوب الكبائر والعصيان يشير الى الذنوب الصغائر فالمذكور في ضمنها هذه الاية ليس مطلق المعاصي وان كان الانسان مأمورا بتركها بل المراد به نوع خاص من المعاصي وهي الكبائر فمعنى قوله تعالى ولا فسوق اي لا يواقع كبيرة من كبائر الذنوب وان كان المحرم بل غير المحرم منهي عن المعاصي. واما الجدال فاهل العلم رحمهم الله تعالى مختلفون في المراد والصحيح من قولي اهل العلم ان الجدال الممنوعة ها هنا هو الجدال في احكام الحج التي بينها الشرع فان العرب كانت تختصم فيه ويؤثم بعضها بعضا. ولذلك قال تعالى فمن تعجل في يومين فاثم عليه ومن فلا اثم عليه اشارة الى بعض ما كان يجري بينهم من النزاع في احكامه. لان الجدال في لا يكون ممنوعا في كل وجه بل اذا كان لنصب الحق وابطال الباطل كان مأمورا به. فلا بد ان يكون الجدال المنهي عن في هذه الاية مختصا بنوع منه وهو الجدال في احكام الحج. ويدل على هذا قراءة ابي جعفر من العشرة ولا جدال في الحج. فان الرفع فيها يقتضي ان يكون المراد فردا من افراد الجنس لا عمومه المتوهم من القراءة الثانية ولا جدال في الحج. وهذا الذي ذكرناه من كون الجدال مخصوصا بالاختلاف في احكام الحج هو الذي ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وكان الحامل على رعاية ذلك في النهي عنه ان الناس لا يزالون يختلفون في هذه المسائل اختلافا كثيرا فان الشيطان يزين لهم ذلك ليمنعهم من تمام الاجر الموعود به في حديث من حج فلم يرفث ولم يفسق كيوم ولدته امه وما امر به كذلك في الاية. فلا يزال الشيطان يزين لهم هذه الموبقات ومن الجدال في احكام الحج الذي نهوا عنه. فينبغي ان يتورع الانسان عن اللجج في احكام الحج وان يتمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. وان غاب عنه العلم بشيء من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فليتمسك بالمأتور عن الصحابة رضوان الله عنهم. ولا يخلو بحمد الله شيء من احكام الحج من سنة مأثورة او اثر صحيح عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ففي الاحاديث النبوية والاثار المروية عن الصحابة غنية عن كلام غيرهم واذا اشكل على الانسان شيء من ذلك فليأخذ بما جرى عليه عمل المسلمين. فان عمل المسلمين الظاهر حجة لم يزل اهل العلم رحمهم الله تعالى على تعظيمها والاحتجاج بها. اما تطلب الخروج عن المعروف المألوف والفزع الى خلاف العلماء فانه مذموم ولو كان مترجحا في حق ولو كان راجحا في حق صاحبه لان الاحكام المتعلقة بجماعة المسلمين ينبغي ان تبنى على ما يكون في ذلك ائتلاف قلوبهم واجتماع كلمتهم فاذا كان المسلمون في عمل ما متتابعون على حكم من الاحكام الشرعية فليس للمجتهد اذا بان له رجحان غير هذا القول ان يدعو الى قوله بما في ذلك من التشويش على المسلمين واثارة الشر بينهم ومن غاب عنه هذا الاصل فقد غاب عنه رعاية الشريعة للجماعة فان من اعظم الاصول التي فارق النبي صلى الله عليه وسلم فيها اهل الجاهلية دعوته الى الجماعة وتحذيره من الافتراء. ومن جملة ذلك ملاحظة هذا في الاحكام الشرعية ولم يزل اهل العلم رحمهم الله تعالى الى الاخذ بقاعدة جامعة في احكام الحج كانوا