في احكام الزيارة وادابها وتسن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج او بعده. بما ثبت في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام. وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام. رواه مسلم ابن عبد الله ابن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة المسجد الحرام افظل من مئة صلاة في مسجدي هذا. اخرجه احمد وابن خزيمة وابن حبان وعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة وفي مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام افضل من مئة الف صلاة فيما سواه اخرجه احمد وابن ماجة والاحاديث في بهذا المعنى كثيرة فاذا وصل الزائر الى المسجد استحب له ان يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اعوذ بالله من عظيم وجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي ابواب رحمتك. كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول مسجده صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما احب من خيري الدنيا والاخرة. وان صلاهما في الروضة الشريفة فهو افضل لقوله صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بادب. وخفض صوت ثم يسلم عليه عليه الصلاة والسلام. قائلا السلام عليك يا رسول الله الله ورحمة الله وبركاته. بما في سنن ابي داوود باسناد حسن عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من احد يصلي علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام. وان قال الزائر في سلامه السلام عليك يا نبي الله. السلام عليك يا خيرة الله من خلقه. السلام عليك يا سيد المرسلين وامام المتقين اشهد انك قد بلغت الرسالة واديت الامانة ونصحت الامة وجاهدت بالله حق جهاده. فلا بأس لان هذا كله من اوصافه صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه عليه الصلاة والسلام ويدعو له بما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. ثم يسلم على ابي بكر رضي الله عنهما ويدعو لهما عنهما وكان ابن عمر رضي الله عنهما اذا سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله السلام عليك يا الله يا السلام عليك يا ابا بكر يا سلام عليك يا ابتاه ثم ينصرف وهذه الزيارة انما تشرع في حق الرجال خاصة اما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لعن زوارات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج واما قص المدينة الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء فيه. ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع. لما تقدم من الاحاديث في ويسن للزائر ان يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. وان يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة اغتناما لما في ذلك لك من الاجر الجسيل من الاجر الجزيل. ويستحب ان يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة ما سبق من الحديث الصحيح في فضلها وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة اما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره ان يتقدم اليها ويحافظ على الصف الاول مهما استطاع وان كانت الزيادة القبلية لما جاء في الاحاديث القبلية تنسب الى القبلة يعني زيادة التي وقعت من جهة القبلة قبلية القبلية القبلية يعني الزيادة التي وقعت من جهة القبلة لان المسجد زيد فيه من جهات منها جهة القبلة. نسأل الله ان كان في الزيادة القبلية لما جاء من الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحث والترغيب في الصف الاول مثل قوله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا. متفق عليه ومثل قوله صلى الله عليه وسلم الى اصحابه. تقدموا فاتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله. اخرجه مسلم. واخرجه ابو داوود عن عائشة رضي الله عنها بسند حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال لا يزال الرجل يتأخر عن الصف المقدم حتى يؤخره الله في النار. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لاصحابه الا تصفونك تصف الملائكة عند ربها قالوا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال يتمون الصفوف الاول ويتراصون في الصف رواه مسلم والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تعم مسجده صلى الله عليه وسلم وغيره قبل الزيادة وبعدها. