بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. مقدمة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد فهذا منسك مختصر يشتمل على ايضاح وتحقيق كثير من الحد والعمرة والزيارة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جمعته لنفسه ولمن شاء الله من المسلمين واجتهدت في تحرير مسائله على ضوء الدليل. وقد طبع للمرة الاولى في عام ثلاث وستين وثلاث مئة والف للهجرة على نفقة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل قدس الله روحه واكرم مثواه ثم اني بسطت مسائله بعض البسط وزدت فيه من التحقيقات ما تدعو له الحاجة. ورأيت اعادة طبعه لينتفع به من شاء الله من العباد. وسميته التحقيق الايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة. ثم ادخلت فيه زيادات اخرى مهمة وتنبيهات تكميلا للفائدة وقد طبع غير مرة واسأل الله ان يعمم النفع به وان يجعل السعي فيه خالصا لوجهه الكريم وسببا الفوز لديه في جنات النعيم فانه حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. المؤلف عبدالعزيز بن عبد الله ابن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء هنا الديباجة المصنف رحمه الله تعالى امورا احدها استفتاح كتابه بحمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا من الاداب المستحسنة في التصنيف وثانيها الاخبار عن نعت هذا الكتاب وذلك في قوله فهذا منسك مختص والمنسك عند اهل العلم اسم لما وضع من تأليف مشتمل على احكام الحج والعمرة. ولم يزل من دأب اهل العلم في كل مذهب تأليف مناسك مفردة وهذا المنسك مبني على الاختصاص كما قال المصنف في وصفه مختصر لان المناسب للعلم عامة الف ولما تعلق بعموم الناس هو الاختصار والايجاز. فان علم الشريعة مبني عليه ومن توهم ان علم الشريعة مبني على تطوير الكلام وذكر الخلاف فقد ومن ممادح النبي صلى الله عليه وسلم ايتاؤه جوامع الكلم كما ثبت ذلك في حديث جابر في الصحيحين وجمع الكلام يقتضي ان يكون بناؤه على الايجاز وكان هذا هو علم السلف كما قال رجل لايوب العلم اليوم اكثر ام فيمن تقدمنا؟ فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيمن تقدمنا اكثر. وكان كلام الاوائل قليلا كثيرا البركة بخلاف كلام المتأخرين فانه كثير قليل البركة. ذكر هذا المعنى ابن قيم في مدارج السالكين وابن ابي العز في شرح العقيدة الطحاوية. وثالثها الافصاح عن الحامل له في تصنيف هذا الكتاب. وذلك في قوله جمعته لنفسي ولمن شاء الله من المسلمين. ومراده من تصنيفه نفع نفسه به بتعريفها باحكام الحج والعمرة والزيارة ودوام ملاحظة هذه الاحكام باعادة النظر فيه مرة بعد مرة ثم طلب انتفاع غيره من المسلمين بعده ممن شاء الله سبحانه وتعالى وهذا من اعظم المقاصد في التصنيف فان المصنف ينبغي له ان يكون اكبر همه فيما يشرع فيه من تأليف ان ينفع نفسه اولا ثم ينفع المسلمين ثانيا ورابعها بيان ان هذا الكتاب حررت مسائله على ضوء الدليل. لقوله واجتهدت في مسائله على ضوء الدليل. وهذا الوصف كما سبق صفة كاشفة. لا يقتضي ان تكون الكتب الاخرى ولا سيما كتب المذاهب الاربعة المعتمدة مصنفة على غير بل هو خبر عن انه لم يلتزم بمذهب معين من المذاهب المتبوعة في كل مسألة بل التزم في عامة امره مذهب الحنابلة فان ظهر له شيء خلاف ما يقتضيه الدليل عند غيرهم اخذ به وهذه هي طريقة اهل الحذق والمعرفة من اهل العلم فانهم يجرون في تفقههم وافتائهم على مذهب معتمد. لكن التزامهم بالمذهب لا يعني عدم خروجهم عنه اذا بان الدليل في غيره واتباع الدليل اعظم من اتباع الائمة المعظمين المقلدين والناس في هذا طرفان ووسط فطائفة جامدة على ما تضمنت كتب كتب المذاهب