عليها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء الراشدين ثم خلفاء المسلمين الى مدة قريبة حتى انحل الامر. فان الحج كان له امير يأتمر الناس به ومفت يستفتونه في الاحكام الظاهرة. فكانت هذه السنة الجارية الى مدة قريب من قرن ونصف ثم اتسع الامر بعد ذلك واهمل امر امارة الحج ثم اهمل امر فتوى الحج فصارت كل يتصرف في رفقته بما شاء دون نظر الى امر الامير. وقد كان الصحابة رضوان الله يأمرون من استفتاهم بالنظر الى ما يأمر به الامير في الحج فيفعله كما صح ذلك عن ابن عمر وانس رضي الله عنهما في معنى الامير لما انفصل الحكم عن العلم في معناه المفتي فينبغي ان يكون المفتي للحج واحدا ولو تعدد الحاجون من العلماء فان المقام ليس مقام اجتهاد وعلم. بل المقام مقام اجتماع وائتلاف. واذا غاب الاصل واذا غاب هذا الاصل عن القلوب نشأ الشر بين المسلمين كما وقع هذا من عقد من الزمان ولم يزل يتزايد والواجب على ولي الامر ان ينصب اميرا للحج ومفتيا للحج وان يلزم الناس بطاعة هذا وهذا فيطاع الامير وفي تدبير سير الحج مما يتعلق بالحكم ويطاع المفتي فيما يتعلق بفتوى الحج. وهذه قاعدة هي القاعدة الكفيلة بنزع كل خلاف يشيع بين المسلمين في امر حجهم سواء مما يتعلق بتدبير سيره او فيما يتعلق باحكامه الشرعية. وربما يجر اهماله الى اعظم مما عليه الناس اليوم. فربما ينشأ في زمن قادم من من يقف في عرفة في يوم ويقف الناس في يوم اخر فيصير من المسلمين من يقف يوم الاثنين ومنهم من يقف يوم الثلاثاء. وليس هذا ببعيد اذا انفرط الامر وضعفت هيبة الولاية واهملت الاحكام الشرعية كما رتبت في الشرع. فان هذا الامر لم يزل عليه المسلمون الى مدة قريبة وقد صنف غير واحد من العلماء في بيان امراء الحج من عهده صلى الله عليه وسلم الى بعد سنة مئتين بعد الالف انا في الصدر الاول يشهر مفت من المفتين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المفتي في في الحج والامير ثم كان على هذا الخلفاء رحمهم الله تعالى ثم لما ضعف الامر صار من الصحابة من يكون مأمورا قم باستفتاءه كما امر عبدالملك بن مروان الحجاج ان لا يأتمر بامره حتى يرجع الى ابن عمر. ثم خلفه بعد ذلك ابن عباس فكان هو المفتي ثم خلفه عطاء ثم خلفه ابن جريج رحمهم الله تعالى وكان هذا امرا مشهورا في المسلمين حتى ضعفت الحال في الازمنة الاخيرة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يحرم على المحرم الذكر ان يغطي رأسه بملاصق له والغترة للنهي عن ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ولا تخمروا رأسه ولا وجهه وهذه الزيادة في ذكر الوجه زيادة شاذة. وانما المنهي عنه هو تخمير الرأس. واما تغطية الوجه فاصح قولي اهل العلم انه اذا احتاج الى ذلك جاز له. كما ثبت هذا عن عثمان ابن عفان وعبد الرحمن ابن عوف. فاذا هاجت ريح او كان برد او نشأ غبار او غير ذلك فلانسان ان يغطي وجهه بلا كراهة. ثم ذكر ان الاستظلال بسقف السيارة او الشمسية اي المظلة او الخيمة او الشجرة لا بأس به. وتغطية الناسك رأسه لها نوعان اثنان. احدهما تغطية رأسه بملاصق له. كطاقية او غترة او قنصوة فهذا حرام لا والثاني تغطية رأسه بغير ملاصق