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان اصحابه على ميامن الصفوف ومعلوم ان يمين الصف في مسجده الاول خارج الروضة فعلم بذلك ان العناية بالصفوف الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة وان المحافظة عليهما اولى من المحافظة على الصلاة في الروضة وهذا بين واضح لمن تأمل الاحاديث الواردة في هذا الباب والله ولا يجوز لاحد ان يتمسح بالحجرة او يقبلها او يطوف بها. لان ذلك لم ينقل عن النبي عن السلف الصالح بل هو بدعة منكرة ولا يجوز لاحد ان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة او تفريج كربة او شفاء مريض او نحو ذلك لان ذلك كله لا يطلب الا من الله سبحانه وطلبه من الاموات شرك بالله وعبادة لغيره ودين الاسلام مبني على اصلهم. احدهما الا يعبد الا الله وحده الثاني الا يعبد الا بما شرعه الله والرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا معنى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله هكذا لا يجوز لاحد ان يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة لانها ملك الله سبحانه فلا تطلب الا منه. كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا فتقول اللهم شفع في نبيك اللهم شفع فيا ملائكتك وعبادك المؤمنين. اللهم شفع في افراطي ونحو ذلك اما الاموات فلا يطلب منهم شيء الا الشفاعة ولا غيرها سواء كانوا انبياء او غير انبياء لان ذلك لم يشرع لان الميت قد انقطع عمله الا من ما استثناه الشارع وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مات الانسان انقطع عنه عمله الا من ثلاثة الا من صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له. وانما جاز ظلام الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويوم القيامة. بقدرته على ذلك فانه يستطيع ان يتقدم فيسأل ربه للطالب. اما للدنيا فمعلوم وليس لذلك خاصا به. بل هو عام له ولغيره فيجوز للمسلم ان فيجوز للمسلم ان يقول لاخيه اشفع لي الى ربي في كذا وكذا. بمعنى ادعو الله لي ويجوز للمقول له ذلك ان يسأل الله فعل اخيه اذا كان ذلك المطلوب مما اباح الله طلبه. واما يوم القيامة فليس لاحد ان يشفع الا بعد اذن الله سبحانه. كما قال الله تعالى من ذا الذي يشعر عنده الا باذنه؟ واما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز الحاقها بحال الانسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور لانقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه الا ما استثناه الشارع. وليس طلب الشفاعة من الاموات مما استثناه الشارع. فلا يجوز الحاقه بذلك لا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حي فحياة برزخية اكمل من حياة الشهداء ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت ولا من جنس يوم القيامة الحياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها الا الله سبحانه. ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام ما من احد ان يسلموا عليها الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام. فدل ذلك على انه ميت وعلى ان روحه قد فارقت جسده. لكن ترد عليه عند السلام والنصوص الدالة على موته صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة معلومة وهو امر متفق عليه بين اهل العلم ولكن ذلك لا يمنع ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية. كما ان موت الشهداء لم يمنع حياتهم البرزخية المذكورة في قوله تعالى. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. وانما بسطنا الكلام في هذه المسألة لدعاء الحاجة اليه بسبب كثرة من يشبه في هذا الباب ويدعو الى الشرك وعبادة الاموات من دون الله. فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يخالف شرعه والله اعلم. واما ما يفعله بعض من رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم وطول القيام هناك فهو خلاف المشروع. لان الله سبحانه نهى الامة عن رفع اصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم وعن الجهل له بالقول كجهل بعضهم لبعض وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تدعونه بقول كجهر بعضكم لبعض ان تحفظ اعمالكم وانتم لا تشعرون. ان الذين يردون اصواتهم عند لله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم. ولان طول القيام عند قبره صلى الله عليه وسلم والاكثار من تكرار السلام يفضي الى زحام وكثرة الضجيج وارتفاع الاصوات عند قبره صلى الله عليه وسلم. وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الايات المحكمات. وهو صلى الله عليه وسلم محترم حيا وميتا فلا ينبغي