المتبوعة تمنع الخروج عنها قيد قيد انملة وتقابلها طائفة ثانية تزري على كتب الفقه وتعيب الاخذ بها وتنأى عن الانتفاع بها في التفقه وبينهما طريقة متوسطة حسنة جرى عليها كمل الخلق وهي الاعتداد بكتب المذاهب مصنفة في التفقه في الدين. فاذا تضمنت شيئا مخالفا للدليل خارج المذهب المتبوع اخذ بما دل عليه الدليل ولو كان مخالفا للمذهب. دون تشويش تهييج وهذه هي طريقة ائمة الدعوة الاصلاحية في الجزيرة العربية بعد القرن الثاني عشر فانهم على مذهب الحنابلة اصولا وفروعا. واذا بان لهم الدليل على خلاف شيء من مقيدات المسائل في المذهب اتبعوا الدليل. وكانت سبيلهم قاصدة سالمة حتى نشأ في الاسلام من لم يعرف طريقتهم فتوهم قوم ان طريق الاتباع عند علماء الدعوة هي مجانبة كتب الفقه وقابلتهم طائفة اخرى توهمت ان طريقتهم الجمود على مذهب الحنابلة وطريقتهم كما سلف هي اعتماد مذهب الحنابلة مع ملاحظة ما ترجح به الدليل. الا ان المرجح للدليل عند لهم هو من كانت له قدرة على الاجتهاد. وذلك مخصوص لمن جمع الته وليس الاجتهاد عندهم حمى مستباحا لكل من تكلم في العلم. ولذلك فالغالب على فقهاء هذه الدعوة عدم مخالفة المذهب الا من قوم قلة كانت لهم مكنة في النظر في المسائل والخروج عما تضمنه المذهب كالعلامة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب من علماء الصدر الاول منهم ثم العلامة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب في علماء الطبقة الثانية منهم ثم العلامة عبد الله ابن عبد اللطيف ابن عبد الرحمن ابن حسن في الطبقة الثالثة ثم العلامة محمد ابن ابراهيم ابن عبد اللطيف في الطبقة الرابعة ثم العلامة عبد العزيز ابن عبد الله ابن باز في الطبقة الخامسة وقل خروج غير هؤلاء مما يدل على انهم يعظمون هذا الامر تعظيما شديدا وتأمل هذا في حال الناس في صلاة التراويح فيما سلف في الطبقة الرابعة فلم يكن احد يخرج عن ما عليه المذهب الا الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى لما كان فضلا في حياة شيخه محمد ابن ابراهيم. اما غيره فقد كان ملتزما بالمذهب وفي ذلك البيان ان طريقتهم هي تعظيم المذهب ورعاية التفقه من كتب الاصحاب الا من كانت له مكنة والة. اما ما ال اليه الناس اليوم بسبب الدراسات الاكاديمية. مما يسمى باختيار الباحث حتى صار الاجتهاد حقا مستباحا لكل متكلم في العلم فهذه ليست طريقة اهل العلم لا ولا حديث وسادس ما تضمنته المقدمة بيان ان المصنف رحمه الله تعالى بسط بعض مسائل الكتاب بعض البسط وزاد شيئا من التحقيقات تدعو اليه الحاجة ثم ادخل فيه بعد ذلك زيادات اخرى مهمة وتنبيهات مفيدة تكمينا الفائدة ثم ذكر امرا سابعا وهو بيان اسم الكتاب في قوله وسميته التحقيق والايضاح الى اخره. وذكر اسم الكتاب في ديباجته من مستحسنات الادب. في في الكتب لان لا يقع الغلط في تسميته. فان جملة من الكتب تنازع الناس تحقيق اسمها لعدم مصنفها بالاسم في دباجة كتابه او اثنائه وثامنها دعاء الله سبحانه وتعالى عموم النفع به. وان يجعل السعي فيه خالصا لوجهه الكريم سببا للفوز لديه في جنات النعيم. وهذا المستحسنات الادب عند تأليف الكتب بان يدعو الانسان ربه ان يقع النفع بكتابه وان يكون سببا لفوزه عنده ثم ختم هذه المقدمة بالافصاح عن اسمه فقال المؤلف عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والافصاح عن اسم المصنف من الاداب الواجبة في التصنيف لان العلم لا يؤخذ عن مجهول كما نص على ذلك ميارة المالكي في قواعده ومحمد حبيب الله الشنقيطي في اضاءة الحالك. فالكتب التي لا تعرف التي لا يعرف مصنفوها لا يعول عليها فالجهل بالقائل كالجهل بالمقول. فاذا جهل المتكلم بما فيها من العلم كان ذلك ايضا تجهيدا لما تضمنه الكتاب فقد يكون صحيحا وقد يكون غير صحيح ولهذا ذكروا من احكام المصنفات مجهولة اسم المصنف ان تعرض على الاصول فان وافقتها اخذ بها وان خالفتها تركت. والاولى عدم الاعتداد بها لان العلم لا يؤخذ عن مجهول. كما سلف نعم. ما شاء الله عليك. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين. والصلاة والسلام على عبده رسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فهذه رسالة مختصرة في الحج وبيان فضله وادابه. وما ينبغي لمن من اراد السفر لادائه وبيان مسائل كثيرة مهمة من مسائل الحج والعمرة والزيارة على سبيل الاختصار والايضاح قد تحريت فيها ما دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. جمعتها نصيحة للمسلمين وعملا بقول الله الا وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين. وقوله تعالى واذا اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب تبيننه الناس ولا تكتمونه الاية وقوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله وسلم انه قال الدين النصيحة ثلاثة قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة وعامتهم وروى الطبراني عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم ومن لم يمسي ويصبح ناصحا لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم فليس منهم. والله المسؤول ان ينفعني بها المسلمين وان يجعل السعي فيها خالصا لوجهه الكريم وسببا للفوز لديه في جنات النعيم انه سميع مجيب وهو حسبنا ونعم الوكيل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مقدمة ثانية والفرق بين المقدمتين ان هذه المقدمة هي مقدمة الكتاب وتلك هي مقدمة طبعة ثانية او ما بعدها. وكانت تصانيف من سلف تشتمل على مقدمة واحدة فقط هي مقدمة الكتاب. ثم لما وجدت الطباعة وامكن تكرار طبع الكتاب مع الزيادة عليه مرة ثانية او ثالثة او فوق ذلك غير الطبعة الاولى وجد نوع ثان من المقدمات وهو مقدمة الطبعة فمقدمات الكتب نوعان اثنان احداهما مقدمة الكتاب الاصلية وثانيهما مقدمة طبعة ثانية او ما فوقها والفرق بينهما ان مقدمة الكتاب به اصلا وهي المقدمة بين يديه اولا. اما مقدمة الطبعة فتتعلق بالتقديم لهذه الطبعة للاشارة الى ما لوحظ فيها من زيادة او تغيير او تحويل او نحو ذلك. وهذه المقدمة الثانية وهي مقدمة الكتاب ليس فيها زيادة على ما سلف من الامور التي تضمنتها مقدمة الطبعة الا الاشارة الى انه جمعها نصيحة للمسلمين عملا بقول الله تعالى وذكر فان الذكر تنفع المؤمنين وقوله تعالى واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. وقوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولما في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة وفيه قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. وهذا الحديث في صحيح مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه ليس فيه ذكر الثلاث وانما ذكر الثلاث عند ابي داود اودى وغيره وكانه غير محفوظ في لفظ الحديث. بل المحفوظ هو لفظ مسلم وفيه الدين النصيحة قال قلنا لمن يا رسول الله الحديث ولم يذكر ثلاثا ثم اردفه المصنف رحمه الله تعالى بحديث ثان جار مجرى المتابعة له. فقال وروى الطبراني عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يهتم بامر المسلمين. واسناده ضعيف. وساغ ايراده لانه قام مقام التابع لما قبله. والحديث المتقدم عليه مخرج في صحيح مسلم كما سلف دون قيد الثلاث ومن الاهتمام بامر المسلمين والنصيحة لهم بيان الاحكام الشرعية المتعلقة بدينهم. بل هذا اعظم النصح لهم ومن جملة ذلك بيان احكام الحج والعمرة