له وهو نوعان اثنان احدهما كون ذلك المستظل به منفصلا عنه غير تابع له كشجرة ونحوها. هذا جائز باتفاق اهل العلم وثانيهما ان يكونا منفصلا عنه تابعا له داخلا في ملكه. كسيارته او مضلته وهذا جائز في اصح قولي اهل العلم رحمهم الله تعالى ثم ذكر مما يحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري والمعاونة على ذلك وتنفيذه من مكانه وعقد النكاح والجماع النساء ومباشرتهن بشهوة. والمراد بالمباشرة الافظاء الى المرأة بالجسد. فان اصلا مباشرة مأخوذ من البشرة وهي جلد الانسان. ثم ذكر ان المحرم اذا لبس مخيطا او غطى رأسه او تطيب ناسيه او جاهلا فلا فدية عليه. فان النسيان والجهل يرفع المؤاخذة عنه فلا تجب عليه فدية واذا ذكر ازال المحظور الذي ارتكبه ومثله ايضا من حلق رأسه او اخذ من شيئا او قلم اظافره ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه على الصحيح. وظاهر كلامه رحمه الله تعالى الاخذ بمذهب الجمهور في اختصاص العذر بالنسيان والجهل بهؤلاء المذكورات. والقول الثاني ان النسيان والجهل عذر يعم جميع محظورات الاحرام وهو الصحيح الذي اختاره ابو العباس ابن تيمية وعبد الرحمن ابن سعدي رحمهما الله فان الادلة الشرعية دالة على العذر بالنسيان والجهل في كل محظور من محظورات الاحرام وقد ذكر رحمه الله تعالى ان من تطيب ناسيا او جاهلا او لبس مخيطا فلا فدية عليه وعلم به انه من فعل ذلك عمدا فلبس مخيطا او تطيب او حلق رأسه او قلم اظافره فعليه فدية وهذه الفدية يسميها الفقهاء رحمهم الله تعالى بقولهم فدية الاذى لان اصل مشروعيتها هي قصة كعب بن عجرة لما اذته هوام رأسه فسميت باعتبار والواقعة التي نشأ منها الاذن بها. وفدية الاذى هي المذكورة في قوله تعالى ففدية من صيام او صدقة او نسك وفسر الصيام في حديث كعب بن عجرة بصيام ثلاثة ايام والاطعام باطعام ستة مساكين المسكين نصف صاع والنسك بذبح شاة ثم ذكر انه يحرم على المسلم محرما كان او غير محرم او انثى قتل صيد الحرم والمعاونة في قتله بالة او اشارة او نحو ذلك ويحرم تنفيره من مكانه وهذا حكم يتعلق بالحرم. لا بالمحرم فقط فهو متعلق بالموضع سواء كان فاعله محرما ام غير محرم فلا يجوز للمسلم على اي حال ان يقتل صيد الحرم ولا ان يعاون في قتله ولا ان يشير الى ذلك ويحرم عليه ان ينفره يعني ان يخرجه ويبرزه من محله ويحركه منه. ومن ما يحرم عليه ايضا قطع شجر الحرم ونباته الاخضر. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكره صنف لا يعبد شجرها. لكن المنهي عنه من الشجر انما هو الشجر الرطب. الذي يشير اليه الفقهاء بقولهم ونباته الاخضر فعلم ان الشجر اذا كان يابسا لم يكن ممنوعا من قطعه وكذلك اذا كان موذيا ولو كان اخضرا فانه يجوز للانسان ان يدفع اذاه عنه. فلا يجوز قطع الحرم بشرطين اثنين احدهما اذا كان الشجر رطبا اخضرا وثانيهما اذا لم يكن مؤذيا. ثم ذكر مما يحرم نقطة الحرم الا لمن اعرفها كما قال صلى الله عليه وسلم ولا تحل ساقطتها اي لقطتها الا لمنشد اي لمعرف لها ثم ذكر مما يتعلق بتعيين الحل والحرم مما يحتاج اليه الناس خارج مكة فقال ومنى ومزدلفة من الحرم واما عرفة فمن الحل. نعم