للمؤمن ان يفعل عند قبره ما يخالف الادب الشرعي. وهكذا ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء الى قبره مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعهم باحسان بل هو بل هو من البدع المحدثات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بسنة سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها عليها بالنواجز واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة اخرجه الامام احمد وابو داوود والترمذي والنسائي باسناد حسن وابن والدارمي وقال صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. اخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا ورأى علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما رجلا يدعوه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن ذلك وقال الا احدثك حديثا انه من سمعته من ابي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لا تتخذوا قبلي عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فان تسليمكم يبلغني اينما كنتم. اخرجه الحافظ محمد ابن عبد الواحد المقدسي في كتابه الاحاديث المختارة. وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره او تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم لانها هيئة الذل هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح الا لله كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء والامن والامر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه هدفه اتباع هدي السلف الصالح واما من غلب عليه التعصب والهواء والتقليد الاعمى وسوء الظن بالدعاة الى هدي السلف الصالح فامره الى الله ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لايثار بالحق على ما سواه انه سبحانه خير مسؤول. وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك افتيه بالسلام او الدعاء لهذا فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات ولا ولا ينبغي للمسلم ان يحدث في دينه ما لم يأذن به الله وهو بهذا العمل اقرب الى الجفاء منه الى الموالاة والصفاء وقد انكر الامام مالك رحمه الله هذا العمل واشباهه وقال لن يصلح اخر هذه الامة الا ما اصلح اولها ومعلوم ان الذي اصلح اول هذه الامة هو السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم. وخلفاء الراشدين وصحابته المرضيين واتباعهم باحسان. ولن يصلح اخر هذه الامة الا تمسكهم بذلك وسيرهم عليه وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والاخرة انه جواد كريم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر في كتابه هذا لا يتعلق باحكام الحج ترجم له بقوله فصل في احكام الزيارة وادابها والمراد بالزيارة زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الكائن في مدينته فال في قوله الزيارة عهدية يراد بها المعنى المتقدم. ولا تعلق للزيارة باحكام الحج. لكن لما كان جمهور انما يفد الى الحجاز لقصد نسك الحج احتاج الناس في كتب المناسك الى بيان الاحكام التي تتعلق بالزيارة لان زيارتهم للمسجد النبوي لا تكون الا في مثل ذلك الوقت وعلى هذا جرى عمل المصنفين في مناسك ومنهم المصنف رحمه الله تعالى فانه ذكر هذا الفصل وابتدأه بقوله وتسن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج او بعده فلا تعلق لها باحكام المناسك لما ثبت من الاحاديث الصحيحة في فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وان صلاة في مسجده خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام. الا المسجد الحرام وذكر يصنف هذا الحديث من رواية جمع من الصحابة وهو حديث صحيح مستفيض من رواية غير واحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاذا وصل الزائر الى مسجده صلى الله عليه وسلم استحب له ان يقدم رجله اليمنى ويقول الاذكار الواردة عند الدخول للمسجد وسبق ان الثابتة منها انما هو قول اللهم افتح لي ابواب رحمتك مع الاستعاذة اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم وما عدا ذلك ذلك فلا يثبت وهذا الذكر يقال عند كل مسجد وليس لدخوله مسجده صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص ثم يصلي ركعتين كما يصليهما في كل مسجد. ففي الصحيحين من حديث ابي قتادة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل احدكم المسجد فلا حتى يركع ركعتين وهذا حكم لا يختص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا دخله الانسان كان كسائر غيره من المساجد من صلاة ركعتين تحية للمسجد. والمسجد النبوي كله محل لاداء الركعتين واداؤهما في الروضة الشريفة ليس له فضل تختص به الا كونها من المسجد القديم وهذا لا لا تختص به بل في المحال القريبة منها ما هو معدود من جملة المسجد القديم. فلم يثبت دليل على تخصيص الروضة لاداء الركعتين لكن هي من المسجد القديم ومما تفضل به المساجد بعضها على بعض بعضها عتيقا لانه محل للطاعة كما ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى. فاذا صلى ركعتين زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم قبر صاحبيه ابي بكر وعمر. وكان بعض ائمة الهدى كالامام مالك يكره ان يقول الانسان قبر النبي صلى الله عليه وسلم. فالاولى ان يقال ثم بعد الصلاة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم على صاحبيه لانها زيارة القبر نشأ عنها كثير من البدع والضلالات كما بينه شيخ الاسلام ابن تيمية في الرد على الاقناع وذكر كلام الامام مالك وبين وجهه فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم متأدبا خافظا صوته بقولها السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته لما ثبت من الامر بالتسليم عليه صلى الله عليه وسلم ولا يختص التسليم عليه صلى الله عليه وسلم بكونه عنده. بل روى النسائي بسند صحيح عن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان لله ملائكة سياحين يبلغوني عن امتي السلام فحيثما سلم الانسان على رسوله صلى الله عليه وسلم بلغ ذلك السلام للنبي صلى الله عليه وسلم. وللانسان ان يسلم بما شاء من الالفاظ ما لم تشتمل على ما حرم الله سبحانه وتعالى فاذا قال السلام عليك يا سيد المرسلين وامام المتقين كان ذلك جائزا بلا خلاف بين اهل العلم. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو له بالمقام المحمود الوسيلة لما في الشرع من الحظ على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم والسلام عليه والدعاء له ثم يسلم بعد ذلك على ابي بكر وعمر ويدعو لهما والثابت في هذا من الالفاظ ما صح عن ابن عمر انه كان اذا سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه لا يزيد عن السلام فيقول السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابا بكر السلام عليك يا ابتاه ثم ينصرف واولى ما ادى فيه الانسان شيئا من الاعمال الصالحة ان يقتدي فيه ومن هؤلاء ابن عمر فيما فعل من صيغة السلام فيسلم الانسان بقوله السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابا بكر السلام عليك يا عمر ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذه الزيارة بالقصد الى السلام من المسجد بعد صلاة ركعتين انما تشرع في حق الرجال لان ليس لهن زيارة شيء من القبور لكن ان مرت المرأة قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم لها ان تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم كما اذا مرت قريبا من المقبرة جاز لها ان تسلم عليهم كما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم علم عائشة كما تقوله اذا مرت بالقبور ثم ذكر بعد ذلك ان قصد المدينة للصلاة على النبي عليه الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء فيها ونحو ذلك مشروع في حق المرأة كما هو مشروع في حق الرجل فالمرأة انما تختص بالنهي عن القصد الى القبر بعد صلاتها ركعتين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان الزائر ينبغي له ان يحافظ على اداء الصلوات الخمس في الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من الفضل وان يكثر من الذكر والدعاء وصلاة النافلة اغتناما للاجر. وذكر انه يستحب ان يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة ولا معنى لهذا على الصحيح الا كون الروضة من المسجد العتيق فما شاركها في هذه العلة فان له من الفضل كما لها. اما تخصيص هذه البقعة للصلاة دون غيرها فلم يثبت فيه شيء وهذا انما هو خبر والخبر لا يقتضي التخصيص فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان النيل والفرات هان من انهار الجنة فلا يقتضي ذلك استحباب الشرب منهما ثم ذكر بعد ذلك ان صلاة الفريضة ينبغي للزائر ان يتقدم اليها وان يحافظ على الصف الاول فيتقدم عن الروضة لان الروضة صارت متأخرة وزيد من جهة القبلة والصفوف المتقدمة في المسجد النبوي وغيره من المساجد اولى من الصفوف المتأخرة وميامن الصفوف اولى من مياسرها كما ثبتت بذلك نصوص كثيرة ثم ذكر بعد ذلك انه لا يجوز لاحد ان يتمسح بالحجرة او يقبلها او يطوف بها لان ذلك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة من كرة. ولا يجوز للانسان ان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة وتفريج كربة. لان ذلك وما كان من جنسه لا يطلب الا من الله سبحانه وتعالى. ودين الاسلام مبني على اصلين. اه احدهما توحيد الله. والثاني متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بان لا يعبد الله الا بما شرع للنبي صلى الله عليه وسلم. وقول المصنف بما شرعه الله والرسول مما جرت به عادة المتأخرين من التوسع في نسبة الشرع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وسبق ان الشرع حق لله يختص به فلا يصح ان يقول انسان شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مما لا يجوز انه لا يجوز لاحد ان يطلب الشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لان انه لا يملكها بل الشفاعة ملك لله فهو الذي يسألها. لكن اذا دعا الانسان ربه ان يشفع فيه نبيه كان يقول يقول اللهم شفع فيا نبيك فهذا جائز في قول بعض اهل العلم ومن اهل العلم رحمهم الله تعالى من كره هذا الدعاء ان يقول الانسان اللهم شفع فيا نبيك والذين كرهوا هذا انما حملهم على ذلك هو ان الشفاعة تختص غالبا باصحاب الكبائر والذنوب فلاجل ما شاع من اختصاصها غالبا بهذا كرهوا ذلك لكن الصحيح ان الشفاعة تقع ايضا في تحصيل الكمالات من رفعة الدرجات وغيرها فلانسان ان يدعو بمثل هذا الدعاء. ثم ذكر ان الاموات لا يطلب منهم شيء لا الشفاعة ولا غيرها سواء كانوا انبياء او غير انبياء. وانما جاز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته يوم القيامة لقدرته على ذلك. واما الميت فلا قدرة له على ذلك. ويجوز للمسلم ان يقول لاخيه الحي اشفع لي الى ربي اي ادعوا لي الله سبحانه وتعالى وان كان الاكمل ان يباشر الانسان نفسه بدعاء ان الانسان دعاء ربه بنفسه ولا يسأل غيره ذلك وقد كان كبار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا فلم يكونوا يسألون النبي صلى الله وسلم ان يسأل لهم ربهم سبحانه وتعالى وانما ثبت هذا عن صغار الصحابة واعرابهم كما ذكر ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية في قاعدته في التوسل والوسيلة. ثم ذكر بعد ذلك ان يوم القيامة ليس لاحد ان يشفع الا بعد اذن الله ثم ذكر ان حال الموت التي عليها النبي صلى الله عليه وسلم هي حال خاصة فهو في حياة برزخية من حياة غييه لكنها من جنس ليست من جنس حياته قبل موته ولا من جنس حياته بعد بعثته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وهذه الحياة البرزخية لا توجب ان يسأل وان يدعى صلى الله عليه وسلم بل هذا مما احدثه الناس في الازمنة المتأخرة لما فشت الاستغاثات والتوسلات بغير الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر ان ما يفعله وبعض الزوار من رفع الصوت عند قبره وطول القيام انه خلاف المشروع فذلك خلاف الادب المأمور به مع النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك يفضي الى مفاسد كثيرة كالازدحام وكثرة الضجيج وارتفاع الاصوات فلا ينبغي فعله. وكذلك ما لا ينبغي ان قبل الانسان القبر بدعائه رافعا يديه بل يستقبل القبلة ويجعل القبر وراءه فان هذا امر محدث وذكر المصنف رحمه رحمه الله تعالى الادلة في التحذير من البدع ثم ذكر خبر علي ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب المعروف بزين العابدين لما رأى رجلا يدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن ذلك وحدثه بهذا الحديث عن ابيه عن جده به طال الحديث وعزاه المصنف الى المقدس في المختارة وقد اخرجه من هو قبله كابي بكر ابن ابي شيبة في المصنف ربيع للموصل في مسنده فالعزو اليهم اولى واسناده لا بأس به. وذكر ايضا ان ما يفعله بعض الزوار عند السلام من وضع يمينه على شمال فوق صدره او تحتك هيئة المصلي اذا وقف هذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم ولا عند السلام على غيره لانها هيئة ذل وخضوع لا تصلح الا لله. ثم ذكر بعد ذلك ان ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك الشفتين بالسلام او ادعاء كل هذا من جنس المحدث الذي يمنع منه الانسان ووضع اراد ان يسلم فانه يتقدم الى النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم بما اثر عن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه وقد تقدم وسلامة الامة في الاتباع والاقتداء وفسادها في العدول عن طريق الماضيين والابتداع في الدين. نعم